مقنع في الغيبة و الزيادة المكملة له نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقنع في الغيبة و الزيادة المكملة له - نسخه متنی

شریف مرتضی؛ محقق: محمد علی حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
المقنع في الغيبة والزيادة المكملة له
تأليف: السيد الشريف المرتضى
تحقيق: السيد محمد علي الحكيم/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تالموضوعات
1مقدمة المؤسسة
2مقدمة التحقيق
3أصلان موضوعات للغيبة: الإمامة، والعصمة
4أصل وجوب الإمامة
5أصل وجوب العصمة
6بناء الغيبة على الأصلين المتقدّمين، والفِرَق الشيعية البائدة
7علّة الغيبة، والجهل بها
8الجهل بحكمة الغيبة لا ينافيها
9لزوم المحافظة على أصول البحث
10تقدُّم الكلام في الأصول على الكلام في الفروع
11لا خيار في الاستدلال على الفروع قبل الأصول
12اعتماد شيوخ المعتزلة على الطريقة السابقة
13استعمال هذه الطريقة في المجادلات بطريق أولى
14مزيّة استعمال هذه الطريقة في بحث الغيبة
15بيان حكمة الغيبة عند المصنِّف
16الاستتار من الظَلَمة هو سبب الغيبة
17التفرقة بين استتار النبي والإمام عليهما السلام
18سبب عدم استتار الأئمة السابقين عليهم السلام
19الفرق بين الغيبة وعدم الوجود
20الفرق بين استتار النبي صلى الله عليه وآله وعدم وجوده
21إمكان ظهور الإمام عليه السلام بحيث لا يمسّه الظلم
22إقامة الحدود في الغيبة
23ماهيّة الحال فيما لو احتيج إلى بيان الإمام الغائب عليه السلام
24علّة عدم ظهور الإمام عليه السلام لأوليائه
25دفع الاعتراضات على علّة عدم ظهور الإمام عليه السلام لأوليائه
26الأَولى فيما يقال في علّة الاستتار من الأولياء
27الخوف من الأولياء عند الظهور أحد أسباب الغيبة
28هل تكليف الوليّ بالنظر والاستدلال هو بما لا يطاق؟
29استكمال الشروط، أساس الوصول إلى النتيجة
30الفَرق بين الوليّ والعدوّ في علّة الغيبة
31سبب الكفر في المستقبل، ليس كفراً في الحال
32كتاب الزيادة المكمّل بها كتاب (المقنع)
33مقدمة المصنف
34استلهام الأولياء من وجود الإمام عليه السلام ولو في الغيبة
35هل الغيبة تمنع الإمام عليه السلام من التأثير والعمل؟
36لا فرق في الاستلهام من وجود الأئمة عليهم السلام بين الغيبة والظهور
37علمُ الإمام عليه السلام أثناء الغيبة بما يجري، وطرق ذلك
38مشاهدة الإمام عليه السلام للأمور بنفسه، وقيام البيّنة عنده
39الإقرار عند الإمام عليه السلام
40احتمال بُعد الإمام عليه السلام وقربه
41إمكان استخلاف الإمام عليه السلام لغيره في الغيبة والظهور
42الفرق بين الغيبة والظهور في الانتفاع بوجود الإمام عليه السلام
43هل يقوم شيءٌ مقام الإمام عليه السلام في أداء دوره؟
44كيف يعلم الإمام عليه السلام بوقت ظهوره
45هل يعتمد الإمام عليه السلام على الظنّ في أسباب ظهوره؟
46الجواب عن ذلك وفق مسلك المخالفين
47كيفية المساواة بين حكم الظهور والغيبة
48مصادر المقدّمة والتحقيق
******************
مقدمة المؤسسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
وبعد:
فإذا سلمنا متوافقين بأنه لم تستغرق قضية عقائدية قط - طوال حقب وقرون متلاحقة - مساحة كبيرة في الافق الفكري الاسلامي ما استغرقته مسألة الخلافة والامامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فان مااستتبعته بعد ذلك من امتدادات متفرعة مثلت الحلقات المتصلة والممتدة من خلالها، نالت ايضاً من كل ذلك الاحتدام والمنازلة الفكرية الحظ الاوفر، والنصيب الأكبر.
وقد مثلت مسألة خلافة وامامة الإمام الثاني عشر عليه السلام، وغيبته، وما يرتبط بها، الحلقة الأوسع، والميدان الارحب، بل واكثرها خضوعاً للجدل الفكري، والنزال الكلامي المتواصل، والذي ندر أن جالت خطى المتناظرين في التحاجج بمعتقد - بعد أصل الامامة الذي أشرنا اليه - قدر ما جالت في جوانبها وأبعادها، مراراً متلاحقة ومتوالية، بحيث لم تترك شاردة ولا واردة إلا وأقامتها بحثاً لها عن الحجة والدليل، والبينة والبرهان.
ولا مغالاة - قطعاً - في القول بأن لمفكري ومتكلمي الإمامية طوال حقب الجدل والمناظرة الفكرية المتلاحقة هذا الباع الطويل، والمدى العميق الغور في إثبات وإقرار معتقداتهم، وإفحام خصومهم بحججهم القائمة على الأدلة المتينة والثابتة القوية.
نعم، فإذا ثبت بالدليلين العقلي والنقلي صحة مقولة الشيعة الإمامية بأصل الإمامة، وعصمة الإمام، وأنسحاب ذلك كله على إمامة الإمام الثاني عشرعليه السلام ، وما يعينه ذلك من احتوانه لمبدأ الإقرار بالغيبة الحاصلة له عليه السلام ، وما تشتمل عليه وتحيط به، فإن ذلك يستلزم تبعاً لذلك - ونتيجة الخلاف العقائدي في التعامل معه من قبل غير الشيعة من الفرق الإسلامية المختلفة - توفر ووسائل المحاجة المستندة على هذين الدليلين المتقدمين، والتي تتجسد في أوضح صورها بما نسميه بـ: علم الكلام، الذي يراد منه إثبات حقيقة وصواب هذه العقائد.
ولعل الاستقراء المتأني لمجمل هذه المساجلات الكلامية الي اضطلع بها مفكرو الإمامية، وبالتحديد ما يتعلق منها بمبحث غيبة الإمام المهدي عليه السلام يظهر بجلاء بين قدرتهم الكبيرة في إدارة حلقات البحث هذه، وإمساكهم بجدارة لا تساجل زمامها وقيادها، وتسليم الخصم - إقراراً وإذعاناً - بذلك، وطوال سنين ودهور امتدّت منذ بداية عصر الغيبة الكبرى فى عام 329هـ، وحتى يومنا هذا.
والرسالة الماثلة بين يدي القارئ الكريم عينة صادقة من تلك المناذج الفاخرة التي أشرنا إليها، والتي أبدع يراع علم كبير من أعلام الطائفة في تسطيرها وإعدادها، وهو السيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي رحمه الله تعالى برحمته الواسعة، حيث تعرض فيها إلى الكثير من المفردات الخاصة بغيبة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، مجيباً من خلالها على مجمل التساؤلات المثارة في هذا الصدد، بأسلوب رصين، واستدلال متين، أقرّ به من طالعه وتأمل في فحواه، بل وأصبح من المراجع المهمة التي اعتمدها أعلام الطائفة في بحوثهم ومؤلّفاتهم، حيث أشار محقق هذه الرسالة إلي جملة وافرة من تلك الموارد.
ولا يعد قطعاً إطلاق هذا القول من قبيل ما يوصم بأنّه على عواهنه، إذا إن الدراسة الموضوعية لمباحث هذه الرسالة، وموارد النقاش التي تعرضت لها، وعرضها علي الظروف الفكرية التي كانت سائدة آنذاك على سطح الساحة الفكرية الإسلامية بمداخلاتها المتعددة، وتشابكاتها، المعقدة، وما رافقها من بروز جملة مختلفة من التيارات الفكرية، التي بدت أوضح صورها وأثقلها في مدرستي الأشاعرة والمعتزلة العريقتي القدم، كل ذلك يقطع بجلاء علي عمق المباني والأطروحات التي اعتمدها المؤلف (رحمه الله) فيها.
ولا يخفى على القارئ الكريم مناهج البحث والمناظرة التي كانت سائدة آنذاك بين أعلام ومفكري الفرق الإسلامية، وما تستتبعه بعد من تركيزٍ وإقرار للأطروحات الغنية محل البحث، ورفض وإعراض عما سقم وقصر منها، وحيث تدور رحاها في مجالس العلم والمذاكرة التي تكتض بالعلماء والمفكرين، فلا غروأن يستحث كل طرف من المتباحثين قدارته وإمكانياته في إثبات مدعاه، ودفع خصمه إلى الإقرار به، وإقناع الآخرين بذلك.
ومن هنا فلسنا بمغالين قطعاً إذا جزمنا بمتانة وقوة استدلالات هذه الرسالة، ودقة مباحثها، ورصانة مبانيها، وحيث يبدو ذلك جلياً لمن طالعها بتأن، وجال بتدبر في مطاويها.
وأخيراً:
ونحن إذا نقدم هذه الرسالة القيّمة بين يدي القارئ الكريم ، فإنا بذلك نواصل منهجنا باستلال جملة من الرسائل المنشورة على صفحات مجلة (تراثنا) خلال سنوات عمرها الماضية، وكانت هذه الرسالة قد نشرت محققة على صفحاتها في عددها السابع والعشرين، الصادر في شهر ربيع الآخر عام 1412 هـ، بتحقيق المحقق الفاضل السيد محمد علي الحكيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وآله الطيبين الطاهرين، لاسيما إمام العصر وصاحب الزمان، الحجة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
تمهيد:
من المعروف أن العلوم الشرعية نشأت من الحاجة التي حدت بالمسلمين إلى إنشائها، ثم تكاملت وصارت لها أصولها وقواعدها وعلماؤها وكتبها الخاصة بها.
فعلوم اللغة نشأت من الحاجة إلى فهم القرآن الكريم والحديث الشريف، وهما بلسان عربي مبين، فتدرجت هذه العلوم في الظهور: اللغة ثم النحو ثم الصرف فالبلاغة...
وعلوم الفقه وأصوله نشأت من الحاجة إلى معرفة الأحكام الشرعية بعد غَيْبة المبين للشرع الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبعد أن اختلفت الأقوال في مسائل العبادات والمعاملات.
وهكذا قل في جميع العلوم الشرعية.
ومنها علم يسمى بـ (علم الكلام) نشأ بعد تفرق المسلمين في الآراء والأهواء والمسائل الاعتقادية، كالجبر والتفويض والاختيار والعدل والإرجاء... وغيرها.
وقد عرّفوا علم الكلام بأنه (علم يقتدر معه على إثبات الحقائق الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها).(1)
وكانت مسألة الإمامة والخلافة أساس ذلك الخلاف، فكان محور علم الكلام الأساسي مذيوم السقيفة الى يومنا هذا وسيبقى حتي ظهور الإمام المهدي عليه السلام، هو الإمامة وما يرتبط بها و يترتب عليها.
كما اشتمل عل الكلام على بحوث عقائدية أخرى كانت نتيجة لتفرق الناس عن المعين الطيب لعلوم أهل بيت النبوة سلام الله عليهم، فلو استقام الناس على إمامة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من ولده عليهم السلام، لكفينا مهمة تلك البحوث التي أخذت جهداً جهيداً من العلماء، ولما بقي منها إلاّ ما يختص بالأديان والملل غير المسلمة.
و كانت غيبة الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عليه السلام، من أهم المحاور التي دارت عليها البحوث الكلامية منذ بداية عصر الغيبة الكبرى سنة 329هـ وحتى يومنا هذا، فكانت تأخذ أبعاداً مختلفة حسب ما تقتضيه الحاجة والظروف المحيطة خلال الفترات الزمينة المختلفة.
يظهر ذلك بوضوح من خلال كتاب (الغيبة) للشيخ النعماني، المتوفى حدود سنة 342 هـ، وكتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) للشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 هـ، و إن كانا - أساساً - من المحدثين.
ثم كان لبروز متكلمي الإمامية كمعلّم الأمة الشيخ المفيد (336 - 413 هـ) والشريف المرتضى (355-436هـ) وشيخ الطائفة الطوسي (385- 460 هـ) أثراً متميزاً في بلورة علم الكلام بشكل جديد.
و نحن نقف اليوم أمام طود شامخ من أعلام الإمامية، ألا وهو:
علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي، الشريف المرتضى، قدّس سرّه:
نقف أمامه بكل تجلّة وإكبار لما بذله في الذبّ عن العقيدة بكتبه الكلامية العديدة كالشافي، والذخيرة، وتنزيه الأنبياء والأئمة، وجمل العلم والعمل، والمقنع في الغيبة، وغيرها كثير...
ويكفيه فخراً أن يكون تلميذاً للشيخ المفيد، ويكفيه عزاً أن يكون شيخ الطائفة الطوسي وسلار الديلمي وأبو الصلاح الحلبي والكراجكي وغيرهم من الجهابذة من المتخرّجين على يديه.
وهو - قدّس سرّه - أشهر من أن يعرّف، إذ لا تكاد تجد مصدراً من مصادر التاريخ والتراجم خالياً من ترجمته، وقد كفانا أصحابها ذلك، فتفصيلها مرهون بمظانّها.
المقنع في الغيبة:
هو من خيرة وأنفس ما كتب في هذا الموضوع بالرغم من صغر حجمه، إذ لم يسبقه أحد إلى الكتابة بهذا النسق والأسلوب(2)، صنفه على طريقة (فإن قيل... قلنا) فجاء قوي الحجة، متين السبك، دحض فيه شبهات المخالفين، وأثبت غيبة الإمام المهدي عليه السلام وعللها وأسبابها والحكمة الإلهية التي اقتضتها.
ثم أتبع - رضوان الله عليه - الكتاب بكتاب مكمل لمطالبه، بحث فيه عن علاقة الإمام الغائب المنتظر عليه السلام بأوليائه أثناء الغيبة، وكيفية تعامل شيعته معه أثناءها، مجيباً على كل التساؤلات خلال تلك البحوث.
ذكره له النجاشي - المتوفى سنة 450 هـ - في رجاله(3)، وذكره له أيضاً تلميذه شيخ الطائفة الطوسي في فهرسته(4)، وتابعه على ذلك ياقوت الحموي عند إيراده ترجمته(5)، ومن ثم ذكره له كل من أورد قائمة مؤلفاته المفصّلة في ترجمته.
أهمّيّة الكتاب
تظهر أهمية الكتاب ومنزلته الرفيعة إذا علمنا أنّ شيخ الطائفة الطوسي - قدّس سرّه - قد أورد مقاطع كبيرة ومهمة منه - تارة بالنص وأخرى بإيجاز واختصار - وضمّنها كتابه (الغيبة) في (فصل في الكلام في الغيبة) تراها مبثوثة فيه، منسوبة إليه من دون التصريح باسم (المقنع).
ثم كانت هذه النقول ضمن ما نقله شيخ الإسلام العلامة المجلسي - المتوفى سنة 1110 هـ - عن كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي، وأودعه في موسوعته (بحار الأنوار) في الجزء 51 / 167 باب 12، في ذكر الأدلة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة.
هذا، وإن العلامة المجلسي - قدّس سرّه - كان قد ذكر كتاب (المقنع في الغيبة) ضمن مصادر كتابه (بحار الأنوار) أثناء تعداده لها في مقدمته في ج 1 / 11، إلا أنني لم أعثر على ما صرح بنقله عنه مباشرة، بالرغم من تفحصي في (البحار) قدر المستطاع!
وعليه: يصبح الكتاب أحد مصادر (بحار الأنوار) بالواسطة، لا مباشرة.
كما نقل أمين الإسلام الشيخ الطبرسي - المتوفى سنة 548 هـ - مقاطع مهمة من الكتاب ـ تارة بالنص وأخرى بإيجاز وأختصار أيضاً ـ وأودعها في كتابه (إعلام الورى بأعلام الهدى) من المسألة الأولى حتى المسألة الخامسة، من الباب الخامس، تحت عنوان: (في ذكر مسائل يسأل عنها أهل الخلاف في غيبة صاحب الزمان عليه السلام...).
