بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) جلد 064

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) - جلد 064

محمد باقر المجلسی؛ مصححین: یحیی عابدی الزنجانی، عبدالرحیم الریانی الشیرازی، السید ابراهیم المیانجی، محمد باقر البهبودی، عبدالزهراء العلوی، سید کاظم الموسوی المیاموی، محمد تقی المصباح الیزدی، علی اکبر الغفاری، محمد مهدی السید حسن الموسوی الخرسان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ص: 21
بِذَلِكَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ جَرَتْ بَعْدَهُمْ فِي الْأَئِمَّةِ ع ثُمَّ رَجَعَ الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ فِي النَّاسِ فَقَالَ- فَإِنْ آمَنُوا يَعْنِي النَّاسَ‏ بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ‏ الْآيَةَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا يَعْنِي الْقُرْآنَ- وَ ما أُنْزِلَ إِلى‏ إِبْراهِيمَ‏ يَعْنِي الصُّحُفَ- وَ الْأَسْباطِ حَفَدَةُ يَعْقُوبَ- وَ ما أُوتِيَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ أَيِ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِيلَ- وَ ما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ‏ جُمْلَةً الْمَذْكُورُونَ مِنْهُمْ وَ غَيْرُ الْمَذْكُورِينَ- مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ‏- كَالْيَهُودِ حَيْثُ آمَنُوا بِبَعْضٍ وَ كَفَرُوا بِبَعْضٍ.
و أحد لوقوعه في سياق النفي عم فساغ أن يضاف إليه بين و نحن له أي لله مسلمون مذعنون مخلصون.
وَ فِي الْفَقِيهِ‏ «1» فِي وَصَايَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع لِابْنِهِ فُرِضَ عَلَى اللِّسَانِ الْإِقْرَارُ وَ التَّعْبِيرُ عَنِ الْقَلْبِ بِمَا عُقِدَ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا الْآيَةَ.
فَإِنْ آمَنُوا أي سائر الناس‏ بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ‏ أي بما آمنتم به و المثل مقحم في مثله‏ «2» وَ إِنْ تَوَلَّوْا أَيْ أَعْرَضُوا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ‏ أي كفر كذا في المجمع‏ «3» عن الصادق ع و أصله المخالفة و المناوأة فإن كل واحد من المتخالفين في شق غير شق الآخر فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ‏ تسلية و تسكين للمؤمنين‏ وَ هُوَ السَّمِيعُ‏ لأقوالكم‏ الْعَلِيمُ‏ بأخلاقكم‏
______________________________
(1) يعني فقيه من لا يحضره الفقيه و رواه في الكافي ج 2 ص 35 عن أبي عبد اللّه «ع» فى حديث طويل في باب أن الايمان مبثوث لجوارح البدن كلها: و فيه فرض اللّه على اللسان القول و التعبير عن القلب بما عقد عليه و أقربه، قال اللّه تبارك و تعالى: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً و قال: «قُولُوا آمَنَّا باللّه و ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏ فهذا ما فرض اللّه على اللسان.
(2) أي في مثل هذه الموارد.
(3) مجمع البيان ج 1 ص 218.
ص: 22
فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ‏ «1» في المجمع عن الصادق ع هو الشيطان‏ «2».
أقول و يستفاد من كثير من الأخبار أنه يعم كل ما عبد من دون الله من صنم أو إمام ضلال أو صاد عن دين الله و هو فعلوت من الطغيان‏ «3» و في تفسير علي بن إبراهيم هم الذين غصبوا آل محمد حقهم‏ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ‏ بالتوحيد و تصديق الرسل‏ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ أي طلب الإمساك من نفسه بالحبل الوثيق و هي مستعارة لمتمسك الحق من النظر الصحيح و الدين القويم.
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع‏ «4» هِيَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ هِيَ مَوَدَّتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ‏ لَا انْفِصامَ لَها لَا انْقِطَاعَ لَهَا.
وَ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِ‏ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَمْسِكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا فَلْيَسْتَمْسِكْ بِوَلَايَةِ أَخِي وَ وَصِيِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَهْلِكُ مَنْ أَحَبَّهُ وَ تَوَلَّاهُ وَ لَا يَنْجُو مَنْ أَبْغَضَهُ وَ عَادَاهُ‏ «5».
______________________________
(1) البقرة 256.
(2) مجمع البيان ج 2 ص 364.
(3) قال في المفردات: الطاغوت عبارة عن كل متعد، و كل معبود من دون اللّه، و يستعمل في الواحد و الجمع، قال: «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ‏، وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ‏ أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ‏، يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ» فعبارة عن كل متعد.
و لما تقدم سمى الساحر، و الكاهن، و المارد من الجن، و الصارف عن طريق الخير طاغوتا.
و وزنه فيما قيل فعلوت نحو جبروت و ملكوت، و قيل أصله طغووت، و لكن قلب لام الفعل. نحو صاعقة و صاقعة، ثمّ قلب الواو ألفا لتحركه و انفتاح ما قبله.
(4) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 14 باب في أن الصبغة هي الإسلام تحت الرقم 1.
(5) معاني الأخبار ص 368 و 369. و سنده هكذا: حدّثنا محمّد بن على ماجيلويه قال: حدّثني عمى محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدى، عن أبي الحسن العبدى، عن الأعمش، عن عباية بن ربعى، عن عبد اللّه بن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلخ.
