بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) جلد 102

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار (علیهم السلام) - جلد 102

محمد باقر المجلسی؛ مصححین: یحیی عابدی الزنجانی، عبدالرحیم الریانی الشیرازی، السید ابراهیم المیانجی، محمد باقر البهبودی، عبدالزهراء العلوی، سید کاظم الموسوی المیاموی، محمد تقی المصباح الیزدی، علی اکبر الغفاری، محمد مهدی السید حسن الموسوی الخرسان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ص: 141
العلامة الخوانساري على شرح المختصر و له رسالة في تتميم استدلال الإمامية بأنه لا ينال عهدي الظالمين على بطلان إمامة الخلفاء الثلاث و رسالة الرد على الفخر الرازي في استدلاله بآية و سيجنبها الأتقى على أفضلية أبي بكر و رسالة في تفسير آية وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‏ و رسالة في الوجوب العيني للجمعة و رسالة في المتخير في الجمعة بين الوجوب التخييري و العيني و الحرمة و أنه يجب عليه الجمعة و الظهر من باب المقدمة.
و في رياض العلماء المولى رفيعا الجيلاني و هو رفيع الدين محمد بن فرج الجيلاني المعاصر فاضل عالم حكيم المسلك ماهر في الصنائع الإلهية و الرياضية و هو من تلامذة الأستاد الفاضل و السيد آميرزا رفيعا النائيني و من مؤلفاته حاشية على أصول الكافي سماها شواهد الإسلام و كان عندنا بخطه و منظومة على طريق نان و حلوا للشيخ البهائي سماها نان و پنير «1» و له فوائد و تعليقات و إفادات متفرقة كثيرة فلاحظ.
و قال السيد الجليل و العالم النبيل السيد عبد الله بن السيد السند المؤيد نور الدين بن سيد المحدثين السيد نعمة الله الجزائري في إجازته الكبيرة لأربعة من علماء الحويزة المولى محمد رفيع الجيلاني المجاور بالمشهد الرضوي كان علامة محققا متكلما متقنا لم أر في قوة فضله و إيمانه فيمن رأيت من فضلاء العرب و العجم متواضعا منصفا كريم الأخلاق حضرت درسه أوقات إقامتي بمشهد المقدس في المسجد و في المدرسة الصغيرة المجاورة للقبة المقدسة و كان مجتهدا صرفا ينكر طريقة الأخباريين و يرجح ظواهر الكتاب على السنة و لا يجيز تخصيصها بأخبار الآحاد و كان حسن العشرة مع طوائف الإسلام جدا و له أصحاب من تجار خوارزم يأتونه كل سنة بالهدايا و النذور و اتهم عند عوام المشهد بالتسنن لذلك و لأنه كان يؤخر العصر اشتغالا بالنوافل إلى دخول وقتها و لأمور أخر لا حاجة إلى ذكرها هنا
______________________________
(1) نان و حلواء لشيخنا البهائى نان و خرما للعارف البهائى اللاهيجى كبير نان و پنير للفاضل المذكور نان جو للعالم مفتى مير عبّاس من علماء هند منه ره.
ص: 142
و سرت هذه التهمة من العوام إلى الخواص و كوشف بذلك في المسجد يوم الجمعة و هو على المنبر يخطب و حصلت في الناس ضجة لم تسكن إلا بعد جهد طويل و كان بريئا من ذلك عاشرته و مارسته ظاهرا و باطنا و ما علمت منه إلا خيرا له رسالة في وجوب الجمعة عينا و الرد على من أنكر ذلك خصوصا بعض معاصريه من علماء العجم و رسالة في الاجتهاد و التقليد و غير ذلك توفي عشر الستين‏ «1» و قد جاوز عمره الثمانين رحمة الله عليه.
و قال آية الله بحر العلوم في إجازته للسيد عبد الكريم بن السيد محمد جواد بن العالم السيد عبد الله المتقدم ذكره في ذكر مشايخ شيخه المحدث الفقيه الشيخ يوسف أعلاهم سندا و أرفعهم طريقا الشيخ العلامة الفهامة ذو العز الشامخ الرفيع و الفخر الباذخ المنيع المولى محمد رفيع المجاور بالمشهد الرضوي حيا و ميتا.
ثم إن صاحب المرآة أشار إلى جماعة يدعون انتهاء نسبهم إلى السلسلة المجلسية و بعضهم في بلاد الهند و لم يتحقق تلك النسبة و سمعنا أن السيد الأجل و العالم الأكمل النحرير الماهر و البحر الزاخر الأمجد المؤيد السيد محمد الشهشهاني الأصفهاني طاب ثراه صاحب التصانيف الكثيرة في الفقه و الأصول و غيرها أشهرها الحواشي على الرياض في مجلدات ينتهي إلى هذه السلسلة بتوسط بعض جداته و الله العالم‏
______________________________
(1) أي بعد المائة و الالف فانه جمع علماء هذه المائة ممن لاقاهم.
ص: 143
الفصل الخامس في إجمال حال ولده و ذراريه و من فيهم من العلماء الأخيار
قال الفاضل الألمعي في مرآة الأحوال كان له رحمه الله أربعة ذكور و خمس إناث من حرتين و أم ولد إحدى الحرتين أخت العالم الفاضل الآميرزا علاء الدين محمد گلستانه شارح نهج البلاغة صغيرا و كبيرا و شارح أسماء الحسنى خلف منها ابنا و بنتين.
أما الابن فهو الفاضل المقدس الآميرزا محمد صادق توفي في حياة والده و قد شرح والده الكافي المسمى بمرآة العقول و التهذيب بالتماسه زوج علوية من سادات أردستان خلف منها الآميرزا محمد علي توفي بلا عقب و ثلاث بنات كانت إحداهن تحت العالم النحرير سبطه الأمجد الأمير محمد حسين و هي أم العالم الأجل الآمير عبد الباقي و أخيه الآمير محمد مهدي و أخته و الأخرى تحت الفاضل آغا محمد علي بن العلامة آغا محمد هادي بن المولى محمد صالح المازندراني و هي أم الفاضل آغا محمد هادي الثاني و الأخرى تحت الفاضل الآميرزا محمد علي بن الفاضل الآميرزا حيدر علي كما تقدم في الفصل السابق خلفت آغا محمد.
