بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: الوصايا والمواريث المؤلف: الشيخ الأنصاري الجزء: الوفاة: 1281 المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن تحقيق: تحقيق : لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم الطبعة: الأولى سنة الطبع: ربيع الأول 1415 المطبعة: باقري - قم الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري ردمك: ملاحظات: الوصايا والمواريث للشيخ الأعظم أستاذ الفقهاء والمجتهدين الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره. 1214 - 1281 ه إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
1 الكتاب: الوصايا والمواريث المؤلف: الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره تحقيق: لجنة التحقيق الطبعة: الأولى - ربيع الأول 1415 صف الحروف: مؤسسة الكلام - قم الليتوغراف: مؤسسة الهادي - قم المطبعة: باقرى - قم الكمية المطبوعة: 2000 نسخة جميع الحقوق محفوظة للأمانة العامة للمؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري قدس سره
2 كتاب الوصايا والمواريث
3 بسم الله الرحمن الرحيم
5 برعاية قائد الثورة الاسلامية ولي أمر المسلمين سماحة آية الله السيد الخامنئي دام ظله الوارف تم طبع هذا الكتاب
6 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين. لم تكن الثورة الاسلامية بقيادة الإمام الخميني رضوان الله عليه حدثا سياسيا تتحدد آثاره التغييرية بحدود الأوضاع السياسية إقليمية أو عالمية، بل كانت وبفعل التغييرات الجذرية التي أعقبتها في القيم والبنى الحضارية التي شيد عليها صرح الحياة الانسانية في عصرها الجديد حدثا حضاريا إنسانيا شاملا حمل إلى الانسان المعاصر رسالة الحياة الحرة الكريمة التي بشر بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على مدى التأريخ وفتح أمام تطلعات الانسان الحاضر أفقا باسما بالنور والحياة والخير والعطاء. وكان من أولى نتائج هذا التحول الحضاري الثورة الثقافية الشاملة التي شهدها مهد الثورة الاسلامية إيران والتي دفعت بالمسلم الإيراني إلى اقتحام ميادين الثقافة والعلوم بشتى فروعها، وجعلت من إيران، ومن قم المقدسة بوجه خاص عاصمة للفكر الاسلامي وقلبا نابضا بثقافة القرآن وعلوم الاسلام.
7 ولقد كانت تعاليم الإمام الراحل رضوان الله تعالى عليه ووصاياه وكذا توجيهات قائد الثورة الاسلامية وولي أمر المسلمين آية الله الخامنئي المصدر الأول الذي تستلهم الثورة الثقافية منه دستورها ومنهجها، ولقد كانت الثقافة الاسلامية بالذات على رأس اهتمامات الإمام الراحل رضوان الله عليه وقد أولاها سماحة آية الله الخامنئي حفظه الله تعالى رعايته الخاصة، فكان من نتائج ذاك التوجيه وهذه الرعاية ظهور آفاق جديدة من التطور في مناهج الدراسات الاسلامية بل ومضامينها، وانبثاق مشاريع وطروح تغييرية تتجه إلى تنمية وتطوير العلوم الاسلامية ومناهجها بما يناسب مرحلة الثورة الاسلامية وحاجات الانسان الحاضر وتطلعاته. وبما أن العلوم الاسلامية حصيلة الجهود التي بذلها عباقرة الفكر الاسلامي في مجال فهم القرآن الكريم والسنة الشريفة فقد كان من أهم ما تتطلبه عملية التطوير العلمي في الدراسات الاسلامية تسليط الأضواء على حصائل آراء العباقرة والنوابغ الأولين الذين تصدروا حركة البناء العلمي لصرح الثقافة الاسلامية، والقيام بمحاولة جادة وجديدة لعرض آرائهم وأفكارهم على طاولة البحث العلمي والنقد الموضوعي، ودعوة أصحاب الرأي والفكر المعاصرين إلى دراسة جديدة وشاملة لتراث السلف الصالح من بناة الصرح الشامخ للعلوم والدراسات الاسلامية ورواد الفكر الاسلامي وعباقرته. وبما أن الإمام المجدد الشيخ الأعظم الأنصاري قدس الله نفسه يعتبر الرائد الأول للتجديد العلمي في العصر الأخير في مجالي الفقه والأصول - وهما من أهم فروع الدراسات الاسلامية - فقد اضطلعت الأمانة العامة لمؤتمر الشيخ الأعظم الأنصاري - بتوجيه من سماحة قائد الثورة الاسلامية
8 آية الله الخامنئي ورعايته - بمشروع إحياء الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سر. وليتم من خلال هذا المشروع عرض مدرسة الشيخ الأنصاري الفكرية في شتى أبعادها وعلى الخصوص إبداعات هذه المدرسة وإنتاجاتها المتميزة التي جعلت منها المدرسة ألام لما تلتها من مدارس فكرية كمدرسة الميرزا الشيرازي والآخوند الخراساني والمحقق النائيني والمحقق العراقي والمحقق الأصفهاني وغيرهم من زعماء المدارس الفكرية الحديثة على صعيد الفقه الاسلامي وأصوله. وتمهيدا لهذا المشروع فقد ارتأت الأمانة العامة أن تقوم لجنة مختصة من فضلاء الحوزة العلمية بقم المقدسة بمهمة إحياء تراث الشيخ الأنصاري وتحقيق تركته العلمية وإخراجها بالأسلوب العلمي اللائق وعرضها لرواد الفكر الاسلامي والمكتبة الاسلامية بالطريقة التي تسهل للباحثين الاطلاع على فكر الشيخ الأنصاري ونتاجه العلمي العظيم. والأمانة العامة لمؤتمر الشيخ الأنصاري إذ تشكر الله سبحانه وتعالى على هذا التوفيق تبتهل إليه في أن يديم ظل قائد الثورة الاسلامية ويحفظه للاسلام ناصرا وللمسلمين رائدا وقائدا وأن يتقبل من العاملين في لجنة التحقيق جهدهم العظيم في سبيل إحياء تراث الشيخ الأعظم الأنصاري وأن يمن عليهم بأضعاف من الأجر والثواب. أمين عام مؤتمر الشيخ الأعظم الأنصاري محسن العراقي
9 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المتفرد بوحدانيته، والصلاة والسلام على من بعثه برسالاته وعلى أهل بيته، أوصيائه وخلفائه. وبعد: فمن منن الله تعالى علينا أن وفقنا لاصدار حلقة أخرى من تراث الشيخ الأعظم قدس سره، وهي تشتمل على ثلاث رسائل: الوصايا، ومنجزات المريض، والإرث. والمواضيع الثلاثة مواضيع جديرة بالاهتمام من الناحية الفقهية والحقوقية. أما رسالة الوصايا، فقد كتبها الشيخ قدس سره بصورة شرح مزجي لكتاب شرائع الاسلام، لكنها - مع الأسف - لم تكن تامة، بل نرى في البحث انقطاعا في عدة مواضع، ولا ندري هل أنها كانت في الأصل كذلك، أو كانت كاملة ولكن حصل النقص بسبب الضياع؟!
11 ومهما يكن، فقد أكملنا الناقص منه بمتن الشرائع ليمكن معرفة مقدار النقص، وتحصل المعرفة الاجمالية بالموضوع. وأما رسالة منجزات المريض، فقد كتبها قدس سره بصورة مستقلة، ولكن واجهتنا مشكلة - أثناء التحقيق - وهي: أن الذي جمع ما كتبه الشيخ - وكانت أوراقا مبعثرة غير مرتبة - جعل قسم منجزات المريض بعد الوصايا، وقد تابعه من استنسخ على تلك النسخة من دون إشارة إلى نقطة مهمة، وهي: أن آخر عبارة في آخر صفحة من بحث المنجزات هي عبارة " والانصاف، أن المسألة محل إشكال، مما ذكر، ومن عموم أدلة الإرث والوصية، وعدم نهوض ما ذكر مخصصا لها، بل أدلة الدين أيضا، بناء على أن اللازم من إخراج ما نحن فيه من الأصل... " وجاء في وسط رسالة الوصايا - بحث الموصى به (ص 69 من هذه الطبعة) - بعد عبارة "... بل ربما أول بما يرجع إلى المشهور " بياض بمقدار صفحتين، وجاء بعدهما في أول صفحة جديدة عبارة: " مزاحمته مع الدين إلا أن بعض أهل هذا القول ادعى الاجماع على تقديم الواجبات البدنية على المالية، وعدم مزاحمتها لها " ثم استمر في البحث عن الموصى به. وبعد التدقيق رأينا أن عبارة: " مزاحمته مع الدين إلا... " هي تتمة لقوله: " من الأصل "، وعلى هذا تكون العبارة التي جاءت في الوصايا تتمة لآخر عبارة وردت في منجزات المريض، ولذلك نحتمل أن تكون رسالة منجزات المريض قد كتبها الشيخ ضمن الوصايا، ولكن أخرها المجمع للأوراق، ومع ذلك فإننا حافظنا على الصورة الموجودة في المخطوطة والمطبوعات، مع الإشارة إلى ما توصلنا إليه. ومن العجيب أنه جاء بعد كلمة " الأصل " في النسخ المطبوعة عبارة: " مزاحمته لهما "، ولا ندري من
12 أين جاءت هذه العبارة؟ وأما رسالة الإرث، فقد كتبها بصورة مستقلة ومختصرة أيضا، ولم يتعرض فيها إلا إلى بعض الموضوع. ومما ينبغي الإشارة إليه: أنه قدس سره تعرض لبعض المسائل أكثر من مرة، ولكن اختلفت كيفية دراسته للمسألة بحسب كيفية طرحه ورؤيته لها، كما حدث في المسألة السابعة والثامنة والتاسعة، فهذه المسائل تبحث حول موضوع واحد وهو: " الدين المستوعب لتركة الميت "، ولكن لم تكن كيفية بحثه حولها على نسق واحد. النسخ المعتمد عليها: وكان الاعتماد في التحقيق علن النسخ التالية: أولا - مصورة النسخة الأصلية: كان أكثر اعتماد المحققين على مصورة النسخة الأصلية التي كتبها الشيخ قدس سره، والموجودة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مشهد، ضمن مجموعة برقم (11127) باسم الوصايا، وقد تفضلت بها المكتبة مشكورة. ورمز لهذه النسخة ب " ق ". ثانيا - نسخة من المكاسب: وهي نسخة مطبوعة بالطبعة الحجرية عام (1305). ورمز لما ب " ع ". ثالثا - نسخة أخرى من المكاسب: وهي نسخة ثانية من المكاسب مطبوعة بالطبعة الحجرية أيضا في إصفهان عام (1325). ورمز لهذه النسخة ب " ص ".
13 والظاهر أن هاتين الطبعتين من المكاسب مصححتان، وهما مشتملتان على عدة رسائل للشيخ الأنصاري قدس سره. غير كتاب المكاسب، منها: الوصايا، ومنجزات المريض، والإرث. وينبغي أن نشير إلى أننا سمينا الكتاب ب " الوصايا والمواريث " لاندراج منجزات المريض في الوصايا. واستفيد في رسالة الإرث من نسخة ثالثة من المكاسب، وهي المعروفة بطبعة الشهيدي المتداولة، والمطبوعة عام (1375)، ورمز لها ب " ش ". وختاما، نشكر كل من كان له دور في إحياء هذا الأثر، ونخص بالذكر صاحب الفضيلة سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد الصاحب الموسوي الذي قام بمراجعة قسم الوصايا ومنجزات المريض بعد تحقيقهما، وسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ مرتضى الواعظي الذي حقق رسالة " الوصايا "، وسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ محمد الحسون الذي حقق رسالة " منجزات المريض "، وسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ محمد رضا الأنصاري الذي حقق رسالة " الإرث "، وحجة الاسلام السيد هادي عظيمي الذي قام بتنظيم الفهارس الفنية. ونسأل الله تعالى لنا ولهم مزيد التوفيق لخدمة مذهب أهل البيت عليهم السلام، إنه قريب مجيب. مسؤول لجنة التحقيق محمد علي الأنصاري
14 صورة الصفحة الأولى من كتاب الوصايا
15 نموذج آخر من كتاب الوصايا والسطر الأول منه يرتبط بآخر المنجزات
16 صورة الصفحة الأخيرة من كتاب الوصايا
17 الوصايا والمواريث
19 الفصل الأول في الوصية
21 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين. الوصايا: جمع وصية، وهي: اسم مصدر من أوصاه ووصاه توصية، أي: عهد إليه، كما في القاموس (1). وهو أولى مما في جملة من كتب الفقه من أخذها من وصى يصي، بمعنى " وصل " لوصل الموصي تصرفه بعد الموت بتصرفه قبل الموت (2)، لأن الألفاظ المستعملة من هذه المادة في الكتاب (3) والسنة (4) وكتب الفقهاء كلها
(1) القاموس المحيط 4: 400، مادة:، " وصى ". (2) كالمبسوط 4: 3، والسرائر 3: 182، والتحرير 1: 291، والمهذب البارع 3: 93. (3) البقرة: 182، والنساء: 11 - 12 (4) انظر الوسائل 13: 351 كتاب الوصايا 23 من باب الأفعال والتفعيل، لا الثلاثي المجرد، اللهم إلا أن يريدوا أن أصل هذه اللفظة مأخوذة من وصى يصي، حتى أن الايصاء والتوصية بمعنى العهد مأخوذ من ذلك، لا أن (1) الوصية المذكورة في الاستعمالات مصدر وصى يصي، فلا خلاف في المعنى، ولعل هذا هو المتعين. ونظيره: أنهم يفسرون الطهارة - في كتاب الطهارة - بفعل المكلف، أعني استعمال الطهور، أو نفس الوضوء والغسل والتيمم، ومع ذلك يذكرون: أن الطهارة من " طهر "، وليس مرادهم أن الطهارة المفسرة بفعل المكلف مصدر ل " طهر "، لأن المصدر منه حدث قائم بالجسم الطاهر أو بالشخص المتطهر. والغرض من ذلك كله: أن الوصية في الكتاب والسنة وألسنة الفقهاء بمعنى العهد إلى الغير، إلا أن هذا المعنى قد يتعلق بتمليك شخص شيئا من ماله، وقد يرجع إلى تسليط في التصرف، وقد يتعلق بفعل آخر: كفك ملك بتحرير أو وقف، وقد يرجع إلى أمر يتعلق بنفس الموصي كأمر تجهيزه ودفنه، وقد يتعلق بغير ذلك. ففي رواية الجعفري (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته وعقله، قيل: يا رسول الله وكيف يوصي الميت؟ قال: إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه، قال: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب
(1) في " ص " و " ع ": " لأن " (2) في الوسائل: عن سليمان بن جعفر 24 والشهادة، الرحمن الرحيم، [اللهم] (1) إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، وأن الجنة حق، والنار حق، والبعث حق، والحساب حق، والقبر (2) حق، والميزان حق، وأن الدين كما وصفت، وأن الاسلام كما شرعت، وأن القول كما حدثت، وأن القرآن كما أنزلت، وأنك أنت الله الحق المبين، جزى الله محمدا عنا خير الجزاء، وحيا الله محمدا وآل محمد عنا بالسلام. اللهم يا عدتي عند كربتي، ويا صاحبي عند شدتي، ويا ولي نعمتي، إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، فإنك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين كنت أقرب من الشر وأبعد من الخير. وآنس في القبر وحشتي، واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا، ثم يوصي بحاجته. وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التي ذكر فيها مريم قوله تعالى: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا)، فهذا عهد الميت. والوصية حق على كل مسلم ومسلمة، وحق عليه أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: علمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علمنيها جبرئيل عليه السلام " (3).
(1) ما بين المعقوفتين من الوسائل. (2) في الوسائل: والقدر والميزان حق (3) الوسائل 13: 353، الباب 3 من أبواب أحكام الوصية، الحديث الأول، مع اختلاف في بعض الكلمات، والآية من سورة مريم: 87 25 وظاهر بعض القدماء كالمفيد (1) وابن زهرة (2) والحلبي (3) وجوب الوصية بما في الرواية. ثم إن الوصية بالمعنى المذكور - أعني العهد إلى الغير - تحتاج بحكم العقل في تحققها إلى الموصي، والموصى إليه، والموصى به. وأما مثل: فلان حر بعد وفاتي، أو لزيد كذا بعد وفاتي، فالموصى إليه عام لكل من له دخل بهذا المطلب من الورثة وغيرهم، ممن له شأنية ترتيب آثار العتق والملك، لكنه مقطوع النظر من جهة عدم تعلق الغرض به. ثم الموصى به قد يكون تمليك شخص مالا، ويقال له: الموصى له، فالموصى له ليس من أركان مطلق الوصية، وإنما هي (4) من أركان فرد خاص منها (وهي) التي عرفها جماعة بأنها (تمليك عين أو منفعة بعد الوفاة) ولا يخفى عدم كونها جامعة لأفراد الوصية المبحوث عنها عند الفقهاء، لخروج أفراد كثيرة، بل ولا مانعة، لدخول التمليك بالعوض بعد الوفاة، ولذا زاد في التذكرة قيد التبرع (5)، فيخرج مثل: هذا لزيد بعد وفاتي بكذا. ويشكل أنه إن أريد عدم صدق الوصية فممنوع، وإن أريد بطلانها فلا دليل عليه إلا بطلان المعاوضة المعلقة، فإن تم إجماعا، وإلا ففيه تأمل.
(1) المقنعة: 820 (2) الغنية (الجوامع الفقهية): 542 (3) الكافي في الفقه: 234 (4) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: هو. (5) التذكرة 2: 452 26 ودعوى انصراف إطلاق الوصية في الكتاب والسنة إلى التبرع، مشكلة أيضا. وكيف كان، فلا إشكال ولا خلاف في كون الوصية عقدا في الجملة بين الموصي والموصى إليه، حيث يتعلق الغرض بخصوص الموصى إليه، لا مثل: أعطوا زيدا كذا، وبينه وبين الموصى له حيث يكون هناك موصى له، وقد تجتمع الجهتان وقد تفترقان، إنما الاشكال في كونها عقدا على الاطلاق كما يظهر من جماعة (1). والذي يقتضيه النظر - بعد عدم قيام إجماع ولا غيره على كونها عقدا على الاطلاق - أن الوصية من حيث معناها اللغوي والعرفي ليست عقدا، إلا أنه حيت ثبت من الدليل توقف حصول متعلقها على القبول، وعدم كفاية الايجاب فيه، كالتمليك المعلوم من الشرع عدم حصول أثره بدون رضى المملك - بالفتح - وكالتولية المعلوم كونها كذلك، فلا بد من التزام كونها هناك عقدا، إلا أن يكون دليل التوقف على الرضى أعم من كونه ناقلا أو كاشفا، فلا يثبت بذلك كونها عقدا، إلا أن يقال: إن الأصل يقتضي كونه ناقلا فيثبت كونه عقدا. وأما إذا كان متعلقها مما لم يثبت توقفه على رضى غير الموصي فليست (2) هناك عقدا. ولا ينافي هذا الاختلاف في الموارد اتحاد معنى الوصية في جميع الموارد، لكونه ناشئا عن اختلاف متعلق الوصية لا نفسها، فهي نظير
(1) راجع جامع المقاصد 10: 10. والمسالك 1: 306. (2) في (ق): فليس. 27 الوقف. لكن الحكم بذلك يتوقف على وجود عموم يدل على نفاذ وصية الموصي بقول مطلق، وإلا فالأصل فيما شك في توقفه على الرضى الوقف، فيكون حينئذ عقدا، كما لو ثبت بالدليل توقف حصول متعلق الوصية على الرضى. (و) مما ذكرنا من أصالة كون القبول عند ثبوت الحاجة إليه ناقلا، يظهر أن الوصية بالمعنى الذي ذكره المصنف: عقد (يفتقر إلى إيجاب وقبول)، لا مطلق الوصية، كما مر إجماله وسيجئ تفصيله، وظاهر قوله قدس سره: (فالايجاب: كل لفظ دل على ذلك القصد (1)) أن المعتبر في إيجاب الوصية هو اللفظ مع التمكن منه كما هو المشهور، بل إجماعا كما في ظاهر الغنية (2)، حيث ادعى الاجماع على كونها عقدا - الظاهر في اعتبار اللفظ - فلا يكفي الإشارة مع القدرة على النطق، ولا الكتابة، ولا يترتب عليهما أثر، خلافا لبعض متأخري المتأخرين كسيدي الرياض (3) والمناهل (4) واحتمله في التذكرة (5)، وربما ينسب إلى النافع (6)، للاطلاقات (7) المؤيدة بما دل على أنه:
(1) في (ص) و (ع): العقد. (2) الغنية (الجوامع الفقهية): 542. (3) الرياض 2: 45. (4) مصابيح الفقه (مخطوط)، وفيه: (اختلاف الأصحاب في توقف الايجاب على اللفظ مع القدرة عليه على قولين، الأول: أنه لا يتوقف عليه... الثاني: أنه يتوقف عليه... إلى أن قال: والقول الأول عندي أقوى) (5) التذكرة 2: 452. (6) المختصر النافع: 163، وحكاه عنه في مفتاح الكرامة 9: 379. (7) الوسائل 13: 351، الباب الأول من أبواب أحكام الوصايا. 28 لا يبيت المرء إلا ووصيته تحت رأسه (1)، ولا يخلو عن قوة لولا الشهرة العظيمة وظهور عدم الخلاف، وربما قيل (2): بأنهما تفيدان مؤدى اللفظ، وأنهما بمنزلة المعاطاة في العقود اللازمة. وفيه: أن المعاطاة في البيع عند المشهور - على ما تقدم في أول البيع - لا يفيد إلا إباحة التصرف دون الملك، وكذلك في الهبة، ولا معنى للإباحة هنا، ولا خلاف في عدم تحققها. ولذا التزم بعض المعاصرين - المدعي لكون الايجاب الفعلي من قبيل المعاطاة - عدم الثمرة هنا بينها وبين عقد الوصية (3)، وهو أضعف من التزام الإباحة، إذ لا معنى حينئذ لحكمهم بافتقار الوصية إلى الايجاب والقبول، وحمله على أن المفتقر إليهما عقدها لا مؤداها كما ترى، إذ لا داعي - مع فرض حصول تأثيرها بغير العقد - إلى الالتزام بكون الوصية عقدا حتى يفتقر إليهما. والحاصل: أنه لا إشكال في كون الوصية عند المشهور من العقود التي لا يؤثر غير اللفظ فيها أثرا، لعدم حصول التملك به عندهم، وعدم معنى للإباحة هنا وعدم قائل بها. نعم، ذكروا كفاية الفعل في قسمين من العقود: أحدهما: العقود المملكة التي يعقل فيها الإباحة، كالبيع والقرض والهبة، وثمرة الفعل ثمرة المعاطاة في البيع. والثاني: العقود المفيدة للإذن، كالوكالة والوديعة والعارية إذا أنشأها بالإشارة والكتابة.
(1) الوسائل 13: 352، الباب الأول من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 5 و 7. (2) قاله صاحب الجواهر قدس سره في الجواهر 28: 244. (3) الجواهر 28: 244. 29 والظاهر أنهم توسعوا في هذه العقود، فجوزوا الفعل في إيجابها، لا (1) أن الفعل فيها من قبيل المعاطاة في العقود، والوصية خارجة من القسمين. هذا، مع أن حكم المعاطاة لا يجري فيما يجري من العقود اللازمة والجائزة إلا مع القبض من الطرفين أو أحدهما، وهذا المعنى لا يجري في الوصية، كما لا يخفى. ثم إنه لا فرق - فيما ذكره المشهور (2) من عدم جواز الوصية بالكتابة - بين أن يعمل الورثة ببعضه، وبين أن لا يعملوا بشئ منه، خلافا للمحكي عن نهاية الشيخ (3)، فألزم الورثة بالمكتوب إذا عملوا ببعضه، لرواية قاصرة السند (4). ثم إن الألفاظ الدالة على الايجاب كثيرة: منها: ما هو صريح في ذلك (كقوله: أعطوا فلانا بعد وفاتي، أو لفلان كذا بعد وفاتي، أو أوصيت له) كذا، وكل هذه (5) صريحة في الايجاب كما في التذكرة (6)، ولا إشكال في الأخيرة، وكذا في الثانية، بناء على ما ذكره
(1) في (ص) و (ع): إلا. (2) في (ع) و (ص): المصنف. (3) النهاية: 622. (4) وهي مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني لأبي الحسن عليه السلام، انظر الوسائل 13: 437، الباب 48 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2. (5) في (ص) و (ع): ذ لك. (6) التذكرة 2: 452. 30 المصنف من أن الوصية هي التمليك (1). كما لا إشكال في الأولى إذا جعلناها بمعنى العهد إلى غيره، إنما الاشكال في الجمع بينهما في الصراحة، فإن الثانية غير صريحة في العهد، كما أن الأولى غير صريحة في التمليك، فكل منهما يدل بالالتزام العرفي على ما يدل الآخر عليه بالمطابقة، ولعل المراد بالصراحة ما يتضح دلالته على التمليك ولو التزاما. (وينتقل بها) أي بالوصية المنشأة بالايجاب (الملك) الموصى به ([إلى الموصى له] (2) بموت الموصي) الذي علق عليه التمليك، فلا يعقل تنجزه قبله، (وقبول الموصى له) الذي هو مجرد الرضى، بإيجاب الوصية نظير القبول في الهبة، ولا يتضمن إنشاء آخر كما في المعاوضات، ولذا جعل سبب الانتقال في ظاهر العبارة هو الايجاب، وجعل القبول - الذي هو جزء العقد الناقل - مساوقا للموت الذي هو شرط. وعلى هذا، فظاهر العبارة كون القبول شرطا، فجعله - كصريح بعض العبارات - كون القبول جزء السبب الناقل (3)، في غير محله، إلا أن يستظهر ذلك من جعل الوصية من العقود، وحينئذ فيكون كسائر ما صرح فيه بكون الوصية عقدا، وهو وإن كان ظاهرا، بل صريحا فيما ذكر، إلا أن تعبير من قال بكون القبول كاشفا بذلك يكشف عن كون المراد بالعقد ما يتوقف على القبول، لا ما يتركب منه ومن الايجاب.
(1) ذكره في الصفحة: 26 (2) ما بين المعقوفتين من (ص) و (ع) والشرائع. (3) انظر المسالك 1: 306. 31 وكيف كان، فالاحتمالات في القبول أربعة: أحدها: كونه شرطا، ولا يعلم القائل به، وإن ذكرنا (1) أنه ظاهر عبارة المصنف قدس سره (2). الثاني: كونه جزءا ناقلا، وهو المنسوب إلى المصنف هنا (3) وجماعة (4) الثالث: كونه كاشفا، وهو المنسوب إلى الأكثر (5) تارة، وإلى المشهور (6) أخرى، لكنه مخالف لظاهر إطلاق الأكثر، بل الكل (7)، لكونه عقدا. الرابع: كونه شرط اللزوم، فعليه يملك الموصى له ملكا متزلزلا، نظير العقد الجائز بالذات وبالخيار، وهو الذي قواه في موضع من المبسوط (8) - تمسكا بإطلاق تقديم الوصية على الإرث من غير تقييد بالقبول - إلا أنه ضعفه في موضع آخر (9). والمطابق لأصالة عدم الانتقال هو الأول من هذه الثلاثة. والمطابق لما يظهر من أدلة نفوذ الوصية وحرمة تبديلها - من كون .
(1) في (ص) و (ع): كان ذكرنا. (2) راجع الصفحة السابقة. (3) نسبه في المسالك 1: 306 إليه. (4) استظهره السيد العاملي في مفتاح الكرامة 9: 369 من عبارات: السرائر والشرائع والتحرير والارشاد والتبصرة والتلخيص والمختلف والروض وجامع المقاصد، (5) المسالك 1: 306، وقال: هذا القول مختار الأكثر. (6) انظر الجواهر 28: 251. (7) كجامع المقاصد 10: 10، والمسالك 1: 306، وغيرهما. (8) المبسوط 4: 34. (9) المبسوط 4: 28 32 الايجاب علة تامة في الملك، إلا أن الاجماع قام على كونه بعد رد الموصى له ملكا للوارث - هو القول الثالث، فالقول بالكشف مخالف للأصل والاطلاقات، فإن تم ما ذكروا له من الدليل، وإلا فيؤخذ بالثاني إن تمت الاطلاقات، وإلا فلا مناص عن القول الأول وهو المعتمد، لأن حاصل ما اعتمدوه في الكشف أمور: الأول: ما ذكره جماعة - منهم الوحيد البهبهاني على ما حكى عنه سيد الرياض -: أن مقتضى الايجاب هو انتقال الملك عقيب الموت بلا فصل، والقبول إنما وقع على هذا الايجاب (11) لا إيجاب آخر، ووقوعه على بعض الأزمنة المتأخرة بديهي الفساد. وفيه: أن الكلام في السبب الشرعي الذي يترتب عليه الملك، ولا يعقل انفصاله وانفكاكه عنه بتقدم أو تأخر، فإن ثبت أنه الايجاب المجرد - على ما يتراءى من ظواهر إطلاق نفوذ الوصية وحرمة تبديلها - فهو دليل آخر سيجئ، ولا يحتاج معه إلى ما ذكر دليلا آخر من أن القبول متعلق بمدلول الايجاب الذي هو الملك عقيب الموت (12). وإن لم يثبت ذلك كان مقتضى أدلة وجوب الوفاء بالعقود ترتب الأثر من حين صدق العقد وإن كان مدلول العقد سابقا على ذلك، ولذا لم يكن القبول في سائر العقود كاشفا عن الملك من حين الايجاب، مع أنه دال على الرضى بالايجاب السابق. ومنشأ توهم الفرق يحتمل كون التمليك في الوصية مؤقتا بالموت،
(1) هذه العبارة بنصها موجودة في الرياض (2: 61) بلا نسبة إلى الوحيد البهبهاني. (2) في (ق): عقيب الملك، والصحيح ما أثبتناه من (ع) و (ص) 33 فمقتضى الرضى بالتمليك الموقت حصول الملك في وقته المجعول، كما لو وقته بزمانه خاص. ويدفعه: أن المفروض عدم ثبوت استقلال الايجاب بالأثر من دون الرضى، ودعوى استقلال الايجاب بالتأثير لو تمت رجعت إلى القول الثالث كما سيأتي. وبالجملة، فتخيل الفرق في القبول بين هذا العقد وبين غيره - بكون الايجاب هنا معلقا أو موقتا، وفي غيره منجزا - في غير محله، وقد ذكرنا في إجازة عقد الفضولي (1) - في رد الاستدلال على الكشف، بأن الإجازة هي الرضى بالعقد السابق المقتضي للتمليك من حينه - ما يوضح ما ذكرنا هنا. الثاني: ما استدل به غير واحد (2) من ظواهر إطلاقات انتقال المال إلى الموصى له بمجرد الموت من دون توقف على أمر آخر، وهي وإن لم تتضمن اشتراط القبول، إلا أنه خرج منها صورة عدم القبول. والظاهر بناء هذا الاستدلال على الفراغ عن ضعف القول الثالث، وإلا فالمتيقن خروجه منها صورة الرد، لا مطلق عدم القبول. ويرد عليه - بعد ظهور كون تلك الأدلة مسوقة لبيان حكم الوصية بعد الفراغ عن إحراز ما يعتبر فيها من شرائط الموصي والموصى له والموصى به -: أن مقتضى الجمع بين تلك الاطلاقات وأدلة اعتبار القبول بتقييدها بها، هو القول بأضعف الوجهين في الكشف، وهو لزوم الوصية المتعقبة بالقبول
(1) راجع المكاسب: 132، ولعل هذا مشعر بتأخر تأليف هذا الكتاب عن تأليف كتاب المكاسب. (2) منهم الجواهر 28: 250، والحدائق 22: 387. 34 المستلزم لترتيب أحكام تملك الموصى له، إذا علم تحقق هذا القيد فيما بعد. أما على القول بالكشف الحكمي والنقل الحقيقي، فاللازم تقييد لزومه بما بعد القبول، ودعوى قيام الدليل الخارجي على حكم الكشف بعد تحقق هذا الجزء الأخير للعلة التامة، والمفروض انتفاؤه في المقام، فافهم فإنه لا يخلو عن دقة. توضيح المطلب على وجه يظهر منه حال القبول في سائر العقود وفي هذا العقد، وحال الإجازة في عقد (1) الفضولي: أن ظاهر (أوفوا بالعقود) (2) بل (وأحل الله البيع) (3) و (البيعان بالخيار) (4) ونحوهما، مما لا يدل على اللزوم أو يدل على عدمه، هو كون العقد علة تامة لتحقق مدلوله شرعا. وحينئذ فيتوقف تحقق مدلوله شرعا على أمرين: أحدهما: تحقق موضوع العقد. والثاني: الحكم من الشارع بوجوب العمل بمدلوله، فإن انتفى الأول كما في الايجاب المجرد عن القبول، أو الثاني، كما إذا كان العقد الموجود غير محكوم بوجوب الوفاء، أو مطلق السببية بأن فرض تحقق العقد قبل تشريع سببيته، أو وجد من الفضولي، فلا بد أن ينظر بعد وجود القبول المحقق للسبب في الأول، وبعد حكم الشارع المحقق للسبب في الثاني من
(1) في (ع) و (ص): العقد. (2) المائدة: 1 (3) البقرة: 275. (4) الوسائل 12: 345، الباب الأول من أبواب الخيار، الأحاديث 1 - 3 35 النظر (1) إلى مدلول ذلك العقد، فإن دل على إنشاء ملكية مقيدة بزمان، وفرضنا صحة ذلك التقييد في ذلك العقد، وجب العمل على طبق مدلوله حتى لو كان ذلك الزمان متقدما على زمان تحقق العقدية أو زمان الحكم بالسببية، لأن هذا مقتضى الوفاء بالعقد، فيترتب الآثار من ذلك الزمان، وليس هذا من الكشف، كما لا يخفى. أما إذا كان الملكية المنشأة غير مقيدة بزمان، بل كان الزمان زمان الانشاء، كان ترتب الآثار من زمان تحقق السبب والحكم بسببيته. فظهر من ذلك أن القبول الراجع إلى الايجاب السابق للتمليك المطلق، والإجازة اللاحقة للعقد السابق المفيد للتمليك، لا يوجبان إلا ترتب الآثار من حينهما، لا من زمان متعلقهما. وأما الوصية فلما كانت عقدا متضمنا لتراضي الموصي والموصى له على التملك من حين الموت دون التملك المطلق، كان الوفاء به بعد القبول عبارة عن ترتب آثار ملك الموصى له من حين الموت مع كون الملك قبل القبول ملكا (12) واقعيا لغيره، وهذا معنى الكشف الحكمي الذي هو أقوى الوجهين في إجازة العقد الفضولي. هذه خلاصة الاستدلال على الكشف. ويرد عليه: منع كون القبول المتراخي عن الموت راجعا إلى التملك بمجرد الموت وإن سلم أنه مؤدى الايجاب، وأن ظاهر القبول تعلقه بنفس مؤدى الايجاب، لأن الملك بعد الموت قبل القبول كان لغير الموصى له في الواقع، ولا يعقل رضى الموصي بصيرورته ملكا في ذلك الوقت للموصى له
(1) كذا في النسخ (2) في (ق): كان ملكا. 36 لاستحالته عقلا. وهذا نظير منفعة العين المستأجرة، وبضع المتمتع بها فيما بين الايجاب والقبول، فإنها مقابلة بجزء من المعوض في الايجاب، مع وقوع قبول المعاوضة على ما عداها، لأنها تبقى على ملك المؤجر (1). وبالجملة، فالقدر الممكن تعلق القبول به، هو ملك القابل من حين قبوله، ولذا كان حكم الشارع بعد الإجازة بترتب أحكام الملك قبلها وبعد العقد، مع كون الملك في هذا الزمان للمالك أمرا تعبديا يعبر عنه بالكشف الحكمي، ومثل هذا التعبد غير موجود في العرف حتى يتعلق رضى القابل بتملك ما كان ملكا لغيره، بمعنى ترتب أحكام الملك عليه تعبدا عرفيا قد أمضاه الشارع بحكم (أوفوا بالعقود) (2). الثالث (3): عموم ما دل على وجوب نفوذ الوصية وحرمة تبديل الوصية (4) التي هي فعل الموصي وإيجابه، خرج منها: ما إذا لم يقبل الموصى له ولو بعد حين، وبقي الباقي. وهذا الاستدلال مبني على الفراغ عن إبطال القول الأخير، وإلا فمقتضى تلك العمومات وجوب الانفاذ وحرمة التبديل، خرج منها ما إذا رد الموصى له. ويرد عليه - بعد إمكان دعوى أنها مسوقة لبيان حكم الوصية بعد الفراغ عن إحراز ما يعتبر في صحتها من شرائط الموصي، والموصى به، وله -:
(1) في (ص) و (ع): الموجب. (2) المائدة: 1. (3) كذا في هامش (ص) وفي النسخ: (الثاني) وهو خطأ. (4) الوسائل 13: 411، الباب 32 من أبواب أحكام الوصايا. 37 أن الدليل القائم على اعتبار القبول، إما الاجماع على كونه عقدا، وإما عدم النظير لدخول المال قهرا في ملك الغير بالتمليك الاختياري. والأول - بعد الفحص عن مدرك المجمعين - كالثاني، ليس مفاده إلا كون القبول معتبرا في الانتقال لا كاشفا، ولازمه: عدم تمليك الموصى له قبل القبول. الرابع (1): أنه لو لم ينقل من حين الموت - مع فرض القبول المتأخر - إلى الموصى له، لكان: إما باقيا على ملك الميت، وإما منتقلا إلى الوارث إذ كونه لغيرهما مفروغ العدم. لا سبيل إلى الأول، لأن الميت لا مال له إما عقلا، لأن الملك نسبته بين المال والشخص الحي، وإما لأن ظاهر العرف والشرع أن الميت يترك ماله لغيره، فلو كان قابلا للملك لم يصدق الترك ودعوى: كونه في حكم مال الميت بعد حاجة المال إلى وجود مالك حي، لا تجدي وأما كونه للوارث - فمع منافاته لظهور أدلة الإرث في تأخره عن الوصية - يدفعه: أن ظاهر أدلة الوصية تلقي الملك من الموصي لا من الوارث، مع أن خروجه عن ملك الوارث من دون اختياره عديم النظير. هذا، ولكن الانصاف ضعف هذا الدليل في نظرنا، لامكان التزام كونه في حكم مال الميت، ويكني في عدم امتناعه ذهاب جماعة (2) إليه في حكم تركة الميت المديون، والتزام كونه في ملك الوارث مع خروجه عنه بالقبول. وثبوت الإرث بعد الوصية كثبوته بعد الدين لا يراد به إلا استقراره،
(1) في النسخ: (الثالث)، لكنه سهو من القلم بقرينة ما قبله. (2) راجع مفتاح الكرامة 5: 308 فقد نقل هذا القول عن المحقق والشهيد وفخر المحققين رحمهم الله. 38 ولذا لم يقل أحد بثبوت ما قابل الدين للغرماء. وبالجملة، فهذا الدليل في محل التأمل، بل النظر، بل المنع. والعمدة في هذا القول: الوجه الثاني، فإن تم الاطلاقات بعد تقييدها بالقدر المتيقن - وهو الوصية المقبولة في أحد الأزمنة الثلاثة - فهو (و) إلا فمقتضى الأصل أن (لا ينتقل بالموت منفردا عن القبول} لا منجزا ولا مراعى (على الأظهر) عند المصنف، وجماعة منهم العلامة في التحرير (1). (و) اعلم أن إيجاب الوصية لما كان إنشاء معلقا على الموت، فيكون زمان تنجز التملك التقديري المنشأ ما بعد الموت، فعلى هذا (لو قبل قبل الوفاة جاز) عند الأكثر كما في المسالك (2)، لحصول المطابقة بين الايجاب والقبول، لرجوع القبول إلى الملك التقديري المنشأ بالايجاب، وقيل بعدم الجواز (3)، وظاهر الروضة (4) أنه المشهور، لأن الايجاب في الوصية ليس مجرد إنشاء التمليك التعليقي الذي هو مدلول لفظ الموصي، ولذا لو رد الموصى له بعد هذا الانشاء لم يؤثر في بطلانه على ما هو حكم باقي العقود، بل هو هذا المنشأ بعد وجود المعلق عليه، ولذا لو رد حينئذ بطل الايجاب. والحاصل: أن [مقتضى] (5) عدم. تأثير الرد في إنشاء الموصي بضميمة قاعدة أن الرد يؤثر في إبطال الايجاب: أن مجرد قول الموصي الذي مدلوله
(1) التحرير 1: 292. ومنهم: الحلي في السرائر 3: 203 (2) المسالك 1: 307 (3) جامع المقاصد 10: 10 - 11 (4) الروضة البهية 5: 14. (5) ما بين المعقوفتين من (ع) و (ص) 39 الانشاء التعليقي ليس إيجابا. ودعوى: أن التزام كون الايجاب هو المعنى المنجز بعد الموت دون القول الدال على الانشاء التعليقي، ليس بأولى من التزام عدم تأثير الرد في هذا المقام في إبطال الايجاب، بل لأن الأول مخالف لمقتضى قاعدة العقود من كون الايجاب هو الانشاء المدلول عليه باللفظ - وهو الانشاء التعليقي دون المعنى الحاصل منه عند الموت، وهو التمليك المنجز - مدفوعة: بأن الالتزام الأول ليس مخالفا لقاعدة العقود، لأن الأمر الحاصل بعد الموت هو نفس المنشأ بالقول الأول، إلا أنه يغاير مدلول اللفظ بالاعتبار، فإن التملك على تقدير الموت المدلول [عليه] (1) بالانشاء هو الذي يتنجز عند الموت. هذا، ولكن الانصاف أن قاعدة العقود تقتضي كون الايجاب هو نفس مدلول اللفظ، وهو الأمر المنجز في مرتبة نفسه أعني التمليك على تقدير لا نفس التمليك، لذا ذكروا أن التعليق في العقود ممنوع، إذ على ما ذكر لا تعليق في العقد رأسا، ويلزم تقدم القبول على الايجاب في العقود التعليقية. ويؤيد ذلك: ما دل على أن إجازة الوارث مؤثرة حال الحياة، فلا مجوز له الرد بعد الموت (2) إذ لولا تمام - الايجاب حال الحياة لم ينفع إجازة الوارث حينئذ. هذا كله مضافا إلى إطلاقات وجوب إنفاذ الوصية وحرمة تبديلها (3)، الشامل لصورة قبولها حال الحياة (و) إن كان وقوعه (بعد الوفاة آكد)
(1) ما بين المعقوفتين من (ع) و (ص) (2) الوسائل 13: 371، الباب 13 من أبواب أحكام الوصايا. (3) الوسائل 13: 411، الباب 32 من أبواب أحكام الوصايا. 40 من حيث وقوعه بعد تنجز التمليك المعلق في الانشاء. (وإن تأخر القبول عن الوفاة) فإن له ذلك (ما لم يرد) بعد الوفاة، (فإن رد في حياة الموصي جاز أن يقبل) بعد ذلك في حياة الموصي أو (بعد وفاته) ولو بمدة (إذ لا حكم لذلك الرد) السابق. (فإن رد بعد الموت) فإن كان (قبل القبول بطلت) الوصية إجماعا فلا ينفع القبول، (وكذا لو رد بعد القبض وقبل القبول) إذ القض لا يغني عنه. (ولو رد بعد الموت والقبول وقبل القبض، قيل) والقائل الشيخ في المبسوط (1)، والمحكي عن المجامع (2): أنها (تبطل)، لاعتبار القبض في أصل الملك كما فهمه بعض (3) من كلام الشيخ، أو في لزومه كما يظهر من صدر عبارة المبسوط وإن مثل لها أخيرا بالقبض في الوقف الذي اختار فيه كغيره اشتراط القبض في صحته. وكيف كان، فلا دليل على اعتباره في شئ من الأمرين ليقيد إطلاق أدلة وجوب إنفاذ الوصية وحرمة تبديلها، (و) لذا (قيل) - والقائل المعظم (4) -: إنها (لا تبطل، وهو أشبه) بالقواعد، (أما لو قبل وقبض ثم رد لم تبطل، إجماعا) وإن ذكروا أن الوصية من العقود الجائزة، ومقتضاه جواز الفسخ، (لتحقق الملك و) ثبت (استقراره) بالأصل والعمومات
(1) المبسوط 4: 33 (2) الجامع للشرائع: 499 (3) الجواهر 28: 257. (4) انظر الجواهر 28: 257. 41 المتقدمة. (ولو رد بعضا وقبل بعضا، صح فيما قبله) لصدق الوصية والقبول في العقد بالنسبة إلى المقبول، ولذا لو تبعض المبيع في البيع جاز للمشتري البقاء على ما أوقعه من العقد والوفاء به وإن لم يجب، لأجل الخيار. ولو لم يصدق العقد والوفاء به مع تبعض الصفقة، أو مع فوات وصف الصحة، أو غيرها المشروط في العقد أو الملحوظ للمتعاقدين، كان المعنى: الحكم بالبطلان، إذ لا عقد ولا وفاء حينئذ، فيكشف ذلك عن عدم فوات أصل المطابقة بين الايجاب والقبول. نعم، المطابقة التامة - بحيث يتحد متعلق الايجاب والقبول حتى في الصفات الغير المقومة لمورد العقد - معتبرة في غير الوصية. (وإذا (1) مات) الموصى له (قبل القبول، قام وارثه مقامه (2)) على المشهور، سواء كان موته قبل موت الموصي أم بعده على المشهور بين القدماء والمتأخرين، [ومستندهم وجوه] (3): الأول: أن (4) الموصى له، بوجود سبب الملك - وهو الايجاب - صار قابلا لأن يتملك، أي يوصى بالملك، وهذه القابلية حق له فيورث، لعموم: (ما تركه الميت من حق فلوارثه) (5).
