بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) جلد 061

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) - جلد 061

محمد باقر المجلسی؛ مصححین: یحیی عابدی الزنجانی، عبدالرحیم الریانی الشیرازی، السید ابراهیم المیانجی، محمد باقر البهبودی، عبدالزهراء العلوی، سید کاظم الموسوی المیاموی، محمد تقی المصباح الیزدی، علی اکبر الغفاری، محمد مهدی السید حسن الموسوی الخرسان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ص: 221
باب 9 إخصاء الدواب و كيها و تعرقبها «1» و الإضرار بها و بسائر الحيوانات و التحريش بينها و آداب إنتاجها و بعض النوادر
الآيات النساء وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً تفسير فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ‏ قيل أي يشقونها لتحريم ما أحل الله و هي عبارة عما كانت العرب تفعل بالبحائر و السوائب و إشارة إلى تحريم كل ما أحل و نقص كل ما خلق كاملا بالفعل أو بالقوة وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ‏ عن وجهه صورة أو صفة و يندرج فيه ما قيل من فقوء عين الحامي و خصاء العبيد و البهائم و الوسم‏ «2» و الوشم و الوشر و اللواط و السحق و نحو ذلك و عبادة الشمس و القمر و تغيير فطرة الله التي هي الإسلام و استعمال الجوارح و القوى فيما لا يعود على النفس كمالا و لا يوجب لها من الله زلفى و بالجملة يمكن أن يستدل به على تحريم الكي و إخصاء الإنسان و الحيوانات مطلقا بل التحريش بينها لأنها لم تخلق لذلك إلا ما أخرجه الدليل.
قال الطبرسي قدس الله روحه‏ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ‏ أي لآمرنهم بتغيير خلق الله فليغيرنه و اختلف في معناه فقيل يريد دين الله و أمره عن ابن عباس و إبراهيم و مجاهد و الحسن و قتادة و هو المروي عن أبي عبد الله ع.
و يؤيده قوله سبحانه‏ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ‏
______________________________
(1) في المخطوطة: و عرقبتها (تعرقبها خ ل).
(2) الوسم: اثر الكى. و الوشم: غرز الابرة في البدن و ذر النيلج عليه و بالفارسية يقال: خالكوبى. و الوشر: تحديد الأسنان و ترقيقها.
ص: 222
و أراد بذلك تحريم الحلال و تحليل الحرام و قيل أراد معنى الخصاء عن عكرمة و شهر بن حوشب و أبي صالح عن ابن عباس و كرهوا الإخصاء في البهائم و قيل إنه الوشم عن ابن مسعود و قيل إنه أراد الشمس و القمر و الحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلى عبادتها عن الزجاج‏ «1».
1- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْخِصَاءِ فَلَمْ يُجِبْنِي ثُمَّ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع بَعْدَهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ‏ «2».
الْفَقِيهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ‏ مِثْلَهُ وَ فِيهِ عَنِ الْإِخْصَاءِ «3».
بيان محمول على إخصاء الحيوانات كما سيأتي و المشهور فيه الكراهة و قيل بالحرمة و المشهور أظهر قال العلامة رحمه الله في المنتهى نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا أن إخصاء الحيوان محرم قال و الأولى عندي تجنب ذلك و أنه مكروه دون أن يكون محرما محظورا لأنه ملك للإنسان يعمل به ما شاء مما فيه الصلاح له‏ «4» و ما روي في ذلك يحمل على الكراهية دون الحظر.
2- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ إِخْصَاءِ الْغَنَمِ قَالَ لَا بَأْسَ‏ «5».
3- الْكَافِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِذَا حَرَنَتْ عَلَى أَحَدِكُمْ دَابَّةٌ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ
______________________________
(1) مجمع البيان 3: 113.
(2) المحاسن: 628.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 216 فيه: لا بأس به.
(4) الضمير ان عاد الى الحيوان فالتعليل صحيح و اما ان عاد الى الإنسان ففى عموم التعليل نظر.
(5) قرب الإسناد: 131.

ص: 223
فَلْيَذْبَحْهَا «1» وَ لَا يُعَرْقِبْهَا «2».
4- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ لَمَّا كَانَ يَوْمُ مُؤْتَةَ كَانَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَلَمَّا الْتَقَوْا نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَعَرْقَبَهَا بِالسَّيْفِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرْقَبَ فِي الْإِسْلَامِ‏ «3».
المحاسن، عن النوفلي‏ مثله‏ «4».
بيان يدل على جواز العرقبة مع الضرورة.
5- مَجَالِسُ الشَّيْخِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَبَشِيٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ وَ جَعْفَرِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي غُنْدَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ رَجُلٌ شَيْخٌ نَاسِكٌ يَعْبُدُ اللَّهَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَبَيْنَا هُوَ يُصَلِّي وَ هُوَ فِي عِبَادَتِهِ إِذْ بَصُرَ بِغُلَامَيْنِ صَبِيَّيْنِ قَدْ أَخَذَا دِيكاً وَ هُمَا يَنْتِفَانِ رِيشَهُ فَأَقْبَلَ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَ لَمْ يَنْهَهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ أَنْ سِيخِي بِعَبْدِي فَسَاخَتْ بِهِ الْأَرْضُ فَهُوَ يَهْوِي فِي الدردون أَبَدَ الْآبِدِينَ وَ دَهْرَ الدَّاهِرِينَ‏ «5».
بيان الدردون لم أجده في كتب اللغة و كأنه اسم طبقة من طبقات الأرض أو طبقات جهنم و يدل على عدم جواز الإضرار بالحيوانات بغير مصلحة و وجوب نهي الصبيان عن مثله و فيه مبالغة عظيمة في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
6- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع‏ أَنَّهُ كَرِهَ إِخْصَاءَ الدَّوَابِّ وَ التَّحْرِيشَ بَيْنَهَا «6».