و أما البنتان فإحداهما كانت تحت السيد العلام و العالم القمقام الآمير محمد صالح الخاتون‏آبادي المتقدم ذكره في الفصل الثالث صاحب التصانيف الرائقة و خلف منها العالم الأرشد و الفاضل المؤيد الآمير محمد حسين‏ «1» و كان ماهرا في المعقول و المنقول خبيرا بأغلب الفنون سيما في الفقه و الحديث.
قال الفاضل القزويني في تتميم أمل الآمل في ترجمته كان صدر الفضلاء و بدر العلماء و نخبة الأتقياء كان فاضلا عظيم القدر فخيم المكان نبيه الشأن نير
______________________________
(1) و قد مر ترجمته.
ص: 144
البرهان قوي النفس زكي القلب جمع بين المرتبة العالية الفضل الكامل و الزهد الشامل و بالجملة هو من أعاجيب الأزمنة و الدهور و أغاريب الآونة و العصور كان رئيس الطائفة العامة و رأس الفرقة الناجية حامي الدين دافع شبه الملحدين عديم المماثل فقد المعادل لم نر منه تأليفا و تصنيفا لكن سمعت له حواش متفرقة على كتب العلوم أقام الجمعة بأصبهان أعواما كثيرة و صار في آخر عمره شيخ الإسلام متكلفا.
و ثبت عنه ره أنه كان في زمان الشاه سلطان حسين وزير مريم بيگم عمة السلطان و لما تسلط المحمود الأفغاني على أصبهان أخذته الأفاغنة و عذبوه و ضربوه لأخذ الأموال عنه و كان ذلك مؤثرا عظيما في إصلاح حاله و ميله من جنبة الدنيا إلى جنبة الآخرة و كان ره يقول تأثير ذلك في قلبي و إصلاح حالي كان كتأثير شرب الأصل الصيني في البدن لإصلاح المزاج.
و من قوة نفسه أن النادر كان في أوائل حاله مصرا على قتل الروم و نهب أموالهم على أنهم كفرة مستخفون و كان يستفتي في ذلك العلماء و لما ورد أصبهان استفتى في ذلك عن السيد و كان رأيه عدم جواز ذلك فأجاب عنه بمقتضى رأيه فعظم ذلك على النادر فلما رأى السيد ذلك اعترضه فقال إن عظم ذلك عليك فلسنا مفتين بخلاف الحق و نخرج عن تحت أمرك و نخرج إلى بلد فتحمل النادر ذلك و لم يرد عليه مع شدة بأسه و صولته.
قلت و قد صرح السيد المعظم في إجازته للسيد السند صدر الدين محمد الرضوي و هي موجودة عندي بخطه الشريف بعد ذكر كتب جده و أبيه و كل ما أفرغته في قالب التصنيف أو نظمته في سمط التأليف كحاشية شرح اللمعة و معالم الأصول و خزائن الجواهر في أعمال السنة و هو غير مقصور على ذكر الأعمال بل منطو على ذكر المسائل المتعلقة بها و تنقيحها كمسائل الصوم و تحقيق ليلة القدر و حل الشبه المتعلقة بها و بغيرها و قد خرج منها أكثرها و كتاب سبع المثاني في زيارة الغري و الحائر و بغداد و سرمن‏رأى صلوات الله على مشرفيها و وسيلة النجاح في الزيارات‏
ص: 145
البعيدة و النجم الثاقب في إثبات الواجب و الألواح السماوية في اختيارات أيام الأسبوع و السنة و لباس كلمة التقوى في تحريم الغيبة و مفتاح الفرج في الاستخارة و رسالة البداء و رسالة الزكاة و الأخماس و اللقطة و رسائل متفرقة و مسائل متشتتة و له كتاب حدائق المقربين الذي قد نقلنا عنه و باقي حاله يطلب من إجازته الكبيرة الموسومة بمناقب الفضلاء و من كتاب روضات الجنات‏ «1» للسيد المحقق الخبير المعاصر الآميرزا محمد باقر سلمه الله تعالى.
و كانت له أخت كانت تحت المرحوم الآمير عبد الكريم خلفت السيدين النجيبين الآمير أبو طالب و الآميرزا محمد علي و لكل واحد عقب.
و خلف السيد المعظم الآمير محمد حسين ذكرين و بنتين أحد الذكرين السيد المقدس الصالح الآمير محمد مهدي و الآخر السيد العالم العليم الآمير عبد الباقي قال في مرآة الأحوال‏ «2» ما معناه كان جليل القدر عظيم الشأن من أعاظم فضلاء هذا البيت الرفيع و كان ورعا تقيا في الغاية متخلفا بالأخلاق الحميدة المصطفوية و متأدبا للآداب المرتضوية و كان بأصبهان مدرسا في المعقول و المنقول إماما في الجمعة و الجماعة مع فطرة عالية و طوية صافية و أخلاق مرضية.
قلت و قد استجاز منه العلامة الطباطبائي بحر العلوم أعلى الله مقامه في عام ست و ثمانين بعد المائة و الألف لما حدث الطاعون العظيم في بغداد و نواحيه و المشاهد المشرفة و سار السيد بأهله إلى المشهد الرضوي على مشرفه السلام و ورد أصبهان حين مراجعته من خراسان فكتب له إجازة تنبئ عن فضله و كماله و بلاغته و هي موجودة عندي بخطه و هي في غاية الحسن و الجودة و رأيت له كتاب أعمال شهر رمضان و هو كتاب كبير قد استوفى فيه حقه من الأعمال و الآداب و الأدعية سماه كتاب الجامع.
و قال بحر العلوم في إجازته للسيد علي اليزدي و أخبرني إجازة جماعة من‏
______________________________
(1) الروضات ص 198.
