ص: 181
و الشكال أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض أو في يده اليسرى «1» أو في يده اليمنى و رجله اليسرى بياض كذا وقع في تفسير صحيح مسلم و هذا أحد الأقوال في الشكال و قال أبو عبيدة و جمهور أهل اللغة و العرب أن يكون «2» منه ثلاث قوائم محجلة و واحدة مطلقة تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل فإنه يكون في ثلاث قوائم غالبا و قال ابن دريد هو أن يكون محجلا في شق واحد في يده و رجله فإن كان مخالفا قيل شكال مخالف و قيل الشكال بياض الرجلين و قيل بياض اليدين.
قال العلماء و إنما كرهه لأنه على صورة المشكول و قيل يحتمل أن يكون جرب ذلك الجنس فلم تكن فيه نجابة و قال بعض العلماء فإذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة له بزوال شبه الشكال «3».
وَ رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ «4» أَنَّ النَّبِيَّ ص لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ بَعْدَ النِّسَاءِ مِنَ الْخَيْلِ.
. إسناده جيد.
وَ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ فَرَسٍ إِلَّا وَ يُؤْذَنُ لَهُ عِنْدَ كُلِّ فَجْرٍ «5» اللَّهُمَّ مَنْ خَوَّلْتَنِي مِنْ بَنِي آدَمَ وَ جَعَلْتَنِي لَهُ فَاجْعَلْنِي أَحَبَّ مَالِهِ وَ أَهْلِهِ إِلَيْهِ «6».
.______________________________
(1) في المصدر: و في يده اليسرى.
(2) في المصدر: اهل اللغة و الغريب هو أن يكون.
(3) في المصدر: لزوال شبهه بالشكال.
(4) ذكر في المصدر اسناده و تركه المصنّف للاختصار.
(5) في المصدر: عند كل فجر بدعوة يدعو بها.
(6) في المصدر: و خولتنى له فاجعلنى أحبّ اهله و ماله إليه.
ص: 182
وَ فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ بِسَنَدِهِ عَنْ غَرِيبٍ «1» الْمُلَيْكِيِ أَنَّ النَّبِيَّ ص سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «2» مَنْ هُمْ فَقَالَ ص أَصْحَابُ الْخَيْلِ «3» ثُمَّ قَالَ الْمُنْفِقُ عَلَى الْخَيْلِ كَالْبَاسِطِ يَدَيْهِ «4» بِالصَّدَقَةِ لَا يَقْبِضُهَا وَ أَبْوَالُهَا وَ أَرْوَاثُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَكِيِّ الْمِسْكِ «5».
. و قال الفرس واحد الخيل و الجمع أفراس الذكر و الأنثى في ذلك سواء و أصله التأنيث و حكى ابن جني و الفراء فرسة و تصغير الفرس فريس و إن أردت الأنثى خاصة لم تقل إلا فريسة بالهاء و لفظها مشتق من الافتراس كأنها تفترس الأرض لسرعة مشيها «6» و راكب الفرس فارس و هو مثل لابن و تامر و روى أبو داود و الحاكم عن أبي هريرة أن النبي ص كان يسمي الأنثى من الخيل فرسا.
قال ابن السكيت يقال لراكب ذي الحافر من فرس أو بغل أو حمار فارس.
و الفرس أشبه الحيوان بالإنسان لما يوجد فيه من الكرم و شرف النفس و علو الهمة و تزعم العرب أنه كان وحشيا و أول من ذلله و ركبه إسماعيل ع و من
______________________________
(1) فيه تصحيف و الصحيح: «عريب» بالمهملة، ترجمه ابن الأثير في أسد الغابة 3:
407 قال: عريب أبو عبد اللّه المليكى عداده في أهل الشام قال البخارى: قيل: له صحبة اهل ثمّ ذكر الحديث الوارد في تفسير الآية عنه. أقول: هو بضم العين مصغرا.
(2) البقرة: 274.
(3) في المصدر: هم أصحاب الخيل.
(4) في المصدر: يده.
(5) حياة الحيوان 1: 223 و 224.
(6) في المصدر: بسرعة مشيها.
ص: 183
الخيل ما لا يبول و لا يروث ما دام عليه راكبه «1» و منها ما يعرف صاحبه و لا يمكن غيره من ركوبه و كان لسليمان ع خيل ذوات أجنحة و الخيل جنسان «2» عتيق و هجين «3» فالعتيق ما أبواه عربيان و العتيق الكريم من كل شيء و الخيار من كل شيء.
قَالَ 17 الزَّمَخْشَرِيُ «4» فِي الْحَدِيثِ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقْرَبُ صَاحِبَ فَرَسٍ عَتِيقٍ وَ لَا دَاراً فِيهَا فَرَسٌ عَتِيقٌ.
. وَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ، أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَخْبُلُ أَحَداً فِي دَارٍ فِيهَا فَرَسٌ عَتِيقٌ.
وَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى «5» أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ «6» قَالَ هُمُ الْجِنُّ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتاً فِيهَا فَرَسٌ عَتِيقٌ.
. قال ابن عبد البر في التمهيد الفرس العتيق هو الفاره عندنا.
و قال صاحب العين هو السابق.
و في المستدرك من حديث معاوية بن حديج بالحاء المهملة المضمومة و الدال المهملة المفتوحة و بالجيم في آخره و هو الذي أحرق محمد بن أبي بكر بمصر
- عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ فَرَسٍ عَرَبِيٍّ إِلَّا يُؤْذَنُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِدَعْوَتَيْنِ يَقُولُ
______________________________
(1) في المصدر: ما دام راكبه عليه.
(2) في المصدر: و الخيل نوعان.
(3) أسقط المصنّف من هنا ما ذكره سابقا من الفرق بين الفرس و البرذون.
(4) في المصدر: قال الزمخشريّ في تفسير سورة الأنفال: و في الحديث.
(5) في المصدر: سليمان بن يسار.
(6) الأنفال: 60.
ص: 184
اللَّهُمَّ كَمَا خَوَّلْتَنِي مَنْ خَوَّلْتَنِي فَاجْعَلْنِي مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ إِلَيْهِ.
. ثم قال صحيح الإسناد.
و لهذا الحديث قصة ذكرها النسائي في كتاب الخيل من سننه فقال قال أبو عبيدة قال معاوية بن حديج لما افتتحت مصر كان لكل قوم مراغة يمرغون فيها دوابهم فمر معاوية بأبي ذر و هو يمرغ فرسا له فسلم عليه ثم قال يا أبا ذر ما هذا الفرس.
