بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: حديث الولاية المؤلف: السيد علي الميلاني الجزء: الوفاة: معاصر المجموعة: من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية تحقيق: الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1421 المطبعة: الناشر: مركز الأبحاث العقائدية - قم - ايران ردمك: 964-319-253-9 ملاحظات: سلسلة الندوات العقائدية سلسلة الندوات العقائدية (11) حديث الولاية السيد علي الحسيني الميلاني مركز الأبحاث العقائدية
1 الطبعة الأولى - سنة 1421 ه
2 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المركز: لا يخفى أننا لا زلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والإفهام المناسب لعقائدنا الحقة ومفاهيمنا الرفيعة، مما يستدعي الالتزام الجاد بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الأمة وقيمها الحقة، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطور التقني الحديث. وانطلاقا من ذلك، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني - مد ظله - إلى اتخاذ منهج ينتظم على عدة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن. ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائدية المختصة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكريها المرموقين، التي تقوم نوعا على الموضوعات الهامة، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد
5 والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها، ثم يخضع ذلك الموضوع - بطبيعة الحال - للحوار المفتوح والمناقشات الحرة لغرض الحصول على أفضل النتائج. ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الإنترنت العالمية صوتا وكتابة. كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم. وأخيرا، فإن الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان سلسلة الندوات العقائدية بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنية اللازمة عليها. وهذا الكراس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحد من السلسلة المشار إليها. سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله. مركز الأبحاث العقائدية فارس الحسون
6 بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين. موضوع البحث: حديث الولاية، وهذا الحديث أيضا من الأحاديث المتفق عليها بين الفريقين، حديث نقطع بصدوره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). هذا الحديث يدل على إمامة أمير المؤمنين من جهات عديدة: الجهة الأولى: ثبوت الولاية والأولوية لأمير المؤمنين (عليه السلام). الجهة الثانية: دلالته على عصمة أمير المؤمنين (عليه السلام). الجهة الثالثة: إن بغض علي يخرج المبغض عن الإسلام وعليه أن يجدد إسلامه ويشهد الشهادتين من جديد.
7 وكل جهة من هذه الجهات الثلاث يمكن أن يستدل بها بالاستقلال على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام).
8 رواة حديث الولاية هذا الحديث يروونه [أي أبناء السنة]: 1 - عن أمير المؤمنين (عليه السلام). 2 - عن الإمام الحسن السبط (عليه السلام). ويروونه أيضا: 3 - عن ابن عباس. 4 - عن أبي ذر الغفاري. 5 - عن أبي سعيد الخدري. 6 - عن البراء بن عازب. 7 - عن عمران بن حصين. 8 - عن أبي ليلى الأنصاري. 9 - عن بريدة بن الحصيب. 10 - عن عبد الله بن عمرو.
9 11 - عن عمرو بن العاص. 12 - عن وهب بن حمزة. وبعض هؤلاء الصحابة هم من مشاهير أعلامهم، وعلى رأسهم أمير المؤمنين (عليه السلام). ومن أشهر مشاهير الأئمة الحفاظ وأعلام الحديث الرواة لهذا الحديث الشريف في كتبهم عبر القرون المختلفة: 1 - أبو داود الطيالسي، صاحب المسند. 2 - أبو بكر بن أبي شيبة، صاحب المصنف. 3 - أحمد بن حنبل، صاحب المسند، إمام الحنابلة. 4 - أبو عيسى الترمذي، صاحب الصحيح. 5 - النسائي، صاحب الصحيح. 6 - أبو يعلى الموصلي، صاحب المسند. 7 - أبو جعفر الطبري، صاحب التاريخ والتفسير المعروفين. 8 - أبو حاتم بن حبان، صاحب الصحيح. 9 - أبو القاسم الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة. 10 - الحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك. 11 - أبو بكر بن مردويه، صاحب التفسير. 12 - أبو نعيم الإصفهاني، صاحب حلية الأولياء وغيره من
10 الكتب. 13 - أبو بكر الخطيب البغدادي، صاحب تاريخ بغداد. 14 - ابن عبد البر، صاحب الإستيعاب. 15 - ابن عساكر الدمشقي، صاحب تاريخ دمشق. 16 - ابن الأثير الجزري، صاحب أسد الغابة. 17 - الضياء المقدسي، صاحب المختارة. 18 - البغوي، صاحب مصابيح السنة، وصاحب التفسير المعروف معالم التنزيل. ومن رواته أيضا: 19 - الحافظ شمس الدين الذهبي، صاحب الكتب المعروفة. 20 - ابن حجر العسقلاني، صاحب فتح الباري والإصابة وغيرهما من الكتب. 21 - الحافظ جلال الدين السيوطي، صاحب المؤلفات الكثيرة المعروفة. 22 - شهاب الدين القسطلاني، صاحب إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري. 23 - الشيخ علي المتقي الهندي، صاحب كنز العمال. 24 - الحافظ محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي، صاحب
11 السيرة الشامية. 25 - ابن حجر المكي، صاحب الصواعق المحرقة. 26 - الشيخ علي بن سلطان القاري الهروي، صاحب المرقاة في شرح المشكاة. 27 - عبد الرؤوف المناوي، صاحب فيض القدير في شرح الجامع الصغير. 28 - شاه ولي الله الدهلوي، علامة الهند، والمحدث الكبير، صاحب المؤلفات الكثيرة، وصاحب المدرسة المعروفة في مدينة دهلي بالهند. فهؤلاء وغيرهم يروون هذا الحديث الشريف عن الصحابة المذكورين.