(2) و الروضات ص 198- فوائد الرضوية 223.
ص: 146
أصحابنا الأجلاء العظماء منهم السيد الجليل النبيل الراقي في التقوى و المجد و العلي أعلى المراقي الآمير عبد الباقي.
و أما البنتان فإحداهما كانت تحت السيد الفاضل الآمير أبو طالب والد الآمير عبد الواسع و بنتين كانت إحداهما تحت المرحوم الآمير محمد صالح المشهور بآغا تكمه دوز له ولد كلهم صلحاء أبرار و الأخرى تحت الآمير محمد علي بن الآمير علي نقي المذكور و خلف المغفور الآمير محمد مهدي ذكرين أحدهما الفاضل الصالح الآمير محمد باقر و الآخر المقدس الفاضل الآمير السيد مرتضى و بنتين كانت تحت المرحوم الآمير عبد الواسع بن الآمير أبو طالب خلف المرحوم الآمير محمد رضا المشهور بآقاسي و الأخرى تحت المرحوم الآمير محمد صالح المشهور بآغا ابن الآمير زين العابدين الآمير محمد صالح المذكور.
و خلف السيد المبجل العلام الآمير عبد الباقي العالم الجليل الآمير محمد حسين قال في المرآة كان عمدة المحققين و زبدة المدققين مجتهد الزمان و فقيه الدوران و بالغ في مدحه و ثنائه و علوه مقامه قال و كان مرجع الخاص و العام و ملاذ الفضلاء الكرام كان بأصبهان مشغولا بالتدريس و ترويج الدين و إنجاح مطالب المسلمين و صلاة الجمعة و الجماعة له تصانيف كثيرة إلخ.
و خلف أيضا الفاضلين العلام الآمير عبد الباقي و الآمير علي نقي و هما من أهل الصلاح و الفضل و التقوى انتهى.
و منصب الإمامة في الجمعة باق في أعقابه في بلدة طهران و أصفهان إلى يومنا و هم بيت جليل رفيع معظم في الدين و الدنيا فيهم علماء صلحاء أجلاء و يروي عنه السيد الأجل صاحب الرياض.
و الزوجة الأخرى هي أخت المرحوم أبو طالب خان النهاوندي خلف منها الآميرزا محمد رضا المدعو بآقاسي و بنتا كانت تحت العلام المولى حيدر علي بن المدقق الشيرواني كما مر مع ولدها في ذكر أولاد المدقق المذكور.
و أما أولاد العلامة المجلسي من أم ولده فأربعة الفاضل الآميرزا جعفر
ص: 147
و كان له حفيدة كانت تحت الآميرزا أبو طالب عم الفاضل المرحوم الآميرزا حيدر علي و هي أم الآميرزا محمد حسين و الآميرزا عبد الله خلف بنتا كانت تحت المرحوم الآمير محمد هادي بن الآمير زين العابدين الآمير محمد صالح الخاتون‏آبادي.
و بنت كانت تحت المرحوم الآمير زين العابدين المذكور خلفت الآمير السيد رضا و الآمير محسن و الآمير محمد صالح الشهير بآقاي و الآمير محمد هادي المتقدم.
و بنت أخرى خلفت بنات كانت إحداهن تحت الفاضل الآمير محمد مهدي و الأخرى تحت العالم الآمير عبد الباقي المتقدم ذكرهما و منهما كان أولادهما و لكل من هؤلاء أعقاب و ذرية طيبة معروفة بأصبهان و قد مر أن أم الفاضل الألماسي ابن ابن أخي العلامة المجلسي ره بنت المرحوم و لم يتبين أنه من أي بناته.
و اعلم أن الموجود في مرآة الأحوال أن الأولى من زوجاته كانت أخت الفاضل علاء الدين گلستانه و لكن في إجازة العالم النحرير الآمير محمد حسين للسيد الجليل السيد صدر الدين الرضوي شارح الوافية هكذا و شرح النهج و غيرها من مصنفات السيد الجليل السيد علاء الدين محمد گلستانه قدس الله روحه و هو خال جدتي فتصير بنت أخته.
و في رجال الفاضل الحاج محمد الأردبيلي‏ «1» الموسوم بجامع الرواة علاء الدين محمد بن الآمير شاه أبو تراب الحسني من سادات گلستانه جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة ثقة ثقة ثبت عين ورع زاهد أورع أهل زمانه و أزهدهم الجامع لجميع الخصال الحسنة و العالم بالعلوم العقلية و النقلية كلف مرتين للصدارة فلم يقبل لكمال عقله و غاية زهده مد الله تعالى ظله العالي و صانه و أبقاه له تصانيف منها حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة و بهجة الحدائق أيضا في شرحه و كتاب روضة الشهداء و كتاب منهج اليقين و غيرها انتهى.
______________________________
(1) جامع الرواة ج 1 ص 544- أقول و قد مضى ترجمته قبلا.
ص: 148
و له شرح الأسماء الحسنى مبسوط و الحدائق شرحه الكبير على النهج قريب من ثلاثين ألف بيت إلا أنه ناقص و لم يتجاوز من الخطبة الشقشقية إلا قليلا و قد تعرض فيه للجواب عن أجوبة ابن أبي الحديد عن مطاعن الثلاثة.
و كان له ابن فاضل قال العالم الجليل الآغا باقر المازندراني في إجازته لبحر العلوم عند تعداد مشايخه و السيد الحسيب ذي المناقب و المفاخر الآميرزا محمد باقر بن السيد المحقق الآميرزا علاء الدين گلستانه.
