إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (الجزء الثاني) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب (الجزء الثاني) - نسخه متنی

علي يزدي حائري

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب الجزء الثاني
تأليف: الحاج الشيخ علي اليزدي الحائري
تالموضوعات
1الغصن السادس: من ادعى رؤيته (عليه السلام) في الغيبة الكبرى
2أحدى واربعون حكاية
3خبر الجزيرة الخضراء
4دعاء العهد فاكهة أخرى
5الغصن السابع: في أخبار أهل السنة والجماعة بوجوده الآن غائبا
6فاكهة ثالثة
7الغصن الثامن: في علائم ظهور القائم
8الفرع الأول: علامات الظهور / الآيات
9الفرع الثاني: علائم الظهور / الأحاديث
10الفرع الثالث: في أخبار أهل العرفان والحساب والكهنة بظهوره وعلاماته (عليه السلام)
11الفرع الرابع: وهو فرع الرياحين في خطب علي (عليه السلام) في علامات الظهور وحديث مفضل بن عمر في علامات الظهور والرجعة
12الريحان الأول: في الخطبة التي خطبها في البصرة المعروفة بخطبة البيان
13الريحان الثاني: في خطبة خطبها في الكوفة المعروفة بخطبة البيان
14الريحان الثالث: في الخطبة التي فيها من علائم الظهور المعروفة بالتطنجية
15الريحان الرابع: في الحديث المروي عن مفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام)
16الغصن التاسع: في ما يقع في زمانه ورجعته ورجعة سائر الأئمة بعد ظهوره
17الفرع الأول: في وقوعات زمانه
18الغصن العاشر: في رجعة الأئمة (عليهم السلام)
19الفرع الأول: في أن الرجعة وقعت في الأمم السابقة: (الثمرة الأولى): في الآيات القرآنية
20(الثمرة الثانية): في الأحاديث الدالة على أن الرجعة
21الفرع الثاني: في الآيات القرآنية المشعرة بالرجعة عموما
22الفرع الثالث: في الآيات المؤولة بالرجعة المطلقة
23الفرع الرابع: في الأخبار الواردة في خصوص رجعة الأئمة
24فاكهة: قصيدة في الإمام المهدي (عليه السلام)
******************
الغصن السادس: من ادعى رؤيته (عليه السلام) في الغيبة الكبرى
إحدى وأربعون حكاية
الحكاية الأولى:
في كشف الغمة عن السيد باقي بن عطوة العلوي الحسيني أن أباه عطوة كان به إدرة(1) وكان زيدي المذهب، وكان ينكر على بنيه الميل إلى مذهب الأمامية ويقول لا أصدقكم ولا أقول بمذهبكم حتى يجئ صاحبكم، يعني المهدي (عج) فيبرئني من هذا المرض. وتكرر هذا القول منه فبينا نحن مجتمعون عند وقت العشاء الآخرة إذ أبونا يصيح ويستغيث بنا، فأتيناه سراعا فقال: الحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي فخرجنا فلم نر أحدا فعدنا إليه وسألناه فقال: إنه دخل إلي شخص وقال: يا عطوة، فقلت: من أنت؟ فقال (عليه السلام): أنا صاحب بنيك قد جئت لأبرئك مما بك، ثم مد يده فعصر قروتي(2) ومشى ومددت يدي فلم أر لها أثرا. قال لي ولده: وبقي مثل الغزال ليس به قلبة، واشتهرت هذه القصة وسألت عنها غير ابنه فأقر بها.(3)
الحكاية الثانية:
وفيه حكى لي شمس الدين إسماعيل بن حسن الهرقلي أنه حكى لي والدي أنه خرج في الهرقل وهو شاب على فخذه الأيسر ثوئة(4) مقدار قبضة الإنسان، وكانت في كل ربيع تشقق ويخرج منها دم وقيح ويقطعه ألمها من كثير من أشغاله، وكان مقيما بهرقل فحضر الحلة يوما ودخل إلى مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاووس (رحمه الله) وشكا إليه ما يجده منها وقال: أريد أن أداويها، فأحضر له أطباء الحلة وأراهم الموضع، فقالوا: هذه الثوئة فوق العرق الأكحل وعلاجها خطر ومتى قطعت خيف أن ينقطع العرق الأكحل فيموت. قال له السعيد رضي الدين (رحمه الله): أنا متوجه إلى بغداد وربما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء فاصحبني، فأصعد معه وأحضر الأطباء فقالوا كما قال أولئك، فضاق صدره فقال له السعيد: إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب وعليك الاجتهاد في الاحتراس ولا تغرر بنفسك فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله. فقال له والدي: إذا كان الأمر على ذلك وقد وصلت إلى بغداد فأتوجه إلى زيارة المشهد الشريف بسر من رأى على مشرفه السلام، ثم أنحدر إلى أهلي، فحسن له ذلك فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه. قال: فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة (عليهم السلام) نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالإمام وقضيت بعض الليل في السرداب وبقيت في المشهد إلى الخميس، ثم مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملأت إبريقا كان معي وصعدت أريد المشهد، فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم فالتقينا فرأيت شابين وأحدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف، وشيخا منقبا بيده رمح والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية(5) ملونة فوق السيف وهو متحنك بعذبته(6)، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ووضع كعب الرمح في الأرض، ووقف الشابان عن يسار الطريق وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي، ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام فقال له صاحب الفرجية: أنت غدا تروح إلى أهلك. فقال: نعم. فقال له: تقدم حتى أبصر ما يوجعك، قال: فكرهت ملامستهم وقلت في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول، ثم إني بعد ذلك تقدمت إليه فلزمني بيده ومدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده الثوئة فعصرها بيده فأوجعني، ثم استوى في سرجه كما كان فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل فعجبت من معرفته باسمي، فقلت: أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله. قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الإمام (عليه السلام). قال: فتقدمت إليه فاحتضنته وقبلت فخذه، ثم إنه ساق وأنا أمشي معه محتضنه، فقال: إرجع. فقلت: لا أفارقك أبدا. فقال: المصلحة رجوعك. فأعدت عليه مثل القول، فقال الشيخ: يا إسماعيل! ما تستحي، يقول لك الإمام مرتين ارجع وتخالفه، فجبهني بهذا القول فوقفت فتقدم خطوات والتفت إلي وقال: إذا وصلت بغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر - يعني الخليفة المستنصر - فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئا فلا تأخذه، وقل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض فإنني أوصيه يعطيك الذي تريد، ثم سار وأصحابه معه فلم أزل قائما أبصرهم إلى أن غابوا عني وحصل عندي أسف لمفارقته، فقعدت إلى الأرض ساعة ثم مشيت إلى المشهد فاجتمع القوام حولي وقالوا: نرى وجهك متغيرا أأوجعك شيء؟ قلت: لا. قالوا: أخاصمك أحد؟ قلت: لا، ليس عندي مما تقولون خبر، لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟ فقالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم. فقلت: لا، بل هو الإمام. فقال: الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجية؟ فقلت: هو صاحب الفرجية. فقالوا: أريته المرض الذي فيك؟ فقلت: هو قبضه بيده وأوجعني، ثم كشفت برجلي فلم أر لذلك المرض أثرا، فتداخلني الشك من الدهش فأخرجت رجلي الأخرى فلم أر شيئا، فانطبق الناس علي ومزقوا قميصي وأدخلني القوام خزانة ومنعوا الناس عني، وكان ناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجة وسأل عن الخبر فرفعوه فجاء إلى الخزانة وسألني عن اسمي وسألني منذ كم خرجت من بغداد، فعرفته أني خرجت في أول الأسبوع فمشى عني وبت في المشهد وصليت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت من المشهد ورجعوا عني، ووصلت إلى أوانا فبت بها، وبكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان، فسألوني عن اسمي ومن أين جئت فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ولم يبق لي في روحي حكم، وكان ناظر بين النهرين كتب إلى بغداد وعرفهم الحال، ثم حملوني إلى بغداد وازدحم الناس علي وكادوا يقتلونني من كثرة الازدحام، وكان الوزير القمي (رحمه الله) قد طلب السعيد رضي الدين (رحمه الله) وتقدم أن يعرفه صحة هذا الخبر. قال: فخرج رضي الدين ومعه جماعة فوافانا بباب النولي فرد أصحابه الناس عني فلما رآني قال: أعنك يقولون؟ قلت: نعم، فنزل عن دابته وكشف عن فخذي فلم ير شيئا فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي ويقول: يا مولانا هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي، فسألني الوزير عن القصة فحكيت فأحضر الأطباء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها فقالوا: ما دواؤها إلا القطع بالحديد ومتى قطعها مات. فقال لهم الوزير: فبتقدير أن تقطع ولا يموت في كم تبرأ؟ فقالوا: في شهرين وتبقى مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر، فسألهم الوزير متى رأيتموه؟ قالوا: منذ عشرة أيام، فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل أختها ليس فيها أثر أصلا، فصاح أحد الحكماء: هذا عمل المسيح، فقال الوزير: حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف عاملها، ثم إنه أحضر عند الخليفة المستنصر فسأله عن القصة وعرفه بها كما جرى فتقدم له بألف دينار فلما حضرت قال: خذ هذه فأنفقها. قال: ما أجسر أن آخذ منه حبة واحدة. فقال الخليفة: ممن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا، قال (عليه السلام): لا تأخذ من أبي جعفر شيئا، فبكى الخليفة وتكدر، وخرج من عنده ولم يأخذ شيئا. قال علي بن عيسى (رحمه الله) صاحب كتاب كشف الغمة: كنت في بعض الأيام أحكي هذه القصة لجماعة عندي وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي وأنا لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال: أنا ولده لصلبه، فعجبت من هذا الاتفاق وقلت: هل رأيت فخذه وهي مريضة؟ فقال: لا، لأني أصبر عن ذلك ولكني رأيتها بعد ما صلحت ولا أثر فيها وقد نبت في موضعها شعر، وسألت السيد صفي الدين محمد بن محمد بن بشر العلوي الموسوي ونجم الدين حيدر بن الأيسر، وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم، وكانا صديقين لي وعزيزين عندي، فأخبراني بصحة هذه القصة وأنهما رأياها في حال مرضها وحال صحتها.
وحكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه (عليه السلام) حتى أنه جاء إلى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء وكان كل يوم يزور سامراء ويعود إلى بغداد، فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعا أن يعود به الوقت الذي مضى، أو يقضى له الحظ مما قضى ومن الذي أعطاه دهره الرضا أو ساعده بمطالبة صرف القضا، فمات، بحسرته وانتقل إلى الآخرة بغصته والله يتولاه وإيانا برحمته بمنه وكرمه.(7)
الحكاية الثالثة:
في البحار عن السيد علي بن عبد الحميد صاحب كتاب الأنوار المضيئة في كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان عند ذكر من رأى القائم (عليه السلام) قال: فمن ذلك ما اشتهر وذاع وملأ البقاع وشهده بالعيان أبناء الزمان وهو قصة أبي راجح الحمامي بالحلة، وقد حكى ذلك جماعة من الأعيان الأماثل وأهل الصدق والأفاضل منهم الشيخ الزاهد شمس الدين محمد بن قارون، كان الحاكم بالحلة شخصا يدعى مرجان الصغير، فرفع إليه أن أبا راجح الحمامي بالحلة يسب الصحابة، فأحضره وأمر بضربه فضرب ضربا شديدا مهلكا على جميع بدنه، حتى أنه ضرب على وجهه، فسقطت ثناياه وأخرج لسانه فجعل فيه مسلة من الحديد، وخرق أنفه وجعل فيه شركة من الشعر، وشد فيها حبلا وسلمه إلى جماعة من أصحابه وأمرهم أن يدوروا به في أزقة الحلة، والضرب يأخذ من جميع جوانبه حتى سقط إلى الأرض وعاين الهلاك. فأخبر الحاكم بذلك فأمر بقتله. فقال الحاضرون: إنه شيخ كبير وقد حصل له ما يكفيه وهو ميت لما به فاتركه وهو يموت حتف أنفه ولا تتقلد بدمه وبالغوا حتى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهه ولسانه، فنقله أهله في هذه الحالة ولم يشك أحد أنه يموت من ليلته، فلما كان من الغد غدا عليه الناس فإذا هو قائم يصلي على أتم حالة وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت واندملت جراحاته ولم يبق لها أثر والشجة قد زالت من وجهه، فعجب الناس من حاله وسألوه عن أمره فقال: إني لما عاينت الموت ولم يبق لي لسان أسأل الله تعالى به فكنت أسأله بقلبي واستغثت إلى سيدي ومولاي صاحب الزمان، فلما جن علي الليل فإذا بالدار قد امتلأت نورا وإذا بمولاي صاحب الزمان قد أمر يده الشريفة على وجهي وقال (عليه السلام): أخرج وفد على عيالك فقد عافاك الله تعالى، فأصبحت كما ترون. حكى شمس الدين المذكور وأقسم بالله أن هذا أبا راجح كان ضعيفا جدا، ضعيف التركيب، أصفر اللون شين الوجه مقرض اللحية، وكنت دائما أدخل الحمام الذي هو فيه وكنت دائما أراه على هذه الحالة، وهذا الشكل، فلما أصبحت كنت ممن دخل عليه فرأيته وقد اشتدت قوته وانتصبت قامته فطالت لحيته واحمر وجهه، وعاد كأنه ابن عشرين سنة ولم يزل على ذلك حتى أدركته الوفاة، ولما شاع هذا الخبر وذاع طلبه الحاكم وأحضره عنده وقد كان رآه بالأمس على تلك الحالة وهو الآن على ضدها كما وصفناه ولم ير لجراحاته أثرا وثناياه قد عادت، فداخل الحاكم في ذلك رعب شديد وكان يجلس مقام الإمام (عليه السلام) في الحلة ويعطي ظهره القبلة الشريفة، فصار بعد ذلك يجلس ويستقبلها، وعاد يتلطف بأهل الحلة ويتجاوز عن مسيئهم ويحسن إلى محسنهم، ولم ينفعه ذلك، بل لم يلبث في ذلك إلا قليلا حتى مات.(8)
الحكاية الرابعة:
وفيه عن شمس الدين محمد المذكور، كان من أصحاب السلاطين المعمر بن شمس يسمى مذور يضمن القرية المعروفة ببرس ووقف العلويين وكان له نائب يقال له ابن الخطيب وغلام يتولى نفقاته يدعى عثمان، وكان ابن الخطيب من أهل الصلاح والإيمان بالضد من عثمان وكانا دائما يتجادلان، فاتفق أنهما حضرا في مقام إبراهيم الخليل بمحضر جماعة من الرعية والعوام فقال ابن الخطيب لعثمان: يا عثمان الآن اتضح الحق واستبان، أنا أكتب على يدي من أتولاه وهم علي والحسن والحسين (عليهم السلام) واكتب أنت من تتولاه (وهم) أبو بكر وعمر وعثمان ثم تشد يدي ويدك فأينا احترقت يده بالنار كان على الباطل ومن سلمت يده كان على الحق، فنكل عثمان وأبى أن يفعل فأخذ الحاضرون من الرعية والعوام بالعياط عليه. هذا وكانت أم عثمان مشرفة عليهم تسمع كلامهم فلما رأت ذلك لعنت الحضور الذين يعيطون على ولدها عثمان وشتمتهم وتهددت وبالغت في ذلك فعميت في الحال، فلما أحست بذلك نادت إلى رفيقاتها فصعدن إليها فإذا هي صحيحة العينين لكن لا ترى شيئا، فقادوها فأنزلوها ومضوا بها إلى الحلة، وشاع خبرها بين أصحابها وقرايبها وترايبها، فاحضروا لها من بغداد والحلة فلم يقدروا لها على شيء، فقال لها نسوة مؤمنات كن أخدانها: إن الذي أعماك هو القائم فإن تشيعت وتوليت وتبرأت ضمنا لك العافية على الله تعالى وبدون هذا لا يمكنك الخلاص، فأذعنت بذلك ورضيت به فلما كانت ليلة الجمعة حملنها حتى أدخلنها القبة الشريفة في مقام صاحب الزمان (عليه السلام) وبتن بأجمعهن في باب القبة، فلما كان ربع الليل فإذا هي قد خرجت عليهن وقد ذهب العمى عنها وهي تعدهن واحدة بعد واحدة وتصف ثيابهن وحليهن، فسررن بذلك وحمدن الله تعالى على حسن العاقبة وقلن لها: كيف كان ذلك؟ فقالت: لما جعلتني في القبة وخرجتن عني أحسست بيد قد وضعت على يدي وقائل يقول: أخرجي قد عافاك الله تعالى، فانكشف العمى عني ورأيت القبة قد امتلأت نورا ورأيت الرجل فقلت له: من أنت يا سيدي؟ فقال (عليه السلام): محمد بن الحسن، ثم غاب عني فقمن وخرجن إلى بيوتهن، وتشيع ولدها عثمان وحسن اعتقاده واعتقاد أمه المذكورة، واشتهرت القصة بين أولئك الأقوام ومن سمع هذا الكلام واعتقدوا وجود الإمام (عليه السلام) وكان ذلك في سنة أربع وأربعين وسبعمائة.(9)
الحكاية الخامسة:
فيه عن العالم الفاضل عبد الرحمن العماني: إني كنت أسمع في الحلة السيفية حماها الله تعالى أن المولى الكبير المعظم جمال الدين ابن الشيخ الأجل الأوحد الفقيه القاري نجم الدين جعفر بن الزهدري كان به فالج فعالجته جدته بعد موت أبيه بكل علاج للفالج، فلم يبرأ فأشار إليها بعض الأطباء ببغداد فأحضرتهم فعالجوه زمانا طويلا فلم يبرأ، وقيل لها: ألا تبيتينه تحت القبة الشريفة بالحلة المعروفة بمقام صاحب الزمان (عليه السلام) لعل الله تعالى يعافيه ويبرؤه، ففعلت وبيتته تحتها وإن صاحب الزمان أقامه وأزال عنه الفالج، ثم بعد ذلك حصل بيني وبينه صحبة حتى كنا لم نكد نفترق وإن له دار المعشرة يجتمع فيها وجوه أهل الحلة وشبابهم وأولاد الأماثل منهم، فاستحكيته عن هذه الحكاية فقال لي: إني كنت مفلوجا وعجز الأطباء عني، وحكى لي ما كنت أسمعه مستفاضا في الحلة من قضيته وأن الحجة صاحب الزمان (عليه السلام) قال لي وقد أباتتني جدتي تحت القبة: قم. فقلت: يا سيدي لا أقدر على القيام منذ سنتي. فقال (عليه السلام): قم بإذن الله تعالى، وأعانني على القيام فقمت فزال عني الفالج وانطبق علي الناس حتى كادوا يقتلونني وأخذوا ما كان علي من الثياب تقطيعا وتنتيفا يتبركون فيها وكساني الناس من ثيابهم ورحت إلى البيت وليس بي أثر الفالج وبعثت إلى الناس ثيابهم، وكنت أسمعه يحكي ذلك للناس ولمن يستحكيه مرارا حتى مات (رحمه الله).(10)
الحكاية السادسة:
فيه عن شمس الدين محمد بن قارون: إن رجلا يقال له النجم ويلقب بالأسود في القرية المعروفة بدقوسا على الفرات العظمى وكان من أهل الخير والصلاح، وكانت له زوجة تدعى بفاطمة خيرة صالحة ولها ولدان: ابن يدعى عليا وابنة تدعى زينب، فأصاب الرجل وزوجته العمى وبقيا على حالة ضعيفة وكان ذلك في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وبقيا على ذلك مدة مديدة، فلما كان في بعض الليل أحست المرأة بيد تمر على وجهها وقائل يقول: قد أذهب الله عنك العمى فقومي إلى زوجك أبي علي فلا تقصري في خدمته. ففتحت عينيها فإذا الدار قد امتلأت نورا وعلمت أنه القائم (عليه السلام).(11)
الحكاية السابعة:
فيه عن محيي الدين الأربلي: أنه حضر عند أبيه ومعه رجل فنعس فوقعت عمامته عن رأسه فبدت في رأسه ضربة هائلة فسأله عنها فقال له: هي من صفين، فقيل له: وكيف ذلك ووقعة صفين قديمة؟ قال: كنت مسافرا فصاحبني إنسان من عنزة، فلما كنا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين فقال لي الرجل: لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من علي وأصحابه. فقلت: لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من معاوية وأصحابه. وها أنا وأنت من أصحاب علي (عليه السلام) ومعاوية فاعتركنا عركة عظيمة واضطربنا فما أحسست بنفسي إلا مرميا لما بي، فبينما أنا وإذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه ففتحت عيني فنزل إلي ومسح الضربة فتلاءمت. فقال: إلبث هنا، ثم غاب قليلا وعاد معه رأس مخاصمي مقطوعا والدواب معه فقال (عليه السلام): هذا رأس عدوك وأنت نصرتنا فنصرناك (ولينصرن الله من ينصره)(12) فقلت: من أنت؟ قال (عليه السلام): فلان بن فلان يعني صاحب الأمر (عليه السلام) ثم قال لي: وإذا سئلت عن هذه الضربة فقل: ضربتها في صفين.(13)
الحكاية الثامنة:
فيه عن حسن بن محمد بن قاسم: كنت أنا وشخص من ناحية الكوفة يقال له: عمار مرة على الطريق الحالية من سواد الكوفة فتذاكرنا أمر القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لي: يا حسن أحدثك بحديث عجيب؟ فقلت له: هات ما عندك. قال: جاءت قافلة من طي يكتالون من عندنا من الكوفة وكان فيهم رجل وسيم وهو زعيم القافلة فقلت لمن حضر: هات الميزان من دار العلوي، فقال البدوي: وعندكم هنا علوي؟ فقلت: يا سبحان الله معظم الكوفة علويون. فقال البدوي: العلوي والله تركته ورائي في البرية في بعض البلدان. فقلت: وكيف خبره؟ فقال: فررنا في نحو ثلاثمائة فارس أو دونها فبقينا ثلاثة أيام بلا زاد واشتد بنا الجوع فقال بعضنا لبعض: دعونا نرمي السهم على بعض الخيل نأكلها فاجتمع رأينا على ذلك ورمينا بسهم فوقع على فرسي فغلطتهم وقلت: ما أقنع فعدنا بسهم آخر فوقع عليها أيضا، فلم أقبل وقلت: نرمي بثالث فرمينا فوقع عليها أيضا، وكانت عندي تساوي ألف دينار وهي أحب إلي من ولدي فقلت: دعوني أتزود من فرسي بمشوار فإلى اليوم ما أجد بها غاية، فركضتها إلى رابية بعيدة منا قدر فرسخ فمررت بجارية تحطب تحت الرابية فقلت: يا جارية من أنت ومن أهلك؟ فقالت: أنا لرجل علوي في هذا الوادي ومضت من عندي فرفعت مئزري على رمحي وأقبلت إلى أصحابي فقلت لهم: أبشروا بالخير، الناس منكم قريب في هذا الوادي، فمضينا فإذا بخيمة في وسط الوادي فطلع إلينا منها رجل صبيح الوجه أحسن من يكون من الرجال، ذؤابته إلى سرته وهو يضحك ويجيئنا بالتحية فقلت: يا وجه العرب العطش، فنادى: يا جارية هاتي من عندك الماء، فجاءت الجارية ومعها قدحان فيهما ماء فتناول منهما قدحا ووضع يده فيه وناولنا إياه، وكذلك فعل بالآخر فشربنا عن أقصانا من القدحين وأرجعناهما عليه وما نقص القدحان، فلما روينا قلنا له: الجوع يا وجه العرب، فرجع بنفسه ودخل الخيمة وأخرج بيده منسفة فيها زاد وقد وضع يده وقال: يجئ منكم عشرة عشرة فأكلنا جميعا من تلك المنسفة والله يا فلان ما تغيرت ولا نقصت. فقلنا: نريد الطريق الفلاني؟ فقال: هذاك دربكم، وأومى لنا إلى معلم، ومضينا فلما بعدنا عنه قال بعضنا لبعض: أنتم خرجتم من أهلكم لكسب والمكسب قد حصل لكم فنهى بعضنا بعضا وأمر بعضنا به ثم اجتمع رأينا على أخذهم فرجعنا فلما رآنا راجعين شد وسطه بمنطقة وأخذ سيفا فتقلد به وأخذ رمحه وركب فرسا أشهب والتقانا وقال: لا تكن أنفسكم القبيحة دبرت لكم القبيح. فقلنا: هو كما ظننت ورددنا عليه ردا قبيحا فزعق بزعقات فما رأينا إلا من داخل قلبه الرعب وولينا من بين يديه منهزمين فخط خطة بيننا وبينه وقال: وحق جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يعبرنها أحد منكم إلا ضربت عنقه فرجعنا والله عنه بالرغم منا. هذاك العلوي حقا لا من هو مثل هؤلاء.(14)
الحكاية التاسعة:
في العوالم عن سيد علي بن عبد الحميد في كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان ما أخبرني من أثق به وهو خبر مشهور عند أكثر أهل المشهد الغروي: أن الدار التي هي الآن سنة سبعمائة وتسع وثمانين أنا ساكنها كانت لرجل من أهل الخير والصلاح يدعى الحسين المدلل ملاصقة بجدران الحضرة الشريفة وهو مشهور بالمشهد الشريف الغروي وكان الرجل له عيال وأطفال فأصابه فلج ومكث مدة لا يقدر على القيام وإنما يرفعه عياله عند حاجته وضروراته ومكث على ذلك مدة مديدة، فدخل على عياله وأهله بذلك شدة شديدة واحتاجوا إلى الناس واشتد عليهم الناس، فلما كان سنة عشرين وسبعمائة هجرية في ليلة من لياليها بعد ربع الليل نبه عياله فانتبهوا في الدار فإذا الدار والسطح قد امتلآ نورا يأخذ بالأبصار فقالوا: ما الخبر؟ فقال: إن الإمام جاءني وقال: قم يا حسين، فقلت: يا سيدي أتراني أقدر على القيام؟ فأخذ بيدي وأقامني فذهب ما بي وها أنا صحيح على أتم ما ينبغي. وقال لي: هذا الساباط دربي إلى زيارة جدي فاغلقه في كل ليلة، فقلت: سمعا وطاعة لله ولك يا مولاي، فقام الرجل وخرج إلى الحضرة الشريفة الغروية وزار الإمام وحمد الله تعالى على ما حصل له من الإنعام وصار هذا الساباط المذكور إلى الآن ينذر له عند الضرورات فلا يكاد يخيب ناذره من المبرات ببركات الإمام القائم (عليه السلام).(15)
الحكاية العاشرة:
في جنة المأوى للمحدث النوري طاب ثراه عن السيد المعظم المبجل بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي عن الشهيد الأول في كتاب الغيبة عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ المحمود الحاج المعتمر شمس الحق والدين محمد بن قارون قال: دعيت إلى امرأة فأتيتها وأنا أعلم أنها مؤمنة من أهل الخير والصلاح فزوجها أهلها من محمود الفارس المعروف بأخي بكر ويقال له ولأقاربه بنو بكر، وأهل فارس مشهورون بشدة التسنن والنصب والعداوة لأهل الإيمان، وكان محمود هذا أشدهم في الباب وقد وفقه الله تعالى للتشيع دون أصحابه فقلت: واعجباه كيف سمح أبوك لك وجعلك مع هؤلاء النصاب وكيف اتفق لزوجك مخالفة أهله حتى رفضهم؟ فقالت، يا أيها المقرئ إن له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا أنها من العجب. قلت: وما هي؟ قالت: سله عنها سيخبرك. قال الشيخ: فلما حضرنا عنده قلت له: يا محمود ما الذي أخرجك عن ملة أهلك وأدخلك مع الشيعة؟ فقال: يا شيخ لما اتضح لي الحق تبعته، أعلم أنه قد جرت عادة أهل الفرس أنهم إذا سمعوا بورود القوافل يتلقونهم فاتفق أنا سمعنا بورود قافلة كبيرة فخرجت ومعي صبيان كثيرون وأنا إذ ذاك صبي مراهق، فاجتهدنا في طلب القافلة بجهلنا ولم نفكر في عاقبة الأمر وصرنا كلما انقطع منا صبي من التعب يرمونه إلى الضعف فضللنا عن الطريق ووقعنا في واد لم نكن نعرفه وفيه شوك وشجر ودغل لم نر مثله قط، فأخذنا في السير حتى عجزنا وتدلت ألسنتنا على صدورنا من العطش فألقينا بالموت وسقطنا لوجوهنا، فبينما نحن كذلك إذا بفارس على فرس أبيض قد نزل منا وطرح مفرشا لطيفا لم نر مثله تفوح منه رائحة طيبة، فالتفتنا إليه وإذا بفارس آخر على فرس أحمر عليه ثياب بيض وعلى رأسه عمامة له ذؤابتان، فنزل على ذلك المفرش ثم قام فصلى بصاحبه ثم جلس للتعقيب فالتفت إلي وقال (عليه السلام): يا محمود. فقلت بصوت ضعيف: لبيك يا سيدي. قال: ادن مني. فقلت: لا أستطيع لما بي من العطش والتعب. قال (عليه السلام): لا بأس عليك. فلما قالها حسبت كأن قد حدثت في نفسي روح متجددة فسعيت إليه حبوا فأمر يده على وجهي وصدري ورفعها إلى حنكي فرده حتى لصق بالحنك الأعلى ودخل لساني في فمي وذهب ما بي وعدت بما كنت أولا. فقال (عليه السلام): قم وائتني بحنظلة من هذا الحنظل. وكان في الوادي حنظل كثير فأتيته بحنظلة كبيرة، فقسمها نصفين وناولنيها وقال (عليه السلام): كل منها فأخذتها منه ولم أقدر على مخالفته وعندها أمرني أن آكل الصبر لما عهد من مرارة الحنظل، فلما ذقتها فإذا هي أحلى من العسل وأبرد من الثلج شبعت ورويت، ثم قال لي: ادع صاحبك فدعوته فقال بلسان مكسور ضعيف: لا أقدر على الحركة. فقال (عليه السلام): قم لا بأس عليك، فأقبل حبوا وفعل معه كما فعل معي ثم نهض ليركب، فقلنا: بالله عليك يا سيدنا إلا ما أتممت علينا نعمتك فأوصلنا إلى أهلنا. فقال: لا تعجلوا وخط حولنا برمحه خطة وذهب هو وصاحبه. فقلت لصاحبي: قم بنا حتى نقف بإزاء الجبل ونقع على الطريق فقمنا وسرنا وإذا بحائط في وجوهنا فأخذنا في غير تلك الجهة فإذا بحائط آخر وهكذا من أربع جوانبنا فجلسنا وجعلنا نبكي على أنفسنا ثم قلت لصاحبي: ائتني من هذا الحنظل لنأكله فأتى به فإذا هو أمر من كل شيء وأقبح فرمينا به ثم لبثنا هنيئة وإذا قد استدار بنا الوحش ما لم يعلم إلا الله عدده وكلما أرادوا القرب منا منعهم ذلك الحائط فإذا ذهبوا زال الحائط وإذا عادوا عاد قال: فبتنا تلك الليلة آمنين حتى أصبحنا وطلعت الشمس واشتد الحر وأخذنا العطش فجزعنا أشد الجزع وإذا بالفارسين قد أقبلا وفعلا كما فعلا بالأمس، فلما أراد مفارقتنا قلنا له: بالله عليك إلا أوصلتنا إلى أهلنا فقال: أبشرا فسيأتيكما من يوصلكما إلى أهليكما، ثم غابا فلما كان آخر النهار إذا برجل من فراس ومعه ثلاث أحمرة قد أقبل ليحتطب فلما رآنا ارتاع منا وانهزم وترك حميره فصحنا إليه باسمه وتسمينا له، فرجع وقال: يا ويلكما إن أهاليكما أقاموا عزاءكما، قوما لا حاجة لي في الحطب، فقمنا وركبنا تلك الأحمرة فلما قربنا من البلد دخل أمامنا وخبر أهلنا، وفرحوا فرحا شديدا وأكرموه وأخلعوا عليه، فلما دخلنا إلى أهلينا سألونا عن حالنا فحكينا لهم بما شاهدناه فكذبونا وقالوا هو تخييل لكم من العطش. قال محمود: ثم أنساني الدهر حتى كأن لم يكن ولم يبق على خاطري شيء منه حتى بلغت عشرين سنة وتزوجت وصرت أخرج في المكاراة ولم يكن في أهلي أشد مني نصبا لأهل الإيمان سيما زوار الأئمة بسر من رأى، فكنت أكريهم الدواب بالقصد لأذيتهم بكل ما أقدر عليه من السرقة وغيرها، وأعتقد أن ذلك مما يقربني إلى الله تعالى، فاتفق أن أكريت دوابي مرة لقوم من أهل الحلة وكانوا قادمين إلى الزيارة ومنهم ابن السهيلي وابن عرفة وابن جارب وابن الزهدري وغيرهم من أهل الصلاح ومضيت إلى بغداد وهم يعرفون ما أنا عليه من العناد، فلما خلوا بي من الطريق وقد امتلأوا علي غيظا وحنقا لم يتركوا شيئا من القبيح إلا فعلوه بي وأنا ساكت لا أقدر عليهم لكثرتهم، فلما وصلنا بغداد ذهبوا إلى الجانب الغربي فنزلوا هناك وقد امتلأ فؤادي حنقا فلما جاء أصحابي قمت إليهم ولطمت على وجهي وبكيت. فقالوا: ما لك وما دهاك؟ فحكيت لهم ما جرى من أولئك القوم فأخذوا في سبهم ولعنهم، وقالوا: طب نفسا فإنا نجتمع معهم في الطريق إذا خرجوا ونصنع بهم أعظم مما صنعوا، فلما جن الليل أدركتني السعادة فقلت في نفسي إن هؤلاء الرافضة لا يرجعون عن دينهم بل غيرهم إذا زهد يرجع إليهم فما ذلك إلا لأن الحق معهم، فبقيت متفكرا في ذلك وسألت ربي بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يريني في ليلة علامة أستدل بها على الحق الذي فرضه الله تعالى على عباده، فأخذني النوم فإذا أنا بالجنة قد زخرفت وإذا فيها أشجار عظيمة مختلفة الألوان والثمار ليست مثل أشجار الدنيا، لأن أغصانها مدلاة وعروقها إلى فوق ورأيت أربعة أنهار من خمر ولبن وعسل وماء وهي تجري وليس لها زاجر بحيث لو أرادت النملة أن تشرب منها لشربت، ورأيت نساء حسنة الأشكال ورأيت قوما يأكلون من تلك الثمار ويشربون من تلك الأنهار وأنا لا أقدر على ذلك، فكلما أردت أن أتناول من الثمار تصعد إلى فوق وكلما هممت أن أشرب من تلك الأنهار تغور إلى تحت، فقلت للقوم: ما بالكم تأكلون وتشربون وأنا لا أطيق ذلك؟ فقالوا: إنك لم تأت إلينا بعد، فبينا أنا كذلك وإذا بفوج عظيم فقلت: ما الخبر؟ فقالوا: سيدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد أقبلت، فنظرت فإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيئة ينزلون من الهواء إلى الأرض وهم حافون بها، فلما دنت فإذا بالفارس الذي خلصنا من العطش بإطعامه لنا الحنظل قائم بين يدي فاطمة، فلما رأيته عرفته وذكرت تلك الحكاية وسمعت القوم يقولون: هذا م ح م د بن الحسن القائم (عليه السلام) المنتظر، فقام الناس وسلموا على فاطمة (عليها السلام) فقمت أنا وقلت: السلام عليك يا بنت رسول الله. فقالت: وعليك السلام يا محمود، أنت الذي خلصك ولدي هذا من العطش؟ فقلت: نعم يا سيدتي. فقالت: إن دخلت مع شيعتنا أفلحت. فقلت: أنا داخل في دينك ودين شيعتك مقر بإمامة من مضى من بنيك ومن بقي منهم. فقالت: أبشر فقد فزت. قال محمود: فانتبهت وأنا أبكي وقد ذهل عقلي مما رأيت فانزعج أصحابي لبكائي وظنوا أنه مما حكيت لهم. فقالوا: طب نفسا فوالله لننتقمن من الرفضة فسكت عنهم حتى سكتوا وسمعت المؤذن يعلن بالأذان فقمت إلى الجانب الغربي ودخلت منزل أولئك الزوار فسلمت عليهم، فقالوا: لا أهلا ولا سهلا، أخرج عنا لا بارك الله فيك. فقلت: إني قد عدت معكم ودخلت عليكم لتعلموني معالم الدين فبهتوا من كلامي وقال بعضهم: كذب وقال آخرون: جاز أن يصدق، فسألوني عن سبب ذلك فحكيت لهم ما رأيت فقالوا: إن صدقت فإنا ذاهبون إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) فامض معنا حتى نشيعك هناك، فقلت: سمعا وطاعة وجعلت أقبل أيديهم وأقدامهم وحملت أخراجهم وأنا أدعو لهم حتى وصلنا إلى الحضرة الشريفة فاستقبلنا الخدام ومعهم رجل علوي كان أكبرهم فسلموا على الزوار فقالوا له: إفتح لنا الباب حتى نزور سيدنا ومولانا فقال: حبا وكرامة ولكن معكم شخص يريد أن يتشيع ورأيته في منامي واقفا بين يدي سيدتي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، فقالت لي: يأتيك غدا رجل يريد أن يتشيع فافتح له الباب قبل كل أحد، ولو رأيته الآن لعرفته فنظر القوم بعضهم إلى بعض متعجبين. قالوا: فشرع ينظر إلى واحد واحد فقال: الله أكبر هذا والله هو الرجل الذي رأيته، ثم أخذ بيدي فقال القوم: صدقت يا سيد وبررت، وصدق هذا الرجل بما حكاه واستبشروا بأجمعهم وحمدوا الله تعالى، ثم إنه أدخلني الحضرة الشريفة وشيعني وتوليت وتبريت فلما تم أمري قال العلوي: وسيدتك فاطمة (عليها السلام) تقول لك سيلحقك بعض حطام الدنيا فلا تحفل به وسيخلفه الله عليك وستحصل في مضايق فاستغث بنا تنج، فقلت: السمع والطاعة وكان لي فرس قيمتها مائتا دينار فماتت وخلف الله علي مثلها وأضعافها وأصابني مضايق فندبتهم ونجوت، وفرج الله عني بهم وأنا اليوم أوالي من والاهم وأعادي من عاداهم وأرجو بهم حسن العاقبة، ثم إني سعيت إلى رجل من الشيعة فزوجني هذه المرأة وتركت أهلي فما قبلت التزويج منهم. وهذا ما حكى لي في تاريخ شهر رجب سنة ثمان وثمانين وسبعمائة من الهجرة والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله.(16)
الحكاية الحادية عشرة:
فيه بحذف الأسانيد عن كمال الدين أحمد بن محمد بن يحيى الأنباري بمدينة السلام ليلة عاشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة قال: كنا عند الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها ونحن على طبقة وعنده جماعة فلما أفطر من كان حاضرا - ويعوض أكثر من حضر حاضرا - أردنا الانصراف فأمرنا بالتمسي عنده فكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه ولم أكن رأيته من قبل، ورأيت الوزير يكثر إكرامه ويقرب مجلسه ويصغي إليه ويسمع قوله دون الحاضرين، فتجارينا الحديث والمذاكرة حتى أمسينا وأردنا الانصراف فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل وأنه يمنع من يريد الخروج، فأشار الوزير أن نمسي عنده فأخذنا نتحادث فأفضى الحديث حتى تحادثنا في الأديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الإسلام وتفرق المذاهب فيه، فقال الوزير: أقل طائفة مذهب الشيعة وما يمكن أكثر منهم في خطتنا هذه وهم الأقل من أهلها وأخذ يذم أحوالهم ويحمد الله على قتلهم في أقاصي الأرض، فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه مصغيا إليه فقال له: أدام الله أيامك أحدث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعزب عنه فصمت الوزير ثم قال: قل ما عندك، فقال: خرجت مع والدي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية ولها الرستاق(17) التي يعرفها التجار وعدة ضياعها ألف ومائتا ضيعة في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصى عددهم إلا الله وهم قوم نصارى، وجميع الجزاير التي كانت حولهم على دينهم ومذهبهم، ومسير بلادهم وجزايرهم مدة شهرين وبينهم وبين البر مسيرة عشرين يوما وكل من في البر من الأعراب وغيرهم نصارى وتتصل بالحبشة والنوبة وكلهم نصارى وتتصل بالبربر وهم على دينهم، فإن حد هذا كان بقدر كل من في الأرض ولم نضف إليهم الإفرنج والروم، وغير خفي عنكم من بالشام والعراق والحجاز من النصارى، واتفق أننا سرنا في البحر وأوغلنا وتعدينا الجهات التي كنا نصل إليها ورغبنا في المكاسب، ولم نزل على ذلك حتى صرنا إلى جزاير عظيمة كثيرة الأشجار مليحة الجدران فيها المدن المدورة والرساتيق، وأول مدينة وصلنا إليها وأرسيت المراكب بها وقد سألنا الناخدا:(18) أي شيء هذه الجزيرة؟ قال: والله إن هذه جزيرة لم أصل إليها ولم أعرفها وأنا وأنتم في معرفتها سواء، فلما أرسينا بها وصعد التجار إلى مشرعة تلك المدينة وسألنا ما اسمها فقيل: هي المباركة، فسألنا عن سلطانهم وما اسمه، فقالوا: اسمه الطاهر، فقلنا: وأين سرير ملكه؟ فقيل: بالزاهرة. فقلنا: وأين الزاهرة؟ فقالوا: بينكم وبينها مسيرة عشر ليال في البحر وخمس وعشرين ليلة في البر، وهم قوم مسلمون. فقلنا: من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع والابتياع؟ فقال: تحضرون عند نائب السلطان. فقلنا: وأين أعوانه؟ فقالوا: لا أعوان له بل هو في داره وكل من عليه حق يحضر عنده فيسلمه إليه، فتعجبنا من ذلك وقلنا: ألا تدلونا عليه؟ فقالوا: بلى، وجاء معنا من أدخلنا داره، فرأيناه رجلا صالحا عليه عباءة وهو مفرشها وبين يديه دواة يكتب منها من كتاب ينظر إليه، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وحيانا وقال: من أين أقبلتم؟ فقلنا: من أرض كذا وكذا، فقال: كلكم مسلمون؟ فقلنا: لا، بل فينا المسلم واليهود والنصارى فقال: يزن اليهودي جزيته والنصراني جزيته ويناظر المسلم عن مذهبه، فوزن والدي عن خمس نفر نصارى وعنه وعني وعن ثلاثة نفر كانوا معنا ثم وزن تسعة نفر كانوا يهودا وقالوا للباقين هاتوا مذاهبكم فشرعوا معه في مذاهبهم فقال: لستم مسلمين، وإنما أنتم خوارج وأموالكم محللة للمسلم المؤمن، وليس بمسلم من لم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر وبالوصي والأوصياء من ذريته حتى مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليهم، فضاقت بهم الأرض ولم يبق إلا أخذ أموالهم، ثم قال لنا: يا أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم حيث أخذت الجزية منكم، فلما عرف أولئك أن أموالهم معرضة للنهب سألوه أن يحتملهم إلى سلطانهم فأجاب سؤالهم وتلا (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة)(19) فقلنا للناخدا والربان وهو الدليل، هؤلاء قوم قد عاشرناهم وصاروا لنا رفقة وما يحسن لنا أن نتخلف عنهم، أينما يكونوا نكن معهم حتى نعلم ما يستقر حالهم عليه. فقال الربان: ما أعلم هذا البحر أين المسير فيه واستأجرنا ربانا ورجالا وقلعنا القلع وسرنا ثلاثة عشر يوما بلياليها حتى كان قبل طلوع الفجر فكبر الربان فقال: هذه والله أعلام الزاهرة ومنائرها وجدرانها، إنها قد بانت، فسرنا حتى تضاحى النهار فقدمنا إلى مدينة لم تر العيون أحسن منها ولا أخف على القلب ولا أرق من نسيمها ولا أطيب من هوائها ولا أعذب من مائها وهي راكبة البحر على جبل من صخر أبيض كأنه لون الفضة، وعليها سور إلى ما يلي البحر، والبحر يحيط الذي يليه منها والأنهار منحرفة في وسطها يشرب منها أهل الدور والأسواق وتأخذ منها الحمامات وفواضل الأنهار، ترى في البحر ومد الأنهار فرسخ ونصف، وفي تحت ذلك الجبل بساتين المدينة وأشجارها ومزارعها عند العيون، وأثمار تلك الأشجار لا يرى أطيب منها ولا أعذب منها، ويرعى الذئب والنعجة عيانا ولو قصد قاصد لتخلية دابة في زرع غيره لأرعته ولأقطعته قطعة حمله، ولقد شاهدت السباع والهوام رابضة في غيض تلك المدينة وبنو آدم يمرون عليها فلا تؤذيهم، فلما قدمنا المدينة، وأرسى المركب فيها وما كان صحبنا من الشوالي(20) والذوابيح من المباركة بشريعة الزاهرة، صعدنا فرأينا مدينة عظيمة عيناء كثيرة الخلق وسيعة الربقة وفيها الأسواق الكثيرة والمعاش العظيم، وترد إليها الخلق من البر والبحر وأهلها على أحسن قاعدة، لا يكون على وجه الأرض من الأمم والأديان مثلهم وأمانتهم، حتى أن المتعيش بسوق يرد إليه من يبتاع منه حاجة إما بالوزن أو بالذراع فيبايعه عليها، ثم يقول: يا هذا زن لنفسك واذرع لنفسك، فهذه صورة مبايعتهم، ولا يسمع بينهم لغو المقال ولا السفه ولا النميمة ولا يسب بعضهم بعضا، وإذا نادى المؤذن: الأذان، لا يتخلف منهم متخلف ذكرا كان أو أنثى إلا ويسعى إلى الصلاة، حتى إذا قضيت الصلاة للوقت المفروض رجع كل منهم إلى بيته حتى يكون وقت الصلاة الأخرى فتكون الحال كما كانت، فلما وصلنا المدينة وأرسينا بمشرعتها أمرونا بالحضور إلى عند السلطان فحضرنا داره ودخلنا إليه إلى بستان صور في وسطه قبة من قصب والسلطان في تلك القبة وعنده جماعة وفي باب القبة ساقية تجري، فوافينا القبة وقد أقام المؤذن الصلاة فلم يكن أسرع من أن امتلأ البستان بالناس وأقيمت الصلاة فصلى بهم جماعة فلا والله لم تنظر عيني أخضع منه لله ولا ألين جانبا لرعيته، فصلى من صلى مأموما، فلما قضيت الصلاة التفت إلينا وقال: هؤلاء القادمون؟ قلنا: نعم، وكانت تحية الناس له أو مخاطبتهم له بابن صاحب الأمر، فقال: على خير مقدم، ثم قال: أنتم تجار أو ضياف؟ فقلنا: تجار، فقال: من منكم المسلم ومن منكم أهل الكتاب؟ فعرفناه ذلك، فقال: إن الإسلام تفرق شعبا فمن أي قبيل أنتم؟ وكان معنا شخص يعرف بالمقرى بن زبهان بن أحمد الأهوازي يزعم أنه على مذهب الشافعي، فقال له: أنا رجل شافعي، قال: فمن على مذهبك من الجماعة؟ قال: كلنا إلا هذا حسان بن غيث فإنه رجل مالكي، فقال: أنت تقول بالإجماع؟ قال: نعم، قال: إذا تعمل بالقياس، ثم قال: بالله يا شافعي تلوت ما أنزل الله يوم المباهلة؟ قال: نعم، قال: ما هو؟ قال قوله تعالى (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)(21) فقال بالله عليك من أبناء الرسول ومن نساؤه ومن نفسه يا بن زبهان؟ فأمسك، فقال: بالله هل بلغك أن غير الرسول والوصي والبتول والسبطين دخل تحت الكساء؟ قال: لا، فقال: والله لم تنزل هذه الآية إلا فيهم ولا خص بها سواهم، ثم قال: بالله عليك يا شافعي ما تقول فيمن طهره الله بالدليل القاطع فهل ينجسه المختلفون؟ قال: لا، قال: بالله عليك هل تلوت *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)(22) قال: نعم، قال: بالله عليك من يعني بذلك؟ فأمسك، فقال: والله ما عنى بها إلا أهلها، ثم بسط لسانه وتحدث بحديث أمضى من السهام وأقطع من الحسام فقطع الشافعي وواقفه، فقام عند ذلك فقال: عفوا يا بن صاحب الأمر، أنسب إلي نسبك فقال: أنا طاهر بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليه السلام) أنزل الله فيه *(وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)(23) هو والله الإمام المبين، ونحن الذين أنزل الله في حقنا *(ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)(24) يا شافعي: نحن أهل البيت، نحن ذرية الرسول ونحن أولو الأمر، فخر الشافعي مغشيا عليه لما سمع منه، ثم أفاق من غشيته وآمن به وقال: الحمد لله الذي منحني بالإسلام ونقلني من التقليد إلى اليقين، ثم أمر لنا بإقامة الضيافة فبقينا على ذلك ثمانية أيام ولم يبق في المدينة إلا من جاء إلينا وحادثنا فلما انقضت الأيام الثمانية أخذ يسأله أهل المدينة أن يقوموا لنا بالضيافة ففتح لهم في ذلك فأكثر علينا الأطعمة والفواكه وعملت لنا الولائم ولبثنا في تلك المدينة سنة كاملة، فعلمنا وتحققنا أن تلك المدينة مسيرة شهرين كاملة برا وبحرا، وبعدها مدينة اسمها الرايقة سلطانها القاسم ابن صاحب الأمر مسيرة ملكها شهران، وهي على تلك القاعدة ولها دخل عظيم، وبعدها مدينة اسمها الصافية سلطانها إبراهيم ابن صاحب الأمر بالحكام، وبعدها مدينة اسمها مظلوم سلطانها عبد الرحمن ابن صاحب الأمر مسيرة رستاقها وضياعها شهران، وبعدها مدينة أخرى اسمها عناطيس سلطانها هاشم ابن صاحب الأمر وهي أعظم المدن كلها وأكبرها وأعظم دخلا ومسيرة ملكها أربعة أشهر فيكون مسيرة المدن الخمس والمملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط والمدن والضياع والجزاير غير المؤمن الشيعي الموحد القائل بالبراءة والولاية الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، سلاطينهم أولاد إمامهم، يحكمون بالعدل وبه يأمرون، وليس على وجه الأرض مثلهم، ولو جمع أهل الدنيا لكانوا أكثر عددا منهم على اختلاف الأديان والمذاهب، ولقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الأمر إليهم لأنهم زعموا أنها سنة وروده، فلم يوفقنا الله تعالى النظر إليه، فأما ابن زبهان وحسان فإنهما أقاما بالزاهرة يرقبان رؤيته (عليه السلام) وقد كنا لما استكثرنا هذه المدن وأهلها سألنا عنها فقيل: إنها عمارة صاحب الأمر (عليه السلام) واستخراجه، فلما سمع عون الدين ذلك نهض ودخل حجرة لطيفة وقد تقضى الليل فأمر بإحضارنا واحدا واحدا وقال: إياكم وإعادة ما سمعتم أو إجراءه على ألفاظكم وشدده وأخذ علينا، فخرجنا من عنده ولم يعد أحد منا مما سمعه حرفا واحدا حتى هلك، وكنا إذا حضرنا موضعا واجتمع واحدنا بصاحبه قال: أتذكر شهر رمضان، فيقول: نعم، ستر الحال شرط، فهذا ما سمعته ورويته والحمد لله وحده وصلواته على خير خلقه محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين.(25)
الهوامش
(1) الادرة: الفتن... في الخصيتين وقيل انتفاخهما (تاج العروس: 3 / 10).
(2) في لسان العرب: (10 / 350) القروة: أن يعظم جلد البيضتين لريح فيه أو ماء نزول الأمعاء والرجل قرواني.
(3) كشف الغمة: 3 / 301 ط دار الأضواء بيروت.
(4) الخرم في الوجه أو البدن.
(5) الفرجية ثوب مفرج من الإمام.
(6) العذبة الذؤابة (الصحاح: 4 / 1435) وفي تاج العروس: (6 / 259) العقدة الفاسدة من اللحم.
(7) كشف الغمة: 3 / 300 ط. دار الأضواء بيروت.
(8) بحار الأنوار: 52 / 71 - 72 ح 55 باب 18.
(9) البحار: 52 / 72 ح 55 باب 18.
(10) البحار: 52 / 73 ح 55.
(11) البحار: 52 / 74 ح 55.
(12) سورة الحج: 40.
(13) البحار: 52 / 75 ح 55.
(14) البحار: 52 / 76 ح 55.
(15) إثبات الهداة: 3 / 705 باب 3 ح 155 والبحار: 52 / 176 - 74.
(16) جنة المأوى: 202 - 208 المطبوع بذيل بحار الأنوار ج 53.
(17) الرستاق فارسي معرب وهي السواد (الصحاح: 4 / 1481) وفي مجمع البحرين: (2 / 174) يستعمل في الناحية: طرف الإقليم.
(18) كلمة فارسية الأصل معناها ربان السفينة.
(19) سورة الأنفال: 42.
(20) قرية بمرو.
(21) سورة آل عمران: الآية 61.
(22) سورة الأحزاب: الآية 33.
(23) سورة يس: الآية 12.
(24) سورة آل عمران: الآية 34.
(25) بطوله في الصراط المستقيم عن الأنباري: 2 / 264 - 265 فصل في علامات القائم ومدته.
******************
الحكاية الثانية عشرة:
فيه عن المولى زين العابدين السلماسي تلميذ آية الله السيد السند والعالم المسدد وفخر الشيعة وزينة الشريعة العلامة الطباطبائي السيد محمد مهدي المدعو ببحر العلوم أعلى الله درجته، وكان المولى المزبور من خاصته في السر والعلانية قال: كنت حاضرا في مجلس السيد في المشهد الغروي إذ دخل عليه لزيارته المحقق القمي صاحب القوانين في السنة التي رجع من (بلاد) العجم إلى العراق زائرا لقبور الأئمة (عليهما السلام) (وحاجا لبيت الله الحرام فتفرق من كان في المجلس وحضر للاستفادة منه وكانوا أزيد من مائة) وبقيت ثلاثة من أصحابه أرباب الورع والسداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد فتوجه المحقق الأيد إلى جناب السيد وقال: إنكم فزتم وحزتم مرتبة الولاية الروحانية والجسمانية وقرب المكان الظاهري والباطني فتصدقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان كي ينشرح به الصدور ويطمئن به القلوب، فأجاب السيد من غير تأمل وقال: إني كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين أو أقل - والترديد من الراوي - في المسجد الأعظم بالكوفة لأداء نافلة الليل عازما على الرجوع إلى النجف في أول الصبح لئلا يتعطل أمر البحث والمذاكرة وهكذا كان دأبه في سنين عديدة، فلما خرجت من المسجد ألقي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة فصرفت خيالي عنه خوفا من عدم الوصول إلى البلد قبل الصبح فيفوت البحث في اليوم، ولكن كان الشوق يزيد في كل آن ويميل القلب إلى ذلك المكان، فبينا أقدم رجلا وأؤخر أخرى إذا بريح فيها غبار كثير فهاجت بي وأمالتني عن الطريق فكأنها التوفيق الذي هو خير رفيق إلى أن ألقتني إلى باب المسجد فدخلت فإذا به خال عن العباد والزوار إلا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبار بكلمات ترقق القلوب القاسية وتسيح الدموع من العيون الجامدة، فطار بالي وتغيرت حالي ورجفت ركبتي وهملت دمعتي من استماع تلك الكلمات التي لم تسمعها أذني ولم ترها عيني مما وصلت إليه من الأدعية المأثورة، وعرفت أن المناجي ينشئها في الحال لا أنه ينشد مما أودعه في البال، فوقفت في مكاني مستمعا متلذذا إلى أن فرغ من مناجاته فالتفت إلي وصاح بلسان العجم: مهدي بيا، أي: هلم يا مهدي، فتقدمت إليه بخطوات فوقفت فأمرني بالتقدم فمشيت قليلا ثم وقفت فأمرني بالتقدم وقال: إن الأدب في الامتثال، فتقدمت إليه بحيث تصل يدي إليه ويده الشريفة إلي وتكلم بكلمة. قال المولى السلماسي: ولما بلغ كلام السيد السند إلى هنا اضرب عنه صفحا وطوى عنه كشحا وشرح في الجواب عما سأله المحقق المذكور قبل ذلك عن سر قلة تصانيفه مع طول باعه في العلوم فذكر له وجوها، فعاد المحقق القمي فسأل عن هذا الكلام الخفي، فأشار بيده شبه المنكر بأن هذا سر لا يذكر.(1)
الحكاية الثالثة عشرة:
وفيه عن المولى السلماسي قال: كنت حاضرا في مجلس إفادته فسأله رجل عن إمكان رؤية الطلعة الغراء في الغيبة الكبرى وكانت بيده الآلة المعروفة بشرب الدخان المسمى عند العجم ب‍: (غليان) فسكت عن جوابه وطأطأ رأسه وخاطب نفسه بكلام خفي أسمعه فقال ما معناه: ما أقول في جوابه قد ضمني صلوات الله عليه إلى صدره، وورد أيضا في الخبر تكذيب مدعي الرؤية في أيام الغيبة، فكرر هذا الكلام ثم قال في جواب السائل: إنه قد ورد في أخبار العصمة تكذيب من ادعى رؤية الحجة عجل الله تعالى فرجه. واقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه.(2)
الحكاية الرابعة عشرة:
وبهذا السند عن المولى المذكور قال: صلينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين، فلما أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة عرضته حالة فوقف هنيئة ثم قام، ولما فرغنا تعجبنا كلنا ولم نفهم ما كان وجهه ولم يجترئ أحد منا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل وأحضرت المائدة فأشار إلي بعض السادة من أصحابنا أن أسأله منه، فقلت: لا وأنت أقرب منا، فالتفت رحمه الله إلي وقال: فيم تتقاولون؟ قلت: وكنت أجسر الناس عليه: إنهم يريدون الكشف عما عرض لكم في حال الصلاة، فقال: إن الحجة عجل الله تعالى فرجه دخل الروضة للسلام على أبيه (عليه السلام) فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها.(3)
الحكاية الخامسة عشرة:
فيه بهذا السند عن ناظر أموره (رحمه الله) في أيام مجاورته بمكة قال: كان (رحمه الله) مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الأهل والإخوة، قوي القلب في البذل والعطاء، غير مكترث بكثرة المصارف، فاتفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرفته الحال وكثرة المؤونة وانعدام المال فلم يقل شيئا، وكان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح ويأتي إلى الدار فيجلس في القبة المختصة به ونأتي إليه ب‍ (غليان) فيشربه ثم يخرج إلى قبة أخرى تجتمع فيها تلامذته من كل المذاهب فيدرس لكل على مذهبه، فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفاد النفقة وأحضرت الغليان على العادة فإذا بالباب يدقه أحد فاضطرب أشد الاضطراب وقال لي: خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان، وقام مسرعا خارجا عن الوقار والسكينة والآداب ففتح الباب ودخل شخص جليل في هيئة الأعراب وجلس في تلك القبة وقعد السيد عند بابها في نهاية الذلة والمسكنة وأشار إلي أن لا أقرب إليه الغليان، فقعدا ساعة يتحدثان ثم قام فقام السيد مسرعا وفتح الباب وقبل يده وأركبه على جمله الذي أناخه عنده ومضى لشأنه ورجع السيد متغير اللون وناولني براثا وقال: هذه حوالة على رجل صراف قاعد في جبل الصفا فأذهب إليه وخذ منه ما أحيل عليه، قال: فأخذتها وأتيت بها إلى الرجل الموصوف، فلما نظر إليها قبلها وقال: علي بالحماميل فذهبت وأتيت بأربعة حماميل فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له: فرانسة، يزيد كل واحد على خمس قرانات العجم وما كانوا يقدرون على حمله فحملوها على أكتافهم وأتينا بها إلى الدار، ولما كان في بعض الأيام ذهبت إلى الصراف لأسأل منه حاله وممن كانت تلك الحوالة فلم أر صرافا ولا دكانا فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن الصراف فقال: ما عهدنا في هذا المكان صرافا أبدا وإنما يقعد فيه فلان فعرفت أنه من أسرار الملك المنان وألطاف ولي الرحمن.(4)
الحكاية السادسة عشرة:
عن العالم المحقق الخبير السيد علي سبط السيد المذكور المرحوم المغفور له وكان عالما مبرزا، عن السيد المرتضى أعلى الله مقامه بنت أخته وكان مصاحبا له في السفر والحضر، مواظبا لخدماته في السر والعلانية قال: كنت معه في سر من رأى في بعض أسفار زيارته وكان السيد ينام في حجرة وحده وكانت لي حجرة بجنب حجرته وكنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل والنهار وكان يجتمع إليه الناس في أول الليل إلى أن يذهب شطر منه في أكثر الليالي، فاتفق أنه في بعض الليالي قعد على عادته والناس مجتمعون حوله فرأيته كأنه يكره الاجتماع ويحب الخلوة ويتكلم مع كل واحد بكلام فيه إشارة إلى تعجيله بالخروج من عنده فتفرق الناس ولم يبق غيري فأمرني بالخروج فخرجت إلى حجرتي متفكرا في حالته في تلك الليلة فمنعني الرقاد فصبرت زمانا فخرجت متخفيا لأتفقد حاله فرأيت باب حجرته مغلقا فنظرت من شق الباب وإذا السراج بحاله وليس فيه أحد، فدخلت الحجرة فعرفت من وضعها أنه ما نام في تلك الليلة فخرجت حافيا متخفيا أطلب خبره وأقفو أثره، فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبة العسكريين مغلقة فتفقدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثرا فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب فرأيته مفتح الأبواب فنزلت من الدرج حافيا متخفيا متأنيا بحيث لا يسمع من حس ولا حركة، فسمعت همهمة من صفة السرداب كأن أحدا يتكلم مع الآخر ولم أميز الكلمات إلى أن بقيت ثلاثة أو أربعة منها وكان دبيبي أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، فإذا بالسيد قد نادى في مكانه هناك: يا سيد مرتضى ما تصنع ولم خرجت من المنزل؟ فبقيت متحيرا ساكتا كالخشب المسندة فعزمت على الرجوع قبل الجواب، ثم قلت في نفسي: كيف تخفي حالك على من عرفك من غير طريق الحواس، فأجبته معتذرا نادما ونزلت في خلال الاعتذار إلى حيث شاهدت الصفة فرأيته وحده واقفا تجاه القبلة ليس لغيره هناك أثر، فعرفت أنه يناجي الغائب عن أبصار البشر عليه سلام الله الملك الأكبر فرجعت حريا لكل ملامة، غريقا في بحار الندامة إلى يوم القيامة.(5)
الحكاية السابعة عشرة:
فيه عن المولى محمد سعيد الصدتوماني وكان من تلامذة السيد (رحمه الله) أنه جرى في مجلسه ذكر قضايا مصادفة رؤية المهدي (عليه السلام) حتى تكلم هو في جملة من تكلم في ذلك فقال: أحببت ذات يوم أن أصل إلى مسجد السهلة في وقت ظننته فيه فارغا من الناس، فلما انتهيت إليه وجدته غاصا بالناس ولهم دوي ولا أعهد أن يكون في ذلك الوقت فيه أحد، فدخلت فوجدت صفوفا صافين للصلاة جامعة فوقفت إلى جنب الحايط على موضع فيه رمل فعلوته لأنظر هل أجد خللا في الصفوف فأسده، فرأيت موضع رجل واحد في صف من تلك الصفوف فذهبت إليه ووقفت فيه، فقال رجل من الحاضرين: هل رأيت المهدي (عليه السلام)؟ فعند ذلك سكت السيد وكأنه كان نائما ثم انتبه، فكلما طلب منه تمام المطلب لم يتمه.(6)
الحكاية الثامنة عشرة:
وفيه عن السيد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في ترجمة آية الله العلامة الحلي: أن من جملة مقاماته العالية أن بعض علماء أهل السنة ممن تلمذ عليه العلامة (رحمه الله) في بعض الفنون ألف كتابا في رد الأمامية وأخذ يقرأه للناس في مجالسه ويضلهم، وكان لا يعطيه أحدا خوفا من أن يرده أحد من الأمامية، فاحتال (رحمه الله) في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تلمذته عليه وسيلة لأخذه الكتاب منه عارية فالتجأ الرجل واستحيى من رده وقال: إني آليت على نفسي أن لا أعطيه أحدا أزيد من ليلة فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان، فأخذه منه وأتى به إلى البيت لينقل منه ما تيسر منه، فلما اشتغل بكتابته وانتصف الليل غلبه النوم فحضر الحجة وقال (عليه السلام): ناولني الكتاب وخذ في نومك فانتبه العلامة وقد تم الكتاب بإعجازه (عليه السلام). وظاهر عبارته يوهم أن الملاقاة والمكالمة كان في اليقظة وهو بعيد، والظاهر أنه في المنام. وعن مصنفات الفاضل الألمعي علي بن إبراهيم المازندراني وبخطه كان معاصرا للشيخ البهائي (رحمه الله)، وهكذا الشيخ الجليل جمال الدين الحلي كان علامة علماء الزمان إلى أن قال: وقد قيل إنه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينسخه وكان هو يأبى عليه، وكان كتابا كبيرا جدا فاتفق أن أخذه منه مشروطا بأن لا يبقى عنده غير ليلة واحدة، وهذا كتاب لا يمكن نسخه إلا في سنة أو أكثر، فأتى به الشيخ (رحمه الله) فشرع في كتابته في تلك الليلة فكتب منه صفحات ومله، وإذا برجل دخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز فسلم وجلس، ثم قال: أيها الشيخ أنت مصطر لي الأوراق وأنا أكتب، فكان الشيخ يمصطر له الورق وذلك الرجل يكتب وكان لا يلحق المصطر بسرعة كتابته، فلما نقر ديك الصباح وصاح وإذا الكتاب بأسره مكتوب تماما. وقد قيل إن الشيخ لما مل الكتابة نام فانتبه فرأى الكتاب مكتوبا.(7)
الحكاية التاسعة عشرة:
ذكر المحدث الفاضل الميثمي في كتابه دار السلام عن السيد السند السيد محمد صاحب المفاتيح بن صاحب الرياض نقلا عن خط آية الله العلامة في حاشية بعض كتبه ما ترجمته بالعربية: خرج ذات ليلة من ليالي الجمعة من بلدة الحلة إلى زيارة قبر ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وهو على حمار له وبيده سوط يسوق به دابته فعرض له في أثناء الطريق رجل في زي الأعراب فتصاحبا والرجل يمشي بين يديه فافتتحا بالكلام، وساق معه الكلام من كل مقام وإذا به عالم خبير نحرير فاختبره عن بعض المعضلات وما استصعب عليه علمها فما استتم عن كل من ذلك إلا وكشف الحجاب عن وجهها وافتتح عن مغلقاتها إلى أن انجر الكلام في مسألة أفتى به بخلاف ما عليه العلامة، فأنكره عليه قائلا: إن هذه الفتوى خلاف الأصل والقاعدة ولا بد لنا في خلافهما من دليل وارد عليهما مخصص لهما، فقال العربي: الدليل عليه حديث ذكره الشيخ الطوسي في تهذيبه. فقال العلامة: إني لم أعهد بهذا الحديث في التهذيب ولم يذكره الشيخ ولا غيره. فقال العربي: ارجع إلى نسخة التهذيب التي عندك الآن وعد منها أوراقا كذا وسطورا كذا فتجده، فلما سمع العلامة بذلك ورأى أن هذا إخبار عن المغيبات تحير في أمر الرجل تحيرا شديدا واندهش في معرفته وقال في نفسه: ولعل هذا الرجل الذي يمشي بين يدي منذ كذا وأنا في ركوبي هو الذي بوجوده تدور رحى الموجودات وبه قيام الأرضين والسماوات، فبينما هو كذلك إذ وقع السوط من يده من شدة التفكر والتحير فأخذ ليستخبر عن هذه المسألة استخبارا منه واستظهارا عنه أن في زمن الغيبة الكبرى هل يمكن التشرف إلى لقاء سيدنا ومولانا صاحب الزمان، فهوى الرجل وأخذ السوط من الأرض ووضعه في كف العلامة وقال: لم لا يمكن وكفه في كفك؟ فأوقع العلامة نفسه من على الدابة منكبا على قدميه وأغمي عليه من فرط الرغبة وشدة الاشتياق، فلما أفاق لم يجد أحدا فاهتم بذلك هما شديدا وتكدر ورجع إلى أهله وتصفح عن نسخة تهذيبه فوجد الحديث المعلوم كما أخبره الإمام (عليه السلام) في حاشية تلك النسخة فكتب بخطه الشريف في ذلك الموضع: هذا حديث أخبرني به سيدي ومولاي في ورق كذا وسطر كذا، ثم نقل الفاضل الميثمي عن السيد المزبور طاب ثراه أنه قد رأى تلك النسخة بخط العلامة في حاشيته.
الحكاية العشرون:
فيه عن الفاضل والعادل الأمين مولانا محمد أمين العراة عن رجل صالح عطار من أهل البصرة أنه قال: إني كنت جالسا ذات يوم على دكتي العطارة وإذا برجلين قد أتيا ووقفا علي لشراء السدر والكافور، فلما تكلمنا وتأملت فيهما فلم أجدهما في الصورة والسيرة في زي أهل البصرة ونواحيها، بل ولا المعروف من بلادنا فسألتهما عن أهلهما وبلادهما فاكتتما فألححت عليهما، وكلما كثر تسترهما ازددت إلحاحا عليهما إلى أن أقسمت عليهما بالرسول المختار وآله الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، فلما رأيا ذلك مني أظهرا لي أنهما من جملة ملازمي عتبة الإمام الحي المنتظر حجة الله صاحب الزمان عجل الله فرجه وأن واحدا من صحبتهم قد توفي بأجله الموعود وقد أرسلا لشراء السدر والكافور منه. قال: فلما سمعت بذلك توسلت إليهما وأظهرت المصاحبة معهم إلى سيدي ومولاي وتضرعت وألححت عليهما في ذلك، فقالا: إن هذا موقوف على إذنه (عج) وإنا لم نؤذن بذلك. فقلت لهما: خذاني معكما إلى ذلك الصقع ثم استأذنا لي منه فإن أذن وإلا فأنصرف ويصيبكم أجر الإجابة. فامتنعا عن ذلك أيضا فأكثرت من الإلحاح عليهما فترحما علي وأجاباني وسلمتهما السدر والكافور مستعجلا وأغلقت الدكان وانطلقت معهما حتى أتينا ساحل بحر عمان، فمشيا على الماء كالمشي على الأرض الصلبة ووقفت متحيرا فالتفتا إلي وقالا: لا تخف وأقسم الله عز وجل بالحجة في حفظك. فقلت ذلك وبسملت فمشيت على الماء كالمشي على الأرض إلى أن انتهينا إلى قبة البحر فبينا نذهب وإذا بسحاب مركوم ومطر غزير تمطر، ومن الاتفاق أني منذ يوم خروجي من البصرة كنت طابخا صابونا واضعا إياه على سطح الدار ليستنشف في الشمس، فلما رأيت تراكم السحاب والمطر الغزير تذكرت الصابون وأنه يتنقع، وإذا برجلي قد نفذتا في الماء وطمست فيه فكدت أن أغرق فأخذت في السبح فالتفت الرجلان إلي وقالا لي: يا فلان تب عما قصدت وتذكرت ومما انصرفت به عن مولاك وجدد القسم، فتبت إلى الله وجددت القسم فصلب الله لي الماء فأخذت أمشي خلفهما كالأول حتى انتهينا إلى الساحل ومضينا فيه إلى أن ظهرت لنا خباء كشجر طور نورها قد ملأ الفضاء والبيداء فالتفت إلي الرجلان وقالا: إن مقصودك في هذه الخباء ولكن قف هنا حتى نذهب ونستأذن لك، فذهبا ودخل واحد منهما في الخيمة فسمعته يتكلم في أمري وإذا بصوت سمعته من وراء الحجاب والخباء يقول: ردوه فإنه رجل صابوني، فلما سمعت هذا من الإمام (عج) ووجدته طبقا للبرهان العقلي والشرعي فاستيأست وقطعت الطمع عن ما كنت أطمعه وعلمت أن هذا مقام شامخ عظيم لا تكاد تناله أيدي المتشبث بالتعلقات الدنيوية.
الحادية والعشرون:
ذكر الفاضل المحدث الميثمي أيضا في كتابه دار السلام ما ترجمته بالعربية: إني كنت في بعض السنين سنة ألف ومائتين وسبعين - ولعله سبع وسبعين - قد تشرفت من النجف الأشرف إلى زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في مخصوصة أول رجب من ذلك العام وما كنت بانيا على التوقف في الحاير، بل كنت عازما على الرجوع إلى الغري فاتفق لي مصاحبة بعض الأصدقاء من أهل أذربيجان فمنعني عن العجلة في العود وحثني على الإقامة عنده وفي داره إلى زيارة النصف، فأحببت إجابته وأقمت فيها، فبينا نحن ذات ليلة وقد اجتمع في تلك الدار عند صاحبنا جمع من أهل أذربيجان يريدون خطبة بنت له قد تكفلها ورباها من غير أب ولا أم، وهم يتكلمون معه في خطبتها وأن هذا أمر لا بد فيه (من) المسامحة سيما مع كون الصهر شابا جديد الإسلام وينبغي السماحة معه، فلما سمعت ذلك منه دنوت إليه وقلت: في أي مذهب كنت؟ وما شأنك وقصتك؟ وما سبب إسلامك؟ فأجابني: إني تركي ولم أحسن الرطانة، فقلت: أنا أعرف لسان الترك والترجمة لأهل المجلس. فقال: أنا رجل من أرامنة أرومية ساكن قرية من قراها وفيها الحال أبي وأمي وعشيرتي وبنو عمومتي، وحرفتي النجارة وعمل الرحي ولي في هاتين مهارة وافية مشهورة عند أهاليها، فاتفق لي يوما أن كنت في بستان لقطع شجرة وكانت ملقاة وقد وضعنا المنشار عليها لنقدها، فمضى صاحبي الذي كان معي لأمر فانفردت في البستان، وإذا برجل جليل عظيم قد أهابتني جلالته ونبالته فعظمته واحترمته قهرا، ورأيت نفسي بالنسبة إليه مقهورة مغلوبة فقرب مني وقال: يا فلان هات يدك وأغمض عينيك وافتحهما لأقول لك، فأعطيته يدي وغمضت عيني فلم أحس شيئا إلا وأسمع هبوب الريح وتمس جلدي من نسيمها، ثم أطلق يدي هنيئة ثم قال: افتحها، فلما فتحتها ما رأيت إلا وأنا في قلة جبل عظيم في قفر وسيع على صخرة عظيمة لا يمكن الصعود عليها والنزول منها، بحيث لو سقط ساقط عنها لتقطع، وتلفت فرأيت ذلك الرجل في أسفل الجبل والصخرة، ثم ذهب وغاب عني فاستوحشت وحشة شديدة واضطربت اضطرابا عظيما، فقلت في نفسي: ولعلني نائم فحركت يدي ومسحتها على عيني فرأيت نفسي مستيقظا ومشاعري على ما هو عليه فأعملت كل حيلة أحتالها لخلاص نفسي ولم أتمكن فاستسلمت للموت ووقفت متفكرا متحيرا، وإذا برجل غير الأول قد ظهر وأتاني وأرفق بي وسماني باسمي وكلمني بالتركية وتفقد عيني وقال: الحمد لله، إنك قد أفلحت ونجوت، فتسليت به وسألته عن الرجل وصنيعه لي ووجه فلاحي ونجاتي، فقال: إن الرجل هو الإمام الغائب المهدي عجل الله تعالى فرجه قد أتاك ونجاك من دار الشرك والكفر وأتى بك إلى هذا الوادي للهدى والرشاد والإسلام والسداد، فلما سمعت ذلك تذكرت ما كنت كثيرا ما أسمعه من الشيعة عن الإمام الغائب الموعود المنتظر الحجة ابن الحسن (عليه السلام) وكنت أحبهم وأكتمه من أبوي وعشيرتي خوفا منهم (و) من لومهم إياي. فقلت له: هل الرجل هو المهدي الغائب الموعود؟ فقال: نعم. قلت: فمن أنت؟ قال: رجل من أعوانه وملازميه. فقلت: ما هذا المكان؟ قال: هذا من جبال إيران والمسافة إلى أرومية بعيدة. قلت: أجل، فما أصنع إن رجوت الفلاح والاجتناب عن الشرك؟ قال: نعم، أسلم. فرسخ في قلبي محبة ذلك الرجل وتجلى في شراشر وجودي نوره وقلت: كيف أسلم؟ قال: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن عليا وأولاده المعصومين أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاؤه، فأقررت بها ثم قال: اسمك هذا ينافي مذهبك فقد سميتك سلمان، فقبلت ذلك، ثم أخذ بيدي وقال لي: غمض عينيك وافتحهما، ففعلت فرأيت نفسي في أسفل جبل عظيم، فأطلق يدي وأراني طريقا واسعا وقال لي: سر فيه إلى فرسخين فتدخل قرية فلان فتسأل عن دار شيخهم فلان فتنزل عنده فيدلك على ما أحببت وشئت من طريقك، ثم غاب عني ومضيت إلى أن أتيت تلك القرية فدخلت فيها وسألت عن دار الشيخ فدللت عليه فوقفت وطرقت عليه الباب، فخرج إلي شيخ فلما رآني قال لي: أنت سلمان؟ قلت: نعم. قال: فادخل، فلما دخلت رأيت رجلا في زي عثمان لو(8) جالسا وقد حفت به جماعة فنظر إلي وتبسم وأظهر الرأفة والملاطفة وسماني ورحب بي وأجلسني عنده، ثم قضى ما به من الجماعة من عملهم فمضوا واستفردنا فتوجه عند ذلك إلي وهنأني وبشرني، ثم أمر بالطعام فاحضر وأكلنا وأقامني عنده إلى ثلاثة أيام وعلمني أصول اعتقادات الشيعة وأسماء الأئمة وأمرني بالتقية، ثم قال: لا بد لك وأن تذهب حينئذ إلى قرية كذا عند فلان فيوصلك إلى ما شئت وأحببت، والمسافة إلى هناك أربعة فراسخ، فانطلقت مع الرجل الأول حتى دلني على الطريق فمشيت إلى أن أتيت القرية ودخلت فيها ووقفت على الدار المعلومة وطرقتها عليه، فخرج رجل في زي الروم، فلما رآني استبشر وتلاطف معي كالأول وسماني وهنأني وأدخلني معه ورحب بي وأقامني عنده ثلاثة أيام وعلمني أحكام الصوم والصلاة وبعض الضروريات العملية، ثم دلني على رجل آخر في قرية أخرى على مسافة أكثر من القريتين فلما ذهبت ودخلت على الرجل رأيته أيضا في زي الروم، بل هو أشبه منهما وله الرياسة الشرعية والمنصب من سلطان الروم، فلما رآني سماني ولاطفني واستبشر وأقامني عنده وختنني وعاد علي بتلقين الأحكام وأمر الشريعة وأمرني بالتقية وطريقتها.. إلى أن قال لي يوما: يا سلمان لا بد لك اليوم من الرواح إلى كربلا. قلت: وما كربلا؟ وأين هي؟ فعلمني بها وأعلمني أنها أرض فيها بقعة الإمام الثالث سبط الرسول المختار (صلى الله عليه وآله وسلم) ومزار للزوار والشيعة الأخيار. فقلت: وكم المسافة إليها؟ قال: أكثر من أربعين منزلا، فقلت: كيف أقطع هذا المقدار من الطريق بلا زاد وراحلة ورفيق؟ فقال: أذهب فإن الله سيعينك فيها، ثم دفع إلي اثني عشر من الدراهم المسكوكة بسكة العثماني فبعث معي من يرشدني إلى الطريق الشارع العام فمشيت، فلما سرت وبعدت من القرية يسيرا صاحبني رجل خفيف الثقل فسأل عن مقصودي فأخبرته بالمقصود، فقال: وإني أيضا لسائر إلى نواحي كربلا وذاهب معك، فقلت: هل قطعت من هذا الطريق شيئا قبل ذلك؟ وهل تعرفها؟ قال: نعم، فسررت بذلك ومضيت معه فرأيته على طريقة الشيعة والأمامية إلا أني سترت عنه رعاية للاحتياط كما أمرني ساداتي ولم يتفحص هو عن عقيدتي أيضا وأنا لم أتق عنه لأني رأيته شيعيا فسرت معه مسرورا به يومين، حتى إذا كان الثالث فظهر نخيل وقبتان من ذهب متصلتان فقال لي الرجل: هذا نخيل بغداد وتوابعه وهاتان القبتان لموسى بن جعفر الإمام السابع ومحمد بن علي النقي الإمام التاسع (عليهما السلام)، وتلك السواد المعمورة تسمى كاظمين، ومنها إلى كربلا مسافة يومين فادخلها وزر الإمامين وقف بها حتى يخرج منها قافلة الزوار إلى كربلا فسر معهم، ثم فارقني وذهب عني من غير تكلم، ثم أتيت حتى انتهيت إلى الشط فعبرته بالعبرة(9) ودخلت الكاظمين وبقيت متشرفا بالزيارة إلى يومين فخرجت الثالث إلى بغداد للسياحة، فبينما أسير في السياحة فمررت على دكة نجار هناك، فلما عرف أني أهل حرفته وصنعته أحب أن أشتغل عنده أيام، فوقفت عنده، فلما رأى مهارتي تلاطف معي وعين لي كذا، فكنت بالنهار مقيما هناك وبالليل أبيت بالكاظمين، فأتى علي ذلك أيام فبينما أنا ذات يوم أرجع إلى كاظمين وإذا بدرويش صاحبني وأظهر الملاطفة معي إلى أن انتهينا إلى المسجد الخرب الذي في طريق بغداد والكاظمين الذي يدعى ب‍ (براثا) فأظهر لي أن منزله في هذا المسجد وأحب أن يضيفني الليلة فاستدعى ذلك وأصر عليه فأجبته ودخلت منزله وإذا بجماعة آخرين في زيه ثم اجتمع جماعة آخرون في زيهم ومعهم شيء من مأكلهم فاجتمعوا بعد صلاة العشاء وأحضروا ما كان معهم في كيفية من الاتحاد واشتغلوا بالأكل، ثم اشتغلوا بالعبادة وإحياء الليل فأعجبني ما كانوا عليه ولم أكن أعهد من نظايرهم هذه الصفة فأضفت عندهم يومين، فلما كان الثالث خرج أحدهم وقال لي: يا فلان إن قافلة الزوار قد خرجت من الكاظمين يريدون كربلا فالحق بهم وامض معهم، فلحقتهم حتى أتيت كربلاء فبقيت أنا أياما مشتغلا بالعبادة والزيارة فقلت في نفسي: إني على ما أمرت لا بد لي من الإقامة فيه أياما ومعي حرفتي وصنعتي النجارة فأشتغل بها ولا بد لي من دكة أكون عليها، فأتيت الشيخ الجليل العالم الفاضل شيخ العراقين شيخ عبد الحسين الطهراني لإجارة دكة تناسبني وهو حينئذ مشغول بعمارة الصحن الشريف، فلما ظهر له حالي وقصتي قال لي الأصلح حينئذ أن تقيم على العمالة والبنائين بالصحن الشريف حتى تتهيأ الأسباب والآلة المحتاجة إلى النجارة ثم اختر ما شئت، وأجرى لي أجرة معلومة فوقفت كما أمرني على وظيفتي السركاري.(10) ثم ذكر اسمه واسم قريته واسم أبيه وأمه وإخوته وبعض عمومته وعشيرته وذكر أن له عيالا وأولادا في بلدته وقال: يعرفني أكثر أهل أرومية ولا بد من مجئ زوار من الأرومية فليتحقق وليسأل عني ولم أكن أحتاج إليهم، وإني على صنعتي وحرفتي بحيث أعيش عشرة رؤوس وأتكفل بهم، وقد قطعت النظر عن العيال والأطفال والتجأت إلى هذه البقعة المطهرة وجاورت كربلاء، وإني في زيهم مشتغل بكسبي وزيارتي وعبادتي إلى أن أدرك الأجل المحتوم. فهنيئا له ثم هنيئا له.
الحكاية الثانية والعشرون:
ممن أدركه وتشرف برؤيته في غيبته الكبرى الرجل الهرم الفلاح السهلاوي اليزدي ذو الصلاح والسداد، ومحصله ما ذكره الفاضل الميثمي في كتابه دار السلام المشتمل بذكر من فاز بسلام الإمام من أنه كان من فلاليح المرحوم الحاج ملا باقر البهبهاني ساكن الغري وهو رجل من الأخيار والنساك ومشهور بالخلوص لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، واشتغل في أواخر عمره بتجارة الكتب والسير في الحجرة الواقعة في الزاوية الشرقية من الصحن الشريف من مشهد الغري وهو وإن لم يكن له حظ من العلم ولا يعد من الأفاضل إلا أنه ألف كتابا وافيا جامعا في شرح ترجمة أحوال الأئمة الاثنى عشر وفضايلهم ومراثيهم، وخمس مجلدات موسوما بالدمعة الساكبة بحيث وقع مطرحا لأنظار العلماء والمحدثين. ثم إن المؤلف الضعيف علي بن إبراهيم زين العابدين البارجيني اليزدي يقول: بعدما راجعت شرح هذه القصة مع المرحوم الحاج ملا باقر المزبور في الكتاب المذكور اتفقت لي صحبة المرحوم الحاج علي محمد بياع الكتب نجل الحاج المزبور فسألته عن بستانهم المعروف بالصاحبية ووجه اشتهارها بها وأخبرته بما ذكره هذا الفاضل من شرحه في كتابه فقال المرحوم: أهل البيت أدرى بما في البيت، ثم أخذ في بيان القصة مشروحا حيث ما جرى بتفاوت يسير مما ذكره الفاضل المذكور فرأيت الاقتصار على ما ذكره المرحوم أضبط فاقتصرت عليه فأقول: قال المرحوم الحاج علي محمد نجل المرحوم الحاج ملا باقر البهبهاني المزبور: لما اتسعت الأمور علينا قليلا بعد ما كنا في الشدة والضيق أراد الحاج الوالد تعمير بستان في أراضي قرب مسجد السهلة بغرس الأشجار فيها وسقيها فعارضوه الأصدقاء وأظهروا أن هذا الأمر لا يكون من عهدتك وأنت لا تقدر عليه لما فيه من التعب والمشقة الشديدة، وأنت على ما أنت فيه من شيبك ونقاهتك وبقائك في المشهد فابتع بستانا معمورا قريبا منه فتممه، فأجابهم المرحوم: كثيرا ما أحب غرس الأشجار والاشتغال بالعمارة، واشتغل بما هم فيه إلى أن وقف ولم يستطع إتمامه فطلب من يبيعه نصفه بمائة تومان فيستعين بثمنه على تعمير النصف الباقي، ولم يجد أحدا يعينه وفيها العمال والفلاليح مشتغلين بوظيفتهم وفيهم رجل يزدي من أهل الصلاح والسداد، وكان بعد المغرب وفراغته من فلاحته يأتي مع سائر الفلاليح مسجد السهلة ويبيت فيه، وكان مطلعا بما قصده الحاج الوالد من بيع نصفها، فبينما هو ذات ليلة في المسجد فرأى بين النوم واليقظة أن أحدا يدعوه قائلا: يا فلان أجب السلطان. يقول: فقمت مهربا فرأيت المسجد منورا أضوأ من الشمس الطالعة ورأيت جماعة في صحن المسجد جلوسا وقد حف بهم جمع كثير وفيهم سيد جليل عظيم والنور يسطع منه إلى عنان السماء وعن يمينه رجلان جليلان، وكذلك عن يساره فأخذوني إليه فسألني السلطان من أنت؟ وما وظيفتك؟ فأخبرته أني من فلاليح البستان الواقع قرب هذا المسجد للحاج ملا باقر البهبهاني، نأتي بعد فراغنا عن فلاحتنا كل ليلة المسجد ونبيت فيه. فقال: نعم. قال: قل للحاج ملا باقر أن يزرع فيها حملا من بذور الزيت الذي في خارج المسجد، فرجعت بعد ذلك فقمت من النوم وأنا لا أرى المسجد إلا في ظلمة الليل والوقت قريب من الفجر فأسبغت الوضوء لأصلي في ذلك المكان لشرافته فرأيت أن أحدا يؤذن فيه، ثم اشتغل بعد ذلك بالصلاة فائتممت به وصليت معه الفجر لما وقع في قلبي من جلالته ونبالته، فلما انتهيت أتيته وقصصت عليه منامي، فقال: أما عرفت؟ قلت: نعم. قال: أما السلطان فهو إمام زمانك والرجلان الجليلان اللذان عن يمينه الخضر والالياس، واللذان عن يساره هما هود وصالح والحافون به المحدقون حوله أرواح الأنبياء والمؤمنين، فأخبرني أن الحاج ملا باقر هل يريد بيع البستان؟ فأخبرته أنه منذ مدة يريد بيع نصفه بمائة تومان، فقال لي: بعه لي الآن. فقلت: إني لا أقدر إلى أن أستأذنه في ذلك، فأعطاني صرة فيها مائة تومان وقال: اشتره لي بها، فقلت: إني لا أقبضها إلى أن أخبره، أين ألقاك بعد ذلك؟ فقال: إذا جرى الماء في الغري أنا أظهر. وبالجملة فأتى الفلاح إلى الحاج الوالد وأخبره بما رأى وقص عليه فاعترض عليه المرحوم بما توقف من بيعه له، ثم أخذ في تحسس هذا الشخص بهذه الصفة في أراضي السهلة والكوفة وجميع النجف فاستيأس، ثم قال المرحوم الحاج علي محمد: إن الحاج الوالد أتاني يوما بعد مدة من ذلك ودفع إلي صرة خضراء فيها مأة باجوقلي يساوي قيمتها مائة تومان، أي مائة دينار، ولما كانت العادة بكتابة النقود والأجناس في الدفتر باسم دافعيها ومعطيها، فسألته عن ذلك لأقيده باسمه فأخذ يماطلني في ذلك ليلا ونهارا إلى أن انقضى علينا أيام فأصررت عليه فيه، فقال: أخبرك به على أن لا تخبر أحدا بذلك ما دمنا أنا والمعطي أحياء ثم قال: رأيت إمام زماني في الطيف وسألني عن بيع البستان فبعته إياه واشتراه مني بمائة تومان وحول المبلغ إلى السيد العالم الفاضل السيد أسد الله بن حجة الإسلام السيد محمد باقر أعلى الله مقامه، وهو الذي سعى في جري الماء في النجف الأشرف، والسيد المرحوم حينئذ كان مقيما في النجف، فقمت فزعا متحيرا في إظهاره إياه وكنت أحاذر تكذيبه إياي فقلت في نفسي: إن حالي غير خفي على كل أحد وإني مأمور معذور فأتيته لأخبره، فلما صرت بالباب وقرعته فإذا به قد صاح من داخل الدار: اصبر اصبر فقد أتيتك، فتحيرت في ذلك وقلت: فلعله رآني من شق الباب فخرج إلي وأخذ يقبلني ويقول: قبول قبول، ثم دخل وأخرج هذه الصرة وأعطاني إياها، وهذا ما حول الإمام فأضمره ولا تخبر به أحدا ما عشت أنا والسيد، واشتهرت بعد ذلك ببستان الصاحبية.