12 نص حديث الولاية وتصحيحه إلا أن المشهور برواية هذا الحديث من بين الصحابة: 1 - عبد الله بن عباس. 2 - بريدة بن الحصيب. 3 - عمران بن الحصين. هؤلاء الثلاثة أكثر الروايات تنتهي إليهم. أما رواياتهم عن ابن عباس، فلا يروون عنه إلا هذا المقدار من الحديث وهو محل الشاهد: أنت ولي كل مؤمن بعدي وهذا لفظ أبي داود الطيالسي في مسنده (1)، أو أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة وهذا لفظ الحاكم في المستدرك (2)، أو أنت وليي في كل مؤمن بعدي وهذا لفظ أحمد في المسند (3).
(1) مسند أبي داود الطيالسي: 360 رقم 2752 - دار المعرفة - بيروت. (2) مستدرك للحاكم 3 / 134. (3) مسند أحمد 1 / 545 ذيل حديث 3052. 13 فرسول الله يخاطب عليا بمثل هذا الخطاب: أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة، أو أنت ولي كل مؤمن من بعدي، أو أنت وليي في كل مؤمن بعدي. ولا يخفى عليكم وجود كلمة بعدي في جميع الألفاظ الثلاثة في هذه المصادر التي ذكرتها. هذا هو اللفظ عن ابن عباس، يرويه ابن عباس ضمن حديث يشتمل على مناقب عشر لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ينص عبد الله بن عباس فيه على اختصاص هذه المناقب بعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا يشاركه فيها أحد من الأصحاب. وأما عن عمران وعن بريدة فيذكرون قضية وفيها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي، ففي روايتهم عن عمران بن حصين وعن بريدة بن الحصيب توجد هذه الإضافة: علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي. إذن، عرفنا إلى الآن: الصحابة الرواة لهذا الحديث وأعلام المحدثين وأشهر الأئمة الحفاظ من أهل السنة في القرون المختلفة، الذين يروون هذا الحديث، وأيضا عرفنا متن الحديث ولفظه الذي نريد أن نستدل به.