و في تاريخ الخاتون‏آبادي و كانت وفاة السيد السند الفاضل الزاهد جامع الكمالات الدينية و الدنيوية ميرزا علاء الدين گلستانه محمد صاحب شرح نهج البلاغة في السابع و العشرين من شهر شوال سنة 1100
ص: 149
الفصل السادس في تاريخ ولادته و وفاته و مبلغ عمره و ما يتعلق بذلك و ذكر بعض منامات العلماء
في تاريخ وقائع الأيام و السنين للفاضل الآمير عبد الحسين بن الآمير محمد باقر الخاتون‏آبادي المعاصر له المجاز من والده المعظم و المحقق السبزواري ما لفظه ولادة رئيس المحققين على الإطلاق و من يجوز عليه إطلاق هذه المنقبة بالاستحقاق الفاضل العالم الكامل شيخ الإسلام و المسلمين مولانا محمد باقر المجلسي خلف الأعز لمولانا محمد تقي المجلسي ره في ألف و سبعة و ثلاثين و تاريخه غزل و في اللؤلؤة و غيره عن حاشية بحاره و من الغريب أنه وافق تاريخ ولادتي عدد جامع كتاب بحار الأنوار كما تفطن به بعض علمائنا الأخيار و لكن في مرآة الأحوال أن الولادة كانت في أول سنة ألف و ثمانية و ثلاثين.
و عن شرح التهذيب للسيد الجزائري أنه قال و أما شيخنا صاحب البحار فقد كان يأمر الناس بأن يكتبوا على أكفان موتاهم اسم أربعين من المؤمنين و كيفيته أن يكتب كل مؤمن بخطه فلان بن فلان مؤمن أو لا ريب و لا شك في إيمانه كتب شاهدا فلان بن فلان ثم يختم بخاتمه.
و رأيته في عشر السبعين بعد الألف في المسجد الجامع في أصفهان يوم الجمعة و قد ارتقى على المنبر ليلقي على الناس أنواع العلوم في الحكم و المواعظ فأخذ أولا في الإقرار و الإيمان و توابعه فقال أيها الناس هذا اعتقادي و هذا إيماني و أريد منكم أن تشهدوا بما سمعتموه مني و تكتبوا في كفني الشهادة لي بالإيمان و كان قد أمر بإحضار كفنه في المسجد فكتب الناس شهادتهم على نحو ما تقدم و كان مستنده الحديث المذكور انتهى. و المراد بالحديث ما رواه الشيخ ره‏ «1» و غيره عن الصادق ع قال كان في‏
______________________________
(1) راجع ج 82 ص 59 من البحار الحديثة.
ص: 150
بني إسرائيل عابد فأوحى الله تعالى إلى داود أنه مراء قال ثم إنه مات و لم يشهد جنازته داود ع قال فقام أربعون من بني إسرائيل فقالوا اللهم لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا فاغفر له فلما وضع في قبره قاموا أربعون غيرهم و قالوا اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا فاغفر له فأوحى الله تعالى إلى داود ع ما منعك أن تصلي عليه قال الذي أخبرتني به عنه قال فأوحى الله إليه أنه قد شهد له قوم فأجزت شهادتهم و غفرت له و علمت ما لا يعملون.
قال الفاضل المحقق المعاصر في الروضات‏ «1» قال المحدث الجزائري في نوادر الأخبار بعد نقل الخبر المذكور بنى سبحانه أمور الخلائق على الظواهر مع أنه عالم الخفيات للتوسعة عليهم و كان شيخنا المعاصر سلمه الله يعني به مولانا المجلسي ره صاحب العنوان يذهب إلى كتابه أربعين مؤمنا شهادتهم على كفن أخيهم المؤمن بأنه مؤمن و لعله استند إلى هذا الحديث و كنت ممن شهد بإيمانه على حاشية الكفن و هو في حال الصحة و السلامة و لكنه كان مستعدا للموت رزقه الله العمر السعيد و العيش الرغيد انتهى.
و قال في الأنوار النعمانية «2» بعد نقل هذا الخبر و من هذا كان شيخنا المعاصر أدام الله سعادته قد طلب من إخوانه المؤمنين أن يكتبوا على كفنه بالتربة الحسينية الشهادة منهم بإيمانه فكتبوا هكذا لا ريب في إيمانه كتبه شاهدا به فلان بن فلان و ربما جعل الشهادة نقش خاتمهم و كان يأمر الناس بهذا و أمثاله و هو حسن انتهى.
و من جميع هذه الكلمات يعلم أنه طاب ثراه مؤسس هذه السنة السنية المستمرة الباقية إلى الآن في العصابة المهتدية.
و في تاريخ الخاتون‏آبادي المتقدم ذكره أن اليوم السابع و العشرين من شهر رمضان من سنة ألف و مائة و الحادية عشر صار إلى رحمة الله تعالى و كان عمره ثلاثا
______________________________
(1) الروضات ص 121.
(2) الانوار النعمانية ج 4 (طبع تبريز) ص 232.
ص: 151
و سبعين سنة و هكذا في اللؤلؤة قال و تاريخه غم و حزن هذا و لكن في الروضات عن حدائق المقربين للعالم الجليل الآمير محمد حسين الخاتون‏آبادي و توفي قدس سره سنة عشرة و مائة و ألف في ليلة السابع و العشرين من شهر رمضان المبارك و كان عمره إذ ذاك ثلاثا و سبعين و تاريخ وفاته بالفارسية.
مقتداى جهان ز پا افتاد
و أيضا
عالم علم رفت از عالم‏
و أيضا
رونق از دين برفت‏
و أيضا
باقر علم شد روان بجنان‏
«1».
قال و أحسن ما أنشد في هذا المعنى قول بعضهم.
ماه رمضان چه بيست و هفتش كم شد        تاريخ وفات باقر اعلم شد
        
.
فانظر إلى سحر البلاغة و معجزتها و تضمن هذا المضمون ليوم الوفاة و شهرها و سنتها من غير ارتكاب ضرورة و لا إطناب.
قلت و ما في هذه الأبيات و كلام صاحب حدائق المقربين ينافي ما صرح به في التاريخ المتقدم و كان يكتب وقائع عصره يوما فيوما على نحو الإجمال و غرضه مجرد ضبط التاريخ و هو مطابق لتاريخ ولادته و مبلغ عمره الذي ذكره و وافقه عليه صاحب الحدائق و موافق لتاريخ ولادته المنقول عن حاشية البحار.