الحكاية الثالثة والعشرون:
في جنة المأوى: قال آية الله العلامة الحلي (رحمه الله) في آخر منهاج الصلاح في الدعاء المعروف وهو دعاء العبرات وهو روي عن الصادق (عليه السلام) جعفر بن محمد، وله من جهة السيد السعيد محمد بن محمد بن محمد الاوي (رحمه الله) حكاية معروفة بخط بعض الفضلاء في هامش ذلك الموضع: روى المولى السعيد فخر الدين محمد بن الشيخ الأجل جمال الدين عن والده عن جده الفقيه يوسف عن السيد الرضي المذكور أنه كان مأخوذا عند أمير من أمراء السلطان جرماغون مدة طويلة مع شدة وضيق فرأى في نومه الخلف الصالح المنتظر (عليه السلام)، فبكى وقال: يا مولاي اشفع في خلاصي من هؤلاء الظلمة. فقال (عليه السلام): ادع بدعاء العبرات. فقال: وما دعاء العبرات؟ فقال (عليه السلام): إنه في مصباحك. فقال: يا مولاي ما في مصباحي. فقال (عليه السلام): انظر تجده، فانتبه من منامه وصلى الصبح وفتح المصباح فلقى ورقة مكتوب فيها هذا الدعاء بين أوراق الكتاب فدعا أربعين مرة وكانت لهذا الأمير امرأتان إحداهما عاقلة مدبرة في أمورها وهو كثير الاعتماد عليها فجاء في نوبتها فقالت له: أخذت أحدا من أولاد أمير المؤمنين علي (عليه السلام)؟ فقال لها: لم تسألين عن ذلك؟ فقالت: رأيت شخصا وكان نور الشمس يتلألأ من وجهه فأخذ بحلقي بين إصبعيه ثم قال: أرى بعلك أخذ ولدي ويضيق عليه من المطعم والمشرب. فقلت له: يا سيدي من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قولي له إن لم يخل عنه لأخربن بيته. فشاع هذا النوم للسلطان فقال: ما أعلم ذلك وطلب نوابه فقال: من عندكم مأخوذ؟ فقالوا: الشيخ العلوي أمرت بأخذه. فقال: خلوا سبيله وأعطوه فرسا يركبها ودلوه على الطريق، فمضى إلى بيته، انتهى. وقال السيد الأجل علي بن طاووس في آخر مهج الدعوات: ومن ذلك ما حدثني به صديقي والمؤاخي محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله جل جلاله سعادته وشرف خاتمته، وذكر له حديثا عجيبا وسببا غريبا وهو: أنه كان قد حدثت حادثة فوجد هذا الدعاء في أوراق لم يجعله فيها بين كتبه فنسخ منه نسخة، فلما نسخه فقد الأصل الذي كان قد وجده، إلى أن ذكر الدعاء وذكر له نسخة أخرى من طريق آخر تخالفه. ونحن نذكر النسخة الأولى تيمنا بلفظ السيد فإن بين ما ذكره ونقل العلامة أيضا اختلافا شديدا وهي: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك يا راحم العبرات ويا كاشف الكربات أنت الذي تقشع سحائب المحن وقد أمست ثقالا وتحل أطناب الإحن(11) وقد سحبت أذيالا وتجعل زرعها هشيما وعظامها رميما وترد المغلوب غالبا والمطلوب طالبا. إلهي فكم من عبد ناداك إني مغلوب فانتصر ففتحت له من نصرك أبواب السماء بماء منهمر وفجرت له من عونك عيونا فالتقى ماء فرجه على أمر قد قدر، وحملته من كفايتك على ذات ألواح ودسر، يا رب إني مغلوب فانتصر، يا رب إني مغلوب فانتصر، يا رب إني مغلوب فانتصر، يا رب فصل على محمد وآل محمد وافتح لي من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجر لي من عونك عيونا ليلتقي ماء فرجي على أمر قد قدر، واحملني يا رب من كفايتك على ذات ألواح ودسر، يا من إذا ولج العبد في ليل من حيرته يهيم فلم يجد له صريخا يصرخه من ولي ولا حميم صل على محمد وآل محمد وجد يا رب من معونتك صريخا معينا ووليا يطلبه حثيثا، وينجيه من ضيق أمره وحرجه ويظهر له المهم من أعلام فرجه. اللهم فيا من قدرته قاهرة وآياته باهرة ونقماته قاصمة لكل جبار دامغة لكل كفور ختار(12)، صل يا رب نظرة من نظراتك رحيمة تجلو بها عني ظلمة واقفة مقيمة من عاهة جفت منها الضروع وفلقت منها الزروع واشتمل بها على القلوب اليأس، وجرت بسببها الأنفاس. اللهم صل على محمد وآل محمد وحفظا لغرايس غرستها يد الرحمن وشربها من ماء الحيوان أن تكون بيد الشيطان تجز وبفأسه تقطع وتحز. إلهي من أولى منك أن يكون عن حماك حارسا ومانعا، إلهي إن الأمر قد هال فهونه وخشن فألنه، وإن القلوب كاعت(13) فطمها والنفوس ارتاعت فسكنها. إلهي تدارك أقداما قد زلت وأفهاما في مهامه(14) الحيرة ضلت، أجحف الضر بالمضرور في داعية الويل والثبور، فهل يحسن من فضلك أن تجعله فريسة للبلاء وهو لك راج، أم هل يحمد من عدلك أن يخوض لجة الغماء(15) وهو إليك لاج، مولاي لئن كنت لا أشق على نفسي في التقى ولا أبلغ في حمل أعباء الطاعة مبلغ الرضا ولا أنتظم في سلك قوم رفضوا الدنيا، فهم خمص البطون عمش العيون من البكاء، بل أتيتك يا رب بضعف من العمل وظهر ثقيل بالأخطاء والزلل، ونفس للراحة معتادة ولدواعي التسويف منقادة، أما يكفيك يا رب وسيلة إليك وذريعة لديك أني لأوليائك موال وفي محبتك مغال أما تكفيني أن أروح فيهم مظلوما وأغدو مكظوما وأقضي بعد غموم هموما وبعد رجوم رجوما. أما عندك يا رب بهذه حرمة لا تضيع وذمة بأدناها تقتنع فلم لا تمنعني يا رب وها أنا ذا غريق وتدعني بنار عدوك حريقا أتجعل أولياءك لأعدائك مصائد وتقلدهم من خسفهم قلائد، وأنت مالك نفوسهم لو قبضتها جمدوا، وفي قبضتك مواد أنفاسهم لو قطعتها خمدوا، وما يمنعك يا رب أن تكف بأسهم وتنزع عنهم من حفظك لبأسهم وتعريهم من سلامة بها في أرضك يسرحون وفي ميدان البغي على عبادك يمرحون. اللهم صل على محمد وآل محمد وأدركني ولما يدركني الغرق وتداركني ولما غيب شمسي للشفق. إلهي كم من خائف التجأ إلى سلطانك فآب عنه محفوظا بأمن وأمان، أفأقصد يا رب بأعظم من سلطانك سلطانا أم أوسع من إحسانك إحسانا، أم أكثر من اقتدارك اقتدارا أم أكرم من انتصارك انتصارا. اللهم أين كفايتك التي هي نصرة المستغيثين من الأنام، وأين عنايتك التي هي جنة المستهدفين لجور الأيام إلي بها يا رب نجني من القوم الظالمين إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. مولاي ترى تحيري في أمري وتقلبي في ضري وانطواي على حرقة قلبي وحرارة صدري فصل يا رب على محمد وآل محمد وجد لي يا رب بما أنت أهله فرجا ومخرجا ويسر لي يا رب نحو اليسرى منهجا واجعل لي يا رب من نصب حبالا لي ليصرعني بها صريع ما مكره ومن حفر لي البئر ليوقعني فيها واقعا فيما حفره، واصرف اللهم عني شره ومكره وفساده وضره ما تصرفه عمن قاد نفسه لدين الديان ومناد ينادي للإيمان، إلهي عبدك عبدك أجب دعوته وضعيفك ضعيفك فرج غمته، فقد انقطع كل حبل إلا حبلك وتقلص كل ظل إلا ظلك، مولاي دعوتي هذه إن رددتها أين تصادف موضع الإجابة، وإن كذبتها أين تلاقي موضع الإجابة فلا ترد عن بابك من لا يعرف غيره بابا، ولا تمنع دون جنابك من لا يعرف سواه جنابا، ويسجد ويقول: إلهي إن وجها إليك برغبته توجه، فالراغب خليق بأن تجيبه وإن جبينا لك بابتهاله سجد حقيق أن يبلغ ما قصد، وإن خدا إليك بمسألة يعفر جدير بأن يفوز بمراده ويظفروها، أنا ذا يا إلهي، قد ترى تعفير خدي وابتهالي واجتهادي في مسألتك وجدي فتلق يا رب رغباتي برأفتك قبولا وسهل إلي طلباتي برأفتك وصولا وذلل لي قطوف ثمرات إجابتك تذليلا. إلهي لا ركن أشد منك فآوي إلى ركن شديد وقد أوبت(16) إليك وعولت في قضاء حوائجي عليك ولا قول أسد من دعائك فاستظهر بقول سديد وقد دعوتك كما أمرت فاستجب لي بفضلك كما وعدت، فهل بقي يا رب إلا أن تجيب وترحم مني البكاء والنحيب، يا من لا إله سواه ويا من يجيب المضطر إذا دعاه رب انصرني على القوم الظالمين وافتح لي وأنت خير الفاتحين والطف بي يا رب وبجميع المؤمنين والمؤمنات برحمتك يا أرحم الراحمين.(17)
الهوامش
(1) جنة المأوى: 234 - 236 الحكاية التاسعة.
(2) جنة المأوى: 236 الحكاية العاشرة.
(3) جنة المأوى: 237 الحكاية الحادية عشر.
(4) جنة المأوى: 237 الحكاية الثانية عشر.
(5) جنة المأوى: 238 - 239 الحكاية الثالثة عشرة.
(6) جنة المأوى: 240 الحكاية الرابعة عشرة.
(7) جنة المأوى: 255 الحكاية الخامسة والعشرون.
(8) كلمة معربة عن التركية تدل على الزي العثماني.
(9) في لسان العرب: 4 / 1062 - عبر. والمعبر: ما عبر به النهر من فلك أو قنطرة أو غيره، قال الأزهري: والمعبرة سفينة يعبر عليها النهر.
(10) كلمة فارسية معناها المشرف على العمال.
(11) الإحنة: الشحناء، أو الضغائن والحقد، راجع مجمع البحرين: 1 / 43.
(12) في الصحاح: 2 / 246 الختر: الغدر يقال: ختره فهو ختار، أقول ومنه قوله تعالى: *(وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور)* سورة لقمان: 32.
(13) كاعت: عجزت.
(14) المهامة مفردها: المهمة: المفازة البعيدة الأطراف (الصحاح: 6 / 2250) وفي لسان العرب (13 / 1099) المهمة: الفلاة لا ماء بها ولا أنيس.
(15) الغماء: الشديد من شدائد الدهر (كتاب العين 4 / 351).
(16) أوبت: رجعت.
(17) مهج الدعوات: 338، وجنة المأوى: 225 الحكاية الرابعة عن مهج الدعوات.
******************
الحكاية الرابعة والعشرون:
فيه عن كتاب الكلم الطيب والغيث الصيب للسيد المتبحر السيد علي خان شارح الصحيفة ما لفظه: رأيت بخط بعض أصحابي من السادات الأجلاء الصلحاء الثقات ما صورته: سمعت في رجب سنة ثلاث وتسعين وألف الأخ العالم العامل جامع الكمالات الإنسية والصفات القدسية الأمير إسماعيل بن حسين بيك ابن علي بن سليمان الحايري الأنصاري أنار الله تعالى برهانه يقول: سمعت الشيخ الصالح التقي المتورع الشيخ الحاج علي المكي قال: إني ابتليت بضيق وشدة ومناقضة خصوم حتى خفت على نفسي القتل والهلاك فوجدت الدعاء المسطور بعد في جيبي من غير أن يعطينيه أحد، فتعجبت من ذلك وكنت متحيرا فرأيت في المنام أن قائلا في زي الصلحاء والزهاد يقول لي: إنا أعطيناك الدعاء الفلاني فادع به تنج من الضيق والشدة، ولم يتبين لي من القائل فزاد تعجبي، فرأيت مرة أخرى الحجة المنتظر (عليه السلام) فقال: ادع بالدعاء الذي أعطيتكه وعلم من أردت. قال: وقد جربته مرارا عديدة فرأيت فرجا قريبا، وبعد مدة ضاع مني الدعاء برهة من الزمان وكنت متأسفا على فواته مستغفرا من سوء العمل فجاءني شخص وقال لي: إن هذا الدعاء قد سقط منك في المكان الفلاني، وما كان في بالي أن رحت إلى ذلك المكان فأخذت الدعاء وسجدت لله شكرا وهو: بسم الله الرحمن الرحيم. رب أسألك مددا روحانيا تقوي به القوى الكلية والجزئية حتى أقهر عبادي نفسي كل نفس قاهرة فتنقبض لي إشارة رقائقها انقباضا تسقط به قواها حتى لا يبقى في الكون ذو روح إلا ونار قهري قد أحرقت ظهوره. يا شديد يا شديد يا ذا البطش الشديد يا قهار أسألك بما أودعته عزرائيل من أسمائك القهرية فانفعلت له النفوس بالقهران تودعني هذا السر في هذه الساعة حتى ألين بها كل صعب وأذلل به كل منيع بقوتك يا ذا القوة المتين.
تقرأ ذلك سحرا ثلاثا إن أمكن وفي الصبح ثلاثا وفي المساء ثلاثا فإذا اشتد الأمر على من يقرؤه يقول بعد قراءة ثلاثين مرة: يا رحمن يا رحيم يا أرحم الراحمين أسألك اللطف بما جرت به المقادير.(1)
الحكاية الخامسة والعشرون:
فيه عن الكفعمي في كتاب البلد الأمين عن المهدي (عليه السلام): من كتب هذا الدعاء في إناء جديد بتربة الحسين (عليه السلام) وغسله وشربه شفى من علته: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله دواء والحمد لله شفاء ولا إله إلا الله كفاء وهو الشافي شفاء هو الكافي كفاء أذهب البأس برب الناس، شفاء لا يغادره سقم وصلى الله على محمد وآله النجباء. قال ورأيته بخط السيد زين الدين علي بن الحسين الحسيني (رحمه الله) أن هذا الدعاء نقله رجل كان مجاورا بالحاير على مشرفه السلام رأى المهدي سلام الله عليه في منامه وكان به علة فشكاها إلى القائم عجل الله فرجه فأمره بكتابته وغسله وشربه ففعل ذلك فبرئ في الحال.(2)
الحكاية السادسة والعشرون:
فيه عن كتاب نور العيون تأليف الفاضل البحر الألمعي محمد شريف الحسيني الأصفهاني عن أستاذه العالم الزاهد الورع الميرزا محمد تقي بن الميرزا محمد كاظم بن الميرزا عزيز الله بن المولى محمد تقي المجلسي الملقب بالألماسي قال في رسالة له: والظاهر أن اسمها بهجة الأولياء في ذكر من رآه في الغيبة الكبرى حدثني بعض أصحابنا عن رجل صالح من أهل بغداد وهو حي إلى هذا الوقت - أي سنة ست وثلاثين بعد المائة والألف - قال: إني كنت قد سافرت في بعض السنين مع جماعة فركبنا السفينة وسرنا في البحر فاتفق أنه انكسرت سفينتنا وغرق جميع من فيها، وتعلقت أنا بلوح مكسور فألقاني البحر بعد مدة إلى جزيرة فسرت في أطراف الجزيرة فوصلت بعد اليأس من الحياة بصحراء فيها جبل عظيم، فلما وصلت إليه رأيته محيطا بالبحر إلا طرفا منه يتصل بالصحراء واستشممت منه رائحة الفواكه ففرحت وزاد شوقي وصعدت قدرا من الجبل، حتى إذا بلغت إلى وسطه في موضع أملس مقدار عشرين ذراعا لا يمكن الاجتياز منه أبدا فتحيرت من أمري وصرت أتفكر في أمري فإذا أنا بحية عظيمة كالأشجار العظيمة تستقبلني في غاية السرعة ففررت منها منهزما مستغيثا بالله تبارك وتعالى في النجاة من شرها كما نجاني من الغرق، فإذا أنا بحيوان شبه الأرنب قصد الحية مسرعا من أعلى الجبل حتى وصل إلى ذنبها فصعد منه حتى إذا وصل رأس الحية إلى ذلك الحجر الأملس وبقي ذنبه فوق الحجر وصل الحيوان إلى رأسها وأخرج من فمه حمئة مقدار إصبع فأدخلها في رأسها ثم نزعها وأدخلها في موضع آخر منها وولى مدبرا فماتت الحية في مكانها من وقتها، وحدث منها عفونة كادت نفسي أن تطلع من رائحتها الكريهة، فما كان بأسرع من أن ذاب لحمها وسال في البحر وبقي عظامها كسلم ثابت في الأرض يمكن الصعود منه، فتفكرت في نفسي وقلت إن بقيت هنا أموت من الجوع فتوكلت على الله في ذلك وصعدت منها حتى علوت الجبل وسرت من طرف قبلة الجبل فإذا أنا بحديقة بالغة حد الغاية في الغضارة والنضارة والطراوة والعمارة، فسرت حتى دخلتها وإذا فيها أشجار مثمرة كثيرة وبناء عال مشتمل على بيوتات وغرف كثيرة في وسطها، فأكلت من تلك الفواكه واختفيت في بعض الغرف وأنا أتفرج الحديقة وأطرافها فإذا أنا بفوارس قد ظهروا من جانب البر قاصدي الحديقة يقدمهم رجل ذو بهاء وجمال وجلال وغاية من المهابة، يعلم من ذلك أنه سيدهم، فدخلوا الحديقة ونزلوا من خيولهم وخلوا سبيلها وتوسطوا القصر فتصدر السيد وجلس الباقون متأدبين حوله. ثم أحضروا الطعام فقال لهم ذلك السيد: إن لنا في هذا اليوم ضيفا في الغرفة الفلانية ولا بد لنا من دعوته إلى الطعام، فجاء بعضهم في طلبي فخفت وقلت: اعفني عن ذلك، فأخبر السيد بذلك فقال: أذهبوا بطعامه إليه في مكانه ليأكله، فلما فرغنا من الطعام أمر بإحضاري وسألني عن قصتي، فحكيت له القصة. فقال: أتحب أن ترجع إلى أهلك؟ قلت: نعم، فأقبل على واحد منهم فأمره بإيصالي إلى أهلي فخرجت أنا وذلك الرجل من عنده فلما سرنا قليلا قال لي الرجل: انظر فهذا سور بغداد، فنظرت فإذا أنا بسوره وغاب عني الرجل، فتفطنت من ساعتي هذه وعلمت أني لقيت سيدي ومولاي ومن سوء حظي حرمت من هذا الفيض العظيم فدخلت بلدي وبيتي في غاية من الحسرة والندامة.(3)
الحكاية السابعة والعشرون:
في البحار عن السيد الفاضل أمير غلام قال: كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري على مشرفها السلام وقد ذهب كثير من الليل، فبينا أنا أجول فيها إذ رأيت شخصا مقبلا نحو الروضة المقدسة، فأقبلت إليه، فلما قربت منه عرفت أنه أستاذنا الفاضل العالم التقي الزكي مولانا أحمد الأردبيلي قدس الله روحه فأخفيت نفسي عنه حتى أتى الباب وكان مغلقا فانفتح له عند وصوله إليه ودخل الروضة فسمعته يتكلم كأنه يناجي أحدا، ثم خرج وأغلق الباب فمشيت خلفه حتى خرج من الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة فكنت خلفه بحيث لا يراني حتى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) عنده ومكث طويلا ثم رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري فكنت خلفه حتى قرب من الحنانة، فأخذني سعال لم أقدر على دفعه فالتفت إلي فعرفني وقال: أنت أمير غلام؟ قلت: نعم. قال: ما تصنع هاهنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة إلى الآن وأقسم عليك بحق صاحب القرآن تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة من البداية إلى النهاية. فقال: أخبرك على أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيا، فلما توثق ذلك مني قال: كنت أفكر في بعض المسائل وقد أغلقت علي فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين (عليه السلام) وأسأله عن ذلك، فلما وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتا من القبر: أن ائت مسجد الكوفة وسل عن القائم (عليه السلام) فإنه إمام زمانك (عج)، فأتيت عند المحراب وسألته عنها وأجبت، وها أنا أرجع إلى بيتي.(4)
الحكاية الثامنة والعشرون:
فيه عن الشيخ الجليل أمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب التفسير في كتاب كنوز النجاح قال: دعاء علمه صاحب الزمان عليه سلام الله الملك المنان أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي الليث رحمه الله تعالى في بلدة بغداد في مقابر قريش وكان أبو الحسن قد هرب إلى مقابر قريش والتجأ إليه من خوف القتل فنجا منه ببركة هذا الدعاء، قال أبو الحسن المذكور: إنه علمني أن أقول: اللهم عظم البلاء وبرح الخفاء وانقطع الرجاء وانكشف الغطاء وضاقت الأرض ومنعت السماء وإليك يا رب المشتكى وعليك المعول في الشدة والرخاء، اللهم فصل على محمد وآل محمد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم فعرفتنا بذلك منزلتهم، ففرج عنا بحقهم فرجا عاجلا كلمح البصر أو هو أقرب، يا محمد يا علي أكفياني فإنكما كافياي وانصراني فإنكما ناصراي، يا مولاي يا صاحب الزمان الغوث الغوث أدركني أدركني أدركني. قال الراوي إنه (عليه السلام) عند قوله: يا صاحب الزمان، كان يشير إلى صدره الشريف.(5)
الحكاية التاسعة والعشرون:
في جنة المأوى عن السيد السند والحبر المعتمد الميرزا صالح دام علاه بن السيد المحقق السيد مهدي القزويني الساكن بالحلة أعلى الله مقامه قال: خرجت يوم الرابع عشر من شهر شعبان من الحلة أريد زيارة الحسين ليلة النصف منه، فلما وصلت إلى شط الهندية وعبرت إلى الجانب الغربي منه وجدت الزوار الذاهبين من الحلة وأطرافها والواردين من النجف ونواحيه جميعا محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشاير الهندية ولا طريق لهم إلى كربلاء لأن عشيرة عنزة قد نزلوا على الطريق وقطعوه عن المارة ولا يدعون أحدا يخرج من كربلاء ولا أحدا يلج إلا انتهبوه قال: فنزلت على رجل من العرب وصليت صلاة الظهر والعصر وجلست أنتظر ما يكون من أمر الزوار وقد تغيمت السماء ومطرت مطرا يسيرا فبينما نحن جلوس إذ خرجت الزوار بأسرها من البيوت متوجهين نحو طريق كربلاء فقلت لبعض من معي: أخرج وأسأل ما الخبر فخرج ورجع إلي وقال لي: إن عشيرة بني طرف قد خرجوا بالأسلحة النارية وتجمعوا لإيصال الزوار إلى كربلاء ولو آل الأمر إلى المحاربة مع عنزة، فلما سمعت قلت: إن هذا الكلام لا أصل له لأن بني طرف لا قابلية لهم على مقابلة عنزة في البر وأظن هذه مكيدة منهم لإخراج الناس عن بيوتهم لأنهم استثقلوا بقاءهم عندهم وفي ضيافتهم، فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوار إلى البيوت فتبين الحال كما قلت فلم تدخل الزوار إلى البيوت وجلسوا في ظلالها والسماء متغيمة فأخذتني لهم رقة شديدة وأصابني انكسار عظيم وتوجهت إلى الله تعالى بالدعاء والتوسل بالنبي وآله وطلبت إغاثة الزوار مما هم فيه، فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع كريم لم أر مثله وبيده رمح طويل وهو مشمر عن ذراعيه فأقبل يخب به جواده حتى وقف على البيت الذي أنا فيه وكان بيتا من شعر مرفوع الجوانب فسلم فرددنا عليه السلام ثم قال: يا مولانا - يسميني باسمي - بعثني من يسلم عليك وهم كنج آغا محمد وصفر آغا وكانا من قواد العساكر العثمانية يقولان فليأت بالزوار فإنا قد طردنا عنزة من الطريق ونحن ننتظر مع عسكرنا في عرقوب السليمانية على الجادة فقلت له: وأنت معنا إلى عرقوب السليمانية؟ قال: نعم فأخرجت الساعة فإذا قد بقي من النهار ساعتان ونصف تقريبا فقلت بخيلنا فتقدمت إلينا فتعلق ذلك البدوي الذي نحن عنده وقال: يا مولاي لا تخاطر بنفسك وبالزوار وأقم الليلة حتى يتضح الأمر، فقلت له: لا بد من الركوب لإدراك الزيارة المخصوصة، فلما رأتنا الزوار قد ركبنا تبعوا أثرنا بين ماش وراكب فسرنا والفارس المذكور بين أيدينا كأنه الأسد الخادر ونحن خلفه حتى وصلنا إلى عرقوب السليمانية فصعد عليه فتبعناه في الصعود ثم نزل وارتقينا على أعلى العرقوب فنظرنا ولم نر له عينا ولا أثرا فكأنما صعد من السماء أو نزل في الأرض ولم نر قائدا ولا عسكرا فقلت لمن معي: ما بقي شك في أنه صاحب الأمر (عليه السلام). فقالوا: لا والله، وكنت وهو بين أيدينا أطيل النظر إليه كأني رأيته قبل ذلك لكنني لا أذكر أين رأيته، فلما فارقنا تذكرت إنه هو الشخص الذي زارني بالحلة وأخبرني بواقعة السليمانية الذي يذكر في حكاية البعد، وأما عشيرة عنزة فلم نر لهم أثرا في منازلهم ولم نر أحدا نسأله عنهم سوى أننا رأينا غبرة شديدة مرتفعة في كبد البر فوردنا كربلا تخب بنا خيولنا فوصلنا إلى باب البلاء وإذا بعسكر على سور البلد فنادوا: من أين جئتم؟ وكيف وصلتم؟ ثم نظروا إلى سواد الزوار ثم قالوا: سبحان الله! هذه البرية قد امتلأت من الزوار، أجل أين صارت عنزة؟ فقلت لهم: اجلسوا وخذوا أرزاقكم ولمكة رب يرعاها ثم دخلنا البلد فإذا بكنج محمد آغا جالس على تخت قريب في البلد من الباب فسلمت عليه فقام في وجهي فقلت له: يكفيك فخرا أنك ذكرت باللسان فقال: ما الخبر؟ فأخبرته بالقصة فقال لي: يا مولاي من أين لي علم بأنك زائر حتى أرسل لك رسولا وأنا وعسكري منذ خمسة عشر يوما محاصرين في البلد لا نستطيع أن نخرج خوفا من عنزة؟ ثم قال: فأين صارت عنزة؟ قلت: لا علم لي سوى أني رأيت غبرة شديدة في كبد البر كأنها غبرة الضعاين ثم أخرجت الساعة وإذا بقي من النهار ساعة ونصف فكأن مسيرنا كله في ساعة وبين منازل بني طرف وكربلاء ثلاث ساعات ثم بتنا تلك الليلة في كربلاء، فلما أصبحنا سألنا عن خبر عنزة فأخبر بعض الفلاحين الذين في بساتين كربلاء قال: فبينما عنزة جلوس في أنديتهم وبيوتهم إذا بفارس قد طلع عليهم على فرس مطهم وبيده رمح طويل فصرخ فيهم بأعلى صوته: يا معاشر عنزة قد جاء الموت هذا عساكر الدولة العثمانية تجبهت عليكم بخيلها ورجلها وها هم على أثري مقبلون فأرحلوا وما أظنكم تنجون منهم فألقى الله عليهم الخوف والذل حتى إن الرجل يترك بعض متاع بيته استعجالا بالرحيل فلم تمض ساعة حتى ارتحلوا بأجمعهم وتوجهوا نحو البر فقلت له: صف لي الفارس فوصفه وإذا هو صاحبنا بعينه وهو الفارس الذي جاءنا والحمد لله رب العالمين.(6)
الحكاية الثلاثون:
وفيه عن السيد السند الميرزا صالح المزبور عن بعض الصلحاء الأبرار من أهل الحلة قال: خرجت غدوة من داري قاصدا داركم لأجل زيارة السيد أعلى الله مقامه فصار ممري في الطريق على المقام المعروف بقبر السيد محمد ذي الدمعة فرأيت على شباكه الخارج إلى الطريق شخصا بهي المنظر يقرأ فاتحة الكتاب فتأملته فإذا هو غريب الشكل وليس من أهل الحلة فقلت في نفسي: هذا رجل غريب قد اعتنى بصاحب هذا المرقد ووقف وقرأ له فاتحة الكتاب ونحن أهل البلد نمر ولا نفعل ذلك فوقفت وقرأت الفاتحة والتوحيد، فلما فرغت سلمت عليه فرد السلام وقال لي: يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي؟ قلت: نعم، قال: فإني معك، فلما صرنا ببعض الطريق قال لي: يا علي لا تحزن على ما أصابك من الخسران وذهاب المال في هذه السنة فإنك رجل امتحنك الله بالمال فوجدك مؤديا للحق وقد قضيت ما فرض الله عليك، وأما المال فإنه عرض زائل يجئ ويذهب وكان قد أصابني خسران في تلك السنة لم يطلع عليه أحد مخافة الكسر فاغتممت في نفسي وقلت: سبحان الله كسري قد شاع وبلغ حتى إلى الأجانب إلا إني قلت له في الجواب: الحمد لله على كل حال، فقال: إن ما ذهب من مالك سيعود إليك بعد مدة وترجع كحالك الأول وتقضي ما عليك من الديون قال: فسكت وأنا متفكر في كلامه حتى انتهينا إلى باب داركم فوقفت ووقف فقلت: أدخل يا مولاي فأنا من أهل الدار فقال (عليه السلام) لي: أدخل أنا صاحب الدار فامتنعت فأخذ بيدي وأدخلني أمامه، فلما صرنا إلى المجلس وجدنا جماعة من الطلبة جلوسا ينتظرون خروج السيد (قدس سره) من داخل الدار لأجل البحث، ومكانه من المجلس خال لم يجلس به أحد احتراما له وفيه كتاب مطروح فذهب الرجل فجلس في الموضع الذي كان السيد (رحمه الله) يعتاد الجلوس فيه ثم أخذ الكتاب وفتحه وكان الكتاب شرايع المحقق (رحمه الله) ثم استخرج من الكتاب كراريس مسودة بخط السيد (رحمه الله) وكان خطه في غاية الضعف لا يقدر كل أحد على قراءته فأخذ يقرأ في تلك الكراريس ويقول للطلبة: ألا تعجبون من هذه الفروع؟ وهذه الكراريس هي بعض من جملة كتاب مواهب الأفهام في شرح شرايع الأحكام وهو كتاب عجيب في فنه لم يبرز منه إلا ست مجلدات من أول الطهارة إلى أحكام الأموات. قال الوالد أعلى الله درجته: لما خرجت من داخل الدار رأيت الرجل جالسا في موضعي، فلما رآني قام وتنحى عن الموضع وألزمته بالجلوس فيه ورأيته رجلا بهي المنظر وسيم الشكل في زي غريب، فلما جلسنا أقبلت عليه بطلاقة وجه وبشاشة وسؤال عن حاله واستحييت أن أسأله من هو وأين موطنه، ثم شرعت بالبحث فجعل الرجل يتكلم في المسألة التي نبحث عنها بكلام كأنه اللؤلؤ المتساقط فبهرني كلامه فقال له بعض الطلبة: اسكت، ما أنت وهذا؟ فتبسم وسكت، قال (رحمه الله): فلما انتهى البحث قلت له: من أين كان مجيئك إلى الحلة؟ فقال: من بلد السليمانية. فقلت: متى خرجت؟ فقال: بالأمس خرجت منها حين دخلها نجيب باشا فاتحا لها عنوة بالسيف وقد قبض على أحمد باشا الباباني المتغلب عليها وأقام مقامه أخاه عبد الله باشا وقد كان أحمد باشا المتقدم قد خلع طاعة الدولة العثمانية وادعى السلطنة لنفسه في السليمانية، قال الوالد (رحمه الله): فبقيت متفكرا في حديثه وأن هذا الفتح وخبره لم يبلغ إلى حكام الحلة ولم يخطر لي أن أسأله كيف وصلت إلى الحلة وبالأمس خرجت من السليمانية وبين الحلة والسليمانية ما يزيد على عشرة أيام للراكب المجد، ثم إن الرجل أمر بعض خدمة الدار أن يأتيه بماء فأخذ الخادم الإناء ليغترف به ماء من الحب فناداه لا تفعل فإن في الإناء حيوانا ميتا فنظر فيه فإذا سام أبرص ميت فأخذ غيره فجاء بالماء إليه، فلما شرب قام للخروج، قال الوالد: فقمت لقيامه فودعني وخرج فلما صار خارج الدار قلت للجماعة هلا أنكرتم على الرجل خبره في فتح السليمانية؟ فقالوا: هلا أنكرت عليه، قال: فحدثني الحاج علي المتقدم بما وقع له في الطريق وحدثني الجماعة بما وقع قبل خروجي من قراءته في المسودة وإظهار العجب من الفروع التي فيها، قال الوالد أعلى الله مقامه، فقلت: اطلبوا الرجل وما أظنكم تجدونه، هو والله صاحب الأمر روحي فداه فتفرق الجماعة في طلبه فما وجدوا له عينا ولا أثرا فكأنما صعد في السماء أو نزل في الأرض، قال: فضبطنا اليوم الذي أخبر فيه عن فتح السليمانية فورد الخبر ببشارة الفتح إلى الحلة بعد عشرة أيام من ذلك اليوم وأعلن ذلك عند حكامها بضرب المدافع المعتاد ضربها عند البشاير عند ذوي الدولة العثمانية. قال صاحب الكتاب قلت: الموجود فيما عندنا من كتاب الأنساب إن اسم ذي الدمعة حسين ويلقب أيضا بذي العبرة وهو ابن زيد الشهيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) ويكنى بأبي عاتقة وإنما لقب بذي الدمعة لبكائه في تهجده في صلاة الليل، ورباه الصادق (عليه السلام) فأورثه علما جما وكان زاهدا عابدا وتوفي في سنة خمس وثلاثين ومائة وزوج ابنته بالمهدي الخليفة العباسي وله أعقاب كثيرة.(7)
الحكاية الحادية والثلاثون:
وفيه عن تاريخ قم تأليف الشيخ الفاضل الحسن بن محمد بن الحسن القمي من كتاب مونس الحزين في معرفة الحق واليقين من مصنفات أبي جعفر محمد بن بابويه القمي ما لفظه بالعربية: باب ذكر بناء مسجد جمكران بأمر الإمام المهدي عليه صلوات الله الرحمن وعلى آبائه المغفرة، سبب بناء المسجد المقدس في جمكران بأمر الإمام (عليه السلام) على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمكراني قال: كنت ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة نائما في بيتي، فلما مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني فقالوا: قم وأجب الإمام المهدي صاحب الزمان (عج) فإنه يدعوك قال: فقمت وتعبأت وتهيأت فقلت: دعوني حتى ألبس قميصي فإذا بنداء من جانب الباب هو: ما كان قميصك؟ فتركته فأخذت سراويلي فنودي: ليس ذلك منك فخذ سراويلك، فألقيته وأخذت سراويلي ولبسته فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي: الباب مفتوح، فلما جئت إلى الباب رأيت قوما من الأكابر فسلمت عليهم فردوا ورحبوا بي وذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن فلما أمعنت النظر رأيت أريكة فرشت عليها فرش حسان وعليها وسائد حسان ورأيت فتى في زي ابن ثلاثين متكئا عليها وبين يديه شيخ وبيده كتاب يقرؤه عليه وحوله أكثر من ستين رجلا يصلون في تلك البقعة وعلى بعضهم ثياب بيض وعلى بعضهم ثياب خضر وكان ذلك الشيخ هو الخضر فأجلسني ذلك الشيخ ودعاني الإمام باسمي وقال: أذهب إلى حسن بن مسلم وقل له: إنك تعمر هذه الأرض منذ سنين وتزرعها ونحن نخربها زرعت خمس سنين والعام أيضا على حالك من الزراعة والعمارة ولا رخصة لك في العود إليها وعليك رد ما انتفعت به من غلات هذه الأرض ليبني فيها مسجد، وقل لحسن بن مسلم إن هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالى على غيرها من الأراضي وشرفها وأنت أضفتها إلى أرضك وقد جزاك الله بموت ولدين لك شابين فلم تنتبه عن غفلتك فإن لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر. قال حسن بن مثلة: يا سيدي لا بد لي في ذلك من علامة فإن القوم لا يقبلون ما لا علامة ولا حجة عليه ولا يصدقون قولي، قال: إنا سنعلم هناك فأذهب وبلغ رسالتنا وأذهب إلى السيد أبي الحسن وقل له يجئ ويحضره ويطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين ويعطيه الناس حتى يبنوا المسجد ويتم ما نقص منه من غلة رهق ملكنا بناحية اردهال ويتم المسجد وقد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد ليجلب غلته كل عام ويصرف إلى عمارته وقل للناس: ليرغبوا إلى هذا الموضع ويعززوه ويصلوا هنا أربع ركعات للتحية في كل ركعة يقرأ سورة الحمد مرة وسورة الإخلاص سبع مرات ويسبح في الركوع والسجود سبع مرات وركعتان للإمام صاحب الزمان (عليه السلام) هكذا يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى *(إياك نعبد وإياك نستعين)* كرر مأة مرة، ثم يقرؤها إلى آخرها، وهكذا يصنع في الركعة الثانية ويسبح في الركوع والسجود سبع مرات فإذا أتم الصلاة: يهلل.(8) ويسبح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) فإذا فرغ من التسبيح يسجد ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مائة مرة، ثم قال (عليه السلام) ما هذه حكاية لفظه: فمن صلاها فكأنما في البيت العتيق، قال حسن بن مثلة: قلت في نفسي كان هذا موضع أنت تزعم أنما هذا المسجد للإمام صاحب الزمان مشيرا إلى ذلك الفتى المتكي على الوسائد فأشار ذلك الفتى إلي أن أذهب فرجعت، فلما سرت بعض الطريق دعاني ثانية وقال: إن في قطيع جعفر الكاشاني الراعي معزا يجب أن تشتريه فإن أعطاك أهل القرية الثمن تشتريه وإلا فتعطي من مالك وتجئ به إلى هذا الموضع وتذبحه الليلة الآتية ثم تنفق يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لحم ذلك المعز على المرضى ومن به علة شديدة فإن الله يشفي جميعهم، وذلك المعز أبلق كثير الشعر وعليه سبع علامات سود وبيض، ثلاث على جانب وأربع على جانب سود وبيض كالدراهم، فذهبت فأرجعوني ثالثة وقال (عليه السلام): تقيم بهذا المكان سبعين يوما أو سبعا فإن حملت على السبع انطبق على ليلة القدر وهي الثالثة والعشرون وإن حملت على السبعين انطبق على الخامس والعشرين من ذي القعدة وكلاهما يوم مبارك، قال حسن بن مثلة: فعدت حتى وصلت إلى داري ولم أزل الليل متفكرا حتى أسفر الصبح فأديت الفريضة وجئت إلى علي بن منذر فقصصت عليه الحال فجاء معي حتى بلغت المكان الذي ذهبوا بي إليه البارحة فقال: والله إن العلامة التي قال لي الإمام واحد منها أن هذه السلاسل والأوتاد هاهنا فذهبنا إلى السيد الشريف أبي الحسن الرضا فلما وصلنا إلى باب داره رأينا خدامه وغلمانه يقولون: إن السيد أبا الحسن الرضا ينتظرك من سحر، أنت من جمكران؟ قلت: نعم، فدخلت عليه الساعة وسلمت عليه وخضعت فأحسن في الجواب وأكرمني ومكن لي في مجلسه وسبقني قبل أن أحدثه وقال: يا حسن بن مثلة إني كنت نائما فرأيت شخصا يقول لي: إن رجلا من جمكران يقال له حسن بن مثلة يأتيك بالغدو ولتصدقن ما يقول واعتمد على قوله فإن قوله قولنا فلا تردن عليه قوله فانتبهت من رقدتي وكنت أنتظرك الآن فقص عليه الحسن بن مثلة القصص مشروحا فأمر بالخيول لتسرج وتخرج فركبوا، فلما قربوا من القرية رأوا جعفر الراعي وله قطيع على جانب الطرق فدخل حسن بن مثلة بين القطيع وكان ذلك المعز خلف القطيع فأقبل المعز عاديا إلى الحسن بن مثلة فأخذه الحسن ليعطي ثمنه الراعي ويأتي به فأقسم جعفر الراعي أني ما رأيت هذا المعز قط ولم يكن في قطيعي إلا أني رأيته وكلما أريد أن آخذه لا يمكنني والآن جاء إليكم، فأتوا بالمعز كما أمر به السيد إلى ذلك الموضع وذبحوه وجاء السيد أبو الحسن الرضا (رضي الله عنه) إلى ذلك الموضع وأحضروا الحسن بن مسلم واستردوا منه الغلات وجاؤوا بغلات رهق وسقفوا المسجد بالجذوع وذهب السيد أبو الحسن الرضا (رض) بالسلاسل والأوتاد وأودعها في بيته فكان يأتي المرضى والإعلاء ويمسون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم الله تعالى عاجلا ويصحون. قال أبو الحسن محمد بن حيدر: سمعت بالاستفاضة أن السيد أبا الحسن الرضا كان في المحلة المدعوة بالموسويان من بلدة قم، فمرض بعد وفاته ولد له فدخل بيته وفتح الصندوق الذي فيه السلاسل والأوتاد فلم يرها. انتهت حكاية بناء هذا المسجد الشريف المشتملة على المعجزات الباهرة والآثار الظاهرة التي منها وجود مثل بقرة بني إسرائيل في معز من معزى هذه الأمة. قال مؤلف كتاب جنة المأوى الحاج ميرزا حسين النوري طاب ثراه: لا يخفى أن مؤلف تاريخ قم هو الشيخ الفاضل حسن بن محمد القمي وهو من معاصري الصدوق رضوان الله عليه، روى في ذلك الكتاب عن أخيه حسين بن علي بن بابويه (رضي الله عنه) وأصل الكتاب على اللغة العربية، ولكن في السنة الخامسة والستين بعد ثمانمائة نقله إلى الفارسية حسن بن علي بن حسن بن عبد الملك بأمر الخاجا فخر الدين إبراهيم بن الوزير الكبير الخاجا عماد الدين محمود بن الصاحب الخاجا شمس الدين محمد بن علي الصفي، قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في أول البحار: إنه كتاب معتبر ولكن لم يتيسر لنا أصله وما بأيدينا إنما هو ترجمته، وهذا كلام عجيب لأن الفاضل الألمعي الميرزا محمد أشرف صاحب كتاب فضائل السادات كان معاصرا له مقيما بأصفهان وهو ينقل من النسخة العربية، بل ونقل عنه الفاضل المحقق الآغا محمد علي الكرمانشهاني في حواشيه على نقل الرجال في باب الحاء في اسم الحسن حيث ذكر الحسن بن مثلة ونقل ملخص الخبر المذكور من النسخة العربية، وأعجب منه أن أصل الكتاب كان مشتملا على عشرين بابا. وذكر العالم الخبير الميرزا عبد الله الأصفهاني تلميذ العلامة المجلسي (رحمه الله) في كتابه الموسوم برياض العلماء في ترجمة صاحب هذا التاريخ أنه ظفر على ترجمة هذا التاريخ في قم وهو كتاب كبير حسن كثير الفوائد في مجلدات عديدة ولكني لم أظفر على أكثر من مجلد واحد مشتمل على ثمانية أبواب بعد الفحص الشايع، وقد نقلنا الخبر السابق من خط السيد المحدث الجليل السيد نعمة الله الجزائري (رحمه الله) عن مجموعة نقله منها ولكنه كان بالفارسية فنقلناه ثانيا إلى العربية ليلائم نظم هذا المجموع. ولا يخفى أن كلمة التسعين الواقعة في صدر الخبر المثناة فوق ثم السين المهملة كانت في الأصل سبعين بتقديم المهملة على الموحدة واشتبه على الناسخ، لأن وفاة الشيخ الصدوق كانت قبل التسعين، ولذا نرى جمعا من العلماء يكتبون في لفظ السبع والسبعين بتقديم السين أو التاء حذرا عن التصحيف والتحريف والله تعالى هو العالم.(9)
الحكاية الثانية والثلاثون:
فيه عن السيد الثقة التقي السيد المرتضى النجفي وقد أدرك الشيخ شيخ الفقهاء وعمادهم الشيخ جعفر النجفي وكان معروفا عند علماء العراق بالصلاح والسداد وصاحبته سنين سفرا وحضرا فما وقفت منه على عثرة في الدين قال: كنا في مسجد الكوفة مع جماعة فيهم أحد من العلماء المعروفين المبرزين في المشهد الغروي وقد سألته عن اسمه غير مرة فما كشف عنه لكونه محل هتك الستر وإذاعة السر قال: ولما حضر وقت صلاة المغرب جلس الشيخ لدى المحراب للصلاة والجماعة في تهيئة الصلاة بين جالس عنده ومؤذن ومتطهر، وكان في ذلك الوقت في داخل الموضع المعروف بالتنور ماء قليل من قناة خربة وقد رأينا مجراها عند مقبرة هاني بن عروة، والدرج الذي تنزل إليه ضيقة مخروبة لا تسع غير واحد فجئت إليه وأردت النزول فرأيت شخصا جليلا على هيئة الأعراب قاعدا عند الماء يتوضأ وهو في غاية من السكينة والوقار والطمأنينة وكنت مستعجلا لخوف عدم إدراك الجماعة فوقفت قليلا فرأيته كالجبل لا يحركه شيء فقلت وقد أقيمت الصلاة ما معناه: لعلك لا تريد الصلاة مع الشيخ، أردت بذلك تعجيله فقال: لا. فقلت: لم؟ قال: لأنه الشيخ الدخني، فما فهمت مراده فوقفت حتى أتم وضوءه فصعد وذهب ونزلت وتوضأت وصليت، فلما قضيت الصلاة وانتشر الناس وقد ملأ قلبي وعيني هيئته وسكونه وكلامه فذكرت للشيخ ما رأيت وسمعت منه فتغيرت حاله وألوانه وصار متفكرا مهموما فقال: قد أدركت الحجة وما عرفته وقد أخبر عن شيء ما اطلع عليه إلا الله تعالى، أعلم أني زرعت الدخنة في هذه السنة في الرحبة وهي موضع في الطرف الغربي من بحيرة الكوفة محل خوف وخطر من جهة أعراب البادية المترددين إليه، فلما قمت إلى الصلاة ودخلت فيها ذهب فكري إلى زرع الدخنة وأهمني أمره فصرت أتفكر فيه وفي آفاته.
الحكاية الثالثة والثلاثون:
وفيه عن العالم الصالح الميرزا محمد تقي بن الميرزا محمد كاظم عزيز الله بن المولى محمد تقي المجلسي الملقب بالألماسي وهو من العلماء الزاهدين، قال: حدثني ثقة صالح من أهل العلم من سادات سولستان عن رجل ثقة أنه قال: اتفق في هذه السنين أن جماعة من أهل بحرين عزموا على طعام جمع من المؤمنين على التناوب فأطعموا حتى بلغ النوبة إلى رجل منهم لم يكن عنده شيء فاغتم لذلك وكثر حزنه وهمه فاتفق أنه خرج ليلة إلى الصحراء فإذا بشخص قد وافاه وقال له: أذهب إلى التاجر الفلاني وقل (عليهما السلام) يقول لك محمد بن الحسن (عليهما السلام) أعطني الاثني عشر دينارا التي نذرتها لنا فخذها منه وأنفقها في ضيافتك، فذهب الرجل إلى ذلك التاجر وبلغه رسالة الشخص المذكور فقال التاجر: قال لك ذلك محمد بن الحسن (عليهما السلام) بنفسه؟ فقال البحريني: نعم، فقال: عرفته، فقال: لا، فقال التاجر: هو صاحب الزمان (عج)، وهذه الدنانير نذرتها له فأكرم، الرجل وأعطاه المبلغ المذكور وسأله الدعاء وقال له: لما قبل نذري أرجو منك أن تعطيني منه نصف دينار وأعطيك عوضه فجاء البحريني وأبلغ المبلغ في مصرفه.(10)
الحكاية الرابعة والثلاثون:
وفيه عن محمد باقر الشريف الأصفهاني أن في سنة ألف ومائة وثلاث وسبعين كنت في طريق مكة المعظمة صاحبت رجلا ورعا موثقا يسمى الحاج عبد الغفور في ما بين الحرمين وهو من تجار تبريز يسكن في يزد وقد حج قبل ذلك ثلاث مرات وبنى في هذا السفر على مجاورة بيت الله سنتين ليدرك فيض الحج ثلاث سنين متوالية، ثم بعد ذلك في سنة ألف ومائة وستة وسبعين حين معاودتي من زيارة المشهد الرضوي على صاحبه السلام رأيته أيضا في يزد وقد مر في رجوعه من مكة بعد ثلاث حجات إلى بندر صورت من بنادر هند لحاجة له ورجع في سنتها إلى بيته فذكر لي عند اللقاء: أني سمعت من الميرزا بولي طالب أن في السنة الماضية جاء مكتوب من سلطان الإفرنج إلى الرئيس الذي يسكن بندر بمبئي من جانبه ويعرف بجندران، في هذا الوقت ورد علينا رجلان عليهما لباس الصوف ويدعي أحدهما أن عمره سبعمائة وخمسين سنة والآخر سبعمائة سنة ويقولان: بعثنا صاحب الأمر (عج) لندعوكم إلى دين محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقولان: إن لم تقبلوا دعوتنا ولم تتدينوا بديننا يغرق البحر بلادكم بعد ثمان أو عشرة سنين والترديد من الحاج المذكور وقد أمرنا بقتلهما فلم يعمل فيهما الحديد ووضعناهما على الأثواب (و) أوقدنا فيهما النار فلم يحرقا فشددنا أيديهما وأرجلهما وألقيناهما في البحر فخرجا منه سالمين، وكتب إلى الرئيس أن يتفحص في أرباب مذاهب الإسلام واليهود والمجوس والنصارى وأنهم هل رأوا ظهور صاحب الأمر (عليه السلام) في آخر الزمان في كتبهم أم لا، قال الحاج المزبور: وقد سألت من قسيس كان في صورت عن صحة المكاتبة المذكورة فذكر لي كما سمعت. وبالجملة الخبر مشهور منتشر في تلك البلدة والله العالم.(11)
الحكاية الخامسة والثلاثون:
فيه أن في شهر جمادى الأولى من سنة ألف ومائتين وتسع وتسعين ورد الكاظمين رجل اسمه آقا محمد مهدي من قاطنة بندر ملومين من بنادر ماچين وممالك برمه وهو الآن في تصرف الإنجليز، ومن بلدة كلكته قاعدة سلطنة ممالك الهند إليه مسافة ستة أيام من البحر مع المركب الدخانية وكان أبوه من أهل شيراز ولكنه ولد تعيش وكان له أقارب في بلدة كاظمين (عليهما السلام) من التجار المعروفين فنزل عليهم وبقي عندهم عشرين يوما فصادف وقت حركة مركب الدخان إلى سر من رأى لطغيان الماء فأتوا به إلى المركب وسلموه إلى راكبيه وهم من أهل بغداد وكربلاء وسألوهم المراقبة في حاله والنظر في حوائجه لعدم قدرته على إبرازها وكتبوا إلى بعض المجاورين من أهل سامراء للتوجه في أموره، فلما ورد تلك الأرض المشرفة والناحية المقدسة أتى إلى السرداب المنور بعد الظهر من يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة وكان فيه جماعة من الثقات والمقدسين إلى أن أتى إلى الصفة المباركة فبكى وتضرع فيها زمانا طويلا وكان يكتب قبيله حاله على الجدار ويسأل من الناظرين الدعاء والشفاعة فما تم بكاؤه وتضرعه إلا وقد فتح الله لسانه وخرج بإعجاز الحجة (عج) من ذلك المقام المنيف مع لسان ذلق وكلام فصيح، واحضر في يوم السبت في محفل تدريس سيد الفقهاء وشيخ العلماء رئيس الشيعة وتاج الشريعة المنتهى إليه رياسة الأمامية سيدنا الأفخم وأستاذنا الأعظم الحاج الميرزا محمد حسن الشيرازي متع الله المسلمين بطول بقائه وقرأ عنده متبركا سورة المباركة الفاتحة بنحو أذعن الحاضرون بصحته وحسن قراءته وصار يوما مشهودا ومقاما محمودا، وفي ليلة الأحد والاثنين اجتمع العلماء والفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين وأضاءوا فضاءه من المصابيح والقناديل ونظموا القصة ونشروها في البلاد، وكان معه في المركب مادح أهل البيت الفاضل اللبيب الحاج ملا عباس الصفار الزنوزي البغدادي فقال وهو من قصيدة طويلة ورآه مريضا وصحيحا: وفي عامها جئت والزائرين * إلى بلدة سر من قد رآها رأيت من الصين فيها فتى * وكان سمي إمام هداها يشير إذا ما أراد الكلام * وللنفس منه يريد براها وقد قيد السقم منه الكلام * وأطلق من مقلتيه دماها فوافى إلى باب سرداب من * به الناس طرا تنال مناها يروم بغير لسان يزور * وللنفس منه وهت بعناها وقد صار يكتب فوق الجدار * ما فيه للروح منه شفاها أروم الزيارة بعد الدعاء * ممن رأى أسطري وتلاها لعل لساني يعود الفصيح * وعلي أزور وأدعو الإلها إذا هو في رجل مقبل * تراه ورى البعض من أتقياها تأبط خير كتاب له * وقد جاء حيث غاب ابن طه فأومى إليه ادع ما قد كتب * وجاء فلما تلاه دعاها وأوصى به سيدا جالسا * أن ادعو له بالشفاء شفاها فقام وأدخله غيبة الإمام * المغيب من أوصياها وجاء إلى حضرة الصفة * التي هي للعين نور ضياها وأسرج آخر فيها السراج * وأدناه من فمه ليراها هناك دعا الله مستغفرا * وعيناه مشغولة ببكاها ومذ عاد منها يريد الصلاة * قد عاود النفس منه شفاها وقد أطلق الله منه اللسان * وتلك الصلاة أتم أداها ولما بلغ الخبر إلى خريت(12) صناعة الشعر السيد المؤيد الأديب اللبيب فخر الطالبيين وناموس العلويين السيد حيدر ابن السيد سليمان الحلي أيده الله تعالى كتب إلى سر من رأى كتابا صورته: بسم الله الرحمن الرحيم لما هبت من الناحية المقدسة نسمات كرم الإمامة فنشرت نفحات عبير هاتيك الكرامة فأطلقت لسان زائرها من اعتقاله عندما قام عندها في تضرعه وابتهاله أحببت أن أنتظم في سلك من خدم تلك الحضرة في نظم قصيدة تتضمن بيان هذا المعجز العظيم ونشره وإن أهمني علامة الزمن وغرة وجهه الحسن، فرع الأراكة المحمدية ومنار الملة الأحمدية، علم الشريعة وإمام الشيعة لأجمع بين العبادتين في خدمة هاتين الحضرتين فنظمت هذه القصيدة الغراء وأهديتها إلى دار إقامته وهي سامراء راجيا أن تقع موقع القبول فقلت ومن الله بلوغ المأمول: كذا يظهر المعجز الباهر * ويشهده البر والفاجر وتروى الكرامة مأثورة * يبلغها الغائب الحاضر يقر لقوم بها ناظر * ويقذى لقوم بها ناظر فقلب بها ترحا واقع * وقلب بها فرحا طائر أجل طرف فكرك يا مستدل * وأنجد بطرفك يا غائر تصفح مآثر آل الرسول * وحسبك ما نشر الناشر ودونكه نبأ صادقا * لقلب العدو هو الباقر فمن صاحب الأمر أمس استبان * لنا معجز أمره باهر بموضع غيبته مذ ألم * أخو علة داؤها ظاهر رمى فمه باعتقال اللسان * رام هو الزمن الغادر فأقبل ملتمسا للشفاء * لدى من هو الغائب الحاضر ولقنه القول مستأجر * عن القصد في أمره جائر فبيناه في تعب ناصب * ومن ضجر فكره حائر إذا انحل من ذلك الاعتقال * وبارحه ذلك الضائر فراح لمولاه في الحامدين * وهو لآلائه ذاكر لعمري لقد مسحت داءه * يد كل خلق لها شاكر يد لم تزل رحمة للعباد * لذلك أنشأها الفاطر تحدر وإن كرهت أنفس * يضيق شجى صدرها الواغر وقل إن قائم آل النبي * له النهي وهو هو الآمر أيمنع زائره الاعتقال * مما به ينطق الزائر ويدعوه صدقا إلى حله * ويقضى على أنه القادر ويكبو راجيه دون الغياب * وهو يقال به العاثر فحاشاه بل هو نعم المغيث * إذا نضض الحارث الفاغر فهذي الكرامة لا ما غدا * يلفقه الفاسق الفاجر أدم ذكرها يا لسان الزمان * وفي نشرها فمك العاطر وهنئ بها سر من رآى ومن * به ربعها آهل عامر هو السيد الحسن المجتبى * خضم الندى غيثه الهامر وقل يا تقدست من بقعة * بها يهب الزلة الغافر كلا أسميك في الناس باد له * بأوجههم أثر الظاهر فأنت لبعضهم سر من رأى * وبه يوصف الخاسر لقد أطلق الحسن المكرمات * محياك فهو بها سافر فأنت حديقة زهو به * وأخلاقه روضك الناضر عليم توقى بحجر الهدى * ونسج التقى برده الظاهر إلى أن قال سلمه الله تعالى: كذا فلتكن عترة المرسلين * وإلا فما الفخر يا فاخر(13)
الحكاية السادسة والثلاثون:
وفيه حدثني الثقة الأمين آغا محمد المجاور لمشهد العسكريين المتولي لأمر الشموعات لتلك البقعة العالية فيما ينيف على أربعين سنة قال: كان رجل من أهل سامراء من أهل الخلاف يسمى مصطفى الجمود وكان من الخدام الذين ديدنهم أذية الزوار وأخذ أموالهم بطريق فيها غضب الجبار وكان أغلب أوقاته في السرداب المقدس على الصفة الصغيرة خلف الشباك الذي وصفه هناك من الزوار ويشتغل بالزيارة، يحول الخبيث بينه وبين مولاه فينبهه على الأغلاط المتعارفة التي لا يخلو أغلب العوام منها بحيث لم يبق لهم حالة حضور وتوجه أصلا، فرأى ليلة في المنام الحجة من الله الملك العلام (عليه السلام) فقال له: إلى متى تؤذي زواري ولا تدعهم أن يزوروا؟ ما لك والدخول في ذلك؟ خل بينهم وبين ما يقولون فانتبه وقد أصم الله أذنيه فكان لا يسمع بعده شيئا واستراح منه الزوار وكان كذلك إلى أن ألحقه الله بأسلافه في النار.(14)
الحكاية السابعة والثلاثون:
فيه عن مجمع الفضايل والفواضل المولى على الرشتي طاب ثراه وكان عالما برا تقيا قال: رجعت مرة من زيارة أبي عبد الله (عليه السلام) عازما للنجف الأشرف من طريق الفرات، فلما ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء وطويريج رأيت أهلها من أهل حلة ومن طويريج تفترق طريق الحلة والنجف واشتغل الجماعة باللهو واللعب والمزاح، رأيت واحدا منهم لا يدخل في عملهم وعليه آثار السكينة والوقار لا يمازح ولا يضاحك وكانوا يعيبون على مذهبه ويقدحون فيه ومع ذلك كان شريكا في أكلهم وشربهم فتعجبت منه إلى أن وصلنا إلى محل كان الماء قليلا فأخرجنا صاحب السفينة فكنا نمشي على الشاطئ فاتفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق فسألته عن سبب مجانبته من أصحابه وذمهم إياه وقدحهم فيه فقال: هؤلاء من أقاربي من أهل السنة وأبي منهم وأمي من أهل الإيمان وكنت أيضا منهم ولكن الله من علي بالتشيع ببركة الحجة صاحب الزمان (عليه السلام) فسألت عن كيفية إيمانه فقال: اسمي ياقوت وأنا أبيع الدهن عند جسر الحلة فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن من أهل البراري خارج الحلة فبعدت عنها بمراحل إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت أريد منه وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلة ونزلنا في بعض المنازل ونمنا وانتبهت فما رأيت أحدا منهم وقد ذهبوا جميعا، وكان طريقنا في برية قفر ذات سباع كثيرة ليس في أطرافها معمورة إلا بعد فراسخ كثيرة فقمت وجعلت الحمل على الحمار ومشيت خلفهم فضل عني الطريق وبقيت متحيرا خائفا من السباع والعطش في يومه فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الإعانة وجعلتهم شفعاء عند الله تعالى وتضرعت كثيرا فلم يظهر منهم شيء، فقلت في نفسي: إني سمعت من أمي أنها كانت تقول: إن لنا إماما حيا يكنى أبا صالح يرشد الضال ويغيث الملهوف ويعين الضعيف فعاهدت الله تعالى إن استغثت به فأغاثني أن أدخل في دين أمي فناديته واستغثت به فإذا بشخص في جنبي وهو يمشي معي وعليه عمامة خضراء قال (رحمه الله): وأشار حينئذ إلى نبات حافة النهر وقال: كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات، ثم دلني على الطريق وأمرني بالدخول في دين أمي وذكر كلمات نسيتها وقال: ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعا من الشيعة قال: فقلت: يا سيدي أنت لا تجئ معي إلى هذه القرية؟ فقال (عليه السلام) ما معناه: لا لأنه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد أريد أن أغيثهم ثم غاب عني فما مشيت إلا قليلا حتى وصلت إلى القرية وكان في مسافة بعيدة ووصل الجماعة إليها بعدي بيوم، فلما دخلت الحلة ذهبت إلى سيد الفقهاء السيد مهدي القزويني (رحمه الله) وذكرت له القصة فعلمني معالم ديني فسألته عملا أتوصل به إلى لقائه (عليه السلام) مرة أخرى فقال: زر أبا عبد الله (عليه السلام) أربعين ليلة جمعة قال: فكنت أزوره من الحلة في ليالي الجمع إلى أن بقي واحدة فذهبت من الحلة في يوم الخميس، فلما وصلت إلى باب البلد فإذا جماعة من أعوان الظلمة يطالبون الواردين التذكرة وما كان عندي تذكرة ولا قيمتها فبقيت متحيرا والناس متزاحمون على الباب فأردت مرارا أن أتخفى وأجوز عنهم فما تيسر لي فإذا بصاحبي صاحب الزمان في زي لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد، فلما رأيته استغثت به فخرج وأخذني معه وأدخلني من الباب فما رآني أحد، فلما دخلت البلد افتقدته من بين الناس وبقيت متحيرا على فراقه (عليه السلام) وقد ذهب عن خواطري بعض ما كان في تلك الحكاية.(15)
الحكاية الثامنة والثلاثون:
فيه عن العالم الجليل المحدث السيد نعمة الله الجزائري عمن أعتمد عليه أنه كان منزله في بلد على ساحل البحر وكان بينهم وبين جزيرة من جزاير البحر مسير يوم أو أقل، وفي تلك الجزيرة مياههم وحطبهم وثمارهم وما يحتاجون إليه فاتفق أنهم على عادتهم ركبوا في سفينة قاصدين تلك الجزيرة وحملوا معهم زاد يوم، فلما توسطوا البحر أتاهم ريح عدلهم عن ذلك القصد وبقوا على تلك الحال تسعة أيام حتى أشرفوا على الهلاك من قلة الماء والطعام ثم إن الهواء رماهم في ذلك اليوم على جزيرة في البحر فخرجوا إليها وكان فيها المياه العذبة والثمار الحلوة وأنواع الشجر فبقوا فيها نهارا ثم حملوا منها ما يحتاجون إليه وركبوا سفينتهم ودفعوا، فلما بعدوا عن الساحل نظروا إلى رجل منهم بقي في الجزيرة فناداهم ولم يتمكنوا من الرجوع فرأوه قد شد حزمة حطب ووضعها تحت صدره وضرب البحر عليها قاصدا لحوق السفينة فحال الليل بينهم وبينه وبقي في البحر، وأما أهل السفينة فما وصلوا إلا بعد مضي أشهر، فلما بلغوا أهلهم أخبروا أهل ذلك الرجل فأقاموا مأتمه فبقوا على ذلك عاما أو أكثر ثم رأوا أن ذلك الرجل قدم إلى أهله فتباشروا به وجاء إليه أصحابه فقص عليهم قصته قال: فلما حال الليل بيني وبينكم بقيت تقلبني الأمواج وإذا أنا على الحزمة يومين حتى أوقعتني على جبل في الساحل فتعلقت بصخرة منه ولم أطق الصعود إلى جوفه لارتفاعه فبقيت في الماء وما شعرت إلا بأفعى عظيمة أطول من المنار وأغلظ منها فوقعت على ذلك الجبل ومدت رأسها تصطاد الحيتان من الماء فوق رأسي فأيقنت بالهلاك وتضرعت إلى الله تعالى فرأيت عقربا تدب على ظهر الأفعى، فلما وصل إلى دماغها لسعتها بإبرة فإذا لحمها قد تناثر عن عظامها وبقي عظم ظهرها وأضلاعها كالسلم العظيم الذي له مراق يسهل الصعود عليها قال: فرقيت على تلك الأضلاع حتى خرجت إلى الجزيرة شاكرا لله تعالى على ما صنع فمشيت في تلك الجزيرة إلى قريب العصر فرأيت منازل حسنة مرتفعة البنيان إلا أنها خالية لكن فيها آثار الإنس قال: فاسترحت في موضع منها، فلما صار العصر رأيت عبيدا وخدما كل واحد منهم على بغل فنزلوا وفرشوا فرشا نظيفة وشرعوا في تهيئة الطعام وطبخه، فلما فرغوا منه رأيت فرسانا مقبلين عليهم ثياب بيض وخضر ويلوح من وجوههم الأنوار فنزلوا وقدم إليهم الطعام فلما شرعوا في الأكل قال أحسنهم هيئة وأعلاهم نورا: ارفعوا حصة من هذا الطعام لرجل غائب فلما فرغوا ناداني: يا فلان بن فلان، أقبل فعجبت منه فأتيت إليهم ورحبوا بي فأكلت ذلك الطعام وما تحققت إلا أنه من طعام الجنة، فلما صار النهار ركبوا بأجمعهم وقالوا لي: انتظر هنا فرجعوا وقت العصر وبقيت معهم أياما فقال لي يوما ذلك الرجل الأنور: إن شئت الإقامة معنا في هذه الجزيرة أقمت وإن شئت المضي إلى أهلك أرسلنا معك من يبلغك بلدك فاخترت على شقاوتي بلادي، فلما دخل الليل أمر لي بمركب وأرسل معي عبدا من عبيده فسرنا ساعة من الليل وأنا أعلم أن بيني وبين أهلي مسيرة أشهر وأيام فما مضى من الليل قليل منه إلا وقد سمعنا نبح الكلاب فقال لي ذلك الغلام: هذا نبح كلابكم فما شعرت إلا وأنا واقف على باب داري فقال: هذه دارك انزل إليها، فلما نزلت قال لي: قد خسرت الدنيا والآخرة ذلك الرجل صاحب الدار فالتفت إلى الغلام فلم أره وأنا من ذلك الوقت بينكم نادما على ما فرطت، هذه حكايتي وأمثال هذه الغرائب كثيرة لا نطيل الكلام بها. أقول: قد نقل صاحب الكتاب حكاية عن كتاب نور العيون تأليف محمد شريف الحسيني تقرب من هذه إلا أن بينها اختلافا كثيرا وقد ذكرناها في الخامسة والعشرين من الحكايات والله أعلم.(16)
الهوامش
(1) منتخب الأثر: 520 باب 7 ح 4.
(2) جنة المأوى: 53 / 226 الحكاية السادسة.
(3) جنة المأوى: 259.
(4) البحار: 52 / 175.
(5) جنة المأوى: 275 الحكاية 40.
(6) جنة المأوى: 290 الحكاية 46.
(7) جنة المأوى: 286 الحكاية 44.
(8) قال الميرزا النوري: الظاهر أنه يقول: لا إله إلا الله وحده وحده.
(9) جنة المأوى: 230 الحكاية الثامنة.
(10) جنة المأوى: 258 الحكاية 27.
(11) جنة المأوى: 261 الحكاية 30.
(12) الخريت: الحاذق في الدلالة.
(13) جنة المأوى: 265 - 268 الحكاية 32.
(14) جنة المأوى: 269 الحكاية 33.
(15) جنة المأوى: 293 حكاية 47.
(16) جنة المأوى: 307 الحكاية 57.
******************
الحكاية التاسعة والثلاثون:
وممن فاز بتلك الدوحة العليا ونال التشرف بتلك الطلعة الغراء في غيبته الكبرى المؤلف الضعيف وذلك في مسافرتي من محل إقامتي ومجاورتي ومدفني إن شاء الله تعالى وهو الحاير المقدسة الحسينية والبقعة المباركة الطيبة إلى زيارة مولانا أبي الأئمة في وقفة البعثة النبوية السنة المعروفة بالغريقية وذلك سنة ألف وثلاثمائة وخمس من الهجرة المقدسة وذلك أنه اتفقت تلك الزيارة في فصل الربيع من تلك السنة الهايلة، خرج جم غفير من مجاوري كربلا من العرب والعجم وخرجنا بالعيال وثقل الأطفال بعد خروج جمع كثير قبلنا ومعنا عمنا الرجل التقي النقي المعروف بالصلاح يدعى الحاج عبد الحسين، فخرجنا حتى انتهينا إلى قريب من السدة التي خارج البلدة قريب من مركز السليمانية تعرف بالسدة التي أمر بها الشيخ شيخ العراقين طاب ثراه وإذا بانقلاب الهواء وهبوب الأرياح العاصفة والعجاج الثائر فتراكمت السحب السود وأخذت الهواء تمطر مطيرات ناعمة إلى أن اشتد المطر وأغزر فأمطرت البرد والحالوب الشديد فكأنها مقامع من حديد وكانت ما تقرب من جوزة كبيرة أو نارنجة صغيرة واشتد الأمر وضاق الفضاء ونزل البلاء وأيقنا بالموت والفناء فهلك بها المواشي والأنعام واضطرب منها الخاص والعام، فمنهم من أصابته في صدغه فقضى به نحبه في حينه وساعته ومنهم من كان ينتظر ومنهم من اندهش وانذهل ومنهم المفترش في الثلج والوحل، هذا واستصعب البرد غايته واشتد إلى أن بلغ نهايته فكان الفلك الزمهرير أخرق الهواء وأشرف، وكان الهواء بالثلج قد تكيف فغدت الأرجل والأيادي مستجمدة والأبدان كالخشبة البالية فوقفت المطايا من السير ولم تتمكن من الحركة، فأشرت إلى عبد الحسين المذكور أن أدركنا بالوصول إلى مركز السليمانية حيث تقف السفن والسواجي وإخبارها بنا كي تحملنا إليه وتضعنا لديه وأنا متكفل بالعيال والأطفال فذهب وبالغ في ذلك فلم يجد شيئا منها قط ولو ببذل دراهم كثيرة وبقي في خيبة وأياس ولم يقدر المراجعة عندنا وإخباره إيانا وقد خفقت علينا أجنحة الموت وأنشبت بنا المنية أظفارها فتوسلت حينئذ بالحجة المنتظر والإمام الحي الثاني عشر فبينما نحن على ذلك وإذا بساجة هناك وفيها سيد ظننتها من أهالي كربلاء وهو يقول: أين حاج شيخ علي خودمانست أي: هذا الرجل المسمى حاج شيخ علي المنسوب إلينا، ثم رحب بنا فأمروا نقلنا العيال في ساجته وأخذنا إلى المركز فتحولنا إلى الحي والجماعة التي هناك نزيل السليمانية وقضى من أمر الزوار في تلك الوقعة ما قضى ولم أتفطن باستغاثتي منذ هذه المدة وإغاثته إلا بعد زمان، رزقنا رؤيته الكاملة في الرجعة إن شاء الله.
الحكاية الأربعون:
مضمون ما ذكره شيخ المحدثين المولى النوري في كتابه جنة المأوى، وذكر فاضل من الواعظين باختلاف يسير: كنت سنة ثلاث وثلاثمائة وألف مترددا في المذاكرة في شهر رمضان بالمسجد فرأيت ليلة من ليالي المحاق من شهر شعبان أن أحدا ناولني كتاب إكمال الدين للصدوق (قدس سره) الذي كان لي بالخزانة قال لي: ذاكر بما في هذا، فتناولته فانتبهت واشتغلت بالمذاكرة وفي كل يوم كنت أذاكر شيئا مما في ذلك الكتاب امتثالا للأمر، ثم إني سافرت لزيارة الأئمة بالعراق يوم السابع عشر من شهر صفر المظفر من السنة التالية فزرت مقابر قريش وسر من رأى ولاقيت صديقي الأنور شيخ المحدثين في عصره المولى النوري نور الله قلبه وملأ لبه حبه وفاوضنا في المطالب فحدثته بالرؤيا قال: هذا ليس بشيء وعندي رواية ليس في روايات من رأى الحجة عجل الله تعالى فرجه ما يحوي تفصيلها ثم حكاها لي فقفلت وزرت الحائر المقدس والغري الأقدس وعدت إلى المقابر وكان في عزمي أن أسمعها من لفظ الرائي الراوي بغير واسطة فنويت يوما أن أمضي إلى بغداد فأرسلت إلى السيد السند والحبر المعتمد السيد محمد بن السيد أحمد ابن السيد حيدر الكاظمي زيد في تأييده في أن يكتب كتابا إلى أخيه المقيم ببغداد ذي السداد والاعتماد السيد حسين سلمه الله تعالى لكي يطلب لي الرائي الراوي ويحضره عندي لأسمعه منه فكتب وأرسل الكتاب إلي فأخذته وأتيت بغداد ونزلت بدار الحاج علي أكبر التاجر الهمداني فبعث من أخبره بقدومنا وأوصل إليه الكتاب، ثم جاء السيد المذكور وجلس هنيئة فقام وخرج في طلب الرجل وما كان إلا ساعة وإذا به قد رجع ومعه الرجل قال: لما خرجت من عندكم أطلبه فلاقيته في بعض السكك فحمدنا الله جل جلاله على هذه النعمة المترقبة واقتضينا منه أن يحكي لنا ما رأى فأبى وضايقنا ذكر أن الشيخ محمد حسن طال بقاه منعه عن ذلك فأصر عليه السيد والحاج وقالا: إن هذا - يعنياني - من أهل العلم والمنبر يذاكر به الناس، والمصلحة في أن يحكى له فطفق يقول - واسمه الحاج علي بن قاسم الكرادي البغدادي وكان عليه سيماء الصدق والصمت والأمانة ولوائح الصلاح منه للمتوسمين لائحة وكان يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شهر الرجب من السنة المذكورة -: كنت ببغداد أتجر في البز والقماش وانتدبت يوما للنظر في حساب رأس مالي وما حصل لي من الربح لأعرف ما صار علي وفي ذمتي من حق السادات وسهم الإمام (عليه السلام) ولاحظت ورأيت أنه تعلق بذمتي ثمانمائة قران من سهم الإمام (عليه السلام) فعزمت أن آتي الغري وأزور أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير وأوصل ما علي إلى العلماء هناك، فجئت الغري وزرت وأوصلت ما أخذته معي ستمائة قران إلى ثلاثة من علماء النجف ورجعت إلى بغداد وكان بعزمي أن أوصل الباقي معجلا إلى الشيخ محمد حسن آل ياسين فأخذت يوما ما كان نقدا بالحانوت معي وأتيته به وأوصلت إليه ذلك وقلت: شيخنا عندي بعد كذا من السهم وهو لم ينقد، بل جنس أبيعه وآتيك به وإن شئت فاكتب للسادة حوالة علي أؤدي إليهم شيئا فشيئا قال: نعم أكتب عليك الحوالة لهم، قلت له: شيخنا أريد أن تكتب لي تذكرة تكتب شهادتك بأني من موالي أمير المؤمنين وأولاده المعصومين (عليهم السلام) أجعلها في كفني، قال: اكتب لك ذلك فقمت من عنده لأخرج قال: بت هنا هذه الليلة تزور، إنها ليلة الجمعة وكان وقت العصر من الخميس، قلت له: شيخنا ما أقدر لأن العملة بالكارخانة يستوفون أجورهم في كل أسبوع أول النهار من يوم الجمعة فخرجت إلى بغداد وما مضيت من السبيل إلا ثلثه فإذا بسيد جليل مقبل من جانب بغداد أسمر على خده الأيمن أو الأيسر - والترديد من الرائي - شامة سوداء، لحيته خفيفة، عليه ثياب خضر، يرى من أبناء خمسة وثلاثين ولما دنا مني سلم علي وفتح باعه وضمني إليه وقبلني وأنا أيضا قبلته وأظنه من السادة الذين كنت أعطيهم شيئا من الخمس أحيانا يعرفني وأنا لا أعرفه بشخصه وهو يرجو مني شيئا فقال (عليه السلام): حاج علي أهلا وسهلا، على خير؟ قلت له: أريد بغداد، قال (عليه السلام) لي: ارجع نزور جدي موسى بن جعفر، هذه ليلة الجمعة، قلت له: سيدنا لا أقدر، عندي شغل، قال (عليه السلام): إرجع لأشهد أنا لك والشيخ، وإن الله أمر لشاهدين، قلت: أي شيخ تريد؟ قال لي: الشيخ محمد حسن آل يس قلت له: ما أدراك ما جرى بيني وبينه؟ قال (عليه السلام) لي: يؤدون حق الإنسان إليه لا يدري ارجع، فهبته وأكبرته ولم أقدر على مخالفته فرجعت معه وهو آخذ يدي بيده قابض عليها، ولما تأملته رأيته عظيما فقلت في نفسي: أسأله عن بعض الأشياء، فقلت له: سيدنا كان علي من سهم الإمام (عليه السلام) كذا وأوصلت بالغري إلى فلان وفلان وفلان وسميتهم له فهل صار عملي صحيحا؟ قال: نعم بيد وكلائنا وصل، قلت: وأوصلت اليوم إلى فلان وسميته له كذا ثم صار القرار على الحوالة فهل هذا صار أيضا صحيحا؟ قال (عليه السلام): نعم بيد وكيلنا وصل، ثم نظرت ورأيت نهرا جاريا عن يميننا غير الدجلة وماؤه صاف كأبيض ما يكون من الماء وأصفاه كأنه ماء صاف في بلور وقد حفت بنا من كل الطرفين أشجار كثيرة ملتفة متدلية على رؤوسنا من كل نوع ولون من الليمون والنارنج والرمان والكرم والكمثري قد أينعت ثمارها فقلت له: سيدنا إني طرقت كثيرا من هذا الطريق ولم أر شيئا من هذه الأشياء أبدا، قال (عليه السلام): إذا زارنا موالونا تباريهم هذه الأشياء، قلت له: سيدنا أراك فرد رؤية أريد أن أسألك عن مسألة، قال (عليه السلام): بسم الله، قلت له: إني زرت سنة تسعة وستين ومائتين وألف مولاي الرضا (عليه السلام) فهل زيارتي مقبولة؟ قال (عليه السلام): مقبولة إن شاء الله قلت له: سيدنا مسألة قال: بسم الله، قلت له: الحاج محمد حسين بذارباشي زيارته مقبولة - قلت عند نفسي: الناس يجيئونني ويسألونني: هل سألك السيد عنه وكان من أهل بغداد ومعنا في طريق الرضا (عليه السلام) - قال العبد الصالح: زيارته مقبولة، قلت له: سيدنا مسألة، قال (عليه السلام): بسم الله، قلت: فلان سميته له زيارته مقبولة وكان معنا في ذلك الطريق فلم يجبني بشيء، قلت له: سيدنا سألتك عن مسألة هل سمعته فأدار وجهه عني إلى جانب آخر، وهذا الرجل فحصنا عن حاله فبان أنه كان قد قتل أمه قلت له: سيدنا فرمان هل هو من موالي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان رجلا من قرائبي قال: هو وجميع من يلوذ بك من موالي أمير المؤمنين (عليه السلام)، قلت: سيدنا أنا قليل المعرفة بالمسألة أسألك عن مسألة قال (عليه السلام): بسم الله، قلت له: لقينا في ذهابنا إلى زيارة مولانا الرضا (عليه السلام) بمرحلة دروت رجلا من المعدان راجعا من الزيارة أقريناه بالليل وسألناه عن بلد الرضا (عليه السلام) كيف هو؟ فقال: الجنة الجنة كنت هناك خمسة عشر يوما بالمهمانخانة أتغدى وأتعشى وأي جرأة للنكير والمنكر يجيئانني ويسألانني في القبر وقد نبت لحمي من طعامه، كلامه هذا صحيح؟ قال: نعم جدي ضامن، قلت له: سيدنا، أنا قليل المعرفة بالمسألة أريد أن أسألك مسألة قال: بسم الله، قلت: سمعت الشيخ عبد الرزاق وكان رجلا ببغداد ويقرأ لنا الأخبار والمرثية ويقول من حج أربعين حجة واعتمر أربعين عمرة وكان تمام عمره صائما نهاره قائما ليله ثم مات بين الصفا والمروة ولم يوال أمير المؤمنين وأولاده المعصومين (عليهم السلام) فليس بناج ولا له من عمله شيء، هذا صحيح؟ قال (عليه السلام): إي والله ليس له شيء، قلت له: سيدنا مسألة، قال: اسأل، قلت له: وكان يقول: روي أن سليمان الأعمش قال: كان لي جار أتيته ليلة جمعة فقلت له: ما تقول في زيارة الحسين (عليه السلام)؟ قال: بدعة فقمت من عنده وأتيت إلى مضجعي وقلت في نفسي آتيه ثانيا فإن أصر قتلته، فلما كان وقت السحر أتيت بابه فقرعته فإذا بزوجته تقول لي: إنه قصد إلى زيارة الحسين (عليه السلام) من أول الليل فذهبت في أثره فلما دخلت الروضة فإذا بالشيخ باك وداع فقلت له: بالأمس كنت تقول: زيارته بدعة والآن أتيت تزوره فقال: رأيت رؤيا هالتني، رأيت ناقة من نور عليها هودج من نور وفيه امرأتان والناقة تطير بين السماء والأرض فقلت لمن هذه؟ فقيل: لخديجة الكبرى وفاطمة الزهراء سلام الله عليهما قلت: أين يريدون؟ قيل: ليلة الجمعة يزورون الحسين (عليه السلام) ثم دنوت من الهودج وإذا برقاع تتساقط من السماء قلت: ما هذه الرقاع؟ قيل: هذه فيها أمان من النار لزوار الحسين (عليه السلام) ليلة الجمعة فطلبت رقعة فقيل: إنك تقول زيارته بدعة لا تنالها حتى تعرف فضله وتزوره فانتبهت فزعا وقصدت إلى زيارته، هل هذا صحيح؟
قال: صدق، قلت له: سيدنا سمعته يقول: روي أنه من زار الحسين (عليه السلام) ليلة الجمعة فله أمان من النار، هذا صحيح؟ قال (عليه السلام): أي والله وعيناه تدمعان ثم مضينا حتى وصلنا إلى موضع من الجادة جانباه بساتين وكان هناك موضع عن يمين الخارج من بغداد إلى كاظمية لبعض السادة وفيهم أيتام أدخله الحكام في الجادة غصبا وتعرف ببستان السادة، والمحتاطون من البلدتين لا يمرون منه، ورأيته يمشي في هذا الموضع فقلت له: سيدنا يقال: إن المرور من هناك مشكل، قال: يجوز لموالينا المرور منه، فقلت له: سيدنا إني أراك فرد رؤية، هذا بستان ميرزا هادي يقولون: إن قاعه وقف على موسى بن جعفر (عليهما السلام) فقال: تمام مالنا، اسأل غير هذا، فوصلنا إلى ساقية أخرجت من الدجلة لأجل البساتين فيها يفترق الطريقان: طريق السادة والطريق السلطاني فرأيته مال إلى الأول فقلت: سيدنا نمضي من السلطاني قال: لا، نمضي من هذا فمشينا وما خطونا إلا خطوات فرأيت أنفسنا عند الكفشوان(1) الصاعد إلى يسار الإيوان الشرقي وباب المراد للداخل إليه فخلع نعليه وخلعت ومضى من الإيوان ولم يقف بباب الرواق ودخله ووقف بباب الحرم وقال لي: زر، قلت له: سيدنا أنا عامي لم أقرأ، قال: أزورك؟ قلت له: نعم، فقال (عليه السلام): أأدخل يا الله السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا فاطمة الزهراء وانتهى إلى السلام على علي بن محمد والحسن العسكري (عليهم السلام) وسلم عليه فالتفت إلي وقال: أتعرف إمام زمانك؟ قلت: نعم، قال (عليه السلام): فما تقول أنت إذا انتهيت في السلام إلى هنا؟ قلت: أقول السلام عليك يا صاحب الزمان السلام عليك يا حجة الله قال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فدخل ودخلت وقبل الضريح وقبلت ثم قال لي: زر، قلت له: سيدنا قلت لك إني لم أقرأ قال (عليه السلام): أزورك؟ قلت له: نعم، قال: بأي زيارة؟ قلت له: سيدنا إني أراك فرد رؤية بأيها أفضل؟ قال: أمين الله، ثم قال (عليه السلام): عليكما يا أميني الله في أرضه السلام عليكما يا حجتي الله على عباده وانتهى إلى آخرها وشموع الحرم مشعلة غير أني أرى جو الحرم مضيئا بضوء غير ضوء السراج بل كضوء الشمس عند ارتفاعها وأرى ضوء تلك الشموع بجنبه كضوئها إذا اشتعلت بالنهار وقت الضحى قبالة الشمس ثم تحول من طرف الرجلين إلى خلف الضريح ووقف بالجانب الشرقي منه مستقبلا وقال: نزور الحسين (عليه السلام) من هنا فزاره بزيارة الوارث وزرت، ولما فرغنا فإذا بالمؤذنين لفريضة المغرب قد فرغوا فقال لي: ألحق الجماعة وصل وأشار إلى المسجد الذي خلف الحرم ومنه إليه باب مشروع والشيخ المذكور يصلي بالناس هناك فدخل المسجد ووقف عن يمينه محاذيا له وصلى بنفسه وأنا وقفت في الصف وفرج لي مكاني وصليت جماعة ولما انفلت نظرت إليه فلم أره فقمت أطلبه بالحرم لأعطيه شيئا لأنه زورني وأضيفه بالليل فدرت الحرم والرواق والإيوان ولم أره وأنا أتفكر في نفسي: من هذا؟ وما هذه الأمور التي شاهدتها منه والكلمات التي سمعتها، فعلمت أنه الإمام (عليه السلام) فأتيت إلى الكفشوان وسألته عنه قال: خرج ومضى، ثم قال: هو رفيقك؟ قلت: نعم فتبسم فأتيت إلى منزلي ونمت، فلما قمت أتيت الشيخ بكرة وحكيت له ذلك فقال: الله موفقك لا تحكه ببغداد، ثم إني بعد ذلك بشهر كنت بالحرم الشريف يوما بالمحل الذي يوضع المصاحف أتلو القرآن إذا به (عليه السلام) عن لي وقال لي: ماذا رأيت أنت؟ قلت: لم أر شيئا، ثم قال لي ثانيا: ماذا رأيت؟ قلت له: لم أر شيئا فغاب عني قال أقول: وهذا الرجل كان يبدو منه عند حكايته لي الأسف والتحسر كمن فات عنه شيء لا مندوحة عنه، ثم قبلت فاه فقام وفارقنا ولعمرك لو طلب حريص وضرب آباط الإبل فيه حولا لكان قليلا. هذا ما رويته وبحق روايتي عنه بيد أن ما رقمته معنى ما سمعته منه بلفظه ولغته المتداولة اليوم.(2)
الحكاية الحادية والأربعون:
في جنة المأوى عن المولى أبي الحسن الشريف العاملي الغروي تلميذ العلامة المجلسي في شرح مشيخة الفقيه في ترجمة المتوكل بن عمير راوي الصحيفة قال (رحمه الله): إني كنت في أوائل البلوغ طالبا لمرضاة الله ساعيا في طلب رضاه ولم يكن لي قرار بذكره إلى أن رأيت بين النوم واليقظة أن صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفا في الجامع القديم بأصبهان قريبا من باب الطبني الذي (هو) الآن مدرستي فسلمت عليه وأردت أن أقبل رجله فلم يدعني وأخذني فقبلت يده وسألت عنه مسائل قد أشكلت علي:
منها: إني كنت أوسوس في صلواتي وكنت أقول إنها ليست كما طلبت مني وأنا مشتغل بالقضاء ولا يمكنني صلاة الليل وسألت عنه شيخنا البهائي (رحمه الله) فقال: صل صلاة الظهر والعصر والمغرب بقصد صلاة الليل وكنت أفعل هكذا فسألت الحجة (عج): أصلي صلاة الليل؟ فقال: صلها ولا تفعل كالمصنوع الذي كنت تفعل، إلى غير ذلك من المسائل التي لم يبق في بالي ثم قلت: يا مولاي لا يتيسر لي أن أصل إلى خدمتك كل وقت فاعطني كتابا أعمل عليه دائما، فقال (عج): أعطيت لأجلك كتابا إلى مولانا محمد التاج وكنت أعرفه في النوم فقال: رح وخذ منه فخرجت من باب المسجد الذي كان مقابلا لوجهه إلى جانب دار البطيخ محلة من أصفهان، فلما وصلت إلى ذلك الشخص فلما رآني قال: بعثك الصاحب (عج) إلي؟ قلت: نعم، فأخرج من جيبه كتابا قديما، فلما فتحته ظهر لي أنه كتاب الدعاء فقبلته ووضعته على عيني وانصرفت عنه متوجها إلى الصاحب فانتبهت ولم يكن معي ذلك الكتاب فشرعت في التضرع والبكاء والجوار لفوت ذلك الكتاب إلى أن طلع الفجر، فلما فرغت من الصلاة والتعقيب وكان في بالي أن مولانا محمد هو الشيخ وتسميته بالتاج لاشتهاره من بين العلماء، فلما جئت إلى مدرسته وكان في جوار المسجد الجامع فرأيته مشتغلا بمقابلة الصحيفة وكان القاري السيد صالح أمير ذو الفقار الجرفادقاني فجلست ساعة حتى فرغ منه، والظاهر أنه كان في سند الصحيفة لكن للغم الذي كان لي لم أعرف كلامه ولا كلامهم وكنت أبكي وذهبت إلى الشيخ وقلت له رؤياي، وكنت أبكي لفوات الكتاب فقال الشيخ: أبشر بالعلوم الإلهية والمعارف اليقينية وجميع ما كنت تطلب دائما وكان أكثر صحبتي مع الشيخ في التصوف وكان مائلا إليه فلم يسكن قلبي وخرجت باكيا متفكرا إلى أن ألقي في روعي أن أذهب إلى الجانب الذي ذهبت إليه في النوم، فلما وصلت إلى دار البطيخ رأيت رجلا صالحا اسمه آقا حسن وكان يلقب بتاج، فلما وصلت إليه وسلمت عليه قال: يا فلان الكتب الوقفية التي عندي كل من يأخذه من الطلبة لا يعمل بشروط الوقف وأنت تعمل به، وقال: وانظر إلى هذه الكتب وكلما تحتاج إليه خذه فذهبت معه إلى بيت كتبه فأعطاني أول ما أعطاني الكتاب الذي رأيته في النوم فشرعت في البكاء والنحيب وقلت: يكفيني، وليس في بالي أني ذكرت له النوم أم لا، وجئت عند الشيخ وشرعت في المقابلة مع نسخته التي كتبها جد أبيه مع نسخة الشهيد وكتب الشهيد نسخته مع نسخة عميد الرؤساء وابن السكون وقابلها مع نسخة ابن إدريس بواسطة أو بدونها وكانت النسخة التي أعطانيها الصاحب مكتوبة من خط الشهيد وكانت موافقة غاية الموافقة حتى في النسخ التي كانت مكتوبة بهامشها وبعد أن فرغت من المقابلة شرع الناس في المقابلة عندي وببركة إعطاء الحجة (عج) صارت الصحيفة الكاملة في جميع البلاد كالشمس طالعة في كل بيت وسيما في أصبهان فإن أكثر الناس لهم صحائف متعددة وصار أكثرهم صلحاء وأهل الدعاء وكثير منهم مستجابوا الدعوة، وهذه الآثار معجزة لصاحب الأمر (عج) والذي أعطاني الله من العلوم بسبب الصحيفة لا أحصيها وذكرها العلامة المجلسي (رحمه الله) في إجازات البحار مختصرا.(3)
خبر الجزيرة الخضراء:
فاكهة في البحار
وجدت رسالة مشتهرة بالجزيرة الخضراء في البحر الأبيض أحببت إيرادها لاشتمالها على ذكر من رآه ولما فيه من الغرايب وإنما أفردت بها بابا لأني لم أظفر به في الأصول المعتبرة ولنذكرها بعينها كما وجدتها: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لمعرفته والشكر له على ما منحنا للاقتداء بسنن سيد بريته محمد الذي اصطفاه من بين خليقته وخصنا بمحبة علي والأئمة المعصومين من ذريته صلى الله عليهم أجمعين الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا، وبعد فقد وجدت في خزانة أمير المؤمنين وسيد الوصيين وحجة رب العالمين وإمام المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بخط الشيخ الفاضل والعامل الفضل بن يحيى بن علي الطيبي الكوفي قدس الله سره ما هذا صورته: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم، وبعد فيقول الفقير إلى عفو الله سبحانه وتعالى الفضل بن يحيى بن علي الطيبي الإمامي الكوفي عفا الله عنه: قد كنت سمعت من الشيخين الفاضلين العاملين الشيخ شمس الدين محمد بن يحيى الحلي والشيخ جلال الدين عبد الله بن الحوام الحلي قدس الله روحيهما ونور ضريحيهما في مشهد سيد الشهداء وخامس أصحاب الكساء مولانا وإمامنا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في النصف من شهر شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة من الهجرة النبوية على مشرفها محمد وآله أفضل الصلاة وأتم التحية حكاية ما سمعاه من الشيخ الصالح التقي والفاضل الورع الزكي زين الدين علي بن الفاضل المازندراني المجاور بالغري على مجاوريه السلام حيث اجتمعا به في مشهد الإمامين الزكيين الطاهرين المعصومين السعيدين بسر من رأى وحكى لهما حكاية ما شاهده ورآه في البحر الأبيض والجزيرة الخضراء من العجائب، فمر بي باعث الشوق إلى رؤياه وسألت تيسير لقياه والاستماع لهذا الخبر من لقلقة فيه بإسقاط روايته وعزمت على الانتقال إلى سر من رأى للاجتماع فيه فاتفق أن الشيخ زين الدين علي بن فاضل المازندراني انحدر من سر من رأى إلى الحلة في أوائل شهر شوال من السنة المذكورة ليمضي على جاري عادته ويقيم على المشهد الغروي على مشرفيه السلام، فلما سمعت بدخوله إلى الحلة وكنت يومئذ بها قد انتظر قدومه فإذا أنا به وقد أقبل راكبا يريد دار السيد الحسيب ذي النسب الرفيع والحسب المنيع السيد فخر الدين الحسن بن علي الموسوي المازندراني نزيل الحلة أطال الله بقاءه، ولم أكن إذ ذاك الوقت أعرف الشيخ الصالح المذكور ولكن خلج في خاطري أنه هو، فلما غاب عن عيني تبعته إلى دار السيد المذكور، فلما وصلت إلى باب الدار رأيت السيد فخر الدين واقفا على باب داره مستبشرا، فلما رآني مقبلا ضحك في وجهي وعرفني بحضوره فاستطار قلبي فرحا وسرورا ولم أملك نفسي على الصبر على الدخول إليه في غير ذلك الوقت، فدخلت الدار مع السيد فخر الدين فسلمت عليه وقبلت يديه فسأل السيد عن حالي فقال له: هو الشيخ فضل بن الشيخ يحيى الطيبي صديقكم فنهض واقفا وأقعدني في مجلسه ورحب بي وأحفى السؤال عن حال أبي وأخي الشيخ صلاح الدين لأنه كان عارفا بهما سابقا ولم أكن في تلك الأوقات حاضرا، بل كنت في بلدة واسط اشتغل في طلب العلم عند الشيخ العالم العامل الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الواسطي الإمامي تغمده الله برحمته وحشره في زمرة أئمته، فتحادث مع الشيخ الصالح المذكور متع الله المؤمنين بطول بقائه فرأيت في كلامه أمارات تدل على الفضل في أغلب العلوم من الفقه والحديث والعربية بأقسامها وطلبت منه شرح ما حدث به الرجلان الفاضلان العاملان العالمان الشيخ شمس الدين والشيخ جلال الدين الحليان المذكوران سابقا عفى الله عنهما، فقص لي القصة من أولها إلى آخرها بحضور السيد الجليل السيد فخر الدين نزيل الحلة صاحب الدار وحضور جماعة من علماء الحلة والأطراف وقد كانوا أتوا لزيارة الشيخ المذكور وفقه الله وكان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر شوال سنة تسع وتسعين وستمائة وهذه صورة ما سمعته من لفظه أطال الله بقاءه وربما وقع في الألفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير لكن المعاني واحدة. قال حفظه الله تعالى: قد كنت مقيما في دمشق الشام منذ سنين مشتغلا بطلب العلم عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي وفقه الله لنور هدايته في علمي الأصول والعربية وعند الشيخ زين الدين علي المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنه كان عالما فاضلا عارفا بالقراءات السبع وكان له معرفة في أغلب العلوم من الصرف والنحو والمنطق والمعاني والبيان والأصولين، وكان لين الطبع لم يكن عنده معاندة في البحث ولا في المذهب لحسن ذاته، فكان إذا جرى ذكر الشيعة يقول قال العلماء الأمامية بخلاف من المدرسين فإنهم يقولون عند ذكر الشيعة قال علماء الرافضة فاختصصت به وتركت التردد إلى غيره فأقمنا على ذلك برهة من الزمان أقرأ عليه في العلوم المذكورة فاتفق أنه عزم على السفر من دمشق الشام يريد الديار المصرية فلكثرة المحبة التي كانت بيننا عز علي مفارقته وهو أيضا كذلك فآل الأمر إلى أنه - هداه الله - صمم العزم على صحبتي له إلى مصر وكان عنده جماعة من الغرباء مثلي يقرأون عليه فصحبه أكثرهم، فسرنا في صحبته إلى أن وصلنا إلى مدينة من بلاد مصر معروفة بالقاهرة وهي أكبر من مداين مصر كلها فأقام بالمسجد الأزهر مدة يدرس فتسامع فضلاء مصر بقدومه فوردوا كلهم لزيارته وللانتفاع بعلومه، فأقام في قاهرة مصر مدة تسعة أشهر ونحن معه على أحسن حال وإذا بقافلة قد وردت من الأندلس ومع رجل منها كتاب من والد شيخنا الفاضل المذكور يعرفه بمرض شديد قد عرض له وأنه يتمنى الاجتماع به قبل الممات ويحثه فيه على عدم التأخير، فرق الشيخ من كتاب أبيه وبكى وصمم العزم على المسير إلى جزيرة الأندلس فعزم بعض التلامذة على صحبته ومن الجملة أنا لأنه - هداه الله - قد كان أحبني محبة شديدة وحسن في المسير معه فسافرت إلى الأندلس في صحبته فحيث وصلنا إلى أول قرية من الجزائر المذكورة عرضتني حمى منعتني عن الحركة فحيث رآني الشيخ على تلك الحالة رق لي وبكى وقال: يعز علي مفارقتك، فأعطى خطيب تلك القرية التي وصلنا إليها عشرة دراهم وأمره أن يتعاهدني حتى يكون مني أحد الأمرين وإن من الله بالعافية أتبعه إلى بلده، هكذا عهد إلي بذلك وفقه الله لنور الهداية إلى طريق الحق المستقيم، ثم مضى إلى بلد الأندلس ومسافة الطريق من ساحل البحر إلى بلده خمسة أيام فبقيت في تلك القرية ثلاثة أيام لشدة ما أصابني من الحمى ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمى وخرجت أدور في سكك تلك القرية فرأيت قفلا قد وصل من جبال قريته من شاطئ البحر الغربي يجلبون الصوف والسمن والأمتعة فسألت عن حالهم فقيل: إن هؤلاء يجيئون من جهة قريته من أرض البربر وهي قريبة من جزائر الرافضة، فحيث سمعت ذلك منهم ارتحت إليهم وجذبني باعث الشوق إلى أرضهم فقيل: إن المسافة خمسة وعشرون يوما منها يومان بغير عمارة ولا ماء وبعد ذلك فالقرى متصلة، فاكتريت معهم من رجل حمارا بمبلغ ثلاثة دراهم لقطع تلك المسافة التي لا عمارة فيها، فلما قطعنا معهم تلك المسافة ووصلنا أرضهم العامرة تمشيت راجلا وتنقلت على اختياري من قرية إلى أخرى إلى أن وصلت إلى أول تلك الأماكن فقيل لي: إن جزيرة الروافض قد بقي بينك وبينها ثلاثة أيام فمضيت ولم أتأخر فوصلت إلى جزيرة ذات أسوار أربعة ولها أبراج محكمات شاهقات وتلك الجزيرة بحصونها راكبة على شاطئ البحر، فدخلت من باب كبيرة يقال لها باب البربر فدرت في سككها أسأل عن مسجد البلد فهديت عليه ودخلت إليه فرأيته جامعا كبيرا معظما واقعا على البحر من الجانب الغربي من البلد، فجلست في جانب المسجد لأستريح وإذا بالمؤذن يؤذن بالظهر ونادى بحي على خير العمل، ولما فرغ دعا بتعجيل الفرج للإمام صاحب الزمان (عج) فأخذتني العبرة بالبكاء، فدخلت جماعة بعد جماعة إلى المسجد وشرعوا في الوضوء على عين ماء تحت شجرة في الجانب الشرقي من المسجد وأنا أنظر إليهم فرحا مسرورا لما رأيت من وضوئهم المنقول عن أئمة الهدى، فلما فرغوا من وضوئهم وإذا برجل قد برز من بينهم بهي الصورة، عليه السكينة والوقار فتقدم إلى المحراب وأقام الصلاة فاعتدلت الصفوف وراءه وصلى بهم إماما وهم مأمومون صلاة كاملة بأركانها المنقولة عن أئمتنا على الوجه المرضي فرضا ونفلا وكذا التعقيب والتسبيح، ومن شدة ما لقيته من وعثاء السفر وتعبي في الطريق لم يمكن أن أصلي معهم الظهر، فلما فرغوا ورأوني أنكروا علي عدم اقتدائي بهم فتوجهوا نحوي بأجمعهم وسألوني عن حالي ومن أين أصلي؟ وما مذهبي؟ فشرحت لهم أحوالي وأني عراقي الأصل وأما مذهبي فإنني رجل مسلم أقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الأديان كلها ولو كره المشركون فقالوا لي: لم تنفعك هاتان الشهادتان إلا لحقن دمك في دار الدنيا لم لا تقول الشهادة الأخرى لتدخل الجنة بغير حساب؟ فقلت لهم: وما تلك الشهادة الأخرى اهدوني إليها يرحمكم الله فقال لي إمامهم: الشهادة الثالثة هي أن تشهد أن أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين علي بن أبي طالب والأئمة الأحد عشر من ولده أوصياء رسول الله وخلفاؤه من بعده بلا فاصلة، قد أوجب الله طاعتهم على عباده وجعلهم أولياء أمره ونهيه وحججا على خلقه في أرضه وأمانا لبريته لأن الصادق الأمين محمدا رسول رب العالمين أخبرهم عن الله تعالى مشافهة من نداء الله عز وجل له (عليه السلام) في ليلة معراجه إلى السماوات السبع وقد صار من ربه كقاب قوسين أو أدنى وسماهم له واحدا بعد واحد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، فلما سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه على ذلك وحصل عندي أكمل السرور وذهب علي تعب الطريق من الفرح وعرفتهم أني على مذهبهم فتوجهوا إلي توجه إشفاق وعينوا لي مكانا في زوايا المسجد وما زالوا يتعاهدوني بالعزة والإكرام مدة إقامتي عندهم، وصار إمام مسجدهم لا يفارقني ليلا ولا نهارا فسألته عن ميرة(4) أهل بلده من أين تأتي إليهم فإني لا أرى لهم أرضا مزروعة، فقال: تأتي إليهم ميرتهم من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض من جزاير أولاد الإمام صاحب الأمر (عج) فقلت لهم: تأتيكم ميرتكم في السنة؟ فقال: مرتين وقد أتت مرة وبقي الأخرى فقلت: كم بقي حتى تأتيكم؟ قال: أربعة أشهر، فتأثرت لطول المدة ومكثت عندهم مقدار أربعين يوما أدعو الله ليلا ونهارا بتعجيل مجيئها وأنا عندهم في غاية الإعزاز والإكرام، ففي آخر يوم من الأربعين ضاق صدري لطول المدة فخرجت إلى شاطئ البحر أنظر إلى جهة المغرب التي ذكر أهل البلد أن ميرتهم تأتي إليهم من تلك الجهة فرأيت شبحا من بعيد يتحرك فسألت عن ذلك الشبح أهل البلد وقلت لهم: هل يكون في البحر طير أبيض فقالوا لي، لا فهل رأيت شيئا؟ قلت: نعم، فاستبشروا وقالوا: هذه المراكب التي تأتي إلينا في كل سنة من بلاد أولاد الإمام، فما كان إلا قليل حتى قدمت تلك المراكب وعلى قولهم إن مجيئها كان في غير الميعاد فقدم مركب كبير وتبعه آخر وآخر حتى كملت سبعا فصعد من المركب الكبير شيخ مربوع القامة بهي المنظر حسن الزي ودخل المسجد فتوضأ الوضوء الكامل على الوجه المنقول عن أئمة الهدى وصلى الظهرين، فلما فرغ من صلاته التفت نحوي مسلما علي فرددت فقال: ما اسمك؟ وأظن أن اسمك علي؟ قلت: صدقت، فحادثني باللين محادثة من يعرفني فقال: ما اسم أبيك ويوشك أن يكون فاضلا؟ قلت: نعم، ولم أكن أشك في أنه قد كان في صحبتنا من دمشق الشام إلى مصر فقلت: أيها الشيخ ما أعرفك بي وبأبي؟ هل كنت معنا حيث سافرنا من دمشق؟ فقال: لا، قلت: ولا من مصر إلى الأندلس؟ قال: لا ومولاي صاحب العصر قلت له: ومن أين تعرفني باسمي واسم أبي؟ قال: أعلم أنه قد تقدم إلي وصفك وأصلك ومعرفة اسمك وشخصك وهيئتك واسم أبيك، وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء، فسررت بذلك حيث قد ذكرت، ولي عندهم اسم، وكان من عادته أنه لا يقيم عندهم إلا ثلاثة أيام فأقام أسبوعا وأوصل المسيرة إلى أصحابها المقررة، فلما أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرر لهم عزم على السفر وحملني معه وسرنا في البحر، فلما كان في السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض فجعلت أطيل النظر إليه، فقال لي الشيخ واسمه محمد: ما لي أراك تطيل النظر إلى هذا الماء؟ فقلت له: إني أراه على غير لون ماء البحر، فقال لي: هذا هو البحر الأبيض وتلك الجزيرة الخضراء وهذا الماء مستدير حولها مثل السور من أي الجهات أتيته وجدته وبحكمة الله تعالى أن مراكب أعدائنا إذا دخلته غرقت وإن كانت محكمة ببركة مولانا وإمامنا صاحب العصر (عليه السلام)، فاستعملته وشربت منه فإذا هو كماء الفرات، ثم إنا لما قطعنا ذلك الماء الأبيض وصلنا إلى الجزيرة الخضراء لا زالت عامرة آهلة ثم صعدنا من المركب الكبير إلى الجزيرة ودخلنا البلد فرأيته محصنا بقلاع وأبراج وأسوار سبعة واقعة على شاطئ البحر ذات أنهار وأشجار مشتملة على أنواع الفواكه والأثمار المنوعة وفيها أسواق كثيرة وحمامات عديدة وأكثر عماراتها برخام شفاف وأهلها في أحسن الزي والبهاء فاستطار قلبي سرورا لما رأيته، ثم مضى بي رفيقي محمد - بعدما استرحنا في منزله - إلى الجامع المعظم فرأيت فيه جماعة كثيرة وفي وسطهم شخص جالس عليه من المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر أن أصفه والناس يخاطبونه بالسيد شمس الدين محمد العالم ويقرأون عليه في القرآن والفقه والعربية بأقسامها وأصول الدين والفقه الذي يقرأونه عن صاحب الأمر (عليه السلام) مسألة مسألة وقضية قضية وحكما حكما، فلما مثلت بين يديه رحب بي وأجلسني في القرب منه وأحفى السؤال عن تعبي في الطريق وعرفني أنه تقدم إليه كل أحوالي وأن الشيخ محمد رفيقي إنما جاء بي معه بأمر من السيد شمس الدين العالم أطال الله بقاه، ثم أمرني بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد وقال لي: هذا يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة، فنهضت ومضيت إلى ذلك الموضع فاسترحت فيه إلى وقت العصر وإذا أنا بالموكل بي قد أتى إلي وقال لي: لا تبرح من مكانك حتى يأتيك السيد وأصحابه لأجل العشاء معك فقلت: سمعا وطاعة، فما كان إلا قليل وإذا بالسيد سلمه الله قد أقبل ومعه أصحابه فجلسوا ومدت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيد لأجل صلاة المغرب والعشاء، فلما فرغنا من الصلاتين ذهب السيد إلى منزله ورجعت إلى مكاني وأقمت على هذه الحال مدة ثمانية عشر يوما ونحن في صحبته أطال الله بقاه، فأول جمعة صليتها معهم رأيت السيد سلمه الله صلى الجمعة ركعتين فريضة واجبة فلما انقضت الصلاة قلت: يا سيدي قد رأيتكم صليتم الجمعة ركعتين فريضة واجبة، قال: نعم لأن شروطها المعلومة قد حضرت فوجبت فقلت في نفسي ربما كان الإمام حاضرا ثم في وقت آخر سألت منه في الخلوة هل كان الإمام (عليه السلام) حاضرا؟ فقال: لا، ولكني أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه (عليه السلام) فقلت: يا سيدي وهل رأيت الإمام (عليه السلام)؟ قال: لا ولكن حدثني أبي (رحمه الله) أنه سمع حديثه ولم ير شخصه وأن جدي (رحمه الله) سمع حديثه ورأى شخصه فقلت له: ولم ذاك يا سيدي يختص بذلك رجل دون آخر؟ فقال لي: يا أخي إن الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده وذلك لحكمة بالغة وعظمة قاهرة، كما أن الله اختص من عباده الأنبياء والمرسلين والأوصياء والمنتجبين وجعلهم أعلاما لخلقه وحججا على بريته ووسيلة بينهم وبينه ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة ولم يخل أرضه بغير حجة على عباده للظفر بهم، ولا بد لكل حجة من سفير يبلغ عنه، ثم إن السيد سلمه الله أخذ بيدي إلى خارج مدينتهم وجعل يسير معي نحو البساتين فرأيت فيها أنهارا جارية وبساتين كثيرة مشتملة على أنواع الفواكه عظيمة الحسن والحلاوة من العنب والرمان والكمثري وغيرها ما لم أرها في العراقين ولا في الشامات كلها، فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر مر بنا رجل بهي الصورة مشتمل ببردتين من صوف أبيض فلما قرب منا سلم علينا وانصرف عنا فأعجبتني هيئته فقلت للسيد سلمه الله: من هذا الرجل؟ قال لي: أتنظر إلى هذا الجبل الشاهق؟ قلت: نعم قال: إن وسطه مكانا حسنا وفيه عين جارية تحت شجرة ذات أغصان كثيرة وعندها قبة مبنية بالآجر وإن هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبة وأنا أمضي إلى هناك في كل صباح جمعة وأزور الإمام (عليه السلام) منها وأصلي ركعتين وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين فمهما تضمنت الورقة أعمل به، فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام (عليه السلام) من القبة، فذهبت إلى الجبل فرأيت القبة على ما وصف لي - سلمه الله - فوجدت هناك خادمين فرحب بي الذي مر علينا وأنكرني الآخر فقال له: لا تنكره فإني رأيته في صحبة السيد شمس الدين العالم فتوجه إلي ورحب بي وحادثاني وأتياني بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبة وتوضأت وصليت ركعتين وسألت الخادمين عن رؤية الإمام (عليه السلام) فقالا لي: الرؤية غير ممكنة وليس معنا إذن في إخبار أحد فطلبت منهم الدعاء فدعوا لي وانصرفت عنهما ونزلت من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة، فلما وصلت إليها ذهبت إلى دار السيد شمس الدين العالم فقيل لي: إنه خرج في حاجة له، فذهبت إلى دار الشيخ محمد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل واجتماعي بالخادمين وإنكار الخادم علي فقال: ليس لأحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان سوى السيد شمس الدين وأمثاله، فلهذا وقع الإنكار منه لك فسألته عن أحوال السيد شمس الدين أدام الله أفضاله فقال: إنه من أولاد الإمام (عليه السلام) وإن بينه وبين الإمام خمسة آباء وإنه النائب الخاص عن أمر صدر منه (عليه السلام). قال الشيخ الصالح زين الدين علي بن فاضل المازندراني المجاور بالغري على مشرفه السلام: واستأذنت السيد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه في نقل بعض المسائل التي يحتاج إليها عنه وقراءة القرآن المجيد ومقابلة المواضع المشكلة من العلوم الدينية وغيرها فأجاب إلى ذلك وقال: إذا كان ولا بد من ذلك فابدأ أولا بقراءة القرآن العظيم، فكان كلما قرأت شيئا فيه خلاف بين القراء أقول له قرأ حمزة كذا وقرأ الكسائي كذا وقرأ عاصم كذا وأبو عمرو بن كثير كذا، فقال السيد سلمه الله: نحن لا نعرف هؤلاء وإنما القرآن نزل على سبعة أحرف قبل الهجرة من مكة إلى المدينة وبعدها لما حج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حجة الوداع نزل عليه الروح الأمين جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أتل علي القرآن حتى أعرفك أوائل السور وأواخرها وشأن نزولها فاجتمع إليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وولداه الحسن والحسين وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وحسان بن ثابت وجماعة من الصحابة (رض) عن المنتجبين منهم فقرأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن من أوله إلى آخره فكان كلما مر بموضع فيه اختلاف بينه له جبرئيل، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يكتب ذاك في زوج من أدم فالجميع قراءة أمير المؤمنين (عليه السلام) ووصي رسول رب العالمين، فقلت: يا سيدي أرى بعض الآيات غير مرتبطة بما قبلها وبما بعدها كأن فهمي القاصر لم يصل إلى غور ذلك، فقال: نعم الأمر كما رأيته وذلك لما انتقل سيد البشر محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من دار الفناء إلى دار البقاء وفعل صنما قريش ما فعلاه من غصب الخلافة الظاهرية وجمع أمير المؤمنين (عليه السلام) القرآن كله ووضعه في إزار وأتى به إليهم وهم في المسجد فقال لهم: هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أعرضه إليكم لقيام الحجة عليكم يوم العرض بين يدي الله تعالى، فقال له فرعون هذه الأمة ونمرودها: لسنا محتاجين إلى قرآنك، فقال: لقد أخبرني حبيبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بقولك هذا وإنما أردت بذلك إلقاء الحجة عليكم، فرجع أمير المؤمنين (عليه السلام) به إلى منزله وهو يقول: لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لا راد لما سبق في علمك ولا مانع لما اقتضته حكمتك فكن أنت الشاهد لي عليهم يوم العرض عليك، فنادى ابن أبي قحافة بالمسلمين وقال لهم: كل من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح وعثمان وسعد بن أبي وقاص ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وحسان بن ثابت وجماعات المسلمين وجمعوا هذا القرآن وأسقطوا ما كان فيه من المثالب التي صدرت منهم بعد وفاة سيد المرسلين، فلهذا ترى الآيات غير مرتبطة والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين (عليه السلام) بخطه محفوظ عند صاحب الأمر (عليه السلام) فيه كل شيء حتى أرش الخدش، وأما هذا القرآن فلا شك ولا شبهة وإنما كلام الله سبحانه هكذا صدر عن صاحب الأمر (عليه السلام). قال الشيخ الفاضلي علي بن فاضل: ونقلت عن السيد شمس الدين حفظه الله مسائل كثيرة تنوف على تسعين مسألة وهي عندي جمعتها في مجلد وسميتها بالفوائد الشمسية ولا أطلع عليها إلا الخاصة من المؤمنين وستراه إن شاء الله، فلما كانت الجمعة الثانية وهي الوسطى من جمع الشهر وفرغنا من الصلاة وجلس السيد سلمه الله في مجلس الإفادة للمؤمنين وإذا أنا أسمع هرجا ومرجا وجزلة عظيمة خارج المسجد، فسألت من السيد عما سمعته فقال لي: إن أمراء عسكرنا يركبون في كل جمعة من وسط كل شهر وينتظرون الفرج فاستأذنته في النظر إليهم فأذن بي فخرجت لرؤيتهم فإذا هم جمع كثيرون يسبحون الله ويحمدونه ويهللونه جل وعز ويدعون بالفرج للإمام القائم (عليه السلام) بأمر الله والناصح لدين الله م ح م د بن الحسن المهدي الخلف الصالح صاحب الزمان (عليه السلام) ثم عدت إلى مسجد السيد سلمه الله فقال: رأيت العسكر؟ فقلت: نعم، قال: فهل عددت أمراءهم؟ قلت: لا، قال: عدتهم ثلاثمائة وبقي ثلاثة عشر ناصرا ويجعل الله لوليه الفرج بمشيئته إنه جواد كريم، قلت: يا سيدي ومتى يكون الفرج؟ قال: يا أخي إنما العلم عند الله والأمر متعلق بمشيئته سبحانه وتعالى حتى إنه ربما كان الإمام لا يعرف ذلك بل له علامات وأمارات تدل على خروجه ومن جملتها أن ينطق ذو الفقار بأن يخرج من غلافه ويتكلم بلسان عربي مبين: قم يا ولي الله على اسم الله فاقتل بي أعداء الله، ومنها ثلاثة أصوات يسمعها الناس كلهم، الصوت الأول: أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني: ألا لعنة الله على القوم الظالمين لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والصوت الثالث: بدن يظهر فيرى في قرن الشمس يقول: إن الله بعث صاحب الأمر م ح م د بن الحسن المهدي (عليه السلام) فاسمعوا له وأطيعوا. فقلت: يا سيدي قد روينا من مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر (عليه السلام) وأنه قال لما أمر بالغيبة الكبرى: من رآني بعد غيبتي فقد كذب، فكيف فيكم من يراه فقال: صدقت إنه (عليه السلام) إنما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العباس حتى الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدة وأيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعنائهم وببركته لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا، قلت: يا سيدي قد روت علماء الشيعة حديثا عن الإمام أنه (عليه السلام) أباح الخمس لشيعته فهل رويتم عنه ذلك؟ قال: نعم إنه رخص وأباح الخمس لشيعته من ولد علي وقال: هم في حل من ذلك، قلت: وهل رخص للشيعة أن يشتروا الإماء والعبيد من سبي العامة؟ قال: نعم ومن سبي غيرهم لأنه (عليه السلام) قال: عاملوهم بما عاملوا به أنفسهم، وهاتان المسألتان زائدتان على المسائل التي سميتها لك. وقال السيد سلمه الله: إنه يخرج من مكة بين الركن والمقام في سنة وتر فليرتقبها المؤمنون، فقلت: يا سيدي قد أحببت المجاورة عندكم إلى أن يأذن الله بالفرج فقال لي: أعلم يا أخي تقدم إلي كلام بعودك إلى وطنك لا يمكنني وإياك المخالفة لأنك ذو عيال وغبت عنهم مدة طويلة ولا يجوز لك التخلف عنهم أكثر من هذا فتأثرت من ذلك وبكيت، قلت: يا مولاي وهل تجوز المراجعة في أمري؟ قال: لا، قلت: يا سيدي وهل تأذن لي أن أحكي كلما قد رأيته وسمعته؟ قال: لا بأس أن تحكي للمؤمنين لتطمئن قلوبهم إلا كيت وكيت وعين ما لا أقوله، فقلت: يا سيدي ما يمكن النظر إلى جماله وبهائه؟ قال: لا، ولكن أعلم يا أخي أن كل مؤمن مخلص يمكن أن يرى الإمام ولا يعرفه فقلت: يا سيدي أنا من جملة العبيد المخلصين ولا رأيته فقال لي: بل رأيته مرتين، منها: لما أتيت إلى سر من رأى وهي أول مرة جئتها وسبقك أصحابك وتخلفت عنهم حتى وصلت إلى نهر لا ماء فيه فحضر عندك فارس على فرس شهباء وبيده رمح طويل وله سنان دمشقي، فلما رأيته خفت على ثيابك فلما وصل إليك قال لك لا تخف أذهب إلى أصحابك فإنهم ينتظرونك تحت تلك الشجرة فاذكرني والله ما كان، فقلت قد كان ذلك يا سيدي، قال: والمرة الأخرى حين خرجت من دمشق تريد مصرا مع شيخك الأندلسي وانقطعت عن القافلة وخفت خوفا شديدا فعارضك فارس على فرس غراء محجلة، بيده رمح أيضا وقال لك: سر ولا تخف إلى قرية على يمينك ونم عند أهلها الليلة وأخبرهم بمذهبك الذي ولدت عليه ولا تتق منهم فإنهم مع قرى عديدة جنوبي دمشق مؤمنون مخلصون يدينون بدين علي بن أبي طالب والأئمة المعصومين من ذريته، أكان ذلك يا بن فاضل؟ قلت: نعم، وذهبت إلى عند أهل القرية ونمت عندهم فأعزوني وسألتهم عن مذهبهم فقالوا لي من غير تقية مني: نحن على مذهب أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمة المعصومين من ذريته، فقلت لهم: من أين لكم هذا المذهب ومن أوصله إليكم؟ قالوا: أبو ذر الغفاري (رحمه الله) حين نفاه عثمان إلى الشام ونفاه معاوية إلى أرضنا هذه فعمتنا بركته، فلما أصبحت طلبت منهم اللحوق بالقافلة فجهزوا معي رجلين ألحقاني بها بعد أن صرحت لهم بمذهبي، فقلت له: يا سيدي هل يحج الإمام في كل مدة بعد مدة؟ قال لي: يا بن فاضل الدنيا خطوة مؤمن، فكيف بمن لم تقم الدنيا إلا بوجوده ووجود آبائه، نعم يحج في كل عام ويزور آباءه في المدينة والعراق والطوس على مشرفها السلام ويرجع إلى أرضنا هذه، ثم إن السيد شمس الدين حث علي بعدم التأخير بالرجوع إلى العراق وعدم الإقامة في بلاد المغرب، وذكر لي أن دراهمهم مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله محمد بن الحسن القائم بأمر الله، وأعطاني السيد منها خمسة دراهم وهي محفوظة عندي للبركة، ثم إنه - سلمه الله - وجهني مع المراكب التي أتيت معها إلى أن وصلنا إلى تلك البلدة التي أول ما دخلتها من أرض البربر وكان قد أعطاني حنطة وشعيرا فبعتها في تلك البلدة بمائة وأربعين دينارا ذهبا من معاملة بلاد المغرب، ولم أجعل طريقي على الأندلس امتثالا لأمر السيد شمس الدين أطال الله بقاه، وسافرت منها مع الغربي إلى مكة شرفها الله تعالى وحججت وجئت إلى العراق وأريد المجاورة في الغري على مشرفيه السلام حتى الممات. قال الشيخ زين الدين علي بن فاضل المازندراني: ولم أر لعلماء الأمامية ذكرا سوى خمسة: السيد مرتضى الموسوي والشيخ أبي جعفر الطوسي ومحمد بن يعقوب الكليني وابن بابويه والشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي. هذا آخر ما سمعته من الشيخ الصالح النقي والفاضل الزكي علي بن فاضل المذكور أدام الله أفضاله وأكثر من علماء الدهر وأتقيائه أمثاله والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله على خير خلقه سيد البرية محمد وعلى آله الطاهرين المعصومين وسلم تسليما كثيرا كثيرا (5)
الهوامش
(1) كلمة فارسية الأصل، وهو المكان الذي يعد لوضع الأحذية.