14 وأما سند الرواية عن ابن عباس، هذا السند الموجود في مسند أحمد، والموجود في مسند أبي داود الطيالسي، وفي مستدرك الحاكم، وغيرها من الكتب التي هي من أهم المصادر، هذا السند صحيح قطعا، وقد نص على صحته أيضا كبار الأئمة: كابن عبد البر صاحب الإستيعاب (1)، والمزي صاحب تهذيب الكمال (2)، والسيوطي (3)، والمتقي (4) وغيرهم. يقول الذهبي حيث يروي هذا الحديث في رسالته في حديث الغدير (5) في الرقم (81) عن بريدة: وهو حديث ثابت عن بريدة. وهذا نص من الحافظ الذهبي على ثبوت هذا الحديث. إذن، سند الرواية عن ابن عباس صحيح، وأنا راجعت أسانيده
(1) الإستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1092. (2) المزي في تحفة الأشراف 5 / 191 رقم 6316 - دار الكتب العلمية - بيروت، تهذيب الكمال 20 / 481. (3) القول الجلي في مناقب علي: 60، جمع الجوامع كما في ترتيب كنز العمال 11 / 1 3294. (4) كنز العمال 11 / 608. (5) الرسالة مخطوطة، عثر عليها المرحوم المحقق العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمة الله عليه وحققها. 15 وحققت رجاله، وقد اعترف بصحته كبار الأئمة الذين ذكرتهم. أما اللفظ الذي يروونه عن عمران بن حصين، فممن أخرجه وصححه: ابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي شيبة كما تعلمون شيخ البخاري صاحب الصحيح، روى الحديث في المصنف وعنه في كنز العمال ونص على صحته (1). وأيضا: رواه محمد بن جرير الطبري. وقد نص على صحته أيضا جلال الدين السيوطي (2) والمتقي الهندي صاحب كنز العمال (3). اللفظ الذي يروونه عن عمران، فيه شئ من التفصيل، وهذا لفظ الحديث كما في كنز العمال (4): عن ابن أبي شيبة والطبري عن عمران بن حصين يقول: بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية - السرية قطعة من الجيش - واستعمل عليها عليا، فغنموا، فصنع علي شيئا فأنكروه، وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جارية، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول
(1) - كنز العمال 11 / 608. (2) القول الجلي في مناقب علي: 60. (3) كنز العمال 11 / 608. (4) كنز العمال 13 / 142 رقم 36444. 16 الله (صلى الله عليه وسلم) أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله، فسلموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أن عليا قد أخذ من الغنيمة جارية، فأعرض عنه رسول الله، ثم قام الثاني فقال مثل ذلك، فأعرض عنه رسول الله، ثم قام الثالث فقال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم قام الرابع فأقبل إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا من علي، وعلي ولي كل مؤمن بعدي. هذا لفظ كتاب المصنف ولفظ الطبري على ما يرويه عنهما المتقي الهندي في كنز العمال. وكذا الحديث في المسند لأحمد بن حنبل وفي آخره: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغير وجهه فقال: دعوا عليا، دعوا عليا، إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). وفي صحيح الترمذي: فأقبل إليه - أي إلى الرابع - رسول الله، والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي، ما تريدون
(1) مسند أحمد 5 / 606 رقم 19426. 17 من علي، ما تريدون من علي، إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي (1). وكذا تجدون الحديث في صحيح ابن حبان (2)، وفي صحيح النسائي (3)، وفي المستدرك وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (4)، وكذا تجدون الحديث في المصادر الأخرى. إذن، قرأنا لفظ الحديث عن ابن عباس، فكان حديثا مختصرا لم يرووا منه إلا ذلك المقدار المستشهد به، ثم قرأنا الحديث عن عمران بن حصين وفيه بعض التفصيل وذكر تلك القضية التي قال فيها رسول الله هذا الكلام. لكن عند بريدة الخبر الصحيح وعند جهينة الخبر الصحيح فلننظر ماذا يروي بريدة بن الحصيب، فإنه صاحب القضية، وهو الرجل الرابع الذي أقبل إليه رسول الله وقال له كذا وكذا، إلا أنهم لم يذكروا اسمه، إنه ينقل القصة كاملة، والراوي عنه ولده عبد الله،
(1) سنن الترمذي 5 / 632 رقم 3712 - دار إحياء التراث العربي - بيروت. (2) صحيح ابن حبان 15 / 373 رقم 6929 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1418 ه. (3) خصائص علي: 75، فضائل الصحابة للنسائي: 14 رقم 43 - دار الكتب العلمية - بيروت. (4) مستدرك الحاكم 3 / 110 - 111. 18 يقول بريدة: أرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن جيشين، على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد، قال (صلى الله عليه وسلم): إذا كان قتال فعلي على الناس كلهم، فالتقى الجيشان، وكان علي (عليه السلام) على الجيشين، وكان خالد تحت إمرة علي بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فافتتح علي حصنا. يقول بريدة: فغنمنا، فخمس علي الغنائم، وكانت في الخمس جارية حسناء فأخذها علي لنفسه، فخرج ورأسه يقطر. يقول بريدة: كنت أبغض عليا بغضا لم أبغضه أحدا قط، وأحببت خالدا حبا لم أحبه إلا على بغض علي، لأن خالدا كان يبغض عليا، فلما أخذ علي الجارية من الخمس، دعا خالد بن الوليد بريدة وقال له: إغتنمها - وكلاهما يبغضان عليا - اغتنمها فأخبر النبي بما صنع. هذا لفظ الطبراني في المعجم الأوسط (1). وفي تاريخ دمشق لابن عساكر: فقال خالد بن الوليد: دونك يا بريدة.