قال هذا فرس لا أراه إلا مستجاب الدعاء قال و هل تدعو الخيل و تجاب قال نعم ليس من ليلة إلا و الفرس يدعو فيها ربه فيقول رب إنك سخرتني لابن آدم و جعلت رزقي في يده فاجعلني أحب إليه من أهله و ولده فمنها المستجاب و منها غير المستجاب و لا أرى فرسي هذا إلا مستجابا.
و
رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعاً قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَغْزُوَ فَاشْتَرِ فَرَساً أَدْهَمَ مُحَجَّلًا طُلُقَ الْيُمْنَى فَإِنَّكَ تَغْنَمُ وَ تَسْلَمُ.
ثم قال صحيح على شرط مسلم.
و الهجين الذي أبوه عربي و أمه عجمية و المقرف بضم الميم و إسكان القاف و بالراء المهملة و بالفاء في آخره عكسه و كذلك في بني آدم.
وَ فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرَّجُلَ الْقَوِيَّ الْمُبْدِئَ الْمُعِيدَ عَلَى الْفَرَسِ الْمُبْدِئِ الْمُعِيدِ.
أي الذي أبدأ في غزوة و أعاد فغزا مرة أخرى بعد مرة أي جرب الأمور طورا بعد طور و الفرس المبدئ المعيد الذي غزا عليه صاحبه مرة بعد أخرى و قيل هو الذي قد ريض و أدب فصار طوع راكبه.
وَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ ص رَكِبَ فَرَساً مَعْرُوراً «1» لِأَبِي طَلْحَةَ وَ قَالَ إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً.
______________________________
(1) أي فرسا جربا.
ص: 185
وَ فِي الْفَائِقِ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً فَرَكِبَ ص فَرَساً عُرْياً وَ رَكَضَ فِي آثَارِهِمْ فَلَمَّا رَجَعَ ص قَالَ إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً.
. قال حماد بن سلمة كان هذا الفرس بطيئا فلما قال ص هذا القول صار سابقا لا يلحق.
وَ رَوَى النَّسَائِيُّ وَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أَخِي سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جُعَيْلٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ص فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَ أَنَا عَلَى فَرَسٍ عَجْفَاءَ فَكُنْتُ فِي آخِرِ النَّاسِ فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ ص فَقَالَ سِرْ يَا صَاحِبَ الْفَرَسِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا فَرَسٌ عَجْفَاءُ ضَعِيفَةٌ فَرَفَعَ ص بِمِخْصَرَةٍ «1» كَانَتْ مَعَهُ فَضَرَبَهَا بِهَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِيهَا فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَا أَمْلِكُ رَأْسَهَا حَتَّى صِرْتُ مِنْ قُدَّامِ الْقَوْمِ وَ لَقَدْ بِعْتُ مِنْ بَطْنِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً.
وَ رُوِيَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرْكَبُ فِي الْقِتَالِ إِلَّا الْإِنَاثَ لِقِلَّةِ صَهِيلِهَا.
. و قال ابن محيريز كان الصحابة يستحبون ذكور الخيل عند الصفوف و إناث الخيل عند البيات و الغارات.
وَ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَامِرِ الْهَوْزَنِيِ «2» عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ وَ اسْمُهُ أَصْرَمُ بْنُ سَعْدٍ «3» أَنَّهُ أَتَاهُ فَقَالَ أَطْرِقْنِي فَرَسَكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص
______________________________
(1) في المصدر: «مخفقة» أقول: المخفقة: الدرة يضرب بها، و قيل: سوط من خشب. و المخصرة: شيء كالسوط يتوكا عليه كالعصا.
(2) الهوزنى بفتح الهاء و سكون الواو و فتح الزاى نسبة الى هوزن بن عوف بن عبد شمس بن وائل بن الغوث، بطن من ذى الكلاع من حمير.
(3) هكذا في النسخ و في المصدر: «اسمه عمرو بن سعد» قال ابن حجر في التقريب 607: أبو كبشة الانمارى هو سعيد بن عمرو، أو عمرو بن سعيد، و قيل: عمر، أو عامر بن سعد، صحابى نزل الشام.
ص: 186
يَقُولُ مَنْ أَطْرَقَ فَرَساً فَعَقَبَ لَهُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ سَبْعِينَ فَرَساً حَمَلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ إِنْ لَمْ يَعْقُبْ لَهُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ فَرَسٍ حَمَلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
. و في طبع الفرس الزهو و الخيلاء و السرور بنفسه و المحبة لصاحبه و من أخلاقه الدالة على شرف نفسه و كرمه أنه لا يأكل بقية علف غيره و من علو همته أن أشقر مروان كان سائسه لا يدخل عليه إلا بإذن و هو أن يحرك له المخلاة فإن حمحم دخل و إن دخل و لم يحمحم شد عليه و الأنثى من الخيل ذات شبق شديد و لذلك تطيع الفحل من غير نوعها و جنسها.
قال الجاحظ و الحيض يعرض للإناث منهن و لكنه قليل و الذكر ينزو إلى تمام أربع سنين و ربما عمر إلى التسعين و الفرس يرى المنامات كبني آدم و في طبعه أنه لا يشرب الماء إلا كدرا فإذا أراه صافيا كدرة و يوصف بحدة البصر و إذا وطئ على أثر الذئب خدرت قوائمه حتى لا يكاد يتحرك و يخرج الدخان من جلده.
قال الجوهري و يقال إن الفرس لا طحال له و هو مثل لسرعته و حركته كما يقال البعير لا مرارة له أي لا جسارة له و عن أبي عبيدة و أبي زيد قالا الفرس لا طحال له و لا مرارة للبعير و الظليم لا مخ له قال أبو زيد و كذلك طير الماء و حيتان البحر لا ألسنة لها و لا أدمغة و السمك لا رئة له و لذلك لا يتنفس و كل ذي رئة يتنفس.
وَ رَوَوْا أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِنْ يَكُنِ الْخَيْرُ فِي شَيْءٍ فَفِي ثَلَاثٍ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ وَ الْفَرَسِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ الشُّومُ فِي ثَلَاثٍ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ وَ الْفَرَسِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ الشُّومُ فِي الربع [أَرْبَعٍ] ... وَ الْخَادِمِ وَ الْفَرَسِ «1».
______________________________
(1) في المصدر: و في رواية: الشوم في أربع: المرأة و الدار و الفرس و الخادم.
