إمام المهدي (عليه السلام) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار الجزء الأول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام المهدي (عليه السلام) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار الجزء الأول - نسخه متنی

محمد باقر بن محمد تقی مجلسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الإمام المهدي عليه السلام في بحار الأنوار
الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار
الجزء الأول
تأليف/العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي قدس الله سره
تفهرست الموضوعات
1المقدّمة
2عملنا في الكتاب
3مقدّمة المؤلّف
4باب (1): ولادته وأحوال اُمّه صلوات الله عليه
5باب (2): أسمائه عليه السلام وألقابه وكناه وعللها
6باب (3): النهي عن التسمية
7باب (4): صفاته صلوات الله عليه وعلاماته ونسبه
8باب (5): الآيات المؤوّلة بقيام القائم عليه السلام
أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه صلوات الله عليهم أجمعين
9باب (1): ما ورد من إخبار الله وإخبار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بالقائم عليه السلام
10باب (2): ما ورد عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ذلك
11باب (3): باب ما روي في ذلك عن الحسنين صلوات الله عليهما
12باب (4): ما روي في ذلك عن علي بن الحسين صلوات الله عليه
13باب (5): ما روي عن الباقر صلوات الله عليه في ذلك
14باب (6): ما روي في ذلك عن الصادق صلوات الله عليه
15باب (7): ما روي عن الكاظم صلوات الله عليه في ذلك
16باب (8): باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في ذلك
17باب (9): ما روي في ذلك عن الجواد صلوات الله عليه
18باب (10): نصّ العسكريين صلوات الله عليهما على القائم عليه السلام
19باب (11): نادر فيما أخبر به الكهنة وأضرابهم
20باب (12): ذكر الأدلّة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة
21باب (13): ما فيه عليه السلام من سنن الأنبياء والاستدلال بغيباتهم على غيبته
22باب (14): ذكر أخبار المعمّرين
23حَدِيثُ عُبَيْدِ بْن شَريدٍ الْجُرْهُمِيّ
24حَدِيثُ الرَّبيع بْن الضَّبُع الْفَزَاريّ
25حَدِيثُ شِقَّ الْكَاهِن
26وصيّة أكثم بن صيفي عند موته
27باب (15): ما ظهر من معجزاته صلوات الله عليه
28باب (16): أحوال السفراء الذين كانوا في زمان الغيبة الصغرى
29ذكر إقامة أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري أبا القاسم الحسن ابن روح رضي الله عنهما مقامه بعده بأمر الإمام صلوات الله عليه
30ذِكْرُ أمْر أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ بَعْدَ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح وَانْقِطَاع الأعْلاَم بِهِ وَهُمُ الأبْوَابُ
31باب (17): ذكر المذمومين الذين ادّعوا البابية والسفارة
32أوّلهم: المعروف بالشريعي
33ومنهم: محمّد بن نصير النميري
34ومنهم: أحمد بن هلال الكرخي
35ومنهم: أبو طاهر محمّد بن عليّ بن بلال
36ومنهم: الحسين بن منصور الحلاج
37ومنهم ابن أبي العزاقر
38نسخة التوقيع الخارج في لعنه
39ذكر أمر أبي بكر البغدادي ابن أخي الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه وأبي دلف المجنون
40باب (18): ذكر من رآه صلوات الله عليه
******************
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدّمة:
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم بريَّته محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
تعدّ المجاميع المعرفية والموسوعات العلمية من أفضل الوسائل المعاصرة لإيصال الفكر الممنهج في متناول أيدي الباحثين والمحقّقين بصورة منظّمة ومنسّقة بدون عشوائية وبعثرة، ولا تختصّ هذه الموسوعات بعلم دون آخر ولا تنحصر بأسلوب متّحد بل تختلف وتتغيَّر تبعاً لمتغيّرات ذاتية تختلف باختلاف العلم المراد بحثه فكان أن تعدَّدت الموسوعات فمنها اللغوية والأدبية والفقهية والتاريخية والروائية وغيرها، واختلفت أيضاً تبعاً لمتغيّرات موضوعية فاعتمد البعض على المنهجة الموضوعية للبحث فبوَّب المسائل على عناوينها المختلفة بينما البعض الآخر انتهج التسلسل الهجائي أو الأبجدي في عرض مطالبه المختلفة للعلم المراد بحثه.
وبعد الطفرة العلمية في عالم التكنلوجيا نجد الأمر اكتسب اهتماماً ملحوظاً في هذا المجال إذ أصبحت أضخم المجاميع وأكبر الموسوعات في متناول اليد من خلال البرامج الليزرية المضغوطة أو من خلال الشبكة العنكبوتية (الانترنيت) ويمكن إجمال فوائد هذه الموسوعات العلمية بما يلي:
1 _ عرض أكبر عدد ممكن من الآراء والمفاهيم المشتركة في عنوان واحد ممَّا يعطي صورة متكاملة وواضحة عن المفهوم والفكرة المراد بحثها.
2 _ إيصال الباحث إلى اليقين الاستقرائي غالباً من خلال استعراض هذا الكم الهائل من المسائل المشتركة بعد ربطه بين أجزاءها المتفرّقة وملاحظة وحدة المناط واتّحاد الروابط _ بحسب حساب الاحتمال _ وتجميع المحتملات وتوحيد المختلفات فيصل الباحث من خلال هذا كلّه إلى قناعة كاملة واطمئنان بالمطلب المراد تحقيقه، وهذه من أهمّ الفوائد والثمرات المتوخاة من تأليف أمثال هذه المعاجم والموسوعات المعرفية.
3 _ المحافظة على التراث العلمي والمعرفي للمدراس المختلفة خصوصاً بعد ملاحظة المطاردة التي مني بها أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام والاضطهاد الفكري الذي مرّوا به عبر القرون.
4 _ عرض المادة الخام ووضعها بين يدي الباحث والمحقّق لفرز الغث من السمين والصائب من غيره وتمييز الصحيح عمَّا سواه وربَّما الاستفادة من الضعيف لتقوية ومعاضدة الحسن بل حتَّى الصحيح.
فالباحث يمكنه المقارنة بسهولة حينما يجد جميع الأدوات المعرفية بين يديه فيعرضها على طاولة البحث ويجول بها في عالم الفكر للوصول إلى اُطروحة متكاملة من خلال نتائج المقارنة والتعارض والتراجيح.
وقد انفتح أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام على هذا النمط المعرفي فكانوا من روّاده والسابقين إليه فزخرت المكتبات الشيعية بالمعاجم والموسوعات المعرفية فكان منها الكتب الأربعة للمحمّدين الثلاثة حيث اعتمد مؤلّفوها على (400) أصل من أصول الشيعة وكتبهم المتفرّقة فشكّلوا النواة الأولى لحفظ التراث الشيعي وتنسيقه بمنهجية غاية في المتانة والروعة والعمق.
ومن خلال كلّ هذا تتجلّى عظمة وأهمّية ما قام به العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في (بحاره) حيث جمع بحقّ كلّ هذا التراث في موسوعته العملاقة التي تعتبر مفخرة التراث الشيعي بامتياز مضيفاً عليها ما جاد به قلمه الشريف من تعليقات علمية قيّمة إذ لم يكتف بالسرد والتجميع دون أن يفيض عليها من آرائه العلمية وتعليقاته السديدة ممَّا أعان الباحث لفتح آفاق معرفية أخرى ربَّما لا يتوصَّل إليها بمفرده خصوصاً مع ملاحظة التباعد الزمني بين عصر النصّ وعصر المتلقّي، فهو في تعليقه يمثّل جسراً بين الماضي والحاضر وحلقة الوصل بين النصّ والقراءة.
وهذا ينعكس على موسوعتنا هذه (الإمام المهدي عليه السلام في بحار الأنوار)، حيث تجد فيها التبويب الموضوعي من جهة واستقصاء الروايات وتتبّع الأحاديث المتناثرة مضافاً إلى التعليقات المهمّة والأساسية لتكوين رؤية متكاملة عن القضيّة المهدوية.
سائلاً الله تعالى التوفيق لفضيلة الشيخ ياسر الصالحي وأن يجعله وإيّانا أعوان وأنصار المولى صاحب العصر والزمان عليه السلام.
السيّد محمّد القبانچي
عملنا في الكتاب:
بعد التوكّل على الله تعالى قمنا لإعداد هذا السفر العظيم بعدّة خطوات وهي كما يلي:
1 _ استعنا في تخريج الأحاديث (المشكَّلة) من برنامج (نور) الليزري، إعداد (مركز تحقيقيات كامبيوتري علوم إسلامي).
2 _ استفدنا من تحقيقات وتعليقات النسخة المطبوعة في (110) جزء، الطبعة الثالثة المصحَّحة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
3 _ استفدنا من تحقيقات وتعليقات الشيخ محمود درياب من النسخة المطبوعة في (40) جزء، طبعة دار التعارف، سنة (1421هـ).
4 _ أبدلنا رموز الكتب في بداية الأحاديث باسم الكتاب.
5 _ قمنا بتطبيق أغلب التحقيقات مع برنامج مكتبة أهل البيت، الإصدار الأوّل، سنة (1426هـ)، إعداد مركز المعجم الفقهي ومركز المصطفى للدراسات الإسلاميّة، لتسهيل الوصول إليها.
6 _ قمنا بحذف كتاب (جنَّة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجّة عليه السلام) للمحدّث النوري قدّس سرّه من الجزء (53) من البحار، النسخة المطبوعة في (110) جزء، وجعلنا الكتاب في جزئين ضخمين.
7 _ أرجعنا بعض الهوامش التي ترشد القارئ إلى الأجزاء الثلاثة من البحار إلى صفحات كتابنا هذا.
8 _ تمَّت مطابقة صفحات كتابنا هذا مع صفحات المجلّدات الثلاثة (51) و(52) و(53) من النسخة المطبوعة في (110) جزء، لمزيد من التسهيل على الباحث والمحقّق.
هذا وآخر دعواي أن الحمد لله ربّ العالمين، راجياً من العلي القدير القبول والتوفيق، ومن القارئ الكريم السماح على الهفوات وإبداء الملاحظات.
4/ ربيع الثاني/ 1430هـ
الشيخ ياسر الصالحي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة المؤلّف:
الحمد لله الذي وصل لعباده القول بإمام بعد إمام لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وأكمل الدين بأمنائه وحججه في كلّ دهر وزمان لِقَوْم يُوقِنُونَ، والصلاة والسلام على من بشّر به وبأوصيائه النبيّون والمرسلون، محمّد سيّد الورى وآله مصابيح الدجى إِلى يَوْم يُبْعَثُونَ، ولعنة الله على أعدائهم ما دامت السماوات والأرضون.
أمَّا بعد:
فهذا هو المجلد الثالث عشر من كتاب بحار الأنوار في تاريخ الإمام الثاني عشر، والهادي المنتظر، والمهدي المظفر، ونور الأنوار، وحجّة الجبّار، والغائب عن معاينة الأبصار، والحاضر في قلوب الأخيار، وحليف الإيمان وكاشف الأحزان، وخليفة الرحمن الحجّة بن الحسن إمام الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين، ما توالت الأزمان، من مؤلّفات خادم أخبار الأئمّة الأخيار، وتراب أعتاب حملة الآثار: محمّد باقر بن محمّد تقي حشرهما الله تعالى مع مواليهما الأطهار، وجعلهما في دولتهم من الأعوان والأنصار.
* * *
باب (1): ولادته وأحوال اُمّه صلوات الله عليه
1 _ الكافي: وُلِدَ عليه السلام لِلنّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(1).
2 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيّ عَنْ عَلاَّنٍ الرَّازِيّ، قَالَ: أخْبَرَني بَعْضُ أصْحَابِنَا أنَّهُ لَمَّا حَمَلَتْ جَارِيَةُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَ: (سَتَحْمِلِينَ ذَكَراً وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي)(2).
3 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحُسَيْن بْن رِزْقِ اللهِ، عَنْ مُوسَى بْن مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم بْن حَمْزَةَ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ(3)، قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَكِيمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ عليهما السلام فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اجْعَلِي إِفْطَارَكِ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإنَّهَا لَيْلَةُ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيُظْهِرُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْحُجَّةَ وَهُوَ حُجَّتُهُ فِي أرْضِهِ)، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ اُمُّهُ؟ قَالَ لِي: (نَرْجِسُ)، قُلْتُ لَهُ: وَاللهِ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ مَا بِهَا أثَرٌ، فَقَالَ: (هُوَ مَا أقُولُ لَكِ)، قَالَتْ: فَجِئْتُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ جَاءَتْ تَنْزعُ خُفّي وَقَالَتْ لِي: يَا سَيَّدَتِي كَيْفَ أمْسَيْتِ؟ فَقُلْتُ: بَلْ أنْتِ سَيَّدَتِي وَسَيَّدَةُ أهْلِي، قَالَتْ: فَأنْكَرَتْ قَوْلِي وَقَالَتْ: مَا هَذَا يَا عَمَّةُ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيَهَبُ لَكِ فِي لَيْلَتِكِ هَذِهِ غُلاَماً سَيَّداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَتْ: فَجَلَسَتْ وَاسْتَحْيَتْ(4) فَلَمَّا أنْ فَرَغْتُ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ وَأفْطَرْتُ وَأخَذْتُ مَضْجَعِي فَرَقَدْتُ فَلَمَّا أنْ كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْل قُمْتُ إِلَى الصَّلاَةِ فَفَرَغْتُ مِنْ صَلاَتِي وَهِيَ نَائِمَةٌ لَيْسَ بِهَا حَادِثٌ ثُمَّ جَلَسْتُ مُعَقّبَةً ثُمَّ اضْطَجَعْتُ ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَزعَةً وَهِيَ رَاقِدَةٌ ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّت‏(5).
قَالَتْ حَكِيمَةُ(6): فَدَخَلَتْنِي الشُّكُوكُ فَصَاحَ بي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مِنَ الْمَجْلِس فَقَالَ: (لاَ تَعْجَلِي يَا عَمَّةُ فَإنَّ الأمْرَ قَدْ قَرُبَ)، قَالَتْ: فَقَرَأتُ الم السَّجْدَةَ وَيس فَبَيْنَمَا أنَا كَذَلِكِ إِذَا انْتَبَهَتْ فَزعَةً فَوَثَبْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ: اسْمُ اللهِ عَلَيْكَ، ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: تَحِسّينَ شَيْئاً؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ، فَقُلْتُ لَهَا: اجْمَعِي نَفْسَكِ وَاجْمَعِي قَلْبَكِ فَهُوَ مَا قُلْتُ لَكِ.
قَالَتْ حَكِيمَةُ: ثُمَّ أخَذَتْنِي فَتْرَةٌ وَأخَذَتْهَا فِطْرَةٌ(7) فَانْتَبَهْتُ بِحِسّ سَيَّدِي عليه السلام فَكَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ فَإذَا أنَا بِهِ عليه السلام سَاجِداً يَتَلَقَّى الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَإِذَا أنَا بِهِ نَظِيفٌ (مُنَظَّفٌ) فَصَاحَ بِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (هَلُمَّي إِلَيَّ ابْني يَا عَمَّةُ)، فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ تَحْتَ ألْيَتَيْهِ وَظَهْرهِ وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ أدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ وَأمَرَّ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِهِ ثُمَّ قَالَ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ)، فَقَالَ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ. وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم...) ثُمَّ صَلَّى عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَ عَلَى الأئِمَّةِ إِلَى أنْ وَقَفَ عَلَى أبيهِ ثُمَّ أحْجَمَ.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّةُ اذْهَبِي بِهِ إِلَى اُمَّهِ لِيُسَلّمَ عَلَيْهَا وَائْتِني بِهِ)، فَذَهَبْتُ بِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَرَدَدْتُهُ وَوَضَعْتُهُ فِي الْمَجْلِس، ثُمَّ قَالَ: (يَا عَمَّةُ إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِع فَأتِينَا).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أصْبَحْتُ جِئْتُ لاُسَلّمَ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَكَشَفْتُ السِّتْرَ لأفْتَقِدَ(8) سَيَّدِي عليه السلام فَلَمْ أرَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا فَعَلَ سَيَّدِي؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى(9) عليه السلام).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم السَّابِع جِئْتُ وَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَقَالَ: (هَلُمَّي إِلَيَّ ابْنِي)، فَجِئْتُ بِسَيَّدِي فِي الْخِرْقَةِ فَفَعَلَ بِهِ كَفَعْلَتِهِ الاُولَى ثُمَّ أدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ كَأنَّهُ يُغَذِّيهِ لَبَناً أوْ عَسَلاً.
ثُمَّ قَالَ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ)، فَقَالَ عليه السلام: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ...)، وَثَنَّى بِالصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أمِير الْمُؤْمِنِينَ وَالأئِمَّةِ(10) صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أبِيهِ عليه السلام ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(11).
قَالَ مُوسَى: فَسَألْتُ عُقْبَةَ الْخَادِمَ عَنْ هَذَا فَقَالَ: صَدَقَتْ حَكِيمَةُ(12).
بيان: يقال: حجمته عن الشيء فأحجم أي كففته فكفّ.
4 _ كمال الدين: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَسْرُورٍ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ، عَنْ مُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: خَرَجَ عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام حِينَ قُتِلَ الزُّبَيْريُّ: (هَذَا جَزَاءُ مَن افْتَرَى عَلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أوْلِيَائِهِ، زَعَمَ أنَّهُ يَقْتُلُنِي وَلَيْسَ لِي عَقِبٌ فَكَيْفَ رَأى قُدْرَةَ اللهِ عزّ وجل). وَوُلِدَ لَهُ وَسَمَّاهُ (م ‏ح ‏م ‏د) سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن)(13).
الغيبة للطوسي: الكليني، عن الحسين بن محمّد، عن المعلّى، عن أحمد بن محمّد، قال: خرج عن أبِي محمّد عليه السلام... وذكر مثله(14).
بيان: ربَّما يجمع بينه وبين ما ورد من خمس وخمسين بكون السنة في هذا الخبر ظرفاً لخرج أو قتل أو إحداهما على الشمسية والأخرى على القمرية(15).
5 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: وُلِدَ الصَّاحِبُ عليه السلام (فِي) النّصْفِ(16) مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(17).
6 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ وَالْعَطَّارُ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ النَّيْسَابُورِيّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام، عَن الشَّارِي(18)، عَنْ نَسِيم وَمَارِيَةَ، أنَّهُ لَمَّا سَقَطَ صَاحِبُ الزَّمَانِ عليه السلام مِنْ بَطْن اُمَّهِ سَقَطَ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ، رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ (سبَّابته) إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ: (الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، زَعَمَتِ الظَّلَمَةُ أنَّ حُجَّةَ اللهِ دَاحِضَةٌ، وَلَوْ اُذِنَ لَنَا فِي الْكَلاَم لَزَالَ الشَّكُّ)(19).
الغيبة للطوسي: علاّن، عن محمّد العطّار، مثله(20).
7 _ كمال الدين: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَحَدَّثَتْنِي نَسِيمٌ خَادِمُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَتْ: قَالَ لِي صَاحِبُ الزَّمَانِ عليه السلام وَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِلَيْلَةٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ لِي: (يَرْحَمُكِ اللهُ)، قَالَتْ نَسِيمٌ: فَفَرحْتُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لِي عليه السلام: (ألاَ اُبَشّرُكِ فِي الْعُطَاسِ؟)، فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (هُوَ أمَانٌ مِنَ الْمَوْتِ ثَلاَثَةَ أيَّام)(21).
الهوامش:
(1) الكافي 1: 514/ باب (مولد الصاحب عليه السلام).
(2) كمال الدين 2: 408/ ح 4.
(3) في المصدر إضافة: (بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام).
(4) استحت (خ ل)، وكلاهما وجيهان قرئ بهما قوله تعالى: ((إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها)) (البقرة: 26).
(5) في المصدر إضافة: (ونامت).
(6) في المصدر إضافة: (وخرجت أتفقَّد الفجر فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان وهي نائمة).
(7) في المصدر: (فترة) بدل (فطرة)؛ المراد بالفترة سكون المفاصل وهدوؤها قبل غلبة النوم، والمراد بالفطرة انشقاق البطن بالمولود وطلوعه منه.
(8) في المصدر: (لأتفقَّد).
(9) في المصدر إضافة: (موسى).
(10) في المصدر إضافة: (الطاهرين).
(11) القصص: 5 و6.
(12) كمال الدين 2: 424/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 1.
(13) كمال الدين 2: 430/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 3.
(14) الغيبة للطوسي: 231/ رقم 198.
(15) ولكن الأخير غير صحيح لأنَّ السنة القمرية في خمس وخمسين ومأتي سنة يزيد على السنة الشمسية بسبع سنوات، لا بسنة واحدة. فكانت السنة الشمسية سنة تسع وأربعين ومائتين، والقمرية ستّ وخمسين ومائتين.
(16) في المصدر: (للنصف) بدل (في النصف).
(17) كمال الدين 2: 430/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 4.
(18) في المصدر: (السياري) بدل (الشاري).
(19) كمال الدين 2: 430/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 5.
(20) الغيبة للطوسي: 244/ رقم 211.
(21) كمال الدين 2: 430/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ذيل الحديث 5.
******************
8 _ الغيبة للطوسي: الْكُلَيْنيُّ، رَفَعَهُ عَنْ نَسِيم الْخَادِم، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ عليه السلام بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِعَشْر لَيَالٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: (يَرْحَمُكِ اللهُ)، فَفَرحْتُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: (ألاَ اُبَشّرُكِ فِي الْعُطَاس؟، هُوَ أمَانٌ مِنَ الْمَوْتِ ثَلاَثَةَ أيَّام)(1).
9 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ وَابْنُ الْمُتَوَكّل وَالْعَطَّارُ جَمِيعاً، عَنْ إِسْحَاقَ بْن رِيَاح الْبَصْرِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ السَّيَّدُ عليه السلام قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (ابْعَثُوا إِلَى أبِي عَمْرو)، فَبُعِثَ إِلَيْهِ فَصَارَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: (اشْتَر عَشَرَةَ آلاَفِ رِطْلٍ خُبْزاً وَعَشَرَةَ آلاَفِ رِطْلٍ لَحْماً وَفَرَّقْهُ)، أحْسَبُهُ قَالَ: (عَلَى بَنِي هَاشِم وَعُقَّ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا شَاةً)(2).
10 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَنْ أبِي عَلِيّ الْخَيْزَرَانِيّ، عَنْ جَارِيَةٍ لَهُ كَانَ أهْدَاهَا لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَمَّا أغَارَ جَعْفَرٌ الْكَذَّابُ عَلَى الدَّارِ جَاءَتْهُ فَارَّةً مِنْ جَعْفَرٍ فَتَزَوَّجَ بِهَا قَالَ أبُو عَلِيّ: فَحَدَّثَتْنِي أنَّهَا حَضَرَتْ وِلاَدَةَ السَّيَّدِ عليه السلام وَأنَّ اسْمَ اُمَّ السَّيَّدِ صَقِيلُ وَأنَّ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام حَدَّثَهَا بِمَا جَرَى(3) عَلَى عِيَالِهِ، فَسَألَتْهُ أنْ يَدْعُوَ لَهَا بأنْ يَجْعَلَ مَنِيَّتَهَا قَبْلَهُ، فَمَاتَتْ قَبْلَهُ فِي حَيَاةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، وَعَلَى قَبْرهَا لَوْحٌ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: هَذَا اُمُّ مُحَمَّدٍ. قَالَ أبُو عَلِيّ: وَسَمِعْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ تَذْكُرُ أنَّهُ لَمَّا وُلِدَ السَّيَّدُ رَأتْ لَهُ نُوراً سَاطِعاً قَدْ ظَهَرَ مِنْهُ وَبَلَغَ اُفُقَ السَّمَاءِ وَرَأتْ طُيُوراً بِيضاً تَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ وَتَمْسَحُ أجْنِحَتَهَا عَلَى رَأسِهِ وَوَجْهِهِ وَسَائِر جَسَدِهِ ثُمَّ تَطِيرُ، فَأخْبَرْنَا أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام بذَلِكَ فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: (تِلْكَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاءِ نَزَلَتْ لِتَتَبَرَّكَ بِهِ وَهِيَ أنْصَارُهُ إِذَا خَرَجَ)(4).
11 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويّ، عَنْ أبِي غَانِم الْخَادِم، قَالَ: وُلِدَ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَلَدٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّداً فَعَرَضَهُ عَلَى أصْحَابِهِ يَوْمَ الثَّالِثِ وَقَالَ: (هَذَا صَاحِبُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ وَهُوَ الْقَائِمُ الَّذِي تَمْتَدُّ إِلَيْهِ الأعْنَاقُ بِالانْتِظَارِ فَإذَا امْتَلأتِ الأرْضُ جَوْراً وَظُلْماً خَرَجَ فَمَلأهَا قِسْطاً وَعَدْلاً)(5).
12 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَحْر بْن سَهْل الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ وَهُوَ مِنْ وُلْدِ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ أحَدُ مَوَالِي أبِي الْحَسَن وَأبِي مُحَمَّدٍ وَجَارُهُمَا بِسُرَّ مَنْ‏ رَأى: أتَانِي كَافُورٌ الْخَادِمُ فَقَالَ: مَوْلاَنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريُّ يَدْعُوكَ إِلَيْهِ، فَأتَيْتُهُ فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لِي: (يَا بِشْرُ إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الأنْصَارِ وَهَذِهِ الْمُوَالاَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَأنْتُمْ ثِقَاتُنَا أهْلَ الْبَيْتِ وَإِنّي مُزَكّيكَ وَمُشَرَّفُكَ بِفَضِيلَةٍ تَسْبِقُ بِهَا الشّيعَةَ فِي الْمُوَالاَةِ بِسِرًّ اُطْلِعُكَ عَلَيْهِ، وَاُنْفِذُكَ فِي ابْتِيَاع أمَةٍ)، فَكَتَبَ كِتَاباً لَطِيفاً بِخَطّ رُومِيّ وَلُغَةٍ رُومِيَّةٍ وَطَبَعَ عَلَيْهِ خَاتَمَهُ وَأخْرَجَ شُقَّةً(6) صَفْرَاءَ فِيهَا مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ دِينَاراً فَقَالَ: (خُذْهَا وَتَوَجَّهْ بِهَا إِلَى بَغْدَادَ وَاحْضَرْ مَعْبَرَ الْفُرَاتِ ضَحْوَةً يَوْمَ كَذَا فَإذَا وَصَلَتْ إِلَى جَانِبِكَ زَوَارِيقُ السَّبَايَا وَتَرَى الْجَوَارِيَ فِيهَا سَتَجِدُ طَوَائِفَ الْمُبْتَاعِينَ مِنْ وُكَلاَءِ قُوَّادِ بَنِي الْعَبَّاس وَشِرْذِمَةً مِنْ فِتْيَانِ الْعَرَبِ فَإذَا رَأيْتَ ذَلِكَ فَأشْرفْ مِنَ الْبُعْدِ عَلَى الْمُسَمَّى عُمَرَ بْنَ يَزيدٍ النَّخَّاسَ عَامَّةَ نَهَارِكَ إِلَى أنْ تَبْرُزَ لِلْمُبْتَاعِينَ جَارِيَةٌ صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا لاَبِسَةٌ حَريرَيْنِ صَفِيقَيْن تَمْتَنِعُ مِنَ الْعَرْضِ وَلَمْس الْمُعْتَرض وَالانْقِيَادِ لِمَنْ يُحَاوِلُ لَمْسَهَا وَتَسْمَعُ صَرْخَةً رُومِيَّةً مِنْ وَرَاءِ سَتْرٍ رَقِيقٍ فَاعْلَمْ أنَّهَا تَقُولُ: وَا هَتْكَ سَتْرَاهْ، فَيَقُولُ بَعْضُ الْمُبْتَاعِينَ: عَلَيَّ ثَلاَثُمِائَةِ دِينَارٍ فَقَدْ زَادَنِي الْعَفَافُ فِيهَا رَغْبَةً، فَتَقُولُ لَهُ بِالْعَرَبيَّةِ: لَوْ بَرَزْتَ فِي زِيَّ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ وَعَلَى شِبْهِ مُلْكِهِ مَا بَدَتْ لِي فِيكَ رَغْبَةٌ فَاشْفَقْ عَلَى مَالِكَ، فَيَقُولُ النَّخَّاسُ: فَمَا الْحِيلَةُ وَلاَ بُدَّ مِنْ بَيْعِكِ، فَتَقُولُ الْجَارِيَةُ: وَمَا الْعَجَلَةُ وَلاَ بُدَّ مِن اخْتِيَارِ مُبْتَاع يَسْكُنُ قَلْبِي إِلَيْهِ وَإِلَى وَفَائِهِ وَأمَانَتِهِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ قُمْ إِلَى عُمَرَ بْن يَزيدَ النَّخَّاس وَقُلْ لَهُ إِنَّ مَعَكَ كِتَاباً مُلَطَّفَةً(7) لِبَعْض الأشْرَافِ كَتَبَهُ بِلُغَةٍ رُومِيَّةٍ وَخَطّ رُومِيّ وَوَصَفَ فِيهِ كَرَمَهُ وَوَفَاءَهُ وَنُبْلَهُ وَسَخَاءَهُ تُنَاوِلُهَا لِتَتَأمَّلَ مِنْهُ أخْلاَقَ صَاحِبِهِ فَإنْ مَالَتْ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْهُ فَأنَا وَكِيلُهُ فِي ابْتِيَاعِهَا مِنْكَ).
قَالَ بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: فَامْتَثَلْتُ جَمِيعَ مَا حَدَّهُ لِي مَوْلاَيَ أبُو الْحَسَن عليه السلام فِي‏ أمْر الْجَارِيَةِ، فَلَمَّا نَظَرَتْ فِي الْكِتَابِ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً وَقَالَتْ لِعُمَرَ بْن يَزيدَ: بِعْنِي مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ، وَحَلَفَتْ بِالْمُحَرَّجَةِ وَالْمُغَلَّظَةِ(8) أنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا مِنْهُ قَتَلَتْ نَفْسَهَا، فَمَا زِلْتُ اُشَاحُّهُ فِي ثَمَنِهَا حَتَّى اسْتَقَرَّ الأمْرُ فِيهِ عَلَى مِقْدَارِ مَا كَانَ أصْحَبَنِيهِ مَوْلاَيَ عليه السلام مِنَ الدَّنَانِير فَاسْتَوْفَاهُ وَتَسَلَّمْتُ الْجَارِيَةَ ضَاحِكَةً مُسْتَبْشِرَةً وَانْصَرَفْتُ بِهَا إِلَى الْحُجَيْرَةِ الَّتِي كُنْتُ آوَى إِلَيْهَا بِبَغْدَادَ، فَمَا أخَذَهَا الْقَرَارُ حَتَّى أخْرَجَتْ كِتَابَ مَوْلاَنَا عليه السلام مِنْ جَيْبِهَا وَهِيَ تَلْثِمُهُ وَتُطْبِقُهُ عَلَى جَفْنِهَا وَتَضَعُهُ عَلَى خَدَّهَا وَتَمْسَحُهُ عَلَى بَدَنِهَا، فَقُلْتُ تَعَجُّباً مِنْهَا: تَلْثِمِينَ كِتَاباً لاَ تَعْرفِينَ صَاحِبَهُ!؟
فَقَالَتْ: أيُّهَا الْعَاجِزُ الضَّعِيفُ الْمَعْرفَةِ بِمَحَلّ أوْلاَدِ الأنْبِيَاءِ أعِرْني سَمْعَكَ(9) وَفَرَّغْ لِي قَلْبَكَ، أنَا مَلِيكَةُ بِنْتُ يَشُوعَا بْن قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّوم وَاُمَّي مِنْ وُلْدِ الْحَوَارِيَّينَ تُنْسَبُ إِلَى وَصِيّ الْمَسِيح شَمْعُونَ اُنَبِّئُكَ بِالْعَجَبِ.
إِنَّ جَدَّي قَيْصَرَ أرَادَ أنْ يُزَوّجَنِي مِن ابْن أخِيهِ وَأنَا مِنْ بَنَاتِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَجَمَعَ فِي قَصْرهِ مِنْ نَسْل الْحَوَارِيَّينَ مِنَ الْقِسَّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ ثَلاَثَمِائَةِ رَجُلٍ وَمِنْ ذَوِي الأخْطَارِ مِنْهُمْ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ وَجَمَعَ مِنْ اُمَرَاءِ الأجْنَادِ وَقُوَّادِ الْعَسْكَر وَنُقَبَاءِ الْجُيُوش وَمُلُوكِ الْعَشَائِر أرْبَعَةَ آلاَفٍ وَأبْرَزَ مِنْ بَهِيّ مُلْكِهِ عَرْشاً مُسَاغ(10) مِنْ أصْنَافِ الْجَوْهَر(11) وَرَفَعَهُ فَوْقَ أرْبَعِينَ مِرْقَاةً فَلَمَّا صَعِدَ ابْنُ أخِيهِ وَأحْدَقَتِ الصُّلُبُ وَقَامَتِ الأسَاقِفَةُ عُكَّفاً وَنُشِرَتْ أسْفَارُ الإنْجِيل تَسَافَلَتِ الصُّلُبُ مِنَ الأعْلَى فَلَصِقَتِ الأرْضَ وَتَقَوَّضَتْ أعْمِدَةُ الْعَرْش فَانْهَارَتْ إِلَى الْقَرَارِ وَخَرَّ الصَّاعِدُ مِنَ الْعَرْش مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَتَغَيَّرَتِ ألْوَانُ الأسَاقِفَةِ وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ، فَقَالَ كَبِيرُهُمْ لِجَدَّي: أيُّهَا الْمَلِكُ أعْفِنَا مِنْ مُلاَقَاةِ هَذِهِ النُّحُوسِ الدَّالَّةِ عَلَى زَوَالِ هَذَا الدَّين الْمَسِيحِيّ وَالْمَذْهَبِ الْمَلِكَانيّ، فَتَطَيَّرَ جَدَّي مِنْ ذَلِكَ تَطَيُّراً شَدِيداً وَقَالَ لِلأسَاقِفَةِ: أقِيمُوا هَذِهِ الأعْمِدَةَ وَارْفَعُوا الصُّلْبَانَ وَأحْضِرُوا أخَا هَذَا الْمُدْبَر الْعَاهِر(12) الْمَنْكُوس جَدُّهُ لاُزَوَّجَهُ هَذِهِ الصَّبِيَّةَ فَيُدْفَعُ نُحُوسُهُ عَنْكُمْ بسُعُودِهِ، وَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَدَثَ عَلَى الثَّانِي مِثْلُ مَا حَدَثَ عَلَى الأوَّلِ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَقَامَ جَدَّي قَيْصَرُ مُغْتَمّاً فَدَخَلَ مَنْزلَ النّسَاءِ وَاُرْخِيَتِ السُّتُورُ وَاُرِيتُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَأنَّ الْمَسِيحَ وَشَمْعُونَ وَعِدَّةً مِنَ الْحَوَارِيَّينَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي قَصْر جَدَّي وَنَصَبُوا فِيهِ مِنْبَراً مِنْ نُورٍ يُبَارِي السَّمَاءَ عُلُوّاً وَارْتِفَاعاً فِي الْمَوْضِع الَّذِي كَانَ نَصَبَ جَدَّي وَفِيهِ عَرْشُهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَتَنُهُ وَوَصِيُّهُ عليه السلام وَعِدَّةٌ مِنْ أبْنَائِهِ.
فَتَقَدَّمَ الْمَسِيحُ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقَهُ فَيَقُولُ لَهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا رُوحَ اللهِ إِنّي جِئْتُكَ خَاطِباً مِنْ وَصِيَّكَ شَمْعُونَ فَتَاتَهُ مَلِيكَةَ لابْني هَذَا)، وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام ابْن صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ، فَنَظَرَ الْمَسِيحُ إِلَى شَمْعُونَ وَقَالَ لَهُ: قَدْ أتَاكَ الشَّرَفُ فَصِلْ رَحِمَكَ بِرَحِم آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَصَعِدَ ذَلِكَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَزَوَّجَنِي مِن ابْنِهِ وَشَهِدَ الْمَسِيحُ عليه السلام وَشَهِدَ أبْنَاءُ مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَالْحَوَارِيُّونَ.
فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ أشْفَقْتُ أنْ أقُصَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا عَلَى أبِي وَجَدَّي مَخَافَةَ الْقَتْل فَكُنْتُ اُسِرُّهَا وَلاَ اُبْدِيهَا لَهُمْ وَضَرَبَ صَدْرِي بِمَحَبَّةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام حَتَّى امْتَنَعْتُ مِنَ الطَّعَام وَالشَّرَابِ فَضَعُفَتْ نَفْسِي وَدَقَّ شَخْصِي وَمَرضْتُ مَرَضاً شَدِيداً فَمَا بَقِيَ فِي مَدَائِن الرُّوم طَبِيبٌ إِلاَّ أحْضَرَهُ جَدَّي وَسَألَهُ عَنْ دَوَائِي فَلَمَّا بَرَّحَ بِهِ الْيَأسُ قَالَ: يَا قُرَّةَ عَيْني هَلْ يَخْطُرُ بِبَالِكِ شَهْوَةٌ فَاُزَوَّدُكِهَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؟، فَقُلْتُ: يَا جَدَّي أرَى أبْوَابَ الْفَرَج عَلَيَّ مُغْلَقَةً فَلَوْ كَشَفْتَ الْعَذَابَ عَمَّنْ فِي سِجْنِكَ مِنْ اُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَفَكَكْتَ عَنْهُمُ الأغْلاَلَ وَتَصَدَّقْتَ عَلَيْهِمْ وَمَنَّيْتَهُمُ الْخَلاَصَ رَجَوْتُ أنْ يَهَبَ(13) الْمَسِيحُ وَاُمُّهُ عَافِيَةً، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ تَجَلَّدْتُ فِي إِظْهَارِ الصِّحَّةِ مِنْ بَدَنِي قَلِيلاً وَتَنَاوَلْتُ يَسِيراً مِنَ الطَّعَام فَسَرَّ بِذَلِكَ وَأقْبَلَ عَلَى إِكْرَام الاُسَارَى وَإِعْزَازِهِمْ، فَاُرِيتُ أيْضاً بَعْدَ أرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً كَأنَّ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فَاطِمَةَ عليها السلام قَدْ زَارَتْنِي وَمَعَهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَألْفٌ مِنْ وَصَائِفِ الْجِنَانِ فَتَقُولُ لِي مَرْيَمُ: هَذِهِ سَيَّدَةُ النّسَاءِ عليها السلام اُمُّ زَوْجِكِ أبِي مُحَمَّدٍ فَأتَعَلَّقُ بِهَا وَأبْكِي وَأشْكُو إِلَيْهَا امْتِنَاعَ أبِي مُحَمَّدٍ مِنْ زِيَارَتِي، فَقَالَتْ سَيَّدَةُ النّسَاءِ عليها السلام: (إِنَّ ابْنِي أبَا مُحَمَّدٍ لاَ يَزُورُكِ وَأنْتِ مُشْركَةٌ بِاللهِ عَلَى مَذْهَبِ النَّصَارَى وَهَذِهِ اُخْتِي مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ تَبْرَأ إِلَى اللهِ مِنْ دِينكِ فَإنْ مِلْتِ إِلَى رِضَى اللهِ تَعَالَى وَرِضَى الْمَسِيح وَمَرْيَمَ عليهما السلام وَزِيَارَةِ أبِي مُحَمَّدٍ إِيَّاكِ فَقُولِي: أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ أبِي مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ)، فَلَمَّا تَكَلَّمْتُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ضَمَّتْنِي إِلَى صَدْرِهَا سَيَّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَطِيبَ نَفْسِي وَقَالَتِ: (الآنَ تَوَقَّعِي زِيَارَةَ أبِي مُحَمَّدٍ وَإِنّي مُنْفِذَتُهُ إِلَيْكِ)، فَانْتَبَهْتُ وَأنَا أنُولُ(14) وَأتَوَقَّعُ لِقَاءَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ رَأيْتُ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام وَكَأنّي أقُولُ لَهُ: جَفَوْتَنِي يَا حَبِيبي بَعْدَ أنْ أتْلَفْتُ نَفْسِي مُعَالَجَةَ حُبَّكَ، فَقَالَ: (مَا كَانَ تَأخُّري عَنْكِ إِلاَّ لِشِرْكِكِ فَقَدْ أسْلَمْتِ وَأنَا زَائِرُكِ فِي كُلّ لَيْلَةٍ إِلَى أنْ يَجْمَعَ اللهُ شَمْلَنَا فِي الْعَيَانِ)، فَلَمَّا قَطَعَ عَنّي زِيَارَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ.
قَالَ بِشْرٌ: فَقُلْتُ لَهَا: وَكَيْفَ وَقَعْتِ فِي الاُسَارَى؟ فَقَالَتْ: أخْبَرَني أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي: (أنَّ جَدَّكِ سَيُسَيَّرُ جَيْشاً إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ يَتْبَعُهُمْ فَعَلَيْكَ بِاللّحَاقِ بِهِمْ مُتَنَكّرَةً فِي زِيّ الْخَدَم مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الْوَصَائِفِ مِنْ طَريقِ كَذَا)، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَوَقَفَتْ عَلَيْنَا طَلاَئِعُ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى كَانَ مِنْ أمْري مَا رَأيْتَ وَشَاهَدْتَ وَمَا شَعَرَ بِأنّي ابْنَةُ مَلِكِ الرُّوم إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ أحَدٌ سِوَاكَ وَذَلِكَ بِاِطّلاَعِي إِيَّاكَ عَلَيْهِ وَلَقَدْ سَألَنِي الشَّيْخُ الَّذِي وَقَعْتُ إِلَيْهِ فِي سَهْم الْغَنِيمَةِ عَن اسْمِي فَأنْكَرْتُهُ وَقُلْتُ: نَرْجِسُ، فَقَالَ: اسْمُ الْجَوَارِي.
قُلْتُ: الْعَجَبُ أنَّكِ رُومِيَّةٌ وَلِسَانُكِ عَرَبيٌّ!؟ قَالَتْ: نَعَمْ مِنْ وَلُوع جَدَّي وَحَمْلِهِ إِيَّايَ عَلَى تَعَلُّم الآدَابِ أنْ أوْعَزَ إِلَيَّ امْرَأةً تَرْجُمَانَةً لَهُ(15) فِي الاخْتِلاَفِ إِلَيَّ وَكَانَتْ تَقْصُدُنِي صَبَاحاً وَمَسَاءً وَتُفِيدُنِي الْعَرَبِيَّةَ حَتَّى اسْتَمَرَّ لِسَانِي عَلَيْهَا وَاسْتَقَامَ.
قَالَ بِشْرٌ: فَلَمَّا انْكَفَأتُ بِهَا إِلَى سُرَّ مَنْ ‏رَأى دَخَلَتْ عَلَى مَوْلاَيَ أبِي الْحَسَن عليه السلام، فَقَالَ: (كَيْفَ أرَاكِ اللهُ عِزَّ الإسْلاَم وَذُلَّ النَّصْرَانِيَّةِ وَشَرَفَ مُحَمَّدٍ وَأهْل بَيْتِهِ عليهما السلام؟).
قَالَتْ: كَيْفَ أصِفُ لَكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنّي؟، قَالَ: فَإنّي اُحِبُّ أنْ اُكْرمَكِ فَأيُّمَا أحَبُّ إِلَيْكِ عَشَرَةُ آلاَفِ دِينَارٍ أمْ بُشْرَى لَكِ بِشَرَفِ الأبَدِ؟).
قَالَتْ: بُشْرَى بِوَلَدٍ لِي. قَالَ لَهَا: (أبْشِري بوَلَدٍ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وَغَرْباً وَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)، قَالَتْ: مِمَّنْ؟ قَالَ: (مِمَّنْ خَطَبَكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَهُ لَيْلَةَ كَذَا فِي شَهْر كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا بِالرُّومِيَّةِ)(16)، قَالَ لَهَا: (مِمَّنْ زَوَّجَكِ الْمَسِيحُ عليه السلام وَوَصِيُّهُ؟)، قَالَتْ: مِن ابْنكَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَقَالَ: (هَلْ تَعْرفِينَهُ؟)، قَالَتْ: وَهَلْ خَلَتْ لَيْلَةٌ لَمْ يَزُرْني فِيهَا مُنْذُ اللَّيْلَةِ الَّتِي أسْلَمْتُ عَلَى يَدِ سَيَّدَةِ النّسَاءِ عليها السلام؟ قَالَ: فَقَالَ مَوْلاَنَا: (يَا كَافُورُ ادْعُ اُخْتِي حَكِيمَةَ)، فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَ لَهَا: (هَا هِيَهْ)، فَاعْتَنَقَتْهَا طَويلاً وَسَرَّتْ بِهَا كَثِيراً، فَقَالَ لَهَا أبُو الْحَسَن عليه السلام: (يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ خُذِيهَا إِلَى مَنْزلِكِ وَعَلّمِيهَا الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ فَإنَّهَا زَوْجَةُ أبِي مُحَمَّدٍ وَاُمُّ الْقَائِمِ عليه السلام)(17).
13 _ كمال الدين(18): مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن(19) حَاتِم، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ الْقُمَّيّ، عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى(20) الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: وَرَدْتُ كَرْبَلاَءَ سَنَةَ سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن، قَالَ: وَزُرْتُ قَبْرَ غَريبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ثُمَّ انْكَفَأتُ إِلَى مَدِينَةِ السَّلاَم مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَابِر قُرَيْشٍ وَقَدْ تَضَرَّمَتِ الْهَوَاجِرُ وَتَوَقَّدَتِ السَّمَاءُ وَلَمَّا وَصَلْتُ مِنْهَا إِلَى مَشْهَدِ الْكَاظِم عليه السلام وَاسْتَنْشَقْتُ نَسِيمَ تُرْبَتِهِ الْمَغْمُورَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ الْمَحْفُوفَةِ بِحَدَائِقِ الْغُفْرَانِ أكْبَبْتُ عَلَيْهَا بعَبَرَاتٍ مُتَقَاطِرَةٍ وَزَفَرَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ، وَقَدْ حَجَبَ الدَّمْعُ طَرْفِي عَن النَّظَر فَلَمَّا رَقَأتِ الْعَبْرَةُ وَانْقَطَعَ النَّحِيبُ وَفَتَحْتُ بَصَري وَإِذَا أنَا بِشَيْخ قَدِ انْحَنَى صُلْبُهُ وَتَقَوَّسَ مَنْكِبَاهُ وَثَفِنَتْ جَبْهَتُهُ وَرَاحَتَاهُ وَهُوَ يَقُولُ لآِخَرَ مَعَهُ عِنْدَ الْقَبْر: يَا ابْنَ أخ فَقَدْ نَالَ عَمُّكَ شَرَفاً بِمَا حَمَّلَهُ السَّيَّدَانِ مِنْ غَوَامِض الْغُيُوبِ وَشَرَائِفِ الْعُلُوم الَّتِي لَمْ يَحْمِلْ مِثْلَهَا إِلاَّ سَلْمَانُ وَقَدْ أشْرَفَ عَمُّكَ عَلَى اسْتِكْمَالِ الْمُدَّةِ وَانْقِضَاءِ الْعُمُر وَلَيْسَ يَجِدُ فِي أهْل الْوَلاَيَةِ رَجُلاً يُفْضِي إِلَيْهِ(21)، قُلْتُ: يَا نَفْسُ لاَ يَزَالُ الْعَنَاءُ وَالْمَشَقَّةُ يَنَالاَنِ مِنْكِ بإتْعَأبِي الْخُفَّ وَالْحَافِرَ فِي طَلَبِ الْعِلْم وَقَدْ قَرَعَ سَمْعِي مِنْ هَذَا الشَّيْخ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى عِلْم جَسِيم وَأمْرٍ عَظِيم‏.
فَقُلْتُ: أيُّهَا الشَّيْخُ وَمَن السَّيَّدَانِ؟ قَالَ: النَّجْمَانِ الْمُغَيَّبَانِ فِي الثَّرَى بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى، فَقُلْتُ: إِنّي اُقْسِمُ بِالْمُوَالاَةِ وَشَرَفِ مَحَلّ هَذَيْن السَّيَّدَيْن مِنَ الإمَامَةِ وَالْورَاثَةِ أنّي خَاطِبٌ عِلْمَهُمَا وَطَالِبٌ آثَارَهُمَا وَبَاذِلٌ مِنْ نَفْسِي الأيْمَانَ الْمُؤَكَّدَةَ عَلَى حِفْظِ أسْرَارِهِمَا، قَالَ: إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَأحْضِرْ مَا صَحِبَكَ مِنَ الآثَارِ عَنْ نَقَلَةِ أخْبَارِهِمْ، فَلَمَّا فَتَّشَ الْكُتُبَ وَتَصَفَّحَ الرَّوَايَاتِ مِنْهَا قَالَ: صَدَقْتَ أنَا بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ مِنْ وُلْدِ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيّ أحَدُ مَوَالِي أبِي الْحَسَن وَأبِي مُحَمَّدٍ عليهما السلام وَجَارُهُمَا بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى، قُلْتُ: فَأكْرمْ أخَاكَ بِبَعْض مَا شَاهَدْتَ مِنْ آثَارِهِمَا، قَالَ: كَانَ مَوْلاَيَ أبُو الْحَسَن عليه السلام فَقَّهَني فِي عِلْم الرَّقِيقِ فَكُنْتُ لاَ أبْتَاعُ وَلاَ أبيعُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَاجْتَنَبْتُ بِذَلِكَ مَوَارِدَ الشُّبُهَاتِ حَتَّى كَمَلَتْ مَعْرفَتِي فِيهِ فَأحْسَنْتُ الْفَرْقَ فِيمَا بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَام فَبَيْنَا أنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَنْزلِي بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى وَقَدْ مَضَى هَويٌّ مِنَ اللَّيْل إِذْ قَدْ قَرَعَ الْبَابَ قَارِعٌ فَعَدَوْتُ مُسْرعاً فَإذَا بِكَافُورٍ الْخَادِم رَسُولِ مَوْلاَنَا أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَدْعُوني إِلَيْهِ فَلَبِسْتُ ثِيَأبِي وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَرَأيْتُهُ يُحَدَّثُ ابْنَهُ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام وَاُخْتَهُ حَكِيمَةَ مِنْ وَرَاءِ السَّتْر، فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ: (يَا بِشْرُ إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الأنْصَارِ وَهَذِهِ الْوَلاَيَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَأنْتُمْ ثِقَاتُنَا أهْلَ الْبَيْتِ) ... وَسَاقَ الْخَبَرَ نَحْواً مِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخُ إِلَى آخِرهِ(22).
بيان: يباري السماء: أي يعارضها، ويقال: برح به الأمر تبريحاً جهده وأضرَّ به وأوعز إليه، في كذا: أي تقدَّم، وانكفأ: أي رجع.
14 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْمُطَهَّريّ(23)، قَالَ: قَصَدْتُ حَكِيمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ عليه السلام بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أسْألُهَا عَن الْحُجَّةِ وَمَا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْحَيْرَةِ الَّتِي(24) فِيهَا، فَقَالَتْ لِي: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَتْ لِي: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لاَ يُخَلّي الأرْضَ مِنْ حُجَّةٍ نَاطِقَةٍ أوْ صَامِتَةٍ وَلَمْ يَجْعَلْهَا فِي أخَوَيْن بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن تَفْضِيلاً لِلْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام وَتَمْيِيزاً لَهُمَ(25) أنْ يَكُونَ فِي الأرْض عَدِيلُهُمَا إِلاَّ أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ وُلْدَ الْحُسَيْن بالْفَضْل عَلَى وُلْدِ الْحَسَن كَمَا خَصَّ وُلْدَ هَارُونَ عَلَى وُلْدِ مُوسَى وَإِنْ كَان‏ مُوسَى حُجَّةً عَلَى هَارُونَ وَالْفَضْلُ لِوُلْدِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَلاَ بُدَّ لِلاُمَّةِ مِنْ حَيْرَةٍ يَرْتَابُ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ وَيَخْلُصُ فِيهَا الْمُحِقُّونَ لِئَل(26) يَكُونَ لِلنَّاس(27) عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل، وَإِنَّ الْحَيْرَةَ لاَ بُدَّ وَاقِعَةٌ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام.
الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 232/ رقم 200.
(2) كمال الدين 2: 430/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 6.
(3) في المصدر: (يجري) بدل (جرى).
(4) كمال الدين 2: 431/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 7.
(5) كمال الدين 2: 431/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 8 .
(6) في المصدر: (شقيقة) بدل (شقّة)، والشقّة بالكسر والضمّ السبيبة المقطوعة من الثياب المستطيلة، وقد يكون تصحيف (حقّة) وهي وعاء تسوى من خشب أو من العاج أو غير ذلك.
(7) في المصدر: (ملصقاً) بدل (ملطّفة).
(8) المغلظة: المؤكّدة من اليمين، والمحرجة: اليمين التي تضيق مجال الحالف بحيث لا يبقى له مندوحة عن برّ قسمه.
(9) من الإعارة أي أعطيني سمعك عارية.
(10) في المصدر: (مصنوعاً).
(11) في المصدر إضافة: (إلى صحن القصر).
(12) في المصدر: (العاثر) بدل (العاهر).
(13) في المصدر إضافة: (لي).
(14) في النسخة المطبوعة: (أقول)، وهو سهو والصحيح ما أثبتناه، يقال: نالت المرأة بالحديث أو الحاجة تنول أي سمحت أو همَّت.
(15) في المصدر: (ترجمانه لي) بدل (ترجمانة له).
(16) في المصدر إضافة: (قالت: من المسيح ووصيّه).
(17) الغيبة للطوسي: 208/ رقم 178.
(18) في النسخة المطبوعة: (الكافي) وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه.
(19) عبارة: (محمّد بن) ليست في المصدر.
(20) في المصدر: (بحر) بدل (يحيى).
(21) في المصدر: (يفضي إليه بسرّه).
(22) كمال الدين 2: 417/ باب (ما روي في نرجس)/ ح 1.
(23) في المصدر: (الطهري) بدل (المطهّري).
(24) في المصدر إضافة: (هم).
(25) في المصدر: (وتنزيهاً لهما).
(26) في المصدر: (كيلا).
(27) في المصدر: (للخلق) بدل (للناس).
******************
فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَتِي هَلْ كَانَ لِلْحَسَن عليه السلام وَلَدٌ؟ فَتَبَسَّمَتْ ثُمَّ قَالَتْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَسَن عليه السلام عَقِبٌ فَمَن الْحِجَّةُ مِنْ بَعْدِهِ؟ وَقَدْ أخْبَرْتُكَ (أنَّ الإمَامَةَ لاَ تَكُونُ لأخَوَيْن(1) بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام).
(فَقُلْتُ: يَا سَيَّدَتِي) حَدَّثِيني بِوِلاَدَةِ مَوْلاَيَ وَغَيْبَتِهِ عليه السلام. (قال) قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، فَزَارَني ابْنُ أخِي عليه السلام وَأقْبَلَ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي لَعَلَّكَ هَويتَهَا فَاُرْسِلُهَا إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: (لاَ يَا عَمَّةُ لَكِنّي أتَعَجَّبُ مِنْهَا)، فَقُلْتُ: وَمَا أعْجَبَكَ؟ فَقَالَ عليه السلام: (سَيَخْرُجُ مِنْهَا وَلَدٌ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ عزّ وجل الَّذِي يَمْلأ اللهُ بِهِ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)، فَقُلْتُ: فَاُرْسِلُهَا إِلَيْكَ يَا سَيَّدِي؟ فَقَالَ: (اسْتَأذِني فِي ذَلِكَ أبي)، قَالَتْ: فَلَبِسْتُ ثِيَأبِي وَأتَيْتُ مَنْزلَ أبِي الْحَسَن فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَبَدَأني عليه السلام وَقَالَ: (يَا حَكِيمَةُ ابْعَثِي بِنَرْجِسَ إِلَى ابْني أبِي مُحَمَّدٍ)، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي عَلَى هَذَا قَصَدْتُكَ أنْ أسْتَأذِنَكَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: (يَا مُبَارَكَةُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أحَبَّ أنْ يَشْرَكَكِ فِي الأجْر وَيَجْعَلَ لَكِ فِي الْخَيْر نَصِيباً)، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ ألْبَثْ أنْ رَجَعْتُ إِلَى مَنْزلِي وَزَيَّنْتُهَا وَوَهَبْتُهَا لأبِي مُحَمَّدٍ وَجَمَعْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي مَنْزلِي فَأقَامَ عِنْدِي أيَّاماً ثُمَّ مَضَى إِلَى وَالِدِهِ وَوَجَّهْتُ بِهَا مَعَهُ.
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَمَضَى أبُو الْحَسَن عليه السلام وَجَلَسَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مَكَانَ وَالِدِهِ وَكُنْتُ أزُورُهُ كَمَا كُنْتُ أزُورُ وَالِدَهُ فَجَاءَتْنِي نَرْجِسُ يَوْماً تَخْلَعُ خُفّي وَقَالَتْ: يَا مَوْلاَتِي نَاوِلْنِي خُفَّكِ، فَقُلْتُ: بَلْ أنْتِ سَيَّدَتِي وَمَوْلاَتِي وَاللهِ لاَ دَفَعْتُ إِلَيْكِ خُفّي لِتَخْلَعِيهِ وَلاَ خَدَمْتِيني(2) بَلْ أخْدُمُكِ(3) عَلَى بَصَري، فَسَمِعَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام ذَلِكَ فَقَالَ: (جَزَاكِ اللهُ خَيْراً يَا عَمَّةُ)، فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ إِلَى وَقْتِ غُرُوبِ الشَّمْس فَصِحْتُ بِالْجَارِيَةِ وَقُلْتُ: نَاوِلِيني ثِيَأبِي لأنْصَرفَ، فَقَالَ عليه السلام: (يَا عَمَّتَاهُ بِيتِيَ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإنَّهُ سَيُولَدُ اللَّيْلَةَ الْمَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ عزّ وجل الَّذِي يُحْيِي اللهُ عزّ وجل بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا).
قُلْتُ: مِمَّنْ يَا سَيَّدِي وَلَسْتُ أرَى بِنَرْجِسَ شَيْئاً مِنْ أثَر الْحَمْل؟ فَقَالَ: (مِنْ نَرْجِسَ لاَ مِنْ غَيْرهَا) قَالَتْ: فَوَثَبْتُ إِلَى نَرْجِسَ فَقَلَبْتُهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أرَ بِهَا أثَراً مِنْ حَبَلٍ فَعُدْتُ إِلَيْهِ فَأخْبَرْتُهُ بِمَا فَعَلْتُ، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي: (إِذَا كَانَ وَقْتُ الْفَجْر يَظْهَرُ لَكِ بِهَا الْحَبَلُ لأنَّ مَثَلَهَا مَثَلُ اُمَّ مُوسَى لَمْ يَظْهَرْ بِهَا الْحَبَلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أحَدٌ إِلَى وَقْتِ وِلاَدَتِهَا لأنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَشُقُّ بُطُونَ الْحَبَالَى فِي طَلَبِ مُوسَى وَهَذَا نَظِيرُ مُوسَى عليه السلام)(4).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ أزَلْ أرْقُبُهَا إِلَى وَقْتِ طُلُوع الْفَجْر وَهِيَ نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيَّ لاَ تَقْلِبُ جَنْباً إِلَى جَنْبٍ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِر اللَّيْل وَقْتَ طُلُوع الْفَجْر وَثَبَتْ فَزعَةً فَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي وَسَمَّيْتُ عَلَيْهَا، فَصَاحَ(5) أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام وَقَالَ: (اقْرَئِي عَلَيْهَا: ((إِنَّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ))(6))، فَأقْبَلْتُ أقْرَأ عَلَيْهَا وَقُلْتُ لَهَا: مَا حَالُكِ؟ قَالَتْ: ظَهَرَ(7) الأمْرُ الَّذِي أخْبَرَكِ بِهِ مَوْلاَيَ، فَأقْبَلْتُ أقْرَأ عَلَيْهَا كَمَا أمَرَني فَأجَابَني الْجَنِينُ مِنْ بَطْنِهَا يَقْرَأ كَمَا أقْرَأ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَفَزعْتُ لِمَا سَمِعْتُ، فَصَاحَ بِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (لاَ تَعْجَبِي مِنْ أمْر اللهِ عزّ وجل إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُنْطِقُنَا بِالْحِكْمَةِ صِغَاراً وَيَجْعَلُنَا حُجَّةً فِي أرْضِهِ كِبَاراً)، فَلَمْ يَسْتَتِمَّ الْكَلاَمَ حَتَّى غِيبَتْ عَنّي نَرْجِسُ فَلَمْ أرَهَا كَأنَّهُ ضُربَ بَيْني وَبَيْنَهَا حِجَابٌ فَعَدَوْتُ نَحْوَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَأنَا صَارِخَةٌ، فَقَالَ لِي: (ارْجِعِي يَا عَمَّةُ فَإنَّكِ سَتَجِدِيهَا فِي مَكَانِهَا)، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ فَلَمْ ألْبَثْ أنْ كُشِفَ الْحِجَابُ(8) بَيْني وَبَيْنَهَا وَإِذَا أنَا بِهَا وَعَلَيْهَا مِنْ أثَر النُّورِ مَا غَشِيَ بَصَري وَإِذَا أنَا بِالصَّبِيّ عليه السلام سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَأنَّ جَدَّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأنَّ أبِي أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ...) ثُمَّ عَدَّ إِمَاماً إِمَاماً إِلَى أنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ عليه السلام: (اللهُمَّ أنْجِزْ لِي وَعْدِي وَأتْمِمْ لِي أمْري وَثَبَّتْ وَطْأتِي وَامْلأ الأرْضَ بِي عَدْلاً وَقِسْطاً).
فَصَاحَ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ عليه السلام فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ تَنَاوَلِيهِ فَهَاتِيهِ)، فَتَنَاوَلْتُهُ وَأتَيْتُ بِهِ نَحْوَهُ، فَلَمَّا مَثَلْتُ بَيْنَ يَدَيْ أبيهِ وَهُوَ عَلَى يَدَيَّ سَلَّمَ عَلَى أبيهِ فَتَنَاوَلَهُ الْحَسَنُ عليه السلام وَالطَّيْرُ تُرَفْرفُ عَلَى رَأسِهِ(9) فَصَاحَ بِطَيْرٍ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ: (احْمِلْهُ وَاحْفَظْهُ وَرُدَّهُ إِلَيْنَا فِي‏ كُلّ أرْبَعِينَ يَوْماً)، فَتَنَاوَلَهُ الطَّائِرُ وَطَارَ بِهِ فِي جَوّ السَّمَاءِ وَأتْبَعَهُ سَائِرُ الطَّيْر، فَسَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: (أسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى(10))، فَبَكَتْ نَرْجِسُ، فَقَالَ لَهَا: (اسْكُتِي فَإنَّ الرَّضَاعَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ إِلاَّ مِنْ ثَدْيِكِ وَسَيُعَادُ إِلَيْكِ كَمَا رُدَّ مُوسَى إِلَى اُمَّهِ وَذَلِكِ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ))(11)).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَقُلْتُ: مَا هَذَا الطَّائِرُ؟ قَالَ: (هَذَا رُوحُ الْقُدُس الْمُوَكَّلُ بالأئِمَّةِ عليهم السلام يُوَفّقُهُمْ وَيُسَدَّدُهُمْ وَيُرَبَّيهِمْ بِالْعِلْم).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أنْ كَانَ بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً رُدَّ الْغُلاَمُ وَوَجَّهَ إِلَيَّ ابْنُ أخِي عليه السلام فَدَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإذَا أنَا بِصَبِيّ مُتَحَرَّكٌ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: سَيَّدِي هَذَا ابْنُ سَنَتَيْن، فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ أوْلاَدَ الأنْبِيَاءِ وَالأوْصِيَاءِ إِذَا كَانُوا أئِمَّةً يَنْشَئُونَ بِخِلاَفِ مَا يَنْشَأ غَيْرُهُمْ وَإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا إِذَا أتَى عَلَيْهِ شَهْرٌ كَانَ كَمَنْ يَأتِي(12) عَلَيْهِ سَنَةٌ وَإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا لَيَتَكَلَّمُ فِي بَطْن اُمَّهِ وَيَقْرَأ الْقُرْآنَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ عزّ وجل وَعِنْدَ الرَّضَاع تُطِيعُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَتَنْزلُ عَلَيْهِ (كُلَّ) صَبَاح (وَ)مَسَاءٍ(13)).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ أزَلْ أرَى ذَلِكَ الصَّبِيَّ كُلَّ أرْبَعِينَ يَوْماً إِلَى أنْ رَأيْتُهُ رَجُلاً قَبْلَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بأيَّام قَلاَئِلَ فَلَمْ أعْرفْهُ، فَقُلْتُ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَنْ هَذَا الَّذِي تَأمُرُني أنْ أجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ؟ فَقَالَ: (ابْنُ نَرْجِسَ وَهُوَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي وَعَنْ قَلِيلٍ تَفْقِدُونّي فَاسْمَعِي لَهُ وَأطِيعِي)، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَمَضَى أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام بِأيَّام قَلاَئِلَ وَافْتَرَقَ النَّاسُ كَمَا تَرَى وَوَاللهِ إِنّي لأرَاهُ صَبَاحاً وَمَسَاءً وَإِنَّهُ لَيُنْبِئُنِي عَمَّا تَسْألُونّي عَنْهُ فَاُخْبِرُكُمْ، وَوَاللهِ إِنّي لاَرِيدُ أنْ أسْألَهُ عَن الشَّيْ‏ءِ فَيَبْدَاُني بِهِ وَإِنَّهُ لَيَرُدُّ عَلَيَّ الأمْرَ فَيَخْرُجُ إِلَيَّ مِنْهُ جَوَابُهُ مِنْ سَاعَتِهِ مِنْ غَيْر مَسْألَتِي وَقَدْ أخْبَرَني الْبَارِحَةَ بِمَجِيئِكَ إِلَيَّ وَأمَرَني أنْ اُخْبِرَكَ بِالْحَقّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: فَوَ اللهِ لَقَدْ أخْبَرَتْنِي حَكِيمَةُ بِأشْيَاءَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا أحَدٌ إِلاَّ اللهُ عزّ وجل فَعَلِمْتُ أنَّ ذَلِكَ صِدْقٌ وَعَدْلٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل وَأنَّ اللهَ عزّ وجل قَدِ اطَّلَعَهُ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أحَداً مِنْ خَلْقِهِ(14).
بيان: قوله عليه السلام: (وثبت وطأتي): الوطئ الدوس بالقدم سمي به الغزو والقتل لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته، ذكره الجزري(15): أي أحكم وثبّت ما وعدتني من جهاد المخالفين واستيصالهم.
15 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زَكَريَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلِيلاَنَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ غِيَاثِ بْن أسَدٍ(16)، قَالَ: وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاُمُّهُ رَيْحَانَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ: صَقِيلُ، وَيُقَالُ: سَوْسَنُ، إِلاَّ أنَّهُ قِيلَ لِسَبَبِ الْحَمْل: صَقِيلُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ عليه السلام لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَكِيلُهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ أوْصَى إِلَى ابْنِهِ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ وَأوْصَى أبُو جَعْفَرٍ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رُوح وَأوْصَى أبُو الْقَاسِم إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ رضي الله عنهم فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّمُريَّ رضي الله عنه الْوَفَاةُ سُئِلَ أنْ يُوصِيَ، فَقَالَ: للهِ أمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ، فَالْغَيْبَةُ التَّامَّةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ السَّمُريّ رحمه الله(17).
بيان: قوله: إلاَّ أنَّه قيل لسبب الحمل: أي إنَّما سُمّي صقيلاً لِمَا اعتراه من النور والجلاء بسبب الحمل المنوّر، يقال: صقل السيف وغيره أي جلاه فهو صقيل، ولا يبعد أن يكون تصحيف الجمال.
16 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن بْن الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْكَرْخِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا هَارُونَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِنَا يَقُولُ: رَأيْتُ صَاحِبَ الزَّمَانِ عليه السلام وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(18).
17 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيّ، أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام بَعَثَ إِلَى (بَعْض) مَنْ سَمَّاهُ لِي بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ، قَالَ: (هَذِهِ مِنْ عَقِيقَةِ ابْني مُحَمَّدٍ)(19).
18 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ النَّيْسَابُورِيّ، عَن الْحَسَن بْن الْمُنْذِرِ، عَنْ حَمْزَةَ بْن أبِي الْفَتْح، قَالَ: جَاءَنِي يَوْماً فَقَالَ لِي: الْبِشَارَةَ! وُلِدَ الْبَارِحَةَ فِي الدَّارِ مَوْلُودٌ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَأمَرَ بِكِتْمَانِهِ، قُلْتُ: وَمَا اسْمُهُ؟ قَالَ: سُمَّيَ بِمُحَمَّدٍ وَكُنّيَ بِجَعْفَرٍ(20).
19 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زَكَريَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلِيلاَنَ،‏ عَنْ أبيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ غِيَاثِ بْن أسَدٍ(21)، قَالَ: سَمِعْتُ(22) مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: لَمَّا وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ سَطَعَ نُورٌ مِنْ فَوْقِ رَأسِهِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ ثُمَّ سَقَطَ لِوَجْهِهِ سَاجِداً لِرَبَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَهُوَ يَقُولُ: (أشْهَدُ أن ((لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))(23))، قَالَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ(24).
20 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أنَّهُ قَالَ: وُلِدَ السَّيَّدُ عليه السلام مَخْتُوناً وَسَمِعْتُ حَكِيمَةَ تَقُولُ: لَمْ يُرَ بِاُمَّهِ دَمٌ فِي نِفَاسِهَا، وَهَذَا سَبِيلُ اُمَّهَاتِ الأئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ(25).
21 _ كمال الدين: أبُو الْعَبَّاس أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن مِهْرَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاقَ الْقُمَّيّ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْخَلَفُ الصَّالِحُ عليه السلام وَرَدَ مِنْ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيّ عَلَى جَدَّي أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ كِتَابٌ وَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ بِخَطّ يَدِهِ عليه السلام الَّذِي كَانَ يَردُ بِهِ التَّوْقِيعَاتُ عَلَيْهِ: (وُلِدَ الْمَوْلُودُ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مَسْتُوراً وَعَنْ جَمِيع النَّاس مَكْتُوماً فَإنَّا لَمْ نُظْهِرْ عَلَيْهِ إِلاَّ الأقْرَبَ لِقَرَابَتِهِ وَالْمَوْلَى(26) لِوَلاَيَتِهِ أحْبَبْنَا إِعْلاَمَكَ لِيَسُرَّكَ اللهُ بِهِ كَمَا سَرَّنَا وَالسَّلاَمُ)(27).
22 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ(28)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْعَبَّاس الْعَلَويّ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعَلَويّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيّ عليهما السلام بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى فَهَنَّأتُهُ بِولاَدَةِ ابْنِهِ الْقَائِم عليه السلام(29).
الغيبة للطوسي: ابن أبِي جيد، عن ابن الوليد، مثله(30).
23 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن حُبَابٍ، عَنْ أبِي الأدْيَانِ(31)، قَالَ: قَالَ عَقِيدٌ الْخَادِمُ: قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ خَيْرَوَيْهِ الْبَصْريُّ(32)، وَقَالَ حَاجِزٌ الْوَشَّاءُ كُلُّهُمْ حَكَوْا عَنْ عَقِيدٍ، وَقَالَ أبُو سَهْل بْنُ نَوْبَخْتَ: قَالَ عَقِيدٌ: وُلِدَ وَلِيُّ اللهِ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ(33) مِنْ سَنَةِ أرْبَع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن لِلْهِجْرَةِ وَيُكَنَّى‏ أبَا الْقَاسِم، وَيُقَالُ: أبُو جَعْفَرٍ، وَلَقَبُهُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ حُجَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ(34) وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وِلاَدَتِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أظْهَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَتَمَ وَمِنْهُمْ مَنْ نَهَى عَنْ ذِكْر خَبَرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أبْدَى ذِكْرَهُ وَاللهُ أعْلَمُ(35).
24 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْن زَكَريَّا، عَن الثّقَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الْعَبَّاسُ الْعَلَويُّ وَمَا رَأيْتُ أصْدَقَ لَهْجَةً مِنْهُ وَكَانَ خَالَفَنَا فِي أشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعَلَويّ(36)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى فَهَنَّأتُهُ بِسَيَّدِنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام لَمَّا وُلِدَ(37).
25 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ أبِي جَيَّدٍ، عَن ابْن الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْمُطَهَّريّ(38)، عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الرَّضَا، قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اجْعَلِي اللَّيْلَةَ إِفْطَارَكِ عِنْدِي فَإنَّ اللهَ عزّ وجل سَيَسُرُّكِ بِوَلِيَّهِ وَحُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي)، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَتَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ سُرُورٌ شَدِيدٌ وَأخَذْتُ ثِيَابِي عَلَيَّ وَخَرَجْتُ مِنْ سَاعَتِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَهُوَ جَالِسٌ فِي صَحْن دَارهِ وَجَوَاريهِ حَوْلَهُ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيَّدِي الْخَلَفُ مِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: (مِنْ سَوْسَنَ)، فَأدَرْتُ طَرْفِي فِيهِنَّ فَلَمْ أرَ جَاريَةً عَلَيْهَا أثَرٌ غَيْرَ سَوْسَنَ، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أنْ صَلَّيْتُ الْمَغْربَ وَالْعِشَاءَ الآخِرَةَ أتَيْتُ بِالْمَائِدَةِ فَأفْطَرْتُ أنَا وَسَوْسَنُ وَبَايَتُّهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَغَفَوْتُ غَفْوَةً(39) ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أزَلْ مُفَكّرَةً فِيمَا وَعَدَنِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مِنْ أمْر وَلِيّ اللهِ عليه السلام فَقُمْتُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي كُنْتُ أقُومُ فِي كُلّ لَيْلَةٍ لِلصَّلاَةِ، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ اللَّيْل حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى الْوَتْر فَوَثَبَتْ سَوْسَنُ فَزعَةً وَخَرَجَتْ وَأسْبَغَتِ الْوُضُوءَ ثُمَّ عَادَتْ فَصَلَّتْ صَلاَةَ اللَّيْل وَبَلَغَتْ إِلَى الْوَتْر فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أنَّ الْفَجْرَ قَدْ قَرُبَ فَقُمْتُ لأنْظُرَ فَإذَا بِالْفَجْر الأوَّلِ قَدْ طَلَعَ فَتَدَاخَلَ قَلْبِيَ الشَّكُّ(40) مِنْ وَعْدِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَنَادَانِي مِنْ حُجْرَتِهِ: (لاَ تَشُكّي وَكَأنَّكِ بِالأمْر السَّاعَةَ قَدْ رَأيْتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (لا إمامة لأخوين) بدل (الإمامة لا تكون لأخوين).
(2) في المصدر: (ولا لتخدميني).
(3) في المصدر: (بل أنا أخدمك).
(4) في المصدر إضافة: (قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال وسألتها عن حالها، فقالت: يا مولاتي ما أرى بي شيئاً).
(5) في المصدر إضافة: (إليَّ) بين معقوفتين.
(6) القدر: 1.
(7) في المصدر إضافة: (بي) بين معقوفتين.
(8) في المصدر: (الغطاء الذي كان) بدل (الحجاب).
(9) في المصدر إضافة: (وناوله لسانه فشرب منه، ثمّ قال: (امضي به إلى اُمّه لترضعه وردّيه إليَّ)، قالت: فتناولَته اُمّه فأرضعته فردته إلى أبي محمّد عليه السلام والطير ترفرف على رأسه).
(10) في المصدر: (موسى).
(11) القصص: 13.
(12) في المصدر: (أتى).
(13) في المصدر: (وتنزل عليه صباحاً ومساءً).
(14) كمال الدين 2: 426/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 2.
(15) النهاية 5: 200.
(16) في المصدر: (اُسيد) بدل (أسد).
(17) كمال الدين 2: 432/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 12.
(18) كمال الدين 2: 432/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 9.
(19) كمال الدين 2: 432/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 10.
(20) كمال الدين 2: 432/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 11.
(21) في المصدر: (اُسيد).
(22) في المصدر: (شهدت) بدل (سمعت).
(23) آل عمران: 18 و19.
(24) كمال الدين 2: 433/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 13.
(25) كمال الدين 2: 433/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 14.
(26) في المصدر: (الولي) بدل (المولى).
(27) كمال الدين 2: 433/ باب (ما روي في ميلاد القائم عليه السلام)/ ح 16.
(28) في المصدر إضافة: (عن محمّد بن الحسن الكرخي).
(29) كمال الدين 2: 434/ باب (ذكر من هنَّأ أبا محمّد الحسن بن علي عليه السلام بولادة ابنه القائم عليه السلام)/ ح 1.
(30) الغيبة للطوسي: 251/ رقم 221.
(31) أبو الأديان - كما في ريحانة الأدب (ج 7/ ص 8) - هو: علي البصري من مشاهير الصوفية توفّي أواخر القرن الثالث الهجري، وكنيته أبو الحسن، وقيل له: (أبا الأديان) لأنَّه كان يناظر في جميع الأديان.
(32) في المصدر: (التستري) بدل (البصري).
(33) في المصدر: (ليلة الجمعة غرّة شهر رمضان).
(34) في المصدر إضافة: (على جميع خلقه واُمّه صقيل الجارية ومولده بسُرَّ من رأى في درب الراضة).
(35) كمال الدين 2: 474/ ضمن الحديث 25.
(36) في المصدر: (الحسين بن الحسين العلوي) بدل (الحسن بن الحسين العلوي).
(37) الغيبة للطوسي: 229/ رقم 195.
(38) في المصدر: (عن أبي عبد الله المطهّري).
(39) غفا يغفو غفواً: نام، وقيل: نعس، وقيل: نام نومة خفيفة.
(40) فتداخلني الشكّ (خ).
******************
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَمِمَّا وَقَعَ فِي قَلْبِي وَرَجَعْتُ إِلَى الْبَيْتِ وَأنَا خَجِلَةٌ فَإذَا هِيَ قَدْ قَطَعَتِ الصَّلاَةَ وَخَرَجَتْ فَزعَةً فَلَقِيتُهَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ: بِأبِي أنْتِ وَاُمَّي هَلْ تَحِسَّينَ شَيْئاً؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ، إِنّي لأجِدُ أمْراً شَدِيداً، قُلْتُ: لاَ خَوْفَ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَأخَذْتُ وسَادَةً فَألْقَيْتُهَا فِي وَسَطِ الْبَيْتِ وَأجْلَسْتُهَا عَلَيْهَا وَجَلَسْتُ مِنْهَا حَيْثُ تَقْعُدُ الْمَرْأةُ مِنَ الْمَرْأةِ لِلْولاَدَةِ فَقَبَضَتْ عَلَى كَفّي وَغَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أنَّتْ أنَّةً وَتَشَهَّدَتْ وَنَظَرْتُ تَحْتَهَا فَإِذَا أنَا بِوَلِيّ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مُتَلَقّياً الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَأخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأجْلَسْتُهُ فِي حَجْري وَإِذَا هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، فَنَادَانِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّةُ هَلُمَّي فَأتِيني بِابْني)، فَأتَيْتُهُ بِهِ فَتَنَاوَلَهُ وَأخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهَا ثُمَّ أدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَحَنَّكَهُ ثُمَّ أدْخَلَهُ فِي اُذُنَيْهِ وَأجْلَسَهُ فِي رَاحَتِهِ الْيُسْرَى فَاسْتَوَى وَلِيُّ اللهِ جَالِساً فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ وَقَالَ لَهُ: (يَا بُنَيَّ انْطِقْ بِقُدْرَةِ اللهِ)، فَاسْتَعَاذَ وَلِيُّ اللهِ عليه السلام مِنَ الشَّيْطَان الرَّجِيمِ وَاسْتَفْتَحَ: (((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(1)...) وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةِ عليهم السلام وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أبِيهِ، فَنَاوَلَنِيهِ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام وَقَالَ: (يَا عَمَّةُ رُدَّيهِ إِلَى اُمَّهِ حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ(2))، فَرَدَدْتُهُ إِلَى اُمَّهِ وَقَدِ انْفَجَرَ الْفَجْرُ الثَّانِي فَصَلَّيْتُ الْفَريضَةَ وَعَقَّبْتُ إِلَى أنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ وَدَّعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام وَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزلِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثٍ اشْتَقْتُ إِلَى وَلِيّ اللهِ فَصِرْتُ إِلَيْهِمْ فَبَدَأتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ سَوْسَنُ فِيهَا فَلَمْ أرَ أثَراً وَلاَ سَمِعْتُ ذِكْراً فَكَرهْتُ أنْ أسْألَ فَدَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَاسْتَحْيَيْتُ أنْ أبْدَأهُ بِالسُّؤَالِ فَبَدَأنِي، فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ فِي كَنَفِ اللهِ وَحِرْزِهِ وَسَتْرهِ وَعَيْنهِ(3) حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ فَإذَا غَيَّبَ اللهُ شَخْصِي وَتَوَفَّانِي وَرَأيْتِ شِيعَتِي قَدِ اخْتَلَفُوا فَأخْبِري الثّقَاتَ مِنْهُمْ وَلْيَكُنْ عِنْدَكِ وَعِنْدَهُمْ مَكْتُوماً فَإنَّ وَلِيَّ اللهِ يُغَيّبُهُ اللهُ عَنْ خَلْقِهِ وَيَحْجُبُهُ عَنْ عِبَادِهِ فَلاَ يَرَاهُ أحَدٌ حَتَّى يُقَدَّمَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَرَسَهُ ((لِيَقْضِيَ اللهُ أمْراً كانَ مَفْعُولاً))(4))(5).
26 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن سَمِيع بْن بُنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن أبِي الدَّاريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن رُوح الأهْوَازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَكِيمَةَ بِمِثْل مَعْنَى الْحَدِيثِ الأوَّلِ إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام لَيْلَةَ النَّصْفِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، قَالَتْ: وَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مَنْ اُمُّهُ؟ قَالَ: (نَرْجِسُ)، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِثِ اشْتَدَّ شَوْقِي إِلَى وَلِيّ اللهِ فَأتَيْتُهُمْ عَائِدَةً فَبَدَأتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي فِيهَا الْجَاريَةُ فَإذَا أنَا بِهَا جَالِسَةً فِي مَجْلِس الْمَرْأةِ النُّفَسَاءِ وَعَلَيْهَا أثْوَابٌ صُفْرٌ وَهِيَ مُعَصَّبَةُ الرَّأس، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا وَالْتَفَتُّ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ وَإِذَا بِمَهْدٍ عَلَيْهِ أثْوَابٌ خُضْرٌ فَعَدَلْتُ إِلَى الْمَهْدِ وَرَفَعْتُ عَنْهُ الأثْوَابَ فَإذَا أنَا بِوَلِيّ اللهِ نَائِمٌ عَلَى قَفَاهُ غَيْرَ مَحْزُوم وَلاَ مَقْمُوطٍ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَجَعَلَ يَضْحَكُ وَيُنَاجِيني بِإصْبَعِهِ فَتَنَاوَلْتُهُ وَأدْنَيْتُهُ إِلَى فَمِي لاُقَبَّلَهُ فَشَمَمْتُ مِنْهُ رَائِحَةً مَا شَمَمْتُ قَطُّ أطْيَبَ مِنْهَا، وَنَادَانِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّتِي هَلُمَّي فَتَايَ إِلَيَّ)، فَتَنَاوَلَهُ وَقَالَ: (يَا بُنَيَّ انْطِقْ) ... وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَالَتْ: ثُمَّ تَنَاوَلَهُ مِنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: (يَا بُنَيَّ أسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى! كُنْ فِي دَعَةِ اللهِ وَسَتْرهِ وَكَنَفِهِ وَجِوَارهِ)، وَقَالَ: (رُدَّيهِ إِلَى اُمَّهِ يَا عَمَّةُ وَاكْتُمِي خَبَرَ هَذَا الْمَوْلُودِ عَلَيْنَا وَلاَ تُخْبِري بِهِ أحَداً حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أجَلَهُ)، فَأتَيْتُ اُمَّهُ وَوَدَّعْتُهُمْ... وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرهِ(6).
بيان: حزمه يحزمه: شدَّه.
27 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْن زَكَريَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي الثّقَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن بِلاَلٍ، عَنْ حَكِيمَةَ بِمِثْل ذَلِكَ(7).
وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوخ أنَّ حَكِيمَةَ حَدَّثَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَتْ أنَّهُ كَانَ لَيْلَةَ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَأنَّ اُمَّهُ نَرْجِسُ... وَسَاقَتِ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهَا: فَإذَا أنَا بِحِسَّ سَيَّدِي وَبصَوْتِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَهُوَ يَقُولُ: (يَا عَمَّتِي هَاتِي ابْنِي إِلَيَّ)، فَكَشَفْتُ عَنْ سَيَّدِي فَإذَا هُوَ سَاجِدٌ مُتَلَقّياً الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ وَعَلَى ذِرَاعِهِ الأيْمَن مَكْتُوبٌ: ((جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً))(8) فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَوَجَدْتُهُ مَفْرُوغاً مِنْهُ، فَلَفَفْتُهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلْتُهُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام... وَذَكَرُوا الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَأنَّ عَلِيّاً أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ حَقّاً...) ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَعُدُّ السَّادَةَ الأوْصِيَاءَ إِلَى أنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ وَدَعَا لأوْلِيَائِهِ بِالْفَرَج عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ أحْجَمَ. وَقَالَتْ: ثُمَّ رُفِعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ كَالْحِجَابِ فَلَمْ أرَ سَيَّدِي، فَقُلْتُ لأبِي مُحَمَّدٍ: يَا سَيَّدِي أيْنَ مَوْلاَيَ؟ فَقَالَ: (أخَذَهُ مَنْ هُوَ أحَقُّ مِنْكِ وَمِنَّا) ... ثُمَّ ذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَزَادُوا فِيهِ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَإِذَا مَوْلاَنَا الصَّاحِبُ يَمْشِي فِي الدَّار فَلَمْ أرَ وَجْهاً أحْسَنَ مِنْ وَجْهِهِ وَلاَ لُغَةً أفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، فَقَالَ أبُو مُحَمَّدٍ: (هَذَا الْمَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِعزّ وجل)، فَقُلْتُ: سَيَّدِي أرَى مِنْ أمْرهِ مَا أرَى وَلَهُ أرْبَعُونَ يَوْماً!؟، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: (يَا عَمَّتِي أمَا عَلِمْتِ أنَّا مَعَاشِرَ الأئِمَّةِ نَنْشَاُ فِي الْيَوْم مَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي السَّنَةِ)، فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَانْصَرَفْتُ، ثُمَّ عُدْتُ وَتَفَقَّدْتُهُ فَلَمْ أرَهُ، فَقُلْتُ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَا فَعَلَ مَوْلاَنَا؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْ اُمُّ مُوسَى)(9).
28 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْن زَكَريَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي أحْمَدُ بْنُ بِلاَلِ بْن دَاوُدَ الْكَاتِبِ وَكَانَ عَامَّيّاً بِمَحَلّ مِنَ النَّصْبِ لأهْل الْبَيْتِ عليهم السلام يُظْهِرُ ذَلِكَ وَلاَ يَكْتُمُهُ وَكَانَ صَدِيقاً لِي يُظْهِرُ مَوَدَّةً بِمَا فِيهِ مِنْ طَبْع أهْل الْعِرَاقِ فَيَقُولُ كُلَّمَا لَقِيَنِي: لَكَ عِنْدِي خَبَرٌ تَفْرَحُ بِهِ وَلاَ اُخْبِرُكَ بِهِ، فَأتَغَافَلُ عَنْهُ إِلَى أنْ جَمَعَنِي وَإِيَّاهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ فَاسْتَقْصَيْتُ عَنْهُ وَسَألْتُهُ أنْ يُخْبِرَني بِهِ، فَقَالَ: كَانَتْ دُورُنَا بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى مُقَابِلَ دَار ابْن الرَّضَا _ يَعْنِي أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيّ عليه السلام _ فَغِبْتُ عَنْهَا دَهْراً طَويلاً إِلَى قَزْوينَ وَغَيْرهَا ثُمَّ قَضَى لِيَ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا فَلَمَّا وَافَيْتُهَا وَقَدْ كُنْتُ فَقَدْتُ جَمِيعَ مَنْ خَلَّفْتُهُ مِنْ أهْلِي وَقَرَابَاتِي إِلاَّ عَجُوزاً كَانَتْ رَبَّتْنِي وَلَهَا بِنْتٌ مَعَهَا وَكَانَتْ مِنْ طَبْعِ الأوَّلِ مَسْتُورَةً صَائِنَةً لاَ تُحْسِنُ الْكَذِبَ وَكَذَلِكَ مُوَالِيَاتٌ لَنَا بَقِينَ فِي الدَّار فَأقَمْتُ عِنْدَهُمْ أيَّاماً ثُمَّ عَزَمْتُ (عَلَى)(10) الْخُرُوج، فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: كَيْفَ تَسْتَعْجِلُ الانْصِرَافَ وَقَدْ غِبْتَ زَمَاناً فَأقِمْ عِنْدَنَا لِنَفْرَحَ بِمَكَانِكَ، فَقُلْتُ لَهَا عَلَى جِهَةِ الْهُزْءِ: اُريدُ أنْ أصِيرَ إِلَى كَرْبَلاَءَ وَكَانَ النَّاسُ لِلْخُرُوج فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ أوْ لِيَوْم عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ اُعِيذُكَ بِاللهِ أنْ تستهيني بما (تَسْتَهِينَ مَا) ذَكَرْتَ أوْ تَقُولَهُ عَلَى وَجْهِ الْهُزْءِ فَإنّي اُحَدَّثُكَ بِمَا رَأيْتُهُ يَعْنِي بَعْدَ خُرُوجِكَ مِنْ عِنْدَنَا بِسَنَتَيْن.
كُنْتُ فِي هَذَا الْبَيْتِ نَائِمَةً بِالْقُرْبِ مِنَ الدَّهْلِيز وَمَعِيَ ابْنَتِي وَأنَا بَيْنَ النَّائِمَةِ وَالْيَقْظَانَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ نَظِيفُ الثّيَابِ طَيَّبُ الرَّائِحَةِ فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ يَجِيئُكِ السَّاعَةَ مَنْ يَدْعُوكِ فِي الْجِيرَان فَلاَ تَمْتَنِعِي مِنَ الذَّهَابِ مَعَهُ وَلاَ تَخَافِي، فَفَزعْتُ وَنَادَيْتُ ابْنَتِي وَقُلْتُ لَهَا: هَلْ شَعَرْتِ بِأحَدٍ دَخَلَ الْبَيْتَ؟ فَقَالَتْ: لاَ، فَذَكَرْتُ اللهَ وَقَرَأتُ وَنمْتُ فَجَاءَ الرَّجُلُ بِعَيْنِهِ وَقَالَ لِي مِثْلَ قَوْلِهِ، فَفَزعْتُ وَصِحْتُ بِابْنَتِي، فَقَالَتْ: لَمْ يَدْخُل الْبَيْتَ فَاذْكُري اللهَ وَلاَ تَفْزَعِي، فَقَرَأتُ وَنمْتُ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ جَاءَ الرَّجُلُ وَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ قَدْ جَاءَكِ مَنْ يَدْعُوكِ وَيَقْرَعُ الْبَابَ فَاذْهَبِي مَعَهُ، وَسَمِعْتُ دَقَّ الْبَابِ فَقُمْتُ وَرَاءَ الْبَابِ وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: افْتَحِي وَلاَ تَخَافِي، فَعَرَفْتُ كَلاَمَهُ وَفَتَحْتُ الْبَابَ فَإذَا خَادِمٌ مَعَهُ إِزَارٌ، فَقَالَ: يَحْتَاجُ إِلَيْكِ بَعْضُ الْجِيرَان لِحَاجَةٍ مُهِمَّةٍ فَادْخُلِي، وَلَفَّ رَأسِي بِالْمُلاَءَةِ وَأدْخَلَنِي الدَّارَ وَأنَا أعْرفُهَا فَإذَا بِشِقَاقٍ مَشْدُودَةٍ وَسَطَ الدَّار وَرَجُلٌ قَاعِدٌ بِجَنْبِ الشّقَاقِ فَرَفَعَ الْخَادِمُ طَرَفَهُ فَدَخَلْتُ وَإِذَا امْرَأةٌ قَدْ أخَذَهَا الطَّلْقُ وَامْرَأةٌ قَاعِدَةٌ خَلْفَهَا كَأنَّهَا تَقْبَلُهَا، فَقَالَتِ الْمَرْأةُ: تُعِينُنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، فَعَالَجْتُهَا بِمَا يُعَالَجُ بِهِ مِثْلُهَا، فَمَا كَانَ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى سَقَطَ غُلاَمٌ فَأخَذْتُهُ عَلَى كَفّي وَصِحْتُ غُلاَمٌ غُلاَمٌ، وَأخْرَجْتُ رَأسِي مِنْ طَرَفِ الشّقَاقِ اُبَشّرُ الرَّجُلَ الْقَاعِدَ، فَقِيلَ لِي: لاَ تَصِيحِي، فَلَمَّا رَدَدْتُ وَجْهِي إِلَى الْغُلاَم قَدْ كُنْتُ فَقَدْتُهُ مِنْ كَفّي، فَقَالَتْ لِيَ الْمَرْأةُ الْقَاعِدَةُ: لاَ تَصِيحِي، وَأخَذَ الْخَادِمُ بِيَدِي وَلَفَّ رَأسِي بِالْمُلاَءَةِ وَأخْرَجَنِي مِنَ الدَّار وَرَدَّنِي إِلَى دَاري وَنَاوَلَنِي صُرَّةً، وَقَالَ لِي: لاَ تُخْبِري بِمَا رَأيْتِ أحَداً.
فَدَخَلْتُ الدَّارَ وَرَجَعْتُ إِلَى فِرَاشِي فِي هَذَا الْبَيْتِ وَابْنَتِي نَائِمَةٌ بَعْدُ فَأنْبَهْتُهَا وَسَألْتُهَا: هَلْ عَلِمْتِ بِخُرُوجِي وَرُجُوعِي؟ فَقَالَتْ: لاَ، وَفَتَحْتُ الصُّرَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِذَا فِيهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ عَدَداً وَمَا أخْبَرْتُ بِهَذَا أحَداً إِلاَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَمَّا تَكَلَّمْتَ بِهَذَا الْكَلاَم عَلَى حَدَّ الْهُزْءِ فَحَدَّثْتُكَ إِشْفَاقاً عَلَيْكَ فَإنَّ لِهَؤُلاَءِ الْقَوْم عِنْدَ اللهِ عزّ وجل شَأناً وَمَنْزلَةً وَكُلُّ مَا يَدَّعُونَهُ حَتَّى (حَقٌ‏) قَالَ: فَعَجِبْتُ مِنْ قَوْلِهَا وَصَرَفْتُهُ إِلَى السُّخْريَّةِ وَالْهُزْءِ وَلَمْ أسْألْهَا عَن الْوَقْتِ غَيْرَ أنّي أعْلَمُ يَقِيناً أنّي غِبْتُ عَنْهُمْ فِي سَنَةِ نَيَّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن وَرَجَعْتُ إِلَى سُرَّ مَنْ‏ رَأى فِي وَقْتٍ أخْبَرَتْنِي الْعَجُوزُ بهَذَا الْخَبَر فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن فِي وزَارَةِ عُبَيْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ لَمَّا قَصَدْتُهُ.
قَالَ حَنْظَلَةُ: فَدَعَوْتُ بِأبِي الْفَرَج الْمُظَفَّر بْن أحْمَدَ حَتَّى سَمِعَ مَعِي(11) هَذَا الْخَبَرَ(12).
بيان: قوله: من طبع الاُوَل: أي كانت من طبع الخلق الاُوَل هكذا أي كان مطبوعاً على تلك الخصال في أوّل عمره، والشقاق جمع الشقة بالكسر وهي من الثوب ما شُقَّ مستطيلاً.
29 _ الغيبة للطوسي: رُويَ أنَّ بَعْضَ أخَوَاتِ أبِي الْحَسَن عليه السلام كَانَتْ لَهَا جَاريَةٌ رَبَّتْهَا تُسَمَّى: نَرْجِسَ، فَلَمَّا كَبِرَتْ دَخَلَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: أرَاكَ يَا سَيَّدِي تَنْظُرُ إِلَيْهَا!؟ فَقَالَ: (إِنّي مَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا إِلاَّ مُتَعَجَّباً أمَا إِنَّ الْمَوْلُودَ الْكَريمَ عَلَى اللهِ يَكُونُ مِنْهَا)، ثُمَّ أمَرَهَا أنْ تَسْتَأذِنَ أبَا الْحَسَن عليه السلام فِي دَفْعِهَا إِلَيْهِ فَفَعَلَتْ فَأمَرَهَا بِذَلِكَ(13).
20 _ الغيبة للطوسي: رَوَى عَلاَّنٌ بِإسْنَادِهِ أنَّ السَّيَّدَ عليه السلام وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ مُضِيّ أبِي الْحَسَن عليه السلام بِسَنَتَيْن(14).
31 _ الغيبة للطوسي: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ الشَّلْمَغَانِيُّ فِي كِتَابِ الأوْصِيَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ نَصْرٍ غُلاَمُ أبِي الْحَسَن عليه السلام، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ السَّيَّدُ عليه السلام تَبَاشَرَ أهْلُ الدَّار بِذَلِكَ، فَلَمَّا نَشَأ خَرَجَ إِلَيَّ الأمْرُ أنْ أبْتَاعَ فِي كُلّ يَوْم مَعَ اللَّحْم قَصَبَ مُخّ، وَقِيلَ: (إِنَّ هَذَا لِمَوْلاَنَا الصَّغِير عليه السلام)(15).
32 _ الغيبة للطوسي: الشَّلْمَغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثّقَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِدْريسَ، قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ مَوْلاَيَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام بِكَبْشٍ وَقَالَ: (عُقَّهُ عَن ابْنِي فُلاَنٍ وَكُلْ وَأطْعِمْ أهْلَكَ)، فَفَعَلْتُ ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي: (الْمَوْلُودُ الَّذِي وُلِدَ لِي مَاتَ)، ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيَّ بِكَبْشَيْن وَكَتَبَ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ، عُقَّ هَذَيْن الْكَبْشَيْن عَنْ مَوْلاَكَ وَكُلْ هَنَّأكَ اللهُ وَأطْعِمْ إِخْوَانَكَ)، فَفَعَلْتُ، وَلَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا ذَكَرَ لِي شَيْئ(16).
33 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ وَالْحِمْيَريّ مَعاً، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِرٍ جَمِيعاً، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَن الْخَشَّابِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبوذَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّمَا مَثَلُ أهْل بَيْتِي فِي هَذِهِ الاُمَّةِ كَمَثَل نُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا مَدَدْتُمْ إِلَيْهِ حَوَاجِبَكُمْ وَأشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِالأصَابِع جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَذَهَبَ بِهِ ثُمَّ بَقِيتُمْ سَبْتاً مِنْ دَهْركُمْ لاَ تَدْرُونَ أيّاً مِنْ أيّ وَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَبَيْنَمَا أنْتُمْ كَذَلِكَ إِذْ أطْلَعَ اللهُ نَجْمَكُمْ فَاحْمَدُوهُ وَاقْبَلُوهُ)(17).
بيان: ليس المراد ذهاب ملك الموت به عليه السلام بقبض روحه بل كان مع روح القُدُس عندما غاب به.
34 _ كتاب النجوم: ذَكَرَ بَعْضُ أصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الأوْصِيَاءِ وَهُوَ كِتَابٌ مُعْتَمَدٌ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الصَّيْمَريُّ وَمُؤَلَّفُهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الصَّيْمَريُّ وَكَانَتْ لَهُ مُكَاتَبَاتٌ إِلَى الْهَادِي وَالْعَسْكَريّ عليهما السلام وَجَوَابُهَا إِلَيْهِ وَهُوَ ثِقَةٌ مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ:
وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ الْقُمَّيُّ ابْنُ أخِي أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ بْن مَصْقَلَةَ أنَّهُ كَانَ بِقُمَّ مُنَجَّمٌ يَهُودِيٌّ مَوْصُوفٌ بِالْحِذْقِ بِالْحِسَابِ فَأحْضَرَهُ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ لَهُ: قَدْ وُلِدَ مَوْلُودٌ فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا فَخُذِ الطَّالِعَ وَاعْمَلْ لَهُ مِيلاَداً، قَالَ: فَأخَذَ الطَّالِعَ وَنَظَرَ فِيهِ وَعَمِلَ عَمَلاً لَهُ وَقَالَ لأحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ: لَسْتُ أرَى النُّجُومَ تَدُلُّنِي فِيمَا يُوجِبُهُ الْحِسَابُ أنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ لَكَ وَلاَ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا الْمَوْلُودِ إِلاَّ نَبِيّاً أوْ وَصِيَّ نَبِيّ وَإِنَّ النَّظَرَ لَيَدُلُّ عَلَى أنَّهُ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وَغَرْباً وَبَرّاً وَبَحْراً وَسَهْلاً وَجَبَلاً حَتَّى لاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْض أحَدٌ إِلاَّ دَانَ بِدِينهِ وَقَالَ بِوَلاَيَتِهِ(18).