______________________________
(1) ازهرى شاعر گفته:
مرقد او بحار انواريست‏        كه ز عين الحياة داده نشان‏
روضه‏اش مى‏دهد حيات قلوب‏        ز جلاء العيون به بين تو عيان‏
اعتقادات اوست زاد معاد        تو بحق اليقين يقين ميدان‏
آيت رحمت الهى بود        رفت و مردم شدند سرگردان‏
گوئيا هاتفى ز عالم غيب‏        داده‏بودش بشارت از يزدان‏
كه در اين ماه مى‏روى به بهشت‏        زود بنما وداع پير و جوان‏
زان سبب گشت ختم تفسيرش‏        آيه كل من عليها فان‏
چون شب قدر آن عظيم القدر        شد نهان عشر آخر رمضان‏
ازهرى گفت سال تاريخش‏        باقر علم شد روان بجنان‏
        
.
ص: 152
قال سلمه الله تعالى و مرقده الشريف الآن ملجأ الخلائق بأصبهان في الباب القبلي من الأبواب التسعة من جامعها الأعظم العتيق و من المجربات لأهلها المشهورات في جبلها و سهلها استجابة الدعوات و إصابة الرجاء تحت قبته المنيفة و فوق تربته الشريفة و في تلك البقعة الشريفة أيضا مقابر جملة من الصالحين غيره.
منها قبر والده المولى الفاضل التقي المجلسي الواقع في مقدم ذلك القبر المطهر بفاصلة قبر واحد من أخويه الأجلة المتوفين قبله عقيب مرقد بعض أعاظم العرفاء الزاهدين الواقع هناك أيضا كما يظهر من مراتب ألواحهم المركوزة في ثخن الجدار مما يلي الأرجل و الرءوس.
و منها قبر صهره الفاضل الجليل المكرم مولانا محمد صالح المازندراني شارح أصول الكافي مما يلي رجله في زاوية من تلك البقعة المنورة و لها شبكة من الحجر الأملس إلى خارج الروضة و فناء باب دار المسجد المقدم إليه الإشارة.
و منها قبر الفاضل الأديب الفقيه النجيب النسيب الآغا هادي ابن المولى محمد صالح المذكور.
و منها قبر الفاضل النحرير المولى محمد مهدي الهرندي في الصندوق الواقع مما يلي باب الروضة.
و منها قبر الفاضل المحدث المولى محمد علي الأسترآبادي الذي هو أيضا من جملة أصهار المجلسي الأول و قبره قبلة قبر مولانا محمد صالح شرقي تلك البقعة المباركة.
قلت و تقدم أن قبر الفاضل الكامل الآميرزا محمد تقي الألماسي ابن ابن أخيه أيضا في تلك البقعة المنورة.
قال أيده الله تعالى و قد حكى لي بعض فضلاء الزمان الذي يكون عليه غاية الوثوق و الوفود بلغه الله المقام المحمود نقلا عن بعض فضلاء النجف الأشرف لا أقيمت عليه نائحة المنية و الموت و التلف أنه قال بالمعنى وجدت في بعض إجازات‏
ص: 153
السيد «1» الفاضل المحدث الجليل السيد نعمة الله الحسني الموسوي الجزائري صاحب المصنفات الكبار و المعين على تأليف مجلدات البحار عليه رحمة الله الملك الغفار قال إني لما جلت في أطراف البلاد لتحصيل مراتب الكمال و فزت بما فازت به أسماع أفئدة السالكين إلى الله تعالى من أفواه الرجال ثم سمعت بطلوع كوكب اجتهاد مولانا المجلسي الباقر العلوم الأديان من أفق بلدة أصفهان عطفت عنان الهمة نحو صوبه الأقدس بقصد الغوص في بحار أنواره و الاقتباس من ضياء آثاره.
فلما وردت ماء مدين حضوره المسعود و استفدت من بركات أنفاسه الشريفة زائدا على ما هو المقصود و اطلعت على خفايا زوايا أموره و صرت من شدة التقرب إلى جنابه المعظم كأحد من أهل دوره و طال مقامي لديه و قوي تجسري عليه.
و كنت قد رأيت منه في هذه المدة آثار العظمة و الجلال و التزين بأنواع ما يكون في الدنيا من أثواب التجمل بالحلال حتى ظهر لي أن سراويل جواريه و إمائه الموكلات بأمر مطابخه كانت من أقمشة و برقشمير فوقع منه في صدري شي‏ء و ضاق خلقي من كثرة عكوف مثله على هذه الدنيا و اعتنائه الكثير بشأن ما زهد فيه أئمة الهدى ع.
فاغتنمت خلوة منه رحمه الله و تكلمت معه كثيرا في ذلك فلما رأيت قصور نفسي عن المصارعة لمثله في العلميات و عجزي عن المقاومة في ميدان المجادلات قلت يا مولاي جنابك تقول ما شئت و أنت غواص بحار الأنوار و أنا في جنبك بمنزلة الذرة فما دونها فإن كان رأي مولانا تركنا الاحتجاج في مثل هذا و عاهدنا الله تعالى على أن يأتي من كان منا وقع موته قبل موت صاحبه في منام الآخر ليخبره بعد ما أذن له في الكلام من حقيقة ما انكشف له في تلك النشأة المنجلية أحكامها عن باطن الأمر فتقبله مني و قام كل منا عن الآخر.
ثم إنه كان من القضاء الاتفاقي بعد أيام قلائل أنه مرض رحمه الله تعالى‏
______________________________
(1) الروضات ص 122.
ص: 154
مرضا كان فيه حتفه فانكسرت فيه خواطر جميع أهل الإسلام في رزيته و عظمت مصيبته في قلوب عموم أحبته و خصوص أهل بلدته فأغلقت المساجد و الأبواب و أقيمت مراسم التعزية إلى سبعة أيام طباق و كنت أنا أيضا من جملة المشتغلين بمراسم ذلك العزاء ذاهلا عما وقع بيني و بينه من المعاهدة و البناء حتى انقضى الأسبوع من يوم رحلته فأتيت تربته الزكية فيمن أتاها بقصد زيارته.
