بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) جلد 102

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) - جلد 102

محمد باقر المجلسی؛ مصححین: یحیی عابدی الزنجانی، عبدالرحیم الریانی الشیرازی، السید ابراهیم المیانجی، محمد باقر البهبودی، عبدالزهراء العلوی، سید کاظم الموسوی المیاموی، محمد تقی المصباح الیزدی، علی اکبر الغفاری، محمد مهدی السید حسن الموسوی الخرسان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ص: 1
الجزء الثاني بعد المائة
[كلمة الناشر]
الف‏ بسمه تعالى‏ الحمد للّه ربّ العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء و المرسلين، اصطفى محمّد صلّى اللّه عليه و آله بالرسالة، و اختار من بعده عترته الأطيبين الأكرمين فجعلهم علماً هادياً و مناراً بادياً، هداة الأبرار، عليهم صلوات اللّه الرّحمن مادام اللّيل و النهار.
و بعد فمن منن اللّه عزّ و جلّ علينا أن وفّقنا لإحياء تراث العلم و الدّين و نشر آثار علمائنا الأخيار حماة الدين و الشريعة و حملة الحديث و الفقه، و منها هذه الموسوعة الاسلاميّة الكبرى دائرة معارف المذهب‏ بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار.
فقد عزمنا باكمال طبعها- تلك الرائفة النفيسة- قبل سنين، فقمنا بأعباء هذه العزمة القويمة، و شمّرنا عن ساق الجدّ مستمدا من اللّه عزّ و جلّ وليّ التوفيق، حتّى يسّر اللّه لنا بمنّه و كرمه حمل هذا ب‏ العب‏ء الثقيل، فانتشر أجزاء الكتاب متواليا متواترا بصورة بديعة رائعة و صحّة و إحكام يستحسنها كلّ ناظر ثقافيّ، و لروّاد الفضيلة الّذين وازرونا في هذا المشروع المقدّس و تحمّلوا المشاقّ في سبيل هذه الفكرة الصالحة شكر دائم متواصل.
**** و هذا الجزء الّذي نقدّمه بين يدي الفراء الكرام هو أوّل أجزاء كتاب الإجازات و هو المجلّد الخامس و العشرون آخر مجلّدات البحار حسب تجزئة المؤلّف العلّامة قدّس اللّه سرّه، و قد احتوى هذا الجزء على كتاب‏ الفيض القدسي في ترجمة العلّامة المجلسي‏ تأليف خاتم المحدّثين العلّامة النوري قدّس اللّه لطيفه، جعلناه في مقدّمة هذا الجزء ثمّ على كتاب فهرسّ الشيخ منتجب الدين الّذي أدرجه المؤلّف العلّامة في أوّل كتاب الاجازات، و يختتم بذلك هذا الجزء (الجزء 102 حسب تجزئتنا لهذه الموسوعة الفذّة).
ثمّ يتلوه كتاب فهرس مصنّفات الأصحاب للعلّامة المؤلّف، الّذي كان أصلا و باعثا على تأليف كتابه بحار الأنوار، في جزء عليحدة (الجزء 103) داخلا في سلسلة أجزاء هذه الطبعة.
و لمّا كان هذا الكتاب القيم و السفر القويم كلّه بخطّ يد المؤلّف العلّامة، نسخة مفردة ممتازة منحصرة، طبعناه بالافست، و في تقدّمته بحث كافل في تعريف النسخة و أنّ موقعها من بحار الأنوار كالفهرس لمآخذه و الباعث الناشط لتأليفه.
ت‏ ثمّ بعد ذلك يتلوه تتمة كتاب الاجازات في أربعة أجزاء (104- 107) على نحو من سيرتنا في طبع هذا الجزء: ترى في أوّل كلّ جزء شطرا من كتاب الإجازات بالطبعة الحروفيّة، ثمّ يتبعها ما يوازيها من أصل المؤلّف العلّامة- و فيها خطوط العلماء الأخيار- بالافست.
و هذه النسخة (نسخة الأصل) محفوظة في مكتبة دانشگاه بتهران تحت الرقم 1774، و وجدنا صورتها الفتوغرافيّة في المكتبة العامّة لآية اللّه العظمى سماحة الحجّة العلّامة السيّد شهاب الدين النجفيّ الحسيني المرعشيّ دامت بركاته العالية بقم فاستلمناها من سماحته دام إفضاله، و قابلنا طبعتنا هذه الحروفيّة على تلك النسخة المصوّرة الفتوغرافيّة، ثمّ صوّرناها بالافست متدّرجا في خاتمة الاجزاء.
و إنّما اخترنا هذه السيرة تيمّنا و تبرّكاً بخطّ المؤلّف العلّامة و خطوط سائر العلماء و الفضلاء قدّس اللّه أسرارهم، و اللّه وليّ التوفيق.
مدير المكتبة الاسلاميّة الحاج السيّد إسماعيل الكتابچى و اخوانه‏
كلمة المحشي‏
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ الحمد لله الذي شهد لوحدانيته العلماء و رجح مدادهم على دماء الشهداء و جعلهم على خلقه أمناء و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و سند الأصفياء و أعلى الأولياء محمد و آله البررة الأتقياء و لعنة الله على أعدائهم الأشقياء.
أما بعد فيقول العبد المسكين المستعين بربه الكريم محمد بن علي بن الحسين الرازي صانه الله عن الشرور و المخازي لما فرغت من تعليقاتي على خمسة من أجزاء وسائل الشيعة من الجزء السادس عشر إلى العشرين منها على حسب طلب بعض الأحبة و لأمر بعض الأجلة سألني مدير المكتبة الإسلامية النظر في إجازات البحار و التعليق عليها فاستخرت الله تعالى و شرعت مع ضعف حالي و اضطراب بالي و بالله اتكالي و عليه معولي و إليه شكوت أحوالي.
و قبل الشروع في المقصود يجب ترجمة صاحب البحار و هو العلامة و شيخ الإسلام في عصره الذي قد أجمع العلماء في زمانه و من بعده على جلالة قدره و عظم شأنه و تبرزه في العلوم العقلية و النقلية و الحديث و الرجال و الأدب و التاريخ و غيرها.