35 _ كشف الغمّة: قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدَّين بْنُ طَلْحَةَ: مَوْلِدُ الْحُجَّةِ بْن الْحَسَن عليهما السلام بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى فِي ثَالِثٍ وَعِشْرينَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن وَأبُوهُ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ وَاُمُّهُ اُمُّ وَلَدٍ تُسَمَّى: صَقِيلَ، وَقِيلَ: حَكِيمَةَ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَكُنْيَتُهُ أبُو الْقَاسِم، وَلَقَبُهُ الْحُجَّةُ وَالْخَلَفُ الصَّالِحُ، وَقِيلَ: الْمُنْتَظَرُ(19).
36 _ الإرشاد: كَانَ مَوْلِدُهُ عليه السلام لَيْلَةَ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَاُمُّهُ اُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَكَانَ سِنُّهُ عِنْدَ وَفَاةِ أبِيهِ خَمْسُ سِنِينَ آتَاهُ اللهُ فِيهِ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ وَجَعَلَهُ آيَةً لِلْعالَمِينَ وَآتَاهُ الْحِكْمَةَ كَمَا آتَاهُ يَحْيَى صَبِيّاً وَجَعَلَهُ إِمَاماً كَمَا جَعَلَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فِي الْمَهْدِ نَبِيّاً وَلَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى جَاءَتْ بِذَلِكَ الأخْبَارُ، فَأمَّا الْقُصْرَى مِنْهَا فَمُنْذُ وَقْتِ مَوْلِدِهِ إِلَى‏ انْقِطَاع السَّفَارَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شِيعَتِهِ وَعَدَم السُّفَرَاءِ بِالْوَفَاةِ، وَأمَّا الطُّولَى فَهِيَ بَعْدَ الاُولَى وَفِي آخِرهَا يَقُومُ بِالسَّيْفِ(20).
37 _ كشف الغمّة: قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: حَدَّثَنِي أبُو الْقَاسِم طَاهِرُ بْنُ هَارُونَ بْن مُوسَى الْعَلَويُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: قَالَ سَيَّدِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: (الْخَلَفُ الصَّالِحُ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ الْمَهْدِيُّ اسْمُهُ (م ‏ح ‏م ‏د) وَكُنْيَتُهُ أبُو الْقَاسِم يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان، يُقَالُ لاُمَّهِ: صَقِيلُ)، قَالَ لَنَا أبُو بَكْرٍ الدَّارعُ(21): وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: بَلْ اُمُّهُ حَكِيمَةُ، وَفِي روَايَةٍ ثَالِثَةٍ: يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ: بَلْ سَوْسَنُ، وَاللهُ أعْلَمُ بِذَلِكَ.
وَيُكَنَّى بِأبِي الْقَاسِم وَهُوَ ذُو الاسْمَيْن خَلَفٍ وَمُحَمَّدٍ يَظْهَرُ فِي آخِر الزَّمَان وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْس تَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ تُنَادِي بِصَوْتٍ فَصِيح: هَذَا الْمَهْدِيُّ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو مِسْكِينٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِ التَّاريخ أنَّ اُمَّ الْمُنْتَظَر يُقَالُ لَهَا: حَكِيمَةُ(22).
أقول: سيأتي بعض الأخبار في باب من رآه.
وقال ابن خلّكان في تاريخه: هو ثاني عشر الأئمّة الاثنى عشر على اعتقاد الإماميّة المعروف بالحجّة وهو الذي تزعم الشيعة أنَّه المنتظر والقائم والمهدي وهو صاحب السرداب عندهم وأقاويلهم فيه كثيرة وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسُرَّ من رأى، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين ولمَّا توفّي أبوه كان عمره خمس سنين واسم اُمّه خمط، وقيل: نرجس، والشيعة يقولون: إنَّه دخل السرداب في دار أبيه واُمّه تنظر إليه فلم يعد يخرج إليها وذلك في سنة خمس وستّين ومأتين (وعمره يومئذٍ تسع سنين وذكر ابن الأزرق في تاريخ ميافارقين أنَّ الحجّة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وخمسين ومأتين)(23) وقيل: في ثامن شعبان سنة ستّ وخمسين وهو الأصحّ، وإنَّه لمَّا دخل السرداب كان عمره أربع سنين، وقيل: خمس سنين، وقيل: إنَّه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومأتين وعمره (سبع)(24) عشر سنة والله أعلم(25).
الهوامش:
(1) القصص: 5 و6.
(2) مقتبس من سورة القصص: 13.
(3) في المصدر: (وغيبه) بدل (وعينه).
(4) الأنفال: 42.
(5) الغيبة للطوسي: 234/ رقم 204.
(6) الغيبة للطوسي: 238/ رقم 206.
(7) الغيبة للطوسي: 238/ ذيل رقم 206.
(8) الإسراء: 81 .
(9) الغيبة للطوسي: 239/ رقم 207.
(10) كلمة: (على) ليست في المصدر.
(11) في المصدر إضافة: (منه).
(12) الغيبة للطوسي: 240/ رقم 208.
(13) الغيبة للطوسي: 244/ رقم 210.
(14) الغيبة للطوسي: 245/ رقم 212.
(15) الغيبة للطوسي: 245/ رقم 213.
(16) الغيبة للطوسي: 245/ رقم 214.
(17) الغيبة للنعماني: 155، وفيه: (عليكم نجمكم فاحمدوه وأقيلوه).
(18) فرج المهموم: 36.
(19) كشف الغمّة 3: 347/ باب (ذكر الإمام الثاني عشر عليه السلام).
(20) الإرشاد للمفيد 2: 339.
(21) في المصدر: (الذارع) بدل (الدارع).
(22) كشف الغمّة 2: 475/ باب (في ما روي في أمر المهدي عليه السلام).
(23) من المصدر.
(24) من المصدر.
(25) وفيات الأعيان 4: 176/ ح 562.
******************
أقول: رَأيْتُ فِي بَعْض مُؤَلَّفَاتِ أصْحَابِنَ(1) روَايَةً هَذِهِ صُورَتُهَا، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُسْلِم، عَنْ سَعْدَانَ الْبَصْريّ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْبَغْدَادِيّ وَأحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ‏ وَسَهْل بْن زِيَادٍ الأدَمِيّ وَعَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ عِدَّةٍ مِنَ الْمَشَايِخ وَالثّقَاتِ عَنْ سَيَّدَيْنَا أبِي الْحَسَن وَأبِي مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالاَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل إِذَا أرَادَ أنْ يَخْلُقَ الإمَامَ أنْزَلَ قَطْرَةً مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ فِي الْمُزْن فَتَسْقُطُ فِي ثَمَرَةٍ مِنْ ثِمَار الْجَنَّةِ فَيَأكُلُهَا الْحُجَّةُ فِي الزَّمَان عليه السلام فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ فِيهِ فَيَمْضِي لَهُ أرْبَعُونَ يَوْماً سَمِعَ الصَّوْتَ فَإِذَا آنَتْ لَهُ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وَقَدْ حُمِلَ كُتِبَ عَلَى عَضُدِهِ الأيْمَن: ((وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))(2) فَإِذَا وُلِدَ قَامَ بِأمْر اللهِ وَرُفِعَ لَهُ عَمُودٌ مِنْ نُورٍ فِي كُلّ مَكَانٍ يَنْظُرُ فِيهِ إِلَى الْخَلاَئِقِ وَأعْمَالِهِمْ وَيَنْزلُ أمْرُ اللهِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَمُودِ وَالْعَمُودُ نُصْبُ عَيْنهِ حَيْثُ تَوَلَّى وَنَظَرَ).
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (دَخَلْتُ عَلَى عَمَّاتِي فَرَأيْتُ جَاريَةً مِنْ جَوَاريهِنَّ قَدْ زُيّنَتْ تُسَمَّى: نَرْجِسُ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا نَظَراً أطَلْتُهُ، فَقَالَتْ لِي عَمَّتِي حَكِيمَةُ: أرَاكَ يَا سَيَّدِي تَنْظُرُ إِلَى هَذِهِ الْجَاريَةِ نَظَراً شَدِيداً!؟ فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَمَّةُ مَا نَظَري إِلَيْهَا إِلاَّ نَظَرَ التَّعَجُّبِ مِمَّا للهِ فِيهِ مِنْ إِرَادَتِهِ وَخِيَرَتِهِ، قَالَتْ لِي: أحْسَبُكَ يَا سَيَّدِي تُريدُهَا، فَأمَرْتُهَا أنْ تَسْتَأذِنَ أبِي عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي تَسْلِيمِهَا إِلَيَّ، فَفَعَلَتْ فَأمَرَهَا عليه السلام بِذَلِكَ فَجَاءَتْنِي بِهَا).
قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أثِقُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَشَايِخ، عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الرَّضَا عليه السلام قَالَ: كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَتَدْعُو لَهُ أنْ يَرْزُقَهُ اللهُ وَلَداً وَأنَّهَا قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ كَمَا أقُولُ وَدَعَوْتُ كَمَا أدْعُو.
فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ أمَا إِنَّ الَّذِي تَدْعِينَ اللهَ أنْ يَرْزُقَنِيهِ يُولَدُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ)، وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، (فَاجْعَلِي إِفْطَارَكِ مَعَنَا)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مِمَّنْ يَكُونُ هَذَا الْوَلَدُ الْعَظِيمُ؟ فَقَالَ لِي عليه السلام: (مِنْ نَرْجِسَ يَا عَمَّةُ).
قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ(3): يَا سَيَّدِي مَا فِي جَوَاريكِ أحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا، وَقُمْتُ وَدَخَلْتُ إِلَيْهَا وَكُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ فَعَلَتْ بِي كَمَا تَفْعَلُ، فَانْكَبَبْتُ عَلَى يَدَيْهَا فَقَبَّلْتُهُمَا وَمَنَعْتُهَا مِمَّا كَانَتْ تَفْعَلُهُ، فَخَاطَبَتْنِي بِالسَّيَادَةِ، فَخَاطَبْتُهَا بِمِثْلِهَا، فَقَالَتْ لِي: فَدَيْتُكِ، فَقُلْتُ لَهَا: أنَا فِدَاكِ وَجَمِيعُ الْعَالَمِينَ، فَأنْكَرَتْ ذَلِكِ، فَقُلْتُ لَهَا: لاَ تُنْكِرينَ مَا فَعَلْتُ فَإنَّ اللهَ سَيَهَبُ لَكِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ غُلاَماً سَيَّداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَهُوَ فَرَجُ الْمُؤْمِنينَ، فَاسْتَحْيَتْ.
فَتَأمَّلْتُهَا فَلَمْ أرَ فِيهَا أثَرَ الْحَمْل، فَقُلْتُ لِسَيَّدِي أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَا أرَى بِهَا حَمْلاً، فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ: (إِنَّا مَعَاشِرَ الأوْصِيَاءِ لَسْنَا نُحْمَلُ فِي الْبُطُون وَإِنَّمَا نُحْمَلُ فِي الْجَنْبِ وَلاَ نَخْرُجُ مِنَ الأرْحَام وَإِنَّمَا نَخْرُجُ مِنَ الْفَخِذِ الأيْمَن مِنْ اُمَّهَاتِنَا لأنَّنَا نُورُ اللهِ الَّذِي لاَ تَنَالُهُ الدَّانِسَاتُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي قَدْ أخْبَرْتَنِي أنَّهُ يُولَدُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَفِي أيّ وَقْتٍ مِنْهَا؟ قَالَ لِي: (فِي طُلُوع الْفَجْر يُولَدُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَأقَمْتُ فَأفْطَرْتُ وَنمْتُ بِقُرْبٍ مِنْ نَرْجِسَ وَبَاتَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي صُفَّةٍ فِي تِلْكَ الدَّار الَّتِي نَحْنُ فِيهَا، فَلَمَّا وَرَدَ وَقْتُ صَلاَةِ اللَّيْل قُمْتُ وَنَرْجِسُ نَائِمَةٌ مَا بِهَا أثَرُ ولاَدَةٍ، فَأخَذْتُ فِي صَلاَتِي ثُمَّ أوْتَرْتُ فَأنَا فِي الْوَتْر حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ وَدَخَلَ قَلْبِي شَيْ‏ءٌ، فَصَاحَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مِنَ الصُّفَّةِ: (لَمْ يَطْلُع الْفَجْرُ يَا عَمَّةُ).
فَأسْرَعْتُ الصَّلاَةَ وَتَحَرَّكَتْ نَرْجِسُ فَدَنَوْتُ مِنْهَا وَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَسَمَّيْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: هَلْ تَحِسَّينَ بِشَيْ‏ءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَوَقَعَ عَلَيَّ سُبَاتٌ لَمْ أتَمَالَكْ مَعَهُ أنْ نمْتُ، وَوَقَعَ عَلَى نَرْجِسَ مِثْلُ ذَلِكَ وَنَامَتْ، فَلَمْ أنْتَبِهْ إِلاَّ بِحِسَّ سَيَّدِي الْمَهْدِيّ وَصَيْحَةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام يَقُولُ: (يَا عَمَّةُ هَاتِي ابْنِي إِلَيَّ فَقَدْ قَبِلْتُهُ)، فَكَشَفْتُ عَنْ سَيَّدِي عليه السلام فَإذَا أنَا بِهِ سَاجِداً يَبْلُغُ الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ وَعَلَى ذِرَاعِهِ الأيْمَن مَكْتُوبٌ: ((جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً))(4) فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَوَجَدْتُهُ مَفْرُوغاً مِنْهُ، وَلَفَفْتُهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلْتُهُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَأخَذَهُ فَأقْعَدَهُ عَلَى رَاحَتِهِ الْيُسْرَى وَجَعَلَ رَاحَتَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرهِ ثُمَّ أدْخَلَ لِسَانَهُ فِي فِيهِ وَأمَرَّ بِيَدِهِ عَلَى ظَهْرهِ وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ).
فَقَالَ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَأنَّ عَلِيّاً أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَلِيُّ اللهِ...) ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُعَدَّدُ السَّادَةَ الأئِمَّةَ عليهم السلام إِلَى أنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ وَدَعَا لأوْلِيَائِهِ بِالْفَرَج عَلَى يَدِهِ ثُمَّ أجْحَمَ. قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّةُ اذْهَبِي (بِهِ) إِلَى اُمَّهِ لِيُسَلّمَ عَلَيْهَا وَأتِينِي بِهِ)، فَمَضَيْتُ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَرَدَدْتُهُ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام كَالْحِجَابِ فَلَمْ أرَ سَيَّدِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي أيْنَ مَوْلاَنَا؟ فَقَالَ: (أخَذَهُ مَنْ هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنْكِ فَإذَا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ فَأتِينَا).
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم السَّابِع جِئْتُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ عليه السلام: (هَلُمَّي ابْنِي)، فَجِئْتُ بِسَيَّدِي وَهُوَ فِي ثِيَابٍ صُفْرٍ، فَفَعَلَ بِهِ كَفِعَالِهِ الأوَّلِ وَجَعَلَ لِسَانَهُ عليه السلام فِي فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ)، فَقَالَ عليه السلام: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ...) وَثَنَّى بِالصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأمِير الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أبِيهِ عليه السلام، ثُمَّ قَرَأ: (((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(5))، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (اقْرَأ يَا بُنَيَّ مِمَّا أنْزَلَ اللهُ عَلَى أنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ)، فَابْتَدَأ بِصُحُفِ آدَمَ فَقَرَأهَا بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَكِتَابِ إِدْريسَ، وَكِتَابِ نُوح، وَكِتَابِ هُودٍ، وَكِتَابِ صَالِح، وَصُحُفِ إِبْرَاهِيمَ، وَتَوْرَاةِ مُوسَى، وَزَبُور دَاوُدَ، وَإِنْجِيل عِيسَى، وَفُرْقَان جَدَّي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ قَصَّ قِصَصَ الأنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ إِلَى عَهْدِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً دَخَلْتُ دَارَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَإِذَا مَوْلاَنَا صَاحِبُ الزَّمَان يَمْشِي فِي الدَّار فَلَمْ أرَ وَجْهاً أحْسَنَ مِنْ وَجْهِهِ عليه السلام وَلاَ لُغَةً أفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، فَقَالَ لِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (هَذَا الْمَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ عزّ وجل)، قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي لَهُ أرْبَعُونَ يَوْماً وَأنَا أرَى مِنْ أمْرهِ مَا أرَى!؟ فَقَالَ عليه السلام: (يَا عَمَّتِي أمَا عَلِمْتِ أنَّا مَعْشَرَ الأوْصِيَاءِ نَنْشَاُ فِي الْيَوْم مَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي الْجُمْعَةِ وَنَنْشَاُ فِي الْجُمْعَةِ مَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي السَّنَةِ؟)، فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأسَهُ فَانْصَرَفْتُ فَعُدْتُ وَتَفَقَّدْتُهُ فَلَمْ أرَهُ، فَقُلْتُ لِسَيَّدِي أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَا فَعَلَ مَوْلاَنَا؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (لَمَّا وَهَبَ لِي رَبَّي مَهْدِيَّ هَذِهِ الاُمَّةِ أرْسَلَ مَلَكَيْن فَحَمَلاَهُ إِلَى سُرَادِقِ الْعَرْش حَتَّى وَقَفَا (بِهِ) بَيْنَ يَدَي اللهِ عزّ وجل فَقَالَ لَهُ: مَرْحَباً بِكَ عَبْدِي لِنُصْرَةِ دِيني وَإِظْهَار أمْري وَمَهْدِيّ عِبَادِي آلَيْتُ أنّي بِكَ آخُذُ وَبِكَ اُعْطِي وَبكَ أغْفِرُ وَبكَ اُعَذّبُ، ارْدُدَاهُ أيُّهَا الْمَلَكَان رُدَّاهُ رُدَّاهُ عَلَى أبِيهِ رَدّاً رَفِيقاً وَأبْلِغَاهُ فَإنَّهُ فِي ضَمَانِي وَكَنَفِي وَبِعَيْني إِلَى أنْ اُحِقَّ بِهِ الْحَقَّ وَاُزْهِقَ بِهِ الْبَاطِلَ، وَيَكُونَ الدَّينُ لِي وَاصِباً).
ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا سَقَطَ مِنْ بَطْن اُمَّهِ إِلَى الأرْض وُجِدَ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعاً بِسَبَّابَتَيْهِ، ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ: (الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَبْداً دَاخِراً غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلاَ مُسْتَكْبِرٍ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (زَعَمَتِ الظَّلَمَةُ أنَّ حُجَّةَ اللهِ دَاحِضَةٌ لَوْ اُذِنَ لِي لَزَالَ الشَّكُّ).
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ مَوْلاَيَ أبُو الْحَسَن عليه السلام بِأرْبَعَةِ أكْبُشٍ وَكَتَبَ إِلَيَّ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم (عُقَّ) هَذِهِ عَن ابْنِي مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيّ وَكُلْ هَنَّأكَ وَأطْعِمْ مَنْ وَجَدْتَ مِنْ شِيعَتِنَا)(6).
أقول: وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: ولد عليه السلام بسُرَّ من رأى يوم الجمعة ليلاً خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين واُمّه صقيل، وقيل: نرجس، وقيل: مريم بنت زيد العلوية(7).
أقول: وعيَّن الشيخ في المصباحين(8) والسيّد ابن طاووس في كتاب الإقبال(9) وسائر مؤلّفي كتب الدعوات ولادته عليه السلام في النصف من شعبان، وقال في الفصول المهمّة: ولد عليه السلام بسُرَّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين(10).
نُقِلَ مِنْ خَطّ الشَّهِيدِ عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُولَدُ فِيهَا الْقَائِمُ عليه السلام لاَ يُولَدُ فِيهَا مَوْلُودٌ إِلاَّ كَانَ مُؤْمِناً، وَإِنْ وُلِدَ فِي أرْض الشّرْكِ نَقَلَهُ اللهُ إِلَى الإيمَان بِبَرَكَةِ الإمَام عليه السلام)(11).
* * *
باب (2): أسمائه عليه السلام وألقابه وكناه وعللها
1 _ علل الشرائع: الدَّقَّاقُ وَابْنُ عِصَام مَعاً، عَن الْكُلَيْنِيّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ الْعَمَّيّ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَن الثُّمَالِيّ، قَالَ: سَألْتُ الْبَاقِرَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ألَسْتُمْ كُلُّكُمْ قَائِمِينَ بِالْحَقَّ؟ قَالَ: (بَلَى)، قُلْتُ: فَلِمَ سُمَّيَ الْقَائِمُ قَائِماً؟ قَالَ: (لَمَّا قُتِلَ جَدَّيَ الْحُسَيْنُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ضَجَّتِ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى اللهِ عزّ وجل بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ وَقَالُوا: إِلَهَنَا وَسَيَّدَنَا أتَغْفَلُ‏ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَابْنَ صَفْوَتِكَ وَخِيَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ؟ فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيْهِمْ: قَرُّوا مَلاَئِكَتِي فَوَ عِزَّتِي وَجَلاَلِي لأنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ثُمَّ، كَشَفَ اللهُ عزّ وجل عَن الأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام لِلْمَلاَئِكَةِ فَسَرَّتِ الْمَلاَئِكَةُ بِذَلِكَ فَإذَا أحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلَّي، فَقَالَ اللهُ عزّ وجل: بِذَلِكَ الْقَائِمِ أنْتَقِمُ مِنْهُمْ)(12).
2 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ الْكُوفِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بْن عَبْدِ الْمُؤْمِن الأنْصَاريّ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام وَأنَا حَاضِرٌ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ اقْبِضْ هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فَضَعْهَا فِي مَوَاضِعِهَا فَإنَّهَا زَكَاةُ مَالِي، فَقَالَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (بَلْ خُذْهَا أنْتَ فَضَعْهَا فِي جِيرَانِكَ وَالأيْتَام وَالْمَسَاكِين وَفِي إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا إِذَا قَامَ قَائِمُنَا فَإنَّهُ يَقْسِمُ بِالسَّويَّةِ وَيَعْدِلُ فِي خَلْقِ الرَّحْمَن الْبَرَّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِر فَمَنْ أطَاعَهُ فَقَدْ أطَاعَ اللهَ وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللهَ فَإنَّمَا سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ لأنَّهُ يُهْدَى لأمْرٍ خَفِيّ يَسْتَخْرجُ التَّوْرَاةَ وَسَائِرَ كُتُبِ اللهِ مِنْ غَارٍ بِأنْطَاكِيَّةَ فَيَحْكُمُ بَيْنَ أهْل التَّوْرَاةِ بِالتَّوْرَاةِ وَبَيْنَ أهْل الإنْجِيل بِالإنْجِيل وَبَيْنَ أهْل الزَّبُور بِالزَّبُور وَبَيْنَ أهْل الْفُرْقَان بِالْفُرْقَان وَتُجْمَعُ إِلَيْهِ أمْوَالُ الدُّنْيَا كُلُّهَا مَا فِي بَطْن الأرْض وَظَهْرهَا فَيَقُولُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الأرْحَامَ، وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدَّمَاءَ، وَرَكِبْتُمْ فِيهِ مَحَارمَ اللهِ، فَيُعْطِي شَيْئاً لَمْ يُعْطِ أحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ)، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (هُوَ رَجُلٌ مِنّي اسْمُهُ كَاسْمِي يَحْفَظُنِي اللهُ فِيهِ وَيَعْمَلُ بِسُنَّتِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً وَنُوراً بَعْدَ مَا تَمْتَلِئُ ظُلْماً وَجَوْراً وَسُوءاً)(13).
بيان: قوله عليه السلام: (إنَّما يكون هذا): أي وجوب رفع الزكاة إلى الإمام، وقوله: (يحكم بين أهل التوراة بالتوراة): لا ينافي ما سيأتي من الأخبار في أنَّه عليه السلام لا يقبل من أحد إلاَّ الإسلام لأنَّ هذا محمول على أنَّه يقيم الحجّة عليهم بكتبهم أو يفعل ذلك في بدو الأمر قبل أن يعلو أمره ويتمّ حجَّته. قوله عليه السلام: (يحفظني الله فيه): أي يحفظ حقّي وحرمتي في شأنه فيعينه وينصره أو يجعله بحيث يعلم الناس حقّه وحرمته لجدّه.
3 _ معاني الأخبار: سُمَّيَ الْقَائِمُ عليه السلام قَائِماً لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ موته (مَوْتِهِ‏) ذِكْرهِ(14).
4 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن الصَّقْر بْن دُلَفَ(15)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الإمَامَ بَعْدِي ابْنِي عَلِيٌّ أمْرُهُ أمْري، وَقَوْلُهُ قَوْلِي، وَطَاعَتُهُ طَاعَتِي، وَالإمَامَةُ بَعْدَهُ فِي ابْنِهِ الْحَسَن(16) أمْرُهُ أمْرُ أبِيهِ، وَقَوْلُهُ قَوْلُ أبِيهِ، وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ أبِيهِ) ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ فَمَن الإمَامُ بَعْدَ الْحَسَن؟ فَبَكَى عليه السلام بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْنَهُ الْقَائِمَ بِالْحَقَّ الْمُنْتَظَرَ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَلِمَ سُمَّيَ الْقَائِمَ؟ قَالَ: (لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَوْتِ ذِكْرهِ وَارْتِدَادِ أكْثَر الْقَائِلِينَ بِإمَامَتِهِ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ سُمَّيَ الْمُنْتَظَرَ؟ قَالَ: (لأنَّ لَهُ غَيْبَةً تَكْثُرُ أيَّامُهَا وَيَطُولُ أمَدُهَا فَيَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ الْمُخْلِصُونَ وَيُنْكِرُهُ الْمُرْتَابُونَ وَيَسْتَهْزئُ بِذِكْرهِ الْجَاحِدُونَ وَيَكْثُرُ(17) فِيهَا الْوَقَّاتُونَ وَيَهْلِكُ فِيهَا الْمُسْتَعْجِلُونَ وَيَنْجُو فِيهَا الْمُسْلِمُونَ)(18).
5 _ الغيبة للطوسي: الْكُلَيْنِيُّ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام(19): (حِينَ وُلِدَ الْحُجَّةُ: زَعَمَ الظَّلَمَةُ أنَّهُمْ يَقْتُلُونَنِي لِيَقْطَعُوا هَذَا النَّسْلَ فَكَيْفَ رَأوْا قُدْرَةَ اللهِ؟)، وَسَمَّاهُ الْمُؤَمَّلَ(20).
6 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: الْمَهْدِيُّ وَالْقَائِمُ وَاحِدٌ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ)، فَقُلْتُ: لأيّ شَيْ‏ءٍ سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ؟ قَالَ: (لأنَّهُ يُهْدَى إِلَى كُلّ أمْرٍ خَفِيّ، وَسُمَّيَ الْقَائِمَ لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ إِنَّهُ يَقُومُ بِأمْر عَظِيم)(21).
بيان: قوله عليه السلام: (بعدما يموت): أي ذكره أو يزعم الناس.
7 _ الإرشاد: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام دَعَا النَّاسَ إِلَى الإسْلاَم جَدِيداً وَهَدَاهُمْ إِلَى أمْرٍ قَدْ دَثَرَ وَضَلَّ عَنْهُ الْجُمْهُورُ وَإِنَّمَا سُمَّيَ الْقَائِمُ مَهْدِيّاً لأنَّهُ يُهْدَى إِلَى أمْرٍ مَضْلُولٍ(22) عَنْهُ وَسُمَّيَ الْقَائِمَ لِقِيَامِهِ بِالْحَقَّ)(23).
8 _ تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَاريُّ، مُعَنْعَناً عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً))، قَالَ: (الْحُسَيْنُ)، ((فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً))(24)، قَالَ: (سَمَّى اللهُ الْمَهْدِيَّ الْمَنْصُورَ كَمَا سُمَّيَ أحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ (مَحْمُوداً) وَمَحْمُود وَكَمَا سُمَّيَ عِيسَى الْمَسِيحَ عليه السلام)(25).
9 _ كشف الغمّة: قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الطُّوسِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(26) بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن عَدِيّ، قَالَ: يُقَالُ: كُنْيَةُ الْخَلَفِ الصَّالِح أبُو الْقَاسِم وَهُوَ ذُو الاسْمَيْن(27).
أقول: قد سبق أسماؤه عليه السلام في الباب السابق وسيأتي في باب (من رآه عليه السلام)(28) وغيره.
* * *
باب (3): النهي عن التسمية
1 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْخَثْعَمِيّ، عَن الضُّرَيْس، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيّ، قَالَ: لَمَّا مَضَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْبَاقِر عليه السلام فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ عَرَفْتَ انْقِطَاعِي إِلَى أبِيكَ وَاُنْسِي بِهِ وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاس، قَالَ: (صَدَقْتَ يَا بَا خَالِدٍ تُريدُ مَا ذَا؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ وَصَفَ لِي أبُوكَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر بِصِفَةٍ لَوْ رَأيْتُهُ فِي بَعْض الطُّرُقِ لأخَذْتُ بِيَدِهِ، قَالَ: (فَتُريدُ مَا ذَا يَا بَا خَالِدٍ؟)، قَالَ: اُريدُ أنْ تُسَمَّيَهُ لِي حَتَّى أعْرفَهُ بِاسْمِهِ، فَقَالَ: (سَألْتَنِي وَاللهِ يَا بَا خَالِدٍ عَنْ سُؤَالٍ مُجْهِدٍ وَلَقَدْ سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ مَ(29) لَوْ كُنْتُ مُحَدَّثاً بِهِ أحَداً لَحَدَّثْتُكَ وَلَقَدْ سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ لَوْ أنَّ بَني فَاطِمَةَ عَرَفُوهُ حَرَصُوا عَلَى أنْ يَقْطَعُوهُ بَضْعَةً بَضْعَةً)(30).
الهوامش:
(1) لم نتحقَّق اسم المصدر.
(2) الأنعام: 115.
(3) كذا، والظاهر: (قالت: فقلت له).
(4) الإسراء: 81 .
(5) القصص: 5 و6.
(6) لم نعثر على هذا الكتاب.
(7) الدروس الشرعية 2: 16.
(8) مصباح المتهجّد: 842؛ مصباح الكفعمي: 523.
(9) إقبال الأعمال 3: 327/ فصل 49.
(10) الفصول المهمّة: 288.
(11) لم نعثر على خطّ الشهيد هذا.
(12) علل الشرائع: 160/ باب 129/ ح 1.
(13) علل الشرائع: 161/ باب 129/ ح 3.
(14) معاني الأخبار: 65/ باب (معاني أسماء محمّد وعلي وفاطمة عليهم السلام)/ ح 17.
(15) في المصدر: (ابن أبي دلف).
(16) في المصدر: (والإمام بعده ابنه الحسن).
(17) في المصدر: (ويكذّب).
(18) كمال الدين 2: 378/ باب (ما روي عن أبي جعفر الثاني عليه السلام)/ ح 3.
(19) في المصدر: (أبو محمّد) بدل (أبو عبد الله).
(20) الغيبة للطوسي: 223/ رقم 186.
(21) الغيبة للطوسي: 471/ رقم 489.
(22) في المصدر: (قد ضلّوا).
(23) الإرشاد للمفيد 2: 383.
(24) الإسراء: 33.
(25) تفسير فرات: 240/ ح 324.
(26) في المصدر: (عبيد الله) بدل (عبد الله).
(27) كشف الغمّة 2: 475/ باب (ما روي في أمر المهدي عليه السلام).
(28) باب (18)/ ص (625).
(29) في المصدر: (عن أمر (ما كنت محدّثاً به أحداً و) لو).
(30) الغيبة للنعماني: 288.
******************
2 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويّ، عَنْ أبِي هَاشِم الْجَعْفَريّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن الْعَسْكَريَّ عليه السلام يَقُولُ: (الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْني فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟)، قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: (لأنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ شَخْصَهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ؟ فَقَالَ: (قُولُوا: الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلاَمُهُ)(1).
كمال الدين: ابن الوليد، عن سعد، مثله(2).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(3).
كفاية الأثر: علي بن محمّد السندي، عن محمّد بن الحسن، عن سعد، مثله(4).
أقول: قد مرَّ في بعض أخبار اللوح التصريح باسمه عليه السلام، فقال الصدوق رحمه الله: جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم عليه السلام والذي أذهب إليه النهي عن تسميته عليه السلام.
3 _ التوحيد: الدَّقَّاقُ وَالْوَرَّاقُ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الصُّوفِيّ، عَن الرُّويَانِيّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الثَّالِثِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ فِي الْقَائِم عليه السلام: (لاَ يَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً...) الْخَبَرَ(5).
4 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ)(6).
كمال الدين: الدقّاق، عن الأسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبِي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(7).
5 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الأزْدِيّ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ عِنْدَ ذِكْر الْقَائِم عليه السلام: (يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ تَسْمِيَتُهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ عزّ وجل فَيَمْلأ بِهِ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(8).
بيان: هذه التحديدات مصرَّحة في نفي قول من خصَّ ذلك بزمان الغيبة الصغرى تعويلاً على بعض العلل المستنبطة والاستبعادات الوهمية.
6 _ كمال الدين: السَّنَانِيُّ(9)، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ عليه السلام قَالَ: (الْقَائِمُ هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ‏ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ وَهُوَ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ وَكَنِيُّهُ...) الْخَبَرَ(10).
كفاية الأثر: أبو عبد الله الخزاعي، عن الأسدي، مثله(11).
7 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ عِنْدَ الْعَمْريّ رضي الله عنه فَقُلْتُ لِلْعَمْريّ: إِنّي أسْألُكَ عَنْ مَسْألَةٍ كَمَا قَالَ اللهُ عزّ وجل فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ: ((أوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي))(12) هَلْ رَأيْتَ صَاحِبِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَهُ عُنُقٌ مِثْلُ ذِي _ وَأشَارَ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً إِلَى عُنُقِهِ _. قَالَ: قُلْتُ: فَالاسْمُ؟ قَالَ: إِيَّاكَ أنْ تَبْحَثَ عَنْ هَذَا فَإنَّ عِنْدَ الْقَوْم أنَّ هَذَا النَّسْلَ قَدِ انْقَطَعَ(13).
8 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّالِحِيّ، قَالَ: سَألَنِي أصْحَابُنَا بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أنْ أسْألَ عَن الاسْم وَالْمَكَان، فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (إِنْ دَلَلْتُهُمْ عَلَى الاسْم أذَاعُوهُ وَإِنْ عَرَفُوا الْمَكَانَ دَلُّوا عَلَيْهِ)(14).
9 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن(15) الدَّقَّاقِ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ مَعاً، عَنْ عَلِيّ بْن عَاصِم الْكُوفِيّ، قَالَ: خَرَجَ فِي تَوْقِيعَاتِ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَمَّانِي فِي مَحْفِلٍ مِنَ النَّاس)(16).
10 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَلِيّ مُحَمَّدَ بْنَ هَمَّام يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ بِخَطّ أعْرفُهُ: (مَنْ سَمَّانِي فِي مَجْمَع مِنَ النَّاس بِاسْمِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ)(17).
11 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر رَجُلٌ لاَ يُسَمَّيهِ بِاسْمِهِ إِلاَّ كَافِرٌ)(18).
12 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّيَّان بْن الصَّلْتِ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَن الْقَائِم فَقَالَ: (لاَ يُرَى جِسْمُهُ وَلاَ يُسَمَّى بِاسْمِهِ)(19).
13 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْيَقْطِينِيّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (سَألَ عُمَرُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَن الْمَهْدِيّ، قَالَ: يَا ابْنَ أبِي طَالِبٍ أخْبِرْني عَن الْمَهْدِيّ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: أمَّا اسْمُهُ فَلاَ إِنَّ حَبِيبي وَخَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أنْ لاَ اُحَدَّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ عزّ وجل وَهُوَ مِمَّا اسْتَوْدَعَ اللهُ عزّ وجل رَسُولَهُ فِي عِلْمِهِ)(20).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(21).
* * *
باب (4): صفاته صلوات الله عليه وعلاماته ونسبه
1 _ عيون أخبار الرضا: مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْفَضْل، عَنْ بَكْر بْن أحْمَدَ الْقَصْريّ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَكُونُ الْقَائِمُ إِلاَّ إِمَامَ بْنَ إِمَام وَوَصِيَّ بْنَ وَصِيّ)(22).
2 _ كمال الدين: أحْمَدُ بْنُ هَارُونَ وَابْنُ شَاذَوَيْهِ وَابْنُ مَسْرُورٍ وَجَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْن جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ.
وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ(23) بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ جَدَّهِ الْحَسَن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن هِلاَلٍ الضَّبَّيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرٌ(24) وَوَاللهِ مَا فِي أهْل الْبَيْتِ مِثْلُكَ كَيْفَ لاَ تَخْرُجُ؟ فَقَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَطَاءٍ قَدْ أمْكَنْتَ الْحِشْوَةَ مِنْ اُذُنَيْكَ وَاللهِ مَا أنَا بِصَاحِبكُمْ)، قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: (انْظُرُوا مَنْ تَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ فَهُوَ صَاحِبُكُمْ)(25).
بيان: قال الجوهري: فلان من حشوة بني فلان بالكسر أي من رذّالهم(26).
أقول: أي تسمع كلام أراذل الشيعة وتقبل منهم في توهّمهم أنَّ لنا أنصاراً كثيرة وأنَّه لا بدَّ لنا من الخروج وأنّي القائم الموعود.
3 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الْمُقْري، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي لَيْلَى يَقُولُ: وَاللهِ‏ لاَ يَكُونُ الْمَهْدِيُّ أبَداً إِلاَّ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام(27).
4 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْجَريريّ، عَن الْفُضَيْل بْن الزُّبَيْر، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيّ عليه السلام يَقُولُ: الْمُنْتَظَرُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ، فِي ذُرَّيَّةِ الْحُسَيْن وَفِي عَقِبِ الْحُسَيْن، وَهُوَ الْمَظْلُومُ الَّذِي قَالَ اللهُ: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ))(28) قَالَ: وَلِيُّهُ رَجُلٌ مِنْ ذُرَّيَّتِهِ مِنْ عَقِبِهِ، ثُمَّ قَرَأ: ((وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ))(29)، ((سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ))(30) قَالَ: سُلْطَانُهُ فِي حُجَّتِهِ عَلَى جَمِيع مَنْ خَلَقَ اللهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاس وَلاَ يَكُونَ لأحَدٍ عَلَيْهِ حُجَّةٌ)(31).
5 _ كمال الدين(32): ابْنُ مُوسَى(33)، عَن الأسَدِيّ، عَن الْبَرْمَكِيّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَلَى الْمِنْبَر: (يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي فِي آخِر الزَّمَان أبْيَضُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً مُبْدَحُ الْبَطْن، عَريضُ الْفَخِذَيْن، عَظِيمٌ مُشَاشُ الْمَنْكِبَيْن، بِظَهْرهِ شَامَتَان: شَامَةٌ عَلَى لَوْن جِلْدِهِ، وَشَامَةٌ عَلَى شِبْهِ شَامَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، لَهُ اسْمَان: اسْمٌ يَخْفَى وَاسْمٌ يَعْلُنُ، فَأمَّا الَّذِي يَخْفَى فَأحْمَدُ وَأمَّا الَّذِي يَعْلُنُ فَمُحَمَّدٌ، فَإذَا هَزَّ رَايَتَهُ أضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوس الْعِبَادِ، فَلاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ صَارَ قَلْبُهُ أشَدَّ مِنْ زُبَر الْحَدِيدِ وَأعْطَاهُ اللهُ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً وَلاَ يَبْقَى مَيَّتٌ إِلاَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَلْبِهِ وَفِي قَبْرهِ وَهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورهِمْ وَيَتَبَاشَرُونَ بِقِيَام الْقَائِم عليه السلام)(34).
بيان: (مبدح البطن) أي واسعه وعريضه، قال الفيروزآبادي: البداح كسحاب المتّسع من الأرض أو اللينة الواسعة، والبدح بالكسر الفضاء الواسع، وامرأة بيدح: بادن، والأبدح: الرجل الطويل (السمين)(35) والعريض الجنبين من الدواب(36)، وقال: المشاشة بالضمّ رأس: العظم الممكن المضغ والجمع مشاش(37)، والشامة علامة تخالف البدن الذي هي فيه وهي هنا إمَّا بأن تكون أرفع من سائر الأجزاء أو أخفض وإن لم تخالف في اللون.
6 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَنْبُتُ فِي قَلْبِ مَهْدِيّنَا كَمَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ عَنْ(38) أحْسَن نَبَاتِهِ، فَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ حَتَّى يَلْقَاهُ فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ وَمَعْدِنَ الْعِلْم وَمَوْضِعَ الرَّسَالَةِ).
وَرُويَ أنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى الْقَائِم عليه السلام أنْ يُقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ(39).
7 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينِيّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (سَايَرَ(40) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ: أخْبِرْني عَن الْمَهْدِيّ مَا اسْمُهُ؟ فَقَالَ: أمَّا اسْمُهُ فَإنَّ حَبِيبي عَهِدَ(41) إِلَيَّ أنْ لاَ اُحَدَّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ، قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ صِفَتِهِ، قَالَ: هُوَ شَابٌّ مَرْبُوعٌ، حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الشَّعْر، يَسِيلُ شَعْرُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَنُورُ وَجْهِهِ يَعْلُو سَوَادَ لِحْيَتِهِ وَرَأسِهِ، بِأبِي ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ)(42).
الغيبة للنعماني: عن عمرو بن شمر، مثله(43).
8 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً مِنْ وَاسِطٍ فَدَخَلْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ عليه السلام فَسَألَنِي عَن النَّاس وَالأسْعَار، فَقُلْتُ: تَرَكْتُ النَّاسَ مَادَّينَ أعْنَاقَهُمْ إِلَيْكَ لَوْ خَرَجْتَ لاَتَّبَعَكَ الْخَلْقُ، فَقَالَ: (يَا ابْنَ عَطَاءٍ أخَذْتَ تَفْرُشُ اُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى، لاَ وَاللهِ مَا أنَا بِصَاحِبكُمْ وَلاَ يُشَارُ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا بِالأصَابِع وَيُمَطُّ إِلَيْهِ بِالْحَوَاجِبِ إِلاَّ مَاتَ قَتِيلاً أوْ حَتْفَ أنْفِهِ)، قُلْتُ: وَمَا حَتْفُ أنْفِهِ؟ قَالَ: (يَمُوتُ بِغَيْظِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مَنْ لاَ يُؤْبَهُ لِولاَدَتِهِ)، قُلْتُ: وَمَنْ لاَ يُؤْبَهُ لِولاَدَتِهِ؟ قَالَ: (انْظُرْ مَنْ لاَ يَدْري النَّاسُ أنَّهُ وُلِدَ أمْ لاَ فَذَاكَ صَاحِبُكُمْ)(44).
بيان: النوكى الحمقى، وقال الجوهري: مطَّ حاجبيه: أي مدَّهم(45)(46) قوله: قلت: ومن لا يؤبه: أي ما معناه ويحتمل أن يكون سقط لفظة (من) من النسّاخ لتوهّم التكرار(47).
9 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: إِنَّا نَرْجُو أنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر وَأنْ يَسُوقَهُ اللهُ إِلَيْكَ عَفْواً بِغَيْر سَيْفٍ، فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَضُربَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ، فَقَالَ: (مَا مِنَّا أحَدٌ اخْتَلَفَ الْكُتُبُ إِلَيْهِ وَاُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأصَابِع وَسُئِلَ عَن الْمَسَائِل وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الأمْوَالُ إِلاَّ اغْتِيلَ أوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الأمْر غُلاَماً مِنَّا خَفِيَّ الْمَوْلِدِ وَالْمُنْشَاُ غَيْرُ خَفِيّ فِي نَفْسِهِ)(48).
الهوامش:
(1) كمال الدين 2: 648/ باب (النهي عن تسمية القائم عليه السلام)/ ح 4. علماً بأنَّه جاء في المطبوعة (النعماني) بدل (كمال الدين) ولم نعثر عليه في (الغيبة للنعماني).
(2) كمال الدين 2: 381/ باب (ما روي عن أبي الحسن الهادي عليه السلام)/ ح 5.
(3) الغيبة للطوسي: 202/ رقم 169.
(4) كفاية الأثر: 284.
(5) التوحيد: 81/ باب 2/ ح 37.
(6) كمال الدين 2: 333/ باب (ما روي عن الصادق عليه السلام)/ ح 1.
(7) كمال الدين 2: 338/ باب (ما روي عن الصادق عليه السلام)/ ح 12.
(8) كمال الدين 2: 368/ باب (ما روي عن الكاظم عليه السلام)/ آخر الحديث 6.
(9) في المصدر: (الشيباني) بدل (السناني).
(10) كمال الدين 2: 377/ باب (ما روي عن أبي جعفر الثاني عليه السلام)/ ح 2.
(11) كفاية الأثر: 277.
(12) البقرة: 260.
(13) كمال الدين 2: 441/ باب (ذكر من شاهد القائم عليه السلام)/ ح 14.
(14) الكافي 1: 333/ باب (النهي عن الاسم)/ ح 2.
(15) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(16) كمال الدين 2: 482/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 1.
(17) كمال الدين 2: 483/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 3.
(18) كمال الدين 2: 648/ باب (النهي عن تسمية القائم عليه السلام)/ ح 1.
(19) كمال الدين 2: 648/ باب (النهي عن تسمية القائم عليه السلام)/ ح 2.
(20) كمال الدين 2: 648/ ح 3.
(21) الغيبة للطوسي: 470/ رقم 487.
(22) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 131.
(23) في المصدر: (جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله).
(24) في المصدر: (كثيرون) بدل (كثير).
(25) كمال الدين 1: 325/ باب (ما أخبر به أبو جعفر الباقر عليه السلام)/ ح 2.
(26) الصحاح 5: 2313.
(27) الغيبة للطوسي: 188/ رقم 151.
(28) الإسراء: 33.
(29) الزخرف: 28.
(30) الإسراء: 33.
(31) الغيبة للطوسي: 188/ رقم 150.
(32) كان في المطبوعة (الغيبة للطوسي)، وهو تصحيف، وما أثبتناه موافق لسند الصدوق رحمه الله.
(33) هو علي بن أحمد بن موسى من مشايخ الصدوق.
(34) كمال الدين 2: 653/ باب 57/ ح 17.
(35) كلمة: (السمين) ليست في المصدر.
(36) القاموس المحيط 1: 222.
(37) القاموس المحيط 2: 299.
(38) في المصدر: (على) بدل (عن).
(39) كمال الدين 2: 653/ باب (ما روي في علامات خروج القائم عليه السلام)/ ح 18.
(40) في المصدر: (سأل) بدل (ساير).
(41) في المصدر: (شهد).
(42) الغيبة للطوسي: 470/ رقم 487.
(43) لم نعثر عليه في كتاب الغيبة هذا.
(44) الغيبة للنعماني: 168.
(45) يعني إذا كان يخاطب بهما.
(46) الصحاح 2: 1160.
(47) بل التكرار غلط، والمعنى: من الذي لا يؤبه لولادته؟
(48) الغيبة للنعماني: 168.
******************
بيان: قال الجوهري: يقال: أعطيته عفو المال يعني بغير مسألة وعفا الماء إذا لم يطأه شيء يكدره(1).
10 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مِيثَمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى بْن حُصَيْنٍ الثَّعْلَبِيّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ عليه السلام فِي حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ فَقُلْتُ لَهُ: كَبِرَتْ سِنّي وَدَقَّ عَظْمِي فَلَسْتُ أدْري يُقْضَى لِي لِقَاؤُكَ أمْ لاَ؟ فَاعْهَدْ إِلَيَّ عَهْداً وَأخْبِرْنِي مَتَى الْفَرَجُ؟ فَقَالَ: (إِنَّ الشَّريدَ الطَّريدَ الْفَريدَ الْوَحِيدَ، الْفَرْدَ مِنْ أهْلِهِ، الْمَوْتُورَ بِوَالِدِهِ، الْمُكَنَّى بِعَمَّهِ، هُوَ صَاحِبُ الرَّايَاتِ وَاسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ)، فَقُلْتُ: أعِدْ عَلَيَّ، فَدَعَا بِكِتَابٍ أدِيم أوْ صَحِيفَةٍ فَكَتَبَ فِيهَ(2).
بيان: (الموتور بوالده): أي قتل والده ولم يطلب بدمه والمراد بالوالد إمَّا العسكري عليه السلام أو الحسين أو جنس الوالد ليشمل جميع الأئمّة عليهم السلام، قوله: (المكنّى بعمَّه): لعلَّ كنية بعض أعمامه أبو القاسم أو هو عليه السلام مكنّى بأبِي جعفر أو أبِي الحسين أو أبِي محمّد أيضاً ولا يبعد أن يكون المعنى لا يصرَّح باسمه بل يعبَّر عنه بالكناية خوفاً من عمَّه جعفر والأوسط أظهر كما مرَّ في خبر حمزة بن أبي الفتح وخبر عقيد تكنيته عليه السلام بأبي جعفر، وسيأتي أيضاً ولا تنافي التكنية بأبي القاسم أيضاً. قوله عليه السلام: (اسم نبيّ) يعني نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم.
11 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُونُسَ بْن كُلَيْبٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن هِشَام، عَنْ صَبَّاح، عَنْ سَالِم الأشَلّ، عَنْ حُصَيْنٍ التَّغْلِبِيّ، قَالَ: لَقِيتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام(3)... وَذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الأوَّلِ، إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ كَلاَمِهِ فَقَالَ: (أحَفِظْتَ (أمْ) أكْتُبُهَا لَكَ؟)، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ، فَدَعَا بِكُرَاعٍ مِنْ أدِيم أوْ صَحِيفَةٍ فَكَتَبَهَا ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيَّ وَأخْرَجَهَا حُصَيْنٌ إِلَيْنَا فَقَرَأهَا عَلَيْنَا ثُمَّ قَالَ: هَذَا كِتَابُ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام(4).
12 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْحَسَن بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر هُوَ الطَّريدُ الْفَريدُ(5) الْمَوْتُورُ بِأبِيهِ الْمُكَنَّى بِعَمَّهِ الْمُفْرَدُ مِنْ أهْلِهِ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ)(6).
13 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام، وَعَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ سَالِم الْمَكّيّ، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، عَنْ عَامِر بْن وَاثِلَةَ، (عَنْ أبِي الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاصِلَةَ): أنَّ الَّذِي تَطْلُبُونَ وَتَرْجُونَ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَرَى الَّذِي يُحِبُّ وَلَوْ صَارَ أنْ يَأكُلَ الأعْضَاءُ أعْضَاءَ الشَّجَرَةِ(7).
14 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ الْقَيْسِيّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا تَوَالَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ كَانَ رَابِعُهُمُ الْقَائِمَ عليه السلام)(8).
15 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْمَدِينِيّ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقّيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ طَالَ هَذَا الأمْرُ عَلَيْنَا حَتَّى ضَاقَتْ قُلُوبُنَا وَمِتْنَا كَمَداً!؟ فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا الأمْرَ آيَسُ مَا يَكُونُ وَأشَدُّ(9) غَمّاً: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم وَاسْم أبِيهِ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: (اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ وَاسْم أبِيهِ اسْمُ وَصِيّ)(10).
16 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ يَحْيَى بْن سَالِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر أصْغَرُنَا سِنّاً وَأخْمَلُنَا شَخْصاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: (إِذَا سَارَتِ الرُّكْبَانُ بِبَيْعَةِ الْغُلاَم فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ لِوَاءً)(11).
بيان: (أصغرنا سنّاً): أي عند الإمامة، قوله: (سارت الركبان): أي انتشر الخبر في الآفاق بأن بويع الغلام أي القائم عليه السلام، و(الصيصية): شوكة الديك، وقرن البقر والظباء، والحصن، وكلّ ما امتنع به، وهنا كناية عن القوّة والصولة.
17 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(12) الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْكُوفِيّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لأحَدٍ)(13).
18 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ عَقْدٌ وَلاَ بَيْعَةٌ)(14).
19 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَنْ جَعْفَر بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ، عَن الْوَلِيدِ بْن عُقْبَةَ، عَن الْحَارثِ بْن زِيَادٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْن(15) أبِي حَمْزَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر؟ فَقَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: (فَوَلَدُكَ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ:)(16) فَوَلَدُ وَلَدِكَ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَوَلَدُ وَلَدِ وَلَدِكَ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: (الَّذِي يَمْلاَهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ(17) جَوْراً لَعَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الأئِمَّةِ يَأتِي كَمَا أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بُعِثَ عَلَى فَتْرَةٍ)(18).
20 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إبراهيم بْن الحكم(19) بْن ظُهَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَن الأعْمَش، عَنْ أبِي وَابِلٍ(20)، قَالَ: نَظَرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيٌّ إِلَى الْحُسَيْن عليه السلام فَقَالَ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيَّدٌ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سَيَّداً وَسَيُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْم نَبِيَّكُمْ، يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، يَخْرُجُ عَلَى حِين غَفْلَةٍ مِنَ النَّاس وَإِمَاتَةٍ لِلْحَقَّ وَإِظْهَارٍ لِلْجَوْر، وَاللهِ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُربَتْ عُنُقُهُ، يَفْرَحُ بِخُرُوجِهِ أهْلُ السَّمَاوَاتِ وَسُكَّانُهَا وَهُوَ رَجُلٌ أجْلَى الْجَبِين، أقْنَى الأنْفِ، ضَخْمُ الْبَطْن، أزْيَلُ الْفَخِذَيْن، لِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ، أفْلَجُ الثَّنَايَا، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(21).
بيان: القنا في الأنف طوله ودقَّة أرنبته مع حدب في وسطه، قوله عليه السلام: (أزيل الفخذين): من الزيل كناية عن كونهما عريضتين كما مرَّ في خبر آخر، وفي بعض النسخ بالباء الموحَّدة من الزبول فينافي ما سبق ظاهراً، وفي بعضها أربل بالراء المهملة والباء الموحَّدة من قولهم: رجل ربل كثير اللحم وهذا أظهر، وفلج الثنايا: انفراجها وعدم التصاقها.
21 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي قَدْ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ وَفِي حَقْوَيَّ هِمْيَانٌ فِيهِ ألْفُ دِينَارٍ وَقَدْ أعْطَيْتُ اللهَ عَهْداً أنَّنِي اُنْفِقُهَا بِبَابِكَ دِينَاراً دِينَاراً أوْ تُجِيبَنِي فِيمَا أسْألُكَ عَنْهُ، فَقَالَ: (يَا حُمْرَانُ سَلْ تُجَبْ وَلاَ تُبَعَّضْ(22) دَنَانِيرَكَ)، فَقُلْتُ: سَألْتُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر وَالْقَائِمُ بِهِ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ بِأبِي أنْتَ وَاُمَّي؟ فَقَالَ: (ذَاكَ الْمُشْرَبُ حُمْرَةً، الْغَائِرُ الْعَيْنَيْن، الْمُشَرَّفُ الْحَاجِبَيْن، عَريضٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْن، بِرَأسِهِ حَزَازٌ، وَبِوَجْهِهِ أثَرٌ رَحِمَ اللهُ مُوسَى)(23).
بيان: (المشرف الحاجبين): أي في وسطهما ارتفاع من الشرفة والحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة، وقوله عليه السلام: (رحم الله موسى)، لعلَّه إشارة إلى أنَّه سيظنّ بعض الناس أنَّه القائم وليس كذلك، أو أنَّه قال: (فلاناً) كما سيأتي فعبَّر عنه الواقفية بموسى.
22 _ الغيبة للنعماني(24): عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن‏ عَلِيّ الْحِمْيَريّ، عَن الْحُسَيْن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن حَريزٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زُرَارَةَ(25)، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام فَقُلْتُ: أنْتَ الْقَائِمُ؟ قَالَ: (قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأنَّى لِلطَّالِبِ(26) بِالدَّم وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)، ثُمَّ أعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: (قَدْ عَرَفْتُ حَيْثُ تَذْهَبُ، صَاحِبُكَ الْمُدَبَّحُ(27) الْبَطْن ثُمَّ الْحَزَازُ بِرَأسِهِ ابْنُ الأرْوَاع رَحِمَ اللهُ فُلاَناً)(28).
بيان: ابن الأرواع لعلَّه جمع الأروع أي ابن جماعة هم أروع الناس أو جمع الروع وهو من يعجبك بحسنه وجهارة منظره، أو بشجاعته أو جمع الروع بمعنى الخوف.
23 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحُسَيْن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيّ(29)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ(30)، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام أوْ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام _ الشَّكُّ مِن ابْن عِصَام _: (يَا بَا مُحَمَّدٍ بِالْقَائِم عَلاَمَتَان: شَامَةٌ فِي رَأسِهِ وَدَاءُ الْحَزَازِ بِرَأسِهِ، وَشَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ جَانِبِهِ الأيْسَر تَحْتَ كَتِفَيْهِ وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةِ الآس(31) ابْنُ سِتَّةٍ وَابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ).
بيان: لعلَّ المعنى ابن ستّة أعوام عند الإمامة أو ابن ستّة بحسب الأسماء فإن أسماء آبائه عليهم السلام محمّد وعلي وحسين وجعفر وموسى وحسن ولم يحصل ذلك في أحد من الأئمّة عليهم السلام قبله مع أنَّ بعض رواة تلك الأخبار من الواقفية ولا تقبل رواياتهم فيما يوافق مذهبهم(32).
24 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل بْن قَيْسٍ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن(33) بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْقَطَوَانِيّ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ‏ عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ زَيْدٍ الْكُنَاسِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ الْبَاقِرَ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فِيهِ شَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ مِنْ(34) أمَةٍ سَوْدَاءَ يَصْلُحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ(35))، يُريدُ بِالشَّبَهِ مِنْ يُوسُفَ عليه السلام الْغَيْبَةَ(36).
25 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ الْحِمْيَريّ، عَن الْحَكَم بْن عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام: (بِأبِي ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ) أهِيَ فَاطِمَةُ؟ قَالَ: (فَاطِمَةُ خَيْرُ الْحَرَائِر)، قَالَ: (المبدح (الْمُدَبَّحُ‏) بَطْنُهُ الْمُشْرَبُ حُمْرَةً رَحِمَ اللهُ فُلاَناً)(37).
26 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي الصَّبَّاح، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (مَا وَرَاءَكَ؟)، فَقُلْتُ: سُرُورٌ مِنْ عَمَّكَ زَيْدٍ خَرَجَ يَزْعُمُ أنَّهُ ابْنُ سِتَّةٍ(38) وَأنَّهُ قَائِمُ هَذِهِ الاُمَّةِ وَأنَّهُ ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ، فَقَالَ: (كَذَبَ لَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ إِنْ خَرَجَ قُتِلَ)(39).
بيان: لعلَّ زيداً أدخل الحسن عليه السلام في عداد الآباء مجازاً فإنَّ العمّ قد يسمّى أباً، فمع فاطمة عليها السلام ستّة من المعصومين.
27 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ ابْنَا الْحَسَن، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ يَزيدَ بْن حَازِم(40)، قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَسَألَنِي: (هَلْ صَاحَبَكَ أحَدٌ؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ(41) صَحِبَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُعْتَزلَةِ، قَالَ: (فِيمَ(42) كَانَ يَقُولُ)، قُلْتُ: كَانَ يَزْعُمُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن يُرْجَى هُوَ الْقَائِمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّ اسْمَهُ اسْمُ النَّبِيّ وَاسْمَ أبِيهِ اسْمُ أبِي النَّبِيّ، فَقُلْتُ لَهُ فِي الْجَوَابِ: إِنْ كُنْتَ تَأخُذُ بِالأسْمَاءِ فَهُوَ ذَا فِي وُلْدِ الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيّ، فَقَالَ لِي: إِنَّ هَذَا ابْنُ أمَةٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيّ وَهَذَا ابْنُ مَهِيرَةٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن بْن الْحَسَن، فَقَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (فَمَا رَدَدْتَ عَلَيْهِ؟)، قُلْتُ: مَا كَانَ عِنْدِي شَيْ‏ءٌ أرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (لَوْ تَعْلَمُونَ(43) أنَّهُ ابْنُ سِتَّةٍ(44)) يَعْنِي الْقَائِمَ عليه السلام(45).
الهوامش:
(1) الصحاح 4: 2432 و2433.
(2) الغيبة للنعماني: 178.
(3) في المصدر إضافة: (محمّد بن علي).
(4) الغيبة للنعماني: 178.
(5) في المصدر: (الشريد) بدل (الفريد).
(6) الغيبة للنعماني: 179.
(7) الغيبة للنعماني: 179، وفيه: (يأكل الأغصان أغصان الشجر)، وهو الصحيح.
(8) الغيبة للنعماني: 179.
(9) في المصدر: (وأشدُّه).
(10) الغيبة للنعماني: 181.
(11) الغيبة للنعماني: 184، وفيه إضافة: (فانتظروا الفرج).
(12) في المصدر: (حسان) بدل (الحسن).
(13) الغيبة للنعماني: 191.
(14) الغيبة للنعماني: 171، وفيه: (عقد ولا عهد ولا بيعة).
(15) في المصدر: (عن) بدل (بن).
(16) ما بين المعقوفتين أضفناه من المصدر ومن الكافي (ج 1/ ص 341).
(17) في المصدر إضافة: (ظلماً و) بين معقوفتين.
(18) الغيبة للنعماني: 186.
(19) جاء في المطبوعة: (الحسين) بدل (الحكم)، وما أثبتناه من المصدر، ويؤيّده ما جاء في (ص 206/ الرقم 22). راجع: (ج 51/ ص 120) من المطبوعة.
(20) في المصدر: (أبي وائل) بدل (أبي وابل).
(21) الغيبة للنعماني: 212.
(22) في المصدر: (لا تنفق).
(23) الغيبة للنعماني: 215.
(24) في النسخة المطبوعة: (الإرشاد)، وهو سهو لأنَّ الحديث لا يوجد في الإرشاد والصحيح ما أثبتناه، مع ما يظهر من قوله بعد ذلك: (الغيبة للنعماني)، وبهذا الإسناد وهكذا في صدر الإسناد الآتية مصدّراً بعبد الواحد بن عبد الله وهو من مشايخ النعماني.
(25) في المصدر: (عن محمّد بن زائدة) بدل (عن محمّد بن زرارة).
(26) في المصدر: (المطالب).
(27) في المصدر: (المبدح).
(28) الغيبة للنعماني: 215.
(29) في المصدر: (عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي).
(30) في المصدر: (عن محمّد بن عصام) بدل (عن محمّد بن عبد الله).
(31) الغيبة للنعماني: 216.
(32) ولعلَّ الصحيح أنَّه (ابن ستّة) وهو عبارة أخرى عن كونه عليه السلام (أزيل) يعني: متباعداً ما بين الفخذين: كما مرَّ في الحديث (19) من هذا الباب، وقد صحَّحه الفاضل القمّي المعروف بـ (أرباب) في نسخة المصدر بـ (ابن سبية)، لكنَّه لا يوافق مع الحديث (26) والحديث (27) من هذا الباب.
(33) في المصدر: (الحسين) بدل (الحسن).
(34) في المصدر: (ابن) بدل (من).
(35) في المصدر إضافة: (واحدة).
(36) الغيبة للنعماني: 228.
(37) المصدر السابق.
(38) في المصدر: (سبية).
(39) الغيبة للنعماني: 228.
(40) في المصدر: (عن يزيد بن أبي حازم).
(41) في المصدر إضافة: (فقال: أكنتم تتكلَّمون؟ قلت: نعم).
(42) في المصدر: (فما) بدل (فيما).
(43) في المصدر: (أو لم تعلموا) بدل (لو تعلمون).
(44) في المصدر: (أنَّه ابن سبية).
(45) الغيبة للنعماني: 229.
******************
28 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(1) بْن مُوسَى، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (الأمْرُ فِي أصْغَرنَا سِنّاً وَأخْمَلِنَا ذِكْراً)(2).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسن(3) الرازي، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(4).
29 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(5)، عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ، عَنْ أبِي مَالِكٍ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أبِي السَّفَاتِج، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأحَدِهِمَا _ لأبِي عَبْدِ اللهِ أوْ لأبِي جَعْفَرٍ عليهما السلام _: أيَكُونُ أنْ يُفْضَى هَذَا الأمْرُ إِلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ؟ قَالَ: (سَيَكُونُ ذَلِكَ)، قُلْتُ: فَمَا يَصْنَعُ؟ قَالَ: (يُوَرَّثُهُ عِلْماً وَكُتُباً وَلاَ يَكِلُهُ إِلَى نَفْسِهِ)(6).
بيان: لعلَّ المعنى أنَّ لا مدخل للسنّ في علومهم وحالاتهم فإنَّ الله تعالى لا يكلهم إلى أنفسهم بل هم مؤيّدون بالإلهام وروح القُدُس.
30 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، (عن) مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ إِلاَّ فِي أخْمَلِنَا ذِكْراً وَأحْدَثِنَا سِنّاً)(7).
31 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(8)، عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ(9)، عَنْ إِسْحَاقَ بْن صَبَّاح، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ هَذَا سَيُفْضَى إِلَى مَنْ يَكُونُ لَهُ الْحَمْلُ)(10).
بيان: لعلَّ المعنى أنَّه يحتاج أن يحمل لصغره ويحتمل أن يكون بالخاء المعجمة يعني يكون خامل الذكر.
32 _ كشف الغمّة: ابْنُ الْخَشَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أبِيهِ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (الْخَلَفُ الصَّالِحُ مِنْ وُلْدِ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيّ وَهُوَ صَاحِبُ الزَّمَان وَهُوَ الْمَهْدِيُّ)(11).
33 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَن الْمُنَخَّل، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ)(12).
34 _ الْفُصُولُ الْمُهِمَّةُ: صِفَتُهُ عليه السلام: شَابٌّ مَرْبُوعُ(13) الْقَامَةِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، وَالشَّعْرُ يَسِيلُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، أقْنَى الأنْفِ، أجْلَى الْجَبْهَةِ، قِيلَ: إِنَّهُ غَابَ فِي السَّرْدَابِ وَالْحَرَسُ عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ سِتّ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن(14).
* * *
باب (5): الآيات المؤوّلة بقيام القائم عليه السلام
1 _ تفسير القمي: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(15) قَالَ: إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَى خُرُوج الْقَائِم عليه السلام فَنَرُدُّهُمْ وَنُعَذّبُهُمْ، ((لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ)) أنْ يَقُولُوا: لِمَ لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ وَلاَ يَخْرُجُ؟، عَلَى حَدَّ الاسْتِهْزَاءِ فَقَالَ اللهُ: ((ألا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)).
أخْبَرَنَا أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَكَم، عَنْ سَيْفِ بْن(16) حَسَّانَ، عَنْ هِشَام بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِيهِ وَكَانَ مِنْ أصْحَابِ عَلِيّ عليه السلام، عَنْ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ)) قَالَ: (الاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ أصْحَابُ الْقَائِم الثَّلاَثُمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ).
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَالاُمَّةُ فِي كِتَابِ اللهِ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ فَمِنْهُ: الْمَذْهَبُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً))(17) أيْ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ، وَمِنْهُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاس وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ))(18) أيْ جَمَاعَةً، وَمِنْهُ: الْوَاحِدُ قَدْ سَمَّاهُ اللهُ اُمَّةً وَهُوَ قَوْلُهُ: ((إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً للهِ حَنِيفاً))(19)، وَمِنْهُ: أجْنَاسُ جَمِيع الْحَيَوَان وَهُوَ قَوْلُهُ: ‏((وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ))(20)، وَمِنْهُ: اُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ قَوْلُهُ: ((كَذلِكَ أرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ))(21) وَهِيَ اُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمِنْهُ: الْوَقْتُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ))(22) أيْ بَعْدَ وَقْتٍ، وَقَوْلُهُ: ((إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)) يَعْنِي الْوَقْتَ، وَمِنْهُ: يَعْنِي بِهِ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا))(23)، وَقَوْلُهُ: ((وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ))(24) وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ(25).
2 _ تفسير القمي: ((وَلَقَدْ أرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أنْ أخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأيَّامِ اللهِ))(26) قَالَ: أيَّامُ اللهِ ثَلاَثَةٌ يَوْمُ الْقَائِم صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَيَوْمُ الْمَوْتِ وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ(27).
3 _ تفسير القمي: ((وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ))(28) أيْ أعْلَمْنَاهُمْ ثُمَّ انْقَطَعَتْ مُخَاطَبَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَاطَبَ اُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: ((لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ)) يَعْنِي فُلاَناً وَفُلاَناً وَأصْحَابَهُمَا وَنَقْضَهُمُ الْعَهْدَ، ((وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً)) يَعْنِي مَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْخِلاَفَةِ، ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما)) يَعْنِي يَوْمَ الْجَمَل، ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ)) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَأصْحَابَهُ، ((فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)) أيْ طَلَبُوكُمْ وَقَتَلُوكُمْ، ((وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)) يَعْنِي يَتِمُّ وَيَكُونُ، ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ)) يَعْنِي لِبَني اُمَيَّةَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ((وَأمْدَدْناكُمْ بِأمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِيراً)) مِنَ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ عليه السلام(29) وَأصْحَابِهِ وَسَبَوْ(30) نِسَاءَ آلِ مُحَمَّدٍ، ((إِنْ أحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآْخِرَةِ))(31) يَعْنِي الْقَائِمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَأصْحَابَهُ، ((لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ)) يَعْنِي تَسَوُّدَ(32) وُجُوهِهِمْ، ((وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أوَّلَ مَرَّةٍ)) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ وَأصْحَابَهُ(33)، ((وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً)) أيْ يَعْلُو عَلَيْكُمْ فَيَقْتُلُوكُمْ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام فَقَالَ: ((عَسى رَبُّكُمْ أنْ يَرْحَمَكُمْ)) أيْ يَنْصُرُكُمْ عَلَى عَدُوَّكُمْ، ثُمَّ خَاطَبَ بَنِي اُمَيَّةَ فَقَالَ: ((وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا)) يَعْنِي إِنْ عُدْتُمْ بِالسُّفْيَانِيّ عُدْنَا بِالْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ(34).
بيان: على تفسيره معنى الآية: أوحينا إلى بني إسرائيل أنَّكم يا أمّة محمّد تفعلون كذا وكذا، ويحتمل أن يكون الخبر الذي أخذ عنه التفسير محمولاً على أنَّه لمَّا أخبر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ كلَّما يكون في بني إسرائيل يكون في هذه الأمّة نظيره فهذه الأمور نظاير تلك الوقايع وفي بطن الآيات إشارة إليها وبهذا الوجه الذي ذكرنا تستقيم أوّليهما. و(الكرة): الدولة والغلبة، و(النفير): من ينفر مع الرجل من قومه، وقيل: جمع نفر وهم المجتمعون للذهاب إلى العدوّ، قوله تعالى: ((وَعْدُ الآْخِرَةِ)) أي وعد عقوبة المرّة الآخرة، قوله تعالى: ((وَلِيُتَبِّرُوا)) أي وليهلكوا، ((ما عَلَوْا)) أي ما غلبوه واستولوا عليه أو مدّة علوهم.
4 _ تفسير القمي: ((أوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً))(35) يَعْنِي(36) مِنْ أمْر الْقَائِم وَالسُّفْيَانِيّ(37).
5 _ تفسير القمي: ((فَلَمَّا أحَسُّوا بَأْسَنا))(38) يَعْنِي بَنِي اُمَيَّةَ إِذَا أحَسُّوا بِالْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، ((إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)) يَعْنِي الْكُنُوزَ الَّتِي كَنَزُوهَا، قَالَ: فَيَدْخُلُ بَنُو اُمَيَّةَ إِلَى الرُّومِ إِذَا طَلَبَهُمُ الْقَائِمُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخْرجُهُمْ مِنَ الرُّومِ وَيُطَالِبُهُمْ بِالْكُنُوزِ الَّتِي كَنَزُوهَا فَيَقُولُونَ كَمَا حَكَى اللهُ: ((يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ)) قَالَ: بِالسَّيْفِ وَتَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا لَفْظُهُ مَاضٍ وَمَعْنَاهُ مُسْتَقْبَلٌ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا تَأويلُهُ بَعْدَ تَنْزيلِهِ(39).
بيان: ((يَرْكُضُونَ)) أي يهربون مسرعين راكضين دوابهم، قوله تعالى: ((حَصِيداً)) أي مثل الحصيد وهو النبت المحصود، ((خامِدِينَ)) أي ميّتين من خمدت النار.
6 _ تفسير القمي: ((وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ))(40) قَالَ: الْكُتُبُ كُلُّهَا ذِكْرٌ، ((أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)) قَالَ: الْقَائِمُ عليه السلام وَأصْحَابُهُ(41).
توضيح: قوله: الكتب كلّها ذكر، أي بعد أن كتبنا في الكتب الأخر المنزلة. وقال المفسّرون: المراد به التوراة، وقيل: المراد بالزبور جنس الكتب المنزلة وبالذكر اللوح المحفوظ.
7 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ))(42) قَالَ: (إِنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَ: نَزَلَتْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَمَّا أخْرَجَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ الْقَائِمُ عليه السلام(43) إِذَا خَرَجَ يَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن عليه السلام وَهُوَ قَوْلُهُ: نَحْنُ أوْلِيَاءُ الدَّم وَطُلاَّبُ التّرَةِ)(44).
8 _ تفسير القمي: ((وَمَنْ عاقَبَ))(45) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ((بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ)) يَعْنِي حِينَ(46) أرَادُوا أنْ يَقْتُلُوهُ، ((ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ)) بِالْقَائِم مِنْ وُلْدِهِ عليه السلام(47).
9 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ))(48)، (فَهَذِهِ لآِلِ مُحَمَّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ إِلَى آخِر الأئِمَّةِ(49) وَالْمَهْدِيّ وَأصْحَابِهِ يَمْلِكُهُمُ اللهُ مَشَارقَ الأرْض وَمَغَاربَهَا وَيُظْهِرُ (بِهِ)(50) الدَّينَ وَيُمِيتُ اللهُ بِهِ وَبِأصْحَابِهِ الْبِدَعَ وَالْبَاطِلَ كَمَا أمَاتَ السُّفَهَاءُ الْحَقَّ حَتَّى لاَ يُرَى‏ أيْنَ الظُّلْمُ وَيَأمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر)(51).
10 _ تفسير القمي: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(52).
فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (تَخْضَعُ رقَابُهُمْ _ يَعْنِي بَنِي اُمَيَّةَ _ وَهِيَ الصَّيْحَةُ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم صَاحِبِ الأمْر عليه السلام)(53).
11 _ تفسير القمي: ((أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأرْضِ))(54).
فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أبِي، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (نَزَلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام، هُوَ وَاللهِ الْمُضْطَرُّ إِذَا صَلَّى فِي الْمَقَام رَكْعَتَيْن وَدَعَا اللهَ فَأجَابَهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي الأرْض)(55).
12 _ تفسير القمي: ((وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ))(56) يَعْنِي الْقَائِمَ عليه السلام، ((لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أوَلَيْسَ اللهُ بِأعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ)).(57)
الهوامش:
(1) في المصدر: (عن عبيد الله).
(2) الغيبة للنعماني: 322.
(3) في المصدر: (حسان) بدل (الحسن).
(4) الغيبة للنعماني: 322.
(5) في المصدر: (عن أحمد بن مابنداذ).
(6) الغيبة للنعماني: 322.
(7) الغيبة للنعماني: 323.
(8) في المصدر: (مابنداذ).
(9) في المصدر: (هلال) بدل (هليل).
(10) الغيبة للنعماني: 323.
(11) كشف الغمّة 2: 475/ باب (ما روي في أمر المهدي عليه السلام).
(12) الغيبة للطوسي: 187/ رقم 147.
(13) في المصدر: (مرفوع) بدل (مربوع).
(14) الفصول المهمّة: 289.
(15) هود: 8 ، وما بعدها ذيلها.
(16) في المصدر: (عن سيف، عن حسان).
(17) البقرة: 213.
(18) القصص: 23.
(19) النحل: 120.
(20) فاطر: 24.
(21) الرعد: 30.
(22) يوسف: 45.
(23) الجاثية: 28.
(24) النحل: 84 .
(25) تفسير القمي 1: 322.
(26) إبراهيم: 5.
(27) تفسير القمي 1: 367.
(28) الإسراء: 4، وما بعدها ذيلها.
(29) في المصدر: (من الحسن والحسين أبناء علي عليه السلام).
(30) في المصدر: (وأصحابهما فقتلوا الحسين بن علي وسبوا).
(31) الإسراء: 7، وما بعدها ذيلها.
(32) في المصدر: (تسودُّون).
(33) في المصدر إضافة: (وأمير المؤمنين وأصحابه).
(34) تفسير القمي 2: 14.
(35) طه: 113.
(36) في المصدر: (يعني ما يحدث).
(37) تفسير القمي 2: 65.
(38) الأنبياء: 12، وما بعدها ذيلها.
(39) تفسير القمي 2: 68.
(40) الأنبياء: 105، وما بعدها ذيلها.
(41) تفسير القمي 2: 77.
(42) الحجّ: 39.
(43) في المصدر: (هي للقائم عليه السلام).
(44) تفسير القمي 2: 84 ، وفيه: (الدية) بدل (الترة).
(45) الحجّ: 60، وما بعدها ذيلها.
(46) في المصدر: (حسيناً) بدل (حين).
(47) تفسير القمي 2: 87 .
(48) الحجّ: 41.
(49) في المصدر: (الآية) بدل (الأئمّة).
(50) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(51) تفسير القمي 2: 87 ، وعبارة: (ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) ليست في المصدر، كذلك فيه: (أثر للظلم) بدل (أين الظلم).
(52) الشعراء: 4.
(53) تفسير القمي 2: 118.
(54) النمل: 62.
(55) تفسير القمي 2: 129.
(56) العنكبوت: 10، وما بعدها ذيلها.
(57) تفسير القمي 2: 149.
******************
13 _ تفسير القمي: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَبْدِ الرَّحِيم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الثُّمَالِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (((وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ))(1) يَعْنِي الْقَائِمَ وَأصْحَابَهُ ((فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)) وَالْقَائِمُ إِذَا قَامَ انْتَصَرَ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَمِنَ الْمُكَذَّبِينَ وَالنُّصَّابِ هُوَ وَأصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ)))(2).
تفسير فرات: أحمد بن محمّد بن أحمد بن طلحة الخراساني، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن إسماعيل بن مهران، عن يحيى بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبِي جعفر عليه السلام مثله(3).
14 _ تفسير القمي: رُويَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ))(4) يَعْنِي خُرُوجَ الْقَائِم عليه السلام(5).
15 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن الأشْعَريّ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيّ بْن حَمَّادٍ الْخَزَّازِ، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ الْمِنْقَريّ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((مُدْهامَّتانِ))(6) قَالَ: (يَتَّصِلُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَخْلاً)(7).
16 _ تفسير القمي: ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ))(8) قَالَ: بِالْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ(9) إِذَا خَرَجَ ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ))(10) حَتَّى لاَ يُعْبَدَ غَيْرُ اللهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْر(11).
17 _ تفسير القمي: ((وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ))(12) يَعْنِي فِي الدُّنْيَا بِفَتْح الْقَائِم عليه السلام(13).
18 _ تفسير القمي: ((حَتَّى إِذا رَأوْا ما يُوعَدُونَ))(14) قَالَ: الْقَائِمُ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهما السلام(15) ((فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أضْعَفُ ناصِراً وَأقَلُّ عَدَداً)).(16)
19 _ تفسير القمي: ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ))(17) يَا مُحَمَّدُ، ((أمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)) لَوْ بُعِثَ(18) الْقَائِمُ عليه السلام فَيَنْتَقِمُ لِي مِنَ الْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي اُمَيَّةَ وَسَائِر النَّاس(19).
20 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ: ((وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى))(20)، قَالَ: (اللَّيْلُ فِي هَذَا الْمَوْضِع الثَّانِي(21) غَشَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي دَوْلَتِهِ الَّتِي جَرَتْ لَهُ عَلَيْهِ وَاُمِرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنْ يَصْبِرَ فِي دَوْلَتِهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ)، قَالَ: ((وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى))(22)، قَالَ: (النَّهَارُ هُوَ الْقَائِمُ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام إِذَا قَامَ غَلَبَ دَوْلَةَ الْبَاطِل. وَالْقُرْآنُ ضَرَبَ فِيهِ الأمْثَالَ لِلنَّاس وَخَاطَبَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم بِهِ وَنَحْنُ (نَعْلَمُهُ‏) فَلَيْسَ‏ يَعْلَمُهُ غَيْرُنَا)(23).
إيضاح: قوله عليه السلام: (غَشَّ) لعلَّه بيان لحاصل المعنى لا لأنَّه مشتقّ من الغش أي غشيه وأحاط به وأطفى نوره وظلمه وغشَّه، ويحتمل أن يكون من باب أمللت وأمليت.
21 _ تفسير القمي: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(24)­.
قُلْ: أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ إِمَامُكُمْ غَائِباً فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإِمَام مِثْلِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيّ الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْن أيُّوبَ، قَالَ: سُئِلَ الرَّضَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))، فَقَالَ عليه السلام: (مَاؤُكُمْ أبْوَابُكُمُ(25) الأئِمَّةُ وَالأئِمَّةُ أبْوَابُ اللهِ(26) ((فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)) يَعْنِي يَأتِيكُمْ بِعِلْم الإمَام)(27).
22 _ تفسير القمي: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(28) إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَهُوَ الإمَامُ الَّذِي يُظْهِرُهُ اللهُ عَلَى الدَّين كُلّهِ فَيَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً وَهَذَ(29) مِمَّا ذَكَرْنَا أنَّ تَأويلَهُ(30) بَعْدَ تَنْزيلِهِ(31).
23 _ الخصال: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيّ، عَنْ مُثَنّى الْحَنَّاطِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (((أيَّامَ اللهِ))(32) ثَلاَثَةٌ: يَوْمُ يَقُومُ الْقَائِمُ، وَيَوْمُ الْكَرَّةِ، وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ)(33).
معاني الأخبار: أبي، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن مثنّى الحنّاط، عن جعفر، عن أبيه عليه السلام، مثله(34).
24 _ ثواب الأعمال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ عَبَّادِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ))(35)، قَالَ: (يَغْشَاهُمُ الْقَائِمُ بِالسَّيْفِ)، قَالَ: قُلْتُ: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ))(36)، قَالَ: (يَقُولُ خَاضِعَةٌ لاَ تُطِيقُ الامْتِنَاعَ)،‏ قَالَ: قُلْتُ: ((عامِلَةٌ))(37) قَالَ: (عَمِلَتْ بِغَيْر مَا أنْزَلَ اللهُ عزّ وجل)، قُلْتُ: ((ناصِبَةٌ))، قَالَ: (نَصْبُ غَيْر(38) وُلاَةِ الأمْر)، قَالَ: قُلْتُ: ((تَصْلى ناراً حامِيَةً))(39)، قَالَ: (تَصْلَى نَارَ الْحَرْبِ فِي الدُّنْيَا عَلَى عَهْدِ الْقَائِم وَفِي الآخِرَةِ نَارَ جَهَنَّمَ)(40).
25 _ كمال الدين، وثواب الأعمال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ))(41) فَقَالَ: (الآيَاتُ هُمُ الأئِمَّةُ وَالآيَةُ الْمُنْتَظَرُ هُوَ الْقَائِمُ عليه السلام فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل قِيَامِهِ بِالسَّيْفِ وَإِنْ آمَنَتْ بِمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ آبَائِهِ عليهم السلام)(42).
ثواب الأعمال: وحدَّثنا بذلك أحمد بن زياد، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير وابن محبوب، عن ابن رئاب وغيره، عن الصادق عليه السلام(43).
26 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ مَعاً، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَن الْحُسَيْن بْن الرَّبيع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ أسَدِ بْن ثَعْلَبَةَ، عَنْ اُمَّ هَانِئ، قَالَتْ: لَقِيتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام فَسَألْتُهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ((فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوارِ الْكُنَّسِ))(44) فَقَالَ: (إِمَامٌ يَخْنِسُ فِي زَمَانِهِ عِنْدَ انْقِضَاءٍ مِنْ عِلْمِهِ سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن ثُمَّ يَبْدُو كَالشّهَابِ الْوَقَّادِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل فَإنْ أدْرَكْتَ ذَلِكَ قَرَّتْ عَيْنَاكَ)(45).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن الأسدي، عن سعد، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبي الحسن بن أبِي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، مثله(46).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن عدّة من رجاله، عن سعد، عن أحمد بن الحسين(47) بن عمر، عن الحسين(48) بن أبي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، مثله(49).
تفسير: قال البيضاوي: ((بِالْخُنَّسِ)) بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخَّر وهي ما سوى النيرين(50) من السيارات الجوار، ((الْكُنَّسِ)) أي السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس من كنس الوحش إذا دخل كناسته، انتهى(51).
(وأقول: على تأويله على الجمعية إمَّا للتعظيم أو للمبالغة في التأخّر، أو لشموله لسائر الأئمّة عليهم السلام باعتبار الرجعة، أو لأنَّ ظهوره عليه السلام بمنزلة ظهور الجميع، ويحتمل أن يكون المراد بها الكواكب، فيكون ذكرها لتشبيه الإمام بها في الغيبة والظهور كما في أكثر البطون. (فإن أدركت) أي على الفرض البعيد أو في الرجعة، (ذلك): أي ظهوره وتمكّنه)(52).
27 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(53) فَقَالَ: (هَذِهِ نَزَلَتْ فِي الْقَائِم، يَقُولُ: إِنْ أصْبَحَ إِمَامُكُمْ غَائِباً عَنْكُمْ لاَ تَدْرُونَ أيْنَ هُوَ فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإمَام ظَاهِرٍ يَأتِيكُمْ بِأخْبَار السَّمَاءِ وَالأرْض وَحَلاَلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ وَحَرَامِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (وَاللهِ مَا جَاءَ تَأويلُ الآيَةِ وَلاَ بُدَّ أنْ يَجِيءَ تَأويلُهَا)(54).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن الأسدي، عن سعد، عن موسى بن عمر بن يزيد، مثله(55).
28 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ دَاوُدَ الرَّقّيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(56) قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِقِيَام الْقَائِمِ عليه السلام أنَّهُ حَقٌّ)(57).
29 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي الْقَاسِم، قَالَ: سَألْتُ الصَّادِقَ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(58) فَقَالَ: (الْمُتَّقُونَ شِيعَةُ عَلِيّ عليه السلام وَأمَّا الْغَيْبُ فَهُوَ الْحُجَّةُ الْغَائِبُ وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ((وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(59))(60).
30 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَنْ مُوسَى بْن الْقَاسِم، عَنْ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(61) (قُلْ: أرَأيْتُمْ إِنْ غَابَ عَنْكُمْ إِمَامُكُمْ فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإمَام جَدِيدٍ)(62).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن أحمد بن مابنداد(63)، عن أحمد بن هليل(64)، عن موسى بن القاسم، مثله(65).
الهوامش:
(1) الشورى: 41، وما بعدها ذيلها.
(2) تفسير القمي 2: 278.
(3) تفسير فرات: 399/ ح 532.
(4) القمر: 1.
(5) تفسير القمي 2: 340.
(6) الرحمن: 64.
(7) تفسير القمي 2: 340.
(8) الصف: 8 .
(9) في المصدر: (صلوات الله عليهم حتَّى إذا).
(10) الصف: 9.
(11) تفسير القمي 2: 365.
(12) الصف: 13.
(13) تفسير القمي 2: 366.
(14) الجن: 24.
(15) في المصدر إضافة: (في الرجعة).
(16) تفسير القمي 2: 391.
(17) الطارق: 15 - 17، وما بعدها ذيلها.
(18) في المصدر: (لوقت بعث) بدل (لو بعث).
(19) تفسير القمي 2: 416.
(20) الليل: 1.
(21) في المصدر: (فلان) بدل (الثاني).
(22) الليل: 2.
(23) تفسير القمي 2: 425.
(24) الملك: 30.
(25) في المصدر إضافة: (أي).
(26) في المصدر إضافة: (بينه وبين خلقه).
(27) تفسير القمي 2: 379.
(28) التوبة: 33؛ الصف: 9.
(29) عبارة: (يظهره الله) حتَّى (وظلماً هذا) ليست في المصدر.
(30) في المصدر: (ذكرناه ممَّا تأويله) بدل (ممَّا ذكرنا أنَّ).
(31) تفسير القمي 2: 289.
(32) إبراهيم: 5.
(33) الخصال 1: 108/ باب (الثلاثة)/ ح 75.
(34) معاني الأخبار: 365 و366/ باب (معنى أيّام الله)/ ح 1.
(35) الغاشية: 1.
(36) الغاشية: 2.
(37) الغاشية: 3.
(38) في المصدر: (نصبت لغيره).
(39) الغاشية: 4.
(40) ثواب الأعمال: 248/ ح 10.
(41) الأنعام: 158.
(42) كمال الدين 2: 336/ باب (ما روي عن الصادق عليه السلام)/ ح 8 ، ولم نعثر عليه في ثواب الأعمال.
(43) لم نعثر عليه في ثواب الأعمال، وعثرنا عليه في كمال الدين 1: 30.
(44) التكوير: 15 و16.
(45) كمال الدين 1: 324/ باب (ما أخبر به أبو جعفر الباقر عليه السلام)/ ح 1.
(46) الغيبة للطوسي: 159/ رقم 116.
(47) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(48) في المصدر: (الحسن).
(49) الغيبة للنعماني: 150/ باب 10/ ح 7.
(50) في المصدر إضافة: (الكواكب).
(51) أنوار التنزيل 2: 573.
(52) هكذا في المطبوعة بين معقوفتين.
(53) الملك: 30.
(54) كمال الدين 1: 325/ باب (ما أخبر به أبو جعفر الباقر عليه السلام)/ ح 3.
(55) الغيبة للطوسي: 158/ رقم 115.
(56) البقرة: 3.
(57) كمال الدين 2: 340/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 19.
(58) البقرة: 1 - 3.
(59) يونس: 20.
(60) كمال الدين 2: 340/ ح 20.
(61) الملك: 30.
(62) كمال الدين 2: 351/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 48.
(63) في المصدر: (مابنداذ).
(64) في المصدر: (هلال).
(65) الغيبة للنعماني: 176.
******************
وعن الكليني، عن علي بن محمّد، عن سهل، عن موسى بن القاسم مثله(1).
31 _ الغيبة للطوسي: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مَالِكٍ، عَنْ حَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْكَلْبِيّ، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ))(2) قَالَ: هُوَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ(3).
32 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((اعْلَمُوا أنَّ اللهَ يُحْيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها))(4) يَعْنِي يُصْلِحُ الأرْضَ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا يَعْنِي مِنْ بَعْدِ جَوْر أهْل مَمْلَكَتِهَا، ((قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآْياتِ)) بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ، ((لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)).(5)
33 _ الغيبة للطوسي: أبُو مُحَمَّدٍ الْمَجْدِيُّ(6)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن تَمَّام، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ الْقِطَعِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن أحْمَدَ بْن حَاتِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْكَلْبِيّ، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ * فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أنَّكُمْ تَنْطِقُونَ))(7) قَالَ: قِيَامُ الْقَائِم عليه السلام، وَمِثْلُهُ: ((أيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(8) قَالَ: أصْحَابُ الْقَائِم يَجْمَعُهُمُ اللهُ فِي يَوْم وَاحِدٍ(9).
34 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُقْري، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريّ، عَنْ عُمَيْر بْن هَاشِم الطَّائِيّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أنَّكُمْ تَنْطِقُونَ))(10) قَالَ: قِيَامُ الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(11) قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْمَهْدِيّ عليه السلام(12).
كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن بن الحسين، مثله(13).
35 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ الْقِطَعِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن حَاتِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْن يَحْيَى الثَّوْريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ عَلِيّ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ))(14) قَالَ: (هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ يَبْعَثُ اللهُ مَهْدِيَّهُمْ بَعْدَ جَهْدِهِمْ فَيُعِزُّهُمْ وَيُذِلُّ عَدُوَّهُمْ)(15).
36 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ حَاتِم فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيّ، عَنْ سَمَاعَةَ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْقَائِمِ عليه السلام: ((وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ))(16))(17).
37 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ عَن الْمِيثَمِيّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُؤْمِن الطَّاقِ، عَنْ سَلاَّم بْن الْمُسْتَنِير، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((اعْلَمُوا أنَّ اللهَ يُحْيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها))(18) قَالَ: (يُحْيِيهَا اللهُ عزّ وجل بِالْقَائِم بَعْدَ مَوْتِهَا يَعْنِي بِمَوْتِهَا كُفْرَ أهْلِهَا وَالْكَافِرُ مَيَّتٌ)(19).
38 _ تفسير العياشي: عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَتِلْكَ الأيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ))(20) قَالَ: (مَا زَالَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ دَوْلَةٌ للهِ وَدَوْلَةٌ لإبْلِيسَ فَأيْنَ دَوْلَةُ اللهِ أمَا هُوَ قَائِمٌ وَاحِدٌ)(21).
39 _ تفسير العياشي: عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ))(22) (يَوْمَ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام يَئِسَ بَنُو اُمَيَّةَ فَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يَئِسُوا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام)(23).
40 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ وَأبِي جَعْفَرٍ عليهما السلام فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَأذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ))(24) قَالَ: (خُرُوجُ الْقَائِم، وَ((أذانٌ)) دَعْوَتُهُ إِلَى نَفْسِهِ)(25).
بيان: هذا بطن للآية.
41 _ تفسير العياشي: عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سُئِلَ أبِي عَنْ قَوْلِ اللهِ: ((قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً))(26) حَتَّى لاَ يَكُونَ مُشْركٌ(27)، ((وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(28))، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّهُ لَمْ يَجِئْ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَ(29) سَيَرَى مَنْ يُدْركُهُ مَا يَكُونُ مِنْ تَأويل هَذِهِ الآيَةِ وَلَيَبْلُغَنَّ دَيْنُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا بَلَغَ اللَّيْلُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شِرْكٌ عَلَى ظَهْر الأرْض كَمَا قَالَ اللهُ)(30).
بيان: أي كما قال الله في قوله: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ)).
42 _ تفسير العياشي: عَنْ أبَانٍ، عَنْ مُسَافِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(31) (يَعْنِي عِدَّةً كَعِدَّةِ بَدْرٍ)(32)، قَالَ: (يَجْمَعُونَ لَهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ)(33).
إيضاح: قال الجزري في حديث علي عليه السلام: (فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف): أي قطع السحاب المتفرّقة وإنَّما خصَّ الخريف لأنَّه أوّل الشتاء والسحاب يكون فيه متفرّقاً غير متراكم ولا مطبق، ثمَّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك(34).
43 _ تفسير العياشي: عَن الْحُسَيْن، عَن الْخَزَّازِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(35) قَالَ: (هُوَ الْقَائِمُ وَأصْحَابُهُ)(36).
44 _ تفسير العياشي: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ، عَمَّنْ سَمِعَ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ عَهْدَ نَبِيّ اللهِ صَارَ عِنْدَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام، ثُمَّ صَارَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ فَالْزَمْ هَؤُلاَءِ فَإذَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَعَهُ ثَلاَثُمِائَةِ رَجُلٍ وَمَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَامِداً إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَمُرَّ بِالْبَيْدَاءِ فَيَقُولَ: هَذَا مَكَانُ الْقَوْم الَّذِينَ خُسِفَ بِهِمْ وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ: ((أفَأمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأرْضَ أوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ))(37))(38).
45 _ تفسير العياشي: عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ: ((أفَأمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأرْضَ))(39) قَالَ: (هُمْ أعْدَاءُ اللهِ وَهُمْ يُمْسَخُونَ وَيُقْذَفُونَ وَيَسْبُخُونَ فِي الأرْض)(40).
46 _ تفسير العياشي: عَنْ صَالِح بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ))(41) (قَتْلُ عَلِيّ وَطَعْنُ الْحَسَن، ((وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً)) قَتْلُ الْحُسَيْن، ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما))(42) إِذَا جَاءَ نَصْرُ دَم الْحُسَيْن، ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)) قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللهُ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم لاَ يَدَعُونَ وتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ إِلاَّ أحْرَقُوهُ، ((وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)) قَبْلَ قِيَام الْقَائِم، ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأمْدَدْناكُمْ بِأمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِيراً))(43) خُرُوجُ الْحُسَيْن عليه السلام فِي الْكَرَّةِ فِي سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ عَلَيْهِمُ الْبِيضُ الْمُذَهَّبُ لِكُلّ بِيضَةٍ وَجْهَان وَالْمُؤَدَّي إِلَى النَّاس أنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ خَرَجَ فِي أصْحَابِهِ حَتَّى لاَ يَشُكَّ فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ وَأنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَلاَ شَيْطَانٍ، الإمَامُ الَّذِي بَيْنَ أظْهُر النَّاس يَوْمَئِذٍ، فَإذَا اسْتَقَرَّ عِنْدَ الْمُؤْمِن أنَّهُ الْحُسَيْنُ لاَ يَشُكُّونَ فِيهِ وَبَلَغَ عَن الْحُسَيْن الْحُجَّةُ الْقَائِمُ بَيْنَ أظْهُر النَّاس وَصَدَّقَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ جَاءَ الْحُجَّةَ الْمَوْتُ فَيَكُونُ الَّذِي يَلِي غُسْلَهُ وَكَفْنَهُ وَحَنُوطَهُ وَإِيلاَجَهُ(44) حُفْرَتَهُ الْحُسَيْنَ وَلاَ يَلِي الْوَصِيَّ إِلاَّ الْوَصِيُّ)، وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ فِي حَدِيثِهِ: (ثُمَّ يَمْلِكُهُمُ الْحُسَيْنُ حَتَّى يَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ)(45).
بيان: قوله: (لا يدعون وتراً) أي ذا وتر وجناية ففي الكلام تقدير مضاف، و(الوتر) بالكسر الجناية والظلم.
47 _ تفسير العياشي: عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: كَانَ يَقْرَاُ: ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ))(46) ثُمَّ قَالَ: (وَهُوَ الْقَائِمُ وَأصْحَابُهُ اُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ)(47).
48 _ تفسير العياشي: عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي خُطْبَتِهِ: (يَا أيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني فَإنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْماً جَمّاً فَسَلُوني قَبْلَ أنْ تَبْقَرَ(48) بِرجْلِهَا فِتْنَةً شَرْقِيَّةً تَطَاُ فِي حُطَامِهَا مَلْعُونٌ نَاعِقُهَا وَمَوْلاَهَا وَقَائِدُهَا وَسَائِقُهَا وَالْمُتَحَرَّزُ فِيهَا فَكَمْ عِنْدَهَا مِنْ رَافِعَةٍ ذَيْلَهَا يَدْعُو بِوَيْلِهَا دَخَلَهُ أوْ حَوْلَهَا لاَ مَأوَى يَكُنُّهَا وَلاَ أحَدَ يَرْحَمُهَا فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ قُلْتُمْ: مَاتَ أوْ هَلَكَ وَأيَّ وَادٍ سَلَكَ فَعِنْدَهَا تَوَقَّعُوا الْفَرَجَ وَهُوَ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأمْدَدْناكُمْ بِأمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِيراً))(49) وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَيَعِيشُ إِذْ ذَاكَ مُلُوكٌ نَاعِمِينَ وَلاَ يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يُولَدَ لِصُلْبِهِ ألْفُ ذَكَرٍ آمِنينَ مِنْ كُلّ بِدْعَةٍ وَآفَةٍ (والتنزيل‏) عَامِلِينَ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ قَدِ اضْمَحَلَّتْ عَلَيْهِمُ الآفَاتُ وَالشُّبُهَاتُ)(50).
توضيح: (قبل أن تبقر) قال الجزري: في حديث أبي موسى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول: (سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران) أي واسعة عظيمة(51)، وفي بعض النسخ بالنون والفاء أي تنفر ضارباً برجلها، والضمير في (حطامها) راجع إلى الدنيا بقرينة المقام أو إلى الفتنة بملابسة أخذها والتصرّف فيها. قوله: (والمتجرز) لعلَّه من جرز أي أكل أكلاً وحيا وقتل وقطع وبخس، وفي النسخة بالحاء المهملة ولعلَّ المعنى من يتحرّز من إنكارها ورفعها لئلاَّ يخل بدنياه، وسائر الخبر كان مصحَّفاً فتركته على ما وجدته، والمقصود واضح.