(1) في الشرائع: ولو. (2) في الشرائع زيادة: في قبول الوصية. (3) ما بين المعقوفتين من (ع) و (ص). (4) في (ق): لأن. (5) المغني لابن قدامة 6: 24، وفيه: من ترك حقه فلورثته 42 وقد يناقش [فيه] (1) تارة: بمنع كون حق القبول حقا، إذ ليس كل ما للانسان أن يفعله يعد حقا عرفا، كما لا يخفى. وأخرى: بمنع كونه مما يترك حتى يكون للوارث، إذ رب حق متقوم بالشخص ولا يتعداه إلى غيره، ولعل حق القبول من هذا القبيل، بل الظاهر ذلك، بناء على أن الايجاب تمليك الموصى له (2) والقبول تملك الوارث، فلا يتطابقان. وبعبارة أخرى: تملك الوارث إن كان بتمليك الموصى له، فالمفروض عدم تملكه فكيف يملك، وإن كان بتمليك الموصي فلم يحصل منه إيجاب يوجب تمليكه. ويمكن دفع الأول: بأنه يكفي في ثبوت الحق حصول سبب الملك للمورث، بحيث لا يتوقف الملك إلا على شرط يحصل من قبله وهو الرضى به، وبه يحصل الفرق بينه وبين القبول في سائر العقود، فإنه جزء السبب فيها، وهنا شرط التأثير من الايجاب على تقدير الموت على ما يقتضيه عمومات الوصية، التي هي لغة وعرفا مجرد الايجاب. ودفع الثاني: بأنه يكفي في صدق الترك كونه حقا محصلا للمال، فإن الحقوق المالية كلها كنفس الأموال يصدق عليها أن الميت تركها (3).
(1) ما بين المعقوفتين من (ع) و (ص) (2) في (ق): الوصي. (3) في النسخ زيادة ما يلي: أو بعبارة أخرى، تملك الوارث إن كان من الموصى له فهو غير مالك، وإن كان من الموصي فلم يوجب إلا ملك الموصى له، لا وارثه. ويمكن دفع الأول: بأنه يكفي في ثبوت الحق للمورث تحقق سبب الملك للمورث بحيث لا يتوقف حصول المسبب إلا على شرط هي رضى من له الحق وبه يفرق بينه وبين القبول في سائر العقود الذي هو جزء السبب فيها، والقبول هنا شرط والسبب المؤثر هو مجرد الايجاب، لأنه الظاهر من عمومات نفاذ الوصية التي هي لغة وعرفا مجرد الايجاب. ودفع الثاني: بأن الحقوق المالية المحصلة للمال كنفس الأموال يصدق عليها أن الميت تركها). وهذه الزيادة - كما ترى - متحدة مع ما قبلها والظاهر أن سبب إعادة الشيخ قدس سره الكتابة هو تشويش العبارة بسبب إصابة الماء لها. يظهر من النسخة. هذا، وجاء في هامش (ع) ما يلي: (هذه السطور الأربعة متحدة في المفاد مع سابقتها فلعلها زائدة أو تبديل لفظ بلفظ آخر فتدبر). 43 وأما استظهار تقوم هذا الحق بالمورث من حيث إن الايجاب تمليك الموصى له فقبول الوارث - أعني: الرضى بتملك نفسه - لا ينطبق على ذلك الايجاب، فيدفعه: أنه لما كان معنى الإرث قيام الوارث مقام الميت في كونه محلا لتملك الأموال واستحقاق الحقوق، فكأنه حصل سبب التملك لنفس الوارث، وأن الانشاء وقع له، فيقع القبول منطبقا على الايجاب. الثاني: ما ذكره جمال الدين في حاشية الروضة (1): من العمومات الدالة على وجوب إنفاذ الوصية، خرج منه ما إذا لم يتعقبها قبول من الموصى له ولا من الوارث، ولا دليل على خروج صورة قبول الوارث. وهذا الاستدلال حسن لو قلنا بالكشف وأن الشرط تعقب الرضى، وأن القبول ولو من الوارث يحصل بمضمون الوصية، وهو تملك الموصى له. وأما على النقل على ما استوجهه المستدل، فمع قبول الوارث لا يحصل النقل بالوصية التي هي تملك الموصى له، فتملك الوارث الوصية من الموصي
(1) حاشية الروضة: 381. 44 يحتاج إلى دليل آخر غير أدلة إنفاذ الوصية المقتضية لتملك الموصى له أولا وبالذات، فافهم. الثالث: رواية محمد بن قيس الثقة - بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه، وروايته لقضايا أمير المؤمنين صلوات الله عليه - عن أبي جعفر صلوات الله عليه (قال: قضى أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه في رجل أوصى لآخر والموصى له غائب، فتوفي الذي أوصى له قبل الموصي، قال: الوصية لوارث الذي أوصى له وقال: من أوصى لأحد - شاهدا كان أو غائبا - فتوفي الموصى له قبل الموصي، فالوصية لوارث الذي أوصى له، إلا أن يرجع في وصيته قبل موته) (1). ويؤيدها: رواية المثنى، قال: (سألته عن رجل أوصي له بوصية، فمات قبل أن يقبضها ولم يترك عقبا، قال: اطلب له وارثا أو مولى فادفعها إليه، قلت: فإن لم أعرف له وليا؟ قال: اجتهد على أن تقدر له على ولي، فإن لم تقدر له على ولي وعلم الله منك الجهد فتصدق بها) (2)، بناء على عمومه لصورة الموت قبل القبول، والأمر بطلب الوارث لأجل كون القبول حقا للوارث. ونحوه في الاطلاق: رواية محمد بن عمر (3) الساباطي عن أبي جعفر
(1) الوسائل 13: 409، الباب 30 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول، مع اختلاف يسير (2) تفسير العياشي 1: 77، الحديث 171، والوسائل 13: 409، الباب 30 من أبواب أحكام الوصايا 5 الحديث 2، مع اختلاف في التعبير. (3) في النسخ المتوفرة لدينا: عمار، وفي المصادر: عمر وهو الصحيح. انظر: الكافي 7: 13، الحديث 2. والفقيه 4: 210، الحديث 5488، والتهذيب 9: 231، الحديث 904، والاستبصار 4: 138، الحديث 516، وجامع الرواة 2: 163، ومعجم رجال الحديث 17: 71، الرقم: 11449 45 عليه السلام - يعني الثاني - قال: (سألته عن رجل أوصى إلي وأمرني أن أعطي عما له في كل سنة شيئا، فات العم، قال: أعطه ورثته) (1). وربما يعارض بصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (سألته عن رجل أوصى لرجل، فمات الموصى له قبل الموصي، فقال: ليس بشئ) (2)، ونحوها صحيحة منصور بن حازم (3). وترجحهما على الروايات السابقة من حيث السند، بناء على التأمل في سند الرواية الأولى، وفي انجبار ضعفه بالشهرة، وفي دلالة غيرها. ويمنع أيضا ما تقدم من دلالة العمومات، وكون القبول حقا مغايرا للقبول في سائر العقود فيقال ببطلان الوصية بموت الموصى له قبل القبول مطلقا. وربما يفصل بين ما إذا تعلق غرض الموصي بخصوص الموصى له فيبطل، وبين ما إذا أطلق، فينتقل إلى الوارث بعد قبوله. وتوضيحه: أن الوصية وإن كانت متعلقة دائما بخصوص الموصى له بحسب عبارة الوصية، إلا أنه قد يكون غرضه مباشرة تملكه له، بحيث يكون عدم الرضى بتملكه ابتداء مركوزا في ذهنه، [بحيث] (4) يعلم أنه لو
(1) الوسائل 13: 410، الباب 30 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 3 (2) الوسائل 13: 410، الباب 30 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 4 (3) نفس المصدر، الحديث 5 (4) الزيادة من (ع) و (ص) 46 اطلع على موت الموصى له لرجع. [وبين كون (1) غرضه دخوله في جملة أملاكه، يعامل معه معاملتها من دون تعلق الغرض بوجه خاص من المعاملات، فعلى الأول يبطل، لقصر الوصية على جهة خاصة، بخلاف الثاني، فتدبر] (2). وهل العبرة في صورة موت الموصى له قبل الموصي بورثة الموصى له حين موته مطلقا وإن قلنا بعدم صحة القبول منهم في حياة الموصي، لأن المورث منه تأهل القبول وهو موجود حينئذ، نظير الشبكة المنصوبة للصيد، فإنه لا عبرة بزمان وقوع الصيد فيها؟ أو يبنى ذلك على جواز القبول في حياة الموصي، إذ مع عدم جواز ذلك يمنع ثبوت حق لهم أو تأهل، وإنما يحدث هذا الحق بعد موت الموصي، نظير الوقف المنقطع الآخر الذي ينتقل بعد انقراض الموقوف عليه إلى ورثة الواقف حين الانقراض؟ أو العبرة بورثته حين موت الموصي، لأنهم حينئذ يملكون إن ملكوا، ودعوى كفاية مجرد تحقق سبب ذلك قبل هذا وإن لم يتحقق شرطه ممنوعة، لمنع تأثير الايجاب المعلق وإحداثه حقا في حياة الموصي؟ وجوه مترتبة في القوة. ثم لا إشكال في هذه الصورة في أن الورثة يتلقون الملك من الموصي، وإنما يرثون من الموصى له حق القبول. أما لو مات الموصى له بعد الموصي، فإن قلنا بأن القبول ناقل، فلا إشكال في حصول الملك لهم عند القبول لا قبله، وإن قلنا بأنه كاشف،
(1) كذا والأولى التعبير ب (وقد يكون) ليكون عدلا لقوله: قد يكون. (2) ما بين المعقوفتين من (ع) و (ص) 47 فالذي صرح به الأكثر كالشيخ (1) والعلامة (2) والشهيدين (3) والمحقق الثاني (4) وغيرهم أنه يحكم بدخوله في ملك الموصى له المفروض حياته عند موت الموصي، وهو الذي يقتضيه أدلتهم الثلاثة المذكورة سابقا لهذا القول على اختلافها في الكشف الحقيقي والحكمي، كما لا يخفى على من راجعها بأدنى تأمل. واحتمل في المسالك دخوله - على هذا القول - في ملك الوارث ابتداء (5)، وحكاه جمال الدين قدس سره في حاشية الروضة بلفظ: القيل، ثم ضعفه (6)، واستقربه سيد مشايخنا في المناهل (7)، وجزم به في الجواهر، بل أنكر قدس سره دخوله في ملك الورثة بعد موت الموصى له قبل قبولهم (8) ولا أعلم لهذا القول وجها يعتد به، فتدبر.
(1) المبسوط 4: 32 (2) القواعد 1: 291، والتذكرة 2: 454. (3) انظر اللمعة وشرحها (الروضة البهية) 5: 17 و 20. (4) جامع المقاصد 10: 25 (5) المسالك 1: 309 (6) حاشية الروضة: 381 (7) لم نقف عليه (8) الجواهر 28: 258 - 261 48 (فرع) ثم إن المصنف قدس سره. فرع على ما اختاره في أصل مسألة القبول من كونه ناقلا لا كاشفا أنه: (لو أوصى بجارية وحملها لزوجها) أو غيره، ([وهي حامل منه] (1) فمات) الموصى له بعد الموصي (قبل القبول، كان القبول للوارث، فإذا قبل) انتقل المال إليه من حينه على مذهب المصنف، و (ملك الوارث الولد) ملكا مستقرا (إن كان ممن يصح له تملكه، ولا ينعتق على الموصى له، لأنه) لم يملكه حال حياته لعدم قبوله، و (لا يملك بعد الوفاة) بقبول وارثة القائم مقامه، (و) لذا (لا يرث أباه: لأنه رق) حين موت أبيه، (إلا أن يكون ممن ينعتق على الوارث) بأن يكون من محارمه، (ويكونوا) - الورثة - (جماعة) لم يقسموا الميراث (فيرث، لعتقه قبل القسمة) من جميع التركة، عدا حق القبول الذي لا يجوز
(1) ما بين المعقوفتين من (ع) و (ص) والشرائع 49 اشتراكه معهم فيه، ولذا لا يرث من أمه شيئا، فتنعتق عليه، فإنه لو ورث منها لم يكن إلا من جهة إرث حق القبول، وإلا فليست هي من تركة أبيه، لأن أدلة الإرث مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما ترك الميت من حق فلوارثه) (1) إنما يختص بالحقوق التي يكون الوارث وارثا لا من جهة استحقاقها، إذ يستحيل تأخر الموضوع - أعني العنوان الموجب لاستحقاق الإرث - عن استحقاقه، فإذا فرض دخوله في الأحرار الوارثين بسبب حق القبول امتنع إرثه لشئ من هذا الحق، وأما اشتراء الرقيق من تركة أبيه ليعتق ويرث، فهو تعبد من الشارع. وبما ذكرنا يندفع ما ربما يتوهم من أنه لو ورث من التركة لورث من حق القبول، والمفروض أنه لم يقبل، فلا ينعتق ولا يرث، لأن المعتبر قبول جميع الورثة. وربما يعلل عدم اعتبار قبوله بأن المعتبر هنا قبول من هو وارث من حال موت الموصى له، لا من تجدد إرثه. وفيه: أن من تجدد إرثه إذا فرض استحقاقه لجميع تركة الميت كما هو مقتضى الحكم بمشاركته لغيره إذا ارتفع مانع إرثه قبل القسمة، فلا فرق بينه وبين الوراث حال الموت، ولذا لو فرض للميت وصية أخرى قبلها الورثة حين الموت، صار هذا الولد مشاركا معهم في اعتبار قبوله، أو اختص القبول به إذا كان حاجبا لهم. فالتحقيق في الجواب: منع اعتبار قبوله وإن فرض عدم تجدد إرثه. هذا كله على القول بالنقل، وأما على الكشف فمقتضى ما عرفت من
(1) المغني، لابن قدامة، 6: 24، وفيه: (من ترك حقه فلورثته) 50 صريح الأكثر، ومقتضى أدلة الكشف، [هو] (1) كشف قبول الورثة عن كون الجارية أم ولد للموصى له، وانعتاق ولده وإرثه من الموصى له - لفرض حريته حين موته - جميع تركته عدا حق القبول وإن كان وارثا حين الموت ولم يتجدد له عنوان الإرث، لما عرفت من أن استحقاق حق القبول إذا كان سببا للإرث امتنع أن يكون موروثا. غاية الأمر لزوم تبعض الإرث، بأن يرث المحجوب - كالأخ مثلا - بعض حقوق الميت، ويرث الحاجب - كالولد - بعضها الآخر. وبما ذكرنا يندفع ما ذكره الشيخ في المبسوط في التفريع على الكشف من أنه ينعتق الولد في المسألة المذكورة، لكن لا يرث شيئا من مال والده، قال: لأن صحة الوصية يتوقف على قبول جميع الورثة، إذ لو أراد بعض الورثة أن يقبل جميع ما أوصي لأبيه، لم يكن له، فلو جعلنا هذا الولد وارثا لم تصح الوصية به إلا بقبوله، والقبول منه لا يصح قبل حريته، فكان ذلك يؤدي إلى إبطال حريته وحرية أمه وإبطال الوصية، فأسقطنا الإرث حتى تصح الحرية له ولها (2). وحاصل ما ذكرنا: منع الملازمة بين جعله وارثا وبين توقف صحة الوصية على قبوله، لأنه يرث عدا حق القبول، فإنه يرثه غيره ولو كان أبعد، لكون الولد كالمعدوم بالنسبة إلى هذا المحق، فالمانع العقلي لا يمنع إلا إرث حق القبول، فيقتصر عليه. مع أنك [قد] (3) عرفت أن المانع ليس
(1) من (ع) و (ص). (2) المبسوط 4: 32. (3) من (ص) 51 ما ذكر من المانع العقلي، وهو لزوم عدم إرثه من إرثه، بل اختصاص أدلة الإرث بغير الحق المحقق لعنوان الوارثية وإن كان هذا أيضا مانعا عقليا. ثم إن العلامة (1) وغيره (2) قدس الله أسرارهم أجابوا عما ذكره الشيخ بما حاصله: إن المعتبر قبول من هو وارث لولا القبول، ولا يستقيم دعوى هذا التقييد إلا بما ذكرنا، وإلا فما ذكروه من تنظيره بالاقرار ليس إلا في مجرد التقييد بكونه وارثا لولا الاقرار، وإلا فالتقييد في الاقرار من باب تقييد الحكم الظاهري، وهو ما يقتضيه الظاهر قبل الاقرار من كون المقر وارثا، أو مالكا، أو ذا يد، أو برئ الذمة، أو نحو ذلك، لعدم الدليل الاجتهادي على خلافه. وإخبار المقر عن وراثة الغير، أو استحقاقه، أو الاشتغال بحقه - بعد اعتباره بحكم دليل الاقرار - بمنزلة البينة الحاكمة على تلك الظواهر، فهذا التقييد من أدلة تلك الظواهر، وليس تقييد وراثة حق القبول لمن هو وارث لولا القبول من هذا القبيل، بل هو تقييد واقعي، فلا بد له من إثبات أن مستند أدلة وراثة الوارث مختصة بغير هذا الحق، ولا طريق إلى إثباته إلا ما ذكرنا. ثم إنه يمكن أن يكون نظر الشيخ قدس سره إلى أن هذا الحق وباقي التركة متساوية بالنسبة إلى الدخول تحت عموم: (ما ترك الميت فلوارثه) (3) فلا وجه لاثبات موضوع الوراثة لمن لا يرث حال القبول، فيجعل وارثا،
(1) القواعد 1: 292 (2) المسالك 1: 309 وانظر الجواهر 28: 261. (3) المغني، لابن قدامة 6: 24، وفيه: (من ترك حقه فلورثته). 52 فيثبت له المال بهذا العموم. وبعبارة [أخرى] (1): ثبوت الحكم لبعض أفراد العام لا يثبت فردية شئ لذلك العام ليثبت له حكمه، فلا معنى للتفكيك بين هذا الحق وغيره في مقام الحكم باستحقاق من هو وارث حين القبول، فمن يرث هذا الحق. يرث الباقي. وفيه: [إنا] (2) لا نجد استحالة عقلية بأن يكون الوارث حين القبول يستحق شيئا يخرج به عن وراثة ما عدا هذا الحق، والمسألة محل تأمل. ثم إن الشيخ - مع حكمه بعدم إرث الولد شيئا - حكم بحرية أمه التي صارت بالقبول الكاشف أم ولد (3)، ويشكل بأن الولد إذا لا يرث شيئا فمن أين تنعتق أمه بعد موت أبيه، وللشارح في المسالك (4) في تحرير مسألة إرث هذا الولد كلام لا يخلو عن تأمل. ولا تجوز (ولا تصح الوصية) من أحد، مسلما كان أو كافرا، (في) ما يكون (معصية) في شرع الاسلام، لأن أدلة وجوب إنفاذ الوصية وحرمة تبديلها لا تزاحم أدلة المعاصي، نظير أدلة وجوب الايفاء بالوعد والعهد ومرجوحية خلفهما. نعم، قد يشكل الأمر في بعض الموارد، من حيث احتمال كون الوصية مغيرة [لموضوع] (5) المعصية، كما إذا أوصى إلى أحد بمباشرة غسله أو الصلاة
(1) لم ترد في (ق). (2) لم ترد في (ق). (3) تقدم قول الشيخ قدس سره في الصفحة: 51. (4) المسالك 1: 309. (5) لم ترد في (ق)، ووردت مكانها: (لموضوعها) وشطب عليها. 53 عليه، فمنعه الولي، فإنه يحتمل أن يكون أدلة عدم مشروعية الغسل والصلاة بدون إذن الولي مقيدة بصورة عدم وصية الميت، لأن ولاية الولي شرعت لكونه أشد اهتماما بمصالح الميت من غيره، فلا ينتفي لأجله ما أمر به الميت، ولذا ذهب بعض (1) إلى سقوط إذن الولي هنا، إلا أن المحكي عن الأكثر خلافه (2). وأما عدم صحة الوصية بالمعصية - بعد فرض كونها معصية ولو بعد الوصية - فلأن المستفاد من الأدلة كون الصحة تابعة لحرمة التبديل، مثل قوله عليه السلام: (لو أمرني أن أضعه في يهودي لوضعته، إن الله عز وجل يقول: (فمن بدله بعد ما سمعة فإنما إثمه على الذين يبدلونه)) (3). فإن قوله: (لو أمرني... الخ)، كناية عن عموم وجوب فعل كل ما أوصى، مستدلا عليه بالآية، حيث (4) إن الدليل لا بد أن يكون مساويا للمطلب أو شاملا له ولغيره، وحينئذ فتخرج الوصية بالمعصية، وتدل على أن الصحة لا تجامع جواز التبديل، بل وجوبه الثابت، لفرض بقاء العصيان بعد الوصية. وعلى ما ذكر (فلو أوصى [بمال] (5) للكنائس أو البيع) من حيث
(1) هو ابن الجنيد رحمه الله، كما في المختلف: 120 (2) المختلف: 120، وقال في المدارك (4: 161): (فلا يجوز له التقدم إلا بإذن الولي، وبه قطع العلامة في المختلف وأسنده إلى الأصحاب واحتج عليه بآية أولي الأرحام). (3) الوسائل 13: 417، الباب 35 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 6، مع اختلاف في بعض الكلمات، والآية من سورة البقرة: 181. (4) في (ق): وحيث (5) لم ترد في (ق)، ووردت في (ع) و (ص) والشرائع 54 هذين العنوانين، (أو كتابة ما يسمى الآن) حقيقة عند اليهود ومسامحة عندنا (توراة أو إنجيلا، أو في مساعدة ظالم) على ظلمه، أو على كونه ظالما كتقوية أعوانه، (بطلت الوصية) من رأس فيرد إلى الورثة. ولعله المراد بتغيير الوصية وردها إلى المعروف في المرسلة: (إن الله تبارك وتعالى أطلق للموصى إليه أن يغير الوصية إذا لم تكن بالمعروف وكان فيها حيف، ويردها إلى المعروف، لقوله تعالى: (فن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه)) (1). ورواية محمد بن سوقة، قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (فمن بدله بعد ما سمعه) قال: نسختها الآية التي بعدها: (فن خاف من موص جنفا أو إثما)... الآية) (2)، لا أن المراد بالتغيير صرف الوصية المذكورة إلى وجوه البر، كما عن النهاية (3). (والوصية) مطلقا - سواء التمليكية التي هي (عقد) وغيرها المختلف في كونها عقدا - (جائز من طرف الموصي) لأن الانسان أحق بماله (ما دام حيا) ويدل عليه - بعد الأصل وقبل الاجماع -: الأخبار المستفيضة، بل المتواترة في جواز ردها وتغييرها والرجوع عنها، والزيادة فيها والنقيصة (4) (سواء كانت) الوصية (بمال أو ولاية) على ولده.
(1) الوسائل 13: 422 الباب 38 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2، والآية من سورة البقرة: 182 (2) الوسائل 13: 421 الباب 38 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول، والآيتان من سورة البقرة: 181 و 182. (3) النهاية: 609. (4) الوسائل 13: 385، الباب 18 من أبواب أحكام الوصايا 55 (ويتحقق الرجوع بالتصريح) بإنشائه، أو بقول يدل عليه وإن لم ينشئه، (أو (1) بفعل ما ينافي) مقتضاه مقتضى (الوصية) لأنه إذا فرض جواز ذلك الفعل - والمفروض منافاته للوصية - فقد أبطلها. (فلو) أكل أو (باع ما أوصى به، [أو أوصى ببيعه] (2) أو وهبه وأقبضه، أو رهنه) مع الاقباض (كان رجوعا) لفوات متعلق الوصية عقلا في الأول، وشرعا في ما عداه، حتى الرهن، لأن حدوث حق المرتهن وتسلطه على بيعه مبطل لاستحقاق الموصى له إياه بمجرد الموت. ولو ظهر البيع أو الرهن فاسدا أو لا يقبض الموهوب أو المرهون، أو رجع عن الوصية، أو عرضه لأحد هذه الأمور، فالمشهور على الظاهر كونه رجوعا، لأن إرادته مستلزمة لإرادة عدم الوصية التي هي ضده، فإن الشئ لما توقف على عدم ضده كانت إرادته - تكليفية كانت أو تكوينية - مستلزمة لإرادة مقدمته، وهي عدم الضد، فكأنه صرح بإرادة عدم الوصية، وليس الفرق إلا الاجمال والتفصيل في الإرادة. وهذا مرجع ما استدل به في التذكرة على ثبوت الرجوع بالايصاء ببيع الموصى به - بعد نسبته إلى جمهور العلماء - بأن وصيته هذه تنافي الوصية الأولى (3)، وهذا جار في نظائر الوصية من مقدمات الأفعال المبطلة للوصية الأولى. ودعوى عدم جريان ذلك في صورة الغفلة عن الايصاء، بحيث يعلم
(1) في (ق): وبفعل، وفي (ص) و (ع): أو يفعل وما أثبتناه الشرائع. (2) ما بين المعقوفتين من الشرائع. (3) التذكرة 2: 514. 56 أنه لو كان ملتفتا لا يقع منه ضد الوصية، مدفوعة بأن لا ملازمة بين الالتفات إلى الوصية، وترك ذلك الفعل إلا لفرض كون الغرض الداعي إلى الوصية غالبا على الغرض الداعي إلى ذلك الفعل. ومن المعلوم أن غلبة الغرض المغفول عنه لا يوجب عدم حدوث إرادة الفعل وكراهة الوصية. فإن الانسان ربما يريد الفعل غفلة عن مصالح ضده، إلا أن يفرق بين سبق الإرادة إلى الشئ ثم إرادة ضده غفلة عن الإرادة السابقة - كما في ما نحن فيه - وبين حدوث إرادة الشئ غفلة عن مصلحة ضده، التي لو التفت إليها لأراد الضد، بأن الإرادة السابقة مركوزة في ذهنه في الأول وإن أراد ضده غفلة، بخلاف الثاني، إذ لم يحصل إرادة، ولا عبرة بالمصلحة الداعية إليها على تقدير الالتفات. ولذا صرح بعضهم بأنه لو نوى الصوم ثم اعتقد فساده، فنوى الأكل لم يفسد الصوم وإن قلنا بأن نية الافطار مفسدة (1)، وكذا لو نوى قطع الصلاة لاعتقاد فسادها، فإن ذلك لا ينافي استمرار النية في الصوم والصلاة، ولا يخلو عن قوة. وكيف كان، فالحكم في صورة الغفلة عن الوصية محل إشكال. وقد استدل في التذكرة على كون الهبة قبل القبض رجوعا بظهور قصد صرف الوصية عن الموصى له، وعلى كون العرض على البيع ونحوه رجوعا بأنه يدل على اختياره للرجوع بعرضه على البيع (2). ومرجع هذا الاستدلال إلى أن ظاهر حال الموصي عدم الغفلة عن
(1) كشف الغطاء: 318، (2) التذكرة 2: 514. 57 الوصية، فالتعريض لما ينافيها قصد للرجوع عنها، فلو علم غفلة الموصي فلا يحكم بالرجوع. وفي التذكرة أيضا: لو سئل عن الوصية فأنكرها، كان رجوعا على إشكال، ينشأ: من أنه عقد، فلا يبطل بجحده كما في غيره من العقود، ومن دلالته على أنه لا يريد إيصاله إلى الموصى له، وقال الشافعي: يكون رجوعا كما لو أنكر الوكالة (1)، إنتهى. (أو كذا) يحصل الرجوع في الموصى به (لو تصرف فيه) الموصي أو غيره، (تصرفا أخرجه عن مسماه) الذي علم تعلق الوصية عليه، لأن ظاهر الوصية تنجز الموصى به عند الموت، (كما إذا أوصى بطعام فطحنه) طاحن، (أو بدقيق فعجنه أو خبزه) هو أو غيره. ووجهه - مع أن التمليك في غير الوصية من العقود لا يدور مدار العنوان الموجود عند حدوثه -: أن التمليك فيها معلق على الموت، فلا بد من تحقق العنوان [عند تنجزه] (2). [(وكذا لو أوصى بزيت، فخلطه بما هو أجود منه، أو بطعام فمزجه بغيره حتى لا يتميز. أما لو أوصى بخبز فدقه فتيتا، لم يكن رجوعا)] (3).
(1) التذكرة 2: 515. (2) ما بين المعقوفتين مشطوب عليه في (ق). (3) ما بين المعقوفتين من شرائع الاسلام 2: 244، ولم نقف على شرح المؤلف قدس سره له. 58 الفصل الثاني في الموصي
59 الفصل الثاني (1) في الموصي ويعتبر فيه: كمال العقل، والحرية. فلا تصح: وصية المجنون، ولا الصبي ما لم يبلغ عشرا. فإن بلغها فوصيته جائزة في وجوه المعروف، لأقاربه وغيرهم على الأشهر، إذا كان بصيرا. وقيل: تصح وإن بلغ ثمان، والرواية به شاذة. ولو جرح الموصي نفسه، بما فيه هلاكها، ثم أوصى. لم تقبل وصيته. ولو أوصى ثم قتل نفسه قبلت. ولا تصح الوصية بالولاية على الأطفال، إلا من الأب، أو الجد للأب
(1) لم نقف على شرح هذا الفصل في النسخة الأصلية، وقد أشار مرتب الأوراق إلى ذلك في هامش (ق) وإنما أوردنا هذا الفصل من الشرائع (2: 244 - 245) تتميما للفائدة. 61 خاصة ولا ولاية للأم، ولا تصح منها الوصية عليهم. ولو أوصت لهم بمال، ونصبت وصيا، صح تصرفه في ثلث تركتها، وفي إخراج ما عليها من الحقوق. ولم تمض على الأولاد).
62 الفصل الثالث في الموصى به
63 [الفصل الثالث] (1) (في الموصى به) (وفيه أطراف) ([الأول] (2): في متعلق الوصية) التي عرفها في أول الباب (وهو إما عين وإما منفعة، ويعتبر فيهما (3) الملك) أي المملوكية، إذ لا يعقل التمليك بدونها. نعم، لا دليل على انحصار الوصية في التمليك، لأن الوصية بتخصيص شخص ببعض ما يخص الموصي لا مانع منها. ويمكن أن. يراد بالتمليك والملك: مجرد التخصيص والاختصاص وإن انتفى الملك اصطلاحا، وحينئذ (فلا تصح) الوصية (بالخمر) على جهة التمليك، وأما تخصيصه بما يختص به من الخمر المتخذ للتخليل فجائز، وكذا بالعذرة المتخذة لتسميد الزرع.