و لما كان ترجمة حياته و شرح أحواله و ذكر آثاره و تبيين مآثره خارجا عن نطاق تعليقتنا فإنه يحتاج إلى تأليف كتاب ضخم في هذا الشأن و كيف و هو عظيم من عظماء الشيعة و عبقري من عباقرة العلم و ما يوجد في كتب التراجم و المعاجم من مناقبه و فضله و نبوغه دون ما هو عليه من الجلالة و النبالة إلا أن أحسن ما دون في ترجمته بحسب نظري القاصر هو كتاب الفيض القدسي لمؤلفه ثقة الإسلام مولانا العلامة النوري و قد طبع ملصقا بالمجلد الأول من بحار الأنوار طبعه الكمباني مقدمة له و حيثما كان مشتملا على فوائد جمة أوردته بتمامه قبل الشروع في مجلد الإجازات و بالله التوفيق‏
ص: 2

يا له حكمة من سماء القدس‏        ينهل لا يصاب بغيض‏
فاض تاريخه من القدس أيضا        حل للمجلسي قدسي فيض‏
        

الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي‏
[خطبة الكتاب‏]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ الحمد لله الذي فجر عين حياة قلوب أوليائه من بحار أنوار معرفته و جعل زاد عباده حق اليقين بمقدس وجوده و الاعتراف بالعجز عن إدراك كنه ذاته و صفته و الصلاة على مرآة العقول و ملاذ المصطفين الأخيار و جلاء العيون و مقياس مصابيح الأسرار محمد النبي المختار و على آله مفاتيح الغيب و مشاكي الأنوار.
و بعد فإن في ذكر السلف الصالحين و العلماء الراسخين الذين اهتدوا بنور أئمتهم و اقتفوا آثارهم و اقتدوا بسيرتهم و أناخوا رحلهم بفنائهم و لم يشربوا من غير كأسهم و إنائهم تذكرة و موعظة للخلف الباقين و أنسا و تسلية للاحقين و إعانة لهم الصعود على مدارج الكمال و العكوف على صالح الأعمال‏ «1».
______________________________
(1) في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام انى و ان لم أك قد عمرت عمر من قد كان قبلى فقد نظرت في اعمارهم و فكرت في أخبارهم و سرت في آثارهم حتّى عدت كأحدهم، بل كأنى بما انتهى الى من أمورهم قد عمرت مع أولهم الى آخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره، و نفعه من ضرره- الخبر- منه ره.
ص: 3
و فيه مع ذلك إحياء لذكرهم الذي فيه ذكر أئمتهم و سادتهم و إتمام لنورهم الذي اكتسبوه من ولايتهم و عمل بما ورد من الحث على مجالستهم و مخالطتهم و الحض على محادثتهم فإن المسرح طرفه في أكناف سيرة من غاب عنه و ما هو عليه من العلم و العبادة و الفضل و الزهادة كالمجالس معه المستأنس به في الانتفاع بأقواله و حركاته و اقتفاء سيرته و آدابه.
و لذا استقرت طريقة المشايخ على ضبط أحوالهم و جمعها و تدوينها في صحف مكرمة و كتب شريفة و أتعبوا أنفسهم في ذلك حتى تحملوا أعباء السفر و قطعوا الفيافي و القفار و ركبوا البراري و البحار و رغبوا حافظيها و مصنفيها و مدحوا جامعيها و مؤلفيها و بالغوا في الثناء عليهم.
و كفى للمقام شاهدا ما كتبه آية الله بحر العلوم و المعالي العلامة الطباطبائي‏ «1» قدس سره على ظهر نسخة الأصل من كتاب تتميم أمل الآمل‏
______________________________
(1) هو العلامة الشهير ببحر العلوم. السيّد مهديّ بن المرتضى الغروى الحسنى الحسيني الطباطبائى الإمام الهمام الذي لم تسمع بمثله الأيّام سيد العلماء الاعلام و مولى فضلاء الإسلام سيد الفقهاء المتبحرين امام المحدثين و المفسرين علامة دهره و زمانه و وحيد عصره و اوانه صاحب المقامات العالية و الكرامات الباهرة الجامع لجميع العلوم سيدنا العلامة آية اللّه (بحر العلوم) ضاعف اللّه قدره و أعظم في الإسلام اجره.
و هو- ره- اجل شأنا و أعظم قدرا من مديحة مثلى و ما أقول في حقّ الذي بلغ قدره و جلالته بمرتبة ان الشيخ الجليل و الفقيه النبيل العلامة الكبير الحاجّ الشيخ جعفر النجفيّ صاحب كاشف الغطاء مع فقاهته و نباهته و زهادته و رئاسته ينظف غبار نعله مع حنك عمامته الشريفة.
و كيف لا يفعل كذلك و لا يفتخر بمن تشرفه بلقاء الحجة عجل اللّه تعالى فرجه (و رزقنا اللّه رؤيته و نصرته) كان معروفا غير مرة و قد تواتر ذلك بين العلماء و الفقهاء و كان ره صاحب الكرامات الباهرة كما قال في حقه الشيخ الأعظم و الفقيه الافخم صاحب الجواهر (صاحب الكرامات الباهرة و المعجزات القاهرة) الى غير ذلك.
ص: 4
و هو عندي موجود بخطه الشريف.
قال رحمة الله عليه بعد الحمد و الصلاة و بعد فقد وفقني الله و له الحمد للتشرف بما أملاه الشيخ العالم الفاضل و المحقق العدل الكامل‏
______________________________

و ان قميصا خيط من نسج تسعة        و عشرين حرفا عن معاليه قاصر
        
تولد ره في كربلا في ليلة الجمعة من شهر شوال المكرم سنة 1155 و كانت مادة تاريخه هذا المصرع (لنصرة آى الحق قد ولد المهدى) و راى والده العلامة السيّد مرتضى في ليلة ولادته في المنام ان الامام أبى الحسن الرضا عليه السلام ارسل شمعة مع الثقة الجليل محمّد بن إسماعيل بن بزيع و اشعلها على سطح داره فعلى سناها و لم يدرك مداها يتحير عند رويته النظر و يقول بلسان حاله (ما هذا بشر) كذا ذكره صاحب منتهى المقال في حق هذا العلم المفضال.
و قال صاحب الروضات: مهدى بن السيّد المرتضى بن السيّد محمّد الحسنى الحسيني الطباطبائى النجفيّ اطال اللّه بقاه و أدام اللّه علوه و نعماه الامام الذي لم تسمح بمثله الايام و الهمام الذي عقمت عن انتاج شكله الاعوام سيد العلماء الاعلام و مولى فضلاء الإسلام علامة دهره و زمانه و وحيد عصره و اوانه.
