مشاهد و مزارات آل البيت (ع) في الشام نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مشاهد و مزارات آل البيت (ع) في الشام - نسخه متنی

هشام عثمان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: تنوير الحلك
المؤلف: جلال الدين السيوطي
الجزء:
الوفاة: 911
المجموعة: ردود علماء المسلمين على الوهابية والمخالفين
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: 1406 - 1364 ش - 1986 م
المطبعة:
الناشر: مكتبة الحقيقة - إستانبول - تركيا
ردمك:
ملاحظات:
هذه الكراسة تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي جهارا والملك
للشيخ العلامة جلال الدين السيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد كثر السؤال عن رؤية أرباب
الأحوال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في اليقظة وأن طائفة من أهل العصر من الأقدم
لهم في العلم بالغوا في إنكار ذلك والتعجب منه وادعوا أنه مستحيل فألفت هذه الكراسة
في ذلك وسميتها تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك ونبدأ بالحديث الصحيح
الوارد في ذلك أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا
يتمثل الشيطان بي وأخرج الطبراني مثله من حديث أبي قتادة قال العلماء اختلف
في معنى قوله فسيراني في اليقظة فقيل معناه فسيراني في القيامة وتعقب
بأنه لا فايدة في هذا التخصيص لأن كل أمته يرونه في القيامة من رآه منهم ومن لم يرد
وقيل المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه غائبا عنه فيكون مبشرا له أنه لا بد
أن يراه في اليقظة قبل موته وقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم فلا بدان
يراه بعين رأسه وقيل بيقين في قلبه حكاهما القاضي أبو بكر بن العربي وقال الإمام أبو
محمد بن أبي جمرة في تعليقه على الأحاديث التي انتقاها من البخاري هذا لحديث يدل
على أنه من رآه صلى الله تعالى عليه وسلم في النوم فسيراه في اليقظة وقيل هذا
على عمومه في حياته وبعد مماته أو هذا كان في حياته وهل ذلك لكل من رآه مطلقا
أو خاص بمن فيه الأهلية والاتباع لسنته صلى الله تعالى عليه وسلم اللفظة
تعطي العموم ومن يدعي الخصوص فيه بغير مخصص منه صلى الله تعالى عليه
وسلم فمتعسف قال وقد وقع من بعض الناس عدم التصديق بعمومه

1
وقال على ما أعطاه عقله وكيف يكون من قد مات يراه الحي في عالم الشاهد قال
وفي هذا القول من المحذور وجهان خطيران أحدهما عدم التصديق بقول الصادق
الذي لا ينطق عن الهوي صلى الله تعالى عليه وسلم والثاني الجهل بقدرة القادر وتبحيره
كأنه لم يسمع في سورة البقرة قصة البقرة وكيف قال الله تعالى اضربوه ببعضها كذلك
يحيي الله الموتى وقصة إبراهيم عليه السلام في الأربع من الطير وقصة عزير
عليه السلام فالذي جعل ضرب الميت ببعض البقرة سببا لحياته وجعل دعاء
إبراهيم عليه السلام سببا لإحياء الطيور وجعل تعجب عزير سببا لموته وموت
حماره ثم لإحيائهما بعد مائة سنة فمن قدر على ذلك قادر على أن يجعل رؤيته صلى
الله تعالى عليه وسلم في النوم سببا لرؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم في اليقظة وقد
ذكر عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أظنه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه
رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في النوم فتذكر هذا الحديث وبقي يفكر فيه ثم دخل
على بعض أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أظنها ميمونة رضي الله تعالى عنها
فقص عليها قصته فقامت وأخرجت له مرآته صلى الله تعالى عليه وسلم قال رضي
الله تعالى عنه فنظرت في المرآة فرأيت صورة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولم أر
لنفسي صورة وقد ذكر عن السلف والخلف وهلم جر أعن جماعة ممن كانوا رأوه صلى
الله تعالى عليه وسلم في النوم وكانوا ممن يصدقون هذا الحديث فرأوه بعد ذلك
في اليقظة وسئلوه عن أشياء كانوا منها متشوشين فأخبرهم بتفريجها ونص لهم على
الوجوه التي منها يكون فرجة فجاء الأمر كذلك بلا زيادة ولا نقص قال والمنكر لهذا
لا يخلوا إما أن يصدق بكرامات الأولياء أو يكذب بها فإن كان ممن يكذب بها فقد
سقط البحث معه فإنه يكذب ما أثبتته السنة بالدلائل الواضحة وإن كان مصدقا
بها فهذه من ذلك القبيل لأن الأولياء يكشف لهم بخرق العادة عن أشياء في العالمين

2
العلوي والسفلى عديدة فلا ينكر هذا مع التصديق بذلك انتهى كلام ابن أبي
جمرة وقوله إن ذلك عام وليس بخاص بمن فيه الأهلية والاتباع لسنته صلى الله
تعالى عليه وسلم مراده وقوع الرؤية الموعود بها في اليقظة على الرؤية في المنام ولو مرة
واحدة تحقيقا لو عده الشريف الذي لا يخلف وأكثر ما يقع ذلك للعامة قبل الموت
عند الاحتضار فلا تخرج روحه من جسده حتى يراه وفاء بوعده وأما غيرهم
فتحصل لهم الرؤية في طول حياتهم إما كثيرا وإما قليلا بحسب اجتهادهم ومحافظتهم
على السنة والاخلال بالسنة مانع كبير وأخرج مسلم في صحيحه عن مطرق
قال قال لي عمران بن حصين قد كان يسلم على حتى اكتويت فترك ثم تركت الكي فعاد
وأخرج مسلم من وجه آخر عن مطرف قال بعث إلي عمران بن حصين في مرضه
الذي توفي فيه فقال إني محدثك فإن عشت فأكتم عني وإن مت فحدث بها إن شئت
إنه قد سلم قال النووي في شرح مسلم معنى الحديث الأول أن عمران بن حصين رضي
الله عنه كانت به بواسير فكان يصبر على المها وكانت الملائكة تسلم عليه واكتوى
فانقطع سلامهم ثم ترك الكي فعاد سلامهم عليه قال وقوله في الحديث الثاني
فإن عشت فاكتم عني أراد به الإخبار بالسلام عليه لأنه كره أن يشاع عنه ذلك
في حياته لما فيه من التعرض للفتنة بخلاف ما بعد الموت وقال القرطبي في شرح مسلم
يعني أن الملائكة كانت تسلم عليه إكراما له واحتراما إلى إن اكتوى فتركت السلام عليه
ففيه إثبات كرامات الأولياء وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه من طريق مطرف بن
عبد الله عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال اعلم يا مطرق أنه كان يسلم على
الملائكة عند رأسي وعند البيت وعند باب الحجرة فلما اكتويت ذهب ذاك قال
فلما برء كلمه قال اعلم يا مطرف أنه عاد إلي الذي اكتم على حتى أموت فانظر كيف حجب
عمران عن سماع تسليم الملائكة لكونه اكتوى مع شدة الضرورة إلى ذلك