______________________________
(1) في المصدر: «دابة يعنى اقامت في أرض العدو او في سبيل اللّه فليذبحها» أقول:
حرنت الدابّة: وقفت و لم تنقد. عرقب الرجل الدابّة: قطع عرقوبها. و العرقوب: عصب غليظ فوق العقب.
(2) فروع الكافي 5: 49.
(3) فروع الكافي 5: 49.
(4) المحاسن: 634.
(5) المجالس و الاخبار: 63.
(6) المحاسن: 634.
ص: 224
7- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ نَجْرَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي غَزَاةٍ وَ مَعَهُ فَرَسٌ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَسْتَأْنِسُ إِلَى صَهِيلِهِ فَفَقَدَهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا فَعَلَ فَرَسُكَ فَقَالَ اشْتَدَّ عَلَيَّ شَغْبُهُ فَخَصَيْتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَثَّلْتَ بِهِ مَثَّلْتَ بِهِ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى أَنْ تَقُومَ الْقِيَامَةُ «1» وَ أَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا أَعْرَافُهَا وَقَارُهَا وَ نَوَاصِيهَا جَمَالُهَا وَ أَذْنَابُهَا مَذَابُّهَا «2».
8- الْكَافِي، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنِ الْكَاهِلِيِّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا عِنْدَهُ‏ «3» عَنْ قَطْعِ أَلَيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِقَطْعِهَا إِذَا كُنْتَ تُصْلِحُ بِهَا مَالَكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع أَنَّ مَا قُطِعَ مِنْهَا مَيْتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ‏ «4».
بيان يفهم منه أن كل إضرار بالحيوان يصير سببا لإصلاحه جائز و إن لم ينتفع به الحيوان.
9- الْكَافِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنِ الْكَشُوفِ وَ هُوَ أَنْ تُضْرَبَ النَّاقَةُ وَ وَلَدُهَا طِفْلٌ‏ «5» إِلَّا أَنْ يُتَصَدَّقَ بِوَلَدِهَا أَوْ يُذْبَحَ وَ نَهَى مِنْ أَنْ يُنْزَى حِمَارٌ عَلَى عَتِيقَةٍ.
بيان: في القاموس الكشوف كصبور الناقة يضربها الفحل و هي حامل و ربما ضربها و قد عظم بطنها فإن حمل عليها الفحل سنتين ولاء فذلك الكشاف بالكسر أو هو
______________________________
(1) في المصدر: الى يوم القيامة.
(2) نوادر الراونديّ: 34.
(3) في المصدر: و انا عنده يوما.
(4) فروع الكافي 6: 254 و 255.
(5) لان ذلك يصير سببا لنقص لبنها و عدم رشد ولدها.
ص: 225
أن تلقح حين تنتج أو أن يحمل عليها في كل عام و ذلك أردأ النتاج.
10- التَّهْذِيبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَمِيرِ نُنْزِيهَا عَلَى الرَّمَكِ لِتُنْتَجَ الْبِغَالَ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ أَنْزِهَا «1».
بيان: الرمكة محركة الفرس و البرذونة تتخذ للنسل و الجمع رمك و جمع الجمع أرماك ذكره الفيروزآبادي.
و أقول لا تنافي بين هذه الخبر و بين الخبر السابق و اللاحق لأن النهي فيهما متعلق بالنزو على العتيقة العربية و التجويز في هذا الخبر للبرذون مع أن الخبر الآتي يحتمل كونه مختصا بهم ع بل ظاهره ذلك.
11- صَحِيفَةُ الرِّضَا، بِإِسْنَادِ الطَّبْرِسِيِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا تَحِلُّ لَنَا صَدَقَةٌ «2» وَ أُمِرْنَا بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَ أَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَاراً عَلَى عَتِيقَةٍ وَ لَا نَمْسَحَ عَلَى خُفٍ‏ «3».
بيان قال في النهاية في حديث علي ع أمرنا أن لا ننزي الحمر على الخيل أي نحملها عليه للنسل يقال نزوت على الشي‏ء أنزو نزوا إذا وثبت عليه و قد يكون في الأجسام و المعاني ثم ذكر عن الخطابي بعض الوجوه التي ذكرها الدميري مما أوردته سابقا «4».
12- الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ ع‏ أَنَّ عَلِيّاً ع مَرَّ بِبَهِيمَةٍ وَ فَحْلٌ يَسْفَدُهَا عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَأَعْرَضَ عَلِيٌّ ع بِوَجْهِهِ فَقِيلَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَصْنَعُوا «5» مَا يَصْنَعُونَ‏
______________________________
(1) تهذيب الأحكام.
(2) في المخطوطة: انا أهل البيت لا تحل لنا الصدقة.
(3) صحيفة الرضا: 5.
(4) النهاية 4: 147.
(5) في المصدر: أن يصنعوا.

ص: 226
وَ هُوَ مِنَ الْمُنْكَرِ إِلَّا أَنْ تُوَارُوهُ‏ «1» حَيْثُ لَا يَرَاهُ رَجُلٌ وَ لَا امْرَأَةٌ «2».
13 نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّيبَاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع‏ مِثْلَهُ‏ «3».
بيان: في القاموس سفد الذكر على الأنثى كضرب و علم سفادا بالكسر نزا و أسفدته و تسافد السباع.
14- الْكَافِي، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الرِّضَا ع عَنِ الزَّوْجِ مِنَ الْحَمَامِ يُفْرِخُ عِنْدَهُ يَتَزَوَّجُ الطَّيْرُ أُمَّهُ وَ ابْنَتَهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِمَا كَانَ بَيْنَ الْبَهَائِمِ‏ «4».