ص: 23
وَ اللَّهُ سَمِيعٌ‏ بِالْأَقْوَالِ‏ عَلِيمٌ‏ بِالْنِّيَّاتِ‏ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا مُتَوَلٍّ أُمُورَهُمْ‏ يُخْرِجُهُمْ‏ بهدايته و توفيقه‏ مِنَ الظُّلُماتِ‏ أي ظلمات الجهل و الذنوب‏ إِلَى النُّورِ أي نور الهدى و المغفرة و سيأتي‏
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: الْمُؤْمِنُ يَتَقَلَّبُ فِي خَمْسَةٍ مِنَ النُّورِ مَدْخَلُهُ نُورٌ وَ مَخْرَجُهُ نُورٌ وَ عِلْمُهُ نُورٌ وَ كَلَامُهُ نُورٌ وَ مَنْظَرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى النُّورِ.
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ‏
فِي الْكَافِي، عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّوَاغِيتُ.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‏ هُمُ الظَّالِمُونَ آلَ مُحَمَّدٍ- أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ‏ وَ هُمُ الَّذِينَ تَبِعُوا مَنْ غَصَبَهُمْ- يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ‏ قِيلَ مِنْ نُورِ الْفِطْرَةِ إِلَى فَسَادِ الِاسْتِعْدَادِ.
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع‏ النُّورُ آلُ مُحَمَّدٍ وَ الظُّلُمَاتُ عَدُوُّهُمْ‏ «1».
وَ فِي الْكَافِي وَ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ يَعْنِي ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ التَّوْبَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ لِوَلَايَتِهِمْ كُلَّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ‏ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ‏ إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى نُورِ الْإِسْلَامِ فَلَمَّا أَنْ تَوَلَّوْا كُلَّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ خَرَجُوا بِوَلَايَتِهِمْ مِنْ نُورِ الْإِسْلَامِ إِلَى ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ فَأَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمُ النَّارَ مَعَ الْكُفَّارِ «2».
وَ زَادَ فِي الْعَيَّاشِيِّ قَالَ: قُلْتُ أَ لَيْسَ اللَّهُ عَنَى بِهَذَا الْكُفَّارَ حِينَ قَالَ- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ فَقَالَ وَ أَيُّ نُورٍ لِلْكَافِرِ فَأُخْرِجَ مِنْهُ إِلَى الظُّلُمَاتِ‏ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ‏
الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ فَأَعْدَاءُ
______________________________
(1) الكافي ج 8 ص 289 و العيّاشيّ ج 1 ص 137.
(2) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 138، و تراه في الكافي ج 1 ص 375، باب فيمن دان اللّه عزّ و جلّ بغير امام من اللّه جلّ جلاله، تحت الرقم 3.

ص: 24
عَلِيٍّ هُمُ الْخَالِدُونَ فِي النَّارِ وَ إِنْ كَانُوا فِي أَدْيَانِهِمْ عَلَى غَايَةِ الْوَرَعِ وَ الزُّهْدِ وَ الْعِبَادَةِ «1».
. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا «2» قيل أي بالله و رسله و بما جاءهم منه‏ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ عطفهما على ما يعمهما لإنافتهما على سائر الأعمال الصالحة وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ‏ من آت‏ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ‏ على فائت‏ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏ «3» أي بقلوبكم فإن دليله امتثال ما أمرتم أقول تشعر بأن من يأتي بالذنوب الموبقة ليس بمؤمن.
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ‏ «4» قال البيضاوي شهادة و تنصيص من الله على صحة إيمانه و الاعتداد به و أنه جازم في أمره غير شاك فيه‏ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ‏ لا يخلو من أن يعطف المؤمنون على الرسول فيكون الضمير الذي ينوب عنه التنوين راجعا إلى الرسول و المؤمنين أو يجعل مبتدأ فيكون الضمير للمؤمنين و باعتباره يصح وقوع كل بخبره خبر المبتدإ و يكون إفراد الرسول بالحكم إما لتعظيمه أو لأن إيمانه عن مشاهدة و عيان و إيمانهم عن نظر و استدلال.
لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ‏ أي يقولون لا نفرق و أحد في معنى الجمع لوقوعه في سياق النفي و لذلك دخل عليه بين و المراد نفي الفرق بالتصديق و التكذيب‏ وَ قالُوا سَمِعْنا أجبنا وَ أَطَعْنا أمرك‏ غُفْرانَكَ رَبَّنا أي اغفر لنا غفرانك أو نطلب غفرانك‏ وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ أي المرجع بعد الموت و هو إقرار منهم بالبعث انتهى‏
______________________________
(1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 139.
(2) سورة البقرة: 277.
(3) سورة البقرة: 282.
(4) البقرة: 285.
ص: 25
إِنَّ فِي ذلِكَ‏ «1» أي في إنبائكم بما تأكلون و ما تدّخرون في بيوتكم‏ لَآيَةً و معجزة لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏ أي مصدقين غير معاندين‏ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ‏ «2» الإيفاء و التوفية إعطاء الحق وافيا كاملا.
إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ‏ «3» أي أخصهم به و أقربهم منه من الولي و هو القرب‏ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ‏ من أمته‏ وَ هذَا النَّبِيُ‏ خصوصا وَ الَّذِينَ آمَنُوا من أمته لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم على الأصالة.
فِي الْكَافِي‏ «4» وَ الْعَيَّاشِيِ‏ «5» هُمُ الْأَئِمَّةُ وَ مَنِ اتَّبَعَهُمْ.
وَ فِي الْمَجْمَعِ‏ «6» قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ‏ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالْأَنْبِيَاءِ أَعْمَلُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَ قَالَ إِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّدٍ ص مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ إِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ وَ إِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّدٍ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَ إِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ.
وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ‏ أي يتولّى نصرتهم‏ قُلْ آمَنَّا «7» أمر للرسول بأن يخبر عن نفسه و متابعيه بالإيمان‏ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏ أي منقادون مخلصون في عبادته‏ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏ «8» يتفضّل عليهم بالعفو و غيره في الأحوال كلها فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ‏ «9» مخلصين‏ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا حقّ الإيمان‏ وَ تَتَّقُوا النفاق‏ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ‏ لا يقادر قدره‏ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا «10» كما فعله المحرّفون من أحبارهم‏
______________________________
(1) آل عمران: 49.