3
لأن الكي خلاف السنة قال البيهقي في شعب الإيمان لو كان النهي عن الكي على
طريق التحريم لم يكتو عمران رضي الله عنه مع علمه بالنهي غير أنه ركب المكروه
ففارقه ملك كان يسلم عليه فحزن على ذلك وقال هذا القول ثم قد قدر وكأنه عاد
إليه قبل موته انتهى وقال ابن الأثير في النهاية يعني أن الملائكة كانت تسلم عليه فلما
اكتوى لسبب مرضه تركوا السلام عليه لأن الكي يقدح في التوكل والتسليم إلى
الله تعالى والصبر على ما يبتلي العبد وطلب الشفاء من عنده ولبس ذلك قادحا
في جواز الكي ولكنه قادح في التوكل وهو درجة عالية وراء مباشرة الأسباب وأخرج
ابن سعد في الطبقات عن قتادة أن الملائكة كانت تصافح عمران بن حصين رضي الله
عنه حتى اكتوى فتنحت وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن يحيى بن سعيد القطان قال ما
قدم علينا البصرة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أفضل من عمران بن
حصين رضي الله عنه أتت عليه الملائكة ثلثون سنة تسلم عليه من جوانب بيته
وأخرج الترمذي في تاريخه وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة عن عدالت قال كان عمران
بن حصين رضي الله عنه يأمرنا أن نكنس الدار ونسمع السلام عليكم السلام عليكم
ولا نرى أحدا قال الترمذي هذا تسليم الملائكة وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي
في كتاب المنقذ من الضلال ثم إنني لما فرغت من العلوم أقبلت بهمتي على طريق الصوفية
والقدر الذي أذكره ننتفع به أنني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق
الله تعالى وأن سيرهم وسيرتهم أحسن السير والسير وطريقتهم أحسن الطريق
وأخلاقهم أزكى الأخلاق بل لو جمع عقول العقلاء وحكمة الحكماء وعلم
الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئا من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه
بما هو خير منه فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظواهرهم وبواطنهم متلبسة
من نور مشكاة النبوة وليس وراء أنوار النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به إلى

4
أن قال حتى أنهم وهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون
منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال
إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق هذا كلام الغزالي وقال تلميذه القاضي أبو بكر
بن العربي أجد الأئمة المالكية في كتابه قانون التأويل ذهبت الصوفية إلى أنه إذا حصل
للانسان طهارة النفس وتزكية القلب وقطع العلايق وحسم مواد أسباب الدنيا
من الجان والمال والخلطة بالجنس والاقبال على الله تعالى بالكلية علما دائما وعملا
مستمرا كشفت له القلوب ورأى الملائكة وسمع أقوالهم واطلع على أرواح الأنبياء
وسمع كلامهم قال ابن العربي من عنده ورؤية الأنبياء والملائكة وسماع كلامهم
ممكن للمؤمن كرامة وللكافر عقوبة قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد
الكبرى وقال ابن الحاج في المدخل رؤية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في اليقظة باب
ضيق وقل من يقع له ذلك إلا من كان على صفة عزيز وجودها في هذا الزمان بل عدمت
غالبا مع أننا لا ننكر من يقع له هذا من الأكابر الذين حفظهم الله تعالى في ظواهر هم
وبواطنهم قال وقد أنكر بعض علماء الظاهر رؤية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
في اليقظة وعلل ذلك بأن قال العين الفانية لا ترى العين الباقية والنبي صلى الله تعالى
عليه وسلم في دار البقاء والرائي في دار الفناء وقد كان سيدي أبو محمد بن أبي جمرة يحل
هذا الإشكال ويرده بأن المؤمن إذا مات يرى الله تعالى وهو لا يموت والواحد منهم
يموت في كل يوم سبعين مرة انتهى وقال القاضي شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم
البارزي في كتاب الاعتقاد الأنبياء عليهم السلام بعدما قبضوا ردت إليهم
أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء وقد رأى نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم
جماعة منهم وأخبره وخبره صدق أن صلواتنا معروضة عليه وأن سلامنا
يبلغه وأن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء عليهم السلام قال

5
البارزي وقد سمع من جماعة من الأولياء في زماننا وقبله أنهم رأوا النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم في اليقظة حيا بعد وفاته قال وقد ذكر ذلك الشيخ الإمام شيخ الإسلام
أبو البيان نباء بن محمد محفوظ الدمشقي في نظيمته انتهى وقال الشيخ أكمل الدين البابرتي
الحنفي في شرح المشارق في حديث من رآني الاجتماع بالشخصين يقظة ومناما
لحصول مائية الاتحاد وله خمسة أصول كلية الاشتراك في الذات أو في صفة
فصاعدا أو في حال فصاعدا أو في الأفعال أو في المراتب وكل ما يتعقل من المناسبة
بين شيئين أو أشياء لا يخرج عن هذه الخمسة وبحسب قوته على ما به الاختلاف
وضعفه يكثر الاجتماع ويقل وقد يقوى على ضده فتقوى المحبة بحيث يكاد الشخصان
لا يفترقان وقد يكون بالعكس ومن حصل الأصول الخمسة وثبتتا المناسبة بينه
وبين أرواح الكمل الماضين اجتمع بهم متى شاء وقال الشيخ صفي الدين ابن أبي المنصور
في رسالته والشيخ عفيف الدين اليافعي في روض الرياحين قال الشيخ الكبير
قدوة الشيوخ العارفين وبركة أهل زمانه أبو عبد الله القرشي لما جاء الغلاء
الكبير إلى ديار مصر توجهت لأن أدعو فقيل لي لا تدع فما يسمع لأحد منكم
في هذا الأمر دعاء فسافرت إلى الشام فلما قربت إلى خريج الخليل عليه السلام تلقاني
الخليل فقلت يا رسول الله اجعل ضيافتي عندك الدعاء لأهل المصر فدعا لهم
ففرج الله تعالى عنهم قال اليافعي وقوله تلقاني الخليل قول حق لا ينكره إلا جاهل
بمعرفة ما يرد عليهم من الأحوال التي يشاهدون فيها ملكوت السماء والأرض
وينظرون الأنبياء أحياء غير أموات كما نظر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى موسى
عليه السلام في الأرض ونظر أيضا في السماء هو وجماعة من الأنبياء في السماوات
وسمع منهم مخاطبات وقد تقرر أن ما جاز للأنبياء معجزة جاز للأولياء كرامة
بشرط عدم التحدي خاتمة أخرج أحمد في مسنده والخرائطي في مكارم الأخلاق