فلما قضيت الوطر من البكاء و التحسر عليه و قراءة ما تيسر من القرآن و الدعاء لديه غلبني المنام عند مرقده الشريف فرأيته في الواقعة كأنه خارج من مضجعه المنيف واقف على حضرته في أجمل هيئته و أتم زينته فتذكرت أنه كان ميتا فعدوت إليه و سلمت عليه و التزمت بإبهامي يديه‏ «1» و قلت يا سيدي بلغ المجهود و حان حين الموعود فأخبرني بما قد ساقت المنية إليك و رأيته عند الموت و بعد الموت بعينك و سمعت بأذنيك ثم عما ظهر من حقيقة الأمر المعهود عليك.
فقال نعم يا ولدي اعلم أني لما مرضت مرض الموت أخذت العلة مني‏
______________________________
(1) قال قطب الدين محمّد بن شيخ على اللاهيجى الاشكورى في محبوب القلوب: ان امساك اليد في النوم عند استخبار حقايق النشأة الباقية و ما ذاق من كيفية الموت و مرارته عن الموتى و الجائهم عند الإجابة كما هو المجرب المشهور و الدائر في الألسن فمما لا يبعد بناء على تأثير النفس الناطقة عما يرتسم في قواها الجرمية الجسمية كما هو مزعوم جم غفير من العلماء.
و ذلك لان للنفوس المتعلقة بهذه الاجساد مشابهة و مشاكلة مع النفوس المفارقة عن الاجساد فيكون لتلك المفارقة نيل الى النفوس التي لم تفارق و له أيضا تعلق ما بهذه الأبدان بسبب ما بينها و بين نفوسها من المؤالفة و المشابهة فلا عجب أن يعترى للنفوس المفارقة بسبب امساك أيدي الاحياء في النوم انقباض و انزجار و هذا الانقباض موجب لالجائهم الى اجابة السؤال حتّى تخلصوا و تنجوا من أيديهم المنقبضة الموجبة لتردد النفس بسبب ارتكاب ما هو الموجب للوبال و النكال و يقولون بلسان الحال الذي هو انطق من لسان المقال:
ما هرچه مى‏كشيم ز دست تو مى‏كشيم منه ره.
ص: 155
تزايدا و تشتد آنا فآنا إلى أن بلغ مبلغا لم يكن في وسع البشر تحمله فشكوت إلى الله تعالى في تلك الحالة العجيبة و تضرعت إليه و قلت يا رب إنك قلت في كتابك‏ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها و قد علمت أنه نزل بي يا رب في هذه الساعة ما قد تكادني ثقله و ألم بي من الكرب و الوجع الشديد ما قد بهظني حمله ففرج عني برحمتك فرجا عاجلا قريبا و من علي بالنجاة من هذه العلة و الخلاص من هذه الشدة أعاذنا الله و جميع المؤمنين من كرب السياق و جهد الأنين و ترادف الحشارج و أعاننا عليه بفضله و جوده و كرمه و إحسانه.
قال فبينا أنا في هذه الحالة إذ أتاني آت في زي رجل جميل و جلس عند رجلي و سألني عن حالي فقلت له مثل ما شكوت إلى ربي فلما سمع مني الكلام وضع كفه على أصابع رجلي و قال ما ترى هل سكن الوجع منك قلت أرى خفا و راحة فيما وضعت راحتك عليه و شدة فيما يعلوه في بدني فأخذ يرتقي شيئا فشيئا إلى الفوق و يسأل مني الحال و أجبته بمثل ذلك المقال إلى أن بلغ مواضع القلب من صدري فرأيت الألم بالمرة قد انتقل من جسدي.
و إذا بجسدي جثة ملقاة في ناحية بيتي و أنا واقف بحذائه أنظر إلى مثل المتعجب الحيران و الأهل و الأحبة و الجيران من حول النعش في الصراخ و العويل يبكون و يندبون و يلتزمون الجسد بأنواع الشجون و أنا كلما أقول لهم ويحكم إنكم كنتم مشغولين عني و أنا في مثل تلك الفجيعة الكابرة و البلية العظمى و الآن تندبون و تنوحون علي و قد ارتفع ما كان بي من الألم و ليس بي و الحمد لله من بأس و لا سقم و هم لا يسمعون قولي و لا يصغون نصيحتي و لا يدعون شيئا من الجزع إلى أن تهيأ الجميع و جاءوا بالعمارية و وضعوا النعش فيها و حملوها إلى المغتسل.
فبلغني عند ذلك أيضا من الوحشة و الفزع ما بلغني إلى أن أقاموا عليها الصلاة ثم حملوها إلى هذه التربة التي تراها و أنا في خلال جميع الأحوال سألك قدام الجنازة حتى أرى ما يصنعون بها فلما نزلوا الجسد و وضعوه في ناحية من هذا الموضع و جعلوا يعالجون موضع الحفيرة كنت أقول في نفسي لو أدخلوه في هذه‏
ص: 156
الحفيرة لفارقته و لم أصبر المقام معه تحت التراب.
ثم لما حملوه إليها و أدخلوه القبر لم أصبر المفارقة عنه لشدة أنسي به و دخلت على أثره الحفيرة من غير اختيار فإذا بمناد ينادي يا عبدي يا محمد باقر ما ذا أعددت للقاء مثل هذا اليوم فجعلت أعدد له ما صدر مني من الأعمال الحسنة و الباقيات الصالحات و هو لا يقبل مني و يعيد على هذا النداء و أنا مضطرب ولهان لا أجد مفرا مما كان مني و لا مفزعا أتوجه إليه في أمري.
فبينا أنا في هذه الدهشة العظمى إذ تذكرت أني كنت يوما راكبا إلى بعض المواضع مارا من السوق الكبير من أصبهان فرأيت الناس قد اجتمعوا حول رجل من المؤمنين كان متهما عند أهل البلد بفساد المذهب مع أني كنت أعلم بصلاحه و سداده و لا أفشيه عند أحد اتقاء لموضع الريبة.