(2) آل عمران: 57.
(3) آل عمران: 68.
(4) الكافي ج 1 ص 416.
(5) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 177.
(6) مجمع البيان ج 2 ص 458.
(7) آل عمران: 84.
(8) آل عمران: 152.
(9) آل عمران: 179.
(10) آل عمران: 199.
ص: 26
أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ‏ و يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ‏ كما وعدوا في آية أخرى‏ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ‏ لعلمه بالأعمال و ما يستوجبه كل عامل من الجزاء فيسرع في الجزاء و يوصل الأجر الموعود سريعا.
أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ «1» أي من الدماء و درن الدنيا و أنجاسها و قيل من الأخلاق السيئة وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا أي دائما لا تنسخه الشمس مشتق من الظل لتأكيده كما قيل ليل أليل‏ وَعْدَ اللَّهِ‏ «2» قال الطبرسي رحمه الله أي وعد الله ذلك وعدا حَقًّا مصدر مؤكّد لما قبله كأنه قال أحقه حقا وَ مَنْ أَصْدَقُ‏ استفهام فيه معنى النفي أي لا أجد أصدق من الله قولا فيما أخبر و وعدا فيما وعد «3».
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ‏ «4» أي آمنوا بألسنتهم و ظاهرهم آمنوا بقلوبكم و باطنكم ليوافق ظاهركم باطنكم فالخطاب للمنافقين و قيل الخطاب للمؤمنين على الحقيقة و المعنى اثبتوا على هذا الإيمان في المستقبل و داوموا عليه و اختاره الجبائي قال لأن الإيمان الذي هو التصديق لا يبقى و إنما يستمر بأن يجدده الإنسان حالا بعد حال.
و قيل الخطاب لأهل الكتاب أمروا بأن يؤمنوا بالنبي و الكتاب الذي أنزل عليه كما آمنوا بما معهم من التوراة و الإنجيل و يكون وجه أمرهم بالتصديق بهما و إن كانوا مصدّقين بهما أحد أمرين.
إما أن يكون لأن التوراة و الإنجيل فيهما صفات نبينا و تصحيح نبوّته فمن لم يصدقه و لم يصدق القرآن لا يكون مصدقا بهما لأن في تكذيبه تكذيب التوراة و الإنجيل.
و إما أن يكون الله عز و جل أمرهم بالإقرار بمحمد و القرآن و بالكتاب‏
______________________________
(1) النساء: 57.
(2) النساء: 122.
(3) مجمع البيان ج 3 ص 114.
(4) النساء: 136.
ص: 27
الذي أنزل من قبله و هو الإنجيل و ذلك لا يصح إلا بالإقرار بعيسى ع أيضا و أنه نبي مرسل.
وَ مَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ‏ أي يجحده أو يشبهه بخلقه أو يرد أمره و نهيه‏ وَ مَلائِكَتِهِ‏ أي ينفيهم أو ينزلهم منزلة لا تليق بهم كما قالوا إنهم بنات الله‏ وَ كُتُبِهِ‏ فيجحدها وَ رُسُلِهِ‏ فينكرهم‏ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أي يوم القيامة فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً أي ذهب عن الحق و قصد السبيل ذهابا بعيدا.
وَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ‏ «1» بأن آمنوا بجميعهم‏ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ‏ أي يعطيهم‏ أُجُورَهُمْ‏ الموعودة لهم سمي الثواب أجرا للدلالة على استحقاقهم لها و التصدير بسوف للدلالة على أنه كائن لا محالة و إن تأخر وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً لم يزل يغفر ما فرط منهم من المعاصي‏ رَحِيماً يتفضل بأنواع الإنعام.
وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ‏ «2» أي على ما كان وعدهم به من الجزاء وَ أَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا أي أنفوا عن الإقرار بوحدانيته‏ وَ اسْتَكْبَرُوا أي تعظموا عن الإقرار له بالطاعة و العبودية وَلِيًّا ينجيهم من عذابه‏ وَ لا نَصِيراً أي ناصرا ينقذهم من عقابه‏ «3».
وَ اعْتَصَمُوا بِهِ‏ أي بحبل طاعته أو طاعة أنبيائه و حججه أو بدينه كما قال‏ وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‏ الِاعْتِصَامُ التَّمَسُّكُ‏ بِهِ‏ بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ- وَ وَلَايَةِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ.
فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ‏ أي ثواب مستحق أو نعمة منه و هي الجنة عن ابن عباس‏ وَ فَضْلٍ‏ أي إحسان زائد عليه و قيل أي ما يبسط لهم من الكرامة و تضعيف الحسنات و ما يزاد لهم من النعم على ما يستحقونه‏ وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً قال الطبرسي رحمه الله‏ «4» صراطا مفعول ثان ليهديهم فإنه على‏
______________________________
(1) النساء: 152.
(2) النساء: 173.
(3) النساء: 175.
(4) مجمع البيان ج 3 ص 147.
ص: 28
معنى يعرفهم أو حال من الهاء في إليه أي يوفقهم لإصابة فضله الذي يتفضل به على أوليائه و يسددهم لسلوك منهج من أنعم عليهم من أهل طاعته و اقتفاء آثارهم.
و أقول‏
فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‏ «1» الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ عَلِيٌّ ع.
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ «2» أي لذنوبهم‏ وَ أَجْرٌ أي ثواب‏ عَظِيمٌ‏ قال الطبرسي رحمه الله الفرق بين الثواب و الأجر أن الثواب يكون جزاء على الطاعات و الأجر قد يكون على سبيل المعاوضة بمعنى الأجرة «3».
وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ‏ «4» قال يعني اليهود و النصارى‏ آمَنُوا بمحمد وَ اتَّقَوْا الكفر و الفواحش‏ لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ‏ أي سترناها عليهم و غفرناها لهم‏ وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ‏ أي عملوا بما فيهما على ما فيهما دون أن يحرفوا شيئا منهما أو عملوا بما فيهما بأن أقاموهما نصب أعينهم‏ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ‏ أي القرآن و قيل كل ما دل الله عليه من أمور الدين‏ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ‏ بإرسال السماء عليهم مدرارا وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏ بإعطاء الأرض خيرها و قيل لأكلوا ثمار النخيل و الأشجار من فوقهم و الزروع من تحت أرجلهم.
و المعنى لتركوا في بلادهم و لم يجلوا عن بلادهم و لم يقتلوا فكانوا يتمتعون بأموالهم و ما رزقهم الله من النعم و إنما خص سبحانه الأكل لأن ذلك أعظم الانتفاع و قيل كناية عن التوسعة كما يقال فلان في الخير من قرنه إلى قدمه أي يأتيه الخير من كل جهة يلتمسه منها.
أقول و في تفسير علي بن إبراهيم‏ مِنْ فَوْقِهِمْ‏ المطر وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏
______________________________
(1) تفسير القمّيّ ص 606 و 612 و غير ذلك من الموارد التي يفسر كلمة «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ»* و هكذا رواه الصدوق في المعاني ص 32 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
(2) المائدة: 9.
(3) مجمع البيان ج 3 ص 169.
(4) المائدة: 65 و 66.
ص: 29
النبات و أقول قال بعض أهل التحقيق‏ مِنْ فَوْقِهِمْ‏ الإفاضات و الإلهامات الربانية وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏ ما يكتسبونه بالفكر و النظر و مطالعة الكتب فهو محمول على الرزق الروحاني.
مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ قد دخلوا في الإسلام‏ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ‏ و فيه معنى التعجب أي ما أسوأ عملهم و هم الذين أقاموا على الجحود و الكفر.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا «1» أي بالله و بما فرض عليهم الإيمان به‏ وَ الَّذِينَ هادُوا أي اليهود وَ الصَّابِئُونَ‏ قال علي بن إبراهيم إنهم ليسوا من أهل الكتاب و لكنهم يعبدون الكواكب و النجوم‏ وَ النَّصارى‏ مَنْ آمَنَ‏ منهم أي نزع عن كفره‏ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ‏ في الآخرة حين يخاف الفاسقون‏ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ‏ إذا حزن المخالفون.
أقول قد ورد مثل هذه الآية في البقرة «2» فَمَنْ آمَنَ‏ «3» أي صدق الرسل‏ وَ أَصْلَحَ‏ أي عمل صالحا في الدنيا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ‏ من العذاب‏ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ‏ بفوت الثواب‏ يُؤْمِنُونَ بِهِ‏ «4» أي بالقرآن‏ وَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ‏ فإن من صدق بالآخرة خاف العاقبة و لا يزال الخوف يحمله على النظر و التدبر حتى يؤمن به و يحافظ على الطاعة و تخصيص الصلاة لأنها عماد الدين و علم الإيمان‏ إِنَّ فِي ذلِكُمْ‏ «5» أي في إنزال الماء من السماء و إخراج النباتات و الأشجار و الثمار لَآياتٍ‏ على وجود صانع عليم حكيم قدير يقدره و يدبره و ينقله من حال إلى حال‏ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏ فإنهم المنتفعون.
______________________________
(1) المائدة: 69.
(2) البقرة: الآية 62.
(3) الأنعام: 48.
(4) الأنعام: 92.
(5) الأنعام: 99.
ص: 30
أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً «1» قيل أي كافرا فَأَحْيَيْناهُ‏ بأن هديناه إلى الإيمان و إنما سمي الكافر ميتا لأنه لا ينتفع بحياته و لا ينفع غيره بحياته فهو أسوأ حالا من الميت و سمي المؤمن حيا لأنه له و لغيره المصلحة و المنفعة و قيل نطفة فأحييناه‏ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ‏ قيل المراد بالنور العلم و الحكمة لأن العلم يهتدى به إلى الرشاد كما يهتدى بالنور في الطرقات أو القرآن و الإيمان‏ كَمَنْ مَثَلُهُ‏ مثل من هو فِي الظُّلُماتِ‏ أي في ظلمة الكفر.
و سمي القرآن و الإيمان و العلم نورا لأن الناس يبصرون بذلك و يهتدون به من ظلمات الكفر و حيرة الضلالة كما يهتدى بسائر الأنوار و سمي الكفر ظلمة لأن الكافر لا يهتدي بهداه و لا يبصر أمر رشده كما سمي أعمى‏ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ قال الحسن زينه و الله لهم الشيطان و أنفسهم.
وَ فِي الْكَافِي‏ «2» عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ مَيْتاً لَا يَعْرِفُ شَيْئاً وَ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ‏ إِمَاماً يَأْتَمُّ بِهِ- كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ‏ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْإِمَامَ.
وَ فِي الْعَيَّاشِيِ‏ «3» عَنْهُ ع‏ الْمَيِّتُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ هَذَا الشَّأْنَ يَعْنِي هَذَا الْأَمْرَ- وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً إِمَاماً يَأْتَمُّ بِهِ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع- كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ‏ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا هَذَا الْخَلْقُ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ شَيْئاً.
وَ فِي الْمَنَاقِبِ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ كانَ مَيْتاً عَنَّا فَأَحْيَيْناهُ‏ بِنَا.
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ‏ «4» جَاهِلًا عَنِ الْحَقِّ وَ الْوَلَايَةِ فَهَدَيْنَاهُ إِلَيْنَا قَالَ النُّورُ الْوَلَايَةُ فِي الظُّلُماتِ‏ يَعْنِي وَلَايَةَ غَيْرِ الْأَئِمَّةِ ع‏
وَ فِي الْمَجْمَعِ‏ «5» عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ أَبِي جَهْلٍ.
وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ‏ «6» قيل يعني طريقه و عادته في التوفيق و الخذلان و قيل الإسلام أو القرآن‏ مُسْتَقِيماً لا اعوجاج فيه و النصب على الحال‏ قَدْ فَصَّلْنَا
______________________________
(1) الأنعام: 122.
(2) لم نجده في الكافي.
(3) العيّاشيّ ج 1 ص 357.
(4) تفسير القمّيّ ص: 203.
(5) مجمع البيان ج 4 ص 359.
(6) الأنعام: 122.
ص: 31
الْآياتِ‏ أي بيناها و ميزناها لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ‏ فيعلمون أن القادر هو الله و أن كل ما يحدث من خير أو شر فهو بقضائه و أنه عليم بأحوال العباد حكيم عدل فيما يفعل بهم‏ لَهُمْ‏ للذين تذكروا و عرفوا الحق‏ دارُ السَّلامِ‏ أي دار الله أو دار السلامة من كل آفة.
و قال علي بن إبراهيم يعني في الجنة و السلام الأمان و العافية و السرور عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ أي في ضمانه يوصلهم إليها لا محالة وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ‏ قيل أي مولاهم و محبهم و قال علي بن إبراهيم أي أولى بهم‏ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ أي بسبب أعمالهم.
وَ أَنَّ هذا صِراطِي‏ «1» أي و لأن تعليل للأمر باتباعه و قيل الإشارة فيه إلى ما ذكر في السورة فإنها بأسرها في إثبات التوحيد و النبوة و بيان الشريعة و قرئ إن بالكسر على الاستئناف‏ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ‏ أي الأديان المختلفة المتشعبة عن الأهوية المتباينة فَتَفَرَّقَ بِكُمْ‏ أي فتفرقكم و تزيلكم‏ عَنْ سَبِيلِهِ‏ الذي هو اتباع الوحي و اقتفاء البرهان‏ ذلِكُمْ‏ الاتباع‏ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏ الضلال و التفرق عن الحق.
وَ فِي رَوْضَةِ الْوَاعِظِينَ، عَنِ النَّبِيِّ ص‏ فِي هَذِهِ الْآيَةِ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهَا لِعَلِيٍّ فَفَعَلَ‏ «2».
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ أَنَّهُ قَالَ لِبُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ تَدْرِي مَا يَعْنِي بِ صِراطِي مُسْتَقِيماً قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ وَلَايَةُ عَلِيٍّ وَ الْأَوْصِيَاءِ قَالَ وَ تَدْرِي مَا يَعْنِي‏ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ‏ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ وَلَايَةَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ قَالَ وَ تَدْرِي‏
______________________________
(1) الأنعام: 153.
(2) و رواه ابن شهرآشوب في المناقب عن إبراهيم الثقفى بإسناده الى أبى برذة الاسلمى ج 3 ص 72.

ص: 32
مَا مَعْنَى‏ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ‏ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ يَعْنِي سَبِيلَ عَلِيٍّ ع‏ «1».
هَلْ يَنْظُرُونَ‏ «2» إنكار بمعنى ما ينتظرون‏ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أي ملائكة الموت أو العذاب‏ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ‏ أي أمره بالعذاب‏ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ‏
فِي الْإِحْتِجَاجِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّمَا خَاطَبَ نَبِيَّنَا ص هَلْ يَنْتَظِرُ الْمُنَافِقُونَ أَوْ الْمُشْرِكُونَ- إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ فيعاينوهم‏ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ‏ يَعْنِي بِذَلِكَ أَمْرَ رَبِّكَ وَ الْآيَاتُ هِيَ الْعَذَابُ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَمَا عَذَّبَ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ وَ الْقُرُونَ الْخَالِيَةَ «3».
يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ‏ إلخ كأن المعنى أنه لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا غير مقدمة إيمانها أو مقدمة إيمانها غير كاسبة في إيمانها خيرا و الآية تدل على أن الإيمان لا ينفع و لا يقبل عند معاينة أحوال الآخرة و مشاهدة العذاب كإيمان فرعون و قد مرّ تفسير الآية بتمامها في كتاب المعاد.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ نَزَلَتْ‏ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قَالَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها
وَ فِي الْكَافِي وَ الْعَيَّاشِيِّ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ ع‏ فِي قَوْلِهِ‏ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ‏ قَالَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ خُرُوجُ الدَّجَّالِ وَ ظُهُورُ الدُّخَانِ وَ الرَّجُلُ يَكُونُ مُصِرّاً وَ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلَ الْإِيمَانِ ثُمَّ تَجِي‏ءُ الْآيَاتُ فَلَا يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ.
وَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع‏ فِي قَوْلِهِ‏ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قَالَ الْمُؤْمِنُ الْعَاصِي حَالَتْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ إِيمَانِهِ كَثْرَةُ ذُنُوبِهِ وَ قِلَّةُ حَسَنَاتِهِ فَلَمْ يَكْسِبْ فِي إِيمَانِهِ خَيْراً «4».
______________________________
(1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 383 و 384.
(2) الأنعام: 158.
(3) الاحتجاج ص 132.
(4) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 385.
ص: 33
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع‏ مِنْ قَبْلُ‏ يَعْنِي فِي الْمِيثَاقِ- أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع خَاصَّةً، قَالَ لَا يَنْفَعُ إِيمَانُهَا لِأَنَّهَا سُلِبَتْ‏ «1».
وَ فِي الْإِكْمَالِ عَنْهُ ع‏ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَعْنِي خُرُوجَ الْقَائِمِ الْمُنْتَظَرِ «2».