49 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ أبِي عَلِيّ الأشْعَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَنْ‏ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ))(52) قَالَ: (إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً فَإذَا أرَادَ اللهُ عزّ وجل إِظْهَارَ أمْرهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً فَظَهَرَ فَقَامَ بِأمْر اللهِ عزّ وجل)(53).
50 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ أبو (أبِي‏) الْحُسَيْن مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيّ، عَنْ أبِيهِ وَوَهْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(54) قَالَ: (الْقَائِمُ وَأصْحَابُهُ)(55).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الصَّبَّاح، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(56) قَالَ: (الْعَذَابُ خُرُوجُ الْقَائِم، وَالاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ (عِدَّةُ) أهْل بَدْرٍ وَأصْحَابُهُ)(57).
الهوامش:
(1) الغيبة للنعماني: 176؛ والكافي 1: 339/ باب 80/ ح 904.
(2) الذاريات: 22.
(3) الغيبة للطوسي: 175/ رقم 130.
(4) الحديد: 17، وما بعدها ذيلها.
(5) الغيبة للطوسي: 175/ رقم 131.
(6) في المصدر: (المحمّدي) بدل (المجدي).
(7) الذاريات: 22 و23.
(8) البقرة: 148.
(9) الغيبة للطوسي: 175/ رقم 132.
(10) الذاريات: 23.
(11) النور: 55.
(12) الغيبة للطوسي: 176/ رقم 133.
(13) تأويل الآيات الظاهرة: 596.
(14) القصص: 5.
(15) الغيبة للطوسي: 184/ رقم 143.
(16) الحديد: 16.
(17) كمال الدين 2: 668/ باب (النوادر)/ ح 12.
(18) الحديد: 17.
(19) كمال الدين 2: 668/ باب (النوادر)/ ح 13.
(20) آل عمران: 140.
(21) تفسير العياشي 1: 199/ ح 145، وفيه: (وأمَّا هو إلاَّ قائم واحد).
(22) المائدة: 3.
(23) تفسير العياشي 1: 292/ ح 19.
(24) التوبة: 3.
(25) تفسير العياشي 2: 76/ ح 15.
(26) التوبة: 36.
(27) في المصدر: (حتَّى لا تكون فتنة).
(28) الأنفال: 39.
(29) في المصدر إضافة: (بعده).
(30) تفسير العياشي 2: 56/ ح 48.
(31) هود: 8 .
(32) في المصدر إضافة: ((لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ ألا يَوْمَ يَأْتيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)) هود: 8 .
(33) تفسير العياشي 2: 140/ ح 7.
(34) النهاية 4: 59.
(35) هود: 8 .
(36) تفسير العياشي 2: 141/ ح 9.
(37) النحل: 45 و46.
(38) تفسير العياشي 2: 261/ ح 34.
(39) النحل: 45.
(40) تفسير العياشي 2: 261/ ح 35.
(41) الإسراء: 4، وما بعدها ذيلها.
(42) الإسراء: 5، وما بعدها ذيلها.
(43) الإسراء: 6.
(44) في المصدر إضافة: (في).
(45) تفسير العياشي 2: 281/ ح 20.
(46) الإسراء: 5.
(47) تفسير العياشي 2: 281/ ح 21.
(48) في المصدر: (تشغر) بدل (تبقر).
(49) الإسراء: 6.
(50) تفسير العياشي 2: 282/ ح 22.
(51) النهاية 1: 144.
(52) المدثر: 8 .
(53) الغيبة للنعماني: 187.
(54) النور: 55.
(55) الغيبة للنعماني: 240، وفيه: (قال: نزلت في القائم وأصحابه).
(56) هود: 8 .
(57) الغيبة للنعماني: 241.
******************
52 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ وَأحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ، عَنْ أبِيهِ وَوَهْبٍ(1)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(2) قَالَ: (نَزَلَتْ فِي الْقَائِم وَأصْحَابِهِ يَجْمَعُونَ(3) عَلَى غَيْر مِيعَادٍ)(4).
53 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْكُوفِيّ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَن الْقَاسِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ))(6) قَالَ: (هِيَ فِي الْقَائِم عليه السلام وَأصْحَابِهِ)(7).
54 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْبَرْقِيّ، عَنْ أبِيهِ،‏ عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ))(8) قَالَ: (اللهُ يَعْرفُهُمْ وَلَكِنْ نَزَلَتْ فِي الْقَائِم يَعْرفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فَيَخْبِطُهُمْ بِالسَّيْفِ هُوَ وَأصْحَابُهُ خَبْطاً)(9).
بيان: قال الفيروزآبادي: خبطه يخبطه: ضربه شديداً والقوم بسيفه جلدهم(10).
55 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَلِيّ بْن حَاتِم، عَنْ حَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ جَعْفَر(11) بْن عُمَرَ بْن سَالِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حُسَيْن بْن عَجْلاَنَ، عَنْ مُفَضَّل بْن عُمَرَ قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأدْنى دُونَ الْعَذابِ الأكْبَرِ))(12) قَالَ: (الأدْنَى غَلاَءُ السَّعْر، وَالأكْبَرُ الْمَهْدِيُّ بِالسَّيْفِ)(13).
56 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ(14) بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ(15) سَمَاعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا خَرَجَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَقَام ثُمَّ يُصَلّي رَكْعَتَيْن ثُمَّ يَقُومُ فَيَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِإسْمَاعِيلَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَيَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ حَتَّى يَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأرْضِ أإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ))(16)).
وَبالإسْنَادِ عَن ابْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ)) قَالَ: (هذا (هَذِهِ‏) نَزَلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام إِذَا خَرَجَ تَعَمَّمَ وَصَلَّى عِنْدَ الْمَقَام وَتَضَرَّعَ إِلَى رَبَّهِ فَلاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ أبَداً)(17).
57 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: قَوْلُهُ تَعَالَى: ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ))(18) تَأويلُهُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس: عَنْ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن حَاتِم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْن هَاشِم، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لَوْ تَرَكْتُمْ(19) هَذَا الأمْرَ مَا تَرَكَهُ اللهُ).
وَيُؤَيَّدُهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي الْحَسَن الْمَاضِي عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ، قُلْتُ: ((وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ))، قَالَ: (((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ))(20) وَلاَيَةُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام(21)، ((وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ)) الإمَامَةُ(22) لِقَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أنْزَلْنا))(23) وَالنُّورُ هُوَ الإمَامُ)، قُلْتُ لَهُ: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ))، قَالَ: (هُوَ الَّذِي أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِالْوَلاَيَةِ لِوَصِيَّهِ، وَالْوَلاَيَةُ هِيَ دِينُ الْحَقَّ)، قُلْتُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ))، قَالَ: (عَلَى(24) جَمِيع الأدْيَان عِنْدَ قِيَام الْقَائِم لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ((وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ)) بِوَلاَيَةِ(25) الْقَائِم، ((وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)) بِوَلاَيَةِ عَلِيّ)، قُلْتُ: هَذَا تَنْزيلٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، أمَّا هَذَا الْحَرْفُ فَتَنْزيلٌ وَأمَّا غَيْرُهُ فَتَأويلٌ)(26).
58 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ بْن هَوْذَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(27)، فَقَالَ: (وَاللهِ مَا اُنْزلَ تَأويلُهَا بَعْدُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَتَى يُنْزَلُ؟ قَالَ: (حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ إِنْ شَاءَ اللهُ فَإذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ وَلاَ مُشْركٌ إِلاَّ كَرهَ خُرُوجَهُ(28) حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرٌ أوْ مُشْركٌ فِي بَطْن صَخْرَةٍ لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ: يَا مُؤْمِنُ فِي بَطْنِي كَافِرٌ أوْ مُشْركٌ فَاقْتُلْهُ)، قَالَ: (فَيُنَحَّيهِ اللهُ فَيَقْتُلُهُ)(29).
تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، مُعَنْعَناً عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ. وَفِيهِ: (لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ: يَا مُؤْمِنُ فِيَّ مُشْركٌ فَاكْسِرْني وَاقْتُلْهُ)(30).
59 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَمٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ أنَّهُ سَمِعَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ...)) الآيَةَ، (أظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدُ كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى لاَ يَبْقَى قَرْيَةٌ إِلاَّ وَنُودِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ بُكْرَةً وَعَشِيّاً)(31).
وَقَالَ أيْضاً: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي بَكْرٍ الْمُقْري، عَنْ نُعَيْم بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) قَالَ: لاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى لاَ يَبْقَى يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ وَلاَ صَاحِبُ مِلَّةٍ إِلاَّ دَخَلَ فِي الإسْلاَم حَتَّى يَأمَنَ الشَّاةُ وَالذّئْبُ وَالْبَقَرَةُ وَالأسَدُ وَالإنْسَانُ وَالْحَيَّةُ وَحَتَّى لاَ تَقْرضَ فَأرَةٌ جِرَاباً وَحَتَّى تُوضَعَ الْجِزْيَةُ وَيُكْسَرَ الصَّلِيبُ وَيُقْتَلَ الْخِنْزيرُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) وَذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام(32).
60 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ))(33) (يَعْنِي تَكْذِيبَهُ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ عليه السلام إِذْ يَقُولُ لَهُ: لَسْنَا نَعْرفُكَ وَلَسْتَ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ كَمَا قَالَ الْمُشْركُونَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(34).
61 _ تفسير فرات: أبُو الْقَاسِم الْعَلَويُّ، مُعَنْعَناً عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ((كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أصْحابَ الْيَمِينِ)) قَالَ: (نَحْنُ وَشِيعَتُنَا)(35)، وَقَالَ(36) أبُو جَعْفَرٍ: (ثُمَّ شِيعَتُنَا أهْلَ الْبَيْتِ(37) ((فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)) يَعْنِي لَمْ يَكُونُوا مِنْ شِيعَةِ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ، ((وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ)) فَذَاكَ يَوْمُ الْقَائِمعليه السلام وَهُوَ يَوْمُ الدَّين، ((وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أتانَا الْيَقِينُ)) أيَّامُ الْقَائِم، ((فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ)) فَمَا يَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ مَخْلُوقٍ وَلَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(38).
بيان: قوله عليه السلام: (يعني لم يكونوا) يحتمل وجهين: أحدهما: أنَّ الصلاة لمَّا لم تكن من غير الشيعة مقبولة فعبَّر عنهم بما لا ينفكّ عنهم من الصلاة المقبولة، والثاني: أن يكون من المصلّي تالي السابق في خيل السباق وإنَّما يطلق عليه ذلك لأنَّ رأسه عند صلا السابق والصلا ما عن يمين الذنب وشماله فعبَّر عن التابع بذلك، وقيل: الصلاة أيضاً مأخوذة من ذلك عند إيقاعها جماعة وهذا الوجه الأخير مروي عن أبي عبد الله عليه السلام حيث قال: (عني بها لم نكن من أتباع الأئمّة الذين قال الله فيهم: ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ))(39) أما ترى الناس يسمّون الذي يلي السابق في الحلبة مصلّي فذلك الذي عنى حيث قال: ((لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ))(40) لم نك من أتباع السابقين).
62 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَن الْحَسَن بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((قُلْ ما أسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْرٍ وَما أنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ))(41) قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ(42) عليه السلام: ((وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأهُ بَعْدَ حِينٍ))(43) قَالَ: (عِنْدَ خُرُوج الْقَائِم)، وَفِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ))(44) قَالَ: (اخْتَلَفُوا كَمَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الاُمَّةُ فِي الْكِتَابِ وَسَيَخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَ الْقَائِم الَّذِي يَأتِيهِمْ بِهِ حَتَّى يُنْكِرَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ)، وَأمَّا قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ))(45) قَالَ: (لَوْ لاَ مَا تَقَدَّمَ فِيهِمْ مِنَ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ مَا أبْقَى الْقَائِمُ مِنْهُمْ وَاحِداً)، وَفِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ))(46) قَالَ: (بِخُرُوج الْقَائِم عليه السلام)، وَقَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ))(47) قَالَ: (يَعْنُونَ بِوَلاَيَةِ عَلِيّ عليه السلام)، وَفِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ))(48) قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام ذَهَبَتْ دَوْلَةُ الْبَاطِل)(49).
63 _ الكافي: أبُو عَلِيّ الأشْعَريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُ الْحَقُّ))(50)، قَالَ: (يُريهِمْ فِي أنْفُسِهِمُ الْمَسْخَ وَيُريهِمْ فِي الآفَاقِ انْتِقَاضَ الآفَاقِ عَلَيْهِمْ فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللهِ عزّ وجل فِي أنْفُسِهِمْ وَفِي الآفَاقِ)، قُلْتُ لَهُ: ((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُ الْحَقُّ))(51)، قَالَ: (خُرُوجُ الْقَائِم هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللهِ عزّ وجل يَرَاهُ الْخَلْقُ لاَ بُدَّ مِنْهُ)(52).
64 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْن الْخَطَّابِ، عَن الْحَسَن بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((حَتَّى إِذا رَأوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأضْعَفُ جُنْداً))(53)، قَالَ: (أمَّا قَوْلُهُ: ((حَتَّى إِذا رَأوْا ما يُوعَدُونَ)) فَهُوَ خُرُوجُ الْقَائِم وَهُوَ السَّاعَةُ فَسَيَعْلَمُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ اللهِ عَلَى يَدَيْ قَائِمِهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً)) يَعْنِي عِنْدَ الْقَائِم، ((وَأضْعَفُ جُنْداً)))، قُلْتُ: ((مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآْخِرَةِ))، قَالَ: (مَعْرفَةَ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةِ عليهم السلام)، ((نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ))، قَالَ: (نَزيدُهُ مِنْهَا)، قَالَ: (يَسْتَوْفِي نَصِيبَهُ مِنْ دَوْلَتِهِمْ)، ((وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الآْخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ))، قَالَ: (لَيْسَ لَهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ مَعَ الْقَائِم نَصِيبٌ)(54).
65 _ أقُولُ: رَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ الأنْوَار الْمُضِيئَةِ(55) بِإسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الأيَادِي يَرْفَعُهُ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (الْمُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْض الْمَذْكُورُونَ فِي الْكِتَابِ(56) الَّذِينَ يَجْعَلُهُمُ اللهُ أئِمَّةً نَحْنُ أهْلَ الْبَيْتِ يَبْعَثُ اللهُ مَهْدِيَّهُمْ فَيُعِزُّهُمْ وَيُذِلُّ عَدُوَّهُمْ).
وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ))(57) قَالَ: هُوَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ عليه السلام.
وَبِالإسْنَادِ أيْضاً عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)) قَالَ: هُوَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ عليه السلام.
الهوامش:
(1) في المصدر: (وهيب).
(2) البقرة: 148.
(3) في المصدر: (يجتمعون).
(4) الغيبة للنعماني: 241.
(5) في المصدر: (حسان) بدل (الحسن).
(6) الحجّ: 39.
(7) الغيبة للنعماني: 241.
(8) الرحمن: 41.
(9) الغيبة للنعماني: 242.
(10) القاموس المحيط 2: 369.
(11) في المصدر: (حفص) بدل (جعفر).
(12) السجدة: 21.
(13) تأويل الآيات الظاهرة: 437.
(14) في المصدر: (حميد) بدل (أحمد).
(15) في المصدر: (بن) بدل (عن).
(16) النمل: 62.
(17) تأويل الآيات الظاهرة: 399.
(18) الصف: 8 .
(19) في المصدر: (والله لو تركتم).
(20) عبارة: (نور الله بأفواههم) ليست في المصدر.
(21) في المصدر إضافة: (قلت).
(22) في المصدر: (قال: والله متمّ الإمامة).
(23) التغابن: 8 .
(24) في المصدر: (قال: يظهر على).
(25) في المصدر: (لولاية) بدل (بولاية).
(26) تأويل الآيات الظاهرة: 661 و662.
(27) التوبة: 33.
(28) في المصدر: (حين) بدل (حتَّى).
(29) تأويل الآيات الظاهرة: 663.
(30) تفسير فرات: 481/ ح 627.
(31) تأويل الآيات الظاهرة: 663.
(32) المصدر السابق.
(33) القلم: 15.
(34) تأويل الآيات الظاهرة: 748.
(35) تفسير فرات: 513/ ح 670.
(36) في المصدر إضافة: (جعفر بن محمّد الفزاري معنعناً عن أبي عبد الله عليه السلام قال).
(37) في المصدر: (في قوله تعالى)، بدل (أبو جعفر ثمّ شيعتنا أهل البيت).
(38) تفسير فرات: 514/ ح 673؛ والآيات من سورة المدثر: 38 - 48.
(39) الواقعة: 10 و11.
(40) المدثر: 43.
(41) ص: 86 و87 .
(42) في المصدر: (قال: هو أمير المؤمنين عليه السلام).
(43) ص: 88 .
(44) هود: 110؛ فصلت: 45؛ وذيلهما: ((وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)).
(45) الشورى: 21.
(46) المعارج: 26.
(47) الأنعام: 23.
(48) الإسراء: 81 .
(49) روضة الكافي: 287/ ح 432.
(50) فصلت: 53.
(51) الآية السابقة.
(52) روضة الكافي: 381/ ح 575.
(53) مريم: 75.
(54) الكافي 1: 431/ باب (تتف ونكت من التنزيل)/ ح 90، والعبارة: (قلت: ((مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآْخِرَةِ)) حتَّى (مع القائم نصيب)) ليست في المصدر.
(55) لم نعثر على كتاب الأنوار المضيئة هذا.
(56) يريد قوله تعالى: ((وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)) (القصص: 5).
(57) الذاريات: 22.
******************
وَبِالإسْنَادِ أيْضاً عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:)(1) ((اعْلَمُوا أنَّ اللهَ يُحْيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها))(2) قَالَ: يُصْلِحُ اللهُ الأرْضَ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ، ((بَعْدَ مَوْتِها)) يَعْنِي بَعْدَ جَوْر أهْل مَمْلَكَتِهَا، ((قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآْياتِ)) بِالْحُجَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ((لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)).
وَمِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُور بِإسْنَادِهِ عَن السَّيَّدِ هِبَةِ اللهِ الرَّاوَنْدِيّ يَرْفَعُهُ إِلَى مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً))(3)، قَالَ: (النّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ الإمَامُ الظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنَةُ الإمَامُ الْغَائِبُ يَغِيبُ عَنْ أبْصَار النَّاس شَخْصُهُ وَيُظْهِرُ لَهُ كُنُوزَ الأرْض وَيُقَرَّبُ عَلَيْهِ كُلَّ بَعِيدٍ).
(وَوَجَدْتُ بِخَطّ الشَّيْخ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْجُبَاعِيّ(4) رحمه الله، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطّ الشَّهِيدِ نَوَّرَ اللهُ ضَريحَهُ: رَوَى الصَّفْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ صَفْوَانَ أنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الْمَنْصُورُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام تَوَضَّأ وَصَلَّى رَكْعَتَيْن ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْر وَقَالَ: (اللهُمَّ إِنَّكَ وَعَدْتَنَا عَلَى لِسَان نَبِيَّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَوَعْدُكَ الْحَقُّ أنَّكَ تُبَدَّلُنَا مِنْ (بَعْدِ) خَوْفِنَا أمْناً، اللهُمَّ فَأنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي فَأيْنَ وَعْدُ اللهِ لَكُمْ؟ فَقَالَ عليه السلام: (قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ ...))(5) الآيَةَ).
وَرُويَ أنَّهُ تُلِيَ بِحَضْرَتِهِ عليه السلام: ((وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا...))(6) الآيَةَ، فَهَمَلَتَا عَيْنَاهُ عليه السلام وَقَالَ: (نَحْنُ وَاللهِ الْمُسْتَضْعَفُونَ).
66 _ نهج البلاغة: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لَتَعْطِفَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بَعْدَ شِمَاسِهَا عَطْفَ الضَّرُوس عَلَى وَلَدِهَا)، وَتَلاَ عَقِيبَ ذَلِكَ: (((وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ))(7))(8).
بيان: عطفت عليه: أي شفقت، وشمس الفرس شماساً: أي منع ظهره، ورجل شموس: صعب الخلق، وناقة ضروس: سيّئة الخلق يعض حالبها ليبقي لبنها لولدها).
* * *
أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه صلوات الله عليهم أجمعين
سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام من النصوص على الاثني عشر عليهم السلام
باب (1): ما ورد من إخبار الله وإخبار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بالقائم عليه السلام من طرق الخاصّة والعامّة
1 _ أمالي الصدوق: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِبْرَاهِيمَ الْحُلْوَانِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مَنْصُورٍ زَاج(9)، عَنْ هُدْبَةَ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن زِيَادٍ الْيَمَانِيّ، عَنْ عِكْرمَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن أبِي طَلْحَةَ، عَنْ أنَسِ بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (نَحْنُ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَةُ أهْلِ الْجَنَّةِ: رَسُولُ اللهِ، وَحَمْزَةُ سَيَّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ ذُو الْجَنَاحَيْن، وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ)(10).
الغيبة للطوسي: محمّد بن علي، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي، عن الحسن بن الفضل البوصرائي، عن سعد بن عبد الحميد، مثله(11).
2 _ عيون أخبار الرضا: بِإسْنَادِ التَّمِيمِيّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ الْحَقُّ(12) مِنَّا وَذَلِكَ حِينَ يَأذَنَ اللهُ عزّ وجل لَهُ وَمَنْ تَبِعَهُ نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَلَكَ، اللهَ اللهَ عِبَادَ اللهِ فَأتُوهُ وَلَوْ عَلَى الثَّلْج فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ عزّ وجل وَخَلِيفَتِي)(13).
3 _ أمالي الصدوق: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ عَلِيّ.
(كذا في النسخة المطبوعة والظاهر أنَّ الحديث مستخرج من كتب الصدوق رحمه الله).
ابْن سَالِم، عَنْ أبِيهِ، عَن الثُّمَالِيّ، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمَّا عُرجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَمِنْهَا إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَمِنَ السَّدْرَةِ إِلَى حُجُبِ النُّور نَادَانِي رَبَّي جلّ جلاله: يَا مُحَمَّدُ أنْتَ عَبْدِي وَأنَا رَبُّكَ فَلِي فَاخْضَعْ وَإِيَّايَ فَاعْبُدْ وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ وَبِي فَثِقْ فَإنّي قَدْ رَضِيتُ بِكَ عَبْداً وَحَبِيباً وَرَسُولاً وَنَبِيّاً وَبِأخِيكَ عَلِيٍّ خَلِيفَةً وَبَاباً فَهُوَ حُجَّتِي عَلَى عِبَادِي وَإِمَامٌ لِخَلْقِي بِهِ يُعْرَفُ أوْلِيَائِي مِنْ أعْدَائِي وَبِهِ يُمَيَّزُ حِزْبُ الشَّيْطَان مِنْ حِزْبي وَبِهِ يُقَامُ دِيني وَتُحْفَظُ حُدُودِي وَتُنْفَذُ أحْكَامِي وَبِكَ وَبِهِ (وَ)بِالأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ(14) أرْحَمُ عِبَادِي وَإِمَائِي، وَبِالْقَائِم مِنْكُمْ أعْمُرُ أرْضِي بِتَسْبِيحِي وَتَقْدِيسِي وَتَهْلِيلِي وَتَكْبِيري وَتَمْجِيدِي ،وَبِهِ اُطَهَّرُ الأرْضَ مِنْ أعْدَائِي وَاُوَرَّثُهَا أوْلِيَائِي، وَبِهِ أجْعَلُ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِيَ السُّفْلَى وَكَلِمَتِيَ الْعُلْيَا، بِهِ اُحْيِي بِلاَدِي وَعِبَادِي بِعِلْمِي وَلَهُ اُظْهِرُ الْكُنُوزَ وَالذَّخَائِرَ بِمَشِيَّتِي، وَإِيَّاهُ اُظْهِرُ عَلَى الأسْرَار وَالضَّمَائِر بِإرَادَتِي، وَاُمِدُّهُ بِمَلاَئِكَتِي لِتُؤَيَّدَهُ عَلَى إِنْفَاذِ أمْري وَإِعْلاَن دِيني ذَلِكَ وَلِيَّي حَقّاً وَمَهْدِيُّ عِبَادِي صِدْقاً)(15).
أقول: قد مضى كثير من الأخبار في باب النصوص على الاثني عشر وبعضها في باب علل أسمائه عليه السلام.
4 _ عيون أخبار الرضا: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَن الْحُسَيْن(16) بْن عَلِيٍّ، عَن الْوَلِيدِ بْن مُسْلِم، عَنْ صَفْوَانَ بْن عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْح بْن عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو الْبَكَّائِيّ، عَنْ كَعْبِ الأحْبَار، قَالَ فِي الْخُلَفَاءِ: هُمُ اثْنَيْ عَشَرَ فَإذَا كَانَ عِنْدَ انْقِضَائِهِمْ وَأتَى طَبَقَةٌ صَالِحَةٌ مَدَّ اللهُ لَهُمْ فِي الْعُمُر كَذَلِكَ وَعَدَ اللهُ هَذِهِ الاُمَّةَ، ثُمَّ قَرَأ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ))(17) قَالَ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ اللهُ عزّ وجل بِبَني إِسْرَائِيلَ وَلَيْسَ بِعَزيزٍ أنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الاُمَّةَ يَوْماً أوْ نِصْفَ يَوْم، ((وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَألْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ))(18).(19)
5 _ عيون أخبار الرضا: بِإسْنَادِ التَّمِيمِيّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَقُومَ بِأمْر اُمَّتِي(20) رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن يَمْلاَهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(21).
6 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن إِسْمَاعِيلَ بْن يَحْيَى الْعَبْسِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَريرٍ الطَّبَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ الصواري (الضَّرَاريِ‏)، عَنْ أبِي الصَّلْتِ الْهَرَويّ، عَن الْحُسَيْن الأشْقَر، عَنْ قَيْس بْن الرَّبِيع، عَن الأعْمَش، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ، عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَاريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِفَاطِمَةَ فِي مَرَضِهِ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ بُدَّ لِهَذِهِ الاُمَّةِ مِنْ مَهْدِيٍّ وَهُوَ وَاللهِ مِنْ وُلْدِكِ)(22).
أقول: قد مضى بتمامه في فضائل أصحاب الكساء عليهم السلام.
7 _ أمالي الطوسي: الْحَفَّارُ، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ، عَنْ أبِي قِلاَبَةَ، عَنْ بِشْر بْن عُمَرَ، عَنْ مَالِكِ بْن أنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْن أسْلَمَ(23)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ أبِي مَرْيَمَ، عَنْ ثُوَيْر بْن أبِي فَاخِتَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي لَيْلَى، قَالَ: قَالَ أبِي: دَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَصْبَهُ عليه السلام يَوْمَ الْغَدِير وَبَعْضَ مَا ذَكَرَ فِيهِ مِنْ فَضَائِلِهِ عليه السلام... إِلَى أنْ قَالَ: ثُمَّ بَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقِيلَ: مِمَّ بُكَاؤُكَ يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم)؟ قَالَ: (أخْبَرَني جَبْرَئِيلُ عليه السلام أنَّهُمْ يَظْلِمُونَهُ وَيَمْنَعُونَهُ حَقَّهُ وَيُقَاتِلُونَهُ وَيَقْتُلُونَ وُلْدَهُ وَيَظْلِمُونَهُمْ بَعْدَهُ وَأخْبَرَني جَبْرَئِيلُ عليه السلام عَنْ رَبَّهِ عزّ وجل أنَّ ذَلِكَ يَزُولُ إِذَا قَامَ قَائِمُهُمْ وَعَلَتْ كَلِمَتُهُمْ وَأجْمَعَتِ الاُمَّةُ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ وَكَانَ الشَّانِئُ لَهُمْ قَلِيلاً وَالْكَارهُ لَهُمْ ذَلِيلاً، وَكَثُرَ الْمَادِحُ لَهُمْ وَذَلِكَ حِينَ تُغَيَّرُ الْبِلاَدُ وَتُضَعَّفُ الْعِبَادُ وَالإيَاسُ مِنَ الْفَرَج وَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ فِيهِمْ)(24).
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اسْمُهُ كَاسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ كَاسِم ابْنِي وَهُوَ مِنْ وُلْدِ ابْنَتِي يُظْهِرُ اللهُ الْحَقَّ بِهِمْ وَيحمد (يُخْمِدُ) الْبَاطِلَ بِأسْيَافِهِمْ وَيَتْبَعُهُمُ النَّاسُ بَيْنَ رَاغِبٍ إِلَيْهِمْ وَخَائِفٍ لَهُمْ)(25)، قَالَ: وَسَكَنَ الْبُكَاءُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: (مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنينَ أبْشِرُوا بِالْفَرَج فَإنَّ وَعْدَ اللهِ لاَ يُخْلَفُ وَقَضَاؤُهُ لاَ يُرَدُّ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ فَإنَّ فَتْحَ اللهِ قَريبٌ، اللهُمَّ إِنَّهُمْ أهْلِي فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرَّجْسَ وَطَهَّرْهُمْ تَطْهِيراً، اللهُمَّ اكْلأهُمْ وَاحْفَظْهُمْ وَارْعَهُمْ وَكُنْ لَهُمْ وَانْصُرْهُمْ وَأعِنْهُمْ وَأعِزَّهُمْ وَلاَ تُذِلَّهُمْ وَاخْلُفْنِي فِيهِمْ إِنَّكَ عَلى‏ كُلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ)(26).
8 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أبِيهِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حُمْرَانَ، قَالَ: قَال‏ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَمَّا كَانَ مِنْ أمْر الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام مَا كَانَ ضَجَّتِ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَقَالَتْ: يَا رَبَّ يُفْعَلُ هَذَا بِالْحُسَيْن صَفِيَّكَ وَابْن نَبِيَّكَ؟)، قَالَ: (فَأقَامَ اللهُ لَهُمْ ظِلَّ الْقَائِم عليه السلام وَقَالَ: بِهَذَا أنْتَقِمُ لَهُ مِنْ ظَالِمِيهِ)(27).
9 _ أمالي الطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن بَشَّارٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبَّادِ بْن عَبَّادٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ جُبَيْر بْن نَوْفٍ أبِي الْوَدَّاكِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ: وَاللهِ مَا يَأتِي عَلَيْنَا عَامٌ إِلاَّ وَهُوَ شَرٌّ مِنَ الْمَاضِي وَلاَ أمِيرٌ إِلاَّ وَهُوَ شَرٌّ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَقَالَ أبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ مَا تَقُولُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: (لاَ يَزَالُ بِكُمُ الأمْرُ حَتَّى يُولَدَ فِي الْفِتْنَةِ وَالْجَوْر مَنْ لاَ يَعْرفُ غَيْرَهَا حَتَّى تُمْلأ الأرْضُ جَوْراً فَلاَ يَقْدِرُ أحَدٌ يَقُولُ اللهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ عزّ وجل رَجُلاً مِنّي وَمِنْ عِتْرَتِي فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مَلأهَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ جَوْراً وَيُخْرجُ لَهُ الأرْضُ أفْلاَذَ كَبِدِهَا وَيَحْثُو الْمَالَ حَثْواً وَلاَ يَعُدُّهُ عَدّاً وَذَلِكَ حَتَّى يَضْربَ الإسْلاَمُ بِجِرَانِهِ)(28).
إيضاح: قال الفيروزآبادي: الجران باطن العنق، ومنه حتَّى ضرب الحقّ بجرانه أي قرَّ قراره واستقام كما أنَّ البعير إذا برك واستراح مدَّ عنقه على الأرض(29).
10 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْهَرَويّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ بَشِيراً لَيَغِيبَنَّ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ مِنّي حَتَّى يَقُولَ أكْثَرُ النَّاس: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ، وَيَشُكُّ آخَرُونَ فِي ولاَدَتِهِ فَمَنْ أدْرَكَ زَمَانَهُ فَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ وَلاَ يَجْعَلْ لِلشَّيْطَان إِلَيْهِ سَبِيلاً بِشَكّهِ فَيُزيلَهُ عَنْ مِلَّتِي وَيُخْرجَهُ مِنْ دِيني فَقَدْ أخْرَجَ أبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّ اللهَ عزّ وجل جَعَلَ الشَّياطِينَ أوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(30).
11 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ الآدمي(31)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن آدَمَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبي إِيَاسٍ(32)، عَن الْمُبَارَكِ بْن فَضَالَةَ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبَّهٍ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمَّا عَرَجَ بِي(33) رَبَّي جلّ جلاله أتَانِي النّدَاءُ: يَا مُحَمَّدُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ‏ رَبَّ الْعَظَمَةِ لَبَّيْكَ، فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلاَ الأعْلَى؟
قُلْتُ: إِلَهِي لاَ عِلْمَ لِي، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ هَلاَّ اتَّخَذْتَ مِنَ الآدَمِيَّينَ وَزِيراً وَأخاً وَوَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ، فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَن أتَّخِذُ؟ تَخَيَّرْ لِي أنْتَ يَا إِلَهِي، فَأوْحَى اللهُ إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ مِنَ الآدَمِيَّينَ عَلِيّاً، فَقُلْتُ: إِلَهِي ابْنُ عَمَّي، فَأوْحَى اللهُ إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ عَلِيّاً وَارثُكَ وَوَارثُ الْعِلْم مِنْ بَعْدِكَ وَصَاحِبُ لِوَائِكَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَصَاحِبُ حَوْضِكَ يَسْقِي مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِني اُمَّتِكَ.
ثُمَّ أوْحَى اللهُ عزّ وجل: يَا مُحَمَّدُ إِنّي قَدْ أقْسَمْتُ عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقّاً لاَ يَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْحَوْض مُبْغِضٌ لَكَ وَلأهْل بَيْتِكَ وَذُرَّيَّتِكَ الطَّيّبينَ(34) حَقّاً حَقّاً، أقُولُ: يَا مُحَمَّدُ لاَدْخِلَنَّ الْجَنَّةَ جَمِيعَ اُمَّتِكَ إِلاَّ مَنْ أبَى(35)، فَقُلْتُ: إِلَهِي(36) وَأحَدٌ يَأبَى دُخُولَ الْجَنَّةِ؟
فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل: بَلَى، فَقُلْتُ: فَكَيْفَ يَأبَى؟ فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ اخْتَرْتُكَ مِنْ خَلْقِي وَاخْتَرْتُ لَكَ وَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدَكَ وَألْقَيْتُ مَحَبَّةً(37) فِي قَلْبِكَ وَجَعَلْتُهُ أبَا وُلْدِكَ(38) فَحَقُّهُ بَعْدَكَ عَلَى اُمَّتِكَ كَحَقَّكَ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِكَ فَمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ جَحَدَ(39) حَقَّكَ وَمَنْ أبَى أنْ يُوَالِيَهُ فَقَدْ أبَى أنْ يُوَالِيَكَ وَمَنْ أبَى أنْ يُوَالِيَكَ فَقَدْ أبَى أنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَخَرَرْتُ للهِ سَاجِداً شُكْراً لِمَا أنْعَمَ إِلَيَّ(40).
فَإذَا مُنَادٍ يُنَادِي: ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ رَأسَكَ وَسَلْنِي اُعْطِكَ، فَقُلْتُ: يَا إِلَهِي اجْمَعْ اُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَلَى وَلاَيَةِ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام لِيَردُوا عَلَيَّ جَمِيعاً حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ إِنّي قَدْ قَضَيْتُ فِي عِبَادِي قَبْلَ أنْ أخْلُقَهُمْ وَقَضَايَ مَاضٍ فِيهِمْ لاَهْلِكُ بِهِ مَنْ أشَاءُ وَأهْدِي بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَقَدْ آتَيْتُهُ عِلْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ وَزِيرَكَ وَخَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى أهْلِكَ وَاُمَّتِكَ عَزيمَةً مِنّي وَلاَ يَدْخُلُ(41) الْجَنَّةَ مَنْ عَادَاهُ وَأبْغَضَهُ وَأنْكَرَ وَلاَيَتَهُ بَعْدَكَ فَمَنْ أبْغَضَهُ أبْغَضَكَ وَمَنْ أبْغَضَكَ فَقَدْ أبْغَضَنِي وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَاكَ وَمَنْ عَادَاكَ فَقَدْ عَادَانِي وَمَنْ أحَبَّهُ فَقَدْ أحَبَّكَ وَمَنْ أحَبَّكَ فَقَدْ أحَبَّني، وَقَدْ جَعَلْتُ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ وَأعْطَيْتُكَ أنْ اُخْرجَ مِنْ صُلْبِهِ أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً كُلُّهُمْ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ مِنَ الْبِكْر الْبَتُولِ وَآخِرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً اُنْجِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَاُهْدِي بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَاُبْرئُ بِهِ الأعْمَى(42) وَأشْفِي بِهِ الْمَريضَ.
الهوامش:
(1) ما جعلناه بين المعقوفتين استدركه النسخة المطبوعة في الهامش وجعل عليه رمز (صحَّ)، لكنَّه سهو مكرَّر كما لا يخفى.
(2) الحديد: 17، وما بعدها ذيلها.
(3) لقمان: 20.
(4) لم نعثر على خطّ الجباعي هذا.
(5) النور: 55.
(6) القصص: 5.
(7) الآية السابقة.
(8) نهج البلاغة: 506/ كلمة 209.
(9) في المصدر: (بزرج) بدل (زاج).
(10) أمالي الصدوق: 562/ مجلس 72/ ح 757، علماً بأنَّه جاء في المطبوعة (الغيبة للنعماني) بدل (أمالي الصدوق)، ولم نعثر عليه في الغيبة للنعماني.
(11) الغيبة للطوسي: 183/ رقم 142.
(12) في المصدر: (قائم للحقّ) بدل (القائم الحقّ).
(13) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 59.
(14) في المصدر: (من ولده) بدل (من ولدك).
(15) أمالي الصدوق: 731/ مجلس 92/ ح 1002.
(16) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(17) النور: 55.
(18) الحجّ: 47.
(19) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 51.
(20) عبارة: (بأمر أمّتي) ليست في المصدر.
(21) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 66.
(22) أمالي الطوسي: 154/ مجلس 6/ ذيل حديث 256، وفيه: (محمّد بن إسماعيل الضراري).
(23) في المصدر: (عن محمّد بن عمر الجعابي، عن علي بن موسى الخزّاز، عن الحسن بن علي الهاشمي) بدل (عن عثمان بن أحمد، عن أبي قلابة، عن بشر بن عمر، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم).
(24) في المصدر إضافة: (فقيل له: ما اسمه؟).
(25) في المصدر: (منهم) بدل (لهم).
(26) أمالي الطوسي: 351/ مجلس 12/ ح 726.
(27) أمالي الطوسي: 418/ مجلس 14/ ح 941.
(28) أمالي الطوسي: 512/ مجلس 18/ ح 1121.
(29) لم نعثر عليه في القاموس المحيط، وعثرنا عليه في النهاية 1: 363.
(30) كمال الدين 1: 51/ مقدّمة المصنّف.
(31) سقطت عبارة: (عن الآدمي) من المطبوعة، وأثبتناها من المصدر، وهو سهل بن زياد الآدمي، ويؤيّده ما جاء في (ج 2/ ص 295/ الرقم 172). راجع: (ج 52/ ص 276) من المطبوعة.
(32) في المطبوعة: (ابن أياس) وما أثبتناه من المصدر، وهو (آدم بن أبي أياس) كما في (ج 2/ ص 295/ الرقم 172). علماً بأنَّ ابن حجر قد ترجم لآدم هذا، وأرَّخ وفاته عام (220هـ) راجع: (تهذيب التهذيب 1: 126). وقال السمعاني: (أبو الحسن آدم بن أبي أياس - واسمه: ناهية - ويقال: آدم بن عبد الرحمن بن محمّد العسقلاني، مولى بني تميم، أصله من خراسان، رحل إلى العراقين والحجاز والشام، سكن عسقلان). (الأنساب 4: 191).
(33) في المصدر إضافة: (إلى).
(34) في المصدر إضافة: (الطاهرين).
(35) في المصدر إضافة: (من خلقي).
(36) في المصدر إضافة: (هل) بين معقوفتين.
(37) في المصدر: (محبّته).
(38) في المصدر: (وجعلته أباً لولدك).
(39) في المصدر: (فقد جحد).
(40) في المصدر: (عليَّ) بدل (إليَّ).
(41) في المصدر: (عزيمة منّي (لاُدخل الجنّة من أحبَّه و) لا اُدخل).
(42) في المصدر: (من العمى) بدل (الأعمى).
******************
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَسَيَّدِي مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل: يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ وَظَهَرَ الْجَهْلُ وَكَثُرَ الْقُرَّاءُ وَقَلَّ الْعَمَلُ وَكَثُرَ الْقَتْلُ وَقَلَّ الْفُقَهَاءُ الْهَادُونَ وَكَثُرَ فُقَهَاءُ الضَّلاَلَةِ وَالْخَوَنَةِ وَكَثُرَ الشُّعَرَاءُ وَاتَّخَذَ اُمَّتُكَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ وَزُخْرفَتِ الْمَسَاجِدُ وَكَثُرَ الْجَوْرُ وَالْفَسَادُ وَظَهَرَ الْمُنْكَرُ وَأمَرَ اُمَّتُكَ بِهِ وَنَهَى(1) عَن الْمَعْرُوفِ وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَالِ وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ وَصَارَ الاُمَرَاءُ كَفَرَةً وَأوْلِيَاؤُهُمْ فَجَرَةً وَأعْوَانُهُمْ ظَلَمَةً وَذَوُو الرَّأيِ مِنْهُمْ فَسَقَةً وَعِنْدَ ذَلِكَ ثَلاَثَةُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْربِ وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ يَتْبَعُهُ الزُّنُوجُ وَخُرُوجُ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ وَظُهُورُ الدَّجَّالِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشْرقِ مِنْ سِجِسْتَانَ وَظُهُورُ السُّفْيَانِيّ، فَقُلْتُ: إِلَهِي مَا يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْفِتَن؟ فَأوْحَى اللهُ إِلَيَّ وَأخْبَرَني بِبَلاَءِ بَنِي اُمَيَّةَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمِنْ فِتْنَةِ وُلْدِ عَمَّي(2) وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ فَأوْصَيْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَمَّي حِينَ هَبَطْتُ إِلَى الأرْض وَأدَّيْتُ الرَّسَالَةَ وَللهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا حَمِدَهُ النَّبِيُّونَ وَكَمَا حَمِدَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ قَبْلِي وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)(3).
بيان: قوله تعالى: (فيما اختصم الملأ الأعلى؟) إشارة إلى قوله تعالى: ((ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإَِ الأعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ))(4) والمشهور بين المفسَّرين أنَّه إشارة إلى قوله تعالى: ((إِنِّي جاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً))(5) وسؤال الملائكة في ذلك، فلعلَّه تعالى سأله أوّلاً عن ذلك ثُمَّ أخبره به وبيَّن أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة وخليفة، ثُمَّ سأله عن خليفته وعيَّن له الخلفاء بعده ولا يبعد أن يكون الملائكة سألوا في ذلك الوقت عن خليفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فأخبره الله بذلك وقد مضى في باب المعراج بعض القول في ذلك.
قوله تعالى: (وخراب البصرة) إشارة إلى قصَّة صاحب الزنج الذي خرج في البصرة سنة ستّ أو خمس وخمسين ومأتين، ووعد كلّ من أتى إليه من السودان أن يعتقهم ويكرمهم فاجتمع إليه منهم خلق كثير وبذلك علا أمره ولذا لُقّب صاحب الزنج وكان يزعم أنَّه علي بن محمّد بن أحمد بن عيسى بن زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقال ابن أبي الحديد: وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصاً الطالبيون وجمهور النسّابين(6) على أنَّه من عبد القيس وأنَّه علي بن محمّد بن عبد الرحيم واُمّه أسدية من أسد بن خزيمة جدّها محمّد بن الحكم الأسدي من أهل الكوفة(7)، ونحو ذلك قال ابن الأثير في الكامل(8)، والمسعودي في مروج الذهب(9)، ويظهر من الخبر أنَّ نسبه كان صحيحاً.
ثُمَّ اعلم أنَّ هذه العلامات لا يلزم كونها مقارنة لظهوره عليه السلام إذ الغرض بيان أنَّ قبل ظهوره عليه السلام يكون هذه الحوادث كما أنَّ كثيراً من أشراط الساعة التي روتها العامّة والخاصّة ظهرت قبل ذلك بدهور وأعوام وقصَّة صاحب الزنج كانت مقارنة لولادته عليه السلام ومن هذا الوقت ابتدأت علاماته إلى أن يظهر عليه السلام.
على أنَّه يحتمل أن يكون الغرض علامات ولادته عليه السلام لكنَّه بعيد.
12 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَكَم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ خُلَفَائِي وَأوْصِيَائِي وَحُجَجُ اللهِ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أوَّلُهُمْ أخِي وَآخِرُهُمْ وَلَدِي)، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَمَنْ أخُوكَ؟ قَالَ: (عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ)، قِيلَ: فَمَنْ وَلَدُكَ؟ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ يَمْلاَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ نَبِيّاً لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لأطَالَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فِيهِ وَلَدِي الْمَهْدِيُّ فَيَنْزلَ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيُصَلّيَ خَلْفَهُ وَتُشْرقَ الأرْضُ بِنُور رَبَّه(10) وَيَبْلُغَ سُلْطَانُهُ الْمَشْرقَ وَالْمَغْربَ)(11).
13 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمَّهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن‏ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيّ، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي أشْبَهُ النَّاس بِي خَلْقاً وَخُلْقاً تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهِ الاُمَمُ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشّهَابِ الثَّاقِبِ وَيَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(12).
14 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ قَائِمَ أهْل بَيْتِي وَهُوَ يَأتَمُّ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ وَيَتَوَلَّى أوْلِيَاءَهُ وَيُعَادِي أعْدَاءَهُ ذَاكَ مِنْ رُفَقَائِي وَذَوي مَوَدَّتِي وَأكْرَم اُمَّتِي عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(13).
15 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الْبَلْخِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ خَلَفِ بْن حَامِدٍ(14)، عَنْ سَهْل بْن زِيَادٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أسْلَمَ الْجَبَلِيّ، عَن الْخَطَّابِ بْن مُصْعَبٍ، عَنْ سَدِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ قَائِمَ أهْل بَيْتِي وَهُوَ مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ يَأتَمُّ بِهِ وَبِأئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ قَبْلِهِ وَيَبْرَاُ إِلَى اللهِ مِنْ عَدُوَّهِمْ اُولَئِكَ رُفَقَائِي وَأكْرَمُ اُمَّتِي عَلَيَّ)(15).
16 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ الْمُتَوَكّل جَمِيعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ وَمُحَمَّدٍ الْعَطَّار جَمِيعاً، عَن ابْن عِيسَى وَابْن هَاشِم وَالْبَرْقِيّ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن الْحُصَيْن، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي أشْبَهُ النَّاس بِي خَلْقاً وَخُلْقاً تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ حَتَّى يَضِلَّ الْخَلْقُ عَنْ أدْيَانِهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْبِلُ كَالشّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(16).
17 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ، عَن ابْن بَزِيع، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْبَاقِر، عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الاُمَمُ يَأتِي بِذَخِيرَةِ الأنْبِيَاءِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(17).
18 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الأسَدِيّ، عَن الْبَرْمَكِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُرَاتِ، عَنْ ثَابِتِ بْن دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِمَامُ اُمَّتِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ بَعْدِي وَمِنْ وُلْدِهِ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي يَمْلاَ اللهُ عزّ وجل بِهِ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ بَشِيراً إِنَّ الثَّابِتِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي زَمَان غَيْبَتِهِ لأعَزُّ مِنَ الْكِبْريتِ الأحْمَر)، فَقَامَ إِلَيْهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأنْصَاريُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَلِلْقَائِم مِنْ وُلْدِكَ غَيْبَةٌ؟ فَقَالَ: (إِي وَرَبَّي ((وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ))، يَا جَابِرُ إِنَّ هَذَا لأمْرٌ مِنْ أمْر اللهِ وَسِرٌّ مِنْ سِرَّ اللهِ مَطْويٌّ عَنْ عِبَادِهِ فَإِيَّاكَ وَالشَّكَّ فِي أمْر اللهِ فَهُوَ كُفْرٌ)(18).
19 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ(19)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْفَضْل الْهَاشِمِيّ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي وَشَمَائِلُهُ شَمَائِلِي وَسُنَّتُهُ سُنَّتِي يُقِيمُ النَّاسَ عَلَى مِلَّتِي وَشَريعَتِي وَيَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللهِ عزّ وجل مَنْ أطَاعَهُ أطَاعَنِي وَمَنْ عَصَاهُ عَصَانِي وَمَنْ أنْكَرَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَقَدْ أنْكَرَني وَمَنْ كَذَّبَهُ فَقَدْ كَذَّبَني وَمَنْ صَدَّقَهُ فَقَدْ صَدَّقَنِي إِلَى اللهِ أشْكُو الْمُكَذّبِينَ لِي فِي أمْرهِ وَالْجَاحِدِينَ لِقَوْلِي فِي شَأنِهِ وَالْمُضِلّينَ لاُمَّتِي عَنْ طَريقَتِهِ ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(20))(21).
20 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أنْكَرَ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِي فَقَدْ أنْكَرَني)(22).
21 _ كمال الدين: الْوَرَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أنْكَرَ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِي فِي زَمَان غَيْبَتِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)(23).
22 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ، عَن ابْن أبِي دَارم، عَنْ‏ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَاشِم الْقَيْسِيّ، عَنْ سَهْل بْن تَمَام الْبَصْريّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان)(24).
23 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُعَلَّى بْن زِيَادٍ، عَن الْعَلاَءِ بْن بَشِيرٍ، عَنْ أبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اُبَشّرُكُمْ بِالْمَهْدِيّ يُبْعَثُ فِي اُمَّتِي عَلَى اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاس وَزِلْزَالٍ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْض...)(25) تَمَامَ الْخَبَر.
24 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ تَلِيدٍ، عَنْ أبِي الْحَجَّافِ(26)، (عن خالد بن عبد الملك، عن مطر الورّاق، عن الناجي يعني أبا الصديق، عن أبي سعيد)(27) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أبْشِرُوا بِالْمَهْدِيّ _ قَالَهَا ثَلاَثاً _ يَخْرُجُ عَلَى حِين اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاس وَزِلْزَالٍ شَدِيدٍ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً يَمْلاَ قُلُوبَ عِبَادِهِ عِبَادَةً وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ)(28).
25 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريّ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِن، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْن جُوَيْنٍ الْعَبْدِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَر: (إِنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ أهْل بَيْتِي يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان تُنْزلُ لَهُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَتُخْرجُ لَهُ الأرْضُ بَذْرَهَا فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مَلأهَا الْقَوْمُ ظُلْماً وَجَوْراً)(29).
26 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ مُصَبَّح، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أبِي صَالِح، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يُخْرجَ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(30).
27 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ عَلِيّ بْن قَادِم، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ عَاصِم، عَنْ زِرَّ بْن حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنّي يُوَاطِئُ اسْمُه‏ اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً)(31).
28 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْعَبَّاس، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الزُّهْريّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ قَيْسِ بْن الرَّبيع وَغَيْرهِ، عَنْ عَاصِم، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَلِيَ اُمَّتِي رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يُقَالُ لَهُ: الْمَهْدِيُّ)(32).
29 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ أبِي لَهِيعَةَ(33)، عَنْ أبِي قُبَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي حَدِيثٍ طَويلٍ: (فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ هَذَا _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام _ بِهِ يَمْحَقُ اللهُ الْكَذِبَ وَيُذْهِبُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ بِهِ يُخْرجُ ذُلَّ الرَّقَّ مِنْ أعْنَاقِكُمْ)، ثُمَّ قَالَ: (أنَا أوَّلُ هَذِهِ الاُمَّةِ وَالْمَهْدِيُّ أوْسَطُهَا وَعِيسَى آخِرُهَا وَبَيْنَ ذَلِكَ تَيْحٌ أعْوَجُ)(34).
بيان: قال الجزري: كَلِبَ الدهر على أهله: إذا ألحَّ عليهم واشتدَّ(35)، وقال الفيروزآبادي: تاح له الشيء يتوح: تهيّأ كتاح يتيح وأتاحه الله فاُتيح، والمتيح كمنير من يعرض فيما لا يعنيه أو يقع في البلايا وفرس يعترض في مشيته نشاطاً، والمتياح الكثير الحركة العريض(36)، انتهى. وفيه تكلّف والأظهر أنَّه تصحيف ما مرَّ في أخبار اللوح وغير ذلك، (نتج الهرج): أي نتائج الفساد والجور(37).
30 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ(38)، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَانِئ، عَنْ نُعَيْم بْن حَمَّادٍ(39)، عَنْ بقيةَ(40) بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أبِي بَكْر بْن أبِي مَرْيَمَ، عَن(41) الْفَضْل بْن يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أبِي الْمَلِيح، عَنْ زِيَادِ بْن بُنَانٍ، عَنْ عَلِيّ بْن نُفَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن الْمُسَيَّبِ، عَنْ اُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ)(42).
الهوامش:
(1) في المصدر: (نهوا).
(2) في المصدر إضافة: (وما يكون).
(3) كمال الدين 1: 250/ باب (نصّ الله تعالى على القائم عليه السلام)/ ح 1.
(4) ص: 69.
(5) البقرة: 30.
(6) في المصدر إضافة: (اتّفقوا).
(7) شرح ابن أبي الحديد 8 : 126 و127.
(8) الكامل في التاريخ 7: 206.
(9) مروج الذهب 4: 108.
(10) في المصدر: (ربّه) بدل (ربّها).
(11) كمال الدين 1: 280/ باب (نصّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم على القائم عليه السلام)/ ح 27.
(12) كمال الدين 1: 286/ باب (ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم)/ ح 1.
(13) كمال الدين 1: 286/ باب (ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم)/ ح 2.
(14) في المصدر: (حمّاد).
(15) كمال الدين 1: 286/ باب (ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم)/ ح 3.
(16) كمال الدين 1: 287/ باب (ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم)/ ح 4.
(17) كمال الدين 1: 287/ باب (ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم)/ ح 5.
(18) كمال الدين 1: 287/ باب (ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم)/ ح 7.
(19) في المصدر إضافة: (عن أحمد بن عبد الله بن جعفر الهمداني).
(20) الشعراء: 227.
(21) كمال الدين 2: 411/ باب (في من أنكر القائم عليه السلام)/ ح 6.
(22) كمال الدين 2: 412/ باب (في من أنكر القائم عليه السلام)/ ح 8 .
(23) كمال الدين 2: 412/ باب (في من أنكر القائم عليه السلام)/ ح 12.
(24) الغيبة للطوسي: 178/ رقم 135.
(25) الغيبة للطوسي: 178/ رقم 136.
(26) في المصدر: (الجحاف) بدل (الحجاف).
(27) الزيادة نقلاً عن هامش المصدر عن دلائل الإمامة.
(28) الغيبة للطوسي: 179/ رقم 137.
(29) الغيبة للطوسي: 180/ رقم 138.
(30) الغيبة للطوسي: 180/ رقم 139.
(31) الغيبة للطوسي: 180/ رقم 140.
(32) الغيبة للطوسي: 180/ رقم 141.
(33) في المصدر: (ابن لهيعة) بدل (أبي لهيعة).
(34) الغيبة للطوسي: 185/ رقم 144، وفيه: (شيخ أعوج).
(35) النهاية 4: 195.
(36) القاموس المحيط 1: 225.
(37) ولعلَّه تصحيف: (ثبج أعوج) الثبج: المتوسّط بين الخيار والرذال، والأعوج: المائل البين العوج والسيّئ الخلق، وقد يكون (ثبج أعرج) فالأوّل هو البوم النائح، والثاني الغراب.
(38) سيأتي إسناد الطوسي إلى محمّد بن علي هذا بعد هذا الحديث.
(39) هو نعيم بن حمّاد المروزي أبو عبد الله المتوفّى (229هـ)، له كتاب الفتن يروي فيه عن بقية بن الوليد المتوفّى (197هـ)، وبقية روى فيه عن أبي بكر بن أبي مريم: (المهدي من ولد فاطمة). كتاب الفتن: 231/ باب نسبة المهدي.
(40) في المطبوعة: (عقبة) وما أثبتناه من المصدر، وقد ذكرناه في التعليقة السابقة.
(41) هكذا في المطبوعة والمصدر والظاهر (عن) تصحيف (و) لأنَّ الفضل بن يعقوب هذا هو (الرخامي) كما في المصدر، وقد توفّي عام (258هـ) كما في تهذيب التهذيب (ج 4/ ص 499).
(42) الغيبة للطوسي: 185/ رقم 145.
******************
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن محمّد بن علي، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن علاء، عن أبي المليح، مثله(1).
31 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ مُصَبَّح، عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَن، عَمَّنْ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبَّهٍ يَقُولُ: عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: يَا وَهْبُ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ، قُلْتُ: مِنْ وُلْدِكَ؟ قَالَ: لاَ، وَاللهِ مَا هُوَ مِنْ وُلْدِي وَلَكِنْ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ عليه السلام فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ زَمَانَهُ وَبِهِ يُفَرَّجُ اللهُ عَن الاُمَّةِ حَتَّى يَمْلأهَا قِسْطاً وَعَدْلاً... إِلَى آخِر الْخَبَر(2).
32 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيّ، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ أبِي هَارُونَ الْعَبْدِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِفَاطِمَةَ: (يَا بُنَيَّةُ إِنَّا اُعْطِينَا أهْلَ الْبَيْتِ سَبْعاً لَمْ يُعْطَهَا أحَدٌ قَبْلَنَا: نَبِيُّنَا خَيْرُ الأنْبِيَاءِ وَهُوَ أبُوكِ، وَوَصِيُّنَا خَيْرُ الأوْصِيَاءِ وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ عَمُّ أبِيكِ حَمْزَةُ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَان خَضِيبَان يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ ابْنُ عَمَّكِ جَعْفَرٌ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الاُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَمِنَّا وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُمَّةِ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِ الْحُسَيْن عليه السلام فَقَالَ: (مِنْ هَذَا _ ثَلاَثاً _)(3).
33 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ (عَلِيٍّ) الْبَنْدِيجِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَبَّاسِيّ، عَنْ مُوسَى بْن سَلاَّم، عَن الْبَزَنْطِيّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن(4) الْخَشَّابِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَثَلُ أهْلِ بَيْتِي مَثَلُ نُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا نَجْمٌ مِنْهَا طَلَعَ فَرَمَقُوهُ(5) بِالأعْيُن وَأشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِالأصَابِع أتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَذَهَبَتْ(6) بِهِ ثُمَّ لَبِثْتُمْ فِي ذَلِكَ سَبْتاً مِنْ دَهْركُمْ وَاسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يَدْر أيٌّ مِنْ أيٍّ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْدُو نَجْمُكُمْ فَاحْمَدُوا اللهَ وَاقْبَلُوهُ)(7).
34 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (بَيْنَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْمٍ بِالْبَقِيع فَأتَاه(8)‏ عَلِيٌّ(9) فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: اجْلِسْ، فَأجْلَسَهُ عَنْ يَمِينهِ، ثُمَّ جَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أبِي طَالِبٍ فَسَألَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقِيلَ: هُوَ بِالْبَقِيع، فَأتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأجْلَسَهُ عَنْ يَسَارهِ، ثُمَّ جَاءَ الْعَبَّاسُ فَسَألَ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ بِالْبَقِيع، فَأتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأجْلَسَهُ أمَامَهُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام فَقَالَ: ألاَ اُبَشّرُكَ ألاَ اُخْبِرُكَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدِي آنِفاً وَخَبَّرَنِي أنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً مِنْ ذُرَّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أصَابَنَا خَيْرٌ قَطُّ مِنَ اللهِ إِلاَّ عَلَى يَدَيْكَ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: يَا جَعْفَرُ ألاَ اُبَشّرُكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدِي آنِفاً فَأخْبَرَني أنَّ الَّذِي يَدْفَعُهَا إِلَى الْقَائِم هُوَ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ، أتَدْري مَنْ هُوَ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: ذَاكَ الَّذِي وَجْهُهُ كَالدَّينَار وَأسْنَانُهُ كَالْمِنْشَار وَسَيْفُهُ كَحَريقِ النَّار يَدْخُلُ الْجَبَلَ(10) ذَلِيلاً وَيَخْرُجُ مِنْهُ عَزيزاً يَكْتَنِفُهُ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا عَمَّ النَّبِيّ ألاَ اُخْبِرُكَ بِمَا أخْبَرَني جَبْرَئِيلُ؟ فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قَالَ لِي: وَيْلٌ لِذُرَّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أفَلاَ أجْتَنِبُ النّسَاءَ؟ قَالَ لَهُ: قَدْ فَرَغَ اللهُ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ)(11).
35 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَمْرو(12) بْن يُونُسَ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ سَالِم الأشَلّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ عليه السلام يَقُولُ: (نَظَرَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عليه السلام فِي السَّفْر الأوَّلِ بِمَا يُعْطَى(13) قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ، قَالَ(14) مُوسَى: رَبَّ اجْعَلْنِي قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ ذَاكَ مِنْ ذُرَّيَّةِ أحْمَدَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي السَّفْر الثَّانِي فَوَجَدَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ (فَقَالَ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ)(15)، ثُمَّ نَظَرَ فِي السَّفْر الثَّالِثِ فَرَأى مِثْلَهُ (فَقَالَ مِثْلَهُ)(16) فَقِيلَ لَهُ مِثْلُهُ)(17).
36 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ هَيْثَم(18) بْن أشْيَمَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم وَهُوَ مُسْتَبْشِرٌ يَضْحَكُ سُرُوراً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَزَادَكَ سُرُوراً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَوْم وَلاَ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَلِيَ فِيهِمَا تُحْفَةٌ مِنَ اللهِ ألاَ وَإِنَّ رَبَّي أتْحَفَنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِتُحْفَةٍ لَمْ يُتْحِفْنِي بِمِثْلِهَا فِيمَا مَضَى، إِنَّ جَبْرَئِيلَ عليه السلام أتَانِي فَأقْرَأنِي مِنْ رَبَّيَ السَّلاَمَ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ اخْتَارَ مِنْ بَنِي هَاشِم سَبْعَةً لَمْ يَخْلُقْ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ مَضَى وَلاَ يَخْلُقُ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ بَقِيَ: أنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ سَيَّدُ النَّبِيّينَ، وَعَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَصِيُّكَ سَيّدُ الْوَصِيّينَ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَاكَ سَيَّدَا الأسْبَاطِ، وَحَمْزَةُ عَمُّكَ سَيَّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ ابْنُ عَمَّكَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَمِنْكُمُ الْقَائِمُ يُصَلّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ إِذَا أهْبَطَهُ اللهُ إِلَى الأرْض مِنْ ذُرَّيَّةِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَمِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنعليه السلام)(19).
37 _ كشف الغمّة: وَقَعَ لِي أرْبَعُونَ حَدِيثاً جَمَعَهَا الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رحمه الله فِي أمْر الْمَهْدِيّ عليه السلام أوْرَدْتُهَا سَرْداً كَمَا أوْرَدَهَا وَاقْتَصَرْتُ عَلَى ذِكْر الرَّاوي عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
الأوَّلُ: عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (يَكُونُ مِنْ اُمَّتِيَ الْمَهْدِيُّ إِنْ قَصُرَ عُمُرُهُ فَسَبْعُ سِنِينَ وَإِلاَّ فَثَمَانٍ وَإِلاَّ فَتِسْعٌ يَتَنَعَّمُ اُمَّتِي فِي زَمَانِهِ نَعِيماً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهُ قَطُّ الْبِرُّ وَالْفَاجِرُ يُرْسِلُ(20) السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَلاَ تَدَّخِرُ الأرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا).
الثَّانِي: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ عليه السلام وَأنَّهُ مِنْ عِتْرَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (تُمْلاَ الأرْضُ ظُلْماً وَجَوْراً فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً يَمْلِكُ سَبْعاً أوْ تِسْعاً).
الثَّالِثُ: وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَنْقَضِي السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ الأرْضَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلأ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ(21) جَوْراً يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ).
الرَّابِعُ: فِي قَوْلِهِ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكِ)، عَن الزُّهْريّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ عليهما السلام أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ لِفَاطِمَةَ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكِ).
الْخَامِسُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُمَّةِ) يَعْنِي الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عليهما السلام، عَنْ عَلِيّ بْن هِلاَلٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا فَإذَا فَاطِمَةُ عِنْدَ رَأسِهِ فَبَكَتْ حَتَّى ارْتَفَعَ صَوْتُهَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَيْهَا رَأسَهُ فَقَالَ: (حَبِيبَتِي فَاطِمَةُ مَا الَّذِي يُبْكِيكِ؟)، فَقَالَتْ: أخْشَى الضَّيْعَةَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ: (يَا حَبِيبَتِي أمَا عَلِمْتِ أنَّ اللهَ عزّ وجل اطَّلَعَ عَلَى الأرْض(22) اطّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا أبَاكِ فَبَعَثَهُ بِرسَالَتِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ اطَّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا بَعْلَكِ وَأوْحَى إِلَيَّ أنْ اُنْكِحَكِ إِيَّاهُ يَا فَاطِمَةُ وَنَحْنُ أهْلُ بَيْتٍ قَدْ أعْطَانَا اللهُ عزّ وجل سَبْعَ خِصَالٍ لَمْ يُعْطِ أحَداً قَبْلَنَا وَلاَ يُعْطِي أحَداً بَعْدَنَا: أنَا خَاتَمُ النَّبِيّينَ وَأكْرَمُ النَّبِيّينَ عَلَى اللهِ عزّ وجل وَأحَبُّ الْمَخْلُوقِينَ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأنَا أبُوكِ، وَوَصِيّي خَيْرُ الأوْصِيَاءِ وَأحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَأحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَهُوَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ أبِيكِ وَعَمُّ بَعْلِكِ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَان يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّ أبِيكِ وَأخُو بَعْلِكِ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الاُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَهُمَا سَيَّدَا شَبَابِ أهْل الْجَنَّةِ وَأبُوهُمَا وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ خَيْرٌ مِنْهُمَا.
يَا فَاطِمَةُ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيَّ هَذِهِ الاُمَّةِ إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ وَأغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَلاَ كَبِيرٌ يَرْحَمُ صَغِيراً وَلاَ صَغِيرٌ يُوَقّرُ كَبِيراً فَيَبْعَثُ اللهُ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَنْ يَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلاَلَةِ وَقُلُوباً غُلْفاً يَقُومُ بِالدَّين فِي آخِر الزَّمَان كَمَا قُمْتُ بِهِ فِي آخِر الزَّمَان وَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً.
يَا فَاطِمَةُ لاَ تَحْزَني وَلاَ تَبْكِي فَإنَّ اللهَ عزّ وجل أرْحَمُ بِكِ وَأرْأفُ عَلَيْكِ مِنّي وَذَلِكِ لِمَكَانِكِ مِنّي وَمَوْقِعِكِ مِنْ قَلْبِي قَدْ زَوَّجَكِ اللهُ زَوْجَكِ وَهُوَ أعْظَمُهُمْ حَسَباً وَأكْرَمُهُمْ مَنْصَباً وَأرْحَمُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ وَأعْدَلُهُمْ بِالسَّويَّةِ وَأبْصَرُهُمْ بِالْقَضِيَّةِ وَقَدْ سَألْتُ رَبَّي عزّ وجل أنْ تَكُوني أوَّلَ مَنْ يَلْحَقُنِي مِنْ أهْل بَيْتِي)، قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: (لَمْ تَبْقَ فَاطِمَةُ بَعْدَهُ إِلاَّ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْماً حَتَّى ألْحَقَهَا اللهُ بِهِ عليه السلام).
السَّادِسُ: فِي أنَّ الْمَهْدِيَّ هُوَ الْحُسَيْنيُّ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَذَكَّرَنَا مَا هُوَ كَائِنٌ، ثُمَّ قَالَ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ عزّ وجل ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي)، فَقَامَ‏ سَلْمَانُ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ أيّ وُلْدِكَ هُوَ؟ قَالَ: (مِنْ وَلَدِي هَذَا)، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الْحُسَيْن عليه السلام.
السَّابِعُ: فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَهْدِيُّ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كرعَةُ).
الثَّامِنُ: فِي صِفَةِ وَجْهِ الْمَهْدِيّ، بِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي وَجْهُهُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرَّيّ).
التَّاسِعُ: فِي صِفَةِ لَوْنهِ وَجِسْمِهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي لَوْنُهُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ وَجِسْمُهُ جِسْمٌ إِسْرَائِيلِيٌّ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً يَرْضَى فِي خِلاَفَتِهِ أهْلُ الأرْضِ وَأهْلُ السَّمَاءِ وَالطَّيْرُ فِي الْجَوَّ).
الْعَاشِرُ: فِي صِفَةِ جَبِينهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أجْلَى الْجَبِين أقْنَى الأنْفِ).
الْحَادِي عَشَرَ: فِي صِفَةِ أنْفِهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ مِنْ اُمَّتِي أشَمُّ الأنْفِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً).
الثَّانِي عَشَرَ: فِي خَالِهِ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرُّوم أرْبَعُ هُدَنٍ يَوْمُ الرَّابِعَةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ آلِ هِرَقْلَ يَدُومُ سَبْعَ سِنِينَ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْس يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَوْردُ بْنُ غَيْلاَنَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ إِمَامُ النَّاس يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ عليه السلام مِنْ وُلْدِي ابْنُ أرْبَعِينَ سَنَةً كَأنَّ وَجْهَهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ فِي خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ أسْوَدُ عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قِطْريَّتَان(23) كَأنَّهُ مِنْ رجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْتَخْرجُ الْكُنُوزَ وَيَفْتَحُ مَدَائِنَ الشّرْكِ).
الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ عليه السلام: (الْمَهْدِيُّ أفْرَقُ الثَّنَايَا)، بِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْ عِتْرَتِي رَجُلاً أفْرَقَ الثَّنَايَا أجْلَى الْجَبْهَةِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً يَفِيضُ الْمَالُ فَيْضاً).
الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ عليه السلام وَهُوَ إِمَامٌ صَالِحٌ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: (فَتَنْفِي الْمَدِينَةُ الْخَبَثَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلاَص)، فَقَالَتْ اُمُّ شَريكٍ: فَأيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (هُمْ قَلِيلٌ يَوْمَئِذٍ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِس إِمَامُهُمُ الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ).
الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ عليه السلام وَأنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ عِيَاناً لِلنَّاس، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ فِي اُمَّتِي يَبْعَثُهُ اللهُ عِيَان(24) لِلنَّاس يَتَنَعَّمُ(25) الاُمَّةُ وَتَعِيشُ الْمَاشِيَةُ وَتُخْرجُ الأرْضُ نَبَاتَهَا وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحاً).
السَّادِسَ عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ عليه السلام: (عَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ فِيهَا مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ).
السَّابِعَ عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ فَاتَّبِعُوهُ).
الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي بِشَارَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم اُمَّتَهُ بِالْمَهْدِيّ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اُبَشَّرُكُمْ بِالْمَهْدِيّ يُبْعَثُ فِي اُمَّتِي عَلَى اخْتِلاَفٍ مِن النَّاس وَزَلاَزِلَ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْض يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحاً)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَمَا صِحَاحاً؟ قَالَ: (السَّويَّةُ بَيْنَ النَّاس).
التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي اسْم الْمَهْدِيّ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً).
الْعِشْرُونَ: فِي كُنْيَتِهِ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَبَعَثَ اللهُ فِيهِ رَجُلاً اسْمُهُ اسْمِي وَخُلُقُهُ خُلُقِي‏ يُكَنَّى أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام).
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر اسْمِهِ(26)، وَبِإسْنَادِهِ عَن ابْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً).
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر عَدْلِهِ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَتُمْلأنَّ الأرْضُ ظُلْماً وَعُدْوَاناً ثُمَّ لَيَخْرُجَنَّ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي حَتَّى يَمْلأهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً (عُدْوَاناً)(27) وَظُلْماً).
الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 187/ رقم 148.
(2) الغيبة للطوسي: 187/ رقم 146.
(3) الغيبة للطوسي: 191/ رقم 154.
(4) في المصدر: (عن) بدل (بن) بين معقوفتين.
(5) في المصدر: (فرمقتموه).
(6) في المصدر: (فذهب) بدل (فذهبت).
(7) الغيبة للنعماني: 155.
(8) في المصدر: (حتَّى أقبل) بدل (فأتاه).
(9) في المصدر إضافة: (فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقيل: إنَّه بالبقيع فأتاه علي عليه السلام).
(10) في المصدر: (الجند) بدل (الجبل).
(11) الغيبة للنعماني: 247.
(12) في المصدر: (منصور) بدل (عمرو).
(13) في المصدر: (إلى ما يعطى).
(14) في المصدر: (من التمكين والفضل فقال) بدل (قال).
(15) من المصدر.
(16) من المصدر.
(17) الغيبة للنعماني: 240.
(18) في المصدر: (عيثم) بدل (هيثم).
(19) روضة الكافي: 49/ ح 10.
(20) في المصدر إضافة: (الله).
(21) في المصدر إضافة: (قبله).
(22) في المصدر: (على أهل الأرض).
(23) في المصدر: (قطوانيتان).
(24) في المصدر: (غياثاً).
(25) في المصدر: (تنعم).
(26) في المصدر: (اسم أبيه).
(27) من المصدر، وعبارة: (وظلماً) ليست فيه.
******************
الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْغَمَامَةِ الَّتِي تُظَلّلُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام عِنْدَ خُرُوجِهِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ فِيهَا مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ مَا رُوَّينَاهُ عَالِياً إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْمَلَكِ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: إِنَّ هَذَا الْمَهْدِيُّ فَاتَّبِعُوهُ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَتْهُ الْحُفَّاظُ الأئِمَّةُ مِنْ أهْل الْحَدِيثِ كَأبِي نُعَيْم وَالطَّبَرَانِيّ وَغَيْرهِمَا.
الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر صِفَةِ الْمَهْدِيّ وَلَوْنهِ وَجِسْمِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُرْسَلاً:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي لَوْنُهُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ وَجِسْمُهُ جِسْمٌ إِسْرَائِيلِيٌّ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً يَرْضَى بِخِلاَفَتِهِ أهْلُ الأرْض وَأهْلُ السَّمَاءِ وَالطَّيْرُ فِي الْجَوَّ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رُزِقْنَاهُ عَالِياً بِحَمْدِ اللهِ عَنْ جَمٍّ غَفِيرٍ أصْحَابِ(1) الثَّقَفِيّ وَسَنَدُهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا.
الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي ذِكْر خَالِهِ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن وَثِيَابِهِ وَفَتْحِهِ مَدَائِنَ الشّرْكِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ‏ الرُّوم أرْبَعُ هُدَنٍ فِي يَوْم الرَّابِعَةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أهْل هِرَقْلَ يَدُومُ سَبْعَ سِنِينَ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَوْردُ بْنُ غَيْلاَنَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ إِمَامُ النَّاس يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي ابْنُ أرْبَعِينَ سَنَةً كَأنَّ وَجْهَهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ فِي خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ أسْوَدُ عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قَطَوَانِيَّتَان كَأنَّهُ مِنْ رجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْتَخْرجُ الْكُنُوزَ وَيَفْتَحُ مَدَائِنَ الشّرْكِ)، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمِهِ الأكْبَر.
الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر كَيْفِيَّةِ أسْنَان الْمَهْدِيّ عليه السلام:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْ عِتْرَتِي رَجُلاً أفْرَقَ الثَّنَايَا أجْلَى الْجَبْهَةِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَيَفِيضُ الْمَالُ فَيْضاً)، قَالَ: هَكَذَا أخْرَجَهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم فِي عَوَالِيهِ.
الْبَابُ الْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر فَتْح الْمَهْدِيّ عليه السلام الْقُسْطَنْطِينيَّةَ(2):
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لاَ يَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينيَّةَ وَجَبَلَ الدَّيْلَم وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَفْتَحَهَا)، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الْحَافِظِ أبِي نُعَيْم، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْمَهْدِيُّ بِلاَ شَكٍّ وفْقاً بَيْنَ الرَّوَايَاتِ.
الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر خُرُوج الْمَهْدِيّ عليه السلام بَعْدَ مُلُوكٍ جَبَابِرَةٍ(3):
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (سَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ اُمَرَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الاُمَرَاءِ مُلُوكٌ جَبَابِرَةٌ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلأ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم فِي فَوَائِدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأكْبَر.
الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ إِمَامٌ صَالِحٌ):
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَكَرَ الدَّجَّالَ وَقَالَ فِيهِ: (إِنَّ الْمَدِينَةَ لَتَنْفِي(4) خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي(5) الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلاَص)، فَقَالَتْ اُمُّ شَريكٍ: فَأيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِس وَإِمَامُهُمُ الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم الأصْفَهَانِيُّ.
الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر تَنَعُّم الاُمَّةِ زَمَنَ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (تَتَنَعَّمُ اُمَّتِي فِي زَمَن الْمَهْدِيّ عليه السلام نِعْمَةً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهَا قَطُّ يُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَلاَ تَدَعُ الأرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إِلاَّ أخْرَجَتْهُ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَتْن رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأكْبَر.
الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي أخْبَار رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِأنَّ الْمَهْدِيَّ خَلِيفَةُ اللهِ تَعَالَى:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يُقْتَلُ عِنْدَ كَنْزكُمْ ثَلاَثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ لاَ يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَجِيءُ الرَّايَاتُ السُّودُ فَيَقْتُلُونَهُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ ثُمَّ يَجِيءُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتُوهُ فَبَايِعُوهُ فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ)، قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَتْن وَقَعَ إِلَيْنَا عَالِياً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِحَمْدِ اللهِ وَحُسْن تَوْفِيقِهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرَفِ الْمَهْدِيّ بِكَوْنهِ خَلِيفَةَ اللهِ فِي الأرْض عَلَى لِسَان أصْدَقِ وُلْدِ آدَمَ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ...))(6) الآيَةَ.
الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى كَوْن الْمَهْدِيّ حَيّاً بَاقِياً مُذْ غَيْبَتِهِ إِلَى الآنَ وَلاَ امْتِنَاعَ فِي بَقَائِهِ بِدَلِيل بَقَاءِ عِيسَى وَالْخَضِر وَإِلْيَاسَ مِنْ أوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى وَبَقَاءِ الدَّجَّالِ وَإِبْلِيسَ اللَّعِين مِنْ أعْدَاءِ اللهِ تَعَالَى وَهَؤُلاَءِ قَدْ ثَبَتَ بَقَاؤُهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدِ اتَّفَقُوا ثُمَّ أنْكَرُوا جَوَازَ بَقَاءِ الْمَهْدِيّ لأنَّهُمْ(7) إِنَّمَا أنْكَرُوا بَقَاءَهُ مِنْ وَجْهَيْن: أحَدُهُمَا طُولُ الزَّمَان، وَالثَّانِي أنَّهُ فِي سِرْدَابٍ مِنْ غَيْر أنْ يَقُومَ أحَدٌ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً.
قَالَ مُؤَلّفُ الْكِتَابِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْن مُحَمَّدٍ الْكَنْجِيُّ: بِعَوْن اللهِ نَبْتَدِئُ: أمَّا عِيسَى عليه السلام فَالدَّلِيلُ عَلَى بَقَائِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَإِنْ مِنْ أهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ))(8) وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مُنْذُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آخِر الزَّمَان. وَأمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَن النُّوَاس بْن سِمْعَانَ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ قَالَ: (فَيَنْزلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْن(9) وَاضِعاً كَفَّيْهِ عَلَى أجْنِحَةِ مَلَكَيْن).
وَأيْضاً مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟).
وَأمَّا الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ جَريرٍ الطَّبَريُّ: الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ بَاقِيَان يَسِيرَان فِي الأرْض.
وَأيْضاً فَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَدِيثاً طَويلاً عَن الدَّجَّالِ فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ: (يَأتِي وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ فَيَنْتَهِي إِلَى بَعْض السَّبَاخ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاس أوْ مِنْ خَيْر النَّاس فَيَقُولُ: أشْهَدُ أنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أرَأيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أحْيَيْتُهُ أتَشُكُّونَ فِي الأمْر؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، قَالَ: فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللهِ مَا كُنْتُ فِيكَ قَطُّ أشَدَّ بَصِيرَةً مِنّي الآنَ، قَالَ: فَيُريدُ الدَّجَّالُ أنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ)، قَالَ أبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ عليه السلام، قَالَ: هَذَا لَفْظُ مُسْلِم فِي صَحِيحِهِ كَمَا سُقْنَاهُ سَوَاءً.
وَأمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ الدَّجَّالِ فَإنَّهُ أوْرَدَ حَدِيثَ تَمِيم الدَّاريّ وَالْجَسَّاسَةِ وَالدَّابَّةِ الَّتِي كَلَّمَتْهُمْ(10) وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ: هَذَا صَريحٌ فِي بَقَاءِ الدَّجَّالِ.
قَالَ: وَأمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ إِبْلِيسَ اللَّعِين فَآيُ الْكِتَابِ الْعَزيز نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((قالَ رَبِّ فَأنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ))(11).
وَأمَّا بَقَاءُ الْمَهْدِيّ عليه السلام فَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:
أمَّا الْكِتَابُ فَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي تَفْسِير قَوْلِهِ عزّ وجل: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(12) قَالَ: هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَةِ فَاطِمَةَ، وَأمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عِيسَى عليه السلام فَلاَ تَنَافِيَ بَيْنَ الْقَوْلَيْن إِذْ هُوَ مُسَاعِدٌ لِلإمَام عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ‏ وَمَنْ شَايَعَهُ مِنَ الْمُفَسَّرينَ فِي تَفْسِير قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ))(13) قَالَ: هُوَ الْمَهْدِيُّ يَكُونُ فِي آخِر الزَّمَان وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يَكُونُ قِيَامُ السَّاعَةِ وَأمَارَاتُهَ(14).
وَأمَّا الْجَوَابُ عَنْ طُولِ الزَّمَان فَمِنْ حَيْثُ النَّصّ وَالْمَعْنَى: أمَّا النَّصُّ فَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الأخْبَار عَلَى أنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ وُجُودِ الثَّلاَثَةِ فِي آخِر الزَّمَان وَأنَّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ مَتْبُوعٌ غَيْرُ الْمَهْدِيّ بِدَلِيل أنَّهُ إِمَامُ الاُمَّةِ فِي آخِر الزَّمَان وَأنَّ عِيسَى عليه السلام يُصَلّي خَلْفَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحَاح وَيُصَدَّقُهُ فِي دَعْوَاهُ، وَالثَّالِثُ هُوَ الدَّجَّالُ اللَّعِينُ وَقَدْ ثَبَتَ أنَّهُ حَيٌّ مَوْجُودٌ. وَأمَّا الْمَعْنَى فِي بَقَائِهِمْ فَلاَ يَخْلُو مِنْ أحَدِ قِسْمَيْن: إِمَّا أنْ يَكُونَ بَقَاؤُهُمْ فِي مَقْدُور اللهِ تَعَالَى أوْ لاَ يَكُونُ، وَمُسْتَحِيلٌ أنْ يَخْرُجَ عَنْ مَقْدُور اللهِ لأنَّ مَنْ بَدَأ الْخَلْقَ مِنْ غَيْر شَيْءٍ وَأفْنَاهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ بَعْدَ الْفَنَاءِ لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ الْبَقَاءُ فِي مَقْدُورهِ تَعَالَى، فَلاَ يَخْلُو مِنْ قِسْمَيْن: إِمَّا أنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار اللهِ تَعَالَى أوْ إِلَى اخْتِيَار الاُمَّةِ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار الاُمَّةِ لأنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ لَجَازَ لأحَدِنَا أنْ يَخْتَارَ الْبَقَاءَ لِنَفْسِهِ وَلِوُلْدِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ لَنَا غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ مَقْدُورنَا وَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار اللهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ لاَ يَخْلُو بَقَاءُ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ مِنْ قِسْمَيْن أيْضاً: إِمَّا أنْ يَكُونَ لِسَبَبٍ أوْ لاَ يَكُونَ لِسَبَبٍ، فَإنْ كَانَ لِغَيْر سَبَبٍ كَانَ خَارجاً عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ وَمَا يَخْرُجُ عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ لاَ يَدْخُلُ فِي أفْعَالِ اللهِ تَعَالَى فَلاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ لِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ حِكْمَةُ اللهِ تَعَالَى، قَالَ: وَسَنَذْكُرُ سَبَبَ بَقَاءِ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَتِهِ:
أمَّا بَقَاءُ عِيسَى عليه السلام لِسَبَبٍ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَإِنْ مِنْ أهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ))(15) وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مُنْذُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أحَدٌ وَلاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ هَذَا فِي آخِر الزَّمَان.
وَأمَّا الدَّجَّالُ اللَّعِينُ لَمْ يُحْدِثْ حَدَثاً مُنْذُ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ خَارجٌ فِيكُمُ الأعْوَرُ الدَّجَّالُ وَأنَّ مَعَهُ جِبِالاً مِنْ خُبْزٍ تَسِيرُ مَعَهُ... إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ، فَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آخِر الزَّمَان لاَ مُحَالَةَ.
وَأمَّا الإمَامُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام مُذْ غَيْبَتِهِ عَن الأبْصَار إِلَى يَوْمِنَا هَذَا لَمْ يَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا تَقَدَّمَتِ الأخْبَارُ فِي ذَلِكَ فَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَشْرُوطاً بِآخَر الزَّمَان فَقَدْ صَارَتْ هَذِهِ الأسْبَابُ لاسْتِيفَاءِ الأجَل الْمَعْلُوم فَعَلَى هَذَا اتَّفَقَتْ أسْبَابُ بَقَاءِ الثَّلاَثَةِ (وَهُمْ عِيسَى وَالْمَهْدِيُّ وَالدَّجَّالُ)(16) لِصِحَّةِ أمْرٍ مَعْلُوم فِي وَقْتٍ مَعْلُوم وَهُمْ صَالِحَان نَبِيٌّ وَإِمَامٌ وَطَالِحٌ عَدُوُّ اللهِ وَهُوَ الدَّجَّالُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الأخْبَارُ مِنَ الصّحَاح بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي صِحَّةِ بَقَاءِ الدَّجَّالِ مَعَ صِحَّةِ بَقَاءِ عِيسَى عليه السلام فَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ الْمَهْدِيّ عليه السلام مَعَ كَوْن بَقَائِهِ بِاخْتِيَار اللهِ وَدَاخِلاً تَحْتَ مَقْدُورهِ سُبْحَانَهُ وَهُوَ آيَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم.
فَعَلَى هَذَا هُوَ أوْلَى بِالْبَقَاءِ مِنَ الاثْنَيْن الآخَرَيْن لأنَّهُ إِذَا بَقِيَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام كَانَ إِمَامَ آخِر الزَّمَان يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا تَقَدَّمَتِ الأخْبَارُ فَيَكُونُ بَقَاؤُهُ مَصْلَحَةً لِلْمُكَلَّفِينَ وَلُطْفاً بِهِمْ فِي بَقَائِهِ مِنْ عِنْدِ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَالدَّجَّالُ إِذَا بَقِيَ فَبَقَاؤُهُ مَفْسَدَةٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَا ذُكِرَ مِن ادَّعَاءِ رُبُوبِيَّتِهِ(17) وَفَتْكِهِ بِالاُمَّةِ وَلَكِنْ فِي بَقَائِهِ ابْتِلاَءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِيَعْلَمَ الْمُطِيعَ مِنْهُمْ مِنَ الْعَاصِي وَالْمُحْسِنَ مِنَ الْمُسِيءِ وَالْمُصْلِحَ مِنَ الْمُفْسِدِ وَهَذَا هُوَ الْحِكْمَةُ فِي بَقَاءِ الدَّجَّالِ.
وَأمَّا بَقَاءُ عِيسَى فَهُوَ سَبَبُ إِيمَان أهْل الْكِتَابِ بِهِ لِلآيَةِ وَالتَّصْدِيق بِنُبُوَّةِ سَيَّدِ الأنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ خَاتَم النَّبِيّينَ وَرَسُولِ رَبَّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَيَكُونُ تِبْيَاناً لِدَعْوَى الإمَام عِنْدَ أهْل الإيمَان وَمُصَدَّقاً لِمَا دَعَا إِلَيْهِ عِنْدَ أهْل الطُّغْيَان بِدَلِيل صَلاَتِهِ خَلْفَهُ وَنُصْرَتِهِ إِيَّاهُ وَدُعَائِهِ إِلَى الْمِلَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ الَّتِي هُوَ إِمَامٌ فِيهَا فَصَارَ بَقَاءُ الْمَهْدِيّ عليه السلام أصْلاً وَبَقَاءُ الاثْنَيْن فَرْعاً عَلَى بَقَائِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ بَقَاءُ الْفَرْعَيْن مَعَ عَدَم بَقَاءِ الأصْل لَهُمَا؟ وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَصَحَّ وُجُودُ الْمُسَبَّبِ مِنْ دُون وُجُودِ السَّبَبِ وَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ فِي الْعُقُولِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ بَقَاءَ الْمَهْدِيّ عليه السلام أصْلٌ لِبَقَاءِ الاثْنَيْن لأنَّهُ لاَ يَصِحُّ وُجُودُ عِيسَى عليه السلام بِانْفِرَادِهِ غَيْرَ نَاصِرٍ لِمِلَّةِ الإسْلاَم وَغَيَر مُصَدَّقٍ لِلإمَام لأنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ مُنْفَرداً بِدَوْلَةٍ وَدَعْوَةٍ وَذَلِكَ يُبْطِلُ دَعْوَةَ الإسْلاَم مِنْ حَيْثُ أرَادَ أنْ يَكُونَ تَبَعاً فَصَارَ مَتْبُوعاً وَأرَادَ أنْ يَكُونَ فَرْعاً فَصَارَ أصْلاً وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لاَ نَبِيَّ بَعْدِي)، وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْحَلاَلُ مَا أحَلَّ اللهُ عَلَى لِسَانِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَى لِسَانِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)، فَلاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ لَهُ عَوْناً وَنَاصِراً وَمُصَدَّقاً وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَكُونُ لَهُ عَوْناً وَمُصَدَّقاً لَمْ يَكُنْ لِوُجُودِهِ تَأثِيرٌ فَثَبَتَ أنَّ وُجُودَ الْمَهْدِيّ عليه السلام أصْلٌ لِوُجُودِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّجَّالُ اللَّعِينُ لاَ يَصِحُّ وُجُودُهُ فِي آخِر الزَّمَان وَلاَ يَكُونُ لِلاُمَّةِ إِمَامٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَوَزِيرٌ يُعَوَّلُونَ عَلَيْهِ لأنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلِ الإسْلاَمُ مَقْهُوراً وَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةً فَصَارَ وُجُودُ الإمَام أصْلاً لِوُجُودِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.
وَأمَّا الْجَوَابُ عَنْ إِنْكَارهِمْ بَقَاءَهُ فِي السَّرْدَابِ مِنْ غَيْر أحَدٍ يَقُومُ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَفِيهِ جَوَابَان: أحَدُهُمَا بَقَاءُ عِيسَى عليه السلام فِي السَّمَاءِ مِنْ غَيْر أحَدٍ يَقُومُ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَهُوَ بَشَرٌ مِثْلُ الْمَهْدِيّ عليه السلام فَلَمَّا جَازَ بَقَاؤُهُ فِي السَّمَاءِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَكَذَلِكَ الْمَهْدِيُّ فِي السَّرْدَابِ.
فَإنْ قُلْتَ: إِنَّ عِيسَى عليه السلام يُغَذّيهِ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنْ خِزَانَةِ غَيْبهِ، فَقُلْتُ: لاَ تَفْنَى خَزَائِنُهُ بِانْضِمَام الْمَهْدِيّ عليه السلام إِلَيْهِ فِي غِذَائِهِ.
فَإنْ قُلْتَ: إِنَّ عِيسَى خَرَجَ عَنْ طَبِيعَةِ الْبَشَريَّةِ، قُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ لأنَّهُ قَالَ تَعَالَى لأشْرَفِ الأنْبِيَاءِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((قُلْ إِنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ))(18).
فَإنْ قُلْتَ: اكْتَسَبَ ذَلِكَ مِنَ الْعَالَم الْعِلْويّ، قُلْتُ: هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَوْقِيفٍ وَلاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ.
وَالثَّانِي: بَقَاءُ الدَّجَّالِ فِي الدَّيْر عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِأشَدَّ الْوَثَاقِ مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ وَفِي روَايَةٍ فِي بِئْرٍ مَوْثُوقٌ وَإِذَا كَانَ بَقَاءُ الدَّجَّالِ مُمْكِناً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُور مِنْ غَيْر أحَدٍ يَقُومُ بِهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ الْمَهْدِيّ عليه السلام مُكَرَّماً مِنْ غَيْر الْوَثَاقِ إِذِ الْكُلُّ فِي مَقْدُور اللهِ تَعَالَى فَثَبَتَ أنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِع شَرْعاً وَلاَ عَادَةً.
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ هَذِهِ الأبْحَاثِ خَبَرَ سُطَيْحٍ وَأنَا أذْكُرُ مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَمُقْتَضَاهُ يَذْكُرُ لِذِي جَدَنٍ الْمَلِكِ وَقَائِعَ وَحَوَادِثَ تَجْري وَزَلاَزِلَ مِنْ فِتَنٍ ثُمَّ إِنَّهُ يَذْكُرُ خُرُوجَ الْمَهْدِيّ عليه السلام وَأنَّهُ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَيُطَيّبُ الدُّنْيَا وَأهْلَهَا فِي أيَّام‏ دَوْلَتِهِ عليه السلام وَرُويَ عَن الْحَافِظِ مُحَمَّدِ بْن النَّجَّار أنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مِنْ طِوَالاَتِ الْمَشَاهِير كَذَا ذَكَرَهُ الْحُفَّاظُ فِي كُتُبِهِمْ وَلَمْ يُخَرَّجْ فِي الصَّحِيح(19).
39 _ كشف الغمّة: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: وَأمَّا مَا وَرَدَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الْمَهْدِيّ مِنَ الأحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ:
فَمِنْهَا: مَا نَقَلَهُ الإمَامَان أبُو دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيُّ رضي الله عنهما كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنّي أجْلَى الْجَبْهَةِ أقْنَى الأنْفِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً وَيَمْلِكُ سَبْعَ سِنينَ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (جم غفير من أصحاب).
(2) في المصدر إضافة: (وجبل الديلم).
(3) في المصدر: (ملك الجبابرة).
(4) في المصدر: (لتنقى) بدل (لتنفي).
(5) في المصدر: (ينقى).
(6) المائدة: 67.
(7) في المصدر إضافة: (وها أنا اُبيّن بقاء كلّ واحد منهم فلا يسع بعد هذا العاقل إنكار جواز بقاء المهدي).
(8) النساء: 159.
(9) هكذا في مشكاة المصابيح: 473؛ وفي سنن أبي داود (ج 2/ ص 319): (ممصرتين)، يقال: ثوب مهرود: أصفر مصبوغ بالهرد، وثوب ممصر: مصبوغ بالمصر أي الطين الأحمر أو الأصفر.
(10) في المصدر: (تكلّمهم) بدل (كلمتهم).
(11) الحجر: 36 و37.
(12) التوبة: 33.
(13) الزخرف: 61.
(14) كشف الغمّة 2: 475 - 490.
(15) النساء: 159.
(16) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(17) في المصدر: (الربوبية).
(18) الكهف: 110؛ فصلت: 6.
(19) كشف الغمّة 2: 490 - 493/ فصل (في الدلالة على كون المهدي حيّاً باقياً).
******************
وَمِنْهَا: (مَا أخْرَجَهُ) أبُو دَاوُدَ بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْر إِلاَّ يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً).
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أيْضاً أبُو دَاوُدَ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَى اُمَّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ).
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْقَاضِي أبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَويُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِشَرْح السُّنَّةِ وَأخْرَجَهُ الإمَامَان الْبُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ رضي الله عنهما كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟).
وَمِنْهَا: مَا أخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيُّ رضي الله عنهما بِسَنَدِهِمَا فِي صَحِيحَيْهِمَا يَرْفَعُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنّي أوْ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً).
وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَلِي رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي) هَذِهِ الرَّوَايَاتُ عَنْ أبِي دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيّ رضي الله عنهما.
وَمِنْهَا: مَا نَقَلَهُ الإمَامُ أبُو إِسْحَاقَ(1) أحْمَدُ(2) بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ رضي الله عنه فِي تَفْسِيرهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَى أنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (نَحْنُ وُلْدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَةُ الْجَنَّةِ: أنَا وَحَمْزَةُ وَجَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ)(3).
أقول: روى السيّد ابن طاووس في كتاب الطرائف من مناقب ابن المغازلي نحواً ممَّا مرَّ في الباب التاسع إلى قوله: (ومنّا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمّة)(4)، روى صاحب كشف الغمّة عن محمّد بن طلحة الحديث الذي أورده أوّلاً في الباب الثامن عن أبي داود والترمذي(5)، والحديث الأوّل من الباب الثاني عن أبي داود في صحيحه، والحديث الأوّل من الباب السابع عن صحيحي البخاري ومسلم وشرح السُنّة للحسين بن مسعود البغوي، والحديث الثاني من الباب الأوّل عن أبي داود في صحيحه، والحديث الثالث من الباب الأوّل عن أبي داود والترمذي مع زيادة: (واسم أبيه اسم أبي) وبدونها، وحديث الباب الثالث عن تفسير الثعلبي(6).
ثُمَّ قال ابن طلحة: فإن قيل: بعض هذه الصفات لا تنطبق على الخلف الصالح فإنَّ اسم أبيه لا يوافق اسم والد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ أجاب بعد تمهيد مقدّمتين:
الأوّل: أنَّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظ الأب على الجدّ الأعلى كقوله تعالى: ((مِلَّةَ أبِيكُمْ إِبْراهِيمَ))(7)، وقوله حكاية عن يوسف: ((وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ))(8)، وفي حديث الإسراء أنَّ جبرئيل قال: هذا أبوك إبراهيم.
والثاني: أنَّ لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة كما روى البخاري ومسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم سمّى علياً أبا تراب ولم يكن اسم أحبُّ إليه منه فأطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول المتنبّي:
أجلّ قدرك أن تسمّى مؤنبة(9) ومن كنّاك فقد سمّاك للعرب
ثمّ قال: ولمَّا كان الحجّة من ولد أبي عبد الله الحسين فأطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم إشارة إلى أنَّه من ولد الحسين عليه السلام بطريق جامع موجز(10)، انتهى.
أقول: ذكر بعض المعاصرين(11) فيه وجهاً آخر وهو أنَّ كنية الحسن العسكري أبو محمّد وعبد الله أبو النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أبو محمّد فتتوافق الكنيتان والكنية داخلة تحت الاسم، والأظهر ما مرَّ من كون (أبي) مصحَّف (ابني).
أقُولُ: مَا رَوَاهُ عَن الصَّحِيحَيْن وَفِرْدَوْسٍ الدَّيْلَمِيّ مُطَابِقٌ لِمَا عِنْدَنَا مِنْ نُسَخِهَا وَعِنْدِي مِنْ شَرْح السُّنَّةِ لِلْحُسَيْن بْن مَسْعُودٍ الْبَغَويّ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ أنْقُلُ عَنْهُ مَا وَجَدْتُهُ فِيهِ مِنْ روَايَاتِ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
بِإسْنَادِهِ قَالَ: أخْبَرَنَا أبُو الْفَضْل زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الْحَنَفِيُّ، أخْبَرَنَ(12) الْحُسَيْنُ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنيُّ، أخْبَرَنَا أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن السَّريّ التَّمِيمِيُّ الْحَافِظُ بِالْكُوفَةِ، أخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا أبُو نُعَيْم الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَن الْقَاسِم بْن أبِي بُرْدَةَ(13)، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، عَنْ عَلِيٍّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)(14).
وَأنْبَأنَا مُعَمَّرٌ، عَنْ أبِي هَارُونَ الْعَبْدِيّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن قُرَّةَ، عَنْ أبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي(15)، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (بَلاَءً يُصِيبُ هَذِهِ الاُمَّةَ حَتَّى لاَ يَجِدَ الرَّجُلُ مَلْجَأ يَلْجَاُ إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْم فَيَبْعَثُ اللهُ رَجُلاً مِنْ عِتْرَتِي أهْل بَيْتِي فَيَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْض لاَ يَدَعُ السَّمَاءُ مِنْ قَطْرهَا شَيْئاً إِلاَّ صَبَّهُ مِدْرَاراً وَلاَ يَدَعُ الأرْضُ مِنْ نَبَاتِهَا شَيْئاً إِلاَّ أخْرَجَتْهُ حَتَّى يَتَمَنَّى الأحْيَاءُ الأمْوَاتَ تَعِيشُ فِي ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أوْ ثَمَانَ سِنِينَ أوْ تِسْعَ سِنِينَ)، وَيُرْوَى هَذَا مِنْ غَيْر وَجْهٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ وَأبُو الصّدَّيقِ النَّاجِي اسْمُهُ بَكْرُ بْنُ عُمَرَ(16).