6
من طريق أبي العالية عن رجل من الأنصار قال خرجت من أهلي أريد النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم فإذا به قائم ورجل معه مقبل عليه وظننت أن لهما حاجة قال الأنصاري لقد قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى جعلت أرثي له من
طول القيام فلما انصرف قلت يا رسول الله لقد قام بك هذا الرجل حتى جعلت أرثي
لك من طول القيام قال صلى الله تعالى عليه وسلم ولقد رايته قلت نعم قال صلى الله
تعالى عليه وسلم أتدري من هو قلت لا قال صلى الله عليه وسلم ذلك جبرئيل
ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ثم قال صلى الله تعالى عليه وسلم
أما إنك لو سلمت رد عليك السلام وأخرج المدني في المعرفة عن تميم بن سلمة رضي
الله تعالى عنه قال بينا أنا عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذا انصرف من عنده
رجل فنظرت إليه مولى معتما بعمامة قد أرسلها من ورائه قلت يا رسول الله من هذا
قال هذا جبرئيل وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي في الدلائل عن حارثة بن النعمان
رضي الله تعالى عنه قال مررت على رسول الله تعالى عليه وسلم ومعه جبرئيل
عليه السلام فسلمت عليهما ومررت فلما رجعا وانصرف النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم قال هل رأيت الذي كان معي قلت نعم قال صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه
جبرئيل وقد رد عليك السلام وأخرج ابن سعد عن حارثة رضي الله تعالى عنه
قال رأيت جبرئيل من الدهر مرتين وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى
عنهما قال كنت مع أبي عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعنده رجل يناجيه
فكان كالمعرض عن أبي فخرجنا فقال لي أبي يا بني ألم ترا لي ابن عمك كالمعرض عني قلت
يا أبت إنه كان عنده رجل يناجيه فرجع فقال يا رسول الله قلت لعبد الله كذا وكذا
فقال إنه كان عندك رجل يناجيك فهل كان عندك أحد قال فهل رأيت يا عبد الله
قلت نعم قال ذلك جبرئيل هو الذي * عنك وأخرج ابن سعد عن ابن

7
عباس رضي الله تعالى عنهما قال رأيت جبرئيل مرتين وأخرج الطبراني والبيهقي
والضباء في المختارة قال عاد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رجلا من
الأنصار فلما دنى من منزله سمعه يتكلم في الداخل فلما وصل لم ير أحدا فقال رسول
الله صلى الله تعالى عليه وسلم من كنت تتكلم قال يا رسول الله دخل على داخل ما رأيت
رجلا قط بعدك أكرم مجلسا ولا أحسن حديثا منه قال صلى الله تعالى عليه وسلم
ذلك جبرئيل وإن منكم لرجالا لو أن أحدهم يقسم على الله لا بره وقال الشيخ سراج الدين
بن الملقن في طبقات الأولياء قال الشيخ عبد القادر الكيلاني رأيت رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم قبل الظهر فقال لي يا بني لم لا تتكلم قلت يا أبتاه أنا رجل
أعجم كيف أتكلم على فصحاء بغداد فقال افتح فاك ففتحته فتفل فيه سبعا
فقال تكلم على الناس وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فصليت
الظهر وجلست وحضرني خلق كثير فارتج علي فرأيت عليا رضي الله تعالى عنه قائما
بإزائي في المجلس فقال لي يا بني لم لا تتكلم قلت يا أبتا قد ارتج على فقال افتح فاك قال
ففتحته فتفل فيه ستا فقلت لم لا تكملها سبعا قال أدبا مع رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم ثم توارى عني فقلت غواص من الفكر يغوص في بحر القلب على ذر
العارفين فيخرجها إلى ساحل الصدر فينادي عليها سمسار ترجمان اللسان
فتشترى بنفايس أثمان حسن الطاعة في بيوت أذن الله أن ترفع وقال أيضا في ترجمة
الشيخ خليفة بن موسى النهر ملكي كان كثير الرؤية لرسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم يقظة ومناما وكان يقال إن أكثر أفعاله متلقاة منه صلى الله تعالى عليه
وسلم بأمر منه إما يقظة وإما مناما ورءاه في ليلة واحدة سبع عشرة مرة قال له في إحديهن
يا خليفة لا تضجر مني كثير من الأولياء مات بحسرة رؤيتي وقال الكمال الادفوى
في الطالع السعيد في ترجمة الصفي ابن عبد الله محمد بن يحيى الاسوانى نزيل اخميم من

8
أصحاب أبي يحيى بن شافعي كان مشهورا بالصلاح وله مكاشفات وكرامات كتب
عنه ابن دقيق العيد وابن النعمان والقطب القسطلاني وكان يذكر أنه يرى النبي صلى
الله تعالى عليه وسلم ويجتمع به وقال الشيخ عبد الغفار بن نوح القوصى في كتاب الوحيد
من أصحاب الشيخ أبي يحيى أبي عبد الله الاسوانى المقيم بأخميم كان يخبر أنه يرى النبي
صلى الله تعالى عليه وسلم في كل ساعة حتى لا يكاد يكون ساعة إلا ويخبر عنه ساعة
وقال في الوحيد أيضا كان للشيخ أبي العباس المرسى وصلة بالنبي صلى الله تعالى عليه
وسلم إذا سلم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رد عليه السلام ويجاوبه إذا تحدث
معه وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في لطائف المنن قال رجل للشيخ أبي العباس
المرسى يا سيدي صافحني بكفك هذه فإنك لقيت رجالا وبلادا فقال والله ما
صافحت بكفي هذه إلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال الشيخ لو حجب عني
رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين
وقال الشيخ صفي الدين بن أبي المنصور في رسالته والشيخ عبد الغفار في الوحيد
حكى عن الشيخ أبي الحسن الوتانى قال أخبرني الشيخ أبو العباس الطبنحى قال
وردت على سيدي أحمد بن الرفاعي فقال ما أنا شيخك شيخك عبد الرحيم
بقنا قال فسافرت بقنا فدخلت على الشيخ عبد الرحيم فقال لي عرفت رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم قلت لا قال رح إلى بيت المقدس حتى تعرف رسول الله صلى
الله تعالى عليه وسلم فرحت إلى بيت المقدس فحين وضعت رجلي وإذا بالسماء والأرض
والعرش والكرسي مملوءة من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فرجعت إلى الشيخ
فقال لي عرفت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قلت نعم قال الآن كملت طريقتك
لم تكن الأقطاب أقطابا والأوتاد أوتادا والأولياء أولياء إلا بمعرفة رسول
الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال في الوحيد وممن رايته بمكة الشيخ عبد الله