(1) لم ترد في (ق) (2) لم ترد في (ق) (3) في الشرائع: فيها 65 (و [لا] (1) الخنزير، و [لا] (2) كلب الهراش) الذي لا ينتفع به، بل (و) جميع (ما لا نفع فيه) إذ لا اختصاص للموصي بها حتى يخصصها بالموصى (له) (3)، بل مباح له الانتفاع بها في المنافع النير المعتد بها ما دامت في يده. (ويتقدر) في العين والمنفعة المملوكتين أن يكون (كل واحد منهما بقدر الثلث (4)) بالاجماع والنص (5). وأما ما كان من قبيل الخمر المتخذ للتخليل، والكلب المنتفع به مع عدم كونه مقوما، فأقوى الوجوه فيها فرضه مقوما وملاحظته مع باقي المال، كما اختاره في الإيضاح (6)، وفي القواعد: أنه للموصى له وإن كثر وقل المال، لأن قليل المال خير منه (7). وأردأ الوجوه: أنه يعطى ثلث الموصى به، لأنه لما لم يمكن مقايسته إلى المال، فلا بد من ملاحظة الثلث بالنسبة إلى نفسه. (ولو أوصى بالمال الزائد (8)) عن الثلث دفعة أو بالتدريج، (بطلت) الوصية (في) القدر لما الزائد (9)، بلا خلاف - إلا من ظاهر
(1) في (ق): (وأما)، وما أثبتناه من (ع) والشرائع (2) لم ترد في (ق)، وفي الشرائع: ولا الكلب. (3) لم ترد في (ق). (4) في الشرائع: بقدر. ثلث التركة فما دون. (5) الوسائل 13: 365، الباب 11 من أبواب أحكام الوصايا. (6) إيضاح الفوائد 2: 505 - 506 (7) القواعد 1: 296. (8) في الشرائع: ولو بما زاد. (9) في الشرائع: بطلت في الزائد خامة إلا أن يجيز الوارث. 66 الصدوق (1) - للأخبار المستفيضة، مثل قوله عليه السلام: (إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم) (2)، فإن ظاهره نفي الزائد، وأن الثلث صدقة على الميت من الله، وإلا فالأصل أن ما ترك الميت لوارثه. ومثل: ما أرسل في محكي الهداية عن الصادق عليه السلام: (ليس للميت من ماله إلا الثلث، فإذا أوصى بأكثر من الثلث رد إلى الثلث) (3) ومثل: ما ذكر فيه (الثلث) جوابا للسؤال عما للميت عند موته (4). ومثل: مكاتبة الرازي، قال: (كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: الرجل يموت فيوصي بماله كله في أبواب البر وبأكثر من الثلث، هل يجوز ذلك له؟ وكيف يصنع الوصي؟ فكتب عليه السلام (تجاز وصيته ما لم تتعد الثلث) (5). ورواية حمران عن أبي جعفر عليه السلام: (في رجل أوصى عند موته وقال: أعتق فلانا وفلانا حتى ذكر خمسة، فنظرت في ثلثه فلم يبلغ أثمان المماليك [الخمسة] (6) الذين أمر بعتقهم، قال: ينظر إلى الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون، وينظر في ثلثه فيعتق منه أول شئ ذكر، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع، ثم الخامس، فإن عجز الثلث كان ذلك في الذي كي أخيرا، لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك فلم يجز له ذلك) (7).
(1) المراد منه الصدوق الأول. وحكى عنه في المختلف: 510 (2) مستدرك الوسائل 14: 96، الحديث 3 (3) الهداية (الجوامع الفقهية): 63. (4) الوسائل 13: 363، الباب 10 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 8. (5) الوسائل 13: 365، الباب 11 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 5. (6) من (ص) والمصدر (7) الوسائل 13: 457، الباب 66 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول، مع اختلاف يسير. 67 وظاهر الرواية - كإطلاق البطلان في عبائر جماعة (1) - بطلان الوصية بالزائد رأسا، إلا أن النص (2) والاجماع دل على صحتها مع إجازة الوارث. نعم، يحكى عن الصدوق ما استظهر منه لزوم الوصية في ما زاد على الثلث من غير توقف على إجازة الورثة، قال: وإن أوصى بالثلث فهي الغاية في الوصية، فإن أوصى بماله كله فهو أعلم بما فعل، ثم قال: ويلزم الوصي إنفاذ الوصية بما أوصى (3) انتهى، وبعينها العبارة المحكية عن الفقه الرضوي (4). ويدل عليه: ظاهر موثقة عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام: (الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح، فإن أوصى به كله فهو جائز) (5)، وظاهر تفريع الجواز على كونه أحق بماله إرادة اللزوم وعدم تسلط الوارث، لكن القول به شاذ، بل ربما أول بما يرجع إلى المشهور (6). [(ولو كانوا جماعة فأجاز بعضهم، نفذت الإجازة في قدر حصته من الزيادة. وإجازة الوارث تعتبر بعد الوفاة، وهل تصح قبل الوفاة؟ فيه روايتان،
(1) لم نقف على من أطلق البطلان، بل قيدوا البطلان بصورة عدم إجازة الورثة. نعم، ربما يظهر ذلك من الوسيلة: 377 والكافي في الفقه: 235. (2) الوسائل 13: 364، الباب 1 1 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول (3) المراد منه الصدوق الأول، وحكى عنه العلامة في المختلف: 510 (4) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 298. (5) الوسائل 13: 370، الباب 11 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 19 (6) في نسخة (ق)، بياض بمقدار صفحتين ونصف 68 أشهرهما أنه يلزم الوارث. وإذا وقعت بعد الوفاة، كان ذلك إجازة لفعل الموصي، وليس بابتداء هبة، فلا تفتقر صحتها إلى قبض. ويجب العمل بما رسمه الموصي إذا لم يكن منافيا للمشروع. ويعتبر الثلث وقت الوفاة، لا وقت الوصاية، فلو أوصى بشئ وكان موسرا في حال الوصية ثم افتقر عند الوفاة، لم يكن بإيساره اعتبار وكذلك لو كان في حال الوصية فقيرا، ثم أيسر وقت الوفاة، كان الاعتبار بحال ايساره. ولو أوصى ثم قتله قاتل أو جرحه، كانت وصيته ماضية من ثلث تركته وديته وأرش جراحته. ولو أوصى إلى إنسان بالمضاربة بتركته أو بعضها، على أن الربح بينه وبين ورثته نصفان صح. وربما يشترط كونه قدر الثلث فأقل، والأول مروي)] (1). (ولو (2) أوصى بواجب) يعني بما هو واجب الاتيان عن الميت بعد موته، لأنه الذي يخرج من المال، لا ما وجب عليه فعله حال الحياة، إذ لو أوصى بأداء ذلك الواجب بأن قال: صلوا عني، أو أدوا صلواتي، لم يكن من الأصل ولا من الثلث، بل وجب على الوصي فعله بنفسه أو من ماله.
(1) ما بين المعقوفتين من الشرائع، ولم نقف على شرح للمؤلف له (2) جاء في نسخة (ق) قبل (ولو)... الخ) ما يلي: (مزاحمته مع الدين إلا أن بعض أهل هذا القول ادعى الاجماع على تقديم الواجبات البدنية على المالية، وعدم مزاحمتها لها)، والظاهر أن هذه العبارة تتعلق بآخر رسالة منجزات المريض بعد قوله: (ما نحن فيه من الأصل)، فراجع الصفحة: 69 ولو قال: صلوا من مالي فهو يخرج من المال، لكن أوصى بغير واجب، لأن الصلاة عن الميت بماله غير واجب لولا الوصية. ومن ذلك يعلم أن تعميم الواجب الموصى به في عبارات الأصحاب ومعاقد إجماعاتهم على تقديمه على غيره للواجب البدني خطأ جدا، وأن المراد من قول المصنف قدس سره: (وغيره) يشمل ما وجب فعله عليه حال حياته، لأن الموصى به فعله عنه بماله، وهو أمر غير واجب. (فإن (1) وسع الثلث) لما أوصى به (عمل بالجميع) سواء قيد الكل أو البعض بالثلث أو الأصل أو أطلق، وكذلك إن قصر الثلث وأجاز الورثة. (وإن قصر ولم يجز الورثة)، فإن أطلق ولم يقيد الواجب بخصوصه أو مع غيره بالثلث (بدئ بالواجب من الأصل، وكان الباقي من الثلث (2)). وإن قيده بخصوصه، أو مع تمام غيره، أو بعضها (3) بالثلث، فمقتضى القاعدة تقسيط الثلث على ما قيده به، لأن الكل مشترك في الوصية التي هي سبب الاخراج من الثلث. ثم إن وفى حصة الواجب به، وإلا أكمل من الأصل كما يخرج كله منه لو لم يوص، لتعلقه بأصل التركة قبل الإرث، وهذا أحد الوجهين المذكورين في المبسوط (4)، فتصير المسألة حينئذ من المسائل الدورية، لأن معرفة الثلث موقوفة على معرفة ما يخرج من الأصل للتكميل، وهي موقوفة على معرفة
(1) هذا جواب (ولو أوصى بواجب). (2) في الشرائع زيادة: ويبدأ بالأول فالأول. (3) كذا في الأصل. (4) المبسوط 4: 24 70 الثلث، ليعلم ما يحتاج إليه سهم الحج من التكميل، وطريق استخراجه بالجبر والمقابلة. فلو فرضنا المال ثلاثمائة وأجرة الحج مائة، فينقص من المال شئ فيصير ثلاثمائة إلا شيئا، وثلثه وهو مائة إلا ثلث الشئ يقسم على الحج والعتق والصدقة أثلاثا، فيصير للحج ثلث المائة - وهي ثلاث وثلاثون وثلث وتسع الشئ - فإذا أضفنا إليه الشئ صار ثلاثة وثلاثين وثلثا وثمانية أتساع الشئ، فالشئ الذي ينقص قبل إخراج الثلث من الثلاثمائة - وهو الذي يصير ثلاثا وثلاثين وثلثا وثمانية اتساعه - تمام أجرة الحج المفروض أنه خمسة وسبعون. ثم ذكر أن روايات أصحابنا تدل على أنه يقدم الواجب من الثلث، فإن بقي منه يصرف في الباقي (1)، وعليه كل من تأخر عنه، لقضية الامرأة الموصية بثلثها في الحج والعتق والصدقة، المروية عن معاوية بن عمار بطرق متعددة، وفيها: (إبدأ بالحج فإنه فريضة من الله، وما بقي فضعه في النوافل) (2)، ردا على من أفتى في القضية المذكورة بوجوب تقسيط المال على الكل وإن فاتت الفريضة، بناء على ما عن أبي حنيفة من: أن الحج كالتبرع يخرج من الثلث مع الوصية، وبدونها لا يخرج أصلا (3). ثم إنه لا فرق بين أن يكون - في ما عدا الواجب المالي من الوصايا - واجب بدني، وبين أن لا يكون، على المشهور من كون أجرة الواجب البدني
(1) المبسوط 4: 24. (2) الوسائل 13: 455، الباب 65 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول. (3) انظر التذكرة 2: 492. 71 كالتبرع من الثلث، بل صريح الكفاية أنه مذهب الأصحاب، حيث قال بعد ذكر الوصية بالواجب المالي والبدني والتبرع: ولو حصر الجميع في الثلث بدئ بالواجب المالي وإن زاد على الثلث عند الأصحاب (1)، وهو لازم كل من قال بقول المشهور، كما صرح به المحقق الثاني (2)، إلا أنه صرح في المسالك بتقديم الواجب البدني على المتبرع بها (3)، وتبعه بعض من تأخر (4)، بل في الرياض: عدم وجدان الخلاف فيه إلا من صاحب الكفاية (5). ولعل هذه الدعوى من جهة إطلاقات معاقد الاجماع على حكمهم بتقديم الواجب على غيره عند التزاحم، بل صرح بعضهم بالاستدلال بقول صاحب التنقيح: (لا خلاف في أنه لو أوصى بواجب كحج، أو زكاة، أو دين، إنه يقدم على المتبرع بها) (6)، ولا يخفى أن مرادهم خصوص المالي، وإلا لوجب أن ينسحب إليهم القول بخروجه من الأصل عند الوصية بدونها. هذا مع أن كلام المحقق الثاني صريح في نفي الفرق عند القائل بكون الواجب البدني من الثلث بين سلامته من مزاحمة المتبرع بها، وبين مزاحمته به. وبالمجملة، فلا إشكال في كون هذا القول خلاف المشهور، بل الظاهر تفرد صاحب المسالك به، وإن كان عجيبا مع التفاته قدس سره إلى كلام المحقق
(1) الكفاية: 146. (2) جامع المقاصد 10: 120. (3) المسالك 1: 313. (4) الحدائق 22: 436. (5) الرياض 2: 61. (6) التنقيح 2: 404. 72 الثاني، كما هو عادته في غير موضع. نعم، يمكن الاستدلال عليه بأنه أهم، وبالتعليل في الرواية السابقة (1) بكون الحج فريضة، وأن ما بقي من الفريضة يجعل في النوافل. ويمكن التفصي عن الأهمية بأنها اعتبار عقلي لا يصلح لأن يرفع به اليد عما يقتضيه القاعدة الشرعية من كون نسبة الوصية التي هي السبب في الاخراج من الثلث إلى الواجب البدني وغيره على السواء، إذ المفروض أنه لا سبب لخروجه من المال سوى الوصية، بل لا وجه لمزاحمة غيره به عند تأخر الوصية به عن الوصية لغيره، لأن مقتضى القاعدة - كما سيجئ - تقديم الأول فالأول. وعن الرواية: أن ظاهر التعليل غير منطبق على مذهب الخاصة، من كون الحج مخرجا من أصل المال إذ حينئذ لا تزاحم باقي الوصايا حتى يقدم، بل يخرج ما يخصه من الثلث فيكمل مع نقصه من الأصل كما تقدم، فتقديمه وإدخال النقص من أجله على المتبرع بها موافق لمذهب العامة من إخراج الواجب المالي كالحج من الثلث. نعم، يمكن أن يقال: إن ابتناءه على مذهب العامة إذا كان صحيحا تم المطلوب، وهو أنه إذا اجتمع أمور كلها تخرج من الثلث قدم الواجب منها. ودعوى أن الابتناء غلط أيضا كأصل المبنى - استدل به الإمام عليه السلام إقناعا بما يوجب سكوتهم، ولذا سكتوا لما سمعوا هذا التعليل - مخالف للظاهر، فإن ظاهر كلام الإمام عليه السلام كون ما يصدر منه مطابقا للواقع، فإذا حصل الاسكات بابتناء حكم صحيح على مبنى فاسد لهم، فلا داعي إلى جعل
(1) تقدمت في الصفحة: 71 73 الابتناء أيضا فاسدا، ذكره مغالطة عليهم، فافهم. (ولو كان الكل غير واجب) مالي، أو غير واجب أصلا - على ما ذكره الشارح (1) - (في بدئ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث)، فإذا استوفاه ألغيت الوصية، لأن المقدم قد استحق من الثلث نصيبه استحقاقا شأنيا يتنجز بالموت، كما يكشف عنه تعليل الحكم في مسألة الوصايا المرتبة بإعتاق عبيد بمضي الوصية فيهم حتى يبلغ الثلث بقوله عليه السلام: (لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك) (2)، إذ ليس المراد بنفي الملك عنه بعد إيصائه بالثلث إلا تعلق حق الموصى له به وتملكه ملكا شأنيا. وحاصله أن الوصية بعد تجاوز الثلث تقع لاغية من دون إجازة الورثة، فيندفع بذلك ما ربما يتوهم من أن السبب الناقص في جميع الوصايا وإن ترتبت، إلا أن الجزء الأخير من العلة التامة للجميع - وهو موت الموصي - يحصل دفعة، فلا وجه لترجيح المقدم، كما لو تقدم أحد العقدين على مورد واحد على الآخر إلا أن الجزء الأخير من قبول العقدين وقع في آن واحد. ومحصل دفع التوهم أن المتقدم هو السبب التام للملكية عند الموت، كما أشار إليه، بل نص عليه في التعليل بقوله: (أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك)، لا السبب الناقص للملكية المطلقة، وهو الموجود في مثال العقدين، فافهم.
(1) المسالك 1: 313 (2) الوسائل 13: 457، الباب 66، من أبواب أحكام الوصايا. الحديث الأول، مع اختلاف يسير. 74 ثم المراد بالأول: المتقدم ذكرا بالوصية به، بحيث يكون الوصية به قبل الوصية بغيره، فمثل قوله: فلان وفلان وفلان لكل منهم كذا، أو: فلان وفلان وفلان يعتقون بعد موتي، ليس من الوصية المترتبة، بل الحكم فيه توزيع النقص على الجميع، لأن الكل بمنزلة وصية واحدة. وليس ما نحن فيه من قبيل تعدد الأسباب التامة على مسبب واحد حتى يقال: إن مقتضى القاعدة - بعد عدم جريان القرعة - طرحهما، مع أنه يمكن دعوى أن الجمع بينهما بإعمال كل منهما في بعض المسبب أولى من الطرح، نظير المعرفات كالبينتين المتعارضتين في التقويم، وكالأدلة الشرعية. نعم، لو فرض صدور وصية من الموصي بشئ خاص لزيد، وقارنها وصية أخرى من وكيله بذلك الشئ لشخص آخر، كان من باب تزاحم السببين، وجرى فيه الكلام في أن مقتضى القاعدة طرحهما أو التنصيف، ولعل الأول هو الأقوى. (ولو أوصى لشخص بثلث) مشاع من ماله، (ولآخر بربع) منه كذلك، (ولآخر بسدس) فإن أجاز الورثة فلا إشكال، (و) إن (لم يجز الورثة أعطي الأول) لسلامته عن المزاحم، (وبطلت الوصية لمن عداه). قيل: وكذا لو أوصى للأول بجميع المال، وللآخر بثلثه، وللآخر بنصفه (1). وفيه تأمل، فإن الظاهر أنه رجوع، فيعطى الأول - مع إجازة الورثة للجميع - السدس، والثاني الثلث، والثالث النصف. وبالجملة لا منافاة بين إلغاء الوصية من جهة عدم إمضاء الورثة، وبين دلالتها على الرجوع عن الوصية الأولى.
(1) المسالك 1: 314. 75 (ولو أوصى بثلثه لواحد، وبثلثه لآخر، كان ذلك رجوعا عن الأول (1)) إجماعا كما عن الخلاف (2)، للتعارض. والفرق بين إضافة الثلث إلى نفسه في الوقتين وإطلاقه، عدم التنافي بينهما مع الاطلاق، ولذا لو أوصى بثلث من عين ماله ثم باع ثلثا منها، لم يكن البيع رجوعا. وسيأتي بعض الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى (3). (ولو اشتبه الأول) من الوصيتين (أخرج بالقرعة) بلا خلاف ظاهر، لعموم أدلة القرعة (4). ولو اشتبه وجود أول بأن احتمل التقارن فظاهر جماعة (5) القرعة أيضا، وقد يتوهم العمل بالتقارن، لأصالة عدم وجود كل منهما قبل الآخر. وفيه - مع أن ذلك لا يثبت التقارن -: أن الأصل عدم وجود كل منهما عند وجود الآخر، إلا أن يقال بتساقط هذين الأصلين، لعدم إمكان الجمع بينهما، وعدم العلم الاجمالي بتحقق مقتضى أحدهما، فيرجع إلى الأصلين السابقين الغير المتعارضين، فافهم. (ولو أوصى بعتق مماليكه) فالظاهر منه في عرفنا بل اللغة
(1) في الشرائع: عن الأول إلى الثاني. (2) الخلاف: كتاب الوصايا، المسألة: 28. (3) في (ص) و (ع) زيادة: هذا كله مع عدم الاشتباه. (4) الوسائل 18: 187، الباب 13 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى (5) منهم المحقق السبزواري في الكفاية 147، وفيه: (ولو اشتبه الترتيب وعدمه فظاهرهم اطلاق التقديم بالقرعة)، وصاحب الجواهر في الجواهر 28: 210، وفيه: (كما أنه يرجع إليها أيضا لو اشتبه الحال في وجود الأول وعدمه). 76 الاختصاص بمن كان مملوكا له بتمامه (1). ولو فرض الايصاء، به على وجه يعرف، أو [كانت] (2) قرينة تدل على دخول المملوك له كله أو بعضه، (دخل في ذلك من يملكه منفردا، ومن يملك بعضه و) لكن (عتق نصيبه حسب) لعدم الدليل على السراية الموجبة لتقويمه على الميت أو الورثة. أما على الميت: فلأنه حين تملكه للتركة لم يحصل منه إعتاق، ولو حصل منه - كما في المريض إذا أعتق - قوم عليه، وفي زمان حصول الانعتاق ليس للميت مال فينتفي اليسار المعتبر في السراية والتقويم. وأما على الورثة، فلأنه لا وجه له إلا تخيل كون الوصية بعتق البعض المستلزم شرعا لانعتاق الكل بمنزلة إيجاد سبب إتلاف المال على الشركاء وإن حصل التلف بعد الموت، فإن ذلك سبب للتغريم من أصل المال، كما لو فعل ما أوجب الجناية بعد الموت. ويندفع بأن كون الفعل الصادر سببا للاتلاف فرع استلزام إعتاق البعض للسراية كيف انعتق (3)، وهو أول الدعوى، لما ذكرنا من [أن من شرط] (4) السراية ما كان المعتق حين الاعتاق موسرا، وهو مفقود في المقام. والتحقيق: أنه لا ينبغي الاشكال في أن إعتاق بعض العبد أصالة، أو نيابة كما في الوكيل يوجب السراية، والوصي نائب عن الميت، وأدلة السراية لا فرق (فيها) (ق) بين شمولها للوصي والوكيل في ترتب آثار الأفعال
(1) في (ع) و (ص) زيادة: فلا يدخل البعض. (2) لم ترد في (ق). (3) ليس في (ع) و (ص): كيف انعتق. (4) لم ترد العبارة في (ق). (5) لم ترد في (ق). 77 الصادرة منهما بسبب الوكالة والوصاية، ألا ترى أن قوله عليه السلام: " (الولاء لمن أعتق) (1) يشمل اتفاقا ما أعتق وصاية كما لو أعتق وكالة. واليسار المعتبر في السراية معتبر عند حصول السبب، بحيث لا يبقى بعد معه (2) أمر اختياري لفاعل السبب يتوقف الفعل عليه، إذ المفروض صدق الاعتاق على فعل الموصي المتعقب لحصول مباشرة الصيغة من الموصي، وإلا لم يكن للميت ولاء، واليسار موجود حينئذ. ودعوى اعتبار اليسار في زمان حدوث عنوان الاعتاق على ذلك الفعل المتحقق سابقا من الموصي - وهو ما بعد زمان الصيغة - ممنوعة. ثم لما كان الاتلاف الحاصل بإنشاء الوصية مضمونا في الثلث، لم يكن وجه لكونه كالدين عليه ليخرج من الأصل، فالايصاء بالشئ كما أنه يوجب إخراج مقدماته من الثلث كذلك إخراج لوازمه الشرعية، بل كأنه أوصى بعتق الكل، وإلا لم يكن خروج حصة الشريك في العتق المنجز في مرض الموت من الثلث، بل كان كسائر إتلافاته من الأصل. (و) من هنا (قيل) والقائل الشيخ [في نهايته (3)] (4): (يقوم عليه حصة شريكه إن احتمل ثلثه ذلك، وإلا أعتق منهم ما يحتمله الثلث (5)، وبه
(1) الوسائل 16: 38، الباب 35 من أبواب كتاب العتق. الحديث 1 و 2. (2) في (ع) بعدمه. (3) النهاية: 616. (4) ما بين المعقوفتين من (ص) و (ع)، ومحله بياض في (ق). (5) في (ق)، ما تحمله ذلك. 78 رواية) رواها (1) المشايخ الثلاثة رضوان الله عليهم عن البزنطي - الذي لا يروي إلا عن ثقة - عن أحمد بن زياد، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: (سألته عن رجل تحضره الوفاة وله مماليك لخاصة نفسه، وله مماليك في شركة رجل آخر فيوصي في وصيته: مماليكي أحرار، ما حال مماليكه الذين في الشركة؟ فكتب عليه السلام: يقومون عليه إن كان ماله يحتمل فهم أحرار) (2). وهي وإن كان (فيها ضعف) من حيت السند عند المشهور بأحمد بن زياد، إلا أنه لا يقدح على طريقتنا في أخبار الآحاد، وحملها على العتق المنجز في مرض الموت مناف لقوله: (يوصي في وصيته). وبالجملة فهذا القول لا يخلو عن قوة. (ولو أوصى بشئ واحد لاثنين، وهو يزيد عن الثلث، ولم يجز الورثة، كان لهما ما يحتمله الثلث. ولو جعل لكل واحد منهما شيئا) منه ولو مساويا لشريكه (بدئ بعطية الأول، وكان النقص على الثاني منهما) كما هو واضح. (ولو أوصى بنصف ماله [مثلا] (3)، فأجاز الورثة) باعتقاد القلة، ثم تبين كثرته، فالظاهر عدم النفوذ إلا في معتقدهم، لأنه المجاز حقيقة، إذ لا يتعلق القصد غالبا بالرضى بالنصف من حيت إنه مفهوم النصف في أي مصداق كان، فطيب النفس - المنوط به حل الأموال والحقوق - غير حاصل
(1) في (ق) زيادة ما يلي: هذا كله مضافا إلى ما رواه. (2) الكافي 7: 20، الحديث 17، والفقيه 4: 213، الحديث 5497 والتهذيب 9: 222، الحديث 872. (3) في (ق): (للورثة)، وما أثبتناه من (ع) و (ص) والشرائع. 79 في ما زاد عن معتقدهم. وعلى هذا فلو جهل معتقدهم عند الإجازة (ثم، ادعوا و (قالوا: ظننا أنه قليل)، فإن علمنا بظهور اللفظ في الرضى بمفهوم النصف بالغا ما بلغ، لم يسمع دعواهم. وإن (1) قلنا بعدم ظهور في اللفظ، لما عرفت من أن القصد لا يتعلق غالبا بإجازة مفهوم النصف، بل يلاحظ في اعتقاده مقدار من المال ولو على سبيل التعميم للزائد كائنا ما كان، أو قلنا بالظهور ولذا يحمل عليه الاقرارات والعقود، فتأمل، لكن قلنا إن هذه الدعوى حيث تتعذر فيها إقامة البينة وأمكن صدق المدعي في الواقع كثيرا، كان في عدم قبول قوله والاكتفاء في سقوط دعواه بالحلف خصوصا إذا قلنا بأنه على نفي العلم، لأنه في فعل الغير ضرر عظيم منفي، كما يسمع قول المدعي في مثل ذلك، لأجل ذلك على ما يظهر من تلويحات النصوص وتصريحات الفتاوى، (قضي عليهم بذلك، وأحلفوا على نفي الزائد (2)) عما ظنوه. هذا مع أن الأصل عدم علمهم بالزائد وزعمهم النقص، اعتمادا على أصالة عدم الزيادة، وعدم تعلق الإجازة بالزائد على ما ظنوه. لكن الانصاف أن هذه الأصول غير نافعة على فرض تسليم الظهور اللفظي (3) في مفهوم النصف كائنا ما كان، (و) لعله لذا قال المصنف قدس سره.
(1) جواب هذا الشرط قوله في المتن: (قضى عليهم.. الخ). (2) في الشرائع: قضي عليهم بما ظنوه وأحلفوا على الزائد. (3) في (ق) زيادة ما يلي: نعم، لو لم يعدم ظهور اللفظ. 80 أولا: (فيه تردد) ثم رجح المشهور بقوله: (الأقوى القبول) (1) إما لمنع الظهور، أو لمسيس الحاجة إلى قبول دعوى خلافه للضرر، كما سمعت في دعوى كون الاقرار بالثمن لإقامة رسم القبالة وغيرها. ثم إن للموصى له نصف المظنون وثلث باقي التركة الذي لم يعلم به الورثة ولم يجيزوه، فلو كان المال الواقعي ثلاثمائة والمظنون مئة، أعطي خمسين نصف المئة، وثلث المئتين ستين وسبعة إلا ثلث، والمجموع مئة وسبعة عشر إلا ثلث. وإن شئت قلت: ثلث المجموع وسدس المظنون. وإليه يؤول ما في الروضة من [أنه] (2) يعطى الموصى له بعد حلف الورثة ثلث المجموع وما ادعوا ظنه من الزائد (3)، يعني يعطى مع ثلث المجموع ما ادعوا ظنه من الزائد على الثلث، وهو سبعة عشر إلا ثلث، فإن هذا هو الزائد عن ثلث مال الميت، أعني المئة، هذا كله في ما لو أوصى بالمشاع. (أما لو أوصى بعبد أو دار) مثلا (فأجازوا ثم ادعوا أنهم ظنوا أنه بقدر الثلث أو أزيد بشئ يسير، لم يلتفت إلى دعواهم، لأن الإجازة هنا تضمنت معلوما) [لا مجهولا كالنصف والثلث] (4) فتقييد الإجازة بكون الموصى به بقدر [الثلث أو أزيد منه بشئ] (5) يسير من المال مخالف لظاهر
(1) ليس في الشرائع: الأقوى القبول. (2) لم ترد في (ق). (3) الروضة البهية 5: 47. (4) ما بين المعقوفتين من (ع) و (ص). (5) لم ترد في (ق). 81 اللفظ، بل لا يكاد يمكن إرادته، بأن يراد من اللفظ إجازة العبد من حيت إنه بمقدار كذا من المال على أن يكون الحيثية تقييدية، بخلاف إرادة مقدار محدود من نصف المال باعتبار أنه مصداقه في هذا المقام، فلا يقدم المجيز على الرضى بما فوقه، فإنه غير مخالف للظاهر في خصوص مسألة الإجازة، وإن كان ظاهرا في غيره من مقامات الأقارير والنذور والعقود، كما يظهر من حكم العرف بأن الإجازة لا تتعلق بمفهوم النصف إلا بعد ملاحظة تخصيص في المال أو تعميم فيه، بأن مجيزه ولو بلغ ما بلغ. والانصاف: أنه لا ينبغي الاشكال في المحكم الثاني، وأما المحكم الأول فقد عرفت الاشكال [فيه] (1). ودعوى عدم الفرق بين المشاع والمعين، لعلها مخالفة لشهادة العرف. نعم، يشكل الحكم الثاني في ما لو علم أن المجيز بنى على ظن قلة قيمة العبد، لما عرفت من بعد كون ذلك حيثية تقييدية، بل هو من قبيل الدواعي التي لا يقدح تخلفها في ثبوت الحكم، لعدم كونه من قبيل قيود الموضوع، كما لا يخفى. (ولو (2) أوصى بثلث ماله - مثلا - مشاعا) عمل بحقيقة اللفظ، و (كان للموصى له من كل شئ ثلثه). (وإن أوصى بشئ معين وكان بقدر الثلث فقد ملكه الموصى له [بالموت] (3)) لأن للميت مقدار الثلث من ماله، لا خصوص الثلث المشاع
(1) من (ع). (2) في الشرائع: وإذا (3) ما بين المعقوفتين من الشرائع. 82 بالاجماع نصا (1) وفتوى، (و) حينئذ (لا اعتراض فيه للورثة) لعموم حرمة التبديل (2)، خرج ما لو أوصى بما يزيد على الثلث. نعم، يعتبر في استقرار ملك الموصى له أن. يكون ضعف الموصى به في يد الورثة بحيث يتسلط كل على مقدار سهمه، (و) حينئذ (لو كان له مال غائب) خارج عن سلطنة الورثة (أخذ) وتملك الموصى له (من تلك العين ما يحتمله الثلث من المال الحاضر، ويقف الباقي حتى يحصل من الغائب) ضعفه (لأن الغائب معرض للتلف) ولا يمكن منه الورثة أيضا، لكونه ملكا متزلزلا للموصى له. وربما قيل - لأجل منع الورثة عن الباقي -: يمنع الموصى له عما يحتمل الثلث، لعدم تسلط الوارث على ضعفه، واحتمال تلف باقي الموصى به المحجور على الورثة مع تلف المال الغائب، فيلزم الرجوع إلى الموصى له بثلثي ما أخذ، إلا أن يفرق بين قصور المال من حيث الملكية، وبين كونه تام المالية مجهول المالك، ويدعى أن تلف الثلثين من الورثة على تقدير تلف المال لتعينه لهم، فهو مال متزلزل مردد في الواقع بين كونه للموصى له وتلفه عليه، وكونه للورثة وتلفه عليهم، وعدم استلزام كون الشئ لهم كون تلفه عليهم في المال الغائب إنما هو من جهة كونه قاصرا مات حيت المالية، فلا وجه لاحتسابه عليهم، وإلا لزم الجنف المنهي عنه على الورثة والضرر عليهم، وهذا المعنى مفقود في ثلثي الموصى به، فتأمل. ثم إن ظاهر إطلاق الفتاوى عدم الفرق بين كون مال الغائب مع غيبته
(1) الوسائل 13: 360 - 370، الأبواب 9 و 10 و 11 من أبواب أحكام الوصايا. (2) البقرة: 181 وانظر الوسائل 13: 411، الباب 32 من أبواب أحكام الوصايا. 83 مقابلا في المالية لثلثي الموصى به - بحيث يبذل في مقابله نقدا ضعف الموصى به لكونه أضعافه - وعدمه. ويمكن تنزيل كلماتهم على غير هذه الصورة، لأن دليل الحكم لا يفي بالعموم، إلا أن يقال: مجرد بذل المال الحاضر في مقابل النائب لا ينفي قصور المال عن المالية المطلقة، ولا يخرجه من كونه رأسا في معرض التلف. نعم لو أخذ عوضه وصار في اليد استقر ملك الموصى به. [ثم إنه قد يشكل الأمر في تعيين معنى حضور ضعف الموصى به من المال] (1)، هل المراد قبضه بالمعنى الرافع للضمان في باب البيع؟ أو يكفي التسلط على قبضه لعدم المانع، وإن توقف على إعمال مقدمات، أو مضي زمان يحتمل التلف في أثنائه؟ أو يكفي التسلط عليه والتقلب (2) فيه على غيبته بمعاوضته والتوكيل في التصرف فيه وإحضاره؟ والمعتبر في العوض المبذول عند معاوضته: كونه مقابلا له من غير ملاحظة كونه غائبا في معرض التلف، وأما بذل ما يقابله مع هذه الملاحظة فهو الذي ذكرنا أولا عدم الاكتفاء به، وأنه لا يجعل الغائب مالا حاضرا ولو بمقدار ما يبذل بإزائه. ويترتب على ما ذكرنا: أن الدين الثابت في ذمة الغريم الموسر مؤجلا، المحتمل لاعساره أو موته - على وجه لا يصحل منه شئ مع تمكن الوارث من بيعه عليه نقدا، أو مصالحة (3) مع غيره، ومن استيفائه من غير الجنس
(1) ما بين المعقوفتين قد شطب عليه في (ق). (2) وفي (ص) و (ع)، التقليب. (3) في (ق): ومصالحه. 84 ببذل الغريم ورضاه - يعد حاضرا على الثاني دون الأول، ولا يبعد كونه المناط في المسألة، فلو كان مال الميت في يد وكيل باذل للورثة، لكن الأخذ والتسليم متوقف (1) على مقدمات ومضي زمان، كفى ذلك، والمسألة محل تأمل في الجملة.