ص: 187
و اختلف العلماء فيه فقيل معناه على اعتقاد الناس في ذلك «1»
وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ «2» قَالَتْ لَمْ يَحْفَظْ أَبُو هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ دَخَلَ وَ الرَّسُولُ ص يَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ يَقُولُونَ الشُّومُ فِي ثَلَاثٍ إلخ فَسَمِعَ آخِرَ الْحَدِيثِ وَ لَمْ يَسْمَعْ أَوَّلَهُ.
. و قال طائفة هي على ظاهرها فإن الدار قد يجعل الله سكناها سببا للضرر و الهلاك و كذلك الفرس و الخادم «3» قد يجعل الله الهلاك عندهما «4» بقضاء الله و قدره.
و قال الخطابي و كثيرون هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم «5» فليفارق الجميع بالبيع و نحوه و طلاق المرأة.
و قال آخرون شوم الدار ضيقها و سوء جيرانها و شوم المرأة عدم ولادتها و سلاطة لسانها و تعرضها للريب و شوم الفرس أن لا يغزى عليها.
و قيل حرانها «6» و غلاء ثمنها و شوم الخادم سوء خلقه و قلة تعهده لما فوض إليه و قيل المراد بالشوم هنا عدم الموافقة و اعترض بعض الملحدة بحديث لا طيرة على هذا و أجاب ابن قتيبة و غيره بأن هذا مخصوص من حديث طيرة «7»
______________________________
(1) زاد في المصدر: لا انه خبر من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن اثبات الشوم.
(2) زاد في المصدر: ففى مسند ابى داود الطيالسى عنها انه قيل لها: ان ابا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الشوم في ثلاث: المرأة و الدار و الفرس فقالت عائشة.
(3) في المصدر: و كذلك المرأة و الفرس و الخادم.
(4) في المصدر: عند وجودهم.
(5) في المصدر: أو فرس أو خادم يكره اقامتهما.
(6) حرن الفرس: وقف و لم ينقد.
(7) في المصدر: من حديث لا طيرة.
ص: 188
أي لا طيرة إلا في هذه الثلاثة
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ رَوَيْنَا بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: الْبَرَكَةُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْفَرَسِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ.
قَالَ يُوسُفُ سَأَلْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ سُفْيَانُ سَأَلْتُ عَنْهُ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ سَأَلْتُ عَنْهُ سَالِماً فَقَالَ سَالِمٌ سَأَلْتُ عَنْهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ «1» سَأَلْتُ عَنْهُ النَّبِيَّ ص فَقَالَ إِذَا كَانَ الْفَرَسُ ضَرُوباً فَهُوَ مَشُومٌ وَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ عَرَفَتْ زَوْجاً غَيْرَ زَوْجِهَا فَحَنَّتْ إِلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَهِيَ مَشُومَةٌ وَ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ بَعِيدَةً عَنِ الْمَسْجِدِ لَا يُسْمَعُ فِيهَا الْأَذَانُ وَ الْإِقَامَةُ فَهِيَ مَشُومَةٌ وَ إِذَا كُنَّ بِغَيْرِ هَذَا الْوَصْفِ «2» فَهُنَّ مُبَارَكَاتٌ «3».
. و قال البغل مركب من الفرس و الحمار و لذلك صار له صلابة الحمار و عظم آلات الخيل و كذلك شحيجه أي صوته تولد «4» من صهيل الفرس و نهيق الحمار و هو عقيم لا يولد لكن في تاريخ ابن البطريق في حوادث سنة أربع و أربعين و أربعمائة أن بغلة بنابلس ولدت.
و شر الطباع ما تجاذبته الأعراق المتضادة و الأخلاق المتباينة و العناصر المتباعدة و إذا كان الذكر حمارا يكون شديد الشبه بالفرس و إذا كان الذكر فرسا يكون شديد الشبه بالحمار و من العجب أن كل عضو فرضته منه يكون بين الفرس و الحمار و كذلك أخلاقه ليس له ذكاء الفرس و بلادة الحمار.
و يقال إن أول من أنتجها قارون.
و له صبر الحمار و قوة الفرس و يوصف برداءة الأخلاق و التلون لأجل
______________________________
(1) في المصدر: فقال عبد اللّه بن عمر.
(2) في المصدر: بغير هذه الصفات.
(3) حياة الحيوان 2: 146- 150.
(4) في المصدر: مولد.
ص: 189
التركيب لكنه يوصف مع ذلك بالهداية في كل طريق يسلكه مرة واحدة و هو مع ذلك مركب الملوك في أسفارها و قعيدة الصعاليك في قضاء أوطارها مع احتماله الأثقال و صبره على طول الأنقال و لذلك يقال
مركب قاض و إمام عدل و سيد و عالم و كهل
.
يصلح للرجل و غير الرجل «1»
.
وَ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّ الْبِغَالَ كَانَتْ تَتَنَاسَلُ وَ كَانَتْ أَسْرَعَ الدَّوَابِّ فِي نَقْلِ الْحَطَبِ لِنَارِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ فَدَعَا عَلَيْهَا فَقَطَعَ اللَّهُ نَسْلَهَا.
. و عن إسحاق بن «2» حماد بن أبي حنيفة أنه قال كان عندنا طحان رافضي له بغلان سمى أحدهما أبا بكر و الآخر عمر فرمحه أحدهما فقتله فأخبر جدي أبو حنيفة بذلك فقال انظروا الذي رمحه فهو الذي سماه عمر فوجدوه كذلك.
وَ فِي كَامِلِ ابْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص رَكِبَ بَغْلَةً فَحَادَتْ «3» بِهِ فحسبها [فَحَبَسَهَا] وَ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهَا قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَسَكَنَتْ.
وَ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَ النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زفيرٍ النَّافِعِيِ «4» الْمِصْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ ع
______________________________
(1) في المصدر: و عالم و سيد و كهل يصلح للرحل و غير الرحل.
(2) في المصدر: «إسماعيل بن حماد» و هو الصحيح راجع التقريب: 42.
(3) أي مالت به.
(4) في المخطوطة: النافعى (القافقى خ ل) و في المصدر: «عبد اللّه بن زرير الغافقى المصرى» و الصحيح هو الذي في المصدر. قال ابن حجر في التقريب: 266:
عبد اللّه بن زرير بتقديم الزاى مصغرا، الغافقى المصرى ثقة رمى بالتشيع مات سنة 80، أو بعدها.