وَرُويَ عَنْ سَعِيدِ بْن الْمُسَيَّبِ، عَنْ اُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ)، وَيُرْوَى: (وَيَعْمَلُ فِي النَّاس بِسُنَّةِ نَبِيّهِمْ فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنينَ ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ).
وَرُويَ عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي قِصَّةِ الْمَهْدِيّ قَالَ: (فَيَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أعْطِني أعْطِني فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبهِ مَا اسْتَطَاعَ أنْ يَحْمِلَهُ)(17).
أخْبَرَنَا أبُو الْفَضْل زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، أخْبَرَنَا أبُو مُعَاذٍ(18) عَبْدُ الرَّحْمَن الْمُزَنيُ،‏ أخْبَرَنَا أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ الْمُقْري الآدَمِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحِسَائِيُّ، حَدَّثَنَا أبُو مُعَاويَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْن أبِي هِنْدٍ، عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان خَلِيفَةٌ يُعْطِي الْمَالَ بِغَيْر عَدَدٍ)، هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْر بْن حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن عَبْدِ الْوَارثِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ دَاوُدَ(19) انْتَهَى.
أقول: روى ابن الأثير في جامع الأصول ناقلاً عن عدّة من صحاحهم عن أبي هريرة وجابر وابن مسعود وعلي عليه السلام واُمّ سَلَمة رضي الله عنها وأبي سعيد وأبي إسحاق عشر روايات في خروج المهدي عليه السلام واسمه ووصفه وأنَّ عيسى عليه السلام يصلّي خلفه(20) تركناها مخافة الإطناب وفيما أوردناه كفاية لأولي الألباب.
40 _ الطرائف: ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِير ((حم * عسق))(21)، بِإسْنَادِهِ قَالَ: السَّينُ سَنَاءُ الْمَهْدِيّ عليه السلام، وَالْقَافُ قُوَّةُ عِيسَى عليه السلام حِينَ يَنْزلُ فَيَقْتُلُ النَّصَارَى وَيُخَرَّبُ الْبِيَعَ(22)، وَعَنْهُ فِي قِصَّةِ أصْحَابِ الْكَهْفِ(23) عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أنَّ الْمَهْدِيَّ عليه السلام يُسَلّمُ عَلَيْهِمْ وَيُحْيِيهِمُ اللهُ عزّ وجل لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى رَقْدَتِهِمْ فَلاَ يَقُومُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)(24).
41 _ الطرائف: ابْنُ شِيرَوَيْهِ فِي الْفِرْدَوْس بِإسْنَادِهِ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (الْمَهْدِيُّ طَاوُسُ أهْل الْجَنَّةِ)(25).
أقول: ثُمَّ روى السيّد(26) عن الجمع بين الصحاح الستّة وكتاب الفردوس والمناقب لابن المغازلي والمصابيح لأبِي محمّد ابن مسعود الفرّاء كثيراً ممَّا مرَّ من أخبار المهدي عليه السلام، ثُمَّ قال: وكان بعض العلماء من الشيعة قد صنَّف كتاباً وجدته ووقفت عليه وفيه أحاديث أحسن ممَّا أوردناه وقد سمّاه كتاب (كشف المخفي في مناقب المهدي عليه السلام) وروى فيه مائة وعشرة أحاديث(27) من طرق رجال الأربعة المذاهب فتركت نقلها بأسانيدها وألفاظها كراهية للتطويل(28) ولئلاَّ يملّ ناظرها ولأنَّ بعض ما أوردنا يغني عن زيادة التفصيل لأهل الإنصاف والعقل الجميل وسأذكر أسماء من روى المائة وعشرة الأحاديث التي في كتاب المخفي عن أخبار المهدي عليه السلام لتعلم مواضعها على التحقيق وتزداد هداية أهل التوفيق.
فمنها من صحيح البخاري ثلاثة أحاديث، ومنها من صحيح مسلم أحد عشر حديثاً، ومنها من الجمع بين الصحيحين للحميدي حديثان، ومن الجمع بين الصحاح الستّة لزيد بن معاوية العبدري أحد عشر حديثاً، ومنها من كتاب فضايل الصحابة ممَّا أخرجه الشيخ الحافظ عبد العزيز العكبري من مسند أحمد بن حنبل سبعة أحاديث، ومنها من تفسير الثعلبي خمسة أحاديث، ومنها من غريب الحديث لابن قتيبة الدينوري ستّة أحاديث، ومنها من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي أربعة أحاديث، ومنها من كتاب مسند سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام تأليف الحافظ أبي الحسن علي الدارقطني ستّة أحاديث، ومنها من كتاب الحافظ أيضاً من مسند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاثة أحاديث، ومن كتاب المبتدأ للكسائي حديثان يشتملان أيضاً على ذكر المهدي عليه السلام وذكر خروج السفياني والدجّال، ومنها من كتاب المصابيح لأبي الحسين بن مسعود الفرّاء خمسة أحاديث، ومنها من كتاب الملاحم لأبي الحسن أحمد بن جعفر بن محمّد بن عبيد الله المناري أربعة وثلاثون حديثاً، ومنها من كتاب الحافظ محمّد بن عبد الله الحضرمي المعروف بابن مطيق ثلاثة أحاديث، ومنها من كتاب الرعاية لآمل الرواية لأبي الفتح محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم الفرغاني ثلاثة أحاديث، ومنها خبر سطيح رواية الحميدي أيضاً، ومنها من كتاب الاستيعاب لأبي عمر يوسف بن عبد البَرّ النميري(29) حديثان(30).
قال السيّد: ووقفت على الجزء الثاني من كتاب السنن رواية محمّد بن يزيد ماجة قد كتب في زمان مؤلّفه تاريخ كتابته وبعض الإجازات عليه ما هذا لفظها:
بسم الله الرحمن الرحيم أمَّا بعد فقد أجزت الأخبار(31) لأبي عمرو ومحمّد بن سلمة وجعفر والحسن ابني محمّد بن سلمة حفظهم الله وهو سماعي من محمّد بن يزيد ماجة نفعنا الله وإيّاكم به، وكتب إبراهيم بن دينار بخطّه وذلك في شهر شعبان سنة ثلاثمائة وقد عارضت به وصلّى على محمّد وسلّم كثيراً.
وقد تضمَّن هذا الجزء المذكور الموصوف كثيراً من الملاحم فمنها باب خروج المهدي وروى في هذا الباب من ذلك الكتاب(32) من هذه النسخة سبعة أحاديث بأسانيدها في خروج المهدي وأنَّه من ولد فاطمة عليها السلام وأنَّه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وذكر كشف الحالة وفضلها يرفعها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
قال السيّد: ووقفت أيضاً على كتاب المقتصّ على محدث الأعوام لبناء ملاحم غابر الأيام تلخيص أبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمّد المناري قد كتب في زمان مؤلّفه في آخر النسخة التي وقفت عليها ما هذا لفظه: فكان الفراغ من تأليفه سنة ثلاثمأة وثلاثين وعلى الكتاب إجازات وتجويزات تاريخ بعض إجازاته في ذي قعدة سنة ثمانين وأربعمائة، من جملة هذا الكتاب ما هذا لفظه: سيأتي بعض المأثور في المهدي عليه السلام وسيرته ثُمَّ روى ثمانية عشر حديثاً بأسانيدها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بتحقيق خروج المهدي عليه السلام وظهوره وأنَّه من ولد فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّه يملأ الأرض عدلاً وذكر كمال سيرته وجلالة ولايته(33).
ثُمَّ أشار السيّد إلى ما جمعه الحافظ أبو نعيم من أربعين حديثاً في وصف المهدي عليه السلام على ما نقله صاحب كشف الغمّة، ثُمَّ قال: فجملة الأحاديث مائة حديث وستّة وخمسون حديثاً وأمَّا الذي ورد من طرق الشيعة فلا يسعه إلاَّ مجلّدات(34) ونقل إلينا سلفنا نقلاً متواتراً أنَّ المهدي المشار إليه ولد ولادة مستورة لأنَّ حديث تملكه ودولته وظهوره على كافّة الممالك والعباد والبلاد كان قد ظهر للناس فخيف عليه كما جرت الحال في ولادة إبراهيم وموسى عليهما السلام وغيرهم(35) وعرفت الشيعة ذلك لاختصاصها بآبائه عليهم السلام(36) فإنَّ كلّ من يلزم(37) بقوم كان أعرف بأحوالهم وأسرارهم من الأجانب كما أنَّ أصحاب الشافعي أعرف بحاله من أصحاب غيره من رؤساء الأربعة المذاهب.
وقد كان عليه السلام ظهر لجماعة كثيرة من أصحاب والده العسكري ونقلوا عنه أخباراً وأحكاماً شرعية وأسباباً مرضية.
الهوامش:
(1) عبارة: (أبو إسحاق) ليست في المصدر.
(2) في المصدر إضافة: (بن إسحاق).
(3) كشف الغمّة 2: 437 و438.
(4) الطرائف 1: 134/ ح 212.
(5) كشف الغمّة 2: 437.
(6) كشف الغمّة 2: 438.
(7) الحجّ: 78.
(8) يوسف: 38.
(9) في المصدر: (مؤننة) بدل (مؤنبة).
(10) كشف الغمّة 2: 442 ملخّصاً.
(11) لم نتحقَّق اسمه.
(12) في المصدر إضافة: (أبو).
(13) في المصدر: (بزّة).
(14) شرح السُنّة 8 : 353/ كتاب الفتن/ باب المهدي/ ح 4279.
(15) اسمه (بكر بن عمرو) كما في نهاية الحديث هذا.
(16) في المصدر: (عمرو) بدل (عمر).
(17) شرح السُنّة 8 : 354/ ح 4280.
(18) في المصدر إضافة: (الشاه بن).
(19) شرح السُنّة 8 : 355/ ح 4281.
(20) جامع الأصول 11: 47 - 50/ ح 7808 - 7815.
(21) الشورى: 1 و2.
(22) الطرائف 1: 176/ ح 276.
(23) في المصدر إضافة: (ورواه).
(24) الطرائف 1: 176/ ح 277.
(25) الطرائف 1: 178/ ح 282.
(26) هو علي بن موسى بن طاووس.
(27) تجد هذه الأحاديث في فصل في ذكر ما جاء في المهدي عليه السلام في العمدة لابن البطريق (ص 423 - 475).
(28) في المصدر: (التطويل).
(29) في المصدر: (النمري).
(30) الطرائف 1: 179 و180.
(31) في المصدر: (ما في هذا الكتاب من أوّله إلى آخره وهو كتاب السنن) بدل (الأخبار).
(32) عبارة: (من ذلك الكتاب) ليست في المصدر.
(33) الطرائف 1: 180 و181.
(34) الطرائف 1: 181 - 183 ملخَّصاً.
(35) في المصدر إضافة: (ممَّا اقتضت المصلحة ستر ولادته).
(36) في المصدر إضافة: (وتلزمها بمحمّد نبيّهم وعترته).
(37) في المصدر: (تلزم).
******************
وكان له وكلاء ظاهرون في غيبته معروفون بأسمائهم وأنسابهم وأوطانهم يخبرون عنه بالمعجزات والكرامات وجواب المشكلات وبكثير ممَّا ينقله عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من الغائبات، منهم: عثمان بن سعيد العمري المدفون بقطقطان الجانب الغربي ببغداد، ومنهم(1): أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري، ومنهم: أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي، ومنهم: علي بن محمّد السمري رضي الله عنهم، وقد ذكر نصر بن علي الجهضمي(2) برواية رجال الأربعة المذاهب حال هؤلاء الوكلاء وأسمائهم وأنَّهم كانوا وكلاء المهدي عليه السلام(3).
ولقد لقي المهدي عليه السلام بعد ذلك خلق كثير من الشيعة وغيرهم وظهر لهم على يده من الدلايل ما ثبت عندهم(4) أنَّه هو عليه السلام وإذا كان عليه السلام الآن غير ظاهر لجميع شيعته فلا يمتنع أن يكون جماعة منهم يلقونه وينتفعون بمقاله وفعاله ويكتمونه كما جرى الأمر في جماعة من الأنبياء والأوصياء(5) والملوك والأولياء حيث غابوا عن كثير من الأمّة لمصالح دينيّة(6) أوجبت ذلك.
وأمَّا استبعاد من استبعد منهم ذلك لطول عمره الشريف فما يمنع من ذلك إلاَّ جاهل بالله وبقدرته وبأخبار نبيّنا وعترته كيف وقد تواتر كثير من الأخبار بطول عمر جماعة من الأنبياء وغيرهم من المعمّرين وهذا الخضر باقٍ على طول السنين وهو عبد صالح(7) ليس بنبيّ ولا حافظ شريعة ولا بلطف في بقاء التكليف فكيف يستبعد طول حياة المهدي عليه السلام وهو حافظ شريعة جدّه صلى الله عليه وآله وسلّم ولطف في بقاء التكليف والمنفعة ببقائه في حال ظهوره وخفائه أعظم من المنفعة بالخضر وكيف يستبعد ذلك من يصدّق بقصَّة أصحاب الكهف لأنَّه مضى لهم فيما تضمَّنه القرآن ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً وهم أحياء كالنيام بغير طعام وشراب وبقوا إلى زمن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم حيث بعث الصحابة ليسلّموا عليهم كما رواه الثعلبي(8).
ورأيت تصنيفاً لأبي حاتم سهل بن محمّد السجستاني من أعيان الأربعة المذاهب سمّاه (كتاب المعمّرين)(9)... إلى آخر ما ذكره رحمه الله من الاحتجاج عليهم وتركناه لأنَّه خارج عن مقصود كتابنا.
42 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي بَابِ النُّصُوص عَلَى الاثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (يَا عَلِيُّ أنْتَ مِنّي وَأنَا مِنْكَ وَأنْتَ أخِي وَوَزِيري فَإذَا مِتُّ ظَهَرَتْ لَكَ ضَغَائِنُ فِي صُدُور قَوْم وَسَتَكُونُ‏ بَعْدِي فِتْنَةٌ صَمَّاءُ صَيْلَمٌ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ(10) وَلِيجَةٍ وَبِطَانَةٍ وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشّيعَةِ الْخَامِسَ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنْ وُلْدِكَ تَحْزَنُ لِفَقْدِهِ أهْلُ الأرْض وَالسَّمَاءِ فَكَمْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مُتَأسَّفٍ مُتَلَهَّفٍ حَيْرَانَ عِنْدَ فَقْدِهِ)، ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَقَالَ: (بِأبِي وَاُمَّي سَمِيّي وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عَلَيْهِ جُيُوبُ(11) النُّور _ أوْ قَالَ: جَلاَبِيبُ النُّور _ تَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاع الْقُدْس كَأنّي بِهِمْ آيِسٌ مَا كَانُوا نُودُوا بِنِدَاءٍ(12) يُسْمَعُ مِنَ الْبُعْدِ كَمَا يُسْمَعُ مِنَ الْقُرْبِ يَكُونُ رَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْمُنَافِقِينَ)، قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ النّدَاءُ؟ قَالَ: (ثَلاَثَةُ أصْوَاتٍ فِي رَجَبٍ: الأوَّلُ: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، الثَّانِي: أزِفَتِ الآزِفَةُ، الثَّالِثُ: يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً مَعَ قَرْن الشَّمْس يُنَادِي: ألاَ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ حَتَّى يَنْسُبَهُ إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام فِيهِ هَلاَكُ الظَّالِمِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأتِي الْفَرَجُ وَيَشْفِي اللهُ صُدُورَهُمْ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبهِمْ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَكَمْ يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الأئِمَّةِ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْحُسَيْن تِسْعَةٌ وَالتَّاسِعُ قَائِمُهُمْ)(13).
بيان: من ولد السابع أي سابع الأئمّة لا سابع الأولاد، وقوله: (من ولدك) حال أو صفة للخامس.
* * *
باب (2): ما ورد عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ذلك
1 _ كمال الدين: الشَّيْبَانِيُّ، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَةٌ أمَدُهَا طَويلٌ كَأنّي بِالشّيعَةِ يَجُولُونَ جَوَلاَنَ النَّعَم فِي غَيْبَتِهِ يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ يَجِدُونَهُ ألاَ فَمَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ (وَ) لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ فَهُوَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا إِذَا قَامَ لَمْ يَكُنْ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ فَلِذَلِكَ‏ تَخْفَى ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ شَخْصُهُ)(14).
2 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن مَعْبَدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، عَن الرَّضَا عليه السلام، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ أنَّهُ قَالَ لِلْحُسَيْن عليه السلام: (التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ الْمُظْهِرُ لِلدَّين الْبَاسِطُ لِلْعَدْلِ)، قَالَ الْحُسَيْنُ عليه السلام: فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ عليه السلام: (إِي وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَاصْطَفَاهُ عَلَى جَمِيع الْبَريَّةِ وَلَكِنْ بَعْدَ غَيْبَةٍ وَحَيْرَةٍ لاَ تَثْبُتُ فِيهَا عَلَى دِينهِ إِلاَّ الْمُخْلِصُونَ الْمُبَاشِرُونَ لِرَوْح الْيَقِين الَّذِينَ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُمْ بِوَلاَيَتِنَا وَكَتَبَ فِي قُلُوبهِمُ الإيمانَ وَأيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ)(15).
3 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ زِيَادٍ الْمَكْفُوفِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أبِي عَفِيفٍ الشَّاعِر(16)، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلاَنَ الإبل تَبْتَغُونَ الْمَرْعَى فَلاَ تَجِدُونَهُ يَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ)(17).
كمال الدين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن عبد الله بن أبي عفيف، مثله(18).
4 _ كِتَابُ الْمُقْتَضَبِ لابْن الْعَيَّاش: قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّيْخُ الثّقَةُ أبُو الْحُسَيْن بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن عَلِيٍّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن عِنْدَ عُبَيْدِ بْن كَثِيرٍ، عَنْ نُوح بْن دَرَّاجٍ، عَنْ يَحْيَى، عَن الأعْمَش، عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبٍ، عَنْ أبِي جُحَيْفَةَ وَالْحَارثِ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيّ وَالْحَارثِ بْن شَربٍ كُلٌّ حَدَّثَنَا أنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَكَانَ إِذَا أقْبَلَ ابْنُهُ الْحَسَنُ يَقُولُ: (مَرْحَباً بِابْن رَسُولِ اللهِ)، وَإِذَا أقْبَلَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ: (بِأبِي أنْتَ يَا أبَا ابْن خِيَرَةِ الإمَاءِ)، فَقِيلَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا بَالُكَ تَقُولُ هَذَا لِلْحَسَن وَهَذَا لِلْحُسَيْن؟ وَمَن ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ؟ فَقَالَ: (ذَاكَ الْفَقِيدُ الطَّريدُ الشَّريدُ (م ح م د) بْنُ‏ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن هَذَا) وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأس الْحُسَيْن عليه السلام(19).
5 _ الغيبة للطوسي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن بَزيع، عَن الأصَمَّ، عَن ابْن سَيَابَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ الأسَدِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ بِلاَ إِمَام هُدًى وَلاَ عَلَم يُرَى يَبْرَاُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض)(20).
6 _ الإرشاد: رَوَى مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه السلام يَقُولُ: (خَطَبَ النَّاسَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام بِالْكُوفَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أنَا سَيَّدُ الشّيبِ وَفِي سُنَّةٍ مِنْ أيُّوبَ وَسَيَجْمَعُ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جَمَعَ لِيَعْقُوبَ شَمْلَهُ(21) وَذَلِكَ إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ وَقُلْتُمْ ضَلَّ أوْ هَلَكَ ألاَ فَاسْتَشْعِرُوا قَبْلَهَا بِالصَّبْر وَبُوءُو(22) إِلَى اللهِ بِالذَّنْبِ فَقَدْ نَبَذْتُمْ قُدْسَكُمْ وَأطْفَأتُمْ مَصَابِيحَكُمْ وَقَلَّدْتُمْ هِدَايَتَكُمْ مَنْ لاَ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلاَ لَكُمْ سَمْعاً وَلاَ بَصَراً ضَعُفَ وَاللهِ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ هَذَا وَلَوْ لَمْ تَتَوَاكَلُوا أمْرَكُمْ وَلَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نُصْرَةِ الْحَقَّ بَيْنَكُمْ وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِين الْبَاطِل لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَويَ عَلَيْكُمْ وَعَلَى هَضْم الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أهْلِهَا فِيكُمْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى وَبِحَقًّ أقُولُ لَيُضَعَّفَنَّ عَلَيْكُمُ التّيهُ مِنْ بَعْدِي بِاضْطِهَادِكُمْ وُلْدِي ضِعْفَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ نَهَلاً وَامْتَلأتُمْ عَلَلاً عَنْ(23) سُلْطَان الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ فِي الْقُرْآن لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى نَاعِقِ ضَلاَلٍ وَلأجَبْتُمُ الْبَاطِلَ رَكْضاً ثُمَّ لَغَادَرْتُمْ دَاعِيَ الْحَقَّ وَقَطَعْتُمُ الأدْنَى مِنْ أهْل بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الأبْعَدَ مِنْ أبْنَاءِ الْحَرْبِ(24) ألاَ وَلَوْ ذَابَ مَا فِي أيْدِيهِمْ لَقَدْ دَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ وَكُشِفَ الْغِطَاءُ وَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَأزِفَ الْوَعْدُ(25) وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ وَأشْرَقَ لَكُمْ قَمَرُكُمْ كَمِلْءِ شَهْرهِ وَكَلَيْلَةٍ تَمَّ فَإِذَا اسْتَبَانَ(26) ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ وَخَالِعُوا الْحَوْبَةَ وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ إِنْ أطَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَتَدَارَيْتُمْ(27) مِنَ الصَّمَم وَاسْتَشْفَيْتُمْ مِنَ الْبَكَم وَكُفِيتُمْ مَئُونَةَ التَّعَسُّفِ وَالطَّلَبِ وَنَبَذْتُمُ الثّقَلَ الْفَادِحَ عَن الأعْنَاقِ فَلاَ يُبْعِدُ اللهُ إِلاَّ مَنْ أبَى الرَّحْمَةَ وَفَارَقَ الْعِصْمَةَ ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(28))(29).
بيان: (الشيب) بالكسر وبضمَّتين جمع الأشيب وهو من أبيض شعره، (واستدارة الفلك) كناية عن طول مرور الأزمان أو تغيّر أحوال الزمان وسيأتي خبر في باب أشراط الساعة يؤيّد الثاني، قوله: (هذا) فصل بين الكلامين أي خذوا هذا، و(النهل) محرّكة أوّل الشرب، و(العلل) محرّكة الشربة الثانية والشرب بعد الشرب تباعاً، قوله: (كملء شهره) أي كما يملأ في شهره في الليلة الرابع عشر فيكون ما بعده تأكيداً أو كما إذا فرض أنَّه يكون نامياً متزايداً إلى آخر الشهر وسيأتي تفسير بعض الفقرات في شرح الخطبة المنقولة من الكافي وهي كالشرح لهذه ويظهر منها ما وقع في هذا الموضع من التحريفات والاختصارات المخلّة بالمعنى.
7 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْن خَارجَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن عُثْمَانَ، عَنْ حراب(30) بْن أحْنَفَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: (زَادَ الْفُرَاتُ عَلَى عَهْدِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَرَكِبَ هُوَ وَابْنَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليهما السلام فَمَرَّ بِثَقِيفٍ فَقَالُوا: قَدْ جَاءَ عَلِيٌّ يَرُدُّ الْمَاءَ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: أمَا وَاللهِ لاَقْتَلَنَّ أنَا وَابْنَايَ هَذَان وَلَيَبْعَثَنَّ اللهُ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي فِي آخِر الزَّمَان يُطَالِبُ بِدِمَائِنَا وَلَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ تَمْيِيزاً لأهْل الضَّلاَلَةِ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ حَاجَةٍ)(31).
8 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن (مُحَمَّدِ بْن) جُمْهُورٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ(32)، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (خَبَرٌ تَدْريهِ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ تَرْويهِ إِنَّ لِكُلّ حَقًّ حَقِيقَةً وَلِكُلّ صَوَابٍ نُوراً)، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّا وَاللهِ لاَ نَعُدُّ الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِنَا فَقِيهاً حَتَّى يُلْحَنَ لَهُ فَيَعْرفَ اللَّحْنَ إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ: وَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً مُظْلِمَةً عَمْيَاءَ مُنْكَسِفَةً لاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ النُّوَمَةُ، قِيلَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَمَا النُّوَمَةُ؟ قَالَ:‏ الَّذِي يَعْرفُ النَّاسَ وَلاَ يَعْرفُونَهُ.
وَاعْلَمُوا أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ للهِ وَلَكِنَّ اللهَ سَيُعْمِي خَلْقَهُ مِنْهَا بِظُلْمِهِمْ وَجَوْرهِمْ وَإِسْرَافِهِمْ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَلَوْ خَلَتِ الأرْضُ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ حُجَّةٍ للهِ لَسَاخَتْ بِأهْلِهَا وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ يَعْرفُ النَّاسَ وَلاَ يَعْرفُونَهُ كَمَا كَانَ يُوسُفُ يَعْرفُ النَّاسَ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ، ثُمَّ تَلاَ: ((يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ))(33))(34).
بيان: قوله عليه السلام: (حتَّى يلحن له) أي يتكلَّم معه بالرمز والإيماء والتعريض على جهة التقيّة والمصلحة فيفهم المراد، قال الجزري: يقال: لحنت فلاناً إذا قلت له قولاً يفهمه ويخفى على غيره لأنَّك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم(35)، وقال: في حديث علي وذكر آخر الزمان والفتن ثُمَّ قال: خير أهل ذلك الزمان كلّ مؤمن نومة. النومة بوزن الهمزة الخامل الذكر الذي لا يؤبه له، وقيل: الغامض في الناس الذي لا يعرف الشرّ وأهله، وقيل: النومة بالتحريك الكثير النوم، فأمَّا الخامل الذي لا يؤبه له فهو بالتسكين ومن الأوّل حَدِيثُ ابْن عَبَّاسٍ أنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام: مَا النُّوَمَةُ؟ قَالَ: (الَّذِي يَسْكُتُ فِي الْفِتْنَةِ فَلاَ يَبْدُو مِنْهُ شَيْءٌ)(36).
9 _ نهج البلاغة: فِي حَدِيثِهِ عليه السلام: (فَإذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدَّين بِذَنَبِهِ فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَريفِ).
قَالَ السَّيَّدُ رضي الله عنه: يَعْسُوبُ الدَّين السَّيَّدُ الْعَظِيمُ الْمَالِكُ لاُمُور النَّاس يَوْمَئِذٍ. وَالْقَزَعُ قِطَعُ الْغَيْم الَّتِي لاَ مَاءَ فِيهَ(37).
بيان: قالوا: هذا الكلام في خبر الملاحم الذي يذكر فيه المهدي عليه السلام، وقال في النهاية: أي فارق أهل الفتنة وضرب في الأرض ذاهباً في أهل دينه وأتباعه الذين يتبعونه على رأيه وهم الأذناب(38). وقال الزمخشري: الضرب بالذنب ههنا مثل للإقامة والثبات(39) يعني أنَّه يثبت هو ومن يتبعه على الدين.
الهوامش:
(1) في المصدر إضافة: (ولده).
(2) في المصدر إضافة: (في تاريخ أهل البيت).
(3) الطرائف 1: 183 و184.
(4) في المصدر إضافة: (وعند من أخبروه).
(5) عبارة: (والأولياء) ليست في المصدر.
(6) في المصدر إضافة: (أو دنيوية).
(7) في المصدر إضافة: (من بني آدم).
(8) الطرائف 1: 184 - 186، بتلخيص.
(9) الطرائف 1: 186.
(10) الفتنة الصمّاء: هي التي تدع الناس حيارى لا يجدون المخلص منها، والصيلم: الشديد من الداهية.
(11) في المصدر: (جبوب) بدل (جيوب).
(12) في المصدر: (كأنّي بهم آيس من كانوا ثمّ نودي بنداء).
(13) كفاية الأثر: 158.
(14) كمال الدين 1: 303/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 14.
(15) كمال الدين 1: 304/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 16.
(16) كذا في النسخة المطبوعة، وسيجيء في الحديث (13) من هذا الباب، عن الغيبة للنعماني: (ابن أبي عقب)، وفي نسخة كمال الدين (ج 1/ ص 304): (ابن أبي عقبة).
(17) كمال الدين 1: 304/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 17.
(18) كمال الدين 1: 304/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 18.
(19) مقتضب الأثر: 31.
(20) الغيبة للطوسي: 341/ رقم 291.
(21) عبارة: (شمله) ليست في المصدر.
(22) في المصدر: (توبوا).
(23) في المصدر: (من) بدل (عن).
(24) في المصدر: (حرب).
(25) في المصدر: (الوعيد).
(26) في المصدر: (استتم).
(27) في المصدر: (فتداويتم).
(28) الشعراء: 227.
(29) الإرشاد للمفيد 1: 290.
(30) في المصدر: (فرات) بدل (حراب).
(31) الغيبة للنعماني: 140.
(32) في النسخة المطبوعة: (محمّد بن همام ومحمّد بن الحسين بن جمهور جميعاً، عن الحسين بن محمّد بن جمهور، عن أبيه)، والصحيح ما أثبتناه.
(33) يس: 30.
(34) الغيبة للنعماني: 141.
(35) النهاية 4: 241.
(36) النهاية 5: 131.
(37) نهج البلاغة: 517/ من غريب كلامه المحتاج إلى تفسير/ ح 1.
(38) النهاية 3: 234 و235.
(39) الفائق 2: 431.
******************
10 _ نهج البلاغة: قَالَ عليه السلام فِي بَعْض خُطَبِهِ: (قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا وَأخَذَهَا بِجَمِيع أدَبِهَا مِنَ الإقْبَالِ عَلَيْهَا وَالْمَعْرفَةِ بِهَا وَالتَّفَرُّغ لَهَا وَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهِ ضَالَّتُهُ الَّتِي يَطْلُبُهَا وَحَاجَتُهُ الَّتِي يَسْألُ عَنْهَا فَهُوَ مُغْتَربٌ إِذَا اغْتَرَبَ الإسْلاَمُ وَضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِهِ وَألْصَقَ الأرْضَ بِجِرَانِهِ بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِهِ خَلِيفَةٌ مِنْ خَلاَئِفِ أنْبِيَائِهِ)(1).
بيان: قال ابن أبي الحديد: قالت الإماميّة: إنَّ المراد به القائم عليه السلام المنتظر(2)، والصوفية يزعمون أنَّه وليُّ الله(3) وعندهم أنَّ الدنيا لا يخلو عن الأبدال وهم أربعون وعن الأوتاد وهم سبعة وعن القطب وهو واحد. والفلاسفة يزعمون أنَّ المراد به العارف، وعند أهل السُنّة هو المهدي الذي سيخلق، وقد وقع اتّفاق الفِرَق بين المسلمين على أنَّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلاَّ على المهدي(4).
قوله عليه السلام: (فهو مغترب) أي هذا الشخص يخفى نفسه إذا ظهر الفسق والفجور، واغترب الإسلام باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدلُّ على ما ذهبت إليه الإماميّة، و(العسيب) عظم الذنب أو منبت الشعر منه، وإلصاق الأرض بجرانه كناية عن ضعفه وقلّة نفعه فإنَّ البعير أقلّ ما يكون نفعه حال بروكه.
11 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(5) الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيّ، عَنْ عِيسَى بْن عَبْدِ اللهِ الْعَلَويّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر مِنْ وُلْدِي هُوَ الَّذِي يُقَالُ: مَاتَ(6) هَلَكَ لاَ بَلْ فِي أيّ وَادٍ سَلَكَ؟)(7).
12 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُزَاحِم الْعَبْدِيّ، عَنْ عِكْرمَةَ بْن صَعْصَعَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ تَنْفَكُّ هَذِهِ الشّيعَةَ حَتَّى تَكُونَ بِمَنْزلَةِ الْمَعْز لاَ يَدْري الْخَابِسُ عَلَى أيّهَا يَضَعُ يَدَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ شَرَفٌ يُشْرفُونَهُ وَلاَ سِنَادٌ يَسْتَنِدُونَ إِلَيْهِ فِي اُمُورهِمْ)(8).
إيضاح: خبس الشيء بكفّه أخذه وفلاناً حقّه ظلمه أي يكون كلّهم مشتركين في العجز حتَّى لا يدري الظالم أيّهم يظلم لاشتراكهم في احتمال ذلك كقصّاب يتعرَّض لقطيع من المعز لا يدري أيّهم يأخذ للذبح.
13 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الشَّاعِر يَعْنِي ابْنَ أبِي(9) عَقِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلاَنَ الإبل تَبْتَغُونَ مَرْعًى وَلاَ تَجِدُونَهَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ)(10).
14 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْن هَارُونَ بْن عِيسَى الْعَبْدِيّ(11)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُسْلِم بْن قَعْنَبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن هِلاَلٍ(12)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ نَبَّئْنَا بِمَهْدِيّكُمْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِذَا دَرَجَ الدَّارجُونَ وَقَلَّ الْمُؤْمِنُونَ وَذَهَبَ الْمُجْلِبُونَ فَهُنَاكَ(13)، فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ مِمَّن الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: مِنْ بَنِي هَاشِم مِنْ ذِرْوَةِ طَوْدِ الْعَرَبِ وَبَحْر مَغِيضِهَا إِذَا وَرَدَتْ وَمَجْفُوَّ أهْلِهَا إِذَا أتَتْ(14) وَمَعْدِن صَفْوَتِهَا إِذَا اكْتَدَرَتْ لاَ يَجْبُنُ إِذَا الْمَنَايَا هَلِعَتْ(15) وَلاَ يَحُورُ(16) إِذَا الْمُؤْمِنُونَ اكْتَنَفَتْ(17) وَلاَ يَنْكُلُ إِذَا الْكُمَاةُ اصْطَرَعَتْ مُشَمَّرٌ مُغْلَوْلِبٌ ظَفِرٌ ضِرْغَامَةٌ حَصِدٌ مُخَدَّشٌ ذَكَرٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ رَأسٌ قُثَمُ نَشِقٌ(18) رَأسَهُ فِي بَاذِخ السُّؤْدَدِ وَغَارزٌ مَجْدَهُ فِي أكْرَم الْمَحْتِدِ فَلاَ يَصْرفَنَّكَ عَنْ تَبِعَتِهِ(19) صَارفٌ عَارضٌ يَنُوصُ إِلَى الْفِتْنَةِ كُلَّ مَنَاصٍ إِنْ قَالَ فَشَرُّ قَائِلٍ وَإِنْ سَكَتَ فَذُو دَعَائِرَ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صِفَةِ الْمَهْدِيّ عليه السلام فَقَالَ: أوْسَعُكُمْ كَهْفاً وَأكْثَرُكُمْ عِلْماً وَأوْصَلُكُمْ رَحِماً اللهُمَّ فَاجْعَلْ بَيْعَتَهُ(20) خُرُوجاً مِنَ الْغُمَّةِ وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَ الاُمَّةِ فَأنَّى جَازَ لَكَ(21) فَاعْزمْ وَلاَ تَنْثَن عَنْهُ إِنْ وَفَّقْتَ لَهُ وَلاَ تُجِيزَنَّ عَنْهُ إِنْ هُدِيتَ إِلَيْهِ هَاهْ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ)(22).
توضيح: قال الفيروزآبادي: درج دروجاً ودرجاناً مشى والقوم انقرضوا وفلان لم يخلف نسلاً أو مضى لسبيله(23)، انتهى. والغرض انقراض قرون كثيرة، قوله عليه السلام: (وذهب المجلبون) أي المجتمعون على الحقّ والمعينون للدين أو الأعمّ قال الجزري: يقال: أجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا وأجلبه أي أعانه وأجلب عليه إذا صاح به واستحثَّه(24)، و(الطود) بالفتح الجبل العظيم وفي بعض النسخ بالراء وهو بالضمّ أيضاً الجبل والأوّل أصوب، و(المغيض) الموضع الذي يدخل فيه الماء فيغيب ولعلَّ المعنى أنَّه بحر العلوم والخيرات فهي كامنة فيه أو شبهه ببحر في أطرافه مغايض فإنَّ شيعتهم مغايض علومهم، قوله عليه السلام: (ومجفو أهلها) أي إذا أتاه أهله يجفونه ولا يطيعونه، قوله عليه السلام: (هلعت) أي صارت حريصة على إهلاك الناس، قوله عليه السلام: (ولا يحور) في بعض النسخ ولا يخور إذا المنون أكسفت و(الخور) الجبن، و(المنون) الموت، و(الكماة) بالضمّ جمع الكمي وهو الشجاع أو لابس السلاح ويقال: (ظفر بعدوه) فهو ظفر، والضرغامة بالكسر الأسد.
قوله عليه السلام: (حصد) أي يحصد الناس بالقتل، قوله: (مخدش) أي يخدش الكفّار ويجرحهم، و(الذكر) من الرجال بالكسر القوي الشجاع الأبيّ ذكره الفيروزآبادي وقال: الرأس أعلا كلّ شيء وسيّد القوم(25)، و(القثم) كزفر الكثير العطاء(26) وقال الجزري: رجل (نشق) إذا كان يدخل في أمور لا يكاد يخلص منه(27) وفي بعض النسخ باللام والباء يقال: رجل لبق ككتف أي حاذق بما عمل وفي بعضها شقّ رأسه أي جانبه، و(الباذخ) العالي المرتفع.
قوله عليه السلام: (وغارز مجده) أي مجده الغارز الثابت من غرز الشيء في الشيء أي أدخله وأثبته، و(المحتد) بكسر التاء الأصل، وقوله: (ينوص) صفة للصارف.
وقال الفيروزآبادي: المناص الملجأ وناص مناصاً تحرَّك وعنه تنحّى وإليه نهض(28)، قوله: (فذو دعاير) من الدعارة وهو الخبث والفساد ولا يبعد أن يكون تصحيف الدغايل جمع الدغيلة وهي الدغل والحقد أو بالمهملة من الدعل بمعنى الختل، قوله عليه السلام: (فإن جاز لك) أي تيسَّر لك مجازاً ويقال: انثنى أي انعطف، قوله عليه السلام: (ولا تجيزنَّ عنه) أي إن أدركته في زمان غيبته، وفي بعض النسخ ولا تحيزنَّ بالحاء المهملة والزاء المعجمة أي لا تتحيّزنَّ من التحيّز عن الشيء بمعنى التنحّي عنه وكانت النسخ مصحّفة محرّفة في أكثر ألفاظها.
15 _ الطرائف: فِي الْجَمْع بَيْنَ الصّحَاح السَّتَّةِ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام وَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ الْحُسَيْن وَقَالَ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيَّدٌ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَسَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلٌ بِاسْم نَبِيّكُمْ يُشْبِهُهُ فِي الْخُلُقِ وَلاَ يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً)(29).
16 _ نهج البلاغة: (وَأخَذُوا يَمِيناً وَشِمَالاً طعن(30) فِي مَسَالِكِ الْغَيّ وَتَرْكاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوا مَا هُوَ كَائِنٌ مُرْصَدٌ وَلاَ تَسْتَبْطِئُوا مَا يَجِيءُ بِهِ الْغَدُ فَكَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إِنْ أدْرَكَهُ وَدَّ أنَّهُ لَمْ يُدْركْهُ وَمَا أقْرَبَ الْيَوْمَ مِنْ تَبَاشِير غَدٍ، يَا قَوْمُ هَذَا إِبَّانُ وُرُودِ كُلّ مَوْعُودٍ وَدُنُوٌّ مِنْ طَلْعَةِ مَا لاَ تَعْرفُونَ ألاَ وَإِنَّ مَنْ أدْرَكَهَا مِنَّا يَسْري فِيهَا بِسِرَاج مُنِيرٍ وَيَحْذُو فِيهَا عَلَى مِثَالِ الصَّالِحِينَ لِيَحُلَّ فِيهَا ربْقاً وَتعتق(31) رقّاً وَيَصْدَعَ شَعْباً وَيَشْعَبَ صَدْعاً فِي سُتْرَةٍ عَن النَّاس لاَ يُبْصِرُ الْقَائِفُ أثَرَهُ وَلَوْ تَابَعَ نَظَرَهُ ثُمَّ لَيُشْحَذَنَّ فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَيْن النَّصْلَ تُجْلَى بِالتَّنْزيل أبْصَارُهُمْ وَيُرْمَى بِالتَّفْسِير فِي مَسَامِعِهِمْ وَيُغْبَقُونَ كَأسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوح)(32).
بيان: (مرصد) أي مترقّب ما يجيء به الغد من الفتن والوقايع، (من تباشير غد) أي أوائله أو من البشرى به، و(الأبان) الوقت والزمان، (يسري) من السرى السير بالليل، و(الربق) الخيط، و(القائف) الذي يتتبّع الآثار، (ولو تابع نظره) أي ولو استقصى في الطلب وتابع النظر والتأمّل وشحذت السكين حددته أي ليحرضنَّ في هذه الملاحم قوم على الحرب ويشحذ عزائمهم في قتل أهل الضلال كما يشحذ الحدّاد النصل كالسيف وغيره، قوله عليه السلام: (يجلي بالتنزيل) أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن وإلهامهم تفسيره ومعرفة أسراره، و(الغبوق) الشرب بالعشي مقابل الصبوح.
17 _ أمالي الطوسي: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِابْن الْحَمَّامِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدِ بْن أبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَر بْن كَثِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بْن ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لَتُمْلأنَّ الأرْضُ ظُلْماً وَجَوْراً حَتَّى لاَ يَقُولَ أحَدٌ: (اللهُ) إِلاَّ مُسْتَخْفِياً ثُمَّ يَأتِي اللهُ بِقَوْم صَالِحِينَ يَمْلَئُونَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(33).
18 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ وَمُحَمَّدٍ الْعَطَّار وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ جَمِيعاً، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَابْن عِيسَى وَالْبَرْقِيّ وَابْن هَاشِم جَمِيعاً، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيّ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار وَسَعْدٍ مَعاً، عَن الطَّيَالِسِيّ، عَنْ زَيْدِ بْن مُحَمَّدِ(34) بْن قَابُوسَ، عَن النَّضْر بْن أبِي السَّريّ، عَنْ أبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرقَّ، عَنْ ثَعْلَبَة، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيّ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: أتَيْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَوَجَدْتُهُ مُفَكّر(35) يَنْكُتُ فِي الأرْض، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا لِي أرَاكَ مُفَكّراً تَنْكُتُ فِي الأرْض أرَغْبَةً(36) فِيهَا؟ قَالَ: (لاَ، وَاللهِ مَا رَغِبْتُ فِيهَا وَلاَ فِي الدُّنْيَا يَوْماً قَطُّ وَلَكِنّي فَكَّرْتُ فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْري الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي هُوَ الْمَهْدِيُّ يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَهْتَدِي فِيهَا آخَرُونَ)، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، كَمَا أنَّهُ مَخْلُوقٌ وَأنَّى لَكَ بِالْعِلْم بِهَذَا الأمْر يَا أصْبَغُ اُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الاُمَّةِ مَعَ أبْرَار هَذِهِ الْعِتْرَةِ)، قُلْتُ: وَمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ فَإنَّ لَهُ إِرَادَاتٌ وَغَايَاتٌ وَنهَايَاتٌ)(37).
الغيبة للطوسي: سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن فضال، عن ثعلبة، مثله(38).
الغيبة للطوسي: عبد الله بن محمّد بن خالد، عن منذر بن محمّد بن قابوس، عن نضر، (عن)(39) ابن السندي، عن أبي داود، عن ثعلبة، مثله(40).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمّد، عن البرقي، عن نضر بن محمّد بن قابوس، عن منصور بن السندي، عن أبي داود، مثله(41).
الاختصاص: ابن قولويه، عن سعد، عن الطيالسي، عن المنذر بن محمّد، عن النضر بن أبي السري، مثله(42).
أقول: في هذه الروايات كلّها سوى رواية الصدوق بعد قوله: (ويهتدي فيها آخرون): قلت: يا مولاي فكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: (ستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين)، فقلت: وإن هذا الكائن؟... إلى آخر الخبر. وفي الكافي أيضاً كذلك(43).
ونكت الأرض بالقضيب هو أن يؤثّر بطرفه فعلى (هذا) المفكّر: المهموم، وضمير (فيها) راجع إلى الأرض، أي اهتمامك وتفكّرك لرغبة في الأرض وأن تصير مالكاً لها نافذ الحكم فيها، أو هو راجع إلى الخلافة وربَّما يحمل الكلام على المطاية.
ولعلَّ المراد بالحيرة التحيّر في المساكن وأن يكون في كلّ زمان في بلدة وناحية، وقيل: المراد حيرة الناس فيه وهو بعيد.
قوله عليه السلام: (ستّة أيّام...) الخ، لعلَّه مبني على وقوع البداء فيه، ولذا ردَّد عليه السلام بين أمور، وأشار إليه في آخر الخبر ويمكن أن يقال: إنَّ السائل سأل عن الغيبة والحيرة معاً فأجاب عليه السلام بأنَّ زمان مجموعهما أحد الأزمنة المذكورة وبعد ذلك ترفع الحيرة وتبقى الغيبة، فالترديد باعتبار اختلاف مراتب الحيرة إلى أن استقرَّ أمره عليه السلام في الغيبة، وقيل: المراد أنَّ آحاد زمان الغيبة هذا المقدار. (كما أنَّه) أي المهدي عليه السلام، (مخلوق) أي كما أنَّ وجوده محتوم فكذا غيبته محتوم، (فإنَّ له إرادات) في سائر الروايات: (فإنَّ له بداءات وإرادات) أي يظهر من الله سبحانه فيه عليه السلام أمور بدائية في امتداد غيبته وزمان ظهوره وإرادات في الإظهار والإخفاء والغيبة والظهور، و(غايات) أي منافع ومصالح فيها، و(نهايات) مختلفة لغيبته وظهوره بحسب ما يظهر للخلق من ذلك بسبب البداء.
الهوامش:
(1) نهج البلاغة: 263/ الخطبة 182.
(2) في المصدر: (المنتظر عندهم).
(3) في المصدر إضافة: (في الأرض).
(4) شرح ابن أبي الحديد 10: 96.
(5) في المصدر: (حسان) وكذا في ما بعد.
(6) في المصدر إضافة: (أو).
(7) الغيبة للنعماني: 156.
(8) الغيبة للنعماني: 193.
(9) كلمة: (أبي) ليست في المصدر.
(10) الغيبة للنعماني: 192.
(11) في المصدر: (المعبدي) بدل (العبدي).
(12) في المصدر: (بلال) بدل (هلال).
(13) في المصدر إضافة: (هناك).
(14) في المصدر: (اُتيت) بدل (أتت).
(15) في المصدر: (هكعت).
(16) في المصدر: (يخور).
(17) في المصدر: (إذا المن اكتنعت).
(18) في المصدر: (نَشُؤ) بدل (نشق).
(19) في المصدر: (عن بيعته).
(20) في المصدر: (بعثه) بدل (بيعته).
(21) في المصدر: (فإن خار الله لك).
(22) الغيبة للنعماني: 212.
(23) القاموس المحيط 1: 194.
(24) النهاية 1: 282.
(25) القاموس المحيط 2: 224.
(26) القاموس المحيط 4: 162.
(27) لم نعثر عليه في النهاية، وعثرنا عليه في الصحاح 3: 1559.
(28) القاموس المحيط 2: 333.
(29) الطرائف: 177/ ح 279.
(30) في المصدر: (ظعناً) بدل (طعناً).
(31) في المصدر: (ويعتق) بدل (وتعتق).
(32) نهج البلاغة: 208/ الخطبة 150.
(33) أمالي الطوسي: 382/ مجلس 13/ ح 821 .
(34) في المصدر: (عن منذر بن محمّد) بدل (عن زيد بن محمّد).
(35) في المصدر: (متفكّراً) وكذا في ما بعد.
(36) في المصدر: (أرغبت).
(37) كمال الدين 1: 288/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 1.
(38) الغيبة للطوسي: 164/ رقم 127.
(39) من المصدر.
(40) الغيبة للطوسي: 164/ رقم 127.
(41) الغيبة للنعماني: 60.
(42) الاختصاص: 209، وفيه: (عن النضر بن السندي).
(43) الكافي 1: 338.
******************
19 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْفَزَاريّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، عَنْ أبِي هَاشِم، عَنْ فُرَاتِ بْن أحْنَفَ(1)، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ ذَكَرَ الْقَائِمَ عليه السلام فَقَالَ: (أمَا لَيَغِيبَنَّ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ)(2).
كمال الدين: الورّاق، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسحاق بن محمّد، (عن أبي هاشم)، عن فرات بن أحنف، عن ابن نباته، مثله(3).
20 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ(4)، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ يَزيدَ الضَّخْم، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلاَنَ النَّعَم تَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ تَجِدُونَهُ)(5).
21 _ كمال الدين: ابْنُ مُوسَى، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدِ الصَّمَدِ بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ عَلِيّ بْن حَزَوَّرٍ(6)، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر الشَّريدُ الطَّريدُ الْفَريدُ الْوَحِيدُ)(7).
22 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْحَكَم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَن الأعْمَش، عَنْ أبِي وَائِلٍ، قَالَ: نَظَرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام إِلَى ابْنِهِ الْحُسَيْن فَقَالَ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيَّدٌ كَمَا سَمَّاهُ (رَسُولُ) اللهِ سَيَّداً وَسَيُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْم نَبِيّكُمْ فَيُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ يَخْرُجُ عَلَى حِين غَفْلَةٍ مِنَ النَّاس وَإِمَاتَةٍ مِنَ الْحَقَّ وَإِظْهَارٍ مِنَ الْجَوْر وَاللهِ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُربَ عُنُقُهُ، يَفْرَحُ لِخُرُوجِهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَسُكَّانُهَا يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً...) تَمَامَ الْخَبَر(8).
23 _ نهج البلاغة: فِي بَعْض خُطَبِهِ عليه السلام: (فَلَبِثْتُمْ بَعْدَهُ _ يَعْنِي نَفْسَهُ عليه السلام(9) _ مَا شَاءَ اللهُ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ، وَيَضُمُّ نَشْرَكُمْ...)(10) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْفِتَن.
وَقَالَ ابْنُ مِيثَم رحمه الله: قَدْ جَاءَ فِي بَعْض خُطَبِهِ عليه السلام مَا يَجْري مَجْرَى الشَّرْح لِهَذَا الْوَعْدِ، قَالَ عليه السلام: (اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أنَّ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ قَائِمَنَا مِنْ أمْر جَاهِلِيَّتِكُمْ وَذَلِكَ أنَّ الاُمَّةَ كُلَّهَا يَوْمَئِذٍ جَاهِلِيَّةٌ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ فَلاَ تَعْجَلُوا فَيَعْجَلَ الْخَوْفُ بِكُمْ وَاعْلَمُوا أنَّ الرَّفْقَ يُمْنٌ وَالأنَاةَ رَاحَةٌ وَبَقَاءٌ وَالإمَامَ أعْلَمُ بِمَا يُنْكَرُ وَيُعْرَفُ لَيَنْزعَنَّ عَنْكُمْ قُضَاةَ السَّوْءِ وَلَيَقْبِضَنَّ عَنْكُمُ الْمُرَاضِينَ وَلَيَعْزلَنَّ عَنْكُمْ اُمَرَاءَ الْجَوْر وَلَيُطَهَّرَنَّ الأرْضَ مِنْ كُلّ غَاشٍّ وَلَيَعْمَلَنَّ بِالْعَدْلِ وَلَيَقُومَنَّ فِيكُمْ بِالْقِسْطَاس الْمُسْتَقِيم وَلَيَتَمَنَّيَنَّ أحْيَاؤُكُمْ رَجْعَةَ الْكَرَّةِ عَمَّا قَلِيلٍ فَتَعَيَّشُوا إِذَنْ فَإنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ.
اللهَ أنْتُمْ بِأحْلاَمِكُمْ كُفُّوا ألْسِنَتَكُمْ وَكُونُوا مِنْ وَرَاءِ مَعَايِشِكُمْ فَإنَّ الْحِرْمَانَ سَيَصِلُ إِلَيْكُمْ وَإِنْ صَبَرْتُمْ وَاحْتَسَبْتُمْ وَاسْتَيْقَنْتُمْ أنَّهُ طَالِبٌ وَتَرَكُمْ وَمُدْركٌ آثَارَكُمْ وَآخِذٌ بِحَقّكُمْ وَاُقْسِمُ بِاللهِ قَسَماً حَقّاً إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
أقول: وَقَالَ ابْنُ أبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْح خُطْبَةٍ أوْرَدَهَا السَّيَّدُ الرَّضِيُّ فِي نَهْج الْبَلاَغَةِ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْر بَنِي اُمَيَّةَ: هَذِهِ الْخُطْبَةُ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِ السَّيَر وَهِيَ مُتَدَاولَةٌ مَنْقُولَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ وَفِيهَا ألْفَاظٌ لَمْ يُوردْهَا الرَّضِيُّ.
ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهَا: (فَانْظُرُوا أهْلَ بَيْتِ نَبِيّكُمْ فَإنْ لَبَدُوا فَالْبَدُوا وَإِن اسْتَنْصَرُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ لَيَفْرجَنَّ(11) اللهُ بِرَجُلٍ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ بِأبِي ابْن خِيَرَةِ الإمَاءِ لاَ يُعْطِيهِمْ إِلاَّ السَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً مَوْضُوعاً عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةً(12) حَتَّى تَقُولَ قُرَيْشٌ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا، فَيُغْريهِ اللهُ بِبَني اُمَيَّةَ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ حُطَاماً وَرُفَاتاً مَلْعُونينَ أيْنَما ثُقِفُوا اُخِذُوا وَقُتّلُوا تَقْتِيلاً ((سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً))(13))(14).
ثُمَّ قال ابن أبي الحديد: فإن قيل: من هذا الرجل الموعود؟ قيل: أمَّا الإماميّة فيزعمون أنَّه إمامهم الثاني عشر وأنَّه ابن أمَة اسمها نرجس وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنَّه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لاُمّ ولد وليس بموجود الآن.
فإن قيل: فمن يكون من بني أميّة في ذلك الوقت موجوداً حتَّى يقول عليه السلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم؟ قيل: أمَّا الإماميّة فيقولون بالرجعة ويزعمون أنَّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أميّة وغيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر وأنَّه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم ويسمل عيون بعضهم ويصلب قوماً آخرين وينتقم من أعداء آل محمّد عليهم السلام المتقدّمين والمتأخّرين.
وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنَّه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلاً من ولد فاطمة عليها السلام ليس موجوداً الآن وينتقم به(15) وأنَّه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلم(16) من الظالمين وينكل بهم أشدّ النكال وأنَّه لاُمّ ولد كما قد ورد في هذا الأثر وفي غيره من الآثار وأنَّ اسمه(17) كاسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّه يظهر بعد أن يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أميّة وهو السفياني الموعود به في الصحيح(18) من ولد أبي سفيان بن حرب بن أميّة وأنَّ الإمام الفاطمي يقتله وأشياعه(19) من بني أميّة وغيرهم وحينئذٍ ينزل المسيح عليه السلام من السماء وتبدو أشراط الساعة وتظهر دابة الأرض ويبطل التكليف ويتحقَّق قيام الأجساد عند نفخ الصور كما نطق به الكتاب العزيز(20).
24 _ الكافي: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ الْمُحَمَّدِيّ، عَنْ أبِي رَوْح فَرَج بْن قُرَّةَ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خَطَبَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيّ وَآلِهِ ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَقْصِمْ جَبَّاري دَهْرٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ تَمْهِيلٍ وَرَخَاءٍ وَلَمْ يَجْبُرْ كَسْرَ عَظْم (مِنَ)(21) الاُمَم إِلاَّ بَعْدَ أزْلٍ وَبَلاَءٍ، أيُّهَا النَّاسُ فِي دُون مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَطْبٍ وَاسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ وَمَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ وَلاَ كُلُّ ذِي سَمْع بِسَمِيع وَلاَ كُلُّ ذِي نَاظِر عَيْنٍ بِبَصِيرٍ، عِبَادَ اللهِ أحْسِنُوا فِيمَا يُعِينُكُمُ النَّظَرُ فِيهِ ثُمَّ انْظُرُوا إِلَى عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أقَادَهُ اللهُ بِعِلْمِهِ كَانُوا عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أهْل جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوع وَمَقام كَريم ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللهُ لَهُمْ بَعْدَ النَّظْرَةِ وَالسُّرُور وَالأمْر وَالنَّهْي وَلِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ فِي الْجِنَان وَاللهِ مُخَلَّدُونَ وَللهِ عاقِبَةُ الاُمُور.
فَيَا عَجَبَا وَمَا لِي لاَ أعْجَبُ مِنْ خَطَاءِ هَذِهِ الْفِرَقِ عَلَى اخْتِلاَفِ حُجَجِهَا فِي دِينهَا لاَ يَقْتَفُونَ(22) أثَرَ نَبِيٍّ وَلاَ يَعْتَدُّونَ(23) بِعَمَل وَصِيٍّ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ وَلاَ يَعِفُّونَ عَنْ عَيْبٍ الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا، وَالْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أنْكَرُوا وَكُلُّ امْرئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ آخِذٌ مِنْهَا فِيمَا يَرَى بِعُرًى وَثِيقَاتٍ وَأسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ فَلاَ يَزَالُونَ بِجَوْرٍ وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلاَّ خَطَأ لاَ يَنَالُونَ تَقَرُّباً وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلاَّ بُعْداً مِنَ اللهِ عزّ وجل اُنْسُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَتَصْدِيقُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ كُلُّ ذَلِكَ وَحْشَةً مِمَّا وَرَّثَ النَّبِيُّ(24) صلى الله عليه وآله وسلّم وَنُفُوراً مِمَّا أدَّى إِلَيْهِمْ مِنْ أخْبَار فَاطِر السَّمَاوَاتِ وَالأرْض.
أهْلُ حَسَرَاتٍ، وَكُهُوفُ شُبُهَاتٍ، وَأهْلُ عَشَوَاتٍ، وَضَلاَلَةٍ وَريبَةٍ، مَنْ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى نَفْسِهِ وَرَأيِهِ فَهُوَ مَأمُونٌ عِنْدَ مَنْ يَجْهَلُهُ غَيْرُ الْمُتَّهَم عِنْدَ مَنْ لاَ يَعْرفُهُ فَمَا أشْبَهَ هَؤُلاَءِ بِأنْعَام قَدْ غَابَ عَنْهَا رعَاؤُهَا.
وَوَا أسَفَا مِنْ فَعَلاَتِ شِيعَتِنَ(25) مِنْ بَعْدِ قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْيَوْمَ كَيْفَ يَسْتَذِلُّ بَعْدِي بَعْضُهَا بَعْضاً وَكَيْفَ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً؟ الْمُتَشَتّتَةُ غَداً عَن الأصْل النَّازِلَةُ بِالْفَرْع، الْمُؤَمَّلَةُ الْفَتْحَ مِنْ غَيْر جِهَتِهِ كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ آخِذٌ مِنْهُ بِغُصْنٍ أيْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ مَعَ أنَّ اللهَ وَلَهُ الْحَمْدُ سَيَجْمَعُ هَؤُلاَءِ لِشَرَّ يَوْم لِبَني اُمَيَّةَ كَمَا يَجْمَعُ قَزَعَ الْخَريفِ يُؤَلّفُ اللهُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَام السَّحَابِ ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أبْوَاباً يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارهِمْ كَسَيْل الْجَنَّتَيْن سَيْلَ الْعَرم حَيْثُ نَقَبَ(26) عَلَيْهِ فَأرَةٌ فَلَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ أكَمَةٌ وَلَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ(27) طَوْدٍ يُذَعْذِعُهُمُ(28) اللهُ فِي بُطُون أوْدِيَةٍ ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنابِيعَ فِي الأرْض يَأخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْم حُقُوقَ قَوْم وَيُمَكّنُ بِهِمْ قَوْماً فِي دِيَار قَوْم تَشْريداً لِبَني اُمَيَّةَ وَلِكَيْ لاَ يَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا يُضَعْضِعُ اللهُ بِهِمْ رُكْناً وَيَنْقُضُ بِهِمْ طَيَّ الْجَنَادِلِ مِنْ إِرَمَ وَيَمْلاَ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّيْتُون.
فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَيَكُونَنَّ ذَلِكَ وَكَأنّي أسْمَعُ صَهِيلَ خَيْلِهِمْ وَطَمْطَمَةَ رجَالِهِمْ وَايْمُ اللهِ لَيَذُوبَنَّ مَا فِي أيْدِيهِمْ بَعْدَ الْعُلُوَّ وَالتَّمْكِين فِي الْبِلاَدِ كَمَا تَذُوبُ الألْيَةُ عَلَى النَّار مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَاتَ ضَالّاً وَإِلَى اللهِ عزّ وجل يُفْضِي مِنْهُمْ مَنْ دَرَجَ وَيَتُوبُ اللهُ عزّ وجل عَلَى مَنْ تَابَ وَلَعَلَّ اللهَ يَجْمَعُ شِيعَتِي بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرَّ يَوْم لِهَؤُلاَءِ وَلَيْسَ لأحَدٍ عَلَى اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِيَرَةُ بَلْ للهِ الْخِيَرَةُ وَالأمْرُ جَمِيعاً.
أيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمُنْتَحِلِينَ لِلإمَامَةِ مِنْ غَيْر أهْلِهَا كَثِيرٌ وَلَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ مُرَّ الْحَقَّ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِين الْبَاطِل، لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَويَ عَلَيْكُمْ عَلَى هَضْم الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أهْلِهَا لَكِنْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عليه السلام.
وَلَعَمْري لَيُضَاعَفَنَّ عَلَيْكُمُ التَّيْهُ مِنْ بَعْدِي أضْعَافَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَلَعَمْري أنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِي مُدَّةَ سُلْطَان بَني اُمَيَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى سُلْطَان الدَّاعِي إِلَى الضَّلاَلَةِ وَأحْيَيْتُمُ الْبَاطِلَ وَأخْلَفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُوركُمْ وَقَطَعْتُمُ الأدْنَى مِنْ أهْل بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الأبْعَدَ مِنْ أبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَعَمْري أنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِي أيْدِيهِمْ لَدَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ وَقَرُبَ الْوَعْدُ وَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ وَلاَحَ لَكُمُ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ إِن اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ(29) الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى وَالصَّمَم وَالْبَكَم وَكُفِيتُمْ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَالتَّعَسُّفِ وَنَبَذْتُمُ الثَّقَلَ الْفَادِح‏ عَن الأعْنَاقِ وَلاَ يُبَعَّدُ اللهُ إِلاَّ مَنْ أبَى وَظَلَمَ وَاعْتَسَفَ وَأخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(30))(31).
بيان: (الأزل) الضيق والشدّة. و(الخطب) الشأن والأمر ويحتمل أن يكون المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم من استيلاء الكفرة أوّلاً وغلبة الحقّ وأهله ثانياً وبما استقبلوه ما ورد عليهم بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم من أشباهها ونظائرها من استيلاء المنافقين على أمير المؤمنين عليه السلام ثُمَّ رجوع الدولة إليه بعد ذلك فإنَّ الحالتين متطابقتان، ويحتمل أن يكون المراد بهما شيئاً واحداً وإنَّما يستقبل قبل وروده ويستدبر بعد مضيه والمقصود التفكّر في انقلاب أحوال الدنيا وسرعة زوالها وكثرة الفتن فيها فتدعو إلى تركها والزهد فيها ويحتمل على بعد أن يكون المراد بما يستقبلونه ما هو أمامهم من أحوال البرزخ وأهوال القيامة وعذاب الآخرة وبما استدبروه ما مضى من أيّام عمرهم وما ظهر لهم ممَّا هو محلّ للعبرة فيها.
(بلبيب) أي عاقل، (بسميع) أي يفهم الحقّ ويؤثّر فيه، (ببصير) أي يبصر الحقّ ويعتبر بما يرى وينتفع بما يشاهد، (فيما يعنيكم) أي يهمّكم وينفعكم وفي بعض النسخ يغنيكم، (والنظر فيه) الظاهر أنَّه بدل اشتمال لقوله: (فيما يعنيكم) ويحتمل أن يكون فاعلاً لقوله: (يعنيكم) بتقدير النظر قبل الظرف أيضاً.
(من قد أقاده الله) يقال: أقاده خيلاً أي أعطاه ليقودها ولعلَّ المعنى من مكَّنه الله من الملك بأن خلى بينه وبين اختياره ولم يمسك يده عمَّا أراده، (بعلمه) أي بما يقتضيه علمه وحكمته من عدم إجبارهم على الطاعات، ويحتمل أن يكون من القود والقصاص ويؤيّده أنَّ في بعض النسخ بعمله فالضمير راجع إلى الموصول، (على سُنّة) أي طريقة وحالة مشبهة ومأخوذة، (من آل فرعون) من الظلم والكفر والطغيان أو من الرفاهية والنعمة كما قال: (أهل جنّات) فعلى الأوّل حال وعلى الثاني بدل من قوله: (على سُنّة) أو عطف بيان له، (بما ختم الله) الباء بمعنى في أو إلى أو زائدة، و(النضرة) الحسن والرونق.
وقوله عليه السلام: (مخلّدون) خبر لمبتدأ محذوف والجملة مبيّنة ومؤكّدة للسابقة أي هم والله مخلّدون في الجنان، (ولله عاقبة الأمور) أي مرجعها إلى حكمه كما قيل، أو عاقبة الملك والدولة والعزّ لله ولمن طلب رضاه كما هو الأنسب بالمقام، (فيا عجبا) بغير تنوين وأصله يا عجبي ثُمَّ قلبوا الياء ألفاً فإن وقفت قلت: يا عجباه أي يا عجبي أقبل هذا أوانك أو بالتنوين أي يا قوم اعجبوا عجباً أو أعجب عجباً والأوّل أشهر وأظهر، (في دينها) الظرف متعلّق بالاختلاف أو بالخطاء أو بهما على التنازع، (بغيب) أي بأمر غائب عن الحسّ ممَّا أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم من الجنّة والنار وغيرهما، (ولا يعفون) بكسر العين وتشديد الفاء من العفّة والكفّ أو بسكون العين وتخفيف الفاء من العفو أي عن عيوب الناس.
(المعروف...) الخ، أي المعروف والخير عندهم ما يعدونه معروفاً ويستحسنونه بعقولهم الناقصة وإن كان منكراً في نفس الأمر أو المعنى أنَّ المعروف والمنكر تابعان لإرادتهم وميول طبائعهم وشهواتهم فما اشتهته أنفسهم وإن أنكرته الشريعة فهو المعروف عندهم، (بعرى وثيقات) أي يظنّون أنَّهم تمسّكوا بدلائل وبراهين فيما يدعون من الأمور الباطلة.
(وأسباب محكمات) أي يزعمون أنَّهم تعلّقوا بوسائل محكمة فيمن يتوسّلون بهم من أئمّة الجور، (أنس بعضهم) على الفعل أو المصدر والثاني أظهر، (وحشة) أي يفعلون كلّ ذلك لوحشتهم ونفورهم عن العلوم التي ورثها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أهل بيته، (أهل حسرات) بعد الموت وفي القيامة وفي النار، (وكهوف شبهات) أي تأوي إليهم الشبهات لأنَّهم يقبلون إليها ويفتتنون بها وفي بعض النسخ: (وكفر وشبهات) فيكونان معطوفين على حسرات.
الهوامش:
(1) في المطبوعة: (ضرار بن أحنف)، والصحيح ما أثبتناه.
(2) كمال الدين 1: 302/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 9.
(3) كمال الدين 1: 303/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 15.
(4) في المصدر: (عن الحسن بن حمّاد) بدل (عن الحسن بن محمّد).
(5) كمال الدين 1: 302/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 12.
(6) في المصدر: (الحزور) بدل (حزوَّر).
(7) كمال الدين 1: 303/ باب (ما أخبر به علي عليه السلام)/ ح 13.
(8) الغيبة للطوسي: 189/ رقم 152.
(9) عبارة: (يعني نفسه عليه السلام) ليست في المصدر.
(10) نهج البلاغة: 145/ الخطبة 100.
(11) في المصدر: (فليفرّجنَّ).
(12) في المصدر: (ثمانية أشهر).
(13) الأحزاب: 61 و62.
(14) شرح ابن أبي الحديد 7: 58.
(15) عبارة: (وينتقم به) ليست في المصدر.
(16) في المصدر إضافة: (وينتقم).
(17) في المصدر إضافة: (محمّد).
(18) في المصدر: (في الخبر الصحيح).
(19) في المصدر: (يقتله ويقتل أشياعه).
(20) شرح ابن أبي الحديد 7: 59.
(21) من المصدر.
(22) في المصدر: (يقتصون) بدل (يقتفون).
(23) في المصدر: (ولا يقتدون) بدل (ولا يعتدّون).
(24) في المصدر إضافة: (الاُمّي).
(25) في المصدر: (شيعتي).
(26) في المصدر: (بعث).
(27) في المصدر: (رضَّ).
(28) في المصدر: (يذعذعهم).
(29) في المصدر: (مناهج).
(30) الشعراء: 227.
(31) روضة الكافي: 63/ ح 22.
******************
وقال الجوهري: العشوة أن يركب أمراً على غير بيان ويقال: أخذت عليهم بالعشوة أي بالسواد من الليل(1)، (فهو مأمون) خبر للموصول والمعنى أنَّ حسن ظنّ الناس والعوام بهم إنَّما هو لجهلهم بضلالتهم وجهالتهم ويحتمل أن يكون المراد بالموصول أئمّة من قد ذمهم سابقاً لا أنفسهم، (من فعلات شيعتي) أي من يتبعني اليوم ظاهراً، و(اليوم) ظرف للقرب، (المتشتتة) أي هم الذين يتفرّقون عن أئمّة الحقّ ولا ينصرونهم ويتعلّقون بالفروع التي لا ينفع التعلّق بها بدون التشبّث بالأصل كاتّباعهم المختار وأبا مسلم وزيداً وأضرابهم بعد تفرّقهم عن الأئمّة عليهم السلام، (من غير جهته) أي من غير الجهة التي يرجى منها الفتح أو من غير الجهة التي اُمروا بالاستفتاح منها فإنَّ خروجهم بغير إذن الإمام كان معصية.
(لشرّ يوم) إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أميّة وقد فعلوا لكن سلّطوا على أئمّة الحقّ من هو شر منهم. وقال الجزري: وفي حديث علي: (فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف) أي قطع السحاب المتفرّقة وإنَّما خصَّ الخريف لأنَّه أوّل الشتاء والسحاب يكون فيه متفرّقاً غير متراكم ولا مطبق ثُمَّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك(2) وقال: الركام، السحاب المتراكم بعضه فوق بعض(3).
أقول: نسبة الجمع إليه تعالى مجاز لعدم منعهم عنه وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم، (ثُمَّ يفتح لهم) فتح الأبواب كناية عمَّا هيّئ لهم من أسبابهم وإصابة تدبيراتهم واجتماعهم وعدم تخاذلهم.
و(المستثار) موضع ثورانهم وهيجانهم ثُمَّ شبّه عليه السلام تسليط هذا الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلَّط الله على أهل سبأ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم وإنَّما سمّي ذلك بسيل العرم لصعوبته أي سيل الأمر العرم أي الصعب أو المراد بالعرم المطر الشديد أو الجرذ أضاف إليه لأنَّه نقب عليهم سدّاً ضربت لهم بلقيس وقيل: اسم لذلك السدّ وقد مرَّت القصَّة في كتاب النبوّة.
والضمير في (عليه) إمَّا راجع إلى السيل فـ (على) تعليلية أو إلى العرم إذا فُسَّر بالسدّ. وفي بعض النسخ (بعث) وفي بعضها (نقب) بالنون والقاف والباء الموحَّدة فقوله: (فارة) مرفوع بالفاعلية وفي النهج، (كسيل الجنّتين حيث لم تسلم عليه قارة ولم تثبت له أكمة)(4) والقارة الجبل الصغير والأكمة هي الموضع الذي يكون أشدّ ارتفاعاً ممَّا حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجراً والحاصل بيان شدّة السيل المشبه به بأنَّه أحاط بالجبال وذهب بالتلال ولم يمنعه شيء. والسنن الطريق و(الرص) التصاق الأجزاء بعضها ببعض، و(الطود) الجبل أي لم يرد طريقه طود مرصوص.
ولمَّا بيَّن عليه السلام شدّة المشبه به أخذ في بيان شدّة المشبّه فقال: (يذعذعهم الله) أي يفرّقهم في السبل متوجّهين إلى البلاد، (ثُمَّ يسلكهم ينابيع في الأرض) من ألفاظ القرآن أي كما أنَّ الله تعالى ينزل الماء من السماء فيسكن في أعماق الأرض ثُمَّ يظهره ينابيع إلى ظاهرها كذلك هؤلاء يفرّقهم الله في بطون الأودية وغوامض الأغوار ثُمَّ يظهرهم بعد الاختفاء كذا ذكره ابن أبي الحديد(5)، والأظهر عندي أنَّه بيان لاستيلائهم على البلاد، وتفرّقهم فيها، وتيسّر أعوانهم من سائر الفِرَق، فكما أنَّ مياه الأنهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار، فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كل البلاد، وتكثر أعوانهم في جميع الأقطار، وكل ذلك ترشيح لما سبق من التشبيه، (يأخذهم من قوم) أي بني أميّة، (حقوق قوم) أي أهل بيت عليهم السلام للانتقام من أعدائهم وإن لم يصل الحقّ إليهم، (ويمكن من قوم) أي بني العبّاس، (لديار قوم) أي بني أميّة وفي بعض النسخ: (ويمكن بهم قوماً في ديار قوم)، وفي النهج: (ويمكن لقوم في ديار قوم) والمآل في الكلّ واحد، (تشريداً لبني أميّة) التشريد التفريق والطرد، و(الاغتصاب) الغصب ولعلَّ المعنى أنَّ الغرض من استيلاء هؤلاء ليس إلاَّ تفريق بني أميّة ودفع ظلمهم.
وقال الفيروزآبادي: ضعضعه هدمه حتَّى الأرض(6)، و(الجنادل) جمع جندل وهو ما يقله الرجل من الحجارة أي يهدم الله بهم ركناً وثيقاً هو أساس دولة بني أميّة و ينقض بهم الأبنية التي طويت وبنيت بالجنادل والأحجار من بلاد ارم وهي دمشق والشام إذ كان مستقر ملكهم في أكثر زمانهم تلك البلاد لاسيَّما في زمانه عليه السلام.
وقال الجزري: (فيه ينادي منادٍ من بطنان العرش) أي من وسطه وقيل: من أصله، وقيل: البطنان جمع بطن وهو الغامض من الأرض يريد من دواخل العرش(7).
وقال الفيروزآبادي: (الزيتون) مسجد دمشق أو جبال الشام وبلد بالصين(8) والمعنى أنَّ الله يملأ منهم وسط مسجد دمشق أو دواخل جبال الشام والغرض بيان استيلاء هؤلاء القوم على بني أميّة في وسط ديارهم والظفر عليهم في محلّ استقرارهم وأنَّه لا ينفعهم بناء ولا حصن في التحرّز عنهم.
و(طمطمة رجالهم) الطمطمة اللغة العجمية ورجل طمطمي في لسانه عجمة وأشار عليه السلام بذلك إلى أنَّ أكثر عسكرهم من العجم لأنَّ عسكر أبي مسلم كان من خراسان، (وأيم الله ليذوبنَّ) الظاهر أنَّ هذا أيضاً من تتمَّة بيان انقراض ملك بني أميّة وسرعة زواله ويحتمل أن يكون إشارة إلى انقراض هؤلاء الغالبين من بني العبّاس، (وإلى الله عزّ وجل يقضى) من القضاء بمعنى المحاكمة أو الإنهاء والإيصال كما في قوله تعالى: ((وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الأمْرَ))(9) وفي بعض النسخ: (يفضي) بالفاء أي يوصل، (ودرج الرجل) أي مشى ودرج أيضاً بمعنى مات ويقال: درج القوم أي انقرضوا، والظاهر أنَّ المراد به هنا الموت أي من مات مات ضالاً وأمره إلى الله يعذّبه كيف يشاء ويحتمل أن يكون بمعنى المشي أي من بقي منهم فعاقبته الفناء والله يقضي فيه بعلمه، (ولعلَّ الله يجمع) إشارة إلى زمن القائم عليه السلام.
(وليس لأحد على الله عزَّ ذكره الخيرة) أي ليس لأحد من الخلق أن يشير بأمر على الله أنَّ هذا خير ينبغي أن تفعله بل له أن يختار من الأمور ما يشاء بعلمه وله الأمر بما يشاء في جميع الأشياء، (عن مُرَّ الحقّ) أي الحقّ الذي هو مُرّ أو خالص الحقّ فإنَّه مُرّ واتّباعه صعب وفي النهج عن نصر الحقّ، (والهضم) الكسر وروي الشيء عنه أي صرفه ونحاه ولم أطّلع على الازواء فيما عندي من كتب اللغة وكفى بالخطبة شاهداً على أنَّه ورد بهذا المعنى.
(كما تاهت بنو إسرائيل) أي خارج المصر أربعين سنة ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم الجهاد فكذا أصحابه عليه السلام تحيّروا في أديانهم وأعمالهم لمَّا لم ينصروه ولم يعينوه على عدوّه كَمَا رُويَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبًّ لَدَخَلْتُمُوهُ)(10).
(أضعاف ما تاهت) يحتمل أن يكون المراد بالمشبّه به هنا تحيّر قوم موسى بعده في دينهم ويحتمل أن يكون المراد التحيّر السابق وعلى التقديرين إمَّا المراد المضاعفة بحسب الشدّة وكثرة الحيرة أو بحسب الزمان فإنَّ حيرتهم كان إلى أربعين سنة وهذه الأمّة إلى الآن متحيّرون تائهون في أديانهم وأحكامهم، (الداعي إلى الضلالة) أي الداعي إلى بني العبّاس، (وقطعتم الأدنى من أهل بدر) أي الأدنين إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم نسباً الناصرين له في غزوة بدر وهي أعزّ غزوات الإسلام يعني نفسه وأولاده عليهم السلام، (ووصلتم الأبعد) أي أولاد العبّاس فإنَّهم كانوا أبعد نسباً من أهل البيت عليهم السلام وكان جدّهم عبّاس ممن حارب الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في غزوة بدر حتَّى اُسر، (ما في أيديهم) أي ملك بني العبّاس، (لدنا التمحيص للجزاء) أي قرب قيام القائم والتمحيص الابتلاء والاختبار أي يبتلي الناس ويمتحنون بقيامه عليه السلام ليخزي الكافرين ويعذبهم في الدنيا قبل نزول عذاب الآخرة بهم ويمكن أن يكون المراد تمحيص جميع الخلق لجزائهم في الآخرة إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً، (وقرب الوعد) أي وعد الفرج، (وانقضت المدة) أي قرب انقضاء دولة أهل الباطل.
(وبدا لكم النجم) هذا من علامات ظهور القائم عليه السلام كما سيأتي وقيل: إنَّه إشارة إلى ما ظهر في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة هجرية والشمس في أوائل الميزان بقرب الإكليل الشمالي كانت تطلع وتغيب معه لا تفارقه ثُمَّ بعد مدّة ظهر أنَّ لها حركة خاصة بطيئة فيما بين المغرب والشمال وكان يصغر جرمها ويضعف ضوؤها بالتدريج حتَّى انمحت بعد ثمانية أشهر تقريباً وقد بعدت عن الإكليل في الجهة المذكورة قدر رمح لكن قوله عليه السلام: (من قبل المشرق) يأبى عنه إلاَّ بتكلّف وقد ظهر في زماننا في سنة خمس وسبعين وألف ذو ذؤابة ما بين القبلة والمشرق وكان له طلوع وغروب وكانت له حركة خاصّة سريعة عجيبة على التوالي لكن لا على نسق ونظام معلوم ثُمَّ غاب بعد شهرين تقريباً كان يظهر أوّل الليل من جانب المشرق وقد ضعف حتَّى انمحى بعد شهر تقريباً وتطبيقه على هذا يحتاج إلى تكلّفين كما لا يخفى، (ولاح لكم القمر المنير) الظاهر أنَّه استعارة للقائم عليه السلام ويؤيّده ما مرَّ بسند آخر: (وأشرق لكم قمركم) ويحتمل أن يكون من علامات قيامه عليه السلام ظهور قمر آخر أو شيء شبيه بالقمر.
(إن اتّبعتم طالع المشرق) أي القائم عليه السلام وذكر المشرق إمَّا لترشيح الاستعارة السابقة أو لأنَّ ظهوره عليه السلام من مكّة وهي شرقية بالنسبة (إلى المدينة) أو لأنَّ اجتماع العساكر عليه وتوجهه عليه السلام إلى فتح البلاد إنَّما يكون من الكوفة وهي شرقية بالنسبة إلى الحرمين وكونه إشارة إلى السلطان إسماعيل أنار الله برهانه بعيد، (والتعسّف) أي لا تحتاجون في زمانه عليه السلام إلى طلب الرزق والظلم على الناس لأخذ أموالهم، (ونبذتهم الثقل الفادح) أي الديون المثقّلة ومظالم العباد أو إطاعة أهل الجور وظلمهم، (ولا يبعد الله) أي في ذلك الزمان أو مطلقاً، (إلاَّ من أبى) أي عن طاعته عليه السلام أو طاعة الله، و(ظلم) أي نفسه أو الناس، (واعتسف) أي مال عن طريق الحقّ أو ظلم غيره.
25 _ نهج البلاغة: مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ (فِي ذِكْر الْمَلاَحِم: (يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى وَيَعْطِفُ الرَّأيَ عَلَى الْقُرْآن إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأي.
مِنْهَا: حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاقٍ بَادِياً نَوَاجِذُهَا مَمْلُوءَةً أخْلاَفُهَا حُلْواً رَضَاعُهَا عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا)(11)، ألاَ وَفِي غَدٍ وَسَيَأتِي غَدٌ بِمَا لاَ تَعْرفُونَ يَأخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرهَا عُمَّالَهَا عَلَى مَسَاوي أعْمَالِهَا وَتُخْرجُ لَهُ الأرْضُ أفَالِيذَ كَبِدِهَا وَتُلْقِي إِلَيْهِ سِلْماً مَقَالِيدَهَا فَيُريكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السَّيرَةِ وَيُحْيِي مَيّتَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)(12).
(بيان: الساق الشدّة أو بالمعنى المشهور كناية عن استوائها. وبدو النواجذ كناية عن بلوغ الحرب غايتها كما أنَّ غاية الضحك أن تبدو النواجذ ويمكن أن يكون كناية عن الضحك على التهكّم).
إيضاح: قال ابن أبي الحديد: (ألا وفي غدٍ) تمامه قوله عليه السلام: (يأخذ الوالي) وبين الكلام جملة اعتراضية وهي قوله عليه السلام: (وسيأتي غدٍ بما لا تعرفون) والمراد تعظيم شأن الغد الموعود(13) ومثله كثير في القرآن(14). ثُمَّ قال: قد كان تقدّم ذكر طائفة من الناس ذات ملك وإمرة فذكر عليه السلام أنَّ الوالي يعني القائم عليه السلام يأخذ عمّال هذه الطائفة على سوء أعمالهم و(على) ههنا متعلّقة بيأخذ وهي بمعنى يؤاخذ وقال: (الأفاليذ) جمع أفلاذ والأفلاذ جمع فلذة وهي القطعة من الكبد كناية عن الكنوز التي تظهر للقائم عليه السلام وقد فُسَّر قوله تعالى: ((وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَها))(15) بذلك في بعض التفاسير(16).
أقُولُ: وَقَالَ ابْنُ أبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْح بَعْض خُطَبِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: قَالَ شَيْخُنَا أبُو عُثْمَانَ وَقَالَ أبُو عُبَيْدَةَ وَزَادَ فِيهَا فِي روَايَةِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام: (ألاَ إِنَّ أبْرَارَ عِتْرَتِي وَأطَايِبَ اُرُومَتِي أحْلَمُ النَّاس صِغَاراً وَأعْلَمُ النَّاس كِبَاراً ألاَ وَإِنَّا أهْلُ بَيْتٍ مِنْ عِلْم اللهِ عَلِمْنَا وَبحُكْم اللهِ حَكَمْنَا وَمِنْ قَوْلٍ صَادِقٍ سَمِعْنَا فَإنْ تَتَّبِعُوا آثَارَنَا تَهْتَدُوا بِبَصَائِرنَا وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا يُهْلِكُكُمُ اللهُ بِأيْدِينَا مَعَنَ(17) رَايَةُ الْحَقَّ مَنْ تَبِعَهَا لَحِقَ وَمَنْ تَأخَّرَ عَنْهَا غَرقَ ألاَ وَبِنَا يُدْرَكُ تِرَةُ كُلّ مُؤْمِنٍ وَبِنَا تُخْلَعُ ربْقَةُ الذُّلّ عَنْ أعْنَاقِكُمْ وَبِنَا فُتِحَ لاَ بِكُمْ وَبِنَا يُخْتَمُ لاَ بِكُمْ)(18).
ثُمَّ قال ابن أبِي الحديد: (وبنا يختم لا بكم) إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان وأكثر المحدّثين على أنَّه من ولد فاطمة عليها السلام وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه وقد صرَّحوا بذكره في كتبهم وأعترف به شيوخهم إلاَّ أنَّه عندنا لم يخلق بعد وسيخلق وإلى هذا المذهب يذهب أصحاب الحديث أيضاً.
رَوَى قَاضِي الْقُضَاةِ، عَنْ كَافِي الْكُفَاةِ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبَّادِ رحمه الله بِإسْنَادٍ مُتَّصِلٍ بِعَلِيٍّ عليه السلام أنَّهُ ذَكَرَ الْمَهْدِيَّ وَقَالَ: (إِنَّهُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)، وَذَكَرَ حِلْيَتَهُ فَقَالَ: (رَجُلٌ أجْلَى الْجَبِين أقْنَى الأنْفِ ضَخْمُ الْبَطْن أزْيَلُ الْفَخِذَيْن أبْلَجُ الثَّنَايَا بِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ...)، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ غَريبِ الْحَدِيثِ(19)، انْتَهَى.
أقُولُ: فِي دِيوَان أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ‏:
بُنَيَّ إِذَا مَا جَاشَتِ التُّرْكُ فَانْتَظِرْ وَلاَيَةَ مَهْدِيٍّ يَقُومُ فَيَعْدِلُ
وَذَلَّ مُلُوكُ الأرْض مِنْ آلِ هَاشِم وَبُويِعَ مِنْهُمْ مَنْ يَلَذُّ وَيَهْزَلُ
صَبِيٌّ مِنَ الصّبْيَان لاَ رَأيَ عِنْدَهُ وَلاَ عِنْدَهُ جِدٌّ وَلاَ هُوَ يَعْقِل
فَثَمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ الْحَقُّ مِنْكُمْ وَبِالْحَقَّ يَأتِيكُمْ وَبِالْحَقَّ يَعْمَلُ
سَمِيُّ نَبِيّ اللهِ نَفْسِي فِدَاؤُهُ فَلاَ تَخْذُلُوهُ يَا بَنِيَّ وَعَجَّلُو(20)
‏* * *
الهوامش:
(1) الصحاح 4: 2427.
(2) النهاية 4: 59.
(3) النهاية 2: 260.
(4) نهج البلاغة: 241/ الخطبة 166.
(5) شرح ابن أبي الحديد 9: 285.
(6) القاموس المحيط 3: 58.
(7) النهاية 1: 137.
(8) القاموس المحيط 1: 154.
(9) الحجر: 66.
(10) تفسير القمي 2: 413؛ شرح ابن أبي الحديد 9: 286.
(11) من المصدر.
(12) نهج البلاغة: 195/ الخطبة 138.
(13) في المصدر إضافة: (بمجيئه).
(14) شرح ابن أبي الحديد 9: 42.
(15) الزلزلة: 2.
(16) شرح ابن أبي الحديد 9: 46.
(17) في المصدر: (ومعنا).
(18) شرح ابن أبي الحديد 1: 276.
(19) شرح ابن أبي الحديد 1: 281 و282.
(20) لم نعثر على القصيدة في الديوان.
******************
باب (3): باب ما روي في ذلك عن الحسنين صلوات الله عليهما
1 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ سَدِير بْن حُكَيْم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ عقيصاء (عَقِيصَى‏)، قَالَ: لَمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام مُعَاويَةَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَلاَمَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعَتِهِ، فَقَالَ عليه السلام: (وَيْحَكُمْ مَا تَدْرُونَ مَا عَمِلْتُ وَاللهِ الَّذِي عَمِلْتُ خَيْرٌ لِشِيعَتِي مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أوْ غَرَبَتْ ألاَ تَعْلَمُونَ أنَّنِي إِمَامُكُمْ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ عَلَيْكُمْ وَأحَدُ سَيَّدَيْ شَبَابِ أهْل الْجَنَّةِ بِنَصّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟)، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: (أمَا عَلِمْتُمْ أنَّ الْخَضِرَ لَمَّا خَرَقَ السَّفِينَةَ وَقَتَلَ الْغُلاَمَ وَأقَامَ الْجِدَارَ كَانَ ذَلِكَ سَخَطاً لِمُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام إِذْ خَفِيَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ حِكْمَةً وَصَوَاباً، أمَا عَلِمْتُمْ أنَّهُ مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ وَيَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلاَّ الْقَائِمُ الَّذِي يُصَلّي رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يُخْفِي ولاَدَتَهُ وَيُغَيّبُ شَخْصَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ، ذَاكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أخِي الْحُسَيْن ابْن سَيَّدَةِ الإمَاءِ يُطِيلُ اللهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابًّ ابْن دُون أرْبَعِينَ سَنَةً ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أنَّ اللهَ عَلى‏ كُلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ)(1).
الاحتجاج: عن حنان بن سدير، مثله(2).
2 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عُبْدُوسٍ، عَنْ أبِي عَمْرٍو اللَّيْثِيّ(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن شُجَاع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ‏ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْحَجَّاج، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا: (فِي التَّاسِع مِنْ وُلْدِي سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ وَسُنَّةٌ مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ وَهُوَ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ)(4).
3 _ كمال الدين: الْمُعَاذِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُوسَى بْن الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الزُّبَيْر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا يَقُولُ: (قَائِمُ هَذِهِ الاُمَّةِ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ وَهُوَ الَّذِي يُقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَهُوَ حَيٌّ)(5).
4 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ السَّلاَم الْهَرَويّ، عَنْ وَكِيع بْن الْجَرَّاح، عَن الرَّبيع بْن سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَلِيطٍ، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا: (مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً أوَّلُهُمْ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمُ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ الإمَامُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ يُحْيِي اللهُ بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَيُظْهِرُ بِهِ دِينَ الْحَقَّ عَلَى الدَّين كُلّهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ لَهُ غَيْبَةٌ يَرْتَدُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَثْبُتُ عَلَى الدَّين فِيهَا آخَرُونَ فيودون (فَيُؤْذَوْنَ‏) وَيُقَالُ لَهُمْ: مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟، أمَا إِنَّ الصَّابِرَ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الأذَى وَالتَّكْذِيبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(6).
5 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْقَزْوينيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن يَحْيَى الأحْوَلِ، عَنْ خَلاَّدٍ الْمُقْري، عَنْ قَيْس بْن أبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْن وَثَّابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام يَقُولُ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ عزّ وجل ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً كَذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ)(7).
6 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ حَمْدَانَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى الْخَشَّابِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحُسَيْن بْن‏ عَلِيٍّ عليه السلام: أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر؟ قَالَ: (لاَ، وَلَكِنْ صَاحِبُ هَذَا الأمْر الطَّريدُ الشَّريدُ الْمَوْتُورُ بِأبِيهِ الْمُكَنَّى بِعَمَّهِ يَضَعُ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ)(8).
7 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ عَمْرو بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُذَافِرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْن يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: مَرَّ الْحُسَيْنُ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ بَني اُمَيَّةَ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: (أمَا وَاللهِ لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مِنّي رَجُلاً يَقْتُلُ مِنْكُمْ ألْفاً وَمَعَ الألْفِ ألْفاً وَمَعَ الألْفِ ألْفاً)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَؤُلاَءِ أوْلاَدُ كَذَا وَكَذَا لاَ يَبْلُغُونَ هَذَا، فَقَالَ: (وَيْحَكَ إِنَّ فِي ذَلِكَ الزَّمَان يَكُونُ لِلرَّجُل مِنْ صُلْبِهِ كَذَا وَكَذَا رَجُلاً وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْم مِنْ أنْفُسِهِمْ)(9).
* * *
باب (4): ما روي في ذلك عن علي بن الحسين صلوات الله عليه
1 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيٍّ، (عَنْ عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيلَ)(10)، عَن ابْن حُمَيْدٍ، عَن ابْن قَيْسٍ، عَن الثُّمَالِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((وَأُولُوا الأرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ))(11) وَفِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ))(12)، وَالإمَامَةُ فِي عَقِبِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ وَإِنَّ لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَتَيْن إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى، أمَّا الاُولَى فَسِتَّةُ أيَّام وَسِتَّةُ أشْهُرٍ وَسِتُّ سِنينَ(13)، وَأمَّا الاُخْرَى فَيَطُولُ أمَدُهَا حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر أكْثَرُ مَنْ يَقُولُ بِهِ فَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلاَّ مَنْ قَويَ يَقِينُهُ وَصَحَّتْ مَعْرفَتُهُ وَلَمْ يَجِدْ فِي نَفْسِهِ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْنَا وَسَلَّمَ لَنَا أهْلَ الْبَيْتِ)(14).
بيان: قوله عليه السلام: (فستّة أيّام) لعلَّه إشارة إلى اختلاف أحواله عليه السلام في غيبته فستّة أيّام لم يطَّلع على ولادته إلاَّ خاصّ الخاصّ من أهاليه عليه السلام، ثُمَّ بعد ستّة أشهر اطَّلع عليه غيرهم من الخواصّ، ثُمَّ بعد ستّ سنين عند وفات والده عليه السلام ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنَّه بعد إمامته لم يطَّلع على خبره إلى ستّة أيّام أحد ثمّ بعد ستّة أشهر انتشر أمره وبعد ستّ سنين ظهر وانتشر أمر السفراء والأظهر أنَّه إشارة إلى بعض الأزمان المختلفة التي قُدّرت لغيبته وأنَّه قابل للبداء وَيُؤَيّدُهُ مَا رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ بِإسْنَادِهِ عَن الأصْبَغ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ قَدْ مَرَّ بَعْضُهُ فِي بَابِ إِخْبَار أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَكَمْ تَكُونُ الْحَيْرَةُ وَالْغَيْبَةُ؟ فَقَالَ: (سِتَّةَ أيَّام أوْ سِتَّةَ أشْهُرٍ أوْ سِتَّ سِنِينَ)، فَقُلْتُ: وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، كَمَا أنَّهُ مَخْلُوقٌ وَأنَّى لَكَ بِهَذَا الأمْر يَا أصْبَغُ اُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الاُمَّةِ مَعَ خِيَار أبْرَار هَذِهِ الْعِتْرَةِ)، فَقُلْتُ: ثُمَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ فَإنَّ لَهُ بَدَاءَاتٍ وَإِرَادَاتٍ وَغَايَاتٍ وَنهَايَاتٍ)(15). فإنَّه يدلُّ على أنَّ هذا الأمر قابل للبداء والترديد قرينة ذلك والله يعلم.
2 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ وَالشَّيْبَانِيُّ مَعاً، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام قَالَ: (الْقَائِمُ مِنَّا تَخْفَى ولاَدَتُهُ عَلَى النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، لِيَخْرُجَ حِينَ يَخْرُجُ وَلَيْسَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(16).
3 _ مجالس المفيد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ بِشْرٍ الْكُنَاسِيّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن عليه السلام: (يَا بَا خَالِدٍ لَتَأتِيَنَّ فِتَنٌ كَقِطَع اللَّيْل الْمُظْلِم لاَ يَنْجُو إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ اُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى وَيَنَابِيعُ الْعِلْم يُنْجِيهِمُ اللهُ مِنْ كُلَّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ كَأنّي بِصَاحِبكُمْ قَدْ عَلاَ فَوْقَ نَجَفِكُمْ بِظَهْر كُوفَانَ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ وَإِسْرَافِيلُ أمَامَهُ مَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ نَشَرَهَا لاَ يَهْوي بِهَا إِلَى قَوْم إِلاَّ أهْلَكَهُمُ اللهُ عزّ وجل)(17).
* * *
باب (5): ما روي عن الباقر صلوات الله عليه في ذلك
1 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ وَمُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ مَعاً، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا الْجَارُودِ إِذَا دَارَ الْفَلَكُ وَقَالَ النَّاسُ: مَاتَ الْقَائِمُ أوْ هَلَكَ، بِأيّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَقَالَ الطَّالِبُ: أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ بُلِيَتْ عِظَامُهُ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَارْجُوهُ فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتُوهُ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج)(18).
الغيبة للنعماني: أحمد بن هوذه، عن النهاوندي، عن أبي الجارود، مثله(19).
بيان: (الحبو) أن يمشي على يديه وركبتيه أو أسته.
2 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى(20) وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْهَيْثَم النَّهْدِيّ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَن الثُّمَالِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ أقْرَبَ النَّاس إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأعْلَمَهُمْ وَأرْأفَهُمْ بِالنَّاس مُحَمَّدٌ وَالأئِمَّةُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ فَادْخُلُوا أيْنَ دَخَلُوا وَفَارقُوا مَنْ فَارَقُوا أعْنِي بِذَلِكَ حُسَيْناً وَوُلْدَهُ عليهم السلام فَإنَّ الْحَقَّ فِيهِمْ وَهُمُ الأوْصِيَاءُ وَمِنْهُمُ الأئِمَّةُ فَأيْنَ مَا رَأيْتُمُوهُمْ فَإنْ أصْبَحْتُمْ يَوْماً لاَ تَرَوْنَ مِنْهُمْ أحَداً فَاسْتَعِينُو(21) بِاللهِ وَانْظُرُوا السُّنَّةَ الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْهَا فَاتَّبِعُوهَا وَأحِبُّوا مَنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ وَأبْغِضُوا مَنْ كُنْتُمْ تُبْغِضُونَ فَمَا أسْرَعَ مَا يَأتِيكُمُ الْفَرَجُ)(22).
3 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَمْرٍو اللَّيْثِيّ(23)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَر بْن وَهْبٍ الْبَغْدَادِيّ وَيَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن الْحَسَن، عَنْ سَعْدِ بْن أبِي خَلَفٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبُوذَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أخْبِرْنِي عَنْكُمْ؟ قَالَ: (نَحْنُ بِمَنْزلَةِ النُّجُوم إِذَا خَفِيَ نَجْمٌ بَدَا نَجْمٌ مَأمَنٌ(24) وَأمَانٌ وَسِلْمٌ وَإِسْلاَمٌ وَفَاتِحٌ وَمِفْتَاحٌ حَتَّى إِذَا اسْتَوَى بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يُدْرَ أيٌّ مِنْ أيٍّ أظْهَرَ اللهُ عزّ وجل صَاحِبَكُمْ فَاحْمَدُوا اللهَ عزّ وجل(25) وَهُوَ يُخَيّرُ الصَّعْبَ عَلَى(26)‏ الذَّلُولِ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأيَّهُمَا يَخْتَارُ؟ قَالَ: (يَخْتَارُ الصَّعْبَ عَلَى الذَّلُولِ)(27).
بيان: (لم يدر أيّ من أيّ): لا يعرف أيّهم الإمام أو لا يتميّزون في الكمال تميّزاً بيّناً لعدم كون الإمام ظاهراً بينهم، والصعب والذلول إشارة إلى السحابتين اللتين خيّر ذو القرنين بينهما فاختار الذلول وترك الصعب للقائم عليه السلام وسيأتي وقد مرَّ في أحوال ذي القرنين.