ان تكلم في المعقول قلت هذا الشيخ الرئيس فمن بقراط و افلاطون و ارسطاطاليس و ان باحث في المنقول قلت: هذا العلامة المحقق لفنون الفروع و الأصول لم يناظر أحدا الا قلت هذا و اللّه علم الهدى و إذا فسر الكتاب المجيد و اصغيت إليه ذهلت و خلت كأنّه الذي انزله اللّه عليه الى آخره و قال المحقق القمّيّ صاحب القوانين ره لما رأيته بحرا مواجا من العلم و البيان تعجبت من ذلك فقلت له من اين هذه المنزلة قال ره: و كيف لا أكون كذلك و قد ضمنى (عجل اللّه فرجه الشريف) الى صدره مليا.
تتلمذ- ره- عند جماعة من الأعاظم كوالده العلامة السيّد مرتضى علم الهدى البروجردى و العلامة الشيخ محمّد مهديّ الفتونى و العلامة الشيخ يوسف البحرينى و المولى محمّد باقر المازندرانى و العلامة الكبرى أستاد الكل الآغا باقر الوحيد البهبهانى رحمهم اللّه و يروى عنه جم غفير من الأكابر من امثال الشيخ جعفر النجفيّ الفقيه العلامة السيّد.
ص: 5
طود العلم الشامخ و عماد الفضل الراسخ أسوة العلماء الماضين و قدوة الفضلاء الآتين بقية نواميس السلف و شيخ مشايخ الخلف قطب دائرة الكمال و شمس سماء الفضل و الإفضال الشيخ العلم العالم الزكي و المولى الأولى المهذب التقي المولى عبد النبي القزويني اليزدي‏ «1» لا زال محروسا بحراسة الرب العلي و حماية النبي و الولي محفوظا من كيد كل جاهل غبي و عنيد غوي و يرحم من‏
______________________________
جواد العاملى (صاحب مفتاح الكرامة) و الفاضل المحقق مولانا احمد النراقى و السيّد محمّد محسن الكاظمى و الاقا سيد محمّد الكرمانى و الحاجّ محمّد إبراهيم الكرباسى الأصفهانيّ و الشيخ العارف أحمد بن زين الدين الاحسائى و الميرزا محمّد الاخبارى و السيّد أبى القاسم الموسوى الخونساري جد صاحب الروضات و غيرهم.
توفى رحمه اللّه في سنة 1212 و هي تطابق هذا المصرع (قد غاب مهديها جدا و هاديها) و في النخبة.
و السيّد مهديّ الطباطبائى‏        بحر العلوم صفوة الصفاء
و المرتضى والده سعيد        مات غريبا عمره مجيد
        
1212 57 و دفن ره في النجف الأشرف في مسجد شيخنا الطوسيّ ره في قرب قبر الشيخ ره و قال الشيخ الفقيه الشيخ جعفر الكبير في رثائه قصيدة اولها.
ان قلبى لا يستطيع اصطبارا        و قرارى أبى الغداة قرارا
        
الذريعة ج 1 ص 130- روضات الجنّات ص 677- فوائد الرضوية 676.
(1) هو العالم المتبحر الجليل الشيخ عبد النبيّ القزوينى اليزديّ صاحب تتميم امل الامل، يروى عن بحر العلوم بل صنف التتميم بامره قال في أوّل الكتاب بعد كلام طويل:
كنت اتردد ارفع رجلا واضع اخرى و اتحير اقدم قدما و أؤخره غير الأولى الى ان وقع امر من امتثاله من افيد الأمور في اقتناء الثواب و الاقبال الى خطابه و تلقيه بالقبول من اصوب الصواب و هو السيّد الأجل الفاضل إلى آخر ما عد من مناقبه- المستدرك ج 3 ص 396 فوائد الرضوية ص 259.
ص: 6
قال آمينا.
فأجلت فيما أملاه نظري و رددت فيما أسداه بصري و جعلت أطيل فيه فكري و أديم به ذكري فوجدته أنضد من لبوس و أزين من عروس و أعذب من الماء و أرق من الهواء قد ملك أزمة القلوب و سخي ببذل المطلوب.
لقد وافت فضائلك المعالي‏        تهز معاطف اللفظ الرشيق‏
فضضت ختامهن فخلت أني‏        فضضت بهن عن مسك فتيق‏
و جال الطرف منها في رياض‏        كسين محاسن الزهر الأنيق‏
شربت بها كئوسا من معاني‏        غنيت لشربهن عن الرحيق‏
و لكني حملت بها حقوقا        أخاف لثقلهن من العقوق‏
فشربا يا نعيم بي رويدا        فلست أطيق كفران الحقوق‏
و حمل ما أطيق به نهوضا        فإن الرفق أليق بالصديق‏
        
.
و لعمري قد جاد و أجاد و بذل المطلوب كما أريد منه و أراد و لقد أحيا و أشاد بما رسم و أفاد رسوما قد اندرست و طولا قد عفت و معاهد قد عطلت و قباب مجد قوضت و أركان فضل قد هدت و انهدمت و أبنية سودد قد أنقضت و انقضت فلله دره فقد وجب على العالمين شكره و بره فكم أحيا بجميل ذكره ما قد مات و رد بحسن الثناء ما قد غبر و فات و كم له في ذلك من النعم و الأيادي على الحاضر و البادي و من الفواضل البوادي على المحفل و النادي فقد نشر فضائل العلماء و الفقهاء و ذكر محاسن الأدباء و الأزكياء و نوه بذكر سكان زوايا الخمول و أنار منار فضل من أشرف ضوؤه على الأفول فكأني بمدارس العلم لذلك قد هزت و ربت و بمجالس الفضل له قد أزلفت و زفت و بمحافل الأدب قد أسست و آنست و كأني بسكان الثرى و رهائن القبور قد ارتقوا مدارج الطور و ألبسوا ملابس البهاء و النور و تباشروا بالتهنية و السرور و طفقوا بلسان الحال ينشدون مادحهم هذا المقال.
ص: 7
رباعي‏
أحييتنا بثنائك السلسال‏        فاذهب بنعماها رخي البال‏
في النشأتين لك المهنأ و الهنا        نيل المنى و الفوز بالآمال‏
        
.
انتهى و هو أعلى الله مقامه من الذين ينبغي التأسي بفعالهم و النسج على منوالهم.
و لما من الله تعالى على عباده في هذا القرن الذي قد مد الضلال باعه و أسفر الظلم قناعه و دعا الشيطان المغوي أتباعه و أجهد ولاة الكفر و البدع في ترويج مذهبهم بكل طريق و دعوا و رغبوا الناس إليها من كل فج عميق من عليهم بوجود السلطان المؤيد و الخاقان المسدد رافع ألوية البسالة باسط بساط العدل و الجلالة حامي مذهب الأئمة الاثني عشر ع و ماحي صولات من تمرد و كفر حارس بيضة الإسلام المنصور من عند الملك العلام السلطان ناصر الدين شاه القاجار «1» مد الله ظلال سلطنته و أدام أيام ملكه و عدالته فألبس الملة البيضاء
______________________________
(1) هو السلطان بن السلطان و الخاقان بن الخاقان الصاحب قران ناصر الدين شاه (المقتول في حرم سيدنا عبد العظيم الحسنى عليه السلام في سنة 1313 من الهجرة و المدفون في جواره) ابن محمّد شاه بن عبّاس ميرزا ابن الخاقان الأعظم فتح‏علي‏شاه القاجار ره.