ص: 190
قَالَ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ص بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا فَقَالَ عَلِيٌّ ع «1» لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ لَكَانَتْ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
. قال ابن حبان معناه الذين لا يعلمون النهي عنه قال الخطابي يشبه أن يكون المعنى في ذلك و الله أعلم أن الحمير إذا حملت على الخيل تعطلت منافع الخيل و قل عددها و انقطع نماؤها و الخيل يحتاج إليها للركوب «2» و الركض و الطلب و عليها يجاهد العدو و بها تحرز الغنائم و لحمها مأكول و يسهم للفرس كما يسهم للفارس و ليس للبغل شيء من هذه الفضائل فأحب النبي ص أن ينمو عدد الخيل و يكثر نسلها لما فيها من النفع و الصلاح فإذا كانت الفحول خيلا و الأمهات حميرا فيحتمل أن لا يكون داخلا في النهي إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمير و كراهة اختلاط مائها بمائها لئلا يكون منها الحيوان المركب من نوعين مختلفين فإن أكثر الحيوان المركب «3» من جنسين من الحيوان أخبث طبعا من أصولها التي تتولد منها و أشد شراسة كالسِّمْع و نحوه «4».
ثم إن البغل حيوان عقيم ليس لها نسل و لا نماء و لا يذكى و لا يزكى ثم قال و لا أرى هذا الرأي طائلا فإن الله تعالى قال وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً «5»
______________________________
(1) في المصدر: «فقالوا: لو» أقول: اي أصحابه (ص).
(2) في المصدر: للركوب و العدد و الركض.
(3) في المصدر: فان أكثر الحيوانات المركبة من نوعين.
(4) في المصدر: «كالسمع و العسبار و نحوهما»: أقول: السمع بكسر فسكون:
ولد الذئب من الضبع، و العسبار: ولد الذئب او ولد الضبع من الذئب.
(5) النحل: 8.
ص: 191
فذكر البغال و امتن علينا بها كامتنانه بالخيل و الحمير و أفرد ذكرها بالاسم الخاص الموضوع لها و نبه على ما فيها من الإرب و المنفعة و المكروه من الأشياء مذموم لا يستحق المدح و لا يقع الامتنان به و قد استعمل ص البغل و اقتناه و ركبه حضرا و سفرا و لو كان مكروها لم يقتنه و لم يستعمله انتهى.
وَ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ ص فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَ نَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ وَ كَادَتْ أَنْ تُلْقِيَهُ وَ إِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الْأَقْبُرِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا فَقَالَ ص مَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا عَلَى الْإِشْرَاكِ فَقَالَ ص إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَلَوْ لَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَ ص بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ إِلَيْنَا «1» فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ «2» فَقَالَ ص تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ فَقَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ فَقَالَ ص تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ فَقَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.
وَ فِي مَجْمَعِ الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص دُلْدُلُ اسْدِي فَأَلْصَقَتْ بَطْنَهَا بِالْأَرْضِ حَتَّى أَخَذَ النَّبِيُّ حَفْنَةً «3»
______________________________
(1) في المصدر: ثم اقبل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله علينا بوجهه الكريم.
(2) زاد في المصدر بعد ذلك: فقال: تعوذوا باللّه من عذاب النار، فقالوا: نعوذ باللّه من عذاب النار.
(3) هكذا في المطبوع و المخطوط، و في المصدر، «خفة» و لعله مصحف عن «حفنة» أي ملا الكفين.
ص: 192
مِنْ تُرَابٍ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ قَالَ حم لَا يُنْصَرُونَ «1» قَالَ فَانْهَزَمَ الْقَوْمُ وَ مَا رَمَيْنَاهُمْ بِسَهْمٍ وَ لَا طَعَنَّاهُمْ بِرُمْحٍ وَ لَا ضَرَبْنَاهُمْ بِسَيْفٍ.
وَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لِعَمِّهِ عَبَّاسٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ نَاوِلْنِي مِنَ الْبَطْحَاءِ فَأَفْقَهَ اللَّهُ الْبَغْلَةَ كَلَامَهُ فَانْخَفَضَتْ بِهِ حَتَّى كَادَ بَطْنُهَا يَمَسُّ الْأَرْضَ فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ الْحَصْبَاءِ فَنَفَخَ فِي وُجُوهِهِمْ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ حم لَا يُنْصَرُونَ «2».
وَ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: هَاجَرْتُ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ قَدِمْتُ عَلَيْهِ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ فَأَسْلَمْتُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ هَذِهِ الْحِيرَةُ قَدْ رُفِعَتْ إِلَيَّ وَ إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا وَ هَذِهِ الشَّيْمَاءُ بِنْتُ نُفَيْلَةَ الْأَسَدِيَّةُ «3» عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةً بِخِمَارٍ أَسْوَدَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ نَحْنُ دَخَلْنَا الْحِيرَةَ فَوَجَدْنَاهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَهِيَ لِي قَالَ هِيَ لَكَ فَأَقْبَلْنَا مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ نُرِيدُ الْحِيرَةَ فَلَمَّا دَخَلْنَاهَا كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَلْقَانَا الشَّيْمَاءَ بِنْتَ نُفَيْلَةَ «4» كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةً بِخِمَارٍ أَسْوَدَ فَتَعَلَّقْتُ بِهَا فَقُلْتُ هَذِهِ وَهَبَهَا لِي رَسُولُ اللَّهِ ص وَ طَلَبَ مِنِّي خَالِدٌ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَسَلَّمَهَا إِلَيَّ وَ نَزَلَ إِلَيْنَا أَخُوهَا عَبْدُ الْمَسِيحِ فَقَالَ لِي أَ تَبِيعُنِيهَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَاحْتَكِمْ بِمَا
______________________________
(1) في المصدر: «صم لا يبصرون» و الظاهر أنّه مصحف و الصحيح ما في المتن، قال الجزريّ في النهاية 1: 296: فى حديث الجهاد: «إذا بيتم فقولوا: حم لا ينصرون» قيل: معناه اللّهمّ لا ينصرون، و يريد به الخبر لا الدعاء لانه لو كان دعاء لقال: «لا ينصروا» مجزوما، فكانه قال: و اللّه لا ينصرون، و قيل: ان السور التي في اولها حم سور لها شأن فنبه ان ذكرها لشرف منزلتها ممّا يستظهر به على استنزال النصر من اللّه، و قوله: «لا ينصرون» كلام مستأنف، كانه حين قال: قولوا: حم، قيل: ما ذا يكون إذا قلناه؟ فقال:
لا ينصرون.