ولم يصرح أيضاً باسم (المقنع) وإن صرح بنقلها عن الشريف المرتضى
فاهتمام هؤلاء الاعلام بإيراد مقاطع مهمة أو اقتباسهم منه في مصنفاتهم، دليل على إخباتهم بتقدم الشريف المرتضى وسبقه في هذا الميدان.
وفيما يلي ثبتّ يبينّ مقدار نقول الشيخين الطوسي والطبرسي - قدس سرهما - في كتابيهما من كتاب (المقنع):
المقنع الغيبة 1- من جملة: (ثم يقال للمخالف في الغيبة...) ص 42. نقلت باختلاف يسير واختصار في بعض المواضع من ص 86 - 88. إلى نهاية جملة: (وأنه لا يفعل القبيح) ص 47. - 2- من جملة: ( أما سبب الغيبة) ص 52. نقلت باختصار من ص 90 - 91. إلى نهاية جملة: (غيبة إمام الزمان عليه السلام) ص54. - 3 - من جملة: (فأما التفرقة...) ص 54. نقلت باختلاف يسير من ص 92ـ93. إلى نهاية جملة: (لولا قلة التأمل) ص 55. - 4 - فقرة: (على أن هذا ينقلب ... إذا اقتضت المصلحة ذلك) ص 56 -57. نقلت باختلاف يسير في ص 93. 5 - من جملة: (فإن قيل: فالحدود في حال...) ص 58. نقلت باختلاف يسير في ص 94. إلى نهاية جملة: (قيل لهم مثله) ص 59. - 6- من جملة: ( فإن قيل: كيف السبيل...) ص 59. نقلت باختلاف يسير في ص 95 - 102. إلى نهاية جملة: (والاستسلام للحق) ص 68. - 7 - من جملة: (فإن قيل: فيجب على هذا..) ص 69. نقلت باختلاف يسير في ص 102- هذا...) ص69. الى نهاية جملة: ( مجراه في الكبر والعظم) ص 70. 103
المقنع إعلام الورى 1- من جملة: ( إن العقل قد دل...) ص 34. نقلت باختلاف يسير في ص 466. إلى نهاية جملة: (... لا تبقى شبهة فيها) ص35. - 2- من جملة: (فأما الكلام في علة الغيبة...) ص 41. نقلت باختلاف يسير من ص 466- 467 إلى نهاية جملة: ( فهو فضل منا) ص 42. - 3- من جملة: ( مجرى من سألنا...) ص 46. نقلت باختلاف يسير في ص 467. إلى نهاية جملة: ( ... وإن لم نعلمه مفصلاً) ص 46 أيضاً. - 4- من جملة: ( فإن قيل: أي فرق...) ص 55. نقلت باختلاف يسير من ص 468-469 تحت عنوان (مسألة ثانية). إلى نهاية جملة: (بعضاً إلى فعاله) ص 56. - 5- من جملة: ( فإن قيل: فالحدود في حال...) ص 58. نقلت باختلاف يسير في ص 469 تحت عنوان (مسألة ثالثة). إلى نهاية: (... قيل لهم مثله) ص 59. -
6- جملة: (فان قيل: كيف السبيل) ص 59. نقلت باختلاف يسير من ص 469-470 تحت عنوان (مسألة رابعة).
إلى نهاية الجواب عنها.
7- جملة: (فإن قيل : إذا كانت العلة) ص 61. نقلت ملخصة من ص 470-472 تحت عنوان (مسألة خامسة).
والجواب عنها.
سبب تأليف الكتاب وزمانه:
قال السيد الاجل المرتضى ـ قدّس سرّه ـ في أول كتابه هذا : ( جرى في مجلس الوزير السيد ـ أطال الله في العز الدائم بقاءه ، وكبت حساده وأعداءه ـ كلام في غيبة صاحب الزمان ... ودعاني ذلك إلى إملاء كلام وجيز فيها...).
ثم قال ـ قدّس سرّه ـ بعد قليل: (وأرى من سبق هذه الحضرة العالية ـ أدام الله أيامها ـ إلى أبكار المعاني...).
ولهذا وذاك جاء في الذريعة ‍‌‍‌‍‍‍‌22 / 123 : (... وقال شيخنا النوري : كتبه السيد المرتضى للوزير المغربي).
ثم قال الشيخ آقا بزرگ الطهراني: ( والوزير المغربي هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن هاورن بن عبد العزيز الأراجني، كما يظهر من النجاشي في ترجمة جده الأعلى هارون بن عبد العزيز).(6)
ثم إن الشريف المرتضى - قدّس سرّه - ألف كتابه هذا بعد كتابيه (الشافي في الإمامة) و(تنزيه الأنبياء والأئمة) حيث أحال في أوله وفي مواضع أخرى منه إليهما.
طبعات الكتاب:
لم يقدر لهذا الكتاب أن يرى النور من قبل إلا على صفحات (تراثنا) في طبعته هذه التي بين يديك عزيزي القارئ.
أما احتمال كونه مطبوعاً ببغداد من قبل في (سلسلة نفائس المخطوطات) وبعد ذلك في المجموعة الثانية من (رسائل الشريف المرتضى)(7) فمردود بأمرين: أولهما: أن بدايات نسخ كتابنا هذا لا تتفق مع بداية الرسالة المنشورة المذكورة آنفاً، في حين أن هذه النسخ تتفق مع ما ذكره الشيخ آقا بزرك الطهراني - رحمه الله - حينما عرف كتاب (المقنع في الغيبة) في الذريعة 123ـ124/22 مستنداً في ذلك على النسخة التي رآها في خزانة الحاج علي محمد منضمة إلى نسخة (الآدب الدينية).
ثانيهما: أن الرسالة المطبوعة سابقاً - والتي لا تتجاوز الست صفحات - لم تعالج من الشبهات والمسائل المتعلقة بالغيبة ما عالجه كاتبا هذا، فقد استوفى كتابنا كل جوانب البحث بدقة شاملة وسعة أفق، وهو ما يوحي به اسم الكتاب أيضاً بخلاف تلك.
نسخ الكتاب:
اعتمدت في تحقيق الكتاب على النسخ التالية،مرتبة حسب أسبقية حصولي عليها:
1 ـ النسخة المحفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران، برقم 8272، مذكورة في فهرسه 17 / 95، تاريخ الانتهاء، من نسخها 8 شعبان 1070 هـ، بخط إبراهيم بن محمّد الحرفوشي؛ وهي ضمن مجموعة كتب الأستاذ الشيخ محمّد عبده البروجردي المهداة إلى مكتبة جامعة طهران، وهي أكمل النسخ المعتمدة، إذ اشتملت على كامل كتاب (المقنع في الغيبة)، مع تمام كتاب الزيادة المكملة للمقنع إلاّ الورقة الأخيرة منه؛ وهي بقياس 15×5 / 9 سم.
ورمزت لها بـ (أ).
2- النسخة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في طهران، ضمن المجموعة المرقمة 13174، ولا تحتوي هذه النسخة إلا على جزء من كتاب (المقنع) من أوله إلى منتصفه تقريباً، وسقطت منها الأوراق الأخيرة، وفي ضمن الموجود منها خروم متعددة في أثنائها؛ وهي بقياس 5 / 14×9 سم.
ورمزت لها بـ(ب).
3- النسخة المحفوظة في مكتبة مجلس الشوري الإسلامي في طهران أيضاُ، وهي بأول المجموعة المرقمة 5392، مذكورة في فهرسها 16 / 299، وقد سقط من أولها مقدار ورقة كاملة ومن آخرها ورقة واحدة أيضاً، وهي بهذا ضمّت كامل كتاب (المقنع) وكتاب الزيادة المكملة له بكامله أيضاً إلا النقص المذكور آنفاً؛ وهي بقياس 14×5 / 7 سم.
ورمزت لها بـ (ج).
4- نسخة كاملة من كتاب الزيادة المكملة، محفوظة في مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم، بخط محمّد بن إبراهيم بن عيسى البحراني الأوالي، من مخطوطات القرن العاشر الهجري، وهي من المخطوطات التي لم تفهرس بعد، ولهذا لم أستطع الحصول على مصورتها كالنسخ السابقة، وإنما تمت مقابلتها ومعارضتها في المكتبة المذكورة مع نسختَي (كتاب الزيادة المكملة) المذكورتين آنفاً - ( أ ) و ( ج ) - وتم إكمال نقصهما منها.
ورمزت لها بـ(م).
منهج العمل:
مما سبق يتضح أنه لم تسلم نسخة من النسخ المذكورة من سقوط ورقة أو أوراق منها، مضافاً إلى ذلك ما وقع فيها من أسقاط أو خروم تخللتها، وما ابتليت به من التصحيفات والتحريفات، كإعجام بعض الحروف وهو مما لا يحتاج إلى إعجام أو العكس، أو تأنيث وتذكير بعض الأفعال... وما شابه.
لذلك لم أعتمد إحداها كنسخة أصل رئيسة، بل اعتمدت طريقة التلفيق فيما بينها، لتخرج منها نسخة كاملة تامة تبرز مطالب الكتاب بشكل واضح، تلافياً للنقص الحاصل في النسخ كلها من هنا أو هناك.
وأثبت في الهامش اختلافات النسخ المهمة أو التي لها وجه، دون غيرها مما قد أصلحته.
كما أدرجت في الهامش بعض التعليقات الضرورية، توضيحاً لبعض مطالب أو كلمات المتن.
ووزّعت نص الكتاب بما يتناسب مع مطالبه الكلامية العالية، لإظهارها بشكل واضح، لكي يسهل على القارئ متابعتها وفهمها.
ثم أضفت عناوين رئيسة بين فقرات الكتاب زيادة في توضيح مطالبه وسهولة تمييزها عن بعضها، بجعلتها بين معقوفين( ).
شكر وثناء:
أرى لزاماً علي أن أشكر كل من اسدى إليّ معروفاً بتهيئة مصورات النسخ أو قراءة الكتاب وإبداء الملاحظات العلمية حوله، لكي يخرج بأفضل صورة ممكنة.
وأخصّ بالشكر المتواتر سماحة المحقق الخبير العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي، إذ ادلني أولأ على نسخ الكتاب المخطوطة، وسعى في تصوير بعضها، وثانياً لفضله وتكرمه عليّ بتجشمه عناء مقابلة نسخة (كتاب الزيادة المكملة) المذكورة برقم 4 آنفاً، في مكتبة آية الله المرعشي العامة، وتثبيت اختلافاتها مع بقية النسخ، إذ إنّ الوصول إلى المخطوطات التي لم تتم فهرستها بعد يعدّ من المستحيلات، إلاّ لمن هو أهله، وسما حته من أهله، فكانت هذه إحدى أياديه البيضاء على التراث الشيعي المظلوم، حفظ الله سماحة السيد الطباطبائي ورعاه لإحياء أمرهم عليهم السلام.
وكذا أشكر مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث، لتيسيرها نشر الكتاب على صفحات (تراثنا) الغرّاء.
حيا الله العاملين على إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام ووفقهم لبت علومهم ونشر معارفهم.
وختاماً:
لا أدّعي الكمال في عملي هذا، فهو محاولة عسى الله أن ينفع بها، وما هي إلاّ أوراق متواضعة أرفعها إلى مقام الناحية المقدسة المحفوفة بالجلال والقدس، عسى أن تنفعني في يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.
والحمد لله أولاً وآخراً.
ذكرى مولد الإمام علي الهادي عليه السلام
15 / 1 / 1412هـ
محمّد علي الحكيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، سيدنا محمد وآله الطاهرين.
جرى في مجلس الوزير السيد - أطال الله في العز الدائم بقاءه، وكبت(8) حساده وأعداءه - كلام(9) في غيبة (صاحب الزمان)(10) ألممت بأطرافه؛ لأن الحال لم تقتض الاستقصاء والاستيفاء، ودعاني ذلك إلى إملاء كلام وجيز فيها يطّلع به على سر هذه المسألة، ويحسم ماد‎ة الشبهة المعترضة فيها، وإن كنت قد أودعت الكتاب الشافي في الإمامة وكتابي في تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام من الكلام في الغيبة(11) ما فيه كفاية
وهداية لمن أنصف من نفسه وانقاد لإلزام الحجة، ولم يحر تحيّر( اً ) عانداً عن المحجة.(12)
فأولى الأمور وأهمها: عرض الجواهر على منتقدها، والمعاني على السريع إلى إدراكها، الغائص بثاقب فطنته إلى أعماقها، فطالما أخرس عن علم، وأسكت عن حجة، عدم من يعرض عليه، وفقد من تهدى إليه، وما متكلف(13) نظماً أو نثراً عند من لا يميز بين السابق واللاحق(14) والمجلي والمصلي(15) إلا كمن خاطب جماداً أو حاور مواتا.(16)
وأرى من سبق هذه الحضرة العالية - أدام الله أيامها - إلى أبكار المعاني، واستخراجها من غوامضها، وتصفيتها من شوائبها، وترتيبها في أماكنها، ما ينتج(17) الأفكار العقيمة، ويذكي(18) القلوب البليدة، ويحلّي
العلوم والآداب في أفواه من أمرت(19) في لهواته(20)، وشحطت(21) عن خطواته، وشق عليه ارتقاؤها واعتلاؤها.
فصار أكبر حظ العالم والأديب وأسعد أحواله أن ترضى منه فضيلة اكتسبها ومنقبة دأب لها، وأن ينتقدها عليه ناقد الفضائل(22) فلا يبهرجها(23) ويزيّفها، وأن تنفق في السوق التي لا ينفق فيها الثمين(24) ولا يكسد فيها إلاّ المهين.
ونسأل الله تعالى في هذه النعمة الدوام، فهي أكبر وأوفرمن الاستضافة إليها والاستظهار بغيرها، وهو ولي الإجابة برحمته.
وإنّي لأرى من اعتقاد مخالفينا: (صعوبة الكلام في الغيبة(25) وسهولته علينا(26)،وقوته في جهتهم، وضعفه من جهتنا) عجباً!
والامر بالضد من ذلك وعكسه عند التأمل الصحيح، لأن الغيبة فرع لأصول متقدمة، فإن صحت تلك الأصول بأدلتها، وتقررت بحجّتها، فالكلام في الغيبة أسهل شيء وأقربه وأوضحه، لأنها تبتني على تلك الأصول وتترتب عليها، فيزول الإشكال.
وإن كانت تلك الأصول غير صحيحة ولا ثابتة، فلا معنى للكلام في الغيبة قبل إحكام أصولها، فالكلام فيها من غير تمهيد تلك الأصول عبث وسفه.
فإن كان المخالف لنا يستصعب(27) ويستبعد الكلام في الغيبة قبل الكلام في وجوب الإمامة في كل عصر وصفات الإمام، فلا شك في أنه صعب، بل معوز متعذر لا يحصل منه إلاّ على السراب.
وإن كان (له مستصعباً)(28) مع تمهد تلك الأصول وثبوتها، فلا صعوبة ولا شبهة، فإن الأمر ينساق سوقاً إلى الغيبة ضرورة إذا تقرّرت أصول الإمامة.
الهوامش
(1) مفتاح السعادة و مصباح السيادة ‍‌132/2.
(2) قال الشريف المرتضى عن كتابه هذا في أول كتاب الزيادة المكملة الملحق به: (ثم استأنفنا في (المقنع) طريقة غريبة لم نسبق إليها) أنظر ص 220 من هذه الطبعة.
وقال أمين الإسلام الطبرسي:(قد ذكر الأجل المرتضى ـ قدس الله روحه ـ في ذلك طريقة لم يسبقه إليها أحد من أصحابنا) أنظر: إعلام الورى:466.
(3) رجال النجاشي: 271.
(4) الفهرست: 99.
(5) معجم الأدباء 13 / 148 .
(6) أنظر: الذريعة22 / 123، ورجال النجاشي: 439 رقم 1183.
(7) أنظر: مقدمة تحقيق كتاب (الذخيرة للمرتضى أيضاً، ص 56 تسلسل 114، والمجموعة الثانية من رسائل الشريف المرتضى: 293 - 298.