و حيث ان المورخين كتبوا في ترجمة حياته و آثاره و خدماته كتبا مستقلة مثل ناسخ التواريخ (مجلد القاجار) و (سفرنامه ناصرى) و تاريخ ناصرى و كذا ذكرته في كتابى (تذكرة المقابر) في أحوال المفاخر و غير ذلك اوجزنا كلامنا في أحواله و خصايصه هاهنا بذكر هذه الخصيصة و المنقبة و هي أنّه رحمه اللّه كان محبا خالصا و عاشقا صادقا للحسين الشهيد عليه الصلاة و السلام و له قصائد في رثائه عليه السلام بالفارسى معروف متداول بين الوعاظ و أهل الذكر و الرثاء و كفى به فضلا و فخرا.
و من سعادته أيضا أن قبره في جوار السيّد الكريم امامزاده عبد العظيم الحسنى عليه السلام.
ص: 8
ثوب العزة و البهاء و أسبل عليها ستور النضرة و السناء و أحيا معالم الدين بعد البلى.
صار نشر معالم الشرع شائعا في بلاد أهل الإيمان و تعظيم شعائر الله و تكريم مشاعره محبوب كل مخلص باليد و القلب و اللسان فإن الناس على دين ملوكهم فأخذ كل مؤمن من ذلك حظه و حاز منه قسطه.
إلى أن نهض صاحب الفتوة و معدن المروة مخزن المكارم و مفزع الأعاظم المؤيد بالتأييد السبحاني و اللطف الرباني الحاج محمد حسن الأصفهاني الملقب بالأمين أنجح الله تعالى له الأماني فأخذ منه الحظ المتكاثر الأسنى و النصيب المتوافر الأهنى و قذف الله في قلبه جمع مجلدات البحار الذي هو في كتب الإمامية كالشمس في رائعة النهار ثم طبعها و نشرها في البوادي و الأمصار لينتفع منه الغني و الفقير و الوضيع و الشريف و البعيد و القريب.
فسألني أخ إيماني و خليل روحاني لا يسعني رده و لا يمكنني صده أن أترجم حال صاحبه العلم العلام أداء لبعض حقوقه على أهل الإسلام و أذكر مناقبه و فضائله و أجمع كتبه و رسائله و أشير إلى آبائه و عشيرته و نسله و ذريته و مشايخه و تلامذته من الذين شيدوا أركان الدين القويم و ساقوا الناس إلى الصراط المستقيم فاستخرت الله و أجبت مسئوله و سميته الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي ره و رتبته على فصول‏
______________________________
و امامزاده حمزة بن موسى الكاظم عليه السلام مزار مشهور و في حوله قبور جمع كثير من فحول العلماء و الفقهاء الذين ذكرناهم في كتابى المذكور مثل العلامة الفقيه و العالم النبيه صاحب الرئاسة العلمية و الدينية و الدنيوية في عصره الحاجّ المولى على الكنى ره و الحجة الآية الحاجّ الشيخ عبد النبيّ المجتهد النوريّ و صاحب الفضيلة السيّد المجاهد آية اللّه الحاجّ السيّد أبو القاسم الكاشانى و العلامة الحاجّ الآغا محمّد العلامة الكبرى الحاجّ الشيخ المولى محمّد كاظم الخراسانيّ صاحب الكفاية الشهير به (آقازاده كفائى) و العلامة المولى على الحكيم المدرس الزنوزى و غيرهم من الأعاظم رحمهم اللّه و إيّاه أجمعين.
ص: 9
الفصل الأول في شطر من مناقبه و فضائله‏
قال المحقق الألمعي الحاج محمد الأردبيلي‏ «1» في كتاب جامع الرواة محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود علي الملقب بالمجلسي مد ظله العالي أستادنا و شيخنا و شيخ الإسلام و المسلمين خاتم المجتهدين الإمام العلامة المحقق المدقق جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة وحيد عصره فريد دهره ثقة
______________________________
(1) هو العلامة محمّد بن على الأردبيليّ النازل بالغرى ثمّ الحائري كان عالما فاضلا كاملا خبيرا متبحرا بصيرا بالرجال الف كتاب جامع الرواة في تمييز المشتركات في مدة عشرين سنة و هو كتاب حسن مفيد جيد عديم النظير في علم الرجال و كان فراغ المصنّف من هذا الكتاب على ما ارخه نفسه في التاسع عشر من شهر ربيع الأوّل من سنة 1100 و كان رحمه اللّه اذ ذلك بأصفهان، فامر السلطان الشاه سليمان الصفوى بكتابه نسخة له عن نسخة الأصل.
فلما أراد الكاتب الشروع فيها دعا المصنّف جماعة من أعاظم العلماء الى حجرته بالمدرسة المباركية فكتب كل واحد منهم شيئا من اوله الى سطرين منها تقديرا منهم له و لكتابه و تيمنا منه بخطوطهم فكتب العلّامة المجلسيّ‏ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)*- و الاقا جمال الخونساري (الحمد للّه): و السيّد علاء الدين گلستانه (الذي) و السيّد الميرزا محمّد رحيم العقيلى: (زين قلوبنا) و الشيخ جعفر القاضي: (بمعرفة الثقات): و الآغا رضيّ الدين محمّد أخو آقا جمال الدين الخونساري: (و العدول) و المولى محمّد السرابى (و الاثبات و الأعيان).
ثمّ كتب الباقون كلمة كلمة الى تمام السطرين ثمّ كتب الكاتب، و هو مرتضى بن محمّد يوسف الافشار- على ما عرف نفسه- ما بعد السطرين إلى آخر الكتاب و فرغ من كتابتها سنة 1100.
و كتب العلّامة المجلسيّ قدّس سرّه بخطه على ظهرها أنّه اوقفها من قبل الشاه سليمان في شهر شعبان من السنة المذكورة و كان من المكتوب في ظهر نسخة الآغا رضى القزوينى المذكور هذه العبارة: توفى جامع هذا المؤلّف قدّس سرّه في شهر ذى القعدة الحرام سنة 1101 من الهجرة في المشهد المقدس الحائر الحسيني على شهيده الف الف تحية و سلام انتهى.