(1) المعجم الأوسط 6 / 232 رقم 6085 - دار الحديث - القاهرة - 1417 ه. (2) 19 يقول بريدة: فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وأمرني أن أنال منه، وهذا لفظ النسائي أيضا. وفي تاريخ دمشق: فكتب معي خالد يقع في علي وأمرني أن أنال منه، فأعطى الكتاب بيد بريدة وعبأ معه ثلاثة (1). وكأنه يريد بذلك إقامة البينة اللازمة على ما صنع علي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). يقول بريدة - كما في المعجم الأوسط (2) للطبراني وغيره من المصادر -: فقدمت المدينة، ودخلت المسجد، ورسول الله في منزله، وناس من أصحابه على بابه، فقالوا: ما أقدمك؟ قال: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي، قالوا: فأخبره فإنه يسقطه من عين رسول الله، ورسول الله في البيت يسمع الكلام، هذا لفظ الطبراني. فخرج رسول الله من بيته، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأعرض عنه النبي، ثم قال الثاني ما قال الأول، فأعرض عنه رسول الله، ثم قام الثالث فقال ما
(1) تاريخ ابن عساكر - ترجمة الإمام علي (عليه السلام) 1 / 400 رقم 466 - مؤسسة المحمودي - بيروت. (2) المعجم الأوسط 5 / 217 رقم 4842. 20 قال، فأعرض عنه رسول الله. يقول بريدة: أعطيته الكتاب، فأخذه بشماله، فطأطأت رأسي، فتكلمت في علي حتى فرغت فرفعت رأسي. ويقول كما في لفظ آخر: وكنت من أشد الناس بغضا لعلي، فوقعت في علي حتى فرغت فرفعت رأسي. يقول: فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضب غضبا لم أره غضب مثله إلا يوم قريظة وبني النضير، فقال: ماذا تريدون من علي؟ ماذا تريدون من علي؟ ماذا تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا من علي، وهو ولي كل مؤمن بعدي. ثم قال رسول الله - كما في سنن البيهقي (1)، وأيضا في معجم الصحابة لأبي نعيم الإصفهاني، وفي تاريخ دمشق لابن عساكر، وفي سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، وفي غيرها من المصادر، فراجعوها إن شئتم -: قال لهم رسول الله: إن له في الخمس أكثر من ذلك. ثم قال (صلى الله عليه وسلم) - كما في المستدرك للحاكم، وفي المختارة للضياء المقدسي، وفي المعجم الأوسط (2) وفي غيرها من المصادر: إنه
(1) سنن البيهقي 6 / 342 - دار الفكر. (2) المعجم الأوسط 5 / 425. 21 [أي علي] لا يفعل إلا ما يؤمر، أو: إنما يفعل علي بما يؤمر به. ثم التفت إلى بريدة قائلا: أنافقت من بعدي يا بريدة؟ فقال بريدة: يا رسول الله، أما بسطت يدك حتى أبايعك على الإسلام جديدا! قال: فما فارقته حتى بايعته، أي بايعت رسول الله على الإسلام. يقول بريدة: فقمت وما من الناس أحد أحب إلي من علي. لاحظوا الفوارق بين روايتهم للقصة عن عمران بن حصين وعن بريدة ابن الحصيب، ولاحظوا، كيف تلاعبوا بالقضية فزاد أحدهم ونقص الآخر، ذكر بعضهم بعض القصة ولم يذكر البعض الآخر، وأحدهم أو آحاد منهم يذكرون القصة مبتورة. فهذه هي القصة كما يرويها بريدة بن الحصيب وهو صاحب القصة.