(2) في المصدر: «صم لا يبصرون» و الظاهر أنّه مصحف و الصحيح ما في المتن، قال الجزريّ في النهاية 1: 296: فى حديث الجهاد: «إذا بيتم فقولوا: حم لا ينصرون» قيل: معناه اللّهمّ لا ينصرون، و يريد به الخبر لا الدعاء لانه لو كان دعاء لقال: «لا ينصروا» مجزوما، فكانه قال: و اللّه لا ينصرون، و قيل: ان السور التي في اولها حم سور لها شأن فنبه ان ذكرها لشرف منزلتها ممّا يستظهر به على استنزال النصر من اللّه، و قوله: «لا ينصرون» كلام مستأنف، كانه حين قال: قولوا: حم، قيل: ما ذا يكون إذا قلناه؟ فقال:
لا ينصرون.
(3) في المصدر: بنت نفيل الازدية.
(4) في المصدر: بنت نفيل.
ص: 193
شِئْتَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَا أَنْقُصُهَا عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ إِلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لِي لَوْ قُلْتَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ فَقُلْتُ لَا أُحِبُّ مَالًا فَوْقَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
قال الطبراني و بلغني أن الشاهدين كانا محمد بن مسلمة و عبد الله بن عمر.
و قال في الحمار و ليس في الحيوان ما ينزو على غير جنسه و يلقح إلا الحمار و الفرس و هو ينزو إذا تم له ثلاثون شهرا و منه نوع يصلح لحمل الأثقال و نوع لين الأعطاف سريع العدو يسبق براذين الخيل.
و من عجيب أمره إذا شم رائحة الأسد رمى نفسه عليه من شدة الخوف منه يريد بذلك الفرار و يوصف بالهداية إلى سلوك الطرقات التي مشى فيها و لو مرة واحدة و بحدة السمع.
و للناس في مدحه و ذمه أقوال متباينة بحسب الأغراض فمن ذلك أن خالد بن صفوان و الفضل بن عيسى الرقاشي كانا يختاران ركوب الحمير على ركوب البراذين فأما خالد فلقيه بعض الأشراف بالبصرة على حمار فقال ما هذا يا با صفوان فقال هذا عير من نسل الكداد يحمل الرجلة و يبلغني العقبة و يقل داؤه و يخف دواؤه و يمنعني من أن أكون جبارا في الأرض و أن أكون من المفسدين.
و أما الفضل فإنه سئل عن ركوبه فقال إنه أقل الدواب مئونة و أكثرها معونة و أخفضها مهوى و أقربها مرتقى فسمع أعرابي كلامه فعارضه بقوله الحمار شنار و العير عار منكر الصوت لا ترقأ به الدماء و لا تمهر به النساء و صوته أنكر الأصوات.
قال الزمخشري الحمار مثل في الذم الشنيع و الشتمة و من استيحاشهم لذكر اسمه أنهم يكنون عنه و يرغبون عن التصريح به فيقولون الطويل الأذنين كما يكنى عن الشيء المستقذر و قد عد من مساوئ الآداب أن تجري ذكر الحمار في مجلس قوم أولي المروة.
و من العرب من لا يركب الحمار استنكافا و إن بلغت به الرجلة الجهد.
و المروءة بالهمز و تركه قال الجوهري هي الإنسانية و قال ابن فارس الرجولية
ص: 194
و قيل إن ذا المروءة من يصون نفسه عن الأدناس و لا يشينها عند الناس و قيل من يسير بسيرة أمثاله في زمانه و مكانه قال الدارمي قيل المروءة في الحرفة و قيل في آداب الدين كالأكل و الصياح في الجم الغفير و انتهار الشائل و قلة فعل الخير مع القدرة عليه و كثرة الاستهزاء و الضحك و نحو ذلك انتهى.
وَ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَ كَانَ لَهُ مَعَ اللَّهِ مُعَامَلَةٌ حَسَنَةٌ وَ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَ كَانَ ضَنِيناً بِهَا وَ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ أَهْلِ زَمَانِهَا مُفْرِطَةً فِي الْجَمَالِ وَ الْحُسْنِ وَ كَانَ يُقْفِلُ عَلَيْهَا الْبَابَ فَنَظَرَتْ يَوْماً شَابّاً فَهَوَتْهُ وَ هَوَاهَا فَعَمِلَ لَهَا مِفْتَاحاً عَلَى بَابِ دَارِهَا وَ كَانَ يَخْرُجُ وَ يَدْخُلُ لَيْلًا وَ نَهَاراً مَتَى شَاءَ وَ زَوْجُهَا لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ فَبَقِيَا عَلَى ذَلِكَ زَمَاناً طَوِيلًا فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا يَوْماً وَ كَانَ أَعْبَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَزْهَدَهُمْ إِنَّكِ قَدْ تَغَيَّرْتِ عَلَيَّ وَ لَمْ أَعْلَمْ مَا سَبَبُهُ وَ قَدْ تُوَسْوِسُ قَلْبِي عَلَيَّ وَ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا بِكْراً ثُمَّ قَالَ وَ أَشْتَهِي مِنْكِ أَنَّكِ تَحْلِفِي لِي أَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي رَجُلًا غَيْرِي وَ كَانَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ جَبَلٌ يُقْسِمُونَ بِهِ وَ يَتَحَاكَمُونَ عِنْدَهُ وَ كَانَ الْجَبَلُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ عِنْدَهُ نَهَرٌ جَارٍ وَ كَانَ لَا يَحْلِفُ عِنْدَهُ أَحَدٌ كَاذِباً إِلَّا هَلَكَ فَقَالَتْ لَهُ وَ يُطَيِّبُ قَلْبَكَ إِذَا حَلَفْتُ لَكَ عِنْدَ الْجَبَلِ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ مَتَى شِئْتَ فَعَلْتُ فَلَمَّا خَرَجَ الْعَابِدُ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ دَخَلَ عَلَيْهَا الشَّابُّ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا جَرَى لَهَا مَعَ زَوْجِهَا وَ أَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَحْلِفَ لَهُ عِنْدَ الْجَبَلِ وَ قَالَتْ مَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَحْلِفَ كَاذِبَةً وَ لَا أَقُولُ لِزَوْجِي فَبُهِتَ الشَّابُّ وَ تَحَيَّرَ وَ قَالَ فَمَا تَصْنَعِينَ فَقَالَتْ بَكِّرْ غَداً وَ الْبَسْ ثَوْبَ مُكَارٍ وَ خُذْ حِمَاراً وَ اجْلِسْ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا خَرَجْنَا فَأَنَا أَدُعُّهُ يَكْتَرِي مِنْكَ الْحِمَارَ فَإِذَا اكْتَرَاهُ مِنْكَ بَادِرْ وَ احْمِلْنِي وَ ارْفَعْنِي فَوْقَ الْحِمَارِ حَتَّى أَحْلِفَ لَهُ وَ أَنَا صَادِقَةٌ أَنَّهُ مَا مَسَّنِي أَحَدٌ غَيْرُكَ وَ غَيْرُ هَذَا الْمُكَارِي فَقَالَ حُبّاً وَ كَرَامَةً وَ إِنَّهُ لَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا قَالَ لَهَا قُومِي إِلَى الْجَبَلِ لِتَحْلِفِي بِهِ قَالَتْ مَا لِي طَاقَةٌ بِالْمَشْيِ فَقَالَ اخْرُجِي فَإِنْ وَجَدْتُ مُكَارِياً اكْتَرَيْتُ لَكِ فَقَامَتْ وَ لَمْ تَلْبَسْ لِبَاسَهَا فَلَمَّا خَرَجَ الْعَابِدُ وَ زَوْجَتُهُ رَأَتِ الشَّابَّ يَنْتَظِرُهَا فَصَاحَتْ بِهِ يَا مُكَارِي أَكْتَرِي