9
الدلاصى أخبرني أنه لم تصح له صلاة في عمره إلا صلاة واحدة قال وذلك أني كنت
بالمسجد الحرام في صلاة الصبح فلما أحرم الإمام وأحرمت أخذتني آخذة فرأيت
رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي إماما وخلفه العشرة فصليت معهم
وكان ذلك في سنة ثلث وسبعين وستمائة فقرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه
وسلم في الركعة الأولى سورة المدثر وفي الثانية عم يتساءلون فلما سلم دعا بهذا
الدعاء اللهم اجعلنا هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين لا طمعا في برك ولا رغبة
فيما عندك لأن لك المنة علينا بإيجادنا قبل أن لم نكن فلك الحمد على ذلك لا إله إلا
أنت فلما فرغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سلم الإمام فعقلت تسليمه
فسلمت وقال الشيخ صفي الدين في رسالته قال لي الشيخ أبو العباس الحرار دخلت
على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فوجدته يكتب مناشير للأولياء بالولاية وكتب
لأخي محمد منهم منشورا قال وكان أخو الشيخ كبيرا في الولاية كان على وجهه نور
لا يخفي على أحد أنه ولي فسألنا الشيخ عن ذلك فقال نفخ النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم في وجهه فأثرت النفخة هذا النور قال الشيخ صفي الدين ورأيت الشيخ
الكبير أبا عبد الله القرطبي أجل أصحاب الشيخ القرشي وكان أكثر إقامته بالمدينة
النبوية وكان له بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وصلة وأجوبة ويرد سلام وحمل رسول
الله صلى الله تعالى عليه وسلم رسالة للملك الكامل وتوجه بها إلى مصر وأداها
وعاد إلى المدينة قال وممن رأيت بمصر الشيخ أبو العباس القسطلاني أخص أصحاب
الشيخ القرشي زاهدا مصر في وقته وكان أكثر أوقاته في آخر عمره بمكة فقال إنه
دخل مرة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
أخذ الله بيدك يا أحمد وقال اليافعي في روض الرياحين أخبر في بعضهم أنه يرى حول الكعبة
الملائكة والأنبياء والأولياء وأكثر ما يراهم ليلة الجمعة وكذلك ليلة الاثنين

10
وليلة الخميس فعدد لي جماعة كثيرة من الأنبياء وذكر أنه يرى كل واحد منهم في
موضع معين يجلس فيحول الكعبة ويجلس معه أتباعه من أهله وقرابته وأصحابه
وذكر أن نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم يجتمع معه من أولياء الله خلق كثير لا يحصى
عددهم إلا الله تعالى ولم يجتمع على سائر الأنبياء كذلك وذكر أن إبراهيم وأولاده
عليهم السلام يجلسون بقرب باب الكعبة بحذاء مقامه المعروف وموسى وجماعة
من الأنبياء بين الركنين اليمانيين وعيسى وجماعة منهم في جهت الحجر ونبينا جالس
عند الركن اليماني مع أهل بيته وأصحابه وأولياء أمته انتهى وحكى عن بعض الأولياء
أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثا فقال له الولي هذا لحديث باطل
فقال له الفقيه ومن أين لك هذا فقال هذا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم واقف
على رأسك يقول إني لم أقل هذا الحديث وكشف للفقيه فرآه وفي كتاب الخ الإلهية
في مناقب السادة الوفائية لابن فارس قال سمعت سيدي علي يقول كنت وأنا ابن خمس
وستين أقراء القرآن على رجل يقال له الشيخ يعقوب فأتيته يوما فرأيت النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم يقظة لا مناما وعليه قميص أبيض قطن ثم رأيت القميص على فقال لي أقراء فقرات
عليه سورة والضحى وألم نشرح لك ثم غاب عني فلما أن بلغت إحدى وعشرين سنة
أحرمت بصلاة الصبح بالقرافة فرأيته صلى الله تعالى عليه وسلم قبالة وجهي فعانقني وقال
لي وأما بنعمة ربك فحدث فأوتيت لسانه من ذلك الوقت انتهى وفي بعض المجاميع
حج سيدي أحمد الرفاعي فلما وقف تجاه الحجرة الشريفة أنشد شعر
في حالة البعد روحي كنت أرسله * تقبل الأرض عني فهي نائبتي
وهذه نوبة الأشباح قد حضرت * أمدد يديك لكي تحظى به شفتي
فخرجت اليد الشريفة من القبر الشريف فقبلها وفي معجم الشيخ برهان
الدين البقاعي حدثني الإمام أبو الفضل بن أبي الفضل النويري أن السيد نور الدين