15- السَّرَائِرُ، مِنْ كِتَابِ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عِيسَى بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مِسْمَعٍ كِرْدِينٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَّا الْكَلْبَ‏ «5».
الْكَافِي، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ‏ مِثْلَهُ وَ فِيهِ أَكْرَهُ ذَلِكَ إِلَّا الْكِلَابَ‏ «6»
. 16- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ فَقَالَ كُلُّهُ مَكْرُوهٌ إِلَّا الْكِلَابَ‏ «7».
______________________________
(1) في المصدر: الا أن يواروه.
(2) المحاسن: 634.
(3) نوادر الراونديّ: 14 فيه: «على بهيمة» و فيه: «فاعرض بوجهه عنها» و فيه:
أن يصنعوا ما صنعوا و هو من المنكر و لكن ينبغي لهم أن يواروه.
(4) فروع الكافي 6: 548.
(5) السرائر.
(6) فروع الكافي 6: 554.
(7) المحاسن: 628.
ص: 227
الْكَافِي، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ‏ مِثْلَهُ وَ فِيهِ كُلُّهُ يُكْرَهُ إِلَّا الْكَلْبَ‏ «1»
. 17- الْفَقِيهُ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ تَحْرِيشِ الْبَهَائِمِ إِلَّا الْكِلَابَ‏ «2».
بيان قوله ع إلا الكلاب كأن المراد به تحريش الكلب على الصيد لا تحريش الكلاب بعضها على بعض و الأخبار و إن وردت بلفظ الكراهة لكن قد عرفت أن الكراهة في عرف الأخبار أعم من الحرمة و هو لهو و لغو و إضرار بالحيوانات بغير مصلحة فلا يبعد القول بالتحريم و الله يعلم.
18- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ الْفَقِيهُ، فِي مَنَاهِي النَّبِيِّ ص‏ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْوَسْمِ فِي وُجُوهِ الْبَهَائِمِ‏ «3».
19- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّابَّةِ أَ يَصْلُحُ أَنْ يَضْرِبَ وَجْهَهَا أَوْ يَسِمَهُ بِالنَّارِ قَالَ لَا بَأْسَ‏ «4».
20- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ سِمَةِ الْغَنَمِ فِي وُجُوهِهَا فَقَالَ سِمْهَا فِي آذَانِهَا «5».
21- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ سِمَةِ الْمَوَاشِي فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا إِلَّا فِي الْوَجْهِ‏ «6».
الكافي، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب‏ مثله‏ «7».
22- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏
______________________________
(1) فروع الكافي 6: 553 و 554 فيه: كله مكروه الا الكلب.
(2) من لا يحضره الفقيه 4: 5.
(3) مجالس الصدوق: 255 (م 66) من لا يحضره الفقيه 4: 5.
(4) قرب الإسناد: 121.
(5) المحاسن: 644.
(6) المحاسن: 644.
(7) فروع الكافي 6: 545 فيه: إلا في الوجوه.

ص: 228
قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا إِلَّا مَا كَانَ فِي الْوَجْهِ‏ «1».
23- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ وَسْمِ الْمَوَاشِي فَقَالَ تُوسَمُ فِي غَيْرِ وَجْهِهَا «2».
24- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ ع عَنِ الدَّابَّةِ يَصْلُحُ أَنْ يَضْرِبَ وَجْهَهَا وَ يَسِمَهَا بِالنَّارِ فَقَالَ لَا بَأْسَ‏ «3».
25- الْعَيَّاشِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ أَنْ تُوسَمَ الْبَهَائِمُ فِي وَجْهِهَا وَ أَنْ يُضْرَبَ وُجُوهُهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهَا «4».
26- الْكَافِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَسِمُ الْغَنَمَ فِي وُجُوهِهَا قَالَ سِمْهَا فِي آذَانِهَا «5».
27- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: لَا بَأْسَ بِسِمَةِ الْمَوَاشِي إِذَا تَنَكَّبْتُمْ وُجُوهَهَا «6».
28- حَيَاةُ الْحَيَوَانِ، رَوَى الْبُخَارِيُ‏ أَنَّ النَّبِيَّ ص مَرَّ بِحِمَارٍ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ بِهَذَا «7».
29- وَ فِي رِوَايَةٍ لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ‏ «8».
______________________________
(1) المحاسن: 644 فيه: لا بأس به.
(2) المحاسن: 644 فيه: فى غير وجوهها.
(3) المحاسن: 628.
(4) تفسير العيّاشيّ 2: 294.
(5) فروع الكافي 6: 545.
(6) قرب الإسناد: 39 فيه: لا بأس بسمة المواشى بالنار إذا أنتم تنكبتم وجوهها.
(7) حياة الحيوان 1: 182 فيه: «من فعل هذا» و فيه: وسم هذا.
(8) حياة الحيوان 1: 182 فيه: «من فعل هذا» و فيه: وسم هذا.
ص: 229
باب 10 النحل و النمل و سائر ما نهي عن قتله من الحيوانات و ما يحل قتله منها من الحيات و العقارب و الغربان و غيرها و النهي عن حرق الحيوانات و تعذيبها
الآيات المائدة فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً الآية النحل‏ وَ أَوْحى‏ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏ النمل‏ حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى‏ وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها إلى قوله تعالى‏ وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ‏ الآيات.