(8) جاء في هامش (ب) ما نصه: الكبت: الصرف والإذلال، يقال: كبت الله العدو، أي: صرفه وأذله.
(9) جاء في هامش (ب) ما نصه: فاعل جرى.
(10) في (ب): الإمام.
(11) الشافي 1 / 44 - 54، تنزيه الأنبياء والأئمة: 180.
(12) ما أثبتناه هو الأنسب معي، ويمكن أن تقرأ العبارة هكذا:
(ولم يحر تحيّر عاندٍ عن المحجة).
وكان في (أ): (ولم يجز بخبر عامداً...).
وفي (ب): ( ولم نحر نحير عامداً...)
وعند يعند- بالكسر- عنوداً، أي: خالف ورد الحق وهو يعرفه، فهو عنيد وعاند. (الصحاح2 / 513-عند).
(13) من هنا تبدأ نسخة (ج).
(14) السابق: هو الذي يسبق من الخيل (لسان العرب 10 / 151 - سبق). اللاحق: الفرس إذا ضمرت (لسان العرب 10 / 328- لحق).
(15) المجلّي: السابق الأول من الخيل. والمصلّي: السابق الثاني منها (لسان العرب 14 / 467 - صلا).
(16) في (ب): جاور مواتاً.
(17) في (ب): سنح. وسنح لي رأي في كذا: عرض لي أو تيسر. (الصحاح 1 / 377، لسان العرب 2 / 491 - سنح).
(18) في (أ) و (ب): يزكي.
(19) أمر، كمرّ، فعلّ من المرارة - ضدّ الحلاوة-؛ أنظر: لسان العرب 5 / 166 - مرر.
(20) اللهوات، جمع اللهاة . وهي الهنة المطبقة في أقصى سقف الفم. (الصحاح 6 / 2487، لسان العرب 15 / 261-262- لها).
(21) الشحط: البعد. (الصحاح 3 / 1135، لسان العرب 7 / 327 - شحط).
(22) في (ج): للفضائل.
(23) البهرج: الباطل والرديء من الشيء (الصحاح 1 / 300 - بهرج).
(24) في (ب): اليمين.
(25) أي من جهة اعتقادهم بعدمها.
(26) كذا العبارة في النسخ الثلاث، وفي (رسالة في غيبة الحجة) المطبوعة في المجموعة الثانية من رسائل الشريف المرتضى، ص 293، هكذا: فإن المخالفين لنا في الاعتقاد، يتوهمون صعوبة الكلام علينا في الغيبة وسهولته عليهم،...
(27) في (أ) و (ب): يستضعف.
(28) في (ج): يستصعبها.
******************
(أصلان موضوعان للغيبة الإمامة، والعصمة)
وبيان هذه الجملة:
إنّ العقل قد دل على وجوب الإمامة، وإن كل زمان - كلف فيه المكلفون الذين يجوز منهم القبيح(1) والحسن، والطاعة والمعصية – لا يخلو من إمام، وأن خلوه من إمام إخلال بتمكينهم، وقادح في حسن تكليفهم.
ثم دل العقل على أن ذلك الإمام لا بد من كونه معصوماً من الخطأ والزلل، مأموناً منه فعل كل قبيح.
وليس بعد ثبوت هذين الأصلين (إلاّ إمامة)(2) من تشير الإمامية إلى إمامته، فإن الصفة التي دل العقل على وجوبها لا توجد إلاّ فيه، ويتعرّى منها كل من تدعى له الإمامة سواه، وتنساق الغيبة بهذا سوقاً حتى لا تبقى شبهة فيها.
وهذه الطريقة أوضح ما اعتمد عليه في ثبوت إمامة صاحب الزمان، وأبعد من الشبهة.
فإن النقل بذلك وإن كان في الشيعة فاشياً، والتواتر به ظاهراً، ومجيؤه من كل طريق معلوماً، فكل ذلك يمكن دفعه وإدخال الشبهة (فيه، التي يحتاج في حلها إلى ضروب من التكليف.
والطريقة التي أوضحناها)(3) بعيدة من الشبهات، قريبة من الأفهام.
وبقي أن ندلّ على صحة الأصلين اللذين ذكرناهما:
(أصل وجوب الإمامة)
أما الذي يدل على وجوب إلامامة في كل زمان: فهو مبني على الضرورة، ومركوز في العقول الصحيحة، فإنا نعلم علماً - لا طريق للشك عليه ولا مجال - أن وجود الرئيس المطاع المهيب مدبراً و(4) متصرفاً أردع عن
القبيح وأدعى إلى الحَسَن، وأن التهارج بين الناس والتباغي إما أن يرتفع عند وجود مَن هذه صفته من الرؤساء، أو يقل وينزر، وأن الناس عند الإهمال وفقد الرؤساء وعَدَم الكبراء يتتابعون في القبيح وتفسد أحوالهم وينحل(5) نظامهم.
وهذا أظهر وأشهر من أن يدل عليه، والإشارة فيه كافية.(6)
وما يسأل عن هذا الدليل من الأسئلة قد استقصيناه وأحكمناه في الكتاب الشافي(7) فليرجع فيه إليه عند الحاجة.
(أصل وجوب العصمة)
(وأما الذي يدلّ على وجوب عصمة الإمام(8) فهو: أن علة الحاجة إلى الإمام هي أن يكون لطفاً للرعية في الامتناع من القبيح وفعل الواجب على ما اعتمدناه ونبهنا عليه.
فلا يخلو من أن تكون علة الحاجة إليه ثابتة فيه، أو تكون مرتفعة عنه.
فإن كانت موجودة فيه فيجب أن يحتاج إلى إمام كما أحتيج إليه؛ لأن علة الحاجة لا يجوز أن تقتضيها في موضع دون آخر؛ لأن ذلك ينقض كونها علة: والقول في إمامه(9) كالقول فيه في القسمة التي ذكرناها.
وهذا يقتضي إما الوقوف على إمامٍ ترتفع عنه علة الحاجة، أو وجود أئمة لا نهاية لهم وهو محال.
فلم يبق بعد هذا إلا أن علة الحاجة إليه مفقودة فيه، ولن يكون ذلك إلا وهو معصوم ولا يجوز عليه فعل القبيح.(10)
والمسائل - أيضاً - على هذا الدليل مستقصىً جوابها بحيث تقدمت الإشارة إليه.(11)
(بناء الغيبة على الإصلين والفِرَق الشيعية البائدة)
وإذا ثبت هذان الأصلان: فلا بد من إمامة صاحب الزمان بغيبته.
ثم لا بد - مع فقد تصرفه وظهوره - من القول بغيبته.
فإن قيل: كيف تدعون أن ثبوت الأصلين اللذين ذكرتموهما يثبت إمامة صاحبكم بعينه، ويجب القول بغيبته؟! وفي الشيعة الإمامية - أيضاً - من يدعي إمامة من له الصفتان اللتان ذكرتموهما وإن خالفكم في إمامة صاحبكم؟!
كالكيسانية(12): القائلين بإمامة محمد بن الحنفية، وأنه صاحب الزمان، وإنم(13) غاب في جبال رضوى(14) انتظاراً للفرصة وإمكانها، كما تقولون في قائمكم.(15)
وكالناووسية(16): القائلين بأن المهدي (المنتظر أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام.
ثم الواقفة(17) القائلين بأن المهدي المنتظر)(18) موسى بن جعفر عليها السلام؟!
قلنا: كل من ذكرت لا يلتفت إلى قوله ولا يعبأ بخلافه؛ لأنه دفع ضرورة وكابر مشاهدةً.
لأن العلم بموت ابن الحنفيّة كالعلم بموت أبيه وإخوته(19) صلوات الله عليهم.
وكذلك العلم بوفاة(20) الصادق عليه السلام كالعلم بوفاة أبيه محمد عليه السلام.
والعلم بوفاة موسى عليه السلام كالعلم بوفاة كل متوفّىً(21) من آبائه وأجداده وأبنائه عليهم السلام.
فصارت موافقتهم في صفات الإمام غير نافعة مع دفعهم الضرورة وجحدهم العيان.
وليس يمكن أن يدعى: أن الإمامية القائلين بإمامة ابن الحسن عليهما السلام قد دفعوا - أيضاً - عياناً، في ادعائهم ولادة من علم فقده وأنه لم يولد!
وذلك أنه لا ضرورة في نفي ولادة صاحبنا عليه السلام، ولا علِمَ، بل(22) ولا ظنّ صحيحاً.
ونفي ولادة الأولاد من الباب الذي لا يصح أن يعلم ضرورة، في موضع من المواضع، وما يمكن أحداً أن يدعي فيمن لم يظهر له ولد (أنه يعلم ضرورة أنّه لا ولد له)(23) وإنّما يرجع ذلك إلى الظنّ والأمارة، وأنه لو كان له ولد لظهر أمره وعرف خبره.
وليس كذلك وفاة الموتى، فإنه من الباب الذي يصح أن يعلم ضرورة حتى يزول الريب فيه.
الا ترى: أن من شاهدناه حياً متصرفاً، ثم رأيناه بعد ذلك صريعاً طريحاً، فقدت حركات عروقه وظهرت دلائل تغيره وانتفاخه، نعلم(24)يقيناً أنه ميت.
ونفي وجود الأولاد بخلاف هذا الباب.
على أنا لو تجاوزنا - في الفصل(25) بيننا وبين من ذكر في السؤال - عن دفع المعلوم، لكان كلامنا واضحاً؛ لأن جميع من(26) ذكر من الفرق قد سقط خلافه بعدم عينه وخلو الزمان من قائل بمذهبه:
أما الكيسانية فما رأينا قط منهم أحداً، ولا عين لهذا القول ولا أثر.
وكذلك الناووسية.
وأما الواقفة فقد رأينا منهم نفراً شذّاذاً جهّالاً لا يعد مثلهم خلافاً، ثم انتهى الأمر في زماننا هذا وما يليه إلى الفقد الكليّ، حتى لا يوجد هذا المذهب - إن وجد - إلا في اثنين أو ثلاثة على صفة من قلة الفطنة والغباوة يقطع بها على الخروج من التكليف، فضلاً أن يجعل قولهم خلافاً يعارض به الإمامية الذين طبقوا البر والبحر والسهل والجبل في أقطار الأرض وأكنافها، ويوجد فيهم(27) من العلماء والمصنفين الألوف الكثيرة.
ولا خلاف بيننا وبين مخالفينا في أنّ الإجماع إنما يعتبر فيه الزمان الحاضر دون الماضي الغابر.
(انحصار الإمام في الغائب)
وإذا بطلت إمامة من أثبتت له الإمامة بالاختيار والدعوة(28) في هذا الوقت لأجل فقد الصفة التي دل العقل عليها (وبطل قول من راعى هذه الصفة في غير صاحبنا لشذوذه)(29) وانقراضه: فلا مندوحة عن مذهبنا، ولا بد من صحته، وإلا: خرج الحق عن جميع أقوال الأمة.
(علة الغيبة والجهل به)
فأمّا(30) الكلام في علة الغيبة وسببها والوجه الذي يحسنها فواضحٌ بعد تقرر ما تقدم من الأصول:
لأنّا إذا علمنا بالسياقة التي ساق إليها الأصلان المتقرران(31) في العقل: أن الإمام ابن الحسن عليهما السلام دون غيره، ورأيناه غائباً عن الأبصار: علمنا أنه لم يغب - مع عصمته وتعينّ فرض الإمامة فيه وعليه - إلا لسبب اقتضى ذلك، ومصلحةٍ استدعته، وضرورةٍ قادت إليه - وإن لم يعلم الوجه على التفصيل والتعيين - لأنّ ذلك مما لا يلزم علمه.
وجرى الكلام في الغيبة ووجهها وسببها - على التفصيل - مجرى العلم بمراد الله تعالى من الآيات المتشابهة في القرآن، التي ظاهرها بخلاف ما دلت عليه العقول، من جبرٍ أو تشبيهٍ أو غير ذلك.
فكما(32) أنّا ومخالفينا لا نوجب العلم المفصّل بوجوه هذه الآيات وتأويلها، بل نقول كلّنا: إنّا إذا علمنا حكمة الله تعالى، وإنّه لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات، علمنا - على الجملة - أن لهذه الآيات وجوهاً صحيحة بخلاف ظاهرها تطابق مدلول أدلة العقل، وإن غاب عنا العلم بذلك مفصلاً، فإنه لا حاجة بنا إليه، ويكفينا العلم على سبيل الجملة بأن المراد بها خلاف الظاهر، وأنه مطابق العقل.
فكذلك لا يلزمنا ولا يتعين علينا العلم بسبب الغيبة، والوجه في فقد ظهور الإمام على التفصيل والتعيين، ويكفينا في ذلك علم الجملة التي تقدّم ذكرها، فإن تكلّفنا وتبرّعنا بذكره فهو فضل منّا.
كما أنه من جماعتنا فضل وتبرع إذا تكلفنا ذكر وجوه المتشابه والأغراض فيه على التعيين.
(الجهل بحكمة الغيبة لا ينافيه)
ثم يقال للمخالف في الغيبة: (أتجوز أن يكون للغيبة)(33) وجهُ صحيح اقتضاها، ووجه من الحكمة استدعاها، أم لا تجوٌز ذلك؟
فإن قال: أنا لذلك مجٌوز.
قيل له: فإذا كنت له مجوّاً فكيف جعلت وجود الغيبة دليلاً على أنه لا إمام في الزمان، مع تجويزك أن يكون للغيبة سبب لا ينافي وجود الإمام؟!
وهل تجري في ذلك إلاّ مجرى من توصّل بإيلام الأطفال إلى نفي حكمة الصانع تعالى، وهو معترف بأنه يجوز أن يكون في إيلامهم وجه صحيح لا ينافي الحكمة.
أو مجرى من توصّل بظواهر الآيات المتشابهات إلى أنّه تعالى مشبِه(34) للأجسام، وخالق لأفعال العباد، مع تجويزه أن يكون لهذه الآيات وجوه صحيحة لا تنافي العدل، والتوحيد، ونفي التشبيه.
وإن قال: لا أجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح موافق للحكمة، وكيف أجوز ذلك وأنا أجعل الغيبة دليلاً على نفي الإمام الذي تدّعون غيبته؟!
قلنا: هذا تحجر منك شديد، فيما لا يحاط بعلمه ولا يقطع على مثله.
فمن أين قلت: إنه لا يجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح يقتضيها؟!
ومن هذا الذي يحيط علماً بجميع الأسباب والأغراض حتى يقطع على انتفائها؟!
وما الفرق بينك وبين من قال: لا يجوز أن يكون للآيات المتشابهات وجوه صحيحة تطابق أدلة العقل، ولا بد من أن تكون على ما اقتضته ظواهرها؟!
فإن قلت: الفرق بيني و بين من ذكرتم أنني أتمكن من أن أذكر وجوه هذه الآيات المتشابهات ومعانيها الصحيحة، وأنتم لا تتمكّنون من ذكر سبب صحيح للغيبة!
قلنا: هذه المعارضة إنّما وجهناها على من يقول: /(35) إنه غير محتاج إلى العلم على التفصيل بوجوه الآيات المتشابهات وأغراضها، وإن التعاطي لذكر هذه الوجوه فضل وتبرّع، وإن الكفاية واقعة بالعلم بحكمة القديم تعالى، وإنه لا يجوز أن يخبر عن نفسه بخلاف ما هو عليه.
والمعارضة على هذا المذهب لازمة.
(لزوم المحافظة على أصول البحث)
فأما من جعل الفرق بين الأمرين ما حكيناه في السؤال من (تمكّنه من ذكر وجوه الآيات المتشابهات، فإنا لا نتمكن من ذلك)!
فجوابه أن يقال له: قد تركت - بما صرت إليه - مذاهب شيوخك وخرجت عمّا اعتمدوه، وهو الصحيح الواضح اللائح.
وكفى بذلك عجزاً ونكولاً.