4 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ نَصْر بْن الصَّبَّاح، عَنْ جَعْفَر بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ أخِي أبِي عَبْدِ اللهِ الْكَابُلِيّ(28)، عَن الْقَابُوسِيّ، عَنْ نَضْر(29) بْن السَّنْدِيّ، عَن الْخَلِيل بْن عَمْرٍو، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْفَزَاريّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَطِيَّةَ، عَنْ اُمَّ هَانِئ الثَّقَفِيَّةِ، قَالَ: غَدَوْتُ عَلَى سَيَّدِي مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْبَاقِر عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل عَرَضَتْ بِقَلْبِي أقْلَقَتْنِي وَأسْهَرَتْنِي، قَالَ: (فَاسْألِي يَا اُمَّ هَانِئ)، قَالَتْ: قُلْتُ: قَوْلُ اللهِ عزّ وجل ((فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوارِ الْكُنَّسِ))(30)، قَالَ: (نِعْمَ الْمَسْألَةُ سَألْتِني يَا اُمَّ هَانِئ هَذَا مَوْلُودٌ فِي آخِر الزَّمَان هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ هَذِهِ الْعِتْرَةِ تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَهْتَدِي فِيهَا أقْوَامٌ فَيَا طُوبَى لَكِ إِنْ أدْرَكْتِهِ وَيَا طُوبَى مَنْ أدْرَكَهُ)(31).
5 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي الْقَاسِم، قَالَ: كَتَبْتُ مِنْ كِتَابِ أحْمَدَ الدَّهَّان عَن الْقَاسِم بْن حَمْزَةَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاج، عَنْ خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيّ، عَنْ أبِي أيُّوبَ(32) الْمَخْزُومِيّ، قَالَ: ذَكَرَ أبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عليه السلام سِيرَةَ الْخُلَفَاءِ(33) الرَّاشِدِينَ(34) فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهُمْ قَالَ: (الثَّانِي عَشَرَ الَّذِي يُصَلّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام خَلْفَهُ عَلَيْكَ بِسُنَّتِهِ وَالْقُرْآن الْكَريم)(35).
6 _ الغيبة للنعماني: سَلاَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن دَاوُدَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ عِمْرَانَ بْن الْحَجَّاج، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ اُسَيْدِ بْن ثَعْلَبَةَ، عَنْ اُمَّ هَانِئ، قَالَتْ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ))(36)؟ قَالَ لِي: (يَا اُمَّ هَانِئ إِمَامٌ يَخْنِسُ نَفْسَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ عَن النَّاس عِلْمُهُ سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن ثُمَّ يَبْدُو كَالشّهَابِ الْوَاقِدِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ فَإنْ أدْرَكْتِ ذَلِكِ الزَّمَانَ قَرَّتْ عَيْنَاكِ)(37).
الهوامش:
(1) كمال الدين 1: 315/ باب (ما أخبر به الحسن عليه السلام)/ ح 2.
(2) الاحتجاج 2: 67 و68/ ح 157.
(3) في المصدر: (الكشي) بدل (الليثي).
(4) كمال الدين 1: 316/ باب (ما أخبر به الحسين عليه السلام)/ ح 1.
(5) كمال الدين 1: 317/ باب (ما أخبر به الحسين عليه السلام)/ ح 2.
(6) كمال الدين 1: 317/ باب (ما أخبر به الحسين عليه السلام)/ ح 3.
(7) كمال الدين 1: 318/ باب (ما أخبر به الحسين عليه السلام)/ ح 4.
(8) كمال الدين 1: 318/ باب (ما أخبر به الحسين عليه السلام)/ ح 5.
(9) الغيبة للطوسي: 190/ رقم 153.
(10) من المصدر.
(11) الأحزاب: 6.
(12) الزخرف: 28.
(13) في المصدر: (فستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين).
(14) كمال الدين 1: 323/ باب (ما أخبر به علي بن الحسين عليه السلام)/ ح 8 .
(15) الكافي 1: 338/ باب 80/ ح 7.
(16) كمال الدين 1: 322/ باب (ما أخبر به علي بن الحسين عليه السلام)/ ح 6.
(17) مجالس المفيد: 45/ مجلس 6/ ح 5.
(18) كمال الدين 1: 326/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 5.
(19) الغيبة للنعماني: 154.
(20) في المصدر: (عن أحمد بن محمّد بن عيسى).
(21) في المصدر: (فاستغيثوا).
(22) كمال الدين 1: 328/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 8 .
(23) في المصدر: (الكشي) بدل (الليثي).
(24) في المصدر: (بدا نجم (منّا) أمن) بدل (بدا نجم مأمن).
(25) في المصدر إضافة: (لكم).
(26) في المصدر: (الصعب و) بدل (الصعب على).
(27) كمال الدين 1: 329/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 13.
(28) في المصدر: (أخي أبي علي الكابلي).
(29) في المصدر: (نصر) بدل (نضر).
(30) التكوير: 15 و16.
(31) كمال الدين 1: 330/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 14.
(32) في المصدر: (عن أبي لبيد المخزومي).
(33) في المصدر إضافة: (الاثني عشر).
(34) في المصدر إضافة: (صلوات الله عليهم).
(35) كمال الدين 1: 331/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 17.
(36) التكوير: 15.
(37) الغيبة للنعماني: 149.
******************
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ(1)، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَنْ وَهْبِ بْن شَاذَانَ، عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الرَّبيع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ مِثْلَهُ، إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: (كَالشّهَابِ يَتَوَقَّدُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ)(2).
7 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبُوذَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّمَا نُجُومُكُمْ كَنُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا أشَرْتُمْ بِأصَابِعِكُمْ وَمِلْتُمْ بِحَوَاجِبِكُمْ غَيَّبَ اللهُ عَنْكُمْ نَجْمَكُمْ وَاسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يُعْرَفْ أيٌّ مِنْ أيٍّ فَإذَا طَلَعَ نَجْمُكُمْ فَاحْمَدُوا رَبَّكُمْ)(3).
8 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام بِإسْنَادٍ لَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرٌ(4) وَوَاللهِ مَا فِي بَيْتِكَ مِثْلُكَ فَكَيْفَ لاَ تَخْرُجُ؟ فَقَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَطَاءٍ قَدْ أخَذْتَ تَفْرُشُ اُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى لاَ وَاللهِ مَا أنَا بِصَاحِبكُمْ)، قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟ فَقَالَ: (انْظُرُوا مَنْ غُيّبَ(5) عَن النَّاس ولاَدَتُهُ فَذَلِكَ صَاحِبُكُمْ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا أحَدٌ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالأصَابِع وَيُمْضَغُ بِالألْسُن إِلاَّ مَاتَ غَيْظاً أوْ حَتْفَ أنْفِهِ)(6).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن الحسن بن محمّد وغيره، عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين، عن العبّاس بن عامر(7)، عن موسى بن هليل العبدي(8)، عن عبدالله بن عطا، مثله(9).
بيان: الأظهر ما مرَّ في رواية ابن عطا أيضاً إلاَّ مات قتلاً ومع قطع النظر عمَّا مرَّ يحتمل أن يكون الترديد من الراوي ويحتمل أن يكون الموت غيظاً كناية عن القتل أو يكون المراد بالشقّ الثاني الموت على غير حال شدّة وألم أو يكون الترديد لمحض الاختلاف في العبارة أي إن شئت قل هكذا وإن شئت هكذا.
9 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ يَحْيَى بْن يَعْلَى، عَنْ أبِي مَرْيَمَ الأنْصَاريّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أخْبِرْني عَن الْقَائِم عليه السلام، فَقَالَ: (وَاللهِ مَا هُوَ أنَا وَلاَ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ‏ أعْنَاقَكُمْ وَلاَ يُعْرَفُ ولاَدَتُهُ)، قُلْتُ: بِمَا يَسِيرُ؟ قَالَ: (بِمَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم هَدَرَ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَقْبَلَ)(10).
10 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَزَالُونَ وَلاَ تَزَالُ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الأمْر مَنْ لاَ تَدْرُونَ خُلِقَ أمْ لَمْ يُخْلَقْ)(11).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد العطار، عن محمّد بن الحسين الرازي، عن ابن أبي الخطاب، مثله(12).
11 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَزَاريُّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، وَقَدْ حَدَّثَنِي الْحِمْيَريُّ، عَن ابْن عِيسَى مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لاَ تَزَالُونَ تَمُدُّونَ أعْنَاقَكُمْ إِلَى الرَّجُل مِنَّا تَقُولُونَ: هُوَ هَذَا، فَيَذْهَبُ اللهُ بِهِ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الأمْر مَنْ لاَ تَدْرُونَ وُلِدَ أمْ لَمْ يُولَدْ خُلِقَ أوْ لَمْ يُخْلَقْ)(13).
الغيبة للنعماني: على بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن محمّد بن أحمد القلانسي، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، مثله(14).
12 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازِيّ، عَنْ (مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ) الْكُوفِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَن ابْن بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ الْحَكَمُ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي(15) بِكُمْ إِذَا صَعِدْتُمْ فَلَمْ تَجِدُوا أحَداً وَرَجَعْتُمْ فَلَمْ تَجِدُوا أحَداً)(16).
13 _ الغيبة للنعماني: (رَوَى الشَّيْخُ الْمُفِيدُ رحمه الله فِي كِتَابِ الْغَيْبَةِ، عَنْ)(17) عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(18)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ فُضَيْل الرَّسَّان، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْبَاقِر عليه السلام ذَاتَ يَوْم فَلَمَّا تَفَرَّقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قَالَ لِي: (يَا أبَا حَمْزَةَ مِنَ الْمَحْتُوم الَّذِي حَتَمَهُ اللهُ قِيَامُ قَائِمِنَا فَمَنْ شَكَّ فِيمَا أقُولُ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ بِهِ كَافِرٌ)(19)، ثُمَّ قَالَ: (بِأبِي وَاُمَّي الْمُسَمَّى بِاسْمِي وَالْمُكَنَّى بِكُنْيَتِي السَّابِعُ مِنْ بَعْدِي بِأبِي (مَنْ)(20) يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً (وَقِسْطاً)(21) كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، يَا بَا حَمْزَةَ مَنْ أدْرَكَهُ فَيُسَلّمُ لَهُ مَا سَلَّمَ لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ لَمْ يُسَلّمْ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأواهُ النَّارُ وَبئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)(22).
وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين وأزهر لمن هداه وأحسن إليه قوله عزّ وجل في محكم كتابه: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ))(23) ومعرفة الشهور المحرَّم وصفر وربيع وما بعده والحُرُم منها رجب وذو القعدة و ذو الحجة والمحرَّم وذلك لا يكون ديناً قيّماً لأنَّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعاً من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدّونها بأسمائها وليس هو كذلك وإنَّما عنى بهم الأئمّة القوّامين بدين الله والحُرُم منها أمير المؤمنين عليه السلام الذي اشتقَّ الله سبحانه له اسماً من أسمائه العلي كما اشتقَّ لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلّم اسماً من أسمائه المحمود وثلاثة من ولده أسماؤهم علي بن الحسين وعلي بن موسى وعلي بن محمّد ولهذا الاسم المشتقّ من أسماء الله عزّ وجل حرمة به يعني أمير المؤمنين عليه السلام(24).
14 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَكَم، عَنْ زَيْدٍ أبِي الْحَسَن، عَن الْحَكَم بْن أبِي نُعَيْم، قَالَ: أتَيْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَقُلْتُ لَهُ: عَلَيَّ نَذْرٌ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام إِذَا أنَا لَقِيتُكَ أنْ لاَ أخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى أعْلَمَ أنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أمْ لاَ؟، فَلَمْ يُجِبْني بِشَيْ‏ءٍ، فَأقَمْتُ ثَلاَثِينَ يَوْماً، ثُمَّ اسْتَقْبَلَنِي فِي طَريقٍ فَقَالَ: (يَا حَكَمُ وَإِنَّكَ لَهَاهُنَا بَعْدُ؟)، فَقُلْتُ: إِنّي أخْبَرْتُكَ بِمَا جَعَلْتُ للهِ عَلَيَّ فَلَمْ تَأمُرْني وَلَمْ تَنْهَني عَنْ شَيْ‏ءٍ وَلَمْ تُجِبْني بِشَيْءٍ، فَقَالَ: (بَكّرْ عَلَيَّ غُدْوَةً الْمَنْزلَ)، فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ عليه السلام: (سَلْ عَنْ حَاجَتِكَ)، فَقُلْتُ: إِنّي جَعَلْتُ للهِ عَلَيَّ نَذْراً وَصِيَاماً وَصَدَقَةً بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام إِنْ أنَا لَقِيتُكَ أنْ لاَ أخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى أعْلَمَ أنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أمْ لاَ؟ فَإنْ كُنْتَ أنْتَ رَابَطْتُكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أنْتَ سِرْتُ فِي الأرْض فَطَلَبْتُ‏ الْمَعَاشَ، فَقَالَ: (يَا حَكَمُ كُلُّنَا قَائِمٌ بِأمْر اللهِ)، قُلْتُ: فَأنْتَ الْمَهْدِيُّ؟ قَالَ: (كُلُّنَا يُهْدَى(25) إِلَى اللهِ)، قُلْتُ: فَأنْتَ صَاحِبُ السَّيْفِ؟ قَالَ: (كُلُّنَا صَاحِبُ السَّيْفِ وَوَارثُ السَّيْفِ)، قُلْتُ: فَأنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ وَيَعِزُّ بِكَ أوْلِيَاءُ اللهِ وَيَظْهَرُ بِكَ دِينُ اللهِ؟ فَقَالَ: (يَا حَكَمُ كَيْفَ أكُونُ أنَا وَبَلَغْتُ خَمْساً وَأرْبَعِينَ وَإِنَّ صَاحِبَ هَذَ(26) أقْرَبُ عَهْداً بِاللَّبَن مِنّي وَأخَفُّ عَلَى ظَهْر الدَّابَّةِ)(27).
بيان: (عليَّ نذر) أي وجب عليَّ نذر أي منذور وبين الركن والمقام ظرف (عليَّ) والمراد بالمقام إمَّا مقامه الآن فيكون بياناً لطول الحطيم أو مقامه السابق فيكون بياناً لعرضه لكن العرض يزيد على ما هو المشهور أنَّه إلى الباب، وإنَّما اختار هذا الموضع لأنَّه أشرف البقاع فيصير عليه أوجب وكأنَّ (صياماً) كان بدون الواو، ومع وجوده عطف تفسير أو المراد بالنذر شيء آخر لم يفسّره، والظاهر أنَّ نذره كان هكذا: لله عليه إن لقيه عليه السلام وخرج من المدينة قبل أن يعلم هذا الأمر أن يصوم كذا ويتصدَّق بكذا، (رابطتك) أي لازمتك ولم اُفارقك، قوله: (يهدي إلى الله) على المجرَّد المعلوم لاستلزام كونهم هادين لكونهم مهديّين أو المجهول، أو على بناء الافتعال المعلوم بادغام التاء في الدال وكسر الهاء كقوله تعالى: ((أمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أنْ يُهْدى))(28) والأوّل أظهر، (أقرب عهداً باللبن) أي بحسب المرآى والمنظر، أي يحسبه الناس شاباً لكمال قوته وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه، وقيل: أي عند إمامته، فذكر الخمس والأربعين لبيان أنَّه كان عند الإمامة أسن، لعلم السائل أنَّه لم يمض من إمامته حينئذٍ إلاَّ سبع سنين، فسنّه عندها كانت ثماناً وثلاثين، والأوّل أوفق بما سيأتي من الأخبار فتفطَّن.
* * *
باب (6): ما روي في ذلك عن الصادق صلوات الله عليه
1 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: أبِي، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ فِي الْقَائِم سُنَّةً مِنْ يُوسُفَ)، قُلْتُ: كَأنَّكَ تَذْكُرُ حَيْرَةً أوْ غَيْبَةً(29)؟ قَالَ لِي: (وَمَا تُنْكِرُ مِنْ هَذَا هَذِهِ الاُمَّةُ أشْبَاهُ الْخَنَازِير إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا أسْبَاطاً أوْلاَدَ أنْبِيَاءَ تَاجَرُوا يُوسُفَ(30) وَبَايَعُوهُ(31) وَخَاطَبُوهُ وَهُمْ إِخْوَتُهُ وَهُوَ أخُوهُمْ فَلَمْ يَعْرفُوهُ حَتَّى قَالَ لَهُمْ يُوسُفُ عليه السلام: ((أنَا يُوسُفُ)). فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الاُمَّةُ الْمَلْعُونَةُ أنْ يَكُونَ اللهُ عزّ وجل فِي وَقْتٍ مِنَ الأوْقَاتِ يُريدُ أنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ، لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ(32) وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً فَلَوْ أرَادَ اللهُ عزّ وجل أنْ يُعَرَّفَ(33) مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَاللهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أيَّام مِنْ بَدْوهِمْ إِلَى مِصْرَ، وَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الاُمَّةُ أنْ يَكُونَ اللهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أنْ يَكُونَ يَسِيرُ(34) فِي أسْوَاقِهِمْ وَيَطَاُ بُسُطَهُمْ وَهُمْ لاَ يَعْرفُونَهُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ عزّ وجل أنْ يُعَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أذِنَ لِيُوسُفَ حِينَ قَالَ: ((هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأخِيهِ إِذْ أنْتُمْ جاهِلُونَ * قالُوا أإِنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ قالَ أنَا يُوسُفُ وَهذا أخِي))(35))(36).
بيان: من بدوهم أي من طريق البادية.
2 _ علل الشرائع: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيّ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَةً يَطُولُ أمَدُهَا)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل أبَى إِلاَّ أنْ يُجْريَ فِيهِ سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام فِي غَيْبَاتِهِمْ وَإِنَّهُ لاَ بُدَّ لَهُ يَا سَدِيرُ مِن‏ اسْتِيفَاءِ مَدَدِ غَيْبَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ))(37) أيْ سَنَناً عَلَى سَنَن مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(38).
3 _ أمالي الصدوق: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ‏:
( لِكُلّ اُنَاسٍ دَوْلَةٌ يَرْقَبُونَهَا وَدَوْلَتُنَا فِي آخِر الدَّهْر تَظْهَرُ)(39)
4 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِجَمِيع الأئِمَّةِ عليهم السلام وَجَحَدَ الْمَهْدِيَّ كَانَ كَمَنْ أقَرَّ بِجَمِيع الأنْبِيَاءِ وَجَحَدَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نُبُوَّتَهُ)، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مِمَّن الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكَ؟ قَالَ: (الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ)(40).
كمال الدين: الدقّاق، عن الأسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور، عنه عليه السلام، مثله(41).
5 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الزَّيْتُونيّ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن أبِي قَتَادَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم بْن أبِي حَيَّةَ(42)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا اجْتَمَعَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ مُتَوَالِيَةً مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ فَالرَّابِعُ الْقَائِمُ عليه السلام)(43).
الغيبة للطوسي: محمّد الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن هلال، عن أميّة بن علي، عن سلم(44) بن أبي حيّة، مثله(45).
6 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَارَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم التَّمِيمِيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا تَوَالَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ كَانَ رَابِعُهُمْ قَائِمَهُمْ)(46).
7 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيَّدِي جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي لَوْ عَهِدْتَ إِلَيْنَا فِي الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ لِي: (يَا مُفَضَّلُ الإمَامُ مِنْ بَعْدِي ابْني مُوسَى وَالْخَلَفُ الْمَأمُولُ‏ الْمُنْتَظَرُ (م ح م د) بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى)(47).
الهوامش:
(1) في المصدر إضافة: (عن جعفر بن محمّد).
(2) الغيبة للنعماني: 150.
(3) الغيبة للنعماني: 156، وفيه: مطلع الحديث: (إنَّما نحن كنجوم السماء).
(4) في المصدر: (كثيرة) بدل (كثير).
(5) في المصدر: (غيبت).
(6) الغيبة للنعماني: 167.
(7) في المصدر: (عن علي بن العبّاس بن عامر).
(8) في المصدر: (عن موسى بن هلال الكندي).
(9) الغيبة للنعماني: 168.
(10) الغيبة للنعماني: 169.
(11) الغيبة للنعماني: 182.
(12) الغيبة للنعماني: 183، وفيه: (عن محمّد بن حسان الرازي) بدل (عن محمّد بن الحسين الرازي).
(13) الغيبة للنعماني: 183.
(14) المصدر السابق.
(15) في المصدر: (كيف) بدل (كأنّي).
(16) الغيبة للنعماني: 192.
(17) عبارة: (روى الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الغيبة، عن) بين معقوفتين ليست في المصدر، وهو الصحيح.
(18) في المصدر: (عن محمّد بن حسان) بدل (عن محمّد بن الحسن).
(19) في المصدر إضافة: (به وله جاحد).
(20) من المصدر.
(21) من المصدر.
(22) ههنا يتمّ الحديث وما بعده من كلام النعماني رحمه الله فلا تغفل.
(23) التوبة: 36.
(24) الغيبة للنعماني: 86 - 88، باختلاف يسير.
(25) في المصدر: (نهدي) بدل (يهدي).
(26) في المصدر إضافة: (الأمر).
(27) الكافي 1: 536/ باب (إنَّ الأئمّة عليهم السلام كلّهم قائمون بأمر الله)/ ح 1.
(28) يونس: 35.
(29) في المصدرين: (خبره وغيبته) بدل (حيرة أو غيبة).
(30) في المصدرين: (بيوسف).
(31) في المصدرين: (وباعوه).
(32) في كمال الدين: (لقد كان يوسف يوماً ملك مصر)، وفي العلل: (لقد كان يوسف أحبّ إليه من ملك مصر).
(33) في كمال الدين: (يعرّفه).
(34) في كمال الدين إضافة: (فيما بينهم ويمشي في).
(35) يوسف: 89 و90.
(36) علل الشرائع: 244/ باب179/ ح3؛ كمال الدين 1: 144/ باب (في غيبة يوسفعليه السلام)/ ح11.
(37) الانشقاق: 19.
(38) علل الشرائع: 245/ باب 179/ ح 7.
(39) أمالي الصدوق: 578/ مجلس 74/ ح 791.
(40) كمال الدين 2: 333/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 1.
(41) كمال الدين 2: 410/ باب (فيمن أنكر القائم عليه السلام)/ ح 4.
(42) في المصدر: (حبّه).
(43) كمال الدين 2: 333/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 2.
(44) في المصدر: (سالم) بدل (سلم).
(45) الغيبة للطوسي: 233/ رقم 201.
(46) كمال الدين: 2: 334/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 4.
(47) المصدر السابق.
******************
8 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن أحْمَدَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ وَأبِي عَلِيٍّ الزَّرَّادِ مَعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَإنّي لَجَالِسٌ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ أبُو الْحَسَن مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليه السلام وَهُوَ غُلاَمٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَبَّلْتُهُ وَجَلَسْتُ، فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا إِبْرَاهِيمُ أمَا إِنَّهُ صَاحِبُكَ مِنْ بَعْدِي أمَا إِنَّهُ لَيَهْلِكَنَّ فِيهِ قَوْمٌ(2) وَيَسْعَدُ آخَرُونَ فَلَعَنَ اللهُ قَاتِلَهُ وَضَاعَفَ عَلَى رُوحِهِ الْعَذَابَ أمَا لَيُخْرجَنَّ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ خَيْرَ أهْل الأرْض فِي زَمَانِهِ سَمِيَّ جَدَّهِ وَوَارثَ عِلْمِهِ وَأحْكَامِهِ وَفَضَائِلِهِ مَعْدِنَ الإمَامَةِ وَرَأسَ الْحِكْمَةِ يَقْتُلُهُ جَبَّارُ بَنِي فُلاَنٍ بَعْدَ عَجَائِبَ طَريفَةٍ حَسَداً لَهُ وَلَكِنَّ اللهَ بالِغُ أمْرهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
يُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ تَمَامَ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّ(3) اخْتَصَّهُمُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ وَأحَلَّهُمْ دَارَ قُدْسِهِ، الْمُقِرُّ بِالثَّانِي عَشَرَ(4) مِنْهُمْ كَالشَّاهِر سَيْفَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَذُبُّ عَنْهُ)، قَالَ: فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي اُمَيَّةَ فَانْقَطَعَ الْكَلاَمُ، فَعُدْتُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً اُريدُ مِنْهُ أنْ يَسْتَتِمَّ الْكَلاَمَ فَمَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ قَابِلُ _ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ _ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَقَالَ: (يَا إِبْرَاهِيمُ الْمُفَرَّجُ لِلْكَرْبِ (عَنْ)(5) شِيعَتِهِ بَعْدَ ضَنْكٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ طَويلٍ وَجَزَع وَخَوْفٍ فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ حَسْبُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ). فَمَا رَجَعْتُ بِشَيْ‏ءٍ أسَرَّ مِنْ هَذَا لِقَلْبِي وَلاَ أقَرَّ لِعَيْني(6).
9 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن زَيْدٍ(7)، عَن الْحَسَن بْن مُوسَى، عَنْ عَلِيّ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن ربَاطٍ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُفَضَّل، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ أرْبَعَةَ عَشَرَ نُوراً قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأرْبَعَةَ عَشَرَ ألْفَ عَام فَهِيَ أرْوَاحُنَا)، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَمَن الأرْبَعَةَ عَشَرَ؟ فَقَالَ: (مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالأئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليهم السلام آخِرُهُمُ الْقَائِمُ‏ الَّذِي يَقُومُ بَعْدَ غَيْبَتِهِ فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَيُطَهَّرُ الأرْضَ مِنْ كُلّ جَوْرٍ وَظُلْم)(8).
10 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ(9)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْعَاصِمِيّ، عَن الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم بْن أيُّوبَ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْن الصَّبَّاح(10)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً مَضَى سِتَّةٌ وَبَقِيَ سِتَّةٌ يَضَعُ اللهُ فِي السَّادِس(11) مَا أحَبَّ)(12).
11 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزيزِ الْعَبْدِيّ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه السلام: (مَنْ أقَرَّ بِالأئِمَّةِ مِنْ آبَائِي وَوُلْدِي وَجَحَدَ الْمَهْدِيَّ مِنْ وُلْدِي كَانَ كَمَنْ أقَرَّ بِجَمِيع الأنْبِيَاءِ عليهم السلام وَجَحَدَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نُبُوَّتَهُ)، فَقُلْتُ: سَيَّدِي وَمَن الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكَ؟ قَالَ: (الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ)(13).
12 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن هَاشِم، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أمَا وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ عَنْكُمْ مَهْدِيُّكُمْ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ مِنْكُمْ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدِ حَاجَةٌ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(14).
13 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ حَنَانٍ(15) السَّرَّاج، عَن السَّيَّدِ بْن مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ يَقُولُ فِيهِ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ قَدْ رُويَ لَنَا أخْبَارٌ عَنْ آبَائِكَ عليهم السلام فِي الْغَيْبَةِ وَصِحَّةِ كَوْنهَا فَأخْبِرْني بِمَنْ تَقَعُ؟ فَقَالَ عليه السلام(16): (سَتَقَعُ بِالسَّادِس مِنْ وُلْدِي وَالثَّانِي عَشَرَ مِنَ الأئِمَّةِ الْهُدَاةِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أوَّلُهُمْ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَآخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ بَقِيَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ صَاحِبُ الزَّمَان وَخَلِيفَةُ الرَّحْمَن(17) وَاللهِ لَوْ بَقِيَ فِي غَيْبَتِهِ مَا بَقِيَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَظْهَرَ فَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(18).
14 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ هَانِئ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(19).
15 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَن ابْن الْبَطَائِنيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام مَا وَقَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْغَيْبَاتِ جَاريَةٌ(20) فِي الْقَائِم مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، قَالَ أبُو بَصِيرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ! وَمَن الْقَائِمُ مِنْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ هُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ ابْني مُوسَى ذَلِكَ ابْنُ سَيَّدَةِ الإمَاءِ يَغِيبُ غَيْبَةً يَرْتَابُ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ عزّ وجل فَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ مَشَارقَ الأرْض وَمَغَاربَهَا وَيَنْزلُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيُصَلّي خَلْفَهُ وَتُشْرقُ الأرْضُ بِنُور رَبَّهَا وَلاَ تَبْقَى فِي الأرْض بُقْعَةٌ عُبِدَ فِيهَا غَيْرُ اللهِ عزّ وجل إِلاَّ عُبِدَ اللهُ فِيهَا وَيَكُونُ الدَّينُ كُلُّهُ للهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ)(21).
بيان: قال الجزري: (القذّة) ريش السهم ومنه الحديث: (لتركبنَّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة) أي كما يقدر كلّ واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع، يضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان(22).
16 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنْ بَلَغَكُمْ عَنْ صَاحِبكُمْ غَيْبَةٌ فَلاَ تُنْكِرُوهَا)(23).
17 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْفَضْل، عَنْ أحْمَدَ بْن عُثْمَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن رزْقٍ، عَنْ يَحْيَى بْن الْعَلاَءِ الرَّازِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يُنْتِجُ اللهُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ رَجُلًا مِنّي وَأنَا مِنْهُ يَسُوقُ اللهُ بِهِ بَرَكَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض فَتُنْزلُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَيُخْرجُ الأرْضُ بَذْرَهَا وَتَأمَنُ وُحُوشُهَا وَسِبَاعُهَا وَيَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَيَقْتُلُ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ ذُرَّيَّةِ مُحَمَّدٍ لَرَحِمَ)(24).
18 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(25)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْكَاهِلِيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (تَوَاصَلُوا وَتَبَارُّوا وَتَرَاحَمُوا فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَيَأتِيَنَّ عَلَيْكُمْ وَقْتٌ لاَ يَجِدُ أحَدُكُمْ لِدِينَارهِ وَدِرْهَمِهِ مَوْضِعاً) يَعْنِي لاَ يَجِدُ لَهُ عِنْدَ ظُهُور الْقَائِم عليه السلام مَوْضِعاً يَصْرفُهُ فِيهِ لاسْتِغْنَاءِ النَّاس جَمِيعاً بِفَضْل اللهِ وَفَضْل وَلِيّهِ، فَقُلْتُ: وَأنَّى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (عِنْدَ فَقْدِكُمْ إِمَامَكُمْ فَلاَ تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَطْلُعَ عَلَيْكُمْ كَمَا يَطْلُعُ الشَّمْسُ أيْنَمَ(26) تَكُونُونَ فَإيَّاكُمْ وَالشَّكَّ وَالارْتِيَابَ انْفُوا عَنْ نُفُوسِكُمُ الشُّكُوكَ وَقَدْ حُذّرْتُمْ(27) فَاحْذَرُوا وَمِنَ اللهِ أسْألُ تَوْفِيقَكُمْ وَإِرْشَادَكُمْ)(28).
بيان: الظاهر أنَّ يعني كلام النعماني والظاهر أنَّه رحمه الله أخطأ في تفسيره لأنَّه وصف لزمان الغيبة لا لزمان ظهوره عليه السلام كما يظهر من آخر الخبر بل المعنى أنَّ الناس يكونون خونة لا يوجد من يؤتمن على درهم ولا دينار.
19 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْحِمْيَريّ، عَن الْحُسَيْن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِصَام، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي مَجْلِسِهِ وَمَعِي غَيْري فَقَالَ لَنَا: (إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويهَ) يَعْنِي بِاسْم الْقَائِم عليه السلام وَكُنْتُ أرَاهُ يُريدُ غَيْري، فَقَالَ لِي: (يَا بَا عَبْدِ اللهِ إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويهَ وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ سِنِين(29) مِنَ الدَّهْر وَلَيَخْمُلَنَّ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ(30)، هَلَكَ، بِأيّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَلَتَفِيضَنَّ عَلَيْهِ أعْيُنُ الْمُؤْمِنينَ وَلَيُكْفَأنَّ كَتَكَفُّؤ السَّفِينَةِ فِي أمْوَاج الْبَحْر حَتَّى لاَ يَنْجُوَ إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ وَكَتَبَ الإيمَانَ فِي قَلْبِهِ وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لاَ يُعْرَفُ أيٌّ مِنْ أيٍّ)، قَالَ(31): فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: (مَا يُبْكِيكَ؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَيْفَ لاَ أبْكِي وَأنْتَ تَقُولُ تُرْفَعُ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لاَ يُعْرَفُ أيٌّ مِنْ أيٍّ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى كَوَّةٍ فِي الْبَيْتِ الَّتِي تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ عليه السلام: (أهَذِهِ الشَّمْسُ مُضِيئَةٌ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (وَاللهِ لأمْرُنَا أضْوَاُ مِنْهَا)(32).
بيان: (التنوين في قوله: (سنيناً) على لغة بني عامر، قال الأزهري في التصريح: وبعضهم يجري بنين وباب سنين وإن لم يكن علماً مجرى غسلين في لزوم الياء والحركات على النون منوَّنة غالباً على لغة بني عامر(33)، انتهى).
خمل ذكره وصوته خمولاً خفي ويقال: كفأت الإناء أي قلبته، وقوله: (وليكفأنَّ) أي المؤمنون، وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب.
20 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيّ، عَنْ زَيْدِ بْن قُدَامَةَ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ يَقُولُ النَّاسُ: أنَّى ذَلِكَ وَقَدْ بُلِيَتْ عِظَامُهُ؟)(34).
21 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيّ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا عَلاَمَةُ الْقَائِم؟ قَالَ: (إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ فَقِيلَ: مَاتَ أوْ هَلَكَ فِي أيّ وَادٍ سَلَكَ؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: (لاَ يَظْهَرُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ)(35).
22 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن(36) بْن حَازِم، عَنْ عَبَّاس بْن هِشَام النَّاشِريّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ فُضَيْلٍ الصَّائِغ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا فَقَدَ النَّاسُ الإمَامَ مَكَثُوا سَبْت(37) لاَ يَدْرُونَ أيّاً مِنْ أيٍّ ثُمَّ يُظْهِرُ اللهُ لَهُمْ صَاحِبَهُمْ)(38).
توضيح: السبت الدهر.
23 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْحَسَن بْن مُعَاويَةَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ خَلاَّدِ بْن قَصَّارٍ، قَالَ: سُئِلَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: هَلْ وُلِدَ الْقَائِمُ؟ قَالَ: (لاَ، وَلَوْ أدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ أيَّامَ حَيَاتِي)(39).
إيضاح: لخدمته أي ربيته وأعنته.
24 _ إقبال الأعمال: بِإسْنَادِنَا إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَن ابْن هَمَّام، عَنْ جَمِيلٍ، عَن الْقَاسِم بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أحْمَدَ بْن رَبَاح، عَنْ أبِي الْفَرَج أبَان بْن مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِالسَّنْدِيّ نَقَلْنَاهُ مِنْ أصْلِهِ، قَالَ: كَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي الْحَجَّ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام تَحْتَ الْمِيزَابِ وَهُوَ يَدْعُو وَعَنْ يَمِينهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَن وَعَنْ يَسَارهِ حَسَنُ بْنُ حَسَنٍ وَخَلْفَهُ جَعْفَرُ بْنُ حَسَنٍ، قَالَ: فَجَاءَهُ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الْبَصْريُّ فَقَالَ لَهُ: يَا أبَا عَبْدِ اللهِ، قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثاً، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا جَعْفَرُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: (قُلْ مَا تَشَاءُ يَا أبَا كَثِيرٍ)، قَالَ: إِنّي وَجَدْتُ فِي كِتَاب‏ لِي عَلَمُ هَذِهِ الْبِنْيَةِ(40) رَجُلٌ يَنْقُضُهَا حَجَراً حَجَراً، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: (كَذَبَ كِتَابُكَ يَا أبَا كَثِيرٍ، وَلَكِنْ كَأنّي وَاللهِ بِأصْفَر الْقَدَمَيْن، خَمْش السَّاقَيْن، ضَخْم الْبَطْن، دَقِيقِ(41) الْعُنُقِ، ضَخْم الرَّأس عَلَى هَذَا الرُّكْن _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الرُّكْن الْيَمَانِيّ _ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الطَّوَافِ حَتَّى يَتَذَعَّرُوا مِنْهُ)، قَالَ: (ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ لَهُ رَجُلاً مِنّي _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرهِ _ فَيَقْتُلُهُ قَتْلَ عَادٍ وَثَمُودَ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ)، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَن: صَدَقَ وَاللهِ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام حَتَّى صَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ جَمِيع(42).
نُقِلَ مِنْ خَطّ الشَّهِيدِ رحمه الله عَنْ أبِي الْوَلِيدِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: (قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ) إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ قِيَامَ الْقَائِم عليه السلام(43).
25 _ كِتَابُ مُقْتَضَبِ الأثَر فِي النَّصّ عَلَى الاثْنَيْ عَشَرَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأدَمِيّ وَأثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ غَالِبٍ الْحَافِظُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُبَيْدِ بْن نَاصِح، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ هَمَّام بْن الْحَارثِ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبَّهٍ، قَالَ: إِنَّ مُوسَى عليه السلام نَظَرَ لَيْلَةَ الْخِطَابِ إِلَى كُلّ شَجَرَةٍ فِي الطُّور وَكُلّ حَجَرٍ وَنَبَاتٍ تَنْطِقُ بِذِكْر مُحَمَّدٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَصِيّاً لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: إِلَهِي لاَ أرَى شَيْئاً خَلَقْتَهُ إِلاَّ وَهُوَ نَاطِقٌ بِذِكْر مُحَمَّدٍ وَأوْصِيَائِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ فَمَا مَنْزلَةُ هَؤُلاَءِ عِنْدَكَ؟
قَالَ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ إِنّي خَلَقْتُهُمْ قَبْلَ خَلْقِ الأنْوَار وَجَعَلْتُهُمْ فِي خِزَانَةِ قُدْسِي يَرْتَعُونَ فِي ريَاض مَشِيَّتِي وَيَتَنَسَّمُونَ مِنْ رَوْح جَبَرُوتِي وَيُشَاهِدُونَ أقْطَارَ مَلَكُوتِي حَتَّى إِذَا شِئْتُ مَشِيَّتِي أنْفَذْتُ قَضَائِي وَقَدَري.
يَا ابْنَ عِمْرَانَ! إِنّي سَبَقْتُ بِهِمُ اسْتِبَاقِي حَتَّى اُزَخْرفَ بِهِمْ جِنَانِي، يَا ابْنَ عِمْرَانَ! تَمَسَّكْ بِذِكْرهِمْ فَإنَّهُمْ خَزَنَةُ عِلْمِي وَعَيْبَةُ حِكْمَتِي وَمَعْدِنُ نُوري، قَالَ حُسَيْنُ بْنُ عُلْوَانَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (حَقٌّ ذَلِكَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَنْ شَاءَ اللهُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا أسْألُكَ لِتُفْتِيَني بِالْحَقَّ، قَالَ: (أنَا وَابْني هَذَا _ وَأوْمَأ إِلَى ابْنهِ مُوسَى _ وَالْخَامِسُ مِنْ وُلْدِهِ يَغِيبُ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ)(44).
* * *
الهوامش:
(1) في المصدر: (علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدَّثنا أبي، عن جدّي أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمّد بن خالد...) الخ، وهو الصحيح.
(2) في المصدر: (أقوام) بدل (قوم).
(3) في المصدر: (تكملة اثني عشر إماماً مهدياً) بدل (تمام اثنا عشر مهدياً).
(4) في المصدر: (المنتظر للثاني عشر).
(5) من المصدر.
(6) كمال الدين 2: 334/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 5.
(7) في المصدر: (يزيد) بدل (زيد).
(8) كمال الدين 2: 335/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 7.
(9) في المصدر: (الطالقاني، عن الهمداني، عن أبي عبد الله العاصمي).
(10) في المصدر: (الصائغ) بدل (بن الصباح).
(11) في المصدر: (يصنع الله بالسادس).
(12) كمال الدين 2: 338/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 13.
(13) كمال الدين 2: 338/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 12.
(14) كمال الدين 2: 341/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 22.
(15) في المصدر: (حيّان) بدل (حنان).
(16) في المصدر إضافة: (إنَّ الغيبة).
(17) عبارة: (وخليفة الرحمن) ليست في المصدر.
(18) كمال الدين 2: 342/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 23.
(19) كمال الدين 2: 343/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 25.
(20) في المصدر: (بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم).
(21) كمال الدين 2: 345/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 31.
(22) النهاية 4: 28.
(23) الغيبة للطوسي: 160/ رقم 118.
(24) الغيبة للطوسي: 188/ رقم 149.
(25) في المصدر إضافة: (عن محمّد بن مالك).
(26) في المصدر: (آيس ما) بدل (أينما).
(27) في المصدر: (حذرتكم).
(28) الغيبة للنعماني: 150.
(29) في المصدر: (سبتاً) بدل (سنيناً).
(30) في المصدر إضافة: (أو).
(31) في المصدر إضافة: (المفضَّل).
(32) الغيبة للنعماني: 151.
(33) التصريح في النحو والتصريف: 98.
(34) الغيبة للنعماني: 154.
(35) الغيبة للنعماني: 156.
(36) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(37) في المصدر: (سنيناً) بدل (سبتاً).
(38) الغيبة للنعماني: 158.
(39) الغيبة للنعماني: 245.
(40) في المصدر: (البيّنة).
(41) في المصدر: (رقيق).
(42) إقبال الأعمال 3: 87/ باب 1.
(43) لم نعثر على خطّ الشهيد رحمه الله.
(44) مقتضب الأثر: 41.
******************
باب (7): ما روي عن الكاظم صلوات الله عليه في ذلك
1 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عِيسَى بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ جَدَّهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع فَاللهَ اللهَ فِي أدْيَانِكُمْ لاَ يُزيلُكُمْ أحَدٌ عَنْهَا، يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل امْتَحَنَ بِهَا خَلْقَهُ وَلَوْ عَلِمَ آبَاؤُكُمْ وَأجْدَادُكُمْ دِيناً أصَحَّ مِنْ هَذَا لاَتَّبَعُوهُ)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مَن الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع؟ قَالَ: (يَا بُنَيَّ عُقُولُكُمْ تَصْغُرُ عَنْ هَذَا وَأحْلاَمُكُمْ تَضِيقُ عَنْ حَمْلِهِ وَلَكِنْ إِنْ تَعِيشُوا فَسَوْفَ تُدْركُونَهُ)(1).
كمال الدين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، مثله(2).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمّد، عن الحسن بن عيسى بن محمّد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن جعفر، مثله(4).
كفاية الأثر: علي بن محمّد السندي، عن محمّد بن الحسين، عن سعد، مثله(5).
بيان: قوله: (يا بني) على جهة اللطف والشفقة.
2 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الأزْدِيّ، قَالَ: سَألْتُ سَيَّدِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً))(6)، فَقَالَ: (النّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ الإمَامُ الظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنَةُ الإمَامُ الْغَائِبُ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَيَكُونُ فِي الأئِمَّةِ مَنْ يَغِيبُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، يَغِيبُ عَنْ أبْصَار النَّاس شَخْصُهُ وَلاَ يَغِيبُ عَنْ قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ الثَّانِي عَشَرَ مِنَّا يُسَهَّلُ اللهُ لَهُ كُلَّ عَسِيرٍ وَيُذَلّلُ لَهُ كُلَّ صَعْبٍ وَيُظْهِرُ لَهُ كُنُوزَ الأرْض وَيُقَرَّبُ لَهُ كُلَّ بَعِيدٍ وَيُبيرُ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَيُهْلِكُ عَلَى يَدِهِ كُلَّ شَيْطَانٍ مَريدٍ، ذَاكَ ابْنُ سَيَّدَةِ الإمَاءِ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ تَسْمِيَتُهُ‏ حَتَّى يُظْهِرَهُ (اللهُ) عزّ وجل فَيَمْلأ بِهِ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً).
قال الصدوق رحمه الله: لم أسمع هذا الحديث إلاَّ من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عند منصرفي من حجّ بيت الله الحرام وكان رجلاً ثقة ديّناً فاضلاً رحمة الله عليه ورضوانه.
كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن حمزة، عن عمّه الحسن، عن علي، عن أبيه، مثله(7).
3 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْخَشَّابِ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن مُوسَى عليه السلام يَقُولُ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر (مَنْ‏) يَقُولُ النَّاسُ: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ)(8).
4 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن حَسَّانَ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن مُوسَى عليه السلام عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر قَالَ: (هُوَ الطَّريدُ الْوَحِيدُ الْغَريبُ الْغَائِبُ عَنْ أهْلِهِ الْمَوْتُورُ بِأبِيهِ)(9).
5 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى(10)، عَن الْبَجَلِيّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ وَأبِي قَتَادَةَ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَأويلُ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(11)؟ فَقَالَ: (إِذَا فَقَدْتُمْ إِمَامَكُمْ فَلَمْ تَرَوْهُ فَمَا ذَا تَصْنَعُونَ؟)(12).
6 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ صَالِح بْن السَّنْدِيّ، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ أنْتَ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ؟ فَقَالَ: (أنَا الْقَائِمُ بِالْحَقَّ وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهَّرُ الأرْضَ مِنْ أعْدَاءِ اللهِ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْر(13) هُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِي، لَهُ غَيْبَةٌ يَطُولُ أمَدُهَا خَوْفاً عَلَى نَفْسِهِ يَرْتَدُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَثْبُتُ فِيهَا آخَرُونَ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (طُوبَى لِشِيعَتِنَا الْمُتَمَسَّكِينَ بِحُبَّنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا الثَّابِتِينَ عَلَى مُوَالاَتِنَا وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أعْدَائِنَا اُولَئِكَ مِنَّا وَنَحْنُ مِنْهُمْ قَدْ رَضُوا بِنَا أئِمَّةً وَرَضِينَا بِهِمْ شِيعَةً وَطُوبَى(14) لَهُمْ هُمْ وَاللهِ مَعَنَا فِي دَرَجَتِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(15).
كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن حمزة، عن عمّه الحسن، عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، مثله(16).
* * *
باب (8): باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في ذلك
1 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا: الطَّالَقَانِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِيهِ، عَن الرَّضَا عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِالشّيعَةِ عِنْدَ فَقْدِهِمُ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ يَجِدُونَهُ)، قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: (لأنَّ إِمَامَهُمْ يَغِيبُ عَنْهُمْ)، فَقُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (لِئَلاَّ يَكُونَ فِي عُنُقِهِ لأحَدٍ بَيْعَةٌ إِذَا قَامَ بِالسَّيْفِ)(17).
2 _ عيون أخبار الرضا: أبِي، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: قَالَ لِي: (لاَ بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشَّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَبْكِي عَلَيْهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَأهْلُ الأرْض وَكُلُّ حَرَّى وَحَرَّانَ(18) وَكُلُّ حَزينٍ لَهْفَانَ)، ثُمَّ قَالَ: (بِأبِي وَاُمَّي سَمِيُّ جَدَّي وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّور تَتَوَقَّدُ بِشُعَاع ضِيَاءِ الْقُدْس كَمْ مِنْ حَرَّى مُؤْمِنَةٍ وَكَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأسَّفٍ حَيْرَانُ حَزينٌ عِنْدَ فِقْدَان الْمَاءِ الْمَعِين كَأنّي بِهِمْ آيِسٌ مَا كَانُوا نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُ مَنْ قَرُبَ يَكُونُ رَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ)(19).
3 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الْفَزَاريّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَن الرَّيَّان بْن الصَّلْتِ، عَن الرَّضَا عليه السلام مِثْلَهُ(20)، وَفِيهِ: (تَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاع ضِيَاءِ الْقُدْس‏ يَحْزَنُ لِمَوْتِهِ أهْلُ الأرْض وَالسَّمَاءِ كَمْ مِنْ حَرَّى)(21).
بيان: قال الجزري: الفتنة الصمّاء هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها لأنَّ الأصمّ لا يسمع الاستغاثة ولا يقلع عمَّا يفعله، وقيل: هي كالحيّة الصمّاء التي لا تقبل الرقى(22)، انتهى.
أقول: لا يبعد أن يكون مأخوذاً من قولهم: صخرة صمّاء أي الصلبة المصمتة كناية عن نهاية اشتباه الأمر فيها حتَّى لا يمكن النفوذ فيها والنظر في باطنها وتحيّر أكثر الخلق فيها أو عن صلابتها وثباتها واستمرارها والصيلم الداهية والأمر الشديد ووقعة صيلمة أي مستأصلة، و(بطانة الرجل) صاحب سرَّه الذي يشاوره في أحواله، و(وليجة الرجل) دخلاؤه وخاصَّته أي يزل فيها خواصّ الشيعة، والمراد بالثالث الحسن العسكري والظاهر رجوع الضمير في (عليه) إليه ويحتمل رجوعه إلى إمام الزمان المعلوم بقرينة المقام وعلى التقديرين المراد بقوله: سمي جدّي القائم عليه السلام.
قوله عليه السلام: (عليه جيوب النور) لعلَّ المعنى أنَّ جيوب الأشخاص النورانية من كمل المؤمنين والملائكة المقرّبين وأرواح المرسلين تشتعل للحزن على غيبته وحيرة الناس فيه وإنَّما ذلك لنور إيمانهم الساطع من شموس عوالم القدس ويحتمل أن يكون المراد بجيوب النور الجيوب المنسوبة إلى النور والتي يسطع منها أنوار فيضه وفضله تعالى والحاصل أنَّ عليه صلوات الله عليه أثواب قدسية وخلع ربّانية تتقد من جيوبها أنوار فضله وهدايته تعالى، ويؤيّده ما مرَّ في رواية محمّد بن الحنفية عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (جلابيب النور)، ويحتمل أن يكون على تعليلية أي ببركة هدايته وفيضه عليه السلام يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم والمعارف الربّانية.
قوله: (يسمع) على بناء المجهول أو المعلوم وعلى الأوّل، (من) حرف الجرّ وعلى الثاني اسم موصول وكذا الفقرة الثانية يحتمل الوجهين.
4 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْهَرَويّ، قَالَ: سَمِعْتُ دِعْبِلَ بْنَ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: أنْشَدْتُ مَوْلاَيَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرَّضَا عليه السلام قَصِيدَتِيَ الَّتِي أوَّلُهَا:
مَدَارسُ آيَاتٍ خَلَتْ مِنْ تِلاَوَةٍ وَمَنْزلُ وَحْيٍ مُقْفِرُ الْعَرَصَاتِ
فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِي:
خُرُوجُ إِمَام لاَ مَحَالَةَ خَارجٌ يَقُومُ عَلَى اسْم اللهِ وَالْبَرَكَاتِ
يُمَيّزُ فِينَا كُلَّ حَقًّ وَبَاطِلٍ وَيُجْزي عَلَى النَّعْمَاءِ وَالنَّقِمَاتِ
بَكَى الرَّضَا عليه السلام بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ لِي: (يَا خُزَاعِيُّ نَطَقَ رُوحُ الْقُدُس عَلَى لِسَانِكَ بِهَذَيْن الْبَيْتَيْن، فَهَلْ تَدْري مَنْ هَذَا الإمَامُ وَمَتَى يَقُومُ؟)، فَقُلْتُ: لاَ يَا مَوْلاَيَ(23)، إِلاَّ أنّي سَمِعْتُ بِخُرُوج إِمَام مِنْكُمْ يُطَهَّرُ الأرْضَ مِنَ الْفَسَادِ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْر(24)، فَقَالَ: (يَا دِعْبِلُ الإمَامُ بَعْدِي مُحَمَّدٌ ابْنِي وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَبَعْدَ عَلِيٍّ ابْنُهُ الْحَسَنُ وَبَعْدَ الْحَسَن ابْنُهُ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ فِي غَيْبَتِهِ الْمُطَاعُ فِي ظُهُورهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلأهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، وَأمَّا مَتَى فَإخْبَارٌ عَن الْوَقْتِ وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أبِي، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ عليهم السلام أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى يَخْرُجُ الْقَائِمُ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ؟ فَقَالَ: مَثَلُهُ مَثَلُ السَّاعَةِ لا يُجَلّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأرْض لا تَأتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً)(25).
كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن حمزة، عن عمّه الحسن، عن علي، عن أبيه، عن الهروي، مثله(26).
5 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: إِنَّا لَنَرْجُو أنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر وَأنْ يُسْدِيَهُ(27) اللهُ عزّ وجل إِلَيْكَ مِنْ غَيْر سَيْفٍ فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَضُربَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ، فَقَالَ: (مَا مِنَّا أحَدٌ اخْتَلَفَتْ‏ إِلَيْهِ الْكُتُبُ وَسُئِلَ عَن الْمَسَائِل وَأشَارَتْ إِلَيْهِ الأصَابِعُ وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الأمْوَالُ إِلاَّ اغْتِيلَ أوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ عزّ وجل لِهَذَا الأمْر رَجُلاً خَفِيَّ الْمَوْلِدِ وَالْمَنْشَإ غَيْرَ خَفِيّ فِي نَسَبِهِ)(28).
(بيان: في الكافي: (واُشير إليه بالأصابع) كناية عن الشهرة، و(الاغتيال) الأخذ بغتة والقتل خديعة والمراد هنا القتل بالآلة وبالموت القتل بالسُمّ والأوّل يصحبهما والمراد بالثاني الموت غيظاً بلا ظفر)(29).
6 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن الأشْعَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَمْدَانَ(30)، عَنْ خَالِهِ أحْمَدَ بْن زَكَريَّا، قَالَ: قَالَ لِيَ الرَّضَا عليه السلام: (أيْنَ مَنْزلُكَ بِبَغْدَادَ؟)، قُلْتُ: الْكَرْخُ، قَالَ: (أمَا إِنَّهُ أسْلَمُ مَوْضِع وَلاَ بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ وَلِيجَةٍ وَبِطَانَةٍ وَذَلِكَ بَعْدَ فِقْدَان الشّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي)(31).
7 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَن الْيَقْطِينيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي يَعْقُوبَ الْبَلْخِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّهُ سَيُبْتَلَوْنَ(32) بِمَا هُوَ أشَدُّ وَأكْبَرُ يُبْتَلَوْنَ(33) بِالْجَنِين فِي بَطْن اُمَّهِ وَالرَّضِيع حَتَّى يُقَالَ: غَابَ وَمَاتَ، وَيَقُولُونَ: لاَ إِمَامَ وَقَدْ غَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَغَابَ وَغَابَ وَهَا أنَا ذَا أمُوتُ حَتْفَ أنْفِي)(34).
بيان: قوله عليه السلام: (وغاب وغاب) أي كان له غيبات كثيرة كغيبته في حرى وفي الشعب وفي الغار وبعد ذلك إلى أن دخل المدينة ويحتمل أن يكون فاعل الفعلين محذوفاً بقرينة المقام أي غاب غيره من الأنبياء ويحتمل أن يكون عليه السلام ذكرهم وعبَّر الراوي هكذا اختصاراً.
8 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَ(35) عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا رُفِعَ عِلْمُكُمْ مِنْ بَيْن أظْهُركُمْ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِكُمْ)(36).
* * *
باب (9): ما روي في ذلك عن الجواد صلوات الله عليه
1 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الرُّويَانِيّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيَّدِي مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ عليهما السلام وَأنَا اُريدُ أنْ أسْألَهُ عَن الْقَائِم أهُوَ الْمَهْدِيُّ أوْ غَيْرُهُ؟ فَابْتَدَأنِي فَقَالَ: (يَا أبَا الْقَاسِم إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا هُوَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَجِبُ أنْ يُنْتَظَرَ فِي غَيْبَتِهِ وَيُطَاعَ فِي ظُهُورهِ وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ وُلْدِي وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَخَصَّنَا بِالإمَامَةِ إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُصْلِحُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ كَمَا أصْلَحَ أمْرَ كَلِيمِهِ مُوسَى عليه السلام(37) لِيَقْتَبِسَ لأهْلِهِ نَاراً فَرَجَعَ وَهُوَ رَسُولُ نَبِيٍّ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (أفْضَلُ أعْمَالِ شِيعَتِنَا انْتِظَارُ الْفَرَج)(38).
الهوامش:
(1) علل الشرائع: 244/ باب 179/ ح 4.
(2) كمال الدين 2: 359/ باب (ما أخبر به الكاظم عليه السلام)/ ح 1.
(3) الغيبة للطوسي: 166/ رقم 128.
(4) الغيبة للنعماني: 154.
(5) كفاية الأثر: 264، وفيه: (الحسن) بدل (الحسين).
(6) لقمان: 20.
(7) كفاية الأثر: 266.
(8) كمال الدين 2: 360/ باب (ما أخبر به الكاظم عليه السلام)/ ح 2.
(9) كمال الدين 2: 361/ باب (ما أخبر به الكاظم عليه السلام)/ ح 4.
(10) في المصدر إضافة: (عن موسى بن القاسم).
(11) الملك: 30.
(12) كمال الدين 2: 360/ باب (ما أخبر به الكاظم عليه السلام)/ ح 3.
(13) في المصدر إضافة: (وظلماً).
(14) في المصدر: (فطوبى لهم ثمّ طوبى) بدل (وطوبى).
(15) كمال الدين 2: 361/ باب (ما أخبر به الكاظم عليه السلام)/ ح 5.
(16) كفاية الأثر: 265.
(17) علل الشرائع: 245/ باب 179/ ح 6؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 273.
(18) الحرّة: العطش، فالرجل: حرَّان، والمرأة: حرَّى.
(19) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 6.
(20) في المصدر: (حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال العبرتائي، عن الحسن بن محبوب، عن أبِي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، قال: قال لي: (لا بدَّ من فتنة صمّاء صيلم...) الحديث، وفيه: (ويتوقَّد من سناء ضياء القدس))، والظاهر أنَّ نسخة المصنّف من كتاب كمال الدين قد كانت ناقصة اتّصل سند الحديث الأوّل بالمتن من حديث الثاني. راجع كمال الدين 2: 41، و361.
(21) كمال الدين 2: 370/ ح 3.
(22) النهاية 3: 54.
(23) في عيون أخبار الرضا عليه السلام: (سيّدي) بدل (مولاي).
(24) عبارة: (كما ملئت جوراً) ليست في العيون.
(25) كمال الدين 2: 372/ باب (ما أخبر به الرضا عليه السلام)/ ح 6؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 265.
(26) كفاية الأثر: 271.
(27) في المصدر: (يرده) بدل (يسديه).
(28) كمال الدين 2: 370/ باب (ما أخبر به الرضا عليه السلام)/ ح 1.
(29) أصول الكافي 1: 341/ ح 915.
(30) في المصدر: (مهران) بدل (حمدان).
(31) كمال الدين 2: 371/ باب (ما أخبر به الرضا عليه السلام)/ ح 4.
(32) في المصدر: (إنَّكم ستبتلون) بدل (إنَّه سيبتلون).
(33) في المصدر: (تبتلون).
(34) الغيبة للنعماني: 180.
(35) في المصدر: (الثالث) بدل (الرضا).
(36) الغيبة للنعماني: 187.
(37) في المصدر إضافة: (إذ ذهب).
(38) كمال الدين 2: 377/ باب (ما أخبر به الجواد عليه السلام)/ ح 1.
******************
2 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن(1) عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرَّضَا عليه السلام: مَن الْخَلَفُ بَعْدَكَ؟ قَالَ: (ابْني عَلِيٌّ ابْنِي عَلِيٌّ)، ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّهَا سَتَكُونُ حَيْرَةٌ)، قُلْتُ: فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَإلَى مَنْ(2)؟ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: (لاَ أيْنَ)، حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثاً فَأعَدْتُ، فَقَالَ: (إِلَى الْمَدِينَةِ)، فَقُلْتُ: أيّ الْمُدُن؟ فَقَالَ: (مَدِينَتِنَا هَذِهِ وَهَلْ مَدِينَةٌ غَيْرُهَا؟).
وَقَالَ أحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ: أخْبَرَني ابْنُ بَزيع أنَّهُ حَضَرَ اُمَيَّةَ بْنَ عَلِيٍّ الْقَيْسِيَّ وَهُوَ يَسْألُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ ذَلِكَ فَأجَابَهُ بِهَذَا الْجَوَابِ(3).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن هلال، عن أميّة بن علي القيسي، ... وذكر مثله(4).
بيان: (فقال: لا أين) أي لا يهتدى إليه وأين يوجد ويظفر به ثُمَّ أشار عليه السلام إلى أنَّه يكون في بعض الأوقات في المدينة أو يراه بعض الناس فيها.
3 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن هِشَام، عَنْ أبِي سَعْدٍ سَهْل(5) بْن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرَّضَا عليهما السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (إِذَا مَاتَ ابْني عَلِيٌّ بَدَا سِرَاجٌ بَعْدَهُ ثُمَّ خَفِيَ فَوَيْلٌ لِلْمُرْتَابِ وَطُوبَى للغريب(6) الْفَارَّ بِدِينهِ ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ أحْدَاثٌ تَشِيبُ فِيهَا النَّوَاصِي وَيَسِيرُ الصُّمُّ الصّلاَبُ)(7).
بيان: سير الصّمّ الصّلاب كناية عن شدّة الأمر وتغيّر الزمان حتَّى كأنَّ الجبال زالت عن مواضعها أو عن تزلزل الثابتين في الدين عنه.
4 _ كفاية الأثر: أبُو عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى: إِنّي لأرْجُو أنْ تَكُونَ الْقَائِمَ مِنْ أهْل بَيْتِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، فَقَالَ: (يَا أبَا الْقَاسِم مَا مِنَّا إِلاَّ قَائِمٌ بِأمْر اللهِ وَهَادٍ إِلَى دِين اللهِ وَلَسْتُ(8) الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهَّرُ اللهُ بِهِ الأرْضَ مِنْ أهْل الْكُفْر وَالْجُحُودِ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً، هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ وَهُوَ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ وَكَنِيُّهُ وَهُوَ الَّذِي يُطْوَى لَهُ الأرْضُ وَيَذِلُّ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ مِنْ أصْحَابِهِ عَدَدُ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أقَاصِي الأرْض وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ))(9)، فَإذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أهْل الأرْض(10) أظْهَرَ أمْرَهُ فَإذَا اُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ خَرَجَ بِإذْن اللهِ فَلاَ يَزَالُ يَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى)، قَالَ عَبْدُ الْعَظِيم: قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي وَكَيْفَ يَعْلَمُ أنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ؟ قَالَ: (يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ)(11).
5 _ كفاية الأثر: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَن ابْن عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن الصَّقْر بْن أبِي دُلَفَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (الإمَامُ بَعْدِي ابْني عَلِيٌّ أمْرُهُ أمْري وَقَوْلُهُ قَوْلِي وَطَاعَتُهُ طَاعَتِي وَالإمَامُ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ أمْرُهُ أمْرُ أبِيهِ وَقَوْلُهُ قَوْلُ أبِيهِ وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ أبِيهِ)، ثُمَّ سَكَتَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ فَمَن الإمَامُ بَعْدَ الْحَسَن؟ فَبَكَى عليه السلام بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْنُهُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ الْمُنْتَظَرُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَلِمَ سُمَّيَ الْقَائِمَ؟ قَالَ: (لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَوْتِ ذِكْرهِ وَارْتِدَادِ أكْثَر الْقَائِلِينَ بِإمَامَتِهِ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ سُمَّيَ الْمُنْتَظَرَ؟ قَالَ: (إِنَّ لَهُ غَيْبَةً يَكْثُرُ أيَّامُهَا وَيَطُولُ أمَدُهَا فَيَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ الْمُخْلِصُونَ وَيُنْكِرُهُ الْمُرْتَابُونَ وَيَسْتَهْزئُ بِهِ الْجَاحِدُونَ وَيَكْذِبُ فِيهَا الْوَقَّاتُونَ وَيَهْلِكُ فِيهَا الْمُسْتَعْجِلُونَ وَيَنْجُو فِيهَا الْمُسْلِمُونَ)(12).
6 _ كفاية الأثر: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن السَّنْدِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام: مَن الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: (ابْني عَلِيٌّ)، ثُمَّ قَالَ: (أمَا إِنَّهَا سَتَكُونُ حَيْرَةٌ)، قَالَ: قُلْتُ: إِلَى أيْنَ؟ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: (إِلَى الْمَدِينَةِ)، قَالَ: قُلْتُ: وَإِلَى أيّ مَدِينَةٍ؟ قَالَ: (مَدِينَتِنَا هَذِهِ وَهَلْ مَدِينَةٌ غَيْرُهَا؟)(13).
7 _ قَالَ أحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ: فَأخْبَرَني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْن بَزيع أنَّهُ حَضَرَ اُمَيَّةَ بْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ يَسْألُ أبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ عَنْ ذَلِكَ فَأجَابَهُ بِمِثْل ذَلِكَ الْجَوَابِ(14).
8 _ وَبهَذَا الإسْنَادِ: عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم التَّمِيمِيّ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا تَوَالَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ كَانَ رَابِعُهُمْ قَائِمَهُمْ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ)(15).
* * *
باب (10): نصّ العسكريين صلوات الله عليهما على القائم عليه السلام
1 _ عيون أخبار الرضا، وكمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ(16)، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويّ، عَنْ أبِي هَاشِم الْجَعْفَريّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن صَاحِبَ الْعَسْكَر عليه السلام يَقُولُ: (الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِي ابْنِيَ الْحَسَنُ، فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟)، فَقُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: (لأنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ شَخْصَهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ؟‏ قَالَ: (قُولُوا: الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(17).
كفاية الأثر: علي بن محمّد (بن) السندي، عن محمّد بن الحسن، عن سعد، مثله(18).
2 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِمْرَ(انَ)(19) الْكَاتِبِ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْمَريّ، عَنْ عَلِيّ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي الْحَسَن عليه السلام أسْألُهُ (عَن)(20) الْفَرَج، فَكَتَبَ(21): (إِذَا غَابَ صَاحِبُكُمْ عَنْ دَار الظَّالِمِينَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(22).
3 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْخَشَّابِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن أيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر مَنْ يَقُولُ النَّاسُ: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ)(23).
وحدَّثنا بهذا الحديث محمّد بن إبراهيم، عن إسحاق بن أيّوب(24).
4 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُبَيْدِ اللهِ(25) بْن أبِي غَانِم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ بْن فَارسٍ، قَالَ: كُنْتُ أنَ(26) وَأيُّوبُ بْنُ نُوح فِي طَريقِ مَكَّةَ فَنَزَلْنَا عَلَى وَادِي زُبَالَةَ فَجَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ فَجَرَى ذِكْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَبَعُدَ الأمْرُ عَلَيْنَا فَقَالَ أيُّوبُ بْنُ نُوح: كَتَبْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أذْكُرُ شَيْئاً مِنْ هَذَا، فَكَتَبَ (إِلَيَّ): (إِذَا رُفِعَ عِلْمُكُمْ مِنْ بَيْن أظْهُركُمْ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِكُمْ)(27).
(بيان: (علمكم) بالتحريك أي من يعلم به سبيل الحقّ، وهو الإمام عليه السلام أو بالكسر أي صاحب علمكم، فرجع إلى الأوّل أو أصل العلم، بأن تشيع الضلالة والجهالة في الخلق، وتوقّع الفرج من تحت الأقدام كناية عن قربه وتيسير حصوله، فإنَّ من كانت قدماه على شيء فهو أقرب الأشياء به، ويأخذه إذا رفعهما، فعلى الأوّلين المعنى أنَّه لا بدَّ أن تكونوا في ذلك الأزمان متوقّعين للفرج كذلك، غير آيسين منه، ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ظهور الإمام أي يحصل لكم فرج إمَّا بالموت والوصول إلى رحمة الله، أو ظهور الإمام، أو رفع شرّ الأعادي بفضل الله وعلى الوجه الثالث، الكلام محمول على ظاهره، فإنَّه إذا تمَّت جهالة الخلق وضلالتهم لا بدَّ من ظهور الإمام عليه السلام كما دلَّت الأخبار وعادة الله في الأمم الماضية عليه).
5 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن صَدَقَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن عَبْدِ الْغَفَّار، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أبُو جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام كَتَبَتِ الشّيعَةُ إِلَى أبِي الْحَسَن عليه السلام يَسْألُونَهُ عَن الأمْر فَكَتَبَ عليه السلام إِلَيْهِمُ: (الأمْرُ لِي مَا دُمْتُ حَيّاً فَإذَا نَزَلَتْ بِي مَقَادِيرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أتَاكُمُ الْخَلَفُ مِنّي وَأنَّى لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟)(28).
6 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ وَقَدِ اخْتَلَفْتُمْ بَعْدِي فِي الْخَلَفِ مِنّي أمَا إِنَّ الْمُقِرَّ بِالأئِمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ الْمُنْكِرَ لِوَلَدِي كَمَنْ أقَرَّ بِجَمِيع أنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ ثُمَّ أنْكَرَ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالْمُنْكِرُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم كَمَنْ أنْكَرَ جَمِيعَ الأنْبِيَاءِ لأنَّ طَاعَةَ آخِرنَا كَطَاعَةِ أوَّلِنَا وَالْمُنْكِرَ لآِخِرنَا كَالْمُنْكِر لأوَّلِنَا أمَا إِنَّ لِوَلَدِي غَيْبَةً يَرْتَابُ فِيهَا النَّاسُ إِلاَّ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ عزّ وجل)(29).
كفاية الأثر: الحسين بن علي، عن العطّار، مثله(30).
7 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ: سُئِلَ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام وَأنَا عِنْدَهُ عَن الْخَبَر الَّذِي رُويَ عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ وَأنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرفْ إِمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، (فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّ هَذَا حَقٌّ كَمَا أنَّ النَّهَارَ حَقٌّ)، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ فَمَن الْحُجَّةُ وَالإمَامُ بَعْدَكَ؟ فَقَالَ: (ابْنِي مُحَمَّدٌ وَهُوَ الإمَامُ وَالْحُجَّةُ بَعْدِي مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرفْهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)(31).
أمَا إِنَّ لَهُ غَيْبَةً يَحَارُ فِيهَا الْجَاهِلُونَ وَيَهْلِكُ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ وَيَكْذِبُ فِيهَا الْوَقَّاتُونَ ثُمَّ يَخْرُجُ، فَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى الأعْلاَم الْبِيض تَخْفِقُ فَوْقَ رَأسِهِ بِنَجَفِ الْكُوفَةِ)(32).
كفاية الأثر: أبو المفضَّل، عن أبي علي بن همام، مثله(33).
8 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْوَرَّاقُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِي،‏ قَالَ: خَرَجَ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام تَوْقِيعٌ: (زَعَمُوا أنَّهُمْ يُريدُونَ قَتْلِي لِيَقْطَعُوا نَسْلِي(34) وَقَدْ كَذَّبَ اللهُ قَوْلَهُمْ وَالْحَمْدُ للهِ)(35).
9 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ بْن كُلْثُوم، عَنْ عَلِيّ بْن أحْمَدَ الرَّازِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ(36)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الْعَسْكَريّ عليه السلام يَقُولُ: (الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُخْرجْنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى أرَانِي الْخَلَفَ مِنْ بَعْدِي أشْبَهَ النَّاس بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم خَلْقاً وَخُلْقاً يَحْفَظُهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(37).
10 _ الغيبة للطوسي: سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الزَّيْتُونيّ، عَن الزُّهْريّ الْكُوفِيّ، عَنْ بُنَان بْن حَمْدَوَيْهِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي الْحَسَن الْعَسْكَريّ عليه السلام مُضِيُّ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَقَالَ: (ذَاكَ إِلَيَّ مَا دُمْتُ حَيّاً بَاقِياً وَلَكِنْ كَيْفَ بِهِمْ إِذَا فَقَدُوا مَنْ بَعْدِي؟)(38).
11 _ الغيبة للطوسي: أبُو هَاشِم الْجَعْفَريُّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: جَلاَلَتُكَ تَمْنَعُنِي عَنْ مَسْألَتِكَ فَتَأذَنُ لِي فِي أنْ أسْألَكَ؟ قَالَ: (سَلْ)، قُلْتُ: يَا سَيَّدِي هَلْ لَكَ وَلَدٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: فَإنْ حَدَثَ حَدَثٌ فَأيْنَ أسْألُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: (بِالْمَدِينَةِ)(39).
12 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَنْ أبِي نُعَيْم نَصْر بْن عِصَام بْن الْمُغِيرَةِ الْفِهْريّ الْمَعْرُوفِ بِقَرْقَارَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْمَرَاغِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ، أنَّهُ سَألَ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر، فَأشَارَ بِيَدِهِ أيْ إِنَّهُ حَيٌّ غَلِيظُ الرَّقَبَةِ(40).
13 _ كفاية الأثر: أبُو الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيُّ، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ عَلاَّنٍ الرَّازِيّ، قَالَ: أخْبَرَني بَعْضُ أصْحَابِنَا أنَّهُ لَمَّا حَمَلَتْ جَاريَةُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَ: (سَتَحْمِلِينَ ذَكَراً وَاسْمُهُ (م ح م د) وَهُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي)(41).
14 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَرٍ الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْمَدَائِنيّ، عَنْ أبِي حَاتِم(42)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام يَقُولُ: (فِي سَنَةِ مِائَتَيْن وَسِتّينَ تَفَرَّقَ(43) شِيعَتِي)، فَفِيهَا قُبِضَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام وَتَفَرَّقَتْ شِيعَتُهُ وَأنْصَارُهُ فَمِنْهُمْ مَن‏ انْتَمَى إِلَى جَعْفَرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ تَاهَ وَشَكَّ وَمِنْهُمْ مَنْ وَقَفَ عَلَى تَحَيُّرهِ وَمِنْهُمْ مَنْ ثَبَتَ عَلَى دِينهِ بِتَوْفِيقِ اللهِ عزّ وجل(44).
15 _ الخرائج والجرائح: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عِيسَى بْن صَبِيح، قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ الْعَسْكَريُّ عليه السلام عَلَيْنَا الْحَبْسَ وَكُنْتُ بِهِ عَارفاً، فَقَالَ لِي: (لَكَ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَشَهْرٌ وَيَوْمَان)، وَكَانَ مَعِي كِتَابُ دُعَاءٍ عَلَيْهِ تَاريخُ مَوْلِدِي وَإِنّي نَظَرْتُ فِيهِ فَكَانَ كَمَا قَالَ، وَقَالَ: (هَلْ رُزِقْتَ وَلَداً؟)، فَقُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: (اللهُمَّ ارْزُقْهُ وَلَداً يَكُونُ لَهُ عَضُداً فَنِعْمَ الْعَضُدُ الْوَلَدُ)، ثُمَّ تَمَثَّلَ عليه السلام:
(مَنْ كَانَ ذَا عَضُدٍ يُدْركُ ظُلاَمَتَهُ إِنَّ الذَّلِيلَ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ عَضُدٌ)
قُلْتُ: ألَكَ وَلَدٌ؟ قَالَ: (إِي وَاللهِ سَيَكُونُ لِي وَلَدٌ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْط(45) فَأمَّا الآنَ فَلاَ)، ثُمَّ تَمَثَّلَ:
( لَعَلَّكَ يَوْماً أنْ تَرَانِي كَأنَّمَا بَنِيَّ حَوَالَيَّ الاُسُودُ اللَّوَابِدُ
فَإنَّ تَمِيماً قَبْلَ أنْ يَلِدَ الْحَصَا أقَامَ زَمَاناً وَهُوَ فِي النَّاس وَاحِدٌ)(46)
* * *
الهوامش:
(1) في النسخة المطبوعة: (عن أحمد بن هلال، عن أبيه، عن علي القيسي)، والصحيح ما أثبتناه، وكذا فيما يأتي.
(2) في المصدر: (فإلى أين؟)، وهو المناسب لما في الجواب من قوله عليه السلام: (لا أين).
(3) الغيبة للنعماني: 185.
(4) المصدر السابق.
(5) في المصدر: (عن أبي عبد الله محمّد بن عصام، عن أبي سعيد سهل بن زياد).
(6) في المطبوعة: (للعرب)، وما أثبتناه من المصدر.
(7) الغيبة للنعماني: 186.
(8) في المصدر: (ولكن) بدل (ولست).
(9) البقرة: 148.
(10) في المصدر: (الإخلاص) بدل (الأرض).
(11) كفاية الأثر: 277.
(12) كفاية الأثر: 279.
(13) كفاية الأثر: 280.
(14) المصدر السابق.
(15) كفاية الأثر: 280 و281.
(16) عبارة: (ابن الوليد) ليست في كمال الدين.
(17) كمال الدين 2: 648/ باب (النهي عن التسمية)/ ح 4؛ ولم نعثر عليه في العيون.
(18) كفاية الأثر: 284.
(19) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(20) من المصدر.
(21) في المصدر إضافة: (إليَّ).
(22) كمال الدين 2: 380/ باب (ما أخبر به الهادي عليه السلام)/ ح 2.
(23) كمال الدين 2: 382/ باب (ما أخبر به الهادي عليه السلام)/ ح 6.
(24) كمال الدين 2: 382/ باب (ما أخبر به الهادي عليه السلام)/ ح 7، وفيه: (وحدَّثنا بهذا الحديث محمّد بن إبراهيم، عن محمّد بن معقل، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن إسحاق بن أيّوب، عن أبي الحسن علي بن محمّد عليهما السلام).
(25) في المصدر: (عبد الله) بدل (عبيد الله).
(26) في المصدر إضافة: (ونوح).
(27) كمال الدين 2: 381/ باب (ما أخبر به الهادي عليه السلام)/ ح 4.
(28) كمال الدين 2: 382/ باب (ما أخبر به الهادي عليه السلام)/ ح 8 .
(29) كمال الدين 2: 409/ باب (ما أخبر به العسكري عليه السلام)/ ح 8 .
(30) كفاية الأثر: 291، وفيه: (الحسن) بدل (الحسين).
(31) من المصدر.
(32) كمال الدين 2: 409/ باب (ما أخبر به العسكري عليه السلام)/ ح 9.
(33) كفاية الأثر: 292.
(34) في المصدر: (هذا النسل) بدل (نسلي).
(35) كمال الدين 2: 407/ باب (ما أخبر به العسكري عليه السلام)/ ح 3.
(36) في المصدر إضافة: (بن سعد).
(37) كمال الدين 2: 408/ باب (ما أخبر به العسكري عليه السلام)/ ح 7.
(38) الغيبة للطوسي: 162/ رقم 122.
(39) الغيبة للطوسي: 232/ رقم 199.
(40) الغيبة للطوسي: 251/ رقم 220.
(41) كفاية الأثر: 290.
(42) في المصدر: (غانم) بدل (حاتم).
(43) في المصدر: (تفترق).
(44) كمال الدين 2: 408/ ح 6.
(45) في المصدر إضافة: (وعدلاً).
(46) الخرائج والجرائح 1: 478/ فصل (في معجزات الإمام صاحب الزمان عليه السلام)/ ح 19.
******************
باب (11): نادر فيما أخبر به الكهنة وأضرابهم وما وجد من ذلك مكتوباً في الألواح والصخور
روى البرسي في (مشارق الأنوار) عن كعب بن الحارث قال: إنَّ ذا جدن(1) الملك أرسل إلى السطيح لأمر شكّ فيه فلمَّا قدم عليه أراد أن يجرَّب علمه قبل حكمه فخبَّأ له ديناراً تحت قدمه ثُمَّ أذن له فدخل فقال له الملك: ما خبَّأت لك يا سطيح؟ فقال سطيح: حلفت بالبيت والحرم، والحجر الأصمّ، والليل إذا أظلم، والصبح إذا تبسَّم، وبكل فصيح وأبكم، لقد خبَّأت لي ديناراً بين النعل والقدم، فقال الملك: من أين علمك هذا يا سطيح!؟ فقال: من قبل أخ لي حتَّى ينزل معي أنّى نزلت.
فقال الملك: أخبرني عمَّا يكون في الدهور، فقال سطيح: إذا غارت الأخيار وقادت(2) الأشرار، وكذّب بالأقدار، وحمل المال بالأوقار، وخشعت الأبصار لحامل الأوزار، وقطعت الأرحام، وظهرت الطغام، المستحلّي الحرام، في حرمة الإسلام، واختلفت الكلمة، وخفرت الذمّة، وقلَّت الحرمة، وذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب، وله شبيه الذنب، فهناك تنقطع الأمطار، وتجفّ الأنهار، وتختلف الأعصار، وتغلو الأسعار، في جميع الأقطار.
ثُمَّ تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر(3)، حتَّى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدلّ الرايات السود بالحمر، فيبيح المحرّمات، ويترك النساء بالثدايا معلقات، وهو صاحب نهب الكوفة، فربّ بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة، بها الخيل محفوفة، قتل زوجها، وكثر عجزها، واستحلّ فرجها فعندها يظهر ابن النبيّ المهدي، وذلك إذا قتل المظلوم بيثرب، وابن عمّه في الحرم، وظهر الخفي فوافق الوشمي(4) فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم، بقتل القروم(5)، فعندها ينكسف كسوف، إذا جاء الزحوف، وصفّ الصفوف.
ثُمَّ يخرج ملك من صنعاء اليمن، أبيض كالقطن(6) اسمه حسين أو حسن، فيذهب بخروجه غمر الفتن، فهناك يظهر مباركاً زكياً، وهادياً مهديّاً، وسيّداً علويّاً فيفرّج الناس إذا أتاهم بمنّ الله الذي هداهم، فيكشف بنوره الظلماء، ويظهر به الحقّ بعد الخفاء، ويفرّق الأموال في الناس بالسواء، ويغمّه(7) السيف فلا يسفك الدماء، ويعيش الناس في البشر والهناء، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء، ويرد الحقّ على أهل القرى، ويكثر في الناس الضيافة والقرى، ويرفع بعدله الغواية والعمى، كأنَّه كان غبار فانجلى، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً والأيام حباء، وهو علم للساعة بلا امتراء(8).
(وَرَوَى ابْنُ عَيَّاشٍ فِي الْمُقْتَضَبِ عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن سُفْيَانَ الْبَزَوْفَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن الْبُوشَنْجَانِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَن‏ النُّوشَجَان بْن البودمردان، قَالَ: لَمَّا جَلاَ الْفُرْسُ عَن الْقَادِسِيَّةِ وَبَلَغَ يَزْدَجَرْدَ بْنَ شَهْريَارَ مَا كَانَ مِنْ رُسْتُمَ وَإِدَالَةِ الْعَرَبِ عَلَيْهِ وَظَنَّ أنَّ رُسْتُمَ قَدْ هَلَكَ وَالْفُرْسَ جَمِيعاً وَجَاءَ مُبَادِرٌ(9) وَأخْبَرَهُ بِيَوْم الْقَادِسِيَّةِ وَانْجِلاَئِهَا عَنْ خَمْسِينَ ألْفَ قَتِيلٍ خَرَجَ يَزْدَجَرْدُ هَارباً فِي أهْل بَيْتِهِ وَوَقَفَ بِبَابِ الإيوَان وَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الإيوَانُ هَا أنَا ذَا مُنْصَرفٌ عَنْكَ وَرَاجِعٌ إِلَيْكَ أنَا أوْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي لَمْ يَدْنُ زَمَانُهُ وَلاَ آنَ أوَانُهُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ الدَّيْلَمِيُّ: فَدَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ لَهُ: مَا قَوْلُهُ: (أوْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي)؟ فَقَالَ: (ذَلِكَ صَاحِبكُمُ الْقَائِمُ بِأمْر اللهِ عزّ وجل السَّادِسُ مِنْ وُلْدِي قَدْ وَلَدَهُ يَزْدَجَرْدُ فَهُوَ وَلَدُهُ)(10).
ومنه، عن عبد الله بن القاسم البلخي، عن أبي سلام الكجي (عن) عبد الله بن مسلم(11)، عن عبد الله بن عمير، عن هرمز بن حوران، عن فراس، عن الشعبي قال: إنَّ عبد الملك بن مروان دعاني فقال: يا أبا عمرو إنَّ موسى بن نصر(12) العبدي كتب إليَّ _ وكان عامله على المغرب _ يقول: بلغني أنَّ مدينة من صفر كان ابتناها نبي الله سليمان بن داود، أمر الجن أن يبنوها له فاجتمعت العفاريت من الجن على بنائها وأنَّها من عين القطر التي ألانها الله لسليمان بن داود، وأنَّها في مفازة الأندلس، وأنَّ فيها من الكنوز التي استودعها سليمان وقد أردت أن أتعاطى الارتحال إليها فأعلمني الغلام بهذا الطريق أنَّه صعب لا يتمطّى إلاَّ بالاستعداد من الظهور والازواد الكثيرة مع بقاء بعد المسافة وصعوبتها، وأنَّ أحداً لم يهتم بها إلاَّ قصر عن بلوغها إلاَّ دارا بن دارا، فلمّا قتله الإسكندر قال: والله لقد جئت الأرض والأقاليم كلّها ودان لي أهلها، وما أرض إلاَّ وقد وطئتها إلاَّ هذه الأرض من الأندلس، فقد أدركها دارا بن دارا، وإنّي لجدير بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا.
فتجهَّز الإسكندر واستعدّ للخروج عاماً كاملاً فلمَّا ظنَّ أنَّه قد استعدّ لذلك، وقد كان بعث روّاده فأعلموا أنَّ موانعاً دونها.
فكتب عبد الملك إلى موسى بن نصر يأمره بالاستعداد والاستخلاف على عمله فاستعدّ وخرج فرآها وذكر أحوالها فلمَّا رجع كتب إلى عبد الملك بحالها، وقال في آخر الكتاب: فلمَّا مضت الأيام وفنيت الازواد، سرنا نحو بحيرة ذات شجر وسرت مع سور المدينة فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية فوقفت على قراءته وأمرت بانتساخه فإذا هو شعر:
ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن يرجو الخلود وما حي بمخلودِ
لو أنَّ خلقاً ينال الخلد في مهل لنال ذاك سليمان بن داودِ
سالت له القطر عين القطر فائضة بالقطر سنة عطاء غير مصدودِ
فقال للجن ابنوا لي به أثرا يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يودي
فصيّروه صفاحاً ثُمَّ هيل له إلى السماء بإحكام وتجويدِ
وأفرغ القطر فوق السور منصلتا فصار أصلب من صماء صيخودِ(13)
وثب فيه كنوز الأرض قاطبة وسوف يظهر يوماً غير محدودِ
وصار في قعر بطن الأرض مضطجعا مصمداً بطوابيق الجلاميدِ(14)
لم يبقَ من بعده للملك سابقة حتَّى تضمن رمساً غير اخدودِ
هذا ليعلم أنَّ الملك منقطع إلاَّ من الله ذي النعماء والجودِ
حتّى إذا ولدت عدنان صاحبها من هاشم كان منها خير مولودِ
وخصَّه الله بالآيات منبعثا إلى الخليقة منها البيض والسودِ
له مقاليد أهل الأرض قاطبة والأوصياء له أهل المقاليدِ
هم الخلائف اثنا شعرة حججا من بعده(15) الأوصياء السادة الصيدِ
حتَّى يقوم بأمر الله قائمهم من السماء إذا ما باسمه نودي
فلمَّا قرأ عبد الملك الكتاب وأخبره طالب بن مدرك وكان رسوله إليه بما عاين من ذلك، وعنده محمّد بن شهاب الزهري قال: ما ترى في هذا الأمر العجيب؟
فقال الزهري: أرى وأظنّ أنَّ جنّاً كانوا موكّلين بما في تلك المدينة حفظة لها يخيّلون إلى من كان صعدها، قال عبد الملك: فهل علمت من أمر المنادي من السماء شيئاً؟ قال: إله عن هذا يا أمير المؤمنين، قال عبد الملك: كيف ألهو عن ذلك وهو أكبر أوطاري لتقولنَّ بأشدَّ ما عندك في ذلك، ساءني أم سرَّني.
فقال الزهري: أخبرني علي بن الحسين عليهما السلام أنَّ هذا المهدي من ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، فقال عبد الملك: كذبتما لا تزالان تدحضان في بولكما وتكذبان في قولكما، ذلك رجل منّا. قال الزهري أمَّا أنا فرويته لك عن علي ابن الحسين عليهما السلام فإن شئت فاسأله عن ذلك ولا لوم عليَّ فيما قلته لك ((وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذي يَعِدُكُمْ))(16)، فقال عبد الملك: لا حاجة لي إلى سؤال بني أبِي تراب فخفض عليك يا زهري بعض هذا القول فلا يسمعه منك أحد. قال الزهري: لك عليَّ ذلك(17).
بيان: (لا يودي): أي لا يهلك. وقال الجوهري: كلّ شيء أرسلته إرسالاً من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه، قلت: (هلته أهيله هيلاً فانهال) أي جرى وانصب(18)، وقال: (صلت ما في القدح) أي صببته(19)، وقال: (صخرة صيخود) أي شديدة(20).
قوله: (مصمداً) بالصاد المهملة أو بالضاد المعجمة.
قال الجوهري: المصمد لغة في المصمت وهو الذي لا جوف له(21) وقال: صمد فلان رأسه تصميداً أي شدَّه بعصابة أو ثوب ما خلا العمامة(22)، وقال: (الطابق): الآجر الكبير، فارسي معرَّب(23)، و(الجلاميد) جمع الجلمود بالضم هو الصخر. و(الرمس) بالفتح القبر أو ترابه، و(الأخدود) بالضمّ شقّ في الأرض مستطيل، و(الصيد) جمع الأصيد الملك، والرجل الذي يرفع رأسه كبراً).
* * *
باب (12): ذكر الأدلّة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة
قال رحمه الله: اعلم أنَّ لنا في الكلام في غيبة صاحب الزمان عليه السلام طريقين:
أحدهما: أن نقول: إذا ثبت وجوب الإمامة في كل حال وأنَّ الخلق مع كونهم غير معصومين لا يجوز أن يخلو من رئيس في وقت من الأوقات وأنَّ من شرط الرئيس أن يكون مقطوعاً على عصمته فلا يخلو ذلك الرئيس من أن يكون ظاهراً معلوماً أو غائباً مستوراً فإذا علمنا أنَّ كلّ من يدّعى له الإمامة ظاهراً ليس بمقطوع على عصمته بل ظاهر أفعالهم وأحوالهم ينافي العصمة ممن هو غائب من الكيسانية والناووسية والفطحية والواقفة وغيرهم قولهم باطل علمنا بذلك صحّة إمامة ابن الحسن وصحّة غيبته وولايته ولا نحتاج إلى تكلُّف الكلام في إثبات ولادته وسبب غيبته مع ثبوت ما ذكرناه ولأنَّ الحقّ لا يجوز خروجه عن الأمّة.
والطريق الثاني: أن نقول: الكلام في غيبة ابن الحسن فرع على ثبوت إمامته والمخالف لنا إمَّا أن يسلّم لنا إمامته ويسأل عن سبب غيبته فنكلّف(24) جوابه، أو (لا)(25) يسلم لنا إمامته فلا معنى لسؤاله عن غيبة من لم يثبت إمامته، ومتى نوزعنا في ثبوت إمامته دللنا عليها بأن نقول: قد ثبت وجوب الإمامة مع بقاء التكليف على من ليس بمعصوم في جميع الأحوال والأعصار بالأدلّة القاهرة وثبت أيضاً أنَّ من شرط الإمام أن يكون مقطوعاً على عصمته وعلمنا أيضاً أنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة.
فإذا ثبت ذلك وجدنا الأمّة بين أقوال بين قائل يقول: لا إمام فما ثبت من وجوب الإمامة في كلّ حال يفسد قوله، وقائل يقول بإمامة من ليس بمقطوع على عصمته فقوله يبطل بما دللنا عليه من وجوب القطع على عصمة الإمام، ومن ادّعى العصمة لبعض من يذهب إلى إمامته فالشاهد يشهد بخلاف قوله لأنَّ أفعالهم الظاهرة وأحوالهم تنافي العصمة، فلا وجه لتكلّف القول فيما نعلم ضرورة خلافه، ومن ادّعيت له العصمة، وذهب قوم إلى إمامته كالكيسانية القائلين بإمامة محمّد بن الحنفية والناووسية القائلين بإمامة جعفر بن محمّد وأنَّه لم يمت والواقفة الذين قالوا: إنَّ موسى بن جعفر لم يمت فقولهم باطل من وجوه سنذكرها.
فصار الطريقان محتاجين إلى فساد قول هذه الفِرَق ليتمّ ما قصدناه ويفتقران إلى إثبات الأصول الثلاثة التي ذكرناها من وجوب الرئاسة، ووجوب القطع على العصمة، وأنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة. ونحن ندلُّ على كلّ واحد من هذه الأقوال بموجز من القول لأنَّ استيفاء ذلك موجود في كتبي في الإمامة على وجه لا مزيد عليه والغرض بهذا الكتاب ما يختصّ الغيبة دون غيرها والله الموفق لذلك بمنّه.
والذي يدلُّ على وجوب الرئاسة ما ثبت من كونها لطفاً في الواجبات العقلية فصارت واجبة كالمعرفة التي لا يعرى مكلّف من وجوبها عليه ألا ترى أنَّ من المعلوم أنَّ من ليس بمعصوم من الخلق متى خلوا من رئيس مهيب يردع المعاند ويؤدّب الجاني ويأخذ على يد المتقلّب(26) ويمنع القوي من الضعيف وأمنوا ذلك، وقع الفساد وانتشر الحيل، وكثر الفساد، وقلَّ الصلاح، ومتى كان لهم رئيس هذه صفته كان الأمر بالعكس من ذلك، من شمول الصلاح وكثرته، وقلّة الفساد ونزارته والعلم بذلك ضروري لا يخفى على العقلاء فمن دفعه لا يحسن مكالمته وأجبنا عن كل ما يسأل على ذلك مستوفى في تلخيص الشافي وشرح الجمل لا نطول بذكره ههنا.
ووجدت لبعض المتأخّرين كلاماً اعترض به كلام المرتضى رحمه الله في الغيبة وظنَّ أنَّه ظفر بطائل فموَّه به على من ليس له قريحة ولا بصر بوجوه النظر وأنا أتكلم عليه، فقال: الكلام في الغيبة والاعتراض عليها من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن نلزم الإمامية ثبوت وجه قبح فيها أو في التكليف معها فيلزمهم أن يثبتوا أنَّ الغيبة ليس فيها وجه قبح لأنَّ مع ثبوت وجه القبح تقبح الغيبة وإن ثبت فيها وجه حسن كما نقول في قبح تكليف ما لا يطاق أنَّ فيه وجه قبح وإن كان فيه وجه حسن بأن يكون لطفاً لغيره.
والثاني: أنَّ الغيبة تنقض طريق وجوب الإمامة في كل زمان لأنَّ كون الناس مع رئيس مهيب متصرّف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفاً واجباً في كلّ حال وقبح التكليف مع فقده لانتقض بزمان الغيبة لأنّا في زمان الغيبة نكون مع رئيس هذه سبيله أبعد من القبيح وهو دليل وجوب هذه الرئاسة، ولم يجب وجود رئيس هذه صفته في زمان الغيبة ولا قبح التكليف مع فقده، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض الدليل.
الهوامش:
(1) في المصدر: (يزن) بدل (جدن).
(2) في المصدر: (وغزت) بدل (وقادت).
(3) في المصدر: (ثمّ تقبل البرر (الهزبرخ) بالرايات الصفر على البرازين البتر).
(4) في المصدر: (الوسمي).
(5) في المصدر: (فيطاهي الروم، ويقتل القروم).
(6) في المصدر: (كالشطن) بدل (كالقطن).
(7) في المصدر: (ويغمد).
(8) مشارق أنوار اليقين: 130.
(9) في المصدر: (مناذر) بدل (مبادر).
(10) مقتضب الأثر: 40 و41.
(11) في المصدر: (عن أبي مسلم الكجي: عبد الله بن مسلم).
(12) في المصدر: (نصير) بدل (نصر) وكذا في ما بعد.
(13) الصيخود: الصخرة الشديدة، (الصحاح 2: 495).
(14) الجلمود: الصخر، (الصحاح 2: 459).
(15) في المصدر: (بعده).
(16) غافر: 28.
(17) مقتضب الأثر: 43 - 45.
(18) الصحاح 3: 1855.
(19) الصحاح 1: 256.
(20) الصحاح 2: 495.
(21) الصحاح 2: 498.
(22) الصحاح 2: 510.
(23) الصحاح 3: 1513.
(24) في المصدر: (فنتكلَّف).
(25) من المصدر.
(26) في المصدر: (المتغلّب).
******************
والثالث: أن يقال: إنَّ الفائدة بالإمامة هي كونه مبعّداً من القبيح على قولكم وذلك لا يحصل مع وجوده غائباً فلم ينفصل وجوده من عدمه، وإذا لم يختصّ وجوده غائباً بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنَّه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلّق بوجود إمام غير منبسط اليد، ولا هو حاصل في هذه الحال.
الكلام عليه أن نقول:
أمَّا الفصل الأوّل من قوله: (إنّا نلزم الإمامية أن يكون في الغيبة وجه قبح) وعيد منه محض لا يقترن به حجّة فكان ينبغي أن يبيّن وجه القبح الذي أراد إلزامه إيّاهم لننظر فيه ولم يفعل فلا يتوجَّه وعيده، وإن قال ذلك سائلاً على وجه: (ما أنكرتم أن يكون فيها وجه قبح) فإنّا نقول: وجوه القبح معقولة من كون الشيء ظلماً وعبثاً وكذباً ومفسدةً وجهلاً وليس شيء من ذلك موجوداً ههنا فعلمنا بذلك انتفاء وجود(1) القبح.
فإن قيل: وجه القبح أنَّه لم يزح علّة المكلف على قولكم لأنَّ انبساط يده الذي هو لطف في الحقيقة والخوف من تأديبه لم يحصل فصار ذلك إخلالاً بلطف المكلف فقبح لأجله.
قلنا: قد بيَّنا في باب وجوب الإمامة بحيث أشرنا إليه أنَّ انبساط يده والخوف من تأديبه إنَّما فات المكلّفين لما يرجع إليهم لأنَّهم أحوجوه إلى الاستتار بأن أخافوه ولم يمكّنوه فاتوا من قبل نفوسهم وجرى ذلك مجرى أن يقول قائل: (من لم يحصل له معرفة الله تعالى، في تكليفه وجه قبح) لأنَّه لم يحصل ما هو لطف له من المعرفة فينبغي أن يقبح تكليفه فما يقولونه ههنا من أنَّ الكافر أتي من قبل نفسه لأنَّ الله قد نصب له الدلالة على معرفته ومكّنه من الوصول إليها فإذا لم ينظر ولم يعرف أتي في ذلك من قبل نفسه ولم يقبح ذلك تكليفه فكذلك نقول: انبساط يد الإمام وإن فات المكلف فإنَّما أتي من قبل نفسه ولو مكّنه لظهر وانبسطت يده فحصل لطفه فلم يقبح تكليفه لأنَّ الحجة عليه لا له.
وقد استوفين(2) نظائر ذلك في الموضع الذي أشرنا إليه وسنذكر فيما بعد إذا عرض ما يحتاج إلى ذكره.
وأمَّا الكلام في الفصل الثاني فهو مبني على ألفاظه ولا نقول: إنَّه لم يفهم ما أورده لأنَّ الرجل كان فوق ذلك لكن أراد التلبيس والتمويه وهو(3) قوله: (إنَّ دليل وجوب الرئاسة ينتقض بحال الغيبة لأنَّ كون الناس مع رئيس مهيب متصرّف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفاً واجباً على كلّ حال وقبح التكليف مع فقده ينتقض في زمان الغيبة ولم يقبح التكليف مع فقده فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض). وإنَّما قلنا: إنَّه تمويه لأنَّ ظنَّ أنّا نقول: إنَّ في حال الغيبة دليل وجوب الإمامة قائم ولا إمام فكان نقضاً ولا نقول ذلك، بل دليلنا في حال وجود الإمام بعينه هو دليل حال غيبته في أنَّ في الحالين الإمام لطف فذا نقول: إنَّ زمان الغيبة خلا من وجود رئيس بل عندنا أنَّ الرئيس حاصل وإنَّما ارتفع انبساط يده لما يرجع إلى المكلّفين على ما بيّناه لا لأنَّ انبساط يده خرج من كونه لطفاً بل وجه اللطف به قائم وإنَّما لم يحصل لما يرجع إلى غير الله فجرى مجرى أن يقول قائل: كيف يكون معرفة الله تعالى لطفاً مع أنَّ الكافر لا يعرف الله؟ فلمَّا كان التكليف على الكافر قائماً والمعرفة مرتفعة دلَّ على أنَّ المعرفة ليست لطفاً على كلّ حال لأنَّها لو كانت كذلك لكان نقضاً.
وجوابنا في الإمامة كجوابهم في المعرفة من أنَّ الكافر لطفه قائم بالمعرفة وإنَّما فوَّت (على)(4) نفسه بالتفريط في النظر المؤدّي إليها فلم يقبح تكليفه فكذلك نقول: الرئاسة لطف للمكلف في حال الغيبة وما يتعلّق بالله من إيجاده حاصل وإنَّما ارتفع تصرّفه وانبساط يده لأمر يرجع إلى المكلّفين فاستوى الأمران والكلام في هذا المعنى مستوفى أيضاً بحيث ذكرناه.
وأمَّا الكلام في الفصل الثالث من قوله: (إنَّ الفائدة بالإمامة هي كونه مبعّداً من القبيح على قولكم وذلك لم يحصل مع غيبته فلم ينفصل وجوده من عدمه فإذا لم يختصّ وجوده غائباً بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم(5) وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنَّه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلّق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال).