تفسير قد مرت قصة الغراب الذي علم قابيل كيف يواري جسد هابيل ع حين قتله قوله تعالى‏ وَ أَوْحى‏ رَبُّكَ‏ قال الرازي يقال وحى و أوحى و هو الإلهام و المراد من الإلهام أنه تعالى قرر في نفسها هذه الأعمال العجيبة التي يعجز عنها العقلاء من البشر و بيانه من وجوه الأول أنها تبني البيوت المسدسة من أضلاع متساوية لا يزيد بعضها على بعض بمجرد طباعها و العقلاء من البشر لا يمكنهم بناء مثل تلك البيوت إلا بآلات و أدوات مثل المسطر و الفرجار و الثاني أنه ثبت في الهندسة أن تلك البيوت لو كانت مشكلة بأشكال سوى المسدسات فإنه يبقى بالضرورة ما بين تلك البيوت فرج خالية ضائعة فاهتداء تلك الحيوان الضعيف إلى هذه الحكمة الخفية و الدقيقة اللطيفة من الأعاجيب.
ص: 230
و الثالث أن النحل يحصل بينها واحد كالرئيس للبقية و ذلك الواحد يكون أعظم جثة من الباقي و يكون نافذ الحكم على تلك البقية و هم يخدمونه و يحملونه عند تعبه و ذلك أيضا من الأعاجيب.
و الرابع أنها إذا ذهبت عن وكرها ذهبت مع الجمعية إلى موضع آخر فإذا أرادوا عودها إلى وكرها ضربوا الطبول و آلات الموسيقى و بواسطة تلك الألحان يقدرون على ردها إلى وكرها و هذه أيضا حالة عجيبة فلما امتاز هذا الحيوان بهذه الخواص العجيبة الدالة على مزيد الذكاء و الكياسة ليس إلا على سبيل الإلهام و هو حالة شبيهة بالوحي لا جرم قال تعالى في حقها وَ أَوْحى‏ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ‏ و اعلم أن الوحي قد ورد في حق الأنبياء كقوله تعالى‏ وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً «1» و في الأولياء أيضا قال تعالى‏ وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ‏ «2» و بمعنى الإلهام في حق البشر وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ أُمِّ مُوسى‏ «3» و في حق سائر الحيوان خاص و قال الزجاج يجوز أن يقال سمي هذا الحيوان نحلا لأن الله تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها و قال غيره النحل يذكر و يؤنث و هي مؤنثة في لغة الحجاز و لذلك أنثها الله و كذلك كل جمع ليس بينه و بين الواحدة إلا الهاء أَنِ اتَّخِذِي‏ أن مفسرة لأن في الإيحاء معنى القول‏ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ‏ أي يبنون و يسقفون و قرئ بضم الراء و كسرها.
و اعلم أن النحل نوعان أحدهما ما يسكن في الجبال و الغياض و لا يتعهدها أحد من الناس و النوع الثاني التي يسكن بيوت الناس و يكون في تعهدات الناس فالأول هو المراد بقوله‏ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ و الثاني هو المراد بقوله‏ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ‏ و إنما قال‏ مِنَ الْجِبالِ‏ و مِنَ الشَّجَرِ لئلا تبني بيوتها في كل جبل و شجر بل في مساكن يوافق مصالحها و يليق بها و اختلفوا في‏
______________________________
(1) الشورى: 51.
(2) المائدة: 111.
(3) القصص: 7.
ص: 231
هذا الأمر.
فمن الناس من يقول لا يبعد أن يكون لهذه الحيوانات عقول و أن يتوجه عليها من الله أمر و نهي و قال آخرون ليس الأمر كذلك بل المراد منه أنه تعالى خلق فيها غرائز و طبائع توجب هذه الأحوال‏ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ‏ من للتبعيض أو لابتداء الغاية رأيت في كتب الطب أنه تعالى دبر هذا العالم على وجه يحدث في الهواء طل لطيف في الليالي و يقع ذلك الطل على أوراق الأشجار فقد تكون تلك الأجزاء الطلية لطيفة الصور متفرقة على الأوراق و الأزهار و قد تكون كثيرة بحيث يجتمع منها أجزاء محسوسة أما القسم الثاني فإنه مثل الترنجبين فإنه طل ينزل من الهواء و يجتمع على أطراف الشجر في بعض البلدان و ذلك محسوس و أما القسم الأول فهو الذي ألهم الله تعالى هذا النحل تلتقط تلك الذرات من الأزهار و أوراق الأشجار بأفواهها و تأكلها و تغتذي بها فإذا شبعت التقطت بأفواهها مرة أخرى شيئا من تلك الأجزاء ثم تذهب بها إلى بيوتها و تضعها هناك كأنها تحاول أن تدخر لنفسها غذاءها فإذا اجتمع في بيوتها من تلك الأجزاء الطلية شي‏ء كثير فذاك هو العسل.