22 دلالة حديث الولاية على العصمة وهذه ألفاظ رسول الله في حق علي (عليه السلام)، تارة يقول رسول الله: إن عليا لا يفعل إلا ما يؤمر به، أو إنما يفعل ما أمر به. هذه العبارة تدل دلالة واضحة على العصمة. العبارة هذه في الحقيقة صغرى لكبرى، أو مصداق لآية مباركة وهي قوله عز من قائل: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) (1). وفي خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) يرويها شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي رحمة الله عليه في مصباح المتهجد، رأيت من المناسب أن أقرأ لكم هذه القطعة من تلك الخطبة يقول الشيخ: إن أمير المؤمنين خطب هذه الخطبة في يوم الغدير: وإن الله اختص لنفسه بعد نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) من بريته خاصة، اختص منهم - أي من الخلائق بعد النبي - خاصة علاهم بتعليته، وسما بهم
(1) سورة الأنبياء: 26، 27. 23 إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالرشاد عليه، لقرن قرن وزمن زمن، أنشأهم في القدم قبل كل مدر ومبر، وأنوارا أنطقها لتحمده، وألهمها شكره وتمجيده، وجعلهم الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية، واستنطق بها الخراسات بأنواع اللغات، بخوعا له بأنه فاطر الأرضين والسماوات، وأشهدهم على خلقه، وولاهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجمة مشيته [هذه هي العصمة] وألسنة إرادته، عبيدا [مع ذلك هم عبيد] لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون (1). فهذه مراتب من كان لا يفعل إلا بما يؤمر به، عباد مكرمون، أي مقربون، لا يسبقونه بالقول، أي لا يقولون قبل أن يقول الله سبحانه وتعالى، هذا بالقول، وأما في الفعل والعمل: لا يفعلون إلا ما يؤمرون. فحديثنا يدل على العصمة. وهذه في الجهة الأولى من جهات البحث.
(1) مصباح المتهجد: 753 - مؤسسة فقه الشيعة - بيروت - 1411 ه. 24 دلالة حديث الولاية على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) الجهة الثانية: يدل هذا الحديث على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): علي مني وأنا من علي، وهو وليكم من بعدي. ووجه الاستدلال بهذا الحديث الشريف: إن هذا الحديث يدل على ثبوت الأولوية بالتصرف لعلي (عليه السلام)، وهذه الأولوية مستلزمة للإمامة، وذلك: أولا: لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حصرها في علي عندما قال: وهو وليكم من بعدي، ومن المعلوم أن المعاني الأخرى من الولاية، كالنصرة والمحبة وغيرهما، ليست بأمور مختصة بعلي (عليه السلام). ثانيا: لوجود كلمة بعدي في ألفاظ الحديث كلها أو أكثرها، فكلمة بعدي صريحة في هذا المعنى، لأن البعدية هذه إما بعدية زمانية أو بعدية رتبية: ربما يستظهر بالدرجة الأولى أن تكون البعدية رتبية، علي
25 وليكم بعدي أي غيري، أي ما عداي في الرتبة علي وليكم. أما إذا كانت كلمة بعدي بمعنى الزمان والظرف، علي وليكم من بعدي، يدل وجود هذه الكلمة على أن أمير المؤمنين ولي المؤمنين بعد رسول الله بلا فصل، وإلا لما أسقط بعضهم كلمة بعدي في الحديث، لما حرفوا هذا الحديث بإسقاط كلمة بعدي كما سنعلم! ثالثا: هذه الرواية واردة بألفاظ أخرى أيضا، وتلك الألفاظ هي الأخرى تدل على إمامة أمير المؤمنين وأولويته. فمثلا: لاحظوا المسند لابن حنبل، والمستدرك، وتاريخ دمشق، وغيرها من الكتب، كلهم يروون عن بريدة في نفس هذه القصة يقول: فلما قدمت على رسول الله ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله يتغير، فقال: يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه (1). نفس الحديث الذي سيقوله رسول الله يوم الغدير في أخريات حياته، نفس هذا اللفظ وارد في ألفاظ هذه القصة.