وَ عَنْهُ ع قَالَ: الْآيَاتُ هُمُ الْأَئِمَّةُ ع وَ الْآيَةُ الْمُنْتَظَرَةُ الْقَائِمُ ع فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها «3»
وَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ أَنَّهَا خُرُوجُ دَابَّةِ الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِ الصَّفَا مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَ عَصَا مُوسَى وَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا «4».
قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ‏ وعيد و تهديد أي انتظروا إتيان أحد الثلاثة فإنا منتظرون له و حينئذ لنا الفوز و لكم الويل.
قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي‏ «5» أي بالوحي و الإرشاد و دِيناً أي هداني دينا قِيَماً فيعل من قام كالسيد و الهين‏ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ‏ هداني و عرفني ملة إبراهيم في حال حنيفيته‏
وَ فِي الْعَيَّاشِيِ‏ «6» عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ مَا أَبَقَتِ الْحَنِيفِيَّةُ شَيْئاً حَتَّى إِنَّ مِنْهَا قَصَّ الْأَظْفَارِ وَ الْأَخْذَ مِنَ الشَّارِبِ وَ الْخِتَانَ.
وَ عَنْهُ ع‏ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَدِينُ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ ع غَيْرَنَا وَ غَيْرَ شِيعَتِنَا.
وَ عَنِ السَّجَّادِ ع‏ مَا أَحَدٌ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْهَا بِرَاءٌ.
.______________________________
(1) الكافي ج 1 ص 428.
(2) اكمال الدين ج 2 ص 27.
(3) اكمال الدين ج 2 ص 5.
(4) اكمال الدين ج 2 ص 207 و 208 في حديث الدجال.
(5) الأنعام: 160- 161.
(6) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 388.
ص: 34
ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ‏ «1» أي من القرآن و الوحي‏ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي شياطين الجن و الإنس فيحملوكم على الأهواء و البدع و يضلوكم عن دين الله و عما أمرتم باتباعه‏ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ‏ أي تذكرا قليلا تتذكرون‏ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها «2» اعتراض بين المبتدإ و الخبر للترغيب في اكتساب النعيم المقيم بما يسعه طاقتهم و يسهل عليهم.
وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ «3» أي في الدنيا فما من مسلم و لا كافر و لا مطيع و لا عاص و هو متقلب في نعمتي أو في الدنيا و الآخرة إلا أن قوما لم يدخلوها لضلالهم‏ فَسَأَكْتُبُها أي فسأثبتها و أوجبها في الآخرة لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ‏ الشرك و المعاصي.
وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ‏ «4» يستفاد من بعض الآيات تأويل الطيبات بأخذ العلم من أهله و الخبائث بقول من خالف و هو بطن من بطون الآية و قد مر تفسيرها في أبواب الأطعمة وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ‏ أي يخفف عنهم ما كلفوا به من التكاليف الشاقة و أصل الإصر الثقل‏ «5» و كذا الأغلال‏ وَ عَزَّرُوهُ‏ أي عظموه بالتقوية و الذب عنه و أصل التعزير المنع و أما النور فقيل هو القرآن و في كثير من الأخبار أنه علي ع.
وَ هاجَرُوا «6» أي فارقوا أوطانهم و قومهم حبا لله و لرسوله و هم‏
______________________________
(1) الأعراف: 3.
(2) الأعراف: 42.
(3) الأعراف: 156.
(4) الأعراف: 157.
(5) بل المراد: وعد الناس بأن الايمان به و التسليم له يجب عما قبله فمن آمن به و أسلم له حط من عاتقه ثقل الآثام و الذنوب التي اكتسبها قبل ذلك حتّى حقوق الناس أي مظالمهم و أقول: على ما ثبت من تأويل الآية في المهدى «ص» يكون الايمان به و التسليم له يجب عما قبل ذلك من الآثام و الذنوب كلها، اللّهمّ اجعلنا من الآمنين به.
(6) الأنفال: 73.
ص: 35
المهاجرون من مكة إلى المدينة وَ الَّذِينَ آوَوْا أي آووهم إلى ديارهم‏ وَ نَصَرُوا هم على أعدائهم و هم الأنصار أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لأنهم حققوا إيمانهم بالهجرة و النصرة و الانسلاخ من الأهل و المال و النفس لأجل الدين‏ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ‏ لا تبعة له و لا منة فيه‏ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ‏ «1» يريد اللاحقين بعد السابقين‏ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ‏ أي من جملتكم أيها المهاجرون و الأنصار و حكمهم حكمكم في وجوب موالاتهم و نصرتهم و إن تأخر إيمانهم و هجرتهم.
أَعْظَمُ دَرَجَةً «2» أي ممن لم يستجمع هذه الصفات‏ وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ‏ أي المختصون بالفوز و نيل الحسنى عند الله.
وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً «3» أي يطيب فيها العيش‏ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ‏ أي إقامة و خلود و قد مضت الأخبار في ذلك من باب وصف الجنة وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ يعني و شي‏ء من رضوانه أكبر من ذلك كله لأن رضاه سبب كل سعادة و موجب كل فوز و به ينال كرامته التي هي أكبر أصناف الثواب‏ ذلِكَ‏ الرضوان‏ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏ الذي يستحقر دونه كل لذة و بهجة.
أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ «4» أي سابقة و فضلا سميت قدما لأن السبق بها كما سميت النعمة يدا لأنها باليد تعطى و إضافتها إلى الصدق لتحققها و التنبيه على أنهم إنما ينالونها بصدق القول و النية
وَ فِي الْمَجْمَعِ‏ «5» عَنِ الصَّادِقِ ع‏ أَنَّ مَعْنَى قَدَمَ صِدْقٍ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ ص.
و في الكافي و العياشي‏ «6» هو رسول الله ص و فيهما بولاية أمير المؤمنين ع و هذا لأن الولاية من شروط الشفاعة و هما متلازمتان.