جامع الرواة (مقدّمة ا ب ج) فوائد الرضوية 557.
ص: 10
ثبت عين كثير العلم جيد التصانيف و أمره في علو قدره و عظم شأنه و سمو رتبته و تبحره في العلوم العقلية و النقلية و دقة نظره و إصابة رأيه و ثقته و أمانته و عدالته أشهر من أن يذكر و فوق ما يحوم حوله العبارة و بلغ فيضه و فيض والده رحمهما الله تعالى دينا و دنيا بأكثر الناس من الخواص و العوام جزاه الله تعالى أفضل جزاء المحسنين.
له كتب نفيسة جيدة قد أجازني دام بقاه و تأييده أن أروي عنه جميعها.
قلت لم يوفق أحد في الإسلام مثل ما وفق هذا الشيخ المعظم و البحر الخضم و الطود الأشم من ترويج المذهب و إعلاء كلمة الحق و كسر صولة المبدعين و قمع زخارف الملحدين و إحياء دارس سنن الدين المبين و نشر آثار أئمة المسلمين بطرق عديدة و أنحاء مختلفة أجلها و أبقاها التصانيف الرائقة الأنيقة الكثيرة التي شاعت في الأنام و ينتفع بها في آناء الليالي و الأيام العالم و الجاهل و الخواص و العوام و المشتغل المبتدي و المجتهد المنتهى و العجمي و العربي و أصناف الفرق المختلفة و أصحاب الآراء المتفرقة.
قال العالم الفاضل الألمعي آغا أحمد «1» بن المحقق النحرير آقا محمد علي‏
______________________________
(1) الآغا أحمد بن الآغا محمّد على أستاد الكل الاقا محمّد باقر الوحيد البهبهانى رحمهم اللّه تعالى تولد سنة 1191 في كرمانشاه و في سن ست سنين شرع بدرس القرآن المجيد و الكتب الفارسية و في مدة سنتين حصل النحو و المنطق و المعاني و الكلام و صار.
ص: 11
ابن الأستاد الأكبر البهبهاني أعلى الله مقامهم في كتاب مرآة الأحوال إنه ليس بلد في بلاد الإسلام و لا بلاد الكفر خاليا من تصانيفه و إفاداته.
قال ره و وقعت سفينة في الطوفان فبلغوا أهلها أنفسهم بعد جد و جهد و تعب عظيم إلى جزيرة من جزائر الكفار و لم يكن فيها أثر من آثار الإسلام فصاروا ضيافا في بيت رجل من أهلها و علموا في أثناء الكلام أنه مسلم فقالوا إن جميع أهل هذه القرية كفار و أنت لم تخرج إلى بلاد المسلمين فما الذي أرغبك في الإسلام و أدخلك فيه فذهب إلى بيت و أخرج كتاب حق اليقين و قال أنا و أهل بيتي صرنا مسلمين ببركة هذا الكتاب و إرشاده.
قال رحمه الله و حدثني بعض الثقات عن والده الجليل المولى محمد تقي رحمة الله عليه أنه قال إن في بعض الليالي بعد الفراغ من التهجد عرضت لي حالة عرفت منها أني لا أسأل من الله تعالى شيئا حينئذ إلا استجاب لي و كنت أتفكر فيما أسأله عنه تعالى من الأمور الأخروية و الدنيوية و إذا بصوت بكاء محمد باقر في المهد فقلت إلهي بحق محمد و آل محمد ص اجعل هذا الطفل مروج دينك و ناشر أحكام سيد رسلك ص و وفقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها.
قال ره و خوارق العادات التي ظهرت منه لا شك أنها من آثار هذا الدعاء فإنه كان شيخ الإسلام من قبل السلاطين في بلد مثل أصفهان و كان يباشر
______________________________
يحضر الفقه بخدمة والده و لما بلغ خمسة عشر سنة شرع في التصنيف و التأليف و في سنة 1210 هاجر الى العتبات العاليات و حط رحله في النجف الأشرف و تتلمذ على كاشف الغطاء و صاحب الرياض و الميرزا مهديّ الشهرستانى و السيّد محسن و غيرهم رحمهم اللّه و يروى عن المولى حمزة القائينى.
و له شرح مختصر النافع و رسالة قوت لا يموت و مرآة الأحوال و هي رحلته الى الهند و تحفة المحبين في المناقب و كشف الشبهة عن حكم المتعة الى غير ذلك- فوائد الرضوية ص 35- زندگانى وحيد بهبهانى.
ص: 12
بنفسه جميع المرافعات و طي الدعاوي و لا تفوته الصلاة على الأموات و الجماعات و الضيافات و العبادات و بلغ من كثرة ضيافته أن رجلا كان يكتب أسامي من أضافه فإذا فرغ من صلاة العشاء يعرض عليه اسمه و أنه ضيف عنده فيذهب إليه.
و كان له شوق شديد في التدريس و خرج من مجلسه جماعة كثيرة من الفضلاء و صرح تلميذه الأجل الآميرزا عبد الله الأصفهاني‏ «1» في رياض العلماء أنهم بلغوا
______________________________
(1) هو الفاضل الخبير و العالم البصير الميرزا عبد اللّه بن عيسى الأصفهانيّ ثمّ التبريزى المشتهر بالافندى صاحب رياض العلماء الذي ننقل عنه في هذا الكتاب كثيرا و هي في مجلدات جمة غير خارجة الى الآن من المسودة كان ره من علماء زمان مولانا المجلسيّ الثاني قدس سره الربانى بل من جملة فضلاء حضرته المقدّسة، بل بمنزلة خازن كتبه الغير المفارق مجلسه و مدرسه.
و قد اشير في تضاعيف كتابنا هذا الى كثير من أحواله في ضمن تراجم اساتيده الأجلة و نبه في بعض التراجم المتقدمة أنّه كان يعبر عن المجلسيّ المذكور بالاستاد الاستناد و عن سمينا العلامة السبزوارى باسنادنا الفاضل و عن المحقق الخونساري باستادنا المحقق و عن المولى ميرزا الشيروانى باستادنا العلامة فليراجع إنشاء اللّه تعالى.
و له بصيرة عجيبة بحقيقة أحوال علماء الإسلام و معرفة تامّة بتصانيف مصنفيهم الاعلام إلى أن قال: أنه قال: ذكر في هذا الكتاب أحوال علمائنا من زمن الغيبة الصغرى الى زمانه و هي سنة 1119 انتهى.