(1) مسند أحمد 4 / 502 رقم 18841 ه، مستدرك الحاكم 3 / 110 - دار الفكر - بيروت - 1398 ه. 26 ولاحظوا المسند وغيره من المصادر التي ذكرتها وفي تاريخ دمشق بطرق عديدة يقول رسول الله بعد تلك العبارات: يا بريدة، من كنت وليه فعلي وليه (1). رابعا: هناك في ألفاظ هذا الحديث وهذه القصة مناقب أخرى لأمير المؤمنين، تلك المناقب تختص بعلي ولا يشاركه فيها غيره من الصحابة. فمثلا، لاحظوا المعجم الأوسط للطبراني (2) يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه القضية: ما بال أقوام ينتقصون عليا؟ [لاحظوا بدقة] من ينتقص عليا فقد تنقصني، ومن فارق عليا فقد فارقني، إن عليا مني وأنا منه، خلق من طينتي، وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. فهذه المناقب جاءت في نفس هذه القصة، مضافا إلى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنه لا يفعل إلا ما يؤمر به، وغير ذلك من ألفاظ هذا الحديث، كما قرأنا. خامسا: ابن عباس يذكر هذه المنقبة، وهذه الفضيلة، ضمن فضائل لأمير المؤمنين يصرح بأنها خاصة بعلي، وحديث عبد الله
(1) تاريخ ابن عساكر - ترجمة الإمام علي (عليه السلام) 1 / 404 رقم 473 - 478. (2) المعجم الأوسط 6 / 232 رقم 6085. 27 ابن عباس موجود في مسند الطيالسي، في مسند أحمد، في المستدرك للحاكم، وفي غيرها من الكتب بسند ينصون بصحة ذلك السند... كما ذكرنا سابقا. سادسا: حديث الولاية بهذا اللفظ من جملة ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بدء الدعوة المحمدية، في حديث الإنذار الذي قرأناه، حيث قال لهم - أي للحاضرين -: من يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووليكم بعدي. إذن، الحديث ظاهر أو نص في الأولوية، مضافا إلى القرائن الموجودة في داخل الحديث، والقرائن الموجودة في خارج الحديث. وحتى الآن فهمنا كيف يكون الحديث دالا على العصمة؟ وكيف يكون دالا على الأولوية؟ وفي هذا الحديث والقصة التي قرأناها فوائد كثيرة، ينبغي للباحث أن يدقق النظر فيها. وجود حركة النفاق في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): يدل هذا الحديث وتلك القصة على وجود حركة النفاق في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبين المقربين من أصحابه، حتى بين بعض
28 قواد جيوشه، فلا يقال: بأن النفاق كان يختص بعبد الله بن أبي وأمثاله من المنافقين المعروفين المشهورين الذين كان يشار إليهم بالبنان، وقد عرفوا بالنفاق بين جميع الناس. يظهر من هذه القصة أن النفاق كان في داخل المقربين من رسول الله، حتى في خواص أصحابه، إن هذه القصة تكشف لنا خفايا حالات المقربين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وكم كنت أحب أن أعرف الثلاثة الآخرين الذين جاءوا من اليمن مع بريدة إلى المدينة قبل أن يرجع الجيش، أرسلهم خالد بن الوليد بلا علم من أمير المؤمنين، وإن كنت قد وجدت اسم واحد أو اثنين منهم! وأيضا، كم كنت أحب أن أعرف أولئك الذين كانوا جالسين على باب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستقبلوا بريدة ومن معه، وكأن هناك تنسيقا بين خالد وأصحابه، وبين أولئك الذين كانوا عند النبي وعلى بابه! خالد بن الوليد - كما في صريح القصة - كان يبغض عليا، ويعترف عليه بهذا المعنى بريدة بن الحصيب في هذه القصة، ويقر على نفسه أيضا، فيظهر أن خالد بن الوليد كان عدوا لعلي منذ حياة رسول الله.