(1) كذا، والصحيح: متوقفان. 85 (فرع) (لو أوصى بثلث عبده) مثلا معتقدا لتملك جميعه (فخرج ثلثاه مستحقا) للغير، (انصرفت الوصية إلى الثلث الباقي) ولم يكن اعتقاد ملك الجميع موجبا لتقييد الموصى به بالوصف المعتقد - وهو ثلث ما يملكه - وكان باعتقاده، حتى ينحصر الوصية في، ثلث الثلث، وليست الوصية المذكورة وصية للورثة بثلثيه حتى يقال: يقسط المستحق عليها، بل استحقاق الورثة من حيث استحقاق ما يبقى بعد الوصية. نعم، يمكن أن يكون المانع شيئا آخر، وهو أن الثلث اسم للكسر المشاع، فإذا أضيف إلى الملك، فقيل: ثلث الدار، فليس في مقابله إلا الثلثان الآخران، وأما تعينه لمالك أو باعتبار خصوصية أخرى، فهو ملغى فيه، وهو مشاع من هذه الجهات، بمعنى اشتراكه مع الثلثين من هذه الجهات، وإلا لخرج عن فرض الإشاعة. فإذا فرض ثلث المال لزيد، وثلثه لعمرو، وثلثه لبكر، فإذا أطلق ثلث المال، فالمراد ثلث مشاع في هذه الخصوصيات، موزعة على الكل بحسب
86 الافراز، بحيث لو بيع فضولا ثلث مطلق من ذلك المال فأجاز الكل، خرج عن ملك كل واحد ثلثه، فأخذ ثلث الثمن، أو ادعى أحد ثلث هذا الشئ، فلا يقال: إن دعواك على أي واحد من هذه الأشخاص؟ أو أخبر البينة، أو صادق بأن ثلثه لفلان، لم يكن توزيعه على الكل لأجل عدم المرجح، بل بحكم اللفظ. وليس المراد بالمطلق: أحد هذه الأفراد كالنكرة، لأنها مشاعة، وهذا مشاع في الأجزاء، وإلا لم يصح بيعه كالنكرة - والكلي. وكل فرد يطلق عليه الثلث فمعناه أنه بمقدار ذلك الكسر المشاع، لا أنه فرد منه كالنكرة، فالثلث المشاع من حيث إشاعته ليس نكرة ولا جنسا، فحينئذ الوصية بالثلث المشاع من العبد نظير بيع الثلث المشاع وهبته إذا فرضنا أنه لا يستحق إلا ثلثا، في أنه لا يختص بحسب اللفظ بثلثه، لأنه مصداق له كما يتوهم، بل المبيع والموصى به والموهوب مشاع في ما له في الواقع وما ليس له، فيمضي في حصته مما يخصه عند التوزيع، لما عرفت من أن كل خصوصية يضاف إليه الثلث إذا أطلق الثلث يكون مشاعا في ذلك المضاف وفي مقابله. ومن هنا لم يعلل أحد - ممن تعرض لمسألة ما لو باع مستحق النصف نصفا مشاعا - الحكم بانصرافه إلى نصفه المختص بكون المبيع مطبقا على ما يستحقه، عدا بعض المعاصرين (1)، وإنما ذكر بعضهم كجامع المقاصد ما محصله: أن مقتضى اللفظ الإشاعة في نصيبه ونصيب غيره - كما في الاقرار - إلا أن القرينة قائمة في البيع على أن الانسان لا يبيع غالبا مال
(1) انظر الجواهر 22: 310. 87 غيره، بخلاف الاقرار (1). وعبارة فخر الدين في الإيضاح (2) - في تلك المسألة - وإن أوهم غير ذلك، إلا أن محصله يرجع إلى ما ذكره في جامع المقاصد فراجع. هذا، ولكنك خبير بأن ما ذكرنا من المانع المقتضي لشياع الثلث الموصى به في ثلثه وثلثي شريكه، إنما هو إذا فرض علم الموصي باستحقاق الغير، حتى يمكن إرجاع الموصى به إلى المشاع، وحينئذ فلا بد من دعوى انصراف إطلاق الثلث إلى ما يخص به دون الشائع في حصته وحصة غيره، كما في مسألة بيع مالك النصف. وأما إذا لم يعلم بذلك، واعتقد الموصي استحقاقه للجميع، فالموصى به - وهو الثلث المشاع - منطبق على ما يبق له بعد ظهور استحقاق الغير، إذ لم يكن لهذا الثلث المملوك للموصي خصوصية من حيث المالك يمتاز بها عن ثلثي الغير حتى يكون الثلث الموصى به مشاعا فيه وفي الثلثين، فإن الموصى به ثلث مشاع في جميع العبد، وهذا الباقي أيضا ثلث مشاع في جميع العبد، ولم يكن الموصى به مشاعا في هذا الباقي وغيره، ليتغاير هذا الباقي من حيث الإشاعة. وهذا كما لو باع معتقدا استحقاق الكل نصفا مشاعا، ثم تبين استحقاق النصف للغير، فإنه لا ينبغي أن يحتمل هنا كون المبيع ربعا منه وربعا من شريكه، ولذا علل الحكم في التذكرة: بأن الثلث الباقي كله موصى
(1) جامع المقاصد 4: 80. (2) إيضاح الفوائد 1: 421. 88 به (1)، وفي جامع المقاصد: بأنه يصدق على الباقي أنه ثلث عبده (2). هذا، ولكن تعبير المصنف قدس سره. عن الحكم بلفظ: الانصراف، الظاهر في كون ذلك خلاف مقتضى اللفظ، ثم العدول عن تعليل ذلك ببقاء مصداق الوصية - كما عرفت من التذكرة - إلى قوله: (تحصيلا لامكان العمل بالوصية) أي: محافظة على إرادة معنى يمكن معه العمل بالوصية، ربما يشعر بكون مقتضى ظاهر اللفظ الإشاعة، إلا أنه ينبغي حمل الموصى به على ثلث من أثلاث العبد، نظير الفرد من الكلي، ولا إشكال في وجوب دفع الباقي. ونحوه ما حكاه في التذكرة عن بعض العامة بقوله: قال بعض الشافعية: إن في المسألة طريقين: أحدهما (3): أن فيها قولين، أظهرهما أن له الثلث الباقي، لأن المقصود إرفاق الموصى له، فإذا أوصى بما احتمله الثلث أمكن رعاية غرضه فيها، انتهى. ومعناه: أن غرض الموصي وصول ثلث من العبد إلى الموصى له، وهو معنى إرادة ثلث من أثلاث العبد. ثم قال: الثاني - ويحكى عن أبي حنيفة ومالك -: أن له الثلث من الباقي، لأن الوصية بالثلث الشائع في الكل، فإذا خرج الثلثان بالاستحقاق للغير بقيت الوصية في الثلث من الباقي، وهو تسع الكل.
(1) التذكرة 2: 503. (2) جامع المقاصد 10: 148. (3) وفي التذكرة: أصحهما. 89 الطريق الثاني: القطع بأن له الثلث من الباقي، وحمل الأول على ما إذا لم يتلفظ بلفظ الثلث، كما لو أوصى بعشرة من ثلاثين شاة، أو على ما إذا أوصى بأحد أثلاث العبد المعين، أو على ما إذا أوصى بثلث معين من الدار فاستحق باقيها، أو على ما إذا اشترى ثلثها من زيد وثلثيها من عمرو فأوصى بما اشتراه من زيد وخرج ما اشتراه من عمرو مستحقا، فإن في هذه الصور يكون للموصى له تمام الثلث الباقي (1). انتهى ملخصا. (ولو أوصى بما يقع اسمه على المحلل والمحرم، انصرف إلى المحلل) بلا خلاف ظاهر (كما إذا أوصى بعود من عيدانه (2)) إلا أن تعليله في جملة من الكتب بما ذكره المصنف من كونه (تحصينا لقصد المسلم عن المحرم) لا يخلو عن شئ، إن لم يرجع إلى دعوى غلبة إرادة هذا الفرد من لفظ الكلي، لأن مجرد تحصين المسلم عن قصد المحرم لا يصير قرينة مبينة للفظ المجمل. غاية الأمر وجوب الحكم بأنه لم يوص بالمحرم، والتحصين يحصل بهذا. وأما أنه أوصى بمحلل، فلا دليل عليه، كما لو تردد كلام المسلم بين كونه قذفا للمخاطب، أو إقرارا له، أو تسليما عليه، فإن وجوب التحصين لا يوجب الحكم بكون الكلام إقرارا للمخاطب ليطالبه بالمقر به، أو تسليما فيجب عليه رد سلامه، إلا أن يقال: إن أصالة حمل أمر المسلم على الصحيح مرجعه إلى ظاهر حال المسلم، فهو من قبيل الأمارة الاجتهادية المعتبرة، الصالحة لبيان المجمل، لا الأصول العملية.
(1) التذكرة 2: 503 (2) وردت هذه العبارة في الشرائع بعد قوله: تحصينا لقصد المسلم عن المحرم. 90 نعم، لا يعارض الظواهر اللفظية، فلو كان ظاهر اللفظ هو المحرم لم يصرف عنه بهذه القاعدة. قال في التذكرة: إذا أوصى بما يقع اسمه على المحلل والمحرم، ولم ينص على أحدهما بل أطلق، صرف إلى المحلل، ميلا إلى صحيح الوصية، لأن الموصي يقصد حيازة الثواب، والظاهر أنه يقصد ما تصح الوصية به، ولأن الظاهر من حال المسلم صحة تصرفاته، فيحمل مطلقه عليها عملا بالظاهر، وعدولا عن غيره، وصونا لكلام العاقل عن اللغو، وله عن التصرف الفاسد والمنهي عنه شرعا (1) انتهى. وفي قوله: لم ينص على أحدهما (2) دلالة على أنه إذا نص على المحرم، بأن صرح بعود اللهو مثلا، بطلت الوصية، ولا يصرف عن ظاهره إلى المحلل من جهة فعل المسلم كما ذكرنا. لكن يمكن الفرق بين الظهور الوضعي، والظهور الانصرافي - الموجود في المطلقات أو المشتركات - من جهة غلبة الاستعمال، فيلغى هذا الظهور إذا وقع اللفظ في مقام لا يقتفي حال المسلم إرادة ذلك المعنى، بل يكون الغالب في هذه المقامات إرادة غيره. وبعبارة أخرى: غلبة استعمال هذا اللفظ في المحرم معارضة بغلبة إرادة المحلل في مقام التمليك - قال في التذكرة - في ما لو قال: أعطوه عودا من مالي - وفرضنا أن لفظ العود ينصرف إلى عود اللهو - أنه يشترى له عود لهو إن أمكن الانتفاع به منفعة مباحة ولو برضاضه، وبالمجملة يشترى
(1) التذكرة 2: 483 (2) لم ترد في (ق) و (ع). 91 له ما لو كان موجودا في ماله لنفذت الوصية فيه. ولو لم يفرض له منفعة مباحة مطلقا، احتمل صرفه إلى المجاز كعود البناء والقسي (1)، والبطلان على بعد (2) انتهى. وكيف كان، (فلو لم يكن له) في الفرض المذكور في البين (إلا عود اللهو) فإن فرض عدم إمكان الانتفاع به ولا برضاضه (3) منفعة محللة بطل الوصية إجماعا، لعدم إمكان العمل به شرعا. وإن أمكن (قيل: تبطل) أيضا لأنه بالعنوان الموصى به غير قابل للتمليك، ولذا يبطل بيعه، وبغير هذا العنوان غير موصى به. (وقيل: تصح) لعمومات الوصية. ولزوم كون الموصى به ملكا ممنوع، بل يكفي قابليته لصيرورته ملكا ولو بالتغيير والكسر، كالخمر المتخذ للتخليل، والجرو القابل للتعليم، بل هو ملك بالفعل من حيث مادته، ولذا لو أحرق ضمن قيمة الرضاض. وبطلان بيعه بشرط الكسر ممنوع، مع ما علم من أوسعية دائرة الوصية من البيع. وبالجملة، فالجواز مع قصد الرضاض بالوصية قوي، وفاقا لجماعة (4)، بل يمكن إخراج هذا الفرد عن محل الكلام، بل الكلام فيما لو لم يقصد المحرم
(1) القسي: جمع قوس. وهو ما يرمى به السهم، انظر الصحاح 3: 967، مادة: (قوس). (2) التذكرة 2: 484 (3) الرضاض: الفتات مما رض. (4) قواعد الأحكام 1: 296، الدروس 2: 300، جامع المقاصد 10: 108 وراجع مفتاح الكرامة 9: 447 و 477. 92 ولا المحلل، لامكان العمل بالوصية حينئذ فيجب، بل يظهر من العلامة أن الصحة في هذه الصورة إجماعية. قال في التذكرة: الأعيان المحرمة إن لم يفرض لها منفعة محترمة بطلت الوصية إجماعا، كما لو أوصى بمال في إعانة ظالم على ظلمه، أو فاسق على فسقه. وإن فرض لها منفعة محللة، أما مع بقاء عينها على صفاتها الموجودة حال الوصية، أو بعد زوال صفاتها، صحت الوصية إجماعا، لعدم انحصار المنفعة في المحرم، والأصل حمل تصرفات المسلم على الصحة (1) انتهى. ويلوح من عبارته أن وجه الصحة حمل الوصية على قصد الموصي المنفعة المحللة، كما لو صرح به. ويظهر من بعضهم هنا قول ثالث، وهو أنه لو أمكن تغييره إلى المحلل مع بقاء الاسم، صحت الوصية (2) (وتزال عنه الصفة المحرمة) (أما لو لم يكن فيه منفعة) مع بقاء الاسم (إلا المنفعة (3) المحرمة بطلت الوصية) وإن جاز الانتفاع برضاضها بعد الكسر، لعدم إمكان العمل بالوصية، والمفروض أنه لم يقصد الرضاض، وإعطاؤه بعد الرض ليس عملا بالوصية. ولذا لو رضه الموصي في حياته كان ذلك رجوعا إجماعا، لزوال الاسم. (وتصح الوصية بالكلاب المملوكة ككلب الصيد والماشية والحائط
(1) التذكرة 2: 482 (2) انظر المسالك 1: 316. (3) لم ترد في الشرائع: المنفعة. 93 والزرع) إجماعا كما في التذكرة (1)، والجرو القابل للتعليم وإن لم نقل بالملك، إذ يكفي في صحة الوصية حق الاختصاص. قال في التذكرة: وتصح الوصية بما يحل الانتفاع به من النجاسات كالكلب المعلم، والزيت النجس، لاشتعاله تحت السماء، والزبل النجس، للاشتعال والتسميد به، وجلد الميتة إن سوغنا الانتفاع به، والخمر المحترمة لثبوت الاختصاص فيها، وانتقالها من يد إلى يد بالإرث وغيره، وشحم الميتة، لتدهين السفن إن سوغنا الانتفاع [به] (2). ثم لو أوصى بأحد هذه التي لا تملك، فإن لم يكن له سواه اعتبر ثلثه، وإن كان له مال سواه، فأقوى الوجوه: أنه يفرض له قيمة بحسب رغبات العرف - لو لم يكن منع شرعي - وفيه وجوه أخر.
(1) التذكرة 2: 483. (2) التذكرة 2: 479 والزيادة من المصدر. 94 الطرف الثاني (1) في الوصية المبهمة من أوصى بجزء من ماله، فيه روايتان، أشهرهما العشر، وفي رواية سبع الثلث. ولو كان بسهم، كان ثمنا. ولو كان بشئ، كان سدسا. ولو أوصى بوجوه، فنسي الوصي وجها، جعله في وجوه البر، وقيل: يرجع ميراثا. ولو أوصى بسيف معين وهو في جفن، دخل الجفن والحلية في الوصية. وكذا لو أوصى بصندوق وفيه ثياب، أو سفينة وفيها متاع، أو جراب وفيه قماش، فإن الوعاء وما فيه داخل في الوصية، وفيه قول آخر بعيد. ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته، لم يصح. وهل يلغو اللفظ؟ فيه تردد بين البطلان، وبين إجرائه مجرى من أوصى بجميع ماله لمن عدا الولد، فتمضي في الثلث، ويكون للمخرج نصيبه من الباقي، بموجب
(1) لم نقف على شرح من المؤلف قدس سره لهذا الطرف، وأخذناه من الشرائع 2: 248. 95 الفريضة، والوجه الأول، وفيه رواية بوجه آخر مهجورة. وإذا أوصى بلفظ مجمل لم يفسره الشرع، رجع في تفسيره إلى الوارث كقوله: أعطوه حظا من مالي أو قسطا أو نصيبا أو قليلا أو يسيرا أو جليلا أو جزيلا. ولو قال: أعطوه كثيرا، قيل: يعطى ثمانين درهما كما في النذر، وقيل: يختص هذا التفسير بالنذر اقتصارا على موضع النقل. والوصية بما دون الثلث أفضل، حتى أنها بالربع أفضل من الثلث، وبالخمس أفضل من الربع. تفريع إذا عين الموصى له شيئا، وادعى [أن] (1) الموصي قصده من هذه الألفاظ، وأنكر الوارث، كان القول قول الوارث مع يمينه، إن ادعى عليه العلم وإلا فلا يمين.
(1) من شرائع الاسلام المطبوع في حاشية المسالك 1: 318، وانظر الجواهر 28: 332. 96 [الطرف الثالث (1) في أحكام الوصية إذا أوصى بوصية، ثم أوصى بأخرى مضادة للأولى، عمل بالأخيرة. ولو أوصى بحمل، فجاءت به لأقل من ستة أشهر، صحت الوصية به. ولو كانت لعشرة أشهر من حين الوصية، لم تصح. وإن جاءت لمدة بين الستة والعشرة، وكانت خالية من مولى وزوج، حكم به للموصى له. وإن كان لها زوج أو مولى، لم يحكم به للموصى له، لاحتمال توهم الحمل في حال الوصية وتجدده بعدها. ولو قال: إن كان في بطن هذه ذكر فله درهمان، وإن كان أنثى فلها درهم. فإن خرج ذكر وأنثى، كان لهما ثلاثة دراهم. أما لو قال: إن كان الذي في بطنها ذكر فكذا، وإن كان أنثى فكذا، فخرج ذكر وأنثى لم يكن لهما شئ.
(1) لم نقف على شرح من المؤلف قدس سره لأوائل هذا الطرف أيضا. 97 وتصح الوصية بالحمل وبما تحمله المملوكة والشجرة. كما تصح الوصية بسكنى الدار مدة مستقبلة] (1). (ولو أوصى بخدمة عبد، أو ثمرة بستان، أو سكنى دار، أو غير ذلك) (2) من فروع الأعيان، منافع كانت أو أعيانا (على التأبيد، أو مدة معينة) صح من غير خلاف، لما تقدم من صحة الوصية بكل ما يقبل الانتقال إلى الغير من أموال الموصي أو ما يتعلق بها، فيكني في صحة الوصية التسلط على الموصى به عينا وبدلا، فلا يقدح عدم كون المنافع أموالا حقيقية، ولذا لا يؤجر المفلس، ولا يحصل الاستطاعة من القدرة على إجارة الملك على ما قيل. والحاصل، أن مرجع هذه إلى الوصية باستيفاء هذا النماء من العين، فلو حصل بسبب هذا الاستحقاق نقص في العين بحسب القيمة احتسب من الثلث، ولو فرض صيرورتها بذلك غير مقومة احتسب تمام قيمتها من الثلث. ويشكل فيما لو فات على الوارث معظم الانتفاع، كالخدمة المؤبدة مع صلوحه للانتفاع في بعض الجهات، كالعتق فإنه بمنزلة الحيلولة الموجبة لتمام القيمة، ولذا قيل بتقويم المنفعة والعين كليهما على الموصى له (3)، نظيره ما لو باع المريض بثمن مؤجل، فإنه نص في التذكرة على أن للورثة أن يفسخوا البيع في ثلثي المبيع وإن باعه المريض بأزيد من ثمن المثل، لأن
(1) إلى هنا من الشرائع، ولم نقف على شرح من المؤلف قدس سره له. (2) في الشرائع زيادة: من المنافع. (3) انظر المبسوط 4: 14. 98 تفويت يدهم على الثمن كتفويت أصله عليهم (1). ويؤيده: رواية واردة في الوصية بإسكان شخص داره مدة عمره، حيث صرح فيها بتقويم الدار على الورثة من الثلث (2). وهنا قول ثالث: وهو تقويم المنفعة على الموصى له وعدم تقويم العين عليه ولا على الوارث (3)، أما عليه، فلعدم انتقاله إليه وإن كان سببا لفوات يد الوارث عنها، وأما الوارث فلفوات يده وتحقق الحيلولة. مثال المسألة: ما لو أوصى له. بخدمة عبد مؤبدة، وقيل: إن قيمة العبد بدون سلب المنفعة منه مائة، وقيمته مسلوب المنفعة عشرة، فالعشرة محسوبة على الوارث على الأول، وعلى الموصى له مضافة إلى التسعين على القول الثاني، وغير محسوبة على أحد على القول الثالث. ولو أوصى بمنفعة العين مدة، ففيه احتمال آخر - وهو تقويم نفس المنفعة بأجرة المثل وإخراجها من الثلث - عن بعض الشافعية، ونسب في جامع المقاصد خلافه إلى الأصحاب (4)، لكنه يظهر من كلام الشيخ (5)، بل ربما يوهمه كلام من عبر مثل الماتن قدس سره: (قومت المنفعة، فإن احتمله الثلث وإلا أخرج ما يحتمله (6)). وضعفه جماعة من العامة والخاصة بأن المنفعة ليست من التركة، وإنما
(1) التذكرة 2: 518. (2) الوسائل 13: 331، الباب 8 من أبواب كتاب السكنى، الحديث الأول. (3) انظر المبسوط 4: 14 (4) جامع المقاصد 10: 194. (5) المبسوط 4: 14 (6) في الشرائع: فإن خرجت من الثلث، وإلا كانت للموصى له ما يحتمله الثلث. 99 المتروك عين ينتفع بها، والوصية بالمنفعة تصرف في تلك العين، فيحسب على الموصي ما ينقص من تلك العين، وهي صفة الانتفاع في المدة المعينة، فيقوم هذا الوصف (1). ومراد من عبر بعبارة المصنف قدس سره - كما صرح به في الإرشاد (2) -: تقويم المنفعة قائمة بالعين، فراد بها الوصف. ويشهد لذلك جمع المصنف قدس سره بهذه العبارة بين حكم المنفعة المؤبدة والمؤقتة، مع أن تقويم المنفعة لا يستقيم في المؤبدة إلا قائمة بالعين، بمعنى تقويم العين منتفعا بها ومسلوبة المنفعة. ثم إن كيفية إخراج التفاوت من الثلث: أن يعطى الموصى له ثلث المنفعة الموصى بها، فله في المؤبدة - إذا لم يخلف غير تلك العين - ثلث المنفعة المؤبدة، وفي الموقتة عشر سنين، ثلثها في عشر سنين. ويحتمل أن يعطى من منفعة العشر سنين مقدارا يكون التفاوت بين وجودها في العين وسلبها ثلثها تفاوت وجود الكل وعدمه، فإذا قيل: إن تفاوت وجود الانتفاع ثلاث سنين وعدمه ثلث تفاوت وجود الانتفاع الدائم أو عشر سنين، أعطيه، ولعل الأول أوضح. ويظهر من الحلي في السرائر إعطاؤه من المنفعة بقيمة أجرة المثل ما يتحمله الثلث، فيلاحظ ثلث الميت، ويعطى من المنفعة مدة يكون أجرة العين في تلك، ثلث (3) التركة (4).
(1) لم نعثر على هذا القول. (2) الإرشاد 1: 461. (3) ليس في (ص): تلك. (4) السرائر 3: 200 - 201. 100 وهو في محله، لأن الموصي إنما يحسب عليه ما فات على الورثة، وهو قيمة التفاوت، لا ما يحصل من ذلك بعد صيرورته للموصى له، فإن الموصى له إنما يصير مالكا للمنفعة المقومة بأجرة المثل بسبب سلطنته على العين في المدة بمقتضى الوصية، لا لأن هذا المال المقوم بأجرة المثل من التركة فات على الورثة فيحسب من الثلث. وبعبارة أخرى: المحسوب من الثلث فيه ما فات من التركة على الورثة، لا قيمة ما تملكه الموصى له بسبب الوصية، فافهم. ثم إن حكم اللبن والثمرة من الأعيان المعدومة حكم المنفعة في الاحتمالات المتقدمة، وربما توهم عبارة القواعد تقويم نفس اللبن خاصة (1)، لكن مراده من قوله (خاصة) عدم تقويم العين هنا على الموصى له كما قيل ذلك في المنفعة، لبقاء العين منتفعا بها، وعدم خروجها عن المالية لأجل الوصية باللبن دائما، كما صرح به في العبارة، ويتضح اندفاع هذا التوهم بالتأمل فيما يفهم من عبارة القواعد فضلا عما صرح به، فافهم. ثم إنه لا يجوز للموصى له وطئ الجارية الموصى له بمنافعها كالجارية المستأجرة، لأن الاستمتاع منفعة لا يبيحها إلا ملك العين، أو العقد بقسميه، أو التحليل على وجه خاص، ولو جعلنا التحليل من ملك العين، فالمراد به تملك الانتفاع الخاص، وهو الاستمتاع بوجه خاص، ولذا لا يصح بلفظ التمليك فضلا عن الإجارة والإعارة. وليس للوارث أيضا وطؤها، لتعلق حق الغير به، ووطؤها تعريض
(1) القواعد 1: 302. 101 للحمل المعرض للتلف والعجز عن القيام بحق الموصى له، كذا قيل (1)، وفيه نظر لو لم يكن إجماع. أما ما عدا الوطئ من النظر واللمس، فالظاهر جوازها للوارث بخلاف الموصى له. ثم لو وطئت هذه الجارية، فإن كان الواطئ أجنبيا، فلا إشكال في لزوم العقر (2)، إنما الكلام في مستحقه، فإن فيه وجهين: من أن الوطئ ليس حقا للموصى له، فلا يملك بدله، فهو لمالك العين وإن لم يستحق منافعها فهو بمنزلة نفس الجارية لو كانت حرة، فإن بدل وطئها لها، لا لمن يستحق منافعها. ومن أن الموصى له وإن لم يستحق الاستمتاع بها، إلا أن العقر ليس بدلا حقيقيا عن الاستمتاع، لأن منفعة البضع لا يعامل معها معاملة الأموال، فليست مالا ولا حقا ماليا، ولذا لا يصالح عنه، ولا يسقط، ولا يستحق بعقد غير العقود المنصوصة. وما جعله الشارع من المال بإزاء الوطئ ليس عوضا حقيقيا عنه حتى يستحيل دخوله في ملك من لم يستحق المعوض، فهو بمنزلة منفعة جديدة حصلت للموصى بها، وكذا حكم الصداق لو زوجاها، وليس لأحدهما الاستقلال بتزويجها كالمرهونة. ثم إن أتت بولد من الوارث، فلا إشكال في حريته، وفي استحقاق
(1) جزم بذلك الشيخ في المبسوط 4: 16، والعلامة في القواعد 1: 301 واستدل المحقق الثاني في جامع المقاصد 10: 178، على ذلك بالدليل المذكور في المتن تقريبا. (2) العقر. مهر المرأة إذا وطئت على شبهة، انظر الصحاح 2: 755، مادة: (عقر). 102 الموصى له قيمته وعدمه وجهان. وإن أتت بولد من الموصى له، فقد ذكروا أنه أيضا حر، لأنه ولد شبهة، لزعم الواطئ الاستحقاق. ولو علم الحرمة فالظاهر أنه زنا والولد رق، وفي استحقاق الوارث القيمة عليه الوجهان، وكذا الوجهان في الولد من الأجنبي. ولو قتل هذا العبد عمدا بطل الوصية، ويستحق الوارث القصاص. ولو قتل خطأ احتمل استحقاق الوارث تمام الدية، لانتهاء مدة الوصية بموت الموصى به، ويحتمل تقسيط الدية على الرقبة المسلوبة، وعلى التفاوت الحاصل بين ذي المنفعة ومسلوبها، ويحتمل أن يشترى بقيمته جارية تكون بدلا عن المقتول. ولو جني عليها (1)، فإن لم يؤثر في نقص منفعتها فالظاهر أن الدية للوارث، وإلا يقسط على الرقبة والمنافع، ويحتمل اختصاص [الوارث] (2) به وقال في التذكرة: لو وهب الموصى له بالخدمة والمنافع، العبد منافعه وخدمته وأسقطهما، كان للورثة الانتفاع به، لأن ما يوهب للعبد لسيده (3) انتهى. (و) كيف كان، فالمشهور أنه (إذا أوصى بخدمة عبد مدة معينة فنفقته على الوارث)، لا يعان على نفقته (لأنها تابعة للملك).
(1) كذا في النسخة، ولم نر وجها لتأنيث الضمير. (2) في (ق): الجاني، والصحيح ما أثبتناه من (ص) و (ع). (3) التذكرة 2: 506، مع اختلاف يسير. 103 ومنه يظهر وجه الحكم فيما لو أوصى بخدمته ما دام العمر، إلا أنه يحتمل هنا أن يكون عليهما بنسبة المنفعة والعين، وإلا لزم الضرر، ويحتمل ضعيفا كونه على الموصى له. (وللموصى له التصرف في المنفعة) نظير الأجير الخاص المملوك منافعه (وللورثة التصرف في الرقبة ببيع وعتق) من غير فرق بين الموصى بمنفعته مؤبدا (وغيره). ويحتمل منع البيع في المؤبد، لأنه بيع مسلوب المنفعة. وفيه: أنه يجوز الانتفاع به في العتق، نعم، لو فرض عدم صلاحيته للعتق أشكل الحكم. (و) إذا بيع أو أعتق، فلا إشكال في أنه (لا يبطل حق الموصى له بذلك)، لعدم المبطل. (وإذا (1) أوصى له بقوس، انصرف) إطلاقه (إلى) واحد من (قوس النشاب) وهو العجمي، (و) قوس (النبل) وهو العربي، (والحسبان) وهو على ما قيل قوس يكون سهامه صغارا تجمع في قصبته ثم يرمى بها فتفرق بين الناس، فلا تمر بشئ إلا عقرته لشدتها. وأما قوس البندق ونحوه، فلا يفهم (إلا مع قرينة) صارفة عن تلك الثلاثة (تدل على غيرها) فيتبع مفاد القرينة. (وكل لفظ وقع على أشياء) باعتبار جامع وضع له مع كون وقوعه (وقوعا متساويا) بأن. يكون متواطئا لا مشككا (فللورثة الخيار في تعيين ما شاؤوا) من أفراده، لأن أعيان أموال الميت بأجمعها حق الوارث،
(1) في الشرائع: ولو. 104 إلا مصداق الوصية حتى لا يلزم تبديلها، وحتى يصدق كون الإرث بعد إيفاء الوصية، وهو يحصل بما يختاره الورثة، إذ لو كان للموصى له الامتناع من أخذ مختارهم، لكان له سلطنة أخرى على تعيين الموصى به غير التسلط على أصله، وما نحن فيه أشبه شئ ببيع الكلي من صبرة معينة، بل ببيع الكلي في الذمة أيضا. ومما ذكرنا [ظهر] (1) أن الحكم لا يختص بما إذا أمر المومي بإعطاء الكلي، حتى يقال: إن الامتثال يحصل بكل فرد، بل الكلام في استحقاق الموصى [له] (2) للتعيين، وإلا فالحكم في المقام وضعي وإن عبر عنه الموصي بالطلب. نعم، لو نص الموصي على أن له ما اختار من الأفراد المملوكة، كان الخيار للموصى له. هذا كله لو كان وقوعه على الأشياء باعتبار جامع موضوع له، أما لو كان باعتبار وضع اللفظ لكل من تلك الأشياء، فإن علم إرادة المسمى من اللفظ على طريق عموم الاشتراك فهو كالوضع للقدر المشترك، وإلا فالحكم فيه القرعة. ولعل مستند المشهور في الحكم بتخيير الوارث، هو دعوى ظهور المشترك في كلام الموصي إذا لا ينصب قرينة في إرادة المسمى، فإن تمت وإلا فالأقوى فيه القرعة، لتملك الموصى له شيئا معينا في الواقع، فاختيار الوارث لا يؤثر في موافقة الموصى به واقعا. ودعوى كونه كالتكليف بالمشترك اللفظي - بناء على جريان أصالة البراءة والتخيير بين المحتملات - قياس فرع بأمل ممنوع مع وجود الفارق، كما لا يخفى، وأصالة عدم استحقاق غير ما يختاره الوارث لا يثمر في
105 وجوب إنفاذ الوصية على وجهها، وإلا لعورضت بأصالة عدم استحقاق ما يختاره. واعلم أن قول المصنف قدس سره: (فلو قال (1) أعطوه قوسي، ولم يكن له إلا (2) قوس واحدة، انصرفت [الوصية] (3) إليها، من أي الأجناس كانت) غير (4) متفرع على شئ مما تقدم. نعم، يتفرع عليه ما ذكره من قوله: (ولو أوصى برأس من مماليكه، كان الخيار في التعيين إلى الورثة) ولا يتوهم هنا ثبوت حق للمماليك، (فيجوز أن يعطوا صغيرا أو كبيرا، صحيحا أو معيبا) ذكرا أو أنثى أو خنثى. (و) كما يترتب على الوصية بالكلي. تخيير الوارث، كذلك يترتب عليه أنه (لو هلك مماليكه بعد الموت (4) إلا واحدا تعين) ذلك الواحد (للعطية) لامكان العمل بالوصية فتجب، (فإن ماتوا) أجمع (بطلت الوصية) ولو كان الموت تدريجيا، لم يبعد كون موت الأخير في ملك الموصى له، فيجب عليه تجهيزه. وفي التذكرة: لو مات واحد منهم بعد موت الموصي وقبول الموصى له فللوارث تعيينه فيه، حتى يجب تجهيزه وأخذ قيمته إن قتل (6).
(1) في الشرائع: أما لو قال. (2) في الشرائع: ولا قوس له إلا. (3) من الشرائع. (4) في (ق): وهذا الفرع غير... (5) في الشرائع: بعد وفاته. (6) التذكرة 2: 486، وفيه: وإن مات واحد منهم أو قتل بعد موت الوصي وقبول الموصى له فللوارث التعيين فيه حتى يجب التجهيز على الموصى له ويكون القيمة له إذا قبل. 106 (وإن قتلوا) على وجه يوجب القيمة (لم تبطل) الوصية، بل ينتقل إلى البدل في فللورثة (1) أن يعينوا له من شاؤوا، أو يدفعوا قيمته إن صارت (إليهم، وإلا فيرجع إلى الجاني، وفي المقتول أخيرا ما ذكر في الموت، ولو قتلوا في حياة الموصي فأظهر الوجهين: بطلان الوصية، واحتمال تعلقها بالقيمة ليس له وجه ظاهر. (و) اعلم أنه لا إشكال في أنه (تثبت الوصية) مطلقا، (بشاهدين مسلمين عدلين) كما هو الأصل في كل حق إلا ما خرج بالدليل، هذا مع تمكن الموصي من إشهاد العدلين (و) أما (مع الضرورة) (2) بمجرد (عدم (3)) التمكن من إشهاد (عدول المسلمين) عند إرادة الوصية وإن لم تجب، (تقبل شهادة) عدول خصوص أهل الكتاب من (أهل الذمة) في الأموال (خاصة). والأصل في المسألة - قبل الاجماع - نص الكتاب: (شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان)... الآية (4). وقوله: (أو آخران) عطف على (اثنان) بعد ملاحظة الاتصاف بالعدالة، فيدل على اعتبارها في الآخرين.
(1) في الشرائع: وكان للورثة. (2) وردت في (ق): (ومحصلها) بين عبارتين قد شطب عليهما. (3) في الشرائع: وعدم. (4) المائدة: 106. 107 ولو نوقش في كون العطف بعد الملاحظة، كفى في اعتبار العدالة - بعد الأصل - بعض الروايات (1). ومقتضى إطلاق الآية - كبعض الروايات -: عدم الانحصار في أهل الذمة، إلا أن الاطلاق في الآية ينصرف إلى الغالب في زمان صدور الآية، من عدم اختلاط المسلمين في صدر الاسلام إلا بأهل الكتاب من الكفار. نعم، في بعض الروايات إلحاق المجوس مشروطا بعدم التمكن من الذمي، معللا بقوله صلى الله عليه وآله سلم: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) (2)، لكن المشهور خلافه، لأن إطلاق الذمي - في كلامهم - ينصرف إلى خصوص أهل الكتاب، وإن كان المجوس أهل ذمة أيضا، ولو سلم الاطلاق كان أيضا مخالفا للرواية المشترطة بعدم أهل الكتاب (3). (ويقبل (4) في الوصية بالمال، شهادة واحد مع اليمين، أو شاهد وامرأتين. ويقبل شهادة الواحدة في ربع ما شهدت به، وشهادة اثنتين في النصف. وثلاث في ثلاثة الأرباع، وشهادة الأربع في الجميع. ولا تثبت الوصية بالولاية إلا بشاهدين، ولا تقبل شهادة النساء في ذلك. وهل تقبل شهادة شاهد مع اليمين؟ فيه تردد، أظهره المنع. ولو أشهد إنسان عبدين له على حمل أمته، أنه منه، ثم مات فأعتقا
(1) الوسائل 13: 392، الباب 20 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 7، وفيه: رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما. (2) الوسائل 11: 98 الباب، 49 من أبواب جهاد العدو، الحديث 9. (3) الوسائل 13: 391، الباب 20 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 6. (4) من هنا إلى آخر الفصل، من الشرائع، ولم نقف على شرح له من المؤلف قدس سره. 108 وشهدا بذلك، قبلت شهادتهما ولا يسترقهما المولود، وقيل: يكره، وهو أشبه. ولا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، ولا ما يجر به نفعا أو يستفيد منه ولاية. ولو كان وصيا في إخراج مال معين، فشهد للميت بما يخرج به ذلك المال من الثلث، لم يقبل. مسائل أربع الأولى: إذا أوصى بعتق عبيده وليس له سواهم، أعتق ثلثهم بالقرعة، ولو رتبهم أعتق الأول فالأول حتى يستوفي الثلث، وتبطل الوصية فيمن بقي. ولو أوصى بعتق عدد مخصوص من عبيده، استخرج ذلك العدد بالقرعة، وقيل: يجوز للورثة أن يتخيروا بقدر ذلك العدد والقرعة على الاستحباب، وهو حسن. الثانية: لو أعتق مملوكه عند الوفاة، منجزا وليس له سواه، قيل: أعتق كله، وقيل: ينعتق ثلثه، ويسعى للورثة في باقي قيمته، وهو أشهر، ولو أعتق ثلثه يسعى في باقيه. ولو كان له مال غيره، أعتق الباقي من ثلث تركته. الثالثة: لو أوصى بعتق رقبة مؤمنة وجب، فإن لم يجد، أعتق من لا يعرف بنصب. ولو ظنها مؤمنة فأعتقها، ثم بانت بخلاف ذلك أجزأت عن الموصي. الرابعة: لو أوصى بعتق رقبة بثمن معين، فلم يجد به لم يجب شراؤها، وتوقع وجودها بما عين له. ولو وجدها بأقل، اشتراها وأعتقها ودفع إليها ما بقي).