11
الاسجبنى والد الشريف عفيف الدين لما ورد إلى الروضة الشريفة وقال السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سمع من كان بحضرته قائلا من القبر وعليك
السلام يا ولدي وقال الحافظ محب الدين بن النجار في تاريخه أخبرني أبو أحمد داود
بن علي بن محمد بن هبة الله بن المسلمة أنا أبو الفرج المبارك بن عبد الله بن محمد بن النقور
قال حكى شيخنا أبو نصر عبد الواحد بن عبد الملك بن محمد بن أبي سعيد الصوفي
الكرخي قال حججت وزرت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فبينا أنا جالس عند الحجرة
إذ دخل الشيخ أبو بكر الدياربكري ووقف بإزاء وجه النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم وقال السلام عليك يا رسول الله فسمعت صوتا من داخل الحجرة وعليك
السلام يا أبا بكر وسمعه من حضر وفي كتاب (مصباح الظلام في المستضيئين
بخير الأنام) للإمام شمس الدين محمد بن موسى بن النعمان قال سمعت يوسف بن علي
الرقاشي يحكي عن امرأة هاشمية كانت مجاورة بالمدينة وكان بعض الخدام يؤذيها
قالت فاستغثت بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم فسمعت قائلا من الروضة أما لك
في أسوة فاصبري كما صبرت أو نحو هذا قالت فزال عني ما كنت فيه ومات الخدام
الثلاثة الذين كانوا يؤذونني وقال ابن السمعاني في كتاب الدلائل أنا أبو بكر هبة
الله بن الفرج أنا أبو القاسم يوسف بن محمد بن يوسف الخطيب أنا أبو القاسم عبد الرحمن
بن عمر بن تميم المؤدب ثنا علي بن إبراهيم بن علان أنا علي بن محمد بن علي ثنا أحمد بن
الهيثم الطائي حدثني أبي عن أبيه ابن سلمة بن كعسل عن أبي صادق عن علي
بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم وحثا من ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن
الله تعالى فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله تعالى عليك ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم

12
جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وقد
ظلمت نفسي وجئتك لتستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك ثم رأيت في كتاب
مزيل الشبهات في إثبات الكرامات لإمام عماد الدين بن إسماعيل بن هبة الله بن باطيش
ما نصه ومن الدليل على إثبات الكرامات آثار منقولة عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم
منهم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال لعايشة لما حضرته الوفاة إنما هما
أخواك وأختاك قالت رضي الله تعالى عنها هذان أخواي محمد وعبد الرحمن فمن
أختاي فليس لي إلا اسما فقال رضي الله تعالى عنه زوابط ابنة خارجة وقد القي في روعي
أنها جارية فولدت أم كلثوم ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في قصة سارية
حيث نادى وهو في الخطبة يا سارية الجبل الجبل فأسمع الله تعالى سارية كلامه
وهو بنهاوند وقصته مع نيل مصر ومراسلته إياه وجريانه بعد انقطاعه ومنهم
عثمان بن عفان قال عبد الله بن سلام أتيت عثمان رضي الله تعالى عنه لا سلمه عليه
وهو محصور فقال مرحبا يا صبي رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن هذه
الخوخة فقال يا عثمان حصروك قلت نعم قال عطشوك قلت نعم فأدلى لي دلوا فيه ماء
فشربت حتى رويت حتى أني لأجد برده بين ثديي وبين كتفي فقال إن شئت نصرت
عليهم وإن شئت أفطرت عندنا فاخترت أن أفطر عنده صلى الله تعالى عليه وسلم فقتل
ذلك اليوم انتهى وهذه القصة مشهورة عن عثمان رضي الله تعالى عنه مخرجة في كتب
الحديث أخرجها ابن أبي أسامة في مسنده وغيره وقد فهم المصنف منها أنها رؤية
يقظة وإلا لم يصلح عدها في الكرامات ولا ينكرها من ينكر كرامات الأولياء ومما ذكره
ابن باطيش في هذا الكتاب قال ومنهم أبو الحسين محمد بن سمعون البغدادي الصوفي قال
أبو طاهر محمد بن علي العلاة حضرت أبا الحسين بن سمعون يوما في مجلس الوعظ وهو
جالس على كرسيه يتكلم وكان أبو الفتح القواس جالسا إلى جنب الكرسي فغشيه النعاس

13
ونام فأمسك أبو الحسين ساعة عن الكلام حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه فقال
له أبو الحسين رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في نومك قال نعم قال أبو الحسين لذلك
أمسكت عن الكلام خوفا أن تنزع وينقطع ما كنت فيه انتهى فهذا يشعر بأن ابن
سمعون رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقظة لما حضر وراه أبو الفتح في نومه وقال
أبو بكر بن أبي أبيض في جزئه سمعت أبا الحسين نبأنا الجمال يقول حدثني بعض أصحابنا قال
بمكة رجل يعرف بابن ثابت قد خرج من مكة إلى المدينة ستين سنة ليس إلا للسلام
على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرجع فلما كان بعض السنين تخلف لشغل
أو سبب فقال بينا هو قاعد في الحجر بين النائم واليقظان إذ رأى النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم وهو يقول أيا ابن ثابت لم تزرنا فزرناك تنبيهات الأول أكثر ما يقع رؤية النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر وقد تقدم الأمر أن في
كلام القاضي أبي بكر بن العربي لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس
من رؤية بعضهم لبعض وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني
لا يدرك حقيقته إلا من باشره وقد تقدم عن الشيخ عبد الله الدلاصى فلما أحرم
الإمام أحرمت أخذتني آخذة فرأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأشار
بقوله أخذتني آخذة إلى هذه الحال الثاني هل الرؤية لذات المصطفى صلى الله تعالى
عليه وسلم بجسمه وروحه أو لمثاله الذين رايتهم من أرباب الأحوال يقولون
بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبه صرح الغزالي فقال ليس المراد أنه يرى جسمه
وبدنه بل مثالا له صادق بذلك المثال آلة تكون تارة حقيقية وتارة تكون خيالية
والنفس غير المثال المتخيل فما رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى ولا شخصه
بل هو مثال له على التحقيق قال ومثل ذلك من يرى الله تعالى في المنام فإن ذاته
منزهة عن الشكل والصورة ولكن ينتهي تعريفاته إلى العبد بواسطة مثال محسوس

14
من نورا وغيره ويكون ذلك المثال حقا في كونه واسطة في التعريف فيقول الرائي
رأيت الله في المنام لا يعني أني رأيت ذات الله تعالى كما يقول في حق غيره انتهى و
فصل القاضي أبو بكر بن العربي فقال رؤية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بصفته
المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال وهذا الذي
قاله في غاية الحسن ولا يمتنع رؤية ذاته الشريف بجسده وروحه وذلك لأنه صلى
الله تعالى عليه وسلم وسائر الأنبياء عليهم السلام أحياء ردت إليهم أرواحهم
بعدما قبضوا وأذن لهم في الخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي
والسفلى وقد ألف البيهقي جزء في حياة الأنبياء وقال في دلائل النبوة الأنبياء
أحياء عند ربهم كالشهداء وقال الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر
البغدادي المتكلمون المحققون من أصحابنا أن نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم
حي بعد وفاته وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم يبشر بطاعات أمته ويحزن
بمعاصي العصاة منهم وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم يبلغه صلاة من يصلي
عليه من أمته وقال إن الأنبياء عليهم لا يبلون ولا تأكل الأرض منهم شيئا
وقد مات موسى عليه السلام في زمانه وأخبر نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم
أنه رآه في قبره مصليا وذكر في حديث المعراج أنه رآه في السماء الرابعة ورأى
آدم وإبراهيم وإذا صح لنا هذا الأصل قلنا نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم قد صار
حيا بعد وفاته وهو على نبوته انتهى قال القرطبي في التذكرة في حديث الصعقة عن
شيخه الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال ويدل على ذلك
أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء يرزقون فرحين مستبشرين وهذه
صفة الأحياء في الدنيا وإذا كان هذا في الشهداء فالأنبياء أحق بذلك وقد
صح أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام وأنه صلى الله تعالى عليه