و من الناس من يقول إن النحل تأكل من الأزهار الطيبة و الأوراق العطرة أشياء ثم إنه تعالى يقلب تلك الأجسام في داخل بطنه عسلا ثم إنها تقي‏ء مرة أخرى فذاك هو العسل و القول الأول أقرب إلى العقل و أشد مناسبة للاستقراء فإن طبيعة الترنجبين قريبة إلى العسل في الطعم و الشكل و لا شك أنه طل يحدث في الهواء و يقع على أطراف الأشجار و الأزهار فكذا هاهنا و أيضا فنحن نشاهد أن هذا النحل إنما تغتذي بالعسل و لذلك فإنا إذا أخرجنا العسل من بيوت النحل تركنا لها بقية من ذلك العسل لأجل أن تغتذي بها فعلمنا أنها تغتذي بالعسل و أنها إنما تقع على الأشجار و الأزهار لأنها تغتذي بتلك الأجزاء الطلية العسلية الواقعة من الهواء عليها إذا عرفت هذا فنقول قوله‏ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ‏ كلمة من هاهنا تكون لابتداء الغاية و لا تكون للتبعيض على هذا القول‏ فَاسْلُكِي‏
ص: 232
سُبُلَ رَبِّكِ‏ «1» أي الطرق التي ألهمك و أفهمك في عمل العسل أو يكون المراد فاسلكي في طلب تلك الثمرات سبل ربك و في قوله‏ ذُلُلًا قولان الأول أنه حال من السبل لأن الله تعالى ذللها لها و وطئها و سهلها كقوله‏ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا «2» الثاني أنه حال من الضمير في قوله‏ فَاسْلُكِي‏ أي و أتي يا أيتها النحل ذلك منقادة لما أمرت به غير ممتنعة يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها هذا رجوع من الخطاب إلى الغيبة و السبب فيه أن المقصود من ذكر هذه الأحوال أن يحتج الإنسان المكلف به على قدرة الله تعالى و حكمته و حسن تدبيره لأحوال العالم العلوي و السفلي فكأنه تعالى لما خاطب النحل بما سبق ذكره خاطب الإنسان و قال إنما ألهمنا هذا النحل لهذه العجائب لأجل أن يخرج‏ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ‏ ثم إنا ذكرنا أن من الناس من يقول العسل عبارة عن أجزاء طلية تحدث في الهواء و تقع على أطراف الأشجار و على الأوراق و الأزهار فيلقطها الزنبور بفمه فإذا ذهبنا إلى هذا الوجه كان المراد من قوله‏ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها أي من أفواهها و كل تجويف في داخل البدن فإنه يسمى بطنا أ لا ترى أنهم يقولون بطون الدماغ و عنوا بها تجاويف الدماغ فكذا هاهنا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها أي أفواهها و أما على قول أهل الظاهر و هو أن النحل تأكل الأوراق و الثمرات ثم تقي‏ء فذلك هو العسل فالكلام ظاهر ثم وصف العسل بكونه شرابا لأنه تارة يشرب وحده و تارة يتخذ منه الأشربة و بأنه مختلف ألوانه و المقصود منه إبطال القول بالطبع لهذا الجسم مع كونه متشابه الطبيعة لما حدث على ألوان مختلفة دل ذلك على حدوث تلك الألوان بتدبير الفاعل المختار لا لأجل‏
______________________________
(1) من العجائب التي لم يعلم رمزها الى زماننا هذا هي أن النحل بكثرتها كيف كيف تهتدى الى خليته مع كثرة الخلايا، و اظن ان قوله: «فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا» اشارة الى الطريقة التي علمها ربها للاهتداء الى ذلك.
(2) الملك: 15.
ص: 233
إيجاب الطبيعة و بأن فيه شفاء للناس و فيه قولان الأول و هو الصحيح أنه صفة للعسل.
فإن قالوا كيف يكون شفاء للناس و هو يضر بالصفراء و يهيج المرار قلنا إنه تعالى لم يقل إنه شفاء لكل الناس و لكل داء و في كل حال بل لما كان شفاء في الجملة إنه قل معجون من المعاجين إلا و تمامه و كماله يحصل بالعجن بالعسل و أيضا فالأشربة المتخذة منه في الأمراض البلغمية عظيمة النفع.
و القول الثاني و هو قول مجاهد إن المراد أن القرآن‏ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ‏ و على هذا التقدير فقصة تولد العسل من النحل تمت عند قوله‏ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ‏ ثم ابتدأ و قال‏ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ‏ أي في هذا القرآن حصل ما هو شفاء للناس من الكفر و البدعة مثل هذا الذي مر في قصة النحل و عن ابن مسعود أن العسل شفاء من كل داء و القرآن فيه‏ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ و اعلم أن هذا القول ضعيف من وجهين الأول أن الضمير يجب عوده إلى أقرب المذكورات و ما ذاك إلا قوله‏ شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ‏ و أما الحكم بعوده إلى القرآن مع أنه غير مذكور فيما سبق فهو غير مناسب الثاني‏
مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُ‏ أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ قَالَ إِنَّ أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُ فَقَالَ ع اذْهَبْ فَاسْقِهِ عَسَلًا وَ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ كَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ فَسَقَاهُ فَبَرَأَ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ.
و حملوا قوله صدق الله على قوله تعالى‏ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ‏ و ذلك أنما يصح لو كان هذا صفة للعسل فإن قال قائل فما المراد من قوله ع صدق الله و كذب بطن أخيك قلنا العلة أنه ع علم بنور الوحي أن ذلك العسل سيظهر نفعه بعد ذلك فلما لم يظهر في الحال مع أنه ع كان عالما بأنه سيظهر نفعه بعد ذلك كان هذا جاريا مجرى الكذب فلهذا السبب أطلق عليه هذا اللفظ انتهى‏ «1».
______________________________
(1) تفسير الرازيّ.
ص: 234
و آيات النمل قد مر تفسيرها و تدل على شرافة في الجملة للنملة و على بعض ما سيأتي ذكره و كذا آيات الهدهد تدل على كرامته و بعض ما سيأتي من أحواله و قد مضت قصته و سيأتي بعضها.
و قال الدميري في حياة الحيوان النحل ذباب العسل‏
وَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: الذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ إِلَّا النَّحْلَ.
و واحدة النحل نحلة و قرأ يحيى بن وثاب‏ وَ أَوْحى‏ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ‏ بفتح الحاء و الجمهور بالإسكان قال الزجاج في تفسير سورة النساء سميت نحلا لأن الله تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج منها إذ النحلة العطية و كفاها شرفا قول الله عز و جل‏ وَ أَوْحى‏ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ‏ فأوحى الله سبحانه و تعالى إليها فأثنى عليها فعلمت مساقط الأنوار من وراء البيداء فتقع هناك على كل نورة عبقة و زهرة أنقة ثم تصدر عنها بما تحفظه رضابا و تلفظه شرابا «1».