109 الفصل الرابع في الموصى له
111 الفصل الرابع (1) في الموصى له ويشترط فيه الوجود، فلو كان معدوما لم تصح الوصية له، كما لو أوصى لميت، أو لمن ظن وجوده، فبان ميتا عند الوصية، وكذا لو أوصى لما تحمله المرأة، أو لمن يوجد من أولاد فلان. وتصح الوصية للأجنبي والوارث، وتصح الوصية للذمي، ولو كان أجنبيا، وقيل: لا يجوز مطلقا، ومنهم من خص الجواز بذوي الأرحام والأول أشبه. وفي الوصية للحربي تردد، أظهره المنع. ولا تصح الوصية: لمملوك الأجنبي، ولا لمدبرة الأجنبي، ولا لأم ولده، ولا لمكاتبه المشروط أو الذي لم يؤد من مكاتبته شيئا ولو أجازه مولاه، وتصح لعبد الموصي ولمدبره، ومكاتبه، وأم ولده. ويعتبر ما يوصي به لمملوكه، بعد خروجه من الثلث، فإن كان بقدر
(1) لم نقف على شرح المؤلف قدس سره لهذا الفصل بأكمله. 113 قيمته أعتق، وكان الموص به للورثة. وإن كانت قيمته أقل، أعطي الفاضل. وإن كانت أكثر، سعى للورثة فيما بقي، ما لم تبلغ قيمته ضعف ما أوصي له به، فإن بلغت ذلك، بطلت الوصية، وقيل: تصح، ويسعى في الباقي كيف كان، وهو حسن. وإذا أوصى بعتق مملوكه وعليه دين، فإن كانت قيمة العبد بقدر الدين مرتين، أعتق المملوك ويسعى في خمسة أسداس قيمته. وإن كانت قيمته أقل، بطلت الوصية بعتقه، والوجه أن الدين يقدم على الوصية فيبدأ به، ويعتق منه الثلث مما فضل عن الدين. أما لو نجز عتقه عند موته، كان الأمر كما ذكرنا أولا، عملا برواية عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام. ولو أوصى لمكاتب غيره المطلق، وقد أدى بعض مكاتبته، كان له من الوصية بقدر ما أداه. ولو أوصى الانسان لأم ولده، صحت الوصية من الثلث، وهل تعتق من الوصية أو من نصيب ولدها؟ قيل: تعتق من نصيب ولدها، وتكون لها الوصية. وقيل: بل تعتق من الوصية، لأنه لا ميراث إلا بعد الوصية. وإطلاق الوصية يقتضي التسوية، فإذا أوصى لأولاده، وهم ذكور وإناث، فهم فيه سواء، وكذا لأخواله وخالاته، أو لأعمامه وعماته، وكذا لو أوصى لأخواله وأعمامه، كانوا سواء على الأصح، وفيه رواية مهجورة. أما لو نص على التفضيل اتبع. وإذا أوصى لذوي قرابته، كان للمعروفين بنسبه، مصيرا إلى العرف. وقيل: كان لمن يتقرب إليه، إلى آخر أب وأم له في الاسلام، وهو غير مستند إلى شاهد. ولو أوصى لقومه، قيل: هو لأهل لغته. ولو قال لأهل بيته دخل فيهم
114 الأولاد والآباء والأجداد. ولو قال لعشيرته، كان لأقرب الناس إليه في نسبه. ولو قال لجيرانه، قيل: كان لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا من كل جانب، وفيه قول آخر مستبعد. وتصح الوصية للحمل الموجود، وتستقر بانفصاله حيا. ولو وضعته ميتا بطلت الوصية، ولو وضع حيا ثم مات، كانت الوصية لورثته. وإذا أوصى المسلم للفقراء، كان لفقراء ملته، ولو كان كافرا انصرف إلى فقراء نحلته. وإذا (1) أوصى لانسان، فمات قبل الموصي، قيل: بطلت الوصية، وقيل: إن رجع الموصي بطلت الوصية، سواء رجع قبل موت الموصى له أو بعده، وإن لم يرجع، كانت الوصية لورثة الموصى له، وهو أشهر الروايتين. ولو لم يخلف الموصى له أحدا، رجعت إلى ورثة الموصي. ولو قال: أعطوا فلانا كذا ولم يبين الوجه، وجب صرفه إليه يصنع به ما شاء. ولو أوصى في سبيل الله، صرف إلى ما فيه أجر، وقيل: يختص بالغزاة، والأول أشبه. وتستحب الوصية لذوي القرابة وارثا كان أو غيره. وإذا أوصى للأقرب، نزل على مراتب الإرث، ولا يعطى الأبعد مع وجود الأقرب.
(1) في بعض النسخ: ولو. 115 الفصل الخامس في الأوصياء
117 الفصل الخامس في الأوصياء (ويعتبر في الوصي العقل والاسلام، وهل يعتبر) في الوصي (العدالة؟ قيل: نعم) وهو المشهور، بل عن الغنية: الاجماع (1)، (لأن) التسليط على مال في زمان لا ولي عليه يتوقف على كون المسلط عليه أمينا، و (الفاسق لا أمانة له) للعلة المنصوصة في الآية (2)، الموجبة للتثبت، فإن ما أوجب عدم الاعتماد على خبره هو الموجب لعدم الاعتماد على جميع أموره، وهو التعرض للندامة الحاصلة من الاعتماد عليه. ثم متعلق الوصية إن كان مال الورثة الصغار أو الكبار، كان تولية
(1) لم يرد قيد (العدالة) في الغنية (الجوامع الفقهية): 542 لكنه موجود في المطبوع ضمن سلسلة الينابيع الفقهية 12: 180، وفيها: (ومن شرطه أن يكون حرا مسلما بالغا عاقلا عدلا... الخ). (2) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الحجرات: 6. 119 الفاسق عليه جنفا، وتعريض الورثة للتضرر، وإن كان ثلث الموصي، فإن أوصى به لجهة عامة كالفقراء، كانت الوصية تولية لغير الأمين على حقوق الغير. ودعوى أن الموصي إنما جعله حقا للغير على هذا الوجه الخاص، وهو أن يكون النظر فيه لذلك الشخص، مدفوعة بمنع كون القيد مقوما للوصية، وإلا لزم على تقدير موت الوصي، أو عجزه، أو ظهور خيانته انتفاء الوصية، وليس كذلك إجماعا، فتولية الفاسق على مال الفقراء - فيما نحن فيه - مطلب آخر لم يمضه الشارع، لمخالفته للمشروع. وعموم مثل قوله عليه السلام: (جائز للميت ما أوصى على ما أوصى به إن شاء الله) (1) - لو سلم عدم اختصاصه بالقيود المقومة للوصية الراجعة إلى أنحاء الوصية نظير قوله عليه السلام: (الوقوف على حسب ما يقفها أهلها) (2) في عدم الدلالة على جواز تولية الفاسق، فلا يشمل جعل الوصي - معارض بعموم التعليل في آية التثبت، والظاهر حكومته عليه، ولذا لم يجز للحاكم أن يولي الفاسق في الأمور الحسبية، ولم يجز للأب استئمان الفاسق على مال ولده الصغير. وبالجملة، عموم التعليل مانع عن تولية الفاسق على أمر، إلا الأمور التي لا يجب شرعا ملاحظة المصلحة أو عدم المفسدة فيها، كتوكيل الفاسق في ماله، وإيداعه إياه، فإن المقصود ليس استصلاح المال، ولذا جاز هبته
(1) الوسائل 13: 454، الباب 63، من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول، وفيه: على ما أوصى إن شاء الله. (2) الوسائل 13: 295، الباب 2 من أبواب أحكام الوقوف، الحديث 2. 120 للفاسق (1). هذا مع أن إبقاء الوصية على ما أوصى وعدم تبدلها يحصل بالتزام ضم أمين إلى الوصي المذكورة ليكون ناظرا عليه، كما يظهر من العلامة في التحرير في مسألة الايصاء إلى الخائن (2). هذا، (و) مما ذكرنا يظهر ضعف الاستدلال على ما (قيل) من أنه (لا) يعتبر العدالة (لأن المسلم محل للأمانة كما في الوكالة والاستيداع) (3) وقد عرفت أن مبنى هذين الأمرين ليس على ملاحظة المصلحة، بل ولا عدم المفسدة، ولذا لا اختصاص لهما بالمسلم فضلا عن العادل، وتولية الغير على حق الغير يعتبر فيه ملاحظة عدم المفسدة لا أقل من ذلك. (و) ظهر أيضا ضعف قولهم (لأنها ولاية تابعة لاختيار الموصي فيتحقق بتعيينه) فقد عرفت أنه ليس للموصي تعريض مال الوارث للتلف، وكذا تولية الفاسق على ما جعله للفقراء، التي يرجع إلى عدم تعلق غرضه بوصوله إليهم. ودعوى أنه قد يثق بإيصاله إليهم، خروج عن المتنازع، إذ النزاع في الفاسق مع قطع النظر عن صفة زائدة توجب الظن بفعله. نعم، قد يشكل فيما لا حق للغير فيه، وإنما الحق للميت، مثل ما إذا جعله وصيا في صرف ثلثه فيما يرجع إلى الميت من النيابة في العبادات، فإنه لا دليل في المقام على وجوب مراعاة المصلحة أو عدم المفسدة.
(1) في (ق) زيادة: (وفي ما نحن فيه) وبعدها عبارة مشطوب عليها. (2) التحرير 1: 303. (3) أنظر السرائر 3: 189. 121 اللهم إلا أن يدعى أن المال المذكور يصير بالوصية محبوسا على المصرف المذكور، ولا تسلط للميت عليه، فيجب صرفه في المصرف المذكور، فلا يجوز أن يتولى ذلك من لا وثوق بفعله، وتولية الميت له يكون تولية على المال في زمان لا سلطنة له عليه، وأدلة نفوذ وصيته تدل على تسلطه على ماله، فإذا جعل ماله محبوسا في مصرف كان هو كغيره في عدم جواز تفويض ذلك إلى من لا وثوق بفعله، وذلك نظير الوقف، فإنه وإن كان الواقف مسلطا على وقفه بأي وجه كان، إلا أنه بعد فرض وقفه على وجه من الوجوه (1) ليس له أن يولي أمره الفاسق. ودعوى: أن التولية ليست بعد الوقف والوصية وإنما هي في ضمنهما، مدفوعة: بما عرفت من أن التولية ليست (2) من القيود اللاحقة لنفس الوقف والوصية، وإنما هي (3) جعل مستقل في ضمنهما يشبه الشروط في ضمن العقود، بل أولى بالاستقلال، ولذا لا يبطل أصل الوقف والوصية بتولية الفاسق - بناء على اشتراط العدالة - وإنما يلغو التولية. لكن الانصاف أن المسألة لا تصفو عن الاشكال، فإن التولية في الوقف ترجع إلى التولية على مال الغير وهو الموقوف عليه، بخلاف ما نحن فيه، فدعوى: وجوب مراعاة المصلحة، أو عدم المفسدة عليه فيما لا يرجع إلا إلى نفسه من مصارف الثلث، محل نظر، فكان القول بالتفصيل في المسألة بين ما يتعلق بحق الغير - ولو كان صيرورته حقا بنفس الوصية كالوصية
(1) في (ق): الوجه. (2) في (ق): ليس. (3) في (ق): هو. 122 للفقراء - فيعتبر فيه العدالة، وبين ما لا يتعلق بحق غير الميت فلا يعتبر، لا يخلو عن قوة. وأولى منه: ما لا يتعلق بمال أصلا، كالوصية بمباشرة بعض الأمور المتعلقة بتجهيزه، ونحو ذلك، وهذا التفصيل حكي عن المهذب نسبته إلى بعض (1)، لكنه مبني على تسليم اشتراط العدالة في متولي الوقف - الذي مبناه على وجوب مراعاة المصلحة فيما يصير بنفس الوقف والوصية حقا للغير - وهو وإن كان مشهورا، بل حكي عن بعض الاتفاق عليه (2)، لكن ما ذكرنا في وجهه من عدم الفرق بين تولية نفس الواقف والموصي في ضمن الوقف والوصية، وبين تولية غيره من الحاكم، أو عدول المؤمنين - في وجوب مراعاة المصلحة فيه - يمكن الاستشكال فيه: بأن المسلم وجوب مراعاة المصلحة فيما صار بالوقف أو الوصية حقا للغير. وأما وجوب إيقاع الوقف والوصية على وجه لا يهمل فيهما حق الموقوف عليه والموصى له، فلا دليل عليه، ولذا اتفقوا على الظاهر المصرح به على جواز جعل النظر في الوقف لنفسه وإن كان فاسقا، بل صرح في التحرير: بأنه لو جعل النظر إلى الأرشد عمل به، و [إن] (3) كان الأرشد فاسقا، فالأقرب عدم ضم عدل إليه (4)، بل صرح في التذكرة - في مطلق المتولي -: لو اشترط التولية لغيره بظن العدالة اشترطت، ثم قال: ولو علم
(1) لا نجد في المهذب ما يدل على هذا التفصيل أو نسبته إلى بعض. (2) حكاه في مفتاح الكرامة 9: 41 عن السيد في الرياض 2: 23. (3) لم ترد في (ق) وفي المصدر: ولو كان... الخ. (4) التحرير 1: 289. 123 فسقه وشرطها له فالأقرب اتباع شرطه (1) انتهى. فاشتراط العدالة فيما لا يتعلق بحق الورثة محل تأمل. ثم إنها على تقدير اعتبارها ليست على حد سائر الشروط شرطا واقعيا في وصاية الوصي، وإن لم يعلم به الموصي، بل هي شرط علمي لصحة الايصاء، فلو أومى إلى من لا يعلم عدالته لم يصح الايصاء وإن كان عدلا في نفس الأمر. ولو أوصى إلى من ظاهره العدالة وكان فاسقا في نفس الأمر، صحت وصايته ونفذ عمله على طبق [الوصاية] (2)، وليس ضامنا كالأجنبي، فلو تبين فسقه حين العمل، ولكن ثبت مطابقة عمله للوصية بشهادة عدلين لم يضمن. ولو أوصى إلى فاسق جازما بأنه يقوم بما أوصى به، واثقا بكون تصرفاته على طبق المصلحة صح. وبالجملة، فاشتراطها هنا نظير اشتراطها في الاستنابة للعبادات اللازمة، فالشرط في الحقيقة هو وثوق الموصي شرعا بسبب العدالة، أو حقيقة من جهة القطع بعدم المخالفة، وكون اشتراطها على هذا الوجه هو الذي يقتضي استدلالهم بأن الوصية إلى الفاسق ركون إليه في أفعاله منهي عنه بالآية (3)، وأنها أمانة، والفاسق غير مؤتمن، لوجوب التبين في خبره.
(1) التذكرة 2: 441 (2) لم ترد في (ق). (3) وهي قوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) هود: 113. 124 وقد صرح بما ذكرناه جماعة كجامع المقاصد (1)، وصاحب المسالك (2)، وغير واحد ممن تأخر عنهما (3)، ونسب إلى التذكرة ولم أجده فيها (4)، نعم، يظهر من بعض كلماته في التحرير، قال: لو أوصى إلى الخائن فالأقرب بطلان الوصية، وكان كمن لا وصي له، ولو قيل بجوازه وضم أمين إليه إن أمكن الحفظ، وإلا فلا، كان وجها (5) إنتهى. فإن ظاهره أنه لو طابق عمله الواقع ولو تبين ذلك فيما بعد، أو علم من أول الأمر عدم خيانته، صح ذلك. وقال في المقنعة - بعد اشتراط العدالة في الوصي -: ولا بأس بالوصية إلى المرأة إذا كانت عاقلة مأمونة (6) انتهى. فاستغنى عن ذكر العدالة بما هو المقصود منها. والظاهر أن ما ذكرنا متفق عليه بينهم على ما يظهر من استدلالاتهم، واستغراب بعض المعاصرين (7) ذلك من صاحب الرياض (8) بمنافاته لظاهر كل من ذكر هذا الشرط في سياق سائر الشروط، كالعقل ونحوه، الظاهر في
(1) جامع المقاصد 11: 275. (2) المسالك 1: 326. (3) منهم: الجواهر 28: 395 والكفاية: 150 والحدائق 22: 560، إلا أنه قال: وبالجملة فإن المسألة عارية من النص. والاحتياط فيه مطلوب. (4) بل ما في التذكرة (2: 511) صرح في اشتراط العدالة في الوصي. (5) التحرير 1: 303. (6) المقنعة: 668. (7) الجواهر 28: 397. (8) الرياض 2: 54. 125 انعدام المشروط بانعدام الشرط، استغراب لما اتفقوا عليه ظاهرا، لشهادة كلماتهم التي يستفاد منها بأدنى تأمل: أن العدالة إنما اعتبرت طريقا شرعيا إلى الواقع، فإذا أحرز الواقع لم يقدح انتفاؤها. ثم إن الوثوق المذكور شرط لتحقق ولاية الوصي، فكما أنه لو أوصى إلى فاسق كان لغوا غير مؤثر، فلو أوصى إلى من يعتقد عدالته، فاعتقده الغير فاسقا لم يكن له ترتيب أحكام الوصي عليه، لأن تصرفاته غير مأمونة، وفساد وصايته في الواقع، ولا يكفي وثوق الموصي فقط، فإنه إنما اعتبر (1) ليوثق بتصرفاته. نعم، لو كان مجهول الحال عند الغير أمكن الحكم بجواز المعاملة معه، لأصالة صحة وصايته، ونظير ذلك قيم الحاكم الذي نصبه باعتقاد العدالة مع فسقه واقعا. ثم إن مقتضى اشتراط العدالة في كلام الجماعة: عدم كفاية عدم ظهور الفسق، خصوصا بعد ملاحظة تعليل المنع في الفاسق بوجوب التبين في خبره الثابت في مجهول الحال، للاجماع على لحوق المجهول بالفاسق في عدم الاعتناء بأفعاله، ولأن ظاهر أدلة اعتبار العدالة في موارد اعتبارها هو اعتبار وجود ما يوجب الوثوق بفعل الشخص وقوله، وعدم الاعتناء بالفاسق ليس لفسقه، بل لعدم الأمن، وعدم الرادع الموجب للوثوق به، وإلا فالفسق بنفسه ليس أمارة للخيانة ومخالفة الحق، وهذا المعنى لا يتفاوت فيه الفاسق والمجهول. فتحقق من ذلك: أن الوثوق المحرز لملكة العدالة شرط ينتفي
(1) وفي (ص) و (ع): اعتبرت. 126 المشروط بانتفائه المتحقق في المجهول الحال، ولا يحتاج فيه إلى نفي الملكة بأصالة عدمها - كما في غيرها من الشروط المشكوكة - لأن الشرط هو الوثوق الشرعي المتحقق بالملكة، وهو معلوم الانتفاء في المجهول، لا أن نفس الملكة شرط، والأصل عدمها عند الشك، ولذا لم يكن طرح خبر مجهول (1) الحال متوقفا على أصالة عدم الملكة، وليس الفسق مانعا هنا، بل ولا في المقامات التي اعتبر فيها العدالة، لأجل الوثوق. نعم، إلا على مذهب [من] (2) يجعل الاسلام وعدم ظهور الفسق دليلا على العدالة، والكلام بعد الاغماض عن هذا القول والفراغ عن بطلانه، بل القائل بهذا القول لا ينكر اشتراط العدالة ولا يوجب الفسق مانعا، إلا أنه يدعي أصالة العدالة في المسلم المجهول الحال. وكيف كان، فالظاهر أن المسألة - هنا وفي نظيره من المقامات - لا ينبغي أن [يكون] (3) محلا للخلاف والاشكال. [نعم، حكى صاحب المسالك هنا القول بكفاية عدم ظهور الفسق] (4)، حيث ذكر - في رد استدلال المشترطين للعدالة، بأن الفاسق ليس أهلا للاستئمان -: إنه لا يلزم من عدم أهلية الفاسق للاستئمان في قبول الخبر، اشتراط العدالة هنا، لوجود الواسطة بينهما، وهو المستور والمجهول الحال، فإنه لا يصح رميه بالفسق، بل يعزر واصفه به، فلا يدخل في المدلول - إلى أن قال -: وبالجملة لا ريب في اشتراط عدم ظهور فسقه، أما اشتراط ظهور عدالته ففيه بحث.
(1) في (ق): المجهول. (2) لم ترد في (ق). (3) لم ترد في (ق). (4) ما بين المعقوفتين مشطوب عليه في (ق). 127 ثم قال: وأما ما احتج به على اعتبار ظهور العدالة، بأن الفسق لما كان مانعا فلا بد من العلم بانتفائه، وذلك هو اشتراط العدالة، فواضح المنع، لأن المانع لا يشترط العلم بعدمه في التأثير، بل عدم العلم بوجوده [كاف] (1)، كما هو الشأن في كل مانع (3) انتهى كلامه رفع مقامه. أقول: ليت شعري ما الذي دل على اشتراط عدم ظهور الفسق غير عدم كون الفاسق محلا للاستئمان، وما الذي دل على عدم استئمان الفاسق غير ما دل على وجوب التبين في خبره، الذي هو بعينه جار في المجهول، ولذا لم يقل أحد بهذا التفصيل في غير هذا المقام مما اشترط فيه العدالة، والظاهر أن القول به في المقام خرق للاجماع المركب. وأما ما ذكره أخيرا من حكاية الاحتجاج والمنع، فالتحقيق فيه: أن المانع وغيره من أجزاء العلة سواء في وجوب العلم بعدمه، إلا أن المانع [والشرط إن كانا وجوديين، كان الأصل عند الشك فيهما العدم، فينتفي المشروط ويثبت الممنوع، لأن الأصل بمنزلة العلم] (3)، ولذا لو فرض الشرط عدميا والمانع عدميا، كان الأصل عند الشك فيهما العدم، فيثبت الشروط وينتفي الممنوع، عكس الأول. ثم على تقدير عدم اشتراط العدالة (لو أوصى إلى عدل) من حيث كونه كذلك (ففسق بعد موت الموصي) بما يرفع الاعتماد عليه إن كان الداعي
(1) لم ترد في (ق). (2) المسالك 1: 326. (3) ما بين المعقوفتين وردت في (ص) و (ع) وهامش (و)، وفي متن (ق) وردت العبارة التالية أيضا: والأصل قائم مقام العلم والشرط إن كان وجوديا أيضا كان الأصل عند الشك عدمه أيضا فينتفي المشروط. 128 الاعتماد عليه والاطمئنان بفعله، أو مطلقا إن كان الداعي وصف العدالة (أمكن القول ببطلان الوصية) لأن الداعي بمنزلة مناط الحكم والوصف العنواني، فكأنه رضي به ما دام عدلا. ويحتمل عدم البطلان، لمنع كون مرجع الداعي إلى الوصف العنواني. وأولى بعدم البطلان ما لو علم كون الداعي غير العدالة، أو كان الفسق بما لا يرفع الوثاقة الداعية إلى الوفي إليه، أو جهل الحال، فإن في هذه الصور لا يعرف وجه للحكم بزوال وصايته - وإن ادعي الاجماع في المسألة على وجه يشمل هذه الصور - إلا أن الأقوى ما اختاره الحلي قدس سره (1) من بقاء الوصاية تمسكا بالاستصحاب (2). (لأن (3) الوثوق ربما كان باعتبار صلاحه، فلم يتحقق عند زواله، فحينئذ يعزله الحاكم ويستنيب مكانه. ولا يجوز الوصية إلى المملوك إلا بإذن مولاه. ولا تصح الوصية إلى الصبي منفردا، وتصح منضما إلى البالغ، لكن لا يتصرف إلا بعد بلوغه. ولو أوصى إلى اثنين أحدهما صغير، تصرف الكبير منفردا حتى يبلغ الصغير، وعند بلوغه لا يجوز للبالغ التفرد. ولو مات الصغير أو بلغ فاسد العقل، كان للعاقل الانفراد بالوصية ولم يداخله الحاكم، لأن للميت وصيا.
(1) السرائر 3: 190. (2) في (ص) و (ع) في آخر هذا الكتاب ما يلي: تمت، وما وجدنا من أوراق الوصية بعد هذه إلا مسألة منجزات المريض. ولذا ألحقناه به هنا. (3) من هنا إلى آخر كتاب الوصايا أخذناه من شرائع الاسلام 2: 256 - 262، ولم نقف على شرح المؤلف قدس سره له فيما بأيدينا من النسخ. 129 كالديون والصدقات. الثالثة: يجوز لمن يتولى أموال اليتيم أن يأخذ أجرة المثل عن نظره في ماله، وقيل: يأخذ قدر كفايته، وقيل: أقل الأمرين، والأول أظهر).
132 الفصل السادس: في اللواحق
133 وللأخوات ثلاثة، وللإخوة ستة. ولو كان له زوجة وبنت وقال: مثل نصيب بنتي، فأجاز الورثة كان له سبعة أسهم، وللبنت مثلها، وللزوجة سهمان. ولو قيل: لها سهم واحد من خمسة عشر كان أولى. ولو كان له أربع زوجات وبنت. فأوصى بمثل نصيب إحداهن كانت الفريضة من اثنين وثلاثين، فيكون للزوجات الثمن أربعة بينهن بالسوية، وله سهم كواحدة، ويبقى سبعة وعشرون للبنت. ولو قيل: من ثلاثة وثلاثين كان أشبه. الثانية: لو أوصى لأجنبي بنصيب ولده، قيل: تبطل الوصية، لأنها وصية بمستحقه، وقيل: تصح، فيكون كما لو أوصى بمثل نصيبه، وهو أشبه. ولو كان له ابن قاتل، فأوصى بمثل نصيبه، قيل: صحت الوصية، وقيل: لا تصح، لأنه لا نصيب له، وهو أشبه. الثالثة: إذا أوصى بضعف نصيب ولده، كان له مثلاه. ولو قال: ضعفاه كان له أربعة، وقيل: ثلاثة، وهو أشبه أخذا بالمتيقن، وكذا لو قال: ضعف ضعف نصيبه. الرابعة: إذا أوصى بثلثه للفقراء وله أموال متفرقة جاز صرف كل ما في بلد إلى فقرائه، ولو صرف الجميع في فقراء بلد الموصي جاز أيضا. ويدفع إلى الموجودين في البلد، فلا يجب تتبع من غاب. وهل يجب أن يعطى ثلاثة فصاعدا؟ قيل: نعم، وهو الأشبه، عملا بمقتضى اللفظ، وكذا لو قال: أعتقوا رقابا، وجب أن يعتق ثلاثة فما زاد، إلا أن يقصر ثلث مال الموصي. الخامسة: إذا أوصى لانسان بعبد معين، ولآخر بتمام الثلث، ثم حدث في العبد عيب قبل تسليمه إلى الموصى له كان للموصى له الآخر تكملة
136 الثلث، بعد وضع قيمة العبد صحيحا، لأنه قصد عطية التكملة والعبد صحيح. وكذا لو مات العبد قبل موت الموصي بطلت الوصية، وأعطي الآخر ما زاد عن قيمة العبد الصحيح، ولو كانت قيمة العبد بقدر الثلث، بطلت الوصية للآخر. السادسة: إذا أوصى له بأبيه، فقبل الوصية وهو مريض، عتق عليه من أصل المال إجماعا منا، لأنه إنما يعتبر من الثلث ما يخرجه عن ملكه، وهنا لم يخرجه. بل بالقبول ملكه، وانعتق عليه تبعا لملكه. السابعة: إذا أوصى له بدار، فانهدمت وصارت براحا، ثم مات الموصي، بطلت الوصية، لأنها خرجت عن اسم الدار، وفيه تردد. الثامنة: إذا قال: أعطوا زيدا والفقراء كذا، كان لزيد النصف من الوصية. وقيل: الربع، والأول أشبه.
137 ولم يجز الورثة صح البيع في النصف في مقابلة ما دفع، وهي ثلاثة أسهم من ستة، وفي السدسين بالمحاباة، وهي سهمان، هما الثلث من ستة، فيكون ذلك خمسة أسداس العبد، وبطل في الزائد وهو سدس، فيرجع على الورثة. والمشتري بالخيار إن شاء فسخ، لتبعض الصفقة، وإن شاء أجاز. ولو بذل العوض عن السدس، كان الورثة بالخيار، بين الامتناع والإجابة، لأن حقهم منحصر في العين. الخامسة: إذا أعتقها في مرض الموت وتزوج ودخل بها صح العقد والعتق، وورثته إن أخرجت من الثلث. وإن لم تخرج فعلى ما مر من الخلاف في المنجزات. السادسة: لو أعتق أمته وقيمتها ثلث تركته، ثم أصدقها الثلث الآخر، ودخل ثم مات، فالنكاح صحيح وبطل المسمى، لأنه زائد على الثلث وترثه. وفي ثبوت مهر المثل تردد، وعلى القول الآخر يصح الجميع.
140 رسالة في منجزات المريض
141 صورة الصفحة الأولى من رسالة منجزات المريض
143 نموذج من رسالة منجزات المريض
144 صورة الصفحة الأخيرة من رسالة منجزات المريض
145 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
146 رسالة في منجزات المريض الأقوى أن ما اصطلح عليه الفقهاء وعبروا عنه ب (منجزات المريض) محسوب من الأصل، وفاقا للمحكي عن ظاهر الكافي (1) والفقيه (2) والمقنعة (3) والانتصار (4) والنهاية (5) والمبسوط في باب الوقف (6) والغنية في باب الهبة (7) والمهذب (8)
(1) الكافي 7: 7 باب (صاحب المال أحق بماله)، وراجع مفتاح الكرامة 9: 570. (2) الفقيه 4: 202، ذيل الحديث 5466. (3) المقنعة: 671. (4) الإنتصار: 224. (5) النهاية: 618. (6) المبسوط 3: 298 - 299. (7) الغنية (الجوامع الفقهية): 541. (8) المهذب 2: 106. 147 والوسيلة (1) والمراسم (2) والسرائر (3) وابن سعيد (4) وكشف الرموز (5) ومجمع الفائدة (6) والكفاية (7) والوسائل (8) والرياض (9) والمناهل (10). وفي الرياض: أنه المشهور بين القدماء (11). وعن السرائر: أنه الأظهر في المذهب (12). وعن الانتصار (13) والغنية (14): الاجماع عليه. ولعله يكفي في المسألة بعد الاعتضاد بما عرفت من حكاية الشهرة - مضافا إلى الاستصحاب [أي] (أصالتي بقاء حكم حال الصحة بعد المرض وبقاء اللزوم بعد الموت ورد الوارث] (15)
(1) الوسيلة: 372. (2) المراسم: (الجوامع الفقهية): 590. (3) السرائر 3: 213. (4) الجامع للشرائع: 497. (5) كشف الرموز 2: 91. (6) مجمع الفائدة 9: 214. (7) كفاية الأحكام: 151. (8) الوسائل 13: 376 الباب 16 من أبواب أحكام الوصايا. (9) الرياض 2: 66. (10) المناهل: (مخطوط). (11) الرياض 2: 66. (12) السرائر 3: 200. (13) الإنتصار: 224. (14) الغنية (الجوامع الفقهية): 541. (15) ورد ما بين المعقوفتين بعنوان نسخة بدل عن كلمة، (الاستصحاب) في هامش (ع) ومتن (ص)، وورد في هامش (ق) من دون علامة، والظاهر أنه توضيح للاستصحاب، ولذلك أضفنا كلمة [أي]. 148 وعمومات لزوم التصرفات (1) - إطلاق ما دل على أن (الميت أحق بماله ما دام فيه الروح) (2)، وزيد في بعضها - في التهذيب - قوله: (فإن قال: بعدي، فليس له إلا الثلث) (3)، وعن الكافي زيادة قوله: (فإن أوصى فليس له إلا الثلث) (4). وخصوص رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام: (عن الرجل له الولد، أيسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ قال: هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت، إن لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيا، إن شاء وهبه، وإن شاء تصدق به، وإن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت، وإن أوصى به فليس له إلا الثلث) (5)، وحمله على غير المريض يأبى عنه جعل الموت غاية للحكم، كما هو واضح. ومرسلة ابن أبي عمير عن رجل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام: (في رجل أوصى بأكثر من الثلث وأعتق مماليكه في مرضه، قال: إن كان أكثر من الثلث رد إلى الثلث، وجاز العتق) (6). ومرسلة مرازم - وقبله صفوان - عن أبي عبد الله عليه السلام: (في الرجل يعطي الشئ من ماله في مرضه، قال: إذا أبان به فهو جائز، وإن أوصى به
(1) الوسائل 13: 381، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا. (2) الوسائل 13: 381، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 4. (3) ا لتهذيب 9: 188، الحديث 756. (4) الكافي 7: 8 الحديث 7. (5) الوسائل 13: 381 الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2. (6) الوسائل 13: 459، الباب 67 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 4. 149 فهو من الثلث) (1). وموثقة عمار: (عن الرجل يجعل بعض ماله لرجل في مرضه، قال: إذا أبان به فهو جائز) (2). ورواية السكوني (3) عن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام: (أن رجلا من الأنصار توفي وله صبية صغار. وله ستة من الرقيق، وأعتقهم عند موته، وليس له مال غيرهم، فأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبر، فقال: ما صنعتم بصاحبكم؟ فقالوا: دفناه، فقال: لو علمت ما دفناه مع أهل الاسلام، ترك ولده يتكففون الناس) (4). والظاهر منه نفاذ عتقه وإن احتمل أن يكون ذم النبي صلى الله عليه وآله وسلم [راجعا] (5) إلى أصل الفعل، وإقدامه على تضييع عياله، وإن لم يكن تصرفه نافذا، ولا يهمنا إتمام دلالته، فإن فيما تقدم غنى عنه، بل لو لم يكن إلا الاطلاقات المتقدمة في تسلط الانسان على ماله ما دام الروح في بدنه كفى، لضعف ما يعارضها من الأخبار وغيرها كما سيجئ. ويؤيده: استمرار السيرة على عدم ضبط ما يحابي الانسان في مرضه من الصدقات، وهدايا الطبيب، وشراء الأدوية بأزيد من ثمن المثل، ونحو ذلك.
(1) الوسائل 13: 382، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا. الحديث 6. (2) الوسائل 13: 383، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 10، وفيه: (إذا أبانه جاز). (3) كذا في النسخ، ورواه الكليني في الكافي مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورواه الصدوق في الفقيه عن مسعدة بن صدقة الربعي. (4) الفقيه 4: 186، الحديث 5427. (5) لم يرد في (ق). 150 خلافا للمحكي عن الإسكافي (1) والصدوق (2) والمبسوط في باب الوصية (3) والغنية في باب العتق (4)، وكتب المحقق (5) والعلامة (6) والشهيدين (7) والمحقق الثاني (8) وفخر الاسلام (9) والتنقيح (10) بل عليه عامة المتأخرين كما قيل، بل ظاهر الخلاف - في باب العتق -: دعوى إجماع الفرقة وأخبارهم عليه (11) وعن المحقق الثاني: أن النصوص متواترة (12). واستدل له بأصالة عدم صحة المعاملة بالنسبة إلى الزائد عن الثلث، ولم أتحقق معناه. وما ذكره في المختلف (13): من أن إمضاء الوصية من الثلث والقول بخروج العطايا المنجزة من الأصل مما لا مجتمعان، لاشتراكهما في المقتضي لحصر الوصية في الثلث، وهو النظر في حق الورثة، كما نبه عليه في الأخبار، مثل قوله عليه السلام: (إن الوصية ترد إلى المعروف عن المنكر فمن ظلم نفسه
(1) حكاه عنه العلامة في المختلف: 514 (2) حكاه عنه العلامة في المختلف: 514 (3) المبسوط 4: 44. (4) الغنية (الجوامع الفقهية): 555. (5) الشرائع 2: 261. (6) التحرير 1: 305. (7) الدروس 2: 302، الروضة البهية 5: 64. (8) جامع المقاصد 10: 206، و 11: 126 (9) إيضاح الفوائد 2: 593. (10) التنقيح 2: 422. (11) الخلاف: كتاب العتق، المسألة: 3. (12) جامع المقاصد 10: 206، وفيه: ثبت بالنص تواترا. (13) المختلف: 514. 151 وأتى في وصيته بالمنكر والحيف فإنها ترد إلى المعروف، وترك لأهل الميراث ميراثهم) (1). وقول علي عليه السلام: (لا أبالي أضررت بولدي أم سرقتهم ذلك [المال] (2)) (3) دل على التسوية في عدم المشروعية بين السرقة والاضرار بالورثة، المتحقق تارة بالوصية بأزيد من الثلث، وأخرى بالمحاباة به في ضمن العقود المنجزة. مع أن خروج المنجزات من الأصل يوجب اختلال حكمة حصر الوصية في الثلث، لامكان التجاء كل من يريد الزيادة في الوصية إلى عقد منجز، فيعاوض جميع ماله بدرهم فرارا عن رد الوصية. وما دل من الأخبار على أنه لا يستحق الانسان عند موته أزيد من ثلثه بحيث يستقل بالتصرف فيه، مثل النبوي: (إن الله قد تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة في أعمالكم) (4). ومصححة علي بن يقطين: (سألت أبا الحسن عليه السلام، وقلت: ما للرجل من ماله عند موته؟ فقال: الثلث، والثلث كثير) (5). ورواية ابن سنان المروية في زيادات التهذيب، عن الصادق عليه السلام:
(1) الوسائل 13: 358، الباب 8 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول. (2) من المصدر. (3) الوسائل 13: 356، الباب 5 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول (4) مستدرك الوسائل 14: 96، الباب 9 من أبواب الوصايا، الحديث 3، وفيه: (إن الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم). (5) الوسائل 13: 363، الباب 10 من أبواب أحكام الوصايا الحديث 8، وفيه: (عن الحسين بن علي بن يقطين). 152 (قال: للرجل عند موته ثلث ماله، وإن لم يوص فليس على الورثة امضاؤه) (1). والمحكي عن البحار، عن الهداية، عن الصادق عليه السلام: (الوصية على كل مسلم - إلى أن قال -: ليس للميت من ماله إلا الثلث، فإذا أوصى بأكثر من الثلث رد إلى الثلث) (2). ومصححة شعيب: (عن الرجل يموت، ما له من ماله؟ قال: له الثلث، والمرأة كذلك) (3). وما دل على التفرقة في العطية بين حالتي الصحة والمرض، مثل رواية سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام: (في عطية الوالد لولده، قال: أما إذا كان صحيحا فهو ماله يصنع به ما شاء، وأما في مرضه فلا يصلح) (4). وفي رواية جراح: (قال: إذا كان صحيحا جاز) (5). وعن سماعة - أيضا - عن الصادق عليه السلام: (عن الرجل يكون لامرأته عليه صداق أو بعضه، فتبرئ ذمته في مرضها، قال: لا، ولكن إن وهبته
(1) التهذيب 9: 242، الحديث 939. (2) البحار 103: 207، الحديث 17. والهداية (الجوامع الفقهية): 63، وفيهما: (الوصية حق على...). (3) الوسائل 13: 362، الباب 10 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2، وفيه: (وللمرأة أيضا). (4) الوسائل 13: 384، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 11. (5) الوسائل 13: 384، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 14، وفيه: (إذا أعطاه في صحته جاز). 153 جاز له ما وهبته من ثلثها) (1). وفي رواية أبي ولاد: (بل هبة له، فيجوز هبتها له، ويحتسب ذلك من ثلثها إن كانت تركت شيئا) (2). ومصححة أبي بصير: (عن الرجل يخص بعض ولده بالعطية، قال: إن كان موسرا فنعم، وإن كان معسرا فلا) (3) بناء على أن التفصيل بين اليسار وعدمه من جهة ملاحظة الثلث. وما دل على إمضاء العتق من الثلث إذا كان العتق أزيد من الثلث، مع أن بناء العتق على التغليب، مثل خبر ابن الجهم عن أبي الحسن: (في رجل أعتق مملوكا وقد حضره الموت، وأشهد له بذلك وقيمته ستمائة درهم، وعليه دين ثلاثمائة درهم، ولم يترك غيره، قال: يعتق منه سدسه، لأنه إنما له ثلاثمائة، وله السدس من الجميع) (4). وخبر علي بن عقبة عن الصادق عليه السلام: (في رجل حضره الموت فأعتق مملوكا ليس له غيره فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، كيف القضاء؟ قال: ما يعتق منه إلا ثلثه) (5).