وإذا قنعت لنفسك بهذا الفرق - مع بطلانه و منافاته لأصول الشيوخ – كلنا عليك مثله، وهو:
أنا نتمكن - أيضاً - أن نذكر في الغيبة الأسباب الصحيحة، والأغراض الواضحة، التي لا تنافي الحكمة، ولا تخرج عن حدّها، وسنذكر ذلك فيما يأتي من الكلام - بمشيئة الله وعونه - فقد ساويناك وضاهيناك بعد أن نزلنا على اقتراحك وإن كان باطلاً.
ثم يقال له: كيف يجوز أن تجتمع صحّة إمامة ابن الحسن عليهما السلام بما بيناه من سياقة الأصول العقلية إليها، مع القول بأن الغيبة لا يجوز أن يكون لها سبب صحيح يقتضيها؟!
أوليس هذا تناقضاً ظاهراُ، وجارياً في الاستحالة مجرى اجتماع القول بالعدل والتوحيد مع القطع على أنه لا يجوز أن يكون للآيات - الواردة ظواهرها بما يخالف العدل والتوحيد - تأويل صحيح، ومخرج سديد يطابق ما دلّ عليه العقل؟!
أوَ لا تعلم: أن ما دل عليه العقل وقطع به على صحته يقود ويسوق إلى القطع على أن للآيات مخرجاً صحيحاً وتأويلاً للعقل مطابقاً، وإن لم نحط علماً به، كما يقود ويسوق إلى أن للغيبة وجوهاً وأسباباً صحيحة، وإن لم نحط بعلمها؟!
(تقدم الكلام في الأصول على الكلام في الفروع)
فإن قال: (أنا لا أسلّم)(36) ثبوت إمامة ابن الحسن وصحة طريقها، ولو سلمت ذلك لما خالفت في الغيبة، لكنني أجعل الغيبة - وأنه لا يجوز أن يكون لها سبب صحيح - طريقاً إلى نفي ما تدعونه من إمامة ابن الحسن.
قلنا: إذا لم تثبت لنا إمامة ابن الحسن عليهما السلام فلا كلام لنا في الغيبة؛ لأنا إنما نتكلم في سبب غيبة من ثبتت إمامته وعُلِمَ وجوده، والكلام في وجوه غيبة من ليس بموجود هذيان.
وإذا لم تسلموا إمامة ابن الحسن، جعلنا الكلام معكم في صحة إمامته، واشتغلنا بتثبيتها وإيضاحها، فإذا زالت الشبهة فيها ساغ الكلام حينئذ في سبب الغيبة؛ وإن لم تثبت لنا إمامته وعجزنا عن الدلالة على صحتها، فقد بطل قولنا بإمامة ابن الحسن عليهما السلام، واستغنى - معنا - عن كلفة الكلام في سبب الغيبة.
ويجري هذا الموضع من الكلام مجرى من سألنا عن إيلام الأطفال، أو وجوه الآيات المتشابهات، وجهات المصالح في رمي الجمار، والطواف بالبيت، وما أشبه ذلك من العبادات على التفصيل والتعيين.
وإذا عولنا في الأمرين على حكمة القديم تعالى، وأنه لا يجوز أن يفعل قبيحاً، ولا بد من وجه حسن في جميع ما فعله، وإن جهلناه بعينه، وأنّه تعالى لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه، ولا بدّ - فيما ظاهره يقتضي خلاف ما هو تعالى عليه - من أن يكون له وجه صحيح، وإن لم نعلمه مفصّلاً.
قال لنا: ومن سلّم لكم حكمة القديم، وأنه لا يفعل القبيح؟! وإنا إنما جعلن(37) الكلام في سبب إيلام الأطفال ووجوه الآيات المتشابهات وغيرها طريقاً إلى نفي ما تدّعونه من نفي القبيح عن أفعاله تعالى.
فكما أن جوابنا له: أنّك إذا لم تسلّم حكمة القديم تعالى دللنا عليها، ولم يجز أن نتخطّاها إلى الكلام في أسباب أفعاله.
فكذلك الجواب لمن كلّمنا في الغيبة وهو لا يسلّم إمامة صاحب الزمان وصحة أصولها.
(لا خيار في الاستدلال على الفروع قبل الأصول)
فإن قيل: ألا كان السائل بالخيار بين أن يتكلّم في إمامة ابن الحسن عليهما السلام ليعرف صحّتها من فسادها، وبين أن يتكلّم في سبب الغيبة، فإذا بان أنّه لا سبب صحيحاً لها انكشف بذلك بطلان إمامته؟
قلنا: لا خيار في مثل ذلك؛ لأن من شكّ في إمامة ابن الحسن عليهما السلام يجب أن يكون الكلام معه في نفس إمامته، والتشاغل في جوابه بالدلالة عليها، ولا يجوز مع هذا الشكّ - وقبل ثبوت هذه الإمامة - أن يتكلّم(38) في سبب الغيبة؛ لأن الكلام في الفروع لا يسوغ إلاّ بعد إحكام الأصول.
ألا ترى: أنّه لا يجوز أن يتكلّم في سبب إيلام الأطفال إلاّ بعد الدلالة على حكمته تعالى، وأنّه لا يفعل القبيح، وكذلك القول في الآيات المتشابهات.
ولا خيار لنا في هذه المواضع.
(اعتماد شيوخ المعتزلة على هذه الطريقة)
وممّا يبيّن صحّة /(39) هذه الطريقة ويوضّحها: أنّ الشيوخ كلّهم لمّا عولوا- في إبطال ما تدّعيه اليهود: من تأبيد شرعهم و أنّه لا يُنسخ ما دام الليل والنهار، على ما يرونه، ويدّعون: أنّ موسى عليه السلام قال: (إنّ شريعته لا تنسخ) - على أنّ نبيّنا عليه وآله أفضل الصلاة والسلام - وقد قامت دلائل نبوّته، ووضحت بيّنات صدقه - أكذبهم في هذه الرواية، وذكر أنّ شرعه ناسخٌ لكلٌ شريعة تقدّّمته.
سألوا(40) نفوسهم - لليهود - فقالوا: أيّ فرق بين أن تجعلوا دليل النبوّة مبطلأ لخبرنا في نفي النسخ للشرع، وبين أن نجعل صحّة الخبر بتأبيد الشرع، وأنّه لا ينسخ، قاضياً على بطلان النبوّة؟!
ولم تنقلوننا عن الكلام في الخبر وطرق صحّته إلى الكلام في معجز النبوّة، ولم يجز أن تنقلكم عن الكلام في النبوّة ومعجزها إلى الكلام في الخبر وصحّته؟!
أوَ ليس كلّ واحد من الأمرين إذا ثبت قضى على صاحبه؟!
فأجابوهم عن هذا السؤال بـ: أن الكلام في معجز النبوّة أولى من الكلام في طريق صحّة الخبر؛ لأن المعجز معلوم وجوده ضرورةً وهو القرآن، ومعلوم صفته في الإعجاز بطريق عقلي لا يمكن دخول الاحتمال فيه والتجاذب والتنازع.
وليس كذلك الخبر الذي تدّعونه؛ لأنّ صحّته تستند إلى أمور غير معلومة ولا ظاهرة ولا طريق إلى علمها؛ لأنّ الكثرة التي لا يجوز عليهم التواطؤ لابدٌ من إثباتهم في رواية هذا الخبر، في أصله وفرعه، وفيما بيننا وبين موسى عليه السلام، حتى يُقطع على أنهم ما انقرضوا في وقت من الأوقات ولا قلّوا، وهذا مع بعد العهد وتراخي الزمان محالٌ إدراكه والعلم بصحّته.
قضوا(41) حينئذٍ على أنّ الكلام في معجز النبوّة - حتى إذا صحّ، قطع به على بطلان الخبر - أولى من الكلام في الخبر والتشاغل به.
الهوامش
(1) في (أ): القبح.
(2) في(أ): إمامة إلاّ.
(3) ما بين القوسين سقط من (ب).
(4) في (ب) و (ج): أو.
(5) في (ب): يخل.
(6) في (ب): كفاية.
(7) الشافي 1 / 55-71.
(8) ما بين القوسين سقط من (ب).
(9) في (أ) و (ب): إمامته.
(10) في (ج): القبائح.
(11) الشافي 1 / 53 ـ 54.
(12) تفصيل أحوال هذه الفرقة تجدها في: فرق الشيعة: 23، الفرق بين الفرق: 23 و 38-39 رقم52، الملل والنحل 1 / 147 وفي طبعة 1 / 131.
(13) في (ب): وأنه.
(14) رضوى - بفتح أوّله وسكون ثانيه -: جبل بالمدينة، قال ابن السكيت: قفاه حجارة وبطنه غور يضربه الساحل. (معجم البلدان 3 / 51).
(15) أثبت هذه الكلمة في نسخة (ب) في الهامش، وفي المتن: صاحبكم.
(16) تفصيل أحوال هذه الفرقة تجدها في: فرق الشيعة: 67، الفَرق بين الفرق: 61 رقم 57، الملل والنحل 1 / 166 وفي طبعة 1 / 148.
(17) تفصيل أحوال هذه الفرقة تجدها في: فرق الشيعة: 80-81، الفَرق بين الفِرَق: 63 رقم 61 وذكرها باسم: الموسوية،الملل والنحل 1 / 169 وفي طبعة 1 / 150 وفي كليهما ضمن عنوان: الموسوية والمفضلية. وللشيخ رياض محمد حبيب الناصري دراسة تحليلية موسعة مفصّلة حول هذه الفرقة باسم (الواقفية دراسة تحليلية) صدر في جزءين عن المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه السلام ـ مشهد عامي 1409 و 1411هـ.
(18) ما بين القوسين سقط من (ب).
(19) في (ج): أخويه.
(20) في (ب): بموت.
(21) في (ج): متوفٍ.
(22) في (ب): بلى.
(23) ما بين القوسين سقط من (ب).
(24) في (ب): يعلم. وفي (ج): حكم.
(25) في (ج): الفضل.
(26) في (أ) و(ب): ما.
(27) في (ج): منهم.
(28) في (ب): والدعوى.
(29) ما بين القوسين سقط من (ب).
(30) في (ب): وأمّا.
(31) في (ج): المقرّران.
(32) في (أ) و (ب): وكما.
(33) ما بين القوسين سقط من (ب).
(34) في (ب): مشابه.
(35) من هنا سقط من (ب).
(36) في (أ): لا نسلّم.
(37) في (ج): وأنا إنّما جعلتُ.
(38) في (ج): نتكلّم.
(39) إلى هنا ينتهي السقط في (ب).
(40) هذا متعلّق بجملة: (لمّا عوّلوا...) المارّة انفاً.
(41) جواب جملة: (لمّا عوّلوا...) المارّة انفاً.
******************
(استعمال هذه الطريقة في المجادلات بطريق أولى)
وهذا الفرق يمكن أن يستعمل بيننا وبين من قال: كلّموني في سبب إيلام الأطفال قبل الكلام في حكمة القديم تعالى، حتى إذا بان أنّه لا وجه يحسّن هذه الآلام بطلت الحكمة، أو قال بمثله في الآيات المتشابهات.
وبعدُ، فإنّ حكمة القديم تعالى في وجوب تقدّم الكلام فيها على أسباب الأفعال، ووجوه تأويل الكلام، بخلاف ما قد بيّناه في نسخ الشريعة ودلالة(1) المعجز:
لأنّ حكمة القديم تعالى أصلٌ في نفي القبيح(2) عن أفعاله،
والأصل لا بدّ من تقدّمه لفرعه.(3)
وليس كذلك الكلام في النبوّة (والخبر؛ لأنّه ليس أحدهما أصلاً لصاحبه، وإنّما رجّح الشيوخ الكلام في النبوّة)(4) على الخبر، وطريقه: من الوجه الذي ذكرناه، وبينوا أنّ أحدهما محتمل مشبته، والآخر واضح يمكن التوصّل - بمجرّد دليل العقل - إليه.
(الكلام في الإمامة أصل للغيبة)
والكلام في الغيبة مع الكلام في إمامة صاحب الزمان عليه السلام يجري - في أنه أصل وفرع - بمجرى الكلام في إيلام الأطفال، وتأويل المتشابه ، والكلام في حكمة القديم تعالى، فواجب تقدّم الكلام في إمامته على الكلام في سبب غيبته من حيث الأصل والفرع اللذان ذكرناهما في سبب إيلام الأطفال وغيره.
(مزيّة في استعمال تلك الطريقة في بحث الغيبة)
ثم يجب تقدّمه من وجه الترجيح والمزّية على ما ذكره الشيوخ في الفرق بين الكلام في النبوّة والكلام في طريق خبر نفي النسخ؛ لأنّه من المعلوم.
لأن الكلام في سبب الغيبة ووجهها، فيه من الاحتمال والتجاذب ما ليس في الطريقة التي ذكرناها في إمامة ابن الحسن عليهما السلام؛ لأنّها مبنيّة على اعتبار العقل وسبر ما يقتضيه، وهذا بيّنٌ لمن تأمّله.
(التأكيد على المحافظة على المنهج الموضوعي للبحث)
وبعدُ، فلا تنسوا ما لا يزال شيوخكم يعتمدونه، من ردّ المشتبه من الأمور إلى واضحها، وبناء المحتمل منها على ما لا يحتمل، والقضاء بالواضح على الخفيّ، حتّى أنّهم يستعملون ذلك ويفزعون إليه في أصول الدين وفروعه فيما طريقه العقل وفيما طريقه الشرع، فكيف تمنعوننا في الغيبة خاصّة ما هو دأبكم(5) ودينكم، وعليه اعتمادكم واعتضادكم؟!
ولا خوف التطويل لأشرنا إلى المواضع والمسائل التي تعوّلون فيها على هذه الطريقة، وهي كثيرة؛ فلا تنقضوا - بدفعنا في الغيبة عن النهج الذي سلكناه - أُصولكم بفروعكم، ولا تبلغوا في العصبيّة إلى الحدّ الذي لا يخفى على أحد.
(بيان حكمة الغيبة عند المصنّف)
وإذا كنّا قد وَعَدْنا بأن نتبرّع بذكر سبب الغَيْبة على التفصيل، وإنْ كان لا يلزمنا، ولا يُخلّ(6) الإضراب عن ذكره بصحّة مذاهبنا، فنحن نفعل ذلك ونتبعه بالأسئلة التي تُسأل عليه ونجيب عنها.
فإن كان كلّ هذا فضلاً منّا، اعتمدناه استظهاراً في الحجّة، وإلاّ فالتمسّك بالجملة المتقدّمة مُغْن كاف.
(الغَيْبة استتاراً من الظلمة)
أمّا سبب الغِيْبة فهو: إخافة الظالمين له عليه السلام، وقبضهم يده عن التصرّف فيما جُعل إليه التصرّف والتدبيرله؛ لأنّ الإمام إنّما ينتفع به إذا كان مٌمَكَّناً، مطاعاً، مُخلّيً بينه وبين أغراضه، ليقوِّم الجناة، ويحارب البغاة، ويقيم الحدود، ويسدّ الثغور، وينصف المظلوم من الظالم، وكلّ هذا لا يتمّ إلاّ مع التمكين، فإذا حيل بينه وبين مراده سقط عنه فرض القيام بالإمامة، فإذا خاف على نفسه وجبت غَيْبته ولزم استتاره.
ومَنْ هذا الذي يُلْزمُ خائفاً - أعداؤه(7) عليه، وهم حنقون - أن يظهر لهم وأن يبرز بينهم؟!
والتحرّز من المضارّ واجبٌ عقلاً وسمعاً.
وقد استتر النبيّ صلىّ الله عليه وآله في الشعب مرّة، واُخرى في الغار، ولا وجه لذلك إلاّ الخوف من المضارّ الواصلة إليه.
(التفرقة بين استتار النبيّ والإمام في أداء المهمّة والحاجة إليه)
فإن قيل: النبيُّ (صلىّ الله عليه وأله)(8) ما استتر عن قومه إلاّ‍ بعد أدائه إليهم ما وجب أداؤه، ولم تتعلّق بهم إليه حاجة، وقولكم في الإمام بخلاف ذلك.
ولأنّ استتاره (صلىّ الله عليه وآله)(9) ما تطاول ولا تمادى، واستتار إمامكم قد مضت عليه العصور وانقضت دونه الدهور!