(2) لم أجده في جنة المأوى.
(3) جنة المأوى: 277 الحكاية 41.
(4) الميرة: الطعام.
(5) بحار الأنوار: 52 / 159 - 174 باب 24.
******************
دعاء العهد فاكهة أخرى
في دعاء العهد وزيارته التي صدرت من الناحية المقدسة في البحار عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: من دعا إلى الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا وإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحى عنه ألف سيئة، وهو هذا: اللهم رب النور العظيم ورب الكرسي الرفيع ورب البحر المسجور ومنزل التوراة والإنجيل والزبور ورب الظل والحرور ومنزل القرآن العظيم ورب الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين، اللهم إني أسألك بوجهك الكريم وبنور وجهك المنير وملكك القديم يا حي يا قيوم أسألك باسمك الذي أشرقت به السماوات والأرضون وباسمك الذي يصلح به الأولون والآخرون يا حي قبل كل حي ويا حي بعد كل حي ويا حي حين لا حي يا محيي الموتى ومميت الأحياء يا حي لا إله إلا أنت، اللهم بلغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وعن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها سهلها وجبلها برها وبحرها وعني وعن والدي وولدي من الصلوات زنة عرش الله ومداد كلماته وما أحصاه علمه وأحاط به كتابه، اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبدا، اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين إليه في قضاء حوائجه والممتثلين لأوامره والمحامين عنه والسابقين إلى إرادته والمستشهدين بين يديه، اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي، اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني إليه وعجل فرجه وسهل مخرجه وأوسع منهجه وأسلك بي محجته وأنفذ أمره واشدد أزره وأعمر اللهم به بلادك وأحيي به عبادك فإنك قلت وقولك الحق: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) فأظهر اللهم لنا وليك وابن بنت نبيك المسمى باسم رسولك حتى لا يظفر بشيء من الباطل إلا مزقه ويحق الحق ويحققه واجعله اللهم مفزعا لمظلوم عبادك وناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك ومجددا لما عطل من أحكام كتابك ومشيدا لما ورد من أعلام دينك وسنن نبيك (صلى الله عليه وآله وسلم) واجعله اللهم ممن حصنته من بأس المعتدين، اللهم وسر نبيك محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) برؤيته ومن تبعه على دعوته وارحم استكانتنا بعده اللهم أكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحضوره وعجل لنا ظهوره إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا العجل يا مولاي يا صاحب الزمان برحمتك يا أرحم الراحمين، ثم تضرب على فخذك بيدك ثلاث مرات وتقول: العجل يا مولاي يا صاحب الزمان ثلاثا.(1) في الاحتجاج: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج توقيع من الناحية المقدسة حرسها الله - بعد المسائل -: بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمر تعقلون ولا من أوليائه تقبلون حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى: (سلام على آل يس)(2) السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته، السلام عليك يا باب الله وديان دينه، السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه، السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه، السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك، السلام عليك يا بقية الله في أرضه، السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه ووكده، السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه، السلام عليك أيها العلم المنصوب والعلم المصبوب والغوث والرحمة الواسعة وعدا غير مكذوب، السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ السلام عليك حين تصلي وتقنت السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تهلل وتكبر السلام عليك حين تحمد وتستغفر السلام عليك حين تصبح وتمسي، السلام عليك في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى، السلام عليك أيها الإمام المأمون، السلام عليك أيها المقدم المأمول، السلام عليك بجوامع السلام، اشهد لي يا مولاي(3) أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله لا حبيب إلا هو وأهله، وأشهد أن أمير المؤمنين حجته والحسن حجته والحسين حجته وعلي بن الحسين حجته ومحمد بن علي حجته وجعفر بن محمد حجته وموسى بن جعفر حجته وعلي بن موسى حجته ومحمد بن علي حجته وعلي بن محمد حجته، والحسن بن علي حجته، وأشهد أنك حجة الله أنتم الأول والآخر وأن رجعتكم حق لا شك فيها يوم لا ينفع نفسا إيمانهم(4) لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، وأن الموت حق وأن ناكرا ونكيرا حق وأشهد أن النشر والبعث حق وأن الصراط والمرصاد حق والميزان والحساب حق والجنة والنار حق، الوعد والوعيد بهما حق، يا مولاي شقي من خالفكم وسعد من أطاعكم، فاشهد علي ما أشهدتك عليه وأنا ولي لك برئ من عدوك فالحق ما ارتضيتموه والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أولكم وآخركم ونصرتي معدة لكم ومودتي خالصة لكم آمين آمين. الدعاء عقيب هذا القول: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد نبي رحمتك وكلمة نورك، وأن تملأ قلبي نور اليقين وصدري نور الإيمان وفكري نور الثبات وعزمي نور العلم وقوتي نور العمل ولساني نور الصدق وديني نور البصائر من عندك وبصري نور الضياء وسمعي نور وعي الحكمة ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله (عليهم السلام) حتى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك فتسعني رحمتك يا ولي يا حميد. اللهم صل على حجتك في أرضك وخليفتك في بلادك والداعي إلى سبيلك والقائم بقسطك والثائر بأمرك، ولي المؤمنين وبوار الكافرين ومجلي الظلمة ومنير الحق والساطع بالحكمة والصدق، وكلمتك التامة في أرضك المرتقب الخائف والولي الناصح، سفينة النجاة وعلم الهدى ونور أبصار الورى وخير من تقمص وارتدى ومجلي العمى، الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا إنك على كل شيء قدير. اللهم صل على وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم وأوجبت حقهم وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا. اللهم انصره وانتصر به لدينك وانصر به أولياءك وأولياءه وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم. اللهم أعذه من شر كل باغ وطاغ ومن شر جميع خلقك وأحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله واحرسه وامنعه من أن يوصل إليه بسوء وأحفظ فيه رسولك وآل رسولك، وأظهر به العدل وأيده بالنصر وانصر ناصريه واخذل خاذليه واقصم قاصميه واقصم به جبابرة (الكفر) الكفرة واقتل به الكفار والمنافقين وجميع الملحدين حيث كانوا من مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها واملأ به الأرض عدلا وأظهر به دين نبيك واجعلني اللهم من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته وأرني في آل محمد (عليهم السلام) ما يأملون وفي عدوهم ما يحذرون إله الحق آمين يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين.(5) وفي البحار عن السيد ابن طاووس (رحمه الله) مما يزار به مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) كل يوم بعد صلاة الفجر: اللهم بلغ مولاي صاحب الزمان صلوات الله عليه عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها حيهم وميتهم وعن والدي وولدي وعني من الصلوات والتحيات زنة عرش الله ومداد كلماته ومنتهى رضاه وعدد ما أحصاه كتابه وأحاط به علمه. اللهم أجدد له في هذا اليوم وفي كل يوما عهدا وعقدا وبيعة في رقبتي اللهم فكما شرفتني بهذا التشريف وفضلتني بهذه الفضيلة وخصصتني بهذه النعمة فصل على مولاي وسيدي صاحب الزمان واجعلني من أنصاره وأشياعه الذابين عنه واجعلني من المستشهدين بين يديه طائعا غير مكره في الصف الذي نعت أهله في كتابك فقلت *(صفا كأنهم بنيان مرصوص)(6) على طاعتك وطاعة رسولك وآله (عليهم السلام) اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة.(7) وفيه: من زيارته عجل الله فرجه زيارة يوم الجمعة وهو يومه (عليه السلام) واليوم الذي يظهر فيه عجل الله فرجه: السلام عليك يا حجة الله في أرضه، السلام عليك يا عين الله في خلقه، السلام عليك يا نور الله الذي يهتدي به المهتدون ويفرج به عن المؤمنين، السلام عليك أيها المهذب الخائف، السلام عليك أيها الولي الناصح، السلام عليك يا سفينة النجاة، السلام عليك يا عين الحياة، السلام عليك صلى الله عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين، السلام عليك عجل الله لك ما وعدك من النصر وظهور الأمر، السلام عليك يا مولاي أنا مولاك عارف بأولاك وأخراك أتقرب إلى الله تعالى بك وبآل بيتك وأنتظر ظهورك وظهور الحق على يدك وأسأل الله أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يجعلني من المنتظرين لك والتابعين لك على أعدائك والمستشهدين بين يديك في جملة أوليائك، يا مولاي يا صاحب الزمان صلوات الله عليك وعلى آل بيتك هذا يوم الجمعة وهو يومك المتوقع فيه ظهورك والفرج للمؤمنين على يدك وقتل الكافرين بسيفك وأنا يا مولاي فيه ضيفك وجارك وأنت يا مولاي كريم من أولاد الكرام مأمور بالإجارة فأضفني وأجرني صلوات الله عليك وعلى آبائك الطاهرين والحمد لله رب العالمين.(8)
الغصن السابع: في أخبار أهل السنة والجماعة بوجوده الآن غائبا وأنه سيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا،
وإن ذكرنا بعض كلماتهم في عداد المعترفين بولادته من أهل السنة والجماعة في الفرع الثالث من الغصن الخامس، ذكرنا هنا مقدار الحاجة إتماما للمرام منها: الأول: كمال الدين محمد ذكر في كتابه أبو القاسم م ح م د بن الحسن بن علي... إلى علي بن أبي طالب، المهدي الحجة الخلف الصالح المنتظر.(9) الثاني: محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد ذكر تاريخ ولادة أبي محمد ووفاته، وصف ابنه وهو الإمام المنتظر(10) (وفي) كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان بعد ذكر الأئمة من ولد علي (عليه السلام): وخلف - يعني علي الهادي - من الولد أبا محمد الحسن ابنه ثم ذكر تاريخ ولادته ووفاته وقال: ابنه وهو الحجة الإمام المنتظر وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وخوف السلطان. والباب الرابع والعشرون في الدلالة على جواز بقاء المهدي مذ غيبته حيا إلى الآن وأنه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى ابن مريم والخضر والالياس من أولياء الله وبقاء الأعور الدجال وإبليس اللعين من أعداء الله قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنة، إلى أن يقول: وأما بقاء المهدي فقد جاء في الكتاب والسنة، أما الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(11) قال: هو المهدي من ولد فاطمة.
أما من قال بأنه عيسى فلا تنافي بين القولين، إذ هو مساعد للمهدي على ما تقدم.(12) إلى آخر كلامه (الذي) ذكرناه مفصلا في الفرع الثاني من الغصن الرابع في ذكر المعمرين.(13) الثالث: سبط ابن الجوزي شمس الدين يوسف بن قزعلي بن عبد الله البغدادي الحنفي سبط العالم الواعظ أبي الفرج عبد الرحمن بن جوزي في آخر كتابه الموسوم بتذكرة الخواص بعد ترجمة العسكري ذكر أولاده منهم م ح م د الإمام بن الحسن بن علي... إلى علي بن أبي طالب، وكنيته أبو عبد الله وأبو القاسم وهو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم والمنتظر والتالي وهو آخر الأئمة.(14) الرابع: الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي في الفتوحات: لا بد من خروج المهدي (عليه السلام) لكنه لا يخرج حتى تمتلي الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ولد فاطمة جده الحسين بن علي ووالده الحسن العسكري بن الإمام علي النقي إلى أن يقول: يضع الجزية على الكفار ويدعو إلى الله بالسيف ويرفع المذاهب عن الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء، أهل الاجتهاد، لما يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه إلى أن يقول: ولولا أن السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ولكن الله يظهره بالسيف والكرم، إلى آخر كلامه (وقد) ذكرنا في الفرع الثالث من الغصن السابع في أخبار أهل العرفان والحساب والكهنة بظهوره وعلائمه تمام كلماته.(15) الخامس: الشيخ العارف عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه المسمى باليواقيت في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حق لا بد أن تقع كلها قبل قيام الساعة وذلك كخروج المهدي (عليه السلام) ثم الدجال ثم نزول عيسى، إلى أن قال: إلى انتهاء الألف ثم تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريبا كما بدئ، وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر فهناك يترقب خروج المهدي وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ومولده (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وسبعمائة وثلاث سنين.(16) السادس: نور الدين علي بن محمد بن صباغ المالكي في الفصول المهمة: أبو القاسم الحجة الخلف الصالح ابن أبي محمد الحسن الخالص إلى أن يقول: إن له غيبتين إحداهما أطول من الأخرى والتمسك بالآيات والأخبار.(17) السابع: شهاب الدين المعروف بملك العلماء شمس الدين بن عمر الهندي صاحب تفسير البحر المواج في كتابه الموسوم ب‍ هداية السعداء عن جابر بن عبد الله دخلت على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين يديها ألواح فيها أسماء أئمة ولدها، إلى أن قال: أولهم زين العابدين - أي التسعة من ولد الحسين (عليهم السلام) - والثاني الإمام محمد الباقر، إلى أن قال: والتاسع الإمام حجة الله القائم الإمام المهدي ابنه، وهو غائب وله عمر طويل كما بين المؤمنين عيسى والياس وخضر وفي الكافرين الدجال والسامري.(18) الثامن: الشيخ العالم المحدث علي المتقي بن حسام الدين بن القاضي عبد الملك بن قاضي خان القرشي من كبار العلماء وقد مدحوه في التراجم في كتابه البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: لصاحب هذا الأمر - يعني المهدي - غيبتان إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم ذهب لا يطلع على موضعه أحد من ولي.(19) وفي كتابه المرقاة في بيان الاثني عشر: محمد المهدي بن الحسن العسكري (عليهما السلام).(20) التاسع: العالم المعروف فضل بن روزبهان عند شرح قول العلامة في نهج الحق: المطلب في زوجته وأولاده إلى أن يقول: نعم ما قلت فيهم منظوما: سلام على المصطفى المجتبى * سلام على السيد المرتضى إلى أن يقول: سلام على السيد العسكري * إمام يجهز جيش الصفا سلام على القائم المنتظر * أبي القاسم العرم نور الهدى سيطلع كالشمس في غاسق * ينجيه من سيفه المنتقى ترى يملأ الأرض من عدله * كما ملئت جور أهل الهوى سلام عليه وآبائه * وأنصاره ما تدوم السما فنص من غير تردد أن المهدي الموعود القائم المنتظر هو الثاني عشر من هؤلاء الأئمة.(21) العاشر: عن عبد الله بن محمد المطري عن الإمام جمال الدين السيوطي في رسالة إحياء الميت بفضائل أهل البيت أن من ذرية الحسين بن علي المهدي (عليه السلام) المبعوث في آخر الزمان، إلى أن قال: الحادي عشر ابنه محمد القائم المهدي وقد سبق النص عليه في ملة الإسلام من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو صاحب السيف القائم المنتظر إلى آخر ما قال.(22)
فاكهة ثالثة
في البحار عن الكافي عن حسن بن راشد عن أبي إبراهيم (عليه السلام) يقول: لما احتفر عبد المطلب زمزم وانتهى إلى قعرها خرجت عليه من أحد جوانب البئر رائحة منتنة أقطعته وأبى أن ينثني، وخرج ابنه الحارث عنه ثم حفر حتى أمعن فوجد في قعرها عينا تخرج عليه برائحة المسك، ثم احتفر فلم يحفر إلا ذراعا حتى تجلاه النوم فرأى رجلا طويل الباع حسن الشعر جميل الوجه جيد الثوب طيب الرائحة يقول: احفر تغنم وجد تسلم ولا تدخرها للمقسم، الأسياف لغيرك والبئر لك، أنت أعظم العرب قدرا ومنك يخرج نبيها ووليها والأسباط والنجباء والحكماء العلماء البصراء والسيوف لهم وليس اليوم منك ولا لك ولكن في القرن الثاني منك، بهم يطهر الأرض ويخرج الشياطين من أقطارها ويذلها في عزها ويهلكها بعد قوتها ويذل الأوثان ويقتل عبادها حيث كانوا، ثم يبقى بعده نسل من نسل هو أخوه ووزيره ودونه في السن وقد كان القادر على الأوثان لا يعصيه حرفا ولا يكتمه شيئا ويشاوره في كل أمر هجم عليه واستعيى(23) عنها عبد المطلب فوجد ثلاثة عشر سيفا مسندة إلى جنبه فأخذها وأراد أن يبث(24) فقال: وكيف ولم أبلغ الماء ثم حفر ولم يحفر شبرا حتى بدا له قرن الغزال ورأسه واستخرجه، وفيه طبع لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله فلان خليفة الله فسألته وقلت: فلان متى كان قبله أو بعده؟ قال: لم يجئ بعد وإلا جاء شيء من أشراطه، فخرج عبد المطلب وقد استخرج الماء وأدرك وهو يسعد فإذا أسود له ذنب طويل يسبقه بدارا إلى فوق فضربه فقطع أكثر ذنبه ثم طلبه ففاته وفلان قاتله إن شاء الله ومن رأى عبد المطلب أن يبطل الرؤيا التي رآها في البئر ويضرب السيوف مفاتيح للبيت فأتاه الله بالنوم فغشيه في حجر الكعبة فرأى ذلك الرجل بعينه وهو يقول: يا شيبة الحمد احمد ربك فإنه سيجعلك لسان الأرض ويتبعك قريش خوفا ورهبة وطمعا، ضع السيوف في مواضعها، فاستيقظ عبد المطلب فأجابه أن يأتيني في النوم فإن يكن من ربي فهو أحب إلي وإن يكن من شيطان فأظنه مقطوع الذنب فلم ير شيئا ولم يسمع كلاما، فلما أن كان الليل أتاه في منامه بعدة من رجال وصبيان فقالوا: نحن أتباع ولدك ونحن من سكان السماء السادسة، السيوف ليست لك فتزوج في مخزوم تقوي واضرب بعد في بطون العرب، فإن لم يكن معك مال فلك حسب فادفع هذه الثلاثة عشر سيفا إلى ولد المخزومية ولا يبال لك أكثر من هذا، وسيف لك من هذا واحد يقع من يدك فلا تجد له أثرا إلا أن يسجنه جبل كذا وكذا فيكون من أشراط قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فانتبه عبد المطلب وانطلق والسيوف على رقبته فأتى ناحية من نواحي مكة ففقد منها سيفا كان أرقها عنده فيظهر من ثم، ثم دخل معتمرا فطاف بها على رقبته والغزالين أحد عشر طوافا وقريش تنظر إليه وهو يقول: اللهم صدق وعدك فاثبت لي قولي وانشر ذكري وشد عضدي، وكان هذا ترداد كلامه وما طاف حول البيت بعد رؤياه في البئر ببيت شعر حتى مات، ولكن قد ارتجز على بنيه يوم أراد نحر عبد الله فدفع الأسياف جميعها إلى بني المخزومية إلى الزبير وإلى أبي طالب وإلى عبد الله فصار لأبي طالب من ذلك أربعة أسياف سيف لأبي طالب وسيف لعلي وسيف لجعفر وسيف لطالب، وكان للزبير سيفان وكان لعبد الله سيفان ثم عادت فصار لعلي الأربعة الباقية اثنتين من فاطمة واثنتين من أولادها فطاح سيف جعفر يوم أصيب فلم يدر في يد من وقع حتى الساعة، ونحن نقول لا يقع سيف من أسيافها في يد غيرنا إلا رجل يعين به معنا إلا صار فحما قال: وإن لواحد في ناحية يخرج كما تخرج الحية فيبين منه ذراع وما يشبهه فتبرق له الأرض مرارا ثم يغيب فإذا كان الليل فعل مثل ذلك فهذا دأبه حتى يجئ صاحبه ولو شئت أن أسمي مكانه لسميته ولكن أخاف عليكم من أن أسميه فتسموه فينسب إلى غير ما هو عليه.(25)
أقول: حتى تجلاه النوم أي: غلب عليه وجل أي: لا تدخر تبر الذهب، واسقيا عنها تحير، وأراد أن يثب أي: يذكر خبر الرؤيا أو يفرق السيوف على الناس فأخره فلان خليفة الله أي: القائم (عليه السلام)، والأسود لعله كان الشيطان، والقائم يقتله ويضرب السيوف صفايح البيت، وفي بعض النسخ مفاتيح أي يجاهد المشركين فيستولي عليهم ويخلص البيت من أيديهم، واحزب بعد بطون العرب أي: تزوج بعد فاطمة المخزومية في أي بطن منهم شئت، والحاصل أنك لا بد لك من أن تتزوج في بني مخزوم ليحصل والد النبي والأوصياء ويرثوا السيوف وأما سائر القبائل فالأمر إليك، يسجنه أي: يخفيه ويستره، يظهر من ثم - أي زمن القائم - من هذا الموضع الذي - أو من الجبل الذي - قدم ذكره إلا صار فحما أي يسود ويبطل.
الغصن الثامن: في علائم ظهور القائم من آيات القرآن وأخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين وأهل العرفان والحساب والكهنة من الخاصة والعامة
وفيه فروع:
الفرع الاول: علامات الظهور / الآيات
الآية الأولى: من سورة البقرة قوله تعالى: *(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)(26) عن الإكمال عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن لقيام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين قلت: وما هي جعلني الله فداك؟ قال (عليه السلام): قول الله عز وجل (ولنبلونكم) يعني المؤمنين قبل خروج القائم (بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين) قال: نبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم ونقص من الأموال قال: كساد التجارات وقلة الفضل ونقص من الأنفس قال: موت ذريع ونقص من الثمرات: قلة ريع ما يزرع، وبشر الصابرين عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عج).(27)
الآية الثانية: من سورة آل عمران قوله تعالى: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب)(28) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تمضي الأيام والليالي حتى ينادي مناد من السماء يا أهل الحق اعتزلوا يا أهل الباطل اعتزلوا، فيعزل هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء قلت: أصلحك الله يخالط هؤلاء وهؤلاء بعد ذلك النداء؟ قال: كلا إنه يقول في الكتاب: (ما كان الله ليذر) الآية.(29)
الآية الثالثة: من سورة النساء قوله تعالى: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها)(30) عن أبي جعفر (عليه السلام) لجابر الجعفي: ألزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك وما أراك تدرك ذلك ولكن حدث به بعدي - وساق الحديث إلى آخره: ولا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب وفيهم نزلت هذه الآية (يا أيها الذين) الآية.(31)
الآية الرابعة: من سورة الأنعام (ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده)(32) عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنهما أجلان أجل محتوم وأجل موقوف. قال له حمران: ما المحتوم؟ قال: الذي لا يكون غيره، قال: وما الموقوف؟ قال: هو الذي لله فيه المشية، قال حمران: إني لأرجو أن يكون السفياني من الموقوف فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا والله إنه من المحتوم.(33)
الآية الخامسة: قوله تعالى: (قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون)(34) عن القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: (إن الله قادر على أن ينزل آية) وسيريك في آخر الزمان آيات منها دابة الأرض والدجال ونزول عيسى بن مريم وطلوع الشمس من مغربها.(35)
الآية السادسة: *(قل هو القادر على أن يبعث)* إلى *(لعلهم يفقهون)(36) عن القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: *(هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم)* هو الدجال والصيحة *(أو من تحت أرجلكم)* وهو الخسف *(أو يلبسكم شيعا)* وهو اختلاف في الدين وطعن بعضكم على بعض *(ويذيق بعضكم بأس بعض)* وهو أن يقتل بعضكم بعضا وكل هذا في أهل القبلة بقول الله *(انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون).(37)
الآية السابعة: من سورة يونس قوله تعالى: *(قل أرأيتم إن آتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون)(38) عن أبي جعفر (عليه السلام): فهو عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم.(39)
الآية الثامنة: من سورة يونس (عليه السلام) قوله تعالى: *(حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها اتيها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون)(40) عن غيبة النعماني عن محمد بن بشير قال: سمعت محمد بن الحنفية أن قبل رايتنا راية لآل جعفر وأخرى لآل مرداس بنو مرداس كناية عن بني العباس فأما راية آل جعفر فليست بشيء ولا إلى شيء، فغضبت وكنت أقرب الناس إليه فقلت: جعلت فداك أن قبل راياتكم؟ قال: إي والله أن لبني مرداس ملكا موطدا لا يعرفون في سلطانهم شيئا من الخير، سلطانهم عسر ليس فيه يسر، يدنون فيه البعيد ويقصون فيه القريب حتى إذا أمنوا مكر الله وعقابه صيح بهم صيحة لم يبق لهم مناد يسمعهم ولا جماعة يجتمعون إليها وقد ضربهم الله مثلا في كتابه *(حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا)* الآية، ثم حلف محمد بن الحنفية بالله أن هذه الآية نزلت فيهم فقلت: جعلت فداك لقد حدثتني عن هؤلاء بأمر عظيم فمتى يهلكون؟ فقال: ويحك يا محمد إن الله خالف علمه علم الموقتين، وإن موسى وعد قومه وكان في علم الله زيادة عشرة أيام لم يخبر بها موسى فكفر قومه واتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت، وإن يونس وعد قومه العذاب وكان في علم الله أن يعفو عنهم وكان من أمره ما قد علمت، ولكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت وقال الرجل بت بغير عشاء حتى يلقاك الرجل بوجه ثم يلقاك بوجه آخر قلت هذه الحاجة قد عرفتها والأخرى أي شيء هي حتى يلقاك بوجه طلق فإذا جئت تستقرضه قرضا لقيك بغير ذلك الوجه فعند ذلك تقع الصيحة من قريب.(41)
الآية التاسعة: قوله تعالى: *(أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون)(42) في روضة الكافي عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يوبخوننا ويكذبوننا أنا نقول: صيحتان تكونان، يقولون: من أين يعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟ قال: فماذا تردون عليهم؟ قلت: ما نرد عليهم شيئا، قال: قولوا: يصدق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل، إن الله عز وجل يقول *(أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون).(43)
الهوامش
(1) بحار الأنوار: 102 / 112 ح 2 باب 7.
(2) الصافات، الآية: 130.
(3) في المصور: أشهدك يا مولاي.
(4) في المصدر إيمانها.
(5) الاحتجاج: 494 ذكر طرف مما خرج عنه من المسائل الفقهية.
(6) سورة الصف: 4.
(7) بحار الأنوار: 102 / 111 ح 2 باب 7.
(8) بحار الأنوار: 102 / 216 ح 1 باب 9.
(9) كمال الدين: 441 ح 13 ب 43.
(10) كفاية الطالب: 458 ذيل الباب الثامن.
(11) سورة الصف، الآية: 9.
(12) البيان: 148.
(13) في الجزء الأول.
(14) تذكرة الخواص: 325 فصل ذكر الحجة.
(15) الفتوحات المكية: 3 / 419 باب 366 ط. بولاق - مصر، واليواقيت والجواهر: 422 - 423.
(16) اليواقيت والجواهر: 422 المبحث الخامس والستون.
(17) الفصول المهمة: 281 - 293 الفصل الثاني عشر.
(18) في مقدمة غيبة النعماني اسمه: شهاب الدين آبادي: 15 وكذا في الغدير: 6 / 68، وحديث اللوح ذكره جملة من العلماء، راجع: كشف الغمة: 3 / 246، وفرائد السمطين: 2 / 136 ح 432.
(19) راجع معجم أحاديث المهدي 2 / 465. أقول: في البرهان المطبوع لا يوجد الحديث، نعم، ذكر عدة أحاديث حول المهدي (عليه السلام) في الباب الأول في الكرامات.
(20) أقول: مرقاة المفاتيح لعلي القاري وقد ذكر ذلك في كتابه ص 179.
(21) كتاب جهارده معصوم: 31 المقدمة.
(22) أقول: في رسالة إحياء الميت للسيوطي المطبوعة بهامش كتاب الإتحاف بحب الأشراف (ط. مصر الأدبية) لا يوجد كلام عن الإمام المهدي (عليه السلام) فتأمل!.
(23) أي عجز ولم يهتد لوجهه.
(24) أي ينشر ويذكر خبر الرؤيا فكتمه، وفي بعض النسخ: يئب.
(25) الكافي: 4 / 220 ح 7 وبحار الأنوار: 15 / 167 ح 96 باب 1.
(26) سورة البقرة: 155.
(27) كمال الدين: 649 ح 3 باب 57.
(28) سورة آل عمران: 179.
(29) تفسير العياشي: 1 / 207 سورة آل عمران: 179.
(30) سورة النساء: 47.
(31) كتاب الغيبة للنعماني: 279.
(32) سورة الأنعام: 2.
(33) غيبة النعماني: 301.
(34) سورة الأنعام: 37.
(35) غيبة الشيخ: 436.
(36) سورة الأنعام: 65.
(37) تفسير القمي: 2 / 204.
(38) سورة يونس: 50.
(39) تفسير القمي: 1 / 312 وتفسير البرهان: 2 / 187 ح 2.
(40) سورة يونس: 24.
(41) غيبة النعماني: 290 باب ما جاء في المنع عن التوقيت.
(42) سورة يونس: 35.
(43) الكافي: 1 / 202 ح 1 والآية في سورة يونس: 35.
******************
الآية العاشرة: من النحل قوله تعالى: *(أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين)(1) في كتاب المحجة وعن البحار والعوالم عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: الزم الأرض ولا تحركن يدك ولا رجلك أبدا حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة وتر، وترى مناديا ينادي بدمشق، وخسف بقرية من قراها، وتسقط طائفة من مسجدها فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلنت الترك حتى نزلت الجزيرة وأقبلت الروم حتى نزلت الرملة، وهي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب، وأن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: الأصهب والأبقع والسفياني مع بني ذنب الحمار مضر، ومع السفياني أخواله كلب، يظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى *(فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم)(2) ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وشيعتهم فيبعث بعثا إلى الكوفة فيصاب بأناس من شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالكوفة قتلا وصلبا، وتقبل راية من خراسان حتى تنزل ساحل الدجلة، يخرج رجل من الموالي ضعيف ومن تبعه فيصاب بظهر الكوفة ويبعث بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا ويهرب المهدي والمنصور منها ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحد إلا حبس، ويخرج الجيش في طلب الرجلين ويخرج المهدي (عج) منها على سنة موسى خائفا يترقب حتى يقدم مكة ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء وهو جيش الهملات وخسف بهم فلا يفلت منهم إلا مخبر، فيقوم القائم (عج) بين الركن والمقام فيصلي وينصرف ومعه وزيره فيقول: يا أيها الناس إنا نستنصر الله على من ظلمنا وسلب حقنا من يحاجنا في الله فإنا أولى الناس بالله، ومن يحاجنا في آدم فإنا أولى الناس بآدم، ومن حاجنا في نوح، فإنا أولى الناس بنوح ومن حاجنا في إبراهيم فإنا أولى الناس بإبراهيم (عليه السلام)، ومن حاجنا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن حاجنا في النبيين فنحن أولى الناس بالنبيين، ومن حاجنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله، إنا نشهد وكل مسلم اليوم أنا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا. إنا نستغفر الله اليوم وكل مسلم، ويجئ والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضا وهي الآية التي قال الله تعالى: *(أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير)(3) فيقول رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرج منها وهي القرية الظالمة أهلها ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله ورأيته وسلاحه ووزيره معه، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كلهم، اسمه اسم نبي ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله ورأيته وسلاحه والنفس الزكية من ولد الحسين (عليه السلام) فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره، وإياك وشذاذ من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين (عليه السلام) معه عهد نبي الله ورأيته وسلاحه فإن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ثم صار عند محمد بن علي ويفعل الله ما يشاء، فألزم هؤلاء أبدا وإياك ومن ذكرت لك فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ومعه راية رسول الله عامدا إلى المدينة حتى يمر بالبيداء حتى يقول هذا مكان القوم الذي يخسف بهم وهي الآية التي قال الله *(أفأمن الذين مكروا)(4) إلى *(فما هم بمعجزين)(5) فإذا قدم المدينة أخرج محمد بن الشجري على سنة يوسف، ثم يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء الله أن يمكث حتى يظهر عليها، ثم يسير حتى يأتي العذرا هو ومن معه وقد لحق به الحائري ناس كثير والسفياني يومئذ بوادي الرملة حتى إذا التقوا وهم يوم الأبدال قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يقتل يومئذ السفياني ومن معه حتى لا يترك منهم فجر، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب، ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها فلا يترك عبدا مسلما إلا اشتراه وأعتقه ولا غارما إلا قضى دينه ولا مظلمة لأحد من الناس إلا ردها ولا يقتل منهم عبد إلا أدى ثمن دية مسلمة إلى أهلها ولا يقتل قتيل إلا قضى عنه دينه وألحق عياله في العطاء حتى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وعدوانا ويسكن هو وأهل بيته الرحبة والرحبة، إنما كان مسكن نوح وهي أرض طيبة ولا يسكن رجل من آل محمد ولا يقتل إلا بأرض طيبة زاكية فهم الأوصياء الطيبون.(6)
الآية الحادية عشرة: من سورة الرعد قوله تعالى: *(شديد المحال)(7) عن غيبة النعماني عن علي (عليه السلام) أن بين يدي القائم (عج) سنين خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويقرب فيها الماحل ويتعلق فيها الرويبضة قلت: وما الرويبضة وما الماحل؟ قال: أما تقرأون قوله *(وهو شديد المحال)* قال: قلت: وما المحال؟ قال: يريد المكار.(8)
الآية الثانية عشرة: من سورة بني إسرائيل قوله تعالى: *(ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)(9) عن كتاب سرور أهل الإيمان وفي البحار عن أصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول للناس: سلوني قبل أن تفقدوني لأني بطرق السماء أعلم من العلماء وبطرق الأرض أعلم من العالم، أنا يعسوب الدين أنا يعسوب المؤمنين وإمام المتقين وديان الناس يوم الدين، أنا قاسم النار وخازن الجنان وصاحب الحوض والميزان وصاحب الأعراف فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته وذلك قوله تعالى: *(إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)* ألا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فتشغر(10) برجلها فتنة شرقية وتطأ في حطامها بعد موتها وحيلتها وتشب نار بالحطب الجزل من غربي الأرض رافعة ذيلها تدعو يا ويلها الرحلة ومثلها فإذا استدار الفلك قلتم: مات أو هلك بأي واد سلك هذه الآية *(ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)* ولذلك آيات أولهن أحصار الكوفة بالرصد والخندق وتخريق الزوايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة وكشف الهيكل وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتز، القاتل والمقتول في النار، وقتل سريع وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين والمذبوح بين الركن والمقام وقتل الأشقع صبرا في بيعة الأصنام وخروج السفياني براية حمراء أميرها رجل من بني كلب، واثنا عشر ألف عنان من خيل السفياني يتوجه إلى مكة والمدينة، أميرها رجل من بني أمية يقال له حزيمة، أطمس العين الشمال على عينه ظفرة غليظة، يتمثل بالرجال، لا ترد له راية حتى ينزل المدينة في دار يقال لها دار أبي الحسن الأموي، ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة، يعود إلى مكة، أميرها رجل من غطفان إذا توسط القاع الأبيض خسف بهم فلا ينجو إلا رجل يحول الله وجهه إلى قفاه لينذرهم ويكون آية لمن خلفهم ويومئذ تأويل هذه الآية *(ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب)(11) ويبعث مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة وينزلون الروحا والفاروق فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود بالنخيلة فيهجمون إليهم يوم الزينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة ويقتل على جسرها سبعون ألفا حتى تحمى الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد ويسبى من الكوفة سبعون ألف بكر لا يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل ويذهب بهن إلى الثوية وهي الغري، ثم يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق حتى يقدموا دمشق لا يصدهم عنها صاد وهي إرم ذات العماد، وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير، مختوم في رأس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأزفر يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم، فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني تستبقان كأنهما فرسي رهان، شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح، إذا نظرت أخذهم برجله باطنه فيقول: لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون، وهم الأبدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز *(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)(12) ونظراؤهم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب للإمام فيكون أول النصارى إجابة فيهدم بيعته ويدق صليبه فيخرج بالموالي وضعفاء الناس فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى فيكون مجمع الناس جميعا في الأرض كلها بالفاروق، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية *(فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين)(13) بالسيف، وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي مناد من قبل المغرب بعدما يغيب الشفق: يا أهل الباطل اجتمعوا، ومن الغد عند الظهر تتلون الشمس (و) تصغر فتصير سوداء مظلمة، ويوم الثالث يفرق الله بين الحق والباطل وتخرج دابة الأرض وتقبل الروم إلى ساحل البحر عند كهف الفتية فيبعث الله الفتية من كهفهم مع كلبهم، منهم رجل يقال له تمليخا وآخر حملاها وهما الشاهدان المسلمان للقائم (عج).(14)
الآية الثالثة عشرة: من سورة النحل قوله تعالى: *(وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون)(15) عن غيبة النعماني عن عباية بن ربعي قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنا خامس خمسة وأصغر القوم سنا فسمعته يقول: حدثني أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إني خاتم ألف نبي وإنك خاتم ألف وصي وكلفت ما لم يكلفوا فقلت: ما أنصفك القوم يا أمير المؤمنين، فقال: ليس حيث تذهب يا بن أخي والله لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري وغير محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنهم ليقرأون منها آية في كتاب الله عز وجل وهي *(وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون)* وما يتدبرونها حق تدبرها. ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: قتل نفس حرام في يوم حرام في بلد حرام عن قوم قريش والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة، قلنا: هل قبل هذا من شيء أو بعده من شيء؟ فقال: صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها.(16)
الآية الرابعة عشرة: من سورة العنكبوت قوله تعالى: *(ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)(17) روى المفيد في الإرشاد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: لا يكون ما تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا فلا يبقى منكم إلا ندر ثم قرأ قوله: *(ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)* ثم قال: من علامات الفرج حدث يكون بين المسجدين ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب.(18)
الآية الخامسة عشرة: في سورة النور قوله تعالى: *(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)(19) في غيبة النعماني عن أبي عبد الله (عليه السلام): إذا كان ليلة الجمعة أهبط الرب تعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) منابر من نور فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة والنبيون والمؤمنون وتفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رب ميعادك الذي وعدت في كتابك *(وعد الله الذين آمنوا)* الآية، ويقول الملائكة والنبيون مثل ذلك، ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) سجدا ثم يقولون: يا رب اغضب فإنه قد هتك حريمك وقتل أصفياؤك وأذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء وذلك يوم معلوم.(20)
الآية السادسة عشرة: في سورة سبأ قوله تعالى: *(ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد)(21) في كتاب المحجة للسيد هاشم البحراني برد الله مضجعه عن أبي جعفر (عليه السلام): يكون لصاحب هذا الأمر غيبة وذكر حديثا طويلا يتضمن غيبته وظهوره، إلى أن قال: فيدعو الناس - يعني القائم - إلى كتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) والبراءة من عدوه ولا يسمي أحدا حتى ينتهي إلى البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله فتأخذهم من تحت أقدامهم، وهو قول الله تعالى: *(ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به)* يعني بقائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آخر السورة، فلا يبقى منهم إلا رجلان يقال (لهم) وتر ووتيرة من وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقرى فيخبران الناس بما فعل بأصحابهم. والحديث طويل اكتفينا منه بقدر الحاجة.(22)
الآية السابعة عشرة: في سورة حم السجدة، قوله تعالى: *(لنذيقنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا)(23) في غيبة النعماني عن الصادق (عليه السلام) قول الله تعالى: *(عذاب الخزي)* ما هو عذاب خزي في الدنيا؟ فقال: أي خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وأصحابه وعلى إخوانه وسط عياله إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مسخ فلان الساعة، فقلت: قبل قيام القائم (عج) أو بعده؟ قال: لا، بل قبله.(24)
الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى: *(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم الحق)(25) في غيبة النعماني سئل الباقر (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية فقال: يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق، وقوله: *(حتى يتبين لهم أنه الحق)* يعني بذلك خروج القائم هو الحق من الله عز وجل يراه (هذ) الخلق لا بد منه.(26)
الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع)(27) قال: تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية يعني حتى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتى تمر بثقيف ولا تدع وترا لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أحرقته وذلك قبل خروج القائم عجل الله تعالى فرجه.(28)
الفرع الثاني: علائم الظهور / الأحاديث
إخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) بعلامات الظهور
في عمدة ابن بطريق عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة، قالوا: كيف إضاعتها يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة.(29) (وفيه) عن بشر بن جابر قال: ماجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجير فقال: يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، قال: فقعد وكان متكيا فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام عدوا يجمعون لأهل الشام يجمع لهم أهل الإسلام قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، قال: وتكون عند ذالكم القتال ردة شديدة فتشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلى غالبة فيقتلون حتى يمسوا فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم تشترط المسلمون شرطة للموت فلا ترجع إلا غالبة فيقتلون حتى يمسوا فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدائرة عليهم فيقتلون مقتلة، إما قال: لا يرى مثلها، وإما قال: لا يرى منها (30) حتى أن الطائر ليمر بجنباتهم فما يلحقهم (31) حتى يخر ميتا فيتعاذ بنو الأب وكانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو بأي ميراث يقاسم. قال: فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هم أكثر من ذلك فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ديارهم فيرفضون ما في أيديهم فيقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وأسماء خيولهم، هم خير الفوارس على ظهر الأرض أو من خير الفوارس على ظهر الأرض.(32) وفي الدر النظيم عن الصادق (عليه السلام): عام الفتح ينشق الفرات حتى يدخل على أزقة الكوفة وفيه عن سلمان الفارسي: أتيت عليا فقلت: يا أمير المؤمنين متى يظهر القائم من ولدك؟ فتنفس الصعداء، وقال: لا يظهر القائم حتى يكون أمر الصبيان وتضييع حقوق الرحمن والتغني بالقرآن.(33) وفي العوالم عن ابن عقدة عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إذا ظهرت بيعة الصبي قام كل ذي صيصية بصيصيته.(34) أقول: الصيصية شوكة الديك وقرن البقر والظباء.(35) (وفيه) عن معروف بن خربوذ قال: ما دخلنا على أبي جعفر قط إلا قال: خراسان خراسان، سجستان سجستان كأنه يبشرنا بذلك.(36) (وفيه) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ظهور البواسير وموت الفجأة والجذام من اقتراب الساعة.(37) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: توقعوا الصوت يأتيكم بغتة من قبل دمشق (فيه) لكم فرج عظيم.(38) وفي الصراط المستقيم عن حذيفة وجابر: هبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبشره بأن القائم من ولده لا يظهر حتى تملك الكفار الأنهر الخمسة: سيحون وجيحون والفراتين والنيل، ينصر الله أهل بيته على الضلال فلا ترفع لهم راية إلى يوم القيامة.(39) (وفيه) سئل الصادق (عليه السلام) عن ظهوره فقال: إذا حكمت في الدولة الخصيان والنسوان وأخذت الإمارة الشبان والصبيان وخرب جامع الكوفة من العمران وانعقدت الجيران فذلك الوقت زوال ملك بني عمي العباس وظهور قائمنا أهل البيت.(40) (وفيه) أن عليا قال: إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء بنجفكم فتوقعوا ظهوره.(41) (وفيه) عن كتاب عبد الله بن بشار رضيع الحسين (عليه السلام): إذا أراد الله أن يظهر قائم آل محمد بدأ الحرب من صفر إلى صفر وذلك أوان خروج المهدي.(42) (وفيه) عن زين العابدين (عليه السلام): إذا ملأ نجفكم هذا السيل والمطر وظهرت النار في الحجاز والمدر وملكت بغداد التتر فتوقعوا ظهور القائم المنتظر.(43) وفي غيبة النعماني عن أبي عبد الله (عليه السلام): لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس.(44) وفي البحار عن جابر بن عبد الله عن أنس بن مالك وكان خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لما رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) من قتال أهل نهروان نزل براثا وكان بها راهب في قلايته(45) وكان اسمه الحباب، فلما سمع الراهب صيحة العسكر أشرف من قلايته إلى الأرض فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين فاستفظع ذلك (و) نزل مبادرا فقال: من هذا ومن رئيس العسكر؟ فقيل: هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد رجع من قتال أهل نهروان فجاء الحباب مبادرا يتخطى الناس حتى وقف على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين حقا حقا فقال له: وما علمك بأني أمير المؤمنين حقا حقا؟ قال له: بذلك أخبر علماؤنا وأحبارنا، فقال (عليه السلام) له: يا حباب، فقال الراهب: وما علمك باسمي؟ فقال (عليه السلام): أعلمني بذلك حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له الحباب: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك علي بن أبي طالب ووصيه، فقال له أمير المؤمنين: وأين تأوي؟ فقال: أكون في قلاية لي هاهنا فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): بعد يومك هذا لا تسكن فيها ولكن ابن هاهنا مسجدا وسمه باسم بانيه، فبناه رجل اسمه براثا فسمي المسجد براثا باسم الباني له ثم قال: ومن أين تشرب يا حباب؟ فقال: يا أمير المؤمنين من دجلة هاهنا، قال: فلم لا تحفر هاهنا عينا أو بئرا؟ فقال له: يا أمير المؤمنين كلما حفرنا بئرا وجدناها مالحة غير عذبة، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): احفر هاهنا فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها فقلعها أمير المؤمنين (عليه السلام) فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذ من الزبد، فقال له: يا حباب يكون شربك من هذه العين أما أنه يا حباب ستبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة تكثر الجبابرة فيها وتعظم البلاء حتى أنه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فإذا عظم بلاؤهم سدوا على مسجدك بقنطرة(46) ثم بنوه(47) (مرتين) لا يهدمه إلا كافر، فإذا فعلوا ذلك منعوا الحج ثلاث سنين واحترقت خضرهم وسلط الله عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلدا إلا أهلكه وأهلك أهله، ثم ليعود عليهم مرة أخرى ثم يأخذهم القحط والغلاء ثلاث سنين حتى يبلغ بهم الجهد ثم يعود عليهم ثم يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلا سخطها وأهلك وأسخط أهلها، وذلك إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع فعند ذلك يكون هلاك البصرة ثم يدخل مدينة بناها الحجاج يقال لها واسط فيفعل مثل ذلك ثم يتوجه نحو بغداد فيدخل عفوا ثم يلتجئ الناس إلى الكوفة ولا يكون بلد من الكوفة توشوش له الأمر، ثم يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري فيلقاهما السفياني فيهزمهما ثم يقتلهما، ويتوجه جيش نحو الكوفة فيستعبد بعض أهلها ويجئ رجل من أهل الكوفة فيلجئهم إلى سور فمن لجأ إليها أمن، ويدخل جيش السفياني إلى الكوفة فلا يدعون أحدا إلا قتلوه وأن الرجل منهم ليمر بالدرة (الدرة بالكسر آلة يضرب بها) المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها ويرى الصبي الصغير فيلحقه فيقتله، فعند ذلك يا حباب يتوقع بعدها هيهات هيهات وأمور عظام وفتن كقطع الليل فاحفظ عني ما أقول لك.(48) وفي غيبة النعماني عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال لي أبي - يعني الباقر (عليه السلام) -: لا بد لنا من أذربيجان، لا يقوم لها شيء فإذا كان ذلك فكونوا جلاس بيوتكم والبدوا ما لبدنا والنداء بالبيداء، فإذا تحرك متحرك فاسعوا إليه ولو حبوا، والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد، على العرب شديد، قال: وويل للعرب من شر قد اقترب.(49) (وفيه) عنه (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم فقال الحسين (عليه السلام): يا أمير المؤمنين متى يطهر الله الأرض من الظالمين؟ فقال (عليه السلام): لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام ثم ذكر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ثم قال: إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كرمان والملتان وحاز جزيرة بني كلوان وقام منا قائم بجيلان وأجابته الإبر والديلم وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والخبات وكانوا بين هنات وهنات، إذا خربت البصرة وقام أمير الأمراء بمصر إلى أن قال: إذا جهزت الألوف وصفت الصفوف وقتل الكبش الخروف، هناك يقوم الآخر ويثور الثائر ويهلك الكافر ثم يقوم القائم المأمول والإمام المجهول له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله يظهر بين الركنين في دريسين بآليين يظهر على الثقلين ولا يترك في الأرض دمين، طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه وشهد أيامه.(50) (وفيه) عن بشر بن أبي أراكة النبال قال: لما قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقر (عليه السلام) فإذا أنا ببغلة مسرجة بالباب فجلست حيال الدار فسلمت عليه فنزل عن البغلة وأقبل نحوي فقال لي: ممن الرجل؟ فقلت: من أهل العراق فقال: من أيها؟ قلت: من أهل الكوفة فقال: من صحبك في هذا الطريق؟ قلت: قوم من المحدثة فقال: وما المحدثة؟ قلت: المرجئة، فقال: ويح هذه المرجئة إلى من يلجأون غدا إذا قام قائمنا؟ قلت: إنهم يقولون: لو كان ذلك كنا نحن وأنتم في العدل سواء فقال: من تاب تاب الله عليه ومن أسر نفاقا فلا يبعد الله غيره ومن أظهر شيئا أحرق دمه ثم قال: يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصاب شاته وأومى بيده إلى حلقه قلت: إنهم يقولون: إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفوا ولا يهرق محجمة دم فقال: كلا والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول الله حين أدميت رباعيته وشج في وجهه، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ثم مسح جبهته.(51) (وفيه) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يقوم القائم حتى تفقأ عين الدنيا وتظهر الحمرة في السماء وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض حتى يظهر فيهم أقوام لا خلاق لهم، يدعون لولدي وهم براء لولدي، تلك عصابة ردية، على الأشرار مسلطة وللجبابرة مفتنة وللملوك مبيرة، تظهر في سواد الكوفة يقدمهم رجل أسود اللون والقلب رث الدين لا خلاق، مهجن زنيم تداولته أيدي العواهر من الأمهات من شر نسل لا سقاها الله المطر إظهار غيبة المتغيب من ولدي صاحب الراية الحمراء والعلم الأخضر، أي يوم للمخيبين بين الأنبار وهيت ذلك يوم فيه صيلم الأكراد وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة ومأوى الولاة الظلمة وأم البلاء وأخت العار، تلك ورب علي يا عمر بن سعد بغداد ألا لعنة الله على العصابة من بني أمية وبني فلانة الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي لا يرقبون فيهم ذمتي ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي، إن لبني عباس يوما كيوم الطموح(52) ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلى، الويل لشيعة ولد العباس من الحرب التي منح(53) بين نهاوند والدينور، تلك صعاليك الشيعة يقدمهم رجل من همدان اسمه على اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، منعوت موصوف باعتدال الخلق ونضارة اللون، له في صوته ضحك وفي أشفاره وطف وفي عنقه سطح، فرق الشعر، مفلج الثنايا، على فرسه كبدر التمام تجلى عنه الغمام، يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقربت ودانت الله بدين تلك الأبطال من العرب الذين يلفحون حرب الكريهة والدبرة(54) يومئذ على الأعداء أن للعدو يوم ذلك الصيلم والاستيصال. انتهى.(55) وفي الدمعة عن الإكمال عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس وهو رجل ربعة وحش الوجه ضخم الهامة بوجهه أثر جدري إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عنبسة وهو من ولد أبي سفيان حتى يأتي أرضا ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها.(56) وعن عقد الدرر عن أبي مريم عن أشياخه قال: يرى السفياني في منامه فيقال له: قم فاخرج فيقوم فلا يجد أحدا ثم يرى الثانية فيقال مثل ذلك ثم يقال في الثالثة: قم فاخرج فانظر على باب دارك فينحدر في الثالثة إلى باب داره فإذا هو بسبعة نفر أو تسعة ومعهم لواء فيقولون: نحن أصحابك فيخرج فيهم وبينهم ناس من قربات(57) الوادي اليابس فيخرج إليهم صاحب دمشق ليلقاه (ويقاتله) فإذا نظر (إلى) رايته انهزم.(58) (وفيه) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجل ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، بعينه ركنة بياض، يخرج من ناحية مدينة دمشق في واد يقال له الوادي اليابس، يخرج مع سبعة نفر مع أحدهم لواء معقود يعرفون في النصير يسيرون على ثلاثين ميلا لا يرى ذلك العلم أحد إلا انهزم.(59) وعن خالد بن معدان: يخرج السفياني وبيده ثلاث قصبات لا يقرع بهذا إلا مات.(60) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام): لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق يقول: ثاري ثم النار ثاري ثم النار، ولقد بلغ من خبثه أنه يدفن أم ولد له وهي حية مخافة أن تدل عليه.(61) (وفيه) عن عبد الملك بن أعين كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فجرى ذكر القائم (عج) فقلت له: أرجو أن يكون عاجلا ولا يكون السفياني فقال: لا والله إنه لمن المحتوم الذي لا بد منه.(62) (وفيه) عن الإكمال عن عبد الله بن أبي منصور سألت أبا عبد الله عن اسم السفياني قال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كنوز الشام الخمس دمشق وحمص والأردن وقنسرين فتوقعوا عند ذلك الفرج، قلت: يملك تسعة أشهر قال: لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما.(63)
الهوامش
(1) سورة النحل: 45 - 46.
(2) سورة مريم: 37.
(3) البقرة: 148.
(4) سورة النحل: 45.
(5) سورة النحل: 46.
(6) بحار الأنوار: 52 / 225 ح 87 باب 25.
(7) سورة الرعد: 13.
(8) غيبة النعماني: 278 باب 14 ح 62.
(9) سورة الإسراء: 6.
(10) الشغر: الاتساع يقال ارض شاغرة واسعة (النهاية: 2 / 483).
(11) سورة السبأ: 51.
(12) سورة البقرة: 222.
(13) سورة الأنبياء: 15.
(14) بحار الأنوار: 52 / 275 ح 167 باب 25.
(15) النمل: 82.
(16) غيبة النعماني: 258 ح 17 باب 14.
(17) سورة العنكبوت: 1 - 2.
(18) الإرشاد: 2 / 375 باب ذكر علامات قيام القائم.
(19) سورة النور: 55.
(20) غيبة النعماني: 276 ح 56 باب 14.
(21) سورة سبأ: 51 - 52.
(22) تفسير العياشي: 2 / 56 في سورة الأنفال.
(23) سورة فصلت: 16.
(24) غيبة النعماني: 269 ح 41 باب 14.
(25) سورة فصلت: 53.
(26) الكافي: 8 / 381 ح 575.
(27) سورة المعارج: 1.
(28) غيبة النعماني: 272 ح 48 باب 14.
(29) العمدة: 423 - 426 ح 884 - 891 ذكر ما ورد في الاثني عشر من الصحاح.
(30) في المستدرك: لن نر مثلها.
(31) في المستدرك: فلا يخلفهم.
(32) العمدة: 425 / 890، ومستدرك الصحيحين: 4 / 477.
(33) دلائل الإمامة: 473.
(34) غيبة النعماني: 274 ح 52.
(35) غيبة النعماني: 273 ح 51.
(36) غيبة النعماني: 273 ح 51.
(37) البحار: 52 / 269.
(38) غيبة النعماني: 279 ح 66.
(39) الصراط المستقيم: 2 / 258.
(40) الصراط المستقيم: 2 / 258.
(41) المصدر السابق.
(42) المصدر السابق.
(43) الصراط المستقيم: 2 / 259.
(44) غيبة النعماني: 274 ح 54 باب 14.
(45) القلاية: صومعة الراهب (البداية والنهاية: 10 / 205).
(46) في المطبوع والبحار: فطوة وفي بعض النسخ: فطرة، والصحيح ما ذكر.
(47) في المطبوع: وابنه.
(48) اليقين لابن طاووس: 422، وبحار الأنوار: 52 / 219 ح 80 باب 25.
(49) غيبة النعماني: 263 ح 24 باب 14.
(50) غيبة النعماني: 274 ح 55 باب 14.
(51) غيبة النعماني: 283 ح 1 باب 15.
(52) أي شديد.
(53) في المصدر: سنح، وفي بعض النسخ: يفتح، وفي بعضها: تنتح.
(54) أي الهزيمة.
(55) غيبة النعماني: 147 ح 5 باب 10.
(56) كمال الدين: 651 ح 9 باب 57.
(57) المصدر السابق.
(58) عقد الدرر: 56 في الخسف.
(59) عقد الدرر: 56.
(60) في المصدر: ويتبعهم ناس من قريات.
(61) لم أجده في عقد الدرر، ورواه في كمال الدين: 2 / 65 ح 10 باب 57.
(62) لم أجده في عقد الدرر وهو موجود في غيبة النعماني: 282.
(63) لم أجده في عقد الدرر وهو في الكافي: 2 / 366 والبحار: 52 / 206.
******************
الآية العاشرة: من النحل قوله تعالى: *(أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين)(1) في كتاب المحجة وعن البحار والعوالم عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: الزم الأرض ولا تحركن يدك ولا رجلك أبدا حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة وتر، وترى مناديا ينادي بدمشق، وخسف بقرية من قراها، وتسقط طائفة من مسجدها فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلنت الترك حتى نزلت الجزيرة وأقبلت الروم حتى نزلت الرملة، وهي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب، وأن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: الأصهب والأبقع والسفياني مع بني ذنب الحمار مضر، ومع السفياني أخواله كلب، يظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى *(فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم)(2) ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وشيعتهم فيبعث بعثا إلى الكوفة فيصاب بأناس من شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالكوفة قتلا وصلبا، وتقبل راية من خراسان حتى تنزل ساحل الدجلة، يخرج رجل من الموالي ضعيف ومن تبعه فيصاب بظهر الكوفة ويبعث بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا ويهرب المهدي والمنصور منها ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحد إلا حبس، ويخرج الجيش في طلب الرجلين ويخرج المهدي (عج) منها على سنة موسى خائفا يترقب حتى يقدم مكة ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء وهو جيش الهملات وخسف بهم فلا يفلت منهم إلا مخبر، فيقوم القائم (عج) بين الركن والمقام فيصلي وينصرف ومعه وزيره فيقول: يا أيها الناس إنا نستنصر الله على من ظلمنا وسلب حقنا من يحاجنا في الله فإنا أولى الناس بالله، ومن يحاجنا في آدم فإنا أولى الناس بآدم، ومن حاجنا في نوح، فإنا أولى الناس بنوح ومن حاجنا في إبراهيم فإنا أولى الناس بإبراهيم (عليه السلام)، ومن حاجنا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن حاجنا في النبيين فنحن أولى الناس بالنبيين، ومن حاجنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله، إنا نشهد وكل مسلم اليوم أنا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا. إنا نستغفر الله اليوم وكل مسلم، ويجئ والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضا وهي الآية التي قال الله تعالى: *(أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير)(3) فيقول رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرج منها وهي القرية الظالمة أهلها ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله ورأيته وسلاحه ووزيره معه، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كلهم، اسمه اسم نبي ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله ورأيته وسلاحه والنفس الزكية من ولد الحسين (عليه السلام) فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره، وإياك وشذاذ من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين (عليه السلام) معه عهد نبي الله ورأيته وسلاحه فإن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ثم صار عند محمد بن علي ويفعل الله ما يشاء، فألزم هؤلاء أبدا وإياك ومن ذكرت لك فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ومعه راية رسول الله عامدا إلى المدينة حتى يمر بالبيداء حتى يقول هذا مكان القوم الذي يخسف بهم وهي الآية التي قال الله *(أفأمن الذين مكروا)(4) إلى *(فما هم بمعجزين)(5) فإذا قدم المدينة أخرج محمد بن الشجري على سنة يوسف، ثم يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء الله أن يمكث حتى يظهر عليها، ثم يسير حتى يأتي العذرا هو ومن معه وقد لحق به الحائري ناس كثير والسفياني يومئذ بوادي الرملة حتى إذا التقوا وهم يوم الأبدال قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يقتل يومئذ السفياني ومن معه حتى لا يترك منهم فجر، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب، ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها فلا يترك عبدا مسلما إلا اشتراه وأعتقه ولا غارما إلا قضى دينه ولا مظلمة لأحد من الناس إلا ردها ولا يقتل منهم عبد إلا أدى ثمن دية مسلمة إلى أهلها ولا يقتل قتيل إلا قضى عنه دينه وألحق عياله في العطاء حتى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وعدوانا ويسكن هو وأهل بيته الرحبة والرحبة، إنما كان مسكن نوح وهي أرض طيبة ولا يسكن رجل من آل محمد ولا يقتل إلا بأرض طيبة زاكية فهم الأوصياء الطيبون.(6)
الآية الحادية عشرة: من سورة الرعد قوله تعالى: *(شديد المحال)(7) عن غيبة النعماني عن علي (عليه السلام) أن بين يدي القائم (عج) سنين خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويقرب فيها الماحل ويتعلق فيها الرويبضة قلت: وما الرويبضة وما الماحل؟ قال: أما تقرأون قوله *(وهو شديد المحال)* قال: قلت: وما المحال؟ قال: يريد المكار.(8)
الآية الثانية عشرة: من سورة بني إسرائيل قوله تعالى: *(ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)(9) عن كتاب سرور أهل الإيمان وفي البحار عن أصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول للناس: سلوني قبل أن تفقدوني لأني بطرق السماء أعلم من العلماء وبطرق الأرض أعلم من العالم، أنا يعسوب الدين أنا يعسوب المؤمنين وإمام المتقين وديان الناس يوم الدين، أنا قاسم النار وخازن الجنان وصاحب الحوض والميزان وصاحب الأعراف فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته وذلك قوله تعالى: *(إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)* ألا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فتشغر(10) برجلها فتنة شرقية وتطأ في حطامها بعد موتها وحيلتها وتشب نار بالحطب الجزل من غربي الأرض رافعة ذيلها تدعو يا ويلها الرحلة ومثلها فإذا استدار الفلك قلتم: مات أو هلك بأي واد سلك هذه الآية *(ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)* ولذلك آيات أولهن أحصار الكوفة بالرصد والخندق وتخريق الزوايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة وكشف الهيكل وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتز، القاتل والمقتول في النار، وقتل سريع وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين والمذبوح بين الركن والمقام وقتل الأشقع صبرا في بيعة الأصنام وخروج السفياني براية حمراء أميرها رجل من بني كلب، واثنا عشر ألف عنان من خيل السفياني يتوجه إلى مكة والمدينة، أميرها رجل من بني أمية يقال له حزيمة، أطمس العين الشمال على عينه ظفرة غليظة، يتمثل بالرجال، لا ترد له راية حتى ينزل المدينة في دار يقال لها دار أبي الحسن الأموي، ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة، يعود إلى مكة، أميرها رجل من غطفان إذا توسط القاع الأبيض خسف بهم فلا ينجو إلا رجل يحول الله وجهه إلى قفاه لينذرهم ويكون آية لمن خلفهم ويومئذ تأويل هذه الآية *(ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب)(11) ويبعث مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة وينزلون الروحا والفاروق فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود بالنخيلة فيهجمون إليهم يوم الزينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة ويقتل على جسرها سبعون ألفا حتى تحمى الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد ويسبى من الكوفة سبعون ألف بكر لا يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل ويذهب بهن إلى الثوية وهي الغري، ثم يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق حتى يقدموا دمشق لا يصدهم عنها صاد وهي إرم ذات العماد، وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير، مختوم في رأس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأزفر يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم، فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني تستبقان كأنهما فرسي رهان، شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح، إذا نظرت أخذهم برجله باطنه فيقول: لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون، وهم الأبدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز *(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)(12) ونظراؤهم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب للإمام فيكون أول النصارى إجابة فيهدم بيعته ويدق صليبه فيخرج بالموالي وضعفاء الناس فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى فيكون مجمع الناس جميعا في الأرض كلها بالفاروق، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية *(فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين)(13) بالسيف، وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي مناد من قبل المغرب بعدما يغيب الشفق: يا أهل الباطل اجتمعوا، ومن الغد عند الظهر تتلون الشمس (و) تصغر فتصير سوداء مظلمة، ويوم الثالث يفرق الله بين الحق والباطل وتخرج دابة الأرض وتقبل الروم إلى ساحل البحر عند كهف الفتية فيبعث الله الفتية من كهفهم مع كلبهم، منهم رجل يقال له تمليخا وآخر حملاها وهما الشاهدان المسلمان للقائم (عج).(14)
الآية الثالثة عشرة: من سورة النحل قوله تعالى: *(وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون)(15) عن غيبة النعماني عن عباية بن ربعي قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنا خامس خمسة وأصغر القوم سنا فسمعته يقول: حدثني أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إني خاتم ألف نبي وإنك خاتم ألف وصي وكلفت ما لم يكلفوا فقلت: ما أنصفك القوم يا أمير المؤمنين، فقال: ليس حيث تذهب يا بن أخي والله لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري وغير محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنهم ليقرأون منها آية في كتاب الله عز وجل وهي *(وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون)* وما يتدبرونها حق تدبرها. ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: قتل نفس حرام في يوم حرام في بلد حرام عن قوم قريش والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة، قلنا: هل قبل هذا من شيء أو بعده من شيء؟ فقال: صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها.(16)
الآية الرابعة عشرة: من سورة العنكبوت قوله تعالى: *(ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)(17) روى المفيد في الإرشاد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: لا يكون ما تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا فلا يبقى منكم إلا ندر ثم قرأ قوله: *(ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)* ثم قال: من علامات الفرج حدث يكون بين المسجدين ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب.(18)
الآية الخامسة عشرة: في سورة النور قوله تعالى: *(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)(19) في غيبة النعماني عن أبي عبد الله (عليه السلام): إذا كان ليلة الجمعة أهبط الرب تعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) منابر من نور فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة والنبيون والمؤمنون وتفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رب ميعادك الذي وعدت في كتابك *(وعد الله الذين آمنوا)* الآية، ويقول الملائكة والنبيون مثل ذلك، ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) سجدا ثم يقولون: يا رب اغضب فإنه قد هتك حريمك وقتل أصفياؤك وأذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء وذلك يوم معلوم.(20)
الآية السادسة عشرة: في سورة سبأ قوله تعالى: *(ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد)(21) في كتاب المحجة للسيد هاشم البحراني برد الله مضجعه عن أبي جعفر (عليه السلام): يكون لصاحب هذا الأمر غيبة وذكر حديثا طويلا يتضمن غيبته وظهوره، إلى أن قال: فيدعو الناس - يعني القائم - إلى كتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) والبراءة من عدوه ولا يسمي أحدا حتى ينتهي إلى البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله فتأخذهم من تحت أقدامهم، وهو قول الله تعالى: *(ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به)* يعني بقائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آخر السورة، فلا يبقى منهم إلا رجلان يقال (لهم) وتر ووتيرة من وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقرى فيخبران الناس بما فعل بأصحابهم. والحديث طويل اكتفينا منه بقدر الحاجة.(22)
الآية السابعة عشرة: في سورة حم السجدة، قوله تعالى: *(لنذيقنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا)(23) في غيبة النعماني عن الصادق (عليه السلام) قول الله تعالى: *(عذاب الخزي)* ما هو عذاب خزي في الدنيا؟ فقال: أي خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وأصحابه وعلى إخوانه وسط عياله إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مسخ فلان الساعة، فقلت: قبل قيام القائم (عج) أو بعده؟ قال: لا، بل قبله.(24)
الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى: *(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم الحق)(25) في غيبة النعماني سئل الباقر (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية فقال: يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق، وقوله: *(حتى يتبين لهم أنه الحق)* يعني بذلك خروج القائم هو الحق من الله عز وجل يراه (هذ) الخلق لا بد منه.(26)
الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى: *(سأل سائل بعذاب واقع)(27) قال: تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية يعني حتى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتى تمر بثقيف ولا تدع وترا لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أحرقته وذلك قبل خروج القائم عجل الله تعالى فرجه.(28)
الفرع الثاني: علائم الظهور / الأحاديث
إخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) بعلامات الظهور
في عمدة ابن بطريق عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة، قالوا: كيف إضاعتها يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة.(29) (وفيه) عن بشر بن جابر قال: ماجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجير فقال: يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، قال: فقعد وكان متكيا فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام عدوا يجمعون لأهل الشام يجمع لهم أهل الإسلام قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، قال: وتكون عند ذالكم القتال ردة شديدة فتشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلى غالبة فيقتلون حتى يمسوا فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم تشترط المسلمون شرطة للموت فلا ترجع إلا غالبة فيقتلون حتى يمسوا فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدائرة عليهم فيقتلون مقتلة، إما قال: لا يرى مثلها، وإما قال: لا يرى منها (30) حتى أن الطائر ليمر بجنباتهم فما يلحقهم (31) حتى يخر ميتا فيتعاذ بنو الأب وكانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو بأي ميراث يقاسم. قال: فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هم أكثر من ذلك فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ديارهم فيرفضون ما في أيديهم فيقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وأسماء خيولهم، هم خير الفوارس على ظهر الأرض أو من خير الفوارس على ظهر الأرض.(32) وفي الدر النظيم عن الصادق (عليه السلام): عام الفتح ينشق الفرات حتى يدخل على أزقة الكوفة وفيه عن سلمان الفارسي: أتيت عليا فقلت: يا أمير المؤمنين متى يظهر القائم من ولدك؟ فتنفس الصعداء، وقال: لا يظهر القائم حتى يكون أمر الصبيان وتضييع حقوق الرحمن والتغني بالقرآن.(33) وفي العوالم عن ابن عقدة عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إذا ظهرت بيعة الصبي قام كل ذي صيصية بصيصيته.(34) أقول: الصيصية شوكة الديك وقرن البقر والظباء.(35) (وفيه) عن معروف بن خربوذ قال: ما دخلنا على أبي جعفر قط إلا قال: خراسان خراسان، سجستان سجستان كأنه يبشرنا بذلك.(36) (وفيه) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ظهور البواسير وموت الفجأة والجذام من اقتراب الساعة.(37) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: توقعوا الصوت يأتيكم بغتة من قبل دمشق (فيه) لكم فرج عظيم.(38) وفي الصراط المستقيم عن حذيفة وجابر: هبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبشره بأن القائم من ولده لا يظهر حتى تملك الكفار الأنهر الخمسة: سيحون وجيحون والفراتين والنيل، ينصر الله أهل بيته على الضلال فلا ترفع لهم راية إلى يوم القيامة.(39) (وفيه) سئل الصادق (عليه السلام) عن ظهوره فقال: إذا حكمت في الدولة الخصيان والنسوان وأخذت الإمارة الشبان والصبيان وخرب جامع الكوفة من العمران وانعقدت الجيران فذلك الوقت زوال ملك بني عمي العباس وظهور قائمنا أهل البيت.(40) (وفيه) أن عليا قال: إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء بنجفكم فتوقعوا ظهوره.(41) (وفيه) عن كتاب عبد الله بن بشار رضيع الحسين (عليه السلام): إذا أراد الله أن يظهر قائم آل محمد بدأ الحرب من صفر إلى صفر وذلك أوان خروج المهدي.(42) (وفيه) عن زين العابدين (عليه السلام): إذا ملأ نجفكم هذا السيل والمطر وظهرت النار في الحجاز والمدر وملكت بغداد التتر فتوقعوا ظهور القائم المنتظر.(43) وفي غيبة النعماني عن أبي عبد الله (عليه السلام): لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس.(44) وفي البحار عن جابر بن عبد الله عن أنس بن مالك وكان خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لما رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) من قتال أهل نهروان نزل براثا وكان بها راهب في قلايته(45) وكان اسمه الحباب، فلما سمع الراهب صيحة العسكر أشرف من قلايته إلى الأرض فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين فاستفظع ذلك (و) نزل مبادرا فقال: من هذا ومن رئيس العسكر؟ فقيل: هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد رجع من قتال أهل نهروان فجاء الحباب مبادرا يتخطى الناس حتى وقف على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين حقا حقا فقال له: وما علمك بأني أمير المؤمنين حقا حقا؟ قال له: بذلك أخبر علماؤنا وأحبارنا، فقال (عليه السلام) له: يا حباب، فقال الراهب: وما علمك باسمي؟ فقال (عليه السلام): أعلمني بذلك حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له الحباب: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك علي بن أبي طالب ووصيه، فقال له أمير المؤمنين: وأين تأوي؟ فقال: أكون في قلاية لي هاهنا فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): بعد يومك هذا لا تسكن فيها ولكن ابن هاهنا مسجدا وسمه باسم بانيه، فبناه رجل اسمه براثا فسمي المسجد براثا باسم الباني له ثم قال: ومن أين تشرب يا حباب؟ فقال: يا أمير المؤمنين من دجلة هاهنا، قال: فلم لا تحفر هاهنا عينا أو بئرا؟ فقال له: يا أمير المؤمنين كلما حفرنا بئرا وجدناها مالحة غير عذبة، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): احفر هاهنا فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها فقلعها أمير المؤمنين (عليه السلام) فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذ من الزبد، فقال له: يا حباب يكون شربك من هذه العين أما أنه يا حباب ستبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة تكثر الجبابرة فيها وتعظم البلاء حتى أنه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فإذا عظم بلاؤهم سدوا على مسجدك بقنطرة(46) ثم بنوه(47) (مرتين) لا يهدمه إلا كافر، فإذا فعلوا ذلك منعوا الحج ثلاث سنين واحترقت خضرهم وسلط الله عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلدا إلا أهلكه وأهلك أهله، ثم ليعود عليهم مرة أخرى ثم يأخذهم القحط والغلاء ثلاث سنين حتى يبلغ بهم الجهد ثم يعود عليهم ثم يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلا سخطها وأهلك وأسخط أهلها، وذلك إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع فعند ذلك يكون هلاك البصرة ثم يدخل مدينة بناها الحجاج يقال لها واسط فيفعل مثل ذلك ثم يتوجه نحو بغداد فيدخل عفوا ثم يلتجئ الناس إلى الكوفة ولا يكون بلد من الكوفة توشوش له الأمر، ثم يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري فيلقاهما السفياني فيهزمهما ثم يقتلهما، ويتوجه جيش نحو الكوفة فيستعبد بعض أهلها ويجئ رجل من أهل الكوفة فيلجئهم إلى سور فمن لجأ إليها أمن، ويدخل جيش السفياني إلى الكوفة فلا يدعون أحدا إلا قتلوه وأن الرجل منهم ليمر بالدرة (الدرة بالكسر آلة يضرب بها) المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها ويرى الصبي الصغير فيلحقه فيقتله، فعند ذلك يا حباب يتوقع بعدها هيهات هيهات وأمور عظام وفتن كقطع الليل فاحفظ عني ما أقول لك.(48) وفي غيبة النعماني عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال لي أبي - يعني الباقر (عليه السلام) -: لا بد لنا من أذربيجان، لا يقوم لها شيء فإذا كان ذلك فكونوا جلاس بيوتكم والبدوا ما لبدنا والنداء بالبيداء، فإذا تحرك متحرك فاسعوا إليه ولو حبوا، والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد، على العرب شديد، قال: وويل للعرب من شر قد اقترب.(49) (وفيه) عنه (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم فقال الحسين (عليه السلام): يا أمير المؤمنين متى يطهر الله الأرض من الظالمين؟ فقال (عليه السلام): لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام ثم ذكر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ثم قال: إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كرمان والملتان وحاز جزيرة بني كلوان وقام منا قائم بجيلان وأجابته الإبر والديلم وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والخبات وكانوا بين هنات وهنات، إذا خربت البصرة وقام أمير الأمراء بمصر إلى أن قال: إذا جهزت الألوف وصفت الصفوف وقتل الكبش الخروف، هناك يقوم الآخر ويثور الثائر ويهلك الكافر ثم يقوم القائم المأمول والإمام المجهول له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله يظهر بين الركنين في دريسين بآليين يظهر على الثقلين ولا يترك في الأرض دمين، طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه وشهد أيامه.(50) (وفيه) عن بشر بن أبي أراكة النبال قال: لما قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقر (عليه السلام) فإذا أنا ببغلة مسرجة بالباب فجلست حيال الدار فسلمت عليه فنزل عن البغلة وأقبل نحوي فقال لي: ممن الرجل؟ فقلت: من أهل العراق فقال: من أيها؟ قلت: من أهل الكوفة فقال: من صحبك في هذا الطريق؟ قلت: قوم من المحدثة فقال: وما المحدثة؟ قلت: المرجئة، فقال: ويح هذه المرجئة إلى من يلجأون غدا إذا قام قائمنا؟ قلت: إنهم يقولون: لو كان ذلك كنا نحن وأنتم في العدل سواء فقال: من تاب تاب الله عليه ومن أسر نفاقا فلا يبعد الله غيره ومن أظهر شيئا أحرق دمه ثم قال: يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصاب شاته وأومى بيده إلى حلقه قلت: إنهم يقولون: إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفوا ولا يهرق محجمة دم فقال: كلا والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول الله حين أدميت رباعيته وشج في وجهه، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ثم مسح جبهته.(51) (وفيه) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يقوم القائم حتى تفقأ عين الدنيا وتظهر الحمرة في السماء وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض حتى يظهر فيهم أقوام لا خلاق لهم، يدعون لولدي وهم براء لولدي، تلك عصابة ردية، على الأشرار مسلطة وللجبابرة مفتنة وللملوك مبيرة، تظهر في سواد الكوفة يقدمهم رجل أسود اللون والقلب رث الدين لا خلاق، مهجن زنيم تداولته أيدي العواهر من الأمهات من شر نسل لا سقاها الله المطر إظهار غيبة المتغيب من ولدي صاحب الراية الحمراء والعلم الأخضر، أي يوم للمخيبين بين الأنبار وهيت ذلك يوم فيه صيلم الأكراد وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة ومأوى الولاة الظلمة وأم البلاء وأخت العار، تلك ورب علي يا عمر بن سعد بغداد ألا لعنة الله على العصابة من بني أمية وبني فلانة الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي لا يرقبون فيهم ذمتي ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي، إن لبني عباس يوما كيوم الطموح(52) ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلى، الويل لشيعة ولد العباس من الحرب التي منح(53) بين نهاوند والدينور، تلك صعاليك الشيعة يقدمهم رجل من همدان اسمه على اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، منعوت موصوف باعتدال الخلق ونضارة اللون، له في صوته ضحك وفي أشفاره وطف وفي عنقه سطح، فرق الشعر، مفلج الثنايا، على فرسه كبدر التمام تجلى عنه الغمام، يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقربت ودانت الله بدين تلك الأبطال من العرب الذين يلفحون حرب الكريهة والدبرة(54) يومئذ على الأعداء أن للعدو يوم ذلك الصيلم والاستيصال. انتهى.(55) وفي الدمعة عن الإكمال عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس وهو رجل ربعة وحش الوجه ضخم الهامة بوجهه أثر جدري إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عنبسة وهو من ولد أبي سفيان حتى يأتي أرضا ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها.(56) وعن عقد الدرر عن أبي مريم عن أشياخه قال: يرى السفياني في منامه فيقال له: قم فاخرج فيقوم فلا يجد أحدا ثم يرى الثانية فيقال مثل ذلك ثم يقال في الثالثة: قم فاخرج فانظر على باب دارك فينحدر في الثالثة إلى باب داره فإذا هو بسبعة نفر أو تسعة ومعهم لواء فيقولون: نحن أصحابك فيخرج فيهم وبينهم ناس من قربات(57) الوادي اليابس فيخرج إليهم صاحب دمشق ليلقاه (ويقاتله) فإذا نظر (إلى) رايته انهزم.(58) (وفيه) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجل ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، بعينه ركنة بياض، يخرج من ناحية مدينة دمشق في واد يقال له الوادي اليابس، يخرج مع سبعة نفر مع أحدهم لواء معقود يعرفون في النصير يسيرون على ثلاثين ميلا لا يرى ذلك العلم أحد إلا انهزم.(59) وعن خالد بن معدان: يخرج السفياني وبيده ثلاث قصبات لا يقرع بهذا إلا مات.(60) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام): لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق يقول: ثاري ثم النار ثاري ثم النار، ولقد بلغ من خبثه أنه يدفن أم ولد له وهي حية مخافة أن تدل عليه.(61) (وفيه) عن عبد الملك بن أعين كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فجرى ذكر القائم (عج) فقلت له: أرجو أن يكون عاجلا ولا يكون السفياني فقال: لا والله إنه لمن المحتوم الذي لا بد منه.(62) (وفيه) عن الإكمال عن عبد الله بن أبي منصور سألت أبا عبد الله عن اسم السفياني قال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كنوز الشام الخمس دمشق وحمص والأردن وقنسرين فتوقعوا عند ذلك الفرج، قلت: يملك تسعة أشهر قال: لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما.(63)
الهوامش
(1) سورة النحل: 45 - 46.