ص: 195
حِمَارَكَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ إِلَى الْجَبَلِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ تَقَدَّمَ وَ رَفَعَهَا عَلَى الْحِمَارِ وَ سَارُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الْجَبَلِ فَقَالَتْ لِلشَّابِّ أَنْزِلْنِي عَنِ الْحِمَارِ حَتَّى أَصْعَدَ الْجَبَلَ فَلَمَّا تَقَدَّمَ الشَّابُّ إِلَيْهَا أَلْقَتْ بِنَفْسِهَا إِلَى الْأَرْضِ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهَا فَشَتَمَتِ الشَّابَّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا لِي ذَنْبٌ ثُمَّ مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى الْجَبَلِ فَمَسَكَتْهُ وَ حَلَفَتْ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا أَحَدٌ وَ لَا نَظَرَ إِنْسَانٌ مِثْلَ نَظَرِكَ إِلَيَّ مُذْ عَرَفْتُكَ غَيْرُكَ وَ هَذَا الْمُكَارِي فَاضْطَرَبَ الْجَبَلُ اضْطِرَاباً شَدِيداً وَ زَالَ عَنْ مَكَانِهِ وَ أَنْكَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ.
و روى البيهقي في الشعب عن ابن مسعود أنه قال كانت الأنبياء يركبون الحمر و يلبسون الصوف و يحلبون الشاة و كان للنبي ص حمار اسمه عفير بضم العين المهملة و ضبطه القاضي عياض بالغين المعجمة و اتفقوا على تغليطه أهداه له المقوقس و كان فورة بن عمر الجذامي أهدى له حمارا يقال له يعفور مأخوذ من العفرة و هو لون التراب فنفق يعفور في منصرف النبي ص من حجة الوداع و ذكر السهيلي أن يعفورا طرح نفسه في بئر لما مات رسول الله ص.
وَ ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ بِسَنَدِهِ إِلَى مَنْصُورٍ وَ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَيْبَرَ أَصَابَ حِمَاراً أَسْوَدَ فَكَلَّمَ الْحِمَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ شِهَابٍ أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نَسْلِ جَدِّي سِتِّينَ حِمَاراً لَا يَرْكَبُهَا إِلَّا نَبِيٌّ وَ قَدْ كُنْتُ أَتَوَقَّعُكَ لِتَرْكَبَنِي وَ لَمْ يَبْقَ مِنْ نَسْلِ جَدِّي غَيْرِي وَ لَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرُكَ وَ قَدْ كُنْتُ قَبْلَكَ لِتَرْكَبَنِي عِنْدَ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ وَ كُنْتُ أَتَعَثَّرُ بِهِ وَ كَانَ يُجِيعُ بَطْنِي وَ يَضْرِبُ ظَهْرِي فَقَالَ النَّبِيُّ ص فَأَنْتَ يَعْفُورٌ يَا يَعْفُورُ تَشْتَهِي الْإِنَاثَ قَالَ لَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَرْكَبُهُ فِي حَاجَتِهِ وَ كَانَ يَبْعَثُ بِهِ خَلْفَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَأْتِي الْبَابَ فَيَقْرَعُهُ بِرَأْسِهِ فَإِذَا خَرَجَ صَاحِبُ الدَّارِ أَوْمَأَ إِلَيْهِ فَيَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ فَيَأْتِي النَّبِيَّ ص فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ ص جَاءَ إِلَى بِئْرٍ وَ كَانَتْ لِأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ فَتَرَدَّى فِيهَا جَزَعاً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَصَارَتْ قَبْرَهُ.
وَ فِي كَامِلِ ابْنِ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرٍ وَ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ
ص: 196
عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص تَعَبَّدَ رَجُلٌ فِي صَوْمَعَةٍ فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ وَ أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ فَرَأَى حِمَاراً يَرْعَى فَقَالَ يَا رَبِّ لَوْ كَانَ لَكَ حِمَارٌ لَرَعَيْتُهُ مَعَ حِمَارِي فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيّاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ إِنَّمَا أُجَازِي الْعِبَادَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ.
و هو كذلك في الحلية في ترجمة زيد بن أسلم.
وَ فِي كِتَابِ ابْتِلَاءِ الْأَخْيَارِ أَنَّ عِيسَى ع لَقِيَ إِبْلِيسَ وَ هُوَ يَسُوقُ خَمْسَةَ أَحْمِرَةٍ عَلَيْهَا أَحْمَالٌ فَسَأَلَهُ عَنِ الْأَحْمَالِ فَقَالَ تِجَارَةٌ أَطْلُبُ لَهَا مُشْتَرِينَ فَقَالَ وَ مَا هِيَ التِّجَارَةُ قَالَ أَحَدُهَا الْجَوْرُ قَالَ وَ مَنْ يَشْتَرِيهِ قَالَ السَّلَاطِينُ وَ الثَّانِي الْكِبْرُ قَالَ وَ مَنْ يَشْتَرِيهِ قَالَ الدَّهَاقِينُ وَ الثَّالِثُ الْحَسَدُ قَالَ وَ مَنْ يَشْتَرِيهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَ الرَّابِعُ الْخِيَانَةُ قَالَ وَ مَنْ يَشْتَرِيهَا قَالَ عُمَّالُ التُّجَّارِ وَ الْخَامِسُ الْكَيْدُ قَالَ وَ مَنْ يَشْتَرِيهِ قَالَ النِّسَاءُ.