(1) الوسائل 13: 384، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 16، وفيه: (ولكنها إن وهبت له جاز ما وهبت له من ثلثها). (2) الوسائل 13: 367، الباب 11 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 11، وفيه: (بل تهبه). (3) الوسائل 13: 384، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 12. (4) الوسائل 13: 423، الباب 39 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 4. (5) الوسائل 13: 384، الباب 17 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 13، وفيه: (عن عقبة بن خالد). 154 وزاد في رواية أخرى: (وسائر ذلك الورثة أحق بذلك) (1). وخبر أبي بصير: (إذا أعتق رجل عند موته خادما له، ثم أوصى بوصية أخرى، ألغيت الوصية وأعتقت الجارية من ثلثه، إلا أن يفضل من ثلثه بما يبلغ الوصية) (2). ورواية إسماعيل بن همام: (في رجل أوصى عند موته بمال لذوي قرابته، وأعتق مملوكا له، وكان جميع ما أوصى به يزيد على الثلث، كيف نصنع في وصيته؟ قال: يبدأ بالعتق فينفذ) (3). وفي الكل نظر: أما الأصل، فلوضوح فساده. أما ما في المختلف، من أن المقتضي لحصر الوصية: النظر في حق الورثة (4) فهو وإن كان ربما يستفاد من الأخبار (5) إلا أن التتبع في أحكام المسألة، وفي غيرها من أحكام الفقه، يوجب الجزم بكونها حكمة في الحكم، لا علة يدور معها الحكم وجودا وعدما، وإلا لكان ما يتلفه المريض في مرضه محسوبا من الثلث. وأما ما ذكر من لزوم اختلال الحكمة المقتضية لحصر الوصية في الثلث، فنظائره في الفقه أكثر من أن تحصى، فإن بيع الأثمان يعتبر فيه التقابض، بخلاف الصلح عليها، فيجوز لكل أحد الالتجاء إلى الصلح، وكذلك الربا على
(1) الوسائل 13: 365، الباب 11 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 4، وفيه: (ولهم ما بقي). (2) الوسائل 13: 365، الباب 11 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 6. (3) الوسائل 13: 458، الباب 67 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2. (4) المختلف: 514. (5) راجع الوسائل 13: 358 - 370، الأبواب 8 و 9 و 10 و 11 في أحكام الوصايا. 155 فرض اختصاصها بالبيع مع ما ذكر في محله من الحيل الشرعية لتحليل ما يراد أخذه من الربا، وبالجملة، فنعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال كما ورد في أخبار الربا، جوابا عن اعتراض العامة على الإمام عليه السلام (1)، الراجع إلى ما ذكر هنا من لزوم اختلال حكمة تحريم الربا. وأما ما دل من الأخبار على أن الانسان لا يستقل بالتصرف في أزيد من ثلثه في آخر عمره (2) فالظاهر منها الوصية. أما النبوي (3)، فلأن ظاهر التصدق بالثلث على الانسان في آخر عمره أن يعطى شيئا لا يستحقه، وليس ذلك إلا في الوصية، إذ فيها ينتقل المال إلى الموصى له في زمان لا يملكه الانسان بل يملكه وارثه، وإلا فهو ماله ما دام حيا، لا معنى للتصدق به عليه ليتصرف فيه بالتصرفات الناقلة والمتلفة. نعم، لو كان هنا ما يقتضي خروج الانسان عن المالكية أو الاستقلال بها عند الموت، فرخص الله له في الثلث، كان هذا الترخيص حقيقا بأن يعبر عنه (4) فافهم فإنه لا يخلو عن دقة ما. ومنه يظهر الجواب عن رواية علي بن يقطين، والروايات الثلاث التي بعدها (5) فإن السؤال عن المقدار الذي يستحقه الانسان من ماله لا يصح إلا بأن يكون الاستحقاق في زمان يتحقق المقتضي لخروج المال عن ملكه، فعنى قوله: (ما للرجل من ماله عند موته؟) أي مقدار من المال يصح
(1) انظر الوسائل 12: 466، الباب 6 من أبواب الصرف، الحديث الأول. (2) الوسائل 13: 361، الباب 10 من أبواب أحكام الوصايا (3) مستدرك الوسائل 14: 96، الباب 9 من أبواب الوصايا، الحديث 3. (4) في (ع) و (ص): يعبر به عنه. (5) تقدمت في الصفحة: 152 - 153. 156 للرجل أن يجعله بحيث يصير بعد خروجه عن ملكه مصروفا فيما يريده من تملك أحد له أو الصرف في جهته. وكأن المستدلين بهذه الأخبار جعلوا الحجر على المريض مفروغا عنه عند السائلين عن (1) الإمام عليه السلام، وإنما سألوا عن المقدار المحجور فيه. ولا يخفى ما فيه، بل الذي يظهر للمتأمل أن المفروغ عنه عندهم وعند كل أحد - مع قطع النظر عن مشروعية الوصية -: تسلط الورثة على جميع المال، وأنه لا يرتفع ذلك بتوصية الميت بأن يصرف شئ من ماله بعد خروجه عن ملكه إلى ما يريد، لكن لما شاع حكم الشارع بنفاذ الوصية في الجملة، سألوا عن المقدار الذي ينفذ فيه الوصية (فأجاب الإمام عليه السلام بالثلث، وليس هذا حجرا على الانسان، ولذا يشترك فيه الصحيح والمريض، فعدهم المريض من المحجور عليه بالنسبة إلى الوصية بأزيد من الثلث ليس على ما ينبغي. وبالجملة، فالمتأمل في هذه الأخبار يظهر له أن السؤال عما يمكن أن يكون بعد الموت للانسان بأن يوصي في حياته لأن يصرف بعد مماته، لا عما يستقل الانسان قبل الموت بالتصرف [فيه] (2) مضافا إلى أن حمل الموت في هذه الأخبار على مرض الموت خلاف الظاهر، بل ليس من مجاز المشارفة كما يتخيل. مضافا إلى أن في ذيل رواية ابن سنان (3) وطرفي رواية
(1) كذا في النسخ، ولعل الأصح: من. (2) لم يرد في (ق). (3) تقدمت هذه الرواية في الصفحة: 152 - 153. 157 الهداية (1) قرينة على إرادة الوصية، وما قرينتان على غيرهما، فإن الأخبار يفسر بعضها ببعض، ويكشف بعضها عن بعض. وأما ما دل على حكم العطية للولد (2)، فالظاهر من (لا يصلح) الكراهة المسببة عن حصول التباغض بين الأولاد لتفضيل الوالد بعضهم على بعض، لعدم إمكان حملها على الفساد، وإرادة ما يفسد المطلوب أبعد من الكراهة قطعا، ومنه يعلم أن المراد من الجواز في الرواية الثانية (3) هو عدم المرجوحية، ويؤيد ما ذكرنا التفصيل في الثالثة - من روايات العطية - بين الاعسار والايسار (4)، لزوال علة الكراهة مع الأيسار. وأما رواية الابراء من الصداق (5) فقد خدش فيه غير واحد (6) بمخالفة ظاهرها لما ثبت من عدم جواز هبة ما في الذمة، مع أن الجواب عن سؤال الابراء لا محيص من حمله على الكراهة من جهة الاضرار بالورثة، مع احتمال حمل رواية أبي ولاد (7) على أن المرأة تحسب ذلك من ثلثها استحبابا مراعاة للورثة، لا أنه محسوب في الواقع من الثلث. وأما روايات العتق فلا يبعد إرادة الوصية بالعتق منها، لا الاعتاق
(1) تقدمة في الصفحة: 153. (2) تقدمة في الصفحة: 153. (3) تقدمت في الصفحة: 153. (4) وهي مصححة أبي بصير المتقدمة في الصفحة: 154. (5) تقدمت في الصفحة: 153 - 154. (6) قال الشهيد في المسالك 1: 338: (وأما رواية أبي ولاد ففيها: أن مضمونها لا يقول به أحد، لأن الابراء مما في الذمة صحيح بالاجماع دون هبته والحكم فيها بالعكس، فكيف يستند إلى مثل هذه الرواية المقلوبة الحكم الضعيفة السند). (7) تقدمت في الصفحة: 154. 158 منجزا، كما يشهد بذلك قوله في رواية أبي بصير: (أعتق ثم أوصى بوصية أخرى) (1) وقوله في رواية ابن همام: (فكان جميع ما أوصى به يزيد على الثلث) (2). ومثله يحتمل في معقد إجماع الخلاف المتقدم (3) فلاحظ. نعم، ربما يأبى عن حمل رواية ابن همام على الوصية حكم الإمام عليه السلام بتقديم العتق، مع أن الحكم في تعدد الوصايا ملاحظة الأسبق، إلا أنه يمكن حمله على أن الإمام عليه السلام فهم تقديم الاعتاق في الذكر. وربما يحمل الوصية في هذه الرواية على ما يعم العتق المنجز، وفيه ما لا يخفى. وربما يستدل لهذا القول ببعض أخبار أخر أضعف مما تقدم، ويرتكب في تقريب الاستدلال بها وجوه ضعيفة. والانصاف إن كلا من القولين (4) لا يخلو عن رواية، بل روايات ظاهرة فيه) إلا أن روايات القول الأول لعلها أظهر، ولو سلم التساوي كانت هي بالتقديم أولى لمخالفتها لمذهب الجمهور، كما عن الانتصار (5) والخلاف (6) وغيره (7). وربما يستغرب هذا الحمل بأنه ليس في هذه الأخبار - على كثرتها - إشارة إلى كون ذلك مذهب العامة، وهو غريب، إذ الموجود في أخبار علاج
(1) تقدمت في الصفحة: 155. (2) تقدمت في الصفحة: 155. (3) تقدم في الصفحة: 151. (4) في (ع) و (ص): كلا القولين. (5) الإنتصار: 224. (6) الخلاف: كتاب الوصايا، المسألة: 12.. (7) السرائر 3: 5 و 200. 159 التعارض [ليس] (1) إلا الأخذ بما خالف القوم (2) وأن الرشد في خلافهم (3) [وأما وجود الإشارة في المتعارضين إلى كون ذلك مذهب العامة فلم يعتبر فيها بوجه كما هو واضح] (4). هذا مع أنه ليس هنا أخبار كثيرة ظاهرة كما عرفت. هذا كله مع الاغماض عن الاجماعين المحكيين (5) والشهرة المحكية في الرياض على وجه الجزم (6). وبالجملة، فالخروج عن قواعد لزوم المعاملات بتلك الأخبار مع ما عرفت مشكل جدا، [بل لعل الحكم المذكور - أعني خروج المنجزات من الأصل - مما لا إشكال فيه، كما لا إشكال في خروج الواجبات المالية من الأصل، أوصى بها أم لم يوص، بل الاشكال في خروج الواجبات البدنية منه إذا أوصى بها أو مطلقا، وعدمه. ولنقدم البحث عن بيان حكم الوصية بما وجب على المكلف من العبادات البدنية فنقول] (7):
(1) لم يرد في (ق). (2) الوسائل 18: 85، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 30 و 31. (3) الوسائل 18: 80، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 19. (4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ق). (5) حكاها السيد المرتضى في الانتصار: 224، وابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهية): 541. (6) الرياض 2: 66. (7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ق). 160 مسألة [1] الأقوى وجوب الوصية بما وجب على المكلف من العبادات البدنية، التي فاتته لعذر أو لغير عذر. وفاقا لصريح غير واحد (1) وظاهر آخرين (2)، وحيث إن الموصي لا يتمكن إلا من فعل سبب هذا البدل - وهو الأمر والايصاء - وجب، فالمأمور به في الحقيقة هو التوصل إلى فعل البدل، لأن مشروعية فعلها عنه بعد الموت ولو لم يوص، وأن فعل النائب كفعله، بل فعله، الثابت بأدلة النيابة عن الميت، وأنه قضاء عنه وتدارك لما فات عنه، تدل على أن الواجب على المكلف تحصيل الفعل إما بنفسه، أو بمن يكون فعله فعلا له في إبراء الذمة. ولا ينافي هذا وجوب المباشرة في العبادات، لأن المفروض بعد
(1) منهم المفيد في المقنعة: 823، والحلي في السرائر 3: 184. (2) مثل جامع المقاصد 10: 120. 161 مشروعية كون استنابة المكلف كمباشرته، فلا يقدح وجوب (1) المباشرة، نعم في مقام لم يدل الدليل على مشروعية النيابة كالصلاة والصوم عن الحي، والحج مع التمكن (2) من المباشرة، يتعين المباشرة، لعدم ثبوت كون فعل الغير فعلا له في ذلك المقام. والأصل في ذلك: أن جميع الواجبات يراد حصولها من المكلف، فهو مأمور بتحصيلها مباشرة، فإن دل دليل خارجي على كون الواجب توصليا كان حصوله من غيره مسقطا للوجوب عن المكلف، ولا يحتاج إلى نية النيابة. وإن علم أنه من العبادات، أو لم يعلم كونه توصليا، فإن دل دليل عموما، أو في خصوص مورد على مشروعية النيابة فيه، وأن فعل النائب في حكم مباشرة المنوب عنه، كان الاستنابة مع فرض حصول الفعل من النائب نوع امتثال للواجب لا مجرد إسقاط، وإذا فرض كونه فردا من أفراد الامتثال بحكم أدلة تنزيل فعل النائب بمنزلة مباشرة المنوب، رجع الأمر بالفعل - كالصلاة مثلا - إلى إرادة تحصيلها مباشرة، أو ما هو في حكم المباشرة، فالايجاد بالنائب فرد من المأمور به، فإذا فات المكلف بالمباشرة وتمكن من الايجاد بالنائب - والمفروض قيام الدليل على أن فعل النائب بعد الموت تبرعا كان أو بالاستنابة بأجرة أو بغيرها بمنزلة مباشرة الشخص له - وجبت، فالوصية مسقطة لا بدل، لأن البدل هو تحصيل الفعل بالنيابة لا مجرد الاستنابة، وإنما كانت استنابة الموصي مسقطة، لأنه لا يقدر على أزيد منها. - وهذا المقدار وإن لم يشمله الخطاب بفعل الواجب، مثل قوله: صل مثلا، إلا
(1) في (ص) و (ع): (في وجوب). (2) كذا في (ص) و (ع) و (ق)، إلا أنه شطب على كلمه (التمكن) في (ق). 162 أنه مستفاد مما ثبت من أن الأمر بالمسبب المتوقف على أمور غير اختيارية، يرجع إلى إرادة إيجاد ما في وسع المكلف من المقدمات وإن لم يكن ذلك مرادا من اللفظ، فإن صادف الأسباب الموجدة باقي الأمور الخارجة عن اختيار المكلف فقد حصل الامتثال، وإلا سقط الأمر، فالايصاء بفعل الصلاة نيابة عنه يسقط معه الأمر بالصلاة على كل تقدير، سواء حصل من النائب أم لا يحصل. واستدل جامع المقاصد على وجوب هذه الوصية - بعد نفي البعد عنه - بأن فيه دفعا لضرر العقاب عن نفسه (1). وفيه: أنه إن أريد العقاب على ترك مباشرته حال الحياة، فمع أنه قد يفوت الواجب لعذر يسقط العقاب، أن العقاب على ترك المباشرة لا يندفع بالوصية. وإن أريد العقاب على ترك الوصية به فهو أول الكلام. اللهم إلا أن يرجع إلى ما ذكرنا، وحاصله: أن إيجاد الفعل بالنائب لما كان بدلا عن الايجاد مباشرة، ومرجع الأمر بالايجاد بالنائب إلى حمل المكلف على إعمال ما في قدرته من المقدمات، والمفروض أنه لا يقدر من ذلك إلا على الايصاء، كان الايصاء مسقطا للتكليف وإن لم يحصل نفس البدل الواجب، وهو إيجاد الفعل بالنائب، فافهم. وربما يستدل أيضا بعموم معاقد بعض الاجماعات الدالة على وجوب الوصية لكل حق واجب.
(1) جامع المقاصد 10: 120 وفيه: (وايجاب ذلك ليس ببعيد، لأن فيه توصلا إلى الاتيان بالواجب. وقال في مفتاح الكرامة 9: 462، بعد نقل عبارة جامع المقاصد: (قلت: الدليل على ذلك أن دفع الضرر المظنون واجب فما ظنك بالمعلوم، لأنه عالم بوجوبه واستحقاقه العقاب مع قدرته على براءة ذمته بالوصية). 163 مسألة [2] المشهور عدم وجوب الاستئجار للواجبات البدنية المحضة كالصلاة والصوم إذا لم يوص بها، للأصل، وعموم أدلة الإرث والوصية والدين، فإن مقتضى أدلتها عدم مزاحمة الواجب البدني لها. وحكي عن بعض الأصحاب القول بوجوب الاخراج (1)، لاطلاق الدين عليها في الأخبار المستفيضة (2) المقتضي لكونها من أفراده، أو ثبوت أحكامه لها. ويؤيد ذلك ما ورد من تعليل إخراج حجة الاسلام من أصل المال:
(1) انظر الجواهر 28: 299. (2) ستأتي في ما يلي. 165 بأنها دين عليه (1) وفي رواية أخرى صحيحة: أنها بمنزلة الدين الواجب (2). ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (دين الله أحق بالقضاء) (3). ويرد على الأول: أنه إن أريد بالاطلاقات التشبيه والتنزيل، فلا يخفى على من تأمل في تلك الروايات إرادة مجرد اشتغال الذمة بها، ولا بدية فعلها والاستراحة منها، لا ثبوت جميع أحكام الدين المالي حتى في وجوب إخراجه من الأصل. وإن أريد بالاطلاقات الحقيقة، فيكون الدين اسما لمطلق الحق الثابت في الذمة، فالكبرى - وهي أن كل دين يخرج من صلب المال - ممنوع، لأن المخرج من صلب المال ما كان من جنس المال، والواجب البدني لا معنى لاخراجه من صلب المال، وإخراج أجرة الاستنابة مبني على كون الدين هي الأجرة، وهو خلاف المفروض، إذ المفروض أن نفس الصلاة دين، لأنه الواجب على الميت دون بذل الأجرة. والضابط: أن الوجوب إذا تعلق ببذل المال، كان المال الواجب بذله دينا، فيخرج من أصل التركة ويبذل، وإذا تعلق بفعل بدني فالدين نفس الفعل، والمفروض عدم قابليته لأن يخرج من التركة ويستثنى من أدلة الإرث، وكون أجرة أدائه دينا فرع وجوب بذلها، إذ المال ما لم يجب بذله لا يصير دينا، ووجوب بذل الأجرة في المقام عين المتنازع.
(1) الوسائل 8: 52، الباب 29 من أبواب وجوب الحج، الحديث 2. (2) الوسائل 8: 46، الباب 25 من أبواب وجوب الحج، الحديث 4. (3) الذكرى: 75 في قضية الخثعمية. 166 فإن قلت: [إن ذلك] (1) لما وجب على الميت الايصاء - كما تقدم - ومرجعه إلى الأمر ببذل الأجرة للاستنابة. قلنا: الموجب لصدق الدين هو وجوب البذل على الميت، لا وجوب الأمر به عليه، بل إذا وجب الأمر بالبذل، يصير الأمر بالبذل واجبا مثل الصلاة، فصح إطلاق الدين عليه، فإذا تركه فقد فات، وإذا فعله فقد أدى ما عليه. ومما ذكرنا يظهر: أن كل من أطلق في فتواه أو معقد إجماعه (أن الواجب يخرج من الأصل) أراد به - بقرينة قوله: يخرج من الأصل -: الواجب القابل لاخراجه من مال الميت بأن يكون نفس بذل المال أو متوقفا عليه، والصلاة عن الميت في نفسها التي هي أداء دينها وفعل للنائب، ليس كذلك. نعم الاستنابة للصلاة عن الميت قابل لاخراجها من مال الميت لتوقفها على بذل المال، لكنها ليست واجبة على الميت، بل الواجب عليه الأمر بها، فما هو واجب في ذمته غير قابل لاخراجه من المال، وما هو قابل غير واجب، بل وكذا الكلام في قولهم: (إن غير الواجب يخرج من الثلث) فإن المراد به ما كان من الأمور الغير الواجبة الموصى بها قابلا للاخراج من المال، مثل الزيارة مستحبة، لكن لو أوصى بنفسها بأن قال للوصي: زر عني، فهو بمنزلة قوله: صلوا عني، لا يخرج من المال أصلا، بل يجب على الوصي مباشرتها إن فهم من الكلام. وإن فهم إرادة مطلق التحصيل، جاز له الاستنابة من ماله، لا من مال
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ق). 167 الميت، وهكذا قوله: صلوا عني. وأما إذا أوصى بالاستنابة من ماله، بأن أراد تحصيل الزيارة من ماله أخرج من ثلث ماله، كما لو أوصى بتحصيل الصلاة من ماله، إذ لا يجب على الميت تحصيل الصلاة من ماله، بل الواجب عليه الأمر بالتحصيل، وقد فعله. فهنا أفعال ثلاثة لأشخاص ثلاثة: فعل النائب نيابة عن الميت، وهو أداء لدينه. واستنابة الوصي للنائب على الأداء، وهو التسبيب إلى أداء دين الميت بماله. وأمر الموصي للوصي بالاستنابة، ومرجعه إلى الأمر بالتسبيب. وأما الواجبات المالية، ففعل الوصي هو بنفسه أداء للدين الواجب على الميت، نظير فعل النائب في الواجب البدني، فليس هنا إلا فعل الموصي، وهو الأمر بأداء الدين، وفعل الوصي، وهو أداء الواجب، فيؤدى من أصل المال. وأما الحج، فإن قلنا: إن الشرع جعله بمنزلة الدين، ونص على إخراج المال المتوقف عليه من الأصل، فلا إشكال، فنحتاج في إلحاق غيره به إلى دليل يدل على أنه أيضا بمنزلة الدين. وأخبار الدين قد عرفت أنها على تقدير الحمل على التشبيه دون الحقيقة، لا يستفاد منها عموم التنزيل في جميع الأحكام. وإن أردنا تطبيقه على مثال الدين دون مثال الصلاة، قلنا: إن الحج نفس الدين مثل الصلاة، لكن لما كان متوقفا على بذل المال بخلاف الصلاة كان أمر الموصي بتحصيله مستلزما لإرادة بذل المال مقدمة له، فقوله للوصي: حج عني، مستلزم لقوله: ابذل المال، فهو بمنزلة قوله: ابذل المال
168 للزكاة أو الخمس أو الكفارة. إلا أن الفرق كون وجوب البذل في الأمثلة نفسيا، وفي مثال الحج مقدميا، وهو غير مؤثر. ويرد على الدليل الثاني: أن ظاهر الرواية كون حق الله تعالى أهم من حق الناس، مع أنه خلاف الاجماع، وقد صرح بعض من اختار خروج الواجب البدني الموصى به من الأصل بتقديم الواجب المالي كالدين عليه إذا دار الأمر بينهما، وبأنه لو لم يوص بالواجب البدني لم يخرج من مال الميت أصلا، بخلاف الدين (1) مع أن ظاهر روايتي تنزيل الحج منزلة الدين في الخروج من الأصل (2) أن الدين هو الأصل في ذلك. وحينئذ فلا بد من جعل التعليل في الروايتين من قبيل القضايا الخطابية، التي يحسن استعمالها في مقام الخطابة. وحاصله - حيث وقع تعليلا لانتفاع الميت بقضاء صومه وحجه كما ينتفع بأداء دينه -: أنه إذا كان إرضاء المخلوق بإعطاء حقه موجبا لانتفاع الميت في الآخرة، فإرضاء الخالق جل ذكره أولى بأن ينتفع به في تلك النشأة، ومثل هذا لا شك في وقعه في ذهن العوام [خصوصا النسوان] (3) نظير قوله عليه السلام: (إن رب الماء رب الصعيد) (4). ويرد على الثالث: أن الاطلاق مسوق لبيان حكم آخر، وهو أن مثل هذه الصلاة الفائتة مما يقضى في مقابل ما لا يقضى من الفوائت من غير إرادة
(1) لم نعثر عليه. (2) تقدمتا في الصفحة: 165 - 166. (3) لم يرد في (ع) و (ص). (4) الوسائل 2: 995، الباب 23 من أبواب التيمم، الحديث 6. 169 بيان عموم القاضي والمقضي وخصوصهما. ويمكن أن يستدل بقوله عليه السلام - في الرواية المتقدمة الواردة في أداء دين المقتول عمدا من ديته -: (أنه أحق بديته من غيره) (1) فإن المراد من (الغير): الوارث، فظاهر أحقية الميت بتركته من الوارث كما يقتضي إخراج دينه منها قبل الإرث، كذلك [يقتضي] (2) وجوب إخراج أجرة صلاته الفائتة وإبراء ذمته منها. والانصاف، أن المسألة محل إشكال، مما ذكر، ومن عموم أدلة الإرث والوصية، وعدم نهوض ما ذكر مخصصا لها، بل أدلة الدين أيضا، بناء على أن اللازم من إخراج ما نحن فيه من الأصل مزاحمته [مع الدين، إلا أن بعض أهل هذا القول ادعى الاجماع على تقديم الواجبات البدنية على المالية وعدم مزاحمتها] (3) لها (4).
(1) لم تتقدم في هذه الرسالة، ولعلها تقدمت في رسالة أخرى سبق من المصنف قدس سره كتابتها. (2) لم يرد في (ق). (3) ما بين المعقوفتين لم ترد في (ص) و (ع)، ووردت العبارة في (ق) مبتورة في خلال بحث الوصايا بعد صفحتين كانتا بياضا. (4) في (ص) و (ع) لهما. هذا وجاء في آخر (ص) و (ع) ما يلي: تمت وبالخير عمت، هذا صورة ما كتبه المؤلف سلمه الله. هذا آخر ما وجد من خطه الشريف قدس الله روحه في الوصية مع كثرة الاغتشاش والكتابة في الحواش بدون العلامة، وقد رتبتها بقدر فهمي القاصر آجرني الله بذلك كما غفر لأستاذي المرحوم أعلى الله مقامه. 170 المواريث
171 صورة الصفحة الأولى من رسالة المواريث
173 نموذج من رسالة المواريث
174 صورة الصفحة الأخيرة من رسالة المواريث
175 مسألة (1) [1] المقتضي للإرث أمران: نسب، وسبب. والمراد بالنسب: علاقة بين شخصين تحدث من تولد أحدهما من الآخر، أو تولدهما من ثالث. والسبب أربعة: الزوجية، وولاء العتق، وولاء ضمان الجريرة، وولاء الإمامة. والنسب ثلاث مراتب. المرتبة الأولى: الأبوان والأولاد. ولا يرث معهم أحد عدا الزوج والزوجة: بإجماع الإمامية، والسنة المتواترة معنى عن أهل البيت عليهم السلام. فللأب المنفرد المال، وكذا الأم المنفردة. ولو كان معهما أو مع أحدهما ابن، فلكل واحد منهما السدس، والباقي
(1) لا يوجد في (ق) عنوان: (مسألة) لا هنا ولا في الموارد الآتية. 177 للابن. ولو كانت (1) بنت أعطيت من الباقي نصف المال، ورد الباقي منه إليها وإليهما أو إلى أحدهما على حسب السهام، بالاجماع، والأخبار المستفيضة. ولو كان للميت إخوة بالشروط الآتية - في حجبهم الأم عن الثلث - فالصروف - الذي ادعي عليه الاتفاق في المسالك (2)، وعدم معرفة الخلاف في الكفاية (3) -: أنهم يجبونها هنا عن حصتها من الفاضل المردود، ولم أجد عليه دليلا. واستدل عليه بقوله تعالى: (فإن كان له إخوة فلأمه السدس) (4). وفيه: إن الظاهر كونه تتمة لقوله تعالى: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) (5) فيختص بصورة فقد الولد، مع أن إثبات السدس لها بالفرض لا يستلزم نفي الزائد بالرد، كما أن قوله تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) (16) لا يوجب نفي الرد في صورة كون الولد بنتا (7)، ولهذا يرد الاستدلال للمطلب بهذه الآية بدعوى: أن ظهورها عرفا في نفي استحقاق الزائد، خرج من عمومها ما اتفق فيه على الرد عليها، وبقي الباقي. واستدل عليه أيضا: بأن الإخوة إذا حجبوها عن فرضها الأصلي - وهو الثلث - فلأن يجبوها عن المردود عليها بالقرابة أولى. وفي الأولوية منع.
(1) في (ق): كان. (2) المسالك 2: 394. (3) كفاية الأحكام: 295. (4) النساء: 11. (5) النساء: 11. (6) النساء: 11. (7) في (ع) و (ص): في صورة عدم كون الولد بنتا. 178 واستدل عليه - أيضا - بعموم ما علل به حجبهم إياها عن الثلث، من التوفير على الأب لكون الإخوة عيالا له (1). وفيه: إنه ظاهر فيما إذا كان المحجوب عنه (2) موفرا بتمامه على الأب، فلا يشمل ما إذا كان الموفر عليه جزءا (3) قليلا من المحجوب عنه، كما هو المشهور بين القائلين بالحجب. نعم ذهب معين الدين المصري (4) منهم [إلى] اختصاص المحجوب عنه بالأب، وأنه لا تعطى البنت منه شيئا، وقواه في الدروس (5). ويضعف بما دل على وجوب كون الرد على ذوي السهام المفروضة بقدر سهامهم، كعموم التعليل في رواية حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام في رجل ترك ابنته وأمه: (إن الفريضة من أربعة أسهم، لأن للبنت ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم، وبقي سهمان فهما أحق بهما من العم وابن الأخ (6)، لأن البنت والأم سمي (7) لهما، ولم يسم لهم، فيرد عليهما بقدر سهامهما) (8). دلت على أن كل من سمي له فيرد عليه بقدر سهمه، وفي الطريق موسى بن بكر (9) الواسطي الواقفي، إلا أن الظاهر كونه ثقة، لما عن الفهرست
(1) ليس في (ش): له. (2) كذا في (ق)، وفي سائر النسخ: فيه. (3) في (ش): جزء أو قليلا، وفي (ص) و (ع): جزء وقليلا. (4) الدروس 2: 357، وليس فيه ما يدل على تقويته، بل فيه: (... وهو محتمل). (5) الدروس 2: 357، وليس فيه ما يدل على تقويته، بل فيه: (... وهو محتمل). (6) في المصدر: والعصبة. (7) كذا في (ق) والوسائل، وفي سائر النسخ: يسمى. (8) الوسائل 17: 464، الباب 17 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد، الحديث 3. (9) كذا في (ق) والوسائل، وفي سائر النسخ: موسى بن بكير. 179 من رواية صفوان عنه (1)، مع اعتضادها بالشهرة، وبرواية بكير (2) الموافقة لها من حيث المضمون. وبأن تخصيص الأب بالرد دون البنت - مع كونها أكثر نصيبا منه - ترجيح من غير مرجح، وإنما انفرد بالرد مع عدم الأولاد (3)، لعدم قريب آخر معه. اللهم إلا أن تعارض الروايتان بعموم ما دل على حكم حجب الإخوة للأم (4) حيث إنها ظاهرة في اختصاص المردود بالأب. ولو كان مع الأبوين أو أحدهما زوج أو زوجة كان لأحد الزوجين - مع عدم الولد - نصيبه الأعلى، ومعه نصيبه الأدنى، والباقي للولد، فإن فضل عن فريضته (5) شئ - كما لو كانت بنتا واحدة - رد عليها وعلى أحد الأبوين، ولو لم يف الباقي بفريضته (6) - كما لو كانتا بنتين - دخل النقص عليهما دون الأبوين وأحد الزوجين، بالاجماع، والأخبار المستفيضة الدالة على بطلان العول (7)، والمصرحة بأن الأبوين والزوجين لا يدخل عليهم النقص عن سهامهم النازلة أبدا (8).
(1) الفهرست: 341. (2) الوسائل 17: 464، الباب 17 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد، الحديث 6. (3) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: الأول. (4) الوسائل 17، 454، الباب 10 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد. (5) كذا في " ق " و " ص "، وفي سائر النسخ: فريضة. (6) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: بفريضة. (7) الوسائل 17: 421، الباب 6 من أبواب موجبات الإرث. (8) الوسائل 17: 425، الباب 7 من أبواب موجبات الإرث. 180 مسألة [2] للزوج من تركة زوجته الربع إن كان لها ولد، وإلا فالنصف، والباقي لسائر ورثتها بالنسب أو السبب. ولو لم يوجد منهم عدا الإمام رد الباقي على الزوج، على المعروف من غير سلار (1) من علمائنا، وعن الشيخين (2) والسيدين (3) والحلي (4) دعوى الاجماع، وبه أخبار مستفيضة (5)، وبذلك يخصص عموم قوله: " لا يرد على الزوج والزوجة " (6) ومع توجه احتمال
(1) المراسم: 222. (2) المقنعة: 687، والاستبصار 4: 149. (3) الإنتصار: 300، والغنية (الجوامع الفقهية): 544. (4) السرائر 3: 242. (5) الوسائل 17: 511، الباب 3 من أبواب ميراث الأزواج. (6) الوسائل 17: 516، الباب 4 من أبواب ميراث الأزواج، الحديث 10. 181 حمله على التقية، أو وروده فيما إذا جامع أحد الزوجين لذي (1) فرض من أولي الأرحام - بحيث تزيد التركة على فرضهما - كأحد الزوجين مع الأم (2) أو الأخ (3) [لها] (4).
(1) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: لذوي. (2) في " ص ": الإمام. (3) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: والأخ. (4) من " ق ". 182 مسألة [3] للزوجة من تركة زوجها الثمن إذا كان له ولد، وإلا فالربع، والباقي لسائر الورثة. ومع عدمهم - عدا الإمام - ففي رد الباقي عليها، أو كونه للإمام، أقوال: ثالثها: الأول مع غيبة الإمام عليه السلام، والثاني مع حضوره عليه السلام. وخيرها أوسطها، للأصل، لأن ثبوت الزائد عما فرض لها في الكتاب يحتاج إلى دليل، ولا يعارض بأصالة عدم ثبوته للإمام عليه السلام، لأنه إذا ثبت - ولو بحكم الأصل - عدم ثبوت وارث ومستحق لهذا المال، ثبت كونه للإمام عليه السلام، لما دل على أنه وارث مع عدم الوارث (1)، وللأخبار المستفيضة (2) المعتضدة بفتوى الأكثر، إذ لم يحك الأول إلا عن
(1) الوسائل 17: 548، الباب 2 من أبواب ولاء ضمان الجريرة. (2) الوسائل 17: 514، الباب 4 من أبواب ميراث الأزواج. 183 المفيد (1)، [ويدل عليه الصحيح] (2): " عن رجل مات وترك امرأته؟ قال: المال لها " (3) ويرد بالشذوذ، لأن القول به (4) مختص بالمفيد فيما وجدنا، ومع ذلك فرجوعه عنه محكي عن الحلي (5). وعن الانتصار: عدم عمل الطائفة
(1) المقنعة: 691. (2) ما بين المعقوفتين ليس في " ق ". (3) الوسائل 17: 516، الباب 4 من أبواب ميراث الأزواج، الحديث 9. (4) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: بها. (5) السرائر 3: 244 فقد ادعى ابن إدريس رحمه الله في كتابه السرائر، رجوع الشيخ المفيد قدس سره عن رأيه المشار إليه في باب ميراث الأزواج، وقال ما نصه: وقال شيخنا المفيد في مقنعته في آخر باب ميراث الإخوة والأخوات: " وإذا لم يوجد مع الأزواج قريب ولا نسب للميت رد باقي التركة على الأزواج ". إلا أنه رحمه الله رجع عن ظاهر كلامه وإجماله في كتابه [أي رسالة الاعلام (عدة رسائل للشيخ المفيد: 336)] فقال في باب ميراث الأزواج: " واتفقت الإمامية على أن المرأة إذا توفيت وخلفت زوجا ولم تخلف وارثا غيره من عصبة ولا ذي رحم أن المال كله للزوج، النصف منه بالتسمية والنصف الآخر مردود عليه بالسنة " (انتهى كلامه رحمه الله). وهذه الدعوى من ابن إدريس رحمه الله مبتنية على أن الشيخ المفيد رحمه الله لو كان باقيا على رأيه المذكور في كتابه المقنعة (الصفحة: 691) لكان ينبغي له أن يذكر هذه المسألة في رسالة الاعلام بالأسلوب نفسه. وبعبارة تشمل كلتا الصورتين للمسألة ولكنه قدس سره لم يتعرض فيها إلا لصورة واحدة وهي رد باقي تركة الزوجة على الزوج إذا لم يكن لها وارث سواه، ولم يتعرض لمسألة إرث الزوج إذا لم يكن له وارث سوى زوجته والخلاصة: إن المفيد قال في المقنعة برد تركة كل واحد من الزوجين على الآخر إذا لم يكن له وارث، بينما ذكر في الاعلام الصورة الأولى فقط، فجعل ابن إدريس هذا دليلا على رجوعه عن رأيه. وما ذكره ابن إدريس رحمه الله مجرد دعوى لأن الشيخ المفيد قدس سره إنما يعبر في (المقنعة) عن رأيه الشخصي، بينما خصص " الاعلام " للمسائل التي اتفقت الشيعة عليها واتفقت العامة على خلافها. والصورة التي لا خلاف فيها بين فقهاء الشيعة هي رد تركة الزوجة على الزوج إذا لم يكن لها وارث سواه. أما الصورة الثانية فهي محل خلاف بين فقهاء، الشيعة. ولذلك فقد ذكر الصورة الأولى فقط ولم يذكر الصورة الثانية. 184 بالرواية الدالة على الرد على الزوجة (1). وعن الحلي: إنه لا خلاف فيه بين المحصلين (2). والقول الثالث (3) للصدوق قدس سره (4) وجماعة من المتأخرين، ولا مستند لهم سوى الجمع بين الأخبار، بتقييد مستند المفيد (5) بزمان غيبة الإمام عليه السلام وهو بعيد. وأفرط الحلي - فيما حكي عنه (6) - في تبعيد (7) حيث إن قوله: " رجل مات " بصيغة الماضي، فحمله على زمان غيبة الإمام عليه السلام المتأخر عن زمان صدور هذا الكلام بأزيد من مائة عام لا وجه له [في المقام] (8)
(1) الإنتصار: 301. (2) السرائر 3: 242. (3) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: الثاني. (4) الفقيه 4: 262. باب ميراث الزوج والزوجة. (5) وهي صحيحة أبي بصير. أنظر الوسائل 17: 516، الباب 4 من أبواب ميراث الأزواج الحديث 9. (6) في " ص ": وأفرط فيما حكى الحلي عنه، وهكذا في " ع " أيضا على سبيل نسخة بدل. (7) السرائر 3: 243، وانظر: الروضة البهية 8: 84. (8) ما بين المعقوفتين من " ق ". 185 مسألة [4] توارث الزوجين لا يتوقف على الدخول، بالاجماع - ظاهرا - وغير واحد من الأخبار (1)، مضافا إلى ظاهر الآية. ويثبت التوارث بين الزوج ومطلقته رجعيا في العدة بلا خلاف، وفي المسالك (2) والرياض (3): الاجماع عليه على الظاهر؟ لغير واحد من الأخبار (4)، ولأنها بحكم الزوجة. ولا توارث بين الزوج ومطلقته بائنا، إلا أن يطلق المريض رجعيا أو غيره، فترث منه لو مات في المرض ما بينه وبين سنة إذا لم تتزوج المرأة.