(2) سورة مريم: 37.
(3) البقرة: 148.
(4) سورة النحل: 45.
(5) سورة النحل: 46.
(6) بحار الأنوار: 52 / 225 ح 87 باب 25.
(7) سورة الرعد: 13.
(8) غيبة النعماني: 278 باب 14 ح 62.
(9) سورة الإسراء: 6.
(10) الشغر: الاتساع يقال ارض شاغرة واسعة (النهاية: 2 / 483).
(11) سورة السبأ: 51.
(12) سورة البقرة: 222.
(13) سورة الأنبياء: 15.
(14) بحار الأنوار: 52 / 275 ح 167 باب 25.
(15) النمل: 82.
(16) غيبة النعماني: 258 ح 17 باب 14.
(17) سورة العنكبوت: 1 - 2.
(18) الإرشاد: 2 / 375 باب ذكر علامات قيام القائم.
(19) سورة النور: 55.
(20) غيبة النعماني: 276 ح 56 باب 14.
(21) سورة سبأ: 51 - 52.
(22) تفسير العياشي: 2 / 56 في سورة الأنفال.
(23) سورة فصلت: 16.
(24) غيبة النعماني: 269 ح 41 باب 14.
(25) سورة فصلت: 53.
(26) الكافي: 8 / 381 ح 575.
(27) سورة المعارج: 1.
(28) غيبة النعماني: 272 ح 48 باب 14.
(29) العمدة: 423 - 426 ح 884 - 891 ذكر ما ورد في الاثني عشر من الصحاح.
(30) في المستدرك: لن نر مثلها.
(31) في المستدرك: فلا يخلفهم.
(32) العمدة: 425 / 890، ومستدرك الصحيحين: 4 / 477.
(33) دلائل الإمامة: 473.
(34) غيبة النعماني: 274 ح 52.
(35) غيبة النعماني: 273 ح 51.
(36) غيبة النعماني: 273 ح 51.
(37) البحار: 52 / 269.
(38) غيبة النعماني: 279 ح 66.
(39) الصراط المستقيم: 2 / 258.
(40) الصراط المستقيم: 2 / 258.
(41) المصدر السابق.
(42) المصدر السابق.
(43) الصراط المستقيم: 2 / 259.
(44) غيبة النعماني: 274 ح 54 باب 14.
(45) القلاية: صومعة الراهب (البداية والنهاية: 10 / 205).
(46) في المطبوع والبحار: فطوة وفي بعض النسخ: فطرة، والصحيح ما ذكر.
(47) في المطبوع: وابنه.
(48) اليقين لابن طاووس: 422، وبحار الأنوار: 52 / 219 ح 80 باب 25.
(49) غيبة النعماني: 263 ح 24 باب 14.
(50) غيبة النعماني: 274 ح 55 باب 14.
(51) غيبة النعماني: 283 ح 1 باب 15.
(52) أي شديد.
(53) في المصدر: سنح، وفي بعض النسخ: يفتح، وفي بعضها: تنتح.
(54) أي الهزيمة.
(55) غيبة النعماني: 147 ح 5 باب 10.
(56) كمال الدين: 651 ح 9 باب 57.
(57) المصدر السابق.
(58) عقد الدرر: 56 في الخسف.
(59) عقد الدرر: 56.
(60) في المصدر: ويتبعهم ناس من قريات.
(61) لم أجده في عقد الدرر، ورواه في كمال الدين: 2 / 65 ح 10 باب 57.
(62) لم أجده في عقد الدرر وهو موجود في غيبة النعماني: 282.
(63) لم أجده في عقد الدرر وهو في الكافي: 2 / 366 والبحار: 52 / 206.
******************
أيها الناس لا تكل أظفاركم عن عدوكم ولا تستغشوا صديقكم يستحوذ الشيطان عليكم والله لتبتلن ببلاء لا تغيرونه بأيديكم إلا إشارة بحواجبكم، ثلاثة خذوها بما فيها وأرجو رابعها، وموافاها يأتي رافع الضيم شقاق شفاق بطون الحبالى وحمال الصبيان على الرماح ومغلي الرجال في القدور، أما إني سأحدثكم بالنفس الطيبة الزكية وتضريج دمه بين الركن والمقام المذبوح كذبح الكبش، يا ويح لسبايا نساء كوفان، الواردون الثوية المستفدون عشية وميعاد ما بينكم وبين ذلك فتنة شرقية وجاء هاتف يستغيث من قبل المغرب فلا تغيثوه لا أغاثه الله، وملحمة بين الناس إلى أن يصير ما ذبح على شبيه المقتول بظهر الكوفة وهي كوفان ويوشك أن يبني جسرها ويبني جنبيها حتى يأتي زمان لا يبقى مؤمن إلا بها أو يحن إليها، وفتنة مصبوبة تطأ في خطامها لا ينهها أحد لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته. وأحدثك يا حذيفة أن ابنك مقتول فائت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) فمن كان مؤمنا دخل في ولايته فيصبح على أمر يمسي على مثله لا يدخل فيها إلا مؤمن ولا يخرج منها إلا كافر. أهل لها أي: أصيح وأرفع صوتي لأطلب نصيبها، وتهامة بالكسر مكة شرفها الله تعالى، والطبق بالتحريك هو الحال المطابقة لحال أخرى، والقذة ريش السهم، والضيم الظلم، والنطح الإصابة بالقرن والنطيحة هي التي نطحتها بهيمة أخرى حتى ماتت، والضروس الناقة السيئة الخلق تعض حالبها، وخبط البعير الأرض بيده ضربها ووطأها شديدا، والدر اللبن، وكلب قبيلة والنادي مجلس القوم، والراكب الموضع هو الذي يحمل ركابه على العدو السريع، والمصقع كمنبر البليغ أو العالي الصوت، والتضريج التدمية، والتلطيخ والملحمة الوقعة العظيمة القتل، ويحن إليها أي يشتاق إليها. قوله: فعرفت الخ إشارة إلى أن معرفته بالنبي وبنبوته إنما هو بعلم سابق له وإنما باللقاء ازداد يقينا لا أنه كان سببا لإيمانه. وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن سلمان كان يدعو الناس إليه قبل مبعثه منذ أربعمائة وخمسين. قوله: ولو وليتموها عليا لأكلتم الخ إشارة إلى قوله تعالى (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون).(1) قوله: فخذوها من سنة السبعين الخ إن كان الضمير راجعا إلى البلاء فالظاهر أنه كان إلى بدل من وإن كان راجعا إلى الرخاء فالمراد أظهر، فكيف كان فغرضه الإشارة إلى نهاية البلاء وبداية الفرج.(2) عن غيبة الشيخ عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إن عليا كان يقول: إلى السبعين بلاء وكان يقول بعد البلاء رخاء وقد مضت السبعون ولم نر رخاء فقال أبو جعفر (عليه السلام): يا ثابت إن الله تعالى وقت هذا الأمر في السبعين وكان، فلما قتل الحسين (عليه السلام) اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم القناع فأخره الله ولم يجعل له بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء وعنده أم الكتاب. قوله: ألا إن لبني أمية الخ، غير خفي على من راجع سير الأولين ما صدر من عتاة بني أمية وطغاتهم بالعترة الطاهرة من الظلم والعدوان والقتل والنهب والأسر وكتمان الفضائل وإنكار المناقب والسب واللعن على المنابر. قوله: ألا إنه حق على الله إلى قوله فيمسخه الله قردا إشارة إلى تتمة الآية السابقة وبعض علائم ظهور الحجة عجل الله فرجه. قوله: ألا وفئتان تلتقيان بتهامة، الذي يظهر من الأخبار أن العسكر الذي يأتي تهامة عسكر السفياني والعسكر الأخير غير معلوم إلا أن يكون عسكر السفياني صنفان. قوله: ألا وخسف بكلب الخ إشارة إلى خسف جيش السفياني بالبيداء وهو من المحتوم. قوله: أما والله لولا ما لأريتكم الخ لعل ما اختصار من قوله لولا ما في كتاب الله آية أي آية المحو والإثبات. قوله: ثم يجئ تعرفون إشارة إلى ظهور الحق بعد خسف البيداء. قوله: ويوشع وشمعون الخ المعدود من الأوصياء المعروفين هو شمعون الصفاء وصي عيسى ولا مناسبة لذكره هاهنا ويحتمل أن يكون شخصا آخر كان نبيا أو وصيا في أصحاب موسى ولا بعد فيه فإن أغلب من كان يبعثه صاحب الشريعة إلى البلدان في تلك الأزمان كان من الأنبياء وعدم ذكره في أخبار الماضين غير مختص به فإن من لم يذكر في الأخبار أو لم يصل إلينا اسمه وخبره أضعاف ما وصل إلينا بمراتب عديدة. ففي إثبات الوصية في حديث موسى والسامري أن موسى قام خطيبا وذكرهم بأيام الله إلى أن قال: فروي أنه كان تحت المنبر ذلك اليوم ألف نبي مرسل. قوله: والسبعين الذين اتهموا الخ الظاهر أن الذين اتهموا موسى في قتل هارون لم ينزل عليهم العذاب كما ذكرنا سابقا في ذيل آية (وإن الذين أخذتهم الرجفة) ثم بعثهم الله. والسبعون: الذين قالوا لموسى (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة).(3) قوله: ألا إن نبي الله نحله.. الخ، عن قرب الإسناد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وأما الحسن فأنحله الهيبة والحلم، وأما الحسين فأنحله الجود والرحمة. قوله: وظلم من بين ولده فيه، يحتمل أن يكون المراد وظلم الحسين من بين ولد أمير المؤمنين (عليه السلام). قوله: ثلاثا خذوها بما فيها وأرجو رابعها وموافاها، يحتمل أن يكون المراد بالثلاثة الخلفاء أي: خذوها بما فيها من الإضلال والفساد والابتلاء والمراد بالرابع هو رابعهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ويحتمل أن يكون المراد بها السفياني واليماني والخراساني والمراد بالرابع هو الإمام المنتظر عجل الله فرجه ويكون المراد من الأخذ الإشارة إلى كونها من المحتوم، وفي بعض النسخ: وموفاها أي به يستوفى ويتم عدد من يخرج قبل القائم (عليه السلام) وقوله: ويأتي رافع الضيم هو على الاحتمال الأول ظاهر في الحجاج بن يوسف الثقفي الملعون ولكن الظاهر أن المراد به السفياني بقرينة السياق وما يأتي من ظلمه وفساده. قوله: أما إني سأحدثكم بالنفس الطيبة الزكية الخ، النفس الزكية يطلق على أقسام أحدهما غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بين الركن والمقام بلا جرم ولا ذنب قبل أن يخرج القائم (عليه السلام) بخمس عشرة ليلة أو من يبعثه القائم من المدينة إلى مكة وقتله من المحتوم. قوله: يا ويح لسبايا نساء من كوفان الخ إشارة إلى ما يصدر من جيش السفياني الذي يبعثه إلى العراق في المشارق في خبر سطيح الكاهن فيخرج رجل من ولد صخر فيبدل الرايات السود بالحمر فيبيح المحرمات ويترك النساء بالثدايا معلقات وهو صاحب نهب الكوفة فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة بها الخيل محفوفة، قتل زوجها وكثر عجزها واستحل فرجها، وفي الخبر أن السفياني بعد خروجه وبعثه جيشا إلى الحجاز يبعث إلى العراق مائة وثلاثين ألفا أو سبعين ألفا ويمر جيشه بقرقيسا (بالكسر بلد على الفرات) ويقع فيها بينهم وبين ولد العباس حرب عظيم فيقتلون من الجبارين من بني العباس مائة ألف ثم يمر الجيش ببغداد ويقتل على جسره سبعون ألفا حتى تحمى الناس ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد ثم يمر الجيش بالكوفة حتى ينزلوا موضع قبر هود بالنخيلة وهو على فرسخين من الكوفة فيخربون ما حولها ويستعبد بعض أهلها ولا يدعون أحدا إلا قتلوه حتى أن الرجل منهم ليمر بالدرة المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها ويمر على الصبي الصغير فيلحقه ويقتله ويسبى منها سبعون ألف بكر لا يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل ويذهب بهن إلى الثوية موضع قبر كميل وبعض أصحاب أمير المؤمنين وينادي منادي أهل الجيش: من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام ومعهم السبايا والغنائم فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ولا يستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم. قوله: وميعاد ما بينكم وبين ذلك فتنة شرقية، عن غيبة الشيخ: تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة فإذا ظهر المهدي بعث إليه بالبيعة. قوله: وجاء هاتف من قبل المغرب إلخ وهو الشيطان. قوله: إلى أن يصير ما ذبح على شبيه المقتول بظهر الكوفة كان المراد قتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين وذلك من علائم الظهور. قوله: لا يبقى من العرب إلا دخلته، إشارة إلى تشتت أمر العرب في الظهور، وعن الصادق (عليه السلام): ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب، قلت: كم مع القائم من العرب قال: شيء يسير، وعن غيبة النعماني: أنه لا يخرج مع القائم من العرب أحد.(4) في روضة الكافي عن معاوية بن وهب قال: تمثل أبو عبد الله ببيت شعر لابن أبي عقب: وينحر بالزوراء منهم لدى الضحى * ثمانون ألفا مثل ما ينحر البدن وروى غيره البزل ثم قال لي: تعرف الزوراء؟ قال: قلت: جعلت فداك يقولون إنها بغداد، قال: لا، قال: دخلت الري؟ قلت: نعم، قال: أتيت سوق الدواب؟ قلت: نعم، قال: رأيت الجبل الأسود من يمين الطريق، تلك الزوراء يقتل فيها ثمانون ألفا من ولد فلان كلهم يصلح للخلافة، قلت: ومن يقتلهم جعلت فداك؟ قال: يقتلهم أولاد العجم.(5) وفي العوالم عنه (عليه السلام) إذا آن قيامه مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة الأيام من رجب مطرا لم تر الخلائق مثله فينبت لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم وكأني أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم من التراب.(6) في غيبة النعماني: يظهر بعد غيبة مع طلوع النجم الآخر وخراب الزوراء وهي الري وخسف المزورة وهي بغداد وخروج السفياني وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وأذربيجان، تلك حرب يقتل فيها ألوف وألوف كل يقبض على سيف مخلي تخفق عليه رايات سود تلك حرب يستبشر بها الموت الأحمر والطاعون الأكبر.(7) (وفيه) عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطون ثم يطلبونه فلا يعطونه فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء.(8) في أربعين المير اللوحي(9) عن فضل بن شاذان عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: كأني بقوم قد خرجوا من أقصى بلاد المشرق من بلدة يقال لها شيلا يطلبون حقهم من أهل الصين فلا يعطون ثم يطلبونه فلا يعطون فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فرضوا بإعطاء ما سألوه فلم يقبلوا وقتلوا منهم خلقا كثيرا، ثم يسخرون بلاد الترك والهند كلها ويتوجهون إلى خراسان ويطلبونها من أهلها فلا يعطون فيأخذونها قهرا، ويريدون أن لا يدفعوا الملك إلا إلى صاحبكم مع الذين قتلوهم فانتقموا منهم، وتعيشوا في سلطانه إلى آخر الدنيا. (وفيه) عن علي (عليه السلام) قال في حديث آخره: ثم يقع التدابر والاختلاف بين آراء العرب والعجم فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد أبي سفيان يخرج من وادي اليابس من دمشق فيهرب حاكمها منه ويجتمع إليه قبائل العرب ويخرج الربيعي والجرهمي والأصهب وغيرهم من أهل الفتن والشغب فيغلب السفياني على كل من يحاربه منهم فإذا قام القائم (عجل الله فرجه) بخراسان الذي أتى من الصين وملتان، وجه السفياني في الجنود إليه فلم يغلبوا عليه ثم يقوم منا قائم بجيلان يعينه المشرقي في دفع شيعة عثمان ويجيبه الأبر والديلم ويجدون منه النوال والنعم وترفع لولدي النود(10) والرايات ويفرقها في الأقطار والحرمات(11) ويأتي إلى البصرة ويخربها ويعمر الكوفة ويوربها فيعزم السفياني على قتاله ويهم مع عساكره باستيصاله فإذا جهزت الألوف وصفت الصفوف قتل الكبش الخروف فيموت الثائر ويقوم الآخر ثم ينهض اليماني لمحاربة السفياني ويقتل النصراني فإذا هلك الكافر وابنه الفاجر ومات الملك الصايب ومضى لسبيله النائب خرج الدجال وبالغ في الإغواء والإضلال ثم يظهر آمر الأمرة وقاتل الكفرة السلطان المأمول الذي تحير في غيبته العقول وهو التاسع من ولدك يا حسين يظهر بين الركنين يظهر على الثقلين ولا يترك في الأرض الأدنين، طوبى للمؤمنين الذين أدركوا زمانه ولحقوا أوانه وشهدوا أيامه ولاقوا أقوامه.(12) في مجمع النورين عن غيبة ابن عقدة عن الصادق (عليه السلام) اختلاف الصنفين من العجم في لفظ كلمة عدل يقتل فيهم ألوف ألوف ألوف.(13) يخالفهم الشيخ الطبرسي، فيصلب ويقتل. في العوالم عن غيبة النعماني عن أبي عبد الله (عليه السلام) عند ذكر القائم فقال: أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال: مات أو هلك في أي واد سلك؟ فقلت: وما استدارة الفلك؟ فقال: اختلاف الشيعة بينهم. (وفيه) عن الكتاب المذكور عنه: إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهروي (لعل المراد بالهروي الثياب الهروية شبهت لها في عظمتها وبياضها) العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن شاء الله تعالى إن الله عزيز حكيم.(14) (وفيه) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: إن الله عز وجل قدر فيما قدر وقضى وحتم بأنه كائن لا بد منه أخذ بني أمية بالسيف جهرة وأن أخذ فلان بغتة، وقال (عليه السلام): لا بد من رحى تطحن فإذا قامت على قطبها وثبتت على ساقها بعث الله عليها عبدا عسفا، خاملا أصله، يكون النصر معه، أصحابه الطويلة شعورهم أصحاب السبال، سود ثيابهم، أصحاب رايات سود، ويل لمن ناواهم، يقتلونهم هرجا، والله لكأني أنظر إليهم وإلى أفعالهم وما يلقى من الفجار منهم والأعراب الجفاة لسلطهم الله عليهم بلا رحمة فيقتلونهم هرجا على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية والبحرية جزاء بما عملوا وما ربك بظلام للعبيد.(15) (وفيه) عن الصادق (عليه السلام): لا يقوم القائم إلا على خوف شديد من الناس وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك وسيف قاطع بين المغرب واختلاف شديد بين الناس وتشتيت في دينهم وتغيير في حالهم حتى يتمنى المتمني صباحا ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا قيامه (عجل الله فرجه)، فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجا، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره والويل كل الويل لمن ناواه وخالفه وخالف أمره وكان من أعدائه، وقال: يقوم بأمر جديد وكتاب جديد وسنة جديدة وقضاء على العرب شديد وليس شأنه إلا القتل لا يستبقي أحدا ولا تأخذه في الله لومة لائم.(16) (وفيه) عنه (عليه السلام): إذا رأيتم في السماء نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليال فعندها فرج الناس وهي قدام القائم بقليل.(17) (وفيه) عن كفاية الأثر عن علقمة بن قيس قال: خطبنا أمير المؤمنين على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة قال فيما قال في آخرها: ألا وإني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب فارتقبوا الفتنة الأموية والملكة الكسروية وإماتة ما أحياه الله وإحياء ما أماته الله واتخذوا صوامعكم بيوتكم وعضوا مثل جمر الغضا واذكروا الله كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون. ثم قال: وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيل والفرات فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر مزخرفة بالذهب والفضة والأزورد والمرمر والرخام وأبواب العاج والأبنوس والخيم والقباب والستارات وقد غلبت بالساج والعرعر والصنوبر وشيدت بالقصور وتوالت عليها ملك بني شيصبان، أربعة وعشرون ملكا فيهم السفاح والمقلاص والجموح والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعثار والمصطلم والمستصعب والعلام والرهبان والخليع والسيار والمترف والكديد والأكتب والمترف والأكلب والوسيم والظلام والغيوق، وتعمل القبة الغبراء ذات الفلاة الحمراء وفي عقبها قائم الحق يسفر عن وجه بين الأقاليم كالقمر المضئ بين الكواكب الدرية، ألا وإن لخروجه علامات عشرة أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ويقارب من الحادي ويقع فيه هرج ومرج شغب، وتلك علامات الخصب، ومن العلامة إلى العلامة عجب فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر القمر الأزهر وتمت كلمة الإخلاص لله على التوحيد.(18) (وفيه) عن غيبة النعماني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لله مائدة وفي غير هذه الرواية مأدبة(19) بقرقيسا يطلع مطلع من السماء فينادي: يا طير السماء ويا سباع الأرض هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين.(20) (وفيه) عن إكمال الدين عنه (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إياكم والتنويه(21) أي لا تشتهروا أنفسكم أو لا تدعوا الناس إلى دينكم أو لا تشتهروا ما أقول لكم من أمر القائم (عجل الله فرجه) وغيره مما يلزم إخفاؤه عن المخالفين، أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم وليمحص حتى يقال مات أو هلك بأي واد سلك ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه ولترفعن اثني عشر راية مشتبهة لا يدرى أي من أي، فكيف نصنع؟ قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفة، ترى هذه الشمس؟ فقلت: نعم، قال: والله أمرنا أبين من هذه الشمس.(22) (وفيه) عن غيبة النعماني عنه (عليه السلام) بعد ذكر القائم (عجل الله فرجه) عنده أما إنه لو قد قام لقال الناس أنى يكون هذا وقد بليت عظامه هذا كذا وكذا.(23) في معالم الزلفى عن غيبة النعماني عن أبي عبد الله (عليه السلام) لا يخرج القائم (عجل الله فرجه) من مكة حتى يكون مثل الحلقة قلت: وكم الحلقة؟ قال: عشرة آلاف، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ثم يهز الراية المغلبة ويسير بها فلا يبقى أحد في المشرق ولا في المغرب إلا بلغها، وهي راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل بها جبرئيل يوم بدر ثم لفها ودفعها إلى علي (عليه السلام) حتى إذا كان يوم البصرة فنشرها أمير المؤمنين (عليه السلام) ففتح الله عليه ثم لفها فهي عندنا لا ينشرها أحد حتى يقوم القائم فإذا هو قام فنشرها لم يبق بين المشرق والمغرب إلا بلغها ويسير الرعب قدامها شهرا وعن يمينها شهرا وعن يسارها شهرا ثم قال: يا محمد إنه يخرج موتورا غضبان أسفا لغضب الله على هذا الخلق، عليه قميص رسول الله الذي كان عليه يوم أحد وعمامة السحاب ودرع رسول الله السابغة وسيف رسول الله ذو الفقار، يجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا فيبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة وينادي مناديه: هؤلاء سراق الله ثم يتناول المفقودين عن فرشهم وهو قول الله عز وجل: (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا)(24) قال: الخيرات الولاية.(25) عن المجلسي (رحمه الله) عن الدرة الباهرة من الأصداف الطاهرة من تأليفات قطب الدين الكيدري أو الشهيد الثاني قال: وجد بخط الإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) على ظهر الكتاب قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية ودرنا سبع طرائق بأعلام الفتوة الهداية ونحن ليوث الوغى وغيوث الندى وفينا السيف والقلم في العاجل ولواء الحمد في الآجل، أسباطنا خلفاء الدين وخلفاء اليقين ومصابيح الأمم ومفاتيح الكرم، فالكليم البس الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء روح القدس في جنان الصاغورة ذاق من حدايقنا الباكورة، شيعتنا الفئة الناجية والفرقة الزاكية صاروا لنا ردءا وصونا، وعلى الظلمة إلبا وعونا سيفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى مجتمع النيرين لتمام الروضة والطواسين من السنين.(26) أقول: ليس المراد بالطواسين حروفها، بل المراد طاسين ثلاث أحداها بلا ميم واثنين مع الميم ولا يحسب الألف والواو واللام منه عكس الألف واللام من الروضة فإنه يحسب والهاء آخر الروضة ليس من قبيل تاء قرشت بل هو هاء هوز فعلى ذلك نحسب واو والطواسين ال روض 5 وط ط ط س س س م م يصير ألف وخمسة وثلاثين وثلاثمائة. أقول: يمكن أن تكون الحمرة الواقعة في الخبر وقعت في السابق كما ذ كر السيد العالم النسابة العلامة بهاء الملة والدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النجفي (قدس سره) أستاذ أبي العباس أحمد بن فهد الحلي في الكتاب الموسوم ب‍ الأنوار المضيئة في الحكمة الشرعية: قد ظهرت ليلة الاثنين خامس جمادى الأولى سنة اثنين وسبعين وسبعمائة بعد العشاء الآخرة حمرة عظيمة أضاءت لها أقطار السماء وكان خروجها، وانتشرت حتى ملكت نصف الأفق وشاهدها كثير من الناس بالمشهد الشريف الغروي سلام الله على مشرفه. وحكى لي الشيخ الصالح حسون بن عبد الله أنه كان تلك الليلة بعذار زبيد، فلما ظهرت هذه الحمرة وعلا ضوؤها توهم العذار أن ذلك حريق عظيم في بعض جمايعهم فقاموا فزعين يتعرفون ذلك فشاهدوا الحمرة وفيها أعمدة بيض عدها جماعة منهم فكانت خمس وعشرين عمودا ولله عاقبة الأمور.(27) فاكهة: ملخص الاعتقاد في الغيبة والظهور ورجعة الأئمة لبعض العلماء،(28) ومما ينبغي اعتقاد رجعة محمد وأهل بيته: إذا كانت السنة التي يظهر فيها قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وقع قحط شديد فإذا كان العشرون من جمادى الأولى وقع مطر شديد لا يوجد مثله منذ هبط آدم إلى الأرض متصل إلى أول شهر رجب تنبت لحوم من يريد الله أن يرجع إلى الدنيا من الأموات وفي العشر الأول منه أيضا يخرج الدجال من أصفهان ويخرج السفياني عثمان بن عنبسة (أبوه من ذرية أبي سفيان وأمه من ذرية يزيد بن معاوية) من الرملة من الوادي اليابس، وفي شهر رجب يظهر في قرص الشمس جسد أمير المؤمنين (عليه السلام) يعرفه الخلايق وينادي في السماء مناد باسمه، وفي آخر شهر رمضان ينخسف القمر، وفي الليلة الخامسة منه تنكسف الشمس، وفي أول الفجر من اليوم الثالث والعشرين ينادي جبرئيل في السماء أن الحق مع علي وشيعته، وفي آخر النهار ينادي إبليس من الأرض: ألا إن الحق مع عثمان الشهيد وشيعته، يسمع الخلائق كلا الندائين كل بلغته، فعند ذلك يرتاب المبطلون، فإذا كان اليوم الخامس والعشرون من ذي الحجة يقتل النفس الزكية محمد بن الحسن بين الركن والمقام ظلما، وفي اليوم العاشر من المحرم يخرج الحجة، يدخل المسجد الحرام، يسوق أمامه عنيزات ثماني عجاف ويقتل خطيبهم، فإذا قتل الخطيب غاب عن الناس في الكعبة فإذا جنه الليل ليلة السبت صعد سطح الكعبة ونادى أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر فيجتمعون عنده من مشرق الأرض ومغربها فيصبح يوم السبت فيدعو الناس إلى بيعته فأول من يبايعه الطائر الأبيض جبرئيل ويبقى في مكة حتى يجتمع إليه عشرة آلاف ويبعث السفياني عسكرين: عسكرا إلى الكوفة وعسكرا إلى المدينة ويخربونها ويهدمون القبر الشريف وتروث بغالهم في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويخرج العسكر إلى مكة ليهدموها فإذا وصلوا البيداء خسف بهم، لم ينج منهم إلا رجلان أو ثلاثة يمضي أحدهما نذيرا للسفياني والآخر بشيرا للقائم (عجل الله فرجه). ثم يسير إلى المدينة ويخرج الجبت والطاغوت ويصلبهما ويسير في أرض الله ويقتل الدجال ويلتقي بالسفياني ويأتيه السفياني ويبايعه فيقول له أقوامه من أخواله: يا كلب ما صنعت؟ فيقول: أسلمت وبايعت فيقولون: والله ما نوافقك على هذا فلا يزالون به حتى يخرج على القائم فيقاتله فيقتله الحجة ولا يزال يبعد أصحابه في أقطار الأرض حتى يستقيم له الأمر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويستقر في الكوفة ويكون مسكن أهله مسجد السهلة ومحل قضائه مسجد الكوفة ومدة ملكه سبع سنين يطول الأيام والليالي حتى تكون السنة بقدر عشر سنين لأن الله سبحانه يأمر الملك باللبوث فتكون مدة ملكه سبعين سنة من هذه السنين فإذا مضى منها تسع وخمسون سنة خرج الحسين (عليه السلام) في أنصاره الاثنين والسبعين الذين استشهدوا معه في كربلاء وملائكة النصر والشعث الغبر الذين عند قبره فإذا تمت السبعون السنة أتى الحجة الموت فتقتله امرأة من بني تميم اسمها سعيدة ولها لحية كلحية الرجل بجاون صخر من فوق سطح وهو متجاوز في الطريق فإذا مات تولى تجهيزه الحسين (عليه السلام) ثم يقوم بالأمر ويحشر له يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد ومن معه يوم كربلاء ومن رضي بأفعالهم من الأولين والآخرين فيقتلهم الحسين ويقتص منهم ويكثر القتل في كل من رضي بفعلهم أو أحبهم حتى يجتمع عليه أشرار الناس من كل ناحية ويلجئونه إلى البيت الحرام فإذا اشتد به الأمر خرج السفاح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لنصرته مع الملائكة فيقتلون أعداء الدين ويمكث علي مع ابنه الحسين (عليه السلام) ثلاثمائة سنة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ثم يضرب على قرنه الأيسر ويقتل - لعن الله قاتله - ويبقى الحسين (عليه السلام) قائما بدين الله ومدة ملكه خمسون ألف سنة حتى ليربط حاجبه بعصابة من شدة الكبر ويبقى أمير المؤمنين (عليه السلام) في موته أربعة آلاف سنة أو ستة آلاف سنة أو عشرة آلاف سنة على اختلاف الروايات، ثم يكر علي في جميع شيعته لأنه (عليه السلام) يقتل مرتين ويحيى مرتين، قال (عليه السلام): أنا الذي أقتل مرتين وأحيى مرتين ولي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة والأئمة يرجعون حتى القائم (عجل الله فرجه) لأن لكل مؤمن موتة فهو في أول خروجه قتل ولا بد أن يرجع حتى يموت، ويجتمع إبليس مع جميع أتباعه ويقتلون عند الروجاء قريبا من الفرات فيرجع المؤمنون القهقهرى حتى تقع منهم رجال، في الفرات، وروى ثلاثون رجلا فعند ذلك يأتي تأويل قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر)(29) رسول الله ينزل من الغمام وبيده حربة من نار فإذا رآه إبليس هرب فيقول أنصاره: أين تذهب وقد آن لنا النصر؟ فيقول: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين، فيلحقه رسول الله فيطعنه في ظهره فتخرج الحربة من صدره ويقتلون أصحابه أجمعين، وعند ذلك يعبد الله ولا يشرك به شيئا ويعيش المؤمن لا يموت حتى يكون له ألف ولد ذكر وإذا كسا ولده ثوبا يطول معه، كلما طال طال الثوب ويكون لونه على حسب ما يريد وتظهر الأرض بركاتها وتؤكل ثمرة الصيف في الشتاء وبالعكس فإذا أخذت الثمرة من الشجرة ينبت مكانها حتى لا يفقد شيئا وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله سبحانه وتعالى فإذا أراد الله تعالى نفاذ أمره في خراب العالمين رفع محمدا وآله صلى الله عليهم إلى السماء وبقي الناس في هرج ومرج أربعين يوما ثم ينفخ إسرافيل في الصور نفخة الصعق. وما ذكرناه هنا ملتقط من روايات الأئمة الأطهار والذي ينبغي للمؤمن اعتقاد رجعتهم إلى الدنيا وهو في أحاديثهم لا يرتاب فيه المؤمن بتلك الأخبار وإنما عبرت بلفظ ينبغي دون لفظ الواجب اتقاء من خلاف بعض العلماء في ذلك من أن المراد بالرجعة قيام القائم. والحق أن رجعتهم حق بنص الأخبار المتكثرة ودعوى أنه إخبار آحاد غير مسموعة بعد ظاهر القرآن ونص نحو خمسمائة حديث روي، عنهم ولو لم يكن إلا إنكار المخالفين الذين يكون الرشد في خلافهم لكفى.
الفرع الثالث: في أخبار أهل العرفان والحساب والكهنة بظهوره وعلاماته عجل الله فرجه
في البحار عن البرسي في المشارق أن ذاجدن الملك أرسل إلى السطيح لأمر شك فيه، فلما قدم عليه أراد أن يجرب علمه قبل حكمه فخبأ له دينارا تحت قدمه ثم أذن له فدخل فقال له: ما خبأت لك يا سطيح؟ فقال سطيح: حلفت بالبيت والحرم والحجر الأصم والليل إذا أظلم والصبح إذا تبسم وبكل فصيح وأبكم، لقد خبأت لي دينارا بين النعل والقدم، فقال الملك: من أين علمك هذا يا سطيح؟ فقال: من قبل أخ لي جني ينزل معي أنى نزلت، فقال الملك: أخبرني عما يكون في الدهور؟ فقال سطيح: إذا غارت الأخيار وقادت الأشرار وكذب بالأقدار وحمل بالأوقار وخشعت الأبصار لحامل الأوزار وقطعت الأرحام وظهرت الطعام لمستحلي الحرام في حرمة الإسلام واختلفت الكلمة وخفرت الذمة وقلت الحرمة وذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب وله شبيه الذنب، فهناك ينقطع الأمطار وتجف الأنهار وتختلف الأعصار وتغلو الأسعار في جميع الأقطار، ثم تقبل البربر بالرايات الصفر على البرازين حتى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر فيبدل الرايات السود بالحمر فيبيح المحرمات ويترك النساء بالثدي معلقات وهو صاحب نهب الكوفة، فرب بيضاء الساق مكشوفة، على الطريق مردوفة، بها الخيل محفوفة، قتل زوجها وكسر عجزها واستحل فرجها، فعندها يظهر ابن النبي المهدي (عجل الله فرجه)، وذلك إذ ا قتل المظلوم بيثرب وابن عمه في الحرم وظهر الخسفي فوافق الوسمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم بقتل القروم فعندها ينكسف كسوف إذا حاد الزحوف وصفا الصفوف ويظهر ملك من صنعاء اليمن أبيض كالقطع اسمه حسين أو حسن فيذهب بخروجه عمر الفتن، فهناك يظهر مباركا زكيا وهاديا ومهديا وسيدا علويا فيفرح الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم فيكشف بنوره الظلمة ويظهر به الحق بعد الخفاء ويفرق الأموال في الناس بالسواء ويغمد السيف فلا يسفك الدماء ويعيش الناس في البشر والهناء ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء ويرد الحق على أهل القرى ويكثر في الناس الضيافة والقرى ويرفع بعدل الغواية والعمى كأنه كان غبارا فانجلى فيملأ الأرض عدلا وقسطا والأيام حبا وهو علم الساعة بلا امتراء.(30) وفي الينابيع عن الشيخ محي الدين الطائي الأندلسي في حل الصحيفات الجفرية: ولما اطلعني الله على العوالم الماضية سألت عن شرحيهما فقال: إنهما لا يعلمان إلا ظاهره وإنه إلى الآن مقفل فحله لي، والإمام علي (عليه السلام) ورث علم الحروف من سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإليه الإشارة بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فعليه بالباب، وقد ورث علي كرم الله وجهه علم الأولين والآخرين وما رأيت فيمن اجتمعت بهم أعلم منه. قال ابن عباس: أعطي الإمام علي كرم الله وجهه تسعة أعشار العلم وإنه لأعلمهم بالعشر الباقي وهو أول من وضع مربع مائة في مائة في الإسلام وقد صنف الجفر الجامع في أسرار الحروف وفيه ما جرى للأولين وما يجري للآخرين وفيه اسم الله الأعظم وتاج آدم وخاتم سليمان وحجاب آصف وكانت الأئمة الراسخون من أولاده: يعرفون أسرار هذا الكتاب الرباني واللباب النوراني وهو ألف وسبعمائة مصدر المعروف بالجفر الجامع والنور اللامع وهو عبارة عن لوح القضاء والقدر، ثم الإمام الحسين (عليه السلام) ورث علم الحروف من أبيه كرم الله وجهه ثم الإمام زين العابدين ورث عن أبيه (عليهما السلام) ثم الإمام محمد الباقر (عليه السلام) ورثه من أبيه ثم الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ورثه من أبيه (عليه السلام) وهو الذي غاص في أعماق أغواره واستخرج درره من أصداف أسراره وحل معاقد رموزه وفك طلاسم كنوزه وصنف الخافية في علم الجفر وجعل في خافية الباب الكبير ابتث وفي الباب الكبير أبجد إلى قرشت ونقل أنه يتكلم بغوامض الأسرار والعلوم الحقيقية وهو ابن سبع سنين، وقال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): علمنا غابر ومزبور وكتاب مسطور في رق منشور ونكت في القلوب ومفاتيح أسرار الغيوب ونقر في الأسماع ولا ينفر عنه الطباع وعندنا الجفر الأبيض والجفر الأحمر والجفر الإكسير والجفر الأصفر ومنا الفرس الغواص والفارس القناص فافهم هذا اللسان الغريب والبيان العجيب. قيل: إن الجفر يظهر في آخر الزمان مع الإمام محمد المهدي (رضي الله عنه) ولا يعرف عن الحقيقة إلا هو، كان الإمام علي (عليه السلام) من أعلم الناس بعلم الحروف وأسرارها وقال الإمام علي: سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين جنبي علوما كالبحار الزواخر. وأعلم أن هذا الجفر هو التكسير الكبير الذي ليس فوقه شيء ولم يهتد إلى وضعه من لدن آدم إلى الإسلام غير الإمام علي كرم الله وجهه كل ذلك ببركة تعليم خير الأنام ومصباح الظلام محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. ولما كنت في بلدة بجاية سنة عشرة وستمائة اجتمعت بإدريس وحللت عليه الثمانية والعشرين سفرا بكمالها وأهدى إلي علمه على أحسن حال. فهذا الذي حملني على إخراج كتاب سهل ممتنع وما سلم من الخطأ إلا المعصوم وما منا إلا له مقام معلوم، وأن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وضع وفقا مسدسا على عدد حرف ألف الذي هو كافي وكان يخرج منه علوما كالبحار الزواخر، وإن أردت حله على الحقيقة فانظر في كتاب شق الجيب يظهر لك سر ذلك، وكان لسيدي الشيخ أبو الحسن الشاذلي فيه تصرف غريب.
الهوامش:
(1) سورة المائدة: 66.
(2) الاحتجاج: 111 احتجاج سلمان بعد وفاة النبي.
(3) سورة البقرة: 55.
(4) غيبة الشيخ: 428 ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية كذبا.
(5) الكافي: 8 / 177 ح 198.
(6) روضة الواعظين: 264.
(7) غيبة النعماني: 145 باب 10.
(8) غيبة النعماني: 273 ح 50 باب 14.
(9) ذكره في الذريعة: 1 / 431 رقم 2194.
(10) في المصادر: رايات الترك.
(11) في بعض المصادر: والجنبات.
(12) غيبة النعماني: 275 ح 55 وفيه: الأرض دمين.
(13) مجمع النورين: 297 وفيه: في لفظة كلمة ويسفك فيهم دماء كثيرة ويقتل. 5 - غيبة النعماني: 157 ح 206 باب 10.
(14) غيبة النعماني: 253 ح 13 باب 14.
(15) غيبة النعماني: 257 ح 14 باب 14.
(16) غيبة النعماني: 234 ح 22 باب 13.
(17) غيبة النعماني: 262 ح 37 باب 14.
(18) كفاية الأثر: 216.
(19) المأدبة: الطعام الذي يصنعه الرجل يدعو إليه الناس.
(20) غيبة النعماني: 278 ح 63 باب 14.
(21) التنويه: التشهير.
(22) أصول الكافي: 1 / 339 ح 11.
(23) غيبة النعماني: 155 ح 14 باب 10.
(24) سورة البقرة: 148.
(25) غيبة النعماني: 307 ح 2 باب 19.
(26) البحار: 26 / 264 ح 50.
(27) خاتمة المستدرك: 20 / 301 وفيه: حسن بدل: حسون.
(28) وهو السيد محمود بن فتح الله الكاظمي في كتابه: تفريج الكربة في إثبات الرجعة على ما ذكره صاحب كتاب الذريعة ونقل بعض كلامه في الذريعة: 2 / 193 رقم 736.
(29) سورة البقرة: 210.
(30) مشارق أنوار اليقين: 196 - 197 بتحقيقنا.
******************
قال سيدي الشيخ أبو مدين المغربي: ما رأيت شيئا إلا رأيت شكل الباء فيه، ولذلك كان أول البسملة وهي آية من كل سورة. وقال: ما من رسم يرسم إلا وله خاصية حتى الحية إذا مشت على التراب. وقد أودع الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في السر الأكبر من الجفر الأحمر سرا كبيرا ولا ينبئك إلا مثل إمام خبير فإن عرفت سره ووضعه وضعت الجفر جميعه، وذكرت بعض هذه الأسرار في الفتوحات المكية، فلما أراد الله أن يثبت الحجة لآدم (عليه السلام) على الملائكة وأراد أن يعلمهم أن آدم أحق بالخلافة منهم قال: (يا آدم أنبئهم بأسمائهم)(1) فثبت العجز على الملائكة بالمسألة التي سألهم إياها وعجزوا عن علمها فجعل آدم خليفة لكونه أحق بالخلافة منهم لفضل علمه. فمن وصل إلى هذه الفضيلة فقد اختصه الله تبارك وتعالى من بين عباده وجعله أفضل أهل زمانه، ولم يهتدوا إلى سر يقع إلا إمام العلوم باب مدينة المعصوم، وحللنا نزرا يسيرا في شق الجيب فيما يتعلق بالمهدي (عجل الله فرجه) وخروجه: أخرج يا إمام تعطل الإسلام إن الذي فرض عليك لرادك إلى معاد. إذا دار الزمان على حروف * ببسم الله فالمهدي قاما ويخرج بالحطيم عقيب صوم * ألا فاقرأه من عندي السلاما (2) لما انجر الكلام بذكر الشيخ العارف الكامل محي الدين ناسب ذكر بعض كلماته (في الفتوحات المكية) وهو هذا: إن لله خليفة يخرج من عترة رسول الله من ولد فاطمة يواطي اسمه اسم رسول الله، جده الحسين بن علي (عليهما السلام) يبايع بين الركن والمقام يشبه برسول الله في الخلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخلق - بضم الخاء - أسعد الناس به أهل الكوفة يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا يضع الجزية على الكفار ويدعو إلى الله بالسيف ويرفع المذاهب عن الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم يبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي، له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه ولولا أن السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ولكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطمعون ويخافون ويقبلون حكمه من غير إيمان ويضمرون خلافه ويعتقدون فيه إذا حكم فيهم بغير مذهب أئمتهم إنه على ضلال في ذلك لأنهم يعتقدون أن أهل الاجتهاد وزمانه قد انقطع وما بقي مجتهد في العالم وأن الله لا يوجد بعد أئمتهم أحدا له درجة الاجتهاد، وأما من يدعي التعريف الإلهي بالأحكام الشرعية فهو عندهم مجنون فاسد الخيال، انتهى.(3) فانظر بعين الإنصاف قوله: لله خليفة، وقوله: أسعد الناس به أهل المعرفة، وقوله: أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد، وقوله: لأنهم يعتقدون أن أهل الاجتهاد وزمانه قد انقطع. وفي الينابيع عن الشيخ الجليل اليماني:
وفي يمن أمن يكون لأهلها * إلى أن ترى نور الهداية مقبلا بميم مجيد من سلالة حيدر * ومن آل بيت طاهرين بمن علا يسمى بالمهدي من الحق ظاهر * بسنة خير الخلق يحكم أولا وقال الشيخ الكبير عبد الرحمن البسطامي: ويظهر ميم المجد من آل أحمد * ويظهر عدل الله في الناس أولا كما قد روينا من علي الرضا * وفي كنز علم الحرف أضحى محصلا (4) وعنه أيضا: ويخرج حرف الميم من بعد شينه * بمكة نحو البيت بالنصر قد علا فهذا هو المهدي بالحق ظاهر * سيأتي من الرحمن للحق مرسلا ويملأ كل الأرض بالعدل رحمة * ويمحو ظلام الشرك والجور أولا ولايته بالأمر من عند ربه * خليفة خير الرسل من عالم العلا (5) وعن الشيخ محي الدين في كتابه المسمى عنقاء المغرب: فعند فنا خاء الزمان ودالها * على فاء مدلول الكرور يقوم مع السبعة الأعلام والناس غفل * عليم بتدبير الأمور حكيم فأشخاصه خمس وخمس وخمسة * عليهم ترى أمر الوجود يقوم ومن قال إن الأربعين نهاية * لهم فهو قول يرتضيه كليم وإن شئت أخبر عن ثمان ولا تزد * طريقهم فرد إليه قويم فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها * وثامنهم عند النجوم لزيم وعن الشيخ صدر الدين القونوي في شأنه وعلامة ظهوره: يقوم بأمر الله في الأرض ظاهرا * على رغم شيطانين بالمحق للكفر يؤيد شرع المصطفى وهو ختمه * ويمتد من ميم بأحكامها يدري ومدته ميقات موسى وجنده * خيار الورى في الوقت يخلو عن الحصر على يده محق اللئام جميعهم * بسيف قوي المتن علك أن تدري حقيقة ذاك السيف والقائم الذي * تعين للدين القويم على الأمر لعمري هو الفرد الذي بان سره * بكل زمان في مطاه يسري تسمى بأسماء المراتب كلها * خفاء وإعلانا كذاك إلى الحشر أليس هو النور الأتم حقيقة * ونقطة ميم منه إمدادها يجري يفيض على الأكوان ما قد أفاضه * عليه إله العرش في أزل الدهر فما ثم إلا الميم لا شيء غيره * وذو العين من نوابه مفرد العصر هو الروح فأعلمه وخذ عهده إذا * بلغت إلى مد مديد من العمر كأنك بالمذكور تصعد راقيا * إلى ذروة المجد الأثيل على القدر وما قدره إلا ألوف بحكمة * إلى حد مرسوم الشريعة بالأمر بنا قال أهل الحل والعقد واكتفى * بنصهم المثبوت في صحف الزبر فإن تبغ ميقات الظهور فإنه * يكون بدور جامع مطلع الفجر بشمس تمد الكل من ضوء نورها * وجمع دراري الأوج فيها مع البدر وصل على المختار من آل هاشم * محمد المبعوث بالنهي والأمر عليه صلاة الله ما لاح بارق * وما أشرقت شمس الغزالة في الظهر وآل وأصحاب أولي الجود والتقى * صلاة وتسليما يدومان للحشر(6) وعن أبو هلال المصري أستاذ محي الدين: إذا حكم النصارى في الفروج * وغالوا في البغال وفي السروج وذلت دولة الإسلام طرا * وصار الحكم في أيدي العلوج فقل للأعور الدجال هذا * زمانك إن عزمت على الخروج عن محبوب القلوب قطب الدين الأشكوري عن سعد الدين الحموي بيتا بالعربي يشعر بزمان قيام القائم (عجل الله فرجه) الملك الخفي الجلي بالرمز العددي وهو هذا: إذا بلغ الزمان عقيب صوم * ببسم الله فالمهدي قاما اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه.
ونقل أيضا عن الشيخ محي الدين في العلائم: لا بد للروم مما ينزل حلبا * مدججين بأعلام وأبواق والترك تحشر من نصيبين(7) من حلب * يأتوا كراديس في جمع وأفراق كم من قتيل يرى في الترب منجدلا * في رمستين بدا كالماء مهراق ولا تزال جيوش الترك سائرة * حتى تحل بأرض القدس عن ساق والترك يستنجد المصري حين يرى * في جحفل الروم غدرا بعد ميثاق ويخرج الروم في جيش لهم جلب * إلى اللقاء بأرقال وأعتاق وتخرب الشام حتى لا انجبار لها * من روم أو روس وإفرنج وبطراق وتنشر الراية الصفراء في حلب * من كف قيل يقول الحق مصداق يا وقعة لملوك الأرض أجمعها * روم وروس وإفرنج وبطراق ويل الأعاجم من ويل يحل بهم * من واد وخل (و) من روس وأعناق يأخذهم السيف من أرض الجبال فلا * يبقى ببغداد منهم فارس باق وتملك الكرد بغدادا وساحتها * إلى خراسان من شرق العراق وتشرب الشاة والسرحان ماءهما * بالأمن من غير إرجاف وإفراق وتأتي الصيحة العظمى فلا أحد * ينجو ولا من حكمه باق والله أعلم بعد ذلك ماذا يكون ويبقى * ذو الوجود الواحد الباقي زهرة: في الصراط المستقيم: وجد كتاب بخط الكمال العلوي النيسابوري في خزانة أمير المؤمنين (عليه السلام) فيه وصية لابنه محمد بن الحنفية، وهذا الكتاب تأليف الشيخ زين أبي محمد علي بن محمد بن يونس العاملي الفنفجوري النباطي البياضي: بني إذا ما جاشت الترك فانتظر * ولاية مهدي يقوم ويعدل وذل ملوك الأرض من آل هاشم * وبويع منهم من يلذ ويهزل صبي من الصبيان لا رأي عنده * ولا عنده جل ولا هو يعقل فثم يقوم القائم الحق منكم * وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل سمي نبي الله نفسي فداؤه * فلا تخذلوه يا بني وعجلوا (8) أقول: هذه الأشعار أيضا في الديوان المنسوب إليه مذكور، وكذا في خطبته (عليه السلام) المعروفة بخطبة البيان التي تذكر بعيد هذا.
الفرع الرابع: وهو فرع الرياحين في خطب علي (عليه السلام) في علامات الظهور وحديث مفضل بن عمر في علامات الظهور والرجعة
وهو مشتمل على رياحين
الريحان الأول: في الخطبة التي خطبها في البصرة المعروفة بخطبة البيان
ولما كانت نسختها مختلفة ذكرنا نسختين منها نسخة ذكر فيها أصحاب القائم ونسخة ذكر فيها أصحاب الولاة منسوبة منه إلى البلاد. النسخة الأولى: في نسخة حدثنا محمد بن أحمد الأنباري قال: حدثنا محمد بن أحمد الجرجاني قاضي الري قال: حدثنا طوق بن مالك عن أبيه عن جده عن عبد الله بن مسعود رفعه إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام): لما تولى الخلافة بعد الثلاثة أتى إلى البصرة فرقى جامعها وخطب الناس خطبة تذهل منها العقول وتقشعر منها الجلود، فلما سمعوا منه ذلك أكثروا البكاء والنحيب وعلا الصراخ، قال: وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أسر إليه السر الخفي الذي بينه وبين الله عز وجل فلأجل ذلك انتقل النور الذي كان في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى وجه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: ومات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه الذي أوصى فيه لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان قد أوصى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يخطب الناس خطبة البيان فيها علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة قال: فأقام أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صابرا على ظلم الأمة إلى أن قرب أجله وحان وصاية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخطبة التي تسمى خطبة البيان فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة ورقى المنبر وهي آخر خطبة خطبها فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أيها الناس أنا وحبيبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كهاتين وأشار بسبابته والوسطى ولو لا آية في كتاب الله لنبأتكم بما في السماوات والأرض وما في قعر هذا فما يخفى علي منه شيء ولا تعزب كلمة منه وما أوحي إلي بل هو علم علمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لقد أسر لي ألف مسألة في كل مسألة ألف باب وفي كل باب ألف نوع، فاسألوني قبل أن تفقدوني، اسألوني عما دون العرش أخبركم ولولا أن يقول قائلكم: إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ساحر كما قيل في ابن عمي، لأخبرتكم بمواضع أحلامكم وبما في غوامض الخزائن (المسائل) ولأخبرتكم بما في قرار الأرض.(9) وهذه هي خطبته التي خطب وهي خطبة البيان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها وساطح المدحيات وقادرها ومؤيد الجبال وساغرها (10) ومفجر العيون وباقرها ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزين السماء وزاهرها ومدبر الأفلاك ومسيرها ومظهر البدور ونائرها ومسخر السحاب وماطرها ومقسم المنازل ومقدرها (و) مدلج الحنادس(11) وعاكرها ومحدث الأجسام وقاهرها ومنشئ السحاب ومسخرها ومكور الدهور ومكررها ومورد الأمور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبرها ومنشئ الرفات(12) ومنشرها. أحمده على آلائه وتوافرها وأشكره على نعمائه وتواترها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يؤدي الإسلام ذاكرها ويؤمن من العذاب يوم الحساب ذاخرها، وأشهد أن محمدا عبده الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها أرسله إلى أمة قد شغل بعبادة الأوثان سايرها (13) واغتلطس بضلالة دعاة الصلبان ماهرها وفخر بعمل الشيطان فاخرها وهداها عن لسان قول العصيان طائرها وألم بزخرف الجهالات والضلالات سوء ماكرها فأبلغ رسول الله في النصيحة وساحرها ومحا بالقرآن دعوة الشيطان ودامرها وأرغم معاطس(14) جهال العرب وأكابرها حتى أصبحت دعوته بالحق ينطق ثامرها (15) واستقامت به دعوة العليا وطابت عناصرها، أيها الناس سار المثل وحقق العمل وكثر الوجل وقرب الأجل ودنا الرحيل ولم يبق من عمري إلا القليل فاسألوني قبل أن تفقدوني. أيها الناس أنا المخبر عن الكائنات أنا مبين الآيات أنا سفينة النجاة أنا سر الخفيات أنا صاحب البينات أنا مفيض الفرات أنا معرب التوراة أنا المؤلف للشتات أنا مظهر المعجزات أنا مكلم الأموات أنا مفرج الكربات أنا محلل المشكلات أنا مزيل الشبهات أنا ضيغم الغزوات أنا مزيل المهمات أنا آية المختار أنا حقيقة الأسرار أنا الظاهر علي حيدر الكرار أنا الوارث علم المختار أنا مبيد الكفار أنا أبو الأئمة الأطهار أنا قمر السرطان(16) أنا شعر الزبرقان(17) أنا أسد الشرة(18) أنا سعد الزهرة أنا مشتري الكواكب أنا زحل الثواقب أنا عين الشرطين أنا عنق السبطين أنا حمل الإكليل أنا عطارد التعطيل أنا قوس العراك أنا فرقد السماك(19) أنا مريخ الفرقان أنا عيون الميزان أنا ذخيرة الشكور أنا مصحح(20) الزبور أنا مؤول التأويل أنا مصحف الإنجيل أنا فصل الخطاب أنا أم الكتاب أنا منجد البررة أنا صاحب البقرة أنا مثقل الميزان أنا صفوة آل عمران أنا علم الأعلام وأنا جملة الأنعام أنا خامس الكساء أنا تبيان النساء أنا صاحب الأعراف أنا مبيد الأسلاف أنا مدير الكرم أنا توبة(21) الندم أنا الصاد والميم أنا سر إبراهيم أنا محكم الرعد أنا سعادة الجد أنا علانية المعبود أنا مستنبط هود أنا نحلة الخليل أنا آية بني إسرائيل أنا مخاطب الكهف أنا محبوب الصحف أنا الطريق الأقوم أنا موضح مريم أنا السورة لمن تلاها أنا تذكرة آل طه أنا ولي الأصفياء أنا الظاهر مع الأنبياء أنا مكرر الفرقان أنا آلاء الرحمن أنا محكم الطواسين أنا إمام آل ياسين أنا حاء الحواميم أنا قسم الم أنا سائق الزمر أنا آية القمر أنا راقب المرصاد أنا ترجمة صاد أنا صاحب الطور أنا باطن السرور أنا عتيد قاف أنا قارع الأحقاف أنا مرتب الصافات أنا ساهم الذاريات أنا سورة الواقعة أنا العاديات والقارعة أنا نون والقلم أنا مصباح الظلم أنا مؤلف أنا مؤول القرآن أنا مبين البيان أنا صاحب الأديان أنا ساقي العطشان أنا عقد الإيمان أنا قسيم الجنان أنا كيوان الإمكان أنا تبيان الامتحان أنا الأمان من النيران أنا حجة الله على الإنس والجان أنا أبو الأئمة الأطهار أنا أبو المهدي القائم في آخر الزمان قال: فقام إليه مالك الأشتر فقال: متى يقوم هذا القائم من ولدك يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): إذا زهق الزاهق وخفت الحقائق ولحق اللاحق وثقلت الظهور وتقاربت الأمور وحجب النشور وأرغم المالك وسلك السالك ودهش العدد وهاجت الوساوس وغيطل(22) العساعس(23)،(24) وماجت الأمواج وضعف الحاج واشتد الغرام وازدلف الخصام واختلفت العرب واشتد الطلب ونكص الهرب وطلبت الديون وذرفت العيون وأغبن المغبون وشاط النشاط وحاط الهباط وعجز المطاع واظلم الشعاع وصمت الأسماع وذهب العفاف وسجسج(25) الإنصاف واستحوذ الشيطان وعظم العصيان وحكمت النسوان وفدحت الحوادث ونفثت النوافث وهجم الواثب واختلفت الأهواء وعظمت البلوى واشتدت الشكوى واستمرت الدعوى وقرض القارض ولمض اللامض وتلاحم الشداد ونقل الملحاد وعجت الفلاة وخجعج الولاة ونضل(26) البارخ(27) وعمل الناسخ وزلزلت الأرض وعطل الفرض وكبتت الأمانة وبدت الخيانة وخشيت الصيانة واشتد الغيض وأراع الفيض وقاموا الأدعياء وقعدوا الأولياء وخبثت الأغنياء ونالوا الأشقياء ومالت الجبال وأشكل الإشكال وشيع الكربال(28) ومنع الكمال وساهم المستحيح ومع الفليح وكفكف الترويح وخدخد البلوع وتكلكل الهلوع وفدفد المذعور وندند الديجور ونكس المنشور وعبس العبوس وكسكس الهموس واجلب الناموس ودعدع(29) الشقيق وجرثم(30) الأنيق ونور الأفيق(31) وأذاد الزائد وزاد الرايد وجد الجدود ومد المدود وكد الكدود وحد الحدود ونطل(32) الطليل(33) وعلعل العليل وفضل الفضيل وشتت الشتات وشمتت الشمات وكد الهرم وقضم القضم وسدم السدم وبال الزاهب وذاب الذائب ونجم ثاقب وورور(34) القران واحمر الدبران(35) وسدس الشيطان وربع الزبرقان وثلث الحمل وساهم زحل وأقل العرا (36) والزخار(37) وأنبت الأقدار وكملت العشرة وسدس الزهرة وغرمت الغمرة(38) وطهرت الأفاطس وتوهم الكساكس وتقدمتهم النفايس فيكدحون الجرائر ويملكون الجزائر ويحدثون كيسان ويخربون خراسان ويصرفون الحلسان ويهدمون الحصون ويظهرون المصون ويقتطفون الغصون ويفتحون العراق ويحجمون الشقاق بدم يراق فعند ذلك ترقبوا خروج صاحب الزمان. ثم إنه جلس على أعلى مرقاة من المنبر وقال: آه ثم آه لتعريض الشفاه وذبول الأفواه، قال (عليه السلام) فالتفت يمينا وشمالا ونظر إلى بطون العرب وساداتهم ووجوه أهل الكوفة وكبار القبائل بين يديه وهم صموت كأن على رؤوسهم الطير فتنفس الصعداء وأن كمدا وتململ حزينا وسكت هنيئة فقام إليه سويد بن نوفل وهو كالمستهزئ وهو من سادات الخوارج فقال: يا أمير المؤمنين (عليه السلام) أأنت حاضر ما ذكرت وعالم بما أخبرت؟ قال: فالتفت إليه الإمام (عليه السلام) ورمقه بعينه رمقة الغضب فصاح سويد بن نوفل صيحة عظيمة من عظم نازلة نزلت به فمات من وقته وساعته فأخرجوه من المسجد وقد تقطع إربا إربا فقال (عليه السلام): أبمثلي يستهزئ المستهزئون أم علي يتعرض المتعرضون؟ أويليق لمثلي أن يتكلم بما لا يعلم ويدعي ما ليس له بحق، هلك والله المبطلون، وأيم الله لو شئت ما تركت عليها من كافر بالله ولا منافق برسوله ولا مكذب بوصيه وإنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون. قال: فقام إليه صعصعة بن صوحان وميثم وإبراهيم بن مالك الأشتر وعمر بن صالح فقالوا: يا أمير المؤمنين قل لنا بما يجري في آخر الزمان فإن قولك يحيي قلوبنا ويزيد في إيماننا. فقال: حبا وكرامة، ثم نهض (عليه السلام) قائما وخطب خطبة بليغة تشوق إلى الجنة ونعيمها وتحذر من النار وجحيمها، ثم قال (عليه السلام): أيها الناس إني سمعت أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: تجتمع في أمتي مائة خصلة لم تجتمع في غيرها فقامت العلماء والفضلاء يقبلون بواطن قدميه وقالوا: يا أمير المؤمنين نقسم عليك بابن عمك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تبين لنا ما يجري في طول الزمان بكلام يفهمه العاقل والجاهل قال: ثم إنه حمد الله وأثنى عليه وذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلى عليه وقال: أنا مخبركم بما يجري من بعد موتي وبما يكون إلى خروج صاحب الزمان القائم بالأمر من ذرية ولد الحسين وإلى ما يكون في آخر الزمان حتى تكونوا على حقيقة من البيان فقالوا: متى يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): إذا وقع الموت في الفقهاء وضيعت أمة محمد المصطفى الصلاة واتبعوا الشهوات وقلت الأمانات وكثرت الخيانات وشربوا القهوات واستشعروا شتم الآباء والأمهات ورفعت الصلاة من المساجد بالخصومات وجعلوها مجالس الطعامات وأكثروا من السيئات وقللوا من الحسنات وعوصرت السماوات فحينئذ تكون السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم واليوم كالساعة ويكون المطر قيظا والولد غيضا ويكون أهل ذلك الزمان لهم وجوه جميلة وضمائر ردية من رآهم أعجبوه ومن عاملهم ظلموه، وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين فهم أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأنجس من الكلب وأروغ من الثعلب وأطمع من الأشعب وألزق من الجرب لا يتناهون عن منكر فعلوه إن حدثتهم كذبوك وإن أمنتهم خانوك وإن وليت عنهم اغتابوك وإن كان لك مال حسدوك وإن بخلت عنهم بغضوك وإن وضعتهم شتموك، سماعون للكذب أكالون للسحت، يستحلون الزنا والخمر والمقالات والطرب والغناء، والفقير بينهم ذليل حقير والمؤمن ضعيف صغير والعالم عندهم وضيع والفاسق عندهم مكرم والظالم عندهم معظم والضعيف عندهم هالك والقوي عندهم مالك لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، الغنى عندهم دولة والأمانة مغنمة والزكاة مغرمة ويطيع الرجل زوجته ويعصي والديه ويجفوهما ويسعى في هلاك أخيه وترفع أصوات الفجار ويحبون الفساد والغناء والزنا ويتعاملون بالسحت والربا ويعار على العلماء ويكثر ما بينهم سفك الدماء، وقضاتهم يقبلون الرشوة وتتزوج الامرأة بالامرأة وتزف كما تزف العروس إلى زوجها وتظهر دولة الصبيان في كل مكان ويستحل الفتيان المغاني وشرب الخمر وتكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء وتركب السروج الفروج، فتكون الامرأة مستولية على زوجها في جميع الأشياء، وتحج الناس ثلاثة وجوه: الأغنياء للنزهة والأوساط للتجارة والفقراء للمسألة وتبطل الأحكام وتحبط الإسلام وتظهر دولة الأشرار ويحل الظلم في جميع الأمصار فعند ذلك يكذب التاجر في تجارته والصايغ في صياغته وصاحب كل صنعة في صناعته فتقل المكاسب وتضيق المطالب وتختلف المذاهب ويكثر الفساد ويقل الرشاد فعندها تسود الضمائر ويحكم عليهم سلطان جائر وكلامهم أمر من الصبر وقلوبهم أنتن من الجيفة، فإذا كان كذلك ماتت العلماء وفسدت القلوب وكثرت الذنوب وتهجر المصاحف وتخرب المساجد وتطول الآمال وتقل الأعمال وتبنى الأسوار في البلدان مخصوصة لوقع العظايم النازلات فعندها لو صلى أحدهم يومه وليلته فلا يكتب له منها شيء ولا تقبل صلاته لأن نيته وهو قائم يصلي يفكر في نفسه كيف يظلم الناس وكيف يحتال على المسلمين ويطلبون الرياسة للتفاخر والمظالم وتضيق على مساجدهم الأماكن ويحكم فيهم المتالف(39) ويجور بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضا عداوة وبغضا ويفتخرون بشرب الخمور ويضربون في المساجد العيدان والزمر فلا ينكر عليهم أحد، وأولاد العلوج يكونون في ذلك الزمان الأكابر ويرعى القوم سفهاؤهم ويملك المال من لا يملكه ولا كان له بأهل لكع من أولاد اللكوع وتضع الرؤساء رؤوسا لمن لا يستحقها ويضيق الذرع ويفسد الزرع وتفشو البدع وتظهر الفتن، كلامهم فحش وعملهم وحش وفعلهم خبث وهم ظلمة غشمة وكبراؤهم بخلة عدمة وفقهاؤهم يفتون بما يشتهون وقضاتهم بما لا يعلمون يحكمون وأكثرهم بالزور يشهدون، من كان عنده درهم كان عندهم مرفوعا، ومن علموا أنه مقل فهو عندهم موضوع، والفقير مهجور ومبغوض والغني محبوب ومخصوص، ويكون الصالح فيها مدلول الشوارب، يكبرون قدر كل نمام كاذب وينكس الله منهم الرؤوس ويعمي منهم القلوب التي في الصدور أكلهم سمان الطيور والطياهيج(40) ولبسهم الخز اليماني والحرير، يستحلون الربا والشبهات ويتعارضون للشهادات، يراؤون بالأعمال، قصراء الآجال لا يمضي عندهم إلا من كان نماما، يجعلون الحلال حراما، أفعالهم منكرات وقلوبهم مختلفات، يتدارسون فيما بينهم بالباطل ولا يتناهون عن منكر فعلوه، يخاف أخيارهم أشرارهم، يتوازرون في غير ذكر الله تعالى، يهتكون فيما بينهم بالمحارم ولا يتعاطفون، بل يتدابرون، إن رأوا صالحا ردوه وإن رأوا نماما (آثم) استقبلوه ومن أساءهم يعظموه وتكثر أولاد الزنا، والآباء فرحون بما يرون من أولادهم القبيح فلا ينهونهم ولا يردونهم عنه ويرى الرجل من زوجته القبيح فلا ينهاها ولا يردها عنه ويأخذ ما تأتي به من كد فرجها ومن مفسد خدرها حتى لو نكحت طولا وعرضا لم تهمه ولا يسمع ما قيل فيها من الكلام الردئ، فذاك هو الديوث الذي لا يقبل الله له قولا ولا عدلا ولا عذرا فأكله حرام ومنكحه حرام فالواجب قتله في شرع الإسلام وفضيحته بين الأنام ويصلى سعيرا في يوم القيام، وفي ذلك يعلنون بشتم الآباء والأمهات وتذل السادات وتعلو الأنباط ويكثر الاختباط(41) فما أقل الأخوة في الله تعالى وتقل الدراهم الحلال وترجع الناس إلى أشر حال فعندها تدور دول الشياطين وتتواثب على أضعف المساكين وثوب الفهد إلى فريسته ويشح الغني بما في يديه ويبيع الفقير آخرته بدنياه فيا ويل للفقير وما يحل به من الخسران والذل والهوان في ذلك الزمان المستضعف بأهله وسيطلبون ما لا يحل لهم، فإذا كان كذلك أقبلت عليهم فتن لا قبل لهم بها، ألا وإن أولها الهجري القطير في (الهجري والرقطي) وآخرها السفياني والشامي وأنتم سبع طبقات فالطبقة الأولى (وفيها مزيد التقوى إلى سبعين سنة من الهجرة) أهل تنكيد وقسوة إلى السبعين سنة من الهجرة، والطبقة الثانية أهل تباذل وتعاطف إلى المائتين والثلاثين سنة من الهجرة. والطبقة الثالثة أهل تزاور وتقاطع إلى الخمسمائة وخمسين سنة من الهجرة، والطبقة الرابعة أهل تكالب وتحاسد إلى السبعمائة من الهجرة، والطبقة الخامسة أهل تشامخ وبهتان إلى الثمانمائة وعشرين سنة من الهجرة، والطبقة السادسة أهل الهرج والمرج وتكالب الأعداء وظهور أهل الفسوق والخيانة إلى التسعمائة والأربعين سنة من الهجرة، والطبقة السابعة فهم أهل حيل وغدر وحرب ومكر وخدع وفسوق وتدابر وتقاطع وتباغض والملاهي العظام والمغاني الحرام والأمور المشكلات في ارتكاب الشهوات وخراب المدائن والدور وانهدام العمارات والقصور، وفيها يظهر الملعون من الواد (ي) الميشوم وفيها انكشاف الستر والبروج وهي على ذلك إلى أن يظهر قائمنا المهدي صلوات الله وسلامه عليه، قال: فقامت إليه سادات أهل الكوفة وأكابر العرب وقالوا: يا أمير المؤمنين بين لنا أوان هذه الفتن والعظائم التي ذكرتها لنا لقد كادت قلوبنا أن تنفطر وأرواحنا أن تفارق أبداننا من قولك هذا، فوا أسفاه على فراقنا إياك فلا أرانا الله فيك سوءا ولا مكروها، فقال علي (عليه السلام): قضي الأمر الذي فيه تستفتيان كل نفس ذائقة الموت قال: فلم يبق أحد إلا وبكى لذلك. قال: ثم إن علي قال: ألا وإن تدارك الفتن بعدما أنبئكم به من أمر مكة والحرمين من جوع أغبر وموت أحمر، ألا يا ويل لأهل بيت نبيكم وشرفائكم من غلاء وجوع وفقر ووجل حتى يكونوا في أسوأ حال بين الناس، ألا وإن مساجدكم في ذلك الزمان لا يسمع لهم صوت فيها ولا تلبى فيها دعوة ثم لا خير في الحياة بعد ذلك، وإنه يتولى عليهم ملوك كفرة من عصاهم قتلوه ومن أطاعهم أحبوه، ألا إن أول من يلي أمركم بنو أمية ثم تملك من بعدهم ملوك بني العباس فكم فيهم من مقتول ومسلوب. ثم إنه (عليه السلام) قال: هاى هاى ألا يا ويل لكوفانكم هذه وما يحل فيها من السفياني في ذلك الزمان، يأتي إليها من ناحية هجر بخيل سباق تقودها أسود ضراغمة وليوث قشاعمة أول اسمه ش، (إذا جرح الغلام الأشتر) إذ جلوج(42) الغلام وعالم باسمه فيأتي إلى البصرة (والباسمه على البصرة) فيقتل ساداتها ويسبي حريمها فإني لأعرف بها كم وقعة تحدث بها وبغيرها، وتكون بها وقعات بين تلول واكمام فيقتل بها اسم ويستعبد بها صنم ثم يسير فلا يرجع إلا بالجرم فعندها يعلو الصياح ويقتحم بعضها بعضا، فيا ويل لكوفانكم من نزوله بداركم، يملك حريمكم ويذبح أطفالكم ويهتك نساءكم، عمره طويل وشره غزير ورجاله ضراغمة وتكون له وقعة عظيمة، ألا وإنها فتن يهلك فيها المنافقون والقاسطون والذين فسقوا في دين الله تعالى وبلاده ولبسوا الباطل على جادة عباده فكأني بهم قد قتلوا أقواما تخاف الناس أصواتهم وتخاف شرهم فكم من رجل مقتول وبطل مجدول يهابهم الناظر إليهم، قد تظهر الطامة الكبرى فيلحقوا أولها آخرها، ألا وإن لكوفانكم هذه آيات وعلامات وعبرة لمن اعتبر، ألا وإن السفياني يدخل البصرة ثلاثة دخلات يذل العزيز ويسبي فيها الحريم، ألا يا ويل المنتفكة وما يحل بها من سيف مسلول وقتيل مجدول وحرمة مهتوكة، ثم يأتي إلى الزوراء الظالم أهلها فيحول الله بينها وبين أهلها فما أشد أهلها بنيه وبنيها وأكثر طغيانها وأغلب سلطانها. ثم قال: الويل للديلم وأهل شاهون وعجم لا يفقهون، تراهم بيض الوجوه سود القلوب نائرة الحروب، قاسية قلوبهم سود ضمايرهم، الويل ثم الويل لبلد يدخلونها وأرض يسكنونها، خيرهم طامس وشرهم لامس، صغيرهم أكثر هما من كبيرهم تلتقيهم الأحزاب ويكثر فيما بينهم الضراب وتصحبهم الأكراد أهل الجبال وساير البلدان وتضاف إليهم (أكراد همدان) الكرد وهمدان وحمزة وعدوان حتى يلحقوا بأرض الأعجام من ناحية خراسان فيحلون قريبا من قزوين وسمرقند وكاشان فيقتلون فيها السادات من أهل بيت نبيكم ثم ينزل بأرض شيراز، ألا يا ويل لأهل الجبال وما يحل فيها من الأعراب، ألا يا ويل لأهل هرموز وقلهات وما يحل بها من (الآفات) الآفاق من أهل الطراطر المذهبات ويا ويل لأهل عمان وما يحل بها من الذل والهوان وكم وقعة فيها من الأعراب فتنقطع منهم الأسباب فيقتل فيها الرجال وتسبى فيها الحريم ويا ويل لأهل أوال مع صابون من الكافور الملعون يذبح رجالهم ويستحيي نساءهم وإني لأعرف بها ثلاث عشرة وقعة، الأولى بين القلعتين والثانية في الصليب والثالثة في الجنيبة والرابعة عند نوپا والخامسة عند أهل عراد وأكراد والسادسة في اوكرخارقان والكليا وفي سارو بين الجبلين وبئر حنين ويمين الكثيب وذروة الجبل ويمين شجرات النبق، ألا يا ويل للكنيس وذكوان وما يحل بها من الذل والهوان من الجوع والغلاء، والويل لأهل خراسان وما يحل بها من الذل الذي لا يطاق ويا ويل للري وما يحل بها من القتل العظيم وسبي الحريم وذبح الأطفال وعدم الرجال ويا ويل لبلدان الإفرنج وما يحل بها من الأعراب ويا ويل لبلدان السند والهند وما يحل بها من القتل والذبح والخراب في ذلك الزمان فيا ويل لجزيرة قيس من رجل مخيف ينزل بها هو ومن معه فيقتل جميع من فيها ويفتك بأهلها وإني لأعرف بها خمس وقعات عظام: فأول وقعة منها على ساحل بحرها قريب من برها والثانية مقابلة كوشا والثالثة من قرنها الغربي والرابعة بين الزولتين والخامسة مقابلة برها، ألا يا ويل لأهل البحرين من وقعات تترادف عليها من كل ناحية ومكان فتؤخذ كبارها وتسبى صغارها، ولأني لأعرف بها سبعة وقعات عظام فأول وقعة فيها في الجزيرة المنفردة عنها من قرنها الشمالي تسمى سماهيج والوقعة الثانية تكون في القاطع وبين النهر عن عين البلد وقرنها الشمالي الغربي وبين الأبله والمسجد وبين الجبل العالي وبين التلتين المعروف بجبل حبوة، ثم يقبل الكرخ بين التل والجادة وبين شجرات النيق المعروفة بالبديرات(43) بجانب سطر الماجي ثم الحورتين وهي سابعة الطامة الكبرى وعلامة ذلك يقتل فيها رجل من أكابر العرب في بيته وهو قريب من ساحل البحر فيقطع رأسه بأمر حاكمها فتغير العرب عليه فتقتل الرجال وتنهب الأموال فتخرج بعد ذلك العجم على العرب ويتبعونهم إلى بلاد الخط، ألا يا ويل لأهل الخط من وقعات مختلفات يتبع بعضها بعضا فأولها وقعة بالبطحاء ووقعة بالديورة ووقعة بالصفصف ووقعة على الساحل ووقعة بدارين ووقعة بسوق الجزارين ووقعة بين السكك ووقعة بين الزراقة ووقعة بالجرار ووقعة بالمدارس ووقعة بتاروت، ألا يا ويل لهجر وما يحل بها مما يلي سورها من ناحية الكرخ ووقعة عظيمة بالعطر تحت التليل المعروف بالحسيني ثم بالفرحة ثم بالقزوين ثم بالأراكة ثم بأم خنور، ألا يا ويل نجد وما يحل بها من القحط والغلاء ولأني لأعرف بها وقعات عظام بين المسلمين، ألا يا ويل البصرة وما يحل بها من الطاعون ومن الفتن يتبع بعضها بعضا وإني لأعرف وقعات عظام بواسط ووقعات مختلفات بين الشط والمجينبة ووقعات بين العوينات، ألا يا ويل بغداد من الري من موت وقتل وخوف يشمل أهل العراق إذا حل فيما بينهم السيف فيقتل ما شاء الله وعلامة ذلك إذا ضعف سلطان الروم وتسلطت العرب ودبت الناس إلى الفتن كدبيب النمل فعند ذلك تخرج العجم على العرب ويملكون البصرة، ألا يا ويل لقسطنطين(44) وما يحل بها من الفتن التي لا تطاق، ألا يا ويل لأهل الدنيا وما يحل بها من الفتن في ذلك الزمان وجميع البلدان الغرب والشرق والجنوب والشمال، ألا وإنه تركب الناس بعضهم على بعض وتتواثب عليهم الحروب الدائمة وذلك بما قدمت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد، ثم إنه (عليه السلام) قال: لا تفرحوا بالخلوع من ولد العباس يعني المقتدر فإنه أول علامة التغيير، ألا وإني أعرف ملوكهم من هذا الوقت إلى ذلك الزمان. قال: فقام إليه رجل اسمه القعقاء وجماعة من سادات العرب وقالوا له: يا أمير المؤمنين بين لنا أسماءهم فقال (عليه السلام): أولهم الشامخ فهو الشيخ والسهم المارد والمثير العجاج والصفور والفجور والمقتول بين الستور وصاحب الجيش العظيم والمشهور ببأسه والمحشور من بطن السباع والمقتول مع الحرم والهارب إلى بلاد الروم وصاحب الفتنة الدهماء والمكبوب على رأسه بالسوق والملاحق المؤتمن والشيخ المكتوف الذي ينهزم إلى نينوى وفي رجعته يقتل رجل من ولد العباس، ومالك الأرض بمصر وماحي الاسم والسباع الفتان والدناح الأملح، والثاني الشيخ الكبير الأصلع الرأس والنفاض المرتعد والمدل بالفروسة واللسين الهجين والطويل العمر والرضاع لأهله والمارق للزور والأبرش الأثلم وبناء القصور ورميم الأمور والشيخ الرهيج والمنتقل من بلد إلى بلد والكافر المالك أرباب المسلمين وضعيف البصر وقليل العمر، ألا وإن بعده تحل المصائب وكأني بالفتن وقد أقبلت من كل مكان كقطع الليل المظلم، ثم قال (عليه السلام): معاشر الناس لا تشكوا في قولي هذا فإني ما ادعيت ولا تكلمت زورا ولا أنبئتكم إلا بما علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقد أودعني ألف مسألة يتفرع من كل مسألة ألف باب من العلم ويتفرع من كل باب مائة ألف باب وإنما أحصيت لكم هذه لتعرفوا مواقيتها إذا وقعتم في الفتن مع قلة اعتصابكم، فيا كثرة فتنكم وخبث زمانكم وخيانة حكامكم وظلم قضاتكم وكلابة تجاركم وشحة ملوككم وفشي أسراركم وما تنحل أجسامكم وتطول آمالكم وكثرة شكواكم، ويا قلة معرفتكم وذلة فقيركم وتكبر أغنيائكم وقلة وقاكم، إنا لله وإنا إليه راجعون من أهل ذلك الزمان، تحل فيهم المصائب ولا يتعظون بالنوائب ولقد خالط الشيطان أبدانهم وربح في أبدانهم وولج في دمائهم ويوسوس لهم بالإفك حتى تركب الفتن الأمصار ويقول المؤمن المسكين المحب لنا إني من المستضعفين، وخير الناس يومئذ من يلزم نفسه ويختفي في بيته عن مخالطة الناس نفسه والذي يسكن قريبا من بيت المقدس طالبا لثأر(45) الأنبياء (عليهم السلام)، معاشر الناس لا يستوي الظالم والمظلوم ولا الجاهل والعالم ولا الحق والباطل ولا العدل والجور ألا وإن له شرايع معلومة غير مجهولة ولا يكون نبي إلا وله أهل بيت ولا يعيش أهل بيت نبي إلا ولهم أضداد يريدون إطفاء نورهم ونحن أهل نبيكم ألا وإن دعوكم إلى سبنا فسبونا وإن دعوكم إلى شتمنا فاشتمونا وإن دعوكم إلى لعننا فالعنونا وإن دعوكم إلى البراءة منا فلا تتبرأوا منا ومدوا أعناقكم للسيف واحفظوا يقينكم فإنه من تبرأ منا بقلبه تبرأ الله منه ورسوله، ألا وإنه لا يلحقنا سب ولا شتم ولا لعن. ثم قال: فيا ويل مساكين هذه الأمة وهم شيعتنا ومحبونا وهم عند الناس كفار وعند الله أبرار وعند الناس كاذبون وعند الله صادقون وعند الناس ظالمون وعند الله مظلومون وعند الناس جائرون وعند الله عادلون وعند الناس خاسرون وعند الله رابحون فازوا والله بالإيمان وخسر المنافقون.
الهوامش:
(1) سورة البقرة: 33.
(2) ينابيع المودة: 3 / 221 ط. دار الأسوة، وفيض القدير: 6 / 361 ح 9242.
(3) الفتوحات المكية: 3 / 419 باب 366 ط. بولاق - مصر.
(4) ينابيع المودة: 3 / 337 ط. دار الأسوة.
(5) المصدر السابق.
(6) ينابيع المودة: 3 / 338 بتفاوت.
(7) مدينة بين الموصل والشام (المعجم: 5 / 288).
(8) الصراط المستقيم: 2 / 264.
(9) بتفاوت في الآمان: 68، ومن لا يحضره الفقيه باختصار: 4 / 175 ح 5402.
(10) السغر: النفي (لسان العرب: 4 / 740) وفي المصدر: قافرها.
(11) الحنادس: الليالي المظلمة.
(12) الرفات: العظام البالية المتفرقة.
(13) في المصدر: شاعرها.
(14) المعس: الأنف (كتاب العين: 1 / 319).
(15) الثامر: كل شيء خرج ثمره (لسان العرب: 4 / 214).
(16) البرج المعروف.
(17) الزبرقان: ليلة خمس عشرة ليلة البدر (كتاب العين: 5 / 255).
(18) الشرة: النشاط والرغبة ومنه الحديث: لكل عابد شره (النهاية: 2 / 458).
(19) السماك الأعزل وهو الكوكب في برج الميزان وطلوعه يكون في الصبح لخمس يخلون من تشرين الأول (مجمع البحرين: 2 / 421).
(20) في نسخة: مفصح.
(21) في نسخة: تابوت.
(22) الغيطل: شجر ملتف، والغيطلة أصوات القوم والغيطلة اسم الظلام وتراكمه (كتاب العين: 4 / 386).
(23) في نسخة: الفسارس.
(24) من العس من يسعى في الليل (كتاب العين: 1 / 74).
(25) هو الظل الممتد.
(26) أي فضله في مرامات فغلبه.
(27) في كتاب العين: 3 / 217، البارح الرياح ما تحمل التراب في شدة الهبوب، فيكون المعنى من: ونضل البارح: غلبه على الرياح الغبار.
(28) ما تكربل به الحنطة.
(29) ملأ.
(30) الجرثم.
(31) الافيق: بين جوران والغور وهو الأردن (تاج العروس: 6 / 179) وقيل الجلد الذي لم يدبغ.
(32) الحوز يكال به الخمر ويستعمل في صب الماء.
(33) الطليل: الحصير.
(34) ورور: حصن باليمن.
(35) اسم نجم.
(36) نوع من الشجر (كتاب العين: 1 / 86).
(37) كثير الماء.
(38) الماء الكثير كما في النهاية: 3 / 384، والغمرة الشدة كما في اللسان.