قلنا: ليس الأمر على ما ذكرتم؛ لأنّ النبيّ صلىّ الله عليه وآله إنّما استتر في الشِعْب والغار بمكّة، وقبل(10) الهجرة، وما كان أدّى (صلىّ الله عليه وآله)(11) جميع الشريعة، فإن أكثر الأحكام ومعظم القرآن نزل بالمدينة، فكيف ادّعيتم أنّه كان بعد الأداء؟!
ولو كان الأمر على ما زعمتم من تكامل الأداء قبل الاستتار: لما كان ذلك رافعاً للحاجة إلى تدبيره عليه السلام، وسياسته، وأمره(12) في أمّته ونهيه.
ومَنْ هذا الذي يقول: إنّ النبي (صلىّ الله عليه وآله)(13) بعد أداء الشرع غير محتاج إليه، ولا مفتقَر إلى تدبيره، إلاّ معاندٌ مكابر؟!
وإذا جاز استتاره عليه السلام - مع تعلّق الحاجة إليه - لخوف الضرر، وكانت التبعة في ذلك لازمة لمخيفيه ومحوجيه إلى التغيب، سقطت عه اللائمة، وتوجهت إلى مَنْ أحوجه إلى الاستتار وألجأه إلى التغيب.
وكذلك القول في غيبة إمام غَيْبة إمام الزمان عليه السلام.
(التفرقة بينهما في طول الغَيْبة وقصرها)
فأمّا التفرقة بطول الغيبة وقصرها فغير صحيحة:
لأنّه لا فرق في ذلك بين القصير المنقطع وبين الممتدّ المتمادي؛ لأنّه إذا لم يكن في الاستتار لائمة على المستتر إذا أُحْوِجَ إليه(14): جاز أن يتطاول سبب الاستتار، كما جاز أن يقصر زمانه.
(لَم لَم يستتر الأئمة السابقون عليهم السلام)
فإن قيل: إنْ ان الخوف أحوجه إلى الاستتار، فقد كان آباؤه عندكم في تقيّة وخوف من أعدائهم، فكيف لم يستتروا؟!
قلنا: ما كان على آبائه عليهم السلام خوفٌ من أعدائهم، مع لزومهم التقيّة، والعدول عن التظاهر بالإمامة، ونفيها عن نفوسهم.
وإمام الزمان كلّ الخوف عليه؛ لأنّه يظهر بالسيف ويدعو إلى نفسه(15) ويجاهد مَنْ خالف عليه.
فأيُّ نسبة بين خوفه من الأعداء، وخوف آبائه عليهم السلام منهم، لولا قلّة التأمّل؟!
(الفرق بين الغيبة وعدم الوجود)
فأن قيل: أيّ فرق بين وجوده غائباً لا يصل إليه أحدٌ ولا ينتفع به بشر، وبين عدمه؟!
وألا جاز أن يعدمه الله تعالى، حتى إذا علم أنّ الرعيّة تمكّنه وتسلّم له أوْجده، كما جاز أن يبيحه الاستتار حتى يعلم منهم التمكين له فيظهره؟!
وإذا(16) جاز أن يكون الاستتار سببه إخافة الظالمين، فألا جاز أن يكون الإعدام سببه ذلك بعينه؟!
قيل(17): ما يقطع - قبل أن نجيب عن سؤالك - على أنّ الإمام لا يصل إليه أحد ولا يلقاه؛ لأن هذا الأمر مغيب عنّا، وهو موقوف على الشكّ والتجويز.
والفرق بعد هذا - بين وجوده غائباً من أجل التقيّة، وخوف الضرر من أعدائه، وهو في أثناء ذلك متوقِّع أن يُمكّنوه ويزيلوا خيفته فيظهر ويقوم بما فوّض إليه من أُمورهم؛ وبين أن يعدمه الله تعالى - جليُّ واضح:
لأنّه إذا كان معدوماً، كان ما يفوت العباد من مصالحهم، ويعدمونه من مراشدهم، ويحرمونه من لطفهم وانتفاعهم به منسوباً إليه تعالى، ومعضوبا(18) لا حجّة فيه على العباد، ولا لوم يلزمهم ولا ذمّ.
وإذا كان موجوداً مستتراً بإخافتهم له، كان ما يفوت من المصالح ويرتفع من المنافع منسوباً إلى العباد، وهم الملومون عليه المؤآخذون به.
فأمّا الإعدام فلا يجوز أن يكون سببه إخافة الظالمين؛ لأنّ العباد قد يٌلجئ بعضُهم بعضاً إلى أفعاله.
(الفرق بين استتار النبيّ وعدم وجوده)
على أن ينقلب عليهم في استتار النبيّ (صلىّ الله عليه وآله وسلّم)(19) فيقال لهم: أيّ فرق بين وجوده مستتراً وبين عدمه؟! فأيّ شيء قالوا في ذلك أجبناهم بمثله.
وليس لهم أن يفرقوا بين الأمرين بأن النبي (صلىّ الله عليه وآله وسلّم)(20) ما استتر من كلّ أحد، وإنّما استتر من أعدائه، وإمام الزمان عليه السلام مستتر من الجميع!
وذلك أن النبيّ صلىّ الله عليه وآله لمّا استتر في الغار كان مستتراً من أوليائه وأعدائه، ولم يكن معه إلاّ أبو بكر وحده.
وقد كان يجوز عندنا وعندكم أن يستتر بحيث لا يكون معه أحدٌ من وليّ ولا عدوّ إذا اقتضت المصلحة ذلك.
وإذا رضوا /(21) لأنفسهم بهذا الفرق قلنا مثله؛ لأنه قد بيّنّا أنّ الإمام يجوز أن يلقاه في حال الغَيْبة جماعة من أوليائه وأنّ ذلك ممّا لا يقطع على فقده.
(أمكان ظهور الإمام بحيث لا يمسّه الظلم)
فإن قيل: إنْ كان خوف ضرر الأعداء هو الموجب للغيبة، أفلا أظهره الله تعالى (في السحاب وبحيث لا تصل إليه أيدي أعدائه فيجمع الظهور)(22) والأمان من الضرر؟!
قلنا: هذا سؤال من لا يفكّر فيما يورده؛ لأنّ الحاجة من العباد إنّما تتعلّق بأمام يتولّى عقاب جناتهم، وقسمة أموالهم، وسدّ ثغورهم، ويباشر تدبير أُمورهم، ويكون بحيث يحلّ ويعقد، ويرفع ويضع، وهذا لا يتمّ إلاّ مع المخالطة والملابسة.
فإذا جُعل بحيث لا وصول إليه ارتفعت جهة الحاجة إليه، فصار ظهوره للعين كظهور النجوم الذي لا يسدّ منّا خللاً ولا يرفع زللاً، ومن احتاج في الغَيْبة إلى مثل هذا السؤال فقد أفلس ولم تبقّ فيه مسكة.(23)
(إقامة الحدود في الغَيْبة)
فإن قيل: فالحدود في حال الغَيْبة ما حكمها؟
فإن سقطت عن فاعلي ما يوجبها فهذا اعتراف بنسخ الشريعة!
وإن كانت ثابتة فمن يقيمها مع الغيبة؟!
قلنا: الحدود المستحقّة ثابتة في جنوب الجناة بما يوجبها من الأفعال، فإن ظهر الإمامُ والمستحقُّ لهذه الحدود باقٍ أقامها عليه بالبيّنة أو الإقرار، وإنْ فات ذلك بموته كان الإثم في تفويت إقامتها على من أخاف الإمام وألجأه إلى الغيبة.
وليس هذا بنسخ لإقامة الحدود؛ لأنّ الحدّ إنّما تجب إقامته مع التمكّن وزوال الموانع، ويسقط مع الحيلولة.
وإنّما يكون ذلك نسخاً لو سقط فرض إقامة الحدّ مع التمكّن وزوال الأسباب المانعة من إقامته.
ثمّ يُقلب هذا عليهم فيقال لهم: كيف قولكم في الحدود التي تستحقّها الجناة في الأحوال التي لا يتمكّن فيها أهل الحلّ والعقد من اختيار الإمام ونصبه؟! فأيّ شيء قالوه في ذلك قيل لهم مثله.
فإن قيل: كيف السبيل مع غَيْبة الإمام إلى إصابة الحقّ؟!
فإن قلتم: لا سبيل إليه، فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة وريب في سائَر أُمورهم.
وإنْ قلتم: يصاب الحقّ بأدلّته (قيل لكم: هذا تصريح بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلّة) ورجوع إلى الحقّ؟!(24)
قلنا: الحقُّ على ضربين: عقليّ وسمعيّ:
فالعقليّ يصاب بأدلّته ويدرك بالنظر فيها.
والسمعيّ (عليه أدلّة منصوبة من أقوال النبيّ عليه السلام ونصوصه)(25) وأقوال الأئمة من ولده عليهم السلام، وقد بيّنوا ذلك وأوضحوه، ولم يتركوا منه شيئاً لا دليل عليه.
غير إنّ هذا، وإن كان على ما قلناه، فالحاجة إلى الإمام ثابتة لازمة؛ لأنّ جهة الحاجة إليه - المستمرّة في كلّ زمان وعلى كلّ وجه - هي كونه لطفاً لنا في فعل الواجب وتجنّب القبيح، وهذا ممّا لا يغني عنه شيء، ولا يقوم مقامه فيه غيرُه.
فأمّا الحاجة إليه المتعلّقة بالسمع والشرع فهي أيضاً ظاهرة:
لأنّ النقل، وإنْ كان وارداً عن الرسول صلىّ الله عليه وآله وعن آباء الإمام عليهم السلام بجميع ما يحتاج إليه في الشريعة، فجائزٌ على الناقلين أن يعدلوا عن النقل، إمّا اعتمادا(26) أو اشتباهاً، فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجّة، فيحتاج حينئذٍ إلى الإمام ليكشف ذلك ويوضّحه ويبيّن موضع التقصير فيه.
فقد بان: أنّ الحاجة ثابتة على كلّ حال، وإنْ أمكنت إصابة الحقّ بأدلّته.
(الحال فيما لو احتيج إلى بيان الإمام الغائب)
فإن قيل: أرأيتم إنْ كتم الناقلون بعض مهمَّ الشريعة واحتيج إلى بيان الإمام، ولم يُعلم الحقُّ إلاّ من جهته، وكان خوفه القتلَ من أعدائه مستمرّاً، كيف يكون الحال؟
فأنتم بين أن تقولوا: إنّه يظهر وإن خاف القتل، فيجب على هذا أن يكون خوف القتل غير مبيح للغَيْبة، ويجب ظهوره على كلّ حال!
أو تقولوا: لا يظهر، ويسقط التكليف في ذلك الشيء المكتوم عن الأٌمّة، فتخرجوا بذلك من الإجماع؛ لأنّ الإجماع منعقد على أنّ كلّ شيء شرعه النبيّ صلىّ الله عليه وآله وأوضحه فهو لازم للأمّة إلى (أن تقوم)(27) الساعة.
وإن قلتم: إنّ التكليف لا يسقط، صرّحتم بتكليف ما لا يطاق وإيجاب العلم بما لا طريق إليه.
قلنا: قد أجبنا عن هذا السؤال وفرّعناه إلى غاية ما يتفرّع في كتابنا (الشافي).(28)
وجملته: أنّ الله تعالى لو علم أنّ النقل لبعض الشريعة المفروضة ينقطع - في حال تكون تقيّة الإمام فيها مستمرّة، وخوفه من الأعداء باقياً - لأسقط ذلك التكليف عمّن لا طريق له إليه.
وإذا علمنا - بالإجماع الذي ا شبهة فيه - أنّ تكليف الشرائع مسمترٌ ثابتٌ على جميع الأُمّة إلى أن تقوم الساعة، ينتج لنا هذا العلم أنّه لو اتّفق أن ينقطع النقل - بشيء من الشرائع(29) - لما كان ذلك إلاّ في حال يتمكّن فيها الإمام من الظهور والبروز والإعلام و الإنذار.
(علّة عدم ظهور الإمام لأوليائه)
فإن قيل: إذا كانت العلّة في غيبته عن أعدائه خوفه منهم، فما باله لا يظهر لأوليائه، وهذه العلة زائلة فيهم؟!
فإذا لم يظهر للأولياء - وقد زالت عنهم علّة استتاره - بطل قولكم في علّة الغَيْبة!
قلنا: قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأنّ علّة غيْبته عن أوليائه لا تمنع أن يكون خوفه من أن يلقاهم فيشيعوا خبره، ويتحدّثوا سروراً باجتماعه معهم، فيؤدّي ذلك - وإنْ كان ذلك غير مقصود - إلى الخوف من(30) الأعداء.
(عدم ارتضاء المصنف لهذه العلّة)
وهذا الجواب غير مَرْضيّ؛ لأنّ عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في إظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم، فكيف يخبرون بذلك مع العلم بما فيه من المضرّة الشاملة؟! و إنْ جاز هذا الذي ذكروه على الواحد والاثنين، لم يجز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم.
على أنّ هذه العلّة توجب أنّ شيعته قد عُدموا الانتفاع به على وجه لا يتمكّنون من تلافيه وإزالته:
لأنّه إذا علّق الاستتار بما يعلم من حالهم أنّهم يفعلونه، فليس في مقدورهم الآن ما(31) يقتضي ظهور الإمام، وهذا يقتضي سقوط التكليف - الذي الإمام لطفٌ فيه ـ عنهم.
(الجواب عن اعتراض المصنِّف)
وقد أجاب بعضهم عن هذا السؤال بأنّ سبب الغيبة عن الجميع هو فعل الأعداء؛ لأنّ انتفاع جماعة الرعيّة ـ من وليًّ وعدوّ ـ بالإمام إنّما يكون بأن ينفذ أمرُه وتنبسط يدُه، ويكون ظاهراً متصرِّفاً بلا دافع ولا منازع، وهذا ممّا(32) المعلوم أنّ الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.
قالوا: ولا فائدة في ظهوره سرّاً لبعض أوليائه؛ لأنّ النفع المبتغى من تدبير الأئمّة لا يتمًّ إلاًّ بالظهور للكلّ ونفوذ الأمر، فقد صارت العلّة في استتار الإمام وفقد ظهوره ـ على الوجه الذي هو لطفُ ومصلحةٌ للجميع ـ واحدةٌ.
وهذا أيضاً جواب غير مَرْضيّ:
لأنّ الأعداء إن كانوا حالوا بينه و بين الظهور على وجه التصرّف والتدبير، فلم يحولوا بينه وبين مَنْ شاء من أوليائه على جهة الاستتار.
وكيف لا يَنْتفع به مَنْ يلقاه من أوليائه على سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته وفرض أتباع أوامره، ويحكّمه في نفسه؟!
وإنْ كان لا يقع هذا اللقاء لأجل اختصاصه؛ ولأن الإمام معه غير نافذ الأمر في الكلّ، ولا مفوّض إليه تدبير الجميع، فهذا تصريحٌ بأنّه لا انتفاع للشيعة الإمامية بلقاء أئمّتها من لدن وفاة أمير المؤمنين عليه السلام إلى أيّام الحسن بن عليّ أبي القائم عليهم السلام، للعلّة التي ذكرت.
ويوجب ـ أيضاً ـ أنّ أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الأمر إلى تدبيره وحصوله في يده.
وهذا بلوغ ـ من قائله ـ إلى حدّ لا يبلغه متأمّل.