قال في عجائب المخلوقات يقال ليوم عيد الفطر يوم الرحمة إذ أوحى الله تعالى فيه إلى النحل صنعة العسل فبين سبحانه أن في النحل أعظم اعتبار و هو حيوان فهيم ذو كيس و شجاعة و نظر في العواقب و معرفة بفصول السنة و أوقات المطر و تدبير المراتع و المطاعم و الطاعة لكبيره و الاستكانة لأميره و قائده و بديع الصنعة و عجيب الفطرة. قال أرسطو النحل تسعة أصناف منها ستة يأوي بعضها إلى بعض و غذاؤها من الفضول الحلوة و الرطوبات التي ترشح بها الزهر و الورق و يجمع ذلك كله و يدخره و هو العسل و أوعيته و يجمع مع ذلك رطوبات دسمة يتخذ منها بيوت العسل و هي الشمع و هو يلقطها بخرطومه و يحملها على فخذيه و ينقلها من فخذيه إلى صلبه هكذا.
قال و القرآن يدل على أنها ترعى الزهر فيستحيل في جوفها عسلا و تلقيه‏
______________________________
(1) في المصدر: قال القزوينى في عجائب المخلوقات.
ص: 235
من أفواهها فيجمع منه القناطير المقنطرة قال تعالى‏ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ‏ و قوله‏ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ‏ المراد به بعضها نظيره قوله‏ وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يريد به البعض و اختلاف الألوان في العسل بحسب اختلاف النحل‏ «1» و قد يختلف طعمه لاختلاف المرعى و من هذا المعنى قول زينب للنبي ص جرست نحلة العرفط حين شبهت رائحته برائحة المغافير و الحديث مشهور في الصحيحين و غيرهما.
و من شأنه في تدبير معاشه أنه إذا أصاب موضعا نقيا بنى فيه بيتا من الشمع ثم يبني‏ «2» البيوت التي يأوي فيها الملوك ثم بيوت الذكور التي لا تعمل فيها شيئا «3» و الذكور أصغر جرما من الإناث و هي تكثر المادة داخل الخلية و هي إذا طارت تخرج بأجمعها و ترتفع في الهواء ثم تعود إلى الخلية و النحل تعمل الشمع أولا ثم تلقي البزر لأنه له بمنزلة العش للطائر فإذا ألقته قعدت و تحضنه كما تحضن الطير «4» فيتكون من ذلك البزر دود ثم تنهض الدود فتغذى أنفسها «5» ثم تطير و النحل لا يقعد على أزهار مختلفة بل على زهر واحد و تملأ بعض البيوت عسلا و بعضها فراخا و من عادتها أنها إذا رأت فسادا من ملك إما أن تعزله أو تقتله و أكثر ما تقتل خارج الخلية و الملوك لا تخرج إلا مع جميع النحل و الملك إذا عجز عن الطيران حملته و سيأتي بيان هذا في أواخر الكتاب في لفظ اليعسوب و من خصائص الملك أنه ليس له حمة يلسع بها و أفضل ملوكها الشقر و أسوؤها الرقط بسواد و النحل تجتمع فتقتسم الأعمال فبعضها يعمل الشمع و بعضها يعمل العسل و بعضها يسقي الماء و بعضها يبني البيوت و بيوتها من أعجب الأشياء لأنها مبنية على الشكل المسدس الذي‏
______________________________
(1) في المصدر: بحسب اختلاف النحل و المرعى.
(2) في المصدر: بيوتا من الشمع اولا ثمّ بنى.
(3) في المصدر: لا تعمل شيئا.
(4) في المصدر: قعدت عليه و حضنته كما يحضن الطير.
(5) في المصدر: دود أبيض ثمّ ينهض الدود و تغذى نفسها.
ص: 236
لا ينخرق‏ «1» كأنه استنبط بقياس هندسي ثم هو في دائرة مسدسة لا يوجد فيها اختلاف فبذلك اتصلت حتى صارت كالقطعة الواحدة و ذلك لأن الأشكال من الثلاث إلى العشر إذا جمع كل واحد منها إلى أمثاله لم يتصل و جاءت بينها خروج إلا الشكل المسدس فإنه إذا اجتمع إلى أمثاله اتصل كأنه قطعة واحدة و كل هذا بغير مقياس و لا آلة و لا فكرة «2» بل ذلك من أثر صنع اللطيف الخبير و إلهامه إياها كما قال تعالى‏ وَ أَوْحى‏ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ‏ الآية.
فتأمل كمال طاعتها و حسن امتثالها لأمر ربها كيف اتخذت بيوتا في هذه الأمكنة الثلاثة الجبال و الشجر و بيوت الناس حيث يعرشون أي حيث يبنون العروش فلا ترى للنحل بيتا في غير هذه الثلاثة البتة و تأمل كيف كانت أكثر بيوتها في الجبال و هي المتقدمة في الآية ثم الأشجار و هي دون ذلك ثم فيما يعرش الناس و هي أقل بيوتها فانظر كيف أداها حسن الامتثال إلى أن اتخذت البيوت قبل المرعى و هي تتخذها أولا فإذا استقر لها بيت خرجت عنه فرعت و أكلت من كل الثمرات ثم آوت إلى بيوتها لأن ربها سبحانه و تعالى أمرها باتخاذ البيوت أولا ثم بالأكل بعد ذلك.
قال في الإحياء انظر إلى النحلة كيف أوحى الله إليها حتى اتخذت من الجبال بيوتا و كيف استخرج من لعابها الشمع و العسل و جعل أحدهما ضياء و الآخر شفاء ثم لو تأملت عجائب أمرها في تناولها الأزهار و الأنوار و احترازها من النجاسات و الأقذار و طاعتها لواحد من جملتها و هو أكثرها شخصا و هو أميرها ثم ما سخر الله سبحانه و تعالى أميرها من العدل و الإنصاف بينها حتى أنه ليقتل على باب المنفذ كل‏
______________________________
(1) في المصدر: لا ينحرف.
(2) في المصدر: و لا بركار.