بِإِيمانِهِمْ‏ «7» أي بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك الطريق المؤدي‏
______________________________
(1) الأنفال: 74.
(2) براءة: 20.
(3) براءة: 22.
(4) يونس: 2.
(5) مجمع البيان ج 5 ص 89.
(6) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 117 و 118.
(7) يونس: 9.
ص: 36
إلى الجنة فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏ لأن التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها أو يهديهم في الآخرة إليها.
وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ‏ «1» بالنصرة في الدنيا و الجنة في العقبى.
آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ‏ «2» قال الطبرسي‏ «3» رحمه الله فيه إضمار أي قيل له آلآن آمنت حين لم ينفع الإيمان و لم يقبل لأنه حال الإلجاء و قد عصيت بترك الإيمان في حال ما ينفعك الإيمان فهلا آمنت قبل ذلك و إيمان الإلجاء لا يستحق به الثواب فلا ينفع انتهى.
و ذكر الرازي لعدم قبول توبة فرعون وجوها منها أنه إنما آمن عند نزول العذاب و الإيمان في هذا الوقت غير مقبول لأنه عند نزول العذاب وقت الإلجاء و في هذا الحال لا تكون التوبة مقبولة.
كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا «4» أي مثل ذلك الإنجاء نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ‏ منكم حين نهلك المشركين و حَقًّا عَلَيْنا اعتراض يعني حق ذلك علينا حقا
وَ فِي الْمَجْمَعِ‏ «5» وَ الْعَيَّاشِيِ‏ «6» عَنِ الصَّادِقِ ع‏ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَشْهَدُوا عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ‏ كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ‏
وَ لكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ‏ «7» فإنه هو الحقيق بأن يخاف و يرجى و يعبد و إنما خص التوفي بالذكر للتهديد وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ المصدقين بالتوحيد فهذا ديني.
______________________________
(1) يونس: 87.
(2) يونس: 91.
(3) مجمع البيان ج 5 ص 131.
(4) يونس: 102.
(5) مجمع البيان ج 5 ص 138.
(6) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 138.
(7) يونس: 103.
ص: 37
وَ أَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ‏ «1» عطف على أن أكون غير أن صلة أن محكية بصيغة الأمر و المعنى أمرت بالاستقامة و السداد في الدين بأداء الفرائض و الانتهاء عن القبائح.
وَ أَخْبَتُوا إِلى‏ رَبِّهِمْ‏ «2» أي اطمأنوا إليه و خشعوا له‏ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ‏ أي الكافر و المؤمن‏ كَالْأَعْمى‏ وَ الْأَصَمِ‏ أي كالأعمى و كالأصم أو كالأعمى الأصم‏ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ‏ أي كالبصير و كالسميع أو كالبصير السميع و ذلك لتعامي الكافر عن آيات الله و تصامه عن استماع كلام الله و تأبيه عن تدبّر معانيه‏ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ‏ بضرب الأمثال و التأمل فيها.
هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ وَ الْبَصِيرُ «3» قال علي بن إبراهيم يعني الكافر و المؤمن‏ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ قال الكفر و الإيمان‏ كَلِمَةً طَيِّبَةً «4» قيل أي قولا حقا و دعاء إلى صلاح‏ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ يطيب ثمرها كالنخلة
وَ فِي الْمَجْمَعِ‏ «5» عَنِ النَّبِيِّ ص‏ أَنَّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الطَّيِّبَةَ النَّخْلَةُ- أَصْلُها ثابِتٌ‏ فِي الْأَرْضِ ضَارِبٌ بِعُرُوقِهِ فِيهَا- تُؤْتِي أُكُلَها أَيْ تُعْطِي ثَمَرَهَا كُلَّ حِينٍ‏ أَيْ كُلَّ وَقْتِ وَقَّتَهُ اللَّهُ لِإِثْمَارِهَا- بِإِذْنِ رَبِّها أَيْ بِإِرَادَةِ خَالِقِهَا لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ‏ لِأَنَّ فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ تَذْكِيراً وَ تَصْوِيراً لِلْمَعَانِي بِالْمَحْسُوسَاتِ لِتَقْرِيبِهَا مِنَ الْأَفْهَامِ.
وَ فِي الْعَيَّاشِيِ‏ «6» عَنِ الصَّادِقِ ع‏ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ وَ لِمَنْ عَادَاهُمْ.
وَ فِي الْكَافِي، «7» عَنْهُ ع‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الشَّجَرَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ- رَسُولُ اللَّهِ ص أَصْلُهَا وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَرْعُهَا وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا أَغْصَانُهَا
______________________________
(1) يونس: 105.
(2) هود: 23 و 24.
(3) الرعد: 16.
(4) إبراهيم: 24- 27.
(5) مجمع البيان ج 6 ص 312.
(6) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 224.
(7) الكافي ج 1 ص 428.

ص: 38
وَ عِلْمُ الْأَئِمَّةِ ثَمَرُهَا وَ شِيعَتُهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَرَقُهَا.
قال و الله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها و إن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها.
و في الإكمال الحسن و الحسين ثمرها و التسعة من ولد الحسين أغصانها و في معاني الأخبار «1» و غصن الشجرة فاطمة و ثمرها أولادها و ورقها شيعتنا و زاد في الإكمال‏ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ‏ ما يخرج من علم الإمام إليكم في كل سنة من كل فجّ عميق.
وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ قيل أي قول باطل و دعاء إلى ضلال أو فساد كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ لا يطيب ثمرها كشجرة الحنظل‏ اجْتُثَّتْ‏ أي استؤصلت و أخذت جثته بالكلية مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ‏ لأن عروقها قريبة منه‏ ما لَها مِنْ قَرارٍ أي استقرار
وَ فِي الْمَجْمَعِ‏ «2» عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ أَنَّ هَذَا مَثَلُ بَنِي أُمَيَّةَ.