انتهى.
وَ رَوَى النَّسَائِيُّ وَ الْحَاكِمُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ نَهِيقَ الْحَمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَإِنَّهَا تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَ أَقَلُّ الْخُرُوجِ إِذَا جَدَّتْ فَإِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي اللَّيْلِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ.
. توضيح فرسا معرورا كذا في أكثر النسخ و المعرور الأجرب في النهاية فيه أنه ركب فرسا لأبي طلحة مقرفا المقرف من الخيل الهجين و هو الذي أمه برذونة و أبوه عربي و قيل بالعكس و قيل هو الذي دانى الهجنة و قاربها و قال إن وجدناه لبحرا أي واسع الجري و سمي البحر بحرا لسعته و قال إطراق الفحل إعارته للضراب.
41- الْكَافِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَوْ غَيْرِهِ رَفَعَهُ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَبَصُرَ بِأَبِي الْحَسَنِ ع مُقْبِلًا رَاكِباً بَغْلًا فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ مَكَانَكُمْ حَتَّى أُضْحِكَكُمْ مِنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ مَا هَذِهِ الدَّابَّةُ الَّتِي لَا تُدْرِكُ عَلَيْهَا الثَّأْرَ وَ لَا تَصْلُحُ عِنْدَ النِّزَالِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ تَطَأْطَأَتْ عَنْ سُمُوِّ الْخَيْلِ وَ تَجَاوَزَتْ قُمُوءَ الْعَيْرِ وَ خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا فَأُفْحِمَ عَبْدُ الصَّمَدِ فَمَا أَحَارَ جَوَاباً «1».
______________________________
(1) الكافي ج 6 ص 540 ط الآخوندى.
ص: 197
إِرْشَادُ الْمُفِيدِ، مُرْسَلًا مِثْلَهُ «1».
بيان: قال الجوهري قال أبو زيد قمأت الماشية تقمأ قموءا و قموءة إذا سمنت و قمؤ الرجل بالضم قماء و قماءة صار قميئا و هو الصغير الذليل و أقمأته صغرته و ذللته و في القاموس قمأ كجمع و كرم قماءة و قماء بالضم و الكسر ذل و صغر و الماشية قموءا و قموءة و قماءة سمنت.
أقول لو صحت النسخة و ما ذكراه كان إطلاق القموء على العير من جهة الاستعارة و العير بالفتح الحمار و غلب على الوحشي و عبد الصمد كأنه ابن علي بن عبد الله بن العباس و قد عد من أصحاب الصادق ع.
42- مَعَانِي الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الزَّنْجَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ بِأَسَانِيدَ مُتَّصِلَةٍ إِلَى النَّبِيِّ ص أَنَّهُ ع كَرِهَ الشِّكَالَ فِي الْخَيْلِ.
يعني أن يكون ثلاث قوائم منه محجلة و واحدة مطلقة و إنما أخذ هذا من الشكال الذي يشكل به الخيل شبه به لأن الشكال إنما يكون في ثلاث قوائم أو أن تكون الثلاثة مطلقة و رجل محجلة و ليس يكون الشكال إلا في الرجل و لا يكون في اليد «2».
بيان قد مر كلام في ذلك من الدميري و قال في النهاية فيه أنه كره الشكال في الخيل و هو أن تكون ثلاثة قوائم منه محجلة و واحدة مطلقة تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل لأنه يكون في ثلاث قوائم غالبا و قيل هو أن تكون الواحدة محجلة و الثلاث مطلقة و قيل هو أن تكون إحدى يديه و إحدى رجليه من خلاف محجلتين و إنما كرهه لأنه كالمشكول صورة تفؤلا و يمكن أن يكون جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة و قيل إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال و الله أعلم.
و في القاموس شكل الدابة شد قوائمها بحبل كشكلها و اسم الحبل الشكال ككتاب و الشكال وثاق بين الحقب و البطان و بين اليد و الرجل و في الخيل أن يكون
______________________________
(1) إرشاد المفيد: 278 ط الآخوندى.
(2) معاني الأخبار: 284 ط مكتبة الصدوق.
ص: 198
ثلاث قوائم منه محجلة و الواحدة مطلقة و عكسه أيضا.
43- الْمَعَانِي، وَ الْمَجَالِسُ لِلصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَذَاكَرْنَا الشُّومَ فَقَالَ الشُّومُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَرْأَةِ وَ الدَّابَّةِ وَ الدَّارِ فَأَمَّا شُومُ الْمَرْأَةِ فَكَثْرَةُ مَهْرِهَا وَ عُقُوقُ زَوْجِهَا وَ أَمَّا الدَّابَّةُ فَسُوءُ خُلُقِهَا وَ مَنْعُهَا ظَهْرَهَا وَ أَمَّا الدَّارُ فَضِيقُ سَاحَتِهَا وَ شَرُّ جِيرَانِهَا وَ كَثْرَةُ عُيُوبِهَا «1».
44- الْمَعَانِي، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الشُّومُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي الدَّابَّةِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَشُومُهَا غَلَاءُ مَهْرِهَا وَ عُسْرُ وِلَادَتِهَا وَ أَمَّا الدَّابَّةُ فَشُومُهَا كَثْرَةُ عِلَلِهَا وَ سُوءُ خُلُقِهَا وَ أَمَّا الدَّارُ فَشُومُهَا ضِيقُهَا وَ خُبْثُ جِيرَانِهَا «2».
بيان قال في النهاية فيه إن كان الشوم في شيء ففي ثلاث المرأة و الدار و الفرس أي إن كان ما يكره و يخاف عاقبته ففي هذه الثلاث و تخصيصه لها لأنه لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح و البوارح من الطير و الظباء و نحوهما قال فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينتقل عن الدار و يطلق المرأة و يبيع الفرس و قيل إن شوم الدار ضيقها و سوء جارها و شوم المرأة أن لا تلد و شوم الفرس أن لا يغزى عليها و الواو في الشوم همزة و لكنها خففت فصارت واوا و غلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة.