على أنّه: إذا سلّم لهم ما ذكروه ـ من أنّ الانتفاع بالإمام لا يكون إلاّ مع ظهوره لجميع الرعيّة، ونفوذ أمره فيهم ـ بطل قولهم من وجه آخر، وهو: أنّه يؤدّي إلى سقوط التكليف ـ الذي الإمام لطفٌ فيه ـ عن شيعته:
لأنّه إذا لم يظهر لهم لعلّة لا ترجع إليهم، ولا كان في قدرتهم وإمكانهم إزالة ما يمنعهم(33) من الظهور: فلا بدّ من سقوط التكليف عنهم، ولا يجرون في ذلك مجرى أعدائه؛ لأنّ الأعداء ـ واِنْ لم يظهر لهم ـ فسبب ذلك من جهتهم، وفي إمكانهم أن يزيلوا المنع من ظهوره فيظهر، فلزمهم التكليف الذي تدبير الإمام لطفٌ فيه، ولو لم يلزم ذلك شيعته على هذا الجواب
ولو جاز أن يمنع قومٌ من المكلَّفين غيرهم من لطفهم، ويكون التكليف ـ الذي ذلك اللطفٌ لطف فيه ـ مستمرّاً عليهم: لجاز أن يمنع بعضُ المكلِّفين غيره ـ بقيدٍ أو ما أشبههـ من المشي على وجهٍ لا يتمكّن ذلك المقيّد من إزالته، ويكون المشي مع ذلك مستمّراً على المقيَّد.
وليس لهم أن يفرّقوا بين القيد وفَقد اللطف، من حيث كان القيد يتعذّر معه الفعل ولا يتوهّم وقوعه، وليس كذلك فقد اللطف:
لأنّ المذهب الصحيح ـ الذي نتّفق نحن عليه ـ أنّ فَقْدَ اللطف يجري مجرى فَقْدِ القُدرة والآلة، وأنّ التكليف مع فَقْدِ اللطف ـ في مَنْ له لطف ـ معلومٌ قبحه، كالتكليف مع فَقْد القدرة والآلة ووجود المانع، وأنّ مَن لم يفعل به اللطف ـ ممًّن له لطف معلوم ـ غير متمكِّن من الفعل، كما أنّ الممنوعَ غيرُ متمكَّن.
الهوامش
(1) في (ب): دلائل.
(2) في (أ): النسخ. ويحتمل: القبح.
(3) اللام هنا بمعنى (عن).
(4) ما بين القوسين سقط من (ب)، والعبارة فيها هكذا: (وليس كذلك الكلام في النبوّة في الغيبة مع الكلام...).
وفي (أ) هنا زيادة: (في الغيبة مع الكلام...).
(5) في (أ): دليلكم.
(6) في (أ) و (ب): يحلّ.
(7) في (ج): أعداءه.
(8) في (أ): عليه وآله السلام.
(9) في (أ) و (ب): عليه السلام.
(10) في (ب): قبل.
(11) في (أ) و (ب): عليه السلام.
(12) في (أ): أوامره.
(13) في (أ): عليه السلام.
(14) في (الغيبة) للطوسي - ص 92 ـ هنا زيادة: بل اللائمة على من أحوجه إليها.
(15) جاء في هامش (ج) هنا ما نصّه:
توضيحه: أنّ إمام الزمان مكلّف بإظهار الحقّ وقتل مخالفيه، ولا يكون ذلك إلاّ بالسيف، بخلاف آبائه عليهم السلام، فإنّهم لم يكونوا بهذه المثابة من التكليف، والله أعلم. جواد عفي عنه.
(16) في (ب): فإذا.
(17) في (أ) و(ب): فإن قيل. غلط.
(18) كان في (ب): ومعصوماً. وفي (ج): ومعضوباً به.
والمعضوب من الرجال: الضعيف، والعضب: القطع، ورجل معضوب اللسان إذا كان مقطوعاً، عييّاً، فَدْماً.
أُنظر: الصحاح 1 / 184، لسان العرب 1 / 609 - عضب.
والظاهر أنّ جملة (ومعضوباً...) جواب ثانٍ لـ (إذا...) المتقدّمة.
(19) في (أ): عليه الصلاة والسلام.
(20) في (أ): عليه السلام.
(21) إلى هنا تنتهي نسخة (ب)، والفقرة السابقة مشوَّشة فيها.
(22) ما بين القوسين سقط من (أ).
(23) في (أ): مسألة.
والمسكة: أيُّ شيء يتمسّك به في الجدل.
(24) إلى هنا ينتهي تفريع الإشكال، وما بين القوسين سقط من (أ).
(25) ما بين القوسين سقط من (ج).
(26) في (الغَيْبة) للطوسي - ص 96 -: تعمّداً.
(27) في (أ): يوم.
(28) الشافي 1/ 144 - 150 وما بعدها.
(29) في (ج): الشرع.
(30) في ( أ ): إلى. وهو غلطٌ.
(31) كان في ( أ ): ممّا. وفي ( ج ) : بما. وما أثبتناه هو الأنسب للسياق من ( الغَيْبة ) للطوسي ـ ص 97 ـ .
(32) كذا في (أ) و (ج) و(الغيبة) للطوسي ـ ص 98ـ .
(33) كذا في نسختي الكتاب، والظاهر: (ما يمنعه) أي الإمام عليه السلام.
******************
(الأَوْلى في علّة الاستتار من الأولياء)
والذي يجب أن يجاب به عن هذا السؤال ـ الذي قدّمنا ذكره في علّة الاستتار من أوليائه(1) ـ أن نقول أوّلاً (لا)(2) قاطعين على أنّه لا يظهر لجميع أوليائه، فإنّ هذا مغيِّب عنّا، ولا يعرف كلُّ واحد منّا إلاّ حال نفسه دون حال غيره.
وإذا كنّا نجوِّز ظهوره لهم كما نجوِّز(3) خلافه: فلا بُدّ من ذِكر العلّة فيها نجوّزه من غَيبته عنهم.
وأَولى ما قيل في ذلك وأقربه إلى الحقّ ـ وقد بيّنّا فيما سلف أنّ هذا الباب ممّا لا يجب العلم به على سبيل التفصيل، وأنّ العلم على وجه الجملة فيه كافٍ ـ: أن نقول: لا بُدّ من أن تكون علّة الغَيْبة عن الأولياء مضاهية لعلّة الغَيْبة عن الأعداء، في أنّها لا تقضي سقوط التكليف عنهم، ولا تحلق اللائمة(4) بمكلفِّهم تعالى، ولا بُدّ من أن يكونوا متمكنين من رفعها وإزالتها فيظهر لهم، وهذه صفات لا بُدّ من أن تحصل لما تعلّل به الغَيْبة، وإلاّ أدّى إلى ما تقدّم ذِكره من الفساد.
وإذا ثبتت هذه الجملة فأَوْلى ما علّل به التغّيب عن الأولياء أن يقال: قد علمنا أنّ علمنا أنّ العلم بإمام الزمان على سبيل التعيين والتمييز لا يتّم إلاّ بالمعجز، فإنّ النصّ ـ في إمامة هذا الإمام خاصةً ـ غير كافٍ في تعيّنه، ولا بُدّ من المعجز الظاهر على يده حتى نصدّقه في أنّه ابن الحسن عليهما السلام.
والعلم بالمعجز ودلالته على الظهور، طريقُهُ الاستدلال الذي يجوز أن تعترض فيه الشبهة.
ومَن عارضته شبهة في مَنْ ظهر على يده معجزٌ، فاعتقد أنّه زورٌ ومخرقهٌ، وأنّ مُظْهِرَهُ كذاب متقوِّلٌ، لَحِقَ بالأعداء في الخوف من جهته.
(جهة الخوف من الأولياء عند الظهور)
فإن قيل: فأيّ تقصير وقع من الوليّ الذي لم يظهر له الإمام لأجل هذا المعلوم من حاله(5)؟
وأيّ قدرة له على فعل ما يظهر له الإمام معه؟
وإلى أيّ شيء يفزع في تلافي سبب غَيْبته عنه؟
قلنا: ما أَحَلْنا ـ في سبب الغَيْبة عن الأولياء ـ إلاّ على معلومٍ يظهر موضوع التقصير فيه، وإمكان تلافيه:
لأنّه غير ممتنع أن يكون من المعلوم من حاله أنّه متى ظهر له الإمام قصّر في النظر في معجزه، وإنّما أُتيَ في ذلك: لتقصير(6) الناظر في العلم بالفرق بين المعجز والممكن، والدليلِ مِن ذلك وما ليس بدليل.
ولو كان من هذا الأمر على قاعدة صحيحة وطريقة مستقيمة: لم يجز أن يشتبه عليه معجِزُ الإمام عند ظهوره له.
فيجب عليه تلافي هذا التقصير واستداركه، حتى يخرج بذلك من حدّ من يشتبه عليه المعجز بغيره.
(هل تكليف الوليّ بالنظر، هو بما لا يطاق؟)
وليس لأحد أن يقول: هذا تكليف ما لا يطاق، وحوالة على غيب لا يُدرَك؛ لأنّ هذا الوليّ ليس يعرف ما قصّر فيه بعينه من النظر والاستدلال، فيستدركه، حتى يتمهّد في نفسه ويتقرّر، ونراكم تلزمونه على ما لا يلزمه؟!
(والجواب عن هذا الاعتراض:)
أنّ ما يلزم في التكليف قد يتميّز وينفرد، وقد يشتبه بغيره ويختلط ـ وإنْ كان التمكّن من الأمرين حاصلاً ثابتاً ـ فالوليّ على هذا إذا حاسب نفسه ورأى إمامه لا يظهر له، واعتقد(7) أن يكون السبب في الغَيْبة ما ذكرناه من الوجوه الباطلة (وأجناسها: علم أنّه لا بُدّ من سبب يرجع إليه).(8)
وإذا رأى أنّ أقوى الأسباب ما ذكرناه: علم أنّ تقصيراً واقعاً من جهته في صفات المعجز وشروطه، فعليه ـ حينئذٍ ـ معاودة النظر في ذلك، وتخليصه من الشوائب، وتصفيته ممّا يقتضي الشبهة ويوجب الالتباس.
فإنّه متى اجتهد في ذلك حقّ الاجتهاد، ووفىّ النظر نصيبه غير مبخوس ولا منقوص: فلا بُدّ له من وقوع العلم بالفراق بين الحقّ والباطل.
وإذا وقع العلم بذلك: فلا بُدّ من زوال سبب الغَيْبة عن الوليّ.
وهذه المواضع: الإنسان فيها على نفسه بصيرة، وليس يمكن أن يؤمر فيها بأكثر من التناهي في الاجتهاد والبحث والفحص والاستسلام للحقّ.
(استكمال الشروط، أساس الوصول إلى النتيجة)
وما للمخالف لنا في هذه المسألة إلاّ مثل ما عليه:
لأنّه يقول: إنّ النظر في الدليل إنّما يولّد العلم على صفات مخصوصة، وشروط كثيرة معلومة، متى اختلّ شرط منها لم يتولّد العلم بالمنظور فيه.
فإذا قال لهم مخالفوهم: قد نظرنا في الأدلّة كما تنظرون فلم يقع لنا العلم بما تذكرون أنّكم عالِمون به؟
كان جوابهم: إنّكم ما نظرتم على الوجه الذي نظرنا فيه، ولا تكاملت لكم شروطً توليدِ النظرِ العلمَ؛ لأنّها كثيرة، مختلفة، مشتبهة.
فإذا قال لهم مخالفوهم: ما تحيلوننا في الإخلال بشروط توليد النظر إلاّ على سراب، وما تشيرون إلى شرط معيّن أخللنا به وقصّرنا فيه؟!
كان جوابهم: لا بُدّ ـ متى لم تكونوا عالمين كما علمنا ـ من تقصيرٍ وقع منكم في بعض شروط النظر؛ لأنّكم لو كمّلتم الشروط واستوفيتموها لعلمتم كما علِمنا، فالتقصير منكم على سبيل الجملة واقع، وأنْ لم يمكننا الإشارة إلى ما قصّرتم فيه بعينه، وأنتم مع هذا متمكّنون من أن تستوفوا شروط النظر وتستسلموا للحقّ وتخلو قلوبكم من الاعتقادات والأسباب المانعة من وقوع العلم، ومتى فعلتم ذلك فلا بُدّ من أنْ تعلموا، والإنسانُ على نفسه بصيرة.
وإذا كان هذا الجواب منهم صحيحاً، فبمثله أجبناهم.
(الفرق بين الوليّ والعدوّ في علّة الغيبة)
فإن قيل: فيجب ـ على هذا ـ أن يكون كلٌ وليّ لم يظهر له الإمام يقطع على أنّه على كبيرة عظيمة تلحق بالكفر؛ لأنّه مقصّر ـ على ما فرضتموه ـ فيما يوجب غَيْبة الإمام عنه، ويقتضي تفويته ما فيه مصلحته، فقد لَحِقَ الوليُّ ـ على هذا ـ بالعدوّ.
قلنا: ليس يجب في التقصيرـ الذي أشرنا إليه ـ أن يكون كفراً ولا ذنباً عظيماً، لأنّه في هذه الحال الحاضرة ما اعتقد في الإمام أنّه ليس بإمام، ولا أخافه على نفسه، وإنّما قصّر في بعض العلوم تقصيراً كان كالسبب في أنّه عِلم من حاله أنّ ذلك يؤدّي إلى أنّ الشكّ في الإمامة يقع منه مستقبلاً، والآن ليس بواقع، فغير لازم في هذا التقصير أن يكون بمنزلة ما يفضي إليه ممّا المعلوم أنّه سيكون.
غير إنّه، وإنْ لم يلزم أنْ يكون كفراً، ولا جارياً مجرى تكذيب الإمام والشكّ في صدقه، فهو ذنب وخطأ، ل(9) ينافيان الإيمان واستحقاق الثواب.
وأنْ(لا)(10) يحلق الوليُّ بالعدوِّ على هذا التقدير؛ لأنّ العدوّ ـ في الحال ـ معتقد في الإمامة ما هو كفر و كبيرة، والوليّ بخلاف ذلك.
(سبب الكفر في المستقبل، ليس كفراً في الحال)
والذي يبيّن ما ذكرناه ـ من أن ما هو كالسبب في الكفر لا يلزم أن يكون في الحال كفراً ـ أنّه لو اعتقد معتقدٌ في القادر منّا بقدرةٍ: (أنّه يصحّ أن يفعل في غيره من الأجسام من غير مماسّة) فهذا خطأ وجهل ليس بكفر، ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال المعتقد أنّه لو ظهر نبيُّ يدعو إلى نبوّته، وجعل معجزه أنْ يفعل الله على يديه فعلاً بحيث لا تصل إليه أسباب البشر ـ وهذا لا محالة عِلْمٌ مُعجِزٌ ـ أنّه كان يكذّبه فلا يؤمن به، ويجوز أنْ يُقَدِّر أنّه كان يقتله؛ وما سبق من اعتقاده في مقدور القادر كالسبب في هذا، ولم يلزم أن يجري مجراه في الكبر والعظم.
وهذه جملة (من الكلام في)(11) الغَيْبة يطّلع بها على أُصولها وفروعها، ولا يبقى بعدها إلاّ ما هو كالمستغنى عنه.
ومن الله نستمدّ المعونة وحسن التوفيق لما وافق الحق وطابَقَه وخالف الباطل وجانبه (وهو السميع المجيب بلطفه ورحمته، وحسبنا الله ونِعم الوكيل).(12)
تمّ كتاب (المقنع) والحمد لله أولاً وآخراً (وظاهراً وباطناً).(13)
(كتاب الزيادة المكمّل بها كتاب (المقنع)
للسيّد المرتضى علم الهدى علىّ بن الحسين الموسوي(14)
(مقدّمة الزيادة المكّملة)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال السيّد المرتضى علم الهدى (قدسّ الله روحه، ورضي عنه وأرضاه)(15):
قد ذكرنا في كتابنا(16) (الشافي في الإمامة) ثمّ في كتابنا(17) (المقنع في الغَيْبة) السبب في استتار إمام الزمان عليه السلام عن أعدائه وأوليائه(18)، وخالَفْنا بين السبَبيْن، وبيّنّا أنّ عدم الانتفاع ـ من الجميع ـ به: لشيء يرجع إليهم، لا إليه، واستقصينا ذلك وبلغنا فيه أبعد غاية.
ثم استأنفنا في (المقنع) طريقة غريبة لم نُسْبَق إليها، ودللنا على أنّه لا يجب علينا بيان السبب في غَيْبته على التعيين، بل يكفي في العلم بحُسن الغَيْبة منه علْمُنا بعصمته وأنّه ممّن لا يفعل قبيحاً ولا يترك واجباً، وضربنا لذلك الأمثال في الأُصول، وأنْ مثل ذلك مستعمل في مواضع كثيرة.