(39) في الصحاح: (4 / 1447) المتألف: السريع الوثب، ورجل الإق: خداع متلون (لسان العرب: 10 / 12).
(40) نوع من الطيور.
(41) الاختباط: طلب المعروف والكسب (لسان العرب: 7 / 533).
(42) كذا ولم أجدها.
(43) في بعض النسخ: بالسديرات.
(44) في بعض النسخ: لفلسطين.
(45) في بعض النسخ: لآثار.
******************
معاشر الناس إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، معاشر الناس كأني بطائفة منهم يقولون إن علي بن أبي طالب يعلم الغيب وهو الرب الذي يحيي الموتى ويميت الأحياء وهو على كل شيء قدير، كذبوا ورب الكعبة، أيها الناس قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مربوبين، ألا وإنكم ستختلفون وتتفرقون، ألا وإن أول السنين إذا انقضت سنة مائة وثلاثة وستين سنة توقعوا أول الفتن فإنها نازلة عليكم ثم يأتيكم في عقبها الدهماء تدهم الفتن فيها والغزو تغزو بأهلها والسقطاء تسقط الأولاد من بطون أمهاتهم والكسحاء تكسح فيها الناس من القحط والمحن والفتناء تفتن بها من أهل الأرض والنازحة تنزح بأهلها إلى الظلم والغمراء تغمر فيها الظلم والمنفية نفت منهم الإيمان والكراء كرت عليهم الخيل من كل جهة والبرشاء يخرج فيها الأبرش من خراسان والسؤلاء يخرج فيها ملك الجبال إلى جزائر البحر يقهرهم ثم يؤيدهم الله بالنصر عليه ثم تخرج بعد ذلك العرب ويخرج صاحب علم أسود على البصرة فتقصده الفتيان إلى الشام، ثم العناء عنت الخيل بأعنتها والطحناء الأقوات من كل مكان والفاتنة تفتن أهل العراق والمرحاء تمرح الناس إلى اليمن والسكتا تسكت الفتن بالشام والحدراء انحدرت الفتن إلى الجزيرة المعروفة أوال قبال البحرين والطموح تطمح الفتن في خراسان والجوراء جارت الفتن بأرض فارس والهوجاء هاجت الفتن بأرض الخط والطولاء طالت الخيل على الشام والمنزلة نزلت الفتن بأرض العراق والطائرة تطايرت الفتن بأرض الروم والمتصلة اتصلت الفتن بأرض الروم والمحربة (والمهيجة) هاجت الأكراد من شهرزور والمرملة أرملت النساء من العراق والكاسرة تكسرت الخيل على أهل الجزيرة والناحرة نحرت الناس بالشام والطامحة طمحت الفتنة بالبصرة والقتالة قتلت الناس على القنطرة برأس العين والمقبلة أقبلت الفتنة إلى أرض اليمن والحجاز والصروخ مصرخة أهل العراق فلا تأمن لهم والمستمعة أسمعت أهل الإيمان في منامهم والسابحة سبحت الخيل في القتل إلى أرض الجزيرة والأكراد يقتل فيها رجل من ولد العباس على فراشه، والكرباء أماتت المؤمنين بكربهم وحسراتهم والغامرة غمرت الناس بالقحط والسائلة سال النفاق في قلوبهم والغرقاء تغرقت أهل الخط والحرباء نزل القحط بأرض الخط وهجر كل ناحية حتى إن السائل يدور ويسأل فلا أحد يعطيه ولا يرحمه أحد والغالية تغلو طائفة من شيعتي حتى يتخذوني ربا وإني برئ مما يقولون والمكثاء تمكث الناس فربما ينادي فيها الصارخ مرتين ألا وإن الملك في آل علي بن أبي طالب فيكون ذلك الصوت من جبرئيل ويصرخ إبليس لعنه الله: ألا وإن الملك في آل أبي سفيان، فعند ذلك يخرج السفياني فتتبعه مائة ألف رجل ثم ينزل بأرض العراق فيقطع ما بين جلولاء وخانقين فيقتل فيها الفجفاج فيذبح كما يذبح الكبش ثم يخرج شعيب بن صالح من بين قصب وآجام فهو أعور المخلد فالعجب كل العجب ما بين جمادى ورجب مما يحل بأرض الجزائر وعندها يظهر المفقود من بين التل يكون صاحب النصر فيواقعه في ذلك اليوم ثم يظهر برأس العين رجل أصفر اللون على رأس القنطرة فيقتل عليها سبعين ألفا صاحب محلا وترجع الفتنة إلى العراق وتظهر فتنة شهرزور وهي الفتنة الصماء والداهية العظمى والطامة الدهماء المسماة بالهلهم. قال الراوي: فقامت جماعة وقالوا: يا أمير المؤمنين بين لنا من أين يخرج هذا الأصفر وصف لنا صفته؟ فقال (عليه السلام): أصفه لكم: مديد الظهر قصير الساقين سريع الغضب يواقع اثنتين وعشرين (اثني عشرة) وقعة وهو شيخ كردي بهي طويل العمر تدين له ملوك الروم ويجعلون خدودهم وطاءهم على سلامة من دينه وحسن يقينه، وعلامة خروجه بنيان مدينة الروم على ثلاثة من الثغور تجدد على يده ثم يخرب ذلك الوادي الشيخ صاحب السراق المستولي على الثغور ثم يملك رقاب المسلمين وتنضاف إليه رجال الزوراء وتقع الواقعة ببابل فيهلك فيها خلق كثير ويكون خسف كثير وتقع الفتنة بالزوراء ويصيح صائح: الحقوا بإخوانكم بشاطئ الفرات وتخرج أهل الزوراء كدبيب النمل فيقتل بينهم خمسون ألف قتيل وتقع الهزيمة عليهم فيلحقون الجبال ويقع باقيهم إلى الزوراء ثم يصيح صيحة ثانية فيخرجون فيقتل منهم كذلك فيصل الخبر إلى أرض الجزاير فيقولون الحقوا بإخوانكم فيخرج منهم رجل أصفر اللون ويسير في عصائب إلى أرض الخط وتلحقه أهل هجر وأهل نجد ثم يدخلون البصرة فتعلق به رجالها ولم يزل يدخل من بلد إلى بلد حتى يدخل مدينة حلب وتكون بها وقعة عظيمة فيمكثون فيها مائة يوم ثم إنه يدخل الأصفر الجزيرة ويطلب الشام فيواقعه وقعة عظيمة خمسة وعشرين يوما ويقتل فيما بينهم خلق كثير ويصعد جيش العراق إلى بلاد الجبل وينحدر الأصفر إلى الكوفة فيبقى فيها فيأتي خبر من الشام أنه قد قطع على الحاج، فعند ذلك يمنع الحاج جانبه فلا يحج أحد من الشام ولا من العراق ويكون الحج من مصر ثم ينقطع بعد ذلك ويصرخ صارخ من بلد الروم أنه قد قتل الأصفر فيخرج إلى الجيش بالروم في ألف سلطان وتحت كل سلطان مائة ألف مقاتل صاحب سيف محلا وينزلون بأرض أرجون قريب مدينة السوداء ثم ينتهي إلى جيش المدينة الهالكة المعروفة بأم الثغور التي نزلها سام بن نوح فتقع الواقعة على بابها فلا يرحل جيش الروم عنها حتى يخرج عليهم رجل من حيث لا يعلمون ومعه جيش فيقتل منهم مقتلة عظيمة وترجع الفتنة إلى الزوراء فيقتل بعضهم بعضا ثم تنتهي الفتنة فلا يبقى غير خليفتين يهلكان في يوم واحد فيقتل أحدهما في الجانب الغربي والآخر في الجانب الشرقي فيكون ذلك فيما يسمعونه أهل الطبقة السابعة فيكون في ذلك خسف كثير وكسوف واضح فلا ينهاهم ذلك عما يفعلون من المعاصي قال: فقام إليه ابن يقطين وجماعة من وجوه أصحابه وقالوا: يا أمير المؤمنين (عليه السلام) إنك ذكرت لنا السفياني الشامي ونريد أن تبين لنا أمره، قال: قد ذكرت خروجه لكم آخر السنة الكائنة. فقالوا: اشرحه لنا فإن قلوبنا قد ارتاعت حتى نكون على بصيرة من البيان، قال (عليه السلام): علامة خروجه، تختلف ثلاث رايات راية: من العرب فيا ويل لمصر وما يحل بها منهم وراية من البحرين من جزيرة أوال من أرض فارس وراية من الشام فتدوم الفتنة بينهم سنة ثم يخرج رجل من ولد العباس فيقول أهل العراق قد جاءكم قوم حفاة أصحاب أهواء مختلفة فتضطرب أهل الشام وفلسطين ويرجعون إلى رؤساء الشام ومصر فيقولون اطلبوا ولد الملك فيطلبوه ثم يوافقوه بغوطة دمشق بموضع يقال له صرتا فإذا حل بهم أخرج أخواله بني كلاب وبني دهانة ويكون له بالواد اليابس عدة عديدة فيقولون له: يا هذا ما يحل لك أن تضيع الإسلام، أما ترى إلى (م) الناس فيه من الأهوال والفتن فاتق الله وأخرج لنصر دينك فيقول: أنا لست بصاحبكم فيقولون له: ألست من قريش ومن أهل بيت الملك القائم ؟ أما تتعصب لأهل بيت نبيك وما قد نزل بهم من الذل والهوان منذ زمان طويل ؟ فإنك ما تخرج راغبا بالأموال ورغيد العيش، بل محاميا لدينك فلا يزال القوم يختلفون وهو أول منبر يصعده، ثم يخطب ويأمرهم بالجهاد ويبايعهم على أنهم لا يخالفون إليه واحدا بعد واحد فعندها يقول: أذهبوا إلى خلفائكم الذين كنتم لهم أمره رضوه أم كرهوه، ثم يخرج إلى الغوطة ولا يلج بها حتى تجتمع الناس عليه ويتلاحقون أهل الصقائر فيكون في خمسين ألف مقاتل فيبعث أخواله هذه المدة، ثم إنه يجيبهم ويخرج معهم في يوم الجمعة فيصعد منبر دمشق ولا يعلمون ما تلقى أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منه ما قالوا ذلك ولا زال يعدل فيهم إلى بني كلاب فيأتونه مثل السيل السائل فيأبون عن ذلك رجال بريين يقاتلون رجال الملك ابن العباس فعند ذلك يخرج السفياني في عصائب أهل الشام فتختلف ثلاث رايات فراية للترك والعجم وهي سوداء وراية للبريين لابن العباس أول صفراء وراية للسفياني فيقتتلون ببطن الأزرق قتالا شديدا فيقتل منهم ستين ألف ثم يغلبهم السفياني فيقتل منهم خلق كثير ويملك بطونهم ويعدل فيهم حتى يقال فيه: والله ما كان يقال عليه إلا كذبا، والله إنهم لكاذبون حتى يسير فأول سيره إلى حمص وإن أهلها بأسوء حال ثم يعبر الفرات من باب مصر وينزع الله من قلبه الرحمة ويسير إلى موضع يقال له قرية سبأ فيكون له بها وقعة عظيمة فلا تبقى بلد إلا وبلغهم خبره فيدخلهم من ذلك خوف وجزع فلا يزال يدخل بلدا بعد بلد إلا واقع أهلها فأول وقعة تكون بحمص ثم بالرقة ثم بقرية سبأ وهي أعظم وقعة يواقعها بحمص ثم ترجع إلى دمشق وقد دانت له الخلق فيجيش جيشا إلى المدينة وجيشا إلى المشرق فيقتل بالزوراء سبعين ألفا ويبقر بطون ثلاثمائة امرأة حامل ويخرج الجيش إلى كوفانكم هذه فكم من باك وباكية فيقتل بها خلق كثير، وأما جيش المدينة فإنه إذا توسط البيداء صاح به جبرائيل صيحة عظيمة فلا يبقى منهم أحد إلا وخسف الله به الأرض ويكون في أثر الجيش رجلان أحدهما بشير والآخر نذير فينظرون إلى ما نزل بهم فلا يرون إلا رؤوسا خارجة من الأرض فيقولان بما أصاب الجيش فيصيح بهما جبرائيل فيحول الله وجوههما إلى قهقهرى فيمضي أحدهما إلى المدينة وهو البشير فيبشرهم بما سلمهم الله تعالى والآخر نذير فيرجع إلى السفياني ويخبره بما أصاب الجيش، قال: وعند جهينة الخبر الصحيح لأنهما من جهينة بشير ونذير فيهرب قوم من أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم أشراف إلى بلد الروم فيقول السفياني لملك الروم ترد علي عبيدي فيردهم إليه فيضرب أعناقهم على الدرج الشرقي لجامع بدمشق فلا ينكر ذلك عليه أحد، ألا وإن علامة ذلك تجديد الأسوار بالمدائن فقيل: يا أمير المؤمنين اذكر لنا الأسوار فقال: تجدد سور بالشام والعجوز والحران يبنى عليهما سوران وعلى واسط سور والبيضاء يبنى عليها سور والكوفة يبنى عليها سوران وعلى شوشتر سور وعلى أرمنية سور وعلى موصل سور وعلى همدان سور وعلى ورقة سور وعلى ديار يونس سور وعلى حمص سور وعلى مطردين سور وعلى الرقطاء سور وعلى الرهبة سور وعلى دير هند سور وعلى القلعة سور.
معاشر الناس ألا وإنه إذا ظهر السفياني تكون له وقايع عظام فأول وقعة بحمص ثم بحلب ثم بالرقة ثم بقرية سبأ ثم برأس العين ثم بنصيبين ثم بالموصل وهي وقعة عظيمة ثم تجتمع إلى الموصل رجال الزوراء ومن ديار يونس إلى اللخمة وتكون وقعة عظيمة يقتل فيها سبعين ألفا ويجري على الموصل قتال شديد يحل بها ثم ينزل إلى السفياني ويقتل منهم ستين ألفا وإن فيها كنوز قارون ولها أحوال عظيمة بعد الخسف والقذف والمسخ وتكون أسرع ذهابا في الأرض من الوتد الحديد في أرض الرجف قال: ولا يزال السفياني يقتل كل من اسمه محمد وعلي وحسن وحسين وفاطمة وجعفر وموسى وزينب وخديجة ورقية بغضا وحنقا لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم يبعث في جميع البلدان فيجمع له الأطفال ويغلي لهم الزيت فيقول له الأطفال: إن كان آباؤنا عصوك نحن فما ذنبنا ؟ فيأخذ كل من اسمه على ما ذكرت فيغليهم في الزيت ثم يسير إلى كوفانكم هذه فيدور فيها كما تدور الدوامة فيفعل بالرجال كما يفعل بالأطفال ويصلب على بابها كل من اسمه حسن وحسين ثم يسير إلى المدينة فينهبها في ثلاثة أيام ويقتل فيها خلق كثير ويصلب على مسجدها كل من اسمه حسن وحسين فعند ذلك يغلي دماؤهم كما غلى دم يحيى بن زكريا فإذا رأى ذلك الأمر أيقن بالهلاك فيولي هاربا ويرجع منهزما إلى الشام فلا يرى في طريقه أحد يخالف عليه إذا دخل عليه، فإذا دخل إلى بلده اعتكف على شرب الخمر والمعاصي ويأمر أصحابه بذلك فيخرج السفياني وبيده حربة ويأمر بالامرأة فيدفعها إلى بعض أصحابه فيقول له: افجر بها في وسط الطريق، فيفعل بها ثم يبقر ببطنها ويسقط الجنين من بطن أمه فلا يقدر أحد ينكر عليه ذلك. قال: فعندها تضطرب الملائكة في السماوات ويأذن الله بخروج القائم من ذريتي وهو صاحب الزمان ثم يشيع خبره في كل مكان فينزل حينئذ جبرائيل على صخرة بيت المقدس فيصيح في أهل الدنيا: قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، ثم إنه (عليه السلام) تنفس الصعداء فإن كمدا وجعل يقول: بني إذا ما جاشت الترك فانتظر * ولاية مهدي يقوم ويعدل وذل ملوك الظلم من آل هاشم * وبويع منهم من يذل ويهزل صبي من الصبيان لا رأي عنده * ولا عنده حد ولا هو يعقل وثم يقوم القائم الحق منكم * وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل سمي رسول الله نفسي فداؤه * فلا تخذلوه يا بني وعجلوا قال: فيقول جبرائيل في صيحته: يا عباد الله اسمعوا ما أقول: إن هذا مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خارج من أرض مكة فأجيبوه. قال: فقامت إليه الفضلاء والعلماء ووجوه أصحابه وقالوا: يا أمير المؤمنين صف لنا هذا المهدي فإن قلوبنا اشتاقت إلى ذكره ؟ فقال (عليه السلام): هو صاحب الوجه الأقمر والجبين الأزهر وصاحب العلامة والشامة، العالم غير المعلم والمخبر بالكائنات قبل أن تعلم معاشر الناس، ألا وإن الدين فينا قد قامت حدوده وأخذ علينا عهوده، ألا وإن المهدي يطلب القصاص ممن لا يعرف حقنا وهو الشاهد بالحق وخليفة الله على خلقه، اسمه كاسم جده رسول الله، ابن الحسن بن علي من ولد فاطمة من ذرية الحسين ولدي، فنحن الكرسي وأصل العلم والعمل فمحبونا هم الأخيار وولايتنا فصل الخطاب ونحن حجبة الحجاب، ألا وإن المهدي أحسن الناس خلقا وخلقة ثم إذا قام تجتمع إليه أصحابه على عدة أهل بدر وأصحاب طالوت وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا كلهم ليوث قد خرجوا من غاباتهم مثل زبر الحديد، لو أنهم هموا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها فهم الذين وحدوا الله تعالى حق توحيده، لهم بالليل أصوات كأصوات الثواكل حزنا من خشية الله تعالى، قوام الليل صوام النهار كأنما رباهم أب واحد وأم واحدة، قلوبهم مجتمعة بالمحبة والنصيحة، ألا وإني لأعرف أسمائهم وأمصارهم. فقاموا إليه جماعة من الأصحاب وقالوا: يا أمير المؤمنين نسألك بالله وبابن عمك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تسميهم بأسمائهم وأمصارهم فلقد ذابت قلوبنا من كلامك فقال: اسمعوا أبين لكم أسماء أنصار القائم إن أولهم من أهل البصرة وآخرهم من الأبدال فالذين من أهل البصرة رجلان اسم أحدهما علي والآخر محارب ورجلان من قاشان عبد الله وعبيد الله وثلاثة رجال من المهجمة: محمد وعمر ومالك ورجل من السند عبد الرحمن ورجلان من حجر موسى وعباس ورجل من الكورة إبراهيم ورجل من شيراز عبد الوهاب وثلاثة رجال من سعداوة: أحمد ويحيى وفلاح وثلاثة رجال من زين: محمد وحسن وفهد ورجلان من حمير مالك وناصر وأربعة رجال من شيران وهم عبد الله وصالح وجعفر وإبراهيم ورجل من عقر أحمد ورجلان من المنصورية عبد الرحمن وملاعب وأربعة رجال من سيراف: خالد ومالك وحوقل وإبراهيم ورجلان من خونخ: محروز ونوح ورجل من المثقة هارون ورجلان من السنن مقداد وهود وثلاثة رجال من الهويقين: عبد السلام وفارس وكليب ورجل من الزناط جعفر وستة رجال من عمان: محمد وصالح وداود وهواشب وكوش ويونس ورجل من العارة مالك ورجلان من ضغار: يحيى وأحمد ورجل من كرمان عبد الله وأربعة رجال من صنعا: جبرئيل وحمزة ويحيى وسميع ورجلان من عدن: عون وموسى ورجل من لونجه كوثر ورجلان من ممد: علي وصالح وثلاثة رجال من الطائف: علي وسبا وزكريا ورجل من هجر عبد القدوس ورجلان من الخط: عزيز ومبارك وخمسة رجال من جزيرة أوال وهي البحرين: عامر وجعفر ونصير وبكير وليث ورجل من الكبش فهد (محمد) ورجل من الجدا إبراهيم وأربعة رجال من مكة: عمر وإبراهيم ومحمد وعبد الله وعشرة من المدينة على أسماء أهل البيت: علي وحمزة وجعفر وعباس وطاهر وحسن وحسين وقاسم وإبراهيم ومحمد وأربعة رجال من الكوفة: محمد وغياث وهود وعتاب ورجل من مرو حذيفة ورجلان من نيشابور: علي ومهاجر ورجلان من سمرقند: علي ومجاهد وثلاثة رجال من كازرون: عمر ومعمر ويونس ورجلان من الأسوس: شيبان وعبد الوهاب ورجلان من دستر: أحمد وهلال ورجلان من الضيف: عالم وسهيل ورجل من طائف اليمن هلال ورجلان من مرقون: بشر وشعيب وثلاثة رجال من بروعة: يوسف وداود وعبد الله ورجلان من عسكر: مكرم الطيب وميمون ورجل من واسط عقيل وثلاثة رجال من الزوراء: عبد المطلب وأحمد وعبد الله ورجلان من سر من رأى: مرائي وعامر ورجل من السهم جعفر وثلاثة رجال من سيلان: نوح وحسن وجعفر ورجل من كرخا بغداد قاسم ورجلان من نوبة: واصل وفاضل وثمانية رجال من قزوين: هارون وعبد الله وجعفر وصالح وعمر وليث وعلي ومحمد ورجل من البلخ حسن ورجل من المداغة صدقه ورجل من قم يعقوب وأربعة وعشرون من الطالقان وهم الذين ذكرهم رسول الله فقال إني أجد بالطالقان كنزا ليس من الذهب ولا فضة فهم هؤلاء كنزهم الله فيها وهم: صالح وجعفر ويحيى وهود وفالح وداود وجميل وفضيل وعيسى وجابر وخالد وعلوان وعبد الله وأيوب وملاعب وعمر وعبد العزيز ولقمان وسعد وقبضة ومهاجر وعبدون وعبد الرحمن وعلي ورجلان من سحار: آبان وعلي ورجلان من شرخيس: ناحية وحفص ورجل من الأنبار علوان ورجل من القادسية حصين ورجل من الدورق عبد الغفور وستة رجال من الحبشة: إبراهيم وعيسى ومحمد وحمدان وأحمد وسالم ورجلان من الموصل: هارون وفهد ورجل من بلقا صادق ورجلان من نصيبين: أحمد وعلي ورجل من سنجار محمد ورجلان من خرسان: نكية ومسنون ورجلان من أرمنية: أحمد وحسين ورجل من أصفهان يونس ورجل من وهان حسين ورجل من الري مجمع ورجل من دنيا شعيب ورجل من هراش نهروش ورجل من سلماس هارون ورجل من بلقيس محمد ورجل من الكرد عون ورجل من الحبش كثير ورجلان من الخلاط: محمد وجعفر ورجل من الشوبا عمير ورجلان من البيضا: سعد وسعيد وثلاثة رجال من الضيعة: زيد وعلي وموسى ورجل من أوس محمد ورجل من الأنطاكية عبد الرحمن ورجلان من حلب: صبيح ومحمد ورجل من حمص جعفر ورجلان من دمشق: داود وعبد الرحمن ورجلان من الرملية طليق وموسى وثلاثة رجال من بيت المقدس: بشر وداود وعمران وخمسة رجال من عسقلان: محمد ويوسف وعمر وفهد وهارون ورجل من عنزة عمير ورجلان من عكة: مروان وسعد ورجل من عرفة فرخ ورجل من الطبرية فليح ورجل من البلسان عبد الوارث وأربعة رجال من القسطاط من مدينة فرعون لعنه الله: أحمد وعبد الله ويونس وظاهر ورجل من بالس نصير وأربعة رجال من الإسكندرية: حسن ومحسن وشبيل وشيبان وخمسة رجال من جبل اللكام: عبد الله وعبيد الله وقادم وبحر وطالوت وثلاثة رجال من السادة: صليب وسعدان وشبيب ورجلان من الإفرنج: علي وأحمد ورجلان من اليمامة: ظافر وجميل وأربعة عشر رجلا من المعادة: سويد وأحمد ومحمد وحسن ويعقوب وحسين وعبد الله وعبد القديم ونعيم وعلي وخيان وظاهر وتغلب وكثير ورجل من الموطة معشر وعشرة رجال من عبادان: حمزة وشيبان وقاسم وجعفر وعمر وعامر وعبد المهيمن وعبد الوارث ومحمد وأحمد وأربعة عشر من اليمن: جبير وحويش ومالك وكعب وأحمد وشيبان وعامر وعمار وفهد وعاصم وحجرش وكلثوم وجابر ومحمد ورجلان من بدو مصر: عجلان ودراج وثلاثة رجال من بدو أعقيل: منبة وضابط وعريان ورجل من بدو أغير عمر ورجل من بدو شيبان نهراش ورجل من تميم ريان ورجل من بدو قسين جابر ورجل من بدو كلاب مطر وثلاثة رجال من موالي أهل البيت: عبد الله ومخنف وبراك وأربعة رجال من موالي الأنبياء: صباح وصياح وميمون وهود ورجلان مملوكان عبد الله وناصح ورجلان من الحلة محمد وعلي وثلاثة رجال من كربلاء: حسين وحسين وحسن ورجلان من النجف: جعفر ومحمد وستة رجال من الأبدال كلهم أسماءهم عبد الله فقال علي (عليه السلام): إنهم هؤلاء يجتمعون كلهم من مطلع الشمس ومغربها وسهلها وجبلها يجمعهم الله تعالى في أقل من نصف ليلة فيأتون إلى مكة فلا يعرفونهم أهل مكة فيقولون كبستنا أصحاب السفياني فإذا تجلى لهم الصبح يرونهم طائفين وقائمين ومصلين فينكرونهم أهل مكة، ثم إنهم يمضون إلى المهدي وهو مختف تحت المنارة فيقولون له: أنت المهدي ؟ فيقول لهم: نعم يا أنصاري ثم إنه يخفي نفسه عنهم لينظرهم كيف هم في طاعته فيمضي إلى المدينة فيخبرونهم أنه لاحق بقبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيلحقونه بالمدينة فإذا أحس بهم يرجع إلى مكة فلا يزالون على ذلك ثلاثا ثم يتراءى لهم بعد ذلك بين الصفا والمروة فيقول: إني لست قاطعا أمرا حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم لا تغيرون منها شيئا ولكم علي ثماني خصال، فقالوا: سمعنا وأطعنا فاذكر لنا ما أنت ذاكره يا بن رسول الله فيخرج إلى الصفا فيخرجون معه فيقول: أبايعكم على أن لا تولون دابرا ولا تسرقون ولا تزنون ولا تفعلون محرما ولا تأتون فاحشة ولا تضربون أحدا إلا بحق ولا تكنزون ذهبا ولا فضة ولا برا ولا شعرا ولا تخربون مسجدا ولا تشهدون زورا ولا تقبحون على مؤمن ولا تأكلون ربا وأن تصبروا على الضراء ولا تلعنون موحدا ولا تشربون مسكرا ولا تلبسون الذهب ولا الحرير ولا الديباج ولا تتبعون هزيما ولا تسفكون دما حراما ولا تغدرون بمسلم ولا تبقون على كافر ولا منافق ولا تلبسون الخز من الثياب وتتوسدون التراب وتكرهون الفاحشة وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فإذا فعلتم ذلك فلكم علي أن لا أتخذ صاحبا سواكم ولا ألبس إلا مثل ما تلبسون ولا آكل إلا مثل ما تأكلون ولا أركب إلا كما تركبون ولا أكون إلا حيث تكونون وأمشي حيث ما تمشون وأرضى بالقليل واملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ونعبد الله حق عبادته وأوفي لكم أوفوا إلي فقالوا: رضينا وبايعناك على ذلك فيصافحهم رجلا رجلا. ثم إنه بعد ذلك يظهر بين الناس فتخضع له العباد وتنقاد له البلاد ويكون الخضر ربيب دولته وأهل همدان وزراءه وخولان جنوده وحمير أعوانه ومضر قوداه، ويكثر الله جمعه ويشتد ظهره ثم يسير بالجيوش حتى يصير إلى العراق والناس خلفه وأمامه على مقدمته رجل اسمه عقيل وعلى ساقته رجل اسمه الحارث فيلحقه رجل من أولاد الحسن في اثني عشر ألف فارس ويقول: يا بن العم أنا أحق منك بهذا الأمر لأني من ولد الحسن وهو أكبر من الحسين فيقول المهدي: إني أنا المهدي فيقول له: هل عندك آية أو معجزة أو علامة فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيومي إليه فيسقط في كفه فينطق بقدرة الله تعالى ويشهد له بالإمامة ثم يغرس قضيبا يابسا في بقعة من الأرض ليس فيها ماء فيخضر ويورق ويأخذ جلمودا كان في الأرض من الصخر فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع فيقول الحسني: الأمر لك فيسلم وتسلم جنوده ويكون على مقدمته رجل اسمه كاسمه ثم يسير حتى يفتح خريسان ثم يرجع إلى مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيسمع بخبره جميع الناس فتطيعه أهل اليمن وأهل الحجاز وتخالفه ثقيف. ثم إنه يسير إلى الشام إلى حرب السفياني فتقع صيحة بالشام: ألا وإن الأعراب أعراب الحجاز قد خرجت إليكم فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء ؟ فيقولون: نحن أصحاب حرب ونبل وعدة وسلاح، ثم إنهم يشجعونه وهو عالم بما يراد به فقامت إليه جماعة من أهل الكوفة وقالوا: يا أمير المؤمنين ما اسم هذا السفياني ؟ فقال (عليه السلام): اسمه حرب بن عنبسة بن مرة بن كليب بن ساهمة بن زيد بن عثمان بن خالد وهو من نسل يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ملعون في السماء والأرض، أشر خلق الله تعالى وألعنهم جدا وأكثرهم ظلما، ثم إنه يخرج بجيشه ورجاله وخيله في مائتي ألف مقاتل فيسير حتى ينزل الحيرة، ثم إن المهدي (عجل الله فرجه) يقدم بخيله ورجاله وجيشه وكتائبه وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والنصر بين يديه والناس يلحقونه في جميع الآفاق حتى يأتي أول الحيرة قريبا من السفياني ويغضب لغضب الله سايرا من خلقه حتى الطيور في السماء ترميهم بأجنحتها وأن الجبال ترميهم بصخورها وجرى بين السفياني وبين المهدي (عجل الله فرجه) حرب عظيم حتى يهلك جميع عسكر السفياني فينهزم ومعه شرذمة قليلة من أصحابه فيلحقه رجل من أنصار القائم اسمه صياح ومعه جيش فيستأسره فيأتي به إلى المهدي وهو يصلي العشاء الآخرة فيخفف صلاته فيقول السفياني: يا بن العم استبقني أكون لك عونا فيقول لأصحابه: ما تقولون فيما يقول فإني آليت على نفسي لا أفعل شيئا حتى ترضوه، فيقولون: والله ما نرضى حتى تقتله لأنه سفك الدماء التي حرم الله، سفكها وأنت تريد أن تمن عليه بالحياة، فيقول لهم المهدي: شأنكم وإياه فيأخذه جماعة منهم فيضجعونه على شاطئ الهجير تحت شجرة مدلاة بأغصانها فيذبحونه كما يذبح الكبش وعجل الله بروحه إلى النار. قال: فيتصل خبره إلى بني كلاب أن حرب بن عنبسة قتل، قتله رجل من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيرجعون بنو كلاب(1) إلى رجل من أولاد ملك الروم يبايعونه على قتال المهدي والأخذ بثأر حرب بن عنبسة فتضم إليه بنو ثقيف فيخرج ملك الروم في ألف سلطان وتحت كل سلطان ألف مقاتل فينزل على بلد من بلدان القائم تسمى طرشوس فينهب أموالهم وأنعامهم وحريمهم ويقتلون رجالهم وينقض حجارها حجرا على حجر وكأني بالنساء وهن مردفات على ظهور الخيل خلف العلوج خيلهن تلوح في الشمس والقمر فينتهي الخبر إلى القائم فيسير إلى ملك الروم في جيوشه فيواقعه في أسفل الرقة بعشرة فراسخ فتصبح بها الوقعة حتى يتغير ماء الشط بالدم وينتن جانبها بالجيف الشديدة فيهزم ملك الروم إلى الأنطاكية فيتبعه المهدي إلى فئة العباس تحت القطوار فيبعث ملك الروم إلى المهدي ويؤدي له الخراج فيجيبه إلى ذلك حتى على أن لا يروح من بلد الروم ولا يبقى أسير عنده إلا أخرجه إلى أهله فيفعل ذلك ويبقى تحت الطاعة، ثم إن المهدي يسير إلى حي بني كلاب من جانب البحيرة حتى ينتهي إلى دمشق ويرسل جيشا إلى أحياء بني كلاب ويسبي نساءهم ويقتل أغلب رجالهم فيأتون بالأسارى فيؤمنون به فيبايعونه على درج دمشق بمسمومات البخس والنقض، ثم إن المهدي يسير هو ومن معه من المؤمنين بعد قتل السفياني فينزلون على بلد من بلاد الروم فيقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله فيتساقط حيطانها، ثم إن المهدي (عجل الله فرجه) يسير هو ومن معه فينزل قسطنطنية في محل ملك الروم فيخرج منها ثلاثة كنوز: كنز من الجواهر وكنز من الذهب وكنز من الفضة ثم يقسم المال على عساكره بالقفافيز، ثم إن المهدي (عجل الله فرجه) يسير حتى ينزل أرمينية الكبرى فإذا رأوه أهل أرمينية أنزلوا له راهبا من رهبانهم كثير العلم فيقولون: انظر ماذا يريدون هؤلاء فإذا أشرف الراهب على المهدي (عجل الله فرجه) فيقول الراهب: أأنت المهدي ؟ فيقول: نعم أنا المذكور في إنجيلكم أنا أخرج في آخر الزمان، فيسأله الراهب عن مسائل كثيرة فيجيبه عنها فيسلم الراهب ويمتنع أهل أرمينية فيدخلونها أصحاب المهدي فيقتلون فيها خمسمائة مقاتل من النصارى ثم يعلق مدينتهم بين السماء والأرض بقدرة الله تعالى فينظر الملك ومن معه إلى مدينتهم وهي معلقة عليهم وهو يومئذ خارج عنها بجميع جنوده إلى قتال المهدي فإذا نظر إلى ذلك ينهزم ويقول لأصحابه خذوا لكم مهربا فيهرب أولهم وآخرهم فيخرج عليهم أسد عظيم فيزعق في وجوههم فيلقون ما في أيديهم من السلاح والمال وتتبعهم جنود المهدي فيأخذون أموالهم ويقسمونها فيكون لكل واحد من تلك الألوف مائة ألف دينار ومائة جارية ومائة غلام، ثم إن المهدي سار إلى بيت المقدس واستخرج تابوت السكينة وخاتم سليمان بن داود (عليهما السلام) والألواح التي نزلت على موسى، ثم يسير المهدي إلى مدينة الزنج الكبرى وفيها ألف سوق وفي كل سوق ألف دكان فيفتحها، ثم يأتي إلى مدينة يقال لها قاطع وهي على البحر الأخضر المحيط بالدنيا وطول المدينة ألف ميل وعرضها ألف ميل فيكبرون عليها ثلاث تكبيرات فتتساقط حيطانها وتنقطع جدرانها فيقتلون فيها مائة ألف مقاتل ويقيم المهدي فيها سبع سنين فيبلغ سهم الرجل من تلك المدينة مثل ما أخذوه من الروم عشر مرات، ثم يخرج منها ومعه مائة ألف موكب وكل موكب يزيد على خمسين مقاتل فينزل على ساحل فلسطين بين عكة وسور غزة وعسقلان فيأتيه خبر الأعور الدجال بأنه قد أهلك الحرث والنسل، وذلك أن الأعور الدجال يخرج من بلدة يقال لها يهوداء، وهي قرية من قرى أصفهان وهي بلدة من بلدان الأكاسرة، له عين واحدة في جبهته كأنها الكوكب الزاهر، راكب على حمار خطوته مد البصر وطوله سبعون ذراعا ويمشي على الماء مثل ما يمشي على الأرض، ثم ينادي بصوته يبلغ ما يشاء الله وهو يقول: إلي إلي يا معاشر أوليائي فأنا ربكم الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فتتبعه يومئذ أولاد الزنا وأسوأ الناس من أولاد اليهود والنصارى وتجتمع معه ألوف كثيرة لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ثم يسير وبين يديه جبلان: جبل من اللحم وجبل من الخبز الثريد فيكون خروجه في زمان قحط شديد، ثم يسير الجبلان بين يديه ولا ينقص منه شيء فيعطي كل من أقر له بالربوبية، فقال (عليه السلام): معاشر الناس ألا وإنه كذاب ملعون ألا فأعلموا أن ربكم ليس بأعور ولا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. قال الراوي: فقامت إليه أشراف أهل الكوفة وقالوا: يا مولانا وما بعد ذلك ؟ قال (عليه السلام): ثم إن المهدي يرجع إلى بيت المقدس فيصلي بالناس أياما فإذا كان يوم الجمعة وقد أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم في تلك الساعة من السماء عليه ثوبان أحمران وكأنما يقطر من رأسه الدهن وهو رجل صبيح المنظر والوجه أشبه الخلق بأبيكم إبراهيم فيأتي إلى المهدي ويصافحه ويبشره بالنصر فعند ذلك يقول له المهدي: تقدم يا روح الله وصل بالناس، فيقول عيسى: بل الصلاة لك يا بن بنت رسول الله، فعند ذلك يؤذن عيسى ويصلي خلف المهدي (عجل الله فرجه) فعند ذلك يجعل عيسى خليفة على قتال الأعور الدجال ثم يخرج أميرا على جيش المهدي وأن الدجال قد أهلك الحرث والنسل وصاح على أغلب أهل الدنيا ويدعو الناس لنفسه بالربوبية فمن أطاعه أنعم عليه ومن أبى قتله وقد وطأ الأرض كلها إلا مكة والمدينة وبيت المقدس وقد أطاعته جميع أولاد الزنا من مشارق الأرض ومغاربها ثم يتوجه إلى أرض الحجاز فيلحقه عيسى (عليه السلام) على عقبة هرشا فيزعق عليه عيسى زعقة ويتبعها بضربة فيذوب الدجال كما يذوب الرصاص والنحاس في النار. ثم إن جيش المهدي يقتلون جيش الأعور الدجال في مدة أربعين يوما من طلوع الشمس إلى غروبها ثم يطهرون الأرض منهم وبعد ذلك يملك المهدي مشارق الأرض ومغاربها ويفتحها من جابرقا إلى جابرصا ويستتم أمره ويعدل بين الناس حتى ترعى الشاة مع الذئب في موضع واحد وتلعب الصبيان بالحية والعقرب ولا يضرهم ويذهب الشر ويبقى الخير ويزرع الرجل الشعير والحنطة فيخرج من كل من مائة من كما قال الله تعالى: (في كل سنبلة مأة حبة والله يضاعف لمن يشاء)(2) ويرتفع الزنا والربا وشرب الخمر والغناء ولا يعمله أحد إلا وقتله المهدي وكذا تارك الصلاة ويعتكفون الناس على العبادة والطاعة والخشوع والديانة وكذا تطول الأعمار وتحمل الأشجار الأثمار في كل سنة مرتين ولا يبقى أحد من أعداء آل محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا وهلك ثم إنه تلا قوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه كبر على المشركين)(3) قال: ثم إن المهدي يفرق أصحابه وهم الذين عاهدوه في أول خروجه فيوجههم إلى جميع البلدان ويأمرهم بالعدل والإحسان وكل رجل منهم يحكم على إقليم من الأرض ويعمرون جميع مدائن الدنيا بالعدل والإحسان ثم إن المهدي يعيش أربعين سنة في الحكم حتى يطهر الأرض من الدنس قال: فقامت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) السادات من أولاد الأكابر وقالوا: وما بعد ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال (عليه السلام): بعد ذلك يموت المهدي ويدفنه عيسى بن مريم في المدينة بقرب قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبض الملك روحه من الحرمين وكذلك يموت عيسى ويموت أبو محمد الخضر ويموت جميع أنصار المهدي ووزراؤه وتبقى الدنيا إلى حيث ما كانوا عليه من الجهالات والضلالات وترجع الناس إلى الكفر فعند ذلك يبدأ الله بخراب المدن والبلدان، فأما المؤتفكة فيطمى عليها الفرات وأما الزوراء فتخرب من الوقايع والفتن وأما واسط فيطمى عليها الماء وأذربيجان يهلك أهلها بالطاعون وأما موصل فتهلك أهلها من الجوع والغلاء وأما الهرات يخربها المصري وأما القرية تخرب من الرياح وأما حلب تخرب من الصواعق وتخرب الأنطاكية من الجوع والغلاء والخوف وتخرب الصعالية من الحوادث وتخرب الخط من القتل والنهب وتخرب دمشق من شدة القتل وتخرب حمص من الجوع والغلاء، وأما بيت المقدس فإنه محفوظ إلى يأجوج ومأجوج لأن بيت المقدس فيه آثار الأنبياء، وتخرب مدينة رسول الله من كثرة الحرب وتخرب الهجر بالرياح والرمل وتخرب جزيرة أوال من البحرين وتخرب قيس بالسيف وتخرب كبش بالجوع ثم يخرج يأجوج ومأجوج وهم صنفان: الصنف الأول طول أحدهم مائة ذراع وعرضه سبعون ذراعا، والصنف الثاني طول أحدهم ذراع وعرضه ذراع يفترش أحدهم أذنيه ويلتحف بالأخرى وهم أكثر عددا من النجوم فيسيحون في الأرض فلا يمرون بنهر إلا وشربوه ولا جبل إلا لحسوه ولا وردوا على شط إلا نشفوه، ثم بعد ذلك تخرج دابة من الأرض لها رأس كرأس الفيل ولها وبر وصوف وشعر وريش من كل لون ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتنكت وجه المؤمن بالعصا فتجعله أبيض وتنكت وجه الكافر بالخاتم فتجعله أسود ويبقى المؤمن مؤمنا والكافر كافرا ثم ترفع بعد ذلك التوبة فلا تنفع نفس إيمانها إن لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا. قال الراوي: فقامت إليه أشراف العراق وقالوا له: يا مولانا يا أمير المؤمنين نفديك بالآباء والأمهات بين لنا كيف تقوم الساعة وأخبرنا بدلالاتها وعلاماتها، فقال (عليه السلام): من علامات الساعة يظهر صائح في السماء ونجم في السماء له ذنب في ناحية المغرب ويظهر كوكبان في السماء في المشرق ثم يظهر خيط أبيض في وسط السماء وينزل من السماء عمود من نور ثم ينخسف القمر ثم تطلع الشمس من المغرب فيحرق حرها شجر البراري والجبال ثم تظهر من السماء فتحرق أعداء آل محمد حتى تشوي وجوههم وأبدانهم ثم يظهر كف بلا زند وفيها قلم يكتب في الهواء والناس يسمعون صرير القلم وهو يقول: واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا، فتخرج يومئذ الشمس والقمر وهما منكسفتا النور فتأخذ الناس الصيحة، التاجر في بيعه والمسافر في متاعه والثوب في مسداته والمرأة في غزلها (4) وإذا كان الرجل بيده طعام فلا يقدر أكله، ويطلع الشمس والقمر وهما أسودا اللون وقد وقعا في زوال(5) خوفا من الله تعالى وهما يقولان: إلهنا وخالقنا وسيدنا لا تعذبنا بعذاب عبادك المشركين وأنت تعلم طاعتنا والجهد فينا وسرعتنا لمضي أمرك وأنت علام الغيوب، فيقول الله تعالى: صدقتما ولكني قضيت في نفسي أني أبدأ وأعيد وأني خلقتكما من نور عزتي فيرجعان إليه فيبرق كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الأبصار ويختلطان بنور العرش فينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا ما شاء الله تعالى، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الراوي: فبكى علي (عليه السلام) بكاء شديدا حتى بل لحيته بالدموع ثم انحدر عن المنبر وقد أشرفت الناس على الهلاك من هول ما سمعوه. قال الراوي: فتفرقت إلى منازلهم وبلدانهم وأوطانهم وهم متعجبون من كثرة فهمه وغزارة علمه وقد اختلفوا في معناه اختلافا عظيما. وهذا ما انتهى إلينا من خطبة البيان والحمد لله رب العالمين.(6)
النسخة الثانية من خطبة البيان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها وساطح المدحيات وقادرها وموطد(7) الجبال وثاغرها ومفجر العيون وباقرها ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزين السماء وزاهرها ومدبر الأفلاك ومسيرها ومقسم المنازل ومقدرها ومولج الحنادس ومنورها ومحدث الأجسام ومقررها وباري النسم ومصورها ومنشئ السحاب ومسخرها ومكور الدهور ومكررها ومورد الأمور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبرها ومنشئ الرفاة ومنشرها. أحمده على آلائه وتوافرها وأشكره على نعمائه وتواترها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تؤدي إلى الإسلام ذاكرها ويؤمن من العذاب ذاخرها وأشهد أن محمدا عبده الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها صلى الله عليه وآله أرسله إلى أمة قد شغل(8) بعبادة الأوثان سايرها (9) واعلنكس(10) بضلالة دعاة الصلبان ظاهرها وتفحم لحج في الجهالة سايرها وفجر بعمل الشبهات فاجرها وأن بعيان ذل الخسران متجر تاجرها وهدر عن لسان الشيطان بقبول نقم طائرها والتثم آكام(11) لجام الأحجام بزخرف الشقايق مكرما كرها فأبلغ (صلى الله عليه وآله وسلم) في النصيحة وافرها وأغاص بحار الضلالة وغامرها وأنار من منار أعلام الهداية دوائرها (ومنابرها) ومحا بمعجزات القرآن دعوة الشيطان ومكاثرها وأرغم معاطس غواة العرب وكافرها حتى أصبحت دعوته بالحق ينطق ناصرها والشريعة المطهرة للعباد (إلى المعاد) يفخر فاخرها (صلى الله عليه وآله وسلم) درجة العليا وطيب عناصرها. أيها الناس سار المثل وحقق العمل وكثر الوجل واقترب الأجل وصمت الناطق وزهق الزاهق وحقق الحقايق ولحق اللاحق وثقلت الظهور وتفاقمت الأمور وحجب المستور وأحجم المغرور وأرغم المالك ومنعت المسالك وسلك المالك وهلك الهالك وعمت الفترات ووكدت الحسرات وبغت العثرات وكثرت الغمرات وقصر الأمد وتأود الأود ودهش العدد وأوجس الفند(12) وهيجت الوساوس وذهبت الهواجس وعيطل(13) العساعس(14) وخذل الناقس(15) ومجت الأمواج وخفت العجاج وضعفت الحجاج واطرح المنهاج واشتد الغرام والحف العوام ودلف القيام وازدلف الخصام وتفرقت(16) العرب وامتد الطلب وصحب الوصب(17) ونكص الهرب وطلبت الديون وبكت العيون وغبن المغبون وأردحت(18) المنون وشاط الشطاط وهاط(19) الهياط(20) وامتط العلاط(21) وعجز المطاع ولظد الدفاع واظلم الشعاع وصمت الأسماع وذهب العفاف ووعد الخلاف وسمج الإنصاف وامتزج النفاف واستحوذ الشيطان وعظم العصيان وتلقب(22) الخصيان وحكمت النسوان وفدحت الحوادث ونفث النافث وعبث العابث وعجم(23) الوابث ووهدت الاصرار ومجست الأفكار وعطل اللزار ونافر الإعجاز واختلفت الأهواء وعظمت البلوى واشتدت الشكوى واستمرت الدعوى وقرض القارض ولحظ اللاحظ ولمظ اللامظ وعض الشاقظ وتلاحم الشداد ونفذ الإحاد وعز النفاذ وبل الرذاذ وعجت الفلاة وسبسب(24) الغلاة وجعجع الولاة وبخست المقلاة(25) ونصل الباذخ ووهم الناسخ وتهجرم السابخ ولعج(26) النافخ وزلزلت الأرض واجتلى الغض وضبضب الغرض وكثر المخض وكبتت الأمانة وبدت الخيانة وعزت الديانة وخبثت الصيانة وأنجد العيص(27) وأراع القنيص(28) وكثر القميص وكثكث(29) المحيص وقام الأدعياء وقعد الأولياء واخسبت الأغنياء ونالت الأشقياء ومالت الجبال وأشكل الإشكال وشبع الكربال(30) ومنع الكمال وساهم الشحيح وقهقر الجريح وأمعن الفصيح واخرنطم(31) الصحيح وكفكف النزوع وحدحد البلوغ وتفتق المربوع وتكتك المولوع وفدفد(32) الموعور وندند الديجور وآزر المأزور وانكب المستور وعبس العبوس وكسكس الهموس ونافس المفلوس واحلب الناموس وزعزع الشقيق وجرسم(33) الأنيق وصحب الطريق وثور الفريق وزاد الزائد وماد المائد وقاد القائد وغاد الغايد(34) وحد الحدود ومد المدود وسد السدود وكد الكدود وأظل الظليل ونال المنيل وغل الغليل وفصل الفصيل وشت الشتات ونصح النيات وشمت الشمات وأصر الديات ووكد الهرم وقصم القصم وسبب الوصم وسدم(35) الندم وأرب(36) الذاهب وذاب الذائب ونجم الثاقب ووصب الواصب وازور القران واحمر الدبران وسدس السرطان وربع الزبرقان وثلث الحمل وساهم الزحل وينبه(37) الثول وأقل الفرار ومنع الوخار وابت الأقدار ومنع الوجار(38) وكملت الفترة وسدت الهجرة وعذت(39) الكسرة وغمرت الغمرة وظهرت الأفاطس وفحم الملابس ويؤمهم الكساكس ويقدمهم العبابس فيكدحون الجزائر ويقدحون العشائر ويملكون السرائر ويهتكون الحرائر ويحدثون(40) الكيسان ويخربون خراسان ويفرقون الحليسان ويلحون الرويسان ويهدمون الحصون ويظهرون المصون ويقطفون(41) الغصون ويفرأون الحصون ويفتحون العراق ويمتحون(42) الشقاق ويسيرون(43) النفاق بدم يراق، فآه ثم آه لتعريض الأفواه وذبول الشفاه.
الهوامش:
(1) هذا على لغة أكلوني البراغيث، وعلى اللغة المشهورة كان ينبغي أن يقال: فيرجع بنو كلاب، وقد تكرر هذا في أكثر من موضع.
(2) سورة البقرة: 261.
(3) سورة الشورى: 13.
(4) في بعض النسخ: نسجها.
(5) في بعض النسخ: زلازل.
(6) الخطبة بطولها في نفحات الأزهار: 12 / 80 بتفاوت.
(7) في المصدر: ومطود.
(8) في بعض النسخ: شغر.
(9) في بعض النسخ: شاغرها.
(10) المعلنكس المقيم في البلد. كتاب العين: 2 / 304.
(11) الأكمة: التل.
(12) الفند الكذب.
(13) العيطل: الطويل من النساء (كتاب العين: 2 / 9). ولعله عطل لما يأتي إن معنى العساعس الحرس.
(14) العساعس من العسس كناية عن الحرب في الليل.
(15) الناقس: الحامض (لسان العرب: 6 / 125).
(16) في بعض النسخ: واختلفت.
(17) الوصب: الشدة.
(18) في بعض النسخ: وارتجت.
(19) هط: يقال للرجل إذا أمرته بالذهاب والمجئ. (تاج العروس: 5 / 245).
(20) الهياط: الدنو (كتاب العين: 4 / 76). وفي الصحاح: 4 / 1169 الهياط: الصياح.
(21) وسمة بالكي في العنق.
(22) في بعض النسخ: وتلهب - وتهيب.
(23) في بعض النسخ: هجم.
(24) السبسب: المغازة. (الصحاح: 1 / 145).
(25) في بعض النسخ: القلاة.
(26) لعج الحزن: دائم.
(27) العيص أصول الشجر والعيص اسم مدينة. (لسان العرب: 7 / 109).
(28) الصائد والمصيد.
(29) صغار الخص.
(30) ما تكربل به الحنطة.
(31) النطمة: نقرة الديك.
(32) الفدفد: الخالي.
(33) الجرسام: البرشام (الصحاح: 5 / 1886) وفي اللسان: 12 / 188 الجرسم: السم.
(34) غاد: لان.
(35) السدم: الهم في ندم (كتاب العين: 7 / 233).
(36) الأرب: الدهاء، والأرب: السقوط (الصحاح: 1 / 87) والارب الحاجة.
(37) الثول: الذكر من النحل ويقال جماعة النحل، والثول جنون (العين: 8 / 238).
(38) الوجار: سرب الضبع، والوجار الجرف.
(39) في بعض النسخ: عزت.
(40) في بعض النسخ: ويجيئون.
(41) في بعض النسخ: يعيضون.
(42) في بعض النسخ: يهجمون.
(43) في بعض النسخ: يثيرون.
******************
قال سلمان: ثم إن مولانا علي بن أبي طالب (عليه السلام) التفت يمينا وشمالا وتنفس الصعداء وتأوه أنينا وتململ حزينا فقام إليه سويد بن نوفل الهلالي وكان من لفيف الخوارج وقال: يا أمير المؤمنين أنت حاضر بما تقول وعالم بما أخبرت فالتفت إليه فرمقه بعين الغضب فظننا أن السماء قد انفطرت والأرض قد زلزلت، ثم قال له: ثكلتك الثواكل ونزلت بك النوازل يا بن الجبان الجابث والمكذب الناكث عقرك الفشل ولاح لك الهبل، أما والله ما آمنت بالرسول ولن تؤمن بوصيه بك تصدر عن الدخول سيقصر بك الطول ويغلبك الغول فلتعتبر العقول تأويل ما أقول: أنا آية الجبار أنا حقيقة الأسرار أنا دليل السماوات أنا أنيس المسبحات أنا خليل جبرئيل أنا صفي ميكائيل أنا قائد الأملاك أنا سمندل(1) الأفلاك أنا سائق الرعد أنا شاهد العهد أنا شين الصراح(2) أنا حفيظ الألواح أنا قطب الديجور(3) أنا بقيل(4) بيت المعمور أنا رمية القواصف أنا مفتاح العواصف أنا منزل الكرامة أنا أصل الإمامة أنا شرف الدوائر أنا مؤثر المآثر أنا كيوان المكان أنا شأن الامتحان أنا شهاب الإحراق أنا مواثق الميثاق أنا عصام الشواهد أنا عتيد الفراقد أنا شعاع العساعس(5) أنا جون الشوامس أنا فلك اللجج وأنا حجة الحجج أنا سماك البهو أنا مطية العفو أنا خير الأمم أنا فضل ذي الهمم أنا باب الأبواب أنا مسبب الأسباب أنا ميزان الحساب أنا المخبر عن الذات أنا المبرهن بالآيات أنا الأول في الدين أنا الآخر في اليقين أنا الباطن على الكفار أنا الظاهر في الأسرار أنا البرق اللموع أنا السقف المرفوع أنا مقبل الحساب أنا مسدد الخلايق أنا محقق الحقايق أنا جوهر القدم أنا مرتب الحكم أنا نصب الأمل أنا عامل العوامل أنا مولج اللذات أنا مجمع الشتات أنا الأول والآخر أنا الباطن والظاهر أنا قمر السرطان أنا شعر الذبرقان أنا أسد النثرة(6) أنا سعد الزهرة أنا مشتري الكواكب أنا زحل الثواقب أنا غفران الشرطين أنا ميزان البطين أنا حمل الإكليل(7) أنا عطارد التفضيل أنا قوس العراك أنا فرقد السماك أنا مريخ القران أنا عيون الميزان أنا حارس الإشراق أنا جناح البراق أنا جامع الآيات أنا سر الخفيات أنا زاجر(8) البحر أنا قسطاس القطر أنا صاحب الجديدين أنا أمير النيرين أنا آية النصرة أنا خلاصة العصرة أنا عروة الجديدين أنا خيرة النيرين أنا محط القصاص أنا جوهر الإخلاص أنا سماك الجبال أنا معدم الآمال أنا مفجر الأنهار أنا معذب الثمار أنا حام الأنف أنا شارف الشرف أنا مفيض الفرات أنا معرب التوراة أنا هداية الملك أنا عذوبة الأنهار أنا لذيذ الثمار أنا عفيف الطوية أنا نمحك(9) البرية أنا نجاة الفلك أنا غياث الملك أنا مبين الصحف أنا يافث الكثف أنا ثاقب الكسف أنا ذخيرة الشور(10) أنا مصفح الزبور أنا مؤول التأويل أنا مفسر الإنجيل أنا أم الكتاب أنا فصل الخطاب أنا صراط الحمد أنا أساس المجد أنا محيي البررة أنا فصول البقرة أنا مثقل الميزان أنا صفوة آل عمران أنا علم الأعلام أنا جملة الأنعام أنا خامس الكساء أنا تبيان النساء أنا صاحب الإيلاف أنا رجال الأعراف أنا محجة الفال(11) أنا صاحب الأنفال أنا مدير مائدة الكرم أنا توبة الندم أنا الصاد والميم أنا ثعبان الكليم أنا سر إبراهيم أنا محكم الرعد أنا سعادة الجد أنا علانية المعبود أنا مستنبط هود أنا نخلة الجليل أنا آية بني إسرائيل أنا مخاطب أهل الكهف أنا محبوب الصف أنا الطريق الأقوم أنا موضع مريم أنا سورة لمن تلاها أنا تذكرة أول طه أنا ولي الأولياء أنا الظاهر مع الأنبياء أنا (12) ولي الأنبياء أنا مفضل ولد الأنبياء أنا صاحب النهج أنا عصمة المحج أنا موصوف النون أنا نور المسجون أنا مكر الفرقان أنا آلاء الرحمن أنا محكم الطواسين أنا إمام الياسين أنا حاء الحواميم أنا قسم الم أنا سايق الزمر أنا آية القمر أنا راقب المرصاد أنا ترجمة الصاد أنا صاحب النجم أنا راصد الرجم أنا جانب الطور أنا باطن الصور أنا عتيد قاف أنا واضع الأحقاف أنا مؤيد الصافات أنا مساهم الذاريات أنا متلو سبأ والواقعة أنا أمان الأحزاب أنا مكنون الحجاب أنا بر القسم أنا كهيعص أنا فاطر النافعة أنا الرحمة النافعة أنا باب الحجرات أنا حاوي المفصلات أنا وعد الوعيد أنا مثال الحديد أنا وفق الأوفاق أنا علامة الطلاق أنا ضياع البراق أنا ن والقلم أنا مصباح الظلم أنا سؤال متى أنا الممدوح بهل أتى أنا النبأ العظيم أنا الصراط المستقيم أنا زمان المطول أنا محكم الفصل أنا عذوبة القطر أنا مأمون السور أنا جامع الآيات أنا مؤلف الشتات أنا حافظ القرآن أنا تبيان البيان أنا شقيق الرسول أنا بعل البتول أنا سيف الله المسلول أنا عمود الإسلام أنا منكس الأصنام أنا صاحب الإذن أنا قاتل الجن أنا ساقي العطاش أنا النائم على الفراش أنا شيث البراهمة أنا يافث الأراكمة أنا كون المفارق أنا سروخ الجماهرة أنا (13) ازهور البطارق أنا سندس الروم أنا هرقل الكرامة أنا سيد الأشموس أنا حقيق الأري (14) أنا عرعدن الكرهى أنا شبير الترك أنا شملاس الشرك أنا أجثياء الزنج أنا جرجيس الفرنج أنا بتريك الحبش أنا كلوع الوحش أنا مورق العود أنا كمرد الهنود أنا عقد الإيمان أنا قسيم الجنان أنا زبركم الغيلان أنا شبشاب رزكم العلان أنا برسوم الروس أنا كركس السدوس أنا شملة الحطاء أنا بدر البروج أنا شبشاب الكروج أنا كبور الفارق أنا ذربيس الخطاء أنا خاتم الأعاجم أنا دوسار البراجم أنا أبرياء الزبور أنا وسيم حجاب الغفور أنا صفوة الجليل أنا ايليأ إنجيل أنا استمساك العرات أنا أبرياء التوراة أنا سهل الطباع أنا منون الرضاع أنا سر الأسرار أنا خيرة الأخيار أنا حيدر الأصلع أنا مواخي اليوشع أنا مؤمن رضاع عيسى أنا در فلاح الفرس أنا ظهر قبايل الأنس أنا سمير المحراب أنا سؤال الطلاب أنا ذرماج العرش أنا ظهير الفرش أنا شديد القوى أنا حامل اللواء أنا سابق المحشر أنا ساقي الكوثر أنا قسيم الجنان أنا مشاطر النيران أنا مغيث الدين أنا إمام المتقين أنا طهر الأطهار أنا وارث المختار أنا مبيد الكفرة أنا أبو الأئمة البررة أنا قالع الباب أنا عبد أواب أنا صاحب اليقين أنا سيد بدر وحنين أنا حافظ الآيات أنا مخاطب الأموات أنا مكلم الثعبان أنا حاطم الأديان أنا ليث الزحام أنا أنيس الهوام أنا رحيب الباع أنا أوفر الأسماع أنا مهلك الحجاب أنا مفرق الأحزاب أنا وارث العلوم أنا هيولى النجوم أنا النقطة والخطة أنا باب الحطة أنا أول الصديقين أنا صالح المؤمنين أنا عقاب الكفور أنا مشكاة النور أنا دافع الشقاء أنا مبلغ الأنباء أنا والله وجه الله أنا مفرج الكرب أنا سيد العرب أنا كاشف الكربات أنا صاحب المعجزات أنا غياث الضنك أنا صريع الفتك أنا موضح القضايا أنا مستودع الوصايا أنا حقيقة الأديان أنا عين الأعيان أنا منحة المانح أنا صلاح الصالح أنا سور المعارف أنا معارف العوارف أنا كاشف الردى أنا بعيد المدى أنا محلل المشكلات أنا مزيل الشبهات أنا عصمة العوامظ أنا لحظ اللواحظ أنا غرام الغليل أنا شفاء العليل أنا صلة الآصال أنا أمر الصلصال أنا تكسير الغسق أنا بشير الفلق أنا معطل القياس أنا طبأ الأرماس (15) أنا حبل الله المتين أنا دعائم الدين أنا ناسخ المري(16) أنا عصمة الورى أنا دوحة الأصيلة أنا مفضال الفضيلة أنا طود الأطواد أنا جود الأجواد أنا عيبة العلم أنا آية الحلم أنا حلية المخلد أنا بيضة البلد أنا محل العفاف أنا معدن الإنصاف أنا فخار الأفخر أنا الصديق الأكبر أنا الطريق الأقوم أنا الفاروق الأعظم أنا زهرة النور أنا حكمة الأمور أنا الشاهد المشهود أنا العهد المعهود أنا بصيرة البصائر أنا ذخيرة الذخاير أنا عصام العصمة أنا حكمة الحكمة أنا صمصمام الجهاد أنا جلسة الآساد أنا زكي الوغاء (17) أنا قاتل من بغى أنا قرن الأقران أنا مذل الشجعان أنا فارس الفوارس أنا نفيس النفايس أنا ضيغم الغزوات أنا بريد المهمات أنا سؤال المسائل أنا أول الأسباط أنا نجحة الوسائل أنا جواز الصراط أنا صواب الخلاف أنا رجال الأعراف أنا صحيفة المؤمن أنا خيرة المهيمن أنا ممجد الأحساب أنا جدول الحساب أنا لواء الراكز أنا أمن المفاوز (18) أنا سميدع(19) البسالة أنا خليفة الرسالة أنا مرهوب الشذى أنا أسمل القذى أنا صفوة الصفا أنا كفو الوفاء أنا إرث الموارث أنا أنفث النافث أنا الإمام المبين أنا الدرع الحصين أنا موضح الحقيقة أنا حافظ الطريقة أنا واضع الشريعة أنا مظنة الوديعة أنا بشارة البشير أنا ابرعم النذير أنا الشفيع بالمحشر أنا الصادع بالحق أنا الباطن بالصدق أنا مبطل الأبطال أنا مذل الاقبال أنا الضارب بذي الفقار أنا النقم على الكفار أنا مخمد الفتن أنا مصدر المحن. فعندها صاح سويد بن نوفل الهلالي صيحة عظيمة وجلت منه القلوب واقشعرت منه الأجساد من نازلة نزلت به فهلك في وقته وساعته فأعقب (عليه السلام) في كلامه قال: حمدا مؤيدا وشكرا سرمدا لخالق الأمم وبارئ النسم، وجعل يكرر ذلك مرارا فقام إليه الفضلاء وأحدق به العلماء يقبلون مواطئ قدميه ويكررون القسم الأعظم عليه بإتمام كلامه الذي انتهى إليه، فقال (عليه السلام): معاشر المؤمنين أبمثلي يستهزئ المستهزئون أم علي يتعرض المتعرضون؟ أيليق لعلي أن يتكلم بما لا يعلم أو يدعي ما ليس له بحق؟ وأيم الله لو شئت لما تركت عليها كافرا بالله ولا منافقا برسول الله ولا مكذبا بوصيه إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم والله ما لا تعلمون، قال: فقام إليه المقداد بن الأسود الكندي وقال: يا مولاي أقسمت عليك بالهيكل العاصم وبنور أبي القاسم (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا أتممت لنا باقي كلامك الذي انتهيت بنا إليه، فقال (عليه السلام):
بعد حمد الله الجبار والصلاة على النبي المختار ما (20) أبت العطار قد سبق المضمار وجرت الأقدار ونفث القلم ووعدت الأمم واستنشق الأدم وعصت الكظم وحكم الخالق ورشق الراشق ووقب الواقب الغاسق وبرق البارق وحققت الظنون وفتن المفتون المغبون وذهب المنون وشجت الشجون بما أن سيكون، ألا إن في المقادير من القرن العاشر سيحبط علج بالزوراء من بني قنطور بأشرار وأي أشرار وكفار أي كفار وقد سلبت الرحمة من قلوبهم وكلفهم (كفلهم) الأمل إلى مطلوبهم فيقتلون الأيكة ويأسرون الأكمه ويذبحون الأبناء ويستحيون النساء ويطلبون شذاذ بني هاشم ليساقوا معهم في الغنائم وتستضعف فتنتهم الإسلام وتحرق نارهم الشام فآها لحلب بعد حصارهم وآها لخرابها بعد دمارهم وستروى الظباء من دمائهم أياما وتساق سباياهم فلا يجدون لهم عصاما، ثم تسير منهم جبابرة مارقين وتحل البلاء بقرية فارقين وستهدم حصون الشامات وتطوف ببلادها الآفات فلا يسلم إلا دمشق ونواحيها ويراق الدماء بمشارقها وأعاليها ثم يدخلون بعلبك بالأمان وتحل البلايات البلية في نواحي لبنان فكم من قتيل يقطر الأغوار وكم من أسير ذليل من قرى الطومار فهنالك تسمح الأعوال وتصحب الأهوال فإذا لا تطول لهم. أنا مفضال الفضيلة أنا طود الأطواد أنا جود الأجواد أنا عيبة العلم أنا آية المدة حتى تخلق من أمرهم الجدة فإذا أتاهم الحين الأوجر وثبت عليهم التعدد الأقطر(21) بجيشه الململم المكرر وهو رابع العلوج المستقر(22) المظفر(23) ونوايب القدر بجيش يلملمه الطمع ويلهبه فيسوقهم سوق الهيمان ويمكث شياطينهم بأرض كنعان ويقتل جيوشهم العفف(24) ويحل بجمعهم التلف فيتلايم منهم عقيب الشتات من ملك(25) النجاة إلى الفرات فيثيرون الواقعة الثانية، إذ لا مناص وهي الفاصلة المهولة قبل المغاص فيعذبهم على الإسلام الكثرة فهنالك تحل بهم الكرة(26) فيقصدون الجزيرة والخصبا ويخربون بعد عودهم الحدباء ثم يظهر الجري الحالك(27) من البصرة في شرذمة من بني غمرة يقدمهم إلى الشام وهو مدحش فيتابعه على الخديعة الأرعش ثم يصحبه بالجيش العرمرم إلى عرصه، فما أسرع ما يسلمه بعد فتنته فيروم الجري إلى العراق ليتبدل غليله من الإشراق فيهلكه الهلاك بالأنبار قبل مرامه، ويغيض على أهلها السقام من فضول سقامه وستنظر العيون إلى الغلام الأسمر الدعاب حين تجنح به جنوح الارتياب، يلقب بالحاكم ويسجن بالعلائم بعد إلفة العرب وإرسال حثيث الطلب مقارنة الدمار من بين صحاري الأنبار، وكأني أشاهد الأرعش وقد قلده الأمر وأطال حجته ليلة الدهر بعد اختلاف أرباب الوعود وذلك خلف موافق المقصود وعلق علايق ناكثات(28) ليشوبها الكدر ويواتيها القدر، فياشراه من بلية في برهته وزهو أمانيه بزهو نزهته، فهنالك يوصمه عطاسه ويقحمه نعاسه ويشغله شدة رعافه وذلك عقيب الإتصالات الظواهر وآخر القرن العاشر إذ هام بنور قنطور كل الهيام وجمعهم في المرة الثالثة شهر الصيام فإذا قاتلهم أبو الشواص(29) وهو أبو الفوارس فظهر ما بينهم الخابس انتقل ملك الهند من بيت إلى بيت، وقال البيت في حياته ألا ليت، وقل أمر الدولة من، وشملت أهل الجزورات الذلة ولعبت السيوف في سحروت وساحت الدماء في أقاليم صيصموت واختلفت على الملك الجيوش وصال عليهم بحوزة المشوس(30) ولجت النار الولجة واشتدت الحروب بين الذبحة ووافق الكمد الصعوبة وخربت طرق النوبة ولمس البرايد اللمس واختلف ملك أندلس ودهش العرب الداهش واقتتل أهل مراكش ووقعت الوقايع في القفحات وقام الحرب لهم على ساق وسارت الطلايع للسراف وعصفت بالسفن الرياح وأشرعت بالجزاير الرماح فظهرت الزخارخ المدفية وهلك رب قسطنطنية وهدم سواحل الروم البزح وسال على الأفاطيس الترح واشتدت الفتن في خراسان وكان الظفر لآل حسان وافترق بنو قنطور على اختلاف وآل بهم الرجل إلى المصاف، امتحق في الزجف أكثرهم وانكشف الأنام مظهرهم وخسف المدينة بالخطا وخربت متاحر القيعان(31) الوسطى وأكثرت الزلازل بالشجرات وطالت بأقاليم الجاوة المشاجرات وظهر العلج بين الدسايس وتلاحم عليه القتال بأرض فارس وتلهب الضرام المشرق فالحذر كل الحذر من المشفق إذا ظهرت بخراسان الزلازل ونزلت بهمدان النوازل فرجفت الأراجف بالعراق وتاحم(32) الكفر عند العناق وشمل الشام الخلاف وحجب عن أهله الإنصاف وصال دحداح(33) السواحل على الثغور وضعف عن دحضه أهل الغرور واشتهر الكذب بمصر ووقع بين أهلها الكرب والهرب واختلف العساكر على العلج وكثر بينهما الشح وتمادت المبنيات بالحجاز وخيف على الحرم من المكذاد واختلف العساكر وأهل اليمن على الملك ونجا منهم أناس إلى الفلك وسار التلاطم والحرب وأزعج هجر العرب وتأجج كرب الجزائر وملأ نواحي البر ووقع الخلف ما بين عساكر الروم وشاع ما كان مكتوم وارتحل الأفاضل من العالم وولى الأسافل المظالم وغلب على الناس الفجور وملكتهم بقية الغرور وأثم باللص الآثم ونبذ بذنبهم العالم ومنع أصحاب الحقيقة الحقوق وأصاب لبعضهم البروق البروج، قف إذا أقبل القرن الحادي عشر فإنا لله وإنا إليه راجعون عم البلاء وقل الرجاء ومنع الدعاء ونزل البلاء وعدم الدواء وضاق دين الإسلام وهلكه علج بالشام فإذا قام العلج الأصهب وعصر عليه القلب لم يلبث حتى يقتل ويطلب بدمه الأكحل فهنالك يرد الملك إلى الشرك ويقتل السابع من الترك وتفترق في البيداء الأعراب ويقطع المسالك والأسباب ويحجب القصر ويسعد العسر ويلج الهالع وتحل البليات بأرض بابل وتشتد وتفترش المحن ويكدر الصفاء ويدحض الخور وترجف من البؤس الأقاليم وتظلم بالشقاق الأظاليم ويملك الخير القهر وتنشر راية الشر ويشمل الناس البلاء ويحل الشام الغلاء وتكثر الوقايع في الآفاق ويقوم الحرب على ساق ويدعن لخرابها الأعمال وتأذن بعمارتها الجبال، فيا لها من قتلة، وكوز(34) لأبي المكارم الحبيب المستغني ثم يقتل بالعمد بسيف مولد أبي سند ثم خاتم الأربعين وهو عبد الله المكين فلم يلبث حتى يدرك بجيش يقدمه لشرك وفيه سعير فيقتله ويدمع الهارب فيعجله ويهدم الجوامع وأعلامها يكثكث(35) الزها وأعضائها ويستصغر الكباير ويبيد العشاير ويرفع الفاجر ويضع الأخيار(36) ويستعبد الممالك ويهلك السالك ويحتفل بالأراذل ونفد الأفاضل ويذهب العوارف ويحرق المصاحف ويشير الشقاق ويجالس الفساق فلن يجف الفضة ولن يصيب السفلة حتى يدركها فلبسه ابن حرب في ذلك العام حتى يثيب من السام ومعه جهينة بن وهب المتفرد بحماره المهدد بخروجه من جزيرة القشمير ومعه شياطين الغير فيقتل أحدهما سعيد ويستأثر ابنتها وليدة ثم يروم قصد الحجاز وقتل بيدهم بيوتات الأحراز، فآها لكوفة وجامعها وآها لذوي الحقايق وآها للمستضعفين في المضايق، وأين المقر عند ظهور العلج شلعين الميل الكالح الزيح بجيش لا يرام عبدهم ولا يحصى سبيلهم ولا يفدى ولا ينصر أسيرهم ومعهم الكركدن والفيل ويثبطون الظهور ويفزعون الثغور الجزيل، ويسبحون ويكسحون السعيد وسيحبط ببلاد الأرم في أحد الأشهر الحرم أشد العذاب من بني حام فكم من دم يراق بأرض العلايم وأسير يساق من الغنايم حتى يقال أروى بمصر الفساد وافترست الضبع الآساد فيا لله من تلك الآفات والتجلب بالبليات وأحصنت الربع المساحل حتى يصمم الساحل فهنالك يأمر العلج الكسكس أن يخرب بيت المقدس فإذا أذعن لأوامره وسار بمعسكره وأهال بهم الزمان بالرملة وشملهم الشمال بالذلة فيهلكون عن آخرهم هلعا فيدرك أسارهم طمعا، فيا لله من تلك الأيام وتواتر شر ذلك العام وهو العام المظلم المقهر ويستعكمك هوله في تسعة أشهر، ألا وإنه ليمنع البر جانبه والبحر راكبه وينكر الأخ أخاه ويعق الولد أباه ويذممن النساء بعولتهن وتستحسن الأمهات فجور بناتهن وتميل الفقهاء إلى الكذب وتميل العلماء إلى الريب فهنالك تنكشف الغطاء من الحجب وتطلع الشمس من الغرب هناك ينادي مناد من السماء، أظهر يا ولي الله إلى الأحياء وسمعه أهل المشرق والمغرب فيظهر قائمنا المتغيب يتلألأ نوره يقدمه الروح الأمين وبيده الكتاب المستبين ثم مواريث النبيين والشهداء الصالحين يقدمهم عيسى بن مريم فيبايعونه في البيت الحرام ويجمع الله له أصحاب مشورته فيتفقون على بيعته، تأتيهم الملائكة ولواء الأطراف في ليلة واحدة وإن كانوا في مفارق الأطراف فيحول وجهه شطر المسجد الحرام ويبين للناس الأمور العظام ويخبر عن الذات ويبرهن على الصفات ثم يولى بمكة جابر بن الأصلح ويقبله العوام بالأبطح فيرجع من العيلم ويقتل من المشركين في الحرم ثم يولي رماع بن مصعب ويقصد المسير نحو يثرب فيعقد لزعماء جيوشه رايته ويقلد أصفياء أصحابه مقاليد ولايته ويولي شبابة بن وافر والحسين بن ثميله وغيلان بن أحمد وسلامة بن زيد أعمال الحجاز وأرض نجد وهم من المدينة، ويولي حبيب بن تغلب وعمارة بن قاسم وخليل بن أحمد وعبد الله بن نصر وجابر بن فلاح أقاليم اليمين والأكامل وهم من أعراب العراق، ويولي محمد بن عاصم وجعفر بن مطلوب وحمزة بن صفوان وراشد بن عقيل ومسعود بن منصور وأحمد بن حسان أعمال البحرين وسواحلها وعمان وجزايرها وهم من جزايرهن، ويولي راشد بن رشيد وحزيمة بن عوام وهلال بن همام وعبد الواحد بن يحيى وإسماعيل بن جعفر ويعقوب بن مشرف وغيلان بن الحسين وموسى بن وجزاير(37) الكراديس وهم من مشارق العراق، ويولي أحمد بن سعيد وطاهر بن يحيى وإسماعيل بن جعفر ويعقوب بن مشرف وغيلان بن الحسين وموسى بن حارث حبشة وأقاليم المراقش وهم من الكوفة. ويولي إبراهيم بن أعطى والحسين بن علاب وأحمد بن موسى وموسى بن رميح ويميز بن صالح ويحيى بن غانم وسليمان بن قيس مصادر الجذلان وأعمال الدفولة وهم من أرض قوشان، ويولي طالب بن العالي وعبد العزيز بن سهلب بن مرة وهشام بن خولان وعمرو بن شهاب وجيار بن أعين وصبيح بن مسلم أقاليم الأدنى وجزاير الكتايب وهم من نواحي شيراز، ويولي أحمد بن سعدان ويوسف بن مغانم وعلي بن مفضل وزيد بن نصر والجراد بن أبي العلا وكريم بن ليث وحامد بن منصور أقاليم الحمير وجزاير الرسلات وهم من بلاد فارس، ويولي العمار بن الحارث ومحمد بن عطاف وجمعة بن سعد وهلال بن داودتيه وعمر بن الأسعد جزاير مليبار وأعمال العماير وهم من غري العراق الأعلى، ويولي الحسن بن هشام والحسين بن غامر وعلي بن الرضوان وسماحة بن بهيج الأشام الأردنا وهم من مشارق لبنان، ويولي الجيش بن أحمد ومحمد بن صالح وعزيز بن يحيى والفضل بن إسماعيل الشام الأقصى والسواحل من قرى الشام الأوسط، ويولي محمد بن أبي الفضل وتميم بن حمزة والمرتضى ابن عماد وعلي بن طاهر وأحمد بن شعبان بأقاليم مصر، وجزاير النوبة وهم من أرض مصر ويولي الحسن بن فاخر وفاضل بن حامد ومنصور بن خليل وحمزة بن حريم وعطاء الله بن حباة وواهب بن حيار ووهب بن نصر وجعفر بن وثاب ومحمد بن عيسى وتفور وسائط النوبة وأعمال الكردود وهم من بلاد حلوان. ويولي أحمد بن سلام وعيسى بن جميل وإبراهيم بن سلمان وعلي بن يوسف أعمال نواحي جابلقا وسواحلها وأعمال مفاوز، وهم من الأزد، ويولي وثاب بن حبيب وموسى بن نعمان وعباس بن محفوظ ومحمد بن حسان والحسين بن شعبان جزاير الأندلس وإفريقية وهم من نواحي الموصل، ويولي يحيى بن حامد وپنهان بن عبيد وعلي بن محمود وسلمان بن علي وأحمد بن سامر وعلي بن ترخان نواحي المراكش وثغور المصاعد ومروجة النخيل وهم من أرض خراسان، ويولي داود بن المخير ويعيش بن أحمد وأبا طالب بن إسماعيل وإبراهيم بن سهل ديار بكر ومشارق الروم وهم (من)(38) نصيبيين وفارقين، ويولي حمام بن جرير وشعبان بن قيس وسهل بن نافع وحمزة بن جعفر أقاليم الروم وسواحلها وهم من فارس، ويولي علقمة بن إبراهيم وعمران بن شبيب والفتح بن معلى وسند بن المبارك وقايد بن الوفاء ومصفون بن عبد الله بن مفارق قسطنطينة وسواحل القفجاق وهم من أصفهان، ويولي الأخوين محمد وأحمد بني ميمون العراق الأيمن وهما من المكين، ويولي عروة بن مطلوب وإبراهيم بن معروف العراق الأيسر وهما من أهواز، ويولي سعيد بن نضار ونزار بن سلمان ومعد بن كامل بلاد فارس وسواحل هرمز وهم من همدان، ويولي عيسى بن عطاف والحسين بن فضال عراق سواحل الري والجبال وهما من قم، ويولي نصير بن أحمد وعباس بن نفيل وطايع بن مسعود أعمال الموصل ومصادر الأرمن ومن قرى فرهان، ويولي الأمجد بن عبد الله وأسامة بن أبي تراب ومحمد بن حامد وسفيان بن عمران والضحاك بن عبد الجبار والمنيع بن المكرم بلاد خراسان وأعمال النهرين وهم من مازندران، ويولي المفيد بن أرقم وعون بن الضحاك ويحيى بن يرجم وإسماعيل بن ظلوم وعبد الرحمن بن محمد وكثار بن موسى جبال الكرخ وأقاليم العلان والروس وهم من بخارا، ويولي عبد الله بن حاتم وبركة ابن الأصيل وأبو جعفر بن الزرارة وهارون بن سلطان وسامر بن معلى المالق ونواحي چين والصحاري وهم من مرو، ويولي رهبان بن صالح وعمارة بن حازم وعطاف بن صفوان والبطال بن حمدون وعبد الرزاق بن عيشام وحامد بن عبادة ويوسف بن داود والعباس بن أبي الحسن أقاليم الديلم والقماقم وثغور القشاقش والغيلان وهم من سمرقند، ويولي مطاع بن حابس ومحمود بن قدامة وعلي بن قنين وضيف بن إسماعيل والفصيح بن غيث بن النفيس وماجد بن حبيب والفضل بن ظهر وغياث بن كامل وعلي بن زيد مداين الخطأ وجبال الزوابق وأعمال الشجارات وهم من قم، ويولي يعقوب بن حمزة ومحمد بن مسلم وثابت بن عبد العزيز والحسين بن موهوب وأحمد بن جعفر وأبا إسحاق بن نضيع مغاليق الضوب وقرى القواريق وهم من نيشابور ويولي الحسن بن العباس ومريد بن قحطان ومعلى بن إبراهيم وسلامة بن داود ومفرج بن مسلم ومعد بن كامل بلاد الكلب ونواحي الظلمات وهم من القرى، ويولي فضيل بن أحمد وفارس بن أبي الخير وأسد بن مراحات وباقي بن رشيد ورضى بن فهد وعباس بن الحسين والقاسم بن أبي المحسن والحسين بن عتيق السدور وحيالها وهم من نواحي خوارزم، ويولي فضلان بن عقيل وعبد الله بن غياث وبشار بن حبيب وسعد الله بن واثق وفصيح بن أبي عفيف والمرقد بن مرزوق وسالم بن أبي الفتح وعيسى بن المثنى أقاليم الضحاضح ومناخر القيعان وهم من قلعة النهر، ويولي الزاهد بن يونس وعصام بن أبي الفتح وعبد الكريم بن هلال ومؤيد بن القاسم وموسى بن معصوم والمبارك بن سعيد وعزوان بن شفيع وعلامة بن جواد أقاليم الغربين وأعمال العراعز وهم من الجبل، ويولي محمد بن قوام وجعفر بن عبد الحميد وعلي بن ثابت وعطاء الله بن أحمد وعبد الله بن هشام وإبراهيم بن شريف وناصر بن سليمان ويحيى بن داود وعلي بن أبي الحسين أقاليم المعابد وجبال الملابس وهم من قرى العجم ويختار الأكابر من السادات الأعمال العارفين لإقامة الدعائم منهم اثني عشر رجلا وهم محمد بن أبي الفضل وعلي بن أبي غابر والحسين بن علي وداود بن المرتضى وإسماعيل بن حنيفة ويوسف بن حمزة وعقيل بن حمزة وعقيل بن علي وزيد بن علي وجابر بن المصاعد ويوليهم جابر ساو إقليم المشرق ويأمرهم بإقامة الحدود ومراعاة العهود، ثم يختار رجالا كراما أحرارا أتقياء أبرارا وهم معصوم بن علي وطالب بن محمد وإدريس بن عبيد وإبراهيم بن مسلم وحمزة بن تمام وعلي بن الحسين ونزار بن حسن والأشرف بن قاسم ومنصور بن تقي وعبد الكريم بن فاضل وإسحاق بن المؤيد وثواب بن أحمد ويوليهم جابر قاو بلاد المغرب يأمرهم بما أمر به أصحابهم، ثم يختار اثني عشر رجلا وهم طاهر بن أبي الفرو وابن الكامل ولوي بن حرث ومحمد بن ماجد ورضي بن إسماعيل وظهير بن أبي الفجر وأحمد بن الفضل والركن بن الحسين ويوليهم الشمال وأعمال الروم ويأمرهم بما أمر به من يقدمهم من الصديقين، ثم يختار اثني عشر رجلا نقيا من العيوب وهم إسماعيل بن إبراهيم ومحمد بن أبي القاسم ويوسف بن يعقوب وفيروز بن موسى والحسين بن محمد وعلي بن أبي طالب وعقيل بن منصور وعبد القادر بن حبيب وسعد الله سعيد وسليمان بن مرزوق وعبد الرحمن بن عبد المنذر ومحمد بن عبد الكريم ويوليهم جهة الجنوب وأقاليمها ويأمرهم بما أمر به من يقدمهم، ثم بعد ذلك يقيم الرايات ويظهر المعجزات ويسير نحو الكوفة وينزل على سرير النبي سليمان ويحلق الطير على رأسه ويتختم بخاتمه الأعظم فيه وبيمينه عصا موسى وجليسه روح الأمين، وعيسى بن مريم، متشحا ببرد النبي متقلدا بذي الفقار ووجهه كدائرة القمر في ليالي كماله، يخرج من بين ثناياه نور كالبرق الساطع، على رأسه تاج من نور راكب على أسد من نور، إن يقل للشئ كن فيكون بقدرة الله تعالى ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويميت الأحياء وتسفر الأرض له عن كنوزها، حوى حكمة آدم ووفاء إبراهيم وحسن يوسف وملاحة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله وإسرافيل من ورائه والغمام من فوق رأسه والنصر من بين يديه والعدل تحت أقدامه ويظهر للناس كتابا جديدا وهو على الكافرين صعب شديد يدعو الناس إلى أمر من أقر به هدي ومن أنكره غوى، فالويل كل الويل لمن أنكره رؤوف بالمؤمنين شديد الانتقام على الكافرين ويستدعي إلى بين يديه كبار اليهود وأحبارهم ورؤساء دين النصارى وعلماءهم ويحضر التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ويجادلهم على كل كتاب بمفرده يطلت منهم تأويله ويعرفهم تبديله ويحكم بينهم كما أمر الله ورسوله ثم يرجع بعد ذلك إلى هذه الأمة شديدة الخلاف قليلة الايتلاف وسيدعي إليه من ساير البلاد الذين ظنوا أنهم من علماء الدين وفقهاء اليقين والحكماء والمنجمين والمتفلسفين والأطباء الضالين والشيعة المذعنين فيحكم بينهم بالحق فيما كانوا فيه يختلفون ويتلو عليهم بعد إقامة العدل بين الأنام وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، يتضح للناس الحق وينجلي الصدق وينكشف المستور ويحصل ما في الصدور ويعلم الدار والمصير ويظهر الحكمة الإلهية بعد إخفائها ويشرق شريعة المختار بعد ظلمائها ويظهر تأويل التنزيل كما أراد الأزل القديم، يهدي إلى صراط مستقيم وتكشف الغطاء عن أعين الأثماء ويشيد القياس ويخمد نار الخناس (39) ويقرض الدولة الباطلة ويعطل العاطل ويفرق بين المفضول والفاضل ويعرف للناس المقتول والقاتل ويترحم عن الذبيح ويصح الصحيح ويتكلم عن المسموم وينبه الندم ويظهر إليه المصون ويفتضح الخؤون وينتقم من أهل الفتوى في الدين لما لا يعلمون فتعسا لهم ولأتباعهم أكان الدين ناقصا فتمموه أم كان به عوج فقوموه أم الناس هموا بالخلاف فأطاعوه أم أمرهم بالصواب فعصوه أم وهم المختار فيما أوحي إليه فذكروه أم الدين لم يكمل على عهده فكملوه وتمموه أم جاء نبي بعده فاتبعوه أم القوم كانوا صوامت على عهده، فلما قضى نحبه قاموا تصاغروا بما كان عندهم فهيهات وأيم الله لم يبق أمر مبهم ولا مفصل إلا أوضحه وبينه حتى لا تكون فتنة للذين آمنوا إنما يتذكر أولوا الألباب. فكم من ولي جحدوه وكم وصي ضيعوه وحق أنكروه ومؤمن شردوه وكم من حديث باطل عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته نقلوه وكم من قبيح منا جوزوه وخبر عن رأيهم تأولوه وكم من آية ومعجزة أجراها الله تعالى عن يده أنكروها وصدوا عن سماعها ووضعوها، وسنقف ويقفون ونسأل ويسألون وسيعلم الذين كفروا أي منقلب ينقلبون. طلبت بدم عثمان وظنوا أني منهم الآن حاربتني عائشة ومعاوية وكأني بعد قليل وهم يقولون: القاتل والمقتول في جنة عالية ونسوا ما قال الله تعالى: *(وكتبنا عليهم فيها إن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص)(40) وقوله تعالى: *(من قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها)(41) وكأني بعد قليل ينقلون عني أنني بايعت أبا بكر في خلافته فقد قالوا بهتانا عظيما، فيا لله العجب وكل العجب من قوم يزعمون أن ابن أبي طالب يطلب ما ليس له بحق ويمنى ويتداول الأمر جزعا ويتابعهم هلعا، وأيم الله إن عليا لآنس بالموت من سنة الكرى، بل عند الصباح تحمد القوم السرى، ألا إن في قائمنا أهل البيت كفاية للمستبصرين وعبرة للمعتبرين ومحنة للمتكبرين لقوله تعالى: *(وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب)(42) هو ظهور قائمنا المغيب لأنه عذاب على الكافرين وشفاء ورحمة للمؤمنين، يظهر وله من العمر أربعون عاما فيمكث في قومه ثمانين سنة وقيل لهم سلاما وصلى الله على محمد وآله أجمعين.(43)
الهوامش
(1) السمندل: طائر إذا انقطع نسله وهرم ألقى نفسه في الجمر فيعود إلى شبابه وقيل هو دابة يدخل النار فلا تحرقه (لسان العرب: 11 / 692).
(2) الصراح: البيت العمور.
(3) الديجور: الظلام.
(4) كيوان: نجم يقال له: زحل وكاوان جزيرة في البصرة (كتاب العين: 5 / 421).
(5) العساعس: من العسس أي الحرس.
(6) اسم نجم ويسمى: أنف الأسد (مفردات الراغب 482).
(7) في بعض النسخ: الأكيل.
(8) في بعض النسخ: ساجر.
(9) المحك: المنازعة في الكلام (تاج العروس: 7 / 176).
(10) الشور: عرض الشيء وإظهار (النهاية 2 / 508).
(11) في بعض النسخ: الأنفال.
(12) في بعض النسخ: ورثة - وارث الأنبياء.
(13) في بعض النسخ: موهن.
(14) الأري: العسل، والأري الذي لم يدخل الفزع جنان رئته (كتاب العين: 8 / 302).
(15) الارماس: القبور وطبا: دعا.
(16) المري: الذي يؤتدم به (الصحاح: 2 / 814).
(17) الوغى: الحرب.
(18) المفاوز: المكان الوسيع الذي ليس قربها أنيس (غريب الحديث: 2 / 202).
(19) السميدع: السيد الموطأ الأكناف (الصحاح: 3 / 1233).
(20) في بعض النسخ: ابتر.
(21) في بعض النسخ: العقد والأفطر.
(22) في بعض النسخ: بكنية.
(23) في بعض النسخ: عليه كتابة المظفر بكنيته.
(24) العفف وقيل العفعف: ثمر الطلح. (كتاب العين: 1 / 92).
(25) في بعض النسخ: فلك.
(26) في بعض النسخ: الكسرة.
(27) في بعض النسخ: الحالكة شديدة السواد في المجمع.
(28) في بعض النسخ: باكيات.
(29) في بعض النسخ: أبو النوامس.
(30) المشوش: المنديل، والمشاش رؤوس العظام (تاج العروس: 4 / 350).
(31) في بعض النسخ: العقيان.
(32) تاحم: ذبح.
(33) هو القصير من الرجال.
(34) الكوز حفيرة تحفر (كتاب العين: 7 / 373).
(35) الكثكث: دقاق الحصى والتراب (النهاية: 4 / 153).
(36) الآصار.
(37) كذا بالأصل.
(38) زيادة يقتضيها السياق.
(39) الخناس اسم الشيطان (مجمع البحرين: 1 / 760) والخناس داء يصيب الزرع (تاج العروس: 4 / 143).
(40) سورة المائدة: 45.
(41) سورة النساء: 93.
(42) سورة إبراهيم: 44.
(43) الخطبة في ينابيع المودة: 3 / 205 ط. دار الأسوة.