و قد ذكر ترجمة نفسه بالتفصيل في كتابه المذكور و فصل هناك اسامى مؤلّفاته الكثيرة على حسب الميسور، الا أنّه لما لم يكن حاضرا عندي في زمن هذا الترصيف عدلت عنه الى ما ذكره في حقه الفاضل المحدث السيّد عبد اللّه بن السيّد نور الدين:
الميرزا عبد اللّه بن عيسى الأصفهانيّ المشهور بالتبريزى الافندى كان فاضلا علامة محققا متبحرا كثير الحفظ و التتبع مستحضرا لاحكام المسائل العقليّة و النقلية يروى عن المولى المجلسيّ ره رأيته لما قدم الينا و انا صغير السن و رأيت والدى و علماء بلادنا يسألونه و يستفيدون منه صاح في اقطار الدنيا كثيرا و حج بيت اللّه الحرام فحصلت بينه و بين شريف.
ص: 13
إلى ألف نفس.
قال و زار بيت الله الحرام و أئمة العراق ع مكررا و كان يتوجه أمور معاشه و حوائج دنياه في غاية الانضباط و مع ذلك بلغ تحريره ما بلغ‏
______________________________
مكّة منافرة فصار الى قسطنطينية و تقرب الى السلطان الى ان عزل الشريف و نصب غيره و من يومئذ اشتهر بالافندى إلى أن قال: و كان شديد الحرص على المطالعة و الافادة لا يفتر ساعة و لا يمل إلى آخر ما ذكره فيه.
و له ره كتابة الى العلّامة المجلسيّ ره ذكر فيها فهرست الكتب التي ينبغي ان تلحق ببحار الأنوار و اطلع هو عليها و يذكر مكانها توفى رحمه اللّه في سنة 1137 و سيأتي هذه الكتابة في آخر كتاب الاجازات من البحار.
قال العلّامة المجلسيّ ره: خاتمة فيها مطالب عديدة لبعض أذكياء تلامذتنا تناسب هذا المقام و به نختم الكلام بسم اللّه الرحمن الرحيم. يقول احقر الداعين لكم في آناء الليل و اطراف النهار ما زلتم مقار لعلوم اللّه في هذه الحياة الدنيا و هي دار القرار ان فهرست الكتب التي ينبغي ان تلحق ببحار الأنوار على حسب ما أمرتم به هي هذه كتاب المزار و شرح عقائد الصدوق إلخ.
قلت و هي تنبئ من كثرة اطلاعه و سعة باعه و قد تأدب فيها من أستاده تادبا عظيما ففى موضع منها «و استغفر اللّه تعالى معتذرا إليه جل و عزّ و اليكم من هذه العرائض الباردة الشبيهة بالافادات في المكتوبات السابقة و اللاحقة و لنعم ما قيل لا حلم لمن لا سفه له».
و في آخرها و لاختم هذا المكتوب بإلقاء معاذير فانى لاحق من كل أحد بان تقرءوا على‏ «إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ» فانشدكم (بدم المظلوم على الأصغر) الذي فجع به أبو عبد اللّه الحسين صلوات اللّه و سلامه عليهما و على آبائه و ابنائه الا أن تبادروا الى اسعاف قضاء حاجتى المذكورة ان كان فيها خير (و ان تعفوا و تصفحوا و تغفروا الى ما صدر منى فيه من الجفاء و البعد عن الآداب لكى يفعل بكم هكذا ربّ الارباب الا تحبون ان يغفر اللّه لكم روضات الجنّات ص 372- فوائد الرضوية 253.
ص: 14
و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
قال ره و بلغ في الفصاحة و حسن التعبير الدرجة القصوى و الذروة العليا و لم يفته في تلك التراجم الكثيرة شي‏ء من دقائق نكات الألفاظ العربية و بلغ في ترويجه الدين أن عبد العزيز الدهلوي السني‏ «1» صاحب التحفة الاثني عشرية في رد الإمامية صرح بأنه لو سمي دين الشيعة بدين المجلسي لكان في محله لأن رونقه منه و لم يكن له عظم قبله. و في اللؤلؤة «2».
______________________________
(1) و هو المعروف عند عامة أهل الهند بشاه صاحب و كتابه هذا بالفارسية مسروق من كتاب الصواقع لمولى نصر اللّه الكابلى بل هو ترجمة له كما اوضحه السيّد المعظم صاحب الضربة الحيدريّة في ردّ الشوكة العمرية و قد ردّ عليه جماعة كثيرة من علمائنا الاعلام و المهرة العظام من أهل تلك البلدة في مجلدات كبار ضخام كنزهة المؤمنين و تقليب المكائد و تشييد المطاعن و غيرها و احسنها و اجمعها و أتقنها عبقات الأنوار في مناقب الأئمّة الاطهار عليهم السلام في مجلدات كبار تأليف السيّد السند المؤيد المسدد سيف اللّه المسلول و الراسخ في علم المعقول و المنقول مشيد المذهب و مهذب الدين جناب مير حامد حسين متع اللّه الإماميّة بطول بقائه و هو كتاب في الإمامة عديم النظير و هذه عبارة التحفة في ذكر علماء الحق «و تقى مجلسيّ شارح من لا يحضره الفقيه و پسر او باقر مجلسيّ صاحب بحار الأنوار و او خاتم مؤلّفين اين فرقه است و معتمد عليه اين طائفه كه آنچه از روايات سابقه او بر محك امتحان زد و كامل العيار ساخته نزد ايشان حكم وحى منزل من السماء دارد بلكه بالفعل اگر مذهب ايشان را مذهب باقر مجلسيّ گفته شود راست‏تر باشد از آنكه به قدما و سابقين نسبت كرده آيد إلخ- منه ره.
(2) للمحقق المدقق و العالم العابد العامل المحدث الورع الكامل الفاضل المتبحر الجليل و المتتبع الماهر النبيل مرجع الفقهاء الاعلام و فقيه أهل البيت عليهم السلام الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصور الدرازى البحرانيّ الحائري العالم الربانى و الفقيه البحرانيّ صاحب تصانيف رائقة نافعة جامعه مثل:
1- الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة.
2- الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية.
3- سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد.
4- الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب.
5- النفحات الملكوتية في الرد على الصوفية.
6- اعلام القاصدين الى مناهج أصول الدين.
7- معراج النبيه في شرح من لا يحضره الفقيه.
8- كتاب الخطب للجمعات و الأعياد.
9- كتاب جليس الحاضر و انيس المسافر.