15
وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء ورأى موسى
عليه السلام قائما يصلي في قبره وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يرد السلام على كل من
يسلم عليه إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء عليهم السلام
إنما هو راجع إلى أن غيبوا عنا بحيث لا ندركهم وإن كانوا موجودين أحياء ولا
يراهم أحد من نوعنا إلا من خصه الله تعالى بكرامته انتهى وأخرج أبو يعلى في
مسنده والبيهقي في كتاب حياة الأنبياء عليهم السلام عن أنس رضي الله تعالى
عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون وأخرج
البيهقي عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال إن الأنبياء
لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله حتى ينفخ
في الصور وروى سفيان في الجامع قال قال شيخ لنا عن سعيد بن المسيب قال
ما مكث نبي في قبره أكثر من أربعين ليلة حتى يرفع قال البيهقي فعلى هذا يصيرون
كساير الأحياء حيث ينزلهم الله تعالى وروى عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري
عن أبي المقدام عن سعيد بن المسيب قال ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين
يوما وأبو المقدام عن ثابت بن هرمز الكوفي شيخ صالح وأخرج أبو حبان في
تاريخه والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية عن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال
رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحا
وقال إمام الحرمين في النهاية والرافعي في الشرح روي أن النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم قال أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلث زاد إمام الحرمين
وروي أكثر من يومين وذكر أبو الحسن بن الراغوتي الحنبلي في بعض كتبه
حديث أن الله لا يترك نبيا في قبره أكثر من نصف يوم وقال الإمام بدر الدين
بن الصاحب في تذكرته فصل في حياته صلى الله تعالى عليه وسلم بعد موته في البرزخ

16
وقد دل على ذلك تصريح الشارع وإيماؤه ومن القرآن قوله تعالى ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فهذه الحالة وهي
الحياة في البرزخ بعد الموت حاصلة لآحاد هذه الأمة من السعداء وحالهم أعلى
وأفضل ممن يكون له هذه الرتبة لا سيما في البرزخ ولا يكون رتبة أحد من
الأمة أعلى من رتبة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بل إنما حصل لهم هذه
الرتبة ببركته وتبعيته واتصافا بما استحقوا هذه الرتبة بالشهادة والشهادة
حاصلة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم على أتم الوجوه وقال صلى الله تعالى عليه
وسلم مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره وهذا
صريح في إثبات الحياة لموسى عليه السلام فإنه وصفه بالصلاة وأنه كان قائما
ومثل هذا لا يوصف به الروح وإنما يوصف به الجسد وفي تخصيصه بالقبر دليل
على هذا فإنه لو كان من أوصاف الروح لم يحتج لتخصيصه بالقبر فإن أحدا لم يقل إن
أرواح الأنبياء مسجونة في القبر مع الأجساد وأرواح السعداء والمؤمنين
في الجنة وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه لم يصح له صلاة في عمره
إلا صلاة واحدة وذلك أني كنت بالمسجد الحرام في صلاة الصبح فلما أحرم الإمام
وأحرمت أخذتني آخذة ثم سرنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين مكة
والمدينة فمررنا بواد فقال أي واد هذا فقالوا وادي الأزرق فقال كأني أنظر إلى موسى
واضعا إصبعيه في أذنيه له جوار إلى الله بالتلبية مارا بهذا الوادي ثم سرنا حتى
أتينا على سرية ثنية قال كأني أنظر إلى يونس على ناقة ضمراء عليه جبة صوف مارا
بهذا الوادي ملبيا سئل هنا كيف ذكر حجهم وتلبيتهم وهم أموات وأجيب
بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون فلا يبعد أن يحجوا ويصلوا ويتقربوا بما
استطاعوا وإن كانوا في الأخرى فإنهم في هذه الدنيا التي هي دار عمل متى

17
إذا فنيت مدتها وأعتقبتها الأخرى التي هي دار الجزاء انقطع العمل هذا لفظ القاضي
عياض فإذا كان القاضي عياض يقول إنهم يحجون بأجسادهم ويفارقون قبورهم فكيف
يستنكر مفارقة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لقبره فإن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
إذا كان حاجا وإذا كان مصليا وإذا كان يسرى به بجسده إلى السماء فليس مدفونا
في القبر انتهى فحصل من مجموع هذه النقول والأحاديث أن النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم حي بجسده وروحه وأنه يتصرف ويسير حيث شاء في أقطار الأرض وفي
الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لم يتبدل منه شئ وأنه مغيب عن الأبصار
كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم فإذا أراد الله رفع الحجاب عمن أراد
إكرامه برؤيته رآه على هيئته التي هو عليها لا مانع من ذلك ولا داعي إلى التخصيص
برؤية المثال الثالث سئل بعضهم كيف يراه الراؤن المتعددون في أقطار متعددة
فأنشره كالشمس في كبد السماء وضوؤها يغشي البلاد مشارقا ومغاربا وفي مناقب
الشيخ تاج الدين بن عطاء الله من بعض تلامذته قال حججت فلما كنت في الطواف
رأيت الشيخ تاج الدين في الطواف فنويت أن أسلم عليه إذا فرغ من طوفه فلما
فرغ من الطواف جئته فلم أره ثم رأيته في عمرته كذلك وفي ساير مسادره؟؟؟ كذلك فلما
رجعت إلى القاهرة سألت عن الشيخ فقيل لي طيب فقلت هل سافر قالوا لا فجئت إلى
الشيخ وسلمت عليه فقال لي من رأيت فقلت يا سيدي رأيتك فقال يا فلان الرجل
الكبير يملأ الكون لو دعي القطب من حجر لأجاب فإذا كان القطب يملأ الكون وسيد
المرسلين صلى الله تعالى عليه وسلم من باب أولى وقد تقدم عن الشيخ أبي العباس الظنجي
أنه قال وأرى بالسماء والأرض والعرش والكرسي مملوءة من رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم قال قائل يلزم على هذا أن يثبت الصحبة لمن رآه والجواب أن ذلك
ليس بلازم أما إن قلنا أن المرئي المثال فواضح لأن الصحبة إنما تثبت برؤية ذاته