فلما رأيت الناس يضربونه و يسبونه و يطالبون منه حقوقهم و هو لا يقدر على إعطائهم شيئا و يستمهلهم و هم لا يمهلونه و يقعون في عرضه و بدنه و واحد منهم يدق على رأس ذلك المؤمن بباطن نعله و يقول أدري أنك عاجز عن قضاء ديونك و لكن أدق على رأسك حتى أطفئ نائرة قلبي منك فلم أصبر عن ذلك و قلت متى أتقي عن هذا الخلق المنكوس و لا أتقي الخالق الجليل في إعانة أضعف عبيده الملهوف.
فوقفت عند رأسه و صحت على وجوه المتعرضين له و قلت لهم ويحكم هلموا معي حتى أقضي ما كان لكم عليه من الدين و حملته معي إلى المنزل و أخذت في إعزازه و إجلاله و تدارك ما فات منه و قضيت ديونه و كفيت شئونه و حققت له الرجاء بما لا مزيد عليه له.
ثم إني عرضت ذلك على ربي فتقبله مني و غفر لي و سكن النداء و أمر لي بفتح باب من الرحمة تلقاء وجهي إلى جنات الخلود يجيئني منه الروح و الريحان و طريف هواء الجنان في كل حين و وسع لي في مضجعي الذي تراه إلى حيث شاء الله و أنا متنعم منذ ذلك الوقت بأنواع النعم متمتع من عند إلهي الأرحم الأجل الأكرم‏
ص: 157
و أستأنس بمن يجيئني إلى زيارتي من المؤمنين و أنتفع بدعاء الصالحين و قراءة المتقين و أراهم من حيث لا يرونني و أنا في هذا المقام الأمين.
فيا أيها السيد الشريف لو لم يكن لي العزة و العظمة في الدنيا و ما رأيته في من النعيم الأوفى كيف كان يمكنني تأييد مثل ذلك المؤمن الفقير و تخليصه من أيدي ذلك الخلق الكثير.
قال السيد فانتبهت من ذلك المنام و علمت ما كان يفعله في حياته كان عين مصلحة الدين و منفعة الإسلام و المسلمين‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و الصلاة و السلام على محمد و عترته الطاهرين المعصومين و يأتي دفع ما ربما يتوهم في هذا المنام و أمثاله من رد الأعمال.
و من المنامات الصادقة العجيبة التي تنبئ عن جلالة قدره ما رآه المولى الصالح الصفي و الورع المهذب التقي الآميرزا يحيى بن الحاج محمد إبراهيم الأبهري صاحب الكرامة الباهرة و الأمراض المزمنة الهالكة الذي شفاه من جميعها ريحانة رسول الله ص أبو عبد الله ع في المنام في ليلة الجمعة الثامن و العشرين من ذي القعدة من سنة 1291 و قد ذكرنا تفصيل أمراضه و مبدئها و رؤياه في كتابنا دار السلام الذي هو من منح الله الملك العلام و ما رئي في أعصارنا كرامة باهرة ظاهرة مثلها.
ثم لما كان ليلة العرفة بعد اثني عشر يوم من عافيته و كان من أيام الشتاء و البرد الشديد الذي لم ير مثله في تلك البلاد و كان زمان ازدحام الناس في الحرم المطهر عزم أن يزور في الساعة الرابعة من الليل.
فلما دخل في تلك الساعة رأى الأعراب نائمين في داخل الحرم شاغلين تمام مجالسه فتعجب من جرأتهم و سوء أدبهم و استقبالهم الشباك المطهر بأرجلهم و لم يكن له عهد بذلك قبله و لا علم بحالهم و دأبهم فذهب إلى المسجد المتصل به فرآه كذلك حتى إن النساء و الأطفال الصغار معهم فيه فكثر تعجبه و وقف ساعة يتفكر في حالهم و حركاتهم الشنيعة و رياحهم المنتنة ثم خرج مغضبا و جلس عند قبر حبيب بن مظاهر إلى الفجر فلما أضاء النهار خرج فرأى تلك الجماعة يخرجون‏
ص: 158
من الحرم و يقضون حاجتهم في وسط الصحن ثم يتوضئون كأقبح ما يكون و يدخلون الحرم بتلك الأرجل الملوثة فانزجر و ضاق صدره و اشمأز منهم.
فلما كان في ليلة العيد و قد فاتته الزيارة في ليلة عرفة كما أرادها تهيأ في تلك الساعة للزيارة و الدعاء فلما دخل الحرم رآه بتلك الحالة حتى إن بعضهم كان نائما متصلا بشباك علي بن الحسين ع فدار في الحرم فلم يجد موضعا يصلي فيه و رأى الأعراب كالسابق فلم يملك نفسه فزار مخففا و خرج إلى منزله و نام.
فرأى في المنام كأن أحدا يقول إن المولى المعظم محمد باقر المجلسي مشغول بالتدريس في الصحن الشريف قلت سلمه الله و في أي مكان منه يدرس قال في طاق الصفا الواقع في سمت الرجلين فقلت في نفسي أذهب إلى المجلسي لأشاهد كيفية تدريسه فقمت مستعجلا و دخلت الصحن و أردت الدخول في الطاق فقيل إن مدخله من الحجرة التي في الطرف الأيمن فدخلتها فرأيت فيها بابا يفتح إليه و كأنه مسجد فيه زهاء خمسمائة من العلماء و الفضلاء جالسين و فيه منبر له درجتان و مولانا المجلسي ره قاعد عليه يدرس و سمعته يقول إذا ارتبتم في موضع قال الرضا لا تعملوا به حتى تكشفوا عن حال رواته ثم أخذ في الوعظ فوعظهم ثم شرع في ذكر المصيبة.
فلما هم بها دخل شخص من داخل الحجرة و قال إن الصديقة الطاهرة تقول اذكر المصائب المشتملة على وداع ولدي الشهيد فشرع في ذكر تلك المصائب و دخل حينئذ في المسجد من الوعاظ و التجار خلق كثير فبكوا بكاء شديدا لم أر مثله في عمري ثم نزل.