ص: 237
ما وقع منها على نجاسة لقضيت من ذلك العجب إن كنت بصيرا على نفسك‏ «1» و فارغا من هم بطنك و فرجك و شهوات نفسك في معاداة أقرانك و موالاة إخوانك ثم دع عنك جميع ذلك فانظر إلى بنيانها بيتها من الشمع و اختيارها من جميع الأشكال المسدس فلا تبني بيتها مستديرا و لا مربعا و لا مخمسا بل مسدسا لخاصية في الشكل المسدس يقصر فيه فهم المهندس‏ «2» و هو أن أوسع الأشكال و أحواها المسدس و ما يقرب منه فإن المربع يخرج منه زوايا ضائعة و شكل النحل مستدير مستطيل فترك المربع حتى لا يبقى الزوايا فارغة ثم لو بناها مستديرة لبقيت خارج البيوت فرج ضائعة فإن الأشكال المستديرة إذا اجتمعت لم تجتمع متراصة و لا شكل في الأشكال ذوات الزوايا يقرب في الاحتواء من المستدير ثم تتراص الجملة بحيث لا يبقى بعد اجتماعها فرجة إلا المسدس و هذه خاصية هذا الشكل فانظر كيف ألهم الله تعالى النحل على صغر جرمه ذلك لطفا به و عناية بوجوده فيما هو المحتاج إليه ليتهيأ عيشه‏ «3» فسبحانه ما أعظم شأنه و أوسع لطفه و امتنانه.
و في طبعه أنه يهرب بعضه عن بعض و يقاتل بعضه بعضا في الخلايا و يلسع من دنا من الخلية و ربما هلك الملسوع و إذا هلك منها شي‏ء داخل الخلايا أخرجته الأحياء إلى الخارج و في طبعه أيضا النظافة فلذلك يخرج رجيعه من الخلية لأنه منتن الريح و هو يعمل زماني الربيع و الخريف و الذي يعمله‏ «4» في الربيع أجود و الصغير أعمل من الكبير و هو يشرب من الماء ما كان عذبا صافيا يطلبه حيث كان و لا يأكل من العسل إلا قدر شبعه و إذا قل العسل في الخلية قذفه بالماء ليكثر خوفا على نفسه من نفاده لأنه إذا نفد أفسد النحل بيوت الملوك و بيوت الذكور و ربما قتلت ما كان منها هناك.
______________________________
(1) في المصدر: فى نفسك.
(2) في المصدر: يقصر فهم المهندس عن درك ذلك.
(3) في المصدر: ليهنأ عيشه.
(4) في المصدر: يعسله.
ص: 238
قال حكيم من اليونانيين لتلامذته كونوا كالنحل في الخلايا قالوا و كيف النحل‏ «1» قال إنها لا تترك عندها بطالا إلا أبعدته و أقصته عن الخلية لأنه يضيق المكان و يفني العسل و يعلم النشيط الكسل.
و النحل يسلخ جلده كالحيات و توافقه الأصوات اللذيذة المطربة و يضره السوس و دواؤه أن يطرح في كل خلية كف ملح و أن يفتح في كل شهر مرة و يدخن بأخثاء البقر.
و في طبعه أنه متى طار عن الخلية يرعى ثم يعود فتعود كل نحلة إلى مكانها لا تخطئه و أهل مصر يحولون أبواب الخلايا في السفن و يسافرون بها إلى المواضع الزهر و الشجر فإذا اجتمع في المرعى فتحت أبواب الخلايا فتخرج النحل منها و يرعى يومه أجمع فإذا أمسى عاد إلى السفينة و أخذت كل نحلة مكانها من الخلية لا تتخطاه‏ «2».
وَ رَوَى أَحْمَدُ وَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: الْمُؤْمِنُ كَالنَّحْلَةِ تَأْكُلُ طَيِّباً وَ تَضَعُ طَيِّباً وَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِرْ وَ لَمْ تَفْسُدْ.
و في شعب البيهقي عن مجاهد قال صاحبت عمر من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله ص إلا هذا الحديث‏
إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ النَّحْلَةِ إِنْ صَاحَبْتَهُ نَفَعَكَ وَ إِنْ شَاوَرْتَهُ نَفَعَكَ وَ إِنْ جَالَسْتَهُ نَفَعَكَ وَ كُلُّ شَأْنِهِ مَنَافِعُ وَ كَذَلِكَ النَّحْلَةُ كُلُّ شَأْنِهَا مَنَافِعُ.
. قال ابن الأثير وجه المشابهة بين المؤمن و النحلة حذق النحل و فطنته و قلة أذاه و حقارته و منفعته و قنوعه و سعيه في النهار و تنزهه عن الأقذار و طيب أكله و أنه لا يأكل من كسب غيره و نحوله و طاعته لأميره و للنحل آفات‏ «3» تقطعه عن عمله منها الظلمة و الغيم و الريح و الدخان و الماء و النار و كذلك المؤمن له آفات‏
______________________________
(1) في المصدر: و كيف النحل في الخلايا؟.
(2) في المصدر: من الخلية لا تتغير عنه.
(3) في المصدر: و ان للنحل آفات.
ص: 239
تفتره عن عمله منها ظلمة الغفلة و غيم الشك و ريح الفتنة و دخان الحرام و ماء السعة و نار الهوى.
وَ فِي مُسْتَدْرَكِ الدَّارِمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّهُ قَالَ: كُونُوا فِي النَّاسِ كَالنَّحْلَةِ فِي الطَّيْرِ إِنَّهُ لَيْسَ فِي الطَّيْرِ إِلَّا وَ هُوَ يَسْتَضْعِفُهَا وَ لَوْ تَعْلَمُ الطَّيْرُ مَا فِي أَجْوَافِهَا مِنَ الْبَرَكَةِ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِهَا «1» وَ خَالِطُوا النَّاسَ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ وَ زَايِلُوهُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَ قُلُوبِكُمْ فَإِنَّ لِلْمَرْءِ مَا اكْتَسَبَ وَ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ مَنْ أَحَبَّ.