18
الشريف جسدا وروحا وإن قلنا المرئي الذات فشرط الصحبة أن يراه وهو في
عالم الملك وهذه رؤية وهو في عالم الملكوت وهذه الرؤية لا تثبت صحبة ويؤيد
ذلك أن الأحاديث وردت أن جميع أمته عرضوا عليه فرآهم ورأوه ولم تثبت الصحبة
للجميع لأنها رؤية في عالم الملكوت فلا تفيد صحبة وأخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب
المصائف عن أبي جعفر قال كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه يسمع مناجاة جبرئيل للنبي
صلى الله تعالى عليه وسلم وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن حذيفة
بن اليمان رضي الله تعالى عنه أنه أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له يا رسول الله
بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وإليك
يرجع الأمر كله علانية وسرا لك الحمد إنك على كل شئ قدير اللهم اغفر لي جميع
ما مضى من ذنوبي واعصمني فيما بقي من عمري وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني
فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذاك ملك أتاك يعلمك تحميد ربك وأخرج محمد
بن نصر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم
لك الحمد كله فذكر الحديث نحوه وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الذكر عن أنس بن مالك
رضي الله تعالى عنه قال قال أبي بن كعب لا دخلن المسجد ولأصلين ولأحمدن الله تعالى
بمحامد لم يحمده بها أحد فلما صلى وجلس ليحمد الله تعالى ويثني عليه إذ هو بصوت
عال من خلف يقول اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الأمر كله وإليك
يرجع الأمر كله علانية وسرا لك الحمد إنك على كل شئ قدير اغفر لي ما مضى من ذنوبي
واعصمني فيما بقي من عمري وارزقني أعمالا زاكية ترضى بها عني وتب على فأتى النبي
صلى الله تعالى عليه وسلم فقص عليه فقال ذاك جبرائيل وأخرج الطبراني والبيهقي
عن محمد بن سلمة رضي الله تعالى عنه قال مررت على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
واضعا حده على حد رجل فلم أسلم ثم رجعت فقال ما منعك أن تسلم قلت يا رسول الله

19
رأيتك فعلت بهذا الرجل شيئا ما فعلته بأحد من الناس فكرهت أن أقطع عليك حديثك
فمن كان يا رسول الله قال صلى الله تعالى عليه وسلم جبرئيل وأخرج الحاكم عن عائشة
رضي الله تعالى عنها قالت رأيت جبرئيل واقفا في حجرتي هذه ورسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم يناجيه فقلت يا رسول الله من هذا قال بمن شبهته قلت بدحية قال لقد
رأيت جبرئيل وأخرج البيهقي عن حذيفة قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
ثم خرج فتبعته فإذا عارض قد عرض له فقال لي يا حذيفة هل رأيت العارض الذي عرض
لي قلت نعم قال ذاك ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قبلها استأذن ربي فسلم
علي وبشرني بالحسن والحسين أنهما سيدا شبان أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء
أهل الجنة وأخرج الطبراني عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال بت عنده صلى الله
تعالى عليه وسلم فرأيت عنده شخصا فقال لي يا حذيفة هل رأيت قلت نعم يا رسول
الله قال هذا ملك لم يهبط إلى منذ بعثت أتاني الليلة فبشرني أن الحسن والحسين سيدا
شبان أهل الجنة وأخرج أحمد والبخاري تعليقا ومسلم والنسائي والبيهقي
كلاهما في دلائل النبوة عن أسيد بن حصين أنه بينما هو يقرأ من سورة البقرة وفرسه
مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكنت ثم قراء فجالت فسكت فسكنت
ثم قراء فجالت فسكت فسكنت فرفع رأسه إلى السماء فإذا هو بمثل الظلة فيها أمثال
المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم بذلك فقال تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت
ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم وأخرج الواقدي وابن عساكر عن
عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال رأيت يوم بدر رجلين عن يمين
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أحدهما وعن يساره أحدهما يقاتلان أشد
القتال ثم ثلثهما ثالث من خلفه ثم ربعهم رابع أمامه وأخرج إسحاق

20
بن راهويه في مسنده وابن جرير في تفسيره وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة
عن أسيد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال بعد ما عمى لو كنت معكم
ببدر لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك ولا أتمارى
وأخرج البيهقي عن أبي بردة بن نيار قال رضي الله تعالى عنه جئت بثلاثة أرؤس
فوضعتهن بين يدي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقلت يا رسول الله أما الرأسان
فقتلتهما وأما الثالث فإني رأيت رجلا أبيض طويلا ضربه فأحدث رأسه فقال
صلى الله تعالى عليه وسلم ذاك فلان من الملائكة وأخرج البيهقي عن ابن عباس
رضي الله تعالى عنهما قال كان الملك يتصور في صورة من يعرفون
من الناس يثبتونهم فيقول إني قد دنوت منهم فسمعتهم يقولون لو حملوا
علينا ما ثبتنا ليسوا بشئ فذلك قوله تعالى إذ يوحي ربك إلى الملائكة
أني معكم فثبتوا الذين آمنوا وأخرج أحمد وابن سعد وابن جرير وأبو
نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كان
الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمر ورضي الله تعالى عنه وكان أبو اليسر
رجلا مجموعا وكان عباس رجلا جسيما فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
يا أبا اليسر كيف أسرت العباس قال يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل
ما رأيته قبل ذلك ولا بعده هيئته كذا وكذا فقال صلى الله تعالى عليه وسلم
لقد أعانك عليه ملك كريم وأخرج ابن سعد والبيهقي عن عمار بن أبي عمار
أن حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال يا رسول الله أرني جبرئيل في
صورته قال اقعد فقعد فنزل جبرئيل على خشبة كانت في الكعبة فقال صلى
الله تعالى عليه وسلم ارفع طرفك فانظر فرفع طرفه فرأى قدميه مثل الزبرجد
الأخضر وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب القبور والطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي

21
الله تعالى عنهما قال بينا أنا أسير بجنبات بدر إذ خرج رجل من حفرة في
عنقه سلسلة فناداني يا عبد الله اسقني وخرج رجل من تلك الحفرة في يده
سوط فناداني يا عبد الله لا تسقه فإنه كافر ثم ضربه بالسوط حتى عاد إلى
حفرته فأتيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبرته فقال لي أوقد رأيته قلت نعم
قال ذلك عدو الله أبو جهل وذاك عذابه إلى يوم القيامة محل الاستدلال رؤية
الرجل الذي خرج عقبه وضربه بالسوط فإنه الملك الموكل بتعذيبه وأخرج
ابن أبي الدنيا والطبراني وابن عساكر من طريق عروة بن رويم عن العرباض بن سارية
الصحابي رضي الله تعالى عنه أنه كان يحب أن يقبض فكان يدعو اللهم كبرت سني
ووهن عظمي فاقبضني إليك قال فبينما أنا يوما في مسجد دمشق وأنا أصلي وأدعو
أن أقبض إذ أنا بفتى شاب من أجمل الرجال وعليه دواج أخضر فقال ما عدا الذي
تدعو به قال قلت وكيف أدعو قال قل اللهم حسن العمل وبلغ الأجل قلت من
أنت يرحمك الله قال أنا رتابيل الذي يشل الحزن من صدور المؤمنين ثم اختنت
فلم أر أحدا وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن سعيد بن سنان قال آتيت بيت المقدس
أريد الصلاة فدخلت المسجد فبينا أنا على ذلك إذ سمعت خفيقا له جناحان قد
أقبل وهو يقول سبحان الدائم قائم سبحان الحي القيوم سبحان الملك القدوس
سبحان رب الملائكة والروح سبحان الله وبحمده سبحان الله العلي الأعلى سبحانه
وتعالى ثم أقبل خفيق يتلوه مثل ذلك ثم أقبل خفيق بعد خفيق يتجاوبون
حتى امتلاء المسجد فإذا بعضهم قريب مني فقال آدمي قلت نعم قال لا روع عليك
تذنيب ومما حكى أن يدخل هنا ما أخرجه أبو داود من طريق ابن عمير بن أنس
عن عمومة له من الأنصار أن عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه قال يا رسول الله
إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه

22
قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم الفضل بن حكين
أن عبد الله بن زيد قال لولا اتهامي لنفسي لقلت إني لم أكن نائما وفي سنن أبي
داود من طريق ابن أبي ليلى جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رجل من الأنصار فقال
يا رسول الله رأيت رجلا كان عليه ثوبين أخضرين فأذن ثم قعد قعدة ثم
قام فقال مثلها إلا أنه يقول قد قامت الصلاة ولولا أن يقول الناس لقلت
إني كنت يقظان غير نائم فقال صلى الله تعالى عليه وسلم لقد أراك الله خيرا قال
الشيخ ولي الدين العراقي في شرح سنن أبي داود قوله إني لبين نائم ويقظان مشكل
لأن الحال لا تخلوا عن نوم ويقظة فكان مراده أن نومه كان خفيفا لا يخلو عن نوم
قريبا من اليقظة فصار كأنه درجة متوسطة بين النوم واليقظة قال
وأظهر من هذا أن يحمل على الحالة التي تعتري أرباب الأحوال ويشاهدون فيها
ما يشاهدون ويسمعون ما يسمعون والصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين
هم رؤس أرباب الأحوال ورد في عدة أحاديث أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه
وعمر رضي الله تعالى عنه وبلا لا رضي الله تعالى عنه رأوا مثل ما رأى عبد الله
بن زيد وذكر إمام الحرمين في النهاية والغزالي في البسيط أن بضعة عشر من
الصحابة كلهم قد رأوا مثل ذلك وفي الحديث أن الذي نادى بالأذان فسمعه عمر
وبلال رضي الله تعالى عنهما جبرئيل عليه السلام أخرجه الحارث بن أبي أمامة
في مسنده ويشبه هذا ما أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن عساكر
في تاريخه عن محمد بن المنكدر قال دخل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على أبي بكر
رضي الله تعالى عنه فرآه ثقيلا فخرج من عنده فدخل على عائشة رضي الله تعالى
عنها وأنه ليخبرها بوجع أبي بكر رضي الله تعالى عنه إذ دخل أبو بكر يستأذن
فدخل فجعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يتعجب بما عجل الله له من العافية

23
فقال ما هو إلا أن خرجت فغفوت أتاني جبرئيل عليه السلام فسعطني
سعطة فقمت وقد برئت فلعل هذه غفوة حال لا غفوة نوم وأخرج الطبراني
في المعجم الكبير وأبو نعيم في المعرفة عن سهم بن خبيش وكان ممن شهد قتل عثمان
رضي الله تعالى عنه قال فلما أمسينا قلت كيف تركتم صاحبكم حتى يصبح مثلوله
فانطلقوا به إلى بقيع الغرقد فأمكنا له مزرقا لعلة ظلمة خوف الليل ثم حملناه وعشيكنا
سواد من خلقنا كمنا فهبناهم حتى كدنا أن نتفرق عنه فنادى مناد لا روع
عليكم أثبتوا فإنا جئنا لنشهده معكم وكان ابن خبيش يقول هم والله الملائكة
وأخرج أبو نعيم بن حماد في كتاب الفتن ثنا محمد بن سابور عن نعمان بن المنذر عن
عوف بن مالك قال دخلنا أرض الروم في غزوة الظرانة فتركنا مرجا فأخذت
أنا برؤس دواب أصحابي فطولت لها فانطلق أصحابي ينعلفون فبينا أنا كذلك
إذ سمعت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فالتفت فإذا انا برجل عليه
ثياب بيض فقلت عليك السلام ورحمة الله وبركاته فقال أمن أمة محمد
صلى الله تعالى عليه وسلم قلت نعم قال فاصبر فإن هذه الأمة أمة مرحومة
كتب الله تعالى عليها خمس فتن وخمس صلوات قلت سمهن لي قال امسك
إحديهن موت نبيكم واسمها في كتاب الله فتنة الصماء ثم قتل عثمان واسمها
في كتاب الله الصماء ثم فتنة ابن الأشعث واسمها في كتاب الله النغير ثم تولى
وهو يقول وبقيت الصلم فلم أدر كيف ذهب
تم بعون الله تعالى
وحسن توفيقه
كتبه الفقير الحقير أويس القرانى أديمانى سنه 1403
أويس

24
/ 1