وخطر ببالنا الآن ما لا بُدّ من ذِكره ليعرف، فهو قويُّ سليمٌ من الشُبه(19) والمطاعن.
(استلهام الأولياء من وجود الإمام ولو في الغَيْبة)
وجملته: أنّ أولياء إمام الزمان عليه السلام وشيعته ومعتقدي إمامته ينتفعون به في حال غَيْبته(20) النفع الذي نقول إنّه لا بُدّ ـ في التكليف ـ منه؛ لأنّهم مع علمهم بوجوده بينهم، وقطعهم على وجوب طاعته عليهم، ولزومها لهم، لا بُدّ من أن يهابوه ويخافوه في ارتكاب القبائح، ويخشوا تأديبه وانتقامه ومؤاخذته وسطوته، فيكثر منهم فعل الواجب، ويقلّ ارتكاب القبيح، أو يكون ذلك أقرب وأليق، وهذه هي جهة الحاجة العقلية إلى الإمام.
(هل الغَيْبة تمنع الإمام من التأثير والعمل؟)
وكأنّي بمن سمع هذا من المخالفين ربّما عجب وقال: أيّ سطوة لغائب مستتر خائف مذعور؟!
وأيّ انتقام يُخشى ممّن لا يد له باسطة، ولا أمر نافذ، ولا سلطان قاهر؟!
وكيف يُرهَب مَنْ لا يُعرَف ولا يميِّز ولا يُدرى مكانه؟!
والجواب عن هذا: أنّ التعجّب بغير حجّة تظهر وبيّنة تذكر هو الذي يجب العجب منه، وقد علمنا أنّ أولياء الإمام وإنْ لم يعرفوا شخصه ويميزوه بعينه، فإنّهم يحقّقون وجوده، ويتيقّنون أنّه معهم بينهم، ولا يشكّون في ذلك ولا يرتابون به:
لأنّهم إنْ لم يكونوا على هذه الصفة لحقوا بالأعداء، وخرجوا عن منزلة الأولياء، وما فيهم إلاّ مَنْ يعتقد أنّ الإمام بحيث لا تخفى عليه أخباره، ولا تغيب عنه سرائره، فضلاً عن ظواهره، وأنّه يجوز أن يعرف ما يقع منهم من قبيح وحسن، فلا يأمنون إنْ يقدِموا على القبائح فيؤدّبهم عليها.
ومَن الذي يمتنع منهم ـ إنْ ظهر له الإمام، وأظهر له معجزةً يعلم بها أنّه إمام الزمان، وأراد تقويمه وتأديبه وإقامة حدٍّ عليه ـ أنْ يبذلَ ذلك من نفسه ويستسلمَ لما يفعله إمامُه به، وهو يعتقد إمامته وفرض طاعته؟!
(لا فرق في الاستلهام من وجود الأئمة بين الغَيْبة والظهور)
وهل حاله مع شيعته غائباً إلاّ كحاله ظاهراً فيما ذكرناه خاصّة، وفي وجوب طاعته، والتحرّز من معصيته، والتزام مراقبته، وتجنّب مخالفته.
وليس الحذر من السطوة والشفاق من النقمة بموقوفَيْن على معرفة العين، وتمييز الشخص، والقطع على مكانه بعينه، فإنّ كثيراً من رعيّة الإمام الظاهر لا يعرفون عينه ولا يميّزون شخصه، وفي كثير من الأحوال لا يعرفون مكان حلوله، وهم خائفون متى فعلوا قبيحاً أن يؤدّبهم ويقوِّمهم، وينتفعون بهذه الرهبة حتى يكفّوا عن كثير من القبائح، أو يكونوا أقرب إلى الانكفاف.
وإذا كان الأمر على ما أوضحناه فقد سقط عنّا السؤال المتضمّن لـ: أنّ الإمام إذا لم يظهر لأعدائه لخوفه منهم وارتيابه بهم، فألاّ ظهر لأوليائه؟!
وإلاّ: فكيف حُرِمَ الأولياءُ منفعتهم ومصلحتهم بشيء جرّه الأعداء عليهم؟!
وإنّ هذا شيء ينافي العدل مع استمرار تكليف شيعته ما الإمام لطفٌ فيه؟
لأنّا قد بيّنّا أنّهم بإمامهم عليه السلام مع الغَيْبة منتفعون، وأنّ الغَيْبة لا تنافي الانتفاع الذي تمسّ الحاجة إليه في التكليف.
وبيّنّا أنّه ليس من شرط الانتفاع الظهورُ والبروزُ، وبرئنا من عهدة
هذا السؤال القويّ الذي يعتقد مخالفونا أنّه لا جواب عنه ولا محيص منه.
(الظهور للأولياء ليس واجب)
ومع هذا، فما نمنع(21) من ظهوره عليه السلام لبعضهم إمّا لتقويم أو تأديب أو وعظ وتنبيه وتعليم، غير أنّ ذلك كلّه غير واجب، فيُطلب في فوته العلل وتتمّحل له الأسباب.
وإنّما يصعب الكلام ويشتبه إذا كان ظهوره للوليّ واجباً من حيث لا ينتفع أو يرتدع إلاّ مع الظهور.
وإذا كان الأمر على خلاف ذلك سقط وجوب الظهور للوليّ، لما دللنا عليه من حصول الانتفاع والارتداع من دونه، قلم تبق شبهة.
(علمُ الإمام حال الغَيْبة بما يجري وطرق ذلك)
فإن قيل: ومن أين يَعْلمُ الإمامُ في حال الغَيْبة والاستتار بوقوع القبائح من شيعته حتى يخافوا تأديبه عليها، وهو في حال الغَيْبة ممن لا يُقِرّ عنده مُقِّر، ولا يشهد لديه شاهد، وهل هذا إلاّ تعليل بالباطل؟!
قلنا: ما المتعلِّل بالباطل إلاّ مَنْ لا ينصف من نفسه، ولا يلحظ ما عليه كما يلحظ ماله!
فأمّا معرفة الإمام بوقوع القبائح من بعض أوليائه فقد يكون من كلّ الوجوه التي يعلم وقوع ذلك منهم، وهو ظاهرٌ نافذُ الأمر باسطُ اليد.
(مشاهدته للأُمور بنفسه عليه السلام)
فمنها: أنّه قد يجوز أن يشاهد ذلك فيعرفه بنفسه، وحال الظهور في هذا الوجه كحال الغَيْبة، بل حال الغَيْبة فيه أقوى:
لأنّ الإمام إذا لم تُعرف عينُه ويُميّز شخصه، كان التحرّز ـ من مشاهدته لنا على بعض القبيح ـ أضيق وأبعد، ومع المعرفة له بعينه يكون التحرّز أوسع وأسهل، ومعلومٌ لكّل عاقل الفرق بين الأمرين:
لأنّا إذا لم نعرفه جوّزنا في كلّ من نراه ـ ولا نعرف نسبه ـ أنّه هو، حتى أنّا لا نأمن أن يكون بعض جيراننا أو أضيافنا أو الداخلين والخارجين ألينا، وكلّ ذلك مرتفع مع المعرفة والتمييز.
وإذا شاهد الإمامُ منّا قبيحاً يوجب تأديباً وتقويماً، أدّب عليه وقَوَّمَ، ولم يحتج إلى إقرار وبيّنة؛ لأنّهما يقتضيان غلبة الظنّ، والعلم أقوى من الظنّ.
(قيام البيّنة عنده عليه السلام)
ومن الوجوه أيضاً: البيّنة، والغَيْبةُ ـ أيضاً ـ لا تمنع من استماعها والعمل بها:
لأنه يجوز أن يظهر على بعض الفواحش ـ من أحد شيعته ـ العددُ الذي تقوم به الشهادةُ عليها، ويكون هؤلاء العدد ممّن يلقى الإمام ويظهر له ـ فقد قلنا: إنّا لا نمنع من ذلك، وإن كنّا لا نوجبه ـ فإذا شهدوا عنده بها، ورأى إقامةَ حدّها: تولاّه بنفسه أو بأعوانه، فلا مانع له من ذلك، ولا وجه يوجب تعذره.
فأن قيل: ربّما لم يكن مَنْ شاهدَ هذه الفاحشة ممّن يلقى الإمامَ، فلا يقدر على إقامة الشهادة؟
قلنا: نحن في بيان الطرق الممكنة المقدَّرة في هذا الباب، لا في وجوب حصولها، وإذا كان ما ذكرناه ممكناً فقد وجب الخوف والتحرّز، وتمّ اللطف.
على أنّ هذا بعينه قائم مع ظهور الإمام وتمكّنه:
لأنّ الفاحشة يجوز ـ أولاً ـ أن لا يشاهدها مَنْ يشهد بها، ثمّ يجوز أن يشاهدها مَنْ لا عدالة له فلا يشهد، وإنْ شهدَ لم تُقبل شهادتُه، وإنْ شاهدها مِن العدول مَنْ تُقبل مثلُ شهادتِه يجوز أن لا يختار الشهادة.
وكأنّنا نقدر على أن نحصي الوجوه التي تسقط معها إقامة الحدود!
ومع ذلك كلّه فالرهبة قائمة، والحذر ثابت، ويكفي التجويز دون القطع.
(الإقرار عند الإمام)
فأمّا الإقرار: فيمكن أيضاً مع الغَيْبة؛ لأنّ بعض الأولياء ـ الّذين ربّما ظهر لهم الإمام ـ قد يجوز أن يواقع فاحشة فيتوب منها، ويؤْثر التطهير له بالحدّ الواجب فيها، فيقرّ بها عنده.
فقد صارت الوجوه التي تكون مع الظهور ثابتةً في حال الغَيْبة.
(احتمال بُعد الإمام وقربه)
فإن قيل: أليس ما أحد(22) من شيعته إلاّ وهو يجوِّز أن يكون الإمام بعيد الدار منه، وأنّه يحلّ إمّا المشرق أو المغرب، فهو آمن من مشاهدته له على معصيته، أو أن يشهد بها عليه شاهدٌ(23)، وهذا لا يلزم مع ظهور الإمام والعلم ببعد داره؛ لأنّه لا يبعد من بلد إلاّ ويستخلف فيه من يقوم مقامه ممّن يُرهب ويُخشى ويُتقى انتقامُه؟!
قلنا: كما لا أحد من شيعته (إلاّ وهو يجوِّز بُعد محلّ الإمام عنه، فكذلك لا أحد منهم)(24) إلاّ وهو يجوِّز كونه في بلده وقريباً من داره وجواره، والتجويز كافٍ في وقوع الحذر وعدم الأمان.
وبعد، فمع(25) ظهور الإمام وانبساط يده، ونفوذ أمره في جميع الأُمّة، لا أحد من مرتكبي القبائح(26) إلاّ وهو يجوِّز خفاء ذلك على الإمام ولا يتّصل به، ومع هذا فالرهبة قائمة، واللطف بالإمام ثابت.
فكيف ينسى هذا مَنْ يلزمنا بمثله مع الغَيْبة؟!
(أمكان استخلاف الإمام لغيره في الغَيْبة والظهور)
فأمّا ما مضى في السؤال من: أنّ الإمام إذا كان ظاهراً متميزّاً وغاب عن بلدٍ، فلن يغيب عنه إلاّ بعد أن ستخلف عليه مَنْ يُرْهَبَ كرهبته؟
فقد ثبت أنّ التجويز ـ في حال الغَيْبة ـ لأنْ يكون قريب الدار منّا، مخالطاً لنا، كافٍ في قيام الهيبة وتمام الرهبة.
لكنّنا ننزل على هذا الحكم فنقول(27): ومن الذي يمنع مَن قال بغِيْبة الإمام (من مثل ذلك، فنقول: إنّ الإمام)(28) لا يبعد في أطراف الأرض إلاّ بعد أن يستخلف من أصحابه وأعوانه، فلا بُدّ من أن يكون له، وفي صحبته، أعوان وأصحاب على كلّ بلد يبعد عنه مَنْ يقوم مقامه في مراعاة ما يجري من شيعته، فإنْ جرى ما يوجب تقويماً ويقتضي تأديباً تولاّه هذا المستخلف كما يتولاّه الإمام بنفسه.
فإذا قيل: وكيف يطاع هذا المستخلف؟! ومِن أين يَعلم الوليّ الذي يريد تأديبه أنّه خليفة الإمام؟!
قلنا: بمعجزٍ يظهره الله تعالى على يده، فالمعجزات على مذاهبنا تظهر على أيدي الصالحين فضلاً عمّن يستخلفه الإمامُ ويقيمه مقامه.
فإن قيل: إنّما يرهب خليفة الإمام مع بُعْد الإمام إذا عرفناه وميّزناه!
قيل: قد مضى مِن هذا الزمان(29) ما فيه كفاية.
وإذا كنّا نقطع على وجود الإمام في الزمان ومراعاته لأمورنا، فحاله عندنا منقسمة إلى أمرين، لا ثالث لهما:
أمّا أن يكون معنا في بلد واحد، فيراعي أُمورنا بنفسه، ولا يحتاج إلى غيره.
أو بعيداً عنّا، فليس يجوز ـ مع حكمته ـ أن يبعد إلاّ بعد أن يستخلف مَنْ يقوم مقامه، كما يجب أن يفعل لو كان ظاهر العين متميّز الشخص.
وهذه غاية لا شبهة بعدها.
الهوامش
(1) تقدّم في ص 61.
(2) أثبتناها بقرينة ما في الكتب التي نقلت عن (المقنع) هذا المطلب، فقد جاءت الجملة فيها كما يلي: فقي الغيبة ـ للطوسي، ص 99 ـ: (أن نقول: إنّا أوّلاً لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه...) وفي إعلام الورى ـ المطبوع، ص 471 ـ: (قال: أوّلاً نحن لا نقطع... ) وفي مخطوطته ـ الورقة 219 ـ: (قال: نحن أوّلاً لا نقطع...).
(3) التجويز هنا بمعنى الاحتمال، فيناسب عدم القطع بعدم الظهور فيما سبق.
(4) في ( ج ): لائمة.
(5) في (ج): جهله.
(6) كان في نسختَي الكتاب: التقصير. وما أثبتناه هوالمناسب للسياق.
(7) كان في (أ): وافد. وفي (ج): وأفسد. وما أثبتناه هو المناسب للسياق.
(8) ما بين القوسين سقط من (أ).
(9) في (أ): ولا.
(10) أضفناها لضرورة المعنى. يعني: أنْ الذنب والخطأ لا ينافيان أن لا يلحق الوليّ بالعدوّ للعلّة آلتي ذكرها.
(11) في (ج): في الكلام و...
(12) ما بين القوسين سقط من (ج).
(13) في (ج) والحمدلله وحده.
وجاء في (أ) بعد كلمة (وباطناً) ما نصة: بقلم الفقير إبراهيم بن محمد الحرفوشي، في اليوم الثامن من شهر شعبان المبارك سنة سبعين وألف.
(14) في (ج) بدل ما بين القوسين: هذه زيادة يكمل بها كتاب (المقنع).
(15) ما بين القوسين ليس في (ج).
(16) في (ج): كتاب.
(17) في (ج): كتاب.
(18) الشافي 1 / 144 فما بعدها، المقنع: 199 فما بعدها من طبعتنا هذه.
(19) في (أ): الشنعة. وفي (م): السُبّة.
(20) في (م): الغَيْبة.
(21) كان في نسخ الكتاب الثلاث: يمنع. وما أثبتناه هو المناسب للسياق.
(22) كان في (أ): أليس لأحد. وفي (ج): أليس أحد.
(23) في (أ) و (ج): شاهد عليه.
(24) ما بين القوسين سقط من (ج).
(25) في (م): ومع.
(26) في (ج): القبيح.
(27) سقطت الجملة التالية من (م) لغاية كلمة (فنقول) التالية.
(28) ما بين القوسين سقط من (أ).
(29) كلمة (الزمان) ليس في (أ).