29 وخالد هذا هو الذي أرسله أبو بكر إلى القبائل العربية التي أبت أن تبايع لأبي بكر، وامتنعت من دفع الزكاة إلى أبي بكر، وأعلنت عن اعتقادها بإمامة علي (عليه السلام). وخالد هذا هو الذي أمره أبو بكر بأن يقتل عليا في أثناء الصلاة، ثم لما ندم على ذلك قبل أن يسلم قال: يا خالد لا تفعل ما أمرتك به. وخالد هذا من جملة المهاجمين على دار علي والزهراء في قضية السقيفة. فقد كان أبو بكر يعرف من يرسل لقتل أنصار أمير المؤمنين، ويعرف من يكلف بقتل الإمام في أثناء الصلاة، ولولا هذا الخبر الذي وجدناه في كتاب الأنساب (1) للسمعاني، يذكر لنا حضور علي في صلاة أبي بكر، وأن أبا بكر قد أمر خالدا بأن يقتل عليا في أثناء الصلاة، لولا هذا الخبر المشتمل على هذه الفائدة الكبيرة - لا أتذكر الآن حديثا في كتاب معتبر، خبرا في كتاب يعتمد عليه، يدل على أن عليا كان ملتزما بالحضور للصلاة مع أبي بكر أو غيره من الصحابة، ولو وجدتم فأخبروني، أكون لكم من الشاكرين - الذي
(1) الأنساب للسمعاني 6 / 170 - نشر محمد أمين دمج - بيروت - 1400 ه. 30 وجدناه إلى الآن هذا الخبر، وهو يفيدنا هذه الفائدة: إن أبا بكر أمر خالدا أن يقتل عليا وهو يصلي خلفه في أثناء الصلاة! وهو في مسجد رسول الله! أمره بأن يقتل عليا! ثم إنه ندم على ذلك، وقبل أن يسلم قال: يا خالد لا تفعل ما أمرتك. وهذا قد لا يجده أحد، لأن كتاب الأنساب للسمعاني ليس بكتاب حديث، وليس بكتاب رواية، قد تقول: لا يوجد مثل هذا الحديث في شئ من الصحاح، في شئ من المسانيد، في شئ من السنن، في شئ من معاجم الحديث، ولكن الله شاء أن يصلنا هذا الخبر ولو في كتاب في الرجال، ولو من ناحية من يتهمونه بالتشيع - وهو عباد بن يعقوب الرواجني - يتهمونه بالتشيع لروايته مثل هذه الأخبار، مما يدل على فضائل أمير المؤمنين، وبعض ما يسئ الآخرين. وعلى كل حال، فخالد هذا وضعه، وهذا شأنه، ترون أنه أراد أن ينتهز تلك الفرصة، قضية أخذ أمير المؤمنين تلك الجارية، يقول الحديث: وكانت جارية حسناء - عندما قرأت هذه الكلمة، تذكرت قضية زوجة مالك، فإن مالك بن نويرة عندما قبض عليه خالد وأمر بقتله، التفت إلى زوجته وقال: أنت التي قتلتيني، وذلك لأنها كانت من أجمل نساء العرب، وكان خالد يهواها، ولذا زنا بها
31 في نفس الليلة التي قتل فيها مالكا، وهذا ما أدى إلى ضجة شديدة بالمدينة المنورة بين عامة المسلمين - ففعل علي هذا، أي أخذ الجارية هذه من الخمس، وقال رسول الله: إن له أكثر من ذلك، وكان خالد يتصور بأنه لو ينتهز هذه الفرصة، ويرسل هؤلاء الجماعة، ويكتب هذا الكتاب، وينسق مع الموجودين في المدينة المنورة، الذين يفكرون تفكيره ويخططون معه، يمكنهم أن يستفيدوا من هذه القضية، لأن يحطوا من منزلة علي عند رسول الله وعند المسلمين، وكأن في القضية مؤامرة مدبرة من هؤلاء المنافقين، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ملتفت إلى جميع القضايا، رسول الله يعلم، رسول الله عالم بنوايا هؤلاء القوم، وهم لا يعلمون أنه يسمع أصواتهم من وراء الباب، من وراء الجدار، وهم جالسون على بابه، فخرج (صلى الله عليه وآله وسلم) والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، دعوا عليا.... وما زالت المؤامرات ضد علي وإلى يومنا هذا، وما زال علي مظلوما تحاك له المؤامرات وتدبر له المخططات، وإلى متى؟ حتى بعض من ينسب نفسه إليه، حتى بعض من يدعي الانتساب إليه، وإلى متى يبقى علي مظلوما، لكن الله شاء هذا، وشاءت المصلحة العامة أن يكون حال علي كحال هارون، وأن تكون منزلته من
32 رسول الله منزلة هارون من موسى، كما سنقرأ في حديث المنزلة. والخلاصة: إني أرى في هذه القضية خطة مدبرة ومؤامرة منسقة مرتبة بين الغائبين عن المدينة المنورة والحاضرين هناك ضد أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام. وقد انقلبت المؤامرة عليهم، وأصبحت القضية من جملة موارد إعلان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل الله سبحانه وتعالى، إعلانه عن إمامة أمير المؤمنين، عن ولاية أمير المؤمنين، وعن عصمة أمير المؤمنين، وعن أن كل من يبغض عليا عليه أن يستغفر، وعليه أن يجدد إسلامه بعد استغفاره. أرادوا أن ينتهزوا هذه الفرصة ضد علي، فانتهزها رسول الله في صالح علي والإسلام، فكان حديث الولاية دالا على إمامة أمير المؤمنين من جهات عديدة.