******************
الريحان الثاني: في خطبة خطبها في الكوفة المعروفة بخطبة البيان
أيضا عن دار المنتظم في السر الأعظم لمحمد بن طلحة الشافعي وهو من أكابر علماء أهل السنة وقد ثبت عند علماء الطريقة ومشايخ الحقيقة بالنقل الصحيح والكشف الصريح أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال على المنبر بالكوفة وهو يخطب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها، وساطح المدحيات ووازرها (1) وموطد الجبال وقافرها (2) ومفجر العيون ونافرها (3) ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزين السماء وزاهرها ومدبر الأفلاك ومسيرها ومقسم المنازل ومقدرها ومنشئ السحاب ومسخرها (4) مولج الحنادس ومنورها ومحدث الأجسام ومقررها ومكور الدهور ومكدرها ومورد الأمور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبرها ومحيي الرفات وناشرها، أحمده على آلائه وتكاثرها وأشكره على نعمائه وتواترها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تؤدي إلى السلامة ذاكرها وتؤمن من العذاب ذاخرها وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها أرسله إلى أمة قد شفر (5) بعبادة الأوثان شاعرها واغلنطس بضلالة عبادة الأصنام ماهرها ويفحم بحجج عن الجهالة سادرها وفجر نعماء الشبهات فجور فاجرها وهدى على لسان الشيطان بقبول العصيان طايرها وقسم آكام الأحكام بزخرف الشقاشق ماكرها فأبلغ في النصيحة ووافرها وغاض لجج بحار الضلال وعامرها وأنار منار أعلام الهداية ومنابرها ومحق بمعجزات القرآن دعوة الشيطان ومكاثرها وأرغم معاطس الغواة وكافرها حتى أصبحت دعوته بالحق بأول ظاهر يرها، ومجيبه بقبول الصدق شاعرها بنطق ناصرها وشريعته المطهرة إلى المعاد بمفخر فاخرها صلى الله عليه وآله وسلم له الدرجة العليا وطيب عناصرها. أيها الناس سار المثل وحقق العمل وأقدم الوجل واقترب الأجل وصمت الناطق وبصق الزاهق وحقت الحقايق والتحق اللاحق وثقلت الظهور وتفاقمت الأمور وحجب السرور وأحجم المغرور وأرغم المالك ومنعت المسالك وسلك الحالك وهلك الهالك وعمر الفرات وكثرت الحسرات وأكدت الغمرات وكفت العثرات وقصر الأمد وتأود الأود ودهش العدد وأوحش المقند وهيجت الوساوس ودهشت الهواجس وعطل العساعس وخدل المنافس(6) ولجت الأمواج(7) وخيف الفجاج وضعفت الحجاج واطرح المنهاج واشتد الغرام واتحف الأوام ودلف القتام وازدلف الخصام واختلف العرب واشتد الطلب وصحب الوصب ونكض الهرب وطلبت الديون وبكت العيون وفتن المفتون وسكت المغبون وشاط الشطاط وشط النشاط وهاط الهياط ومط القلاط وعجز المطاع وصلت الدفاع واظلم الشعاع وصمت الأسماع وذهب العفاف ورغب الخلاف وسمج الإنصاف وأخرج العفاف واستحوذ الشيطان وعظم العصيان وتسلمت الخصيان وحكمت النسوان وقدحت الحوادث ونفث النافث وعبث العابث واهجم الرايث وهدت الأحراز وخافت الأعجاز وظهر الإيجاز وبهر الرجاز واختلفت الأهواء وعظمت البلوى واشتدت الشكوى واستمرت الدعوى وقرض القارض ورفض الرافض وقعد الناهض وسعد الفارض ولحظ اللاحظ ولمظ اللامظ وعض الشاظظ ورد الفاظظ وتلاحم الشذاذ وثقل الإلحاذ وعز النفاذ ووبل الرذاذ وعجت الفلاة ونجت المقلاة وشنشنت الفلاة وعجعجت الولاة وتضاءل الباذخ ووهم الناسخ وتجهرم الشالخ ونفخ النافخ وزلزت الأرض وضيعت الفرض وحكم الرفض ونجم القرض وكتمت الأمانة وبدت الخيانة وخبثت الصيانة وعرت الدهانة واتحد العيص وزاغ القبيص وكرثم القميص وكثكث المحيص وقام الأدعياء ونال الأشقياء وتقدمت السفهاء وتأخرت الصلحاء ومادت الجبال وأشكل الإشكال وسبع الهكال وشعشع الوبال وساهم الشحيح وانغر الفصيح وقهقر الجريح واخرنطم الفحيح وكفكف اليروع وخدخد البلوع ونصف المرتوع وتكتك المولوع وفدفد الموعور وقدقد الديجور وافرد المأثور ونكب الماتور(8) وعبس الغبوس وكسكس الهموس ونافس المعكوس واجلب الناموس ودعدع الشفيق وحرثم (9) الأنيق واحتجب الطريق وثور الفريق ودار الرايد وزاد الزايد وماد المائد وقاد القايد وجد الجد وكد الكد وسد السد (وحد الحد) وعرض العارض وفرض الفارض وسار الرابض ووقف الراكض وضال الضل وغال الغل وفضل الفضل ونال المثل وشت الشتات وتصوح النبات وسمت السمات وأخرت الديات وكد الهرم وقصم الوصم وسلب الوهم وسدم الندم وآب الذاهب وذاب الذائب ونجم الثاقب ووصب الواصب وازور القران واحمر الدبران وسدس السرطان وربع الزبرقان وثلث الحمل وساهم الزحل وتنبه الثول وعنقبت النيل وأقل الفرار ونصبت الجفار ومنع الوجار وآب الاقرار وكملت الفترة وبدئت الهجرة وغرت الكثرة وغمرت الغمرة وظهرت الأفاطس فحسمت الملابس يؤمهم الكساكس ويقدمهم العبابس فيكدحون الجزائر ويقدحون العشاير ويملكون السراير ويهتكون الحراير ويحيون كيسان ويخربون خراسان ويفرقون الجلسان ويلجون الأويسان (10) فيهدون الحصون ويظهرون المصون ويعيضون الغصون ويفردون الحصون ويفتحون العراق ويهجمون الشقاق ويثيرون النفاق بدم يهراق، فآه ثم آه آه لعريض الأفواه ودبول الشفاه، ثم التفت يمينا وشمالا وتنفس الصعداء إملالا وتأوه أنينا وتأفف حزينا وتململ دنفا وتوجل أسفا وتنفس خشوعا وتغير خضوعا، فقام إليه سويد بن نوفل الهلالي فقال: يا أمير المؤمنين أنت حاضر ما ذكرت وعالم به وبتأويل ما أخبرت، فالتفت إليه عن كثب ورمقه بعين الغضب، ثم قال له: ثكلتك الثواكل ونزلت بك النوازل يا بن الجبان الجابث والمكذب الناكث سيقصر بك الطول ويغلبك الغول، أنا سر الأسرار أنا شجرة الأنوار أنا دليل السماوات أنا رئيس المسبحات أنا خليل جبرئيل أنا صفي ميكائيل أنا قايد الأملاك أنا سمندل الأفلاك أنا سايق الرعد أنا شاهد العهد أنا سليل الصراح أنا حفيظ الألواح أنا قطب الديجور أنا البيت المعمور أنا زاجر القواصف أنا محرك العواصف أنا مزن السحائب أنا نور الغياهب أنا شرف الدواير أنا مآثر المآثر أنا كيوان الكيهان أنا شان الامتحان أنا شهاب الإحراق أنا مواثق الميثاق أنا عصام الشواهد أنا سهام الفراقد أنا شعاع العساعس أنا جون الشوامس أنا فلك اللجج أنا حجة الحجج أنا مهيمن الأمم أنا فصيل الذمم أنا سماك البهو أنا إمام العفو أنا سبب الأسباب أنا أمين السحاب أنا مسدد الخلايق أنا محقق الحقايق أنا جوهر القدم أنا مرتب الحكم أنا منية الأمل أنا عامل العمل أنا شريف الذات أنا محدث الشتات أنا الأول والآخر أنا الباطن والظاهر أنا البرق اللموع أنا السقف المرفوع أنا الشعرى والزبرقان أنا قمر السرطان أنا أسد النثرة أنا سعد الزهرة أنا مشتري الكواكب أنا زحل الثواقب أنا غفر الشرطين أنا ميزان البطين أنا حمل الإكليل أنا عطارد التفضيل أنا قوس العراك أنا فرقد السماك أنا مريخ القران أنا عيون الميزان أنا حارس الاستراق أنا جناح البراق أنا جامع الآيات أنا سريرة الخفيات أنا ساجر البحر أنا قسطاط القطر أنا مصاحب الجديدين أنا أمير النيرين أنا محط القصاص أنا خلاصة الإخلاص أنا شملال الجبال أنا مقدم الآمال أنا مفجر الأنهار أنا معذب الثمار أنا مفيض الفرات أنا معرب التوراة أنا ملك بن ملك أنا هدية الملك أنا مبين الصحف أنا يافث الكثف أنا ثاقب الكسف أنا ذخيرة الشكور أنا مفصح الزبور أنا مؤول التأويل أنا مفسر الإنجيل أنا أم الكتاب أنا فصل الخطاب أنا صراط الحمد أنا أساس المجد أنا منجد البررة أنا سورة البقرة أنا مثقل الميزان أنا صفوة آل عمران أنا علم الأعلام أنا جملة الأنعام أنا تبيان النساء أنا خامس أهل الكساء أنا إلفة الإيلاف أنا رجال الأعراف أنا محجة المقال أنا صاحب الأنفال أنا مائدة الكشف أنا توبة العنف أنا صادق المثل أنا راسخ الجبل أنا سر إبراهيم أنا ثعبان الكليم أنا علانية المعبود أنا آصف هود أنا نحلة الجليل أنا خلة الخليل أنا مبعوث بني إسرائيل أنا مخاطب الكهف أنا محبوب الصف أنا ولي الأولياء أنا وارث الأنبياء أنا لاهج النهج أنا حجة الحجج أنا موصوف المؤمنين أنا بدر المسبحين أنا الفرقان أنا البرهان أنا عقود الكرمين أنا عماد الركن أنا ثبير الترك أنا شملاص الشرك أنا جنبنتا (11) الزنج أنا جرجس الفرنج أنا عقد الإيمان أنا زبركم الغيلان أنا برسم الروس أنا لوش السدوس أنا سلمه المطا أنا دودين الخطأ أنا بدر البروج أنا شنشار الكروج أنا حاتم الأعاجم أنا روثيان التراجم أنا أوريا الزبور أنا حجاب الغفور أنا صفوة الجليل أنا إيليا الإنجيل أنا خبة القراة أنا كاسي العراة أنا مواخي يوشع وموسى أنا ميمون وصي عيسى أنا زرملاح الفرس أنا عماد الأنس أنا شديد القوى أنا حامل اللواء أنا إمام المحشر أنا ساقي الكوثر أنا قسيم الجنان أنا مساطير النيران أنا يعسوب الدين أنا إمام المتقين أنا وارث المختار أنا ظهير الأطهار أنا مبيد الكفرة أنا أبو الأئمة البررة أنا قالع الباب أنا مفرق الأحزاب أنا صاحب البيعتين أنا الضارب ببدر وحنين أنا حافظ الكلمات أنا مخاطب الأموات أنا مكلم الثعبان أنا آلاء الرحمن أنا الضارب بالسيفين أنا الطاعن بالرمحين أنا ليث الرخام أنا أنيس الهوام أنا الجوهرة الثمينة أنا باب المدينة أنا وارث العلوم أنا هيولى النجوم أنا مفسر البينات أنا مبين المشكلات أنا أول المصدقين أنا إمام المفسرين أنا محكم الطواسين أنا أمانة يس أنا حاء الحواميم أنا الم أنا سابق الزمر أنا آية القمر أنا صاحب النجم أنا صدر الترجم (12) أنا جانب الطور أنا باطن الصور أنا عتيد قاف أنا وزاغ الأحقاف أنا منازل الصافيات أنا سهام الذاريات أنا فاطر النافعة أنا متلو سبأ والواقعة أنا أمانة الأحزاب أنا مكنون الحجاب أنا وعد الوعيد أنا مثال الحديد أنا وفاق الآفاق أنا علامة الطلاق أنا ن والقلم أنا مصباح الظلم أنا سؤال متى أنا ممدوح (هل أتى)(13) أنا النبأ العظيم أنا الصراط المستقيم أنا زمام الطول أنا محكم الفضل أنا عذوبة القطر أنا هلال الشهر أنا لؤلؤ الأصداف أنا جبل قاف أنا سر الحروف أنا نور الظروف أنا الجبل الشامخ أنا الجبل الراسخ أنا مفتاح الغيوب أنا مصباح القلوب أنا نور الأرواح أنا روح الأشباح أنا الفارس الكرار أنا نصرة الأنصار أنا السيف المسلول أنا الشهيد المقتول أنا جامع القرآن أنا تبيان البيان أنا شقيق الرسول أنا بعل البتول أنا عمود الإسلام أنا مكسر الأصنام أنا صاحب الأذن أنا قاتل الجن أنا ساقي العطاش أنا نايم الفراش أنا شيث البراهمة أنا سعد العياقمة أنا موهن البطارق أنا كون المفارق أنا بطرس الروم أنا سيدس الاشموم أنا حقيق الأرمن أنا أمين المأمن أنا صالح المؤمنين أنا إمام المفلحين أنا إمام أرباب الفتوة أنا كنز أسرار النبوة أنا المطلع على أخبار الأولين أنا المخبر عن وقايع الآخرين أنا حامل الراية أنا صاحب الآية أنا قطب الأقطاب أنا حبيب الأحباب أنا مهدي الأوان أنا عيسى الزمان أنا والله وجه الله أنا والله أسد الله أنا سيد العرب أنا كاشف الكرب أنا الذي قيل في حقه لا فتى إلا علي أنا الذي قيل في شأنه أنت مني بمنزلة هارون من موسى من النبي أنا ليث بني غالب أنا علي بن أبي طالب، صلوات الله وسلامه عليه. قال: فصاح السائل صيحة عظيمة وخر ميتا فعقب أمير المؤمنين (عليه السلام) علي كرم الله وجهه بأن قال: الحمد لله بارئ النسم وذارئ الأمم والصلاة على الاسم الأعظم والنور الأقوم ثم قال: سلوني عن طرق السماء فإني أعلم بها من طرق الأرض سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين جنبي علوما كثيرة كالبحار الزواخر فنهض إليه الرسخة من العلماء والمهرة من الحكماء وأحدق به الكمل من الأولياء والندر من الأصفياء يقبلون مواطئ قدميه ويقسمون بالاسم الأعظم عليه بأن يتمم كلامه ويكمل نظامه فقال عز الراسخين ونور العارفين الإمام الهمام الغالب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، أبتر المضمار وجرت الأقدار ونفث القلم ووعدت الأمم وحكم الخالق ورشق الراشق وحققت الظنون وفتن المفتون بما أن سيكون، ألا وإنه سيحبط بالزوراء علج من بني قنطور بأشرار وأي أشرار وكفار وأي كفار قد سلبت الرحمة من قلوبهم وكلفهم الأمل إلى مطلوبهم فيقتلون الأيلة ويشربون الأكمه ويذبحون الأبناء ويستحلون النساء ويطلبون بني شداد وبني هاشم ليسوق (14) معهم سوق الغنائم وتستضعف فتنتهم الإسلام وتحرق نارهم الشام، فواها لحلب من حصارهم وواها لخرابها بعد ديارهم وسترد الظلباء (15) من دمائهم أياما وتساق سباياهم فلن يجدوا لهن عصاما وسيهدون حصون الشامات ويطيفون ببلادها الآفات فلم يبق إلا دمشق ونواحيها وتراق الدماء بمشارقها وأعاليها ثم يدخلونها وبعلبك بالأمان وتحل البدايات بنواحي لبنان، فكم من قتيل بالقفر وأسير بجانب النهر فهناك تسمع الأعوال وتصحب الأهوال فإذا لا تطول لهم المدة حتى يخلق من أمرهم الجدة فإذا هزمهم الجنين الأوجر وثب عليهم التعدد الأقطر وهو رابع العلوج المنفر عليه كتابة المظفر تحس بالهمة الطمع ويغلقه المبلغ فيسوقهم سوق الهجان وينكص شياطينهم بأرض كنعان ويقتل عبوسهم الفقف ويحل بجميعهم العلف فيجتمعون عقيب الشتات من فلك النجاة إلى الفرات فيسيرون الواقعة إذ لا مناص وهي الفاصلة المهولة قبل العاص فيغويهم على الإسلام الكثرة فهنالك يحل لهم الكسرة فيقصدون الجزيرة والخصباء ويخربون بعد فتكهم الجدباء ثم يظهر الجري الهالك من البصرة بشرذمة عرب من بني عمرة يقدمهم إلى الشام وهو مدهش فيبايعه على الخديعة الأرعش وسيصحبه في المسير إلى غوطته فما أسرع ما يسلمه بعد ورطته ثم يأمر المجري أن يروم إلى العراق مراما ليبل من علته بها أواما فيدركه الهلاك بلا سار دون مرامه ويحل بأهله التلف دون سقامه وستنظر العيون إلى الغلاب الأسمر اللعاب حين يجنح به جنوح الارتياب يلقب بالحكم سيجئ بالعلم بعد ألفة العرب وحثيث الطلب، فكأني أنظر إلى الأرعش وقد هلك وولده الحدث الأبرص وقد ملك فلا تطول مدته(16) أكثر من ساعة فما هذه الشناعة ويقتل مدرب الجميل الأحمر بعد أن يسجن الأسمر عند وصول رسل المغاربة إليه ومثولهم بين يديه ثم يخرج الهمام فيصلي بالناس إمام ثم يقتل بعد برهة من الزمان بين الخدام والخلان فعندها يخرج من المغرب أناس على شهب الخيول بالمزامير والأعلام والطبول فيملكون البلاد ويقتلون العباد، ثم يخرج من السجن غلام يفني عددهم ويأسر حددهم ويهزمهم إلى البيت المقدس ويرجع منصورا مريدا محبورا، فيوافي مصر وقد نقص نيلها وقل نيلها ويبست أشجارها وعدمت ثمارها فيظهر عند ذلك صاحب الراية المحمدية والدولة الأحمدية القائم بالسيف الحال الصادق في المقال يمهد الأرض ويحيي السنة والفرض سيكون ذلك بعد ألف ومائة وأربع وثمانين سنة من سني الفترة بعد الهجرة، ثم قال: أيها المحجوب عن شأني والغافل عن حالي إن للعجائب آثار خواطري والغرائب أسرار ضمايري لأني قد خرقت الحجاب وأظهرت العجاب وأتيت باللباب ونطقت بالصواب وفتحت خزاين الغيوب وفتقت دفائن القلوب وكثرت لطايف المعارف ودمرت عوارف اللطايف فطوبى لمن استمسك بعروة هذا الكلام وصلى خلف هذا الإمام، فإنه يقف على معاني الكتاب المسطور والرق المنشور ثم يدخل إلى البيت المعمور والبحر المسجور ثم أنشد شعرا: لقد حزت علم الأولين وإنني * ضنين بعلم الآخرين كتوم وكاشف أسرار الغيوب بأسرها * وعندي حديث حادث وقديم وإني لقيوم على كل قيم * محيط بكل العالمين عليم ثم قال: لو شئت لأوقرت من تفسير فاتحة الكتاب سبعين بعيرا *(ق والقرآن المجيد)(17) كلمات خفيات الأسرار وعبارات جليات الآثار وينابيع عوارف القلوب من مشكاة لطايف الغيوب، لمحات العواقب كالنجوم الثواقب، نهاية الفهوم بداية العلوم، الحكمة ضالة كل حكيم، سبحان القديم، يفتح الكتاب ويقرأ الجواب. يا أبا العباس أنت إمام الناس، سبحان من يحيي الأرض بعد موتها وترد الولايات إلى بيوتها. يا منصور تقدم إلى بناء الصور ذلك تقدير العزيز العليم. هذا آخر ما سمع من لفظه النوراني وضبط من كلامه الروحاني في هذا الباب والصلاة على قطب الأقطاب ورسول الملك الوهاب وعلى آله المنتجبين الأطياب ما أشرقت شموس الغيوب من غياهب القلوب.(18)
الريحان الثالث: في الخطبة التي خطبها وفيها من علائم الظهور المعروفة بالتطنجية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي فتق الأجواء وخرق الهواء (19) وعلق (20) الأرجاء وأضاء الضياء وأحيى الموتى وأمات الأحياء. أحمده حمدا سطع فارتفع وأينع ولمع وابتدع فانفزع وهاع ولاع وشعشع فلمع، يتصاعد في السماء إرسالا ويذهب في الجو اعتدالا خلق السماوات (21) بلا دعائم وأقامها بغير قوائم وزينها بالكواكب المضيئات وحبس في الجو سحائب مكفهرات وخلق (22) الجبال والبحار على تلاطم تيار رفيق فتق ولجاها (23) فتغطمطت (24) أمواجها،(25) أحمده وله الحمد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (26) انتخبه من البحبوحة (27) العليا وأرسله في العرب العرباء (بعثه) ابتعثه هاديا مهديا وحلا (28) حلا راضيا مرضيا طلسميا (29)، فأقام به الدلائل وختم به الرسائل ونصر به المسلمين وأظهر به الدين صلى الله عليه وآله الطاهرين. أيها الناس(30) أنيبوا إلى شيعتي والتزموا ببيعتي وواظبوا على الدين بحسن اليقين وتمسكوا بوصي نبيكم الذي به نجاتكم وبحبه يوم المحنة منجاتكم، فأنا الأمل والمأمول والفاضل ووصي الرسول أنا قاسم الجنة والنار أنا الواقف على التطنجين (31) أنا الناظر في المشرقين والمغربين رأيت والله الأفرودوس (32) من رأي العين وهو في البحر السابع الذي يجري فيه الفلك في ذخاخيرة (33) النجوم والفلك والحبك (34) ورأيت الأرض ملتفة كالتفاف الثوب المقصور وهي في خرق من التطنج الأيمن من الجانب مما يلي المشرق، والتطنجان خليجان من ماء كأنهما أيسار تطنجين وأنا المتولي دايرتها وما أفرودوس وما هم فيه إلا كالخاتم في الإصبع، ولقد رأيت الشمس عند غروبها وهي كالطير المنصرف إلى وكره ولولا اصطكاك رأس أفرودوس واختلاط التطنجين وصرير الفلك لسمع من في السماوات ومن في الأرض رميم حميم دخولها في الماء الأسود في العين الحمئة ولقد علمت (35) عجائب خلق الله ما لا يعلم إلا الله (36) ولقد كيف لي فعرفت وعلمني ربي فتعلمت، ألا فعوا ولا تضجوا ولا ترتجوا فلولا خوفي عليكم أن تقولوا جن أو ارتد لأخبرتكم (بما كان وما يكون إلى يوم القيامة وما يلقونه وقتا بوقت ويوما بيوم وعصرا بعد عصر وعاما بعد عام ولقد علمت علم اليقين إلى صاحب شريعتكم هذه) بما كانوا عليه وأنتم فيه وما تلقونه إلى يوم القيامة، علم أوعى إلي فعلمت ولقد ستر علمه عن جميع النبيين إلا صاحب شريعتكم هذه صلى الله عليه وآله فعلمني علمه وعلمته علمي ألا إنا نحن النذر الأولى ونحن النذر الآخرة والأولى ونذر كل وقت وأوان بنا هلك من هلك وبنا نجا من نجا فلا (37) تستعظموا ذلك فينا، فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة وتفرد بالجبروت والعظمة لقد سخرت لي الشمس والرياح والجن والهوام والطيور والأشجار والبحار، وإنكم تستعظمون ملك سليمان وما سليمان لو عرفتموه وكشف لكم رأيتموه سلكتم في أنفسكم، نحن كنا مع آدم وكنا مع نوح وكنا مع موسى وكنا مع عيسى وداود وسليمان وما بينهم وبين النبيين فكل إلينا وفينا وبنا، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ألا فأديل ونقلناها عنك ونتحدث فيها بعدك ونسأل عن معانيها فلا ندري ما هي فقال: هيهات هيهات لنسب لا سبب وعدل عادل هذا علم لا حد له جاش تياره فبعذر يجري فيقذف ما فيه لم يسعني السكوت عنه والا ما سأل عما أعطيت وأحاط به علمي، ألا وفوق ذلك والذي فلق الحبة وبرئ النسمة عرضت لي وأعرضت عنها، أنا سحاب الدنيا لوجهها فحتى متى يلحق بي اللاحق، لقد علمت ما فوق الفردوس الأولى وما تحت السابعة السفلى وما في السماوات العلى وما بينها وما تحت الثرى، كل ذلك علم الإحاطة لا علم إخبار، أقسم برب العرش العظيم لو شئت أخبرتكم بآبائكم وأسلافكم أين كانوا وممن كانوا وأين هم وما صاروا إليه فكم من آكل منكم أكل لحم أخيه وشارب برأس أبيه وهو يشتاقه ويرتجيه غدا، هيهات هيهات إذا انكشف المسطور ويحصل ما في الصدور وعلم واردات الضمير وتعلمون المصير وأيم الله قد كورتم كورات وكررتم كرات وكم من بين كرة وكرات وكم من آية وآيات وما بين مقتول وميت وبعض في حواصل الطيور (38) وبعض في بطون الوحوش والناس ما بين ماض وراج ورايح وغاد، لو كشف لكم ما كان مني في القديم الأول وما يكون مني في الآخر لرأيتم (39) عجائب مستعظمات وأمورا مستعجبات وصنايع واطات، أنا صاحب الخلق الأول، أنا قبل نوح الأول ولو علمتم ما بين آدم ونوح من عجائب اصطنعتها وأمم أهلكتها فحق عليهم القول فبئس ما كانوا يفعلون، أنا صاحب الطوفان الأول (أنا صاحب بابل والكارات، أنا صاحب الحيتان) أنا صاحب الطوفان الثاني أنا صاحب السيل العرم أنا صاحب الأسرار المكتومات أنا صاحب العاد والجنات أنا صاحب ثمود والآيات أنا مدبرها أنا مزلزلها أنا مرجفها أنا مهلكها أنا مدبرها أنا بانيها أنا داحيها أنا مميتها أنا محييها أنا الأول وأنا الآخر وأنا الباطن وأنا الظاهر أنا مع الكون وقبل الكون أنا في الذر وقبل الذر أنا مع الدور وقبل الدور أنا مع القلم قبل القلم أنا مع اللوح قبل اللوح أنا صاحب الأزلية الأولية (أنا مترك الترك ومدلس الأدليس أنا صاحب الوقوف وبهران) أنا صاحب جابلقا وجابرسا أنا صاحب الرفرف وبهام أنا مدبر العالم الأول حين لا سماؤكم هذه ولا غبراكم فقام إليه (40) ابن صويرمة فقال: أنت أنت يا أمير المؤمنين فقال (عليه السلام): أنا أنا (سوى ربي ورب الخلائق أجمعين خلق الأشياء بغير معين ودبر الأشياء بقدرته وخضع كل شيء لهيبته) لا إله إلا الله ربي ورب الخلائق أجمعين له الخلق والأمر الذي دبر الأمور بحكمته وقامت السماوات والأرضون بقدرته كأني بضعيفكم يقول: ألا تسمعون ما يدعيه ابن أبي طالب في نفسه وبالأمس مكفهر (41) عليه عساكر أهل الشام فلا يخرج إليها؟ والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وإبراهيم لأقتلن الشام بكم قتلات وأي قتلات، وحقي وعظمتي لأقتلن بكم أهل الصفين سبعين قتلة ولأردن إلى كل مسلم حياة جديدة ولأسلمن إليه صاحبه وقاتله إلى أن يشفي غليل صدره منه، ولأقتلن بعمار بن ياسر وأويس القرني ألف قتيل فسحقا للقوم الظالمين، أو لا يقال: لولا وكيف وأنى ومتى وأين وحتى، فكيف بكم إذا رأيتم صاحب الشام ينشر بالمناشير ويقطع بالمساطير ثم لأذيقنه أليم العذاب ألا فأبشروا (42) فإلي يرد أمر الخلق غدا فلا تستعظم بما قلت فإنا أعطينا علم المنايا والبلايا والتأويل والتنزيل وفصل الخطاب وعلم النوازل والوقايع فلا يعزب عنا شيء وكأني بهذا (وأومى بيده إلى ولده يأتي من المدينة إلى كربلاء ويقتل عطشانا وتقتل بين يديه رجال بايعوه على الحق، وإني أراهم يفعل بهم كالإبل، تكاد الأرض تخسف بمن يفعل بهم، لو شئت سميت المقتولين رجلا رجلا ومن يقتلهم بأسمائهم وأسماء أمهاتهم وآبائهم وهاهم قريب مني وأومى بيده إليهم فرأينا قبيله رجالا وجوههم أنور من القمر متغيرين الألوان نحاف الأجسام لم ير أحسن من وجوههم، لم تدر من أين أقبلوا هؤلاء الأنصار للحق لم يبدها كذا قال جابر: يا مولاي أين يكون هؤلاء؟ قال: يا جابر في ظهور آبائهم إلى الوقت المعلوم فينتقلون من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزاكية، ثم قال (عليه السلام): أنا أخلق وأرزق وأحيي وأميت تبارك الله وتقدست أسماؤه قال جابر: يا مولاي فنحن على الحق؟ قال: نعم وأنتم على الحق ومعه تكونون، يا جابر كيف بكم إذا صاح الناقوس) وأشار إلى الحسين (عليه السلام) وقد نار نوره بين عينيه فأحضره بوقته بحنين طويل يزلزلها ويخسفها وصار معه المؤمنون من كل مكان وأيم الله لو شئت سميتهم رجلا رجلا بأسمائهم وأسماء آبائهم فهم يتناسلون من أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم الوقت المعلوم، ثم قال: يا جابر أنتم مع الحق ومعه تكونون وفيه تموتون، يا جابر إذا صاح الناقوس وكبس الكابوس وتكلم الجاموس فعند ذلك عجايب وأي عجايب، إذا أنار النار بأرض نصيبين وظهرت راية العثمانية بوادي سود واضطربت البصرة وغلب بعضهم بعضا وصبا كل قوم إلى قوم واختلفت المقالات وحركت عساكر خراسان (43) وتبع شعيب بن صالح التميمي من بطن طالقان وبويع لسعيد السقوسي بخوزستان وعقدت الراية لعماليق كردان وتغلبت العرب على بلاد الأرمن والسقلاب وأذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سفيان فتوقعوا ظهور مكلم موسى من الشجرة على الطور فيظهر هذا ظاهر، مكشوف ومعاين موصوف، ألا وكم عجايب تركتها ودلائل كتمتها لا أجد لها حملة، أنا صاحب إبليس بالسجود ومعذبه وأنا معذب جنوده عند التكبر من السجود وأنا رافع إدريس مكانا عليا أنا منطق عيسى في المهد صبيا أنا مؤذن الميادين وواضع الأرض أنا قاسمها أخماسا فجعلت خمسا برا وخمسا بحرا وخمسا جبالا وخمسا عامرا وخمسا خرابا أنا خرقت القلزم من الرحيم وخرقت العقيم من الحميم وخرقت كلا من كل وخرقت بعضا من بعض أنا طيبوثا أنا جاينوثا أنا البارجلون أنا عليوثوتا أنا المشرف على البحار في قواليم أقاليم الزخار عند التيار حتى يخرج لي ما أعد لي فيه من الخيل والرجل فاتخذ ما أحببت وأترك ما أردت، ثم أسلم إلى عمار بن ياسر اثني عشر ألف أدهم على كل أدهم منها محب لله ولرسوله، مع كل واحد اثني عشر ألف كتيبة لا يعلم عددها (44) إلا الله الذي خلقها وأعلم عددها، ألا فأبشروا فأنتم نعم الإخوان، ألا وإن لكم بعد الحين طرقة تعلمون بها بعض البيان وينكشف لكم صنايع البرهان عند طلوع بهرام وكيوان على دقايق الاقتران فعندها تتواتر الهدات (45) والزلازل وتقبل الرايات من شاطئ جيحون إلى بلاد بابل. أنا مبرج الأبراج وعاقد الرتاج ومفتح الأفراج وباسط الفجاج أنا صاحب الطور يوم التجلي لموسى بن عمران أنا كاشف لما خر موسى صعقا، أنا ذلك النور الظاهر أنا صاحب موسى أنا صاحب المأوى أنا ذلك البرهان الباهر وإنما كشف لموسى شقص من شقص الذر من المثقال وكل ذلك بعلم الله ذي الجلال، أنا صاحب جنات عدن والخلود أنا مجري الأنهار من ماء تيار وأنهار من لبن وأنهار من عسل مصفى وأنهار من خمر لذة للشاربين. أنا قاسم الجنان أنا دارس الإسلام أنا آخر الوقت أنا حميت جهنم وسميتها جحيم وسجيل وجعلتها طبقات فمنها السعير والثبور أعددتها للمنافقين وأخرى عميوس أعددتها للظالمين أنا أودعت ذلك كله وادي برهوت وهو الفلق ورب ما فلق ويخلد فيها الجبت والطاغوت ومن عبدهما ومن كفر بذي العز والجبروت الحي الذي لا يموت، أنا الجنان الموصوفات بوادي السلام والدار الخلد أنا صانع الأقاليم والمنزل البركات من الله الحكيم العليم، أنا الكلمة التي بها تمت الأمور ودهرت الدهور أنا جعلت الأقاليم أرباعا والجزاير سبعا فإقليم الجنوب معدن البركات وإقليم الشمال معدن السطوات وإقليم الصبا معدن الزلازل وإقليم الدبور معدن الهلكات فاستعيذوا من مهب الدبور (46) فمن هناك الصرصر الدبور بها أهلكت المتمردين حتى جعلتهم كالرميم وأفنيت الأولين الذين تمردوا بالطغيان، ألا ويل لمداينكم وأمصاركم من طغاة يظهرون فيعذبونكم إذا قضى من مضى من الجبابرة الذين لم يحسنوا سياسة المسلمين، إذا مضى الكهب والكهيب والكشير والقنير والنعمان والشضيبان والمكسور والكرشون والشفصبان والحوصبان والهولب والأقتم والشهيط والنخيط (47) هو تصلى قاتل الأقران ومفتي الشجعان ويأتي بعده الأديل والأميل والصعلوك والصبي الدعوك يملك ويستوعب ويسير الآجال ويكثر الشدائد في دولة السلطان والنسوان، ثم يأتي بعد ذلك البهلول الأيدح (48) الأنددي الأريح (49) المشؤم يومه، يظهر من بعده النوش (50) وينشو العبوس، إذ الأمر إلى العبد المعروف بالأرحب ومثله لما في الأرعب واسترعاها الديار وأسلمها العصيان وصارت إلى الصبيان فعند ذلك يتوقع شنارها (51) ويكثر نفارها وترتج الأقطار والدعاة إلى كل باطل، هيهات هيهات توقعوا حلول الفرج العظيم وإقباله فرجا فرجا إذا جعل الله حصيات النجف جواهر وجعلها تحت أقدام المؤمنين (52) ويهلك أهل النفاق والمارقين ويظهر معدن الياقوت الأحمر وخالص الدر والجوهر، ألا وإن ذلك من أبين العلامات فإذا كان لاح ضياؤه وسطع نوره وكان ما تريدون فكم هنالك من عجايب جمة وأمور لمة وكيف يلم إذا دهمتكم رايات بني كنده مع عمال من عقبة من الشام يريد بها الأموية، هيهات أن يكون الحق في تيمي أو عدوي أو أموي. ثم بكى وقال: آه آه للأمم المشاهدة بني عتبة مع بني كنانة السايرون إلى اللا يلا اللا يلا اللا تكون حلا حلا ليصلوا إلى جنب الجزيرة من مفارقة الأوبر (53) خلق عظيم فاحضر المعطد وادعان شمخر (54) البيض الأضك الأبيض والأبقع وينتقص الأموال والأنفس والثمرات مع خوف شديد وبؤس وبشر الصابرين، يريعون (55) في النعيم والسعور المقيم يحملكم نحايب ويحملكم الأملاك، فقال رجل: نحن منهم؟ فقال (عليه السلام): فيكم منهم، قال قالوا: بين لنا السعيد والشقي فقال: فتشوا سرائركم واسألوا أحباركم واستدلوا بذلك على الطريق تفوزوا الفوز العظيم والنعيم المقيم وكم يجري في العالم أعجوبات وكم فيه آيات لا لمزية وأكثر العلامات بني قنطور(56) وملكهم العراق وأطراف الشام تفتيكم ضوية تفتيكم النساء المخدرات، أنا أكثرهم علما وأعظمهم حلما وذلك تقدير العزيز الحكيم، ثم يملك الأناباط الأفكة والأعراب المناسبة في فلك البصرة حتى واسط وأعمالها إلى الأهواز وأظلالها وأول خراب العراق، في أيامهم يكثر البلاء العظيم والقحط الشديد ثم يجري في عدد ذلك عجائب وأي عجائب، إذا رحل العاشر على ديارهم وصالحوهم خوفا من شرهم كل ذلك يكون في القرن الحادي عشر من الثلثين يكون الفتك من فتك الجحيم واستيصال بيت الله الحرام وقتلهم الخاص والعام وذلك إذا دهم البلاء الزوراء وتتصل البلايا والرزايا بالعالم فيقتل الأنباط وجبابرتها ويملكون ديارها وذراريها وكم يكون الثاني عشر في عشرها الأول ظهور الديلم واجبا وجيلان وقوم من خراسان يملكون التبريز ويؤمرون الأمير ويضطرب العراق بهم والعجب كل العجب من الأربعين إلى الخمسين من نوازل وزلازل وبراهين ودلايل إذا وقعت الواقعة بين همدان وحلوان ويقتل خلق في حلوان إلى النهروان. ويزول ملك الديلم يملكها، إعرابي وهو عجمي اللسان يقتل صالحي ذلك العصر وهو أول الشاهد، ثم في العشر الثالث من الثلثين يقبل الرايات من شاطئ جيحون لفارس ونصيبين، تترادف إليهم رايات العرب فينادى بلسانهم بقدر مجرى السحاب ونقصان الكواكب وطلوع القطر التالي الجنوب كغراب الابنور وزلازل وهبات وآيات، هنالك يوضح الحق ويزول البلاء ويعز المؤمن ويذل الكافر المخالف ويملك بحار الكوفة البري منهم لا المتغلبين في، ألا إنهم طغاة مردة فراعنة وتكون بنواحي البصرة حركة لست أذكرها ويظهر العرب على العجم ويعدلون بالأهواز من دون الناس وكم أشياء أخفيتها لا يطيقها الوعي ولا يصبر على حملها وأمور قد أهملتها خوفا أن يقال: متى علمتها؟ وإني قد بلغت الغاية القصوى التي انتهيت وعلى ما أمرت أبيت فلا يتهمني المتهمون، النار مثواهم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف من عذابها كذلك نجزى كل كفور، وشرط القيامة في الكور إذا بلغ الزور وجار الجور وحقت الكر وكانت الرجعة وأتت الساعة بقائم يقوم في الناس يذهب البلاء عن المؤمنين وينجلي عنهم الخوف والرعب لا يتكلم نفس إلا بإذنه منهم شقي وسعيد، أنا الدابة التي توسم الناس أنا العارف بين الكفر والإيمان ولو شئت أن أطلع الشمس من مغربها وأغيبها من مشرقها بإذن الله وأريكم آيات وأنتم تضحكون، أنا مقدر الأفلاك ومكوكب النجوم في السماوات ومن بينها بإذن الله تعالى وعليتها بقدرته وسميتها الراقصات ولقبتها الساعات وكورت الشمس وأطلعتها ونورتها وجعلت البحار تجري بقدرة الله وأنا لها أهلا، فقال له ابن قدامة: يا أمير المؤمنين لولا أنك أتممت الكلام لقلنا: لا إله إلا أنت؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا بن قدامة لا تعجب تهلك بما تسمع، نحن مربوبون لا أرباب نكحنا النساء وحمتنا الأرحام وحملتنا الأصلاب وعلمنا ما كان وما يكون وما في السماوات والأرضين بعلم ربنا، نحن المدبرون فنحن بذلك اختصاصا، نحن مخصوصون ونحن عالمون، فقال ابن قدامة: ما سمعنا هذا الكلام إلا منك. فقال (عليه السلام): يا بن قدامة أنا وابناي شبرا وشبيرا وأمهما الزهراء بنت خديجة الكبرى الأئمة فيها واحدا واحدا إلى القائم اثنا عشر إماما، من عين شربنا وإليها رددنا. قال ابن قدامة قد عرفنا شبرا وشبيرا والزهراء والكبرى فما أسماء الباقي؟ قال: تسع آيات بينات كما أعطى الله موسى تسع آيات، الأول علموثا علي بن الحسين والثاني طيموثا الباقر والثالث دينوتا الصادق والرابع بجبوثا الكاظم والخامس هيملوثا الرضا والسادس أعلوثا التقي والسابع ريبوثا النقي والثامن علبوثا العسكري والتاسع ريبوثا وهو النذير الأكبر. قال ابن قدامة: ما هذه اللغة يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): أسماء الأئمة بالسريانية واليونانية التي نطق بها عيسى وأحيى بها الموتى والروح وأبرأ الأكمه والأبرص، فسجد ابن قدامة شكرا لله رب العالمين، نتوسل به إلى الله تعالى نكن من المقربين. أيها الناس قد سمعتم خيرا فقولوا خيرا واسألوا تعلموا وكونوا للعلم حملة ولا تخرجوه إلى غير أهله فتهلكوا، فقال جابر: فقلت: يا أمير المؤمنين فما وجه استكشاف؟ فقال: اسألوني واسألوا الأئمة من بعدي، الأئمة الذين سميتهم فلم يخل منهم عصر من الأعصار حتى قيام القائم فاسألوا من وجدتم منهم وانقلوا عنهم كتابي، والمنافقون يقولون علي نص على نفسه بالربوبية فاشهدوا شهادة أسألكم عند الحاجة، إن علي بن أبي طالب نور مخلوق وعبد مرزوق، من قال غير هذا لعنه الله. من كذب علي، ونزل المنبر وهو يقول: تحصنت بالحي الذي لا يموت ذي العز والجبروت والقدرة والملكوت من كل ما أخاف وأحذر فأيما عبد (57) قالها عند نازلة به إلا وكشفها عنه. قال ابن قدامة: نقول هذه الكلمات وحدها؟ فقال (عليه السلام): تضيف إليهما الاثني عشر إماما وتدعو بما أردت وأحببت يستجيب الله دعاك.(58)
الهوامش
(1) وزره: طعنه، والزر: العض (كتاب العين: 7 / 347).
(2) القفر الخالي من الأمكنة (كتاب العين: 5 / 151).
(3) نافرها نازعها.
(4) في بعض النسخ: ومدلج.
(5) الشفر: الحرف (كتاب العين: 6 / 253).
(6) في بعض النسخ: ومجت.
(7) في بعض النسخ: وخيفت العجاج.
(8) في بعض النسخ: الموتور.
(9) في بعض النسخ: جرسم.
(10) في بعض النسخ: فيهدمون.
(11) في بعض النسخ: اجيثاء.
(12) في بعض النسخ: رصد الرحم.
(13) سورة الإنسان: 1.
(14) في بعض النسخ: ليساقوا.
(15) في بعض النسخ: وستروى الظباء.
(16) في بعض النسخ: مدة ملكه.
(17) سورة ق: 1.
(18) الخطبة بطولها في ينابيع المودة: 3 / 209.
(19) في بعض النسخ: الفضاء.
(20) في بعض النسخ: شق.
(21) في بعض النسخ: بلا عمد تحتها ولا علايق فوقها.
(22) في بعض النسخ: خول.
(23) في المشارق: رتاجها.
(24) التغطمط: شدة الغليان (تاج العروس: 5 / 192).
(25) في بعض النسخ: وأجراها بمعرفته وعلمه وأحمده على نعمه وأشكره على قسمه وأستهديه إلى هدايته.
(26) في بعض النسخ: وخيرته من خلقه أرسله خير البشر وأكرم به النذر والبحر العليا من مضر أهل الوفاء والكرم والسخاء والحرم والمآثر والقدم والسطوات والنعم.
(27) البحبوحة: وسط الشيء.
(28) كذا.
(29) طلمس: قطب وجهه، والطلمساء السحاب الرقيق (تاج العروس: 4 / 180).
(30) في بعض النسخ: هلموا إلى بيعتي بحسن اليقين والمواظبة على الدين والإقرار بوصية نبيكم الذي نجيتم بولايته وأفلحتم بحسن منقلبكم ومثواكم.
(31) في الذريعة (7 / 201) التطنجان: خليجان من ماء.
(32) في المشارق: رأيت رحمة الله والفردوس.
(33) في المشارق: زخاخيره.
(34) الحبك: أخذ القول في القلب (كتاب العين: 3 / 257).
(35) في بعض النسخ: رأيت من.
(36) في بعض النسخ: وعلم ما كان وما يكون وما أنا إلى الزمن الأول مع من تقدم مع آدم الأول.
(37) في بعض النسخ: يعظم ذلك في أعينكم فوحق من سطح الأرض ودحاها ورفع السماء وبناها.
(38) في بعض النسخ: ابن أمل فوق ما أملتموه وملك أضعاف ما ملكتموه والناس كذلك بين رايح وغاد لو كشف.
(39) في بعض النسخ: عظيما ودلائل بينات.
(40) في بعض النسخ: فقال له رضيعه عرصه أين كنت يا أمير المؤمنين (عليه السلام)؟
(41) أي عابس قطوب.
(42) في بعض النسخ: وإلي يرد أمر الخلايق أجمعين أهلك من أريده وانجي من أريده.
(43) في بعض النسخ: وبويع لشعيب.
(44) في بعض النسخ: لا يعدها.
(45) في بعض النسخ: الفترة.
(46) الريح الدبور: الريح التي يقابل الصبا تهب من ناحية المغرب (مجمع البحرين: 2 / 9).
(47) كلام لم نهتدي إليه.
(48) الأيدح: الباطل (لسان العرب: 2 / 1271).
(49) الأريح: الواسع من كل شيء.
(50) النوش: التناول (كتاب العين: 6 / 286).
(51) الشنار: أشد العار.
(52) في بعض النسخ: ويبايع للخلاف والمنافقين ويبطل معه الياقوت الأحمر.
(53) بنو الأوبر سكنوا براقش، وبنات الأوبر: كمأه صفار على لون التراب (مجمع البحرين: 4 / 460).
(54) الشمخر: الجسيم من الفحول (كتاب العين: 4 / 323).
(55) في بعض النسخ: يرتعون.
(56) في بعض النسخ: قنطورا من بنات نوح فولدت منهما الترك والصين.
(57) في بعض النسخ: أيها الناس ما ذكر أحدكم هذه الكلمات عند نازلة وشدة إلا وأزاحها الله عنه فقال جابر: وحدها يا أمير المؤمنين قال: وأضف الثلاثة عشر اسما وضمني ثم ركب ومضى.
(58) الخطبة بطولها في مشارق أنوار اليقين: 263 إلى 267 ط. الأعلمي بتحقيقنا مع تفاوت.
******************
الريحان الرابع: في الحديث المروي عن مفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) ووقايع زمان الظهور والرجعة،
عن المفضل بن عمر سألت سيدي الصادق (عليه السلام): هل للمأمول المنتظر المهدي (عليه السلام) من وقت موقت يعلمه الناس؟ فقال: حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا، قلت: يا سيدي ولم ذلك؟ قال: لأنه هو الساعة التي قال الله تعالى: *(يسألونك عن الساعة قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض)(1) الآية، وهو الساعة التي قال الله تعالى: *(يسألونك عن الساعة أيان مرساها)(2) وقال *(وعنده علم الساعة)(3) ولم يقل إنها عند أحد وقال *(فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها)(4) الآية وقال *(اقتربت الساعة وانشق القمر)(5) وقال *(وما يدريك لعل الساعة قريب يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد)(6) قلت: فما معنى يمارون؟ قال: يقولون متى؟ ولد ومن رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكل ذلك استعجالا لأمر الله وشكا في قضائه ودخولا في قدرته أولئك الذين خسروا الدنيا وإن للكافرين لشر مآب، قلت: أفلا توقت له وقت؟ فقال: يا مفضل لا اوقت له وقتا ولا يوقت له وقت، إن من وقت لمهدينا وقتا فقد شارك الله تعالى في علمه وادعى أنه ظهر على سره وما لله من سر إلا وقد وقع إلى هذا الخلق المعكوس الضال عن الله الراغب عن أولياء الله وما الله من خير إلا وهم أخص به بستره وهو عندهم، وإنما ألقى الله إليهم ليكون حجة عليهم. قال المفضل: يا مولاي فكيف بدء ظهور محمد المهدي وإليه التسليم؟ قال: يا مفضل يظهر في شبهة ليستبين فيعلو ذكره ويظهر أمره وينادى باسمه وكنيته ونسبه ويكثر ذلك على أفواه المحقين والمبطلين والموافقين والمخالفين لتلزمهم الحجة بمعرفتهم به، على أنه قصصنا ودللنا عليه ونسبناه وسميناه وكنيناه وقلنا سمي جده رسول الله وكنيه لئلا يقول الناس ما عرفنا له اسما ولا كنية ولا نسبا، والله ليتحقق الإيضاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتى ليسميه بعضهم لبعض، كل ذلك للزوم الحجة عليهم ثم يظهره الله كما وعد به جده (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله عز وجل: *(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(7) قال المفضل: يا مولاي فما تأويل قوله تعالى: *(ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)* قال (عليه السلام): هو قوله تعالى: *(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)(8) فوالله يا مفضل ليرفع عن الملل والأديان الاختلاف ويكون الدين كله واحدا كما قال جل ذكره: *(إن الدين عند الله الإسلام)(9) وقال الله: *(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)(10) قال المفضل: قلت يا سيدي ومولاي والدين الذي في آبائه إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الإسلام؟ قال: نعم يا مفضل هو الإسلام لا غير، قلت: يا مولاي أتجده في كتاب الله؟ قال (عليه السلام): نعم من أوله إلى آخره ومنه هذه الآية: *(إن الدين عند الله الإسلام)* وقوله تعالى: *(ملة أبيكم إبراهيم هو سميكم المسلمين)(11) ومنه قوله تعالى في قصة إبراهيم وإسماعيل: *(واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك)(12) وقوله تعالى في قصة فرعون *(حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين)(13) وفي قصة سليمان وبلقيس *(قبل أن يأتوني مسلمين)(14) وقولها *(أسلمت مع سليمان لله رب العالمين)(15) وقول عيسى *(من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون)(16) وقوله عز وجل *(وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها)(17) وقوله في قصة لوط *(فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين)(18) وقوله *(آمنا بالله وما أنزل إلينا)(19) إلى قوله *(لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون)(20) وقوله تعالى: *(أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت)* إلى قوله *(ونحن له مسلمون)(21) قلت: يا سيدي كم الملل؟ قال: أربع وهي شرائع قال المفضل: قلت: يا سيدي المجوس لم سموا المجوس؟ قال (عليه السلام): لأنهم تمجسوا في السريانية وادعوا على آدم وعلى شيث (عليهما السلام) هبة الله، أنهما أطلقا لهم نكاح الأمهات والأخوات والبنات والخالات والعمات والمحرمات من النساء وأنهما أمراهم أن يصلوا إلى الشمس حيث وقفت في السماء ولم يجعلا لصلاتهم وقتا. وإنما هو افتراء على الله الكذب على آدم وشيث. قال المفضل: يا مولاي وسيدي لم سمي قوم موسى اليهود؟ قال (عليه السلام): لقول الله عز وجل *(إنا هدنا إليك)(22) أي اهتدينا إليك، قال: فالنصارى؟ قال (عليه السلام): لقول عيسى *(من أنصاري إلى الله)(23) وتلا الآية إلى آخرها فسموا النصارى لنصرة دين الله، قال المفضل: فقلت: يا مولاي فلم سمي الصابئون الصابئين؟ فقال (عليه السلام): إنهم صبوا (24) إلى تعطيل الأنبياء والرسل والملل والشرايع وقالوا كلما جاءوا به باطل فجحدوا توحيد الله تعالى ونبوة الأنبياء ورسالة المرسلين ووصية الأوصياء فهم بلا شريعة ولا كتاب ولا رسول وهم معطلة العالم، قال المفضل: سبحان الله، ما أجل هذا من علم! قال (عليه السلام): نعم يا مفضل فألقه إلى شيعتنا لئلا يشكوا في الدين، قال المفضل: يا سيدي ففي أي بقعة يظهر المهدي (عج)؟ قال (عليه السلام): لا تراه عين في وقت ظهوره إلا رأته كل عين، فمن قال لكم غير هذا فكذبوه، قال المفضل: يا سيدي يرى وقت ولادته؟ قال: بلى والله ليرى من ساعة ولادته إلى ساعة وفاة أبيه سنتين وتسعة أشهر، أول ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة لثمان خلون من شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين إلى يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأول من ستين ومائتين وهو يوم وفاة أبيه بالمدينة بشاطئ دجلة، بناها المتكبر الجبار المسمى باسم جعفر الضال الملقب بالمتوكل وهو المتأكل لعنه الله تعالى وهو مدينة تدعى بسر من رأى وهي ساء من رأى يرى شخصه المؤمن المحق سنة ستين ومائتين ولا يراه المشكك المرتاب وينفذ فيها أمره ونهيه ويغيب عنها فيظهر في القصر بصابر بجانب المدينة في حرم جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيلقاه هناك من يسعده الله بالنظر إليه ثم يغيب في آخر يوم من سنة ست وستين ومائتين فلا تراه عين أحد حتى يراه كل أحد وكل عين، قال المفضل: قلت يا سيدي فمن يخاطبه ولم يخاطب؟ قال الصادق (عليه السلام): تخاطبه الملائكة والمؤمنون من الجن ويخرج أمره ونهيه إلى ثقاته وولاته ووكلائه ويعقد ببابه محمد بن نصير النميري في يوم غيبته بصابر ثم يظهر بمكة، والله يا مفضل كأني أنظر إليه دخل مكة وعليه بردة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى رأسه عمامة صفراء وفي رجليه نعل رسول الله المخصوفة وفي يده هراوته، يسوق بين يديه أعنزا عجافا حتى يصل بها نحو البيت ليس ثم أحد يعرفه ويظهر وهو شاب. قال المفضل: يا سيدي يعود شابا أو يظهر في شيبة؟ فقال (عليه السلام): سبحان الله وهل يعرف ذلك يظهر كيف شاء وبأي صورة شاء إذا جاءه الأمر من الله تعالى مجده وجل ذكره، قال المفضل: يا سيدي فمن أين يظهر وكيف يظهر؟ قال (عليه السلام): يا مفضل يظهر وحده ويأتي البيت وحده ويلج الكعبة وحده ويجن عليه الليل وحده، فإذا نامت العيون وغسق الليل نزل إليه جبرئيل وميكائيل والملائكة صفوفا فيقول له جبرئيل: يا سيدي قولك مقبول وأمرك جايز فيمسح يده على وجهه ويقول: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين، ويقف بين الركن والمقام فيصرخ صرخة فيقول: يا معاشر نقبائي وأهل خاصتي ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض ايتوني طائعين، فيرد صيحته عليهم وهم في محاريبهم وعلى فرشهم في شرق الأرض وغربها فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل فيجيبون نحوها ولا يمضي لهم إلا كلمحة بصر حتى يكون كلهم بين يديه بين الركن والمقام فيأمر الله عز وجل النور فيصير عمودا من السماء إلى الأرض فيستضئ به كل مؤمن على وجه الأرض ويدخل عليه نور من جوف بيته فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور وهم لا يعلمون بظهور قائمنا أهل البيت عليه وعليهم السلام ثم يصبحون وقوفا بين يديه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر. قال المفضل: يا مولاي وسيدي فاثنان وسبعون رجلا الذين قتلوا مع الحسين بن علي يظهرون معهم؟ قال: يظهر منهم أبو عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) يظهرون في اثني عشر ألفا من مؤمنين من شيعة علي وعليه عمامة سوداء. قال المفضل: يا سيدي فبغير سنة القائم بايعوا له قبل ظهوره وقبل قيامه؟ فقال (عليه السلام): يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم فبيعته كفر ونفاق وخديعة، لعن الله المبايع لها والمبايع له، بل يا مفضل يسند القائم ظهره إلى الحرم ويمد يده فترى بيضاء من غير سوء ويقول: هذه يد الله وعن الله وبأمر الله ثم يتلو هذه الآية *(إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)(25) الآية، فيكون أول من يقبل يده جبرئيل ثم يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجن ثم النقباء ويصبح الناس بمكة فيقولون: من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة؟ وما هذا الخلق الذي معه؟ وما هذه الآية التي رأيناها الليلة ولم نر مثلها؟ فيقول بعضهم لبعض: هذا الرجل هو صاحب العنيزات، فقال بعضهم: انظروا هل تعرفون أحدا ممن معه؟ فيقولون: لا نعرف أحدا منهم إلا أربعة من أهل مكة وأربعة من أهل المدينة وهم فلان وفلان ويعدونهم بأسمائهم، ويكون هذا أول طلوع الشمس في ذلك اليوم فإذا طلعت الشمس وأضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين يسمع من في السماوات والأرضين: يا معشر الخلائق هذا مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ويسميه باسم جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويكنيه وينسبه إلى أبيه الحسن الحادي عشر إلى الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين، بايعوه تهتدوا ولا تخالفوا أمره فتضلوا، فأول من يقبل يده الملائكة ثم الجن ثم النقباء ويقولون سمعنا وأطعنا ولا يبقى ذو أذن من الخلايق إلا سمع ذلك النداء وتقبل الخلايق من البدو والحضر والبحر والبر يحدث بعضهم بعضا ويستفهم بعضهم بعضا ما سمعوا بآذانهم، فإذا دنت الشمس للغروب صرخ صارخ من مغربها: يا معشر الخلايق قد ظهر ربكم بوادي اليابس من أرض فلسطين وهو عثمان بن عنبسة الأموي من ولد يزيد بن معاوية لعنهم الله فبايعوه تهتدوا ولا تخالفوا عليه، فيرد عليهم الملائكة والجن والنقباء قوله: ويكذبونه ويقولون له سمعنا وعصينا ولا يبقى ذو شك ولا مرتاب ولا منافق ولا كافر إلا دخل بالنداء الأخير وسيدنا القائم مسند ظهره إلى الكعبة ويقول: يا معشر الخلائق، ألا ومن أراد أن ينظر إلى آدم وشيث، فها أنا ذا آدم وشيث ألا ومن أراد أن ينظر إلى نوح وولده سام، فها أنا نوح وسام ألا ومن أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل، فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل ألا ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع، فها أنا ذا موسى ويوشع، ألا ومن أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون فها أنا ذا عيسى وشمعون، ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) فها أنا ذا محمد وأمير المؤمنين، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) فها أنا ذا الحسن والحسين، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام) فها أنا ذا الأئمة، أجيبوا إلى مسألتي فإني أنبئكم بما نبئتم به وما لم تنبأوا به، ومن كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع مني ثم يبتدئ بالصحف التي أنزلها الله على آدم وشيث يقول: أمة آدم وشيث وهبة الله: هذه والله هي الصحف حقا ولقد أمرنا ما لم نكن نعلمه فيها وما كان خفي علينا وما كان سقط منها وبدل وحرف، ثم يقرأ صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل والزبور فيقول أهل التوراة والإنجيل والزبور: هذه والله صحف نوح وإبراهيم حقا وما أسقط منها وما بدل وحرف منها هذه والله التوراة الجامعة والزبور التام والإنجيل الكامل وإنها أضعاف ما قرأنا منها ثم يتلو القرآن فيقول المسلمون: هذا والله القرآن حقا الذي أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أسقط منه وحرف وبدل، ثم تظهر الدابة بين الركن والمقام فتكتب في وجه المؤمن مؤمن وفي وجه الكافر كافر ثم يقبل على القائم رجل وجهه إلى قفاه وقفاه إلى صدره ويقف بين يديه فيقول: يا سيدي أنا بشير أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك وأبشرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء فيقول له القائم: بين قصتك وقصة أخيك فيقول الرجل: كنت وأخي في جيش السفياني وخربنا الدنيا من دمشق إلى الزوراء وتركناها جما وخربنا الكوفة وخربنا المدينة وكسرنا المنبر وراثت بغالنا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخرجنا منها وعددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد إخراب البيت وقتل أهله، فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها فصاح: بنا صايح يا بيداء أبيدي القوم الظالمين فانفجرت الأرض وبلعت كل الجيش فوالله ما بقي على وجه الأرض عقال ناقة مما سواه غيري وغير أخي فإذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلى ورائنا كما ترى فقال لأخي: ويلك امض إلى الملعون السفياني بدمشق فأنذره بظهور المهدي من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعرفه أن الله قد أهلك جيشه بالبيداء وقال لي: يا بشير إلحق بالمهدي بمكة وبشره بهلاك الظالمين وتب على يده فإنه يقبل توبتك فيمر القائم يده على وجهه فيرده سويا كما كان ويبايعه ويكون معه. قال المفضل: يا سيدي وتظهر الملائكة والجن للناس؟ قال: إي والله يا مفضل ويخاطبونهم كما يكون الرجل مع حاشيته بأهله، قلت: يا سيدي ويسيرون معه؟ قال: إي والله يا مفضل ولينزلن أرض الهجرة ما بين الكوفة والنجف وعدد أصحابه حينئذ ستة وأربعون ألفا من الملائكة وستة آلاف من الجن، وفي رواية أخرى ومثلها من الجن بهم ينصره الله ويفتح على يديه. قال المفضل: فما يصنع أهل مكة؟ قال: يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة فيطيعونه ويستخلف فيهم رجلا من أهل بيته ويخرج يريد المدينة. قال المفضل: يا سيدي فما يصنع بالبيت؟ قال: ينقضه فلا يدع منه إلا القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم (عليه السلام) والذي رفعه إبراهيم وإسماعيل فيها وإن الذي بني بعدهما لم يبنه نبي ولا وصي ثم يبنيه كما يشاء الله وليعفين آثار الظالمين بمكة والمدينة والعراق وسائر الأقاليم وليهدمن مسجد الكوفة وليبنينه على البنيان الأول وليهدمن القصر العتيق، ملعون ملعون ملعون من بناه. قال المفضل: يا سيدي يقيم بمكة؟ قال: لا يا مفضل، بل يستخلف فيها رجلا من أهله فإذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه فيرجع إليهم فيأتونه مهطعين مقنعي رؤوسهم يبكون ويتضرعون ويقولون: يا مهدي آل محمد التوبة التوبة فيعظهم وينذرهم ويحذرهم ويستخلف عليهم منهم خليفة ويسير فيثبون عليه بعده فيقتلونه فيرد إليهم أنصاره من الجن والنقباء يقول لهم ارجعوا فلا تبقوا منهم بشرا إلا من، آمن فلولا أن رحمة ربكم وسعت كل شيء وأنا تلك الرحمة لرجعت إليهم معكم فقد قطعوا الأعذار بينهم وبين الله وبيني فيرجعون إليهم فوالله لا يسلم من المائة منهم واحد لا والله ولا من ألف واحد. قال المفضل: قلت يا سيدي فأين يكون دار المهدي ومجتمع المؤمنين؟ قال: دار ملكه الكوفة ومجلس حكمه جامعها وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة وموضع خلواته الدكوات البيض من الغريين. قال المفضل: يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة؟ قال (عليه السلام): إي والله لا يبقى إلا كان أو حواليها وليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم، إي والله ليودن أكثر الناس إنه اشترى شبرا من أرض السبع بشبر من ذهب، والسبع خطة من خطط همدان وليصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلا وليجاورن قصورها قصور كربلاء وليصيرن الله كربلاء معقلا ومقاما تختلف فيه الملائكة والمؤمنون وليكونن لها شأن من الشأن وليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة، ثم تنفس أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: يا مفضل إن بقاع الأرض تفاخرت ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء فأوحى الله إليها أن اسكتي كعبة الحرام ولا تفتخري على كربلاء فإنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة وإنها الربوة التي أويت إليها مريم والمسيح إنها الدالية التي غسل فيها رأس الحسين (عليه السلام) وفيها غسلت مريم أو عيسى واغتسلت من ولادتها وإنها خير بقعة عرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منها وقت غيبته وليكونن لشيعتنا فيها حيرة إلى ظهور قائمنا. قال المفضل: يا سيدي ثم يسير المهدي إلى أين؟ قال: إلى مدينة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا وردها كان له فيها مقام عجيب يظهر فيه سرور المؤمنين وخزي الكافرين. قال المفضل: يا سيدي ما هو ذاك؟ قال (عليه السلام): يرد إلى قبر جده (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول: يا معاشر الخلايق هذا قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد، فيقول: ومن معه في القبر فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر، وكيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول الله وعسى المدفون غيرهما فيقول الناس: يا مهدي آل محمد ما هاهنا غيرهما إنهما دفنا معه لأنهما خليفتا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبوا زوجتيه فيقول للخلق، بعد ثلاث إخرجوهما من قبريهما فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما ولم يشحب لونهما فيقول: هل فيكم من يعرفهما؟ فيقولون: نعرفهما بالصفة وليس ضجيعا جدك غيرهما فيقول: هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما؟ فيقولون: لا، فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام ثم ينتشر الخبر في الناس ويحضر المهدي ويكشف الجدران عن القبرين ويقول للنقباء: ابحثوا عنهما فيبحثون بأيديهم حتى يصلوا إليهما فيخرجان غضين طريين كصورتهما فيكشف عنهما أكفانهما ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها فتحيى الشجرة وتورق ويطول فرعها فيقول المرتابون من أهل ولايتهما: هذا والله الشرف حقا ولقد فزنا بمحبتهما وولايتهما ويخبر من أخفى نفسه ممن في نفسه مقياس حبة من محبتهما وولايتهما ويحضرونهما ويرونهما ويفتنون بهما وينادي منادي المهدي: كل من أحب صاحبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضجيعيه فلينفرد جانبا فتجزأ الخلق جزئين: أحدهما موال والآخر متبرئ منهما فيعرض المهدي على أوليائهما البراءة منهما فيقولون: يا مهدي آل رسول الله نحن لم نتبرأ منهما ولسنا نعلم أن لهما عند الله وعندك هذه المنزلة وهذا الذي بدا لنا من فضلهما، لا نتبرأ الساعة منهما وقد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت من نضارتهما وغضاضتهما وحياة الشجرة بهما بل والله منك وممن آمن بك ومن لا يؤمن بهما ومن صلبهما وأخرجهما وفعل بهما ما فعل، فيأمر المهدي (عج) ريحا سوداء فتهب عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية ثم يأمر بإنزالهما فينزلان إليه فيحييهما بإذن الله تعالى ويأمر الخلائق بالاجتماع ثم يقص عليهم قصص فعالهما في كل كور ودور حتى يقص عليهم قتل هابيل بن آدم (عليه السلام) وجمع النار لإبراهيم وطرح يوسف في الجب وحبس يونس في بطن الحوت وقتل يحيى وصلب عيسى وعذاب جرجيس ودانيال وضرب سلمان الفارسي وإشعال النار على باب أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) لإحراقهم بها وضرب يد الصديقة الكبرى فاطمة (عليها السلام) بالسوط ورفس بطنها وإسقاطها محسنا وسم الحسن وقتل الحسين وذبح أطفاله وبني عمه وأنصاره وسبي ذراري رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإراقة دماء آل محمد وكل دم سفك وكل فرج نكح حراما وكل خبث وفاحشة وإثم وظلم وجور وغم مذ عهد آدم إلى وقت قيام قائمنا، كل ذلك يعدده عليهما ويلزمهما إياه ويعترفان به. (قال المؤلف:) (أقول: والعلة والسبب في إلزام ما تأخر عنهما من الآثام عليهما ظاهر، لأنهما بمنع أمير المؤمنين (عليه السلام) عن حقه ودفعه عن مقامه صار الجبين لاختفاء ساير الأئمة ومظلوميتهم وتسلط أئمة الجور وغلبتهم إلى زمان القائم وصار ذلك سببا لكفر من كفر وضلال من ضل وفسق من فسق، لأن الإمام مع اقتداره واستيلائه وبسط يده يمنع جميع ذلك، وعدم تمكن أمير المؤمنين من بعض تلك الأمور في أيام خلافته كان لما أتياه من الظلم والجور، وأما ما تقدم عليهما فلأنهما راضيان بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحق عن مقامهم وما يترتب على ذلك من الفساد، ولو كانا منكرين لذلك لم يفعلا مثل فعلهم وكل من رضي بفعل فهو كمن أتاه كما دلت عليه الآيات الكثيرة حيث نسب الله تعالى فعل آباء اليهود إليهم وذمهم عليها لرضاهم بها ولا يبعد أن يكون لأرواحهم الخبيثة مدخلا في صدور تلك الأمور عن الأشقياء كما أن أرواح الطيبين من أهل الرسالة كانت مؤيدة للأنبياء والرسل، معينة لهم في الخيرات، شقيقة لهم في دفع الكربات). ثم يأمر بهما فيقتص منهما في ذلك الوقت بمظالم من حصر ثم يصلبهما على الشجرة ويأمر نارا تخرج من الأرض فتحرقهما والشجرة ثم يأمر ريحا فتنسفهما نسفا. قال المفضل: يا سيدي ذلك آخر عذابهما؟ قال (عليه السلام): هيهات يا مفضل والله ليردن وليحضرن السيد الأكبر أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وكل من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا وليقتص منهما لجميعهم حتى أنهما ليقتلان في كل يوم وليلة ألف قتلة ويردان إلى ما شاء ربهما، ثم يسير المهدي إلى الكوفة والنجف وينزل وعنده أصحابه في ذلك اليوم ستة وأربعون ألفا من الملائكة وستة آلاف من الجن والنقباء ثلاثة مائة وثلاثة عشر نقيبا. قال المفضل: يا سيدي كيف تكون دار الفاسقين في ذلك الوقت؟
قال (عليه السلام): في لعنة الله وسخطه تخربها الفتن وتتركها جماء فالويل لها ولمن بها كل الويل من الرايات الصفر ورايات المغرب ومن يحلب الجريرة ومن الرايات التي تسير إليها من كل قريب أو بعيد، والله لينزلن بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم المتمردة من أول الدهر إلى آخره ولينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله، ولا يكون طوفان أهلها إلا بالسيف فالويل لمن اتخذ بها سكنا فإن المقيم بها يبقى بشقائه والخارج منها برحمة الله، والله ليبقى من أهلها في الدنيا حتى يقال إنها هي الدنيا وإن دورها وقصورها هي الجنة وإن بناتها هي الحور العين وأن ولدانها هم الولدان وليظنن أن الله لم يقسم رزق العباد إلا بها وليظهرن فيها من الافتراء على الله وعلى رسوله والحكم بغير كتابه ومن شهادات الزور وشرب الخمور والفجور وأكل السحت وسفك الدماء ما لا يكون في الدنيا إلا دونه، ثم ليخربها الله بتلك الفتن وتلك الرايات حتى ليمر عليها المار فيقول: هاهنا كانت الزوراء، ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم يصيح بصوت له فصيح يا آل أحمد أجيبوا الملهوف والمنادي من حول الضريح فتجيب كنوز، الله بالطالقان كنوز وأي كنوز ليست من فضة ولا من ذهب، بل هي رجال كزبر الحديد على البرازين الشهب بأيديهم الحراب ولم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة وقد أكثر الأرض فيجعلها له معقلا فيتصل به وبأصحابه خبر المهدي ويقولون يا بن رسول الله من هذا الذي قد نزل بساحتنا؟ فيقول: اخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو وما يريد، وهو والله يعلم أنه المهدي وأنه ليعرفه ولم يرد بذلك الأمر إلا ليعرف أصحابه من هو فيخرج الحسني فيقول: إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه اليربوع وناقته الغضباء وبغلته الدلدل وحماره اليعفور ونجيبته البراق ومصحف أمير المؤمنين فيخرج له ذلك، ثم يأخذ الهرواة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق ولم يرد بذلك إلا أن يرى أصحابه فضل المهدي حتى يبايعوه، فيقول الحسني: الله أكبر مد يدك يا بن رسول الله حتى نبايعك فيمد يده فيبايعه ويبايعه ساير العسكر الذي مع الحسني إلا أربعين ألفا أصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية فإنهم يقولون ما هذا إلا سحر عظيم فيختلط العسكران فيقبل المهدي على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام فلا يزدادون إلا طغيانا وكفرا فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعا ثم يقول لأصحابه: لا تأخذوا المصاحف ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها وغيروها وحرفوها ولم يعملوا بما فيها. قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا يصنع المهدي (عليه السلام)؟ قال (عليه السلام): يثور سرابا على السفياني إلى دمشق فيأخذونه ويذبحونه على الصخرة ثم يظهر الحسين (عليه السلام) في اثني عشر ألف صديق واثنين وسبعين رجلا أصحابه يوم كربلاء فيا لك عندها من كرة زهراء بيضاء ثم يخرج الصديق الأكبر أمير المؤمنين (عليه السلام) علي بن أبي طالب وينصب له القبة بالنجف ويقام أركانها: ركن بالنجف وركن بهجر وركن بصفا وركن بأرض طيبة لكأني أنظر إلى مصابيحها تشرق في السماء والأرض كأضواء من الشمس والقمر، فعندها تبلى السرائر وتذهل كل مرضعة عما أرضعت إلى آخر الآية، ثم يخرج السيد الأكبر محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أنصاره والمهاجرين ومن آمن به وصدقه واستشهد معه ويحضر مكذبوه والشاكون فيه والرادون عليه والقائلون فيه إنه ساحر وكاهن ومجنون وناطق عن الهوى ومن حاربه وقاتله حتى يقتص منهم بالحق ويجازون بأفعالهم منذ وقت ظهور رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ظهور المهدي مع إمام إمام ووقت وقت ويحق تأويل هذه الآية *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).(26) قال المفضل: يا سيدي ومن فرعون ومن هامان؟ قال (عليه السلام): أبو بكر وعمر. قال المفضل: يا سيدي ورسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما يكونان معه؟ فقال: لا بد أن يطأ الأرض، إي والله حتى ما وراء الخاف، إي والله ما في الظلمات وما في قعر البحار حتى لا يبقى موضع قدم إلا وطئاه وأقاما فيه الدين الواجب لله تعالى، ثم لكأني أنظر يا مفضل إلينا معاشر الأئمة بين يدي رسول الله نشكو إليه ما نزل بنا من الأمة بعده وما نالنا من التكذيب والرد علينا وسبنا ولعننا وتخويفنا بالقتل وقصد طواغيتهم الولاة لأمورهم من دون الأمة ترحيلنا عن الحرمة إلى دار ملكهم وقتلهم إيانا بالسم والحبس فيبكي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: يا بني ما نزل بكم إلا ما نزل بجدكم قبلكم ثم تبتدئ فاطمة وتشكو ما نالها من أبي بكر وعمر وأخذ فدك منها ومشيها إليه في مجمع من المهاجرين والأنصار وخطابها له في أمر فدك وما رد عليها من قوله: إن الأنبياء لا يورثون، واحتجاجها بقول زكريا ويحيى وقصة داود وسليمان وقول عمر: هاتي صحيفتك التي ذكرت أن أباك كتبها لك وإخراجها الصحيفة وأخذه إياها منها ونشره لها على رؤوس الأشهاد من المهاجرين والأنصار وساير العرب وتفله فيها وتمزيقه إياها وبكائها ورجوعها إلى قبر أبيها رسول الله باكية حزينة تمشي على الرمضاء قد أقلقتها واستغاثتها بالله وبأبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمثلها بقول رقية بنت أصفى: قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم يكبر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل أهلك فاشهدهم فقد لعبوا أبدت رجال لنا فحوى صدورهم * لما نأيت وحالت دونك الحجب لكل قوم لهم قرب ومنزلة * عند الإله على الأدنين مقترب يا ليت قبلك كان الموت حل بنا * أملوا أناس ففازوا بالذي طلبوا وتقص عليه قصة أبي بكر وإنفاذه خالد بن الوليد وقنفذ وعمر بن الخطاب وجمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين (عليه السلام) من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة واشتغال أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضم أزواجه وتعزيتهم وجمع القرآن وقضاء دينه وإنجاز عداته وهي ثمانون ألف درهم باع فيها تليده وطارفه (27) وقضى عن رسول الله، وقول عمر: أخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك وقول فضة جارية فاطمة (عليها السلام): إن أمير المؤمنين مشغول والحق له إن أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه، وجمعهم الجزل والحطب على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة، وإضرامهم النار على الباب وخروج فاطمة إليهم وخطابها لهم من وراء الباب وقولها ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتفنيه وتطفئ نور الله والله متم نوره، وانتهاره لها وقوله: كفى يا فاطمة فليس محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حاضرا ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله، وما علي إلا كأحد من المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا، فقالت (عليها السلام) وهي باكية: اللهم إليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك وارتداد أمته علينا ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حماقة النساء فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة، وأخذت النار في خشب وإدخال قنفذ يده يروم فتح الباب وضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتى كان كالدملج (28) الأسود، وركل الباب برجله حتى أصاب بطنها وهي حاملة بالمحسن لستة أشهر وإسقاطها إياه وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد وصفقه خدها حتى بدا قرطاها تحت خمارها وهي تجهر بالبكاء وتقول وا أبتاه وا رسول الله! ابنتك فاطمة تكذب ويقتل جنين في بطنها، وخروج أمير المؤمنين (عليه السلام) من داخل الدار محمر العين حاسرا حتى () لقي ملاءته عليها وضمها إلى صدره وقوله لها: يا بنت رسول الله قد علمت أن أباك بعثه الله رحمة للعالمين فالله الله أن تكشفي خمارك وترفعي ناصيتك فوالله يا فاطمة لئن فعلت ذلك لا أبقى الله على الأرض من يشهد أن محمدا رسول الله ولا موسى ولا عيسى ولا إبراهيم ولا نوح ولا آدم ولا دابة تمشي على وجه الأرض ولا طائر في السماء إلا أهلكه الله، ثم قال: يا بن الخطاب لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه، أخرج قبل أن أشهر سيفي فأفني عابر الأمة فخرج عمر وخالد بن وليد وقنفذ وعبد الرحمن بن أبي بكر فصاروا من خارج وصاح أمير المؤمنين بفضة يا فضة مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة ورده الباب فأسقطت محسنا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): فإنه لاحق بجده رسول الله فيشكو إليه حمل أمير المؤمنين (عليه السلام) لها في سواد الليل والحسن والحسين وزينب وكلثوم إلى دور المهاجرين والأنصار يذكرهم بالله ورسوله وعهده الذي بايعوا الله ورسوله وبايعوا في أربعة مواطن في حياة رسول الله وتسليمهم عليه بإمرة المؤمنين في جميعها فكل يعده بالنصر في يومه المقبل، فإذا أصبح قعد جميعهم عنه ثم يشكو إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) المحن العظيمة التي امتحن بها بعده وقوله: لقد كانت قصتي مثل قصة هارون مع بني إسرائيل وقولي كقوله لموسى يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين، فصبرت محتسبا وسلمت راضيا وكانت الحجة لهم في خلافي ونقضهم عهدي الذي عاهدتهم عليه يا رسول الله واحتملت يا رسول الله ما لم يحتمل وصي نبي من ساير الأوصياء من ساير الأمم حتى قتلوني بضربة عبد الرحمن بن ملجم وكان الله الرقيب عليهم في نقضهم بيعتي وخروج طلحة والزبير بعائشة إلى مكة يظهران الحج والعمرة وسيرهم بها إلى البصرة وخروجي إليهم وتذكيري لهم الله وإياك وما جئت به يا رسول الله فلم يرجعا حتى نصرني الله عليهما حتى أهرقت دماء عشرين ألفا من المسلمين وقطعت سبعون كفا على زمام الجمل فما لقيت في غزواتك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعدك أصعب منه أبدا لقد كان من أصعب الحروب التي لقيتها وأهولها وأعظمها فصبرت كما أدبني الله بما أدبك به يا رسول الله في قوله عز وجل: *(فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل)(29) وقوله: *(واصبر وما صبرك إلا بالله)(30) وحق والله يا رسول الله تأويل الآية التي أنزلها الله في الأمة من بعدك في قوله: *(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين).(31)
الهوامش
(1) سورة الأعراف: 187.
(2) سورة النازعات: 42.
(3) سورة الزخرف: 85.
(4) سورة محمد: 18.
(5) سورة القمر: 1.
(6) سورة الشورى: 17 - 18.
(7) سورة التوبة: 33.
(8) سورة الأنفال: 39.
(9) سورة آل عمران: 19.
(10) سورة آل عمران: 85.
(11) سورة الحج: 78.
(12) سورة البقرة: 128.
(13) سورة يونس: 90.
(14) سورة النمل: 38.
(15) سورة النمل: 44.
(16) سورة آل عمران: 52.
(17) سورة آل عمران: 83.
(18) سورة الذاريات: 36.
(19) سورة المائدة: 59.
(20) سورة البقرة: 136.
(21) سورة البقرة: 133.
(22) سورة الأعراف: 156.
(23) سورة الصف: 14.
(24) صبوا: خرجوا.
(25) سورة الفتح: 10.
(26) سورة القصص: 5 - 6.
(27) التليد: العبد الذي ولد عنده، والطارف نقيضه (لسان العرب: 3 / 193).
(28) الدملج: المعضد من الحلي (كتاب العين: 6 / 206).
(29) سورة الأحقاف: 35.
(30) سورة النحل: 127.
(31) سورة آل عمران: 144.
******************
يا مفضل ويقوم الحسن إلى جده فيقول: يا جداه كنت مع أمير المؤمنين في دار هجرته بالكوفة حتى استشهد بضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله فوصاني بما وصيته، يا جداه وبلغ اللعين معاوية قتل أبي فأنفذ الدعي اللعين زيادا إلى الكوفة في مائة ألف وخمسين ألف مقاتل فأمر بالقبض علي وعلى أخي الحسين وسائر إخواني وأهل بيتي وشيعتنا وموالينا وأن يأخذ علينا البيعة لمعاوية فمن يأبى منا ضرب عنقه وسير إلى معاوية رأسه، فلما علمت ذلك من فعل معاوية خرجت من داري فدخلت جامع الكوفة للصلاة ورقيت المنبر واجتمع الناس فحمدت الله وأثنيت عليه وقلت: معشر الناس عفت الديار ومحيت الآثار وقل الاصطبار فلا قرار على همزات الشياطين، وحكم الخائنين الساعة والله صحت البراهين وفصلت الآيات وبانت المشكلات ولقد كنا نتوقع تمام هذه الآية وتأويلها قال الله عز وجل *(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)(1) فلقد مات والله جدي رسول الله وقتل أبي وصاح الوسواس الخناس في قلوب الناس ونعق ناعق الفتنة وخالفتم السنة فيا لها من فتنة صماء عمياء، لا تسمع لداعيها ولا يجاب مناديها ولا يخالف واليها، ظهرت كلمة النفاق وسيرت رايات أهل الشقاق وتكالبت جيوش أهل المراق من الشام والعراق، هلموا رحمكم الله إلى الافتتاح والنور الوضاح والعلم الحجاج والنور الذي لا يطفأ والحق الذي لا يخفى. أيها الناس تيقظوا من رقدة الغفلة ومن تكانيف الظلمة فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة وتردى بالعظمة لئن قام إلي منكم عصبة بقلوب صافية ونيات مخلصة لا يكون فيها شوب نفاق ولا نية افتراق لأجاهدن بالسيف قدما قدما ولأضيفن من السيوف جوانبها ومن الرماح أطرافها ومن الخيل سنابكها فتكلموا رحمكم الله، فكأنما ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة إلا عشرين رجلا فإنهم قاموا إلي فقالوا: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نملك إلا أنفسنا وسيوفنا فها نحن بين يديك، لأمرك طايعون وعن رأيك صادرون فمرنا بما شئت، فنظرت يمنة ويسرة فلم أر أحدا غيرهم فقلت: لي أسوة بجدي رسول الله صلى الله عليه وآله حين عبد الله سرا وهو يومئذ في تسعة وثلاثين رجلا، فلما أكمل الله له الأربعين صار في عدة وأظهر أمر الله فلو كان معي عدتهم جاهدت في الله حق جهاده ثم رفعت نحو السماء فقلت: اللهم إني قد دعوت وأنذرت وأمرت ونهيت وكانوا عن إجابة الداعي غافلين وعن نصرته قاعدين وعن طاعته مقصرين ولأعدائه ناصرين اللهم فانزل عليهم رجزك وبأسك وعذابك الذي لا يرد عن القوم الظالمين ونزلت ثم خرجت من الكوفة راحلا إلى المدينة فجاءوني يقولون إن معاوية أسرى سراياه إلى الأنبار والكوفة وشن غاراته على المسلمين وقتل من لم يقاتله وقتل النساء والأطفال فأعلمتهم أنه لا وفاء لهم فأنفذت معهم رجالا وجيوشا وعرفتهم أنهم يستجيبون لمعاوية وينقضون عهدي وبيعتي فلم يكن إلا ما قلت لهم وأخبرتهم، ثم يقوم الحسين (عليه السلام) مخضبا بدمه هو وجميع من قتل معه فإذا رآه رسول الله بكى وبكى أهل السماوات والأرض لبكائه وتصرخ فاطمة فتزلزل الأرض ومن عليها ويقف أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن عن يمينه وفاطمة عن شماله ويقبل الحسين فيضمه رسول الله إلى صدره ويقول: يا حسين فديتك، قرت عيناك وعيناي فيك، وعن يمين الحسين (عليه السلام) حمزة أسد الله في أرضه وعن شماله جعفر بن أبي طالب الطيار ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وهن صارخات وأمه فاطمة تقول *(هذا يومكم الذي كنتم توعدون)(2) *(يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا).(3) قال: فبكى الصادق (عليه السلام) حتى اخضلت لحيته بالدموع ثم قال: لا قرت عين لا تبكي عند هذا الذكر قال: فبكى المفضل بكاء طويلا ثم قال: يا مولاي ما في الدموع يا مولاي؟ فقال: ما لا يحصى إذا كان من حق، ثم قال المفضل ما تقول في قوله تعالى: *(وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت).(4) قال: يا مفضل والموؤدة والله محسن لأنه منا لا غير فمن قال غير هذا فكذبوه. قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا؟ قال الصادق (عليه السلام): تقوم فاطمة بنت رسول الله فتقول: اللهم انجز وعدك وموعدك لي فيمن ظلمني وغصبني وضربني وجزعني بكل أولادي، فتبكيها ملائكة السماوات السبع وحملة العرش وسكان الهواء ومن في الدنيا ومن تحت أطباق الثرى صائحين صارخين إلى الله تعالى فلا يبقى أحد ممن قاتلنا وظلمنا ورضي بما جرى علينا إلا قتل في ذلك اليوم ألف قتلة دون من قتل في سبيل الله فإنه لا يذوق الموت وهو كما قال الله عز وجل: *(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(5) قال المفضل: يا مولاي إن من شيعتكم من لا يقول برجعتكم، فقال (عليه السلام): أما سمعوا قول جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونحن ساير الأئمة يقول: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر، قال الصادق (عليه السلام): العذاب الأدنى عذاب الرجعة والعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة *(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار).(6) قال المفضل: يا مولاي نحن نعلم أنكم اختيار الله في قوله *(نرفع درجات من نشاء)(7) وقوله *(الله أعلم حيث يجعل رسالته)(8) وقوله *(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم).(9) قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل فأين نحن في هذه الآية؟ قال المفضل: فوالله *(إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين)(10) وقوله *(ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين)(11) وقوله عن إبراهيم *(واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)(12) وقد علمنا أن رسول الله وأمير المؤمنين ما عبدا صنما ولا وثنا ولا أشركا بالله طرفة عين وقوله *(إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)(13) والعهد عهد الإمامة لا يناله ظالم قال: يا مفضل وما علمك بأن الظالم لا ينال عهد الإمامة؟ قال المفضل: يا مولاي لا تمتحني بما لا طاقة لي به ولا تختبرني ولا تبتلني، فمن علمكم علمت ومن فضلكم على الله أخذت، قال الصادق (عليه السلام): صدقت يا مفضل ولولا اعترافك بنعمة الله عليك في ذلك لما كنت هكذا، فأين يا مفضل الآيات من القرآن في أن الكافر ظالم؟ قال: نعم يا مولاي قوله تعالى: *(والكافرون هم الظالمون) *(والكافرون هم الفاسقون) ومن كفر وفسق وظلم لا يجعله الله للناس إماما قال الصادق (عليه السلام): أحسنت يا مفضل، فمن أين قلت برجعتنا، ومقصرة شيعتنا تقول معنى الرجعة أن يرد الله إلينا ملك الدنيا وأن يجعله للمهدي؟ ويحهم، متى سلبنا الملك حتى يرد علينا؟ قال المفضل: لا والله ما سلبتموه ولا تسلبونه لأنه ملك النبوة والرسالة والوصية والإمامة، قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل لو تدبر القرآن شيعتنا لما شكوا في فضلنا، أما سمعوا قوله عز وجل: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)(14) والله يا مفضل إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل وتأويلها فينا وإن فرعون وهامان تيم وعدي. قال المفضل: يا مولاي فالمتعة؟ قال: المتعة حلال طلق والشاهد بها قول الله عز وجل: *(ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله إنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا)(15) أي مشهودا والقول المعروف هو المشتهر بالولي والشهود وإنما احتيج إلى الولي والشهود في النكاح ليثبت النسل ويصح النسب ويستحق الميراث وقوله: *(وأتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا)(16) وجعل الطلاق في النساء المزوجات غير جائز إلا بشاهدين ذوي عدل من المسلمين وقال في سائر الشهادات على الدماء والفروج والأموال والأملاك *(واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء)(17) وبين الطلاق عز ذكره فقال: *(يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم)(18) ولو كانت المطلقة بثلاث تطليقات تجمعها كلمة واحدة أو أكثر منها أو أقل لما قال الله تعالى: *(واحصوا العدة واتقوا الله ربكم)* إلى قوله: *(تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)(19) وقوله: *(لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)(20) هو نكر يقع بين الزوج وزوجته فيطلق التطليقة الأولى بشهادة ذوي عدل، وحد وقت التطليق هو آخر القرء والقرء هو الحيض والطلاق يجب عند آخر نقطة بيضاء تنزل بعد الصفرة والحمرة وإلى التطليقة الثانية والثالثة ما يحدث الله بينهما عطفا أو زوال ما كرهاه، وقوله تعالى: *(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قُرُوءٍ لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أردوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم)(21) هذا بقوله في أن للبعولة مراجعة النساء من تطليقة إلى تطليقة إن أرادوا إصلاحا وللنساء مراجعة الرجال في مثل ذلك ثم بين تبارك وتعالى فقال: *(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)(22) وفي الثالثة فإن طلق الثالثة وبانت فهو قوله: *(فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره)(23) ثم يكون كسائر الخطاب لها، والمتعة التي أحلها الله في كتابه وأطلقها الرسول عن الله لسائر المسلمين فهي قوله عز وجل: *(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم إن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما)(24) والفرق بين المزوجة والمتعة أن للزوجة صداقا وللمتعة أجرا فتمتع سائر المسلمين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحج وغيره وأيام أبي بكر وأربع سنين في أيام عمر حتى دخل على أخته عفراء فوجد في حجرها طفلا يرضع من ثديها فنظر إلى درة اللبن في فم الطفل فأغضب وأرعد وأزبد وأخذ الطفل على يده وخرج حتى أتى المسجد ورقى المنبر وقال: نادوا في الناس أن الصلاة جامعة وكان غير وقت صلاة فعلم الناس لأمر يريده عمر فحضروا فقال: معاشر الناس من المهاجرين والأنصار وأولاد قحطان من فيكم يحب أن يرى المحرمات عليه من النساء ولها مثل هذا الطفل قد خرج من أحشائها وهو يرضع على ثديها وهي غير مبتعلة؟ فقال بعض القوم: ما نحب هذا، فقال: ألستم تعلمون أن أختي عفراء بنت خيثمة أمي وأبي الخطاب غير متبعلة؟ قالوا: بلى، قال: فإني دخلت عليها في هذه الساعة فوجدت هذا الطفل في حجرها فناشدتها: أنى لك هذا؟ فقالت: تمتعت، فأعلموا ساير الناس أن هذه المتعة التي كانت حلالا للمسلمين في عهد رسول الله قد رأيت تحريمها فمن أبى ضربت جنبيه بالسوط، فلم يكن في القوم منكر قوله ولا راد عليه ولا قائل لا يأتي رسول بعد رسول الله أو كتاب بعد كتاب الله لا تقل خلافك على الله وعلى رسوله وكتابه بل سلموا ورضوا. قال المفضل: يا مولاي فما شرايط المتعة؟ قال (عليه السلام): يا مفضل لها سبعون شرطا من خالف فيها شرطا واحدا ظلم نفسه، قال: قلت يا سيدي قد أمرتمونا أن لا نتمتع ببغية ولا مشهورة بفساد ولا مجنونة وأن ندعو المتعة إلى الفاحشة فإن أجابت فقد حرم الاستمتاع بها وأن نسأل أفارغة أم مشغولة ببعل أو حمل أو بعدة؟ فإن شغلت بواحدة من الثلاث فلا تحل وإن خلت فيقول لها متعيني نفسك على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه، نكاحا غير سفاح أجلا معلوما بأجرة معلومة وهي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو سنة أو ما دون ذلك أو أكثر والأجرة ما تراضيا عليه من حلقة خاتم أو نعل أو شق تمرة إلى فوق ذلك من الدراهم والدنانير أو عرض ترضى به، فإن وهبت له حل له كالصداق الموهوب من النساء المزوجات اللائي قال الله تعالى فيهن: *(فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا)(25) ثم تقول لها ألا ترثيني ولا أرثك وعلى أن الماء لي أضعه منك حيث أشاء وعليك الاستبراء خمسة وأربعين يوما أو محيضا واحدا فإذا قالت نعم أعدت القول ثانية وعقدت النكاح فإن أحببت وأحبت هي الاستزادة في الأجل زدتما، وفيه ما رويناه فإن كانت تفعل فعليها على ما نزلت من الأخبار عن نفسها ولا جناح عليك، وقول أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام: فلولاه ما زنى إلا شقي، أو شقية لأنه كان يقول للمسلمين غناء في المتعة عن الزنا ثم تلا *(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)(26) ثم قال: إن من عزل بنطفته عن زوجته فدية النطفة عشرة دنانير كفارة، وإن من شرط المتعة أن ماء الرجل يضعه حيث يشاء من المتمتع بها فإذا وضعه في الرحم فخلق منه ولدا كان لاحقا بأبيه. ثم يقوم جدي علي بن الحسين وأبي الباقر فيشكوان إلى جدهما رسول الله ما فعل بهما ثم أقوم أنا فأشكو إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما فعل المنصور بي ثم يقوم ابني موسى فيشكو إلى جده رسول الله ما فعل به الرشيد ثم يقوم علي بن موسى إلى جده رسول الله فيشكو ما فعل به المأمون ثم يقوم علي بن محمد فيشكو إلى جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما فعل به المتوكل ثم يقوم الحسن بن علي فيشكو إلى جده رسول الله ما فعل به المعتز ثم يقوم المهدي سمي جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليه قميص رسول الله مضرجا بدم رسول الله يوم شج جبينه وكسر رباعيته والملائكة تحفه حتى يقف بين يدي جده رسول الله فيقول: يا جداه وصفتني ودللت علي ونسبتني وسميتني وكنيتني فجحدتني الأمة وتمردت وقالت: ما ولد ولا كان وأين هو؟ ومتى كان؟ وأين يكون؟ وقد مات ولم يعقب، ولو كان صحيحا ما أخره الله تعالى إلى هذا الوقت المعلوم فصرت محتسبا وقد أذن الله لي فيها بإذنه يا جداه، فيقول رسول الله: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين ويقول *(جاء نصر الله والفتح)(27) وحق قول الله سبحانه وتعالى *(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(28) ويقرأ *(إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا)(29) ، فقال المفضل: يا مولاي أي ذنب كان لرسول الله؟ فقال الصادق (عليه السلام): يا مفضل إن رسول الله قال: اللهم حملني ذنوب شيعة أخي وأولادي الأوصياء ما تقدم منها وما تأخر إلى يوم القيامة ولا تفضحني بين النبيين والمرسلين من شيعتنا فحمله الله إياها وغفر جميعها. قال المفضل: فبكيت بكاء طويلا وقلت: يا سيدي هذا بفضل الله علينا فيكم، قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل ما هو إلا أنت وأمثالك، بلى يا مفضل لا تحدث بهذا الحديث أصحاب الرخص من شيعتنا فيتكلمون على هذا الفصل ويتركون العمل فلا نغني عنهم من الله شيئا لأنا كما قال الله تعالى فينا *(لا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون).(30)
قال المفضل: يا مولاي فقوله: *(ليظهره على الدين كله)(31) ما كان رسول الله ظهر على الدين كله؟ قال: يا مفضل لو كان رسول الله ظهر على الدين كله ما كانت مجوسية ولا يهودية ولا صابئية ولا نصرانية ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك ولا عبدة أصنام ولا أوثان ولا اللات والعزى ولا عبدة الشمس والقمر ولا النجوم ولا النار ولا الحجارة وإنما قوله: *(ليظهره على الدين كله)* في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة وهو قوله *(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله).(32) فقال المفضل: أشهد أنكم من علم الله علمتم وبسلطانه وبقدرته قدرتم وبحكمه نطقتم وبأمره تعملون، ثم قال الصادق (عليه السلام): ثم يعود المهدي إلى الكوفة وتمطر السماء بها جرادا من ذهب كما أمطره الله في بني إسرائيل على أيوب ويقسم على أصحابه كنوز الأرض من تبر (ه) (33)ولجينها (34) وجوهرها. قال المفضل: يا مولاي من مات من شيعتكم وعليه دين لإخوانه ولأضداده كيف يكون؟ قال الصادق (عليه السلام): أول ما يبتدئ المهدي (عج) أن ينادي في جميع العالم: ألا من له عند أحد شيعتنا دين فليذكره حتى يرد الثومة والخردلة فضلا عن القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والأملاك فيوفيه إياه. قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا يكون؟ قال: يأتي القائم بعد أن يطأ شرق الأرض وغربها الكوفة ومسجدها ويهدم المسجد الذي بناه يزيد بن معاوية لعنه الله لما قتل الحسين بن علي (عليهما السلام) ومسجد ليس لله، ملعون ملعون من بناه. قال المفضل: يا مولاي فكم يكون مدة ملكه؟ فقال: قال الله عز وجل: *(فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ)(35) والمجذوذ: المقطوع أي عطاء غير مقطوع، عنهم بل هو دائم أبدا وملك لا ينهد وحكم لا ينقطع وأمر لا يبطل إلا باختيار الله ومشيئته وإرادته التي لا يعلمها إلا هو ثم القيامة وما وصفه الله عز وجل في كتابه، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا كثيرا.(36)
الغصن التاسع: في ما يقع في زمانه ورجعته ورجعة سائر الأئمة بعد ظهوره
مشتمل على فرعين:
الفرع الأول: في وقوعات زمانه
في الإرشاد عن أبي جعفر (عليه السلام): كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد.(37) (وفيه) عنه (عليه السلام) بعد ذكر المهدي قال: يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء فإذا كانت الجمعة الثانية سأله الناس أن يصلي بهم الجمعة فيأمر أن يخط له مسجد على الغري ويصلي بهم هناك ثم يأمر من يحفر من ظهر مشهد الحسين (عليه السلام) نهرا يجري إلى الغريين حتى ينزل الماء في النجف ويعمل على فوهته القناطير والأرحاء فكأني بالعجوز على رأسها مكتل فيه بر تأتي تلك الأرحاء فتطحنه بلا كري.(38) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) ذكر عنده مسجد السهلة فقال: أما إنه منزل صاحبنا إذا قدم بأهله.(39) (وفيه) عنه (عليه السلام): إذا قام قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بنى في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب واتصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلا.(40) (وفيه) عنه (عليه السلام): إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنورها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وذهبت الظلمة ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له ألف ولد ذكر لا يولد فيهم أنثى، وتظهر الأرض من كنوزها حتى يراها الناس على وجهها ويطلب الرجل منكم من يصله ماله ويأخذ منه زكاة ماله فلا يجد أحدا يقبل منه ذلك واستغنى الناس بما رزقهم الله من فضله.(41) (وفيه) عنه (عليه السلام): إذا أذن الله تعالى للقائم في الخروج صعد المنبر فدعا الناس إلى نفسه وناشدهم بالله ودعاهم إلى حقه أن يسير فيهم بسنة رسول الله ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله جل جلاله جبرئيل حتى يأتيه فينزل على الحطيم يقول: إلى أي شيء تدعو، فيخبره القائم، فيقول جبرئيل: أنا أول من يبايعك، أبسط يدك فيمسح على يده وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيبايعونه ويقيم بمكة حتى يتم أصحابه عشرة آلاف نفس ثم يسير منها إلى المدينة.(42) (وفيه) عنه (عليه السلام): إذا قام القائم (عج) من آل محمد أقام خمس مائة من قريش فضرب أعناقهم ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم ثم خمسمائة أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات، قلت: ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال: نعم منهم ومن مواليهم.(43) (وفيه) عنه (عليه السلام): إذا قام القائم (عج) هدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه وحول المقام إلى الموضع الذي كان فيه وقطع أيدي بني شيبة وعلقها بالكعبة وكتب عليها هؤلاء سراق الكعبة.(44) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام): إذا قام القائم (عج) سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر ألف نفس يدعون التبرية، عليهم السلاح فيقولون: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ويقتل مقاتلها حتى يرضى الله عز وعلا.(45) (وفيه) عنه (عليه السلام): إذا قام القائم جاء بأمر جديد كما دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بدء الإسلام إلى أمر جديد. وعنه (عليه السلام): إذا قام القائم حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور وأمنت به السبل وأخرجت الأرض بركاتها ورد كل حق إلى أهله ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان، أما سمعت الله سبحانه يقول: *(وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون)(46) وحكم بين الناس بحكم داود (عليه السلام) وحكم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فحينئذ تظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته ولا لبره لشمول الغنى جميع المؤمنين، ثم قال: إن دولتنا آخر الدول ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا إذا ملكنا سرنا عنده سيرة هؤلاء وهو قول الله تعالى: *(والعاقبة للمتقين).(47) في الموائد: إذا ظهر القائم (عج) قام بين الركن والمقام وينادي بنداءات خمسة: الأول: ألا يا أهل العالم أنا الإمام القائم، الثاني: ألا يا أهل العالم أنا الصمصام المنتقم، الثالث: ألا يا أهل العالم أن جدي الحسين قتلوه عطشان، الرابع: ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين (عليه السلام) طرحوه عريانا، الخامس: ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين (عليه السلام) سحقوه عدوانا.(48) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام): إذا قام القائم سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد ولم يبق مسجد على وجه الأرض لها شرف إلا هدمها وجعلها جماء ووسع الطريق الأعظم وكسر كل جناح خارج في الطريق وأبطل الكنف والميازيب، ولا يترك بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أقامها ويفتح قسطنطينة والصين وجبال الديلم فيمكث على ذلك سبع سنين كل سنة عشر سنين من سنينكم هذه ثم يفعل الله ما يشاء قال: قلت له: جعلت فداك فكيف يطول السنون؟ قال: يأمر الله تعالى الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون، قلت: إنهم يقولون إن الفلك إن تغير فسد. قال: ذلك قول الزنادقة فأما المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك، وقد شق الله تعالى القمر لنبيه ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون وأخبر بطول يوم القيامة وأنه كألف سنة مما تعدون.(49)
الهوامش
(1) سورة آل عمران: 144.