******************
(الفرق بين الغَيْبة والظهور في الانتفاع بوجود الإمام)
فإن قيل: هذا تصريح منكم فأنّ ظهور الإمام كاستتاره في الانتفاع به والخوف منه ونيل المصالح من جهته، وفي ذلك ما تعلمون!.(1)
قلنا: إنّا لا نقول: إنّ ظهوره في المرافق ـ به ـ والمنافع كاستتاره، وكيف نقول ذلك وفي ظهوره وانبساط يده وقوّة سلطانه، انتفاع الوليّ والعدوّ، والمحّب والمبغض؟! وليس ينتفع به في حال الغَيْبة ـ الانتفاع الذي أشرنا إليه ـ إلاّ وليّه دون عدوّه.
وفي ظهوره وانبساطه ـ أيضاً ـ منافع جمّة لأوليائه وغيرهم؛ لأنّه يحمي بيضتهم، ويسدّ ثغورهم، ويؤمن سبلهم، فيتمكّنون من التجارات والمكاسب والمغانم، ويمنع من ظلم غيرهم لهم، فتتوفّر أموالهم، وتدرّ معايشهم، وتتضاعف مكاسبهم.
غير إنّ هذه منافع دنياويّة لا يجب ـ إذا فاتت بالغَيْبة ـ أن يسقط التكليف معها؛ والمنافع الدينية الواجبة في كلّ حال بالإمامة قد بيّنّا أنّها ثابتة مع الغَيْبة، فلا يجب سقوط التكليف لها.
ولو قلنا ـ وإنْ كان ذلك ليس بواجب ـ: أنّ انتفاعهم به على سبيل اللطف في فعل الواجب، والامتناع من القبيح ـ وقد بيّنّا ثبوته في حال الغَيْبة ـ يكون أقوى في حال الظهور للكلّ وانبساط اليد في الجميع، لجازَ:
لأنّ اعتراض ما يفّوت قوّة للطف ـ مع ثبوت أصله ـ لا يمنع من الانتفاع به على الوجه الذي هو لطف فيه، ولا يوجب سقوط التكليف.
(هل يقوم شيء مقام الإمام في أداء دوره)
فإن قيل: ألا جوَّزتم أن يكون أولياؤه غير منتفعين به في حال الغَيْبة، إلاّ أنّ الله تعالى يفعل لهم من اللطف في هذه الأحوال ما يقوم في تكليفهم مقام الانتفاع بالإمام؟! كما قاله جماعة من الشيوخ في إقامة الحدود إذا فاتت، فإنّ الله تعالى يفعل ما يقوم مقامها في التكليف.
قلنا: قد بيّنّا أنّ أولياء الإمام ينتفعون به في أحوال الغَيْبة على وجه لا مجال للريب عليه، وبهذا القدر يسقط السؤال.
ثمّ يبطل من وجه آخر، وهو: أنّ تدبير الإمام وتصرّفه واللطف لرعيّته به، ممّا لا يقوم ـ عندنا ـ شيء من الأمور مقامه. ولولا أنّ الأمر على ذلك لما وجبت الإمامة على كلّ حال، وفي كلّ مكلّف، ولكان تجويزنا قيام غيرها مقامها في اللطف يمنع من القطع على وجوبها في كلّ الأزمان.
وهذا السؤال طعن في وجوب الإمامة، فكيف نتقبّله ونُسال عنه في علّة الغَيْبة؟!
وليس كذلك الحدود؛ لأنّها إذا كانت لطفاً، ولم يمنع دليلٌ عقليّ ولا سمعيّ من جواز نظيرٍ لها وقائمٍ في اللطف مقامها، جاز أن يقال: أنّ الله تعالى يفعل عند فوتها ما يقوم مقامها، وهذا على ما بيّنّاه لا يتأتّي في الإمامة.
(كيف يعلم الإمام بوقت ظهوره)
فإن قيل: إذا علّقتم ظهور الإمام بزوال خوفه من أعدائه، وأمنه من جهتهم:
فكيف يعلم ذلك؟
وأيّ طريق له إليه؟
وما يضمره أعداؤه أو يظهرونه ـ وهم في الشرق والغرب والبّر والبحر ـ لا سبيل له إلى معرفته على التحديد والتفصيل!
قلنا: أمّا الإمامية فعندهم: أنّ آباء الإمام عليه وعليهم السلام عهدوا إليه وأنذروه وأطلعوه على ما عرفوه من توقيف الرسول (صلّى الله عليه وآله)(2) على زمان الغَيْبة وكيفيّتها، وطولها وقصرها، وعلاماتها وأماراتها، ووقت الظهور، والدلائل على (تيسيره وتسهيله).(3)
وعلى هذا لا سؤال علينا؛ لأنّ زمان الظهور إذا كان منصوصاً على صفته، والوقت الذي يجب أن يكون فيه، فلا حاجة إلى العلم بالسرائر والضمائَر.
وغير ممتنع ـ مضافاً إلى ما ذكرناه ـ أن يكون هذا الباب موقوفاً على غلبة الظنّ وقوّة الأمارات وتظاهر الدلالات.
وإذا كان ظهور الإمام أنّما هو بأحد أُمور: إمّا بكثرة أعوانه وأنصاره، أوقوّتهم ونجدتهم، أو قلّة أعدائه، أو ضعفهم وجورهم؛ وهذا أُمور عليها أمارات يعرفها من نظر فيها وراعاها، وقربت مخالطته لها، فإذا أحسَّ الإمام عليه السلام بما ذكرناه ـ إمّا مجتمعاً أو متفرِّقاً ـ وغلب في ظنّه السلامة، وقويّ عنده بلوغ الغرض والظفر بالأرب، تعيّن عليه فرض الظهور، كما يتعيّن على أحدنا فرض الإقدام والإحجام عند الأمارات المؤمّنة والمخيفة.
(هل يعتمد الإمام على الظنّ في أسباب ظهوره)
فإن قيل: إذا كان مَنْ غلب عنده ظنّ السلامة، يجوِّز خلافها، ولا يأمن أن يحقّق ظنّه، فكيف يعمل إمام الزمان ومهديّ الأُمّة على الظنّ في الظهور ورفع التقيّة وهو مجوِّز أن يُقتل ويُمنع؟!
قلنا: أمّا غلبة الظنّ فتقوم مقام العلم في تصرّفنا وكثير من أحوالنا الدينية والدنياوية من غير علم بما تؤول إليه العواقب، غير إنّ الإمام خطبُه يخالف خطب غيره في هذا الباب، فلا بُدّ فيه مِن أن يكون قاطعاً على النصر والظفر.
(الجواب على مسلك المخالفين)
وإذا سلكنا في هذه المسألة الطريق الثاني من الطريقين اللذين ذكرناهما، كان لنا أن نقول: إنّ الله تعالى قد أعلم إمام الزمان ـ من جهة وسائط علمه، وهم آباؤه وجدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ أنّه متى غلب في ظنّه الظفر وظهرت له أمارات السلامة، فظهوره واجبٌ ولا خوف عليه من أحد، فيكون الظنّ ها هنا طريقاً إلى(4) العلم، وباباً إلى القطع.
وهذا كما يقوله أصحاب القياس إذا قال لهم نافوه في الشريعة ومبطلوه: كيف يجوز أن يُقْدِمَ ـ مَنْ يظنّ أنّ الفرع مشبه للأصل في الإباحة، ومشارك له في علّتهاـ على الفعل، وهو يجوِّز أن يكون الأمر بخلاف ظنّه؟ لأنّ الظنّ لا قطع معه، والتجويز ـ بخلاف ما تناوله ـ ثابتٌ، أوليس هذا موجباً أن يكون المكلّف مُقْدِماً على ما لا يأمن كونه قبيحاً؟! والإقدام على ما لا يؤمن قبحه كالإقدام على ما يعلم قبحه.
لأنّهم يقولون: تَعَبُّدُ الحكيمِ سبحانه بالقياس يمنع من هذا التجويز؛ لأن الله تعالى إذا تَعَبَّدَ بالقياس فكأنّه عزّ وجلّ قال: (مَنْ غلب على ظنّه بأمارات، فظهر له في فرع أنّه يشبه أصلاً محلّلاً فيعمل على ظنّه، فذلك فرضه والمشروع له) فقد أمن بهذا الدليل ومن هذه الجهة الإقدام على القبيح، وصار ظنّه ـ أنّ الفرع يشبه الأصل في الحكم المخصوص ـ طريقاً إلى العلم بحاله وصفته في حقّه وفيما يرجع إليه، وإنْ جاز أن يكون حكم غيره في هذه الحادثة بخلاف حكمه إذا خالفه في غلبة الظنّ.
ومَنْ هذه حجّته وعليها عمدته، كيف يشتبه عليه ما ذكرناه في غلبة الظنّ للإمام بالسلامة والظفر؟!
والأَوْلى بالمنصف أن ينظر لخصمه كما ينظر لنفسه ويقنع به من نفسه.
(كيف يساوى بين حكم الظهور والغَيْبة مع أنّ مبنى الأول الضرورة، ومبنى الثاني النظر)
فإن قيل: كيف يكون الإمام لطفاً لأوليائه في أحوال غَيْبته(5)، وزاجراً لهم عن فعل القبيح، وباعثاً على فعل الواجب على الحدّ الذي يكون عليه مع ظهوره؟ وهو:
إذا كان ظاهراً متصرِّفاً: علم ضرورةً، وخيفت سطوته وعقابه مشاهدةٌ.
وإذا كان غائباً مستتراً: علم ذلك بالدلائل المتطرّق عليها ضروب الشبهات.
وهل الجمع بين الأمرين إلاّ دفعاً للعيان؟!
قلنا: هذا سؤال لم يصدر عن تأمّل:
لأنّ الإمام، وإنْ كان مع ظهوره نعلم وجوده ضرورةً، ونرى تصرّفه مشاهدةً، فالعلم بأنّه الإمامُ المفترض(6) الطاعة المستحقّ للتدبير والتصرّف، لا يُعلم إلاّ بالاستدلال الذي يجوز اعتراض الشبهة فيه/.(7)
والحال ـ في العلم بأنّه /(8) الإمام المفروض الطاعة، وأنّ الطريق إليه الدليل في الغَيْبة والظهور ـ واحد(ة.(9))
فقد صارت المشاهدة والضرورة لا تغني في هذا الباب شيئاً؛ لأنّهما ممّا لا يتعلّقان إلاّ بوجود عين الإمام، دون صحّة إمامته ووجوب طاعته.
واللطف إنّما هو ـ على هذا ـ يتعلّق بما هو غير مشاهد.
وحال الظهور ـ في كون الإمام عليه السلام لطفاً لمن يعتقد إمامته وفرض طاعته ـ ( كحال الغَيْبة .(135) )
وسقطت الشبهة.
والحمد لله وحده،وصلّى الله على محمّد وأله وسلّم.(10)
مصادر المقدّمة والتحقيق
1ـ إعلام الورى بأعلام الهدى، لأمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 هـ ) دار الكتب الإسلامية ـ طهران، بالتصوير على طبعة النجف الأشرف.
ومخطوطة منه، من القرن السابع الهجري، من محفوظات مكتبة مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ لإحياء التراث / قم.
2ـ تنزيه الأنبياء والأئمّة، للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (355 ـ 436 هـ) منشورات الشريف الرضيّ ـ قم (مصِّور).
3ـ الذخيرة في علم الكلام، للشريف المرتضى علىّ بن الحسين الموسوي (355ـ 436 هـ) تحقيق السيّد أحمد الحسيني، جماعة المدرّسين ـ قم/ 1411 هـ.
4 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة، للشيخ آقا بزرك الطهراني (ت 1389ـ هـ) الطبعة الثانية، دار الأضواء ـ بيروت / 1403 هـ.
5ـ رجال النجاشي، للشيخ أبي العبّاس أحمد بن عليّ النجاشي (372 ـ 450 هـ) تحقيق السيّد موسى الشبيري الزنجاني، جماعة المدرّسين ـ قم / 1407 هـ.
6 ـ رسالة في غَيْبْة الحجة (رسائل الشريف المرتضى ـ المجموعة الثانية) للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (355 ـ 436 هـ) إعداد السيّد مهدي الرجائي، دارالقرآن الكريم ـ قم / 1405 هـ.
7ـ الشافي في الإمامة، للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (355 ـ 436 هـ) تحقيق السيّد عبد الزهراء الحسيني الخطيب، مؤسسة الصادق ـ طهران / 1410 هـ، بالتصوير على طبعة بيروت.
8ـ الصحاح، لإسماعيل بن حمّاد الجوهري، تحقيق أحمد عبدالغفور عطّار، الطبعة الثالثة، دارالعلم للملايين ـ بيروت / 1404 هـ.
9ـ الغَيْبة، لشيخ الطائفة الطوسي (385 ـ 460 هـ) تحقيق الشيخ عباد الله الطهراني والشيخ علي أحمد ناصح، مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم / 1411هـ.
10ـ الفرق بين الفرق، لعبد القاهر بن طاهر الاسفرائيني (ت 429 هـ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المعرفة ـ بيروت.
11 ـ الفَرْق الشيعة، لأبي محمد الحسن النوبختي (ق 3هـ) تصحيح السيّد محمد صادق بحر العلوم، المكتبة المرتضوية ـ النجف الأشرف / 1355 هـ.
12ـ الفهرست، لشيخ الطائفة الطوسي (385 ـ 460 هـ) منشورات الشريف الرضي ـ قم، بالتصوير على طبعة المكتبة المرتضوية في النجف الأشرف بالعراق.
13ـ لسان العرب، لابن منظور المصري، أدب الحوزة ـ قم / 1405 هـ (مصوِّر).
14ـ معجم الأدباء، لياقوت الحموي، الطبعة الثالثة، دار الفكر ـ بيروت / 1400 هجرية.
15ـ معجم البلدان، لياقوت الحموي، دار صادر ـ بيروت/ 1399 هـ.
16ـ مفتاح السعادة ومصباح السيادة، لأحمد بن مصطفى طاش كبرى زاده، الأولى، دار الكتاب العلميةـ بيروت / 1405 هـ.
17ـ الملل والنحل، للشهرستاني (479 ـ 548 هـ) تخريج محمد بن فتح الله بدران، منشورات الشريف الرضيّ ـ قم، بالتصوير على الطبعة الثانية.
وطبعة أُخرى، بتحقيق محمد سيّد كيلاني، دار المعرفة ـ بيروت.
18ـ الواقفية.. دراسة تحليليّة، للشيخ رياض محمد حبيب الناصري، المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه السلام ـ مشهد / 1409 و 1411 هـ.
الهوامش
(1) يعني أنّ هذا يقتضي أن لايكون هناك فرق بين حالتي الغَيْبة والظهور، في أداء الإمام دوره الإلهي، وهو ظاهر التهافت لوضوح الفرق بين الأمرين، مع أنّ هذا يؤدّي إلى بطلان جميع ما تحدّثتم به عن الغَيْبة وعللها ومصالحها وغير ذلك.
(2) في (أ): عليه السلام.
(3) في (ج): تيّسره وتسهّله.
(4) في (م): من.
(5) في (م): الغَيْبة.
(6) في (م): المفروض.
(7) إلى هنا تنتهي نسخة (ج).
(8) إلى هنا تنتهي نسخة (أ). وجاء هنا ما نصّه:
والله أعلم ببقيّة النسخة إلى هنا، وفرغ من تعليقها نهار الاثنين الثامن من شهر شعبان المبارك، من شهور سنة سبعين وألف، الفقير الحقير، المقرّ بالذنب والتقصير، إبراهيم بن محمد الحرفوشي العاملي، عامله الله بلطفه، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
(9) أثبتناه لضرورة السياق؛ لأنّها خبر (والحال).
(10) جاء هنا في نهاية نسخة (م) ما نصّه: كتب العبد محمد بن ابراهيم الأوالي. وفرغت من مقابلته وتتميم كتابته على نسخة مخطوطة في القرن العاشر، بخطّ محمّد بن إبراهيم بن عيسى البحراني الأوالي، ضمن مجموعة قيّمة في مكتبة السيّد المرعشي العامّة العامرة، في مدينة قم، في يوم الأربعاء سابع محرّم الحرام من سنة 1410، وأنا المرتهن بذنبه، الفقير إلى عفو ربّه، عبد العزيز الطباطبائي.
/ 1