(1) الوسائل 17: 529، الباب 12 من أبواب ميراث الأزواج. (2) المسالك 2: 25، في بحث طلاق المريض. (3) الرياض 2: 363. (4) الوسائل 17: 530، الباب 13 من أبواب ميراث الأزواج. 187 مسألة [5] المعروف من غير الإسكافي أن الزوجة غير ذات الولد من زوجها الذي مات لا ترث من جميع أمواله، بل تحرم عن أشياء (1). وعن نكت الشهيد وغيره: دعوى الاجماع عليه (2)، وأنه من متفردات (3) الإمامية (4). ثم اختلفوا فيما يحرم منه على أقوال: أقواها: ما نسب إلى المشهور، من أنها لا ترث من الأرض مطلقا عينا ولا قيمة، وترث من قيمة البناء والآلات المثبتة فيه من الأبواب والأخشاب والجذوع والقصب، ومن (5) قيمة الشجر، لصحيحة مؤمن الطاق
(1) المختلف: 736. (2) غاية المراد: 482. (3) كذا في " ق " و " ص "، وفي سائر النسخ: منفردات. (4) المسالك 2: 268، الإنتصار: 301. (5) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: عن. 189 المروية في الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سمعته يقول: لا يرثن النساء من العقار شيئا، ولهن قيمة البناء والشجر والنخل، يعني بالبناء: الدور، وإنما عنى من النساء: الزوجة " (1). وليس في السند - عدا محمد بن موسى المتوكل - من يتأمل فيه، وهو وإن لم يحك عن الشيخ والنجاشي توثيقه، إلا أنه وثقه العلامة (2) وابن داود (3)، وقد ترضى الصدوق عليه (4) وكان من مشايخه (5). وبالجملة، لا يقصر حاله عن إبراهيم بن هاشم، مضافا إلى أن عمل الأكثر على الرواية. وأما ذات الولد من الزوج (6) فظاهر الكليني (7) والمحكي عن المفيد (8)، والشيخ في الاستبصار (9)، والسيد (10)، وأبي الصلاح (11) وابن إدريس (12) إلحاقها (13) بغيرها، وهو ظاهر المحقق في
(1) الفقيه 4: 348، باب نوادر المواريث، الحديث 5750. (2) رجال العلامة: 149. (3) رجال ابن داود: 185. (4) (5) الفقيه 4: 453. (6) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: وأما إذا مات الولد من الزوج. (7) الكافي 7: 127 - 130، باب " أن النساء لا يرثن من العقار ". (8) المقنعة: 687 والاعلام (عدة رسائل) 336. (9) الإستبصار 4: 155. (10) الإنتصار: 301. (11) الكافي في الفقه: 374. (12) السرائر 3: 259. (13) في النسخ: إلحاقه. 190 النافع (1)، والمحكي عن تلميذه مصنف كشف الرموز (2)، وذهب إليه كثير من متأخري المتأخرين، وقواه في المسالك (3). خلافا لجماعة، منهم: الصدوق (4)، والشيخ في النهاية (5)، والقاضي (6) وابن حمزة (7)، والمحقق في الشرائع (8)، والفاضل (9) وولده (10)، والشهيد في اللمعة (11)، والفاضل المقداد في كنز العرفان (12)، ونسب إلى المشهور - سيما بين المتأخرين (13) - فحكموا بتوريثها من أعيان جميع التركة، للجمع بين أخبار كثيرة مانعة بقول مطلق أو عام (14)، وصحيحة ابن
(1) المختصر النافع: 272. (2) كشف الرموز 2: 464. (3) المسالك 2: 269. (4) الفقيه 4: 349. (5) النهاية: 642. (6) المهذب 2: 141. (7) الوسيلة: 391. (8) الشرائع 4: 34. (9) قواعد الأحكام 2: 178. (10) إيضاح الفوائد 4: 242. هذا، وقد أثبتنا العبارة كما وردت في " ق " ولكن العبارة في سائر النسخ كما يلي: " والقاضي وابن حمزة في الشرائع والقاضي وولده "، وهو خطأ. (11) اللمعة الدمشقية: 264. (12) كنز العرفان 2: 332. (13) انظر: مفتاح الكرامة 8: 189، والروضة البهية 8: 172. (14) الوسائل 17: 514، الباب 4 من أبواب ميراث الأزواج. 191 أبي يعفور الدالة على مذهب الإسكافي (1)، ومقطوعة ابن أذينة: " في النساء، إذا كان (2) لهن ولد أعطين من الرباع " (3). والجمع خال عن الشاهد لحمل (4) رواية ابن أبي يعفور على التقية، والمقطوعة لا تصلح لتخصيص عمومات كثيرة.
(1) الوسائل 17: 522، الباب 7 من أبواب ميراث الأزواج. الحديث الأول. (2) كذا في " ق " والوسائل. وفي سائر النسخ: إذا لم يكن. (3) الوسائل 17: 523، الباب 7 من أبواب ميراث الأزواج، الحديث 2. (4) في " ش ": فيحمل. 192 مسألة (6) إذا مات شخصان متوارثان، ولم يعلم تقدم موت أحدهما عن الآخر، فإن كان موتهما أو أحدهما حتف الأنف، فالأظهر عدم إرث واحد منهما عن الآخر، لأن هذا الإرث مخالف للأصل الدال على توقف الإرث على تحقق حياة الوارث عن الموروث (1)، فيقتصر فيه على مورد الدليل - وليس في المقام - مضافا إلى دعوى الاجماع في المسالك، ونقله (2) فيه عن جماعة (3).
(1) كذا في " ق "، ولعل الصحيح ما يلي: إذا مات شخصان متوارثان، ولم يعلم تقدم موت أحدهما على الآخر، فإن كان موتهما أو أحدهما حتف الأنف، فالأظهر عدم إرث واحد منهما عن الآخر، لأن هذا الإرث مخالف للأصل الدال على توقف الإرث على تأخر حياة الوارث عن المورث (2) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: نقل. (3) المسالك 2: 277. 193 وكذا إن كان موتهما بسبب غير الغرق والهدم، لما ذكر، خلافا لجماعة، فألحقوه بهما، ولم أجد لهم دليلا تطمئن إليه النفس. وإن كان موتهما بسبب الغرق والهدم، فلا إشكال في توريث كل منهما عن الآخر لو ترك شيئا. والظاهر عدم الخلاف فيه مضافا إلى الأخبار المستفيضة: منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام: " عن رجل سقط عليه (1) وعلى امرأته بيت، فقال: تورث المرأة من الرجل والرجل من المرأة " (2). وظاهر هذه الصحيحة تقديم الأقل نصيبا في التوريث لو (3) ثبت عدم الفصل بين موردها وغيره، وقال به جماعة (4) واستنبط منه المفيد والديلمي قدس سرهما: أن كل واحد منهما يرث مما ورث من صاحبه، ولا يختص توارثهما بصلب (5) أموالهما (6)، وإلا (7) كان تقديم الأقل نصيبا غير مفيد. وفيه - بعد تسليم دلالة الصحيحة على وجوب التقديم - منع
(1) ليس في " ق ": عليه، وهي موجودة في سائر النسخ، وفي المصدر أيضا. (2) الوسائل 17: 591، الباب 3 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم، الحديث الأول. (3) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ لا يوجد: لو. (4) الجواهر 39: 315، ومفتاح الكرامة 8: 263. (5) كذا في " ق "، وفي غيرها: بنصيب. (6) المراسم: 225. (7) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: وإن. 194 انحصار فائدته في توريث كل مما (1) ورث صاحبه منه، فلعله أمر (2) تعبدي لا نعلمه. ولما ثبت أن هذا التوريث مخالف للأصل، فالمتيقن الخروج عنه هو (3) توريث كل عن (4) صلب مال صاحبه، لا عما (5) ورث منه، وفاقا لغير هذين الجليلين من الأجلاء المتقدمين والمتأخرين. مضافا إلى رواية حمران بن أعين، عمن ذكره، عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوم غرقوا جميعا؟ قال: " يورث هؤلاء من هؤلاء، وهؤلاء من هؤلاء، ولا يورثوا هؤلاء مما ورثوا شيئا " (6). ويدل على هذه - أيضا - صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج في أخوين غرقا، لأحدهما مال، قال: " المال لورثة الذي ليس له مال " (7). ونحوها غيرها. والله العالم.
(1) كذا في " ق " وفي غيرها: ما. (2) ليس في " ش " و " ع " و " ص ": أمر. (3) ليس في " ش " و " ع " و " ص ": هو. (4) كذا في النسخ. (5) كذا في النسخ. (6) الوسائل 17: 592، الباب 3 من أبواب ميراث الغرقى، الحديث 2، مع اختلاف يسير. (7) الوسائل 17: 590، الباب 2 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم. 195 مسألة [7] (1) المحكي عن الأكثر: أن التركة لا تنتقل إلى ورثة (2) الميت مع اشتغال ذمته بدين يحيط بها (3)، بل عن السرائر: إنه لا خلاف في أن التركة لا تدخل في ملك الورثة ولا الغرماء، بل تبقى موقوفة على قضاء الدين (4).
(1) ينبغي الإشارة إلى أن هذا الموضوع نفسه سيتعرض له الشيخ قدس سره في المسألتين الآتيتين (8 و 9) مع شئ من التغير، ففي هذه المسألة يعترض لنقل القولين في موضوع البحث وأدلتهما، وفي المسألة رقم (8) يضيف إلى ذلك نقد هذه الأدلة، ويعرض لموضوع الدين غير المستوعب. وأما في المسألة رقم (9) فيبحث في الموضوعين معا بأسلوب آخر مع شئ من التفصيل وإضافات تتعلق بالبحث وتجدر الإشارة إلى أن المسألة رقم (9) لا توجد إلا في نسخة " ق " التي هي نخط المؤلف. (2) كذا في " ق " وفي سائر النسخ: وارث. (3) انظر الجواهر 26: 84. (4) السرائر 3: 201 - 203. 197 وعنه (1) - أيضا - أنه الذي تقتضيه أصول المذهب (2). للأصل، وقوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) (3). والأخبار الظاهرة في توقف الإرث على براءة الميت، متل ما ورد في دية المقتول: إنه يرثها (4) أولياؤه ما لم يكن عليه دين (5). وقوله عليه السلام في رواية عباد بن صهيب (6) المروية في زكاة الكافي: " إنما هو بمنزلة الدين (7)، ليس للورثة شئ حتى يؤدوا (8) ما أوصى من الزكاة " (9) ونحو ذلك من الأخبار. ولأنه لو انتقل إلى الوارث لأعتق عليه محارمه المملوكة للمورث بمجرد موته، والتالي باطل بلا خلاف. ولاستمرار طريقة الناس على دفع النماء في الدين. خلافا للمحكي عن جماعة منهم الفاضل (10)، والشهيد (11) والمحقق
(1) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: وفيه. (2) السرائر 2: 47. (3) النساء: 11. (4) في سوى " ق ": يرثه. (5) الوسائل 17: 393، الباب 10 من أبواب موانع الإرث الحديث 1، نقلا بالمعنى. (6) في سوى " ق " عباد بن حبيب. (7) في المصدر: دين لو كان عليه. (8) كذا في المصدر، وفي " ش " و " ع " و " ص ": تؤدى. (9) الكافي 3: 547، كتاب الزكاة، باب " قضاء الزكاة عن الميت "، الحديث الأول. والوسائل 6: 176، الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث الأول. (10) تحرير الأحكام 2: 173. (11) المسالك 2: 316، ومفتاح الكرامة 5: 108. 198 الثانيان (1)، فقالوا بالانتقال إلى الوارث، وعن التذكرة: إنه الحق عندنا (2) وإن تعلق به حق الديان، لاطلاق الآيات مثل قوله: (إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) (3) دل (4) على سببية هلاك المورث لتملك الوارث، وقوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون...) (5) الآية، وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (6). ولأنه لو لم ينتقل إلى الوارث لزم إما كونه ملكا بلا مالك، أو بقاؤه على ملك الميت، أو انتقاله إلى غير الوارث، والأول باطل [إذ يترتب عليه ما يتوقف على الملك، كورود البيع والإجارة عليه، وضمانه بالمثل والقيمة، ومنه يظهر بطلان الثاني، مضافا إلى أن الملك من الإضافات المتوقفة على تحقق أطرافها، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه كما عن حجر جامع المقاصد (7)] (8) وإن حكي عن الخلاف أنه حكم بأن من أوصى بعبد ثم مات قبل هلال شوال ولم يقبل الموصى له إلا بعد الهلال، إنه لا يلزم فطرته على أحد (9). وظاهره - كما فهم الحلي في محكي
(1) جامع المقاصد 5: 217. وفي " ش " و " ص " و " ع ": والمحقق الثاني. (2) التذكرة 2: 84. (3) النساء: 176. (4) ليس في " ع " و " ص ": دل. (5) النساء: 7. (6) الأنفال: 75. (7) جامع المقاصد 10: 25. (8) ما بين المعقوفتين من " ق ". (9) الخلاف 2: 145، كتاب الزكاة، المسألة: 180. 199 السرائر (1) - بقاء العبد بلا مالك، فتأمل. وأما الميت فغير قابل للملك، مع أنه لا يترتب عليه أحكام المالك كانعتاق أقاربه، وانتقال عوض ماله إليه عند المعاوضة عنه، مع أن الاجماع على عدم بقائه على ملكه حقيقة، وانتقاله إلى غير الوارث مخالف للاجماع. وبه يندفع احتمال انتقاله إلى الله تعالى - كما صرح به بعض (2) فيها - مع أن ملكيته تعالى بالملكية المتعارفة بين الناس محل نظر، وإن قال به جماعة في الوقف العام (3). ولأنه لو لم ينتقل إلى الوارث لم يشارك ابن الابن عمه في ميراث جده [إذا مات أبوه قبل إيفائه دين جده] (4) والتالي باطل إجماعا. ولأنه لو لم (5) ينتقل إليه لم يجز له الحلف لاثبات مال لمورثه على غيره، لظهور النصوص والفتاوى في أن اليمين المنضمة إلى الشاهد الواحد هو يمين صاحب الحق.
(1) السرائر 3: 203. (2) غنائم الأيام: 670. (3) مفتاح الكرامة 9: 78 - 79. (4) ما بين المعقوفتين من " ق ". (5) ليس في " ق ": لم. 200 مسألة [8] المحكي عن الأكثر: أن مال الميت باق على حكم ماله إذا كان عليه دين مستوعب، بل عن موضع من السرائر - في مقام النقض على من استدل على انتقال الموصى به إلى الموصى له بموت الموصي، بأنه لولاه لزم بقاء الملك بلا مالك -: إنه لا خلاف في أن التركة لا تدخل في ملك الورثة ولا الغرماء، بل تبقى موقوفة على قضاء الدين (1). وعن موضع آخر: أنه الذي تقتضيه أصول مذهبنا (2). للأصل، وقوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) (3)،
(1) السرائر 3: 202 - 203. (2) السرائر 2: 47. (3) النساء: 11. 201 والأخبار (1) المستفيضة الواردة في توقف الإرث على براءة ذمة الميت، كصحيحة سليمان (2) بن خالد: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في دية المقتول: إنه يرثها المورثة على كتاب الله وسهامهم إذا لم يكن على المقتول دين " (3). وفي المصحح عن عباد بن صهيب - الذي قيل فيه: إنه ثقة جليل (4) - عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل فرط في (5) إخراج الزكاة، فلما حضره الموت حسب جميع ما كان فرط فيه مما يلزمه من الزكاة، ثم أوصى أن يخرج ذلك فيدفع ذلك إلى من يجب له ذلك، فقال عليه السلام: جائز، يخرج ذلك (6) من جميع المال، إنما هو بمنزلة دين لو كان عليه، ليس للورثة شئ حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة " (7). وموثقة زرارة الواردة " في عبد أذن له سيده في التجارة، فاستدان العبد فمات المولى (8)، فاختصم الغرماء وورثة الميت في العبد وما في يده، قال عليه السلام: ليس للورثة سبيل على رقبة العبد وما في يده من المال والمتاع، إلا أن يضمنوا دين الغرماء جميعا، فيكون العبد وما في يده من المال للورثة، فإن أبوا كان العبد وما في يده من المال للغرماء، يقوم العبد وما في يده من
(1) ليس في " ش " و " ص " و " ع ": الأخبار. (2) ليس في " ش " و " ص " و " ع ": سليمان. (3) الوسائل 17: 393، الباب 10 من أبواب موانع الإرث، الحديث الأول. (4) رجال النجاشي: 293، وتنقيح المقال 2: 122. (5) في " ش " و " ع " و " ص ": في ذكر إخراج. (6) ليس في " ش " و " ع " و " ص ": ذلك. (7) الوسائل 6: 176، الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث الأول. (8) ليس في " ش " و " ع " و " ص ": المولى. 202 المال ثم يقسم ذلك بينهم بالحصص، فإن عجز قيمة العبد وما في يده عن دين الغرماء رجعوا إلى الورثة فيما بقي لهم إن كان الميت ترك شيئا (1)، وإن فضل (2) قيمة العبد وما في يده عن دين الغرماء رد على الورثة " (3). إلى غير ذلك من الأخبار. ولأنه لو انتقل المال إلى الوارث لانعتق عليه من لا يستقر ملكه عليه من الأقارب بمجرد موت المورث إن كان عليه دين مستوعب. والتالي باطل بلا خلاف، كما عن الخلاف (4). ولاستمرار سيرة المسلمين على دفع نماء التركة في الدين، والانكار على من اقتصر على دفع الأصل في الدين وإن قصر عن الدين، وهو كاشف عن بقاء الأصل في حكم مال الميت، فيتبعه النماء. وللنظر في هذه الوجوه مجال لاندفاع الأصل بما يجئ من أدلة الانتقال إلى الوارث، وإمكان دعوى ظهور الآيات في تأخر قسمة الإرث عن الوصية والدين لدفع توهم مزاحمته لهما بتقسيط التركة على الثلاثة، فمساق الآية مساق ما ورد من أنه يبدأ بالكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الإرث (5)، وليس في مقام تأسيس حكم تملك الورثة حتى يقيد بكونه بعد الوصية والدين [ولو سلم ظهورها في تقييد أصل التملك، لوجب حملها على
(1) هكذا في " ق " والمصدر، وفي سائر النسخ: ثلثا. (2) في الكافي: من. (3) الكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين " الحديث 2، والوسائل 13: 119، الباب 31 من أبواب الدين والقرض، الحديث 5. (4) كذا في " ق "، وفي سائر النسخ: " كما عن الخلاف والسرائر "، ولم نقف عليه فيهما. (5) الوسائل 13: 406، الباب 28 من أبواب أحكام الوصايا. 203 تقييد استقرار الملك واستقلال الملك بالتأخر عن الوصية والدين، جمعا بينها وبين ما سيأتي] (1). وبهذا (2) يمكن الجواب عن الأخبار، مضافا إلى أن ظاهرها تأخر التملك مطلقا عن الدين ولو لم يستوعب، وهو خلاف المعروف من الأصحاب، فيجب إما تقييد الدين بالمستوعب، أو إرجاع القيد إلى الاستقرار والاستقلال، بل هو ظاهر نفي السبيل في موثقة زرارة المذكورة (3). نعم، هذا لا يتوجه على ظاهر الآيات، حيث إن المقيد فيها بالتأخر هو تملك الورثة سهامهم من مجموع ما ترك، ولا ريب في توقفه على عدم الدين ولو كان غير مستوعب. وأما لزوم انعتاق [القريب على الوارث فبمنع الملازمة، فإن عمومات أدلة انعتاق] (4) بعض أقارب الرجل عليه معارض بما دل من النصوص والفتاوى (5) على تعلق حق الديان بالتركة، واختصاص التركة بالديان إذا أبى الوارث عن ضمان الدين للغرماء، كما هو صريح موثقة زرارة المتقدمة. وأما التمسك بالسيرة المذكورة ففيه: إنها مجرد عادة مستحسنة عند العقل أو الشرع استقر بناء أهل المروءة عليها، مع أن الملازمة بين تملك الوارث للأصل واستقلاله في النماء محل نظر، وإن حان ظاهرهم الفراغ عن
(1) ما بين المعقوفتين من " ق ". (2) هكذا في " ق " وفي سائر النسخ: ويجمع بينها وبين ما سيأتي بهذا. (3) في الصفحة: 202. (4) ما بين المعقوفتين من " ق ". (5) انظر المناهل: 754. 204 هذه الملازمة، كما سيجئ جعله من ثمرات المسألة. ولأجل ما ذكرنا من ضعف بعض (1) هذه الوجوه وإمكان رفع اليد عن بعضها، ذهب جمع - كما عن الخلاف (2) - إلى انتقال التركة إلى الوارث. وحكي ذلك عن المبسوط (3)، وجامع الشرائع (4)، وحكي عن الشهيد في
(1) ليس في " ش " و " ع " و " ص ": بعض. (2) راجع الخلاف 2: 144. كتاب زكاة الفطرة، المسألة: 179، والجواهر 26: 85، لكن فيه: " إن المال يبقى على حكم مال الميت " والشيخ صاحب الجواهر قدس سره ذكر رأى الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف في زمرة من قال ببقاء المال على حكم مال الميت. بينما ذكر جميع من جاء ذكرهم في المتن في زمرة من قال بانتقال المال إلى الورثة. راجع الجواهر 26: 85. (3) للشيخ الطوسي قدس سره في المسألة قولان: الأول: أن التركة تبقى على حكم مال الميت ولا تنتقل إلى الورثة. قال قدس سره: " فإن مات قبل أن يهل شوال فلا يلزم أحدا فطرته، لأنه لم ينتقل إلى ورثته، لأن عليه دينا ". (المبسوط 1: 240). وقال - أيضا - فيما لو باع الورثة التركة التي تعلق الدين بها: " الأقوى عندي أنه لا يصح البيع) لأن التركة لا تستحق إلا بعد أن يقضى الدين، لقوله تعالى (من بعد وصية توصون بها أو دين) [النساء: 12] فيكون باع ما لا يملك " (المبسوط 8: 192). (4) الجامع للشرائع: 363. قال قدس سره عند تعرضه لدعوى المفلس حقا على غيره: " ولو كان له شاهد واحد بمال ولم يحلف الغرماء، وللوارث ذلك لأنه يثبت ملكا لنفسه ". 205 محكي حواشي القواعد (1) وتبعهم الفاضل في كثير من (2) كتبه (3) والشهيد والمحقق الثانيان (4) وفخر الدين في حجر الإيضاح (5) وكاشف اللثام في شرح ميراث القواعد (6) بل ظاهر بعض أنه المشهور (7) وعن التذكرة: إنه الحق عندنا (8). ويدل عليه - مضافا إلى إطلاق آية الإرث مثل قوله تعالى: (إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) (9) دل على سببية الهلاك للإرث وقوله تعالى (للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون....) الآية (10) وآية أولوا الأرحام (11) -: أنه لولا ذلك لم يشارك ابن الابن عمه في ميراث جده إذا مات أبوه قبل إيفاء الدين، والتالي باطل إجماعا. وأنه لو لم (12) ينتقل المال إليه لم يجز له الحلف لاثبات دين لمورثه إذا
(1) نقله صاحب الجواهر قدس سره في الجوهر 26: 85. (2) في " ش " و " ع " و " ص ": أكثر كتبه. (3) قواعد الأحكام 2: 167، والتذكرة 2: 31، والمختلف: 727. (4) المسالك 2: 255، وجامع المقاصد 5: 221 - 222. (5) إيضاح الفوائد 2: 63 - 64. (6) كشف اللثام 2: 286. (7) نقله صاحب الجواهر قدس سره في الجواهر 26: 85. (8) التذكرة 2: 84. (9) النساء: 176. (10) النساء: 7. (11) الأنفال: 75. (12) كذا في " ق " وفي سائر النسخ: وإن لم. 206 أقام شاهدا واحدا به، إذ لا يمين لاثبات مال الغير كما يظهر من النصوص (1) والفتاوى (2). وأنه لو لم ينتقل إليه لزم إما خروج التركة عن الملك، أو بقاؤه بلا مالك، أو كون الميت مالكا له (3) وانتقاله إلى غير الوارث، والكل باطل بالعقل والنقل. ويمكن الجواب عن الاطلاقات: بما ذكر من الآيات المقيدة. وعن مشاركة ابن الابن: بأنه لأجل وراثته لما (4) ترك أبوه من استحقاق الإرث لولا الدين، كمشاركة البعيد للقريب فيما ينتقل بالخيار، كما إذا باع الميت بخيار فمات عن اثنين، فمات أحدهما عن ابن، فإن ابن الابن يشارك عمه في المبيع لأجل وراثته الخيار عن أبيه. وعن جواز حلف الوارث: بأنه لأجل الاجماع (5) على كون المحاكمة للوارث فهو الدليل على جواز حلفه لاثبات مال مورثه. وعن الوجه الأخير: بمنع عدم قابلية الميت للملك، وإلا بقي الكفن ومؤونة التجهيز بلا مالك، أو خرج عن الملكية، وكذا دية الجناية عليه (6) بعد موته، وكذا العين الذي أوصى بدفعه أجرة للعبادة، وكذا تركة الحر إذا
(1) الوسائل 18: 192، الباب 14 من أبواب كيفية الحكم. (2) الجواهر 40: 282. (3) ليس في " ق ": له. (4) في " ش ": بما. (5) كذا في " ق " وفي سائر النسخ: بأنه للاجماع. (6) ليس في " ش " و " ع " و " ص ": عليه. 207 لم يخلف (1) سوى قريب مملوك، حيث حكموا بوجوب شرائه وعتقه ليرث الباقي. ولو التزم فيما عدا الأخير بانتقاله إلى الوارث إلا أنه يتعين عليه صرفه إلى الوجه الخاص ومحجور عما عداه من التصرفات، كما حكي عن جامع المقاصد (2)، والتزم ذلك في الثلث الموصى به (3) - لم يتأت ذلك في الأخير، إذ المفروض أن المملوك قبل العتق لا يرث. واحتمال انتقاله إلى الله - كما في الوقف العام (4) - متشرك. اللهم إلا أن يقال بانتقاله إلى الإمام عليه السلام، بمقتضى عموم ما دل على أن الإمام يرث من لا وارث له (5)، فإن وجود القريب الممنوع عن الإرث كعدمه، فالقريب المملوك كالقاتل وولد الملاعنة والكافر (6) فيكون حكم الإمام عليه السلام بشراء المملوك وعتقه وإعطائه الباقي (7) تفضلا منه عليه السلام على المملوك، فهو حكم شرعي ثانوي، وليس من باب الإرث بالنسب حتى يكون مخصصا بالعمومات " إنه لا يرث عبد حرا " (8)، فتأمل. وأما احتمال كونه ملكا لله، فهو - مع أن الظاهر كما ادعي الاتفاق على
(1) في " ش ": يحلف. (2) جامع المقاصد 10: 26، و 9: 82. (3) راجع الجواهر 26: 87. (4) ليس في " ش " و " ع " و " ص ": العام. (5) الوسائل 17: 547، الباب 3 من أبواب ميراث ولاء العتق. (6) في " ش " و " ص " و " ع ": كالكافر وولد الملاعنة. (7) الوسائل 17: 404 الباب 20 أبواب موانع الإرث. (8) الوسائل 17: 399، الباب 16 من أبواب موانع الإرث. 208 عدمه - مناف لعموم ما دل على أن ما كان لله فهو للإمام عليه السلام (1)، مع أن نسبة الملكية بالمعنى المتعارف - أعني: الربط الخاص الموجود بين الأملاك والملاك - إلى الله تعالى شأنه محل تأمل ونظر، وأن قال به جماعة في الوقف العام (2). وأما احتمال انتقاله إلى الديان أو أجنبي آخر فهو مخالف للاجماع، - كما ادعي (3) - فلم يبق من مقدمات الدليل المذكور إلا إبطال خروج المال عن الملك، أو جواز بقاء الملك بلا مالك. وإن أبيت عن إبطالهما (4) بالاتفاق كما ادعاه على ثانيهما ثاني المحققين، قال (5) في محكي المقاصد: فيكفي في إبطالهما صحة ورود عقود المعاوضات عليه، كالبيع والإجارة ونحوهما مما يتوقف على ملكية مورده، ووجود مالك ينتقل إليه عوضه (6). ويمكن تقرير الدليل المذكور بوجه آخر أسهل في إبطال اللوازم المذكورة، وهو أنه لا ريب في تحقق الوراثة الفعلية شرعا وعرفا لجميع التركة بعد إيفاء الدين من الخارج، أو إبراء الديان، أو تبرع الأجنبي، وليس معنى الوراثة شرعا وعرفا إلا انتقال المال من الموروث إلى الوارث، فلو خرج المال بموت المورث عن الملكية لم يتحقق [الانتقال، ولو بقي بلا مالك لم يكن الانتقال من الميت، ولو انتقل إلى الله أو إلى غير الوارث
(1) الوسائل 6: 357، الباب الأول من أبواب قسمة الخمس. (2) مفتاح الكرامة 9: 78 - 79. (3) ادعاه صاحب الجواهر قدس سره، راجع الجواهر 26: 85. (4) في " ش ": إبطالها. (5) ليس في " ق ": قال. (6) لم نقف عليه في جامع المقاصد. 209 لم يكن الانتقال من الميت إلى الوارث] (1)، لأن الوراثة هي الانتقال بلا واسطة، ولذا لا يسمى انتقال بعض التركة من الموصى له (2) إلى الوارث بالابتياع وراثة. وكيف كان، فالظاهر تمامية مقدمات الدليل المذكور، وبه يثبت صحة القول الثاني وإن سلمنا مخالفته لظاهر الآيات، إلا أن الوجه المذكور قابل لصرفها عن ظاهرها، ولكن المسألة مشكلة جدا، والله العالم. هذا كله في الدين المستوعب، وأما ما لا يستوعب التركة، فتارة يقع الكلام فيما قابل الدين منها، وأخرى في الفاضل عنه. أما الأول: فالظاهر أن الخلاف فيه كما في الدين المستوعب، وتدل عليه الأدلة المتقدمة. وأما الثاني: فملكيته للوارث مما لا خلاف فيه على الظاهر - كما يظهر من غير واحد - وإن كان ظاهر الأخبار المتقدمة خلافه. وأما جواز تصرفه فيه وعدم حجره عنه، ففيه قولان: أحدهما: نعم - وهو للفاضل (3)، والمحكي عن الجامع (4)، والشهيد في حواشيه على ميراث القواعد (5)، والمسالك (6)، والكفاية (7)، وبعض آخر، بل
(1) ما بين المعقوفتين من " ق ". (2) في " ش " و " ع " و " ص ": لموصي. (3) تحرير الأحكام 2: 173. (4) الجامع للشرائع: 286. (5) نقله في الجواهر 26: 91. (6) المسالك 2: 255. (7) الكفاية: 292. 210 ظاهر عبارة المناهل ظهور عدم الخلاف فيه (1) - لأصالة تسلط المالك على ملكه إلا أن يثبت الحجر (2). والثاني: لا (3) - وهو المحكي عن ميراث القواعد (4)، ورهن الإيضاح (5) وحجره (6)، وحجر جامع المقاصد (7)، وكتاب الدين من إيضاح النافع (8)، وظاهر المبسوط (9) والسرائر، مدعيا عدم الخلاف فيه (10)، كما عرفت من عبارته المتقدمة (11) - للأخبار المتقدمة (12) الظاهرة في أن [الورثة لا يملكون شيئا إلا بعد الأداء أو الضمان خرجنا عن ظاهرها في أصل الملكية بالنسبة إلى الفاضل] (13). وقد يتمسك - أيضا - بالآية المتقدمة، وفيه نظر، لأن التقييد في الآية
(1) المناهل: 754. (2) في " ش ": على ملكه لا الحجر، وفي " ع ": على ملكه الحجر، وفي " ص ": على ملكه بالحجر. (3) كذا في " ق " و " ع "، ولم يرد ذلك في " ش " و " ص ". (4) قواعد الأحكام 2: 167. (5) إيضاح الفوائد 2: 18. (6) إيضاح الفوائد 2: 62 - 63. (7) جامع المقاصد 5: 218. (8) ليس بأيدينا. (9) المبسوط 2: 250. (10) السرائر 2: 47. (11) في الصفحة: 201. (12) مرت الإشارة إليها في الصفحة: 198 و 202. (13) ما بين المعقوفتين من " ق "، ومكانها في " ش " و " ع " و " ص ": للورثة الفاضل. 211 بما بعد الدين إما للتملك، وإما [ل] (1) - جواز التصرف. وعلى كل حال، فمفادها تقييد تملك مجموع ما ترك الميت أو التصرف فيه بما بعد الدين، ولا خلاف في ذلك. فالعمدة هي الأخبار -، إلا أنها معارضة بما يخالفها مثل مرسلة البزنطي المصححة إليه: " عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين، أينفق عليهم من ماله؟ قال: إذا استيقن أن الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم، وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال " (2). وفي معناها ما عن ثقة الاسلام والشيخ في الموثق عن ابن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام (3). ولعله (4) يجوز الانفاق مع الشك في الإحاطة، للبناء على أصالة عدمها. فالأقوى الجمع بين هذين وبين الأخبار المتقدمة بتقييد جواز التصرف، بصورة ضمان الورثة أو وليهم دين الغرماء، كما هو صريح موثقة زرارة المتقدمة (5). لكن (6) يأباه التفصيل في هذين بين صورتي الإحاطة وعدمها، إذ مع الضمان لا فرق بينهما في جواز التصرف.
(1) في " ق ": إما التملك وإما جواز التصرف، وفي " ش " إما التملك وجواز التصرف. (2) الوسائل 13: 407، الباب 29 من كتاب الوصايا، الحديث الأول. (3) الكافي 7: 43، كتاب الوصايا، باب " رجل يترك الشئ القليل وعليه دين " الحديث 2، والاستبصار 4: 115، الحديث 439. وانظر الوسائل 13: 408، الباب 29 من أبواب الوصايا، الحديث 2. (4) في " ش " و " ق ": لعل. (5) راجع الصفحة: 202. (6) ليس في " ق ": لكن. 212 فالأولى حملها على الانفاق بعد عزل القدر المتيقن من الدين، وإن ولي الميت أو الورثة يجب عليه مع عدم الإحاطة أن لا يحبس حق الورثة لأجل الغرماء، بل يعزل حقهم وينفق الباقي. فالأظهر - حينئذ - ما دلت عليه الموثقة المتقدمة من عدم جواز التصرف قبل الضمان. وأما ما دل بظاهره منها على توقف التصرف على الأداء، فمع وروده مورد الغالب من إقدام الوارث على الأداء (1) من قيمة العين، لا ضمان الدين في الذمة، يجب تقييد مفهومه الغائي بمنطوق الموثقة. ثم لا يبعد أن يراد من الضمان فيها هو مجرد التعهد بالمال، مع إذن الغرماء صريحا، أو رضاهم بشاهد الحال، بحسب مقتضى حال الوارث من عزمه على الأداء ووفائه بما يعزم عليه. وعلى ما ذكرنا (2) ينطبق ما يشاهد (3) من استمرار سيرة المسلمين على عدم الامتناع من التصرف في مال مورثهم - من بيته (4) وأثاث البيت وغير ذلك - إلى أن يستأذنوا الغريم الذي له على الميت ما يفي به جزء من مائة ألف جزء من تركة الميت. وحينئذ فالوارث إذا علم من نفسه - في خصوص أداء دين الميت - حالة يعلم برضى الغريم بتصرفه في التركة لو اطلع على ما في عزمه (5)،
(1) ليس في " ق ": على الأداء (2) في " ع " و " ش " و " ص ": ما ذكر. (3) في " ع " و " ش " و " ص ": نشاهد. (4) في " ع " و " ش " و " ص ": بقية، وفي هامش " ص ": النقد. (5) في " ع " و " ش " و " ص ": غرضه. 213 فالظاهر جواز التصرف وإن استوعب الدين. وعلى أي تقدير، فلو تصرف الوارث في موضع الجواز فتلف باقي التركة قبل إيفاء الدين، فالظاهر رجوع الغرماء إلى الوارث، لعموم، ما دل على أنه يبدأ (1) بالدين قبل الإرث (2)، وإطلاق ذيل موثقة زرارة المتقدمة الآمرة برجوع الغرماء فيما بقي من حقوقهم إلى الورثة إن كان الميت ترك شيئا (3). ولو أعسر الوارث حينئذ، فلا يبعد أن يكون للغريم نقض تصرفه فيما تصرف فيه (4) من بعض التركة - كما ذكره في القواعد (5) - لكشف تلف بعض التركة عن عدم استحقاق الوارث لما تصرف فيه، فتأمل. نعم، لو عزل دين الميت فقبضه ولي الميت - وصيا (6) أو غيره - وتمكن من دفعه إلى الغريم فلم يدفع ثم تلف، كان عليه (7) ضمانه لا على الورثة، للأخبار (8) الدالة على ضمان من أوصي إليه بإيصال حق فتمكن منه ولم يفعل، وقد ورد بعضها في باب من تمكن من إيصال الزكاة فلم يفعل (9)، كمصححة
(1) في " ع " و " ش " و " ص ": يبتدأ. (2) راجع الصفحة: 202. (3) تقدمت في الصفحة: 202. (4) في " ع " و " ش " و " ص ": الغريم ينقض تصرفه فيه. (5) القواعد 1: 171. (6) في " ع " و " ش " و " ص ": وصي. (7) ليس في " ع " و " ش " عليه وفي " ص " كتب في الهامش. (8) في " ع " و " ش " و " ص ": للأخبار الكثيرة. (9) الوسائل 6: 198، الباب 39 من أبواب المستحقين للزكاة. 214 الحلبي [عن أبي عبد الله: " أنه قال] (1) في رجل توفي فأوصى إلى رجل - وعلى الرجل (2) المتوفى دين - فعمد الذي أوصي إليه فعزل الذي للغرماء، فرفعه في (3) بيته وقسم الذي بقي بين الورثة، فسرق (4) الذي للغرماء من الليل، ممن يؤخذ (5)؟ قال: هو ضامن حين عزله في بيته يؤدي من ماله " (6). وما عن المشايخ الثلاثة عن أبان عن رجل [قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام] (7) عن رجل أوصى إلى رجل (8) أن عليه دينا، فقال: يقضي الرجل ما عليه من دينه ويقسم ما بقي بين الورثة، قلت: فسرق ما كان أوصى به من الدين، ممن يؤخذ [الدين، أ] (9) من الورثة أم من الوصي؟ [قال: لا يؤخذ من الورثة] (10) ولكن الوصي ضامن لها (11) " (12).