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْهُ ع‏ كَذَلِكَ الْكَافِرُونَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ وَ بَنُو أُمَيَّةَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِي مَجْلِسٍ وَ لَا فِي مَسْجِدٍ وَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ.
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ‏ قيل أي الذي ثبت بالحجة و البرهان عندهم و تمكن في قلوبهم و اطمأنت إليه أنفسهم‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فلا يزلون إذا افتتنوا في دينهم‏ وَ فِي الْآخِرَةِ فلا يتلعثمون‏ «3» إذا سئلوا عن معتقدهم‏ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ‏ الذين ظلموا أنفسهم بالجحود و الاقتصار على التقليد فلا يهتدون إلى الحق و لا يثبتون في مواقف الفتن‏
وَ فِي التَّوْحِيدِ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ يَعْنِي يُضِلُّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ دَارِ كَرَامَتِهِ- وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ مِنْ تَثْبِيتِ الْمُؤْمِنِينَ وَ خِذْلَانِ الظَّالِمِينَ.
. و يظهر من كثير من الأخبار أن التثبيت في الدنيا عند الموت و في الآخرة في القبر أو الآخرة تشمل الحالتين و قد مضت الأخبار الكثيرة في تفسير الآيات المذكورة في كتب الإمامة و الفتن و المعاد و قد أوردنا وجوها كثيرة فيها
______________________________
(1) معاني الأخبار ص 400.
(2) مجمع البيان ج 6 ص 313.
(3) تلعثم: توقف و تلكأ.
ص: 39
فلا نعيدها.
حَنِيفاً «1» قال الراغب الحنف هو ميل عن الضلال إلى الاستقامة و الجنف بالعكس‏ «2» أَجْراً حَسَناً «3» هو الجنة أَبَداً بلا انقطاع‏ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ‏ «4» إلا انتظار أن تأتيهم سنة الأولين و هي الإهلاك و الاستئصال‏ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ‏ أي عذاب الآخرة قُبُلًا أي عيانا كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ‏ «5» قال في المجمع‏ «6» أي كان في حكم الله و علمه لهم بساتين الفردوس و هو أطيب موضع في الجنة و أوسطها و أفضلها و أرفعها نُزُلًا أي منزلا و مأوى و قيل ذات نزل و قال الراغب النزل ما يعد للنازل من الزاد «7» لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا أي تحولا إذ لا يجدون أطيب منها حتى تنازعهم إليه أنفسهم‏ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً «8» قيل أي لا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم و يجوز أن ينتصب شيئا على المصدر.
سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا «9» قيل أي سيجعل لهم في القلوب مودة و قد مر «10» في أخبار كثيرة أنها نزلت في أمير المؤمنين ع حيث جعل الله له في قلوب المؤمنين ودا و فرض مودته و ولايته على الخلق‏
______________________________
(1) النحل: 123.
(2) المفردات: ص 33 و فيه: و الجنف ميل عن الاستقامة الى الضلال.
(3) الكهف: 2- 3.
(4) الكهف: 55.
(5) الكهف: 108.
(6) مجمع البيان ج 6 ص 498.
(7) المفردات: ص 489.
(8) مريم: 60.
(9) مريم: 96.
(10) راجع تاريخ أمير المؤمنين عليه السلام الباب 14 ج 35 ص 360 من هذه الطبعة.
ص: 40
قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ‏ «1» أي في الدنيا لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى‏ أي المنازل الرفيعة جَنَّاتُ عَدْنٍ‏ بدل من الدرجات‏ مَنْ تَزَكَّى‏ أي من تطهر من أدناس الكفر و المعاصي‏ لِمَنْ تابَ‏ «2» أي من الشرك‏ وَ آمَنَ‏ بما يجب الإيمان به‏ ثُمَّ اهْتَدى‏ أي إلى ولاية أهل البيت ع كما ورد في الأخبار الكثيرة التي قد مر بعضها و سيأتي بعضها إن شاء الله.
وَ هُوَ مُؤْمِنٌ‏ «3» أي بالله و رسله‏ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ‏ أي لا تضييع له استعير لمنع الثواب كما استعير الشكر لإعطائه‏ وَ إِنَّا لَهُ‏ أي لسعيه‏ كاتِبُونَ‏ أي مثبتون في صحيفة عمله‏ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ «4» أي من إثابة الموحد الصالح و عقاب المشرك لا دافع له و لا مانع.
مِنْ أَساوِرَ «5» جمع أسورة و هي جمع سوار مِنْ ذَهَبٍ‏ بيان له‏ وَ لُؤْلُؤاً عطف عليها لا على ذهب‏ إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ‏ قيل هو قولهم الحمد لله الذي صدقنا وعده أو كلمة التوحيد و قال علي بن إبراهيم التوحيد و الإخلاص‏ وَ هُدُوا إِلى‏ صِراطِ الْحَمِيدِ قيل أي المحمود نفسه أو عاقبته و هو الجنة أو الحق أو المستحق لذاته الحمد و هو الله تعالى و صراطه الإسلام.
وَ فِي الْمَحَاسِنِ عَنِ الْبَاقِرِ ع‏ هُوَ وَ اللَّهِ هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ.
وَ فِي الْكَافِي‏ «6» عَنِ الصَّادِقِ ع‏ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ ذَاكَ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ وَ عُبَيْدَةُ وَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ عَمَّارٌ هُدُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا «7» أي غائلة المشركين‏ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ‏ «8» قيل الكريم من كل نوع ما يجمع فضائله‏
______________________________
(1) طه: 75- 76.
(2) طه: 82.
(3) الأنبياء: 94.
(4) الحجّ: 14.
(5) الحجّ: 23 و 24.
(6) الكافي ج 1 ص 426.
(7) الحجّ: 38.
(8) الحجّ: 50.

/ 21