فإنّا نقول: إنَّه لم يفعل في هذا الفصل أكثر من تعقيد القول على طريقة المنطقيين من قلب المقدّمات وردّ بعضها على بعض ولا شكّ أنَّه قصد بذلك التمويه والمغالطة وإلاَّ فالأمر أوضح من أن يخفى(6) متى قالت الإمامية: إنَّ انبساط يد الإمام لا يجب في حال الغيبة حتّى يقول: دليلكم لا يدلُّ على وجوب إمام غير منبسط اليد لأنَّ هذه حال الغيبة؟، بل الذي صرَّحن(7) دفعة بعد أخرى أنَّ انبساط يده واجب في الحالين في حال ظهوره وحال غيبته غير أنَّ حال ظهوره مكّن منه فانبسطت يده وحال الغيبة لم يمكّن فانقبضت يده لا أنَّ انبساط يده خرج من باب الوجوب وبيّنا أنَّ الحجة بذلك قائمة على المكلّفين من حيث منعوه ولم يمكّنوه فاتوا من قبل نفوسهم، وشبّهنا ذلك بالمعرفة دفعة بعد أخرى.
وأيضاً فإنّا نعلم أنَّ نصب الرئيس واجب بعد الشرع لما في نصبه من اللطف لتحمّله القيام بما لا يقوم به غيره، ومع هذا فليس التمكين واقعاً لأهل الحلّ والعقد من نصب من يصلح لها خاصة على مذهب أهل العدل الذين كلامنا معهم ومع هذا لا يقول أحد: إنَّ وجوب نصب الرئيس سقط الآن من حيث لم يقع التمكين منه، فجوابنا في غيبة الإمام جوابهم في منع أهل الحلّ والعقد من اختيار من يصلح لإمامة ولا فرق بينهما فإنَّما الخلاف بيننا أنّا قلنا: علمنا ذلك عقلاً، وقالوا: ذلك معلوم شرعاً وذلك فرق من غير موضع الجمع.
فإن قيل: أهل الحلّ والعقد إذا لم يتمكّنو(8) من اختيار من يصلح للإمامة فإنَّ الله يفعل ما يقوم مقام ذلك من الألطاف فلا يجب إسقاط التكليف وفي الشيوخ من قال: إنَّ الإمام يجب نصبه في الشرع لمصالح دنياوية وذلك غير واجب أن يفعل لها اللطف.
قلنا: أمَّا من قال: نصب الإمام لمصالح دنياوية، قوله يفسد لأنَّه لو كان كذلك لما وجب إمامته ولا خلاف بينهم في أنَّه يجب إقامة الإمامة مع الاختيار على أنَّ ما يقوم به الإمام من الجهاد وتولية الأمراء والقضاء، وقسمة الفئ، واستيفاء الحدود والقصاصات أمور دينية لا يجوز تركها، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك فقوله ساقط بذلك. وأمَّا من قال: يفعل الله ما يقوم مقامه، باطل لأنَّه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الإمام مطلقاً على كلّ حال ولكان يكون ذلك من باب التخيير كما نقول في فروض الكفايات وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كلّ حال دليل على فساد ما قالوه.
على أنَّه يلزم على الوجهين جميعاً المعرفة بأن يقال: الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها فلا يجب عليه المعرفة على كلّ حال، أو يقال: إنَّما يحصل من الانزجار عن فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لا يجب لها المعرفة فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة، ومتى قيل: إنَّه لا بدل للمعرفة، قلنا: وكذلك لا بدل للإمام، على ما مضى وذكرناه في تلخيص الشافي، وكذلك إن بيّنوا أنَّ الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني، قلنا: مثل ذلك في وجود الإمام سواء.
فإن قيل: لا يخلو وجود رئيس مطاع منبسط اليد من أن يجب على الله جميع ذلك أو يجب علينا جميعه أو يجب على الله إيجاده وعلينا بسط يده فإن قلتم: يجب جميع ذلك على الله، فإنَّه ينتقض بحال الغيبة لأنَّه لم يوجد إمام منبسط اليد وإن وجب علينا جميعه فذلك تكليف ما لا يطاق لأنّا لا نقدر على إيجاده وإن وجب عليه إيجاده وعلينا بسط يده وتمكينه فما دليلكم عليه مع أنَّ فيه أنَّه يجب علينا أن نفعل ما هو لطف للغير وكيف يجب على زيد بسط يد الإمام ليحصل(9) لطف عمرو، وهل ذلك إلاَّ نقض الأصول.
قلنا: الذي نقوله: إنَّ وجود الإمام المنبسط اليد إذا ثبت أنَّه لطف لنا على ما دللنا عليه ولم يكن إيجاده في مقدورنا لم يحسن أن نكلّف إيجاده لأنَّه تكليف ما لا يطاق وبسط يده وتقوية سلطانه قد يكون في مقدورنا وفي مقدور الله فإذا لم يفعل الله علمنا أنَّه غير واجب عليه وأنَّه واجب علينا لأنَّه لا بدَّ من أن يكون منبسط اليد ليتمّ الغرض بالتكليف وبيّنا بذلك أنَّ بسط يده لو كان من فعله تعالى لقهر الخلق عليه بالحيلولة بينه وبين أعدائه وتقوية أمره بالملائكة وبما أدّى إلى سقوط الغرض بالتكليف، وحصول الالجاء، فإذاً يجب علينا بسط يده على كلّ حال وإذا لم نفعله أتينا من قبل نفوسنا.
فأمَّا قولهم: في ذلك إيجاد اللطف علينا للغير، غير صحيح لأنّا نقول: إنَّ كل من يجب عليه نصرة الإمام وتقوية سلطانه له في ذلك مصلحة تخصّه وإن كانت فيه مصلحة ترجع إلى غيره كما تقوله في أنَّ الأنبياء يجب عليهم تحمّل أعباء النبوة والأداء إلى الخلق ما هو مصلحة لهم لأنَّ لهم في القيام بذلك مصلحة تخصّهم وإن كانت فيها مصلحة لغيرهم. ويلزم المخالف في أهل الحلّ والعقد بأن يقال: كيف يجب عليهم اختيار الإمام لمصلحة ترجع إلى جميع الأمّة وهل ذلك إلاَّ إيجاب الفعل عليهم لما يرجع إلى مصلحة غيرهم فأيّ شيء أجابوا به فهو جوابنا بعينه سواء.
فإن قيل: لِمَ زعمتم أنَّه يجب إيجاده في حال الغيبة وهلاّ جاز أن يكون معدوماً؟
قلنا: إنَّما أوجبناه من حيث إنَّ تصرفه الذي هو لطفنا إذا لم يتمّ إلاَّ بعد وجوده وإيجاده لم يكن في مقدورنا، قلنا عند ذلك: إنَّه يجب على الله ذلك وإلاَّ أدّى إلى أن لا نكون مزاحي العلّة بفعل اللطف فنكون أتينا من قبله تعالى لا من قبلنا وإذا أوجده ولم نمكّنه من انبساط يده أتينا من قبل نفوسنا فحسن التكليف وفي الأوّل لم يحسن.
فإن قيل: ما الذي تريدون بتمكيننا إيّاه؟ أتريدون أن نقصده ونشافهه وذلك لا يتمّ إلاَّ مع وجوده وقيل لكم: لا يصحّ جميع ذلك إلاَّ مع ظهوره وعلمنا أو علم بعضنا بمكانه، وإن قلتم: نريد بتمكيننا أن نبخع(10) بطاعته(11) والشدّ على يده ونكفّ عن نصرة الظالمين ونقوم على نصرته متى دعانا إلى إمامته ودلَّنا عليها بمعجزته، قلنا لكم: فنحن يمكننا ذلك في زمان الغيبة وإن لم يكن الإمام موجوداً فيه. فكيف قلتم لا يتم ما كلفناه من ذلك إلاَّ مع وجود الإمام؟
قلنا: الذي نقوله في هذا الباب ما ذكره المرتضى رحمه الله في الذخيرة وذكرناه في تلخيص الشافي أنَّ الذي هو لطفنا من تصرّف الإمام وانبساط يده لا يتمّ إلاَّ بأمور ثلاثة: أحدها يتعلّق بالله وهو إيجاده، والثاني يتعلّق به من تحمّل أعباء الإمامة والقيام بها، والثالث يتعلّق بنا من العزم على نصرته، ومعاضدته، والانقياد له، فوجوب تحمّله عليه فرع على وجوده لأنَّه لا يجوز أن يتناول التكليف المعدوم فصار إيجاد الله إيّاه أصلاً لوجوب قيامه، وصار وجوب نصرته علينا فرعاً لهذين الأصلين لأنَّه إنَّما يجب علينا طاعته إذا وجد، وتحمّل أعباء الإمامة وقام بها، فحينئذٍ يجب علينا طاعته، فمع هذا التحقيق كيف يقال: لِمَ لا يكن معدوماً؟
فإن قيل: فما الفرق بين أن يكون موجوداً مستتراً أو معدوماً حتَّى إذا علم(12) منّا العزم على تمكينه أوجده؟
قلنا: لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لأنَّه تكليف ما لا يطاق فإذاً لا بدَّ من وجوده.
فإن قيل: يوجده الله إذا علم أنّا ننطوي على تمكينه بزمان واحد كما أنَّه يظهر عند مثل ذلك.
قلنا: وجوب تمكينه والانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا فيجب أن يكون التمكين من طاعته والمصير إلى أمره ممكناً في جميع الأحوال وإلاَّ لم يحسن التكليف وإنَّما كان يتمّ ذلك لو لم نكن مكلّفين في كلّ حال لوجوب طاعته والانقياد لأمره، بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره والأمر بخلافه.
ثُمَّ يقال لمن خالفنا في ذلك وألزمنا عدمه على استتاره: لِمَ لا يجوز أن يكلّف الله تعالى المعرفة ولا ينصب عليها دلالة إذا علم أنّا لا ننظر فيها حتّى إذا علم من حالنا أنّا نقصد إلى النظر ونعزم على ذلك، أوجد الأدلّة ونصبها فحينئذٍ ننظر ونقول: ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ينظر فيها وبين عدمها حتَّى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله؟
ومتى قالوا: نصب الأدلّة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة والآلة.
قلنا: وكذلك وجود الإمام عليه السلام من جملة التمكين من وجوب طاعته ومتى لم يكن موجوداً لم يمكنّ(13) طاعته كما أنَّ الأدلّة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الأمران.
وبهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا ترتضيه(14) في الجواب وأسئلة المخالف عليها وهذا المعنى مستوفى في كتبي وخاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.
والمثال الذي ذكره من أنَّه لو أوجب الله علينا أن نتوضأ من ماء بئر معيّنة لم يكن لها حبل يستقى(15) به، وقال لنا: إن دنوتم من البئر خلقت لكم حبلاً تستقون به من الماء فإنَّه يكون مزيحاً لعلّتنا ومتى لم ندن من البئر كنّا قد أتينا من قبل نفوسنا لا من قبله تعالى، وكذلك لو قال السيّد لعبده وهو بعيد منه: اشتر لي لحماً من السوق فقال: لا أتمكّن من ذلك لأنَّه ليس معي ثمنه، فقال: إن دنوت أعطيتك ثمنه فإنَّه يكون مزيحاً لعلّته، ومتى لم يدن لأخذ الثمن يكون قد أتي من قبل نفسه لا من قبل سيّده، وهذه حال ظهور الإمام مع تمكيننا فيجب أن يكون عدم تمكيننا هو السبب في أن لم يظهر في هذه الأحوال لا عدمه إذ كنّا لو مكّناه لوجد وظهر.
قلنا: هذا كلام من يظنّ أنَّه يجب علينا تمكينه إذا ظهر ولا يجب علينا ذلك في كلّ حال، ورضينا بالمثال الذي ذكره لأنَّه تعالى لو أوجب علينا الاستقاء في الحال لوجب أن يكون الحبل حاصلاً في الحال لأنَّ به تنزاح العلّة لكن إذا قال: متى دنوتم من البئر خلقت لكم الحبل إنَّما هو مكلّف للدنو لا للاستقاء فيكفي القدرة على الدنو في هذه الحال لأنَّه ليس بمكلّف للاستقاء منها فإذا دنا من البئر صار حينئذٍ مكلّفاً للاستقاء فيجب عند ذلك أن يخلق له الحبل، فنظير ذلك أن لا يجب علينا في كلّ حال طاعة الإمام وتمكينه فلا يجب عند ذلك وجوده فلمَّا كانت طاعته واجبة في الحال ولم نقف على شرطه ولا وقت منتظر وجب أن يكون موجوداً لتنزاح العلّة في التكليف ويحسن.
والجواب عن مثال السيّد مع غلامه مثل ذلك لأنَّه إنَّما كلّفه الدنو منه لا الشراء فإذا دنا منه وكلّفه الشراء وجب عليه إعطاء الثمن ولهذا قلنا: إنَّ الله تعالى كلَّف من يأتي إلى يوم القيامة ولا يجب أن يكونوا موجودين مزاحي العلّة لأنَّه لم يكلّفهم الآن فإذا أوجدهم وأزاح علّتهم في التكليف بالقدرة والآلة ونصب الأدلّة حينئذٍ تناولهم التكليف، فسقط بذلك هذه المغالطة.
على أنَّ الإمام إذا كان مكلّفاً للقيام بالأمر وتحمّل أعباء الإمامة كيف يجوز أن يكون معدوماً وهل يصحّ تكليف المعدوم عند عاقل، وليس لتكليفه ذلك تعلّق بتمكيننا أصلاً، بل وجوب التمكين علينا فرع على تحمّله على ما مضى القول فيه وهذا واضح.
ثُمَّ يقال لهم: أليس النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم اختفى في الشعب ثلاث سنين لم يصل إليه أحد، واختفى في الغار ثلاثة أيام ولم يجز قياساً على ذلك أن يعدمه الله تلك المدّة مع بقاء التكليف على الخلق الذين بعثه لطفاً لهم، ومتى قالوا: إنَّما اختفى بعدما دعا إلى نفسه وأظهر نبوته فلمَّا أخافوه استتر. قلنا: وكذلك الإمام لم يستتر إلاَّ وقد أظهر آباؤه موضعه وصفته، ودلّوا عليه، ثُمَّ لمَّا خاف عليه أبو الحسن بن عليّ عليهما السلام أخفاه وستره فالأمر إذاً سواء.
الهوامش:
(1) في ثلاث نسخ من المصدر: (وجوه) بدل (وجود).
(2) بقيّة كلام الطوسي.
(3) في المصدر: (في) بدل (وهو).
(4) كلمة: (على) ليست في المصدر.
(5) في المصدر: (دليلكم).
(6) في المصدر إضافة: (و).
(7) في المصدر إضافة: (به).
(8) في المصدر: (يمكّنوا).
(9) في المصدر: (لتحصيل).
(10) في أربع نسخ من المصدر: (ننجع) بدل (نبخع).
(11) في المصدر: (لطاعته).
(12) في المصدر إضافة لفظة الجلالة: (الله).
(13) في المصدر: (تمكّنا).
(14) في المصدر: (نرتضيها).
(15) في المصدر: (نستقي).
******************
ثُمَّ يقال لهم: خبّرونا لو علم الله من حال شخص أنَّ من مصلحته أن يبعث الله إليه نبياً معيّناً يؤدّي إليه مصالحه وعلم أنَّه لو بعثه لقتله هذا الشخص ولو منع من قتله قهراً كان فيه مفسدة له أو لغيره هل يحسن أن يكلّف هذا الشخص ولا يبعث إليه ذلك النبي أو لا يكلّف فإن قالوا: لا يكلّف، قلنا: وما المانع منه، وله طريق إلى معرفة مصالحه بأن يمكّن النبي من الأداء إليه، وإن قلتم: يكلّفه ولا يبعث إليه، قلنا: وكيف يجوز أن يكلّفه ولم يفعل به ما هو لطف له مقدور.
فإن قالوا: أتي في ذلك من قبل نفسه، قلنا: هو لم يفعل شيئاً وإنَّما علم أنَّه لا يمكّنه، وبالعلم لا يحسن تكليفه مع ارتفاع اللطف، ولو جاز ذلك لجاز أن يكلّف ما لا دليل عليه إذا علم أنَّه لا ينظر فيه، وذلك باطل، ولا بدَّ أن يقال: إنَّه يبعث إلى(1) ذلك الشخص ويوجب عليه الانقياد له، ليكون مزيحاً لعلّته فإمَّا أن يمنع منه بما لا ينافي التكليف أو يجعله بحيث لا يتمكّن من قتله، فيكون قد أتي من قبل نفسه في عدم الوصول إليه، وهذه حالنا مع الإمام في حال الغيبة سواء.
فإن قال: لا بدَّ أن يعلمه أنَّ له مصلحة في بعثة هذا الشخص إليه على لسان غيره، ليعلم أنَّه قد أتي من قبل نفسه، قلنا: وكذلك أعلمنا الله على لسان نبيه والأئمّة من آبائه عليهم السلام موضعه، وأوجب علينا طاعته، فإذا لم يظهر لنا علمنا أنّا أتينا من قبل نفوسنا فاستوى الأمران.
وأمَّا الذي يدلُّ على الأصل الثاني وهو أنَّ من شأن الإمام أن يكون مقطوعاً على عصمته، فهو أنَّ العلّة التي لأجلها احتجنا إلى الإمام ارتفاع العصمة بدلالة أنَّ الخلق متى كانوا معصومين لم يحتاجوا إلى إمام وإذا خلوا من كونهم معصومين احتاجوا إليه، علمنا عند ذلك أنَّ علّة الحاجة هي ارتفاع العصمة، كما نقوله في علّة حاجة الفعل إلى فاعل أنَّها الحدوث بدلالة أنَّ ما يصحّ حدوثه يحتاج إلى فاعل في حدوثه، وما لا يصحّ حدوثه يستغني عن الفاعل، وحكمنا بذلك أنَّ كلّ محدَث يحتاج إلى محدِث، فمثل ذلك يجب الحكم بحاجة كل من ليس بمعصوم إلى إمام وإلاَّ انتقضت العلّة فلو كان الإمام غير معصوم، لكانت علّة الحاجة فيه قائمة، واحتاج إلى إمام آخر، والكلام في إمامته كالكلام فيه فيؤدّي إلى إيجاب أئمّة لا نهاية لهم أو الانتهاء إلى معصوم وهو المراد.
وهذه الطريقة قد أحكمناها في كتبنا فلا نطول بالأسئلة عليها لأنَّ الغرض بهذا الكتاب غير ذلك وفي هذا القدر كفاية.
وأمَّا الأصل الثالث وهو أنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة فهو متّفق عليه بيننا وبين خصومنا وإن اختلفنا في علّة ذلك لأنَّ عندنا أنَّ الزمان لا يخلو من إمام معصوم لا يجوز عليه الغلط على ما قلناه، فإذاً الحقّ لا يخرج عن الأمّة لكون المعصوم فيهم وعند المخالف لقيام أدلّة يذكرونها دلَّت على أنَّ الإجماع حجّة فلا وجه للتشاغل بذلك.
فإذا ثبتت هذه الأصول ثبت إمامة صاحب الزمان عليه السلام لأنَّ كلّ من يقطع على ثبوت العصمة للإمام قطع على أنَّه الإمام، وليس فيهم من يقطع على عصمة الإمام ويخالف في إمامته إلاَّ قوم دلَّ الدليل على بطلان قولهم كالكيسانية والناووسية والواقفة فإذا أفسدنا أقوال هؤلاء ثبت إمامته عليه السلام.
أقول(2): وأمَّا الذي يدلُّ على فساد قول الكيسانية القائلين بإمامة محمّد بن الحنفية فأشياء:
منها: أنَّه لو كان إماماً مقطوعاً على عصمته لوجب أن يكون منصوصاً عليه نصّاً صريح(3)، لأنَّ العصمة لا تعلم إلاَّ بالنصّ، وهم لا يدعون نصّاً صريحاً وإنَّما يتعلّقون بأمور ضعيفة دخلت عليهم فيها شبهة لا يدلُّ على النصّ نحو إعطاء أمير المؤمنين إيّاه الراية يوم البصرة، وقوله له: (أنت ابني حقّاً) مع كون الحسن والحسين عليهما السلام ابنيه وليس في ذلك دلالة على إمامته على وجه، وإنَّما يدلُّ على فضله ومنزلته، على أنَّ الشيعة تروي أنَّه جرى بينه وبين عليّ بن الحسين عليه السلام كلام في استحقاق الإمامة فتحاكما إلى الحجر فشهد الحجر لعليّ بن الحسين عليه السلام بالإمامة فكان ذلك معجزاً له فسلّم له الأمر وقال بإمامته، والخبر بذلك مشهور عند الإمامية.
ومنها: تواتر الشيعة الإمامية بالنصّ عليه من أبيه وجدّه وهي موجودة في كتبهم في أخبار لا نطول بذكره الكتاب.
ومنها: الأخبار الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم من جهة الخاصة والعامّة بالنصّ على(4) الاثني عشر، وكلّ من قال بإمامتهم قطع على وفات محمّد بن الحنفية، وسياقة الإمامة إلى صاحب الزمان عليه السلام.
ومنها: انقراض هذه الفرقة فإنَّه لم يبقَ في الدنيا في وقتنا ولا قبله بزمان طويل قائل يقول به، ولو كان ذلك حقّاً لما جاز انقراضهم(5).
فإن قيل: كيف يعلم انقراضهم وهلاّ جاز أن يكون في بعض البلاد البعيدة وجزائر البحر وأطراف الأرض أقوام يقولون بهذا القول، كما يجوز أن يكون في أطراف الأرض من يقول بمذهب الحسن في أنَّ مرتكب الكبيرة منافق فلا يمكن ادّعاء انقراض هذه الفرقة، وإنَّما كان يمكن العلم لو كان المسلمون فيهم قلّة والعلماء محصورين فأمَّا وقد انتشر الإسلام وكثر العلماء فمن أين يعلم ذلك؟
قلنا: هذا يؤدّي إلى أن لا يمكن العلم(6) بإجماع الأمّة على قول ولا مذهب بأن يقال: لعلَّ في أطراف الأرض من يخالف ذلك ويلزم أن يجوز أن يكون في أطراف الأرض من يقول: إنَّ البرد لا ينقض الصوم وأنَّه يجوز للصائم أن يأكل إلى طلوع الشمس لأنَّ الأوّل كان مذهب أبِي طلحة الأنصاري والثاني مذهب حذيفة والأعمش وكذلك مسائل كثيرة من الفقه كان الخلف فيها واقعاً بين الصحابة والتابعين ثُمَّ زال الخلف فيما بعد واجتمع أهل الأعصار على خلافه فينبغي أن يشكّ في ذلك ولا يثق(7) بالإجماع على مسألة سبق الخلاف فيها، وهذا طعن من يقول: إنَّ الإجماع لا يمكن معرفته ولا التوصّل إليه والكلام في ذلك لا يختصّ بهذه المسألة فلا وجه لا يراده ههنا.
ثُمَّ إنّا نعلم أنَّ الأنصار طلبت الإمرة ودفعهم المهاجرون عنها ثُمَّ رجعت الأنصار إلى قول المهاجرين على قول المخالف فلو أنَّ قائلاً قال: يجوز عقد الإمامة لمن كان من الأنصار لأنَّ الخلاف سبق فيه ولعلَّ في أطراف الأرض من يقول به فما كان يكون جوابهم فيه؟ فأيّ شيء قالوه فهو جوابنا بعينه.
فإن قيل: إن كان الإجماع عندكم إنَّما يكون حجّة لكون المعصوم فيه فمن أين تعلمون دخول قوله في جملة أقوال الأمّة(8)؟
قلنا: المعصوم إذا كان من جملة علماء الأمّة فلا بدَّ أن يكون قوله موجوداً في جملة أقوال العلماء لأنَّه لا يجوز أن يكون منفرداً مظهراً للكفر فإنَّ ذلك لا يجوز عليه فإذاً لا بدَّ أن يكون قوله في جملة الأقوال وإن شككنا في أنَّه الإمام.
فإذا اعتبرنا أقوال الأمّة ووجدنا بعض العلماء يخالف فيه فإن كنّا نعرفه ونعرف مولده ومنشأه لم نعتد بقوله، لعلمنا أنَّه ليس بإمام وإن شككنا في نسبه لم تكن المسألة إجماعاً.
فعلى هذا أقوال العلماء من الأمّة اعتبرناها فلم نجد فيهم قائلاً بهذا المذهب الذي هو مذهب الكيسانية أو الواقفة وإن وجدنا فرضاً واحداً أو اثنين فإنّا نعلم منشأه ومولده فلا يعتد بقوله واعتبرنا أقوال الباقين الذين نقطع على كون المعصوم فيهم فسقطت هذه الشبهة على هذا التحرير وبان وهنها.
فأمَّا القائلون بإمامة جعفر بن محمّد من الناووسية وأنَّه حيّ لم يمت وأنَّه المهدي فالكلام عليهم ظاهر لأنّا نعلم موت جعفر بن محمّد كما نعلم موت أبيه وجدّه وقتل عليّ عليه السلام وموت النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فلو جاز الخلاف فيه لجاز الخلاف في جميع ذلك ويؤدّي إلى قول الغلاة والمفوّضة الذين جحدوا قتل عليّ والحسين عليهما السلام وذلك سفسطة(9).
وأمَّا الذي يدلُّ على فساد مذهب الواقفة الذين وقفوا في إمامة أبِي الحسن موسى عليه السلام وقالوا: إنَّه المهدي. فقولهم باطل بما ظهر من موته، واشتهر واستفاض كما اشتهر موت أبيه وجدّه ومن تقدّمه من آبائه عليهم السلام ولو شككنا لم ننفصل من الناووسية والكيسانية والغلاة والمفوّضة الذين خالفوا في موت من تقدّم من آبائه عليهم السلام.
على أنَّ موته اشتهر ما لم يشتهر موت أحد من آبائه عليهم السلام لأنَّه أظهروا حضر القضاة والشهود ونودي عليه ببغداد على الجسر وقيل: هذا الذي تزعم الرافضة أنَّه حيّ لا يموت، مات حتف أنفه، وما جرى هذا المجرى لا يمكن الخلاف فيه...(10).
أقول: ثُمَّ ذكر في ذلك أخباراً كثيرة روينا عنه في باب وفات الكاظم عليه السلام، ثُمَّ قال:
فموته عليه السلام أشهر من أن يحتاج إلى ذكر الرواية به لأنَّ المخالف في ذلك يدفع الضرورات والشكّ في ذلك يؤدّي إلى الشكّ في موت كلّ واحد من آبائه عليهم السلام وغيرهم، فلا يوثق بموت أحد. على أنَّ المشهور عنه عليه السلام أنَّه أوصى إلى ابنه عليّ عليه السلام وأسند إليه أمره بعد موته والأخبار بذلك أكثر من أن تحصى...(11).
أقول: ثُمَّ ذكر بعض الأخبار التي أوردتها في باب النصّ عليه صلوات الله عليه، ثُمَّ قال:
فإن قيل: قد مضى في كلامكم أنّا نعلم موت موسى بن جعفر كما نعلم موت أبيه وجدّه فعليكم لقائل أن يقول: إنّا نعلم أنَّه لم يكن للحسن بن عليّ ابن كما نعلم أنَّه لم يكن له عشرة بنين وكما نعلم أنَّه لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ابن من صلبه عاش بعد موته، فإن قلتم: لو علمنا أحدهما كما نعلم الآخر لما جاز أن يقع فيه خلاف كما لا يجوز أن يقع الخلاف في الآخر، قيل: لمخالفكم أن يقول ولو علمنا موت محمّد بن الحنفية وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر كما نعلم موت محمّد بن عليّ بن الحسين لما وقع الخلاف في أحدهما كما لم يجز أن يقع في الآخر.
قلنا: نفي ولادة الأولاد من الباب الذي لا يصحّ أن يعلم صدوره في موضع من المواضع ولا يمكن أحداً أن يدّعي فيمن لم يظهر له ولد أن يعلم أنَّه لا ولد له وإنَّما يرجع في ذلك إلى غالب الظنّ والأمارة بأنَّه لو كان له ولد لظهر وعرف خبره لأنَّ العقلاء قد يدعوهم الدواعي إلى كتمان أولادهم لأغراض مختلفة.
فمن الملوك من يخفيه خوفاً عليه وإشفاقاً وقد وجد في ذلك كثير في عادة الأكاسرة والملوك الاُول وأخبارهم معروفة.
وفي الناس من يولد له ولد من بعض سراياه أو ممن تزوج به سرّاً فيرمي به ويجحده خوفاً من وقوع الخصومة مع زوجته وأولاده الباقين وذلك أيضاً يوجد كثيراً في العادة.
وفي الناس من يتزوّج بامرأة دنيئة في المنزلة والشرف وهو من ذوي الأقدار والمنازل فيولد له، فيأنف من إلحاقه به فيجحده أصلاً وفيهم من يتحرّج فيعطيه شيئاً من ماله.
وفي الناس من يكون من أدونهم نسباً فيتزوّج بامرأة ذات شرف ومنزلة لهوى منها فيه بغير علم من أهلها إمَّا بأن يزوّجه نفسها بغير ولي على مذهب كثير من الفقهاء أو تولى أمرها الحاكم فيزوّجها على ظاهر الحال فيولد له فيكون الولد صحيحاً وتنتفي منه أنفة وخوفاً من أوليائها وأهلها! وغير ذلك من الأسباب التي لا نطول بذكرها، فلا يمكن ادّعاء نفي الولادة جملة، وإنَّما نعلم ما نعلمه إذا كانت الأحوال سليمة ويعلم أنَّه لا مانع من ذلك فحينئذٍ يعلم انتفاؤه.
فأمَّا علمنا بأنَّه لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ابن عاش بعده فإنَّما علمناه لما علمنا عصمته ونبوّته ولو كان له ولد لأظهره لأنَّه لا مخافة عليه في إظهاره وعلمنا أيضاً بإجماع الأمّة على أنَّه لم يكن له ابن عاش بعده، ومثل ذلك لا يمكن أن يدّعى العلم به في ابن الحسن عليه السلام لأنَّ الحسن عليه السلام كان كالمحجور عليه، وفي حكم المحبوس، وكان الولد يخاف عليه، لما علم وانتشر من مذهبهم أنَّ الثاني عشر هو القائم بالأمر(12) لإزالة الدوَل فهو مطلوب لا محالة.
وخاف أيضاً من أهله كجعفر أخيه الذي طمع في الميراث والأموال فلذلك أخفاه ووقعت الشبهة في ولادته ومثل ذلك لا يمكن ادّعاء العلم به في موت من علم موته لأنَّ الميت مشاهد معلوم يعرف بشاهد الحال موته، وبالأمارات الدالّة عليه يضطر من رآه إلى ذلك، فإذا أخبر من لم يشاهده علمه واضطر إليه، وجرى الفرق بين الموضعين مثل ما يقول الفقهاء من أنَّ البيّنة إنَّما يمكن أن يقوم على إثبات الحقوق لا على نفيها لأنَّ النفي لا تقوم عليه بيّنة إلاَّ إذا كان تحته إثبات فبان الفرق بين الموضعين لذلك.
فإن قيل: العادة تسوى بين الموضعين لأنَّ (في)(13) الموت قد يشاهد الرجل يحتضر كما يشاهد القوابل الولادة، وليس كلّ أحد يشاهد احتضار غيره كما أنَّه ليس كلّ أحد يشاهد ولادة غيره ولكن أظهر ما يمكن في علم الإنسان بموت غيره إذا لم يكن يشاهده أن يكون جاره ويعلم بمرضه ويتردَّد في عيادته ثُمَّ يعلم بشدّة مرضه(14) ثُمَّ يسمع الواعية من داره ولا يكون في الدار مريض غيره، ويجلس أهله للعزاء وآثار الحزن والجزع عليهم ظاهرة ثُمَّ يقسّم ميراثه ثُمَّ يتمادى الزمان ولا يُشاهَد ولا يعلم لأهله غرض في إظهار موته وهو حيّ، فهذه سبيل الولادة لأنَّ النساء يشاهدن الحمل ويتحدَّثنَّ بذلك سيّما إذا كانت حرمة رجل نبيه يتحدَّث الناس بأحواله مثله وإذا استسر بجارية(15) لم يخف تردّده إليها ثُمَّ إذا ولد المولود ظهر البشر والسرور في أهل الدار وهنَّأهم الناس إذا كان المهنَّأ جليل القدر وانتشر ذلك وتحدَّث على حسب جلالة قدره فيعلم الناس أنَّه قد ولد له مولود سيّما إذا علم أنَّه لا غرض في أن يظهر أنَّه ولد له ولد ولم يولد له.
فمتى(16) اعتبرنا العادة وجدناها في الموضعين على سواء وإن نقض الله العادة فيمكن في أحدهما مثل ما يمكن في الآخر فإنَّه قد يجوز أن يمنع الله ببعض الشواغل عن مشاهدة الحامل وعن أن يحضر ولادتها إلاَّ عدد يؤمن مثلهم على كتمان أمره ثُمَّ ينقله الله من مكان الولادة إلى قُلَّة جبل أو برية لا أحد فيها ولا يطلّع على ذلك إلاَّ من لا يظهره(17) على المأمون مثله.
وكما يجوز ذلك فإنَّه يجوز أن يمرض الإنسان ويتردَّد إليه عواده فإذا اشتدَّ(18) وتوقع موته، وكان يؤيس من حياته، نقله الله إلى قُلَّة جبل وصيَّر مكانه شخصاً ميّتاً يشبهه كثيراً من الشبهه ثُمَّ يمنع بالشواغل وغيرها من مشاهدته إلاَّ بمن(19) يوثق به ثُمَّ يدفن الشخص ويحضر جنازته من كان يتوقَّع موته ولا يرجو حياته فيتوهَّم أنَّ المدفون هو ذاك العليل.
وقد يسكن نبض الإنسان وتنفّسه وينقض الله العادة ويغيبه عنهم وهو حيّ لأنَّ الحيّ منّا إنَّما يحتاج إليهما لاخراج البخارات المحترقة مما حول القلب بادخال هواء بارد صاف ليروح عن القلب وقد يمكن أن يفعل الله من البرودة في الهواء المطيفة(20) بالقلب ما يجري مجرى هواء بارد يدخلها بالتنفّس، فيكون الهواء المحدق بالقلب أبداً بارداً ولا يحترق منه شيء لأنَّ الحرارة التي تحصل فيه يقوَّم(21) بالبرودة.
الهوامش:
(1) في ثلاث نسخ من المصدر: (إليه) بدل (إلى).
(2) بقيّة كلام الطوسي.
(3) في المصدر إضافة: (عليه).
(4) في المصدر إضافة: (إمامة).
(5) في المصدر: (انقراضه).
(6) في المصدر إضافة: (بذلك).
(7) في المصدر: (نثق).
(8) في المصدر إضافة: (وهلاَّ جاز أن يكون قوله منفرداً عنهم فلا تثقون بالإجماع؟).
(9) الغيبة للطوسي: 3 - 20/ فصل (الكلام في الغيبة).
(10) الغيبة للطوسي: 23/ الكلام على الواقفة.
(11) الغيبة للطوسي: 32/ الكلام على الواقفة.
(12) في المصدر إضافة: (المؤمّل).
(13) كلمة: (في) ليست في المصدر.
(14) في المصدر إضافة: (ويشتدّ الخوف من موته).
(15) في المصدر إضافة: (في بعض المواضع).
(16) بقية كلام الطوسي.
(17) في المصدر إضافة: (إلاَّ).
(18) في المصدر إضافة: (حاله).
(19) في المصدر: (لمن) بدل (بمن).
(20) في المصدر: (المحدق) بدل (المطيفة).
(21) في المصدر: (تقوَّم).
******************
فإن قيل: لو كان الأمر على ما قلتم لوجب أن لا يعلم شيئاً من المعجزات في الحال وهذا يؤدّي إلى أن لا يعلم النبوة وصدق الرسول وذلك يخرجه عن الإسلام فضلاً عن الإيمان.
قلنا: لا يلزم ذلك لأنَّه لا يمتنع أن يدخل الشبهة في نوع من المعجزات دون نوع، وليس إذا دخلت الشبهة في بعضها دخل في سائرها، فلا يمتنع أن يكون المعجز الدال على النبوة لم يدخل عليه فيه شبهة، فحصل له العلم بكونه معجزاً وعلم عند ذلك نبوّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم والمعجز الذي يظهر على يد الإمام إذا ظهر يكون أمراً آخراً يجوز أن يدخل عليه الشبهة في كونه معجزاً فيشكّ حينئذٍ في إمامته وإن كان عالماً بالنبوة، وهذا كما نقول: إنَّ من علم نبوّة موسى عليه السلام بالمعجزات الدالّة على ثبوته إذا لم ينعم النظر في المعجزات الظاهرة على عيسى ونبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم لا يجب أن يقطع على أنَّه ما عرف تلك المعجزات لأنَّه لا يمتنع أن يكون عارفاً بها وبوجه دلالتها وإن لم يعلم هذه المعجزات واشتبه عليه وجه دلالتها.
فإن قيل: فيجب على هذا أن يكون كلّ من لم يظهر له الإمام يقطع على أنَّه على كبيرة تلحق بالكفر لأنَّه مقصّر على ما فرضتموه فيما يوجب غيبة الإمام عنه ويقتضي فوت مصلحته، فقد لحق الوليّ على هذا بالعدوّ.
قلنا: ليس يجب في التقصير الذي أشرنا إليه أن يكون كفراً ولا ذنباً عظيماً لأنَّه في هذه الحال ما اعتقد الإمام أنَّه ليس بإمام ولا أخافه على نفسه وإنَّما قصَّر في بعض العلوم تقصيراً كان كالسبب في أنَّ علم من حاله أنَّ ذلك الشكّ في الإمامة يقع منه مستقبلاً والآن فليس بواقع، فغير لازم أنَّه يكون كافراً، غير أنَّه وإن لم يلزم أن يكون كفراً ولا جارياً مجرى تكذيب الإمام والشكّ في صدقه فهو ذنب وخطأ لا ينافيان الإيمان واستحقاق الثواب ولن(1) يلحق الولي بالعدو على هذا التقدير، لأنَّ العدو في الحال معتقد في الإمام ما هو كفر وكبيرة والولي بخلاف ذلك.
وإنَّما قلنا: إنَّ ما هو كالسبب في الكفر لا يجب أن يكون كفراً في الحال أن أحداً لو اعتقد في القادر منّا بقدرة أنَّه يصحّ أن يفعل في غيره من الأجسام مبتدءاً كان ذلك خطأ وجهلاً ليس بكفر ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال هذا المعتقد أنَّه لو ظهر نبي يدعو إلى نبوته، وجعل معجزه أن يفعل الله تعالى على يده جسم(2) بحيث لا يصل إليه أسباب البشر أنَّه لا يقبله، وهذا لا محالة لو علم أنَّه معجز كان يقبله، وما سبق من اعتقاده في مقدور العبد(3)، كان كالسبب في هذا، ولم يلزم أن يجري مجراه في الكفر.
فإن قيل: إنَّ هذا الجواب أيضاً لا يستمرّ على أصلكم لأنَّ الصحيح من مذهبكم أنَّ من عرف الله تعالى بصفاته وعرف النبوّة والإمامة وحصل مؤمناً لا يجوز أن يقع منه كفر أصلاً فإذا ثبت هذا فكيف يمكنكم أن تجعلوا علّة الاستتار عن الولي أنَّ المعلوم من حاله أنَّه إذا ظهر الإمام فظهر(4) علم معجز شكّ فيه ولا يعرفه(5)، وإنَّ الشكّ في ذلك كفر. وذلك ينقض أصلكم الذي صحّحتموه.
قيل: هذا الذي ذكرتموه ليس بصحيح لأنَّ الشكّ في المعجز الذي يظهر على يد الإمام ليس بقادح في معرفته لعين(6) الإمام على طريق الجملة وإنَّما يقدح في أنَّ ما علم على طريق الجملة وصحّت معرفته، هل هو هذا الشخص أم لا؟
والشكّ في هذا ليس بكفر لأنَّه لو كان كفراً لوجب أن يكون كفراً وإن لم يظهر المعجز، فإنَّه لا محالة قبل ظهور هذا المعجز على يده شاكّ فيه، ويجوز كونه إماماً وكون غيره كذلك، وإنَّما يقدح في العلم الحاصل له على طريق الجملة أن لو شكّ في المستقبل في إمامته على طريق الجملة، وذلك مما يمنع من وقوعه منه مستقبلاً.
وكان المرتضى(7) رحمه الله يقول: سؤال المخالف لنا: لِمَ لا يظهر الإمام للأولياء؟
غير لازم لأ(نَّه) إن كان غرضه أنَّ لطف الولي غير حاصل، فلا يحصل تكليفه فإنَّه لا يتوجَّه فإنَّ لطف الولي حاصل لأنَّه إذا علم الولي أنَّ له إماماً غائباً يتوقَّع ظهوره ساعة، ويجوز انبساط يده في كلّ حال فإنَّ خوفه من تأديبه حاصل، وينزجر لمكانه عن المقبحات، ويفعل كثيراً من الواجبات فيكون حال غيبته كحال كونه في بلد آخر بل ربما كان في حال الاستتار أبلغ لأنَّه مع غيبته يجوز أن يكون معه في بلده وفي جواره، ويشاهده من حيث لا يعرفه ولا يقف على أخباره، وإذا كان في بلد آخر ربما خفي عليه خبره فصار حال الغيبة الانزجار(8) حاصلاً عن(9) القبيح على ما قلناه، وإذا لم يكن قد فاتهم اللطف جاز استتاره عنهم وإن سلم أنَّه يحصل ما هو لطف لهم ومع ذلك يقال: لِمَ لا يظهر لهم؟ قلنا: ذلك غير واجب على كلّ حال فسقط السؤال من أصله.
على أنَّ لطفهم بمكانه حاصل من وجه آخر وهو أنَّ بمكانه يثقون(10) جميع الشرع إليهم ولولاه لما وثقوا بذلك، وجوّزوا أن يخفى عليهم كثير من الشرع وينقطع دونهم، وإذا علموا وجوده في الجملة أمنوا جميع ذلك، فكان اللطف بمكانه حاصلاً من هذا الوجه أيضاً.
وقد ذكرنا فيما تقدَّم أنَّ ستر ولادة صاحب الزمان ليس بخارق العادات إذ جرى أمثال ذلك فيما تقدَّم من أخبار الملوك وقد ذكره العلماء من الفرس ومن روى أخبار الدوليين، من ذلك ما هو مشهور كقصة كيخسرو وما كان من ستر اُمّه حملها وإخفاء ولادتها واُمّه بنت ولد أفراسياب ملك الترك وكان جدّه كيقاووس أراد قتل ولده فسترته اُمّه إلى أن ولدته وكان من قصَّته ما هو مشهور في كتب التواريخ ذكره الطبري.
وقد نطق القرآن بقصة إبراهيم وأنَّ اُمّه ولدته خفياً وغيبته في المغارة حتّى بلغ وكان من أمره ما كان، وما كان من قصة موسى عليه السلام وأنَّ اُمّه ألقته في البحر خوفاً عليه وإشفاقاً من فرعون عليه وذلك مشهور نطق به القرآن ومثل ذلك قصة صاحب الزمان سواء فكيف يقال: إنَّ هذا خارج عن العادات(11)؟
ومن الناس من يكون له ولد من جارية يستتره(12) من زوجته برهة من الزمان حتّى إذا حضرته الوفاة أقرَّ به وفي الناس من يستتر أمر ولده خوفاً من أهله أن يقتلوه طمعاً في ميراثه، قد جرت العادات بذلك فلا ينبغي أن يتعجَّب من مثله في صاحب الزمان وقد شاهدنا من هذا الجنس كثيراً وسمعنا منه غير قليل فلا نطول بذكره لأنَّه معلوم بالعادات وكم وجدنا من ثبت نسبه بعد موت أبيه بدهر طويل ولم يكن أحد يعرفه إذا شهد بنسبه رجلان مسلمان ويكون(13) أشهدهما على نفسه سرّاً عن أهله وخوفاً من زوجته وأهله فوصّى به فشهدا بعد موته أو شهدا بعقده على امرأة عقداً صحيحاً فجاءت بولد يمكن أن يكون منه فوجب بحكم الشرع إلحاقه به والخبر بولادة ابن الحسن وارد من جهات أكثر مما يثبت الأنساب في الشرع ونحن نذكر طرفاً من ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأمَّا إنكار جعفر بن عليّ عمّ صاحب الزمان شهادة الإمامية بولد لأخيه الحسن بن عليّ ولد في حياته، ودفعه بذلك وجوده بعده وأخذه تركته وحوزه ميراثه وما كان منه في حمله سلطان الوقت على حبس جواري الحسن واستبذالهن بالاستبراء من الحمل(14) ليتأكّد نفيه لولد أخيه وإباحته دماء شيعته بدعواهم خلفاً له بعده كان أحقُّ بمقامه، فليس لشبهة(15) يعتمد على مثلها أحد من المحصّلين لاتّفاق الكلّ على أنَّ جعفراً لم يكن له عصمة كعصمة الأنبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حقّ ودعوى باطل، بل الخطاء جائز عليه، والغلط غير ممتنع منه، وقد نطق القرآن بما كان من ولد يعقوب مع أخيهم يوسف وطرحهم إيّاه في الجب وبيعهم إيّاه بالثمن البخس وهم أولاد الأنبياء. وفي الناس من يقول: كانوا أنبياء، فإذا جاز منهم مثل ذلك مع عظم الخطاء فيه فلِمَ لا يجوز مثله من جعفر بن عليّ مع ابن أخيه، وأن يفعل معه من الجحد طمعاً في الدنيا ونيلها، وهل يمنع من ذلك أحد إلاَّ مكابر معاند.
فإن قيل: كيف يجوز أن يكون للحسن بن عليّ ولد مع إسناده وصيته في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المسمّاة بحديث المكنّاة باُمّ الحسن بوقوفه وصدقاته وأسند النظر إليها في ذلك ولو كان له ولد لذكره في الوصية.
قيل: إنَّما فعل ذلك قصداً إلى تمام ما كان غرضه في إخفاء ولادته، وستر حاله عن سلطان الوقت، ولو ذكر ولده أو أسند وصيته إليه لناقض غرضه خاصّة وهو احتاج إلى الإشهاد عليها وجوه الدولة وأسباب السلطان، وشهود القضاة ليتحرّس بذلك وقوفه ويتحفّظ صدقاته ويتمّ به الستر على ولده بإهمال ذكره وحراسة مهجته بترك التنبيه على وجوده.
ومن ظنَّ(16) أنَّ ذلك دليل على بطلان دعوى الإمامية في وجود ولد للحسن عليه السلام كان بعيداً من معرفة العادات وقد فعل نظير ذلك الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام حين أسند وصيته إلى خمسة نفر أوّلهم المنصور إذ كان سلطان الوقت، ولم يفرد ابنه موسى عليه السلام بها إبقاء عليه، وأشهد معه الربيع وقاضي الوقت وجاريته اُمّ ولده حميدة البربرية وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام لستر أمره وحراسة نفسه ولم يذكر مع ولده موسى أحداً من أولاده الباقين لعلَّه(17) كان فيهم من يدّعي مقامه بعده، ويتعلّق بإدخاله في وصيته، ولو لم يكن موسى ظاهراً مشهوراً في أولاده معروف المكان منه، وصحّة نسبه واشتهار فضله وعلمه، وكان مستوراً لما ذكره في وصيته، ولاقتصر على ذكر غيره، كما فعل الحسن بن عليّ والد صاحب الزمان.
فإن قيل: قولكم أنَّه منذ ولد صاحب الزمان إلى وقتنا هذا مع طول المدّة لا يعرف أحد مكانه، ولا يعلم مستقرّه ولا يأتي بخبره من يوثق بقوله، خارج عن العادة، لأنَّ كلّ من اتّفق له الاستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه أو لغير ذلك من الأغراض يكون مدّة استتاره قريبة ولا يبلغ عشرين سنة ولا يخفى أيضاً عن(18) الكلّ في مدّة استتاره مكانه، ولا بدَّ من أن يعرف فيه بعض أوليائه وأهله مكانه أو يخبره بلقائه وقولكم بخلاف ذلك.
قلنا: ليس الأمر على ما قلتم لأنَّ الإمامية تقول: إنَّ جماعة من أصحاب أبِي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام قد شاهدوا وجوده في حياته وكانوا أصحابه وخاصته بعد وفاته، والوسائط بينه وبين شيعته، معروفون بم(19) ذكرناهم فيما بعد، ينقلون إلى شيعته معالم الدين، ويخرجون إليهم أجوبته في مسائلهم فيه، ويقبضون منهم حقوقه وهم جماعة كان الحسن بن عليّ عليه السلام عدلهم في حياته، واختصّهم اُمناء له في وقته، وجعل إليهم النظر في أملاكه والقيام بأموره بأسمائهم وأنسابهم وأعيانهم كأبِي عمرو عثمان بن سعيد السمان، وابنه أبِي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد، وغيرهم ممن سنذكر أخبارهم فيما بعد إن شاء الله، وكانوا أهل عقل وأمانة، وثقة ظاهرة، ودراية، وفهم، وتحصيل، ونباهة كانوا معظمين عند سلطان الوقت لعظم أقدارهم وجلالة محلّهم مكرمين لظاهر أمانتهم واشتهار عدالتهم حتّى أنَّه يدفع عنهم ما يضيفه إليهم خصومهم، وهذا يسقط قولكم: إنَّ صاحبكم لم يرَه أحد ودعواهم خلافه.
فأمَّا بعد انقراض أصحاب أبيه فقد كان مدّة من الزمان أخباره واصلة من جهة السفراء الذين بينه وبين شيعته ويوثق بقولهم ويرجع إليهم لدينهم وأمانتهم وما اختصوا به من الدين والنزاهة، وربما ذكرنا طرفاً من أخبارهم فيما بعد.
وقد سبق الخبر عن آبائه عليهم السلام بأنَّ القائم له غيبتان أخراهما أطول من الأولى، فالأولى يعرف فيها خبره، والأخرى لا يعرف فيها خبره، فجاء ذلك موافقاً لهذه الأخبار، فكان ذلك دليلاً ينضاف إلى ما ذكرناه، وسنوضّح عن هذه الطريقة فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فأمَّا خروج ذلك عن العادات فليس الأمر على ما قالوه ولو صحَّ لجاز أن ينقض الله تعالى العادة في ستر شخص ويخفي أمره لضرب من المصلحة وحسن التدبير لما يعرض من المانع من ظهوره.
وهذا الخضر عليه السلام موجود قبل زماننا من عهد موسى عليه السلام عند أكثر الأمّة وإلى وقتنا هذا باتّفاق أهل السير، لا يعرف مستقرّه ولا يعرف أحد له أصحاباً إلاَّ ما جاء به القرآن من قصته مع موسى وما يذكره بعض الناس أنَّه يظهر أحيان(20) ويظنّ من يراه أنَّه بعض الزهّاد، فإذا فارق مكانه توهّمه المسمّى بالخضر ولم يكن عرفه بعينه في الحال ولا ظنّه فيها، بل اعتقد أنَّه بعض أهل الزمان.
وقد كان من غيبة موسى بن عمران عن وطنه وهربه من فرعون ورهطه ما نطق به القرآن ولم يظفر به أحد مدّة من الزمان ولا عرفه بعينه، حتّى بعثه الله نبياً ودعا إلى فعرفه الولي والعدو.
وكان من قصة يوسف بن يعقوب ما جاء به سورة في القرآن وتضمّنت استتار خبره عن أبيه وهو نبيّ الله يأتيه الوحي صباحاً ومساءً يخفى(21) عليه خبر ولده، وعن ولده أيضاً حتَّى أنَّهم كانوا يدخلون عليه ويعاملونه ولا يعرفونه وحتَّى مضت على ذلك السنون والأزمان ثُمَّ كشف الله أمره وظهره خبره وجمع بينه وبين أبيه وإخوته وإن لم يكن ذلك في عادتنا اليوم ولا سمعنا بمثله.
وكان من قصَّة يونس بن متى نبيّ الله مع قومه وفراره منهم حين تطاول خلافهم له واستخفافهم بجفوته(22) وغيبته عنهم وعن كلّ أحد حتّى لم يعلم أحد من الخلق مستقرّه وستره الله في جوف السمكة وأمسك عليه رمقه لضرب من المصلحة إلى أن انقضت تلك المدّة وردَّه الله إلى قومه. وجمع بينهم وبينه، وهذا أيضاً خارج عن عادتنا وبعيد من تعارفنا وقد نطق به القرآن وأجمع عليه أهل الإسلام.
ومثل ما حكيناه أيضاً قصة أصحاب الكهف وقد نطق بها القرآن وتضمّن شرح حالهم واستتارهم عن قومهم فراراً بدينهم ولولا ما نطق القرآن به لكان مخالفونا يجحدونه دفعاً لغيبة صاحب الزمان، وإلحاقهم به، لكن أخبر الله تعالى أنَّهم بقوا ثلاثمائة سنة مثل ذلك مستترين خائفين ثُمَّ أحياهم الله فعادوا إلى قومهم وقصتهم مشهورة في ذلك.
الهوامش:
(1) في المصدر: (لو لم) بدل (لن).
(2) في المصدر: (فعلاً) بدل (جسماً).
(3) في المصدر: (القدر) بدل (العبد).
(4) في المصدر إضافة: (على يده).
(5) في المصدر إضافة: (إماماً).
(6) في المصدر: (لغير) بدل (لعين).
(7) بقيّة كلام الطوسي.
(8) في المصدر إضافة: (والانزجار).
(9) في ثلاث نسخ من المصدر: (من) بدل (عن).
(10) في المصدر: (أنَّ لمكانه يثقون بوصول جميع).
(11) في المصدر: (للعادات).
(12) في المصدر: (يستتر بها).
(13) في المصدر إضافة: (الأب).
(14) في المصدر: (واستبدالهنَّ بالاستبراء لهنَّ من الحمل).
(15) في المصدر: (بشبهة) بدل (لشبهة).
(16) بقيّة كلام الطوسي.
(17) في المصدر: (لعلمه) بدل (لعلَّه).
(18) في المصدر: (على) بدل (عن).
(19) في المصدر: (ربَّما) بدل (بما).
(20) في المصدر إضافة: (ولا يُعرف).
(21) في المصدر: (ومساءً وما يخفى).
(22) في المصدر: (بحقوقه) بدل (بجفوته).
******************
وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بقصته القرآن وأهل الكتاب يزعمون أنَّه كان نبيّاً فأماته الله مائة عام ثُمَّ بعثه وبقى طعامه وشرابه لم يتغيّر وكان ذلك خارقاً للعادة وإذا كان ما ذكرناه معروفاً كائناً كيف يمكن مع ذلك إنكار غيبة صاحب الزمان.
اللهم إلاَّ أن يكون المخالف دهرياً معطّلاً ينكر جميع ذلك ويحيله فلا نكلّم معه في الغيبة بل ينتقل معه إلى الكلام في أصل التوحيد وأنَّ ذلك مقدور وإنَّما نكلّم في ذلك من أقرَّ بالإسلام، وجوَّز ذلك مقدوراً لله، فنبيّن لهم نظائره في العادات.
وأمثال(1) ما قلناه كثيرة مما رواه أصحاب السير والتواريخ من ملوك فرس وغيبتهم عن أصحابهم مدّة لا يعرفون خبره ثُمَّ عودهم وظهورهم لضرب من التدبير وإن لم ينطق به القرآن فهو مذكور في التواريخ وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند قد كانت لهم غيبات وأحوال خارجة عن العادات لا نذكرها لأنَّ المخالف ربما جحدها على عادتهم جحد الأخبار وهو مذكور في التواريخ.
فإن قيل: ادّعاؤكم طول عمر صاحبكم أمر خارق للعادات مع بقائه على قولكم كامل العقل تام القوة والشباب لأنَّه على قولكم له في هذا الوقت الذي هو سنة سبع وأربعين وأربعمائة مائة وإحدى وتسعون سنة لأنَّ مولده على قولكم سنة ست وخمسين ومائتين ولم تجر العادة بأن يبقى أحد من البشر هذه المدّة فكيف انتقضت العادة فيه، ولا يجوز انتقاضها إلاَّ على يد الأنبياء.
قلنا: الجواب عن ذلك من وجهين: أحدهما: أن لا نسلّم أنَّ ذلك خارق لجميع العادات، بل العادات فيما تقدَّم قد جرت بمثلها وأكثر من ذلك، وقد ذكرنا بعضها كقصَّة الخضر عليه السلام وقصة أصحاب الكهف وغير ذلك، وقد أخبر الله عن نوح عليه السلام أنَّه لبث في قومه ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً وأصحاب السير يقولون: إنَّه عاش أكثر من ذلك، وإنَّما دعا قومه إلى الله هذه المدّة المذكورة بعد أن مضت عليه ستون من عمره، وروى أصحاب الأخبار أنَّ سلمان الفارسي لقي عيسى ابن مريم وبقي إلى زمان نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم وخبره مشهور وأخبار المعمّرين من العجم و العرب معروفة مذكورة في الكتب والتواريخ، وروى أصحاب الحديث أنَّ الدجّال موجود وأنَّه كان في عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّه باقٍ إلى الوقت الذي يخرج فيه وهو عدو الله فإذا جاز ذلك في عدوّ الله لضرب من المصلحة فكيف لا يجوز مثله في وليّ الله إنَّ هذا من العناد...(2).
أقول: ثُمَّ ذكر رحمه الله أخبار المعمّرين على ما سنذكره، ثُمَّ قال:
إن كان المخالف لنا في ذلك من يحيل ذلك من المنجّمين وأصحاب الطبايع فالكلام لهم(3) في أصل هذه المسألة فإنَّ العالم مصنوع وله صانع أجرى العادة بقصر الأعمار وطولاً، وأنَّه قادر على إطالتها وعلى إفنائها فإذا بيّن ذلك سهل الكلام.
وإن كان المخالف في ذلك من يسلّم ذلك غير أنَّه يقول: هذا خارج عن العادات، فقد بيّنا أنَّه ليس بخارج عن جميع العادات، ومتى قالوا: خارج عن عاداتنا، قلنا: وما المانع منه.
فإن قيل: ذلك لا يجوز إلاَّ في زمن الأنبياء.
قلنا: نحن ننازع في ذلك وعندنا يجوز خرق العادات على يد الأنبياء والأئمّة والصالحين وأكثر أصحاب الحديث يجوّزون ذلك وكثير من المعتزلة والحشوية، وإن سمّوا ذلك كرامات كان ذلك خلافاً في عبارة، وقد دللنا على جواز ذلك في كتبنا، وبيّنا أنَّ المعجز إنَّما يدلُّ على صدق من يظهر على يده ثُمَّ نعلمه نبيّاً أو إماماً أو صالحاً بقوله(4)، وكلّما يذكرونه من شبههم قد بيّنا الوجه فيه في كتبنا لا نطول بذكره هاهن(5).
فأمَّا ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان، وعلو السن، وتناقض بنية الإنسان فليس ممّا لا بدَّ منه وإنَّما أجرى الله العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان ولا إيجاب هناك، وهو تعالى قادر أن لا يفعل ما أجرى العادة بفعله، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أنَّ تطاول الأعمار ممكن غير مستحيل، وقد ذكرنا فيما تقدَّم عن جماعة أنَّهم لم يتغيّروا مع تطاول أعمارهم وعلوَّ سنهم، وكيف ينكر ذلك من يقرُّ بأنَّ الله تعالى يخلد المؤمنين(6) في الجنّة شبّاناً لا يبلون، وإنَّما يمكن أن ينازع في ذلك من يجحد ذلك ويسنده إلى الطبيعة وتأثير الكواكب الذي قد دلَّ الدليل على بطلان قولهم باتّفاق منّا ومن خالفنا في هذه المسألة من أهل الشرع، فسقطت الشبهة من كل وجه.
دليل آخر: وممَّا يدلُّ على إمامة صاحب الزمان وصحّة غيبته، ما رواه الطائفتان المختلفان، والفرقتان المتباينتان العامّة والإمامية أنَّ الأئمّة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم اثنا عشر لا يزيدون ولا ينقصون، وإذا ثبت ذلك فكلّ من قال بذلك قطع على الأئمّة الاثني عشر الذين نذهب إلى إمامتهم، وعلى وجود ابن الحسن وصحّة غيبته، لأنَّ من خالفهم في شيء من ذلك لا يقصر الإمامة على هذا العدد بل يجوز الزيادة عليها، وإذا ثبت بالأخبار التي نذكرها هذا العدد المخصوص ثبت ما أردناه...(7).
أقول: ثُمَّ أورد رحمه الله من طرق الفريقين بعض ما أوردناه في باب النصوص على الاثني عشر عليهم السلام، ثُمَّ قال رحمه الله:
فإن قيل: دلّوا أوّلاً على صحّة هذه الأخبار فإنَّها أخبار آحاد لا يعول عليها فيم طريقه العلم، وهذه مسألة علمية ثُمَّ دلّوا على أنَّ المعني بها من تذهبون إلى إمامته فإنَّ الأخبار التي رويتموها عن مخالفيكم وأكثر ما رويتموها من جهة الخاصّة إذا سلمت فليس فيها صحّة ما تذهبون إليه، لأنَّها تتضمَّن(8) غير ذلك فمن أين لكم أنَّ أئمّتكم هم المرادون بها دون غيرهم؟
قلنا: أمَّا الذي يدلُّ على صحّتها فإنَّ الشيعة الإمامية يروونها على وجه التواتر خلفاً عن سلف وطريقة تصحيح ذلك موجود في كتب الإمامية في النصوص على أمير المؤمنين عليه السلام والطريقة واحدة.
وأيضاً فإنَّ نقل الطائفتين المختلفتين المتباينتين في الاعتقاد يدلُّ على صحّة ما قد اتفقوا على نقله، لأنَّ العادة جارية أنَّ كلّ من اعتقد مذهباً وكان الطريق إلى صحّة ذلك النقل فإنَّ دواعيه تتوفّر إلى نقله، وتتوفّر دواعي من خالفه إلى إبطال ما نقله أو الطعن عليه، والانكار لروايته، بذلك جرت العادات في مدائح الرجال وذمهم، وتعظيمهم والنقص منهم، ومتى رأينا الفرقة المخالفة لهذه الفرقة قد نقلت مثل نقلها، ولم يتعرَّض(9) للطعن على نقله، ولينكر متضمّن الخبر، دلَّ ذلك على أنَّ الله تعالى قد تولى نقله وسخَّرهم لروايته، وذلك دليل على صحّة ما تضمّنه الخبر.
وأمَّا الدليل على أنَّ المراد بالأخبار والمعني بها أئمّتنا عليهم السلام فهو أنَّه إذا ثبت بهذه الأخبار أنَّ الأئمّة(10) محصورة في الاثني عشر إماماً وأنَّهم لا يزيدون ولا ينقصون، ثبت ما ذهبنا إليه، لأنَّ الأمّة بين قائلين: قائل يعتبر العدد الذي ذكرناه فهو يقول: إنَّ المراد بها من نذهب إلى إمامته، ومن خالف في إمامتهم لا يعتبر هذا العدد، فالقول مع اعتبار العدد أنَّ المراد غيرهم، خروج عن الإجماع وما أدّى إلى ذلك وجب القول بفساده.
ويدلُّ أيضاً على إمامة ابن الحسن عليه السلام وصحّة غيبته ما ظهر وانتشر من الأخبار الشائعة الذائعة عن آبائه عليهم السلام قبل هذه الأوقات بزمان طويل من أنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، وصفة غيبته، وما يجري فيها من الاختلاف، ويحدث فيها من الحوادث، وأنَّه يكون له غيبتان إحداهما أطول من الأخرى وأنَّ الأولى يعرف فيها أخباره والثانية لا يعرف فيها أخباره فوافق ذلك على ما تضمّنته الأخبار ولولا صحّتها وصحّة إمامته لما وافق ذلك، لأنَّ ذلك لا يكون إلاَّ بإعلام الله على لسان نبيه، وهذه أيضاً طريقة اعتمدها الشيوخ قديماً.
ونحن نذكر من الأخبار التي تضمّن ذلك طرفاً ليعلم صحّة ما قلناه لأنَّ استيفاء جميع ما روي في هذا المعنى يطول، وهو موجود في كتب الأخبار من أراده وقف عليه من هناك...(11).
أقول: ثُمَّ نقل الأخبار التي نقلنا عنه رحمه الله في الأبواب السابقة واللاحقة، ثُمَّ قال:
فإن قيل: هذه كلّها أخبار آحاد لا يعول على مثلها في هذه المسألة لأنَّها مسألة علمية.
قلنا: موضع الاستدلال من هذه الأخبار ما تضمّنه الخبر بالشيء قبل كونه فكان كما تضمّنه فكان ذلك دلالة على صحّة ما ذهبنا إليه من إمامة ابن الحسن لأنَّ العلم بما يكون لا يحصل إلاَّ من جهة علاّم الغيوب، فلو لم يرد إلاَّ خبر واحد ووافق مخبره ما تضمّنه الخبر، لكان ذلك كافياً، ولذلك كان ما تضمّنه القرآن من الخبر بالشيء قبل كونه دليلاً على صدق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّ القرآن من قبل الله تعالى، وإن كان المواضع التي تضمّن ذلك محصورة، ومع ذلك مسموعة من مخبر واحد، لكن دلَّ على صدقه من الجهة التي قلناها، على أنَّ الأخبار متواتر بها لفظاً ومعنىً.
فأمَّا اللفظ فإنَّ الشيعة تواترت بكلّ خبر منه، والمعنى أنَّ كثيرة الأخبار واختلاف جهاتها وتباين طرقها، وتباعد رواتها، تدلُّ على صحّتها، لأنَّه لا يجوز أن يكون كلّها باطلة ولذلك يستدلُّ في مواضع كثيرة على معجزات النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم التي هي سوى القرآن وأمور كثيرة في الشرع يتواتر(12)، وإن كان كلّ لفظ منه منقولاً من جهة الآحاد وذلك معتمد عند من خالفنا في هذه المسألة، فلا ينبغي أن يتركوه وينسوه إذا جئنا إلى الكلام في الإمامة، والعصبية لا ينبغي أن ينتهي بالإنسان إلى حدًّ يجحد الأمور المعلومة.
وهذا الذي ذكرناه معتبر في مدائح الرجال وفضائلهم ولذلك استدلَّ على سخاء حاتم وشجاعة عمرو وغير ذلك بمثل ذلك وإن كان كلّ واحد مما يروى من عطاء حاتم ووقوف عمرو في موقف من المواقف، من جهة الآحاد وهذا واضح.
وممَّا يدلُّ أيضاً على إمامة ابن الحسن زائداً على ما مضى أنَّه لا خلاف بين الأمّة أنَّه سيخرج في هذه الأمّة مهدي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وإذا بيّنا أنَّ ذلك المهدي من ولد الحسين وأفسدنا قول من يدّعي ذلك من ولد الحسين سوى ابن الحسن ثبت أنَّ المراد به هو عليه السلام...(13).
أقول: ثُمَّ أورد ما نقلنا عنه سابقاً من أخبار الخاصة والعامّة في المهدي عليه السلام، ثُمَّ قال:
وأمَّا الذي يدلُّ على أنَّه يكون من ولد الحسين عليه السلام فالأخبار التي أوردناها في أنَّ الأئمّة اثنا عشر وذكر تفاصيلهم فهي متضمّنة لذلك، ولأنَّ كلّ من اعتبر العدد الذي ذكرناه(14) قال: المهدي من ولد الحسينعليه السلام. وهو من أشرنا إليه...(15).
ثُمَّ أورد رحمه الله الأخبار في ذلك على ما روينا عنه، ثُمَّ قال:
فإن قيل: أليس قد خالف جماعة فيهم من قال: المهدي من ولد عليّ عليه السلام، فقالو(16): هو محمّد بن الحنفية، وفيهم من قال من السبائية: هو عليّ عليه السلام لم يمت، وفيهم من قال: جعفر بن محمّد لم يمت، وفيهم من قال: موسى بن جعفر لم يمت، وفيهم من قال: الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام لم يمت، وفيهم(17) من قال: المهدي هو أخوه محمّد بن عليّ وهو حيّ باقٍ لم يمت، ما الذي يفسد قول هؤلاء؟
قلت: هذه الأقوال كلّها قد أفسدناها بما دللنا عليه من موت من ذهبوا إلى حياته وبما بيّنا أنَّ الأئمّة اثنا عشر وبما دللنا على صحّة إمامة ابن الحسن من الاعتبار، وبما سنذكره من صحّة ولادته وثبوت معجزاته الدالة على إمامته.
فأمَّا من خالف في موت أمير المؤمنين وذكر أنَّه حيّ باقٍ فهو مكابر فإنَّ العلم بموته وقتله أظهر وأشهر من قتل كلّ أحد وموت كلّ إنسان والشكّ في ذلك يؤدّي إلى الشكّ في موت النبي وجميع أصحابه ثُمَّ ما ظهر من وصيته وأخبار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم إيّاه: (أنَّك تقتل وتخضب لحيتك من رأسك)، يفسد ذلك أيضاً وذلك أشهر من أن يحتاج أن يروى فيه الأخبار(18).
وأمَّا وفات محمّد بن علي، ابن الحنيفة وبطلان قول من ذهب إلى إمامته فقد بيّنا فيما مضى من الكتاب وعلى هذه الطريقة إذا بيّنا أنَّ المهدي من ولد الحسين عليه السلام بطل قول المخالف في إمامته عليه السلام(19).
وأمَّا الناووسية الذين وقفوا على جعفر بن محمّد عليه السلام(20) فقد بيّنا أيضاً فساد قولهم بما علمناه من موته، واشتهار الأمر فيه، وبصحّة(21) إمامة ابنه موسى بن جعفر عليهما السلام، وبما ثبت من إمامة الاثني عشر عليهم السلام ويؤكّد ذلك ما ثبت من صحّة وصيّته إلى من أوصى إليه، وظهور الحال في ذلك(22).
وأمَّا الواقفة الذين وقفوا على موسى بن جعفر وقالوا هو المهدي فقد أفسدنا أقوالهم بما دللنا عليه من موته، واشتهار الأمر فيه، وثبوت إمامة ابنه الرضا عليه السلام وفي ذلك كفاية لمن أنصف.
وأمَّا المحمّدية الذين قالوا بإمامة محمّد بن عليّ العسكري وأنَّه حيّ لم يمت، فقولهم باطل لما دللنا به على إمامة أخيه الحسن بن عليّ أبِي القائم عليهما السلام(23) وأيضاً فقد مات محمّد في حياة أبيه عليه السلام موتاً ظاهراً كما مات أبوه وجدّه فالمخالف في ذلك مخالف في الضرورة(24).
وأمَّا القائلون بأنَّ الحسن بن عليّ لم يمت وهو حيّ باقٍ وهو المهدي فقولهم باطل بما علمنا موته كما علمنا موت من تقدَّم من آبائه، والطريقة واحدة، والكلام عليهم واحد، هذا مع انقراض القائلين به واندراسهم، ولو كانوا محقّين لما انقرضوا...(25).
أقول: وقد أورد لكلّ ما ذكر أخباراً كثيرة أوردناها مع غيرها في المجلّدات السابقة في الأبواب التي هي أنسب بها، ثُمَّ قال:
وأمَّا من قال: إنَّ الحسن بن عليّ عليه السلام يعيش بعد موته وأنَّه القائم بالأمر وتعلّقهم بما رُويَ عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّمَا سُمَّيَ الْقَائِمَ(26) لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ)، فقوله باطل بما دللنا عليه من موته وادّعاؤهم أنَّه يعيش يحتاج إلى دليل ولو جاز لهم ذلك لجاز أن تقول الواقفة: إنَّ موسى بن جعفر يعيش بعد موته، على أنَّ هذا يؤدّي إلى خلو الزمان من إمام بعد موت الحسن إلى حين يحيى وقد دللنا بأدلّة عقلية على فساد ذلك(27).
ويدلُّ على فساد ذلك الأخبار التي مضت في أنَّه لو بقيت الأرض بغير إمام ساعة لساخت.
وَقَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (اللهُمَّ إِنَّكَ لاَ تُخْلِي الأرْضَ بِغَيْر حُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً أوْ خَائِفاً مَغْمُوراً)، يدلُّ على ذلك على أن قوله: (يقوم بعدما يموت)، لو صحَّ الخبر احتمل أن يكون أراد: (يقوم بعدما يموت ذكره) ويخمل ولا يعرف، وهذا جائز في اللغة وما دللنا به على أنَّ الأئمّة اثنا عشر يبطل هذا المقال لأنَّه(28) عليه السلام هو الحادي عشر(29)، على أنَّ القائلين بذلك قد انقرضوا ولله الحمد ولو كان حقّاً لما انقرض القائلون به.
الهوامش:
(1) بقيّة كلام الطوسي.
(2) الغيبة للطوسي: 83 - 114.
(3) في المصدر: (معهم) بدل (لهم).
(4) في المصدر: (لقوله) بدل (بقوله).
(5) الغيبة للطوسي: 125 و126.
(6) في المصدر: (المثابين) بدل (المؤمنين).
(7) الغيبة للطوسي: 126 و127.
(8) في المصدر إضافة: (العدد فحسب ولا تتضمَّن).
(9) في المصدر: (تتعرَّض).
(10) في المصدر: (الإمامة) بدل (الأئمّة).
(11) الغيبة للطوسي: 156 - 158.
(12) في المصدر: (تتواتر معنى) بدل (يتواتر).
(13) الغيبة للطوسي: 173 و174.
(14) في المصدر: (ذكرناه).
(15) الغيبة للطوسي: 188.
(16) في المصدر: (فقال).
(17) عبارة: (من قال) إلى (وفيهم) ليست في المصدر.
(18) الغيبة للطوسي: 192 و193.
(19) الغيبة للطوسي: 195.
(20) في المصدر: (وقالوا: هو المهدي قد) بدل (فقد).
(21) في المصدر: (لصحَّة) بدل (بصحَّة).
(22) الغيبة للطوسي: 196.
(23) في المصدر: (عليهم) بدل (عليهما السلام).
(24) الغيبة للطوسي: 198.
(25) الغيبة للطوسي: 218.
(26) في المصدر إضافة: (قائماً).
(27) الغيبة للطوسي: 220.
(28) في المصدر: (لأنَّ الحسن بن علي) بدل (لأنَّه).
(29) في المصدر إضافة: (فيبطل قولهم).
******************
وأمَّا من ذهب إلى الفترة بعد الحسن بن عليّ وخلو الزمان من إمام فقولهم باطل بما دللنا عليه من أنَّ الزمان لا يخلو من إمام في حال من الأحوال بأدلّة عقلية وشرعية وتعلّقهم بالفترات بين الرسل باطل لأنَّ الفترة عبارة عن خلو الزمان من نبيّ ونحن لا نوجب النبوّة في كلّ حال، وليس في ذلك دلالة على خلو الزمان من إمام، على أنَّ القائلين بذلك قد انقرضوا ولله الحمد، فسقط هذا القول أيضاً.
وأمَّا القائلون بإمامة جعفر بن عليّ بعد أخيه، فقولهم باطل بما دللنا عليه من أنَّه يجب أن يكون الإمام معصوماً، لا يجوز عليه الخطاء، وأنَّه يجب أن يكون أعلم الأمّة بالأحكام وجعفر لم يكن معصوماً بلا خلاف، وما ظهر من أفعاله التي تنافي العصمة أكثر من أن تحصى لا نطول بذكرها الكتاب، وإن عرض فيما بعد ما يقتضي ذكر بعضها ذكرناه، وأمَّا كونه عالماً فإنَّه كان خالياً منه، فكيف تثبت إمامته، على أنَّ القائلين بهذه المقالة قد انقرضوا أيضاً ولله الحمد والمنّة.
وأمَّا من قال: لا ولد لأبي محمّد عليه السلام فقوله يبطل بما دللنا عليه من إمامة الاثني عشر وسياقة الأمر فيهم(1).
وأمَّا من زعم أنَّ الأمر قد اشتبه عليه، فلا يدري هل لأبِي محمّد عليه السلام ولد أم لا إلاَّ أنَّهم متمسّكون بالأوّل حتّى يصحّ لهم الآخر فقوله باطل بما دللنا عليه من صحّة إمامة ابن الحسن، وبما بيّنا من أنَّ الأئمّة اثنا عشر، ومع ذلك لا ينبغي التوقّف بل يجب القطع على إمامة ولده، وما قدمناه أيضاً من أنَّه لا يمضي إمام حيّ حتَّى يولد له ويرى عقبه، وما دللنا عليه من أنَّ الزمان لا يخلو من إمام عقلاً وشرعاً يفسد هذا القول أيضاً.
فأمَّا تمسّكهم بما روي: (تمسّكوا بالأوّل حتّى يصحّ لكم الآخر) فهو خبر واحد ومع هذا فقد تأوّله سعد بن عبد الله بتأويل قريب قال قوله: (تمسّكوا بالأوّل حتّى يظهر لكم الآخر) هو دليل على إيجاب الخلف لأنَّه يقتضي وجوب التمسّك بالأوّل ولا يبحث عن أحوال الآخر إذا كان مستوراً غائباً في تقية حتّى يأذن الله في ظهوره، ويكون (هو)(2) الذي يظهر أمره ويشهر نفسه، على أنَّ القائلين بذلك قد انقرضوا والحمد لله.
وأمَّا من قال بإمامة الحسن وقالوا: انقطعت الإمامة كما انقطعت النبوّة فقولهم باطل بما دللنا عليه من أنَّ الزمان لا يخلو من إمام عقلاً وشرعاً وبما بيّنا من أنَّ الأئمّة اثنا عشر وسنبيّن صحّة ولادة القائم بعده، فسقط قولهم من كلّ وجه على أنَّ هؤلاء قد انقرضوا بحمد الله.
وقد بيّنا فساد قول الذاهبين إلى إمامة جعفر بن عليّ من الفطحية الذين قالوا بإمامة عبد الله بن جعفر لمَّا مات الصادق عليه السلام فلمَّا مات عبد الله ولم يخلّف ولداً رجعوا إلى القول بإمامة موسى بن جعفر ومن بعده إلى الحسن بن عليّ فلمَّا مات الحسن قالوا بإمامة جعفر وقول هؤلاء يبطل بوجوه(3) أفسدناها ولأنَّه لا خلاف بين الإمامية أنَّ الإمامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين وقد أوردنا في ذلك أخباراً كثيرة(4).
ومنها أنَّه لا خلاف أنَّه لم يكن معصوماً وقد بيّنا أنَّ من شرط الإمام أن يكون معصوماً وما ظهر من أفعاله ينافي العصمة وَقَدْ رُويَ أنَّهُ لَمَّا وُلِدَ لأبِي الْحَسَن جَعْفَرٌ هَنَّئُوهُ بِهِ فَلَمْ يَرَوْا بِهِ سُرُوراً، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: (هَوَّنْ عَلَيْكَ أمْرَهُ سَيُضِلُّ خَلْقاً كَثِيراً)(5)، وما روي فيه وله من الأفعال والأقوال الشنيعة أكثر من أن تحصى ننزّه كتابنا عن ذلك.
فأمَّا من قال: إنَّ للخلف ولداً وأنَّ الأئمّة ثلاثة عشر فقولهم يفسد بما دللنا عليه من أنَّ الأئمّة عليهم السلام اثنا عشر، فهذا القول يجب إطراحه على أنَّ هذه الفِرَق كلّها قد انقرضت بحمد الله ولم يبقَ قائل بقولها، وذلك دليل على بطلان هذه الأقاويل(6). انتهى كلامه قدَّس الله روحه.
وأقول: تحقيقاته رحمه الله في هذا المبحث يحتاج إلى تفصيل وتبيين وإتمام ونقض وإبرام ليس كتابنا محل تحقيق أمثال ذلك وإنَّما أوردنا كلامه رحمه الله لأنَّه كان داخلاً فيما اشتمل عليه أصولنا التي أخذنا منها ومحل تحقيق تلك المباحث من جهة الدلائل العقلية الكتب الكلامية وأمَّا ما يتعلّق بكتابنا من الأخبار المتعلّقة بها فقد وفّينا حقّها على وجه لا يبقى لمنصف بل معاند مجال الشكّ فيها ولنتكلّم فيما التزمه رحمه الله في ضمن أجوبة اعتراضات المخالف من كون كلّ من خفي عليه الإمام من الشيعة في زمان الغيبة فهم مقصرون مذنبون فنقول:
يلزم عليه أن لا يكون أحد من الفرقة المحقّة الناجية في زمان الغيبة موصوفاً بالعدالة، لأنَّ هذا الذنب الذي صار مانعاً لظهوره عليه السلام من جهتهم إمَّا كبيرة أو صغيرة أصرّوا عليها، وعلى التقديرين ينافي العدالة فكيف كان يحكم بعدالة الرواة والأئمّة في الجماعات، وكيف كان يقبل قولهم في الشهادات، مع أنّا نعلم ضرورة أنَّ كلّ عصر من الأعصار مشتمل على جماعة من الأخيار لا يتوقّفون مع خروجه عليه السلام وظهور أدنى معجز منه في الإقرار بإمامته وطاعته، وأيضاً فلا شكّ في أنَّ في كثير من الأعصار الماضية كان الأنبياء والأوصياء محبوسين ممنوعين عن وصول الخلق إليهم، وكان معلوماً من حال المقرّين أنَّهم لم يكونوا مقصّرين في ذلك بل نقول: لمَّا اختفى الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في الغار كان ظهوره لأمير المؤمنين صلوات الله عليه وكونه معه لطفاً له، ولا يمكن إسناد التقصير إليه فالحقّ في الجواب أنَّ اللطف إنَّما يكون شرطاً للتكليف إذا لم يكن مشتملاً على مفسدة فإنّا نعلم أنَّه تعالى إذا أظهر علامة مشيته عند ارتكاب المعاصي على المذنبين كأن يسوَّد وجوههم مثلاً، فهو أقرب إلى طاعتهم وأبعد عن معصيتهم، لكن لاشتماله على كثير من المفاسد لم يفعله، فيمكن أن يكون ظهوره عليه السلام مشتملاً على مفسدة عظيمة للمقرّين يوجب استئصالهم واجتياحهم، فظهوره عليه السلام مع تلك الحال ليس لطفاً لهم، وما ذكره رحمه الله من أنَّ التكليف مع فقد اللطف كالتكليف مع فقد الآلة فمع تسليمه إنَّما يتمّ إذا كان (لطفاً و)ارتفعت المفاسد المانعة عن كونه لطفاً.
وحاصل الكلام أنَّ بعدما ثبت من الحسن والقبح العقليين وأنَّ العقل يحكم بأنَّ اللطف على الله تعالى واجب، وأنَّ وجود الإمام لطف باتّفاق جميع العقلاء على أنَّ المصلحة في وجود رئيس يدعو إلى الصلاح، ويمنع عن الفساد، وأنَّ وجوده أصلح للعباد وأقرب إلى طاعتهم وأنَّه لا بدَّ أن يكون معصوماً وأنَّ العصمة لا تعلم إلاَّ من جهته تعالى وأنَّ الإجماع واقع على عدم عصمة غير صاحب الزمان عليه السلام يثبت وجوده.
وأمَّا غيبته عن المخالفين، فظاهر أنَّه مستند إلى تقصيرهم وأمَّا عن المقرّين فيمكن أن يكون بعضهم مقصّرين وبعضهم مع عدم تقصيرهم ممنوعين من بعض الفوائد التي تترتّب على ظهوره عليه السلام لمفسدة لهم في ذلك ينشأ من المخالفين أو لمصلحة لهم في غيبته بأن يؤمنوا به مع خفاء الأمر وظهور الشبه، وشدّة المشقّة فيكونوا أعظم ثواباً مع أنَّ إيصال الإمام فوائده وهداياته لا يتوقَّف على ظهوره بحيث يعرفونه، فيمكن أن يصل منه عليه السلام إلى أكثر الشيعة ألطاف كثيرة لا يعرفونه كما سيأتي عنه عليه السلام أنَّه في غيبته كالشمس تحت السحاب. على أنَّ في غيبات الأنبياء دليلاً بيّنا على أنَّ في هذا النوع من وجود الحجّة مصلحة وإلاَّ لم يصدر منه تعالى.
وأمَّا الاعتراضات الموردة على كلّ من تلك المقدّمات وأجوبتها فموكول إلى مظانه.
* * *
باب (13): ما فيه عليه السلام من سنن الأنبياء والاستدلال بغيباتهم على غيبته صلوات الله عليهم
1 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ مَعاً، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ صَالِحاً عليه السلام غَابَ عَنْ قَوْمِهِ زَمَاناً وَكَانَ يَوْمَ غَابَ عَنْهُمْ كَهْلاً مبدح (مُدَبَّحَ‏) الْبَطْن، حَسَنَ الْجِسْم، وَافِرَ اللّحْيَةِ، خَمِيصَ الْبَطْن، خَفِيفَ الْعَارضَيْن، مُجْتَمِعاً رَبْعَةً مِنَ الرَّجَالِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ لَمْ يَعْرفُوهُ بِصُورَتِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى‏ ثَلاَثِ طَبَقَاتٍ: طَبَقَةٌ جَاحِدَةٌ لاَ تَرْجِعُ أبَداً، وَاُخْرَى شَاكَّةٌ فِيهِ، وَاُخْرَى عَلَى يَقِينٍ، فَبَدَأ عليه السلام حَيْثُ رَجَعَ بِطَبَقَةِ الشُّكَّاكِ(7) فَقَالَ لَهُمْ: أنَا صَالِحٌ فَكَذَّبُوهُ وَشَتَمُوهُ وَزَجَرُوهُ، وَقَالُوا: بَرئَ اللهُ مِنْكَ إِنَّ صَالِحاً كَانَ فِي غَيْر صَورَتِكَ)، قَالَ: (فَأتَى الْجُحَّادَ فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ الْقَوْلَ وَنَفَرُوا مِنْهُ أشَدَّ النَّفُور ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَهُمْ أهْلُ الْيَقِين فَقَالَ لَهُمْ: أنَا صَالِحٌ فَقَالُوا: أخْبِرْنَا خَبَراً لاَ نَشُكُّ فِيكَ مَعَهُ أنَّكَ صَالِحٌ فَإنَّا لاَ نَمْتَري أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْخَالِقُ يَنْقُلُ وَيُحَوَّلُ فِي أيّ الصُّوَر شَاءَ وَقَدْ اُخْبِرْنَا وَتَدَارَسْنَا فِيمَا بَيْنَنَا بِعَلاَمَاتِ الْقَائِم إِذَا جَاءَ وَإِنَّمَا صَحَّ عِنْدَنَا إِذَا أتَى الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: أنَا صَالِحٌ الَّذِي أتَيْتُكُمْ بِالنَّاقَةِ، فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَهِيَ الَّتِي نَتَدَارَسُ فَمَا عَلاَمَاتُهَ(8)؟ فَقَالَ: ((لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ))(9)، قَالُوا: آمَنَّا بِاللهِ وَبِمَا جِئْتَنَا بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((أنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ))(10)، قَالَ أهْلُ الْيَقِين: ((إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ))، وَ((قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا)) وَهُمُ الشُّكَّاكُ وَالْجُحَّادُ: ((إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ))).
قُلْتُ: هَلْ كَانَ فِيهِمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَالِمٌ(11)؟ قَالَ: (اللهُ تَعَالَى أعْدَلُ مِنْ أنْ يَتْرُكَ الأرْضَ بِغَيْر عَالِم يَدُلُّ عَلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَقَدْ مَكَثَ الْقَوْمُ بَعْدَ خُرُوج صَالِح سَبْعَةَ أيَّام عَلَى فَتْرَةٍ لاَ يَعْرفُونَ إِمَاماً غَيْرَ أنَّهُمْ عَلَى مَا فِي أيْدِيهِمْ مِنْ دِين اللهِ عزّ وجل كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ فَلَمَّا ظَهَرَ صَالِحٌ عليه السلام اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا مَثَلُ (عَلِيّ وَ)(12) الْقَائِم مَثَلُ صَالِح عليه السلام)(13).
2 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْمُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ وَغَيْرهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (فِي الْقَائِم سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام)، فَقُلْتُ: وَمَا سُنَّةُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ؟ قَالَ: (خَفَاءُ مَوْلِدِهِ وَغَيْبَتُهُ عَنْ قَوْمِهِ)، فَقُلْتُ: وَكَمْ غَابَ مُوسَى عَنْ أهْلِهِ وَقَوْمِهِ؟ قَالَ: (ثَمَانِيَ وَعِشْرينَ سَنَةً)(14).
3 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر أرْبَعُ سُنَنٍ مِنْ أرْبَعَةِ أنْبِيَاءَ: سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَأمَّا مِنْ مُوسَى فَخَائِفٌ يَتَرَقَّبُ، وَأمَّا مِنْ يُوسُفَ فَالسَّجْنُ، وَأمَّا مِنْ عِيسَى فَيُقَالُ: إِنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَمُتْ، وَأمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَالسَّيْفُ)(15).
الغيبة للطوسي: محمّد الحميري، عن أبيه، مثله(16).
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله(17).
4 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْن أحْمَدَ الْعَلَويُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَيَّدَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن عليه السلام يَقُولُ: (فِي الْقَائِم مِنَّا سُنَنٌ مِنْ سُنَن الأنْبِيَاءِ عليهم السلام، سُنَّةٌ مِنْ(18) آدَمَ، وَسُنَّةٌ مِنْ نُوح، وَسُنَّةٌ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ أيُّوبَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَأمَّا مِنْ آدَمَ وَمِنْ نُوح فَطُولُ الْعُمُر، وَأمَّا مِنْ إِبْرَاهِيمَ فَخَفَاءُ الْولاَدَةِ وَاعْتِزَالُ النَّاس، وَأمَّا مِنْ مُوسَى فَالْخَوْفُ وَالْغَيْبَةُ، وَأمَّا مِنْ عِيسَى فَاخْتِلاَفُ النَّاس فِيهِ، وَأمَّا مِنْ أيُّوبَ فَالْفَرَجُ بَعْدَ الْبَلْوَى، وَأمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَالْخُرُوجُ بِالسَّيْفِ)(19).
5 _ كمال الدين: ابْنُ بَشَّارٍ، عَن الْمُظَفَّر بْن أحْمَدَ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَيَّدَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن عليه السلام يَقُولُ: (فِي الْقَائِم سُنَّةٌ مِنْ نُوح وَهُوَ طُولُ الْعُمُر)(20).
كمال الدين: الدقّاق والشيباني معاً، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن حمزة بن حمران، مثله(21).
6 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام وَأنَا اُريدُ أنْ أسْألَهُ عَن الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً: (يَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِم إِنَّ فِي الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم شَبَهاً مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الرُّسُل: يُونُسَ بْن مَتَّى، وَيُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ يُونُسَ فَرُجُوعُهُ مِنْ غَيْبَتِهِ وَهُوَ شَابٌّ بَعْدَ كِبَر السَّنَّ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ فَالْغَيْبَةُ مِنْ خَاصَّتِهِ وَعَامَّتِهِ وَاخْتِفَاؤُهُ مِنْ إِخْوَتِهِ وَإِشْكَالُ أمْرهِ عَلَى أبِيهِ يَعْقُوبَ عليه السلام مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبِيهِ وَأهْلِهِ وَشِيعَتِهِ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ مُوسَى فَدَوَامُ خَوْفِهِ وَطُولُ غَيْبَتِهِ وَخَفَاءُ ولاَدَتِهِ وَتَعَبُ شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ بِمَ(22) لَقُوا مِنَ الأذَى وَالْهَوَان إِلَى أنْ أذِنَ اللهُ عزّ وجل فِي ظُهُورهِ وَنَصَرَهُ وَأيَّدَهُ عَلَى عَدُوَّهِ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ عِيسَى فَاخْتِلاَفُ مَن اخْتَلَفَ فِيهِ حَتَّى قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: مَا وُلِدَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَاتَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: قُتِلَ وَصُلِبَ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ جَدَّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وآله وسلّم فَخُرُوجُهُ بِالسَّيْفِ وَقَتْلُهُ أعْدَاءَ اللهِ وَأعْدَاءَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتَ وَأنَّهُ يُنْصَرُ بِالسَّيْفِ وَالرُّعْبِ وَأنَّهُ لاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ وَأنَّ مِنْ عَلاَمَاتِ خُرُوجِهِ خُرُوجَ السُّفْيَانِيّ مِنَ الشَّام وَخُرُوجَ الْيَمَانِيّ(23) وَصَيْحَةً مِنَ السَّمَاءِ فِي شَهْر رَمَضَانَ وَمُنَادٍ يُنَادِي(24) بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ)(25).
7 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (فِي صَاحِبِ الأمْر سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَأمَّا مِنْ مُوسَى فَخَائِفٌ يَتَرَقَّبُ، وَأمَّا مِنْ عِيسَى فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي عِيسَى، وَأمَّا مِنْ يُوسُفَ فَالسَّجْنُ وَالتَّقِيَّةُ(26)، وَأمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَالْقِيَامُ بِسِيرَتِهِ وَتَبْيينُ آثَارهِ، ثُمَّ يَضَعُ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ وَلاَ يَزَالُ يَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ)، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَعْلَمُ أنَّ اللهَ عزّ وجل قَدْ رَضِيَ؟ قَالَ: (يُلْقِي اللهُ عزّ وجل فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ)(27).
الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 221 و222.
(2) كلمة: (هو) ليست في المصدر.
(3) في المصدر: (من وجوه) بدل (بوجوه).
(4) الغيبة للطوسي: 223 - 225.
(5) الغيبة للطوسي: 226 و227.
(6) الغيبة للطوسي: 227 و228.
(7) في المصدر: (بالطبقة الشاكّة).
(8) في المصدر: (علامتها).
(9) الشعراء: 155.
(10) هذه الآية وما بعدها من سورة الأعراف: 75 و76.
(11) في المصدر إضافة: (به).
(12) عبارة: (علي و) ليست في المصدر.
(13) كمال الدين 1: 136/ باب (ذكر غيبة صالح)/ ح 6.
(14) كمال الدين 2: 340/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 18.
(15) كمال الدين 1: 326/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 6.
(16) الغيبة للطوسي: 424/ رقم 408.
(17) الإمامة والتبصرة: 93 و94/ باب 23/ ح 84 .
(18) في المصدر إضافة: (أبينا).
(19) كمال الدين 1: 321/ باب (ما أخبر به علي بن الحسين عليه السلام)/ ح 3.
(20) كمال الدين 1: 322/ باب (ما أخبر به علي بن الحسين عليه السلام)/ ح 4.
(21) كمال الدين 1: 322/ باب (ما أخبر به علي بن الحسين عليه السلام)/ ح 5.
(22) في المصدر: (ممَّا) بدل (بما).
(23) في المصدر إضافة: (من اليمن).
(24) في المصدر إضافة: (من السماء).
(25) كمال الدين 1: 327/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 7.
(26) في المصدر: (الغيبة) بدل (التقيّة).
(27) كمال الدين 1: 329/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 11.
******************
8 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عُمَيْرٍ اللَّيْثِيّ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْقُمَّيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ أبِي أحْمَدَ الأزْدِيّ، عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فِيهِ سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ: ابْنُ أمَةٍ سَوْدَاءَ يُصْلِحُ اللهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ)(2).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسن(3) جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن الكناسي، مثله(4).
بيان: قوله عليه السلام: (ابن أمَة سوداء) يخالف كثيراً من الأخبار التي وردت في وصف اُمّه عليه السلام ظاهراً إلاَّ أن يحمل على الاُمّ بالواسطة أو المربية.
9 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن حَاتِم، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ الْبَغْدَادِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن طَاهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى بْن سَهْلٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَارثِ، عَنْ سَعْدِ بْن مَنْصُور الْجَوَاشِنِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْبُدَيْلِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَالْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَأبُو بَصِيرٍ وَأبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَلَى مَوْلاَنَا أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام فَرَأيْنَاهُ جَالِساً عَلَى التُّرَابِ وَعَلَيْهِ مِسْحٌ(5) خَيْبَريٌّ مُطَوَّقٌ بِلاَ جَيْبٍ مُقَصَّرُ الْكُمَّيْن وَهُوَ يَبْكِي بُكَاءَ الْوَالِهِ الثَّكْلَى ذَاتَ الْكَبِدِ الْحَرَّى قَدْ نَالَ الْحُزْنُ مِنْ وَجْنَتَيْهِ وَشَاعَ التَّغَيُّرُ(6) فِي عَارضَيْهِ وَأبْلَى الدُّمُوعُ مَحْجِرَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: (سَيَّدِي! غَيْبَتُكَ نَفَتْ رُقَادِي وَضَيَّقَتْ عَلَيَّ مِهَادِي وَأسَرَتْ(7) مِنّي رَاحَةَ فُؤَادِي، سَيَّدِي غَيْبَتُكَ أوْصَلَتْ مُصَابِي بِفَجَائِع الأبَدِ وَفَقْدُ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْوَاحِدِ يُفْنِي الْجَمْعَ وَالْعَدَدَ، فَمَا اُحِسُّ بِدَمْعَةٍ تَرْقَى مِنْ عَيْني، وَأنِينٍ يَفْتُرُ مِنْ صَدْري عَنْ دَوَارج الرَّزَايَا وَسَوَالِفِ الْبَلاَيَا إِلاَّ مُثّلَ لِعَيْني عَنْ عَوَائِر أعْظَمِهَا وَأفْظَعِهَا وَتَرَاقِي(8) أشَدَّهَا وَأنْكَرهَا وَنَوَائِبَ مَخْلُوطَةٍ بِغَضَبِكَ، وَنَوَازِلَ مَعْجُونَةٍ بِسَخَطِكَ).
قَالَ سَدِيرٌ: فَاسْتَطَارَتْ عُقُولُنَا وَلَهاً وَتَصَدَّعَتْ قُلُوبُنَا جَزَعاً عَنْ ذَلِكَ الْخَطْبِ الْهَائِل وَالْحَادِثِ الْغَائِل، وَظَنَنَّا أنَّهُ سِمَةٌ لِمَكْرُوهَةٍ قَارعَةٍ أوْ حَلَّتْ بِهِ مِنَ الدَّهْر بَائِقَةٌ، فَقُلْنَا: لاَ أبْكَى اللهُ يَا ابْنَ خَيْر الْوَرَى عَيْنَيْكَ مِنْ أيّ(9) حَادِثَةٍ تَسْتَنْزفُ دَمْعَتَكَ، وَتَسْتَمْطِرُ عَبْرَتَكَ، وَأيَّةُ حَالَةٍ حَتَمَتْ عَلَيْكَ هَذَا الْمَأتَمَ؟
قَالَ: فَزَفَرَ الصَّادِقُ عليه السلام زَفْرَةً انْتَفَخَ مِنْهَ(10) جَوْفُهُ، وَاشْتَدَّ مِنْهَا خَوْفُهُ، وَقَال:‏ (وَيْكُمْ إِنّي نَظَرْتُ فِي كِتَابِ الْجَفْر صَبِيحَةَ هَذَا الْيَوْم وَهُوَ الْكِتَابُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى عِلْم الْمَنَايَا وَالْبَلاَيَا وَالرَّزَايَا وَعِلْم مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ الَّذِي خَصَّ اللهُ تَقَدَّسَ اسْمُهُ بِهِ مُحَمَّداً وَالأئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَتَأمَّلْتُ فِيهِ مَوْلِدَ قَائِمِنَا وَغِيبَتَهُ وَإِبْطَاءَهُ وَطُولَ عُمُرهِ وَبَلْوَى الْمُؤْمِنينَ (بِهِ مِنْ بَعْدِهِ)(11) فِي ذَلِكَ الزَّمَان وَتَوَلُّدَ الشُّكُوكِ فِي قُلُوبهِمْ مِنْ طُولِ غَيْبَتِهِ، وَارْتِدَادَ أكْثَرهِمْ عَنْ دِينِهِمْ وَخَلْعَهُمْ ربْقَةَ الإسْلاَم مِنْ أعْنَاقِهِمُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ: ((وَكُلَّ إِنسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ))(12) يَعْنِي الْوَلاَيَةَ، فَأخَذَتْنِي الرَّقَّةُ، وَاسْتَوْلَتْ عَلَيَّ الأحْزَانُ).
فَقُلْنَا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ كَرَّمْنَا وَشَرَّفْنَا بِإشْرَاكِكَ إِيَّانَا فِي بَعْض مَا أنْتَ تَعْلَمُهُ مِنْ عِلْم، قَالَ(13): (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أدَارَ فِي الْقَائِم مِنَّا ثَلاَثَةً أدَارَهَا فِي ثَلاَثَةٍ مِنَ الرُّسُل، قَدَّرَ مَوْلِدَهُ تَقْدِيرَ مَوْلِدِ مُوسَى عليه السلام، وَقَدَّرَ غَيْبَتَهُ تَقْدِيرَ غَيْبَةِ عِيسَى عليه السلام، وَقَدَّرَ إِبْطَاءَهُ تَقْدِيرَ إِبْطَاءِ نُوح عليه السلام، وَجَعَلَ(14) مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عُمُرَ الْعَبْدِ الصَّالِح أعْنِي الْخَضِرَ دَلِيلاً عَلَى عُمُرهِ)، فَقُلْتُ(15): اكْشِفْ لَنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ عَنْ وُجُوهِ هَذِهِ الْمَعَانِي.