33 المناقشات في حديث الولاية والآن، فلننظر ماذا يقول المخالفون في مقام الرد على هذا الحديث. ليست لهم مناقشة تسمع وتستحق الذكر، إلا مناقشتهم في معنى وليكم، لاحتمال أن يكون المراد: علي ناصركم، علي محبكم من بعدي. لكن الحديث بقرائنه الداخلية وقرائنه الخارجية والقصة بأجمعها تأبى كل هذه التشكيكات وهم أيضا يعلمون بهذا، هم المستشكلون يعلمون. ولذا يضطرون إلى اللجوء إلى طريقة أخرى، تلك الطريقة هي تحريف الحديث، وقد ذكرت هنا بعض مواضع تحريفاتهم. مثلا: إذا راجعتم صحيح البخاري (1)، ترونه يروي بسنده عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه - نفس السند -، يقول: بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) عليا
(1) صحيح البخاري 5 / 207 - دار إحياء التراث - بيروت. 35 إلى خالد ليقبض الخمس، يقول بريدة: وكنت أبغض عليا وقد اغتسل - التقطيع في الحديث واضح، فمن يدقق النظر في لفظ هذا الحديث المبتور يرى أن فيه تقطيعا! يرى أن فيه تحريفا! - لاحظوا: بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) عليا إلى خالد ليقبض الخمس وكنت أبغض عليا وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا، فلما قدمنا على النبي ذكرت ذلك له. لا يقول: تنقصت عليا عند النبي، لا يقول: أمرني خالد، ولا، ولا، ولا، يقول: ذكرت ذلك له - وكأنه يذكر قضية طبيعية - ذكرت ذلك له فقال: يا بريدة، أتبغض عليا؟ فقلت: نعم، فقال: لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك. فأين حديث علي مني وأنا من علي، وهو وليكم من بعدي؟ هذا لفظ البخاري. وإذا راجعتم البيهقي في سننه (1)، البيهقي تلميذ الحاكم النيشابوري، قرأت لكم لفظ الحاكم النيشابوري في مستدركه، وهو أيضا يروي الحديث عن الحاكم، البيهقي يروي الحديث عن
(1) سنن البيهقي 6 / 342. 36 شيخه الحاكم بإسناده ويسقط من آخره: إن عليا مني وأنا من علي وهو وليكم من بعدي، لا يوجد هذا في سنن البيهقي. وإذا راجعتم مصابيح السنة (1) للبغوي، الذي هو من أهم كتب الحديث عندهم، ترون أنه لا توجد فيه كلمة بعدي، ففيه: علي مني وأنا من علي وهو وليكم. فعندما تسقط كلمة بعدي يصبح علي لائقا للولاية أو منصوبا للولاية من قبل النبي، لكن متى؟ ليكن بعد عثمان!! وإذا راجعتم المشكاة (2)، يروي هذا الحديث عن الترمذي بلا لفظة بعدي، أي ينسب هذا الحديث المحرف إلى الترمذي، مع أن الحديث موجود في الترمذي مع كلمة بعدي!! وكأنهم لا يشعرون أن هناك ناظرا في الكتاب، أن هناك من يقرأ كتابه، أن هناك من يرجع إلى صحيح الترمذي ويطابق بين النقلين وبين اللفظين، لكنهم لا يستحون. إذن، هذه طريقة ثانية وهي طريقة التحريف. لكن لا مناص لمن يريد أن يخالف الله ورسوله، لمن يريد أن يعرض عما أراد الله ورسوله، من أن يتبع طريقة ابن تيمية، إنه
(1) مصابيح السنة 4 / 172 رقم 4766 وفيه باختلاف: وهو ولي كل مؤمن. (2) المشكاة 3 / 1720. 37 يقول: هذا الحديث كذب، وهذه أحسن طريقة لمن يريد أن يخالف الله ورسوله فيما قالا، وفيما أرادا، أن ينفي أصل القضية، وينكر أصل الخبر، ويكذب الحديث من أصله، نص عبارة ابن تيمية: قوله: وهو ولي كل مؤمن بعدي كذب على رسول الله، وكلام يمتنع نسبته إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (1). هذه الطريقة التي لهم أن يتخذوها، والأفضل لهم أن يسلكوا هذا الطريق، فلماذا التحريف؟ ولماذا التكذيب لبعض الألفاظ؟ ولبعض الخصوصيات الموجودة في الحديث؟ لننكر أصل الحديث ونرتاح. (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) (2). (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (3) وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. ن
(1) منهاج السنة 7 / 391. (2) سورة البقرة: 79. (3) سورة النساء: 65. 38