10- اجازة كبيرة موسومة بلؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتي العين (المذكورة في المتن) كتبه لابنى أخويه الشيخ عبد على و الشيخ الحسين و مشتملة لذكر أكثر العلماء و الفقهاء و أحوالهم و مصنفيهم من عصره (اي عصر بعد المجلسيّ ره) الى زمان الكليني و الصدوقين رحمهم اللّه تعالى أجمعين.
تولد رحمه اللّه في سنة 1107 في قرية ماحوز من بلاد البحرين و تتلمذ عند والده و الشيخ أحمد بن عبد اللّه البلادى البحرانيّ و الشيخ عبد اللّه بن عليّ بن أحمد البلادى و غيرهم و هاجر من البحرين و القطيف الى العجم و توطن برهة في كرمان ثمّ رجع الى شيراز و منها الى فسا من عمال شيراز و هاجر منها الى كربلاء المعلى و اتخذ مجاورة سيدنا المظلوم و مولانا الشهيد الإمام أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام عازما على الجلوس بها الى الممات غير نادم على ما ذهب منه و فات حتّى توفى رحمه في ليلة الرابعة من ربيع الأول سنة 1186 و دفن في الرواق المطهر من ناحية قبور الشهداء عليهم السلام في موضع دفن فيه الأستاد الأكبر البهبهانى و السيّد العلامة السيّد على صاحب الرياض.
يروى عنه جماعة كثيرة من اكابر علمائنا الإماميّة نحو العلامة السيّد بحر العلوم و المولى مهديّ النراقى و المولى مهديّ الفتونى و السيّد عبد الباقي بن مير محمّد حسين الأصفهانيّ سبط العلّامة المجلسيّ و الشيخ أحمد بن الشيخ حسن الدمشقانى و غيرهم رضوان اللّه عليهم.
و قال شيخنا المحدث الأجل النوريّ نور اللّه مرقده في ج 3 المستدرك ص 387 في عد مشايخ سيدنا العلامة الطباطبائى بحر العلوم رحمه اللّه تعالى (سابعهم) العالم العامل المحدث الكامل الفقيه الربانى الشيخ يوسف بن الأجل الامجد الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم الدرازى البحرانيّ الحائرى المتولد سنة 1107- المتوفى بعد الظهر يوم السبت الرابع من شهر ربيع الأوّل سنة 1186 و تولى غسله كما في رجال أبى على المقدس التقى الشيخ محمّد على الشهير بابن السلطان.
قال: و صلى عليه الأستاد الأكبر البهبهاني و اجتمع خلف جنازته جمع كثير و جم غفير مع خلو البلاد من اهاليها و تشتت شمل ساكنيها لحادثة نزلت بهم في ذلك العام من حوادث الايام (مراده بالحادثة الطاعون العظيم الذي كان في تلك السنة في العراق و هاجر فيها السيّد بحر العلوم الى المشهد الرضا عليه السلام ثمّ رجع الى أصفهان كما قال السيّد الأجل الامير عبد الباقي في اجازته إلخ).
الى أن قال و دفن رحمه اللّه في الرواق الشريف عند رجلى أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام ممّا يقرب من الشباك المبوب المقابل لقبور الشهداء انتهى.
و قد رثاه بعض السادة الأفاضل بقصيدة منها قوله:
يا قبر يوسف كيف او عيت العلى‏        و كنفت في جنبيك ما لم يكنف‏
قامت عليه نوائح من كتبه‏        تشكو الظليمة بعده بتأسف‏
كحدائق العلم التي من زهرها        كانت أنامل ذى البصائر تقطف‏
مذ غبت من عين الأنام فكلنا        يعقوب حزن غاب عنه يوسف‏
فقضيت واحد ذى الزمان فارخوا        قرحت قلب الدين بعدك يوسف‏
        
راجع المستدرك ج 3 ص 387- روضات الجنّات ج 4 ص 234 فوائد الرضوية 713.
ص: 17
و الروضة البهية «1» في ترجمته و هذا الشيخ لم يوجد له في عصره و لا قبله قرين في ترويج الدين و إحياء شريعة سيد المرسلين ص بالتصنيف و التأليف و الأمر و النهي و قمع المعتدين و المخالفين من أهل الأهواء و البدع سيما الصوفية و المبتدعين و كان إماما في الجمعة و الجماعة و هو الذي روج الحديث و نشره لا سيما في بلاد العجم و ترجم لهم الأحاديث بالفارسية بأنواعها من الفقه و الأدعية و القصص و الحكايات المتعلقة بالمعجزات و الغزوات و غير ذلك مما يتعلق بالشرعيات مضافا إلى تصلبه في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بسط يد الجود و الكرم لكل من قصده.
و قد كان مملكة الشاة سلطان حسين لمزيد خموله و قلة تدبيره محروسة بوجوده الشريف فلما مات انقضت أطرافها و بدا اعتسافها و أخذت من يده في تلك السنة بلدة قندهار و لم يزل الخراب يستولي عليها حتى ذهبت من يده.
قلت أما عدم بلوغ أحد في رتبته في ترويج الدين من جهة التأليف و التصنيف فهذا أمر واضح لا ينكره إلا من في قلبه ضغن و على بصره غشاوة فإن أكثر العلماء تأليفا و أجلهم تحقيقا و تصنيفا آية الله العلامة رفع الله في‏
______________________________
(1) للسيّد العالم العامل الجليل و المحدث الكامل النبيل السيّد محمّد شفيع الجابلقي صاحب الكتاب المذكور (الروضة البهية) في طريق الشفيعية و هي شبيهة باللؤلؤة في اجازته لولده السيّد على أكبر الملقب به آقا كوچك يروى عنه شيخ العراقين الحاجّ الشيخ عبد الحسين الطهرانيّ (صاحب المدرسة المعروفة الواقعة في سوق الطهران) عن العلامة السيّد محمّد باقر الشفتى ثمّ الأصفهانيّ الشهير به حجّة الإسلام ره.
تلمذ ره عند شريف العلماء و العلامة المجاهد السيّد محمّد و السيّد محمّد مهديّ ابني العلامة السيّد على صاحب رياض الاحكام و العلامة المولى احمد النراقى و العلامة محمّد على ابن الاقا محمّد باقر المازندرانى الغروى و العلامة الحاجّ المولى على المازندرانى و السيّد العلامة السيّد محمّد باقر الشفتى و غيرهم رضوان اللّه عليهم أجمعين توفى ره في سنة 1280 و له تصانيف منها كتاب مناهج الاحكام في مسائل الحلال و الحرام و مرشد العوام في الصلاة و القواعد الشريفة في القواعد الأصوليّة و غيرها- المستدرك ج 3 ص 399 الروضة البهية ص 4 فوائد الرضوية ص 541.