قَالَ: (أمَّا مَوْلِدُ مُوسَى فَإنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا وَقَفَ عَلَى أنَّ زَوَالَ مُلْكِهِ عَلَى يَدِهِ أمَرَ بِإحْضَار الْكَهَنَةِ، فَدَلُّوهُ عَلَى نَسَبِهِ وَأنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَزَلْ يَأمُرُ أصْحَابَهُ بِشَقَّ بُطُون الْحَوَامِل مِنْ (نسَاءِ)(16) بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى قَتَلَ فِي طَلَبِهِ نَيّفاً وَعِشْرينَ ألْفَ مَوْلُودٍ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إِلَى قَتْل مُوسَى لِحِفْظِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِيَّاهُ.
كَذَلِكَ بَنُو اُمَيَّةَ وَبَنُو الْعَبَّاس لَمَّا وَقَفُوا عَلَى أنَّ زَوَالَ مُلْكِهِمْ وَالاُمَرَاءِ(17) وَالْجَبَابِرَةِ مِنْهُمْ عَلَى يَدِ الْقَائِمِ مِنَّا، نَاصَبُونَا الْعَدَاوَةَ وَوَضَعُوا سُيُوفَهُمْ فِي قَتْل آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَإِبَادَةِ نَسْلِهِ طَمَعاً مِنْهُمْ فِي الْوُصُولِ إِلَى قَتْل الْقَائِم عليه السلام وَيَأبَى اللهُ أنْ يَكْشِفَ أمْرَهُ لِوَاحِدٍ مِنَ الظَّلَمَةِ إِلَى أنْ يُتِمَّ نُورَهُ... وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
وَأمَّا غَيْبَةُ عِيسَى عليه السلام فَإنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّفَقَتْ عَلَى أنَّهُ قُتِلَ وَكَذَّبَهُمُ اللهُ عزّ وجل بِقَوْلِهِ: ((وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ))(18) كَذَلِكَ غَيْبَةُ الْقَائِم عليه السلام فَإنَّ الاُمَّةَ تُنْكِرُهَا (لِطُولِهَا) فَمِنْ قَائِلٍ بِغَيْر هُدًى بِأنَّهُ لَمْ يُولَدْ، وَقَائِلٍ يَقُولُ(19): إِنَّهُ وُلِدَ وَمَاتَ، وَقَائِلٍ يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ حَادِيَ عَشَرَنَا كَانَ عَقِيماً، وَقَائِلٍ يَمْرُقُ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى ثَالِثَ عَشَرَ فَصَاعِداً، وَقَائِلٍ يَعْصِي اللهَ عزّ وجل بِقَوْلِهِ(20): إِنَّ رُوحَ الْقَائِم عليه السلام يَنْطِقُ فِي هَيْكَل غَيْرهِ.
وَأمَّا إِبْطَاءُ نُوح عليه السلام فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَنْزَلَ الْعُقُوبَةَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ السَّمَاءِ بَعَثَ اللهُ عزّ وجل جَبْرَئِيلَ الرُّوحَ الأمِينَ بِسَبْعَةِ نَوَيَاتٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لَكَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ خَلاَئِقِي وَعِبَادِي وَلَسْتُ اُبِيدُهُمْ بِصَاعِقَةٍ مِنْ صَوَاعِقِي إِلاَّ بَعْدَ تَأكِيدِ الدَّعْوَةِ وَإِلْزَام الْحُجَّةِ، فَعَاودْ اجْتِهَادَكَ فِي الدَّعْوَةِ لِقَوْمِكَ فَإنّي مُثِيبُكَ عَلَيْهِ وَاغْرسْ هَذَا النَّوَى فَإنَّ لَكَ فِي نَبَاتِهَا وَبُلُوغِهَا وَإِدْرَاكِهَا إِذَا أثْمَرَتِ الْفَرَجَ وَالْخَلاَصَ فَبَشّرْ بِذَلِكَ مَنْ تَبِعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ.
فَلَمَّا نَبَتَتِ الأشْجَارُ وَتَأزَّرَتْ وَتَسَوَّقَتْ وَتَغَصَّنَتْ وَأثْمَرَتْ وَزَهّى الثَّمَرُ(21) عَلَيْهَا بَعْدَ زَمَنٍ طَويلٍ اسْتَنْجَزَ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعِدَةَ فَأمَرَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنْ يَغْرسَ مِنْ نَوَى تِلْكَ الأشْجَار وَيُعَاودَ الصَّبْرَ وَالاجْتِهَادَ، وَيُؤَكّدَ الْحُجَّةَ عَلَى قَوْمِهِ فَأخْبَرَ بِذَلِكَ الطَّوَائِفَ الَّتِي آمَنَتْ بِهِ فَارْتَدَّ مِنْهُمْ ثَلاَثُ مِائَةِ رَجُلٍ وَقَالُوا: لَوْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ نُوحٌ حَقّاً لَمَا وَقَعَ فِي وَعْدِ رَبَّهِ خُلْفٌ.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ يَأمُرُهُ عِنْدَ كُلّ مَرَّةٍ أنْ يَغْرسَهَا تَارَةً(22) بَعْدَ اُخْرَى إِلَى أنْ غَرَسَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الطَّوَائِفُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تَرْتَدُّ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلَى أنْ عَادَ إِلَى نَيّفٍ وَسَبْعِينَ رَجُلاً فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل عِنْدَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَقَالَ: يَا نُوحُ الآنَ أسْفَرَ الصُّبْحُ عَن اللَّيْل لِعَيْنكَ حِينَ صَرَّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَصَفَا (الأمْرُ لِلإيمَان)(23) مِنَ الْكَدَر بِارْتِدَادِ كُلّ مَنْ كَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً.
فَلَوْ أنّي أهْلَكْتُ الْكُفَّارَ وَأبْقَيْتُ مَنْ قَدِ ارْتَدَّ مِنَ الطَّوَائِفِ الَّتِي كَانَتْ آمَنَتْ بِكَ لَمَا كُنْتُ صَدَقْتُ وَعْدِيَ السَّابِقَ لِلْمُؤْمِنينَ الَّذِينَ أخْلَصُوا التَّوْحِيدَ مِنْ قَوْمِكَ، وَاعْتَصَمُوا بِحَبْل نُبُوَّتِكَ بِأنْ أسْتَخْلِفَهُمْ فِي الأرْض وَاُمَكّنَ لَهُمْ دِينَهُمْ وَاُبَدَّلَ خَوْفَهُمْ بِالأمْن لِكَيْ تَخْلُصَ الْعِبَادَةُ لِي بِذَهَابِ الشَّكَّ مِنْ قُلُوبهِمْ.
وَكَيْفَ يَكُونُ الاسْتِخْلاَفُ وَالتَّمْكِينُ وَبَدَلُ الْخَوْفِ بِالأمْن مِنّي لَهُمْ مَعَ مَا كُنْتُ أعْلَمُ مِنْ ضَعْفِ يَقِين الَّذِينَ ارْتَدُّوا وَخُبْثِ طِينَتِهِمْ، وَسُوءِ سَرَائِرهِمُ الَّتِي كَانَتْ نَتَائِجَ النّفَاقِ وَسُنُوحَ الضَّلاَلَةِ، فَلَوْ أنَّهُمْ تَسَنَّمُوا (مِنّي)(24) مِنَ الْمُلْكِ الَّذِي اُوتِيَ الْمُؤْمِنينَ وَقْتَ الاسْتِخْلاَفِ إِذَا أهْلَكْتُ أعْدَاءَهُمْ لَنَشَقُوا رَوَائِحَ صِفَاتِهِ وَلاَسْتَحْكَمَتْ سَرَائِرُ نِفَاقِهِمْ وَتَأبَّدَ حِبَالُ ضَلاَلَةِ قُلُوبهِمْ وَكَاشَفُوا إِخْوَانَهُمْ بِالْعَدَاوَةِ وَحَارَبُوهُمْ عَلَى طَلَبِ الرَّئَاسَةِ وَالتَّفَرُّدِ بِالأمْر وَالنَّهْي وَكَيْفَ يَكُونُ التَّمْكِينُ فِي الدَّين وَانْتِشَارُ الأمْر فِي الْمُؤْمِنينَ مَعَ إِثَارَةِ الْفِتَن وَإِيقَاع الْحُرُوبِ كَلاَّ فَـ((اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأعْيُنِنا وَوَحْيِنا))(25)).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (وَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام تَمْتَدُّ أيَّامُ غَيْبَتِهِ لِيُصَرَّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَيَصْفُوَ الإيمَانُ مِنَ الْكَدَر بِارْتِدَادِ كُلّ مَنْ كَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً مِنَ الشّيعَةِ الَّذِينَ يُخْشَى عَلَيْهِمُ النّفَاقُ إِذَا أحَسُّوا بِالاسْتِخْلاَفِ وَالتَّمْكِين وَالأمْن الْمُنْتَشِر فِي عَهْدِ الْقَائِم عليه السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ إِنَّ النَّوَاصِبَ تَزْعُمُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، قَالَ: (لاَ يَهْدِ اللهُ قُلُوبَ النَّاصِبَةِ مَتَى كَانَ الدَّينُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللهُ وَرَسُولُهُ مُتَمَكّناً بِانْتِشَار الأمْن فِي الاُمَّةِ وَذَهَابِ الْخَوْفِ مِنْ قُلُوبهَا وَارْتِفَاع الشَّكَّ مِنْ صُدُورهَا فِي عَهْدِ أحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ وَفِي عَهْدِ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ ارْتِدَادِ الْمُسْلِمِينَ وَالْفِتَن الَّتِي كَانَتْ تَثُورُ فِي أيَّامِهِمْ وَالْحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ تَنْشَبُ بَيْنَ الْكُفَّار وَبَيْنَهُمْ)، ثُمَّ تَلاَ الصَّادِقُ عليه السلام: (((حَتَّى إِذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا))(26).
وَأمَّا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الْخَضِرُ عليه السلام فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا طَوَّلَ عُمُرَهُ لِنُبُوَّةٍ قَدَّرَهَا لَهُ وَلاَ لِكِتَابٍ يُنْزلُهُ عَلَيْهِ وَلاَ لِشَريعَةٍ يَنْسَخُ بِهَا شَريعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَهَا مِنَ الأنْبِيَاءِ، وَلاَ لإمَامَةٍ يُلْزمُ عِبَادَهُ الاقْتِدَاءَ بِهَا وَلاَ لِطَاعَةٍ يَفْرضُهَا لَهُ، بَلَى إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أنْ يُقَدَّرَ مِنْ عُمُر الْقَائِمِ عليه السلام فِي أيَّام غَيْبَتِهِ مَا يُقَدَّرُ وَعَلِمَ مَا يَكُونُ مِنْ إِنْكَار عِبَادِهِ بِمِقْدَار ذَلِكَ الْعُمُر فِي الطُّولِ طَوَّلَ عُمُرَ الْعَبْدِ الصَّالِح مِنْ غَيْر سَبَبٍ أوْجَبَ(27) ذَلِكَ إِلاَّ لِعِلَّةِ الاسْتِدْلاَلِ بِهِ عَلَى عُمُر الْقَائِم عليه السلام، وَلِيَقْطَعَ بِذَلِك‏ حُجَّةَ الْمُعَانِدِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاس عَلَى اللهِ حُجَّةٌ)(28).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمّد بن بحر الشيباني، عن علي بن الحارث، مثله(29).
بيان: قال الفيروزآبادي: المحجر كمجلس، ومنبر من العين وما دار بها وبدا من البرقع(30)، قوله عليه السلام: (وفقد) لعلَّه معطوف على الفجائع أو على الأبد أي أو صلت مصابي بما أصابني قبل ذلك من فقد واحد بعد واحد بسبب فناء الجمع والعدد. وفي بعض النسخ (يغني) فالجملة معترضة أو حالية.
قوله عليه السلام: (يفتر) أي يخرج بضعف وفتور، وفي (الغيبة للطوسي): (يفشأ) على البناء للمفعول أي ينتشر، و(دوارج الرزايا) مواضيها.
و(العواير) المصائب الكثيرة التي تعور العين لكثرتها من قولهم عنده من المال عائرة عين أي يحار فيه البصر من كثرته أو من العائر وهو الرمد والقذى في العين وتعدية التمثيل بعن لتضمين معنى الكشف والتراقي جمع الترقوة أي يمثل لي أشخاص مصائب أنظر إلى ترقوته(31)، وقوله: (أعظمها) على صيغة أفعل التفضيل فيكون بدلاً عن العوائر أو صيغة المتكلم أي أعدّها عظيمة فيكون صفة والاحتمالان جاريان في الثلاثة الاُخر وحاصل الكلام: أنّي كلّما أنظر إلى دمعة أو أسمع منّي أنيناً للمصائب التي نزلت بنا في سالف الزمان أنظر بعين اليقين إلى مصائب جليلة مستقبلة أعدّها عظيمة فظيعة.
و(الغائل) المهلك والغوائل الدواهي، قوله: (سمة) أي علامة وقد سبق تفسير سائر أجزاء الخبر في كتاب النبوّة.
10 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن‏ شُجَاع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر سُنَناً مِنَ الأنْبِيَاءِ: سُنَّةً مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ، وَسُنَّةً مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةً مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةً مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم.
فَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ مُوسَى فَخَائِفٌ يَتَرَقَّبُ، وَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ عِيسَى فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي عِيسَى، وَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ يُوسُفَ فَالسَّتْرُ جَعَلَ(32) اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ حِجَاباً يَرَوْنَهُ وَلاَ يَعْرفُونَهُ، وَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَهْتَدِي بِهُدَاهُ وَيَسِيرُ بِسِيرَتِهِ)(33).
11 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن بَشَّارٍ، عَن الْمُظَفَّر بْن أحْمَدَ، عَن الأسَدِيّ، عَن الْبَرْمَكِيّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن صَالِح الْبَزَّازِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْعَسْكَريَّ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ ابْنِي هُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي وَهُوَ الَّذِي يَجْري فِيهِ سُنَنُ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام بِالتَّعْمِير وَالْغَيْبَةِ حَتَّى تَقْسُوَ قُلُوبٌ(34) لِطُولِ الأمَدِ وَلاَ يَثْبُتَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إِلاَّ مَنْ كَتَبَ اللهُ عزّ وجل فِي قَلْبِهِ الإيمَانَ وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ)(35).
12 _ الغيبة للطوسي: رَوَى أبُو بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (فِي الْقَائِم شَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ)، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: (الْحِيرَةُ وَالْغَيْبَةُ)(36).
13 _ الغيبة للطوسي: وَأمَّا مَا رُويَ مِنَ الأخْبَار الَّتِي تَتَضَمَّنُ أنَّ صَاحِبَ الزَّمَان يَمُوتُ ثُمَّ يَعِيشُ أوْ يُقْتَلُ ثُمَّ يَعِيشُ نَحْوَ مَا رَوَاهُ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: لأيّ شَيْ‏ءٍ سُمَّيَ الْقَائِمَ؟ قَالَ: (لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ إِنَّهُ يَقُومُ بِأمْرٍ عَظِيم، يَقُومُ بِأمْر اللهِ)(37).
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَكَم، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (مَثَلُ أمْرنَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى مَثَلُ صَاحِبِ الْحِمَار أمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عام ثُمَّ بَعَثَهُ)(38).
وَعَنْهُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْكُوفِيّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن الرَّبيع، عَنْ عَلِيّ بْن الْخَطَّابِ، عَنْ مُؤَذّن مَسْجِدِ الأحْمَر، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام: هَلْ فِي كِتَابِ اللهِ مَثَلٌ لِلْقَائِم؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، آيَةُ صَاحِبِ الْحِمَار أمَاتَهُ اللهُ‏ مِائَةَ عام ثُمَّ بَعَثَهُ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (الكشي) بدل (الليثي).
(2) كمال الدين 1: 329/ باب (ما أخبر به الباقر عليه السلام)/ ح 12.
(3) في المصدر: (ومحمّد بن أحمد بن الحسن).
(4) الغيبة للنعماني: 163.
(5) المسح بالكسر: البلاس، (الصحاح 1: 405). وكأنَّ الراوي يصف جبّة من شعر، وكيف كان الحديث منكر السند.
(6) في المصدر: (التغيير).
(7) في المصدر: (ابتزَّت) بدل (أسرت).
(8) في المصدر: (عن غوابر أعظمها وأفظعها وبواقي أشدّها).
(9) في المصدر: (أيّة) بدل (أيّ).
(10) في المصدر: (عنها) بدل (منها).
(11) عبارة: (به من بعده) ليست في المصدر.
(12) الإسراء: 13.
(13) في المصدر إضافة: (ذلك).
(14) في المصدر إضافة: (له).
(15) في المصدر: (فقلنا له) بدل (فقلت).
(16) من المصدر.
(17) في المصدر: (وملك الاُمراء).
(18) النساء: 157.
(19) في المصدر: (فإنَّ الأمّة ستنكرها لطولها فمن يهذي بأنَّه لم يلد وقائل يقول).
(20) عبارة: (إنَّه ولد) إلى قوله: (بقوله) ليست في المصدر.
(21) في المصدر: (وزها التمر).
(22) في المصدر: (مرة) بدل (تارة).
(23) من المصدر.
(24) من المصدر.
(25) هود: 37.
(26) يوسف: 110.
(27) في المصدر: (في غير سبب يوجب).
(28) كمال الدين 2: 352 - 357/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 50.
(29) الغيبة للطوسي: 167/ رقم 129.
(30) القاموس المحيط 2: 5.
(31) ويحتمل أن يكون العوائر والتراقي، الغوابر بالغين المعجمة والباء الموحَّدة من الغابر خلاف الماضي، والتراقي: البواقي، بالباء الموحَّدة والواو، فالغواير والبواقي في المستثنى بحذاء الدوارج والسوالف في المستثنى منه، إذ الدوارج بمعنى المواضي من درج أي مضي كما لا يخفى على المتأمّل فتأمّل. كذا قيل.
(32) في المصدر: (يجعل).
(33) كمال الدين 2: 350/ باب (ما أخبر به الصادق عليه السلام)/ ح 46.
(34) في المصدر: (القلوب).
(35) كمال الدين 2: 524/ باب (ما جاء في التعمير)/ ح 4.
(36) الغيبة للطوسي: 163/ رقم 125.
(37) الغيبة للطوسي: 422/ رقم 403.
(38) الغيبة للطوسي: 422/ رقم 404.
******************
وَرَوَى الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ حَمَّادِ بْن عَبْدِ الْكَريم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ قَالَ النَّاسُ: أنَّى يَكُونُ هَذَا وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ مُنْذُ دَهْرٍ طَويلٍ).
فَالْوَجْهُ فِي هَذِهِ الأخْبَار وَمَا شَاكَلَهَا أنْ نَقُولَ: يَمُوتُ ذِكْرُهُ وَيَعْتَقِدُ أكْثَرُ النَّاس أنَّهُ بَلِيَ عِظَامُهُ ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ كَمَا أظْهَرَ صَاحِبَ الْحِمَار بَعْدَ مَوْتِهِ الْحَقِيقِيّ، وَهَذَا وَجْهٌ قَريبٌ فِي تَأويل هَذِهِ الأخْبَار عَلَى أنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِأخْبَارٍ آحَادٍ لاَ يُوجِبُ عِلْماً عَمَّا دَلَّتِ الْعُقُولُ عَلَيْهِ وَسَاقَ الاعْتِبَارُ الصَّحِيحُ إِلَيْهِ وَعَضَدَهُ الأخْبَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا بَل الْوَاجِبُ التَّوَقُّفُ فِي هَذِهِ وَالتَّمَسُّكُ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَإِنَّمَا تَأوَّلْنَاهَا بَعْدَ تَسْلِيم صِحَّتِهَا عَلَى مَا يُفْعَلُ فِي نَظَائِرهَا وَيُعَارضُ هَذِهِ الأخْبَارَ مَا يُنَافِيهَ(1).
* * *
باب (14): ذكر أخبار المعمّرين لرفع استبعاد المخالفين عن طول غيبة مولانا القائم صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين
وَلْنَبْدَأ بِذِكْر مَا ذَكَرَهُ الصَّدُوقُ رحمه الله فِي كِتَابِ إِكْمَالِ الدَّين قَالَ:
1 _ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّجَريُّ(2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم(3) الرَّقّيّ وَعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن جنكاء اللائكي(4)، قَالَ: لَقِينَا بِمَكَّةَ رَجُلًا مِنْ أهْل الْمَغْربِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ كَانَ حَضَرَ الْمَوْسِمَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَهِيَ سَنَةُ تِسْع وَثَلاَثِ مِائَةٍ فَرَأيْنَا رَجُلاً أسْوَدَ الرَّأس وَاللّحْيَةِ كَأنَّهُ شَنٌّ بَالٍ وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أوْلاَدِهِ وَأوْلاَدِ أوْلاَدِهِ وَمَشَايِخُ مِنْ أهْل بَلَدِهِ ذَكَرُوا أنَّهُمْ مِنْ أقْصَى بِلاَدِ الْمَغْربِ بِقُرْبِ بَاهِرَةَ(5) الْعُلْيَا وَشَهِدُوا هَؤُلاَءِ الْمَشَايِخُ أنَّهُمْ سَمِعُوا آبَاءَهُمْ حَكَوْا عَنْ آبَائِهِمْ وَأجْدَادِهِمْ أنَّهُمْ عَهِدُوا هَذَا الشَّيْخَ الْمَعْرُوفَ بِأبِي الدُّنْيَا مُعَمَّرٍ وَاسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ عُثْمَان‏ بْن خَطَّابِ بْن مُرَّةَ بْن مُؤَيَّدٍ وَذَكَرَ(6) أنَّهُ هَمْدَانِيٌّ وَأنَّ أصْلَهُ مِنْ صُعْدِ(7) الْيَمَن، فَقُلْنَا لَهُ: أنْتَ رَأيْتَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ؟ فَقَالَ بِيَدِهِ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهُمَا كَأنَّهُمَا سِرَاجَان فَقَالَ: رَأيْتُهُ بِعَيْني هَاتَيْن وَكُنْتُ خَادِماً لَهُ وَكُنْتُ مَعَهُ فِي وَقْعَةِ صِفّينَ وَهَذِهِ الشَّجَّةُ مِنْ دَابَّةِ عَلِيٍّ عليه السلام، وَأرَانَا أثَرَهَا عَلَى حَاجِبِهِ الأيْمَن وَشَهِدَ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ كَانُوا حَوْلَهُ مِنَ الْمَشَايِخ وَمِنْ حَفَدَتِهِ وَأسْبَاطِهِ بِطُولِ الْعُمُر وَأنَّهُمْ مُنْذُ وُلِدُوا عَهِدُوهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَذَا سَمِعْنَا مِنْ آبَائِنَا وَأجْدَادِنَا.
ثُمَّ إِنَّا فَاتَحْنَاهُ وَسَألْنَاهُ عَنْ قِصَّتِهِ وَحَالِهِ وَسَبَبِ طُولِ عُمُرهِ فَوَجَدْنَاهُ ثَابِتَ الْعَقْل يَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ وَيُجِيبُ عَنْهُ بِلُبٍّ وَعَقْلٍ، فَذَكَرَ أنَّهُ كَانَ لَهُ وَالِدٌ قَدْ نَظَرَ فِي كُتُبِ الأوَائِل وَقَرَأهَا وَقَدْ كَانَ وَجَدَ فِيهَا ذِكْرَ نَهَر الْحَيَوَان وَأنَّهَا تَجْري فِي الظُّلُمَاتِ وَأنَّهُ مَنْ شَربَ مِنْهَا طَالَ عُمُرُهُ فَحَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَى دُخُولِ الظُّلُمَاتِ فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ حَسَبَ مَا قَدَّرَ أنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ فِي مَسِيرهِ وَأخْرَجَنِي مَعَهُ وَأخْرَجَ مَعَنَا خَادِمَيْن بَازِلَيْن(8) وَعِدَّةَ جِمَالٍ لَبُونٍ وَرَوَايَا وَزَاداً وَأنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَسَارَ بِنَا إِلَى أنْ وَافَيْنَا طَرَفَ الظُّلُمَاتِ ثُمَّ دَخَلْنَا الظُّلُمَاتِ، فَسِرْنَا فِيهَا نَحْوَ سِتَّةِ أيَّامٍ بِلَيَالِيهَا وَكُنَّا نُمَيّزُ بَيْنَ اللَّيْل وَالنَّهَار بِأنَّ النَّهَارَ كَانَ أضْوَأ قَلِيلاً وَأقَلَّ ظُلْمَةً مِنَ اللَّيْل.
فَنَزَلْنَا بَيْنَ جِبَالٍ وَأوْدِيَةٍ وَرَكَوَاتٍ(9) وَقَدْ كَانَ وَالِدِي رحمه الله يَطُوفُ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ فِي طَلَبِ النَّهَر لأنَّهُ وَجَدَ فِي الْكُتُبِ الَّتِي قَرَأهَا أنَّ مَجْرَى نَهَر الْحَيَوَان فِي ذَلِكَ الْمَوْضِع فَأقَمْنَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ أيَّاماً حَتَّى فَنِيَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ مَعَنَا وَأسْقَيْنَاهُ(10) جِمَالَنَا وَلَوْ لاَ أنَّ جِمَالَنَا كَانَتْ لَبُوناً لَهَلَكْنَا وَتَلِفْنَا عَطَشاً وَكَانَ وَالِدِي يَطُوفُ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ فِي طَلَبِ النَّهَر وَيَأمُرُنَا أنْ نُوقِدَ نَاراً لِيَهْتَدِيَ بِضَوْئِهَا إِذَا أرَادَ الرُّجُوعَ إِلَيْنَا.
فَمَكَثْنَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ أيَّام وَوَالِدِي يَطْلُبُ النَّهَرَ فَلاَ يَجِدُهُ وَبَعْدَ الإيَاس عَزَمَ عَلَى الانْصِرَافِ حَذَراً مِنَ التَّلَفِ لِفَنَاءِ الزَّادِ وَالْمَاءِ وَالْخَدَم الَّذِينَ كَانُوا مَعَنَا فَأوْجَسُو(11) فِي أنْفُسِهِمْ خِيفَةً مِنَ الطَّلَبِ فَألَحُّوا عَلَى وَالِدِي بِالْخُرُوج مِنَ الظُّلُمَاتِ فَقُمْتُ يَوْماً مِنَ الرَّحْل لِحَاجَتِي فَتَبَاعَدْتُ مِنَ الرَّحْل قَدْرَ رَمْيَةِ سَهْم فَعَثَرْتُ بِنَهَر مَاءٍ أبْيَض اللَّوْن عَذْبٍ لَذِيذٍ لاَ بِالصَّغِير مِنَ الأنْهَار وَلاَ بِالْكَبِير يَجْري جَرْياً لَيّناً فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَغَرَفْتُ مِنْهُ بِيَدِي غُرْفَتَيْن أوْ ثَلاَثاً فَوَجَدْتُهُ عَذْباً بَارداً لَذِيذاً فَبَادَرْتُ مُسْرعاً إِلَى الرَّحْل فَبَشَّرْتُ الْخَدَمَ بِأنّي قَدْ وَجَدْتُ الْمَاءَ فَحَمَلُوا مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ الْقِرَبِ وَالأدَاوي(12) لِنَمْلأهَا وَلَمْ أعْلَمْ أنَّ وَالِدِي فِي طَلَبِ ذَلِكَ النَّهَر وَكَانَ سُرُوري بِوُجُودِ الْمَاءِ لِمَا كُنَّا فِيهِ مِنْ عَدَم الْمَاءِ وَكَانَ وَالِدِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَائِباً عَن الرَّحْل مَشْغُولاً بِالطَّلَبِ فَجَهَدْنَا وَطُفْنَا سَاعَةً هَويَّةً فِي طَلَبِ(13) النَّهَر فَلَمْ نَهْتَدِ إِلَيْهِ حَتَّى إِنَّ الْخَدَمَ كَذَّبُوني وَقَالُوا لِي: لَمْ تَصْدُقْ.
فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى الرَّحْل وَانْصَرَفَ وَالِدِي أخْبَرْتُهُ بِالْقِصَّةِ فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ! الَّذِي أخْرَجَنِي إِلَى ذَلِكَ الْمَكَان وَتَحَمُّل الْخَطَر كَانَ لِذَلِكَ النَّهَر وَلَمْ اُرْزَقْ أنَا وَأنْتَ رُزِقْتَهُ وَسَوْفَ يَطُولُ عُمُرُكَ حَتَّى تَمَلَّ الْحَيَاةَ، وَرَحَلْنَا مُنْصَرفِينَ وَعُدْنَا إِلَى أوْطَانِنَا وَبَلَدِنَا وَعَاشَ وَالِدِي بَعْدَ ذَلِكَ سُنَيَّاتٍ ثُمَّ مَاتَ رحمه الله.
فَلَمَّا بَلَغَ سِنّي قَريباً مِنْ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَكَانَ قَدِ اتَّصَلَ بِنَا وَفَاةُ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَوَفَاةُ الْخَلِيفَتَيْن بَعْدَهُ خَرَجْتُ حَاجّاً فَلَحِقْتُ آخِرَ أيَّام عُثْمَانَ.
فَمَالَ قَلْبِي مِنْ بَيْن جَمَاعَةِ أصْحَابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَأقَمْتُ مَعَهُ أخْدُمُهُ وَشَهِدْتُ مَعَهُ وَقَائِعَ وَفِي وَقْعَةِ صِفّينَ أصَابَتْنِي هَذِهِ الشَّجَّةُ مِنْ دَابَّتِهِ فَمَا زِلْتُ مُقِيماً مَعَهُ إِلَى أنْ مَضَى لِسَبِيلِهِ عليه السلام فَألَحَّ عَلَيَّ أوْلاَدُهُ وَحَرَمُهُ أنْ اُقِيمَ عِنْدَهُمْ فَلَمْ اُقِمْ وَانْصَرَفْتُ إِلَى بَلَدِي وَخَرَجْتُ أيَّامَ بَنِي مَرْوَانَ حَاجّاً وَانْصَرَفْتُ مَعَ أهْل بَلَدِي إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ مَا خَرَجْتُ فِي سَفَرٍ إِلاَّ مَا كَانَ(14) الْمُلُوكُ فِي بِلاَدِ الْمَغْربِ يَبْلُغُهُمْ خَبَري وَطُولُ عُمُري فَيَشْخَصُوني إِلَى حَضْرَتِهِمْ لِيَرَوْني وَيَسْألُوني عَنْ سَبَبِ طُولِ عُمُري وَعَمَّا شَاهَدْتُ وَكُنْتُ أتَمَنَّى وَأشْتَهِي أنْ أحُجَّ حَجَّةً اُخْرَى فَحَمَلَنِي هَؤُلاَءِ حَفَدَتِي وَأسْبَاطِيَ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ حَوْلِي وَذَكَرَ أنَّهُ قَدْ سَقَطَتْ أسْنَانُهُ مَرَّتَيْن أوْ ثَلاَثَةً.
فَسَألْنَاهُ أنْ يُحَدَّثَنَا بِمَا سَمِعَ مِنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَذَكَرَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِرْصٌ وَلاَ هِمَّةٌ فِي طَلَبِ الْعِلْم وَقْتَ صُحْبَتِهِ لِعَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام‏ وَالصَّحَابَةُ أيْضاً كَانُوا مُتَوَافِرينَ فَمِنْ فَرْطِ مَيْلِي إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام وَمَحَبَّتِي لَهُ لَمْ أشْتَغِلْ بِشَيْءٍ سِوَى خِدْمَتِهِ وَصُحْبَتِهِ وَالَّذِي كُنْتُ أتَذَكَّرُهُ مِمَّا كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنْهُ قَدْ سَمِعَهُ مِنّي عَالَمٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس بِبِلاَدِ الْمَغْربِ وَمِصْرَ وَالْحِجَازِ وَقَدِ انْقَرَضُوا وَتَفَانَوْا وَهَؤُلاَءِ أهْلُ بَلَدِي(15) وَحَفَدَتِي قَدْ دَوَّنُوهُ فَأخْرَجُوا إِلَيْنَا النُّسْخَةَ وَأخَذَ يُمْلِي عَلَيْنَا مِنْ خَطّهِ(16):
حَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْن خَطَّابِ بْن مُرَّةَ بْن مُؤَيَّدٍ الْهَمْدَانِيّ الْمَعْرُوفِ بِأبِي الدُّنْيَا مُعَمَّرٍ الْمَغْربيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَيّاً وَمَيّتاً قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أحَبَّ أهْلَ الْيَمَن فَقَدْ أحَبَّني، وَمَنْ أبْغَضَ أهْلَ الْيَمَن فَقَدْ أبْغَضَنِي)(17).
وَحَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا مُعَمَّرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أعَانَ مَلْهُوفاً كَتَبَ اللهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ)، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ سَعَى فِي حَاجَةِ أخِيهِ الْمُسْلِم للهِ فِيهَا رضًى وَلَهُ فِيهَا صَلاَحٌ فَكَأنَّمَا خَدَمَ اللهَ ألْفَ سَنَةٍ وَلَمْ يَقَعْ فِي مَعْصِيَتِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ)(18).
حَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا مُعَمَّرٌ الْمَغْربيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: (أصَابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم جُوعٌ شَدِيدٌ وَهُوَ فِي مَنْزلِ فَاطِمَةَ)، قَالَ عَلِيٌّ: (فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ: يَا عَلِيُّ هَاتِ الْمَائِدَةَ، فَقَدَّمْتُ الْمَائِدَةَ فَإذَا عَلَيْهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ مَشْويٌّ)(19).
حَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا مُعَمَّرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: (جُرحْتُ فِي وَقْعَةِ خَيْبَرَ خَمْساً وَعِشْرينَ جِرَاحَةً فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَلَمَّا رَأى مَا بِي(20) بَكَى وَأخَذَ مِنْ دُمُوع عَيْنَيْهِ فَجَعَلَهَا عَلَى الْجِرَاحَاتِ فَاسْتَرَحْتُ مِنْ سَاعَتِي)(21).
وَحَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ قَرَأ: ((قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ))(22) مَرَّةً فَكَأنَّمَا قَرَأ ثُلُثَ الْقُرْآن، وَمَنْ قَرَأهَا مَرَّتَيْن فَكَأنَّمَا قَرَأ ثُلُثَي الْقُرْآن، وَمَنْ قَرَأهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَكَأنَّمَا قَرَأ الْقُرْآنَ كُلَّهُ)(23).
وَحَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: قَال‏ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كُنْتُ أرْعَى الْغَنَمَ فَإذَا أنَا بِذِئْبٍ عَلَى قَارعَةِ الطَّريقِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَصْنَعُ هَاهُنَا؟ فَقَالَ لِي: وَأنْتَ مَا تَصْنَعُ هَاهُنَا؟ قُلْتُ: أرْعَى الْغَنَمَ، قَالَ: مُرَّ، أوْ قَالَ: ذَا الطَّريقُ، قَالَ: فَسُقْتُ الْغَنَمَ فَلَمَّا تَوَسَّطَ الذّئْبُ الْغَنَمَ إِذَا أنَا بِهِ قَدْ شَدَّ عَلَى شَاةٍ فَقَتَلَهَا، قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى أخَذْتُ بِقَفَاهُ فَذَبَحْتُهُ وَجَعَلْتُهُ عَلَى يَدِي وَجَعَلْتُ أسُوقُ الْغَنَمَ.
فَلَمَّ(24) سِرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ وَإِذَا أنَا بِثَلاَثَةِ أمْلاَكٍ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَلَكِ الْمَوْتِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، فَلَمَّا رَأوْني قَالُوا: هَذَا مُحَمَّدٌ بَارَكَ اللهُ فِيهِ فَاحْتَمَلُوني وَأضْجَعُوني وَشَقُّوا جَوْفِي بِسِكّينٍ كَانَ مَعَهُمْ وَأخْرَجُوا قَلْبِي مِنْ مَوْضِعِهِ وَغَسَلُوا جَوْفِي بِمَاءٍ بَاردٍ كَانَ مَعَهُمْ فِي قَارُورَةٍ حَتَّى نَقِيَ مِنَ الدَّم ثُمَّ رَدُّوا قَلْبِي إِلَى مَوْضِعِهِ وَأمَرُّوا أيْدِيَهُمْ عَلَى جَوْفِي فَالْتَحَمَ الشّقُّ بِإذْن اللهِ تَعَالَى فَمَا أحْسَسْتُ بِسِكّينٍ وَلاَ وَجَع، قَالَ: وَخَرَجْتُ أغْدُو إِلَى اُمَّي _ يَعْنِي حَلِيمَةَ دَايَةَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم _ فقال: (فَقَالَتْ‏) لِي: أيْنَ الْغَنَمُ؟ فَخَبَّرْتُهَا بِالْخَبَر، فَقَالَتْ: سَوْفَ تَكُونُ لَكَ فِي الْجَنَّةِ مَنْزلَةٌ عَظِيمَةٌ)(25).
وَحَدَّثَنَا أبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ذَكَرَ أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَتْح الْمِرْكَنِيُّ(26) وَأبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن اللائكي(27) أنَّ السُّلْطَانَ بِمَكَّةَ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ أبِي الدُّنْيَا تَعَرَّضَ لَهُ وَقَالَ: لاَ بُدَّ أنْ اُخْرجَكَ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى حَضْرَةِ أمِير الْمُؤْمِنينَ الْمُقْتَدِر فَإنّي أخْشَى أنْ يَعْتِبَ عَلَيَّ إِنْ لَمْ اُخْرجْكَ مَعِي، فَسَألَهُ الْحَاجُّ مِنْ أهْل الْمَغْربِ وَأهْل مِصْرَ وَالشَّام أنْ يُعْفِيَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ يَشْخَصَهُ فَإنَّهُ شَيْخٌ ضَعِيفٌ وَلاَ يُؤْمَنُ مَا يَحْدُثُ عَلَيْهِ، فَأعْفَاهُ. قَالَ أبُو سَعِيدٍ: وَلَوْ أنّي أحْضُرُ الْمَوْسِمَ تِلْكَ(28) السَّنَةَ لَشَاهَدْتُهُ وَخَبَرُهُ كَانَ شَائِعاً مُسْتَفِيضاً فِي الأمْصَار وَكَتَبَ عَنْهُ هَذِهِ الأحَادِيثَ الْمِصْريُّونَ وَالشَّامِيُّونَ وَالْبَغْدَادِيُّونَ، وَمِنْ سَائِر الأمْصَار مَنْ(29) حَضَرَ الْمَوْسِمَ وَبَلَغَهُ خَبَرُ هَذَا الشَّيْخ وَأحَبَّ أنْ يَلْقَاهُ وَيَكْتُبَ عَنْهُ(30) نَفَعَهُمُ اللهُ وَإِيَّانَا بِهَ(31).
2 _ وَأخْبَرَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام فِيمَا أجَازَهُ لِي مِمَّا صَحَّ عِنْدِي مِنْ حَدِيثِهِ وَصَحَّ عِنْدِي هَذَا الْحَدِيثُ بِروَايَةِ الشَّريفِ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاقَ بْن الْحُسَيْن(32) بْن إِسْحَاقَ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن‏ بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: حَجَجْتُ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ وَفِيهَا حَجَّ نَصْرٌ الْقشوريُّ صَاحِبُ(33) الْمُقْتَدِر بِاللهِ وَمَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عِمْرَانَ الْمُكَنَّى(34) بِأبِي الْهَيْجَاءِ فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَأصَبْتُ قَافِلَةَ الْمِصْريّينَ وَبِهَا أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَادَرَائِيُّ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْمَغْربِ، وَذَكَرَ أنَّهُ رَأى(35) أصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَازْدَحَمُوا وَجَعَلُوا يَمْسَحُونَ بِهِ وَكَادُوا يَأتُونَ عَلَى نَفْسِهِ فَأمَرَ عَمَّي أبُو الْقَاسِم طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى فِتْيَانَهُ وَغِلْمَانَهُ فَقَالَ: أفْرجُوا عَنْهُ النَّاسَ، فَفَعَلُوا وَأخَذُوهُ وَأدْخَلُوهُ دَارَ أبِي سَهْلٍ(36) الطَّفّيّ وَكَانَ عَمَّي نَازِلَهَا فَأدْخَلَ وَأذِنَ لِلنَّاس فَدَخَلُوا وَكَانَ مَعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ ذَكَرَ أنَّهُمْ أوْلاَدُ أوْلاَدِهِ فِيهِمْ شَيْخٌ لَهُ نَيّفٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً فَسَألْنَاهُ عَنْهُ فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْنِي وَآخَرُ لَهُ سَبْعُونَ سَنَةً، فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْنِي وَاثْنَان لَهُمَا سِتُّونَ سَنَةً أوْ خَمْسُونَ أوْ نَحْوُهَا وَآخَرُ لَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْن ابْنِي وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِيهِمْ أصْغَرُ مِنْهُ وَكَانَ إِذَا رَأيْتَهُ قُلْتَ: ابْنُ ثَلاَثِينَ(37) أوْ أرْبَعِينَ سَنَةً، أسْوَدُ الرَّأس وَاللّحْيَةِ ضَعِيفُ(38) الْجِسْم آدَمُ رَبْعٌ مِنَ الرَّجَالِ خَفِيفُ الْعَارضَيْن(39) إِلَى قِصَرٍ أقْرَبُ.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ: فَحَدَّثَنَا هَذَا الرَّجُلُ وَاسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْن الْخَطَّابِ بْن مُرَّةَ بْن مُؤَيَّدٍ بِجَمِيع مَا كَتَبْنَاهُ عَنْهُ وَسَمِعْنَاهُ مِنْ لَفْظِهِ وَمَا رَأيْنَا مِنْ بَيَاض عَنْفَقَتِهِ(40) بَعْدَ اسْودَادِهَا وَرُجُوع سَوَادِهَا بَعْدَ بَيَاضِهَا عِنْدَ شِبَعِهِ مِنَ الطَّعَام.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ: وَلَوْ لاَ أنَّهُ حَدَّثَ جَمَاعَةً مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ مِنَ الأشْرَافِ وَالْحَاجَّ مِنْ أهْل مَدِينَةِ السَّلاَم وَغَيْرهِمْ مِنْ جَمِيع الآفَاقِ مَا حَدَّثْتُ عَنْهُ بِمَا سَمِعْتُ وَسَمَاعِي مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ فِي دَار السَّهْمِيّينَ فِي الدَّار الْمَعْرُوفَةِ بِالْمَكْتُوبَةِ(41) وَهِيَ دَارُ عَلِيّ بْن عِيسَى(42) الْجَرَّاح وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي مِضْرَبِ الْقشوريّ وَمِضْرَبِ الْمَادَرَائِيّ وَمِضْرَبِ أبِي الْهَيْجَاءِ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ بِمِنًى وَبَعْدَ مُنْصَرفِهِ مِنَ الْحَجَّ بِمَكَّةَ فِي دَار الْمَادَرَائِيّ عِنْدَ بَابِ الصَّفَا.
الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 423.
(2) في المصدر: (السجزيّ) بدل (الشجري)، وفي بعض النسخ من المصدر كما في المتن.
(3) في المصدر: (الفتح) بدل (القاسم).
(4) في المصدر: (الأشكي) بدل (اللائكي).
(5) في المصدر: (باهرت).
(6) في المصدر: (ذكروا).
(7) في المصدر: (صنعاء) بدل (صعد)، وفي بعض النسخ من المصدر: (صعيد).
(8) في المصدر: (باذلين).
(9) في المصدر: (دكوات).
(10) في المصدر: (استقيناه).
(11) في المصدر: (معنا ضجروا فأوجسوا).
(12) في المصدر: (والأدوات) بدل (والأداوي).
(13) في المصدر: (على أن نجد) بدل (في طلب).
(14) في المصدر إضافة: (إلى).
(15) في المصدر: (بيتي) بدل (بلدي).
(16) كمال الدين 2: 538 - 541/ باب 50/ ح 1، وفيه: (حفظه) بدل (خطّه)، وفي بعض النسخ من المصدر كما في المتن.
(17) كمال الدين 2: 541/ باب 50/ ح 2.
(18) كمال الدين 2: 541/ باب 50/ ح 3.
(19) كمال الدين 2: 541/ باب 50/ ح 4.
(20) في المصدر إضافة: (من الجراحة).
(21) كمال الدين 2: 542/ باب 50/ ح 5.
(22) التوحيد: 1.
(23) كمال الدين 2: 542/ باب 50/ ح 6.
(24) في المصدر: (فما) بدل (فلمَّا).
(25) كمال الدين 2: 542/ باب 50/ ح 7.
(26) في المصدر: (الرقي) بدل (المركني)، راجع سند الحديث (1) من الكتاب.
(27) في المصدر: (الأشكي) بدل (اللائكي).
(28) في المصدر: (أنّي حضرت الموسم في تلك).
(29) في المصدر: (ممَّن) بدل (من).
(30) في المصدر إضافة: (هذه الأحاديث).
(31) كمال الدين 2: 542 و543/ باب 50/ ح 7.
(32) في بعض النسخ من المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(33) في بعض النسخ من المصدر: (حاجب) بدل (صاحب).
(34) في المصدر: (عبد الله بن حمدان المكنّى) بدل (عبد الرحمن بن عمران المكنّى).
(35) في المصدر إضافة: (رجلاً من).
(36) في المصدر: (ابن أبي سهل).
(37) في المصدر: (هذا ابن ثلاثين سنة).
(38) في المصدر: (شاب نحيف) بدل (ضعيف).
(39) في المصدر إضافة: (هو).
(40) العنفقة: شعيرات بين الشفة السفلى والذقن، قيل لها ذلك لخفَّتها وقلَّتها وربَّما اُطلقت العنفقة على موضع تلك الشعيرات.
(41) في المصدر: (بالمكبّريّة).
(42) في المصدر إضافة: (بن).
******************
وَأرَادَ الْقشوريُّ حَمْلَهُ وَوُلْدَهُ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى الْمُقْتَدِر فَجَاءَهُ فُقَهَاءُ أهْل مَكَّةَ فَقَالُوا: أيَّدَ اللهُ الاُسْتَاذَ إِنَّا رُوَّينَا فِي الأخْبَار الْمَأثُورَةِ عَن السَّلَفِ أنَّ الْمُعَمَّرَ الْمَغْربيَّ إِذَا دَخَلَ مَدِينَةَ السَّلاَم افْتُتِنَتْ(1) وَخَربَتْ وَزَالَ الْمُلْكُ فَلاَ تَحْمِلْهُ وَرُدَّهُ إِلَى الْمَغْربِ، فَسَألْنَا مَشَايِخَ أهْل الْمَغْربِ وَمِصْرَ فَقَالُوا: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ آبَائِنَا وَمَشَايِخِنَا يَذْكُرُونَ اسْمَ هَذَا الرَّجُل وَاسْمَ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ مُقِيمٌ فِيهِ طَنْجَةَ وَذَكَرُوا أنَّهُ كَانَ يُحَدَّثُهُمْ بِأحَادِيثَ قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي كِتَابِنَا هَذَا.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ(2): فَحَدَّثَنَا هَذَا الشَّيْخُ أعْنِي عَلِيَّ بْنَ عُثْمَانَ الْمَغْربيَّ بَدْوَ خُرُوجِهِ مِنْ بَلَدِهِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ(3) وَذَكَرَ أنَّ أبَاهُ خَرَجَ هُوَ وَعَمُّهُ وَأخْرَجَ(4) بِهِ مَعَهُمَا يُريدُونَ الْحَجَّ وَزِيَارَةَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَخَرَجُوا مِنْ بِلاَدِهِمْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَسَارُوا أيَّاماً ثُمَّ أخْطَئُوا الطَّريقَ وَتَاهُوا عَن الْمَحَجَّةِ فَأقَامُوا تَائِهِينَ ثَلاَثَةَ أيَّام وَثَلاَثَةَ لَيَالٍ عَلَى غَيْر مَحَجَّةٍ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعُوا فِي جِبَالِ رَمْلٍ يُقَالُ لَهُ: رَمْلُ عَالِج يَتَّصِلُ بِرَمْل إِرَم ذَاتِ الْعِمَادِ(5) فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ نَظَرْنَا إِلَى أثَر قَدَم طَويلٍ فَجَعَلْنَا نَسِيرُ عَلَى أثَرهَا فَأشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ وَإِذَا بِرَجُلَيْن قَاعِدَيْن عَلَى بِئْرٍ أوْ عَلَى عَيْنٍ.
قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا قَامَ أحَدُهُمَا فَأخَذَ دَلْواً فَأدْلاَهُ فَاسْتَقَى فِيهِ مِنْ تِلْكَ الْعَيْن أو الْبِئْر وَاسْتَقْبَلَنَا فَجَاءَ إِلَى أبِي فَنَاوَلَهُ الدَّلْوَ فَقَالَ أبِي: قَدْ أمْسَيْنَا نُنِيخُ عَلَى هَذَا الْمَاءِ وَنُفْطِرُ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَصَارَ إِلَى عَمَّي فَقَالَ: اشْرَبْ فَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ عَلَيْهِ أبِي فَنَاوَلَنِي فَقَالَ لِي: اشْرَبْ فَشَربْتُ فَقَالَ لِي: هَنِيئاً لَكَ فَإنَّكَ سَتَلْقَى عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَأخْبِرْهُ أيُّهَا الْغُلاَمُ بِخَبَرنَا وَقُلْ لَهُ: الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ يُقْرئَانِكَ (السَّلاَمَ)(6) وَسَتُعَمَّرُ حَتَّى تَلْقَى الْمَهْدِيَّ وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليهما السلام فَإذَا لَقِيتَهُمَا فَأقْرئْهُمَا السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالاَ: مَا يَكُونُ هَذَان مِنْكَ؟ فَقُلْتُ: أبِي وَعَمَّي، فَقَالاَ: أمَّا عَمُّكَ فَلاَ يَبْلُغُ مَكَّةَ وَأمَّا أنْتَ وَأبُوكَ فَسَتَبْلُغَان وَيَمُوتُ أبُوكَ فَتُعَمَّرُ أنْتَ وَلَسْتُمْ تَلْحَقُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّهُ قَدْ قَرُبَ أجَلُهُ ثُمَّ مَثَل(7).
فَوَ اللهِ مَا أدْري أيْنَ مَرَّا أفِي السَّمَاءِ أوْ فِي الأرْض فَنَظَرْنَا وَإِذَا لاَ أثَرَ(8) وَلاَ عَيْنَ وَلاَ مَاءَ فَسِرْنَا مُتَعَجَّبِينَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أنْ رَجَعْنَا إِلَى نَجْرَانَ فَاعْتَلَّ عَمَّي وَمَاتَ بِهَا وَأتْمَمْتُ أنَا وَأبِي حَجَّنَا وَوَصَلْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَاعْتَلَّ بِهَا أبِي وَمَاتَ وَأوْصَى إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَأخَذَنِي وَكُنْتُ مَعَهُ أيَّامَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَخِلاَفَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ ابْنُ مُلْجَم لَعَنَهُ اللهُ.
وَذَكَرَ أنَّهُ لَمَّا حُوصِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي دَارهِ دَعَانِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَاباً وَنَجِيباً وَأمَرَني بِالْخُرُوج إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَكَانَ غَائِباً بِيَنْبُعَ فِي مَالِهِ وَضِيَاعِهِ فَأخَذْتُ الْكِتَابَ وَصِرْتُ إِلَى مَوْضِع يُقَالُ لَهُ: جِدَارُ أبِي عَبَايَةَ سَمِعْتُ قُرْآناً فَإذَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَسِيرُ مُقْبِلاً مِنْ يَنْبُعَ وَهُوَ يَقُولُ: ((أفَحَسِبْتُمْ أنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ))(9).
فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: (أبَا الدُّنْيَا مَا وَرَاكَ؟)، قُلْتُ: هَذَا كِتَابُ أمِير الْمُؤْمِنينَ فَأخَذَهُ فَقَرَأهُ فَإذَا فِيهِ:
فَإنْ كُنْتُ مَأكُولاً فَكُنْ أنْتَ آكِلِي وَإِلاَّ فَأدْركْنِي وَلَمَّا اُمَزَّقْ
فَلَمَّا قَرَأهُ قَالَ: (سِرْ)(10)، فَدَخَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ سَاعَةَ قَتْل عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ فَمَالَ إِلَى حَدِيقَةِ بَنِي النَّجَّار وَعَلِمَ النَّاسُ بِمَكَانِهِ فَجَاءُوا إِلَيْهِ رَكْضاً وَقَدْ كَانُوا عَازِمِينَ عَلَى أنْ يُبَايِعُوا طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ ارْفَضُّوا إِلَيْهِ ارْفِضَاضَ الْغَنَم شَدَّ عَلَيْهَا السَّبُعُ فَبَايَعَهُ طَلْحَةُ ثُمَّ الزُّبَيْرُ ثُمَّ بَايَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ.
فَأقَمْتُ مَعَهُ أخْدُمُهُ فَحَضَرْتُ مَعَهُ الْجَمَلَ وَصِفّينَ وَكُنْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْن وَاقِفاً عَنْ يَمِينهِ إِذْ سَقَطَ سَوْطُهُ مِنْ يَدِهِ فَأكْبَبْتُ آخُذُهُ وَأرْفَعُهُ(11) إِلَيْهِ وَكَانَ لِجَامُ دَابَّتِهِ حَدِيداً مُزَجَّجاً فَرَفَعَ الْفَرَسُ رَأسَهُ فَشَجَّنِي هَذِهِ الشَّجَّةَ الَّتِي فِي صُدْغِي فَدَعَانِي أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ فَتَفَلَ فِيهَا وَأخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَتَرَكَهُ عَلَيْهَا فَوَ اللهِ مَا وَجَدْتُ لَهَا ألَماً وَلاَ وَجَعاً، ثُمَّ أقَمْتُ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَصَحِبْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام حَتَّى ضُربَ بِسَابَاطِ الْمَدَائِن ثُمَّ بَقِيتُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ أخْدُمُهُ وَأخْدُمُ الْحُسَيْنَ عليه السلام حَتَّى مَاتَ الْحَسَنُ عليه السلام مَسْمُوماً سَمَّتْهُ جَعْدَةُ بِنْتُ الأشْعَثِ بْن قَيْسٍ الْكِنْدِيّ لَعَنَهَا اللهُ دَسّاً مِنْ مُعَاويَةَ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام حَتَّى حَضَرَ(12) كَرْبَلاَءَ وَقُتِلَ عليه السلام وَخَرَجْتُ هَارباً مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَأنَا مُقِيمٌ بِالْمَغْربِ أنْتَظِرُ خُرُوجَ الْمَهْدِيّ وَعِيسَى ابْن مَرْيَمَ عليهما السلام.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ رضي الله عنه: وَمِنْ عَجِيبِ مَا رَأيْتُ مِنْ هَذَا الشَّيْخ عَلِيّ بْن عُثْمَانَ وَهُوَ فِي دَار عَمَّي طَاهِر بْن يَحْيَى رضي الله عنه وَهُوَ يُحَدَّثُ بِهَذِهِ الأعَاجِيبِ وَبَدْو خُرُوجِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى عَنْفَقَتِهِ وَقَدِ احْمَرَّتْ ثُمَّ ابْيَضَّتْ فَجَعَلْتُ أنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي لِحْيَتِهِ وَلاَ فِي رَأسِهِ وَلاَ فِي عَنْفَقَتِهِ بَيَاضٌ الْبَتَّةَ.
قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى نَظَري إِلَى لِحْيَتِهِ وَعَنْفَقَتِهِ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ؟ إِنَّ هَذَا يُصِيبُني إِذَا جُعْتُ فَإذَا شَبِعْتُ رَجَعَتْ إِلَى سَوَادِهَا فَدَعَا عَمَّي بِطَعَام وَاُخْرجَ مِنْ دَارهِ ثَلاَثُ مَوَائِدَ فَوُضِعَتْ وَاحِدَةٌ بَيْنَ يَدَي الشَّيْخ وَكُنْتُ أنَا أحَدُ مَنْ جَلَسَ عَلَيْهَا فَأكَلْتُ مَعَهُ وَوُضِعَتِ الْمَائِدَتَان فِي وَسَطِ الدَّار وَقَالَ عَمَّي لِلْجَمَاعَةِ: بِحَقّي عَلَيْكُمْ إِلاَّ أكَلْتُمْ وَتَحَرَّمْتُمْ بِطَعَامِنَا، فَأكَلَ قَوْمٌ وَامْتَنَعَ قَوْمٌ وَجَلَسَ عَمَّي عَلَى يَمِين الشَّيْخ يَأكُلُ وَيُلْقِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَأكَلَ أكْلَ شَابٍّ وَعَمَّي يُخْلِفُ عَلَيْهِ وَأنَا أنْظُرُ إِلَى عَنْفَقَتِهِ وَهِيَ تَسْوَدُّ حَتَّى إِذَ(13) عَادَتْ إِلَى سَوَادِهَا (حِينَ) شَبِعَ(14).
فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْن خَطَّابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أحَبَّ أهْلَ الْيَمَن فَقَدْ أحَبَّني، وَمَنْ أبْغَضَهُمْ فَقَدْ أبْغَضَنِي)(15).
حَدِيثُ عُبَيْدِ بْن شَريدٍ الْجُرْهُمِيّ:
3 _ حَدَّثَنَا أبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّجَريُّ(16) قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابٍ لأخِي أبِي الْحَسَن بِخَطّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أهْل الْعِلْم مِمَّنْ قَرَأ الْكُتُبَ وَسَمِعَ الأخْبَارَ أنَّ عُبَيْدَ بْنَ شَريدٍ الْجُرْهُمِيَّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عَاشَ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً فَأدْرَكَ النَّبِيَّ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ وَعَمَّرَ بَعْدَ مَا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى قَدِمَ عَلَى مُعَاويَةَ فِي أيَّام تَغَلُّبِهِ وَمُلْكِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاويَةُ: أخْبِرْني يَا عُبَيْدُ عَمَّا رَأيْتَ وَسَمِعْتَ وَمَنْ أدْرَكْتَ وَكَيْفَ رَأيْتَ الدَّهْرَ؟ قَالَ: أمَّا الدَّهْرُ فَرَأيْتُ لَيْلاً يُشْبِهُ لَيْلاً وَنَهَاراً يُشْبِهُ نَهَاراً وَمَوْلُوداً يُولَدُ وَمَيّتاً يَمُوتُ وَلَمْ اُدْركْ أهْلَ زَمَانٍ إِلاَّ وَهُمْ يَذُمُّونَ زَمَانَهُمْ.
وَأدْرَكْتُ مَنْ قَدْ عَاشَ ألْفَ سَنَةٍ فَحَدَّثَنِي عَمَّنْ قَدْ كَانَ قَبْلَهُ قَدْ عَاشَ ألْفَيْ سَنَةٍ، وَأمَّا مَا سَمِعْتُ فَإنَّهُ حَدَّثَنِي مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرٍ أنَّ بَعْضَ مُلُوكِ النَّابِغَةِ(17) مِمَّنْ دَانَتْ لَهُ الْبِلاَدُ كَانَ يُقَالُ لَهُ: ذُو سَرْح كَانَ اُعْطِيَ الْمُلْكَ فِي عُنْفُوَان شَبَابِهِ وَكَانَ حَسَنَ السَّيرَةِ فِي أهْل مَمْلَكَتِهِ سَخِيّاً فِيهِمْ مُطَاعاً فَمَلَكَهُمْ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَ كَثِيراً مَ(18) يَخْرُجُ فِي خَاصَّتِهِ إِلَى الصَّيْدِ وَالنُّزْهَةِ.
فَخَرَجَ يَوْماً إِلَى بَعْض مُتَنَزّهِهِ فَأتَى إِلَى حَيَّتَيْن أحَدُهُمَا بَيْضَاءُ كَأنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ وَالاُخْرَى سَوْدَاءُ كَأنَّهَا حُمَمَةٌ وَهُمَا يَقْتَتِلاَن وَقَدْ غَلَبَتِ السَّوْدَاءُ الْبَيْضَاءَ وَكَادَتْ تَأتِي عَلَى نَفْسِهَا فَأمَرَ الْمَلِكُ بِالسَّوْدَاءِ فَقُتِلَتْ وَأمَرَ بِالْبَيْضَاءِ فَاحْتُمِلَتْ حَتَّى انْتَهَى بِهَا إِلَى عَيْنٍ مِنْ مَاءٍ بَقِيَ(19) عَلَيْهَا شَجَرَةٌ فَأمَرَ فَصُبَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ وَسُقِيَتْ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهَا نَفَسُهَا فَأفَاقَتْ فَخَلَّى سَبِيلَهَا فَانْسَابَتِ الْحَيَّةُ وَمَضَتْ لِسَبِيلِهَا وَمَكَثَ الْمَلِكُ يَوْمَئِذٍ فِي مُتَصَيَّدِهِ وَنُزْهَتِهِ.
فَلَمَّا أمْسَى وَرَجَعَ إِلَى مَنْزلِهِ وَجَلَسَ عَلَى سَريرهِ فِي مَوْضِع لاَ يَصِلُ إِلَيْهِ حَاجِبٌ وَلاَ أحَدٌ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إذا (إِذْ) رَأى شَابّاً آخِذاً بِعِضَادَتَي الْبَابِ وَبهِ مِنَ الثّيَابِ(20) وَالْجَمَالِ شَيْ‏ءٌ لاَ يُوصَفُ فَسَلَّمَ عَلَى الْمَلِكِ فَذَعِرَ مِنْهُ الْمَلِكُ وَقَالَ لَهُ: مَنْ أنْتَ وَمَنْ أدْخَلَكَ وَأذِنَ لَكَ فِي الدُّخُولِ عَلَيَّ فِي هَذَا الْمَوْضِع الَّذِي لاَ يَصِلُ فِيهِ حَاجِبٌ وَلاَ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ لَهُ الْفَتَى: لاَ تَرُعْ أيُّهَا الْمَلِكُ إِنّي لَسْتُ بِإنْسِيٍّ وَلَكِنّي فَتًى مِنَ الْجِنَّ أتَيْتُكَ لاُجَازِيَكَ عَلَى بَلاَئِكَ الْحَسَن الْجَمِيل عِنْدِي، قَالَ الْمَلِكُ: وَمَا بَلاَئِي عِنْدَكَ؟ قَالَ: أنَا الْحَيَّةُ الَّتِي أحْيَيْتَنِي فِي يَوْمِكَ هَذَا وَالأسْوَدُ الَّذِي قَتَلْتَهُ وَخَلَّصْتَنِي مِنْهُ كَانَ غُلاَماً لَنَا (تَمَرَّدَ عَلَيْنَا)(21) وَقَدْ قَتَلَ مِنْ أهْل بَيْتِي عِدَّةً كَانَ إِذَا خَلاَ بِوَاحِدٍ مِنَّا قَتَلَهُ فَقَتَلْتَ عَدُوَّي وَأحْيَيْتَنِي فَجِئْتُ لاُكَافِيَكَ بِبَلاَئِكَ عِنْدِي وَنَحْنُ أيُّهَا الْمَلِكُ الْجِنُّ لاَ الْجِنُّ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِنَّ وَالْجِنَّ.
ثُمَّ انْقَطَعَ الْحَدِيثَ الَّذِي كَتَبَ(22) أخِي فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَمَامُهُ(23).
حَدِيثُ الرَّبيع بْن الضَّبُع الْفَزَاريّ:
4 _ حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمُكَتّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الطَّيّبِ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ الأزْدِيُّ الْعَمَّانِيُّ بِجَمِيع أخْبَارهِ وَكُتُبِهِ الَّتِي صَنَّفَهَا وَوَجَدْنَا فِي أخْبَارهِ أنَّهُ قَالَ: لَمَّا وَفَدَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْن مَرْوَانَ قَدِمَ فِيمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ الرَّبيعُ بْنُ الضَّبُع الْفَزَاريُّ وَكَانَ أحَدَ الْمُعَمَّرينَ وَمَعَهُ ابْنُ ابْنِهِ‏ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الرَّبيع شَيْخاً فَانِياً قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَقَدْ عَصَبَهُمَا فَلَمَّا رَآهُ الآذِنُ وَكَانُوا يَأذَنُونَ لِلنَّاسِ عَلَى أسْنَانِهِمْ قَالَ لَهُ: ادْخُلْ أيُّهَا الشَّيْخُ، فَدَخَلَ يَدِبُّ عَلَى الْعَصَا يُقِيمُ بِهَا صُلْبَهُ وَلِحْيَتَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ.
قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ عَبْدُ الْمَلِكِ رَقَّ لَهُ وَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ أيُّهَا الشَّيْخُ، فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أيَجْلِسُ الشَّيْخُ وَجَدُّهُ عَلَى الْبَابِ؟ فَقَالَ: أنْتَ إِذاً مِنْ وُلْدِ الرَّبيع بْن ضَبُع، قَالَ: نَعَمْ، أنَا وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الرَّبيع، قَالَ لِلآذِن: ارْجِعْ فَأدْخِل الرَّبيعَ، فَخَرَجَ الآذِنُ فَلَمْ يَعْرفْهُ حَتَّى نَادَى: أيْنَ الرَّبيعُ؟ قَالَ: هَا أنَا ذَا، فَقَامَ يُهَرْولُ فِي مِشْيَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ سَلَّمَ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَأبِيكُمْ إِنَّهُ(24) لأشَبُّ الرَّجْلَيْن يَا رَبيعُ أخْبِرْني عَمَّا أدْرَكْتَ مِنَ الْعُمُر وَالْمَدَى وَرَأيْتَ(25) مِنَ الْخُطُوبِ الْمَاضِيَةِ، قَالَ: أنَا الَّذِي أقُولُ:
هَا أنَا ذَا آمُلُ الْخُلُودَ وَقَد أدْرَكَ عُمْري وَمَوْلِدِي حَجَراً
أمَّ(26) امْرُؤُ الْقَيْس قَدْ سَمِعْتَ بِهِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ طَالَ ذَا عُمُراً
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَدْ رُوَّيتُ هَذَا مِنْ شِعْركَ وَأنَا صَبِيٌّ، قَالَ: وَأنَا الْقَائِلُ:
إِذَا عَاشَ الْفَتَى مِائَتَيْن عَاماً فَقَدْ ذَهَبَ اللَّذَاذَةُ وَالْغِنَاءُ(27)
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَقَدْ رُوَّيتُ هَذَا مِنْ شِعْركَ أيْضاً وَأنَا غُلاَمٌ، وَأبِيكَ يَا رَبيعُ لَقَدْ طَلَبَكَ جَدٌّ غَيْرُ عَاثِرٍ فَفَصّلْ لِي عُمُرَكَ.
فَقَالَ: عِشْتُ مِائَتَيْ سَنَةٍ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعِشْرينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتّينَ سَنَةً فِي الإسْلاَم.
قَالَ: أخْبِرْني عَن الْفِتْيَةِ مِنْ قُرَيْشٍ الْمُتَوَاطِئ الأسْمَاءِ، قَالَ: سَلْ عَنْ أيّهِمْ شِئْتَ، قَالَ: أخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَبَّاسٍ، قَالَ: فَهْمٌ وَعِلْمٌ وَعَطَاءٌ وَحِلْمٌ وَمُقْري ضَخْم، قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: حِلْمٌ وَعِلْمٌ وَطَوْلٌ وَكَظْمٌ وَبُعْدٌ مِنَ الظُّلْم.
قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: رَيْحَانَةٌ طَيّبٌ ريحُهَا لَيّنٌ مَسُّهَا قَلِيلٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ضَرَرُهَا.
قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الزُّبَيْر، قَالَ: جَبَلٌ وَعْرٌ يَنْحَدِرُ مِنْهُ الصَّخْرُ.
قَالَ: للهِ دَرُّكَ مَا أخْبَرَكَ بِهِمْ؟ قَالَ: قَرُبَ جِوَاري وَكَثُرَ اسْتِخْبَاري(28).
حَدِيثُ شِقَّ الْكَاهِن:
5 _ حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمُكَتّبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الطَّيّبِ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ الأزْدِيُّ الْعَمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ عِيسَى أبُو بَشِيرٍ الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ أبِي حَاتِم، عَنْ أبِي قَبِيصَةَ، عَن ابْن الْكَلْبِيّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ شُيُوخاً مِنْ بَجِيلَةَ مَا رَأيْتُ عَلَى سَرْوهِمْ وَحُسْن هَيْأتِهِمْ يُخْبِرُونَ أنَّهُ عَاشَ (شِقُّ)(29) الْكَاهِن ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ وَقَالُوا لَهُ: أوْصِنَا فَقَدْ آنَ أنْ يَفُوتَنَا بِكَ الدَّهْرُ. فَقَالَ: تَوَاصَلُوا وَلاَ تَقَاطَعُوا، وَتَقَاتَلُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَأوْصِلُو(30) الأرْحَامَ، وَاحْفَظُوا الذّمَامَ، وَسَوَّدُوا الْحَكِيمَ(31)، وَأجِلُّوا الْكَريمَ، وَوَقّرُوا ذَا الشَّيْبَةِ، وَأذِلُّوا اللَّئِيمَ، وَتَجَنَّبُوا الْهَزْلَ فِي مَوَاضِع الْجِدَّ، وَلاَ تُكَدَّرُوا الإنْعَامَ بِالْمَنَّ، وَاعْفُوا إِذَا قَدَرْتُمْ، وَهَادِنُوا إِذَا هَجَرْتُمْ(32)، وَأحْسِنُوا إِذَا كُوبدْتُمْ، وَاسْمَعُوا مِنْ مَشَايِخِكُمْ، وَاسْتَبِقُوا دَوَاعِيَ الصَّلاَح عِنْدَ أوَاخِر(33) الْعَدَاوَةِ فَإِنَّ بُلُوغَ الْغَايَةِ فِي النَّدَامَةِ(34) جُرْحٌ بَطِي‏ءُ الانْدِمَالِ.
وَإِيَّاكُمْ وَالطَّعْنَ فِي الأنْسَابِ وَلاَ تَفْحَصُوا عَنْ مَسَاويكُمْ، وَلاَ تُودِعُوا عَقَائِلَكُمْ غَيْرَ مُسَاويكُمْ، فَإنَّهَا وَصْمَةٌ قَادِحَةٌ(35)، وَقَضَاءَةٌ فَاضِحَةٌ، الرَّفْقَ الرَّفْقَ لاَ الْخُرْقَ فَإنَّ الْخُرْقَ مَنْدَمَةٌ فِي الْعَوَاقِبِ مَكْسَبَةٌ لِلْعَوَائِبِ(36)، الصَّبْرُ أنْفَذُ عِتَابٍ، وَالْقَنَاعَةُ خَيْرُ مَالٍ، وَالنَّاسُ أتْبَاعُ الطَّمَع، وَقَرَائِنُ الْهَلَع، وَمَطَايَا الْجَزَع، وَرُوحُ الذُّلّ التَّخَاذُلُ، وَلاَ تَزَالُونَ نَاظِرينَ بِعُيُونٍ نَائِمَةٍ مَا اتَّصَلَ الرَّجَاءُ بِأمْوَالِكُمْ، وَالْخَوْفُ بِمَحَالّكُمْ.
ثُمَّ قَالَ: يَا لَهَا نَصِيحَةً زَلَّتْ عَنْ عَذَبَةٍ فَصِيحَةٍ، إِنْ كَانَ وعَاؤُهَا وَكِيعاً وَمَعْدِنُهَا مَنِيعاً، ثُمَّ مَاتَ.
قال الصدوق رضي الله عنه: إنَّ مخالفينا يروون مثل هذه الأحاديث ويصدَّقون بها ويروون حديث شدّاد بن عاد بن إرم ذات العماد وأنَّه عمَّر تسعمائة سنة، ويروون صفة جنّته وأنَّها مغيبة عن الناس فلا ترى وأنَّها في الأرض. ولا يصدَّقون بقائم آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم ويكذّبون بالأخبار التي وردت فيه جحوداً للحقّ وعناداً لأهله(37).
بيان: قوله: (مزججاً) أي مرققاً ممدداً، قوله: (لقد طلبك جدّ غير عاثر) الجدّ بالفتح الحظ، والبخت والغناء أي طلبك بخت عظيم لم يعثر حتَّى وصل إليك أو لم يعثر بك بل نعشك في كلّ الأحوال، و(السرو) السخاء في مروءة.
الهوامش:
(1) في المصدر: (فنيت) بدل (افتتنت).
(2) بقيّة كلام الصدوق.
(3) في المصدر: (بلدة حضرموت).
(4) في المصدر: (وعمّه محمّد وخرجا).
(5) في المصدر إضافة: (قال).
(6) من المصدر.
(7) أي قاما وذهبا. وفي المصدر: (مرّا) بدل (مثلا).
(8) في المصدر: (بئر) بدل (أثر).
(9) المؤمنون: 115.
(10) في المصدر: (برٌّ سرٌّ) بدل (سِرْ).
(11) في المصدر: (أدفعه) بدل (أرفعه).
(12) في المصدر: (حضرت).
(13) كلمة: (إذا) ليست في المصدر.
(14) كمال الدين 2: 543 - 547/ باب 50/ ح 9، وفيه: (وشبع) بدل (حين شبع).
(15) كمال الدين 2: 547/ باب 50/ ح 10.
(16) في المصدر: (السجزيّ) بدل (الشجري).
(17) في المصدر: (التبابعة) بدل (النابغة).
(18) كلمة: (ما) ليست في المصدر.
(19) في المصدر: (نقي) بدل (بقي).
(20) في المصدر: (الشباب) بدل (الثياب).
(21) من المصدر.
(22) في المصدر: (الحديث من الأصل الذي كتبه أخي).
(23) كمال الدين 2: 547 - 549/ باب 51/ ح 1.
(24) في المصدر: (فقال عبد الملك لجلسائه: ويلكم إنَّه).
(25) في المصدر: (والذي رأيت).
(26) في المصدر: (أنا) بدل (أمَّا).
(27) في المصدر: (الفتاء) بدل (الغناء).
(28) كمال الدين 2: 549 و550/ باب 52/ ح 1.
(29) من المصدر.
(30) في المصدر: (بلوا) بدل (أوصلوا).
(31) في المصدر: (الحليم) بدل (الحكيم).
(32) في المصدر: (عجزتم) بدل (هجرتم).
(33) في المصدر: (احن) بدل (أواخر).
(34) في المصدر: (النكاية) بدل (الندامة).
(35) في المصدر: (فادحة).
(36) في المصدر: (للعواتب).
(37) كمال الدين 2: 550 - 552/ باب 53/ ح 1.
******************
و(العقايل) جمع العقيلة وهي كريمة الحيّ أي لا تزوّجوا بناتكم إلاَّ ممَّن يساويكم في الشرف، و(الوصمة) العيب والعار، و(الفادحة) الثقيلة ويقال: فيه (قضاءة) ويضم: عيب وفساد وتقضؤوا منه أن يزوّجوه استحسنوا حسبه، ووعاء وكيع شديد متين.
أقول: ثُمَّ ذكر الصدوق رحمه الله قصَّة شدّاد بن عاد كما نقلنا عنه في كتاب النبوّة، ثُمَّ قال:
وعاش أوس بن ربيعة بن كعب بن أميّة مأتي وأربع عشرة سنة فقال في ذلك:
لقد عمَّرت حتَّى مل أهلي ثواي عندهم وسئمت عمري
وحقّ لمن أتى مأتان عام عليه وأربع من بعد عشر
يمل من الثواء وصبح ليل يغاديه وليل بعد يسري
فأبلى شلوتي وتركت شلوي(1) وباح بما أجن ضمير صدري
وعاش أبو زبيد واسمه المنذر(2) بن حرملة الطائي وكان نصرانياً خمسين ومائة سنة.
وعاش نضر بن دهمان بن سليمان بن أشجع بن زيد(3) بن غطفان مائة وتسعين سنة حتَّى سقطت أسنانه وخرف عقله وابيضّ رأسه فحرب(4) قومه أمر فاحتاجوا فيه إلى رأيه فدعوا الله أن يرد عليه عقل وشبابه فعاد إليه شبابه واسودّ شعره، فقال فيه سلمة بن الحريش، ويقال: عبّاس بن مرداس السلمي:
لنضر(5) بن دهمان الهنيدة عاشها وتسعين حولاً ثُمَّ قوم فانصاتا
وعاد سواد الرأس بعد بياضه وعاوده(6) شرخ الشباب الذي فاتا
وراجع عقلاً بعدما فات عقله ولكنَّه من بعد ذا كلّه ماتا
وعاش ثوب بن صداق(7) العبدي مأتي سنة.
وعاش خثعم(8) بن عوف بن جذيمة دهراً طويلاً فقال:
حتَّى متى خثعم في الأحياء ليس بذي أيدي ولا غناء
هيهاتَ ما للموت من دواء
وعاش ثعلبة بن كعب(9) بن عبد الأشهل بن الأشوس مأتي سنة فقال:
لقد صاحبت أقواماً فأمسوا خفاتاً لا يجاب له دعاء
مضوا قصد السبيل وخلفوني فطال عليَّ بعدهم الثواء
فأصبحت الغداة رهين شيء(10) وأخلفني من الموت الرجاء
وعاش رداءة بن كعب بن ذهل بن قيس النخعي ثلاثمائة سنة فقال:
لم يبقَ يا خذيّه(11) من لداتي أبو بنين لا ولا بنات
ولا عقيم غير ذي سبات إلاَّ يعدّ اليوم في الأموات
هل مشتر أبيعه حياتي؟
وعاش عدي بن حاتم طيئ عشرين ومائة سنة.
وعاش أماباة بن قيس بن الحرملة بن سنان(12) الكندي ستين ومائة سنة.
وعاش عمير(13) بن هاجر بن عمير بن عبدالعزى بن قيس(14) الخزاعي سبعين ومأة سنة فقال:
بليت وأفناني الزمان وأصبحت هنيدة قد أبقيت من بعدها عشرا
وأصبحت مثل الفرخ لا أنا ميت فأبكى(15) ولا حيّ فأصدر لي أمرا
وقد عشت دهراً ما تجن عشيرتي لها ميّتاً حتَّى تخطّ له قبرا
وعاش العوام بن المنذر بن زيد(16) بن قيس بن حارثة بن لام دهراً طويلاً في الجاهلية وأدرك عمر بن عبد العزيز فاُدخل عليه وقد اختلف ترقوتاه وسقط حاجباه، فقيل له: ما أدركت؟ فقال:
فوَالله ما أدري أأدركت أمّة على عهد ذي القرنين أم كنت أقدما
متى يخلعوا عنّي القميص تبينوا جانجن(17) لم يكسين لحماً ولا دما
وعاش سيف بن وهب بن جذيمة الطائي مائتي سنة فقال:
ألا إنَّني كاهب(18) ذاهب فلا تحسبوا أنَّني كاذب
لبست شبابي فأفنيته وأدركني القدر الغالب
وخصم دفعت ومولى نفعت حتَّى يثوب له ثائب
وعاش أرطاة بن دشهبة المزني عشرين ومائة سنة وكان يكنّي أبا الوليد فقال له عبد الملك: ما بقي من شعرك يا أرطاة؟ فقال: يا أمير المؤمنين (إنّي)(19) ما أشرب ولا أطرب ولا أغضب، ولا يجيئني الشعر(20) إلاَّ على إحدى هذه الخصال على أنّي أقول:
رأيت المرء تأكله الليالي كأكل الأرض ساقطة الحديد
وما تبقى المنية حين تأتي على نفس ابن آدم من مزيد
وأعلم أنَّها ستكر حتَّى توفي نذرها بأبي الوليد
فارتاع عبدالملك، فقال أرطاة: يا أمير المؤمنين إنّي اُكنّى أبا الوليد.
وعاش عبيد بن الأبرص ثلاثمائة سنة فقال:
فنيت وأفناني الزمان وأصبحت لداتي بنوا نعش وزهر الفراقد
ثُمَّ أخذه النعمان بن منذر يوم بؤسه فقتله.
وعاش شريح بن هانئ عشرين ومائة سنة حتَّى قتل في نفرة(21) الحجّاج بن يوسف فقال في كبره وضعفه:
أصبحت ذا بث أقاصي الكبرا قد عشت بين المشركين أعصرا
ثَمَّت أدركت النبي المنذرا وبعده صدّيقه وعمرا
ويوم مهران ويوم تسترا والجمع في صفينهم والنهرا
هيهاتَ ما أطول هذا عمرا
وعاش رجل من بني ضبة يقال له: المسجاح بن سباع دهراً طويلاً فقال:
لقد طوفت في الآفاق حتَّى بليت وقد (دنا)(22) لي أن أبيد
وأفناني ولا يفنى نهار وليل كلّما يمضي يعود
وشهر مستهل بعد شهر وحول بعده جول جديد
وعاش لقمان العادي الكبير خمسمائة سنة وستين سنة وعاش عمر سبعة أنسر كل نسر منها ثمانين عاماً وكان من بقية عاد الأولى.
وروي أنَّه عاش ثلاثة آلاف سنة وخمسمائة سنة وكان من ولد(23) عاد الذين بعثهم قومهم إلى الحرم ليستسقوا لهم وكان اُعطي عمر سبعة أنسر فكان يأخذ فرخ النسر الذكر فيجعله في الجبل الذي هو في أصله فيعيش النسر فيها ما عاش فإذا مات أخذ آخر فربّاه حتَّى كان آخرها لبد، وكان أطولها عمراً فقيل فيه: (طال الأمد(24) على لبد)، وقد قيل فيه أشعار معروفة واُعطي من السمع والبصر والقوّة على قدر ذلك وله أحاديث كثيرة.
وعاش زهير بن عباب بن هبل بن عبد الله بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد ابن عبد الله بن وهدة بن ثور بن كليب(25) الكلبي ثلاثمائة سنة.
وعاش مزيقياً واسمه عمرو(26) بن عامر وعامر هو ماء السماء وإنَّما سمّي ماء السماء لأنَّه كان حياة أينما نزل كمثل ماء السماء وإنَّما سمّي مزيقياً لأنَّه عاش ثمانمائة سنة أربعمائة سوقة، وأربعمائة ملكاً، فكان يلبس في كل يوم حلتين ثُمَّ يأمر بهما فيمزّقان حتَّى لا يلبسهما أحد غيره.
وعاش ابن هبل بن عبد الله بن كنانة ستمائة سنة.
وعاش أبو الطمحان القيسي(27) مائة وخمسين سنة.
وعاش المستوعر(28) بن ربيعة بن كعب بن زيد مناة بن تميم ثلاثمائة وثلاثين سنة ثُمَّ أدرك الإسلام فلم يسلم وله شعر معروف.
وعاش دريد(29) بن زيد بن نهد أربعمائة سنة وخمسين سنة فقال في ذلك:
ألقى على الدهر رجلاً ويدا والدهر ما يصلح يوماً أفسدا
يصلحه اليوم ويفسده غد(30)
وجمع بنيه حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اُوصيكم بالناس شرّاً لا تقبلوا لهم معذرة ولا تقبلوا لهم عثرة.
وعاش تيم الله بن (ثعلبة بن)(31) عكابه مائتي سنة.
وعاش الربيع بن ضبع بن وهب بن بعيض بن مالك بن سعدى(32) بن عدي بن فزارة مائتي وأربعين سنة وأدرك الإسلام فلم يسلم.
وعاش معدي كرب الحميري من آل ذي رعين مائتي وخمسين سنة.
وعاش ثرية(33) بن عبد الله الجعفي ثلاثمائة سنة فقدم على عمر بن الخطاب المدينة فقال: لقد رأيت هذا الوادي الذي أنتم به وما به قطرة ولا هضبة ولا شجرة ولقد أدركت اُخريات قوم يشهدون بشهادتكم هذه يعني لا إله إلاَّ الله، ومعه ابن له يتهادى قد خرف فقال: يا ثرية(34) هذا ابنك قد خرف وبك بقية؟ فقال: م(35) تزوّجت أمَة حتَّى أتت علي سبعون سنة ولكنّي تزوّجتها عفيفة(36) ستيرة إن رضيت رأيت ما تقرّ به عيني وإن سخطت أتتني(37) حتَّى أرضى وإنَّ ابني هذا تزوّج امرأة بذية فاحشة إن رأى ما تقرّ به عينه تعرضت له حتَّى يسخط وإن سخط تلقّته(38) حتَّى يهلك(39).
وعاش عوف بن كنانة الكلبي ثلاثمائة سنة فلمَّا حضرته الوفاة جمع بنيه فأوصاهم وهو عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن تور(40) بن كلب فقال: يا بني احفظوا وصيّتي فإنَّكم إن حفظتموها سدّتم قومكم بعدي، إلهكم فاتقوه ولا تخونوا ولا تحزنوا، ولا تثيروا السباع من مرابضه(41)، وجاوروا الناس بالكفّ عن مساويهم تسلموا وتصلحوا، وعفوا عن الطلب إليهم لئلاَّ تستثقلوا، والزموا الصمت إلاَّ من حقّ تحمدوا، وأبذلوا لهم المحبّة تسلم لكم الصدور، ولا تحرموهم المنافع فيظهروا الشكاة، وكونوا منهم في ستر ينعم بالكم، ولا تكثروا مجالستهم فيستخف بكم، وإذا نزلت بكم معضلة فاصبروا لها، والبسوا للدهر أثوابه، فإنَّ لسان الصدق مع النكبة(42) خير من سوء الذكر مع المسرة(43).
الهوامش:
(1) في المصدر: (فأبلى جدّتي وتركت شلواً).
(2) في المصدر: (البدر) بدل (المنذر).
(3) في المصدر: (وعاش نصر بن دهمان بن (بصار بن بكر بن) سُليم بن أشجع بن الرّيث بن غطفان).
(4) في المصدر: (فحزب).
(5) في المصدر: (لنصر).
(6) في المصدر: (راجعه) بدل (عاوده).
(7) في المصدر: (سويد بن حذّاق) بدل (ثوب بن صداق).
(8) في المصدر: (الجشم) وكذا في ما بعد.
(9) في المصدر إضافة: (بن زيد).
(10) في المصدر: (بيتي) بدل (شيء).
(11) في المصدر: (يا خدلة) بدل (يا خذيه).
(12) في المصدر: (الحارث بن شيبان) بدل (الحرملة بن سنان).
(13) في المصدر: (عميرة).
(14) في المصدر: (قمير) بدل (قيس).
(15) في المصدر: (فأسلى) بدل (فأبكى)، وفي بعض النسخ من المصدر: (فأبلى).
(16) في المصدر: (وعاش العرّام بن المنذر بن زبيد بن قيس).
(17) في المصدر: (تبينا جآجيء) بدل (تبينوا جناجن).
(18) في المصدر: (عاجلاً) بدل (كاهب).
(19) من المصدر.
(20) في المصدر: (الشعراء) بدل (الشعر).
(21) في المصدر: (زمن) بدل (نفرة).
(22) في المصدر: (أنى) بدل (دنا).
(23) في المصدر: (وفد) بدل (ولد).
(24) في المصدر: (طال الأبد).
(25) في المصدر: (وعاش زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد بن عبد الله بن رفيدة بن ثور بن كلب الكلبي)، وفي بعض النسخ منه: (حباب) بدل (جناب).
(26) في المصدر: (عمر) بدل (عمرو).
(27) في المصدر: (الطحمان القيني) بدل (الحمان القيسي).
(28) في المصدر: (مستوغر) بدل (المستوعر).
(29) في المصدر: (دويد) بدل (دريد).
(30) في المصدر: (يفسد ما أصلحه اليوم غداً).
(31) من المصدر.
(32) في المصدر: (بغيض بن مالك بن سعد).
(33) في المصدر: (شرية) بدل (ثرية).
(34) في المصدر: (له يهادي قد خرف فقيل له: يا شرية).
(35) في المصدر إضافة: (والله).
(36) في المصدر: (عنيفة) بدل (عفيفة).
(37) في المصدر: (تأتت لي) بدل (أتتني).
(38) في المصدر: (تغلبته) بدل (تلقته).
(39) كمال الدين 2: 555 - 562.
(40) في المصدر: (ثور) بدل (تور).
(41) في المصدر إضافة: (فتندموا).
(42) في المصدر: (المسكنة) بدل (النكبة).
(43) في المصدر: (الميسرة).
******************
ووطّنوا أنفسكم على الذلّة لمن ذلَّ(1) لكم فإنَّ أقرب المسائل المودّة وإنَّ أبعد النسب(2) البغضة، وعليكم بالوفاء وتنكبوا الغدر يأمن سربكم(3)، وأحيوا الحسب بترك الكذب فإنَّ آفة المروءة الكذب والخلف، لا تعلموا الناس إقتاركم فتهونوا وتخملوا، وإيّاكم والغربة فإنَّها ذلّة، ولا تضعوا الكرائم إلاَّ عند الأكفّاء، وابتعوا بأنفسكم(4) المعالي، ولا يحتلجنكم جمال النساء عن الصحّة، فإنَّ نكاح الكرائم مدارج الشرف، واخضعوا لقومكم ولا تبغوا عليهم لتنالوا المنافس، ولا تخالفوهم فيما اجتمعوا عليه، فإنَّ الخلاف يزري بالرجل(5) المطاع، وليكن معروفكم لغير قومكم(6) بعدهم، ولا توحشوا أفنيتكم من أهلها فإنَّ إيحاشها إخماد النار ودفع الحقوق، وارفضوا النمائم بينكم تكونو(7) أعواناً عند الملمات تغلبوا، واحذروا النجعة إلاَّ في منفعة لا تصابوا، وأكرموا الجار يخصب جنابكم، وآثروا حقّ الضيف(8) على أنفسكم، والزموا مع السفهاء الحلم تقلُّ همومكم.
وإيّاكم والفرقة فإنَّها ذلّة، ولا تكلفوا أنفسكم فوق طاقتها إلاَّ المضطر فإنَّكم إن تلاموا عند إيضاح(9) العذر وبكم قوة خير من أن تعانو(10) في الاضطرار منكم إليهم بالمعذرة، وجدّوا ولا تفرطوا فإنَّ الجدّ مانعة(11) الضيم، ولتكن كلمتكم واحدة تعزوا ويرهف حدّكم، ولا تبذلوا الوجوه لغير مكرمة فتخلقوها، ولا تجشّمو(12) أهل الدناءة فتقصروا بها، ولا تحاسدوا فتبوروا، واجتنبوا البخل فإنَّه داء وابنوا المعالي بالجود والأدب، ومصافات أهل الفضل والحياء(13)، وابتاعوا المحبّة بالبذل، ووقّروا أهل الفضيلة، وخذوا من أهل التجارب، ولا يمنعنكم من معروف صغره فإنَّ له ثواباً، ولا تحقروا الرجال فتزدروها فإنَّما المرء بأصغريه ذكاء قلبه ولسان يعبر عنه.
فإذا خوفتم داهية فاللبث(14) قبل العجلة، والتمسوا بالتودّد المنزلة عند الملوك فإنَّهم من وضعوه اتّضع، ومن رفعوه ارتفع، وتبسلوا بالفعال(15) تسم إليكم الأبصار، وتواضعوا بالوفاء وليحبّكم(16) ربّكم. ثُمَّ قال:
وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه ولا كل موف(17) نصحه بلبيب
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد فحقّ له من طاعة بنصيب(18)
وحدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يزيد(19) الشعراني من ولد عمّار بن ياسر رضي الله عنه يقول: حكى أبو القاسم محمّد بن القاسم البصري(20) أنَّ أبا الحسن حمارويه(21) بن أحمد بن طولون كان قد فتح(22) عليه من كنوز مصر ما لم يرزق أحد قبله فاُغري(23) بالهرمين فأشار عليه ثقاته وحاشيته وبطانته أن لا يتعرَّض لهدم الأهرام فإنَّه ما تعرَّض أحد لها فطال عمره فلجَّ(24) في ذلك وأمر ألفاً من الفعلة أن يطلبوا الباب وكانوا يعملون سنة حواليه حتَّى ضجروا وكلّوا.
فلمَّا همّوا بالانصراف بعد الأياس منه، وترك العمل، وجدوا سرباً فقدروا أنَّه الباب الذي يطلبونه، فلمَّا بلغوا آخره وجدوا بلاطة قائمة من مرمر فقدّروا أنَّها الباب فاحتالوا فيها إلى أن قلعوها وأخرجوه(25)، فإذا عليها كتابة يونانية فجمعوا حكماء مصر وعلماءه(26) فلم يهتدوا لها وكان في القوم رجل يعرف بأبي عبد الله المديني أحد حفّاظ الدنيا وعلمائها فقال لأبي الحسن حمارويه بن أحمد: أعرف في بلد الحبشة اسقفاً قد عمَّر وأتى عليه ثلاثمائة وستون سنة يعرف هذا الخط وقد كان عزم على أن يعلمنيه فلحرصي على علم العرب لم أقم عليه(27) وهو باقٍ.
فكتب أبو الحسن إلى ملك الحبشة يسأله أن يحمل هذا الأسقف إليه فأجابه أنَّ هذ(28) قد طعن في السن وحطّمه الزمان وإنَّما يحفظه هذا الهواء(29) ويخاف عليه إن نقل إلى هواء آخر وإقليم آخر ولحقته حركة وتعب ومشقة السفر أن يتلف وفي بقائه لنا شرف وفرج وسكينة، فإن كان لكم شيء يقرأه ويفسَّره ومسألة تسألونه فاكتب بذلك فحملت البلاطة في قارب إلى بلد أسوان من الصعيد الأعلى وحملت من أسوان على العجلة إلى بلاد الحبشة وهي قريبة من أسوان فلمَّا وصلت قرأها الأسقف وفسَّر ما فيها بالحبشية ثُمَّ نقلت إلى العربية فإذا فيها مكتوب:
أنا الريّان بن دومغ، فسئل أبو عبد الله عن الريان من كان هو؟ قال: هو والد العزيز ملك يوسف عليه السلام واسمه الريّان(30) بن دومغ وقد كان عمر العزيز سبعمائة سنة وعمر الريان والده ألفاً وسبعمائة وعمر دومغ ثلاثة آلف سنة.
فإذا فيها أنا الريان بن دومغ خرجت في طلب علم النيل لأعلم فيضه ومنبعه إذا كنت أرى مفيضه فخرجت ومعي ممن صحبت أربعة آلاف ألف(31) رجل فسرت ثمانين سنة إلى أن انتهيت إلى الظلمات والبحر المحيط بالدنيا، فرأيت النيل يقطع البحر المحيط ويعبر فيه ولم يكن لي منفذ وتماوت أصحابي وبقيت في أربعة آلاف رجل فخشيت على ملكي فرجعت إلى مصر وبنيت الأهرام والبراني وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري وقلت في ذلك شعراً:
وأدرك علمي بعض ما هو كائن ولا علم لي بالغيب والله أعلم
وأتقنت ما حاولت إتقان صنعة وأحكمته والله أقوى وأحكم
وحاولت علم النيل من بدء فيضه فأعجزني والمرء بالعجز ملجم
ثمانين شاهوراً قطعت مسايحا وحولي بنو حجر وجيش عرمرم
إلى أن قطعت الجن والإنس كلّهم وعارضني لج من البحر مظلم
فأتقنت أن لا منفذ(32) بعد منزلي لذي همّة بعدي ولا متقدّم
فأبت إلى ملكي وأرسيت نادي(33) بمصر وللأيام بؤس وأنعم
أنا صاحب الأهرام في مصر كلّها وباني برانيها بها والمقدّم
تركت بها آثار كفي وحكمتي على الدهر لا تبلى ولا تتهدّم
وفيها كنوز جمّة وعجائب وللدهر إمر مرّة وتهجم
سيفتح أقفالي ويبدي عجائبي ولي لربي آخر الدهر ينجم
بأكناف بيت الله تبدو أموره ولا بدَّ أن يعلو ويسمو به السم
ثمان وتسع واثنتان وأربع وتسعون أخرى من قتيل وملجم
ومن بعد هذا كر تسعون تسعة وتلك البراني تستخر وتهدم
وتبدي كنوزي كلّها غير أنَّني أرى كل هذا أن يفرقها الدم
رزمت مقالي(34) في صخور قطعتها ستبقى وأفني بعدها ثُمَّ اُعدم
فحينئذٍ قال أبو الحسن حمارويه بن أحمد: هذا شيء ليس لأحد فيها حيلة إلاَّ للقائم من آل محمّد عليهم السلام وردَّت البلاطة كما كانت مكانها.
ثُمَّ إنَّ أبا الحسن بعد ذلك بسنة قتله طاهر الخادم (ذبحه)(35) على فراشه وهو سكران ومن ذلك الوقت عرف خبر الهرمين ومن بناهما فهذا أصحّ ما يقال في خبر النيل والهرمين.
وعاش صبيرة بن(36) سعد بن سهم القرشي مائة وثمانين سنة وأدرك الإسلام فهلك فجاءة بلا سبب(37).
وعاش لبيد بن ربيعة الجعفري مائة وأربعين سنة وأدرك الإسلام فأسلم فلمَّا بلغ سبعين من عمره أنشأ يقول:
كأنّي وقد جاوزت سبعين حجّة خلعت بها عن منكبي ردائيا
فلمَّا بلغ سبعاً وسبعين سنة أنشأ يقول:
باتت تشكي إليَّ النفش مجهشة وقد حملتك سبعاً بعد سبعين(38)
فإن تزادي ثلاثاً تبلغي أملا وفي الثلاث وفاء للثمانين(39)
فلمَّا بلغ تسعين سنة أنشأ يقول:
كأنّي وقد جاوزت تسعين حجّة خلعت بها عنّي عذار لثامي
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى فكيف بمن يرمي ولي برام
فلو أنَّني أرمي بنبل رأيتها ولكنَّني أرمي بغير سهام
فلمَّا بلغ مائة وعشر سنين أنشأ يقول:
وليس في مائة قد عاشها رجل وفي تكامل عشر بعدها عمر
فلمَّا بلغ مائة وعشرين سنة أنشأ يقول:
قد عشت دهراً قبل مجرى داحس لو كان في النفس(40) اللجوج خلود
فلمَّا بلغ مائة وأربعين سنة أنشأ يقول:
ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد
غلب الرجال فكان غير مغلب دهر طويل دائم ممدود
يوم إذا يأتي عليَّ وليلة وكلاهما بعد المضي يعود
فلمَّا حضرته الوفاة قال لابنه: يا بني إنَّ أباك لم يمت ولكنَّه فني فإذا قبض أبوك فأغمضه وأقبل به إلى القبلة وسجّه بثوبه، ولا أعلمن ما صرخت عليه صارخة أو بكت عليه باكية، وانظر جفنتي التي كنت اُضيف بها فأجد صنعتها ثُمَّ احملها إلى مسجدك ومن كان يغشاني عليها فإذا قال الإمام: (سلام عليكم) فقدمها إليهم يأكلون منها فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم لبيد بن ربيعة فقد قبضه الله عزّ وجل، ثُمَّ أنشأ يقول:
وإذا دفنت أباك فاجعل فوقه خشباً وطينا
وصفائحاً صماً رواسيها تشدد والغصون(41)
ليقين حرّ الوجه سفساف التراب ولن يقينا
وقد روي في حديث لبيد بن ربيعة في أمر الجفنة غير هذا: ذكروا أنَّ لبيد ابن ربيعة جعل على نفسه أنَّ كلّما هبّت الشمال أن ينحر جزوراً فيملأ الجفنة التي حكوا عنها في أوّل حديثه فلمَّا ولى الوليد بن عقبة بن أبِي معيط الكوفة خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم ثُمَّ قال: أيّها الناس قد علمتم حال لبيد بن ربيعة الجعفري وشرفه ومروءته وما جعل على نفسه كلّما هبّت الشمال أن ينحر جزوراً فأعينوا أبا عقيل على مروءته ثُمَّ نزل وبعث إليه بخمسة من الجزر وأبيات شعر يقول فيها:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه إذا هبّت رياح أبِي عقيل
طويل الباع أبلج جعفري كريم الجدّ كالسيف الصقيل
وفي ابن الجعفي بما لديه على العلات والمال القليل
الهوامش:
(1) في المصدر: (على المذلة لمن تذلل).
(2) في المصدر: (أتعبت النشب) بدل (أبعد النسب).
(3) في المصدر إضافة: (وأصيخوا للعدل).
(4) في المصدر: (لأنفسكم).
(5) في المصدر: (بالرئيس) بدل (بالرجل).
(6) في المصدر إضافة: (من).
(7) في المصدر: ((تسلموا) وكونوا) بدل (تكونوا).
(8) في المصدر: (الضعيف) بدل (الضيف).
(9) في المصدر: (فإنَّكم لن تلاموا عند اتّضاح).
(10) في المصدر: (تعاونوا).
(11) في المصدر: (مانع).
(12) في المصدر: (مكرميها فتكلحوها ولا تجشموها).
(13) في المصدر: (الحباء).
(14) في المصدر: (فعليكم بالتثبت) بدل (فاللبث).
(15) في المصدر: (تنبلوا) بدل (تبسلوا بالفعال).
(16) في المصدر: (وتواضعوا بالوقار ليحبّكم).