و رأيت ذلك الشخص دخل ثانيا و قال له ره ائت الحضرة النبوية و هو داخل الحرم فقال المجلسي ره و دخل الحرم و قمت للزيارة فلما وصلت إلى محل چهل چراغ رأيت واحدا خرج من الحرم و قال إن الصديقة الطاهرة قالت لأبيه ص ائذن لي أن أزور من زار ولدي الشهيد و قال المجتبى يا جداه.
ائذن لي أن أزور مع أمي من زار أخي الشهيد و الآن يخرجان من الحرم قاصدين‏
ص: 159
زيارة الزوار و إذا بهما ع قد خرجا مع جماعة كثيرة و دخلا في الصحن و رأيت الزوار نائمين حلقا حلقا و رأيتها ع قصدت مسجد جناب العلامة الفريد الشيخ عبد الحسين الطهراني أعلى الله درجته الواقع في سمت الرأس فقصدته قبلها و دخلت فيه و أدخلت نفسي بين الأعراب و نمت بينهم لأحسب منهم فجاءت و معها المجتبى و جماعة كثيرة من حولهما فوقفت الصديقة ع عند الباب و قالت و هي تبكي أنتم من الطريق القريب و البعيد جئتم راكبا و ماشيا في هذه البرودة في الهواء جئتم لزيارة ولدي الشهيد أنتم تزورونه و أنا أزوركم ثم دنا المجتبى ع و زارهم بهذه الكلمات إلا أنه قال أخي الشهيد ثم رجعا و وقفا في الصحن في كل موضع كان فيه جماعة من الزوار فزارا و خرجا من الباب القبلي فسألت عن مقصدهما فقيل إنهما ذهبا إلى كل بيت و خان و موضع فيه زائر ليزوراه ثم يرجعا إلى الحرم المطهر.
ثم انتبهت تائبا مما ظننت بالأعراب من السوء و قمت و دخلت في الصحن أقبل وجه كل من لقيته منهم و في هذا المنام من البشارات ما لا يخفى على أهل الإشارات.
و حدثني بعض الفضلاء الأتقياء من المجاورين في النجف الأشرف قال حدثنا أستادنا شيخ الفقهاء في عصره صاحب جواهر الكلام طاب ثراه يوما في مجلس البحث و التدريس فقال رأيت البارحة كأني بمجلس عظيم فيه جماعة من العلماء و على بابه بواب فاستأذنته فأدخلني فرأيت فيه جميع من تقدم و تأخر من العلماء مجتمعين فيه و في صدر المجلس مولانا العلامة المجلسي ره فتعجبت من ذلك فسألت البواب عن سر تقدمه فقال هو معروف عند الأئمة بباب الأئمة و إنما أوتي هذه المنزلة لأن من في الشيعة الچاوش للزائرين و لعل المراد منه مؤلفاته و مصنفاته و المراد من الزائر كل من أراد الوصول إلى حول حريم جنابهم و حظائر قدس أرواحهم.
و حدث بعض السادة «1» من قراء التعزية أنه رأى في المنام كأن القيامة
______________________________
(1) فوائد الرضوية ص 416.
ص: 160
قد قامت و الناس في وحشة و دهشة لكل امرئ منهم شأن يغنيه و الموكلون يسوقون الناس إلى الحساب مع كل واحد منهم سائق و شهيد قال فبينا أنا أتفكر في العاقبة فإذا باثنين منهم يأمراني بالحضور عند سيد الأنبياء صلوات الله عليه فتثاقلت عن الامتثال لما وجدت في نفسي من عظيم الأمر و خطر البال فقاداني قهرا و أنهضاني زجرا فتقدم واحد و تأخر آخر و أنا بينهما نسير هكذا و أنا في شدة.
فإذا بعماري عال معظم على أكتاف جماعة من الخدم على يمين الطريق تبين لي أن فيه سيدة النساء ع فلما دنوت منه اغتنمت الفرصة و هربت من بين الموكلين إلى العماري و دخلت تحت العماري فرأيته حصنا حصينا و مانعا حريزا و فيه جمع من العصاة مثلي ملتجئين إليه متحصنين به و رأيت الموكلين جميعا متباعدين عن العماري ليس لهم جرأة دنو و اقتراب منا و غلبة علينا يسيرون بسيرنا فيما هم عليه من التباعد فالتمسوا منا الرجوع إليهم بالإشارة فأبينا ثم هددونا كذلك فرددناهم بمثل ذلك لما كنا عليه من قوة القلب و شدة الاطمئنان.
فبينا نسير كذلك و إذا برسول من جانب أبيها ص إليها بأن جمعا من عصاة الأمة قد التجئوا إليك فابعثيهم إلينا لنحاسبهم فأشارت إلى الرواح فدخل علينا الموكلون من كل باب و ساقونا إلى موقف الحساب فإذا بمنبر عال كثير المرقاة و الدرج على ذروته الأول خاتم النبيين ص و على الدرج الثاني خاتم الوصيين ع و هو مشغول بحساب الناس و هم مصطفون قدامه إلى أن انتهى الأمر إلي.
فخاطبني موبخا و قال لم ذكرت تذلل ولدي العزيز الحسين و نسبته إلى الذلة فتحيرت في جوابه و ما وجدت حيلة إلا الإنكار فأنكرت فإذا بوجع في عضدي من شي‏ء كأنه مسمار أولج فيه فالتفت إلى جنبي فرأيت رجلا بيده طومار فناولني فنشرته فإذا هو صورة مجالسي و فيه تفصيل ما قرأته و ذكرته في المجالس مشروحا في كل مكان و زمان و فيه ما وبخني به و أنكرت.
فسولت نفسي حيلة أخرى فقلت ذكره المجلسي في عاشر بحاره فأشار ع إلى واحد من الخدم الحاضرين و قال اذهب إلى المجلسي و خذ منه الكتاب‏

/ 16