ص: 18
الخلد مقامه كما يظهر من فهارس الأصحاب بل قال الشيخ محمد بن خاتون‏ «1» العاملي في صدر شرح الأربعين لشيخنا البهائي ما معناه أن مؤلفاته في الكثرة على حد بحيث إنها قد حوسبت فصار بإزاء كل يوم من أيام عمره ألف بيت من المصنفات و إن كان هو من الأغلاط الشائعة و الأكاذيب الصريحة عند أهل هذا الفن.
قال الفاضل الخبير الآميرزا عبد الله الأصبهاني في رياض العلماء إن إمامنا العلامة ممن لا مرية في وفور علمه و غزارة مصنفاته في كل علم و لكن هذا قول من لا دربة له في تعداد مؤلفاته و التأمل في مقدار كتابه و أعداد مصنفاته إذ كتبه رضي الله عنه مضبوطة و مقدار عمره أيضا معلوم و لو حاسبنا و سامحنا في التدقيق لما يصير في مقابلة كل يوم من أيام عمره أعني من أوان بلوغه رتبة الحلم إلى وقت وفاته بقدر مائتي بيت فما يقال في المشهور جزاف واضح بل و لو حوسب جميع ما كتبه رحمه الله مدة عمره و إن كان من غير مؤلفاته أيضا لما بلغ هذا المقدار و يكون من إغراقات الجاهل الهذار.
و نظير هذا القول ما اشتهر بين العامة أن إمامهم محيي الدين النووي شارح‏
______________________________
(1) يشترك هذا الاسم بين رجلين الأول العلامة محمّد بن الخواتون العيناثى كان عالما فاضلا جليل القدر من المشايخ الاجلاء يروى عن الشيخ عليّ بن عبد العالى الكركى و يروى الشهيد الثاني عن ولده احمد عنه و الثاني أيضا الفاضل الصالح الفقيه المعاصر لصاحب الوسائل امل الامل ص 30- فوائد الرضوية 532.
ص: 19
مسلم و غيره الساكن بديار الشام المعروف أن هذا الرجل قد ألف في علومهم الباطلة كتبا كثيرة بحيث أنهم حاسبوا فصار بإزاء كل يوم من أيام عمره كراسين و هذا أيضا من مختلقات العامة و مغرباتهم و إغراقاتهم انتهى.
إلا أنه غير خفي أن ترويج المذهب بمؤلفات المولى المعظم المزبور أكثر و أتقن و أتم من ترويجه بمؤلفات آية الله العلامة ره من وجوه.
الأول أنه لم يبق من كتب العلامة ره دائرا بين الناس إلا بعض كتبه الفقهية و الأصولية و الرجالية و لم يشتهر الباقي و لم ينتفع به عامتهم بل لا يوجد من جملة من كتبه عين و لا أثر بخلاف مؤلفاته فإن أغلبها موجودة شائعة دائرة.
الثاني أنه لا ينتفع من كتب العلامة إلا العلماء و المشتغلون الذين صعدوا مدارج من العلوم و أخذوا حظا وافرا من الفهوم و أما مؤلفاته فيشترك في الانتفاع بها العالم و الطالب و الجاهل و العامي و النساء و الصبيان بل لا يوجد عاقل يتمكن من الانتفاع بالكتب قراءة أو سماعا إلا و له سهم فيها و حاز منافع منها.
الثالث أنه لا ينتفع من تصانيف العلامة إلا عربي اللسان بخلاف مؤلفاته فإن فيها ما ينتفع به العرب و يستفيد منه العجم بل آل أمر عظم مؤلفاته إلى أن تصدى جمع من الأعلام فترجموا عربيها بالفارسية و عجميها بالعربية كما ستعرف.
و لقد حدثني بعض الأساتيد العظام عمن حدثه عن بحر العلوم العلامة الطباطبائي أنه كان يتمنى أن يكون جميع تصانيفه في ديوان العلامة المجلسي ره و يكون أحد من كتبه الفارسية التي هي ترجمة متون الأخبار الشائعة كالقرآن المجيد في جميع الأقطار في ديوان عمله و كيف لا يتمنى ذلك و ما من يوم بل و لا ساعة من آناء الليل و أطراف النهار خصوصا في الأيام المتبركات و الأماكن المشرفات إلا و آلاف ألوف من العباد و فئام من‏
ص: 20
الصلحاء و الزهاد متمسكون بحبل ما ألفه متوسلون بوسيلة ما صنفه ما بين داع و ناج و زائر و معقب و صارخ و باك متزودون من زاده متحلون بحليته مقتبسون من مقابسه و في صحيح الآثار الذي استقرت عليه آراء الأخيار مشاركته مع كل واحد من هؤلاء الأصناف فيما يتلقونه من الفيوضات و يأخذون مما آتاهم رب البريات فهنيئا لروح تتردد دائما بين صفوف الزائرين و الصارخين و تتقلب في مصاف الداعين و المبتهلين.
بل قلما أقيمت مأتم لأبي عبد الله ع و ليس له حظ فيها و نصيب منها و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
و من خصائص فضائله أنه كان المتصدي لكسر أصنام الهنود في دولتخانه كما ذكره معاصره الفاضل الآمير عبد الحسين الخاتون‏آبادي‏ «1» في وقائع جمادى الأولى من سنة ألف و ثمانية و تسعين من تاريخه.
و قال السيد المحدث الجزائري في كتاب المقامات إن في عشر التسعين بعد الألف راجع السلطان أيده الله تعالى يعني به الشاة سليمان الصفوي الموسوي أمور المسلمين و أحكام الشرع إلى شيخنا باقر العلوم أبقاه الله تعالى في بلدة أصبهان و هي سرير الملك فقام بأحكام الشرع كما ينبغي.
و قد حكي له عن صنم في أصفهان يعبدونه كفار الهند سرا فأرسل إليه و أمر بكسره بعد أن بذل الكفار أموالا عظيمة للسلطان على أن لا يكسر بل يخرجونه إلى بلاد الهند فلم يقبل فلما كسر كان له خادم يلازم خدمته فوضع في عنقه حبلا و خنقه من أجل فراق الصنم.
و في التاريخ المذكور ولادته كما يأتي قال و في سنة 1098 و هي سنة كسر الأصنام پادشاه سليمان جاه پادشاه ايران ايشان را شيخ الإسلام بالاستقلال كردند مد الله تعالى في عمره و أطال بقاه و تا حال كه روز پنجشنبه نوزدهم‏
______________________________
(1) و سيأتي إنشاء اللّه ترجمته في تراجم تلامذته و معاصريه إنشاء للّه.

/ 16