(2) سورة الأنبياء: 103.
(3) سورة آل عمران: 30.
(4) سورة التكوير: 8 - 9.
(5) سورة آل عمران: 169.
(6) سورة إبراهيم: 48.
(7) سورة الإنعام: 83.
(8) سورة الأنعام: 124.
(9) سورة آل عمران: 33 - 34.
(10) سورة آل عمران: 68.
(11) سورة الحج: 78.
(12) سورة إبراهيم: 35.
(13) سورة البقرة: 124.
(14) سورة القصص: 5 - 6.
(15) سورة البقرة: 235.
(16) سورة النساء: 4.
(17) سورة البقرة: 282.
(18) سورة الطلاق: 1.
(19) سورة الطلاق: 2.
(20) سورة الطلاق: 1.
(21) سورة البقرة: 228.
(22) سورة البقرة: 229.
(23) سورة البقرة: 230.
(24) سورة النساء: 24.
(25) سورة النساء: 4.
(26) سورة البقرة: 204 - 205.
(27) سورة النصر: 1.
(28) سورة التوبة: 33.
(29) سورة الفتح: 3.
(30) سورة الأنبياء: 28.
(31) سورة التوبة: 33.
(32) سورة الأنفال: 39.
(33) التبر بالكسر: الذهب.
(34) اللجين: الفضة.
(35) سورة هود: 105 - 108.
(36) الحديث بطوله في الإختصاص: 216 حديث المفضل، ومختصر البصائر: 179.
(37) الإرشاد: 2 / 379 علامات القائم.
(38) الإرشاد: 2 / 380.
(39) الإرشاد: 2 / 380.
(40) الإرشاد: 2 / 380.
(41) الإرشاد: 2 / 381.
(42) الإرشاد: 2 / 382.
(43) الإرشاد: 2 / 383.
(44) الإرشاد: 2 / 383.
(45) الإرشاد: 2 / 384.
(46) سورة آل عمران: 83.
(47) سورة الأعراف: 128.
(48) الإرشاد: 2 / 384.
(49) الإرشاد: 2 / 385.
******************
(وفيه) عنه (عليه السلام): إذا قام قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ضرب فساطيط ويعلم الناس القرآن على ما أنزل الله فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف.(1) وفي غيبة النعماني عن علي (عليه السلام) يقول: كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن كما أنزل قيل: يا أمير المؤمنين أوليس هو كما أنزل؟ قال: لا محا عنه من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم وما ترك اسم أبي لهب إلا ازراء برسول الله لأنه عمه.(2) (وفيه) عن الباقر (عليه السلام) قال: أصحاب القائم (عج) ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا أولاد العجم بعضهم يحمل في السحاب نهارا يعرف باسمه واسم أبيه ونسبه وخليته، وبعضهم نائم على فراشه فيوافيه في مكة على غير ميعاد.(3) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد لو كان من آل محمد لرحم.(4) (وفيه) عنه (عليه السلام): يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد، على العرب شديد ليس شأنه إلا السيف، لا يستنيب أحدا ولا تأخذه في الله لومة لائم.(5) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما تستعجلون بخروج القائم؟ فوالله ما لباسه إلا الغليظ وما طعامه إلا الجشب وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف.(6) في الإرشاد عنه (عليه السلام): إذا قام قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال سبحانه: *(إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم)(7).(8) (وفيه) عن مفضل عنه (عليه السلام): يخرج مع القائم (عج) من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهتدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما.(9) وفي غيبة النعماني عنه (عليه السلام) يقول: ثلاث عشرة مدينة وطائفة تحارب القائم (عج) أهلها، ويحاربونه أهل مكة وأهل المدينة وأهل الشام وبنو أمية وأهل البصرة وأهل دميسان والأكراد والأعراب، وضبة، وغني، وباهلة، وأزد، وأهل الري.(10) (وفيه) عنه (عليه السلام) قال: إن القائم يلقى في حربه ما لم يلق رسول الله لأن رسول الله أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبة المنحوتة وأن القائم (عج) يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه، وفي رواية: ثم قال: والله ليدخلن عليهم عدله، أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر.(11) وفي الدمعة عن غيبة الطوسي عن أبي بصير في حديث له إلى... أن قال: إذا قام القائم (عج) دخل الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة... إلى أن قال: ثم لا يلبث إلا قليلا حتى يخرج عليه مارقة الموالي برميلة الأسكرة (12) عشرة آلاف، شعارهم يا عثمان، ويدعو رجلا من الموالي فيقلده سيفه فيخرج إليهم فيقتلهم حتى لا يبقى منهم أحد ثم يتوجه إلى كابل شاه وهي مدينة لم يفتحها أحد قط غيره فيفتحها ثم يتوجه إلى الكوفة فينزلها وتكون داره ويتهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب. وفي رواية أخرى: يفتح قسطنطينة لأنها نسبت إلى منشئها وهو قسطنطين الملك وهو أول من أظهر دين النصرانية، ولها سبعة أسوار (عرض) السور السابع منها المحيط بالستة واحد وعشرون ذراعا وفيه مائة باب وعرض السور الأخير الذي يلي البلد عشرة أذرع، وهي على خليج يصب في البحر الرومي وهي متصلة ببلاد رومية والأندلس، وأما رومية فهي أم بلاد الروم وكل من ملكها يقال له الباب وهو الحاكم على دين النصرانية بمنزلة الخليفة في المسلمين وليس في بلاد الروم مثلها، كثيرة العجائب محكمة البناء.(13) (وعن الأخبار الطوال) الأول: رومية الكبرى مدينة رياسة الروم ودار ملكهم وهي في شمالي غربي القسطنطينة وهي في يد الإفرنج ويقال لملكها ألمان وبها يسكن البابا الذي تطيعه الإفرنج وهو عندهم بمنزلة الإمام وهي من عجائب الدنيا لعظم عمارتها ولكثرة خلقها وحصانتها وذلك خارج عن العادة إلى حد لا يصدقه السامع.(14) (وعن عقد الدرر): إن عليها سورين من حجارة، عرض الأول اثنان وسبعون ذراعا وعرض الثاني اثنان وأربعون ذراعا، ومسافة ما بين السورين من الفضاء ستون ذراعا، ولها ألف باب من النحاس الأصفر سوى العود والصنوبر والخشب والأبنوس المنقوش الذي لا تدرى قيمته، ومسافة ما بين الغربي منها إلى الشرقي مائة وعشرون ميلا، وبين السورين نهر مغطى ببلاط من نحاس، طول كل بلاطة سبعون أو أربعون ذراعا، وهذا النهر الذي بين السورين يتصل بالنهر الكبير الذي تدخل فيه المراكب وتعلوه إلى داخل البلد فتقف على جانب البحر فتبيع وتشتري وفيها ألف ومائتا كنيسة وأربعون ألف حسام وفيها طلسمات للحيات والعقارب تمنعهم من الدخول إليها وطلسم يمنع الغريب من الدخول إليها، وفي وسطها سوق يباع فيه الطير مقدار فرسخ، ومن جملة ما فيها من الكنايس كنيسة بنيت على اسم بولس وبطرس من الحواريين وهما بهما في جوف من رخام مدفونان وطول هذه الكنيسة ثلاثة آلاف ذراع وعرضها ثلاثة آلاف ذراع، وقيل: ألف ذراع وهي مبنية على قناطر من صفر ونحاس وكذلك سقوفها وحيطانها وهي من العجائب، وفيها كنيسة أخرى على عرض بيت المقدس وطوله مرصعة باليواقيت والجواهر والزمرد، طول مذبحها عشرون من الزمرد الأخضر وعرضه ستة أذرع يحملها اثنا عشر تمثالا من الذهب، طول كل تمثال ذراعان ونصف ولكل تمثال عينان من الياقوت الأحمر يضئ المكان منهما ولها ثمان وعشرون بابا من الذهب الأحمر.(15) (وعن ابن عباس) أن الرومية مدينة كثيرة العجائب ومن عجائبها أن في وسطها كنيسة عظيمة وفي وسط الكنيسة عامود من الحديد الصيني وعليه تابوت من نحاس أحمر وفيه سودانية (16) وهي زرزواه في منقارها زيتونة وفي مخلبيها زيتونتان من نحاس فإذا كان أيام الزيتون لم يبق في الدنيا سودانية على وجه الأرض إلا جاء وفي منقارها زيتونة وفي مخلبيها زيتونتان فتأتي به فتلقيه في التابوت فمنه يأكلون ومنه يأدمون ومنه يوقدون من السنة إلى السنة من زيته، وفيها من العجائب ما يطول ذكره في هذا المقام، انتهى. وليعلم أن هذا المذكور نبذة يسيرة عن عجائبها وقطرة من غزير بحر غرائبها ومن أعطى التأمل حقه في هذه الصفات وهذه الحصون المحكمة والسمات والطلاسيم التي تمنع الغريب عن دخولها وتبعد من أراد الدنو من غير أهلها ونظر في صعوبة مالكها وقوة ممالكها عرف أن فتحها ليس إلا بنصر إلهي رباني وتأييد سماوي سبحاني، ولا يتيسر بطول الحصار والقتال ولا بقوة الحيل وكثرة الخيل والرجال ومع ذلك أن المهدي (عج) إنما يفتحها بالتسبيح والتكبير لذي الجلال من غير قتال فيكون ذلك من المعاجز الجليلة الخارجة عن قوة الطاقة البشرية.(17) وعن عقد الدرر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا عليها فلم يقاتلوها بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط حائطها الذي في البحر ثم يقولون الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولون الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر فتفتح لهم فيغنمون، فبينا هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقالوا: إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون.(18) وفي غيبة النعماني عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا قام القائم (عج) في أقاليم الأرض في كل إقليم رجل يقول: عهدك في كفك فإذا ورد عليك ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك واعمل بما فيها: قال: ويبعث جندا إلى القسطنطينة فإذا بلغوا إلى الخليج كتبوا على أقدامهم شيئا ومشوا على الماء فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون على الماء فكيف هو؟ فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها ما يريدون.(19) (وفيه) عن بشر بن غالب الأسدي قال: قال لي الحسين بن علي (عليهما السلام): يا بشر ما بقاء قريش إذا قدم القائم المهدي (عج) منهم خمسمائة رجل فضرب أعناقهم ثم قدم خمسمائة فضرب أعناقهم صبرا ثم خمسمائة فضرب أعناقهم قال: فقلت: أصلحك الله أيبلغون ذلك؟ فقال الحسين بن علي (عليهما السلام): إن موالي القوم منهم، قال: فقال لي بشر بن غالب أخو بشير بن غالب أشهد أن الحسين بن علي (عليهما السلام) عد على أخي ست عدات(20).(21) وفي إثبات الهداة للحر العاملي عن غيبة الطوسي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كانت عصا موسى لآدم فصارت إلى شعيب ثم صارت إلى موسى بن عمران، وإنها عندنا، وإن عهدي بها آنفا وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها وإنها لتنطق إذا استنطقت، أعدت لقائمنا يصنع بها ما كان يصنع بها موسى بن عمران (عليه السلام).(22) وعن عقد الدرر عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قصة المهدي (عج) وفتوحاته ورجوعه إلى دمشق قال: ثم يأمر المهدي بإنشاء مراكب فيبنى أربعمائة سفينة في ساحل عكا، ويخرج الروم في مائة صليب تحت كل صليب عشرة آلاف فيقيمون على طرسوس فيفتحونها بأسنة الرماح ويوافيهم المهدي (عج) فيقتل من الروم حتى يتغير ماء الفرات بالدم وينهزم من في الروم فيلحقوا أنطاكية وينزل المهدي (عج) على قبة العباس فيبعث ملك الروم يطلب الهدنة من المهدي ويطلب المهدي (عج) منه الجزية فيجيبه إلى ذلك غير أنه لا يخرج من بلد الروم، فلا يبقى في بلد الروم أسير إلا خرج، ويقيم المهدي (عج) بأنطاكية سنته تلك ثم يسير بعد ذلك ومن تبعه من المسلمين لا يمرون على حصن من بلد الروم إلا قالوا عليه. لا إله إلا الله فيتساقط حيطانها ويقتل مقاتلته حتى ينزل على القسطنطينة فيكبرون عليها تكبيرات فينشف خليجها ويسقط سورها فيقتلون فيها ثلاثمائة ألف مقاتل ويستخرج منها ثلاثة كنوز ذهب وكنز فضة وكنز أبكار فيفتضون ما بدا لهم بدار البلاط سبعون ألف بكر ويقتسمون الأموال بالغرابيل فبينا هم كذلك إذ سمعوا الصايح: ألا إن الدجال قد خلفكم في أهليكم فيكشف الخبر فإذا هو باطل ويسير المهدي (عج) إلى رومية ويكون قد أمر أربعمائة مركب من عكا فيقيض الله تعالى لهم الريح، فما يكون إلا يومين وليلتين ويحيطوا على بابها ويعلقون رجالهم على شجرة على بابها مما يلي غربيها، فإذا رآهم أهل الرومية أحضروا إليهم راهبا كبيرا عنده علم من كتبهم فيقولون انظر ما يريد فإذا أشرف على المهدي (عج) فيقول: إن صفتك التي هي عندي وأنت صاحب رومية فيسأله الراهب عن أشياء فيجيبه عنها فيقول له المهدي (عج) ارجع فيقول: لا أرجع، أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فيكبر المسلمون ثلاث تكبيرات فتكون كالرمانة على نشر فيدخلونها فيقتلون بها خمسمائة ألف مقاتل ويقتسمون الأموال حتى يكون الناس في الفئ شيئا واحدا لكل أبناء منهم مائة ألف دينار ومائتا رأس ما بين جارية وغلام.(23) وعن الكتاب المزبور عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يكون بين الروم وبين المسلمين هدنة وصلح يقاتلون معهم عدوا لهم فيقاسمونهم غنائمهم. ثم إن الروم يغزون مع المسلمين فارسين فيقتلون مقاتليهم ويسبون ذراريهم فيقول الروم: قاسمونا الغنائم كما قاسمناكم فيقاسمونهم الأموال وذراري الشرك فيقولون: قاسمونا ما أصبتم من ذراريكم فيقولون لا نقاسمكم ذراري المسلمين أبدا فيقولون: غدرتم ثم ترجع الروم إلى صاحبهم بالقسطنطينة فيقولون، العرب غدرت بنا ونحن أكثرهم عدة وأشد منهم قوة فأمرنا نقاتلهم، وقد كان لهم الغلبة في طول الدهر علينا، فيأتون صاحب رومية فيخبرونه بذلك فيتوجهون بثمانين راية تحت كل راية اثنا عشر ألفا في البحر فيقولون إذا أرسيتم بسواحل الشام فأحرقوا المراكب لتقاتلوا على أنفسكم فيفعلون ذلك ويأخذون أرض الشام برها وبحرها ما خلا مدينة دمشق والمفتق ويخربون بيت المقدس. قال: فقال ابن مسعود: وكم تسع دمشق من المسلمين؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تتسعن على من يأتيها من المسلمين كما تسع الرحم على الولد، قال: قلت: وما المفتق يا نبي الله؟ قال: جبل من أرض الشام من حمص على نهر يقال له الأرنط فيكون ذراري المسلمين في أعلى المفتق والمسلمون على نهر الأرنط والمشركون خلف نهر الأرنط يقاتلونهم مساء وصباحا فإذا نظر ذلك صاحب القسطنطينة وجه في البر إلى قنسرين ثلاثمائة ألف حتى يجيئهم مادة اليمن سبعون ألفا ألف الله بين قلوبهم بالإيمان فيهزمونهم من جند إلى جند حتى يأتوا قنسرين ويجيئهم مادة الموالي، فقلت: يا رسول الله من هم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): عتقاؤكم وهم منكم، قوم من فارس فيقولون: يا معاشر العرب لا نكون مع أحد من الفريقين، وتجتمع كلمتهم فيقاتل نزار يوما واليمن يوما والموالي يوما فيخرجون الروم إلى العمق فيقاتلونهم فيرفع الله نصره على العسكرين وينزل حصره عليهما حتى يقتل من المسلمين الثلث ويفر الثلث ويبقى الثلث، فأما الذين يقتلون من المسلمين فشهيدهم كعشرة من شهداء بدر ويشفع الواحد من الشهداء بسبعين ملاحم وشهيد الملاحم يشفع في سبعمائة، وأما الثلث الذي يفرون فإنهم يتفرقون ثلاثة أثلاث ثلث يلحق الروم ويقولون: لو كان لله بهذا الدين حاجة لنصرهم وهم مسلمة العرب، وثلث يقولون، منازل آبائنا وأجدادنا حيث لا ينالنا الروم أبدا مروا بنا إلى البدو، وهم الأعراب، وثلث يقولون: اسم كل شيء كاسم الثوم فسيروا بنا إلى العراق واليمن والحجاز حيث لا نخاف الروم، وأما الثلث الباقي فيمشون بعضهم إلى بعض فيقولون: الله الله دعوا عنكم العصبية ولتجتمع كلمتكم وقاتلوا عدوكم فإنكم تنصرونا ما تعصبتم، فيجتمعون جميعا ويبايعون على أنهم يقاتلون حتى يلحقوا بإخوانهم الذين قتلوا، فإذا أبصر الروم إلى من تحرك إليهم ومن قتل ورأوا قلة المسلمين بين الصفين يقوم رجل معه جند في أعلاه صليب فينادي غلب الصليب، فيقول رجل معه جند فينادي: بل غلب أنصار الله وأولياؤه، فيغضب الله على الذين كفروا من قولهم، غلب الصليب فيقول، يا جبرئيل أغث عبادي فينزل جبرئيل في مائة ألف من الملائكة ويقول: يا ميكائيل أغث عبادي فينزل ميكائيل في مائة ألف من الملائكة ويقول: يا إسرافيل أغث عبادي فينحدر إسرافيل في ثلاثمائة ألف من الملائكة وينزل الله نصره على المؤمنين وينزل بأسه على الكافرين فيقتلون وينهزمون ويسير المسلمون في أرض الروم حتى يأتوا عمورية وعلى سورها خلق كثير يقولون: ما رأينا شيئا أكثر من الروم، قتلنا وهزمنا وما أكثرهم في هذه المدينة، فيقولون: آمنونا على أن نؤدي لكم الجزية فيأخذون الأمان لهم ولجميع الروم على أداء الجزية ويجتمع إليهم أطرافهم فيقولون: يا معاشر العرب إن الدجال قد خلفكم في دياركم والخبر باطل فمن كان فيهم منكم فلا تقبلوا شيئا مما معه فإنهم قوام لكم والخبر باطل ويثب الروم على من بقي في بلادهم من العرب فيقتلونهم حتى لا يبقي بأرض الروم لا عربي ولا عربية ولا ولد عربي إلا قتل فيبلغ ذلك الخبر المسلمين فيرجعون غضب الله تعالى فيقتلون مقاتليهم ويسبون الذراري ويجمعون الأموال ولا ينزلون على مدينة ولا حصن فوق ثلاثة أيام إلا يفتح لهم وينزلون على الخليج فيصبح أهل القسطنطينة يقولون للصليب: مد لنا ببحرنا والمسيح ناصرنا، فيصبحون والخليج يابس فيضرب فيه الأخبية ويحتسر البحر عن القسطنطينة ويحيط المسلمون بمدينة الكفر ليلة الجمعة بالتسبيح والتهليل والتحميد ولا يرى فيهم نائم ولا جالس فإذا طلع الفجر كبر المسلمون تكبيرة واحدة فيسقط ما بين البحرين، فيقول الروم: إنما كنا نقاتل العرب والآن نقاتل ربنا وقد هدم لهم مدينتنا فيمكنون ويكيلون الذهب بالأترسة ويقتسمون الذراري ويتمتعون بما في أيديهم ما شاء الله، ثم يخرج الدجال حقا ويفتح الله القسطنطينة على يد أقوام هم أولياء الله، يدفع الله عنهم الموت والمرض والسقم حتى ينزل عيسى ابن مريم فيقاتلون معه الدجال أخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن عماد في كتاب الفتن.(24) وفي الدمعة عن عقد الدرر عن كعب الأحبار أن أمة تدعي النصرانية في بعض جزائر البحر تجهز ألف مركب في كل عام فيقولون: اركبوا إن شاء الله وإن لم يشأ، فإذا وقعوا في البحر أرسل الله عليهم ريحا عاصفة كسرت سفنهم قال: فيصنعون مرارا فإذا أراد الله تعالى اتخذت سفنا لم يوضع على البحر مثلها قال: فيقولون اركبوا إن شاء الله فيركبون ويمرون بالقسطنطينة فيفزعون لهم فيقولون ما أنتم؟ فيقولون: نحن أمة تدعي النصرانية نريد هذه الأمة التي أخرجتنا من بلادنا وبلاد آبائنا فيمدونهم سفنا فينتهون إلى عكاء فيخرجون سفنهم ويحرقونها ويقولون بلادنا وبلاد آبائنا، وأمير المسلمين يومئذ ببيت المقدس فيبعث إلى مصر فيستمدهم فيجيئه رسوله من قبل مصر فيقول بحفرة بحر والبحر حمال فلا يمدونه قال: فيمر الرسول بحمص وقد أغلقها أهلها من العجم على من فيها من المسلمين وتمدهم أهل اليمن على قلصهم قال: ويكتم الخبر ويقول: أي شيء تنتظرون؟ الآن تغلق كل مدينة على من فيها من المسلمين ويأخذ ثلث بأذناب الإبل ويلحقون بالبرية فيهلكون في سهيل الأرض لا إلى هؤلاء. ولا إلى هؤلاء قال: ويفتح البلد فيقبلونهم في جبل لبنان حتى ينزل أمير المؤمنين في الخليج ويصير الأمر إلى ما كان عليه الناس أن يحمل لواه قال: فيركز لواه ويأتي الماء ليتوضأ منه لصلاة الصبح قال: فيتباعد الماء منه قال: فيتبعه فيتباعد منه فإذا رأى ذلك أخذ لواه واتبع الماء حتى يجوز من تلك الناحية ثم ينادي أيها الناس أغيروا إن الله عز وجل قد فرق لكم البحر كما فرقه لموسى بن عمران قال: فتجوز الناس فيستقبل القسطنطينة قال: فيكبرون فيهتز حائطها ثم يكبرون فيسقط منها ما بين اثني عشر برجا فيدخلونها فيجدون فيها كنوزا من ذهب وفضة وكنوزا من نحاس فيقتسمون غنائمهم على الترسة. أخرجه الإمام أبو عمر الداني في سننه.(25) وفي البحار عن أبي جعفر (عليه السلام): إذا خسف بجيش السفياني... إلى أن قال: والقائم يومئذ بمكة عند الكعبة مستجيرا بها يقول: أنا ولي الله، أنا أولى بالله وبمحمد فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ومن حاجني بنوح فأنا أولى الناس بنوح ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم ومن حاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد فمن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين إن الله تعالى يقول: *(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)(26) فأنا بقية آدم وخيرة نوح ومصطفى إبراهيم وصفوة محمد، ألا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولى الناس بسنة رسول الله وسيرته وأنشد الله من سمع كلامي لما يبلغ الشاهد الغائب، فيجمع الله له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فيجمعهم الله على غير ميعاد، قزع كقزع الخريف، ثم تلا هذه الآية *(أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا)(27) فيبايعونه بين الركن والمقام ومعه عهد رسول الله، قد تواترت عليه الآباء فإن أشكل عليهم من ذلك الشيء فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه.(28) (وفي رواية): فيقوم رجل منه فينادي: أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله، قال: فيقومون، قال: فيقوم هو بنفسه فيقول: أيها الناس أنا فلان بن فلان أنا ابن نبي الله أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله فيقومون إليه ليقتلوه فيقوم ثلاثمائة أو ينيف على الثلاثمائة فيمنعونه خمسون من أهل الكوفة وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضا، اجتمعوا على غير ميعاد.(29) وفيه: عنه (عليه السلام) يقول القائم لأصحابه يا قوم إن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لاحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم فيدعو رجلا من أصحابه فيقول له: امض إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة والخلافة ونحن ذرية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسلالة النبيين وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا، ابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا ونحن نستنصركم فانصرونا، فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام وهي النفس الزكية، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا، فلا يدعونه حتى يخرج فيهبط عن عقبة طوى في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات ويسند ظهره إلى الحجر الأسود ثم يحمد الله ويثني عليه ويذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويصلي عليه ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس فيكون أول من يضرب على يديه ويبايعه جبرئيل وميكائيل ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين فيدفعان إليه كتابا جديدا هو على العرب شديد، بخاتم رطب فيقولون: اعمل بما فيه ويبايعه الثلاثمائة وقليل من أهل مكة ثم يخرج من مكة حتى يكون في مثله الحلقة، قلت: وما الحلقة؟ قال: عشرة آلاف رجل، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ثم يهز الراية الجلية وينشرها وهي راية رسول الله السحابة ودرع رسول الله السابقة ويتقلد بسيف رسول الله ذي الفقار. وفي خبر آخر: ما من بلدة إلا يخرج معه منهم طائفة إلا أهل البصرة فإنه لا يخرج معه منها أحد.(30) وفي العوالم عن الأنوار المضيئة عن أبي عبد الله (عليه السلام): لا يخرج القائم من مكة حتى تستكمل الحلقة، قلت: وكم الحلقة؟ قال: عشرة آلاف، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ثم يهز الراية المغلبة ويسير بها فلا يبقى أحد في المشرق ولا في المغرب إلا بلغها ثم يجتمعون قزعا كقزع الخريف من القبايل ما بين الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة.(31) وفي الخصال عنه (عليه السلام): سيأتي من مسجدكم هذا - يعني مكة - ثلاثمائة وثلاثة عشر يعلم أهل مكة أنهم لم يلدهم آباؤهم ولا أجدادهم عليهم السيوف مكتوب على كل سيف كلمة تفتح ألف كلمة تبعث الريح فتنادي: هذا المهدي يقضي بقضاء آل داود لا يسأل عليه بينة.(32) وفي البحار عن الرضا (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما عرج بي إلى السماء نوديت: يا محمد فقلت: لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت، فنوديت: يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي على بريتي، لك ولمن تبعك خلقت جنتي ولمن خالفت خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتهم أوجبت ثوابي فقلت: يا رب ومن أوصيائي فنوديت يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي أولهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم مهدي أمتي فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي بعدي؟ فنوديت: يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له السحاب الصعاب ولأرقينه في الأسباب ولأنصرنه بجندي ولأمدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة.(33) وفيه: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضة، وراية لم تنتشر منذ طويت ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله أشد، من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون برايتهم بلدة إلا خربوها، كأن على خيولهم العقيان(34)، يتمسحون بسرج الإمام، يطلبون بذلك البركة ويخفونه به بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد فيهم، رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل يبيتون قياما على أطرافهم ويستحيون على خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأمة لسيده، كالمصابيح كأن قلوبهم القناديل وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله شعائرهم يا لثارات الحسين، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلى المولى إرسالا، بهم ينصر الله أمام الحق.(35) وفيه: عنه (عليه السلام): كأني بالقائم على النجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله فينتقض هواها فتستدير عليه فيغشيها بخداجة (36) من استبرق ويركب فرسا أدهم، بين عينيه (37) شهراح فينتفض فيه انتفاضة لا يبقى أهل بلاد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم، فينشر راية رسول الله من عمود العرش وسايرها من نصر الله لا يهوي بها على شيء أبدا إلا أهلكه الله فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد، ويعطى المؤمن قوة أربعين رجلا ولا يبقى مؤمن ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره وذلك حيث يزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم فينحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا، قلت: كل هؤلاء الملائكة؟ قال: نعم، الذين كانوا مع نوح في السفينة والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه وأربعة آلاف ملك مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسومين وألف مردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (عليهما السلام) فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا يودعه مودع إلى شيعوه ولا يمرض مريض إلا عادوه ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم (عج) إلى وقت خروجه.(38) وفيه: عن كتاب سعد السعود لابن طاووس (رحمه الله): إني وجدت في صحف إدريس النبي عند ذكر سؤال إبليس وجواب الله له قال: رب فأنظرني إلى يوم يبعثون، قال: لا ولكنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فإنه يوم قضيت وحتمت أن أطهر الأرض ذلك اليوم من الكفر والشرك والمعاصي وانتخبت لذلك الوقت عبادا لي امتحنت قلوبهم للإيمان وحشوتها بالورع والإخلاص واليقين والتقوى والخشوع والصدق والحلم والصبر والوقار والتقى والزهد في الدنيا والرغبة فيما عندي واجعلهم دعاة الشمس والقمر واستخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم الذي ارتضيته لهم ثم يعبدونني لا يشركون بي شيئا، يقيمون الصلاة لوقتها ويؤتون الزكاة لحينها ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألقي في ذلك الزمان الأمان على الأرض فلا يضر شيء شيئا ولا يخاف شيء من شيء ثم يكون الهوام والمواشي بين الناس قد يؤذي بعضهم بعضا وأنزع حمة كل ذي حمة من الهوام وغيرها وأذهب سم كلما يلدغ وأنزل بركات من السماء والأرض وتزهر الأرض بحسن نباتها ويخرج كل ثمارها وأنواع طيبها والقي الرأفة والرحمة بينهم فيتواسون ويقتسمون بالسوية فيستغني الفقير ولا يعلو بعضهم بعضا ويرحم الكبير الصغير ويوقر الصغير الكبير ويدينون بالحق وبه يعدلون ويحكمون، أولئك أوليائي اخترت لهم نبيا مصطفى وأمينا مرتضى فجعلته لهم نبيا ورسولا وجعلتهم له أولياء وأنصارا، تلك أمة اخترتها للنبي المصطفى وأميني المرتضى، ذلك وقت حجبته في علم غيبي ولا بد أنه قائمكم واقع، أبيدك يومئذ وخيلك ورجلك وجنودك أجمعين فأذهب فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.(39) وفي الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام): كأني بالقائم على منبر الكوفة عليه قباء فيخرج من وريان (40) قبائه كتابا مختوما بخاتمه بخاتم ذهب فيفكه فيقرأ على الناس فيجفلون إجفال الغنم فلم يبق إلا النقباء فيتكلم بكلام فلا يلحقون ملجأ حتى يرجعوا إليه وإني لأعلم علم الكلام الذي يتكلم به.(41) وفي الدمعة عن عقد الدرر عن حذيفة بن يمان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قصة المهدي (عج) في فتحه لرومية، ثم يكبرون عليها أربع تكبيرات فيسقط حائطها فيقتلون بها ستمائة ألف ويستخرجون منها حلية بيت المقدس والتابوت الذي فيه السكينة ومائدة بني إسرائيل ورضاضة الألواح وعصا موسى ومنبر سليمان وقفيز (42) من المن الذي أنزل على بني إسرائيل أشد بياضا من اللبن، قال حذيفة: قلت يا رسول الله كيف وصلوا إلى هذا؟ فقال رسول الله: إن بني إسرائيل لما اعتدوا وقتلوا الأنبياء بعث الله عليهم بخت النصر فقتل بها سبعين ألفا ثم إن الله رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس أن سر إلى عبادي واستنقذهم من بخت نصر وردهم إلى بيت المقدس مطيعين له أربعين سنة ثم يعودون فذلك قوله تعالى في القرآن *(وإن عدتم عدنا)(43) أي إلى المعاصي عدنا عليكم بشر من العذاب فعادوا فسلط الله عليهم طيالس ملك رومية فسباهم واستخرج حلي بيت المقدس، ثم يسيرون حتى يأتي مدينة يقال لها القاطع وهي على البحر الذي لا يحمل جارية وهي السفينة قيل: يا رسول الله ولم لا يحمل جارية؟ قال: لأنه ليس له قعر وإن ما ترون من البحار خلجان ذلك البحر، جعله الله تعالى منافع لبني آدم لها قعور فهي تحمل السفن، قال حذيفة: فقال عبد الله بن سلام: والذي بعثك بالحق إن صفة هذه المدينة في التوراة طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لها ستون وثلاثمائة باب يخرج من كل باب ثلاثمائة ألف مقاتل فيكبرون عليها أربع تكبيرات فيسقط حائطها فيغتنمون ما فيها ثم يقيمون سبع سنين ثم ينقلون منها إلى بيت المقدس فيبلغهم أن الدجال قد خرج في يهودية أصفهان. أخرجه الإمام أبو عمر والمقري في سننه.(44) وعن الكتاب المذكور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قصة المهدي قال: ويتوجه إلى الآفاق فلا تبقى مدينة وطأها ذو القرنين إلا دخلها وأصلحها ولا يبقى كافر إلا هلك على يديه ويشفي الله قلوب أهل الإسلام ويحمل حلي بيت المقدس ويأتي مدينة فيها ألف سوق وفي كل سوق مائة دكان فيفتحها ثم يأتي مدينة يقال لها القاطع وهي على البحر الأخضر المحيط بالدنيا ليس خلفه إلا أمر الله عز وجل، طول المدينة ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل فيكبرون الله عز وجل ثلاث تكبيرات فيسقط حيطانها فيقتلون بها ألف ألف مقاتل ويقيمون فيها سبع سنين يبلغ الرجل منهم في تلك المدينة مثل ما صح معه من ساير بلاد الروم ويولد لهم الأولاد ويعبدون الله تعالى حق عبادته، ويبعث المهدي إلى أمرائه لسائر الأمصار بالعدل بين الناس، ويرعى الشاة والذئب بمكان واحد ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا يضرهم شيء ويذهب الشر ويبقى الخير ويزرع الإنسان مدا يخرج سبعمائة مد ويذهب الوبا والزنا وشرب الخمر والربا وتقبل الناس على العبادة والمشروعات والديانة والصلاة في الجماعة وتطول الأعمار وتؤدي الأمانة وتحمل الأشجار وتتضاعف البركات ويهلك الأشرار ويبقى الأخيار ولا يبقى من يبغض أهل البيت، ثم يتوجه المهدي من مدينة القاطع إلى القدس الشريف بألف مركب فينزلون شام وفلسطين بين صور وعكا وغزة وعسقلان فيخرجون ما معهم من الأموال فينزلون المهدي بالقدس الشريف ويقيم بها إلى أن يخرج الدجال وينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقتل الدجال.(45)
وفي البيان لمحمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله: غزا طاهر بن أسماء بني إسرائيل فسباهم وأخذ حلي بيت المقدس وأحرقها بالنيران وحمل منها ألف وتسعمائة سفينة في البحر حتى أوردها رومية. قال حذيفة: سمعت رسول الله يقول: ويستخرج المهدي ذلك حتى يرده إلى بيت المقدس، ثم يسيرون إلى مدينة يقال لها: القاطع على البحر الأخضر المحدق بالدنيا ليس خلفه إلا أمر الله تعالى، طول المدينة ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل، لها ثلاثة آلاف باب وذلك البحر لا يحمل جارية أي سفينة لأنه ليس له قعر وكلما ترونه من البحار إنما هو خلجان ذلك البحر، جعله الله منافع لبني آدم، قال رسول الله: فالدنيا مسيرة خمسمائة عام. أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي.(46) وفي الدمعة عن عقد الدرر قال كعب الأحبار: يخرج المهدي إلى بلد الروم ويفتح القسطنطينة ثم يأتيه الخبر بخروج الأعور الدجال وهو رجل عريض عينه اليمنى مطموسة وأما اليسرى فكأنها كوكب، بين عينيه مكتوب: كافر بالله وبرسول الله، يخرج ويدعي أنه الرب ولا يسمعه أحد إلا تبعه إلا من عصمه الله عز وجل ويكون له جنة ونار فيقول هذه جنة لمن سجد لي ومن أبى أدخلته النار.(47) وقال وهب بن منبه عن خروج الأعور الدجال: تهب ريح قوم عاد وسماع صيحة كصيحة قوم صالح ويكون مسخ كمسخ أصحاب الرس وذلك عند ترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويسفكون الدماء ويستحلون الزنا ويعظم البلاء ويشرب الخمر ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء فعند ذلك يخرج الدجال من ناحية المشرق من قرية يقال لها دراس يخرج على حماره، مطموس العين مكسور الظفر ويخرج منه الحيات محدوب الظهر قد صور كل السلاح في يديه حتى الرمح والقوس، يخوض البحار إلى كعبه ويكون أجناده أولاد الزنا ويجئ إلى الشجرة وإذا جاء بلدا قال: أنا ربكم. فقال الخضر: كذبت يا دجال، إن ربنا رب العالمين رب السماوات والأرضين فيقتله الدجال ويقول: قل لرب العالمين يحييك فيحيي الله الخضر (عليه السلام) فيقوم ويقول: ها أنا ذا يا دجال ويقول لأصحاب الدجال: ويلكم لا تعبدوا هذا الكافر الملعون ويقتله ثلاث مرات فيحييه الله تعالى ثم يخرج الدجال نحو مكة فينظر الملائكة محدقين بالبيت الحرام ثم يسير إلى المدينة فيجدها كذلك يطوف البلاد إلا أربع مدن مكة والمدينة وبيت المقدس وطرسوس، فأما المؤمنون فإنهم يصومون ويصلون غير أنهم تركوا المساجد ولزموا بيوتهم، والشمس تطلع عليهم مرة بيضاء ومرة حمراء ومرة سوداء والأرض تزلزل والمسلمون يصبرون حتى يسمعون بمسير المهدي إلى الدجال فيفرحون بذلك، قال: ويقال إن المهدي يسير إلى قتال الدجال وعلى رأسه عمامة بيضاء فيلتقون ويقتتلون قتالا شديدا فيقتل من أصحاب الدجال ثلاثين ألفا وينهزم الدجال ومن معه نحو بيت المقدس فيأمر الله عز وجل الأرض بإمساك خيولهم ثم يرسل عليهم ريحا حمراء فيهلك منهم أربعين ألفا، ثم يسير المهدي في طلبه فيجد من عسكره نحوا من خمسين ألفا فيريهم الآيات والمعجزات ويدعوهم إلى الإيمان فلا يؤمنون فيمسخهم الله تعالى قردة وخنازير، ثم يأمر الله تعالى بجبرئيل أن يهبط بعيسى (عليه السلام) إلى الأرض وهو في السماء الثانية فيأتيه فيقول: يا روح الله وكلمته، ربك يأمرك بالنزول إلى الأرض فينزل ومعه سبعون ألفا من الملائكة وهو بعمامة خضراء متقلد بسيف على فرس بيده حربة فإذا نزل إلى الأرض نادى مناد: يا معاشر المسلمين جاء الحق وزهق الباطل فأول من يسمع بذلك المهدي فيسير إليه ويذكر الدجال فيسير إليه فإذا نظر الدجال إليه ارتعد كأنه العصفور في يوم ريح عاصف فيتقدم إليه عيسى فإذا رآه الدجال يذوب كما يذوب الرصاص، فيقول عيسى: ألست زعمت أنك إله تقتل فلم لا (تدفع عن)(48) نفسك القتل؟ ثم يطعنه بحربة فيموت ثم يضع المهدي سيفه وأصحابه في أصحاب الدجال فيقتلونهم فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا حتى ترعى الوحوش والسباع وتلعب بهم الصبيان وتأمن النساء من أنفسهن حتى لو أن امرأة في العرباء (49) لم تخف على نفسها، ويظهر الله كنوز الأرض للمؤمنين ويستغني كل مؤمن فقير بقدرة الله.(50)
الهوامش
(1) الإرشاد: 2 / 386.
(2) غيبة النعماني: 318 ح 5 باب 21.
(3) غيبة النعماني: 315 ح 8 باب 20.
(4) غيبة النعماني: 233 ح 18 باب 13.
(5) غيبة النعماني: 253 ح 13 باب 14.
(6) غيبة النعماني: 285 ح 5 باب 15.
(7) سورة الحجر: 75 - 76.
(8) الإرشاد: 2 / 386.
(9) الإرشاد: 2 / 386.
(10) غيبة النعماني: 299 وفيه: وأهل دست ميسان.
(11) غيبة النعماني: 297 باب 17 ح 1.
(12) في المصدر: الدسكرة.
(13) غيبة الشيخ: 475 فصل في ذكر طرف من صفاته.
(14) عقد الدرر بتفاوت: 125 الباب التاسع.
(15) عقد الدرر: 125 - 126 الباب التاسع، وبالهامش: المالك، والممالك: 113 - 115.
(16) في بعض النسخ: سودائية.
(17) مجمع النورين: 319، وعقد الدرر: 127، والبحار: 57 / 239 بتفاوت.
(18) كنز العمال: 14 / 305 ح 38775 والمستدرك للحاكم: 4 / 476.
(19) غيبة النعماني: 319 ح 8 باب 21 وفيه: ما يشاؤون.
(20) وقال ست عددات على اختلاف الروايات.
(21) غيبة النعماني: 235 ح 23 باب 13.
(22) إثبات الهداة: 3 / 540 ح 508 والكافي: 1 / 231 ح 1 باب ما عندهم من آيات الأنبياء.
(23) عقد الدرر: 135 في فتوحاته وسيرته - الفصل الأول.
(24) عقد الدرر: 137.
(25) عقد الدرر: 137 - 139.
(26) سورة آل عمران: 33 - 34.
(27) سورة البقرة: 148.
(28) إثبات الهداة: 3 / 582 ح 770، والاختصاص: 257.
(29) البحار: 52 / 306 ح 79.
(30) البحار: 52 / 307 ح 81.
(31) غيبة النعماني: 155.
(32) الخصال: 649 ح 42 أبواب الواحد إلى المائة.
(33) مختصر البصائر: 181، والهداية الكبرى: 394، والبحار: 18 / 346 ح 56.
(34) الذهب.
(35) البحار: 52 / 307 ح 82.
(36) في غيبة النعماني: 309 بحداجة. وفي اللسان: (2 / 447) الحدائج والاحداج مراكب النساء.
(37) في كامل الزيارات 234: شمراخ وهو غرة الفرس دقت وسالت وجللت الخيشوم.
(38) البحار: 52 / 328 ح 48.
(39) سعد السعود: 34، والبحار: 52 / 384.
(40) أي من جيبه.
(41) الكافي: 8 / 167 ح 185.
(42) قفيز: مكيال.
(43) سورة الإسراء: 8.
(44) العطر الوردي: 68 كما في معجم أحاديث المهدي: 1 / 348.
(45) الصراط المستقيم: 2 / 257 والعطر الوردي: 68.
(46) البيان: 140 باب 20، وعقد الدرر: 143.
(47) عقد الدرر: 191 الفصل الثاني من الباب الثاني عشر.
(48) في المطبوع: تنهي.
(49) في المصدر: العراء.
(50) عقد الدرر: 191 - 192 - 193.
******************
وفي غيبة النعماني عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: لو قد خرج قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لنصره الله بالملائكة المسومين والمردفين والمنزلين والكروبيين، يكون جبرئيل أمامه وميكائيل عن يمينه وإسرافيل عن يساره والرعب مسيره أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله والملائكة المقربون حذاه، أول من يتبعه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) الثاني، ومعه سيف مخترط، يفتح الله له الروم والصين والترك والديلم والسند والهند وكابل شاه والخزر. يا أبا حمزة لا يقوم القائم إلا على خوف شديد وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد بين الناس وتشتيت وتشتت في دينهم وتغير من حالهم حتى يتمنى المتمني الموت صباحا ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا، وخروجه إذا خرج عند الإياس والقنوط فيها طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره والويل كل الويل لمن خالفه وخالف أمره وكان من أعدائه، قال: يقوم بأمر جديد وسنة جديدة وقضاء جديد، على العرب شديد ليس شأنه إلا القتل ولا يستتيب أحدا ولا تأخذه في الله لومة لائم.(1) وفيه: عن الصادق (عليه السلام): ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومى بيده إلى حلقه.(2) (وفيه) عن سدير الصيرفي عن رجل من أهل الجزيرة كان قد جعل على نفسه نذرا في جارية وجاء بها إلى مكة قال: فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها وجعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلا قال: جئني بها وقد وفى الله نذرك، فدخلني من ذلك وحشة شديدة فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكة فقال لي: تأخذ عني؟ فقلت: نعم، فقال: انظر الرجل الذي يجلس عند (3) الحجر الأسود وحوله الناس وهو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) فأته فاخبره بهذا الأمر فانظر ماذا يقول لك فاعمل به، قال: فأتيته فقلت: رحمك الله إني رجل من أهل الجزيرة ومعي جارية جعلتها علي نذرا لبيت الله في يمين كانت علي وقد أتيت بها وذكرت ذلك للحجبة وأقبلت لا ألقى منهم أحدا إلا وقال: جئني بها وقد وفى الله نذرك، فدخلني من ذلك وحشة شديدة فقال: يا عبد الله إن البيت لا يأكل ولا يشرب فبع جاريتك واستقض وانظر أهل بلادك ممن حج هذا البيت، فمن عجز منهم عن نفقة فأعطه حتى يقوى على العود إلى بلادهم ففعلت ذلك ثم أقبلت لا ألقى أحدا من الحجبة إلا قال: ما فعلت بالجارية فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفر (عليه السلام) فيقولون: هو كذاب جاهل لا يدري ما يقول فذكرت مقالتهم لأبي جعفر فقال: قد بلغتني فبلغ عني، فقال: قل لهم: قال لكم أبو جعفر: كيف بكم لو قد قطعت أيديكم وأرجلكم وعلقت في الكعبة، ثم يقال لكم: نادوا نحن سراق الكعبة. فلما ذهبت لأقوم قال: إنني لست أفعل ذلك وإنما يفعله رجل مني.(4) وفي إثبات الهداة للشيخ حر العاملي (رحمه الله) سأل عن الصادق (عليه السلام) معلى بن خنيس: أيسير القائم بخلاف سيرة علي (عليه السلام)؟ قال (عليه السلام): نعم وذلك أن عليا سار بالمن والكف لأنه علم أن شيعته سيظهر عليهم وأن القائم إذا قام سار فيهم بالسيف والسبي وذلك أنه يعلم أن شيعته لم يظهر عليهم من بعد أبدا.(5) (وفيه) عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا قال: يا معشر الفرسان سيروا في وسط الطريق يا معشر الرجالة سيروا على جنبي الطريق.(6) (وفيه) عن القرطبي من علماء أهل السنة في كتاب التذكرة بأحوال المولى وأمور الآخرة أن ملوك جميع الدنيا أربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان بن داود وذو القرنين والكافران نمرود وبخت النصر وسيملكها هذه الأمة خامس وهو المهدي عجل الله فرجه.(7) وفي البحار عن الحكم بن الحكم قال: أتيت أبا جعفر (عليه السلام) وهو بالمدينة فقلت له: علي نذر بين الركن والمقام إن أنا لاقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أم لا، فلم يجبني بشيء فأقمت ثلاثين يوما ثم استقبلني في طريق فقال: يا حكم وإنك لها هنا بعد، فقلت إني أخبرتك بما جعلت لله علي فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء فقال: بكر علي غدوة المنزل فغدوت عليه فقال (عليه السلام): سل حاجتك فقلت: إني جعلت لله علي نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أم لا، فإن كنت أنت رابطتك وإن لم تكن أنت سرت في الأرض وطلبت المعاش فقال: يا حكم كلنا قائم بأمر الله فقلت: فأنت المهدي (عج) قال: كلنا يهدي إلى الله، قلت: فأنت صاحب السيف؟ قال: كلنا صاحب السيف ووارث السيف، قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك أولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال: يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين فإن صاحب هذا أقرب عهدا باللبن مني.(8) أقول: أقرب عهدا باللبن مني أي بحسب المرئي والنظر أي يحسبه الناس شابا بكمال قوته وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه. وفي الدر النظيم عن علي (عليه السلام) كأنني به وقد عبر من وادي سلام إلى سبيل السهلة على فرس محجل له شمراخ (9) يزهو ويدعو ويقول في دعائه: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، اللهم معز (10) كل مؤمن ومذل كل جبار عنيد، أنت كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق علي الأرض بما رحبت، اللهم خلقتني وكنت غنيا عن خلقي ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين، يا منشر الرحمة من مواضعها ومخرج البركات من معادنها ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة وأولياؤه بعزه يتعززون، يا من وضعت له الملوك المذلة على أعناقهم فهم من سطوته خائفون، أسألك باسمك الذي فطرت به خلقك فكل لك مذعنون، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تنجز لي أمري وتعجل لي في الفرج وتكفيني وتعافيني وتقضي حوائجي الساعة الساعة الليلة الليلة إنك على كل شيء قدير.(11)
في العوالم عن أبي عبد الله (عليه السلام): إذا قام قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بنى في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب واتصلت بيوت الكوفة بنهر كربلاء.(12) (وفيه) عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال: إذا قام القائم أذهب الله عن كل مؤمن العاهة ورد إليه قوته.(13) (وفيه) عن التهذيب: إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صديق فيكونون في أصحابه وأنصاره ويرد السواد إلى أهله هم أهله ويعطي الناس عطايا مرتين في السنة ويرزقهم في الشهر رزقين ويسوي بين الناس حتى لا ترى محتاجا إلى الزكاة ويجئ أصحاب الزكاة بزكاتهم إلى المحاويج من شيعته فلا يقبلونها فيصرونها ويدورون في دورهم فيخرجون إليهم فيقولون: لا حاجة لنا في دراهمكم. وساق الحديث إلى أن قال: وتجتمع إليه أموال أهل الدنيا كلها من بطن الأرض وظهرها فيقال للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدم الحرام وركبتم فيه المحارم فيعطي عطاء لم يعطه أحد قبله.(14) (وفيه) عن كتاب الخرايج عنه (عليه السلام) قال: العلم سبعة وعشرون حرفا فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين فإذا قام قائمنا (عج) أخرج الخمسة والعشرين حرفا فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفا.(15) في مدحه (عليه السلام) للشيخ رجب البرسي عليه الرحمة: فليس للدين من حام ومنتصر * إلا الإمام الفتى الكشاف للظلم القائم الخلف المهدي سيدنا * الظاهر العلم ابن الطاهر العلم بدر الغياهب بل بحر المواهب - منصور الكتائب حامي الحل والحرم يا بن النبي ويا بن الطهر حيدرة * يا بن البتول ويا بن الحل والحرم أنت الفخار ومعناه وصورته * ونقطة الحكم لا بل خطة الحكم متى نراك فلا ظلم ولا ظلم * والدين في رغد والكفر في رغم أقبل فسبل الهدى والدين قد طمست * ومسها نصب والحق في عدم (16) أيضا في مدحه (عليه السلام) عن البهائي (رحمه الله): خليفة رب العالمين وظله * على ساكن الغبراء من كل ديار هو العروة الوثقى الذي من بذيله * تمسك لا يخشى عظائم أوزار إمام هدى لاذ الزمان بظله * وألقى إليه الدهر مقود خوار علوم الورى في جنب أبحر علمه * كغرفة كف أو كغمسة منقار فلو زار أفلاطون أعتاب قدسه * ولم يغشه عنها سواطع أنوار رأى حكمة قدسية لا يشوبها * شوائب أنظار وأدناس أفكار بإشراقها كل العوالم أشرقت * كما لاح في الكونين من نورها الساري إمام الورى طود النهى منبع الهدى * وصاحب سر الله في هذه الدار به العالم السفلي يسمو ويعتلي * على العالم العلوي من دون إنكار ومنه العقول العشر تبغي كمالها * وليس عليها في التعلم من عار أيا حجة الله الذي ليس جاريا * بغير الذي يرضاه سابق أقدار ويا من مقاليد الزمان بكفه * وناهيك من مجد به خصك الباري أغث حوزة الإيمان واعمر ربوعه * فلم يبق منها غير دارس آثار وخلص عباد الله من كل غاشم * وطهر عباد الله من كل كفار وعجل فداك العالمون بأسرهم * وبادر على اسم الله من غير أنظار تجد من جنود الله خير كتائب * وأكرم أعوان وأشرف أنصار(17)
الغصن العاشر: في رجعة الأئمة (عليهم السلام)
وفيه فروع
(الفرع الأول): في أن الرجعة وقعت في الأمم السابقة والأنبياء والأوصياء السابقين وفي هذه الأمة،
وفيه ثمرتان:
(الثمرة الأولى): في الآيات القرآنية المشعرة برجعة السابقين.
الآية الأولى: قال الله تعالى في سورة البقرة: *(وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون)(18) وهم سبعون من خيار قومه، وتفسيره وشراح أخباره في كتب الأخبار مشحونة.(19) الآية الثانية: قوله تعالى: *(وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا)* إلى قوله: *(فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون)(20) وفيه قصة ذبح البقرة وسببه وإحياء الميت وإنطاقه، وأخباره بذكر قاتله مفصلا في تفسير الإمام.(21) الآية الثالثة: قوله تعالى: *(ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم)(22) الآية، شرحنا هذه الآية من قبل ومشروحة في تفسير مجمع البيان وغيره.(23) الآية الرابعة: قوله تعالى: *(ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه إن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت)(24) قال نمرود: *(أنا أحيي وأميت)* أي أنا أحيي بالتخلية من الحبس من وجب عليه القتل وأميت بالقتل من شئت ممن هو، قال إبراهيم: *(فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين)(25) وفي هذه الآية دلالة على إمكان الرجعة بل على وقوعها لما أتى في الحديث: أن الله تعالى أحيى بدعائه الموتى وأن كل ما كان في الأمم السالفة يقع مثله في هذه الأمة.(26) الآية الخامسة: قوله تعالى: *(أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مأة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مأة عام وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشرها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير)(27) وهذه حكاية عزير النبي (عليه السلام) وشرح حاله وقريته مشروحة في تفسير مجمع البيان وغيره.(28) الآية السادسة: قوله تعالى *(وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتينك سعيا).(29) وفي ذلك أخبار منها عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه رأى جيفة تمزقها السباع فتأكل منها سباع البر وسباع الهواء والدواب فسأل الله سبحانه إبراهيم فقال: يا رب قد علمت أنك تجمعها من بطون سباع الطير ودواب البحر فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك.(30) وغير ذلك أخبار مختلفة بطرق متعددة من كتب التفاسير ومن الكافي والعلل والخصال.(31) الآية السابعة: قوله تعالى في سورة آل عمران حكاية عن قول عيسى لما بعث إلى بني إسرائيل *(إني قد جئتكم بآية من ربكم إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين).(32) وفي التفسير أنه صنع من الطين كهيئة الخفاش فنفخ فصار طايرا وأحيى، الموتى أحيى أربعة أنفس عاذر وكان صديقا له وكان قد مات منه ثلاثة أيام فقال لأخته انطلقي بنا إلى قبره ثم قال: اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع إنك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك وأخبرهم بأني أحيي الموتى فأحي عاذر فخرج من قبره وبقي وولد له، وابن العجوز مر به ميتا على سريره فدعا الله عيسى فجلس على سريره ونزل من أعناق الرجال ولبس ثيابه ورجع إلى أهله وبقي وولد له، وابنة قيل: أتحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا الله فعاشت وبقيت وولدت، وسام بن نوح دعا عليه باسم الله الأعظم فخرج من قبره فشاب نصف رأسه فقال: قد قامت القيامة قال: لا، ولكني دعوتك باسم الله الأعظم قال: ولم تكونوا تشيبون في ذلك الزمان، لأن سام بن نوح عاش خمسمائة سنة وهو شاب ثم قال له: مت قال: بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل.(33) الآية الثامنة: قوله تعالى في سورة المائدة: *(وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بأذني وإذ تخرج الموتى بإذني)(34) الآية في الدمعة عن أمالي الصدوق عن ابن عباس قال: لما مضى بعيسى ثلاثون سنة بعثه الله عز وجل إلى بني إسرائيل فلقيه إبليس لعنه الله على عقبة بيت المقدس وهي عقبة أفيق فقال له: يا عيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكونت من غير أب؟ قال: بل العظمة لله، كونني وكذلك كون آدم وحواء، قال إبليس: يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا؟ قال عيسى: يا إبليس بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لأبكمني، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيصير طيرا؟ قال عيسى: بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخر لي، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشفي المرضى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم وإذا شاء أمرضني، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه أحييهم ولا بد أن يميت ما أحييت ويميتني... الحديث.(35) الآية التاسعة: قوله تعالى في سورة الأنعام *(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون).(36) في الدمعة عن تأويل الآيات الظاهرة عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو خارج من الكوفة فتبعته من ورائه حتى إذا صار إلى جبانة اليهود فوقف في وسطها ونادى: يا يهود فأجابوه من جوف القبور، لبيك لبيك ملطايخ يعنون بذلك يا سيدنا فقال: كيف ترون العذاب؟ فقالوا: بعصياننا لك كهارون فنحن ومن عصاك في العذاب إلى يوم القيامة، ثم صاح صيحة كادت السماوات أن ينقلبن فوقعت مغشيا على وجهي من هول ما رأيت، فلما أفقت رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) على سرير من ياقوتة حمراء على رأسه إكليل من الجوهر وعليه حلل خضر وصفر ووجهه كدارة القمر، فقلت: يا سيدي هذا ملك عظيم، قال (عليه السلام): نعم يا جابر إن ملكنا أعظم من ملك سليمان بن داود وسلطاننا أعظم من سلطانه، ثم رجع ودخلنا الكوفة ودخلت خلفه إلى المسجد فجعل يخطو خطوات وهو يقول: لا والله لا فعلت، لا والله لا كان ذلك أبدا، فقلت: يا مولاي لمن تكلم؟ ولمن تخاطب وليس أرى أحدا؟ فقال: يا جابر كشف لي عن برهوت فرأيت سنبوبة (37) وحبتر وهما يعذبان في جوف تابوت في برهوت فنادياني: يا أبا الحسن يا أمير المؤمنين ردنا إلى الدنيا نقر بفضلك ونقر بالولاية لك، فقلت: لا والله لا كان ذلك أبدا ثم قرأ هذه الآية *(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)*. يا جابر وما أحد خالف وصي نبي إلا حشره الله يتكبكب في عرصات القيامة.(38) الآية العاشرة: قوله تعالى في سورة الأعراف: *(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك)* إلى قوله: *(سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين)(39) ذكر تفسيره في العيون والتوحيد والبحار: أحيى الله بني إسرائيل بعد أن رد الله روح موسى وأفاق وقال *(سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين).(40) الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: *(واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا).(41) والحق أن هؤلاء السبعين غير الذين قالوا: *(لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة)(42) كما عن ابن عباس: أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختارهم وبرز بهم ليدعو ربهم فكان فيما دعوا أن قالوا: اللهم أعطنا ما لم تعط أحدا قبلنا ولا تعطيه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة. وروي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: إنما أخذتهم الرجفة من أجل دعواهم على موسى قبل هارون وذلك أن موسى وهارون وشبر وشبير ابني هارون انطلقوا إلى سفح جبل فنام هارون على سرير فتوفاه الله، فلما مات دفنه موسى فلما رجع إلى بني إسرائيل قالوا له: أين هارون؟ قال: توفاه الله، فقالوا: لا بل أنت قتلته حسدتنا على خلقه ولينه، قال: فاختاروا من شئتم فاختاروا منهم سبعين رجلا وذهب بهم فلما انتهوا إلى القبر قال موسى: يا هارون أقتلت أم مت؟ فقال هارون: ما قتلني أحد ولكن توفاني الله، فقالوا: لن تعصى بعد اليوم فأخذتهم الرجفة وصعقوا وقيل: إنهم ماتوا ثم أحياهم الله وجعلهم أنبياء.(43) الآية الثانية عشرة: قوله تعالى في سورة الكهف: *(وتحسبهم أيقاظا وهم رقود)* إلى قوله: *(بكم أحدا)(44) وقوله أيضا: *(ولبثوا في كهفهم ثلاثمأة سنين وازدادوا تسعا)(45) الآية، وقصتهم معروفة وشرح حالهم في التفاسير وكتب الأخبار مشحونة لا مجال لذكر حالهم هنا.(46) الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى: *(ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا)* إلى قوله تعالى: *(قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا)(47) والأخبار في بيان حاله وأنه نبي أو ملك وفي تسميته، ذي القرنين كثيرة جدا، سأل ابن الكوا عليا (عليه السلام) عن ذي القرنين وقال: أملك أو نبي؟ قال (عليه السلام): لا ملك ولا نبي كان عبدا صالحا ضرب على قرنه الأيمن على طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين.(48) وباقي الأخبار وشرح الأحوال في البحار وفي كتابنا هذا في حديقة أحوال الأنبياء.(49) الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى في سورة الأنبياء: *(وأيوب إذ نادى ربه إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)(50) وشرح حاله (عليه السلام) معروف ومشهور، وفي المجمع والبحار والكافي وغيرها مكشوف، وإحياء أهله وولده مذكور فمن أراد فليطلب في محله.(51) الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى في سورة يس *(واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون)(52) والقرية أنطاكية والمرسلون رسل عيسى إلى أهلها بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان أرسل إليهم اثنين، فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات وهو حبيب نجار صاحب يس فسألهما فأخبراه فقال: أمعكما آية؟ فقالا: نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص، وكان له ولد مريض سنتين فمسحاه فقام وآمن حبيب وفشا الخبر فشفى على أيديهما خلق ورقى حديثهما إلى الملك، وقال لهما: ألنا إله سوى آلهتنا؟
قالا: نعم من أوجدك وآلهتك فقال حتى أنظر في أمركما فتبعهما الناس وضربوهما وقيل حبسا ثم بعث عيسى شمعون فدخل متنكرا وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك فأنس به فقال له ذات يوم: بلغني أنك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولانه؟ قال: لا حال الغضب بيني وبين ذلك فدعاهما فقال شمعون: من أرسلكما؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك فقال: صفاه وأوجزا قالا: يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال: وما آتاكما؟ قالا: ما يتمنى الملك فدعا بغلام مطموس العين فدعوا الله حتى انشق له بصر وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فكانتا مقلتين ينظر بهما فقال له شمعون: أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف؟ فقال: ليس عندك سر إن إلهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع وكان شمعون يدخل معهم الصنم فيصلي ويتضرع ويحسبون أنه منهم ثم قال: إن قدر إلهكم على إحياء ميت آمنا به فدعوا لغلام مات من سبعة أيام فقام وقال: إني أدخلت في سبعة أودية من النار وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا وقال: فتحت أبواب السماء فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة قال الملك: ومن هم؟ قال: شمعون وهذان فتعجب الملك، فلما رأى شمعون أن قوله قد أثر فيه نصحه فآمن وآمن قومه، ومن لم يؤمن صاح عليهم جبرائيل فهلكوا. وفي تفسير علي بن إبراهيم ذلك باختلاف يسير.(53) الآية السادسة عشرة: قوله تعالى في سورة الشورى: *(أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى)* إلى قوله جل ذكره: *(وإليه أنيب)(54) وعن البحار وفي تفسير البرهان أن جماعة من اليمن أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: نحن من بقايا الملل المتقدمة من آل نوح وكان لنبينا وصي اسمه سام وأخبر في كتابه أن لكل نبي معجزا وله وصي يقوم مقامه فمن وصيك؟ فأشار عليه وآله السلام بيده نحو علي (عليه السلام)، فقالوا: يا محمد إن سألناه أن يرينا سام بن نوح فيفعل، فقال: نعم بإذن الله وقال: يا علي قم معهم إلى داخل المسجد واضرب برجلك الأرض عند المحراب فذهب علي (عليه السلام) وبأيديهم صحف إلى أن دخل المسجد فصلى ركعتين ثم قام وضرب برجله الأرض فانشقت الأرض وظهر لحد وتابوت فقام من التابوت شيخ يتلألأ وجهه مثل القمر ليلة البدر وينفض التراب من رأسه وله لحية إلى سرته وصلى على علي وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله سيد المرسلين وأنك علي وصي محمد، سيد الوصيين وأنا سام بن نوح فنشروا أولئك صحفهم فوجدوه كما وصفوه في الصحف ثم قالوا: نريد أن يقرأ من صحفه سورة فأخذ في قراءته حتى تمم السورة ثم سلم على علي (عليه السلام) ونام كما كان فانضمت الأرض وقالوا بأسرهم: إن الدين عند الله الإسلام وآمنوا وأنزل الله *(أم اتخذوا من دونه أولياء).(55) الآية السابعة عشرة: قوله تعالى في سورة الزخرف: *(واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون).(56) عن الكافي عن أبي الربيع قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب إلى أن قال: فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على علي بن جعفر (عليه السلام) فقال: يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت جلالها وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه فقال: سل عما بدا لك، فقال: أخبرني كم بين عيسى وبين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من سنة؟ فقال (عليه السلام): أخبرك بقولي أو بقولك؟ قال: أخبرني بالقولين جميعا، قال (عليه السلام): أما في قولي فخمسمائة سنة وأما في قولك فستمائة سنة، قال: فاخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)*(واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون)* من الذي سأل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال: فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: *(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا)(57) فكان من الآيات التي أراها الله تعالى محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرائيل فأذن شفعا وأقام شفعا وقال في أذانه حي على خير العمل ثم تقدم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلى بالقوم فلما انصرف قال لهم: على ما تشهدون؟ وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر (عليه السلام).(58) الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى *(ولما ضرب بن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون).(59) عن تفسير البرهان والمدينة جاء قوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا محمد إن عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى فأحي لنا الموتى، فقال لهم: من تريدون؟ فقالوا: فلان وإنه قريب عهد بالموت فدعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأصفى إليهم شيئا لا نعرفه ثم قال له: انطلق معهم إلى الميت فادعه باسمه واسم أبيه فانطلق معهم حتى وقف على قبر الرجل ثم ناداه يا فلان بن فلان فقام الميت فسألوه ثم اضطجع في لحده فانصرفوا وهم يقولون: إن هذا من أعاجيب بني عبد المطلب، أو نحوها فأنزل الله عز وجل *(ولما ضرب بن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون)* أي يضجون.(60)
(الثمرة الثانية): في الأحاديث الدالة على أن الرجعة
قد وقعت في الأمم السالفة وأن كل ما وقع في الأمم السابقة يقع مثله في هذه الأمة حذو النعل بالنعل والقذة (61) بالقذة. الخبر الأول: في الدمعة عن الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عيسى ابن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريا وكان سأل ربه أن يحييه له فدعاه فأجابه وخرج إليه من القبر فقال له: ما تريد مني؟ فقال له: أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا، فقال له: يا عيسى ما سكنت عني حرارة الموت وأنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا وتعود علي مرارة الموت؟ فتركه فعاد إلى قبره.(62) الخبر الثاني: في البحار أن فتية من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبدين، وكانت العبادة في أولاد ملوك بني إسرائيل أنهم خرجوا يسيرون في البلاد ليعتبروا فمروا بقبر على ظهر الطريق قد سفى عليه السافي ليس يتبين منه إلا رسمه فقالوا: لو دعونا الله عز وجل الساعة لينشر لنا صاحب هذا القبر فسألناه كيف وجد طعم الموت، فدعوا الله عز وجل وكان دعاؤهم الذي دعوا الله به أنت: إلهنا يا ربنا ليس لنا إله غيرك والبديع الدائم غير الغافل والحي الذي لا يموت، لك في كل يوم شأن، تعلم كل شيء بغير تعليم، انشر لنا هذا الميت بقدرتك، قال: فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس واللحية ينفض رأسه من التراب فزعا شاخصا بصره إلى السماء فقال لهم: ما يوقفكم على قبري؟ فقالوا: دعوناك لنسألك كيف وجدت طعم الموت؟ فقال لهم: لقد سكنت في قبري تسعة وتسعين سنة ما ذهب عني ألم الموت وكربه ولا خرج مرارة طعم الموت من حلقي، فقالوا له: مت أنت على ما نرى، أبيض الرأس واللحية؟ قال: لا، ولكن لما سمعت الصيحة: أخرج، اجتمعت تربة عظامي إلى روحي فنفثت فيه فخرجت فزعا شاخصا بصري مهطعا إلى صوت الداعي فابيض لذلك رأسي ولحيتي. فانظر وتصور إذا جاز أن يحيي الله تعالى الموتى بدعاء أولاد الملوك المتعبدين فكيف يجوز إنكار إحياء الموتى بدعاء أولاد أشرف الأنبياء الأئمة المعصومين والهداة الطاهرين.(63) الخبر الثالث: وعن الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل: هل كان عيسى ابن مريم (عليه السلام) أحيى أحدا بعد موته حتى كان له أكل ورزق ومدة وولد؟ فقال: نعم إنه كان له صديق مواخ له في الله تبارك وكان عيسى يمر به وينزل عليه وأن عيسى غاب عنه حينا ثم مر به ليسلم عليه فخرجت إليه أمه فسألها عنه فقالت: مات يا رسول الله، قال: أفتحبين أن ترينه؟ قالت: نعم، فقال لها: فإذا كان غدا فآتيك حتى أحييه لك بإذن الله تبارك وتعالى، فلما كان من الغد أتاها فقال لها: انطلقي معي إلى قبره فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عليه عيسى ثم دعا الله عز وجل فانفرج القبر وخرج ابنها حيا، فلما رأته أمه ورآها بكيا فرحمها عيسى (عليه السلام) فقال له عيسى: أتحب أن تبقى مع أمك في الدنيا؟ فقال: يا نبي الله بأكل ورزق ومدة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدة؟ فقال عيسى: بأكل ورزق ومدة تعمر عشرين سنة وتزوج ويولد لك، قال: نعم إذا، قال: فدفعه عيسى إلى أمه فعاش عشرين سنة وولد له.(64) الخبر الرابع: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مر عيسى ابن مريم على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها قال: أما إنهم لم يموتوا إلا بغتة ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله وكلمته ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالها فنجتنبها، فدعا عيسى ربه فنودي من الجو أن نادهم فقام عيسى (عليه السلام) بالليل على شرف من الأرض فقال: يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب: لبيك يا روح الله وكلمته، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟
الهوامش
(1) غيبة النعماني: 234 ح 22 باب 13.
(2) غيبة النعماني: 236 ح 24 باب 13.
(3) بحذاء.
(4) غيبة النعماني: 236 ح 25 باب 13.
(5) إثبات الهداة: 3 / 449 ح 52 وعلل الشرائع: 149 ح 9 باب 22.
(6) التهذيب: 10 / 314 ح 1169 باب 28 وإثبات الهداة: 3 / 455.
(7) الخصال: 1 / 121 بتفاوت بسيط.
(8) البحار: 51 ب 140 ح 14.
(9) الشمراخ: غرة الفرس إذا جللت الأنف.
(10) في المصدر: معين.
(11) دلائل الإمامة: 458.
(12) إعلام الورى: 2 / 287 الفصل الثالث.
(13) غيبة النعماني: 317 ح 2 باب 21 والخصال: 2 / 541 ح 14.
(14) البحار: 52 / 390 ح 212 عن غيبة السيد علي بن عبد الحميد.
(15) الخرائج والجرائح: 2 / 841.
(16) الغدير: 7 / 65.
(17) لم أجده في مصادره.
(18) سورة البقرة: 55 - 56.
(19) راجع بحار الأنوار: 39 / 58 و53 / 73 والصراط المستقيم: 1 / 101.
(20) سورة البقرة: 67 - 73.
(21) تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): 273 ح 140 مورد الآية.
(22) سورة البقرة: 243.
(23) الطرائف: 1 / 191 ونور البراهين: 2 / 454.
(24) سورة البقرة: 258.
(25) سورة البقرة: 258.
(26) عيون أخبار الرضا: 1 / 218 والاحتجاج: 1 / 5.
(27) سورة البقرة: 259.
(28) تأويل الآيات: 1 / 295.
(29) سورة البقرة: 260.
(30) نور البراهين: 1 / 338.
(31) الكافي: 8 / 305 وعلل الشرائع: 2 / 586 ح 31.
(32) سورة آل عمران: 49.
(33) نور البراهين: 1 / 511 بتفاوت.
(34) سورة المائدة: 110.
(35) أمالي الصدوق: 272 ح 300 مجلس 37.
(36) سورة الأنعام: 28.
(37) سنبوبة بالسين المهملة والنون والباء الموحدة سوء الخلق في سرعة والغصب وهو الثاني والحبتر بالحاء المهملة والباء الموحدة الثعلب الأول.
(38) تأويل الآيات: 1 / 163.
(39) سورة الأعراف: 143.
(40) كفاية الأثر: 262.
(41) سورة الأعراف: 155.
(42) سورة البقرة: 55.
(43) مجمع البيان: 4 / 482.
(44) سورة الكهف: 18 - 19.
(45) سورة الكهف: 25.
(46) الاحتجاج: 2 / 88 وسعد السعود: 20.
(47) سورة الكهف: 83 - 86.
(48) سعد السعود: 65 والبحار: 53 / 141.
(49) قصص الأنبياء للجزائري: 154 الباب الثامن.
(50) سورة الأنبياء: 84.
(51) معاني الأخبار: 207، وقصص الأنبياء: 154.
(52) سورة يس: 14.
(53) بحار الأنوار عن الثعلبي: 14 / 266 وتفسير القمي: 1 / 93.
(54) سورة الشورى: 9 - 10.
(55) بحار الأنوار: 41 / 212 عن مناقب آل أبي طالب: 1 / 472 - 474.
(56) سورة الزخرف: 45.
(57) سورة الإسراء: 1.
(58) الكافي: 8 / 121 ح 93.
(59) سورة الزخرف: 57.
(60) تفسير البرهان: 4 / 151 ح 5.
(61) القذة: ريش السهم (غريب الحديث: 1 / 266).
(62) الكافي: 3 / 260 ح 37.
(63) البحار: 6 / 171 ح 48.
(64) الكافي: 8 / 337 ح 532.
******************
قال: كحب الصبي لأمه، إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا، قال (عليه السلام): كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي، قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ فقال: سجين، قال: وما سجين؟ قال: جبال من خمر توقد علينا يوم القيامة، قال: فما قلتم؟ وما قيل لكم؟ قال: قلنا ردنا إلى الدنيا فنزهد فيها، قيل: كذبتم، قال: ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله وكلمته إنهم ملجمون بلجم من النار بأيدي ملائكة غلاظ شداد إني كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى إلى الحواريين فقال: يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة.(1) الخبر الخامس: عن قصص الأنبياء للقطب الراوندي عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن داود (عليه السلام) كان يدعو أن يسلمه القضا بين الناس بما هو عنده تعالى الحق فأوحى الله: يا داود إن الناس لا يحتملون ذلك وإني سأفعل، وارتفع إليه رجلان فاستعداه أحدهما على الآخر فأمر المستعدي عليه أن يقوم إلى المستعدى فيضرب عنقه ففعل فاستعظمت بنو إسرائيل ذلك وقالت: رجل جاء يتظلم من رجل فأمر الظالم أن يضرب عنقه فقال (عليه السلام): رب أنقذني من هذه الورطة قال: فأوحى الله تعالى إليه: يا داود سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي الحق وأن هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه فأمرت فضرب عنقه قودا بأبيه وهو مدفون في حايط كذا وكذا تحت شجرة كذا فأته وناده باسمه فإنه سيجيبك فسله قال: فخرج داود وقد فرح فرحا شديدا لم يفرح مثله، فقال لبني إسرائيل: قد فرج الله فمشى ومشوا معه فانتهى إلى الشجرة فنادى يا فلان فقال: لبيك يا نبي الله قال: من قتلك؟ قال: فلان، فقالت: بنو إسرائيل سمعناه يقول: يا نبي الله فنحن نقول كما قال فأوحى الله تعالى إليه: يا داود إن العباد لا يطيقون الحكم بما هو عندي الحكم البينة.(2) الخبر السادس: في إكمال الدين عن أبي جعفر (عليه السلام) يذكر حديثا طويلا ويذكر فيه غيبة إدريس وما كان بينه وبين قومه إلى أن قال: فهبط إدريس من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترقق قرصتين على مقلاة فقال لها: أيتها المرأة أطعميني فإني مجهود من الجوع فقالت: يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا وحلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، قال لها: أطعميني ما أمسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب قالت: إنهما قرصتان واحدة لي والأخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت وإن أطعمتك قوت ابني مات وما هاهنا فضل أطعمه فقال لها: إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى به ويجزيني النصف الآخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله، فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها، فلما رأى ابنها يأكل إدريس من قرصه اضطرب حتى مات قالت له: يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته فقال لها إدريس: أنا أحييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال: أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله، أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت أمه كلام إدريس وقوله: أنا إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت أشهد أنك إدريس النبي (عليه السلام) وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية: أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم.(3) الخبر السابع: عن معاوية بن قرة قال: كان أبو طلحة يحب ابنه حبا شديدا فمرض فخافت أم سليم على أبي طلحة الجزع حين قرب موت الولد فبعثته إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما خرج أبو طلحة من داره توفي الولد فسجته أم سليم بثوب وعزلته في ناحية من البيت ثم تقدمت إلى أهل بيتها وقالت لهم: لا تخبروا أبا طلحة بشيء، ثم إنها صنعت طعاما ثم تمسحت شيئا من الطيب فجاء أبو طلحة من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما فعل ابني؟ فقالت له: هدأت نفسه ثم قال: هل لنا ما نأكل؟ فقامت وقربت إليه الطعام ثم تعرضت له فوقع عليها، فلما اطمأن قالت له: يا أبا طلحة أتغضب من وديعة كانت عندنا وديعة فقبضها الله تعالى؟ فقال أبو طلحة: فأنا أحق بالصبر منك، ثم قام من مكانه فاغتسل وصلى ركعتين ثم انطلق إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بصنيعها فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل صابرة بني إسرائيل، فقيل: يا رسول الله ما كان من خبرها؟ فقال: كان في بني إسرائيل امرأة وكان لها زوج ولها منه غلامان فأمرها بطعام ليدعو عليه الناس ففعلت، واجتمع الناس في داره فانطلق الغلامان يلعبان فوقعا في بئر كانت في الدار فكرهت أن تنغص على زوجها الضيافة فأدخلتهما البيت وسجتهما بثوب، فلما فرغوا دخل زوجها فقال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت وإنما كانت تمسحت بشيء من الطيب وتعرضت للرجل حتى وقع عليها، ثم قال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت فناداهما أبوهما فخرجا يسعيان فقالت المرأة: سبحان الله والله لقد كانا ميتين ولكن الله أحياهما ثوابا لصبري.(4) الخبر الثامن: في الدمعة عن قصص الأنبياء للقطب الراوندي عن ابن عباس قال: بعث الله جرجيس إلى ملك بالشام يقال له واذانه يعبد صنما فقال له: أيها الملك اقبل نصيحتي، لا ينبغي للخلق أن يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلا إليه فقال له الملك: من أي أرض أنت؟ قال: من الروم قاطنين بفلسطين فأمر بحبسه ثم مشط جسده بأمشاط من حديد حتى تساقط لحمه ونضح جسده بالخل ودلكه بالمسوح الخشنة ثم أمر بمكاوي من حديد تحمى فيكوى بها جسده ولما لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فوقذت في رأسه فسال منها دماغه وأمر بالرصاص فاذيب وصب على أثر ذلك ثم أمر بسارية من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه، فلما أظلم الليل وتفرق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك فقال له: يا جرجيس إن الله جلت عظمته يقول اصبر وابشر ولا تخف إن الله معك يخلصك وإنهم يقتلونك أربع مرات في كل ذلك أدفع عنك الألم والأذى، فلما أصبح الملك دعاه فجلده على السياط على الظهر والبطن ثم رده إلى السجن ثم كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكل ساحر فبعثوا، والساحر استعمل كل ما قدر عليه من السحر فلم يعمل فيه ثم عمد إلى سم فسقاه فقال جرجيس: بسم الله الذي يضل عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة فلم يضره فقال الساحر: لو أني سقيت بهذا أهل الأرض نزعت قواهم وشوهت خلقهم وعميت أبصارهم، فأنت يا جرجيس النور المضئ والسراج المنير والحق اليقين، أشهد أن إلهك حق وما دونه باطل آمنت به وصدقت رسله وإليه أتوب بما فعلت فقتله الملك ثم أعاد جرجيس (عليه السلام) إلى السجن وعذبه بألوان العذاب ثم قطعه أقطاعا وألقاها في جب ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب فأمر الله تعالى جل وعلا إعصارا أنشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض وتزلزلت الجبال حتى أشفقوا أن يكون هلاكهم، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجب وقال: قم يا جرجيس بقوة الله الذي خلقك فسواك، فقام جرجيس حيا سويا وأخرجه من الجب وقال اصبر وابشر فانطلق جرجيس حتى قام بين يدي الملك وقال: بعثني الله ليحتج بي عليكم فقام صاحب الشرطة وقال: آمنت بإلهك الذي بعثك بعد موتك وشهدت أنه الحق وجميع الآلهة دونه باطل واتبعه أربعة آلاف آمنوا وصدقوا جرجيس فقتلهم الملك جميعا بالسيف، ثم أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النار حتى احمر فبسط عليه جرجيس وأمر بالرصاص فأذيب وصب في فيه ثم ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ثم ينزع ويفرغ بالرصاص مكانه، فلما رأى أن ذلك لم يقتله فأوقد عليه النار حتى مات وأمر برماده فذر في الرياح، فأمر الله رياح الأرضين في الليلة فجمعت رماده في مكان فأمر ميكائيل فنادى جرجيس فقام حيا سويا بإذن الله فانطلق جرجيس إلى الملك وهو في أصحابه فقام رجل وقال: إن تحتنا أربعة عشر منبرا، ومائدة بين أيدينا وهي من عيدان شتى منها ما يثمر ومنها ما لا يثمر فسل ربك أن يلبس كل شجرة منها لحاها وينبت فيها ورقتها وثمرها فإن فعل ذلك فإني أصدقك فوضع جرجيس ركبتيه على الأرض ودعا ربه تعالى فما برح مكانه حتى أثمر كل عود فيها ثمرة فأمر به الملك فمد بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه فنشر حتى سقط المنشار من تحت رجليه ثم أمر بقدر عظيمة فألقي فيها زفت وكبريت ورصاص وألقي فيها جسد جرجيس فطبخ حتى اختلط ذلك كله جميعا فاظلمت الأرض لذلك وبعث الله إسرافيل فصاح صيحة خر منها الناس لوجوههم ثم قلب إسرافيل القدر، فقال: قم يا جرجيس بإذن الله تعالى فقام حيا سويا بقدرة الله تعالى وانطلق جرجيس إلى الملك، فلما رآه الناس عجبوا منه فجاءته امرأة وقالت: أيها العبد الصالح كان لنا ثور نعيش به فمات فقال لها جرجيس: خذي عصاي هذه فضعيها على ثورك وقولي: إن جرجيس يقول: قم بإذن الله ففعلت فقام حيا فآمنت بالله، فقال الملك إن تركت هذا الساحر أهلك قومي فاجتمعوا كلهم أن يقتلوه فأمر به أن يخرج ويقتل بالسيف فقال جرجيس لما أخرج: لا تعجلوا علي، اللهم إن أهلكت أنت عبدة الأوثان أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبرا لمن يتقرب إليك عند كل هول وبلاء ثم ضربوا عنقه ومات ثم أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلهم.(5) الخبر التاسع: في الدمعة عن أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) إنه قال للمتوكل: أعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما حج حجة الوداع فنزل بالأبطح بعد فتح مكة فلما جن عليه الليل أتى القبور قبور بني هاشم وقد ذكر أباه وأمه وعمه أبا طالب (عليه السلام) فدخله حزن عظيم عليهم ورقد فأوحى الله إليه أن الجنة محرمة على من أشرك بي وأني أعطيك يا محمد ما لم أعطه أحدا غيرك فادع أباك وأمك وعمك فإنهم يجيبونك ويخرجون من قبورهم أحياء لا يمسهم عذابي كرامتك علي فادعهم إلى الإيمان بالله وإلى رسالتك وموالاة أخيك علي والأوصياء منه إلى يوم القيامة فيجيبونك ويؤمنون بك فأهب لك كل ما سألت وأجعلهم ملوك الجنة كرامة لك يا محمد، فرجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: قم يا أبا الحسن فقد أعطاني ربي هذه الليلة ما لم يعطه أحدا من خلقه في أبي وأمي وأبيك عمي، وحدثه بما أوحى الله إليه وخاطبه به وأخذ بيده وصار إلى قبورهم ودعاهم إلى الإيمان بالله وبرسوله وبأمير المؤمنين والأئمة منه واحدا بعد واحد إلى يوم القيامة، فقال لهم رسول الله: عودوا إلى الله ربكم وإلى الجنة فقد جعلكم الله ملوكها فعادوا إلى قبورهم صلوات الله عليهم... الخبر، كذا في تفسير علي بن إبراهيم باختلاف يسير.(6) الخبر العاشر: عن الخرايج كان لبعض الأنصار عناق فذبحها وقال لأهله اطبخوا بعضا واشووا بعضا فلعل رسولنا يشرفنا ويحضر بيتنا الليلة ويفطر عندنا وخرج إلى المسجد وكان له ابنان صغيران وكانا يريان أن أباهما يذبح العناق فقال أحدهما للآخر: تعال حتى أذبحك فأخذ السكين فذبحه، فلما رأتهما الوالدة صاحت فعدا الذابح وهرب فوقع من الغرفة فمات فسترتهما وطبخت وهيأت الطعام، فلما دخل النبي دار الأنصاري نزل جبرئيل وقال: يا رسول الله استحضر ولديه فخرج أبوهما يطلبهما، فقالت والدتهما: ليسا حاضرين، فرجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبره بغيبتهما فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا بد من إحضارهما فخرج إلى أمهما فأطلعته على حالهما فأخذهما إلى مجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فدعا الله فأحياهما وعاشا سنين.(7) الخبر الحادي عشر: في الدمعة عن ميثم التمار أن أعرابيا دخل على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال إني رسول إليك من ستين ألف رجل يقال لهم العقيمة وقد حملوا معي ميتا مذ مدة وقد اختلفوا في سبب موته وهو بباب المسجد فإن أحييته علمنا أنك صادق نجيب الأصل وتحققنا أنك حجة الله في أرضه وخليفة محمد على خلقه إلى أن قال: فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): كم لميتكم هذا؟ قال: واحد وأربعون يوما، قال: وسبب موته؟ قال الإعرابي: يا علي إن أهله يريدون أن تحييه فيخبرهم من قتله لأنه بات سالما وأصبح مذبوحا من أذنه إلى أذنه ويطالب بدمه خمسون رجلا يقصد بعضهم فاكشف الشك والريب يا أخا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الإمام: قتله عمه لأنه زوجه ابنته فخلاها وتزوج بغيرها فقتله حنقا عليه فقال الإعرابي: لسنا نقطع بقولك فإنا نريد أن يشهد الغلام لنفسه عند أهله من قتله لترتفع الفتنة والسيف والقتال، فعند ذلك قام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلى عليه وقال (عليه السلام): يا أهل الكوفة ما بقرة بني إسرائيل بأجل عند الله مني قدرا وأنا أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحييت بها ميتا بعد سبعة أيام، ثم دنا أمير المؤمنين (عليه السلام) من الميت وقال: إن بقرة بني إسرائيل ضرب بعضها على الميت وعاش وإني لأضرب هذا الميت ببعضي لأن بعضي خير من البقرة كلها ثم هزه برجله اليمنى وقال: قم بإذن الله يا مدركة بن حنظلة بن غسان بن بحير بن قهرب بن سلامة بن الطيب بن الأشعث فقد أحياك الله على يد علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال ميثم التمار: فنهض غلام أضوء من الشمس أضعافا ومن القمر أوصافا فقال: لبيك لبيك يا حجة الله على الأنام المتفرد بالفضل والإنعام فعند ذلك قال: يا غلام من قتلك؟ قال: قتلني عمي الحارث بن غسان، قال له الإمام: انطلق إلى قومك فأخبرهم بذلك، فقال له: يا مولاي لا حاجة بي إليهم أخاف أن يقتلوني مرة أخرى ولا يكون عندي من يحييني، قال: فالتفت الإمام إلى صاحبه وقال له: امض إلى أهلك فأخبرهم، قال: يا مولاي والله لا أفارقك، بل أكون معك حتى يأتي الله بأجلي من عنده فلعن الله من اتضح له الحق وجعل بينه وبين الحق سترا، ولم يزل بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى قتل بصفين، ثم إن أهل الكوفة رجعوا إلى الكوفة واختلفوا أقوالا فيه.(8) الخبر الثاني عشر: في الدمعة عن رجال الكشي عن أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي قال: رأيت رجلا من يعرف بأبي زينبه فسألني عن أحكم بن بشار المروزي عن قصته وعن الأثر الذي في حلقه، وقد كنت رأيت في بعض حلقه شبه الخيط كأنه أثر الذبح فقلت له: قد سألته مرارا فلم يخبرني قال: فقال كنا سبعة نفر في حجرة واحدة ببغداد في زمان أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فغاب عنا أحكم من عند القصر ولم يرجع إلينا في تلك الليلة، فلما كان في جوف الليل جاء لنا توقيع من أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أن صاحبكم الخراساني مذبوح مطروح في لبد (9) في مزبلة كذا وكذا فأذهبوا وداووه بكذا وكذا فذهبنا ووجدناه مذبوحا مطروحا كما قال (عليه السلام) فحملناه فداويناه بما أمر به فبرئ من ذلك. قال أحمد بن علي: كانت قصته أنه تمتع ببغداد في دار قوم فعلموا به وأخذوه وذبحوه ودرجوه في لبد وطرحوه في مزبلة. قال أحمد: وكان أحكم إذا ذكر عنده الرجعة فأنكرها أحد يقول: أنا أحد المكرورين.(10) الخبر الثالث عشر: في الدمعة عن مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف كانت ولادة فاطمة؟ قال (عليه السلام): نعم، إن خديجة (عليها السلام) لما تزوج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هجرتها نسوان مكة فلم يدخلن عليها ولم يسلمن ولا تركن امرأة تدخل عليها، واستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمها حذرا عليه، فلما حملت بفاطمة (عليها السلام) كانت فاطمة تحدثها في بطنها وتصبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة فقال: يا خديجة هذا جبرئيل يخبرني أنها أنثى وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وأن الله تبارك وتعالى جعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة يجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه فلم تزل خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء فأرسلن إليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب، فقيرا لا مال له فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا فاغتمت خديجة لذلك، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة إنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثوم أخت موسى بن عمران بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهرة.(11) الخبر الرابع عشر: وفيه عن قصص الراوندي عن ابن عباس في حديث طويل إلى أن قال: ثم إن إلياس نزل واستخفى عند أم يونس بن متى ستة أشهر ويونس مولود ثم عاد إلى مكانه فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب إلياس ورقت الجبال حتى وجدت إلياس فقالت: إني فجعت بموت ابني وألهمني الله عز وجل الاستشفاع بك إليه ليحيي لي ابني فإني تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه فقال لها: ومتى مات ابنك؟ قالت: اليوم سبعة أيام، فانطلق إلياس وصار سبعة أيام أخرى حتى انتهى إلى منزلها فرفع يديه بالدعاء واجتهد حتى أحيى الله تعالى جلت عظمته بقدرته يونس، فلما عاش انصرف الياس، ولما صار ابن أربعين سنة أرسله الله تعالى إلى قومه كما قال *(وأرسلناه إلى مأة ألف أو يزيدون)* الحديث(12).(13) الخبر الخامس عشر: عن تفسير علي بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن قال: ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها فدخلت المسجد ومعي جبرائيل إلى جنبي فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله قد جمعوا إلي وأقيمت الصلاة ولا أشك إلا وجبرئيل يستقدمنا، فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدمني وأممتهم ولا فخر، وفيه دلالة على أن إبراهيم وموسى وعيسى والأنبياء جميعا رجعوا إلى الدنيا وأحياهم الله تعالى في ليلة الإسراء ليصلوا مع رسول الله.(14)
الفرع الثاني: في الآيات القرآنية المشعرة بالرجعة عموما
الآية الأولى: في سورة المائدة قوله تعالى: *(اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين).(15) (عن المنتخب) سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: *(وجعل منكم أنبياء)* قال: الأنبياء رسول الله وإبراهيم وإسماعيل وذريته والملوك الأئمة قيل له: وأي ملك أعطيتم؟ فقال: ملك الجنة وملك الكرة.(16)
الآية الثانية: قوله تعالى في سورة الأعراف: *(إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين).(17) (عن الكافي) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن الأرض يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا من أحيى أرضنا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو خراجها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل حتى يظهر القائم (عج) من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما أخرج رسول الله ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم.(18)
الآية الثالثة: قوله تعالى في سورة الرعد: *(ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى)(19) الآية. (عن الكافي) عن أحمد بن حماد عن أبيه عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن النبي ورث النبيين كلهم؟ قال: نعم، قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: ما بعث الله نبيا إلا ومحمد أعلم منه، قال: قلت: إن عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى؟ قال: صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله يقدر على هذه المنازل إلى أن قال: وإن الله يقول في كتابه *(ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى)(20) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى... الحديث.(21)
الآية الرابعة: قوله تعالى في سورة الحجر: *(قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم).(22) عن كتاب منتخب البصائر وتفسير البرهان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن إبليس قال: أنظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه وقال: إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشيائه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقلت: وإنها لكرات؟ قال: نعم إنها لكرات وكرات، ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن من الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال لها الروحا قريبا من كوفتكم فيقتتلون قتالا لم يقتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين. ورواية أخرى في المحجة في ذيل هذه الآية في الغصن الذي فيه الآيات المؤولة بقيام القائم (عليه السلام).(23)
الآية الخامسة: قوله تعالى في سورة بني إسرائيل *(فإذا جاء وعد أوليهما)* إلى قوله تعالى: *(وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)(24) عن المقتضب وتفسير البرهان عن سلمان قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فلما نظر إلي قال: يا سلمان إن الله عز وجل لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا، قال: قلت يا رسول الله لقد عرفت هذا من أهل الكتابين؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان فهل علمت من نقبائي الاثنا عشر الذين اختارهم الله للإمامة من بعدي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعته وخلق من نوري نور علي (عليه السلام) فدعاه إلى طاعته فأطاعه وخلق من نوري ونور علي فاطمة (عليها السلام) فدعاها فأطاعته وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسن والحسين فدعاهما فأطاعاه فسمانا الله عز وجل بخمسة أسماء من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمد والله العلي وهذا علي والله فاطر وهذه فاطمة والله (قديم) الإحسان وهذا الحسن والله المحسن وهذا الحسين، ثم خلق منا ومن نور الحسين (عليه السلام) تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوا قبل أن يخلق الله عز وجل سماء مبنية أو أرضا مدحية أو هواء أو ماء أو ملكا أو بشرا وكنا بعلمه أنوارا نسبحه ونسمع له ونطيع، فقال سلمان: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فوالى وليهم وتبرأ من عدوهم فهو والله منا، يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن، قال قلت: يا رسول الله فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يا سلمان، قلت: يا رسول الله فأنى لي بهم قد عرفت إلى الحسين؟ قال: ثم سيد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين من النبيين والمرسلين ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله ثم محمد بن علي المختار من خلق الله ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ثم الحسن بن علي الصامت الأمين على سر الله ثم فلان سماه باسمه ابن الحسن المهدي (عج) الناطق القائم بحق الله، قال سلمان: فبكيت ثم قلت: يا رسول الله فأنى لسلمان بإدراكهم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان إنك مدركهم وأمثالك ومن تولاهم بحقيقة المعرفة فشكرت الله كثيرا، ثم قلت: يا رسول الله إني مؤجل إلى عهدهم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان اقرأ *(فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نقيرا)(25) قال سلمان: فاشتد بكائي وشوقي وقلت: يا رسول الله بعهد منك؟ فقال: إي والذي أرسل محمدا إنه لبعهد مني وبعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة أئمة وكل من هو منا ومظلوم فينا إي والله يا سلمان ثم ليحضرن إبليس وجنوده وكل من محض الإيمان محضا ومحض الكفر محضا حتى يؤخذ بالقصاص والأوتار (26) ولا يظلم ربك أحدا ونحن (27) تأويل هذه الآية: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)(28) قال سلمان (رضي الله عنه): فقمت من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما يبالي سلمان متى لقي الموت أو لقيه الموت.(29)
الآية السادسة: قوله تعالى في سورة طه: *(إن في ذلك لآيات لأولى النهى)(30) عن القمي عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: *(إن في ذلك لآيات لأولي النهى)* قال: نحن والله أولي النهى، فقلت: جعلت فداك وما معنى أولي النهى؟ قال: ما أخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها والآخر من بعده والثالث من بعدهما وبني أمية فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) وكما انتهى إلينا من علي فيما يكون من بعده من الملك في بني أمية وغيرهم، فهذه الآية التي ذكرها الله تعالى في الكتاب *(إن في ذلك لآيات لأولي النهى)* الذي انتهى إلينا علم هذا كله فصبرنا لأمر الله فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه نخزنه ونستره ونكتم به من عدونا كما كتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أذن الله له في الهجرة وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول الله حتى يأذن الله لنا في إظهار دينه بالسيف وندعو الناس إليه فنضربهم عليه عودا كما ضربهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدءا.(31)
الآية السابعة: قوله تعالى في سورة الأنبياء: *(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر إن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين)(32) عن تأويل الآيات عن أبي جعفر (عليه السلام): الصالحون هم آل محمد، العابدون هم شيعتنا.(33) وعن البحار والعوالم أخبر الله تعالى نبيه في كتابه ما يصيب أهل بيته بعده من القتل والغصب والبلاء ثم يردهم إلى الدنيا ويقتلون أعداءهم ويملكهم الأرض وهو قوله تعالى: *(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر إن الأرض يرثها عبادي الصالحون)(34) وقوله: *(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات)(35) الآية.(36)
الآية الثامنة: قوله تعالى في سورة الحج: *(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير).(37) عن كامل الزيارة في الباب الثامن عشر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: *(أذن للذين يقاتلون)* الآية قال: في القائم وأصحابه.(38) وإذن ماض، ومعلوم أن مضارعا متحققا وقوعه بمنزلة الماضي.