(1) ما بين المعقوفتين من المصدر. (2) ليس في " ع " و " ش " و " ق " و " ص ": الرجل. (3) في " ع " و " ش " و " ق ": إلى. (4) في " ص ": فيسرق. (5) في " ع " و " ش ": فبمن يتوجه. (6) الوسائل 13: 418، الباب 36 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2. (7) ما بين المعقوفتين من المصدر. (8) ليس في " ع " و " ش ": عن رجل أوصى إلى رجل. (9) ما بين المعقوفتين من المصدر وهامش " ص ". (10) ما بين المعقوفتين من المصدر وهامش " ص ". (11) ليس في " ع "، و " ش ": لها، وفي المصدر و " ق ": له. (12) الإستبصار 4: 117، باب " من أوصي إليه بشئ للأقوام فلم يعطهم فهلك المال " الحديث: 455. والكافي 7: 24، باب " من أوصى وعليه دين " الحديث 2. والفقيه 4: 224، كتاب الوصايا باب " فيمن أوصى أو أعتق وعليه دين " الحديث 5529. الوسائل 13: 418، الباب 36 من أحكام الوصايا، الحديث 4. 215 قريب منها رواية عبد الله الهاشمي المحكية عن التهذيبين في وصي أعطاه الميت زكاة ماله فذهبت (1).
(1) الإستبصار 4: 117. باب " من أوصي إليه بشئ للأقوام فلم يعطهم فهلك المال " الحديث 444، والتهذيب 9: 168، كتاب الوصايا، باب " الاقرار في المرض " الحديث 683. والوسائل 13: 418، الباب 36 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 3. 216 مسألة (1) [9] إذا مات المديون فالمحكي عن الأكثر: بقاء المال المقابل للدين على حكم [مال] الميت ولا ينتقل من حين الموت إلى الوارث إلا الفاضل عن الدين (2). وعن جماعة منهم العلامة (3) والشهيد الثاني (4): [الذهاب] (5) إلى انتقال المال بالموت إلى الوارث وإن استغرق الذين التركة. للأولين: ظاهر قوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) (6) بناء على أن ظاهر اللام في آيات الإرث التمليك، فمقتضى القيد توقف الملك
(1) وردت هذه المسألة في " ق " دون غيرها. (2) الجواهر 26: 84. (3) القواعد 2: 167. (4) المسالك 2: 255. (5) الزيادة اقتضتها العبارة. (6) النساء: 11. 217 على إيفاء الوصية والدين. وظهر الأخبار الكثيرة مثل قوله في الدية: " يرثها أولياء المقتول إذا لم يكن على الميت دين " (1). وقوله في الرواية ف باب الزكاة: " إنما هو بمنزلة الدين لو كان عليه ليس للورثة شئ حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة " (2). وقوله عليه السلام في موثقة زرارة: " في عبد أذن له سيده في التجارة، فاستدان لعبد فمات المولى فاختصم الغرماء والورثة فيما في يد العبد قال: ليس للورثة سبيل على رقبة العبد وما في يده من المال والمتاع إلا أن يضمنوا دين الغرماء جميعا فيكون العبد وما في يده من المال للورثة فإن أبوا كان العبد وما في يده من المال للغرماء، يقوم العبد وما في يده من المال، ثم يقسم ذلك بينهم بالحصص، فإن عجز قيمة العبد وما في يده عن أموال الغرماء رجعوا إلى الورثة فيما بقي لهم إن كان الميت ترك شيئا، وإن فضل قيمة العبد وما في يده عن دين الغرماء رد على الورثة " (3). ومما استدل به الشيخ في المبسوط لهذا القول أيضا: إنه لو انتقل المال إلى الورثة لانعتق قريب الوارث عليه بمجرد موت المورث وإن كان عليه دين مستوعب، والتالي باطل بلا خلاف (4). وللآخرين: إنه لو لم ينتقل إلى الوارث لبقي مالا بلا مالك، وهو محال
(1) الوسائل 17: 393، الباب 10 من أبواب موانع الإرث، الحديث الأول. (2) الوسائل 6: 175، الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث الأول (3) الكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين " الحديث 5. 2، والوسائل 13: 119 الباب 31 من أبواب الدين، الحديث 5. (4) لم نقف عليه. 218 عقلا. وإنه لو لم ينتقل لم يشارك ابن الابن عمه في ميراث جده إذا مات أبوه قبل إيفاء الدين. والتالي باطل إجماعا. وللنظر في كل من أدلة الطرفين مجال، إلا أن الأقوى هو القول الثاني، لأن كون التركة ملكا مما لا يقبل الانكار، لما قد ثبت له من الأحكام المتوقفة على الملك، كالبيع والإجارة، وضمانه عينا ومنفعة عند التلف، إلى غير ذلك، وتوقف الملك على المالك - أيضا - كذلك؟ لأن الملكية من الإضافات المتوقفة على تحقق أطرافها، وليس هنا من يملك إلا الوارث، لأن مالكية الديان منتفية إجماعا (1). وأورد عليه النقض ب: ثمن الكفن، ومؤونة التجهيز، والزكاة، ودية الجناية على الميت - التي ورد النص بأنها ليست للورثة بل يتصدق [بها] للميت في وجوه البر (2) - وبالوقف العام. فإن قيل: إنه ملك لله تعالى. قلنا بمثله في مال الميت، إلا أن الفارق وجوب صرف هذا في ديون الميت. ويمكن الجواب - فيما عدا النقض بالوقف -: بالتزام ملكية الكفن ونحوه للورثة، ونحوه المال الموصى به في مصرف مخصوص كاستئجار العبادة ونحوه ودية الجناية للفقراء، والزكاة لهم أو لكافة المسلمين. وأما احتمال كونه كالوقف ملكا لله، فهو مخالف للاجماع على أن الملك هنا ليس لله تعالى، لأن أصحابنا بين قائل بانتقاله إلى الوارث، وبين قائل
(1) راجع الجواهر 26: 84. (2) الوسائل 19: 247، الباب 24 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث الأول. 219 بكونه في حكم مال الميت (1)، مع أن ثبوت الملك بالمعنى المتعارف لله تعالى محل تأمل، وإن قيل به في الوقف العام، مع أن انتقال الملك إلى الله ليس بناقل اختياري، والاضطراري غير ثابت. فإن قلت: الانتقال إلى الوارث - أيضا - غير ثابت. قلت: انتقاله إليه في الجملة ثابت، إنما الكلام في كون ذلك قبل إيفاء الدين أو بعده، فيحكم بثبوت الانتقال قبل الايفاء بأصالة عدم الانتقال إلى غيره، نظير ما إذا ثبتت الحقيقة العرفية للفظ وشك في كونه في اللغة كذلك، فإنه يحكم بثبوت الحقيقة العرفية في اللغة - أيضا - بأصالة عدم النقل، ولا يجري هنا أصالة تأخر الوارث (2). فحاصل الاستدلال: أن الأمر دائر بين تملك الميت، أو تملك الوارث، أو كون الملك لله تعالى. والأول باطل قطعا، فيدور الأمر بين الأخيرين وحيث إن تملك الوارث ثابت في الزمان المتأخر، ويشك في ثبوته عند الموت، فيحكم بثبوته هناك، نظير ما ذكر في الحكم بسبق المعنى العرفي وعدم مسبوقيته لوضع آخر، هذا، ولكن العمدة في نفي احتمال ملكيته لله هو الاجماع المركب كما عرفت، وإلا فاثبات سبق التملك بهذا الأصل غير صحيح، والمعتمد في إثبات سبق الحقيقة العرفية عند الشك على أمور أخر، فتدبر. نعم، يمكن أن يوجه الاستدلال المذكور بأن الإرث عرفا وشرعا هو انتقال ما كان للميت من مال أو حق منه إلى الوارث، ولا يتحقق هذا المعنى إلا بعد عدم توسط مالك ثالث بين الميت والوارث، وإلا لانتقل المال إلى
(1) الجواهر 26: 84. (2) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: الحادث. 220 الوارث منه لا من الميت، فحينئذ فيدور الأمر - قبل إيفاء الدين - بين تملك الميت وتملك الوارث، والأول باطل، لكونه خرقا للاجماع، ولأن الميت إما أن يراد به نفس الجسد، ولا يخفى عدم قابليته للتملك، وإما أن يراد به النفس الباقية بعد الموت، وهو وإن تصور فيه الملك نظير ما يقال في حصول الملكية لله تعالى في الوقف العام، إلا أن ملاحظة أحكام الملك والمالك يكشف كشفا قطعيا عن بطلانه، كيف ولو كان كذلك لزم انتقال عوض التركة إليه إذا باعها الوارث، وانعتق عليه من يعتق عليه إذا انتقل إليه، إلا أن يمنع ذلك من أجل الحجر عليه وإن كان مالكا، ولجاز الربا في المعاملة الواقعة من الوارث إذا كان مع ولد الميت أو زوجته، ولجاز نقل الملك إليه، والوقف عليه، إلى غير ذلك مما هو متفق البطلان. ولو فرض تسليم قابلية النفس الناطقة للملك، لكن نقول: لا بد من التزام انتقال المال من الانسان، لأن المالك في حال الحياة ليس خصوص النفس الناطقة - كما لا يخفى - وقد علمت أن الإرث انتقال المال من الميت إلى الحي لا إلى النفس، ومنه إلى الوارث. وكيف كان، فهذا الوجه هو المعتمد في الاستدلال. وأما ما ذكر من اشتراك ابن الابن لعمه إذا مات أبوه قبل الايفاء فهو أعم من المطلوب، لاحتمال كونه لأجل انتقال تأهل الملكية بعد الدين إليه من أبيه، وانتقال سبب الملك كاف في استحقاق النصيب، كما لو كان للميت خيار، فإن ابن الابن يرث الخيار من أبيه فيشارك مع عمه في البيع المسترد بالخيار، ونحوه ورثة الموصى له، فإنهم إذا قبلوها تنتقل إلى ورثة الموصى له حين موته لا حين قبولهم لأنهم إنما ورثوا قابلية الملك والقبول للموصى به. وكذا الوقف المنقطع الآخر الذي قيل: إنه يرجع بعد الانقطاع إلى ورثة الواقف، بناء على انتقاله إلى ورثته حين الموت لا حين انقراض الموقوف
221 عليهم، ويحتمل الانتقال إلى ورثته حين الانقراض، بناء على أنه يقدر انتقاله إلى الميت من ذلك الحين، والفرق بينه وبين الخيار والوصية أنهما إنما ينتقلان من الميت إلى وارثه، ثم منه إلى وارثه، وهكذا، وانتقال المال تابع للخيار والوصية، بخلاف الوقف فإنه يقدر انتقاله إلى الميت من حين الانقراض. ووجه الاحتمال الأول: هو أن الواقف له تأهل انتقال الوقف إليه لو انقرض الموقوف إليه (1). وبهذا المعنى ينتقل إلى وارثه، ثم إلى وارثه وهكذا، فيكون انتقال المال تابعا لانتقال ذلك التأهل، كانتقال المال في الخيار والوصية. ويدل على تملك الوارث - مضافا إلى ما ذكرنا - إطلاقات الإرث، مثل قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون... الآية) (2). وقوله تعالى: (إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) (3) دل على سببية الهلاك لتملك الوارث. ويؤيدها آية أولي الأرحام (4) وقوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) (5). وتقييدها بما بعد الوصية والدين لوجود الآيات المقيدة ممنوع، أولا: بما سيجئ من عدم دلالة تلك الآيات إلا على كون القسمة بين
(1) كذا في " ق "، والصحيح: عليه. (2) النساء: 7. (3) النساء: 176. (4) الأنفال: 75. (5) النساء: 33. 222 الورثة بعد الدين، لا أن التملك بعده. وثانيا: لو سلمنا دلالتها على ذلك لكن نقول: لا يمكن تقييد الآيات المطلقة بها، لأنا إن قلنا بظهور اللام - وضعا أو انصرافا - في الملكية المستقرة السليمة عن مزاحمة الغير، فلا يخفى أن تقييد هذه الملكية بما بعد الدين - كما تضمنته الآيات - متفق عليه. [على أن التقييد في هذه] (1) الآيات ليس بأولى من حمل الملكية - المستفادة من اللام - والأولوية والمولوية على ما لا ينافي مزاحمة حق الغير المانع من التصرف المنافي له، وإن كانت ظاهرة في غير ذلك (2). إلا أن الآيات المطلقة المذكورة كما يمكن تقييد الملكية المذكورة المستفادة منها بما بعد الدين بقرينة الآيات المقيدة، كذلك يمكن أن يراد من الملكية فيها - الظاهرة في الفرد المستقر - مطلق الملكية المجامع مع عدم الاستقرار ومزاحمة الغير. ودعوى أولوية تقييد المطلق من إرادة الاطلاق من المطلق المنصرف إلى بعض أفراده، ممنوعة. وإن قلنا بعدم ظهور في أزيد من مطلق الملكية فيدور الأمر بين تقييد الآيات المطلقة بما بعد الدين، لشهادة الآيات المقيدة، وبين تقييد الملكية المقيدة بما بعد الدين - في الآيات المقيدة - على خصوص الملك المستقر المستقل السليم عن مزاحمة الغير في التصرف، فبقي إطلاق ثبوت أصل الملك
(1) ما بين المعقوفتين جاء في " ق " في ذيل عبارة مشطوب عليها والظاهر لزومها، (2) المقطع التالي هو صياغة أخرى لما جاء في هذا المقطع، وقد وقع هذا المقطع في ضمن عبارات مشطوب على بعضها. 223 في الآيات المطلقة غير مقيد بشئ، وكيف (كان) (1) فلا يتعين تقييد الآيات المطلقة بالآيات المقيدة. وأما ما استدل به الأكثر على عدم الملك من الوجوه الثلاثة: فأما أصالة عدم الانتقال إلا بعد الايفاء وإن كانت جارية هنا ولا تعارضها أصالة عدم الانتقال إلى مالك آخر فضلا عن أن تقدم عليها، وإنما تقدم عليها في تعيين أوضاع الألفاظ لوجوه أخر - كما عرف سابقا - إلا أن الأصل يخرج عنه بما ذكرنا من الدليل. وأما التمسك بلزوم انعتاق من ينعتق على الوارث بمجرد الموت مع إحاطة الدين، فيرد عليه: منع عموم الدليل على الانعتاق بمجرد الملك، حتى فيما إذا كاف متعلقا لحق الغير وكان المالك ممنوعا من التصرف. وعموم ما دل على أنه لا يملك الرجل محارمه معارض بعموم ما تقدم من الدليل، على أن الورثة إذا أبوا عن ضمان الدين كان التركة للغرماء يقومونه ويأخذون حقهم (2). وأما التمسك بالآيات المتضمنة لقوله: (من بعد وصية... أو دين) (3) ففيه: أولا: إن الظاهر من الآية سوقها لبيان كيفية القسمة - بعد كون مالكية
(1) الزيادة اقتضتها العبارة. (2) الكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين ". (3) النساء: 11 و 12: (فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين... فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين... فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين). 224 الورثة واستحقاقهم في الجملة مفروغا عنه - لا لتأسيس الحكم بأصل التملك، فالمتأخر عن الوصية والدين هي قسمة الإرث بين الورثة على النحو المذكور في الآيات، فالمراد: أن الورثة لا يزاحمون الموصى له ولا الديان. فمساق الآية مساق ما ورد من أن أول شئ يبدأ به من المال: الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث (1). وربما يظهر ما ذكرنا من بعض فقرات الآيات، مثل قوله تعالى: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية...) الخ (2)؟ فإن قوله: (وورثه أبواه) دل على أن قوله: " فلأمه الثلث " وقوله: (فلأمه السدس) مسوق لبيان كيفية القسمة، فالمقيد بقوله: (من بعد وصية) هي القسمة بين الأبوين، لا أصل إرث الأبوين لمال الميت. فالمقصود من القيد بيان عدم مزاحمة إيفاء الوارث للوصية والدين. وثانيا - سلمنا أن القيد يرجع إلى الملكية لكن نقول: لما كان الظاهر من الملكية المستفادة من اللام - الموضوعة للاختصاص المطلق - هو استقلال المالك وعدم مزاحمته في التصرف، فالقيد راجع إلى الملكية على هذا النهج، وتأخرها عن الدين مما لا خلاف فيه. اللهم إلا أن يقال: إن خصوصية الاستقلال في الملك والتسلط، وعدم تسلط الغير ليس من الأمور المستفادة من " لام التمليك "، بل ولا " لام الاختصاص "، لأن غاية الاختصاص المطلق المستفاد من اللام هو الاستقلال، بمعنى عدم مدخلية الغير في الملكية ونفي تشريك الغير.
(1) الوسائل 13: 406، الباب 28 من أبواب أحكام الوصايا. (2) النساء: 11. 225 وأما عدم مدخلية الغير في مزاحمة المالك ومنعه عن التصرف، فهو من الأحكام الشرعية الثابتة للأملاك لو خليت وأنفسها، وأظهر من ذلك - في الخروج عن مدلول اللام - استقرار الملك وعدم تزلزله بتسلط الديان على إبطاله عند امتناع الوارث من أداء الدين، فإن هذا ليس من أحكام الملك - فضلا عن مدخليته في نفس الملك - ليكون داخلا في مفاد اللام، بل هو مقتضى استصحاب الملك. وأما تنجز الملك وعدم مراعاته بضمان الدين، أو مقتضى إطلاق الحكم بالملكية، فاتضح إن شيئا من الخصوصيات المذكورة للملك - أعني الاختصاص بمعنى عدم مدخلية الغير في المنع عن التصرف، واستقرار الملك وتنجزه - ليس مستفادا من نفس اللفظ حتى يرد عليه التقييد، فيكون مؤداه توقف الملك الخاص على إيفاء الدين، فلا ينافي حصول أصل الملك قبل الايفاء. نعم، لو سلم عدم دلالة اللام على أكثر من مطلق الملك - لكن ادعي أن المراد من المطلق: الملك الخاص، أعني المنجز المستقر السليم عن المزاحمة فالتقييد وارد على هذا المقيد المراد من المطلق - كان حسنا بشرط إثبات الدليل من الخارج على ثبوت أصل الملك، حتى هذا التقييد المذكور. نعم، يمكن أن يقال - كما أشرنا سابقا -: إن إبقاء الملكية - المقيدة في هذه الآيات بما بعد الدين - على إطلاقها موجب لتقييد الآيات المطلقة المتقدمة (1) بهذه الآيات، فيدور الأمر بين تقييد الملكية المطلقة - في آيات الدين - بالملكية المستقرة السليمة عن مزاحمة الغير في التصرف، وبين تقييد
(1) تقدمت في الصفحة: 222. 226 أصل الملكية - في تلك الآيات المطلقة - بما بعد الدين، ولو لم نرجح التقييد الأول، فلا نرجح الثاني. لكن الانصاف إن التقييد الثاني أرجح، وحينئذ فمع الاجمال في الآيات المطلقة والآيات المقيدة، فالمرجح ما ذكرنا من الدليل العقلي، لا إطلاقات الآيات المتقدمة، مضافا إلى قوة احتمال ورودها في مقام بيان استحقاق الأقارب في مقابل الحرمان بالكلية، ويشهد له: أن الآية الأولى إنما نزلت في ورثة بعض الأنصار حيث إن إخوة الميت أخذوا المال وحرموا أولاده الصغار وامرأته (1)، فيكون مساقها مساق جميع الاطلاقات الواردة في أن للأبوين كذا، وللأخ كذا، وللخال كذا، وللعم كذا، إذ لا يرتاب أحد في ورودها في مقام تشخيص المستحقين إذا فرض ثبوت الإرث والاستحقاق لأصل الوارث في وقت. ويؤيده إطلاقهم - ظاهرا - على أن الوارث له حق المحاكمة، بمعنى أنه لو ادعى لمورثه مالا على أحد، فأقام شاهدا واحدا، فله الحلف وأخذ الحق، وإن كان على الميت دين يحيط بالحق. وقد دلت النصوص (2) والفتاوى على أن اليمين المثبتة هي اليمين لاثبات مال لنفسه، ولا يمين لاثبات مال للغير بلا خلاف ظاهرا (3)، مع صراحة النصوص في أن المعتبر في جزء البينة يمين صاحب الحق، ومشروعية الحلف من الوارث، مع ما ثبت من أنه لا يمين لاثبات مال للغير، يدل على أن التركة مال الوارث.
(1) الدر المنثور 2: 122. (2) الوسائل 18: 192، الباب 14 من أبواب كيفية الحكم. (3) الجواهر 40: 282. 227 واعلم أن الظاهر إن حكم الوصية وحكم الدين واحد، كما صرح به بعض، حاكيا له عن جمع الجوامع (1) وفقه الراوندي (2) وغيرهما من مصنفي آيات الأحكام (3). ثم إن الثمرة بين القولين تظهر في مواضع: منها: وجوب فطرته - لو كان عبدا - على الوارث، بل وجوب زكاة المال، على أحد الوجوه كما سيجئ. ومنها: استحقاق الوارث لنمائه، لأنه نماء ملكه، وفي تعلق حق الديان بالنماء - كما في فوائد الرهن على أحد القولين - احتمال، وإن نسب إلى الأصحاب القطع بخلافه في المدارك (4). ويؤيد هذا الاحتمال: عموم قوله عليه السلام في الرواية المتقدمة: " ليس شئ للورثة حتى يؤدوا ما عليه " (5)، وقوله: " ليس للورثة سبيل على رقبة العبد وما في يده " (6)، وقوله عليه السلام في ولد المكاتب المطلق: " ليس له شئ حتى يؤدي ما على أبيه " (7) فإن الظاهر... (8).
(1) انظر جمع الجوامع 1: 241. (2) فقه القرآن 1: 385. (3) كنز العرفان 2: 93. (4) المدارك 5: 155. (5) الوسائل 6: 176، الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث الأول، وتقدمت في الصفحة: 202. (6) الكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين "، الحديث 2. (7) الوسائل 16: 100، الباب 19 من أبواب كتاب المكاتبة، الحديث 5. (8) كذا في " ق " والعبارة غير تامة. 228 نعم، مقتضى الأصل وقاعدة " تسلط الناس على أموالهم " ما نسب إلى الأصحاب. ومنها: جواز بيع التركة قبل الايفاء، ذكره في الدروس (1)، فإن أراد الجواز مع عدم الضمان، وعدم إذن الغرماء، فهو مناف لما سبق من الأخبار (2) - وحكي عليه الاجماع في الإيضاح (3) والمسالك (4) وكشف اللثام (5) - من عدم استقلال الوارث بالتصرف. نعم، حكم الفاضل بجواز رهن التركة (6)، ولعله لأنه يرى كون تعلق الدين بالتركة تعلق الرهن، لكن صرح بعض بأنه لم يعهد ذلك من قائل عدا ما حكاه الشهيد في قواعده عن السيد رضي الدين قدس سره (7). نعم ظاهر محكي جامع المقاصد موافقة الفاضل في باب الرهن (8)، لكنه عدل في باب الحجر (9) كما عرفت. وإن أراد الجواز مع الضمان أو إذن الديان، فالظاهر جوازه على
(1) الدروس 3: 313. (2) المشار إليها في التعاليق السابقة. (3) إيضاح الفوائد 4: 342. (4) المسالك 2: 302. (5) كشف اللثام 2: 286. (6) القواعد 1: 160. (7) انظر مفتاح الكرامة 5: 108. (8) جامع المقاصد 5: 71. (9) جامع المقاصد 5: 217، ولم نتحقق العدول عنه، بل صرح فيه بنفوذ تصرف الوارث. 229 القولين، لأنه وإن لم يكن مالكا - على قول الأكثر - إلا أن له ولاية التصرف بإذن الغرماء، إلا أن يمنع الولاية. بل له إما إعطاء الأعيان بإزاء الدين بعد التقويم أو ضمان الدين ثم التصرف فيها بما يشاء، كما يظهر من قوله عليه السلام: " ليس للورثة سبيل على العبد وما في يده حتى يضمنوا للغرماء " (1). ومنها: وجوب الزكاة على الوارث وعدمه، وتوضيحه: إنه إذا مات المالك وعليه دين وترك نخيلا - مثلا - فإما أن يكون موته بعد ظهور الثمرة وتعلق الزكاة بها، أو قبله. والأول سيجئ حكمه. وعلى الثاني: فإما أن تكون التركة فاضلا عن الدين. وإما أن يكون الدين محيطا بالتركة. وعلى التقديرين: فإما أن يكون الموت بعد الظهور أو قبله. فالأقسام أربعة: فعلى الأول يحسب الزكاة في الفاضل إذا بلغ نصابا، لانتقاله إلى الوارث. وممنوعيته عن التصرف فيه - على أحد القولين المتقدمين في الفاضل عن الدين (2) - لا يوجب نفي الزكاة، إذ غايته أنه كالمرهون المقدور على فكه ولو ببيعه، بل هو أولى. نعم، لو قيل بعدم الزكاة في ما تعلق به حق الغير كالرهن ولو تمكن من فكه، كما هو أحد الأقوال في الرهن، لم تجب الزكاة.
(1) الوسائل 13: 119، الباب 31 من أبواب الدين الحديث 5، وتقدم عن الكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين "، الحديث 2. (2) راجع الصفحة: 210. 230 وكذلك الحكم على الثاني، وكذلك على الثالث، إن قلنا بملك الوارث. والكلام في حجره عن التصرف كما تقدم من أنه لا يزيد عن الرهن المقدور على فكه، الذي صرح الشهيدان في الروضة (1) والبيان (2) بوجوب الزكاة فيه، فما في المسالك - من أن التركة المحاطة بالدين لا تجب زكاتها على الوارث ولو على الانتقال، لمنعه عن التصرف (3) - لا يخفى ما فيه. ثم إنه إذا أخرج الوارث الزكاة من العين فهل يغرم بدلها للديان؟ الظاهر ذلك، إذ لم يجب عليه دفع الزكاة من العين، ولا دفع الدين منها، فالوجوب في كل منهما تخييري الأداء من العين وغيره، فلا يلزم من العمل بخطابي أداء الزكاة وأداء الدين محذور، لعدم التعارض، وتعلق الزكاة بالعين لا ينافي كون الخطاب تخييريا. نعم لو قلنا: إن دفع القيمة مسقط للتكليف بالاخراج من العين، حيث إنه لولايته الشرعية نقل العين المستحقة للفقراء إلى نفسه فسقط تكليفه بإخراج العين لا أن دفع العين أحد طرفي التخيير، أمكن القول بأن تعلق حق الفقراء بالعين بمنزلة تلف بعض التركة بغير اختيار الوارث، فلا يجب عليه الغرامة، مع إمكان القول بالوجوب حينئذ، نظرا إلى عموم ما دل على أنه لا يجوز للوارث التصرف ما لم يضمن للغرماء حقهم، كما في الرواية المتقدمة في قوله عليه السلام: " ليس للورثة سبيل على رقبة العبد وما في يده
(1) الروضة البهية 2: 13. (2) البيان: 278. (3) المسالك 1: 44. 231 حتى يضمنوا للغرماء " (1). وحينئذ فوجوب التصرف بدفع الزكاة لا ينافي توقف هذا التصرف على الضمان. وإن كان واجبا - أيضا - فيجب الضمان من باب المقدمة ومجرد الحكم بوجوب إخراجه من العين لا يوجب كون الاخراج مجانا ومن غير عوض كما أن وجوب أخذ مال الغير في الاضطرار لا ينافي ضمانه الثابت بالقاعدة. فنتيجة القاعدة هي وجوب الأخذ بعد الضمان. فإن قلت: بعد تسليم تعلق الزكاة به واشتراك الفقراء فإخراج الزكاة ليس تصرفا في متعلق حق الغرماء لأنه خارج عن الإرث فلا يشمله ما دل على منعه عن التصرف في الميراث إلا بعد الضمان. قلت: مع أن هذا مبني على تعلق الشركة فيه إنه إنما يستقيم لو كان تعلق التكليف بأداء الزكاة متأخرا عن مشاركة الفقراء نظير التكليف بأداء حصة الشريك إليه في سائر الأموال المشتركة وهو ممنوع. وكذا على الرابع إن قلنا بملك الوارث وليس هنا مانع الحجر لأن الثمرة تظهر في الملك الوارث وقد تقدم أن المنسوب إلى الأصحاب القطع بعدم حجره عن التصرف في النماء (2). ثم لو قلنا: بأن التركة في حكم مال الميت فظهرت الثمرة وزادت التركة ودخلت المسألة في الصورة الثانية. ولو زادت التركة عند بلوغ حد الوجوب في الصورة الثالثة اتحد
(1) الكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين " الحديث 2 وتقدمت في الصفحة: 202 - 203. راجع الصفحة 228. 232 زمان تملك الوارث للفاضل وزمان نفي الوجوب، والظاهر وجوب الزكاة على الوارث، للعمومات. ولو كان موت المالك بعد تعلق الوجوب، فلا إشكال في وجوب الزكاة في هذا المال وإن كان الميت مديونا، لأن الدين لا يمنع الزكاة. ولو ضاقت التركة عن الدين والزكاة، فإن كان عين المال الزكوي تالفا، بأن كانت الزكاة في ذمة الميت فهي كأحد الديون يوزع المال على الجميع، وإن كانت العين باقية فالظاهر دفع الزكاة أولا، أما على تقدير تعلق الشركة فواضح، وأما على تقدير تعلقه كتعلق الدين بالرهن ودية الجنابة بالعبد الجاني، فلسبق تعلق ذلك الحق، فيكون حق الغرماء بعد الموت تعلق بمال تعلق حق الغير به، فلا بد من فك الحق المتقدم. ثم على القول بالانتقال إلى الوارث فالظاهر منعه من التصرف مع مطالبة الورثة (1) مطلقا ولو كان الدين غير مستوعب - وفاقا للايضاح (2)، والمحكي عن الكركي (3) - لعموم الروايتين المتقدمتين في قوله: " ليس للورثة شئ " (4)، وقوله: " ليس للورثة سبيل على رقبة العبد وما في يده " (5). وربما يستدل لذلك بالآية، ويقال: إن مقتضاها أن تسلط الورثة من جميع الوجوه متأخر عن الدين والوصية، خولف ذلك في أصل الملك، لما دل
(1) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: الديان. (2) إيضاح الفوائد 2: 18 و 62. (3) جامع المقاصد 5: 218. (4) الوسائل 6: 176، الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث الأول. (5) الوسائل 13: 119، الباب 31 من أبواب الدين، الحديث 5 والكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين "، الحديث 2. 233 عليه من الدليل العقلي والنقلي فيبقى الباقي على المنع. وفيه: إن مقتضى الآية تأخر التسلط المطلق عن الدين، لا تأخر مطلق التسلط، فالعموم في قوله: التسلط من جميع الوجوه، مجموعي لا أفرادي. وكيف كان، فمقتضى تلك الروايات هو المنع مطلقا، إلا أن في بعض الأخبار دلالة على جواز التصرف إذا لم يحط الدين بالتركة، نحو مرسلة البزنطي - المصححة إليه -: " عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين، أينفق عليهم من ماله؟ قال: إذا استيقن أن الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم، وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال " (1). وما سيجئ من صحيحة الحلبي الدالة على أن الوصي إذا عزل الدين وقسم الباقي بين الورثة ثم تلف المعزول غرمه (2)، إذ لو لم تجز القسمة قبل إيفاء الدين إلى صاحبه لكان حق الديان. وفي معناها ما عن الكليني والشيخ في الموثق عن ابن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام (3) أن. ينفق على الورثة مع عدم الاستغراق، ويوفى الدين - أيضا - لوجوب إيصال حق كل من الورثة والديان إليهم، لكن لا يخفى أنه ليس في الرواية ما يوجب اختصاص ذلك بالوصي للميت - الولي الشرعي للصغار - بل ظاهر مطلق المتولي لأمور الميت والورثة، فلا يبعد
(1) الوسائل 13: 407 الباب 29 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول. (2) الوسائل 13: 418، الباب 36 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2. (3) راجع الكافي 7: 43، كتاب الوصايا، باب " الرجل يترك الشئ القليل وعليه دين " الحديث 2، والاستبصار 4: 115، باب " الرجل يموت وعليه دين وله أولاد صغار " الحديث 439. 234 جواز ذلك لنفس الوارث، فيجوز له التصرف في بعض التركة مع حفظ بعضها الآخر للديان إلى زمان إمكان الأداء. نعم، لو اتفق تلف ما للديان بعد الانفاق على الورثة فالضمان على الولي المتصرف إذا تمكن من إيصال حق الديان إليهم فلم يفعل، لما ورد في ضمان من أوصي إليه دفع مال إلى مستحقه فتمكن ولم يفعل، المروي في باب: من تمكن من إيصال الزكاة فلم يفعل (1). ولصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: " أنه قال: في رجل توفي فأوصى إلى رجل، وعلى الرجل المتوفى دين، فعمد الذي أوصي إليه فعزل الذي للغرماء فرفعه في بيته، وقسم الذي بقي بين الورثة، فسرق الذي للغرماء من الليل، ممن يؤخذ؟ قال: هو ضامن حين عزله في بيته، يؤدي من ماله " (2). ورواية أبان - المحكية عن الفقيه بطريق موثق (3)، وعن الشيخ بطريق صحيح إليه مرسل (4)، وعن الكليني بسند ضعيف مرسل (5) - أنه سأل رجل، أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أوصى إلى رجل أن عليه دينا، فقال: " يقضي الرجل ما عليه من دينه ويقسم ما بقي بين الورثة، قلت: فسرق ما كان أوصى به في الدين، ممن يؤخذ؟ أمن الورثة أم من الوصي؟ قال: لا يؤخذ
(1) الوسائل 6: 198، الباب 39 من أبواب المستحقين للزكاة. (2) الوسائل 13: 418، الباب 36 من أحكام الوصايا، الحديث 2. (3) الفقيه 4: 224، كتاب الوصايا، باب " ما جاء فيمن أوصى أو أعتق وعليه دين ". (4) الإستبصار 4: 117، باب " من أوصي إليه بشئ لأقوام فلم يعطهم إياه فهلك المال ". (5) الكافي 7: 24، باب " من أوصى وعليه دين " الحديث 2. 235 من الورثة ولكن الوصي ضامن له " (1). وقريب منها رواية عبد الله الهاشمي المحكية عن الاستبصار (2) والتهذيب (3) في وصي أعطاه الميت زكاة ماله فذهبت. ولا بد من حمل هذه الروايات - وفاقا للمحكي عن الشيخ في التهذيبين - على صورة تمكن الوصي (4) لما تقدم من التقييد في رواية الوصي الذي أمر بدفع مال إلى غيره، المروية في باب الزكاة (5). ولو لم يتمكن من الدفع، فالظاهر المطابق للقاعدة أن الضمان على الورثة، إذ لا يستقر ملك الرجل على شئ من التركة قبل إيفاء الدين، لما تقدم من الروايتين الظاهرتين في المنع من التصرف (6)، المحمولتين - بقرينة رواية الانفاق (7) وهذه الروايات - على أنه ليس لهم شئ على سبيل الاختصاص المستقر والملكية الثابتة حتى يؤدوا الدين. ولو أفلس الوصي، فالظاهر رجوع الغرماء إلى الورثة، بل لا يبعد رجوعهم من أول الأمر إلى الورثة. والمراد بضمان الوصي وجوب غرامته فيكون ما يغرمه كأصل مال الميت، لا أن الوصي ضامن للديان بمعنى عدم
(1) راجع الوسائل 13: 418، الباب 36 من أبواب أحكام الوصايا. الحديث 4. (2) الإستبصار 4: 117، الحديث 444. (3) التهذيب 9: 168، الحديث 683. (4) راجع المصدرين أعلاه. (5) الوسائل 13: 418، الباب 36 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 2. (6) الوسائل 6: 176، الباب 29 من أبواب المستحقين للزكاة، والكافي 5: 303، كتاب المعيشة، باب " المملوك يتجر فيقع عليه الدين " الحديث. (7) الوسائل 13: 407 الباب 29 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث الأول. 236 تسلطهم على الورثة. فقوله عليه السلام في الرواية الثانية: " لا يؤخذ من الورثة " وإن كان ظاهرا في ذلك إلا أنه لا يبعد حمله على أن الضمان لا يستقر على الورثة، بمعنى أن لا يرجع أحدهما إلى الوصي، بل الضمان يستقر على الوصي، فإن أخذ الديان منه فهو، وإن أخذوا من الوارث رجع الوارث إلى الوصي، كل ذلك لما تقرر من أن الإرث لا يستقر ما لم يبرئ ذمة الميت.