وَ فِيهِ أَيْضاً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏ أَنَّهُ سَأَلَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ كَيْفَ تَجِدُ نَعْتَ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ كَعْبٌ نَجِدُهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ص يُولَدُ بِمَكَّةَ وَ يُهَاجِرُ إِلَى طَيْبَةَ وَ يَكُونُ مُلْكُهُ بِالشَّامِ لَيْسَ بِفَحَّاشٍ وَ لَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَ لَا يُكَافِئُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ وَ لَكِنْ يَعْفُو وَ يَصْفَحُ أُمَّتُهُ الْحَامِدُونَ‏ «2» يَحْمَدُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ سَرَّاءَ وَ ضَرَّاءَ يُوضِئُونَ أَطْرَافَهُمْ وَ يَأْتَزِرُونَ فِي أَوْسَاطِهِمْ يَصُفُّونَ فِي صَلَاتِهِمْ كَمَا يَصُفُّونَ فِي قِتَالِهِمْ دَوِيُّهُمْ فِي مَسَاجِدِهِمْ كَدَوِيِّ النَّحْلِ يَسْمَعُ مُنَادِيهِمْ فِي جَوِّ السَّمَاءِ.
. و ذكر ابن خلكان في ترجمة عبد المؤمن بن علي ملك المغرب أن أباه كان يعمل الطين فخارا و أنه كان في صغره نائما في دار أبيه و أبوه يعمل الطين فسمع أبوه دويا في السماء فرفع رأسه فرأى سحابة سوداء من النحل قد هوت مطبقة على الدار فاجتمعت كلها على ولده و هو نائم فغطته و أقامت عليه مدة ثم ارتفعت عنه و ما تألم منها و كان بالقرب منه رجل يعرف الزجر فأخبره أبوه بذلك فقال يوشك أن يجتمع على ولدك أهل المغرب‏ «3» فكان كذلك و كان من أمر ولده ما اشتهر من ملك المغرب الأعلى و الأدنى.
و جمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل‏
وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع‏ أَنَّهُ قَالَ تَحْقِيراً لِلدُّنْيَا أَشْرَفُ لِبَاسِ ابْنِ آدَمَ فِيهَا لُعَابُ دُودَةٍ وَ أَشْرَفُ‏
______________________________
(1) في المصدر: ما فعلت ذلك بها، خالطوا.
(2) في المصدر: الحمادون.
(3) في المصدر: جميع أهل المغرب.

ص: 240
شَرَابِهِ فِيهَا رَجِيعُ نَحْلَةٍ.
و ظاهر هذا أنه من غير الفم كذا نقله عنه ابن عطية
وَ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ‏ «1» قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا سِتَّةُ أَشْيَاءَ مَطْعُومٌ وَ مَشْرُوبٌ وَ مَلْبُوسٌ وَ مَرْكُوبٌ وَ مَنْكُوحٌ وَ مَشْمُومٌ فَأَشْرَفُ الْمَطْعُومِ الْعَسَلُ وَ هُوَ مَذْقَةُ ذُبَابٍ وَ أَشْرَفُ الْمَشْرُوبِ الْمَاءُ وَ يَسْتَوِي فِيهِ الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ وَ أَشْرَفُ الْمَلْبُوسِ الْحَرِيرُ وَ هُوَ نَسْجُ دُودَةٍ وَ أَشْرَفُ الْمَرْكُوبِ الْفَرَسُ وَ عَلَيْهِ تُقْتَلُ الرِّجَالُ وَ أَشْرَفُ الْمَنْكُوحِ الْمَرْأَةُ وَ هُوَ مَبَالٌ فِي مَبَالٍ وَ أَشْرَفُ الْمَشْمُومِ الْمِسْكُ وَ هُوَ دَمُ حَيَوَانٍ.
. و التحقيق أن العسل يخرج من بطونها لكن لا ندري أ من فمها أم من غيره و لا يتم صلاحه إلا بحمو أنفاسها «2» و قد صنع أرسطاطاليس بيتا من زجاج لينظر إلى كيفية ما تصنع فأبت أن تعمل حتى لطخته من باطن الزجاج بالطين كذا قاله الغزنوي و غيره و روينا في تفسير الكواشي الأوسط أن العسل ينزل من السماء فينبت في أماكن من الأرض فيأتي النحل فيشربه ثم يأتي الخلية فيلقيه في الشمع المهيإ للعسل في الخلية لا كما يتوهمه بعض الناس من أن العسل من فضلات الغذاء و أنه قد استحال في المعدة عسلا هذه عبارته و الله أعلم‏ «3».
توضيح عبق به الطيب لصق و الرضاب كغراب الريق المرشوف جرست أي أكلت و الجرس اللحس باللسان و العرفط شجر الطلح و له صمغ كريه الرائحة و الخلي ما تعسل فيه النحل و السوس دود يقع في الصوت و الأخثاء جمع الخثي بالكسر و هو فضلة البقر.
1- تَفْسِيرُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ الصَّادِقُ ع‏ إِنَّ لِلَّهِ وَادِياً يُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ قَدْ حَمَاهُ اللَّهُ بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ وَ هُوَ النَّمْلُ لَوْ رَامَتْهُ الْبَخَاتِيُّ مَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ‏ «4».
2 حياة الحيوان، النمل معروف الواحدة نملة و الجمع نمال و أرض نملة
______________________________
(1) في المصدر: و المعروف عنه أنّه قال.
(2) أي بحرارة انفاسها. و في المصدر: بحمى انفاسها.
(3) حياة الحيوان 2: 245- 248.
(4) تفسير القمّيّ: 476.

/ 19