الآية التاسعة: قوله تعالى *(الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)(39) عن تفسير القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) الآية لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آخر الأئمة والمهدي (عج) وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الدين ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهاء الحق، لا يرى أثر الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.(40)
الآية العاشرة: قوله تعالى في سورة النور: *(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا)(41) دلت الآية بمنطوقها على وعد الله باستخلاف من اتصف بهذه الصفات وليس هو إلا الأئمة (عليهم السلام) وحيث إنهم صلوات الله عليهم لم يحصل لهم التمكين التام فيما مضى بالبداهة لغلبة الظالمين والمنافقين فدار الأمر بين أن يخلف وعده أو ينجزه، لا سبيل إلى الأول لاستلزامه الكفر فتعين الثاني، ولما لم يحصل فيما مضى تعين أن يكون إنجاز هذا الوعد بالرجعة فثبت المطلوب منها وتكون نصا في الرجعة وبه صرح غير واحد. وعن مناقب الطاهرين للشيخ الجليل الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الطبري المازندراني بعد ذكر الآية أن من دور آدم إلى يومنا هذا لم يمكن أصلا أن جميع العالم يعبدون الله تعالى وليس يشركون به فعلم من هنا أن هذه الحال منتظرة بدليل أنه تعالى ذكر ذلك بلفظ الاستقبال بالسين وفيه تراخ واستقبال أيضا وليس للمخالف أن يقول المراد به الخلفاء الثلاثة لأن في زمانهم كانت الدنيا مملوءة من الشرك وقليل من الإسلام ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر نقلا عن كتبهم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي يواطئ اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.(42) وعن الكافي عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: *(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم)* قال: هم الأئمة (عليهم السلام).(43)
الآية الحادية عشرة: قوله تعالى في سورة الشعراء: *(إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين)(44) عن تأويل الآيات عن ابن عباس: هذه نزلت فينا وفي بني أمية تكون لنا عليهم دولة تذل أعناقهم لنا بعد صعوبة، وهوان بعد عز.(45)
الآية الثانية عشرة: قوله تعالى في سورة النمل: *(سيريكم آياته فتعرفونها)(46) عن القمي: الآيات أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا، انتهى.(47)
الهوامش
(1) أصول الكافي: 2 / 318 ح 11.
(2) بحار الأنوار: 14 / 7.
(3) كمال الدين: 131 ح 1 باب 1.
(4) مسكن الفؤاد: 69.
(5) قصص الأنبياء للثعلبي: 243 والكامل لابن الأثير: 1 / 214، والبحار: 14 / 445.
(6) مدينة المعاجز: 7 / 536 والهداية الكبرى: 65 وحلية الأبرار: 2 / 460.
(7) الخرائج والجرائح: 927 بتفاوت.
(8) مدينة المعاجز: 1 / 251 وفيه: عمي حريث بن رفعة بدل الحارث بن غسان.
(9) اللبد: بساط من صوف أو غيره يجعل على ظهر الفرس.
(10) مناقب آل أبي طالب: 3 / 501.
(11) دلائل الإمامة: 77 وأمالي الصدوق: 691.
(12) سورة الصافات: 147.
(13) مجمع البيان: 8 / 457.
(14) تفسير القمي: 2 / 3 مطلع سورة بني إسرائيل.
(15) سورة المائدة: 20.
(16) مختصر البصائر: 28 والبرهان: 1 / 255 ح 2.
(17) سورة الأعراف: 128.
(18) الكافي: 1 / 407 ح 1.
(19) سورة الرعد: 31.
(20) سورة الرعد: 31.
(21) الكافي: 1 / 226 ح 7.
(22) سورة الحجر: 36 - 38.
(23) مختصر الدرجات: 27 ومدينة المعاجز: 3 / 101.
(24) سورة الإسراء: 6.
(25) سورة الإسراء: 5 - 6.
(26) في بعض النسخ نسخ المصدر زيادة: والأثوار.
(27) في المصدر: ويحقق.
(28) سورة القصص: 5 - 6.
(29) دلائل الإمامة: 448.
(30) سورة طه: 54.
(31) تفسير القمي: 2 / 61.
(32) سورة الأنبياء: 105 - 106.
(33) تأويل الآيات: 1 / 332.
(34) سورة الأنبياء: 105.
(35) سورة النور: 55.
(36) البحار: 53 / 117 عن علل الشرائع لمحمد بن علي بن إبراهيم.
(37) سورة الحج: 39.
(38) في كامل الزيارات المطبوع: 135 أنها في علي والحسن والحسين، وفي غيبة النعماني: 241، إنها في القائم وأصحابه.
(39) سورة الحج: 41.
(40) تفسير القمي: 1 / 108.
(41) سورة النور: 55.
(42) مناقب أمير المؤمنين: 2 / 173.
(43) الكافي: 1 / 193 ح 3.
(44) سورة الشعراء: 4.
(45) تأويل الآيات: 1 / 386، وبحار الأنوار: 53 / 109.
(46) سورة النمل: 93.
(47) مختصر البصائر: 44 وتفسير القمي: 1 / 479.
******************
الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى في سورة القصص *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).(1) عن مجمع البيان قد صحت الرواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس (2) على ولدها، وتلا عقيب ذلك: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض)* الآية. وروى العياشي بالإسناد عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: هذا والله من الذين قال الله: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض)* الآية، انتهى.(3) وفي حديث مفضل بن عمر المذكور سابقا عن الصادق (عليه السلام): ثم يظهر السيد الأكبر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في أنصاره والمهاجرين إليه ومن آمن به وصدقه واستشهد معه ويحضر مكذبوه والشاكون فيه والمكفرون له والقائلون فيه: إنه ساحر وكاهن ومجنون ومعلم وشاعر وناطق عن الهوى، ومن حاربه وقاتله حتى يقتص منهم بالحق ويجازون بأفعالهم منذ وقت رسول الله إلى وقت ظهور المهدي مع إمام إمام وكل وقت وقت ويحق تأويل هذه الآية: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).
قال المفضل: قلت: يا سيدي من هامان وفرعون؟ قال (عليه السلام): الأول والثاني ينبشان ويحييان إلى أن قال: لكأني أنظر يا مفضل إلى معاشر الأئمة ونحن بين يدي جدنا رسول الله نشكو إليه ما نزل بنا من الأمة بعده وما نالنا من التكذيب والرد علينا وسبنا ولعننا وتخويفنا بالقتل، وقصد طواغيتهم الولاة لأمورهم إيانا من دون الأمة بترحلنا من حرمه إلى دار ملكهم وقتلهم إيانا بالسم والحبس والكيد العظيم فيبكي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: ما نزل بكم إلا ما نزل بجدكم قبلكم ولو علمت طواغيتهم وولاتهم أن الحق والهدى والإيمان والوصية في غيركم لطلبوه. وعن البرهان عن الباقر والصادق (عليهما السلام): إن فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا.(4)
الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: *(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)(5) عن القمي عن علي بن الحسين: في هذه الآية يرجع إليكم نبيكم وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة (عليهم السلام).(6)
الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى في سورة التنزيل: *(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)(7) في حديث المفضل سئل الصادق (عليه السلام) عن هذه الآية: يا مولاي فما العذاب الأدنى وما العذاب الأكبر؟ قال الصادق (عليه السلام): العذاب الأدنى عذاب الرجعة والعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة الذي تبدل الأرض غير الأرض وبرزوا لله الواحد القهار.(8)
الآية السادسة عشرة: قوله تعالى في سورة المؤمن: *(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)(9) عن القمي عن جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت قول الله تعالى: *(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)* قال: ذلك والله في الرجعة أما علمت أن أنبياء الله كثير لم ينصروا في الدنيا وقتلوا، والأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا وذلك في الرجعة.(10) وكذا في منتخب البصائر مثله.(11)
الآية السابعة عشرة: قوله تعالى: *(ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون).(12) عن القمي: يريكم آياته يعني أمير المؤمنين والأئمة في الرجعة فإذا رأوهم قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين أي جهدنا بما أشركناهم فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون.(13)
الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى في سورة الزخرف: *(وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)(14) يعني فإنهم يرجعون أي الأئمة إلى الدنيا.(15)
الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى في سورة الأحقاف: *(ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)(16) عن القمي: *(الإنسان)* رسول الله، *(بوالديه)* إنما عني الحسن والحسين (عليهما السلام) ثم عطف على الحسين فقال: *(حملته أمه كرها)* ووضعته كرها وذلك أن الله أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبشره بالحسين قبل حمله وأن الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة، ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده، ثم عوضه بأن جعل الإمامة في عقبه وأعلمه أنه يقتل ثم يرده إلى الدنيا وينصره حتى يقتل أعداءه ويملكه الأرض وهو قوله تعالى: *(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض)(17) الآية، وقوله تعالى: *(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر إن الأرض يرثها عبادي الصالحون)(18) فبشر الله تعالى نبيه أن أهل بيتك يملكون الأرض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (عليها السلام) بخبر الحسين وقتله فحملته كرها، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): فهل رأيتم أحدا يبشر بولد ذكر فتحمله كرها أي إنها اغتمت وكرهت لما أخبرت بقتله ووضعته كرها لما علمت من ذلك وكان بين الحسن والحسين طهر واحد وكان الحسين في بطن أمه ستة أشهر وفصاله أربعة وعشرون شهرا وهو قول الله تبارك وتعالى: *(وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)(19).(20)
الآية العشرون: قوله تعالى في سورة الشمس: *(والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها)(21) في تفسير الفرات عن قول الله تعالى: *(والشمس وضحيها)* قال: محمد رسول الله: *(والقمر إذا تليها)* قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): *(والنهار إذا جليها)* هم آل محمد صلوات الله عليهم وهما الحسن والحسين.(22) (وفيه) أيضا عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال الحارث الأعور للحسين (عليه السلام): يا بن رسول الله جعلت فداك أخبرني عن قول الله في كتابه *(والشمس وضحيها)* قال: ويحك يا حارث ذاك محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قلت: جعلت فداك قوله *(والقمر إذا تليها)* قال ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يتلو محمدا، قال: قلت: قوله *(والنهار إذا جليها)* قال (عليه السلام): ذاك القائم (عج) من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يملأ الأرض عدلا وقسطا.(23)
الفرع الثالث: في الآيات المؤولة بالرجعة المطلقة
الآية الأولى: قوله تعالى في سورة البقرة: *(الذين يؤمنون بالغيب)(24) عن مشارق الأنوار: الغيب ثلاثة: يوم الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي أيام آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).(25) الآية الثانية: قوله تعالى في سورة آل عمران: *(ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم أو قت لتم لألى الله تحشرون)(26) في الدمعة عن منتخب البصائر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) سئل عن قول الله *(ولئن قتلتم)* الخ فقال: يا جابر أتدري ما سبيل الله؟ قلت: لا والله إلا إذا سمعت منك، فقال: القتل في سبيل الله علي وذريته، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله وليس أحد يؤمن بهذه الآية إلا وله قتلة وميتة، أنه من قتل فينشر حتى يموت ومن مات ينشر حتى يقتل.(27) أقول: لعل المراد بالحشر(28) الرجعة.
الآية الثالثة: قوله تعالى في سورة البقرة: *(ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون)(29) عن مجمع البيان: استدل قوم من أصحابنا بهذه الآية على جواز الرجعة وقول من قال إن الرجعة لا تجوز إلا في زمن النبي لتكون معجزا له ودلالة على نبوته باطل لأن عندنا، بل عند أكثر الأمة يجوز إظهار المعجزات على أيدي الأئمة والأولياء، والأدلة على ذلك مذكورة في كتب الأصول. أقول: ويعلم من قوله *(لعلكم تشكرون)* أن الشكر إنما يكون لكونها دار التكليف وإنما يقع الشكر منهم لرجعتهم والتشفي لمن ينتقم وهو ساقط عنهم يوم القيامة فيكون ذلك دليلا على وقوعه في الرجعة فإنها حق.(30)
الآية الرابعة: قوله تعالى في سورة آل عمران: *(كل نفس ذائقة الموت)(31) في الدمعة عن تفسير كنز الدقايق عن زرارة: قلت للباقر (عليه السلام): فإن الله يقول *(كل نفس ذائقة الموت)* من قتل لم يذق الموت، قال: لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت.(32) وعن تفسير نور الثقلين عن أبي جعفر (عليه السلام): *(كل نفس ذائقة الموت)* أو منشورة نزل بها على محمد ليس أحد من هذه الأمة إلا وينشر فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة عين، وأما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم.(33)
الآية الخامسة: قوله تعالى في سورة النساء: *(وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا)(34) عن تفسير الكشاف قيل: الضمير متعلق بعيسى بمعنى وإن منهم أحد إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمان نزوله، روي أنه ينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به حتى تكون الملة واحدة فهي ملة الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال وتقع الآمنة حتى ترتع الأسود مع الإبل والنسور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات ويلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.(35) وعن تفسير علي بن إبراهيم عن شهر بن حوشب قال: قال لي الحجاج: يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت: أيها الأمير أية آية؟ فقال: قوله *(وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته)* والله إني لآمر اليهودي والنصراني فيضرب(36) عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت قال: كيف هو؟ قلت: إن عيسى (عليه السلام) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة، يهودي ولا غيره إلا آمن قبل موته ويصلي خلف المهدي، قال: ويحك أنى لك هذا ومن أين جئت؟ فقلت: حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فقال: جئت بها والله من عين صافية.(37)
الآية السادسة: قوله تعالى في سورة الأعراف: *(ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون)(38) في الدمعة عن الطبرسي اختلفت في هذه من هم على أقوال أحدها أنهم قوم من وراء الصين وبينهم وبين الصين واد جار من الرمل لم يعبروا ولم يبدلوا.(39) وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، إلى أن قال: وقيل: إن جبرئيل انطلق بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به وصدقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويتركوا السبت وأمرهم بالصلاة والزكاة ولم تكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا، ثم قال (رحمه الله): وروى أصحابنا أنهم يخرجون مع قائم آل محمد.(40) وعن المفيد في الإرشاد عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يخرج مع القائم من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد بن الأسود ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما.(41) وعن تفسير البرهان عن مفضل عنه (عليه السلام) قريب من هذا باختلاف يسير.(42)
الآية السابعة: قوله تعالى في سورة التوبة: *(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا)(43) الآية، عن الشيخ حسن بن سليمان في منتخب البصائر عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: *(إن الله اشترى من المؤمنين)* الخ فقال: ذلك في الميثاق ثم قرأت *(التائبون العابدون)(44) فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا تقرأ هكذا ولكن اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخر الآية، ثم قال: إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هم الذين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم يعني الرجعة.(45) ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): ما من مؤمن إلا وله ميتة وقتلة، من مات بعث حتى يقتل ومن قتل بعث حتى يموت.(46)
الآية الثامنة: قوله تعالى في سورة يونس: *(بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين)(47) عن علي بن إبراهيم في هذه الآية قال: نزلت في الرجعة كذبوا بها أي إنها لا تكون، ثم قال: ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين.(48)
الآية التاسعة: قوله تعالى: *(وأما نرينك بعض الذي نعدهم)(49) الآية في الدمعة عن تفسير علي بن إبراهيم *(وأما نرينك)* يا محمد بعض الذي نعدهم من الرجعة وقيام القائم أو نتوفينك قبل ذلك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون.(50)
الآية العاشرة: قوله تعالى: *(ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به)(51) الآية. عن علي بن إبراهيم، ثم قال: ولو أن لكل نفس ظلمت آل محمد حقهم ما في الأرض جميعا لافتدت به في ذلك الوقت يعني الرجعة.(52)
الآية الحادية عشرة: قوله تعالى في سورة هود: *(ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة)(53) عن تفسير علي بن إبراهيم إن متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم فنردهم ونعذبهم ليقولوا ما يحبسه أي يقولوا لو يقوم القائم ولا يخرج على حد الاستهزاء فقال الله تعالى: *(ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا يستهزؤون)(54) والأمة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر.(55)
الآية الثانية عشرة: قوله تعالى في سورة إبراهيم: *(وذكرهم بأيام الله)(56) عن منتخب البصائر عن أبي عبد الله (عليه السلام): أيام الله ثلاثة، يوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة.(57) وعن البرسي: أن يوم القائم يوم آل محمد ويوم الكرة يوم آل محمد ويوم القيامة يوم آل محمد، لأنهم الشهداء على الأمم في دار الفناء والشفعاء لمسيئي شيعتهم في دار البقاء فمن لم يؤمن بيوم القيامة لم يؤمن بالله فأولئك هم الكافرون.(58)
الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى في سورة النحل: *(والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون إيان يبعثون إلهكم إله واحدا فالذين لا يؤمنون)(59) الآية عن تفسير البرهان عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن هذه الآية والذين يدعون الخ قال (عليه السلام): *(الذين يدعون من دون الله)* الأول والثاني والثالث كذبوا رسول الله بقوله: والوا عليا واتبعوه، فعادوا عليا ولم يوالوه ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم فذلك قول الله *(والذين يدعون من دون الله)* قال: وأما قوله *(لا يخلقون شيئا)* لا يعبدون شيئا *(وهم يخلقون)* يعني وهم يعيدون وأما قوله: *(أموات غير أحياء)* يعني كفار غير مؤمنين، وأما قوله: *(وما يشعرون أيان يبعثون)* فإنه يعني أنهم لا يؤمنون أنهم يشركون *(إلهكم إله واحد)* فإنه كما قال الله، وأما قوله: *(فالذين لا يؤمنون)* فإنه يعني لا يؤمنون بالرجعة أنها حق... الخبر.(60) وعن تفسير علي بن إبراهيم عن أبي جعفر (عليه السلام) قريب من هذا.(61)
الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: *(هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)(62) عن القمي: أو يأتي أمر ربك من العذاب والموت وخروج القائم.(63) الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى: *(فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن)(64) عن القمي: من العذاب في الرجعة.(65)
الهوامش
(1) سورة القصص: 5 - 6.
(2) الضروس: الناقة يموت ولدها أو يذبح فيحشى جلده فتدنو منه وتعطف عليه.
(3) مجمع البيان: 4 / 239 ونهج البلاغة: 4 / 47 (محمد عبده).
(4) تفسير البرهان: 3 / 220 ح 1، والمحجة: 168.
(5) سورة القصص: 85.
(6) تفسير القمي: 2 / 147.
(7) سورة السجدة: 21.
(8) بحار الأنوار: 53 / 29.
(9) سورة غافر: 51.
(10) تفسير القمي: 2 / 258.
(11) مختصر بصائر الدرجات: 45.
(12) سورة غافر: 81.
(13) تفسير القمي: 2 / 256 بلفظ: يعني الأئمة.
(14) سورة الزخرف: 28.
(15) تفسير القمي.
(16) سورة الأحقاف: 15.
(17) سورة القصص: 6.
(18) سورة الأنبياء: 105.
(19) سورة الأحقاف: 15.
(20) تفسير القمي: 2 / 297.
(21) سورة الشمس: 2.
(22) تفسير العياشي: 2 / 257.
(23) المصدر السابق.
(24) سورة البقرة: 3.
(25) مشارق أنوار اليقين: 295 ط. الأعلمي بتحقيقنا.
(26) سورة آل عمران: 157 - 158.
(27) تفسير العياشي: 1 / 202.
(28) بالنشر.
(29) البقرة: 56.
(30) مجمع البيان: 1 / 223.
(31) سورة آل عمران: 185.
(32) تفسير كنز الدقائق: 2 / 249 وتفسير العياشي: 1 / 202.
(33) تفسير كنز الدقائق: 2 / 305.
(34) سورة النساء: 159.
(35) تفسير كنز الدقائق: 2 / 679، وقصص الأنبياء لابن كثير: 2 / 467 بتفاوت.
(36) في بعض النسخ: فأضرب.
(37) تفسير القمي: 1 / 158.
(38) سورة الأعراف: 159.
(39) تفسير مجمع البيان: 4 / 376.
(40) تفسير مجمع البيان: 4 / 377.
(41) الكنى والألقاب: 1 / 66.
(42) إعلام الورى: 2 / 292 وكشف الغمة: 3 / 265.
(43) سورة التوبة: 111.
(44) سورة التوبة: 112.
(45) تفسير مجمع البيان: 4 / 376.
(46) تفسير العياشي: 2 / 112 - 113.
(47) سورة يونس: 39.
(48) تفسير القمي: 1 / 312.
(49) سورة يونس: 46.
(50) تفسير القمي: 2 / 261.
(51) يونس: 54.
(52) تفسير القمي: 1 / 312.
(53) سورة هود: 8.
(54) سورة هود: 8.
(55) تفسير القمي: 1 / 323.
(56) سورة إبراهيم: 5.
(57) تفسير نور الثقلين: 2 / 526 ح 7.
(58) مشارق أنوار اليقين: 295.
(59) سورة النحل: 20.
(60) تفسير العياشي: 2 / 257.
(61) تفسير القمي: 1 / 383.
(62) سورة النحل: 33.
(63) تفسير القمي: 1 / 385.
(64) سورة النحل: 34.
(65) تفسير القمي: 1 / 385.
******************
الآية السادسة عشرة: قوله تعالى: *(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا إنهم كانوا كاذبين)(1) عن تفسير القمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما تقول الناس فيها؟ قال: يقولون نزلت في الكفار، قال: إن الكفار لا يحلفون بالله وإنما نزلت في قوم من أمة محمد، قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيامة فيحلفون أنهم لا يرجعون فرد الله عليهم فقال ليبين للذين كفروا أنهم كانوا كاذبين يعني في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم.(2) وفي روضة الكافي والبرهان قريب من هذا.(3)
الآية السابعة عشرة: قوله تعالى في سورة بني إسرائيل: *(وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين)* إلى قوله: *(وكان وعدا مفعولا)(4) ، وقد ذكرناها مع شطر من الأخبار في الغصن الثاني من هذا الكتاب المؤولة بقيام القائم عجل الله فرجه.
الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى: *(ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا)(5) عن منتخب البصائر والبرهان عن أبي بصير عن أحدهما: في الآخرة أعمى قال: في الرجعة.(6)
الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى في سورة طه: *(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)(7) عن تفسير القمي ومنتخب البصائر عن معاوية بن عمار قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قول الله: *(فإن له معيشة ضنكا)* قال: هي والله للنصاب قال: جعلت فداك قد رأيتهم دهرهم الأطول في كفاية حتى ماتوا قال: ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة.(8)
الآية العشرون: قوله تعالى في سورة الأنبياء *(وحرام على قرية أهلكناها إنهم لا يرجعون)(9) عن تفسير القمي عن محمد بن مسلم عنهما قالا: كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة فهذه الآية من أعظم الدلالات في الرجعة لأن أحدا من أهل الإسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون إلى يوم القيامة من هلك ولم يهلك فقوله: لا يرجعون يعني في الرجعة فأما إلى يوم القيامة فيرجعون، وأما من محض الإيمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا فيرجعون.(10)
الآية الحادية والعشرون: قوله تعالى في سورة النمل: *(وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون)(11) الأخبار الواردة في ذيل الآية كثيرة منها ما عن تفسير القمي عن مفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني قال عمار: وأية آية هي؟ قال: قول الله *(وإذا وقع القول)* الآية، فأية دابة هذه؟ قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أريكها فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل تمرا وزبدا فقال: يا أبا اليقظان هلم فجلس عمار وأقبل يأكل معه فتعجب الرجل منه، فلما قام عمار قال الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظان حلفت أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينها، قال: قد أريتكها إن كنت تعقل.(12)
الآية الثانية والعشرون: قوله تعالى: *(ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون)(13) عن منتخب البصائر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: *(ويوم نحشر من كل أمة فوجا)* فقال: ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت ولا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل.(14) (وفيه) عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): هل ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت: نعم، قال: أما يقرأون *(ويوم نحشر من كل أمة فوجا)* الآية.(15)
الآية الثالثة والعشرون: قوله تعالى في سورة القصص: *(أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه)(16) عن تأويل الآيات قال: الموعود علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعده الله تعالى أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا أي وعده أن ينتقم من أعدائه في الرجعة ووعده الجنة له ولأوليائه في الآخرة.(17)
الآية الرابعة والعشرون: قوله تعالى: *(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)(18) عن القمي سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن جابر فقال: رحم الله جابرا بلغ من فقهه أنه كان يعرف تأويل الآية *(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)* يعني الرجعة.(19)
الآية الخامسة والعشرون: قوله تعالى في سورة الروم: *(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)(20) عن تفسير البرهان عن الصادق (عليه السلام) في قول الله *(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله)* قال: في قبورهم بقيام القائم عجل الله فرجه.(21)
الآية السادسة والعشرون: قوله تعالى: *(ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون)(22) عن الكافي عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل فتحيا الأرض لإحياء العدل، ولإقامة الحدود فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.(23)
الآية السابعة والعشرون: قوله تعالى في سورة يس *(قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون)(24) عن روضة الكافي عن الحسن بن شاذان الواسطي قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أشكو جفاء أهل واسط وحملهم علي وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني فوقع (عليه السلام) بخطه أن الله جل ذكره أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل، فاصبر لحكم ربك فلو قد قام سيد الخلق لقالوا: *(يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون)*. والمراد بسيد الخلق القائم المهدي الحجة ابن الحسن عجل الله ظهوره آمين ثم آمين.(25)
الآية الثامنة والعشرون: قوله في سورة التنزيل: *(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)(26) وعن منتخب البصائر في خبر جابر كما مر في آية كل نفس ذائقة الموت في سورة آل عمران عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: ما في هذه الأمة أحد بر ولا فاجر إلا سينشر، فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة أعينهم، وأما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم، ألم تسمع إن الله يقول: *(ولنذقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر)(27) وعن القمي: العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف *(لعلهم يرجعون)* يعني فإنهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا.(28) وعن منتخب البصائر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العذاب الأدنى دابة الأرض.(29)
الآية التاسعة والعشرون: قوله تعالى: *(أولم يروا إنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا)(30) إلى آخر السورة، عن القمي: الأرض الجرز الأرض الخراب وهو مثل ضربه الله في الرجعة والقائم، فلما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخبر الرجعة قالوا متى هذا الفتح إن كنتم صادقين فقال الله قل لهم يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم يا محمد وانتظر إنهم منتظرون.(31)
الآية الثلاثون: قوله تعالى في سورة المؤمن حاكيا عن المشركين *(ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل)(32) عن منتخب البصائر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت ويجري في القيامة، فبعدا للقوم الظالمين.(33) عن البحار عن الرضا (عليه السلام) والله ما هذه الآية إلا في الكرة.(34)
الآية الحادية والثلاثون: قوله تعالى في سورة السجدة: *(وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون)(35) الآية سيأتي تفسيرها في سورة الشمس إن شاء الله.
الآية الثانية والثلاثون: قوله تعالى في سورة الدخان: *(فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين - إلى - يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون)(36) عن القمي قال: ذلك إذا أخرجوا في الرجعة من القبر يغشى الناس كلهم الظلمة فيقولون: *(هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون)* فقال الله ردا عليهم: *(أنى لهم الذكرى)* في ذلك اليوم *(وقد جاءهم رسول مبين)* أي رسول قد بين لهم *(ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون)* قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله وأخذه الغشي فقالوا هو مجنون، ثم قال: *(إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون)* يعني إلى القيامة ولو كان قوله: *(يوم تأتي السماء بدخان مبين)* في القيامة لم يقل أنكم عائدون لأنه ليس بعد القيامة والآخرة حالة يعودون إليها، ثم قال: *(يوم نبطش البطشة الكبرى)* يعني في القيامة إنا منتقمون.(37)
الآية الثالثة والثلاثون: قوله تعالى في سورة الجاثية: *(قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله)(38) عن كتاب تأويل الآيات عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الأيام المرجوة ثلاثة يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم القيامة.(39)
الآية الرابعة والثلاثون: قوله تعالى في سورة ق: *(واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج)(40) عن تفسير القمي قال: ينادي المنادي باسم القائم (عج) واسم أبيه وقوله: *(يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج)* قال: صيحة القائم من السماء *(ذلك يوم الخروج)* هي الرجعة.(41)
الآية الخامسة والثلاثون: قوله تعالى: *(يوم تشقق الأرض عنهم سراعا)(42) عن القمي قال: في الرجعة.(43)
الآية السادسة والثلاثون: قوله تعالى في سورة الذاريات: *(يوم هم على النار يفتنون)(44) في منتخب البصائر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يكسرون في الكرة كما يكسر الذهب حتى يرجع كل شيء إلى شبهه يعني إلى حقيقته.(45)
الآية السابعة والثلاثون: قوله تعالى: *(وفي السماء رزقكم وما توعدون)(46) عن القمي المطر ينزل من السماء فيخرج به أقوات العالم من الأرض وما توعدون من أخبار الرجعة والقيامة والأخبار التي في السماء ثم أقسم عز وجل بنفسه فقال: *(فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون)(47) يعني ما وعدتكم.(48)
الآية الثامنة والثلاثون: قوله تعالى في سورة الطور: *(وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون)(49) عن القمي والبحار والعوالم وإن الذين ظلموا آل محمد حقهم عذابا دون ذلك قال: عذاب الرجعة بالسيف.(50)
الهوامش
(1) سورة النحل: 38 - 39.
(2) تفسير القمي: 1 / 385.
(3) الكافي: وتفسير البرهان: 2 / 368 ح 2.
(4) سورة الإسراء: 4 - 5.
(5) سورة الإسراء: 72.
(6) مختصر البصائر: 20.
(7) سورة طه: 124.
(8) تفسير القمي: 2 / 65.
(9) سورة الأنبياء: 95.
(10) تفسير القمي: 1 / 24.
(11) سورة النمل: 82.
(12) تفسير القمي: 2 / 131.
(13) سورة النمل: 83.
(14) منتخب البصائر: 25.
(15) المصدر السابق.
(16) سورة القصص: 61.
(17) تأويل الآيات: 1 / 422 وتفسير البرهان: 3 / 234 ح 2.
(18) سورة القصص: 85.
(19) تفسير القمي: 2 / 147.
(20) سورة الروم: 4 - 5.
(21) تفسير البرهان: 3 / 257 ح 2 والمحجة: 171.
(22) سورة الروم: 19.
(23) الكافي: 7 / 174 ح 2.
(24) سورة يس: 52.
(25) الكافي: 8 / 247 ح 346.
(26) سورة السجدة: 21.
(27) سورة السجدة: 21.
(28) تفسير القمي: 2 / 170.
(29) مختصر البصائر: 210 وتأويل الآيات: 2 / 444 ح 7.
(30) سورة السجدة: 27.
(31) تفسير القمي: 2 / 171.
(32) سورة غافر: 11.
(33) مختصر البصائر: 195.
(34) البحار: 53 / 144 ح 162.
(35) سورة فصلت: 17.
(36) سورة الدخان: 10 إلى 16.
(37) تفسير القمي: 2 / 290.
(38) سورة الجاثية: 14.
(39) تأويل الآيات: 2 / 576.
(40) سورة ق: 41 - 42.
(41) تفسير القمي: 2 / 327.
(42) سورة ق: 44.
(43) تفسير القمي: 2 / 327.
(44) سورة الذاريات: 13.
(45) مختصر البصائر: 28.
(46) سورة الذاريات: 22.
(47) سورة الذاريات: 23.
(48) تفسير القمي: 2 / 330.
(49) سورة الطور: 47.
(50) تفسير القمي: 2 / 170.
******************
الآية التاسعة والثلاثون: قوله تعالى في سورة النجم: *(والمؤتفكة أهوى)(1) عن القمي: المؤتفكة البصرة والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة يا جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فانهزمتم(2) ماؤكم زعاق وأحلامكم وفاق(3) وفيكم ختم النفاق ولعنتم على لسان سبعين نبيا، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرني أن جبرئيل أخبره أنه طوى له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين إلى الماء وأبعدها من السماء وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال المقيم فيها بذنب والخارج منها (متدارك) برحمة وقد ائتفكت بأهلها مرتين وعلى الله تمام الثالثة، وتمام الثالثة في الرجعة.(4)
الآية الأربعون: قوله تعالى في سورة الحديد: *(أعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها)(5) الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام): هو العدل بعد الجور.(6) في تأويل الآيات والإكمال باختلاف يسير عن أبي جعفر (عليه السلام): يعني بموتها كفر أهلها والكافر ميت فيحييها الله بالقائم (عج) فيعدل فيها فتحيا الأرض ويحيا أهلها بعد موتهم.(7)
الآية الحادية والأربعون: قوله تعالى في سورة الممتحنة: *(يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور)(8) في الدمعة عن تفسير كنز الدقائق في الآية *(قوما غضب الله)* يعني عامة الكفار وقيل اليهود، لأنها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود بأخبار المسلمين ليصيبوا من ثمارهم *(قد يئسوا من الآخرة)* لكفرهم بها أو لعلمهم بأن لا حظ لهم فيها الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات *(كما يئس الكفار من أصحاب القبور)* أن يبعثوا ويثابوا وينالهم خير منهم، وعلى الأول وضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على أن الكفر آيسهم.(9)
الآية الثانية والأربعون: قوله تعالى في سورة القلم: *(وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين سنسمه على الخرطوم)(10) في البحار قال: أي الثاني *(أساطير الأولين)* أي أكاذيب الأولين *(سنسمه على الخرطوم)* قال: في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) ويرجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخراطيم الأنف والشفتان.(11)
الآية الثالثة والأربعون: قوله تعالى: *(خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون)(12) في تفسير البرهان وتأويل الآيات عن أبي عبد الله (عليه السلام): يعني خروج القائم (عج).(13) وهذا مما يدل على الرجعة في أيامه عليه وعلى آبائه أفضل صلوات ربه وسلامه.
الآية الرابعة والأربعون: قوله تعالى: *(في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)(14) في البحار سئل أبو عبد الله عن اليوم قال: هي كرة رسول الله فيكون ملكه في كرته خمسين ألف سنة ويملك أمير المؤمنين (عليه السلام) في كرته أربعة وأربعين ألف سنة.(15)
الآية الخامسة والأربعون: قوله تعالى في سورة الجن: *(حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا)* إلى قوله عز وجل *(رصدا)(16) عن القمي *(حتى إذا رأوا ما يوعدون)* قال القائم وأمير المؤمنين (عليه السلام) في الرجعة *(فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا)* قال: هو قول أمير المؤمنين لزفر: والله يا بن الصهاك لولا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا، قال: فلما أخبرهم رسول الله ما يكون من الرجعة قالوا: متى يكون هذا؟ قال الله: قل يا محمد *(إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا)*، وقوله: *(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول)* الله *(فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا)*، قال: يخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم والرجعة والقيامة.(17)
الآية السادسة والأربعون: قوله تعالى في سورة المدثر: *(قم فأنذر)(18) في البحار قال: قيامه في الرجعة ينذر فيها.(19)
الآية السابعة والأربعون: قوله تعالى في سورة النبأ: *(يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا)(20) عن منتخب البصائر سئل أبو عبد الله عن الرجعة أحق هي؟ قال: نعم، وساق الحديث فيما يدل على رجعة الحسين كما سيأتي إن شاء الله في محله، إلى أن قال: قلت: ومعه الناس كلهم؟ قال: لا بد، كما ذكر الله تعالى في كتابه: *(يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا)* قوما بعد قوم.(21)
الآية الثامنة والأربعون: قوله تعالى في سورة النازعات: *(تلك إذا كرة خاسرة فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة)(22) في تفسير البرهان وعن منتخب البصائر قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الكرة قال: أقول فيها ما قال الله عز وجل وذلك أن تفسيرها صار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يأتي هذا الحرف بخمسة وعشرين ليلة، قول الله عز وجل: *(تلك إذا كرة خاسرة)* إذا رجعوا إلى الدنيا ولم يقضوا دخولهم فقيل له: يقول الله عز وجل: *(فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة)* أي شيء أراد بهذا؟ فقال: إذا انتقم منهم وماتت الأبدان بقيت الأرواح ساهرة لا تنام ولا تموت.(23)
الآية التاسعة والأربعون: قوله تعالى في سورة عبس: *(قتل الإنسان ما أكفره)(24) قال: هو أمير المؤمنين قال: ما أكفره أي ماذا فعل وأذنب حتى قتلوه، ثم قال: *(من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره)* قال: يسر له طريق الخير *(ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره)* قال: في الرجعة *(كلا لما يقض ما أمره)(25) أي لم يقض أمره ما قد أمره وسيرجع حتى يقضي ما أمره.(26)
الآية الخمسون: قوله تعالى في سورة الطارق: *(إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا)(27) عن القمي عن أبي بصير في قوله: *(فما له من قوة ولا ناصر)*، قال: ما له قوة يقوى بها على خالقه ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا، قلت: إنهم يكيدون كيدا قال: كادوا رسول الله وكادوا عليا وكادوا فاطمة فقال الله: يا محمد إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين يا محمد أمهلهم رويدا لو قد بعث القائم فينتقم لي من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس.(28)
الآية الحادية والخمسون: قوله تعالى في سورة الشمس: *(كذبت ثمود بطغواها)* إلى قوله عز وجل: *(فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقبيها)(29) عن تأويل الآيات عن أبي عبد الله (عليه السلام) في خبر في قوله عز وجل: *(كذبت ثمود بطغواها)* قال: ثمود رهط من الشيعة قال الله سبحانه: *(وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون)(30) وهو السيف إذا قام القائم وقوله: *(فقال لهم رسول الله)* وهو النبي *(ناقة الله وسقيها)* قال: الناقة الإمام الذي فهم عن الله وفهمهم عن الله وسقيها أي عند سقي القلم: *(فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها)* قال: في الرجعة *(ولا يخاف عقبيها)(31) قال: لا يخاف من مثلها إذا رجع. ذكر في توجيه الخبر، ثمود رهط من الشيعة وهم البلد الخبيث الذي لا يخرج نباته إلا نكدا وهم الزيدية وما في فرق الشيعة، وقوله ناقة الله يعني أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) من بعده. وقد جاء في الزيارة الجامعة أنهم الناقة المرسلة وقوله: فكذبوه أي رسول الله فعقروها أي الناقة يعني قتلوا أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة بالسيف والسهم فدمدم عليهم ربهم أي أهلكهم بعذاب الاستيصال في الدنيا والآخرة.(32)
الآية الثالثة والخمسون: قوله تعالى في سورة التكاثر *(كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون)(33) عن تأويل الآيات عن أبي عبد الله (عليه السلام) قوله عز وجل: *(كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون)* يعني مرة في الكرة ومرة أخرى يوم القيامة.(34)
الفرع الرابع: في الأخبار الواردة في خصوص رجعة الأئمة
في البحار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لعلي في الأرض كرة مع الحسين ابنه صلوات الله عليهما، يقبل برايته حتى ينتقم له من بني أمية ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفا ومن سائر الناس سبعين ألفا فيلقاهم بصفين مثل المرة الأولى فيقتلهم(35) ولا يبقى منهم مخبرا ثم يبعثهم الله عز وجل فيدخلهم أشد عذابه مع فرعون وآل فرعون، ثم كرة أخرى مع رسول الله حتى يكون خليفة في الأرض وتكون الأئمة عماله وحتى يبعثه الله علانية فتكون عبادته علانية في الأرض كما عبد الله سرا ثم قال: إي والله وأضعاف ذلك ثم عقد بيده أضعافا يعطي الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ملك جميع أهل الدنيا منذ يوم خلق الله (36) الناس إلى يوم يفنيها حتى ينجز له موعوده في كتابه كما قال: *(ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(37).(38) (وفيه) قال الصادق (عليه السلام): ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ويستحل متعتنا.(39) وفي زيارة الجامعة المنسوبة إلى أبي الحسن الثالث: وجعلني ممن يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكر في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكن في أيامكم وتقر عينه غدا برؤيتكم. وفي زيارة الوداع: ومكنني في دولتكم وأحياني في رجعتكم. وعن الصادق (عليه السلام) في زيارة الأربعين: وأشهد أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي.(40) في الكافي والبحار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: *(وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين)(41) قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) وطعن الحسن، *(ولتعلن علوا كبيرا)* قتل الحسين (عليه السلام)، *(فإذا جاء وعد أوليهما)* إذا جاء نصر دم الحسين (عليه السلام)*(بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار)* قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمد إلا قتلوه *(وكان وعدا مفعولا)* خروج القائم *(ثم رددنا لكم الكرة عليهم)* خروج الحسين (عليه السلام) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهبة لكل بيضة وجهان، المؤدون إلى الناس أن هذا الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنون فيه وأنه ليس بدجال ولا شيطان، والحجة القائم بين أظهرهم فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين جاء الحجة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في حضرته الحسين بن علي (عليهما السلام) ولا يلي الوصي إلا وصي، وعن الصادق (عليه السلام) برواية صفوان في زيارة مولانا الحسين (عليه السلام) المعروفة بالوارث: وأشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله إني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي.(42) وأيضا في زيارة العباس (عليه السلام): إني بكم وبإيابكم من الموقنين، وفي الزيارة الرجبية عن الناحية المقدسة: ويرجعني من حضرتكم خير مرجع إلى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة ومهل إلى حين الأجل وخير مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل ودوام الأكل وشرب الرحيق والسلسبيل وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحياته حتى العود إلى حضرتكم والفوز في كرتكم.(43) والدعاء الوارد في يوم تولد الحسين (عليه السلام) عن أبي القاسم بن العلا وكيل أبي محمد (عليه السلام) إلى قوله: وسيد الأسرة، الممدود بالنصرة يوم الكرة، المعوض من قتله إن الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار إلى قوله: فنحن عائذون بقبره نشهد تربته وننتظر أوبته آمين رب العالمين. وفي زيارة القائم (عج) في السرداب: ووفقني يا رب للقيام بطاعته والمثوبة في خدمته والمكث في دولته واجتناب معصيته فإن توفيتني اللهم قبل ذلك فاجعلني يا رب فيمن يكر في رجعته ويملك في دولته ويتمكن في أيامه ويستظل تحت أعلامه ويحشر في زمرته وتقر عينه برؤيته. وفي زيارة أخرى له: وإن أدركني الموت قبل ظهورك فأتوسل بك إلى الله سبحانه أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يجعل لي كرة في ظهورك ورجعة في أيامك لأبلغ من طاعتك مرادي وأشفي من أعدائك فؤادي. وفي زيارة أخرى: اللهم أرنا وجه وليك الميمون في حياتنا وبعد المنون، اللهم إني أدين لك بالرجعة بين يدي صاحب هذه البقعة.(44) (وفيه) عن الصادق (عليه السلام) في زيارة النبي والأئمة من بعيد فليقل وساق الزيارة إلى قوله: إني من القائلين بفضلكم مقر برجعتكم لا أنكر لله قدرة ولا أزعم إلا ما شاء الله.(45) (وفيه) عن أبي عبد الله: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا الفاروق الأكبر وصاحب الميسم وأنا صاحب النشر الأول والنشر الآخر وصاحب الكرات ودولة الدول وعلى يدي يتم موعد الله وتكمل كلمته وبي يكمل الدين... إلى آخر كلامه (عليه السلام). وفي زيارة الحسين المروية عن أبي حمزة عن الصادق (عليه السلام): ونصرتي لكم معدة حتى يحييكم الله بدينه ويبعثكم وأشهد أنكم الحجة وبكم ترجى الرحمة فمعكم معكم لا مع عدوكم إني بكم من المؤمنين ولا أنكر لله قدرة ولا أكذب منه بمشية، ثم قال: اللهم صل على أمير المؤمنين عبدك وأخي رسولك إلى أن قال: اللهم أتمم به كلماتك وأنجز به وعدك وأهلك به عدوك واكتبنا في أوليائه وأحبائه، اللهم اجعلنا شيعته وأنصارا وأعوانا على طاعتك وطاعة رسولك وما وكلت به واستخلفته عليه يا رب العالمين. وعن أبي عبد الله (عليه السلام): إذا أتيت عند قبر الحسين ويجزيك عند قبر كل إمام وساق (الزيارة) إلى قوله: اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر ابن نبيك وابعثه مقاما محمودا تنتصر به لدينك وتقتل به عدوك فإنك وعدته وأنت الرب الذي لا تخلف الميعاد.(46) وفي دعاء يوم دحو الأرض: وابعثنا في كرته حتى نكون في زمانه من أعوانه.(47) وفي تفسير *(قتل الإنسان ما أكفره)(48) قال: هو أمير المؤمنين قال ما أكفره أي ماذا فعل وأذنب حتى قتلوه.(49) إلى آخر ما ذكرنا في الآية التاسعة والأربعين المؤولة بالرجعة المطلقة قبيل هذا.(50) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لقد أعطيت الست: علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب وإني لصاحب الكرات ودولة الدول وإني لصاحب العصا والميسم والدابة التي تكلم الناس.(51) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام): والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء ويرد الحق إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه. إلى آخر الحديث.(52) (وفيه) في تفسير القمي: إن للذين ظلموا آل محمد حقهم عذابا دون ذلك قال: عذاب الرجعة بالسيف. وفي تفسير *(إذا تتلى عليه آياتنا قال)* أي الثاني *(أساطير الأولين سنسمه على الخرطوم)(53) كما ذكرنا آنفا.(54) (وفيه) عن أحمد بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله سئل عن الرجعة أحق هي؟ قال: نعم، فقيل له: من أول من يخرج؟ قال: الحسين يخرج عن أثر القائم، قلت: ومعه الناس كلهم؟ قال: لا، بل كما ذكر الله في كتابه *(يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا)(55) قوم بعد قوم، وعنه: ويقبل الحسين (عليه السلام) في أصحابه الذين قتلوا معه ومعه سبعون نبيا كما بعثوا مع موسى بن عمران فيدفع إليه القائم الخاتم فيكون الحسين هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته.(56)
الهوامش
(1) سورة النجم: 53.
(2) في المصدر: فهربتم.
(3) في البحار دقاق، وفي المصدر: رقاق.
(4) تفسير القمي: 2 / 339 والمؤتفكات: الرياح تختلف مهابها، ورغام البعير: صوت، وزعاق: مالح.
(5) سورة الحديد: 17.
(6) الكافي: 8 / 267 ح 390.
(7) كمال الدين: 668 ح 13 باب 58.
(8) سورة الممتحنة: 13.
(9) تفسير الصافي: 5 / 167 ومجمع البيان: 2 / 372.
(10) سورة القلم: 15 - 16.
(11) البحار: 53 / 103 ح 128.
(12) سورة المعارج: 44.
(13) تأويل الآيات: 2 / 726 ح 7 وتفسير البرهان: 4 / 386 ح 1.
(14) سورة المعارج: 4.
(15) البحار: 53 / 103 ح 130.
(16) سورة الجن: 24 - 27.
(17) تفسير القمي: 2 / 391.
(18) سورة المدثر: 2.
(19) تفسير القمي: 2 / 393.
(20) سورة النبأ: 18.
(21) مختصر البصائر: 48.
(22) سورة النازعات: 12 - 14.
(23) مختصر البصائر: 28.
(24) سورة عبس: 17.
(25) سورة عبس: 18 - 23.
(26) تفسير القمي: 2 / 405.
(27) سورة الطارق: 15 - 17.
(28) تفسير القمي: 2 / 416.
(29) سورة الشمس: 11 - 15.
(30) سورة فصلت: 17.
(31) سورة الشمس: 13 - 15.
(32) تأويل الآيات: 2 / 805 ح 2.
(33) سورة التكاثر: 3 - 4.
(34) تأويل الآيات: 2 / 850 والبرهان: 4 / 501 ح 2.
(35) في بعض النسخ: حتى يقتلهم.
(36) في بعض النسخ: الدنيا.
(37) سورة التوبة: 33.
(38) مختصر البصائر: 29، والبحار: 53 / 74 ح 75.
(39) من لا يحضره الفقيه: 3 / 458 ح 4583.
(40) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 308.
(41) سورة الإسراء: 4.
(42) مزار المشهدي: 516.
(43) إقبال الأعمال: 3 / 184.
(44) الكافي: 8 / 206 ح 250 والبحار.
(45) جمال الأسبوع 154، والبحار: 53 / 97 ح 112.
(46) كامل الزيارات: 526.
(47) البحار: 53 / 98 - 99 ح 118.
(48) سورة عبس: 17.
(49) تفسير القمي: 2 / 405.
(50) مختصر البصائر: 48.
(51) بصائر الدرجات: 220، والبحار: 25 / 354 ح 3.
(52) تهذيب الأحكام: 4 / 97 ح 274.
(53) سورة القلم: 14 - 16.
(54) مختصر البصائر: 46 وتفسير القمي: 2 / 170.
(55) سورة النبأ: 18.
(56) مختصر البصائر: 48.
******************
(وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام): والله ليملكن منا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا، قلت: متى يكون ذلك؟ قال: بعد القائم، قلت: وكم يقوم القائم في عالمه؟ قال: تسع عشرة سنة ثم يخرج المنتصر إلى الدنيا وهو الحسين (عليه السلام) فيطلب بدمه ودم أصحابه فيقتل ويسبي حتى يخرج السفاح وهو أمير المؤمنين.(1) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام): إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى أمير المؤمنين (عليه السلام).(2) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام): إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صديق فيكونون في النصارة.(3) (طريفة) كانت لمؤمن الطاق مع أبي حنيفة حكايات كثيرة فمنها أنه قال له يوما: يا أبا جعفر تقول بالرجعة؟ فقال: نعم، فقال له: أقرضني من كيسك هذا خمسمائة دينار وإذا عدت أنا وأنت رددتها إليك فقال له في الحال: أريد ضمينا يضمن لك أنك تعود إنسانا وأني أخاف أن تعود قردا فلا أتمكن من استرجاع ما أخذت.(4) وفي البحار عن محمد بن مسلم قال: سمعت حمران بن أعين وأبا الخطاب سمعا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أول من ينشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (عليهما السلام) وأن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا.(5) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن إبليس قال: أنظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه فقال: إنك من المنذرين إلى يوم الوقت المعلوم ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين، فقلت: وإنها لكرات؟ قال: نعم إنها لكرات وكرات ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين (عليه السلام) في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه، يكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له الروحا قريب من كوفتكم فيقتتلون قتالا لم يقتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين، فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رجعوا إلى خلفهم القهقهرى مائة قدم، وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات فعند ذلك يهبط الجبار عز وجل (6) في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر برسول الله أمامه بيده حربة من نور فإذا نظر إليه إبليس يرجع القهقرى ناكصا على عقبيه فيقول له أصحابه: أين تريد وقد ظفرت؟ فيقول: إني أرى ما لا ترون أني أخاف الله رب العالمين، فيلحقه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيطعنه طعنة بين كتفيه فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه، فعند ذلك يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئا ويملك أمير المؤمنين (عليه السلام) أربعا وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي ألف ولد من صلبه ذكرا، وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله تعالى.(7) في البحار عن الباقر (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى أحد واحد تفرد في وحدانيته ثم تكلم بكلمة فصارت نورا ثم خلق من ذلك النور محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلقني وذريتي ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنه الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا فنحن روح الله وكلماته فبنا احتج على خلقه، فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطرف نعبده ونقدسه ونسبحه وذلك قبل أن يخلق الخلق وأخذ ميثاق الأنبياء لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدقا لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه يعني لتؤمنن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولتنصرن وصيه وسينصرونه جميعا وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنصرة بعضنا لبعض فقد نصرت محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاهدت بين يديه وقتلت عدوه ووفيت الله بما أخذ علي من الميثاق والنصرة لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله وذلك لما قبضهم الله إليه وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها وليبعثن الله أحياء من آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف الأموات والأحياء والثقلين جميعا، فيا عجبا وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء يلبون زمرة بالتلبية: لبيك لبيك يا داعي الله، قد تخللوا بسكك الكوفة قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأولين والآخرين حتى ينجزهم الله ما وعدهم في قوله عز وجل: *(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا)(8) أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا في عبادي، ليس عندهم تقية، وإن لي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة وأنا صاحب الرجعات والكرات وصاحب الصولات والنقمات والدولات العجيبات وأنا قرن من حديد وأنا عبد الله وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أمين الله وخازنه وعيبة سره وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه وأنا الحاشر إلى الله وأنا كلمته التي يجمع بها المفترق ويفرق بها المجتمع وأنا أسماء الله الحسنى وأمثاله العليا وآياته الكبرى وأنا صاحب الجنة والنار، أسكن أهل الجنة الجنة وأسكن أهل النار النار وإلي تزويج أهل الجنة وإلي عذاب أهل النار وإلي إياب الخلق جميعا وأنا الإياب الذي يؤوب إليه كل شيء بعد القضاء وإلي حساب الخلق جميعا... إلى آخر الخطبة.(9) وفيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد أسرى بي ربي عز وجل فأوحى إلي من وراء حجاب ما أوحى وكلمني بما كلم به وكان مما كلمني به أن قال: يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم. إني أنا الله لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. إني أنا الله لا إله إلا أنا الخالق الباري المصور له الأسماء الحسنى يسبح له من في السماوات والأرض وأنا العزيز الحكيم. يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا الأول فلا شيء قبلي وأنا الآخر فلا شيء بعدي وأنا الظاهر فلا شيء فوقي وأنا الباطن فلا شيء دوني وأنا الله لا إله إلا أنا بكل شيء عليم. يا محمد علي أول ما أخذ ميثاقه من الأئمة: يا محمد علي آخر من أقبض روحه من الأئمة وهو الدابة التي تكلمهم، يا محمد علي أظهره على جميع ما أوحيه إليك ليس لك أن تكتم منه شيئا. يا محمد ابطنه الذي أسررته إليك فليس ما بيني سر دونه. يا محمد علي على ما خلقت من حلال وحرام، علي عليم به.(10) (وفيه) بإسناده إلى حمران بن أعين: الدنيا مائة ألف سنة، لسائر الناس عشرون ألف سنة ولآل محمد ثمانون ألف سنة.(11) (وفيه) عن مفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام): بسرير من نور قد وضع وقد ضربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجوهر وكأني بالحسين جاث على ذلك السرير وحوله تسعون ألف قبة خضراء وكأني بالمؤمنين يزورونه ويسلمون عليه فيقول الله عز وجل: أوليائي سلوني فطال ما أوذيتم وذللتم واضطهدتم فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها لكم، فيكون أكلهم وشربهم من الجنة، فهذه والله الكرامة (التي لا انقضاء لها ولا يدرك منتهاه).(12) ولا يخفى أن سؤال الحوائج يدل على أن هذا في الرجعة إذ هي لا تسأل في الآخرة.(13) (زهرة) قد ذكرنا في أول الكتاب في الغصن الأول في باب أن الأرض لا تخلو من إمام عن أبي عبد الله (عليه السلام): لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام. وعن أبي جعفر (عليه السلام): لو بقيت الأرض يوما بلا إمام منا لساخت بأهلها ولعذبهم الله بأشد عذابه.(14) وحديث قيام القائم بعد المهدي بأربعين يوما ونظير هذه الأخبار كثيرة. (إن قيل:) ما التوفيق بين هذه الأخبار وأخبار رجعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين؟ (قلنا:) روي عن أبي حمزة عن أبي بصير قلت للصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله سمعت من أبيك أنه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر إماما فقال: قد قال: اثنا عشر مهديا ولم يقل: اثنا عشر إماما.(15) وفي رواية بعد المهدي يرجع الخلفاء الاثنا عشر وظهور القيامة بعد المهدي بعد رجوعه في الدنيا في المرة الثانية.(16) وفي العوالم عن تفسير العياشي عن جابر قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: والله ليملكن رجل منا أهل البيت الأرض بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا قال: قلت: فمتى ذلك؟ قال: بعد موت القائم، قال: قلت: وكم يقوم القائم في عالمه حتى يموت؟ قال: تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى موته، قال: قلت: فيكون بعد موته هرج؟ قال: نعم، خمسين سنة، قال: ثم يخرج المنصور إلى الدنيا فيطلب دمه ودم أصحابه فيقتل ويسبي حتى يقال: لو كان هذا من ذرية الأنبياء ما قتل الناس كل هذا القتل، فيجتمع الناس عليه أبيضهم وأسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئونه إلى حرم الله فإذا اشتد البلاء عليه مات المنتصر وخرج السفاح إلى الدنيا غضبا للمنتصر فيقتل كل عدو لنا يا جابر ويملك الأرض كلها ويصلح الله له أمره ويعيش ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا، قال جابر: هل تدري من المنتصر والسفاح؟ يا جابر المنتصر الحسين (عليه السلام) والسفاح أمير المؤمنين (عليه السلام).(17) (زهرة أخرى) عن السيد ابن طاووس (رحمه الله) في الطرائف عن مسلم في صحيحه سمعت جابرا يقول: عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تركوها كلها، ثم ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمد بن عمر الرازي قال: سمعت حريز يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنه كان يؤمن بالرجعة.(18) انظر رحمك الله كيف حرموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيهم برواية أبي جعفر (عليه السلام) الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسك بهم. ثم وإن أكثر المسلمين أو كلهم قد رووا إحياء الأموات في الدنيا وحديث إحياء الله الأموات في القبور للمسألة وروايتهم عن أصحاب الكهف، وهذا كتابهم يتضمن *(ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم)(19) والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة مع موسى وحديث العزير ومن أحياه عيسى ابن مريم، وصافي الكشاف من الزمخشري، وحديث ذي القرنين وسئل ابن الكوا أملك أم نبي؟ فقال: ليس بملك ولا نبي لكن كان عبدا صالحا ضرب على قرنه (الأيمن) في طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين.(20) أقول: بعدما أوردنا من طرق الفريقين (21) في إثبات الرجعة ووقوعها للأمم السابقة وهذه الأمة لا يكاد يتيسر إنكارها لأحد، بل إنكارها يكون من المكابرات الصرفة والعناد المحض في الدين والجحود لما جاء به سيد المرسلين من وقوعها في هذه الأمة، أجارنا الله من ذلك وسائر المؤمنين، كيف لا وقد ورد في الصحيح عن خاتم النبيين أنه قال: كل ما جرى في أمم الأنبياء قبلي شيء سيجري في أمتي مثله.(22) والأخبار في ذلك قد تجاوزت حد التواتر المعنوي.
فاكهة: قصيدة في الإمام المهدي (عليه السلام)
فاكهة هذه قصيدة نظمها بعض علماء دار السلام استغرب الناظم لها اختفاءه ولم يعلم أن له أسوة بالأنبياء والمرسلين، واستبعد إلى هذه الأيام بقاءه وغفل عن قدرة رب العالمين. وقد أجابه علامة زمانه وفريدة عصره الفاضل المحدث النوري بأجوبة شافية كافية وسماها: كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار ذكرت هذه القصيدة مع القصيدة التي نظمها في جوابها العالم الخبير والفاضل النحرير الذي عجز عن وصف مدائحه المادحون وسطعت من أقلام حكمته أنوار اليقين الشيخ محمد حسين لا زال مؤيدا ومسددا برفع شبه الجاهلين خلف علامة البشر والأستاذ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس الله سره ألحقتها بكتابي هذا: إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب، وجعلتها فاكهة من ثمار هذا الكتاب الذي هو شجرة مباركة من أشجار كتابنا حدائق الجنان والله ولي التوفيق والغفران. قال الناظم هداه الله ووفقه للخير: أيا علماء العصر يا من له الخبر * بكل دقيق حار من دونه (23) الفكر لقد حار مني الفكر بالقائم الذي * تنازع فيه الناس واشتبه الأمر فمن قائل في القشر لب وجوده * ومن قائل قد ذب عن لبه القشر وأول هذين للذين تقررا * به العقل يقضي والعيان ولا نكر وكيف وهذا الوقت ذاع لمثله * ففيه توالى الظلم وانتشر الشر وما هو إلا ناشر العدل والهدى * فلو كان موجودا لما وجد الجور وإن قيل من خوف الطغاة قد اختفى * فذاك لعمري لا يجوزه الحجر ولا النقل كلا إذ تيقن أنه * إلى وقت عيسى يستطيل له العمر وإن ليس بين الناس من هو قادر * على قتله وهو المؤيد والنصر وإن جميع الأرض ترجع ملكه * ويملأها قسطا ويرتفع المكر وإن قيل من خوف الأذاة قد اختفى * فذلك قول عن معايب يفتر فهلا بدا بين الورى متحملا * مشقة نصح الخلق من دأبه الصبر ومن عيب هذا القول لا شك أنه * يؤول إلى جبن الإمام وينجر وحاشاه من جبن ولكن هو الذي * غدا يختشيه من حوى البر والبحر على أن هذا القول غير مسلم * ولا يرتضيه العبد كلا ولا الحر ففي الهند أبدى المهدوية كاذب * وما ناله قتل ولا ناله ضر وإن قيل هذا الاختفاء بأمر من * له الأمر في الأكوان والحمد والشكر فذلك أدهى الداهيات ولم يقل * به أحد إلا أخو السفه الغر أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه * على غيرهم كلا فهذا هو الكفر فحتى م هذا الاختفاء وقد مضى * من الدهر آلاف وذاك له ذكر وما أسعد السرداب في سر من رأى * له الفضل من أم القرى وله فخر فيا للأعاجيب التي من عجيبها * أن اتخذ السرداب برجا له البدر (24) فأجاب المجيب الموفق دامت بركاته وتوفيقاته بنفسي بعيد الدار قربه الفكر * وأناه من عشاقه الشوق والذكر تستر لكن قد تجلى بنوره * فلا حجب تخفيه عنهم ولا ستر ولاح لهم في كل شيء تجليا * فلا يشتكي منه البعاد ولا البحر بمرآه تسقى العين خسرا وخيبة * ويسعد في أنواره القلب والصدر ألا طل وإن عذبت يا ليل بعده * فمن بعد طول الليل يستعذب الفجر وأقصر أطلت اللوم يا عاذلي به * فلا مفصل إلا على حبه قصر عداك السنا من هذه الجذوة التي * بأكباد أهل الحب شب لها جمر وما ألحب إلا منتهى السدرة التي * لهم من جناها لبه ولك القشر حبيبي بك الأشياء قامت فما الذي * يقيم على إثباتك الجاهل الغر حبيبي أسارى في وجودك ضلة * ولولاك للإيجاد ما انتظم الأمر بفيك جرى عين الحياة ومذ دنا * ليشرب منها عمر الشارب الخضر ولي فيك سر لو أبوح ببعضه * لقلت من الإيجاز هذا هو السر فيا بأبي لح للبرية أو تغب * وليس على علياك من غيبة ضر فشمس الضحى والبدر نوراهما هما * وإن غربت أو غيب الشمس والبدر ولا نكر أن لاحت ولم ير ضوءها * أخو نظر لكن على عينه النكر ولا بأس ممن جاء يسأل قائلا * أيا علماء العصر يا من له الخبر لقد حار مني الفكر بالقائم الذي * تحير فيه الناس والتبس الأمر عثرت ألا يا سائلا حار فكره * على من له في كل مسألة خبر أعرني منك اليوم أذنا سميعة * إذا ما قرأت الحق لم يعرها وقر وقلبا ذكيا في التخاصم يعتدى * لطائرة الإنصاف عنك به وكر وخذ عندها من نظم فكري لئالئا * بهن إليك الخبر يقذف لا البحر مضامينها الغر الصحيحة صادر * بها مصدر العلم الإلهي والصدر إمام الهدى النوري من نور علمه * أنارت به في الأفق أنجمه الزهر يقول ولا تنفك أعلام فضله * على أرؤس الأعلام في طيها نشر ألا إن ما استغربت منا مقالة * به قال منكم معشر ما لهم حصر وكلهم أضحوا لديكم أئمة * عنى لعلاهم من حوى البر والبحر موثقة أسماؤهم في رجالكم * ففي كل سطر من فضائلهم شطر فمنهم كمال الدين كما في مطالب السؤل * طوى سؤلا به حتى انكشف الستر وذا الحافظ الكنجي كم في بيانه * بيان براهين يبين بها الأمر وكم لابن صباغ فصول مهمة * تفصل ما قد أجمل الكتب والسفر فإن بشمس الدين تذكرة لمن * يريد خواصا طبقها النص والذكر وحسبي بمحيي الدين نقضا فإن في * الفتوح عليك الفتح قد جاء والنصر وكم في يواقيت الجواهر جوهر * به عاد شعراينكم وله الفخر لواقح أنوار له انظر فإن للعرا * في فيه قصة عودها نضر وصدقه فيه الخواص علي من * كراماته لا يستطاع لها ذكر ذوو القدر هاهم عينوا قدر عمره * فماذا يقول اليوم من ماله قدر وشاهدهم فيما ادعوه شواهد * النبوة فالجامي ممن له خبر وفصل الخطاب الخاجه بارسا قد احتوى * تفاصيل فيها يثلج القلب والصدر وهذا أبو الفتح احتوت أربعينه * أحاديث فيها جل أصحابكم قروا وكم للبخاري الدهلوي رسائل * بهن مع المهدي آباؤه الغر وفي روضة الأحباب للحق روضة * بعرف عطاء الله ضاع لها نشروهذا البلاذري سل سلسلاتهم * تجده روى عنه شفاها ولا نكر وهذا مواليد الأئمة قاطع * بها كم تبدى لابن حساد بكم سر وها لابن شمس الدين كم من هداية * على سعداء الكشف آثارها غر يقول أرى المهدي حقا وإنه * سيبدو وإن كان استطال له العمر ففي الكافرين السامري نظيره * وفي المؤمنين الياس والروح والخضر وكالسامري الدجال إن لشأنه * حديثا غريبا سوف يأتي له ذكر وفضل بن روز بهانكم مع عناده * أقر بما قلناه إذ وضح الأمر وناصر دين الله لولا اعتقاده * على أن ذا السرداب غاب به البدر لما شيدت منه المباني بأمره * وحرر فيها باسمه الخلف الطهر وهذي ينابيع المودة قد جرت * لنا من سليمان به الأبحر الغزر وذا أحمد الجامي والعارف الذي * غدا شيخ إسلام لكم أيها النضر وللصفدي ذا شرح دائرة بها * على الغيب محيي الدين أطلعه الجفر وعينه في شعره مادحا أبو المعاني * ذو الأسرار (و) القونوي الصدر وملا جلال الدين مثنوي الذي * يحق له ذو الكشف لو سجدا خروا وكم عبد رحمن لكم متأله * بمرآة أسرار تجلى له السير وذا النسفي يحكيه عن حمويكم * وعن ذاك تحقيق النبوة يفتر براهين ساباطيكم كم تضمنت * لقاضي جواد ما يبين له العذر وكم حد مهدويكم بالمكاشفات من * غوامضها ماضمت الحجب والستر وقد نظم البصري عامر تحفة * غدت ذات أنوار مضامينها الغر تعرض فيها الفارضية فاعتلت * عليها ولم لا تعتلي وهي البكر يقول بها حتى متى أنت غائب * إمام الهدى قد ضاق منا لك الصدر كذا الهمداني والنسمي وشيخكم * محمد صبان الذي أنتجت مصر كذا العارف العطار كم ضم شعره * مدائح من أرواحها نفح العطر وهذا الخوارزمي الخطيب روى لنا * حديثا به لا شك يعتقد الحبرألا فانظروا يا مسلمين لمنكر * علي مقالا ما به بأس أو نكر يكفرني فيما أقول وإنما * تدين به تالله أقوامه الزهر وكلهم ما بين راو وعارف * وشيخ له الكشف المتجل والستر وما ذكروا في جنب من لم أبح بهم * كما سنحت من شاهقات الذرى ذر وفيما ذكرناه ترى الحق عند من * غدا قائلا قد ذب عن لبه القشر ويا ليت شعري ما العيان الذي قضى * ببطلان هذا عند من ما له شعر فأما التجلي للعيون فما ادعى * به أحد إلا أخو السفه الغمر ففي الهند أبدى المهدوية كاذب * فكذبه كل الورى البدو والحضر وما كل من أضحى مضلا يناله * كما حسب القتل المعجل والضر وإلا فإنا نحن أو أنتم على * ضلال فلم لا نالنا السوء والشر نعم هو موجود ولكن لحكمة * بها الله أدرى اختير عنا له الستر وإلا فكم فاز الخواص بشخصه * كما للعراقي والخواص مضى ذكر وعد رجال الغيب ذا نسفيكم * ثلاث مئين بل يزيدهم الحصر وقال وهم كلا حضور لدى الورى * ولم يرهم إلا الإخصاء والنزر فلم لا بذا المقدار كذبت حائرا * كما حار منك اليوم في واحد فكر وما هو مسجون فتحسب أنه * قد اتخذ السرداب برجا له البدر بلى هو في الأمصار غاد ورائح * يخيب به مصر ويحظى به مصر وها هو قطب الكائنات جميعها * ولولاه لم يوجد ذرى (ل) ولا ذر وما حق ما لا يدرك العقل وجهه * ويعجز عن إدراكه الذهن والفكر مسارعة الإنكار فيه فإنما * ينزه عن أمثالها العالم الحبر وهذا تميم قد حكى لنبيه * حديثا حكاه كان من قبله الطهر غداة بهم سفن المسير تكسرت * فألقاه في عظمي جزائره البحر هناك أوى جساسة ظن أنها * لشيطانه من فوقها ارتكم الشعر فجاءت بهم لشخص مفلل * تحير فيه العقل واندهش الفكر فأخبرهم فيما سيجري به القضا * وقال أنا الدجال بي تعدد النذر فلا مرسل إلا ويوعد قومه * بأعور دجال سيقوى به الكفر فهذا لعمر الله أعظم حيرة * وأجدر أن لو رده اللب والحجر وأخرى لعمري لو تحيرت سائلا * بإيجاده من قبل ذلك ما السر وتلك علوم الغيب من جاءه بها * وها هو ملعون له الخزي والخسر وقد كان مغلول اليدين من الذي * لإطعامه إياه أخره الدهر وبعد تميم كيف لم يره امرؤ * وكم موكب بالأبحر السبع قد مروا ولكنه عن فعله ليس يسئل إلا * له وجاء النهى عن ذاك والزجر وإن عقول الخلق أقصر مبتغى * عروجا إلى ما دبر الخالق البر وقد صح بالبرهان أن إلهنا * حكيم غني ليس يلجئه فقر وكم مشكل يعيى العقول وإنما * بما قد أشرنا يكتفي الفطن الحر فكل بيان جاءنا عن نبينا * تناقله قوم هم بيننا السفر علينا وجوبا أن يكون اعتقادنا * هو الحق لا يعروه ريب ولا نكر وإنا أناس لم ننازع ولم نكن * شركناه في خلق فيبدو لنا السر وقد وردت أخباركم وتواترت * أن الخلفاء اثنان بعدهما عشر وفيهم يقوم الدين أبلج واضحا * وتندفع الأسوا ويستنزل القطر ولما انقضت للراشدين خلافة * وأضحى عضوضا بعدهم ذلك الأمر وأنقص دين الله قدرا يزيده * فأصبح دين الله ليس له قدر لكعبته هدم وقبر نبيه * تطل الدما فيه وينسكب الخمر وآل رسول الله تلك دماؤهم * لدى كل رجس من لئام الورى هدرمصائبهم شتى وشتى قبورهم * فلا بقعة إلا وفيها لهم قبر على ضمأ يقضي ومن فيض نحرها * تروى الصفاح البيض والذبل السمر ويمسي حسين بالطفوف مجدلا * ويرفع منه الرأس فوق القنا شمر وتسبى بنات المصطفى الطهر حسرا * ونسوة صخر لا يراع لها وكر أتوها بنو مروان فافتعلوا به * أفاعيل منها شنعة برئ الكفر فكم أضربوا فيها بلادا وأهلكوا * عبادا وضج القتل في الناس والأسر وأولهم تنبيك مكة ما جنى * عشية بالحجاج شد له أزر على حرم الله المجانيق نصبت * فهدم حتى البيت والركن والحجر وولي من بعد العراق فعندها * توالى هناك الظلم وانتشر الشر وما زال في كوفان يعبث ظلمه * إلى أن أعيدت وهي مخربة قفر فكم من سعيد قد شقى بهلاكه * وكم عابد صلت على عنقه البسر ودع للوليد الذكر إن بذكره * يزعزع عرش الله والرسل والطهر أما جعل القرآن مرمى سهامه * فمزقه رميا كما يشهد الشعر أما أمر السكرى وقد أجنبا معا * فأمت بأهل المصر غادته العفر أما نكحوا عماتهم وبناتهم * وشاع الخنا ما بينهم وفشا العهر ألم ترد الأخبار عنه بلعنهم * وطرد أناس ما استطال له العمر ألم يرو رويا أن عجنه فنزلت * بلعنهم الآيات إذ ذاك والذكر أما عاد مال المسلمين وبيته * لهم دخلا يشرى به اللهو والسكر أهؤلاء للإسلام كانوا أئمة * إليهم من الله انتهى النهي والأمر فوا أسفي لو كان يجدي تأسفي * ووا صبر قد عيل من دونها الصبر تعد بنو مروان فيكم أئمة * وآل رسول الله ليس لهم ذكر وتحكى مزاياهم مساوي عداهم * فكل به تفنى الدفاتر والحبرولما رأينا فيهم كل سبة * وكل شنيع دونه الكفر والمكر علمنا بأن المصطفى ما عناهم * بأخباره والأمر في بيته قصر وإن اجتماع الناس لا خيرة لهم * ولكنما ألجاهم الخوف والقهر وليس الذي يعنيهم من تجمعت * عليه الورى قسرا ولو دأبه الكفر وذا خبر الثقلين أضحى مسلما * لدى الكل لا ريب عراه ولا نكر وهاهو بالتعيين نص بأهله * فقد قرنوهم بالتمسك والذكر فمن أهله لن يخل عصر بحكمه * كما من كتاب الله لن يخلون عصر وأكده مذ قال لن يتفرقا * إلى أن يوافينا معا بهما الحشر سفينة نوح هم فراكبه نجا * وتاركه يلقيه في لجة البحر وأورد سمهوديكم في خلاصة الوفا * خبرا ما إن يحيق به المكر إلى حائط جاء النبي وكفه * بكف علي في السماء له القدر هنالك صاح النخل هذا هو النبي * وهذا الولي منه أئمتنا الطهر فقال رسول الله للصهر ذا يكن * من النخل صيحاني ليشتهر الأمر فوا عجبا حتى الجمادات سلمت * فما بال قوم تدعي أن لها حجر وثم حديث قد روته كباركم * بإسناده قد صح مضمونه البكر هم أمن أهل الأرض لولاهم هوت * كأهل السما أمن لها الأنجم الزهر ومن هاهنا قد بان نفع وجوده * لكل الورى من أنكروه ومن قروا وكم مثل ذا ما لو تأملتم به * لكم لاح من أسراره البطن والظهر ومن مات لم يعرف إمام زمانه * يصرح عما ندعيه ويفتر ويا ليت شعري لو سئلت من الذي * إذا مت لم تعرفه عاجلك الخسر وفي أي نقل قد تمسكت طايعا * نبيك في أهليك إذ جاءك الأمر أتكفرها من بعدما قد تواترت * وسلم فيها الكل لا الشفع والوتر أجل أم توالي غير آل محمد * مؤولة تلك الأحاديث والزبر فجئنا بأهدى منهم نتبعهم * وإلا فما زيد إذا عد أو عمرو ومن ذا جميعا بان لا بد للورى * إمام هدى لم يخل من شخصه عصر وقولك هذا الوقت داع لمثله * ضلال فلا ظلم توالى ولا شروما ظلم ذاك الوقت إلا إذا ملا * البقاع وما تحت السما الكفر والغدر بحيث لو استبقى من الناس مؤمن * لأهلكه ما بينها الخوف والحذر هناك له يأتي الإله بعدة * كعدة ما للمصطفى ضمنت بدر ويأتي له من ربه الإذن عندها * فيملأها قسطا ويرتفع المكر ولم يأت للآن النداء من السما * على أحد هذا: هو الخلف الطهر وحاشاه أن يعصي ويخرج قبل أن * يجئ له من ربه الإذن والنصر ومنا إله العرش أدرى بفعله * وليس لنا نهي عليه ولا أمر ولم نعترض هلا أذنت بوقتنا * ففيه توالى الظلم وانتشر الشر على أنه لا ظلم باد وهذه * ملوك بني عثمان آثارها غير وراياتها في كل شرق ومغرب * على طي أعناق الملوك لها نشر بسلطاننا عبد الحميد قد اغتدت * ثغور بني الإسلام بالعدل تفتر ببيض أياديه ورزق سيوفه * جميع بقاع الأرض يانعة خضر ولم نر في الأعصار عصرا كعصره * به انبسط الإيمان وانتشر البشر ومنه (قد) استوجبت حدا وإنما * بقولك ذا عماله الصيد لم يدروا على أنه لو سلم الظلم في الورى * وأن جميع الأرض قد عمها النكر فذاك عليكم وارد حيث إنه * إلى الآن لم يولد ولم يبده الدهر وقولك من خوف الطغاة قد اختفى * وأن ذاك شيء لا يجوزه الحجر كقولك من خوف الأذاة قد اختفى * وذلك قول عن معايب يفتر ويتلوها ذا الاختفاء بأمر من * له الأمر في الأكوان والحمد والشكر وإن رمت توضيح المقال لدفع ما * به وقع الإشكال والتبس الأمر فأجمعها طول على غير طائل * وتكرير ألفاظ بها قبح الكروما الكل إن لاحظتها غير شبهة * لكل جهول ما له مسكة تعرو فهيا اغتنم حلا ونقضا جوابها * على أن هذا الأمر مسلكه وعر وذلك أن الله أرسل رسله * فلم يبق للعاصي بمعصية عذر ودلت عليهم بالعقول خوارق * معجزة كيلا يقال هي السحر ولو أنهم في كل حال يرى لهم * على كل من عاداهم الفتح والنصر لأوشك من ضعف العقول يرونهم * عن الله أربابا فينعكس الأمر فمن أجل هذا لم يزل لعداهم * عليهم على طول المدى القهر والظفر ويشهد فيما قلته كل من له * بأحوال رسل الله من قبل ذا سبر وإلا فقل مذ غاب في الغار أحمد * وصديقه لما أطلهم المكر أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه * على غيرهم كلا فهذا هو الكفر وليتك مذ منك المعاني تكسرت * حفظت مبانيها فلم يعرها الكسر بلى حيثما قد فاتك النصر جئتنا * تقول بها وهو المؤيدة النصر وقد بان من هذا بأن لو بكل ما * تقول التزمنا ما علينا بها ضر وإن خلافا منك ذا حيث لم تكن * بحسن تقول الأشعرية والجبر ولا حسن إلا ما به الشرع قد أتى * ولا قبح إلا عنه ما قد أتى الزجر فكان جديرا لو سألت من الذي * يقول به ما قاله الشارع الطهر وطالبت في دعواه حق دليلها * فإن قاله فالحمد لله والشكر وإن لم يقله كان حقا عليك لو * سخرت به واهتزك الجهل والكبر ولكن بحمد الله أصبحت أجهل ال‍ * لأنام فلا عرف لديكم ولا نكر رددت دعاوينا بأسوأ فرية * كما ردها يوما بسوأته عمرو حفرت لنا بئرا لتوقعنا بها * وقد أوقعتكم في حفيرتها البئر وشعرك لم يعذب على أن كله * افتراء نعم بالكذب يستعذب الشعر ولكن من العجز اخترعت كواذبا * تثير من الأجفان ما كمن الصدرشققت عصا الإسلام فيها وإن ذا * بإيحاء أهل الكفر كي يغلب الكفر شياطينهم فيه غرتك وإنما * قد استلبت إيمانك البيض والصفر فترجمت من تلك الأباطيل جيفة * كستها بنتن الخبث ألفاظك الغبر وألقيت بالبغضاء في أهل ملة * ليشغلها ما بينها الكر والضر فتأخذها الأعداء من كل جانب * وتنهش أسد الدين أطلبها العقر أجل فاختراع الكذب فيكم سجية * ففيكم على أشياخكم يقتفى الأثر فكم نسبوا أمرا إلينا ولم يفه * به أحد منا ولا ضمه سفر فذا الهيثمي كم في صواعقه رمى * إلينا أمورا ليس فينا لها ذكر وذا الحافظ الذهبي يذهب أن نرى * بسردابه المهدي أعدمه الستر وها نحن كلا قائلون بأن من * رأى شخصه بالذات لم يحصه الذكر بكبراه والصغرى معا بان للورى * وفي كل هذا كل أصحابنا قروا وينكر منا القول إن هو جامع * العلوم وإن في كل شيء له خبر وما هو إلا وارث علم جده * وإن علوم المصطفى مالها حصر فلا غرو أن لو تفتري اليوم قائلا * له الفضل عن أم القرى وله الفخر وتهزأ في السرداب جهلا وفيهم * ويبدو على ما تفتري الفري والسخر فما سعد السرداب بالبدر وحده * نعم ما أظلته السما البر والبحر وأسعدها أم القرى فيه أنه * سيطلع منها مشرقا ذلك البدر وذا منك جهل وافتراء بأننا * عليها نرى السرداب أضحى له الفخر وما شرف السرداب إلا لأنه * غدا لهم بيتا به برهة قروا وهم في بيوت ربها آذن لها * لترفع إجلالا ويتلى به الذكر فيا مفتري هذا المقال أبن لنا * بذلك من ذا قال فلتنشر السفر وقد صرح الأصحاب أن طلوعه * بحيث شموس الدين أطلعها الطهر أبا صالح خذها إليك خريدة * ولا يرتجى إلا القبول لها مهر تمزق من أعداك كل ممزق * ويمرق في أكبادها الخوف والذعر وذخرا ليوم الحشر أعددتكم بها * ولم يفتقر عبد له أنتم الذخر إذا اسود وجهي بالذنوب فإن لي * لديكم بها ما يستضاء به الحشر ألستم بشرع الدين أنتم نشرتم * ومنه إليكم فوض الحشر والنشر ألستم بساق العرش نور ومنكم * لأهل السما التسبيح يعلم والذكر صفا الذهب الإبريز أنتم وإنما * فؤادي إلا عن ولائكم صفرموالي ما آتي به عن ثنائكم * وقد ملئت منه الأناجيل والزبر يواليكم قلبي على أن جرحه * لرزئكم لا يستطاع له مبر وينصركم مني لساني ومقولي * إذا ما بدا قد فاتها لكم النصر ولا صبر لي حتى أراها تطالعت * لقائمكم في الجور راياته الخضر بكم أستمد الفيض ثم أمدكم * ببحر ثناء فيكم ماله قعر بني المصطفى من لي بأن آل عبدكم * فعبدكم من حر نار اللظى حر فبشرى لأعداكم بآل أمية * كما بكم آل النبي لنا البشر سلام عليكم كلما نفخت صبا * وما غربت شمس وما طلع البدر ولا برحت أعداؤكم في مهانة * يعاجلها خزي ويعقبها خسر(25)
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين وسلم تسليما كثيرا كثيرا.
قد تم بحمد الله بقلم مؤلفه الضعيف علي بن المرحوم زين العابدين اليزدي البارجيني الحايري في التاسع عشر من شهر ذي القعدة الحرام السنة السادسة والعشرين بعد الثلاثمائة والألف من الهجرة النبوية المحمدية، وبعد إتمامه في هذا اليوم كان خلاصنا من بركاته عما نحن فيه من الهموم والأحمال وخرجنا عن مجلس الاعتزال وفتحت على الباب ولاقيت الأحباب وحاشا من بركاته أن ييأس ويخيب اللاجئ إليه وقارع الباب، وأسأل الله من بركاته فتح الأبواب، ولما كان شروعي في العاشر من شهر شوال التالي من شهر الصيام. فصار أربعين يوما من أوان الشروع إلى الختام.
الهوامش
(1) مختصر البصائر: 49 وغيبة النعماني: 332.
(2) مختصر البصائر: 47.
(3) البحار: 52 / 390 ح 212 عن غيبة السيد علي.
(4) فهرست النجاشي: 53 / 107.
(5) تصحيح الاعتقاد: 215.
(6) هبوط الجبار تعالى كناية عن نزول آيات عذابه كما في البحار.
(7) مختصر البصائر: 27، والبحار: 53 / 42 ح 12.
(8) سورة النور: 55.
(9) مختصر البصائر: 34، والبحار: 53: 47 ح 20.
(10) مختصر البصائر: 36 ومدينة المعاجز: 5 / 45.
(11) مختصر البصائر: 212، والبحار: 53 / 116 ح 138.
(12) كامل الزيارات: 259 ح 390 باب 50 وما بين المعكوفين منه.
(13) البحار: 53 / 116 ح 140.
(14) كمال الدين: 118 ط. القديمة وأصول الكافي: 1 / 180 ح 3.
(15) كمال الدين: 358 ح 56 ط. جامعة المدرسين.
(16) راجع معجم أحاديث الإمام المهدي: 2 / 245 وما بعدها.
(17) تفسير العياشي: 2 / 326.
(18) الطرائف: 1 / 275 ط. الأعلمي بتحقيقنا وصحيح مسلم بشرح النووي: 1 / 60 ح 52.
(19) سورة البقرة: 243.
(20) كتاب السنة: 583 ح 1318 وسعد السعود: 65.
(21) أقول: من الذين كانوا يؤمنون بالرجعة الصحابي واثلة كما ذكر ابن قتيبة في المعارف: 192 ط. مصر ذكر من تأخر موته من الصحابة. وجابر الجعفي: لوامع الأنوار: 2 / 147، وكثير عزة، راجع عيون الأخبار لابن قتيبة: 2 / 144، والمنتخب: 122 - 123، وأبو حمزة الثمالي كما ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث: 137 ذكر يزيد بن هارون.
(22) أقول: قد فصل ذلك المقريزي في ذيل كتابه النزاع والتخاصم: 157 - 158.
(23) في الذريعة: في مثله.
(24) راجع الذريعة: 1 / 475 رقم 2346 و3 / 91 رقم 288.
(25) راجع ذيل كشف الأستار لكاشف الغطاء.
/ 1