45- الْكَشِّيُّ عَنْ حَمْدَوَيْهِ وَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ نُصَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ بِشْرِ بْنِ طَرْخَانَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْحِيرَةَ أَتَيْتُهُ فَسَأَلَنِي عَنْ صِنَاعَتِي فَقُلْتُ نَخَّاسٌ فَقَالَ نَخَّاسُ الدَّوَابِّ فَقُلْتُ نَعَمْ وَ كُنْتُ رَثَّ الْحَالِ فَقَالَ اطْلُبْ لِي بَغْلَةً فَضْحَاءَ بَيْضَاءَ الْأَعْفَاجِ بَيْضَاءَ الْبَطْنِ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ هَذِهِ الصِّفَةَ قَطُّ فَقَالَ بَلَى فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيتُ غُلَاماً تَحْتَهُ بَغْلَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَدَلَّنِي عَلَى مَوْلَاهُ فَأَتَيْتُهُ
______________________________
(1) معاني الأخبار: 152، أمالي الصدوق: 145.
(2) معاني الأخبار: 152.
ص: 199
فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى اشْتَرَيْتُهَا ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ نَعَمْ هَذِهِ الصِّفَةَ طَلَبْتُ ثُمَّ دَعَا لِي فَقَالَ أَنْمَى اللَّهُ وُلْدَكَ وَ كَثَّرَ مَالَكَ فَرُزِقْتُ مِنْ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ وَ قَنَيْتُ مِنَ الْأَوْلَادِ مَا قَصُرَتْ عَنْهُ الْأُمْنِيَّةُ «1».
46- الْكَافِي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ طَرْخَانَ النَّخَّاسِ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ قَدْ نَزَلَ الْحِيرَةَ فَقَالَ لِي مَا عِلَاجُكَ قُلْتُ نَخَّاسٌ فَقَالَ أَصِبْ لِي بَغْلَةً فَضْحَاءَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا الْفَضْحَاءُ قَالَ دَهْمَاءُ بَيْضَاءُ الْبَطْنِ بَيْضَاءُ الْأَفْجَاجِ بَيْضَاءُ الْجَحْفَلَةِ قَالَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذِهِ الصِّفَةِ فَرَجَعْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَسَاعَةً دَخَلْتُ الْخَنْدَقَ فَإِذَا غُلَامٌ قَدْ أَسْقَى بَغْلَةً عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَسَأَلْتُ الْغُلَامَ لِمَنْ هَذِهِ الْبَغْلَةُ فَقَالَ لِمَوْلَايَ فَقُلْتُ يَبِيعُهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي فَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ مَوْلَاهُ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ وَ أَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ هَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِي أَرَدْتُهَا قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ادْعُ اللَّهَ لِي فَقَالَ أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَكَ وَ وَلَدَكَ قَالَ فَصِرْتُ أَكْثَرَ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالًا وَ وَلَداً «2».
توضيح النخاس في القاموس بياع الدواب و الرقيق و قال الحيرة بالكسر بلد قرب الكوفة و قال الأفضح الأبيض لا شديدا فضح كفرح و الاسم الفضحة بالضم و قال العفج و بالكسر و بالتحريك و ككتف ما ينتقل الطعام إليه بعد المعدة و الجمع أعفاج و الأعفج العظيمها.
و أقول ما في الكافي كأنه تصحيف و يرجع بتكلف إلى ما في الكشي قال في القاموس فحج في مشيته تدانى صدور قدميه و تباعد عقباه كفحج و هو أفحج بين الفحج محركة و التفحج التفريج بين الرجلين و في بعض النسخ بالجيمين كناية عن المضيق بين الرجلين و في القاموس الفج الطريق الواسع بين جبلين و فججت ما بين رجلي فتحت كأفججت و هو يمشي مفاجا و قد تفاج و أفج أسرع و رجل أفج بين الفجج و هو أقبح من الفحج و في النهاية التفاج المبالغة في تفريج ما بين الرجلين و هو
______________________________
(1) رجال الكشّيّ ص 311 تحقيق المصطفوى.
(2) الكافي ج 6 ص 538.
ص: 200
من الفج الطريق و الجحفلة للحافر كالشفة للإنسان و قنى المال كرمى اكتسبه و في بعض النسخ و كسبت.
47- الْكَشِّيُّ، عَنْ حَمْدَوَيْهِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ قَدْ أُسْرِجَ لَهُ بَغْلٌ وَ حِمَارٌ فَقَالَ لِي هَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ مَعَنَا إِلَى مَا لَنَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ قُلْتُ الْحِمَارُ فَقَالَ الْحِمَارُ أَرْفَقُهُمَا بِي قَالَ فَرَكِبْتُ الْبَغْلَ وَ رَكِبَ الْحِمَارَ ثُمَّ سِرْنَا فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُنَا إِذِ انْكَبَّ عَلَى السَّرْجِ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقُلْتُ مَا أَرَى السَّرْجَ إِلَّا وَ قَدْ ضَاقَ عَنْكَ فَلَوْ تَحَوَّلْتَ عَلَى الْبَغْلِ فَقَالَ كَلَّا وَ لَكِنَّ الْحِمَارَ اخْتَالَ فَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَكِبَ حِمَاراً يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَاخْتَالَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى الْقَرَبُوسِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا رَبِّ هَذَا عَمَلُ عُفَيْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ عَمَلِي «1».
48- الْكَافِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع قُمْ فَأَسْرِجْ دَابَّتَيْنِ حِمَاراً وَ بَغْلًا فَأَسْرَجْتُ حِمَاراً وَ بَغْلًا وَ قَدَّمْتُ إِلَيْهِ الْبَغْلَ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ أَحَبُّهُمَا إِلَيْهِ فَقَالَ مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُقَدِّمَ إِلَيَّ هَذَا الْبَغْلَ قُلْتُ اخْتَرْتُهُ لَكَ قَالَ فَأَمَرْتُكَ أَنْ تَخْتَارَ لِي ثُمَّ قَالَ لِي إِنَّ أَحَبَّ الْمَطَايَا إِلَيَّ الْحُمُرُ قَالَ فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ الْحِمَارَ فَرَكِبَ وَ رَكِبْتُ الْحَدِيثَ «2».
المحاسن، عن أبي فضالة مثله «3».
______________________________
(1) رجال الكشّيّ ص 215 تحقيق المصطفوى.
(2) الكافي ج 8 ص 276.
(3) المحاسن: 352.