(17) في المصدر: (موت) بدل (موف).
(18) كمال الدين 2: 568 - 570.
(19) في المصدر: (حمزة) بدل (يزيد).
(20) في المصدر: (المصري) بدل (البصري).
(21) في المصدر: (أبا الجيش حماروية)، وكذا في ما بعد.
(22) في المصدر إضافة: (الله).
(23) في المصدر: (فعزى) بدل (فاُغري).
(24) في المصدر: (فألح) بدل (فلجّ).
(25) في المصدر إضافة: (قال محمّد بن المظفر: وجدوا من ورائها بناءً منضمّاً لا يقدروا عليه فأخرجوها ثمّ نظفوها).
(26) في المصدر إضافة: (من سائر الأديان).
(27) في المصدر: (عنده) بدل (عليه).
(28) في المصدر إضافة: (شيخ).
(29) في المصدر إضافة: (وهذا الإقليم).
(30) في المصدر إضافة: (الوليد) بدل (الريّان).
(31) كلمة: (ألف) ليست في المصدر.
(32) في المصدر: (فأيقنت أن لا منقذ).
(33) في المصدر: (ثاوياً) بدل (نادياً).
(34) في المصدر: (زبرت مقالي).
(35) من المصدر.
(36) في المصدر إضافة: (سعيد بن).
(37) عبارة: (بلا سبب) ليست في المصدر.
(38) في المصدر: (سبعينا) بدل (سبعين).
(39) في المصدر: (للثمانينا) بدل (للثمانين).
(40) في المصدر: (للنفس) بدل (في النفس).
(41) في المصدر: (وصفائحاً صمّاً رواشنها تسدون الغصونا).
******************
وقد ذكر أنَّ الجزر كانت عشرين فلمَّا أتته قال: جزى الله الأمير خيراً قد عرفت الأمير أنّي لا أقول الشعر ولكن اُخرجي يا بنية، فخرجت إليه بنية له خماسية فقال لها: أجيبي الأمير، فأقبلت وأدبرت ثُمَّ قالت: نعم، فأنشأت تقول:
إذا هبّت رياح أبي عقيل دعونا عند هبتها الوليدا
طويل الباع أبلج عبشميا أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا عليها من بني حام قعودا
أبا وهب جزاك الله خيرا نحرناها وأطعمنا التريدا
فعد إنَّ الكريم له معاد وعهدي بابن أروى أن يعودا
فقال لبيد: أحسن يا بنية لولا أنّك سألت. قالت: إنَّ الملوك لا يستحيى من مسئلتهم، قال: وأنت في هذا يا بنية أشعر.
وعاش ذو الإصبع العدواني واسمه حرثان بن الحارث بن محرث بن ربيعة بن هبيرة بن ثعلبة بن ظرب بن عثمان بن عباد ثلاثمائة سنة.
وعاش جعفر بن قبط ثلاثمائة سنة وأدرك الإسلام.
وعاش عامر بن ظرب العدواني ثلاثمائة سنة.
وعاش محصن بن غسان بن ظالم بن عمرو بن قطيعة بن الحارث بن سلمة بن مازن الزبيدي مأتي وخمسين سنة فقال في ذلك:
ألا يا سلم إنّي لست منكم ولكنّي امرء قوتي سغوب
دعاني الداعيان فقلت هيّا فقالا كل من يدعي يجيب
ألا يا سلم أعياني قيامي وأعيتني المكاسب والركوب
وصرت رديئة في البيت كلا تأذّى بي الأباعد والقريب
كذاك الدهر والأيام خون لها في كل سائمة نصيب(1)
وعاش صيفي بن رباح أبو(2) أكثم أحد بني أسد بن عمرو بن تميم مأتي سنة وسبعين سنة وكان يقول: لك على أخيك سلطان في كلّ حال إلاَّ في القتال فإذا أخذ الرجال السلاح فلا سلطان(3) عليه، كفى بالمشرفية واعظاً، وترك الفخر أبقى لك، وأسرع الحزم(4) عقوبة البغي، وشرّ النصرة التعدي، وألأم الأخلاق أضيقها، ومن الأذى كثرة العتاب، وأقرع الأرض بالعصا فذهبت مثلاً:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وما علم الإنسان إلاَّ ليعلم(5)
وعاش عاد بن شداد اليربوعي مائة وخمسين سنة.
وعاش أكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم ثلاثمائة سنة، وقال بعضهم: مائة وتسعين سنة وأدرك الإسلام واختلف في إسلامه إلاَّ أنَّ أكثرهم لا يشكّ في أنَّه لم يسلم فقال في ذلك:
وإنَّ امرءاً قد عاش تسعين حجّة إلى مائة لم يسأم العيش جاهل
خلت مائتان غير ست وأربع وذلك من عدّ الليالي قلائل
وقال محمّد بن سلمة: أقبل أكثم يريد الإسلام فقتله ابنه عطشاً فسمعت أنَّ هذه الآية نزلت فيه: ((وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أجْرُهُ عَلَى اللهِ))(6) ولم تكن العرب تقدّم عليه أحداً في الحكمة وأنَّه لمَّا سمع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بعث إليه ابنه حبيشاً فقال: يا بني إنّي أعظك بكلمات فخذهن من حين تخرج من عندي إلى أن ترجع إليَّ، ائت نصيبك في شهر رجب فلا تستحلّه فيستحل منك فإنَّ الحرام ليس يحرم نفسه وإنَّما يحرمه أهله، ولا تمرنَّ بقوم إلاَّ تنزل(7) عند أعزّهم وأحدث عقداً مع شريفهم، وإيّاك والذليل فإنَّه هو أذلّ نفسه ولو أعزّها لأعزّه قومه.
فإذا قدمت على هذا الرجل فإنّي قد عرفته وعرفت نسبه وفي في بيت قريش وهي (أعزُّ)(8) العرب وهو أحد رجلين إمَّا ذو نفس أراد ملكاً فخرج للملك بعزّه فوقّره وشرّفه وقم بين يديه ولا تجلس إلاَّ بإذنه حيث يأمرك ويشير إليك فإنَّه إن كان ذلك كان أدفع لشرّه عنك، وأقرب لخيره منك، وإن كان نبيّاً فإنَّ الله لا يحبّ من يسوؤهم، ولا يبطر فيحتشم(9)، وإنَّما يأخذ الخيرة حيث يعلم لا يخطي فيستعتب إنَّما أمره على ما تحبّ وإن كان(10) فستجد أمره كلّه صالحاً، وخبره كلّه صادقاً، وستجده متواضعاً في نفسه متذلّلاً لربه، فذل له ولا تحدثنَّ أمراً دوني فإنَّ الرسول إذا أحدث الأمر من عنده خرج من يدي الذي أرسله، واحفظ ما يقول لك إذا ردّك إليَّ فإنَّك ولو توهّمت أو نسيت حتمتني(11) رسولاً غيرك.
وكتب معه: باسمك اللهم من العبد إلى العبد أمَّا بعد فإنّا بلغنا ما بلغك فقد أتانا عنك خبر لا ندري ما أصله، فإن كنت أريت فأرنا، وإن كنت علمت فعلّمنا وأشركنا في كنزك والسلام.
فكتب إليه رسول الله فيما ذكروا: من محمّد رسول الله إلى أكثم بن صيفي أحمد الله إليك إنَّ الله أمرني أن أقول: لا إله إلاَّ الله أقولها وآمر الناس بها والخلق خلق الله والأمر كلّه لله، خلقهم وأماتهم، وهو ينشرهم وإليه المصير، أدّبتكم بآداب المرسلين ولتسئلنَّ عن النبأ العظيم، ولتعلمنَّ نبأه بعد حين.
فلمَّا جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال لابنه: يا بني ماذا رأيت؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فجمع أكثم بن صيفي إليه بني تميم ثُمَّ قال: يا بني تميم لا تحضروني سفيهاً فإنَّ من يسمع يخل ولكلّ إنسان رأي في نفسه، وإنَّ السفيه واهن الرأي، وإن كان قوي البدن، ولا خير فيمن لا عقل له، يا بني تميم كبرت سنّي ودخلتني ذلّة الكبر، فإذا رأيتم منّي حسناً فائتوه وإذا أنكرتم شيئاً فقولوا لي الحقّ(12) أستقم، إنَّ ابني قد جاءني وقد شافه هذا الرجل فرآه يأمر بمكارم الأخلاق(13) وينهى عن ملائمها، ويدعو إلى أن يعبد الله وحده وتخلع الأوثان، ويترك الحلف بالنيران، ويذكر أنَّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّ قبله رسلاً لهم كتب، وقد علمت رسولاً قبله كان يأمر بعبادة الله وحده، وإنَّ أحقّ الناس بمعاونة محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم ومساعدته على أمره أنتم، فإن يكن الذي يدعو إليه حقّاً فهو لكم، وإن يكن باطلاً كنتم أحقّ من كفّ عنه وستر عليه.
وقد كان أسقف نجران يحدّث بصفته ولقد كان سفيان بن مجاشع قبله يحدّث به وسمى ابنه محمّداً، وقد علم ذوو الرأي منكم أنَّ الفضل فيما يدعو إليه ويأمر به فكونوا في أمره أوّلاً ولا تكونوا أخيراً، اتّبعوه تشرفوا، وتكونوا سنام العرب وائتوه طائعين قبل أن تأتوه كارهين، فإنّي أرى أمراً ما هو بالهوينا لا يترك مصعداً إلاَّ صعده، ولا منصوباً إلاَّ بلغه.
إنَّ هذا الذي يدعو إليه لو لم يكن ديناً لكان في الأخلاق حسناً أطيعوني واتّبعوا أمري أسأل لكم ما لا ينزع منكم أبداً، إنَّكم أصبحتم أكثر العرب عدداً وأوسعهم بلداً وإنّي أرى أمراً لا يتّبعه ذليل إلاَّ عزّ ولا يتركه عزيز إلاَّ ذل اتّبعوه مع عزّكم تزدادوا عزّاً، ولا يكن أحد مثلكم.
إنَّ الأوّل لم يدع للأخير شيئاً وإنَّ هذا أمر هو لما بعده، من سبق إليه فهو الباقي، ومن اقتدي(14) به الثاني، فاصرموا أمركم، فإنَّ الصريمة قوّة والاحتياط عجز.
فقال مالك بن نويرة: خرف شيخكم، فقال أكثم: ويل للشجي من الخلي أراكم سكوتاً وآفة الموعطة الأعراض عنها، ويلك يا مالك إنَّك هالك، إن؟
إذا قام رفع(15) القائم معه، وجعل الصرعى قياماً، فإيّاك أن تكون منهم، أمَّا إذ سبقتموني بأمركم فقرّبوا بعيري أركبه.
فدعا براحلته فركبها فتبعه بنوه وبنو أخيه فقال: لهفي على أمر إن أدركه ولم يسبقني وكتبت طيئ إلى أكثم وكانوا أخواله، وقال آخرون: كتبت بنو مرة وكانوا أخواله: أن أحدث إلينا ما نعيش به.
فكتب: أمَّا بعد فإنّي موصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم، فإنَّها ثبت أصلها ونبت فرعها، وأنهاكم عن معصية الله وقطيعة الرحم فإنَّها لا يثبت لها أصل ولا ينبت لها فرع وإيّاكم ونكاح الحمقاء فإنَّ مباضعتها قذر، وولدها ضياع.
وعليكم بالإبل فأكرموها، فإنَّها حصون العرب، ولا تضعوا رقابها إلاَّ في حقّها فإنَّ فيها مهر الكريمة ورقوء الدم، وبألبانها يتحف الكبير ويغذى الصغير ولو كلفت الإبل الطحن لطحنت، ولن يهلك امرء عرف قدره، والعدم عدم العقل والمرء الصالح لا يعدم المال، ورب رجل خير من مائة ورب فئة أحبُّ إليَّ من فئتين، ومن عتب على الزمان طالت معتبته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، آفة الرأي الهوى، والعادة أملك بالأدب، والحاجة مع المحبّة خير من الغنى مع البغضة والدنيا دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك، وإن قصرت في طلبه، وما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك، وسوء حمل الريبة تضع الشرف، والحسد داء ليس له دواء، والشماتة تعقب، ومن بر قوماً بر به، والندامة مع السفاهة(16)، ودعامة العقل الحلم، وجماع الأمر الصبر، وخير الأمور مغبة العفو، وأبقى المودة حسن التعاهد ومن يز رغباً يزدد حبّ(17).
وصيّة أكثم بن صيفي عند موته:
جمع أكثم بنيه عند موته فقال: يا بني! إنَّه قد أتى عليَّ دهر طويل وأنا مزوّدكم من نفسي قبل الممات، اُوصيكم (الله)(18) بتقوى الله، وصلة الرحم وعليكم بالبر فإنَّه ينمى عليه العدد، ولا يبيد عليه أصل ولا فرع(19) وأنهاكم عن معصية الله، وقطيعة الرحم، فإنَّه لا يثبت عليها أصل ولا ينبت عليها فرع كفوا ألسنتكم فإنَّ مقتل الرجل بين فكيه، إنَّ قول الحقّ لم يدع لي صديقاً.
اُنظروا أعناق الإبل فلا تضعوها إلاَّ في حقّها فإنَّ فيها مهر الكريمة، ورقوء الدم، وإيّاكم ونكاح الحمقاء، فإنَّ نكاحها قذر، وولد ضياع، الاقتصاد في السفر أبقى للجمام، من لم يأس على ما فاته أودع بدنه، من قنع بما هو فيه قرَّت عينه، التقدّم قبل الندم، أصبح عند رأس الأمر أحبُّ إليَّ من أن أصبح عند ذنبه(20).
لم يهلك من عرف قدره، العجز عند البلاء آفة المتحمّل(21)، لن يهلك من مالك ما وعظك، ويل لعالم أمن من جاهل، الوحشة ذهاب الأعلام، يتشابه الأمر إذا أقبل فإذا أدبر عرفه الكيس والأحمق، والبطر عند الرخاء حمق، وفي طلب المعالي يكون القرب(22)، لا تغضبوا من اليسير فإنَّه يجتني(23) الكثير، لا تجيبوا عمّا لا تسألوه ولا تضحكوا ممّا لا يضحك منه.
تباروا في الدنيا ولا تباغضوا، الحسد في القرب فإنَّه من يجتمع يتقعقع عمده لينفرد بعضهم(24) من بعض في المودة، لا تتكلّموا على القرابة فتقاطعوا، فإنَّ القريب من قرب نفسه، وعليكم بالمال فأصلحوه فإنَّه لا يصلح الأموال إلاَّ بإصلاحكم ولا يتكلنَّ أحدكم على مال أخيه يرى فيه قضاء حاجته، فإنَّه من فعل ذلك كان كالقابض على الماء، ومن استغنى كرم على أهله، وأكرموا الخيل، نعم لهو الحرة المغزل، وحيلة من لا حيلة له، الصبر.
وعاش فروة بن ثعلبة بن نفاية(25) السلولي مائة وثلاثين سنة في الجاهلية ثُمَّ أدرك الإسلام فأسلم.
وعاش مضاد بن حبابة بن مرارة من بني عمرو بن يربوع بن حنظلة بن زيد مناة أربعين ومائة سنة.
وعاش قس بن ساعدة ستمائة سنة وهو الذي يقول:
هل الغيث يعطي الأمر(26) عند نزوله بحال مسيء في الأمور ومحسن
ومن قد تولّى وهو قد فات ذاهب فهل ينفعني ليتني ولو أنَّني
وكذلك يقول لبيد:
وأخلف قسا ليتني ولو أنني وأعيا على لقمان حكم التدبر
وعاش الحارث بن كعب المذحجي ستّين ومائة سنة(27).
قَالَ الصَّدُوقُ رحمه الله: هَذِهِ الأخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي الْمُعَمَّرينَ قَدْ رَوَاهَا مُخَالِفُونَا أيْضاً مِنْ طَريقِ مُحَمَّدِ بْن السَّائِبِ الْكَلْبِيّ، وَمُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ بْن يَسَارٍ(28)، وَعَوَانَةَ بْن الْحَكَم، وَعِيسَى بْن يَزيدَ بْن رئَابٍ(29)، وَالْهَيْثَم بْن عَدِيٍّ الطَّائِيّ، وَقَدْ رُويَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (كُلَّمَا كَانَ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُهُ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، وَقَدْ صَحَّ هَذَا التَّعْمِيرُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ وَصَحَّتِ الْغَيْبَاتُ الْوَاقِعَةُ بِحُجَج اللهِ عليهم السلام فِيمَا مَضَى مِنَ الْقُرُون فَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى إِنْكَار الْقَائِم عليه السلام لِغَيْبَتِهِ وَطُولِ عُمُرهِ.
مع الأخبار الواردة فيه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وعن الأئمّة عليهم السلام وهي التي قد ذكرناها في هذا الكتاب بأسانيدها.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيُّ، عَنْ‏ مُوسَى بْن عِمْرَانَ النَّخَعِيّ، عَنْ عَمَّهِ الْحُسَيْن بْن يَزيدَ النَّوْفَلِيّ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كُلُّ مَا كَانَ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ فَإنَّهُ يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُهُ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)(30).
الهوامش:
(1) كمال الدين 2: 562 - 568.
(2) في المصدر: (بن) بدل (أبو).
(3) في المصدر إضافة: (لك).
(4) في المصدر: (الجرم) بدل (الحزم).
(5) في المصدر: (ليعلما) بدل (ليعلم).
(6) النساء: 100.
(7) في المصدر: (نزلت) بدل (تنزل).
(8) من المصدر.
(9) في المصدر: (فإنَّ الله لا يُحس فيتوهم ولا ينظر فيتجسم).
(10) في المصدر إضافة: (نبيّاً).
(11) في المصدر: (جشمتني) بدل (حتمتني).
(12) في المصدر: (وإذا أنكرتم منّي شيئاً فقوّموني بالحقّ).
(13) في المصدر: (فرآه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأخذ بمحاسن الأخلاق).
(14) في المصدر: (اقتدى) بدل (من أقتدي).
(15) في المصدر: (وقع)، راجع (بيان) المؤلّف.
(16) في المصدر: (واللومة مع السفاهة).
(17) كمال الدين 2: 570 - 574.
(18) لفظ الجلالة ليس في المصدر.
(19) في المصدر: (ولا يهتصر فرع).
(20) في المصدر: (من أصبح عند رأس الأمر، أحبُّ إليَّ ممن أصبح عند ذنبه).
(21) في المصدر: (التجمل) بدل (المتحمل).
(22) في المصدر: (العز) بدل (القرب).
(23) في المصدر: (يجنى) بدل (يجتني).
(24) في المصدر: (يتقرَّب بعضكم) بدل (لينفرد بعضهم).
(25) في المصدر: (نفاثة) بدل (نفاية).
(26) في المصدر: (الأمن) بدل (الأمر).
(27) كمال الدين 2: 574 و575.
(28) في المصدر: (بشار) بدل (يسار).
(29) في المصدر: (آب) بدل (رئاب).
(30) كمال الدين 2: 575 و576.
******************
الخصال: علي بن عبد الله الأسواري، عن مكّي بن أحمد قال: سمعت إسحاق ابن إبراهيم الطوسي يقول: وكان قد أتى عليه سبعة وتسعون سنة على باب يحيى بن منصور قال: رأيت سربايك ملك الهند في بلد تسمّى صوح فسألناه كم أتى عليك من السنين؟ قال: تسعمائة سنة وخمس وعشرون سنة وهو مسلم فزعم أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنفذ إليه عشرة من أصحابه منهم حذيفة بن يمان وعمرو بن العاص وأسامة بن زيد وأبو موسى الأشعري وصهيب الرومي وسفينة وغيرهم يدعونه إلى الإسلام فأجاب وأسلم وقبل كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، فقلت له: كيف تصلّي مع هذا الضعف؟ فقال لي: قال الله عزّ وجل: ((الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ...))(1) الآية، فقلت له: ما طعامك؟ فقال لي: آكل ماء اللحم والكرّاث، وسألت: هل يخرج منك شيء؟ فقال: في كلّ أسبوع مرّة شيء يسير، وسألته عن أسنانه فقال: أبدلتها عشرين مرّة.
ورأيت له في اسطبله شيئاً من الدواب أكبر من الفيل يقال له: زند فيل، فقلت له: ما تصنع بهذا؟ قال: يحمل ثياب الخدم إلى القصار، ومملكته مسيرة أربع سنين في مثلها، ومدينته طولها خمسون فرسخاً في مثلها، وعلى كلّ باب منها عسكر مائة ألف وعشرين ألفاً إذا وقع في أحد الأبواب حدث، خرجت تلك الفرقة إلى الحرب لا تستعين بغيرها، وهو في وسط المدينة وسمعته تقول: دخلت المغرب فبلغت إلى الرمل: رمل عالج، وصرت إلى قوم موسى عليه السلام فرأيت سطوح بيوتهم مستوية، وبيدر الطعام خارج القرية يأخذون منه القوت والباقي يتركونه هناك وقبورهم في دورهم، وبساتينهم من المدينة على فرسخين، ليس فيهم شيخ ولا شيخة ولم أرَ فيهم علّة ولا يعتلّون إلى أن يموتوا، ولهم أسواق إذا أراد الإنسان منهم شراء شيء صار إلى السوق فوزَّن لنفسه وأخذ ما يصيبه وصاحبه غير حاضر وإذا أرادوا الصلاة حضروا فصلّوا وانصرفوا لا يكون بينهم خصومة ولا كلام يكره إلاَّ ذكر الله عزّ وجل، والصلاة وذكر الموت.
قال الصدوق رحمه الله: إذا كان عند مخالفينا مثل هذه الحال لسربايك ملك الهند فينبغي أن لا يحيلوا مثل ذلك في حجّة الله من التعمير ولا قوّة إلاَّ بالله العليّ العظيم(2).
بيان: (وصبح ليل) عطف على الثواء، قوله: (يغاديه) أي يأتيه غدوة، قوله: (وليل بعد يسري) أي بعد ذلك الصبح يسير ليلاً، و(الشلو) بالكسر العضو، و(السلو) الصبر، وقال الجوهري: الهنيدة المائة من الإبل وغيرها، وقال أبو عبيدة: هي اسم لكلّ مائة وأنشد:
ونصر بن دهمان الهنيدة عاشها وتسعين عاماً ثُمَّ قوم فانصات(3)
وقال في الصاد والتاء: وقد انصات الرجل إذا استوت قامته بعد الانحناء ثُمَّ ذكر هذا البيت والذي بعده(4)، وقال: شرخ الشباب أوّله(5).
قوله: (رهين شيء) أي كلّ شيء احتاج إليه وفي بعض النسخ بالسين المهملة وهو اللبن يكون في أطراف الاخلاف قبل نزول الدرة.
و(لدة الرجل) تربه والجمع لدات، و(السبات) بالضم النوم والراحة، قوله: (حتَّى تخط له قبراً) لعلَّه إشارة إلى إدراك ما قبل الجاهلية، و(الكهب) الجاموس المسن، و(الكهبة) بالضم بياض علته كدورة أو الدهمة أو غبرة مشربة سواداً.
و(ثاب الرجل) يثوب ثوباً رجع بعد ذهابه أي نفعت مولى حتَّى يعود إلي نفعه وجزاؤه، و(البث) الحزن، و(الكبر) كعنب الشيخوخة أو هو كصرد جمع الكبرى أي المصائب الكبر، و(يوم مهران ويوم تستر) إشارتان إلى غزوتان مشهورتان في الإسلام كانتا في زمن عمر، و(قدني) أي حسبي، (أن أبيد) أي أهلك وفي بعض النسخ: (وقد لي) أي وقد حان لي(6).
وقال الجوهري: و(لبد) آخر نسور لقمان هو الذي بعثته عاد في وفدها إلى الحرم يستسقي لها فلمَّا اهلكوا خُيَّر لقمان بين بقاء سبع بقرات(7) سمر من أظب عفر، في جبل وعر، لا يمسها القطر، وبين بقاء سبعة أنسر كلّما هلك نسر خلف بعده نسر، فاختار النسور فكان آخر نسوره يسمّى لبداً.
وقال: (مزيقياء) لقب عمرو بن عامر ملك من ملوك اليمن زعموا أنَّه كان يلبس كلّ يوم حلتين فيمزقهما بالعشي ويكره أن يعود فيهما ويأنف أن يلبسهما أحد غيره(8).
وقال: جاء فلان يهادي بين اثنين إذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من ضعفه وتمايله(9).
و(إخماد النار) كناية عن خمول الذكر أو ذهاب البركة، قوله: (فإنَّكم لا تلاموا) الحاصل أنَّكم إن بذلتم على قدر وسعكم فسيعذركم الناس ولا يلومونكم ويبقى لكم قوّة على البذل بعد ذلك، وذلك خير من أن تسرفوا وتبذلوا جميع ما في أيديكم وتحتاجوا إليه ويعانوكم، (بالمعذرة) أي بقليل يعتذرون إليكم في ذلك، أو مع كونكم معذورين في السؤال لاضطراركم، وفي بعض النسخ: (من أن تضاموا) أي من أن يظلموكم بأن يعتذروا إليكم مع قدرتهم على البذل وعلى التقادير الأظهر (فإنَّكم إن تلاموا).
(ولا تجشموا) أي لا تكلفوا، (أهل الدناءة) أي البخلاء والذين لم ينشأوا في الخير، (فتقصروا بها) أي تجعلوهم مقصّرين عاجزين عمّا طلبتم منهم والضمير راجع إلى أهل الدناءة بتأويل الجماعة، قوله: (فتبوروا) أي فتهلكوا، و(الازدراء) التحقير، وقوله: (ذكاء قلبه) تفسير للأصغرين، و(التبسّل) إظهار البسالة وهي الشجاعة وفي بعض النسخ: (وتبتلوا) والتبتّل الانقطاع عن الدنيا إلى الله، وقوله: (تسم إليكم الأبصار) من قولهم: سما بصره أي علا، و(القارب) السفينة الصغيرة، و(الشاهور) لعلَّه لغة في الشهر، و(العرمرم) الجيش الكثير.
قوله: (وللدهر أمر مرّة) أي قد يجعل الرجل أميراً وقد يجعله متهجّماً عليه أو للدهر أمور غريبة وتهجّمات والأظهر أنَّه بالكسر بمعنى الشدّة والأمر العجيب، قوله: (ينجم) بضم الجيم أي يطلع ويظهر، قوله: (ويسمو به السم) السم بالضم والكسر الاسم أي يعلو به اسم الله وكلمة التوحيد.
وقوله: (ثمان...) إلى آخر البيت، لعلَّه إشارة إلى الطوائف التي يقتلهم القائم عليه السلام أو يطيعونه، وقوله: (ومن بعد هذا كر تسعون) إشارة إلى من يعود في الرجعة، قوله: (أن يفرقها الدم) لعلَّ المعنى أنَّ كلّها يصرف في الجهاد أو أن دم القتلى حولها يهدمها إمَّا حقيقةً أو مجازاً.
وقال الجوهري: الداحس اسم فرس مشهور لقيس بن زهير بن جذيمة العبسي ومنه حرب داحس، وذلك أنَّ قيساً وحذيفة بن بدر تراهنا على خطر عشرين بعيراً وجعلا الغاية مائة غلوة والمضمار أربعين ليلة والمجرى من ذات الآصاد(10) فأجرى قيس داحساً والغبراء، وأجرى حذيفة الخطار والحنفاء، فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة(11) كميناً على الطريق فردّوا الغبراء ولطموها، وكانت سابقة، فهاجت الحرب بين عبس وذبيان أربعين سنة(12).
قوله: (على العلات) أي على كلّ حال، و(الردء) الفاسد وبنو حام: السودان شبهت الجزر في عظمها وعظم سنامها بجبال صغار عليها بنو حام قعوداً، وأروى اُمّ عثمان وكان الوليد أخاه لاُمّه.
قوله: (واقرع الأرض بالعصا) أي نبّه الغافل بأدنى تنبيه ليعقل، ولا تؤذه ولا تفضحه، قال الجوهري قال الشاعر:
وزعمت أنّا لا حلوم لن(13) إنَّ العصا قرعت لذي الحلم
أي إنَّ الحليم إذا نبّه انتبه وأصله أنَّ حكماً من حكّام العرب، عاش حتَّى اهتر فقال لابنته: إذا أنكرت شيئاً من فهمي عند الحكم فاقرعي لي المجن بالعصا لأرتدع، قال المتلمّس: لذي الحلم... البيت(14). انتهى، وعلى ما ذكره يحتمل المراد تنبيهه عند الغفلة.
قوله: (فإنَّ من يسمع يخل) هو من الخيال أي إذا أحضرتم سفيهاً فهو يتكلّم على سفاهته، وكلّ من يسمع منه، يقع في خياله شيء ويؤثّر فيه.
وقال الزمخشري في مستقصى الأمثال: (من يسمع يخل) أي يظن ويتّهم بقوله إذا بلغ شيئاً عن رجل فاتهمه، وقيل: إنَّ من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه المكروه عليهم أي إنَّ المجانبة للناس أسلم ومفعولاً (يخل) محذوفان(15). انتهى.
و(الصريمة) العزيمة في الشيء، و(الصرم) القطع، و(الخلي) الخالي من الهم والحزن خلاف الشجي والمثل معروف والمعنى أنّي في هم عظيم لهذا الأمر الذي أدعوكم إليه وأنتم فارغون غافلون فويل لي منكم.
قوله: (وقع القائم معه)(16) أي يصير العزيز بعد ظهور الحقّ ذليلاً والذليل عزيزاً لأنَّ الحقّ يظهر عند غلبة الباطل وأهله، قوله: (أن أدركه) بالفتح أي أن أتلهف على إدراك هذا الأمر فإنّي آئس منه، أو بالكسر فيكون الجزاء محذوفاً أي على أمر إن أدركته فزت أو لهفي عليكم إن أدركته وفات عنكم.
قوله: (والعادة أملك بالأدب) أي الآداب الحسنة إنَّما تملك باعتيادها لتصير ملكة، أو متابعة عادات القوم وما هو معروف بينهم أملك بالآداب والأوّل أظهر. قوله: (ورقوء الدم) قال الجزري: فيه (لا تسبّوا الإبل فإنَّ فيها رقوء الدم) يقال: رقا الدمع والدم والعرق يرقأ رقوءً بالضم إذا سكن وانقطع، والاسم الرفوء بالفتح أي إنَّها تعطى في الديات بدلاً من القود ويسكن بها الدم(17).
قوله: (التقدّم قبل الندم) أي ينبغي أن يتقدَّم في الأمور قبل أن يفوت ولا يبقى إلاَّ الندم، قوله: (الوحشة ذهاب الأعلام) أي إنَّما يكون الوحشة في الطرق عند ذهاب الأعلام المنصوبة فيها، فكذا الوحشة بين الناس إنَّما يكون بذهاب العلماء والهداة الذين هم أعلام طرق الحقّ.
قوله: (يكون القرب) أي من الناس أو من الله، وقال الجوهري: (تقعقعت عمدهم) أي ارتحلوا وفي المثل: (من يجتمع يتقعقع عمده) كما يقال: إذا تمّ أمردنا نقصه(18).
غوالي اللئالي: بِالإسْنَادِ إِلَى أحْمَدَ بْن فَهْدٍ، عَنْ بَهَاءِ الدَّين عَلِيّ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَحْيَى بْن النَّجْل الْكُوفِيّ، عَنْ صَالِح بْن عَبْدِ اللهِ الْيَمَنِيّ كَانَ قَدِمَ الْكُوفَةَ، قَالَ يَحْيَى: وَرَأيْتُهُ بِهَا سَنَةَ أرْبَع وَثَلاَثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، عَنْ أبِيهِ عَبْدِ اللهِ الْيَمَنِيّ وَإِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُعَمَّرينَ وَأدْرَكَ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ وَإِنَّهُ رَوَى عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (حُبُّ الدُّنْيَا رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ، وَرَأسُ الْعِبَادَةِ حُسْنُ الظَّنَّ بِاللهِ)(19).
غوالي اللئالي: حَدَّثَنِي الْمَوْلَى الْعَالِمُ الْوَاعِظُ عَبْدُ اللهِ بْنُ فَتْح اللهِ بْن عَبْدِ الْمَلِكِ(20)، عَنْ تَاج الدَّين حَسَن السرايشنوي(21)، عَن الشَّيْخ جَمَالِ الدَّين حَسَن بْن يُوسُفَ بْن الْمُطَهَّر، قَالَ: رُوَّيتُ عَنْ مَوْلاَنَا شَرَفِ الدَّين إِسْحَاقَ بْن مَحْمُودٍ الْيَمَانِيّ الْقَاضِي بِقُمَّ، عَنْ خَالِهِ مَوْلاَنَا عِمَادِ الدَّين مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن فَتْحَانَ الْقُمَّيّ، عَن الشَّيْخ صَدْر الدَّين السَّاوي، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الشَّيْخ بَابَارَتَنَ وَقَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر فَرَفَعَهُمَا عَنْ عَيْنَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: تَرَى عَيْني هَاتَيْن، طَالَ مَا نَظَرَتَا إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَقَدْ رَأيْتُهُ يَوْمَ حَفْر الْخَنْدَقِ وَكَانَ يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرهِ التُّرَابَ مَعَ النَّاس، وَسَمِعْتُهُ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ فِي ذَلِكَ الْيَوْم: (اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ عِيشَةً هَنِيئَةً وَمِيتَةً سَويَّةً وَمَرَدّاً غَيْرَ مُخْزٍ وَلاَ فَاضِح)(22).
أقول: وروى السيّد علي بن عبد الحميد في كتاب الأنوار المضيئة(23) قال: روى الجدّ السعيد عبد الحميد يرفعه إلى الرئيس أبي الحسن الكاتب البصري وكان من الأدباء(24) قال: في سنة اثنين وتسعين وثلاثمائة أسنت البر سنين عدّة وبعثت السماء درّها في(25) أكناف البصرة، فتسامع العرب بذلك فوردوها من الأقطار البعيدة(26) على اختلاف لغاتهم(27)، فخرجت مع جماعة(28) نتصفّح أحوالهم ونلتمسنَّ فائدة ربما وجدناها عند أحدهم، فارتفع لنا بيت عال فقصدناه فوجدنا في كسره شيخاً جالساً قد سقط حاجباه على عينيه كبراً وحوله جماعة من عبيده وأصحابه فسلّمنا عليه فردَّ التحية وأحسن التلقية، فقال له رجل منّا: هذا السيّد وأشار إليَّ هو الناظر في معاملة الدرب وهو من الفصحاء وأولاد العرب وكذلك الجماعة ما منهم إلاَّ من ينسب إلى قبيلة ويختصّ بسداد وفصاحة، وقد خرج وخرجنا معه حين وردتم نلتمس الفائدة المستطرفة من أحدكم وحين شاهدناك رجونا ما نبغيه عندك لعلوّ سنك.
فقال الشيخ: والله يا بني أخي حيّاكم الله إنَّ الدنيا شغلتنا عمّا تبغونه منّي، فإن أردتم الفائدة فاطلبوها عند أبي، وهابيته، وأشار إلى خباء كبير بإزائه(29) فقصدنا البيت فوجدنا فيه شيخاً متضجعاً وحوله من الخدم والأمر أو في مما شاهدناه أوّل(30) فسلّمنا عليه وأخبرناه بخبر ابنه فقال: يا بني أخي حيّاكم الله إنَّ الذي شغل ابني عمّا التمستموه منه هو الذي شغلني عمّا هذه سبيله ولكن الفائدة تجدونها عند والدي وها هو بيته، وأشار إلى بيت منيف(31)، فقلنا فيما بيننا: حسبنا من الفوائد مشاهدة والد هذا الشيخ الفاني فإن كانت منه فائدة فهي ربح لم نحتسب(32).
فقصدنا ذلك الخباء فوجدنا حوله عدداً كثيراً من الإماء والعبيد فحين رأونا تسرعوا إلينا وبدؤا بالسلام علينا وقالوا: ما تبغون حيّاكم الله؟ فقلنا: نبغي السلام على سيّدكم وطلب الفائدة من عنده(33)، فقالوا: الفوائد كلّها عند سيدنا ودخل منهم من يستأذن ثُمَّ خرج بالإذن لنا، فدخلنا فإذا سرير في صدر البيت وعليه مخاد من جانبيه، ووسادة في أوّله، وعلى الوسادة رأس شيخ قد بلي وطار شعره(34)، فجهرنا بالسلام فأحسن الردّ وقال قائلنا مثل ما قال لولده، وأعلمناه أنَّه أرشدن(35) إليك وبشّرنا بالفائدة منك.
الهوامش:
(1) آل عمران: 191.
(2) لم نعثر عليه في الخصال.
(3) الصحاح 2: 557.
(4) الصحاح 1: 257 و258.
(5) الصحاح 1: 424.
(6) لكن على هذه النسخة لا يستقيم وزن الشعر وقد أضفنا إليه ما كان يحتمل نقصانه.
(7) الصحاح 2: 534، وفيه: (بعرات) بدل (بقرات)، قيل: وهو الصحيح.
(8) الصحاح 3: 1555.
(9) الصحاح 4: 2534.
(10) في المصدر: (الإصاد) بدل (الآصاد).
(11) عبارة: (رهط حذيفة) ليست في المصدر.
(12) الصحاح 2: 927.
(13) عبارة: (وزعمت أنّا لا حلوم لنا) ليست في المصدر.
(14) الصحاح 3: 1261.
(15) المستقصى في الأمثال 2: 362.
(16) هذا على نسخة المصنّف رحمه الله، ولا يخفى عدم المناسبة بين اللفظ والمعنى والصحيح ما أثبتناه في المتن: (رفع القائم معه) طبقاً للمصدر المطبوع، والمعنى: أنَّ الحقّ إذا قام رفع من قام معه وأعلاه واستنهض الصرعى حتَّى يجعلهم قياماً، والمحصّل أنَّه إذا قام الحقّ صير القاعد قائماً والقائم مترفّعاً.
(17) النهاية 2: 248.
(18) الصحاح 3: 1269.
(19) غوالي اللئالي 1: 27/ فصل 3/ ح 9.
(20) في المصدر إضافة: (شرف الدين علي، عن أبيه).
(21) في المصدر: (السرابشنوي).
(22) غوالي اللئالي 2: 28/ فصل 3/ ح 10، وفيه: (مخز ولا فاضح) بدل (محزو لا فاضح).
(23) لم نعثر على كتاب الأنوار المضيئة هذا، وخرَّجنا الحديث وفقاً لمنتخب الأنوار المضيئة.
(24) في المصدر: (الأسداء) بدل (الأدباء).
(25) في المصدر: (وخص الحيا) بدل (في).
(26) في المصدر إضافة: (والبلاد الشاسعة).
(27) في المصدر إضافة: (وتبائن فطرتهم).
(28) في المصدر إضافة: (من الكتاب ووجوه التجار).
(29) في المصدر إضافة: (فقلنا: النظر إلى مثل والد هذا الشيخ الهم فائدة نتعنجل).
(30) في المصدر إضافة: (ورأينا عليه آثار السن ما يجوز أن يكون والد ذلك الشيخ فدنونا منه).
(31) في المصدر إضافة: (بنحوه منه).
(32) في المصدر: (يحتسب).
(33) في المصدر إضافة: (ببركتكم).
(34) في المصدر إضافة: (والإزار على المخاد التي من جانبي السرير ليستره ولا يثقل منه عليه).
(35) في المصدر إضافة: (إلى أبيه فحججنا بما احتجَّ وإنَّ أباه أرشدنا).
******************
ففتح الشيخ عينين قد غارتا في اُمّ رأسه وقال للخدم: أجلسوني(1)، ثُمَّ قَالَ لَنَا: يَا بَنِي أخِي لاَحَدَّثَنَّكُمْ بِخَبَرٍ تَحْفَظُونَهُ عَنّي(2)، كَانَ وَالِدِي لاَ يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ وَيُحِبُّ أنْ تَكُونَ لَهُ عَاقِبَةٌ، فَوُلِدْتُ لَهُ عَلَى كِبَرٍ، فَفَرحَ بِي وَابْتَهَجَ بِمَوْردِي ثُمَّ قَضَى وَلِي‏ سَبْعُ سِنِينَ فَكَفَلَنِي عَمَّي بَعْدَهُ وَكَانَ مِثْلَهُ فِي الْحَذَر عَلَيَّ فَدَخَلَ بِي يَوْماً عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ هَذَا ابْنُ أخِي وَقَدْ مَضَى أبُوهُ لِسَبِيلِهِ وَأنَا كَفِيلٌ بِتَرْبيَتِهِ وَإِنَّنِي أنْفَسُ بِهِ عَلَى الْمَوْتِ فَعَلّمْنِي عُوذَةً اُعَوَّذُهُ بِهَا لِيَسْلَمَ بِبَرَكَتِهَا، فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أيْنَ أنْتَ عَنْ ذَاتِ الْقَلاَقِل؟)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَمَا ذَاتُ الْقَلاَقِل؟ قَالَ: (أنْ تُعَوَّذَهُ فَتَقْرَأ عَلَيْهِ سُورَةَ الْجَحْدِ، وَسُورَةَ الإخْلاَص، وَسُورَةَ الْفَلَقِ، وَسُورَةَ النَّاس)، وَأنَا إِلَى الْيَوْم أتَعَوَّذُ بِهَا كُلَّ غَدَاةٍ فَمَا اُصِبْتُ وَلاَ اُصِيبَ لِي مَالٌ وَلاَ مَرضْتُ وَلاَ افْتَقَرْتُ وَقَدِ انْتَهَى بِيَ السَّنُّ إِلَى مَا تَرَوْنَ فَحَافِظُوا عَلَيْهَا وَاسْتَكْثِرُوا مِنَ التَّعَوُّذِ بِهَا، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ(3). انْتَهَى.
مجالس الشيخ: عن المفيد، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور قال: حدّثني أبو بكر المفيد الجرجرائي في شهر رمضان سنة ست وسبعين وثلاثمائة قال: اجتمعت مع أبي عمرو عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن العوام بمصر في سنة ست عشر وثلاثمائة وقد ازدحم الناس عليه حتَّى رقي به إلى سطح دار كبيرة كان فيها ومضيت إلى مكّة ولم أزل أتبعه إلى مكّة إلى أن كتبت عنه خمسة عشر حديثاً، وذكر أنَّه ولد في خلافة أبي بكر عتيق بن أبي قحافة وأنَّه لمَّا كان في زمن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام خرجت ووالدي معي اُريد لقاءه فلمَّا صرنا قريباً من الكوفة أو الأرض التي كان بها عطشنا عطشاً شديداً في طريقنا وأشرفنا على التلف وكان والدي شيخاً كبيراً فقلت له: اجلس حتَّى أدور الصحراء أو البرية فلعلّي أقدر على ماء أو من يدلّني عليه أو ماء مطر.
فقصدت أطلب ذلك فلم ألبث عنه غير بعيد إذ لاح لي ماء فصرت إليه فإذا أنا ببئر شبه الركية أو الوادي فنزعت ثيباي واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتَّى رويت وقلت: أمضي وأجيء بأبي فإنَّه قريب منّي فجئت إليه فقلت: قم فقد فرَّج الله عزّ وجل عنّا وهذه عين ماء قريب منّا فقام فلم نرَ شيئاً ولم نقف على الماء وجلس وجلست معه ولم يضطرب إلى أن مات واجتهدت إلى أن واريته وجئت إلى مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولقيته وهو خارج إلى صفين وقد اُخرجت له البغلة فجئت وأمسكت له الركاب فالتفت إليَّ فانكببت اُقبل الركاب فشجَّني في وجهي شجّة.
قال أبو بكر المفيد: ورأيت الشجّة في وجهه واضحة. ثُمَّ سألني عن خبري فأخبرته بقصّتي وقصّة والدي وقصّة العين فقال: (عين لم يشرب منها أحد إلاَّ وعمَّر عمراً طويلاً فأبشر فإنَّك تعمَّر وما كنت لتجدها بعد شربك منها)، وسمّاني بالمعتمّر.
قال أبو بكر المفيد: فحدَّثنا عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالأحاديث وجمعتها ولم تجتمع لغيري منه وكان معه جماعة مشايخ من بلده وهي طنجة.
فسألتهم عنه فذكروا أنَّهم من بلده وأنَّهم يعرفونه بطول العمر وآباؤهم وأجدادهم بمثل ذلك واجتماعه مع مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأنَّه توفي في سنة سبع عشر وثلاثمائة(4).
أقول: روى الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد هذا الخبر بطوله مع الأخبار التي رواها أبو الدنيا عن الشريف طاهر بن موسى الحسيني، عن ميمون بن حمزة الحسيني، عن المعمّر المغربي، وعن أسد بن إبراهيم السلمي والحسين بن محمّد الصيرفي البغدادي معاً، عن أبي بكر محمّد بن محمّد المعروف بالمفيد الجرجرائي، عن عليّ بن عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن عوام البلوي من مدينة بالمغرب يقال لها: مزيده. يعرف بأبي الدنيا الأشجّ المعتمّر إلى آخر ما مرَّ من قصصه وما أوردناه من رواياته في كتاب الفتن وغيره.
ثُمَّ ذكر رحمه الله قصَّة رجل آخر يعرف بالمعمّر المشرقي وقال: هو رجل مقيم ببلاد العجم من أرض الجبل يذكر أنَّه رأى أمير المؤمنين عليه السلام ويعرفه الناس بذلك على مرَّ السنين والأعوام ويقول: إنَّه لحقه مثل ما لحق المغربي من الشجّة في وجهه وأنَّه صحب أمير المؤمنين عليه السلام وخدمه.
وحدَّثني جماعة مختلفو المذاهب بحديثه وأنَّهم رأوه وسمعوا كلامه منهم أبو العبّاس أحمد بن نوح بن محمّد الحنبلي الشافعي حدَّثني بمدينة الرملة في سنة إحدى عشرة وأربعمائة قال: كنت متوجّهاً إلى العراق للتفقّه فعبرت بمدينة يقال لها: سهرورد من أعمال الجبل قريبة من زنجان وذلك في سنة خمسين وأربعمائة(5) فقيل لي: إنَّ هنا شيخاً يزعم أنَّه لقي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فلو صرت إليه(6) لكان ذلك فائدة عظيمة، قال: فدخلنا عليه فإذا هو في بيته لعمل(7) النوار وإذا هو شيخ نحيف الجسم مدوّر اللحية كبيرها وله ولد صغير ولد له منذ سنة.
فقيل له: إنَّ هؤلاء قوم من أهل العلم متوجّهون إلى العراق يحبّون أن يسمعوا من الشيخ ما قد لقي من أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: نعم، كان السبب في لقائي له أنّي كنت قائماً في موضع من المواضع فإذا بفارس مجتاز فرفعت رأسي فجعل الفارس يمرُّ يده على رأسي ويدعو لي فلمَّا أن عبر أخبرت بأنَّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام فهرولت حتَّى لحقته وصاحبته.
وذكر أنَّه كان معه في تكريت وموضع من العراق يقال له: تل فلان بعد ذلك وكان بين يديه يخدمه إلى أن قبض عليه السلام فخدم أولاده.
قال لي أحمد بن نوح: رأيت جماعة من أهل البلد ذكروا ذلك عنه وقالوا: إنّا سمعنا آباءنا يخبرون عن أجدادنا بحال هذا الرجل وأنَّه على هذه الصفة وكان قد مضى فأقام بالأهواز ثُمَّ انتقل عنها لأذية الديلم له وهو مقيم بسهرورد.
وحدَّثني أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن(8) القمي رحمه الله أنَّ جماعة كانوا حدَّثوه بأنهم رأوا هذا المعمر وشاهدوه وسمعوا ذلك عنه، وحدّثني بحديثه أيضاً قوم من أهل سهرورد ووصفوا لي صفته وقالوا: هو يعمل الزنانير(9).
قال السيد المرتضى قدَّس الله روحه في كتاب الغرر والدرر: أحد المعمّرين الحارث بن كعب بن عمرو بن وعلة بن خالد(10) بن مالك بن أدد المذحجي ومذحج هي اُمّ مالك بن أدر نسب ولده مالك إليها وإنَّما سمّيت مذحج لأنَّها ولدت على أكمة تسمّى مذحجاً وهي مدلة بنت ذي مهجشان(11)، قال أبو حاتم السجستاني: جمع الحارث ابن كعب بنيه لمَّا حضرته الوفاة، فقال: يا بني قد أتت عليَّ ستون ومائة سنة ما صافحت يميني يمين غادر، ولا قنعت نفسي بخلة فاجر، ولا صبوت بابنة عمّ ولا كنة، ولا طرحت عندي مومسة قناعها، ولا بحت لصديق بسر، وإنّي لعلى دين شعيب النبيّ عليه السلام وما عليه أحد من العرب غيري وغير أسد بن خزيمة وتميم بن مرّ(12) فاحفظوا وصيتي وموتوا على شريعتي إلهكم فاتقوه يكفكم المهمّ من أموركم ويصلح لكم أعمالكم وإيّاكم ومعصيته لا يحل بكم الدمار وبوحش منكم الديار.
يا بني كونوا جميعاً ولا تتفرّقوا فتكونوا شِيَعاً، وإنَّ موتاً في عزّ خير من حياة في ذلّ وعجز، وكل ما هو كائن كائن وكل جميع إلى تباين، الدهر ضربان فضرب رخاء وضرب بلاء، واليوم يومان فيوم حبرة ويوم عبرة، والناس رجلان فرجل لك ورجل عليك. تزوّجو(13) الأكفّاء وليستعملنَّ في طيبهنَّ الماء وتجنبوا الحمقاء فإنَّ ولدها إلى أفن ما يكون، ألا إنَّه لا راحة لقاطع القرابة وإذا اختلف القوم أمكنوا عدوّهم منهم، وآفة العدد اختلاف الكلمة، والتفضّل(14) بالحسنة يقي السيئة، والمكافا بالسيئة الدخول فيها، والعمل السوء يزيلل النعماء، وقطيعة الرحم تورث الهمّ، وانتهاك الحرمة يزيل النعمة، وعقوق الوالدين يعقب النكد، ويمحق العدد، ويخرب البلد، والنصيحة تجر الفضيحة، والحقد يمنع الوفد، ولزوم الخطيئة يعقب البلية، وسوء الرعة يقطع أسباب المنفعة والضغائن تدعو إلى التباين. ثُمَّ أنشأ يقول:
أكلت شبابي فأفنيته وأنضيت بعد دهور دهور(15)
ثلاثة أهلين صاحبتهم فبادوا وأصبحت شيخاً كبيرا
قليل الطعام عسير القيام قد ترك الدهر خطوي قصيرا
أبيت أراعي نجوم السماء اُقلّب أمري بطوناً ظهورا
قوله: (ولا صبوت بابنة عمّ ولا كنة) الصبوة رقة الحبّ والكنة امرأة ابن الرجل وامرأة أخيه فأمَّا المومسة فهي الفاجرة البغي أراد بقوله: (إنَّها لم تطرح عنده قناعها) أي لم تبتذل عندي(16) وتنبسط، كما تفعل مع من يريد الفجور بها، وقوله: (فيوم حبرة ويوم عبرة) فالحبرة الفرح والسرور والعبرة تكون من ضدّ ذلك لأنَّ العبرة لا تكون إلاَّ من أمر محزن مولم، فأمَّا (الأفن) فهو الحمق يقال: رجل أفين إذا كان أحمق، ومن أمثالهم وجدان الرقين يغطي على أفن الأفين أي وجدان الماء يغطي على حمق الأحمق وواحد الرقين رقة وهي الفضّة.
فأمَّا قوله: (النصيحة تجر الفضيحة)، فيشبه أن يكون معناه أنَّ النصيح إذا نصح من لا يقبل النصيحة، ولا يصغي إلى موعظته فقد افتضح عنده لأنَّه أفضى إليه بسرّه، وباح بمكنون صدره.
فأمَّا سوء الرعة فإنَّه يقال: فلان حسن الرعة والتورّع أي حسن الطريقة.
ومن المعمّرين المستوغر وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر وإنَّما سمّي المستوغر لبيت قاله وهو:
ينش الماء في الربلات منها نشيش الرضف في اللبن الوغير
(الربلات) واحدتها ربلة(17)، وربلة بفتح الباء وإسكانها هي (كلّ) لحمة غليظة، هكذا ذكر ابن دريد، و(الرضف) الحجارة المحماة وفي الحديث: (كأنَّه على الرضف)، و(اللبن الوغير) لبن تلقى(18) فيه حجارة محماة ثُمَّ يشرب اُخذ من وغرة(19) الظهيرة وهي أشدّ ما يكون من الحرّ ومنه وغر صدر فلان يوغر وغراً إذا التهب من غضب(20) أو حقد.
وقال أصحاب الأنساب: عاش المستوغر ثلاثمائة سنة وعشرين سنة وأدرك الإسلام أو كاد يدرك أوّله وقال ابن سلام: كان المستوغر قديماً وبقي بقاءً طويلاً حتَّى قال:
ولقد سئمت من الحياة وطوله وعمّرت من عدد السنين مئينا
مائة أتت من بعدها مائتان لي وازددت من عدد الشهور سنينا
هل م(21) بقي إلاَّ كما قد فاتنا يوم يكر وليلة تحدونا
وهو القائل:
إذا ما المرء صم فلم يكلم وأودى سمعه إلاَّ ندايا
ولاعب بالعشي بني بنيه كفعل الهر يحترش العظايا
يلاعبهم وودوا لو سقوه من الذيفان مترعة ملايا
فلا ذاق النعيم ولا شرابا ولا يشفى من المرض الشفايا
أراد بقوله: (صم فلم يكلم) أي لم يسمع ما يكلم به، فاحتصر ويجوز أن يريد أنَّه لم يكلم لليأس(22) من استماعه فأعرض عن خطابه لذلك، وقوله: (وأودى سمعه إلاَّ ندايا) إنَّما أراد أنَّ سمعه هلك إلاَّ أنَّه يسمع الصوت العالي الذي ينادى به، وقوله: (ولاعب بالعشي بني بنيه) فإنَّه مبالغة في وصفه بالهرم والخرف، وأنَّه قد انتهى إلى ملاعبة الصبيان واُنسهم به ويشبه أن يكون خصَّ العشي بذلك لأنَّه وقت رواح الصبيان إلى بيوتهم واستقرارهم فيها.
وقوله: (يحترش العظايا) أي يصيدها والاحتراض أن يقصد الرجل إلى جحر الضب فيضربه بكفه ليحسبه الضب أفعى فيخرج إليه فيأخذه يقال: حرشت الضب واحترشته، ومن أمثالهم: هذا أجل من الحرش، يضرب هذا لأمر يستعظم ويتكلّم بذلك على لسان الضب.
قال ابن دريد: قال الضب لابنه: اتق الحرش، قال: وما الحرش؟ قال: إذا سمعت حركة بباب الجحر فلا تخرج، فسمع يوماً وقع المحفار فقال: يا أبه أهذا الحرش؟ فقال: هذا أجلُّ من الحرش، فجعل مثلاً للرجل إذا سمع الشيء الذي هو أشدّ ممّا كان يتوقّعه.
و(الذيفان) السمّ، و(العظايا) جمع عظاية وهي دويبة معروفة(23).
وأحد المعمّرين دويد بن زيد بن نهد بن زيد بن ليث بن سود(24) بن أسلم _ بضمّ اللام _ بن ألحاف(25) بن قضاعة بن مالك بن مرة بن مالك بن حمير.
قال أبو حاتم: عاش دويد بن زيد أربعمائة سنة وستاً وخمسين سنة، وقال ابن دريد: لمَّا حضرت دويد بن زيد الوفاة وكان من المعمّرين قال: ولا تعد العرب معمّراً إلاَّ من عاش مائة وعشرين سنة فصاعداً، قال لبنيه: اُوصيكم بالناس شرّاً، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقبلوا لهم عثرة، قصّروا الأعنة، وطوّلوا الأسنة واطعنوا شزراً واضربوا هبراً، وإذا أردتم المحاجزة فقبل المناجزة، والمرء يعجز لا المحالة، بالجدّ لا بالكد، التجلد ولا التبلد، المنية ولا الدنية، ولا تأسوا على فائت وإن عزَّ فقده، ولا تحنوا إلى ظاعن وإن ألف قربه، ولا تطعموا فتطبعوا ولا تهنوا فتخرعوا ولا يكن لكم المثل السوء إنَّ الموصين بنو سهوات إذا مت فارحبوا خط مضجعز ولا تضنوا عليَّ برحب الأرض وما ذاك بمؤد إليَّ روحاً ولكن راحة(26) نفس خامرها الاشفاق ثُمَّ مات.
الهوامش:
(1) في المصدر إضافة: (وتفيدون منه).
(2) في المصدر إضافة: (فلم تزل أيديهم تتهاداه بلطف إلى أن جلس وستر بالإزار التي طرحت على المخاد).
(3) منتخب الأنوار المضيئة: 99 - 101.
(4) لم نعثر على مظانّه من أمالي الطوسي.
(5) في المصدر: (ثلاثمائة) بدل (أربعمائة).
(6) في المصدر إضافة: (ورأيته).
(7) في المصدر: (يعمل).
(8) كلمة: (بن) ليست في المصدر.
(9) كنز الفوائد 2: 154.
(10) في المصدر: (جلد) بدل (خالد).
(11) في المصدر: (تسمّى مذحجاً واسمها مدلّة بنت ذي هميجشان).
(12) في المصدر: (أحيد بن خزيمة وتميم بن مرّة).
(13) في المصدر: (وزوجوا) بدل (تزوَّجوا).
(14) في المصدر: (التفضيل).
(15) في المصدر: (وأفنيت من بعد دهري دهوراً).
(16) في المصدر: (عنده).
(17) في المصدر إضافة: (بفتح).
(18) في المصدر: (يلقى).
(19) في المصدر: (غيرة) بدل (غرة).
(20) في المصدر: (غيظ) بدل (غضب).
(21) في المصدر: (قد) بدل (ما).
(22) في المصدر: (الناس) بدل (لليأس).
(23) دويبة ملساء تعدو وتردد كثيراً تشبه سام أبرص وتسمّى شحمة الأرض وشحمة الرمل، وهي أنواع كثيرة وكلّها منقطة بالسواد ومن طبعها أنَّها تمشي مشياً سريعاً ثُمَّ تقف.
(24) في المصدر: (أسود) بدل (سود).
(25) في المصدر: (الخفاف) بدل (ألحاف).
(26) في المصدر: (حاجة) بدل (راحة).
******************
وقد روي أنَّ الربيع أدرك أيّام معاوية، ويقال: إنَّ الربيع لمَّا بلغ مأتي سنة قال:
ألا بلغ بني بني ربيع فأشرار البنين لكم فداء
بأنّي قد كبرت ودقَّ عظمي فلا تشغلكم عنّي النساء
وإن كنائني لنساء صدق وما آلى بني ولا أساؤا
إذا كان الشتاء فأدفئوني فإنَّ الشيخ يهدمه الشتاء
وأمَّا حين يذهب كلّ قر فسربال خفيف أو رداء
إذا عاش الفتى مأتين عاما فقد ذهب اللذاذة والفتاء
وقال حين بلغ مأتين وأربعين سنة:
أصبع عنّي الشباب قد حسرا إن بان عنّي فقد ثوى عصرا
ودعنا قبل أن نودعه لمَّا قضى من جماعنا وطرا
ها أنا ذا آمل الخلود وقد أدرك سنّي ومولدي حجرا
أنا امرئ القيس هل سمعت به هيهاتَ هيهاتَ طال ذا عمرا
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
من بعد ما قوّة أنوء بها أصبحت شيخاً اُعالج الكبرا
قوله: (عطاء جذم) أي سريع وكلّ شيء أسرعت فيه فقد جذمته، وفي الحديث: (إذا أذّنت فرتل، وإذا أقمت فاجذم) أي أسرع، و(المقرى) الإناء الذي يقرى فيه، وقوله: (ما آلى بني ولا أساؤا) أي لم يقصّروا والآلي المقصّر(1).
ومن المعمّرين أبو الطمحان القيني واسمه حنظلة بن الشرقي من بني كنانة بن القين، قال أبو حاتم: عاش أبو الطمحان القيني مائتي سنة وقال في ذلك:
حنتني حانيات الدهر حتَّى كأنّي خاتل يدنو لصيد
قصير الخطب يحسب من رآني ولست مقيداً أنّي بقيد
ويروى: قريب الخطو، قال أبو حاتم السجستاني: حدَّثني عدّة من أصحابنا أنَّهم سمعوا يونس بن حبيب ينشد هذين البيتين وينشد أيضاً:
تقارب خطو رجلك يا دويد(2) وقيدك الزمان بشر قيد
وهو القائل:
وإنّي من القوم الذي هم هم إذا مات منهم سيّد(3) قام صاحبه
نجوم سماء كلّما غاب كوكب بدا كوكب تأوي إليه كواكبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم دجى الليل حتَّى نظم الجزع ثاقبه
وما زال منهم حيث كان مسوَّد(4) تسير المنايا حيث سارت كتائبه(5)
ومعنى البيتين الأوّلين يشبه قول أوس بن حجر:
إذا مقرم منّا ذا حدّ نابه تخمط فينا ناب آخر مقرم
ولطفيل الغنوي مثل هذا المعنى وهو قوله:
كواكب دجن كلّما انقض كوكب بدا وانجلت عنه الدجنة كوكب
وقد أخذ الخزيمي هذا المعنى فقال:
إذا قمر منّا تغور أو خبا بدا قمر في جانب الأنفق يلمع
ومثل ذلك:
خلافة أهل الأرض فينا وراثة إذا مات منّا سيّد قام صاحبه
ومثله:
إذا سيّد منّا مضى لسبيله أقام عمود الملك(6) آخر سيّد
وكأنَّ مزاحماً العقيلي نظر إلى قول أبي الطمحان: (أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم) في قوله وقد أحسن:
وجوه لو أنَّ المدلجين اعتشوا بها
صدعن الدجى حتَّى ترى الليل ينجلي
ويقارب ذلك قول حجية بن المضرب السعيدي(7):
أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت لنورهم الشمس المضيئة والبدر
وأنشد محمّد بن يحيى الصولي في معنى بيت(8) أبي الطمحان:
من البيض الوجوه بني سنان لو أنَّك تستضيء بهم أضاؤا
هم حلوا من الشرف المعلّى ومن كرم العشيرة حيث شاؤا
فلو أنَّ السماء دنت لمجد ومكرمة دنت لهم السماء
وأبو الطمحان القائل(9):
إذا كان في صدر ابن عمّك إحنة فلا تستثرها سوف يبود دفينها
وهو القائل:
إذا شاء ماعيه(10) استقى من وقيعة كعين العذاب(11) صفوها لم يكدر
و(الوقيعة) المستنقع في الصخرة للماء، ويقال: للماء إذا أزل عن صخرة فوقع في بطن أخرى فهو ماء الوقائع وأنشد(وا)(12) لذي الرمة:
ونلنا سقاطاً من حديث كأنَّه جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع
ويقال للماء الذي يجري على الصخرة: ماء الحشرج، وللماء الذي يجري بين الحصا والرمل: ماء المفاصل، وأنشدوا لأبي ذؤيب:
مطافيل أبكار حديث نتاجها تشاب بماء مثل ماء المفاصل
وأنشد أبو محلم السعدي لأبي الطمحان:
بني إذا ما سامك الذل قاهر عزيز فبعض الذلّ أتقى(13) وأحرز
ولا تحرمنَّ(14) بعض الأمور تعززا فقد يورث(15) الذلّ الطويل التعزز
وهذان البيتان يرويان لعبد الله بن معاوية الجعفري، وروي لأبي الطمحان أيضاً في هذا المعنى:
يا ربّ مظلمة يوما لطئت له(16) تمضي عليَّ إذا ما غاب أنصاري
حتَّى إذا ما انجلت عنّي غيابتها وثبت فيها وثوب المخدر الضاري
ومن المعمّرين عبد المسيح بن بقيلة الغساني وهو عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة، وبقيلة اسمه ثعلبة، وقيل: الحارث، وإنما سمي بقيلة لأنَّه خرج على قومه في بردين أخضرين فقالوا له: ما أنت إلاَّ بقيلة فسمي بذلك.
وذكر الكلبي وأبو مخنف وغيرهما أنَّه عاش ثلاثمائة وخمسين سنة وأدرك الإسلام فلم يسلم وكان نصرانياً.
وروي أنَّ خالد بن الوليد لمَّا نزل على الحيرة وتحصّن منه أهلها أرسل إليهم: ابعثوا إليَّ رجلاً من عقلائكم وذوي أنسابكم، فبعثوا إليه عبد المسيح بن بقيلة، فأقبل يمشي حتَّى دنا من خالد فقال (له)(17): أنعم صباحاً أيها الملك، قال: قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه، فمن أين أقصى أثرك أيّها الشيخ؟ قال: من ظهر أبي، قال: فمن أين خرجت؟ قال: من بطن اُمّي، قال: فعلى مَ أنت؟ قال: على الأرض، قال: ففيم أنت؟ قال: في ثيابي، قال: أتعقل لا عقلت، قال: إي والله وأقيد، قال: ابن كم أنت؟ قال: ابن رجل واحد.
قال خالد: ما رأيت كاليوم قط، إنّي أسأله عن الشيء وينحو في غيره، قال: ما أجبتك إلاَّ عمّا سألت، فسل عمّا بدا لك، قال: أعرب أنتم أم نبيط؟ قال: عرب استنبطنا ونبيط(18) استعربنا، قال: (أ)(19) فحرب أنتم أم سلم؟ قال: بل سلم، قال: فما هذه الحصون؟ قال: بنيناها لسفيه نحذر منه حتَّى يجيء الحليم ينهاه، قال: كم أتى لك؟ قال: خمسون وثلاثمائة سنة، قال: فما أدركت؟ قال: أدركت سفن البحر ترفأ إلينا في هذا الجرف(20)، ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج وتضع مكتلها على رأسها لا تزود إلاَّ رغيفاً واحداً حتَّى تأتي الشام ثُمَّ قد أصبحت اليوم خراباً يباباً وذلك دأب الله في العباد والبلاد.
قال: ومعه سمّ ساعة يقلبه في كفّه، فقال له خالد: ما هذا في كفّك؟ قال: هذا السمّ، قال: وما تصنع به؟ قال: إن كان عندك ما يوافق قومي وأهل بلدي حمدت الله تعالى وقبلته، وإن كانت الأخرى لم أكن أوّل من ساق إليهم ذلاً وبلاءً أشربه وأستريح من الحياة، فإنَّما بقي من عمري اليسير، قال خالد: هاته، فأخذه (ثمّ)(21) قال: بسم الله وبالله ربّ الأرض والسماء الذي لا يضرّ مع اسمه شيء، ثُمَّ أكله(22) فتجللته غشية ثُمَّ ضرب بذقنه في صدره طويلاً ثُمَّ عرف وأفاق كأنَّما نشط من عقال.
فرجع ابن بقيلة إلى قومه فقال: قد جئتكم من عند شيطان أكل سمّ ساعة فلم يضرّه، صانعوا القوم وأخرجوهم عنكم فإنَّ هذا أمر مصنوع لهم، فصالحوهم على مائة ألف درهم، وأنشا ابن بقيلة يقول:
أبعد المنذرين أرى سوما تروح بالخورنق والسدير(23)
تحاماه فوارس كلّ قوم مخافة ضيغم عالي الزئير
وصرنا بعد هلك أبي قبيس كمثل الشاء في اليوم المطير
يريد: أبا قابوس، فصغّره ويروى: كمثل المعز.
تقسمنا القبائل من معد علانية كأيسار الجوزر
نؤدي الخرج بعد خراج كسرى وخرج من(24) قريظة والنضير
كذاك الدهر دولته سجال فيوم من ساة أو سرور
ويقال: إنَّ عبد المسيح لما بنى بالحيرة قصره المعروف بقصر بني بقيلة قال:
لقد بنيت للحدثان حصن(25) لو أن المرء تنفعه الحصون
طويل الرأس أقعس مشمخرا لأنواع الرياح به حنين(26)
ومما يروى لعبد المسيح بن بقيلة:
والناس أبناء علات فمن علموا أن قد أقبل فمجفو ومحقور
وهم بنون لاُمّ إن رأوا نشبا فذاك بالغيب محفوظ ومخفور
وهذا يشبه قول أوس بن حجر:
بني أم ذي المال الكثير يرونه وإن كان عبداً سيّد الأمر جحفلا
وهم لقليل المال أولاد علة وإن كان محضاً في العمومة مخولا
وذكر أنَّ بعض مشايخ أهل الحيرة خرج إلى ظهرها يختط ديراً فلمَّا حفر موضع الأساس وأمعن في الاحتفار أصاب كهيأة البيت فدخله، فإذا رجل على سرير من زجاج(27) وعند رأسه كتابة: أنا عبد المسيح بن بقيلة.
الهوامش:
(1) أمالي الطوسي 1: 176 - 185/ مجلس 17.
(2) في المصدر: (سويد) بدل (دويد).
(3) في المصدر: (ميت) بدل (سيد).
(4) في المصدر: (مسوّداً).
(5) في المصدر: (ركائبه) بدل (كتائبه).
(6) في المصدر: (الدين) بدل (الملك).
(7) في المصدر: (الكندي) بدل (السعيدي).
(8) في المصدر: (بيتي).
(9) في النسخة المطبوعة من البحار هناك تقديم وتأخير، وهو سهو. والصحيح ما أثبتناه عرضاً على المصدر.
(10) في المصدر: (راعيها) بدل (ماعيها).
(11) في المصدر: (الغراب) بدل (العذاب)، وعين الغراب يضرب بها المثل في الصفاء.
(12) في المصدر: (أنشدوا).
(13) في المصدر: (أبقى).
(14) في المصدر: (تحم) بدل (تحر).
(15) في المصدر: (يورد) بدل (يورث).
(16) في المصدر: (لطيت بها) بدل (لطئت لها).
(17) من المصدر.
(18) في المصدر: (نبط) بدل (نبيط).
(19) من المصدر.
(20) في المصدر: (البحر في السماوة في هذا الجرف).
(21) من المصدر.
(22) في المصدر: (فشربه) بدل (ثمّ أكله).
(23) في المصدر بعد هذا البيت إضافة:
أبعد فوارس النعمان أرعى مراعي نهر مرّة فالحفير
(24) في المصدر: (بني) بدل (من).
(25) في المصدر: (قصراً) بدل (حصناً).
(26) في المصدر: (أنين) بدل (حنين).
(27) في المصدر: (رخام) بدل (زجاج).
******************
حلبت الدهر أشطره حياتي ونلت من المنى بلغ(1) المزيد
وكافحت الأمور وكافحتني ولم أحفل بمعضلة كؤود
وكدت أنال في الشرف الثريا ولكن لا سبيل إلى الخلود
ومن المعمّرين النابغة الجعدي واسمه قيس بن كعب بن عبد الله بن عامر ابن ربيعة(2) بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ويكنّى أبا ليلى.
وروى أبو حاتم السجستاني قال: كان النابغة الجعدي أسنّ من النابغة الذبياني والدليل على ذلك قوله:
تذكرت والذكرى تهيج على الهوى(3)
ومن حاجة المحزون أن يتذكرا
نداماي عند المنذر بن محرق
أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا
كهول وشبان كأنَّ وجوههم
دنانير ممّا شيف في أرض قيصرا
فهذا يدلُّ على أنَّه كان مع المنذر بن محرق والنابغة الذبياني كان مع النعمان بن المنذر بن محرق.
وقوله: (شيف) يعني جلي والمشوف المجلو، ويقال: إنَّ النابغة غير ثلاثين سنة لا يتكلّم ثُمَّ تكلّم بالشعر ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة باصبهان وكان ديوانه بها وهو الذي يقول:
من يكُ سائلاً عنّي فإنّي من الفتيان أيام الخنان
وأيّام الخنان أيّام كانت للعرب قديمة هاج بها فيهم مرض في أنوفهم وحلوقهم.
مضت مائة لعام ولدت فيه وعشر بعد ذاك وحجتان
فأبقى الدهر والأيام منّي كما أبقى من السيف اليماني
تفلل وهو مأثور جراز إذا جمعت(4) بقائمة اليدان
وقال أيضاً في طول عمره:
لبست اُناس فأفنيتهم وأفنيت بعد اُناس اُناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهم وكان الإله هو المستآسا
معنى المستآس: المستعارض، وروي عن هشام بن محمّد الكلبي أنَّه عاش مائة وثمانين سنة. وروى ابن دريد عن أبي حاتم في موضع آخر أنَّ النابغة الجعدي عاش مائتي سنة وأدرك الإسلام وروى له:
قالت إمامة كم عمرت زمانة وذبحت من عتر على الأوثان
العتيرة: شاة تذبح لأصنامهم في رجب في الجاهلية.
ولقد شهدت عكاظ قبل محلها فيها وكنت أعد مل فتيان
والمنذر بن محرف في ملكه وشهدت يوم هجائنا لنعمان
وعمَّرت حتَّى جاء أحمد بالهدى وقوارع تتلى من القرآن
ولبست مل إسلام ثوباً واسعا من سيب لا حرم ولا منان
وله أيضاً في طول عمره:
المرء يهوى أن يعيش وطول عيش م(5) يضرّه
تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مرّه
وتتابع الأيام حتَّى لا يرى شيئاً يسرّه
كم شامت بي إن هلكت وقائل لله درّه
وَرُويَ أنَّ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ كَانَ يَفْتَخِرُ وَيَقُولُ: أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأنْشَدْتُهُ:
بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَراً
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أبَا لَيْلَى؟)، فَقُلْتُ: الْجَنَّةُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أجَلْ إِنْ شَاءَ اللهُ)، وَأنْشَدْتُهُ:
فَلاَ خَيْرَ فِي حِلْم إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوُهُ أنْ يُكَدَّرَ(6)
وَلاَ خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَلِيمٌ إِذَا مَا أوْرَدَ الأمْرَ أصْدَرَا
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يُفَضَّضُ اللهُ فَاكَ)، وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: (لاَ يُفَضَّضُ فُوكَ).
فيقال: إنَّ النابغة عاش عشرين ومائة سنة لم تسقط له سن ولا ضرس، وفي رواية أخرى عن بعضهم قال: رأيته وقد بلغ الثمانين ترف غروبه وكانت كلّما سقطت له ثنية نبتت له أخرى مكانها، وهو من أحسن الناس ثغراً.
معنى (ترف): أي تبرق وكأنَّ الماء يقطر منها.
قال المرتضى رحمه الله: وممّا يشاكل قوله: (إلى الجنّة) في جواب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: (أين المظهر يا أبا ليلى؟)، وإن كان يتضمّن العكس من معناه ما روي من دخول الأخطل على عبد الملك مستغيثاً من فعل الجحاف السلمي وأنَّه أنشده:
لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة إلى الله منها المشتكى والمعول
فإن لم تغيّرها قريش بحلمه(7) يكن من قريش مستماز ومزحل
فقال عبد الملك (له): إلى أين يا بن اللخناء؟ قال: إلى النار. قال: لو قلت غيرها قطعت لسانك.
فقوله: (إلى النار) تخلّص مليح على البديهة كما تخلّص الجعدي بقوله: إلى الجنّة، وأوّل قصيدة الجعدي التي ذكرنا منها الأبيات:
خليلي غضا ساعة وتهجرا ولوماً على ما أحدث الدهر أو ذرا
ولا تسألا إنَّ الحياة قصيرة فطيراً لروعات الحوادث أو قرا
وإن كان أمر لا تطيقان دفعه فلا تجزعا ممّا قضى الله واصبرا
ألم تعلما أنَّ العلامة نفعها قليل إذا ما الشيء ولّى فأدبرا
يهيج اللحاء في الملامة ثُمَّ ما يقرب منّا غير ما كان قدّر(8)
وفيها يقول:
لوى الله علم الغيب عمّن سواءه ويعلم منه ما مضى وتأخرا
وجاهدت حتَّى ما أحس ومن معي سهيلاً إذا ما لاح ثُمَّ تغورا
يريد: أنّي كنت بالشام وسهيل لا يكاد يرى هناك، وهذا بيت معنى(9) وفيها يقول:
ونحن اُناس لا نعود خيلنا
إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا
من الطعن حتَّى تحسب الجون أشقر(10)
وليس بمعروف لنا أن نردّها
صحاحاً ولا مستنكراً أن تعقرا
وأخبرنا المرزباني قال: أنشدنا عليّ بن سليمان الأخفش، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى، قال: أنشدني محمّد بن سلام وغيره للنابغة الجعدي:
تلوم على هلك البعير ظعينتي وكنت على لوم العواذل زاريا
ألم تعلمي أنّي رزئت محاربا فما لك منه اليوم شيئاً ولا ليا
ومن قبله ما قد رزئت بوحوح وكان ابن اُمّي والخليل المصافيا
فتى كملت خيراته(11) غير أنَّه جواد فما يبقي من المال باقيا
فتى تمَّ فيه ما يسرّ صديقه على أنَّ فيه ما يسوء الأعاديا
أشم طويل الساعدين سميدع إذا لم يرح للمجد أصبح غاديا
(السميدع) السيّد، وممَّا يروى للنابغة الجعدي:
عقيلية أو من هلال ابن عامر بذي الرمث من وادي المنار(12) خيامها
إذا ابتسمت في البيت(13) والليل دونها أضاء دجى الليل البهيم ابتسامها
وذكر الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء قال: سئل الفرزدق بن غالب عن النابغة الجعدي فقال: صاحب خلقان، يكون عنده مطرف بألف (دينار)(14) وخمار بواف، قال الأصمعي: وصدق الفرزدق بينا النابغة في كلام أسهل من الزلال وأشد من الصخر إذلان وذهب ثُمَّ أنشد له:
سما لك هم ولم تطرب وبت ببث ولم تنصب
وقالت سليمى أرى رأسه كناصية الفرس الأشهب
وذلك من وقعات(15) المنون ففيئي إليك ولا تعجبي
قال: ثُمَّ يقول بعدها:
أتين على إخوة سبعة وعدنَّ على ربعي الأقرب
ثُمَّ يقول بعدها:
فأدخلك الله برد الجنان جذلان في مدخل طيب
فألان كلامه حتَّى لو أنَّ أبا الشمقمق قال هذا البيت كان رديئاً ضعيفاً.
قال الأصمعي: وطريق الشعر إذا أدخلته في باب الخير لان ألا ترى أن حسان بن ثابت كان عل(16) في الجاهلية والإسلام فلمَّا أدخل شعره في باب الخير من مراثي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وحمزة وجعفر وغيرهما لان شعره(17)؟
ثُمَّ قال(18) رضي الله عنه: إنَّ سأل سائل فقال: كيف يصحّ ما أوردتموه من تطاول الأعمار وامتدادها، وقد علمتم أنَّ كثيراً من الناس، ينكر ذلك ويحيله ويقول: إنَّه لا قدرة عليه ولا سبيل إليه، ومنهم من ينزل في إنكاره درجة فيقول: إنَّه وإن كان جائزاً من طريق القدرة والإمكان، فإنَّه ممّا يقطع على انتفائه، لكونه خارقاً للعادات، فإنَّ العادات إذا وثق الدليل بأنَّها لا تنخرق إلاَّ على سبيل الإبانة والدلالة على صدق نبي من الأنبياء عليهم السلام علم أنَّ جميع ما روي من زيادة الأعمار على العادة باطل مصنوع لا يلتفت إلى مثله.
الجواب: قيل له: أمَّا من أبطل تطاول الأعمار من حيث الإحالة، وأخرجه عن باب الإمكان، فقوله ظاهر الفساد لأنَّه لو علم ما العمر في الحقيقة وما المقتضي لدوامه إذا دام، وانقطاعه متى انقطع، لعلم من جواز امتداده ما علمناه، والعمر هو استمرار كون من يجوز أن يكون حيّاً وغير حيّ حيّاً وإن شئت أن تقول: هو استمرار كون الحيّ الذي لكونه على هذه الصفة ابتداء حيّاً.
الهوامش:
(1) في المصدر: (فوق) بدل (بلغ).
(2) في المصدر: (قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة).
(3) في المصدر: (الجوى) بدل (الهوى).
(4) في المصدر: (اجتمعت).
(5) في المصدر: (قد) بدل (ما).
(6) هذا البيت ليس في المصدر.
(7) في المصدر: (بمثلها) بدل (بحملها).
(8) هذا البيت ليس في المصدر.
(9) في المصدر: (معين) بدل (معنى).
(10) في المصدر: (أحمرا) بدل (أشقرا).
(11) في المصدر: (أخلاقه) بدل (خيراته).
(12) في المصدر: (المياه) بدل (المنار).
(13) في المصدر: (الليل) بدل (البيت).
(14) من المصدر.
(15) في المصدر: (دفعات) بدل (وقعات).
(16) في المصدر: (عليه) بدل (علا).
(17) أمالي المرتضى 1: 185 - 195/ مجلس 18.
(18) أي قال المرتضى رحمه الله.
******************
وإنَّما شرطنا الاستمرار لأنَّه يبعد(1) أن يوصف من كان في حالة واحدة حيّاً بأنَّ له عمراً، بل لا بدَّ من أن يراعوا في ذلك ضرباً من الامتداد والاستمرار، وإن قلَّ.
وشرطنا أن يكون ممن يجوز أن يكون غير حيّ أو يكون لكونه حيّاً ابتداءً، احترازاً من أن يلزم القديم تعالى جلَّت عظمته ممن لا يوصف بالعمر، وإن استمر كونه حيّاً.
فقد علمنا أنَّ المختصّ بفعل الحياة هو القديم تعالى وفيما تحتاج إليه الحياة من البنية ومن المعاني ما يختصّ به جلَّ وعزَّ، ولا يدخل إلاَّ تحت مقدوره تعالى، كالرطوبة وما جرى مجراها، فمتى فعل القديم تعالى الحياة وما تحتاج إليه من البنية، وهي مما يجوز عليه البقاء وكذلك ما تحتاج إليه فليس ينتفى إلاَّ بضدّ يطرأ عليها أو بضدّ ينفي ما تحتاج إليه والأقوى أنَّه لا بضدّ لها في الحقيقة وربما ادّعى قوم أنَّه ما تحتاج إليه، ولو كان للحياة ضدّ على الحقيقة لم يخل بما نقصده في هذا الباب.
فمهما لم يفعل القديم تعالى ضدّها أو ضدّ ما تحتاج إليه، ولا نقض ناقض بنية الحيّ استمر كون الحيّ حيّاً، ولو كانت الحياة أيضاً لا تبقى على مذهب من رأى ذلك، لكان ما قصدناه صحيحاً لأنَّه تعالى قادر على أن يفعلها حالاً فحالاً ويوالي بين فعلها وبين فعل ما تحتاج إليه فيستمر كون الحيّ حيّاً.
فأمَّا ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان وعلوَّ السن وتناقص بنية الإنسان فليس ممّا لا بدَّ منه، وإنَّما أجرى الله تعالى العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان، ولا إيجاب هناك، ولا تأثير للزمان على وجه من الوجوه، وهو تعالى قادر على أن لا يفعل ما أجرى العادة بفعله.
وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أنَّ تطاول العمر ممكن غير مستحيل وإنَّما أبي(2) من أحال ذلك من حيث اعتقد أنَّ استمرار كون الحيّ حيّاً وجب عن طبيعة وقوّة لهما مبلغ من المادة متى انتهتا إليه انقطعتا، واستحال أن تدوما، فلو أضافوا ذلك إلى فاعل مختار متصرّف لخرج عندهم من باب الاستحالة.
فأمَّا الكلام في دخول ذلك في العادة أو خروجه عنها فلا شكّ في أنَّ العادة قد جرت في الأعمار بأقدار متقاربة يعدُّ الزائد عليها خارقاً للعادة إلاَّ أنَّه قد ثبت أنَّ العادات قد تختلف في الأوقات وفي الأماكن أيضاً، ويجب أن يراعى في العادات إضافتها إلى من هي عادة له في المكان والوقت.
وليس بممتنع أن يقل ما كانت العادة جارية به على تدريج حتَّى يصير حدوثه خارقاً للعادة بغير خلاف ولا أن يكثر الخارق للعادة حتَّى يصير حدوثه غير خارق لها على خلاف فيه، وإذا صحَّ ذلك لم يمتنع أن يكون العادات في الزمان الغابر كانت جارية بتطاول الأعمار وامتدادها ثُمَّ تناقص ذلك على تدريج حتَّى صارت عادتنا الآن جارية بخلافه، وصار ما بلغ مبلغ تلك الأعمار خارقاً للعادة، وهذا جملة فيما أوردناه كافية(3).
أقول: وذكر الشيخ(4) رحمه الله من المعمّرين لقمان بن عاد وأنَّه عاش ثلاثة آلاف سنة وخمس مائة سنة، وقال: وفيه يقول الأعشى:
لنفسك إذ تختار سبعة أنسر إذا ما مضى نسر خلدت إلى نسر
فعمر حتَّى خال أنَّ نسوره خلود وهل تبقى النفوس على الدهر
وقال لأدناهن إذ حلَّ ريشه هلكت وأهلكت ابن عاد وما تدري
قال: ومنهم ربيع بن ضبع بن وهب بن بغيض بن مالك بن سعد بن عبس بن فزارة، عاش ثلاثمائة سنة وأربعين سنة، ثُمَّ ذكر ما مرَّ من قصصه وأشعاره(5).
ثُمَّ ذكر أكثم بن صيفي وأنَّه عاش ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة، وذكر والده صيفي بن رباح أبا أكثم وأنَّه عاش مائتين وسبعين سنة لا ينكر من عقله شيء وهو المعروف بذي الحلم الذي قال فيه المتلمس اليشكري:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وما علم الإنسان إلاَّ ليعلما
ومنهم: ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو عاش مائتي سنة وعشرين سنة ولم يشب قط وأدرك الإسلام ولم يسلم، وروى أبو حاتم والرياشي عن العتبي عن أبيه قال: مات ضبيرة السهمي وله مائتا سنة وعشرون سنة وكان أسود الشعر صحيح الأسنان ورثاه ابن عمّه قيس بن عدي فقال:
من يأمن الحدثان بعد ضبيرة السهمي ماتا
منيته المشيب وكان منيته(6) افتلاتا
فتزوّدوا لا تهلكوا من دون أهلكم خفاتا
ومنهم: دريد بن الصمة الجشمي عاش مائتي سنة وأدرك الإسلام ولم يسلم، وكان أحد قوّاد المشركين يوم حنين ومقدَّمهم(7) حضر حرب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فقتل يومئذٍ.
ومنهم: محصن بن غسان بن ظالم الزبيدي عاش مائتي سنة وستاً وخمسين سنة.
ومنهم: عمرو بن حممة الدوسي عاش أربعمائة سنة وهو الذي يقول:
كبرت وطال العمر حتَّى كأنّني سليم أفاع ليلة غير مودع
فما الموت أفناني ولكن تتابعت عليَّ سنون من مصيف ومربع
ثلاث مآت قد مررن كواملا وها أنا ذا (قد)(8) أرتجي منه أربع
ومنهم: الحارث بن مضاض الجرهمي عاش أربعمائة سنة وهو القائل(9):
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكّة سامر
بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا صروف الليالي والجدود العواثر
ومنهم: عبد المسيح بن بقيلة الغساني ذكر الكلبي وأبو عبيدة وغيرهما أنَّه عاش ثلاثمائة سنة وخمسين سنة وذكر من أحواله وأشعاره نحواً ممَّا مرَّ(10).
ثُمَّ ذكر النابغة الجعدي، وأبا الطمحان القيني، وذا الإصبع العدواني، وزهير ابن جنب ودويد بن نهد، والحارث بن كعب وأحوالهم وأقوالهم نحواً مما مرَّ في كلام السيّد رضي الله عنهم(11).
ثُمَّ قال: فهذا طرف من أخبار المعمّرين من العرب واستيفاؤه في الكتب المصنّفة في هذا المعنى موجود.
وأمَّا الفرس فإنَّها تزعم أنَّ فيما تقدَّم من ملوكها جماعة طالت أعمارهم، فيروون أنَّ الضحّاك صاحب الحيتين عاش ألف سنة ومائتي سنة، وإفريدون العادل عاش فوق الألف سنة، ويقولون: إنَّ الملك الذي أحدث المهرجان(12) عاش ألف(13) سنة وخمسمائة استتر منها عن قومه ستمائة سنة وغير ذلك مما هو موجود في تواريخهم وكتبهم لا نطول بذكرها، فكيف يقال: إنَّ ما ذكرناه في صاحب الزمان خارج عن العادات.
ومن المعمّرين من العرب يعرب بن قطحان واسمه ربيعة أوّل من تكلَّم بالعربية ملك مائتي سنة على ما ذكره أبو الحسن النسّابة الأصفهاني في كتاب (الفرع والشجر) وهو أبو اليمن كلّها وهو منها كعدنان إلاَّ شاذّاً نادراً.
ومنهم: عمرو بن عامر مزيقيا، روى الأصفهاني عن عبد المجيد بن أبي عبس الأنصاري والشرقي بن قطامي أنَّه عاش ثمانمائة سنة ثُمَّ ذكر نحواً مما مرَّ في كلام الصدوق رحمه الله(14).
ثُمَّ قال: وقيل(15): إنَّما سمّي مزيقياً لأنَّ على عهده تمزّقت الأزد فصاروا إلى أقطار الأرض وكان ملك أرض سبأ فحدَّثته الكهّان أنَّ الله يهلكها بالسيل العرم فاحتال حتَّى باع ضياعه وخرج فيمن أطاعه من أولاده قبل السيرم العرم ومنه انتشرت الأزد كلّها والأنصار من ولده.
ومنهم: جلهمة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يعرب، ويقال لجلهمة: طيئ وإليه ينسب طيئ كلّها وله خبر يطول شرحه وكان له ابن أخ يقال له: يحابر بن مالك بن أدد، كان قد أتى على كلّ واحد منهما خمسمائة سنة ووقع بينهما ملاحاة بسبب المرعى فخاف جلهمة هلاك عشيرته فرحل عنه وطوى المنازل فسمّي طيئاً وهو صاحب أجأ وسلمى جبلين لطيئ(16) ولذلك خبر يطول معروف.
ومنهم: عمرو بن لحي(17) وهو ربيعة ربن حارثة بن عمر ومزيقيا، في قول علماء خزاعة: كان رئيس خزاعة في حرب خزاعة وجرهم وهو الذي سن السائبة والوصيلة والحام، ونقل صنمين وهما هبل ومناة من الشام إلى مكّة فوضعهما للعبادة فسلّم هبل إلى خزيمة بن مدركة، فقيل: هبل خزيمة، وصعد على أبي قبيس ووضع مناة بالمشلل(18)، وقدم بالنرد وهو أوّل من أدخلها مكّة فكانوا يلعبون بها في الكعبة غدوة وعشية.
فَرُويَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (رُفِعَتْ إِلَيَّ النَّارُ فَرَأيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ رَجُلاً قَصِيراً أحْمَرَ أزْرَقَ يَجُرُّ قُصْبَهُ(19) فِي النَّار، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ)، وَكَانَ يَلِي مِنْ أمْر الْكَعْبَةِ مَا كَانَ يَلِيهِ جُرْهُمُ قَبْلَهُ حَتَّى هَلَكَ(20).
ووجدت بخطّ الشريف الأجل الرضي أبي الحسن محمّد بن الحسين الموسوي رضي الله عنه تعليقاً في تقاويم جمعها مؤرّخاً بيوم الأحد الخامس عشر من المحرَّم سنة إحدى وثمانى وثلاثمائة أنَّه ذكر له حال شيخ بالشام قد جاوز المائة وأربعين سنة فركبت إليه حتَّى تأمّلته وحملته إلى القرب من داري بالكرخ وكان اُعجوبة شاهد الحسن بن عليّ بن محمّد بن الرضا عليهم السلام ووصف صفته إلى غير ذلك من العجائب التي شاهده(21).
(وقال الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد: إنَّ أهل الملل كلّها متّفقون على جواز امتداد الأعمار وطولها وقد تضمَّنت التوراة من الإخبار بذلك ما ليس بينهم فيه تنازع وفيها أنَّ آدم عليه السلام عاش تسعمائة وثلاثين سنة، وعاش شيث تسعمائة واثنتى عشرة سنة، وعاش أنوش تسعمائة وخمساً وستين سنة، وعاش قنيان(22) تسعمائة سنة وعشر سنين، وعاش مهلائيل ثمانمائة وخمساً وتسعين سنة، وعاش برد تسعمائة واثنتين وستين سنة، وعاش أخنوخ وهو إدريس عليه السلام تسعمائة وخمساً وستين سنة، وعاش متوشلح تسعمائة وتسعاً وستين سنة، وعاش لمك سبع مائة وسبعاً وستين سنة، وعاش نوح تسعمائة وخمسين، وعاش سام ستمائة وتسعين سنة، وعاش أرفخش(23) أربعمائة وثماني وتسعين سنة، وعاش شالخ أربعمائة وثلاثاً وتسعين سنة، وعاش عابر(24) ثمانمائة وسبعين سنة، وعاش فالغ(25) مائتين وتسعاً وتسعين سنة، وعاش أرغو مائتين وستّين سنة، وعاش باحور مائة وستّاً وأربعين سنة، وعاش تارخ مائتين وثمانين سنة، وعاش إبراهيم عليه السلام مائة وخمساً وسبعين سنة، وعاش إسماعيل عليه السلام مائة وسبعاً وثلاثين سنة، وعاش إسحاق عليه السلام مائة وثمانين سنة.
فهذا ما تضمّنته التوراة ممّا ليس بين اليهود والنصارى اختلاف وقد تضمّنت نظيره شريعة الإسلام ولم نجد أحداً من علماء المسلمين يخالفه أو يعتقد فيه البطلان بل قد أجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه.
ثُمَّ قال: ومن المعمّرين عمرو بن حممة الدوسي عاش أربعمائة سنة، قال أبو روق(26): حدّثنا الرياشي(27)، عن عمرو بن بكير، عن الهيثم بن عدي، عن مجالد، عن الشعبي قال: كنّا عند ابن عبّاس في قبة زمزم وهو يفتي الناس فقام إليه رجل فقال له: لقد أفتيت أهل الفتوى فأفت أهل الشعر؟ قال: قل، قال: ما معنى قول الشاعر:
لذي الحلم قبل اليوم ما يقرع العصا وما علم الإنسان إلاَّ ليعلما
فقال: ذاك عمرو بن حممة الدوسي قضى على العرب ثلاثمائة سنة فلمَّا (كبر)(28) ألزموه وقد رأى السادس أو السابع من ولد ولده، فقال: إنَّ فؤادي بضعة منّي فربما تغيَّر عليَّ اليوم والليلة مراراً وأمثل ما أكون فهم(29) في صدر النهار، فإذا رأيتني قد تغيّرت فاقرع العصا، فكان إذا رأى منه تغيّراً قرع العصا فيراجعه فهمه، فقال المتلمس هذا البيت)(30).
أقول: إلى هنا انتهى ما أردت إيراده من أخبار المعمّرين وإنَّما أطلت في ذلك مع قلَّة الجدوى تبعاً للأصحاب ولئلاَّ يقال: هذا الكتاب عارٍ عن فوائدهم التي أوردوها في هذا الباب.
* * *
باب (15): ما ظهر من معجزاته صلوات الله عليه وفيه بعض أحواله وأحوال سفرائه
1 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أهْل بَلَدِنَا الْمُقِيمِينَ كَانُوا بِبَغْدَادَ فِي السَّنَةِ الَّتِي خَرَجَتِ الْقَرَامِطَةُ عَلَى الْحَاجَّ وَهِيَ سَنَةُ تَنَاثُر الْكَوَاكِبِ أنَّ وَالِدِي رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رُوح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَسْتَأذِنُ فِي الْخُرُوج إِلَى الْحَجَّ فَخَرَجَ فِي الْجَوَابِ: (لاَ تَخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ)، فَأعَادَ وَقَالَ: هُوَ نَذْرٌ وَاجِبٌ أفَيَجُوزُ لِيَ الْقُعُودُ عَنْهُ؟ فَخَرَجَ فِي الْجَوَابِ: (إِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَكُنْ فِي الْقَافِلَةِ الأخِيرَةِ)، وَكَانَ فِي الْقَافِلَةِ الأخِيرَةِ فَسَلِمَ بِنَفْسِهِ وَقُتِلَ مَنْ تَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَافِل الاُخَر(31).
2 _ الغيبة للطوسي: رَوَى الشَّلْمَغَانِيُّ فِي كِتَابِ الأوْصِيَاءِ: أبُو جَعْفَرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ إِلَى الْعَسْكَر وَرَأوْا أيَّامَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي الْحَيَاةِ وَفِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن طَنِينٍ فَكَتَبَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ يَسْتَأذِنُ فِي الدُّخُولِ إِلَى الْقَبْر فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ: لاَ تَكْتُبْ اسْمِي فَإنّي لاَ أسْتَأذِنُ، فَلَمْ يَكْتُبْ اسْمَهُ، فَخَرَجَ إِلَى جَعْفَرٍ: (ادْخُلْ أنْتَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأذِنْ)(32).
الهوامش:
(1) في المصدر: (يتعذر) بدل (يبعد).
(2) في المصدر: (أتي).
(3) أمالي المرتضى 1: 196 و197/ مجلس 19.
(4) أي الشيخ الطوسي رحمه الله.
(5) الغيبة للطوسي: 114/ رقم 87 .
(6) في المصدر: (ميتته).
(7) في المصدر: (مقدّمتهم).
(8) كلمة: (قد) ليست في المصدر.
(9) في سيرة ابن هشام (ج 1/ ص 75): أنَّ قائلها عمرو بن الحارث (بن عمرو) بن مضاض.
(10) الغيبة للطوسي: 115 - 118/ رقم 87 .
(11) الغيبة للطوسي: 118 - 122/ رقم 122.
(12) المهرجان معرَّب (مهركان) من أعياد الفرس القديمة ستّة أيّام من برج الميزان من اليوم السادس عشر إلى الحادي والعشرين.
(13) في المصدر: (ألفي).
(14) الغيبة للطوسي: 123 و124.
(15) نقله ابن إسحاق في السيرة عن أبي زيد الأنصارى.
(16) في المصدر: (بطيء).
(17) وفي السيرة: (عمرو بن لحى بن قمعة بن خندق).
(18) في المصدر: (بالمسلّل).
(19) القصب: الأمعاء.
(20) الغيبة للطوسي: 124 و125/ رقم 87 و88 .
(21) لم نعثر على خطّ السيّد الرضي هذا.
(22) في المصدر: (قينان).
(23) في المصدر: (أرفخشاد).
(24) في المصدر: (غابر).
(25) في المصدر: (فالخ).
(26) في المطبوعة: (أبو أرق) وما أثبتناه من المصدر، وهو أحمد بن محمّد بن بكر أبو روق الهِزّاني، ترجم له ابن حجر، وأرَّخ وفاته عام (324هـ)، (لسان الميزان: 279)، وراجع: (الأنساب للسمعاني 5: 640).
(27) هو العبّاس بن الفرج أبو الفضل الرياشي اللغوي النحوي، ترجم له السيوطي، وأرَّخ وفاته عام (257هـ)، (بغيبة الوعاة 2: 27)، وراجع: (الأنساب للسمعاني 3: 111).
(28) كلمة: (كبر) ليست في المصدر.
(29) في المصدر: (فيهما).
(30) كنز الفوائد 2: 126.
(31) الغيبة للطوسي: 322/ رقم 270.
(32) الغيبة للطوسي: 343/ رقم 293، وفيه: (جعفر بن محمّد بن عمرو).
******************
3 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ حَكِيمَةَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً مِنْ ولاَدَةِ نَرْجِسَ فَإذَا مَوْلاَنَا صَاحِبُ الزَّمَان يَمْشِي فِي الدَّار فَلَمْ أرَ لُغَةً أفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ فَتَبَسَّمَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (إِنَّا مَعَاشِرَ الأئِمَّةِ نَنْشَاُ فِي يَوْم كَمَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي سَنَةٍ)، قَالَتْ: ثُمَّ كُنْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أسْألُ أبَا مُحَمَّدٍ عَنْهُ فَقَالَ: (اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ‏ اُمُّ مُوسَى وَلَدَهَا)(1).
4 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الْهَمْدَانِيّ قَالَ: كَانَ(2) عَلَيَّ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَضِقْتُ بِهَا ذَرْعاً ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: لِي حَوَانِيتُ اشْتَرَيْتُهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَلاَثِينَ دِينَاراً قَدْ جَعَلْتُهَا لِلنَّاحِيَةِ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلاَ وَاللهِ مَا نَطَقْتُ بِذَلِكَ وَلاَ قُلْتُ، فَكَتَبَ عليه السلام إِلَى مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ: (اقْبِض الْحَوَانِيتَ مِنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا عَلَيْهِ)(3).
5 _ الخرائج والجرائح: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الشَّاشِيُّ: أنَّنِي لَمَّا انْصَرَفْتُ مِنَ الْعِرَاقِ كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ بِمَرْوَ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْن الْكَاتِبُ، وَقَدْ جَمَعَ مَالاً لِلْغَريم.
قَالَ: فَسَألَنِي عَنْ أمْرهِ فَأخْبَرْتُهُ بِمَا رَأيْتُهُ مِنَ الدَّلاَئِل، فَقَالَ: عِنْدِي مَالٌ لِلْغَريم فَمَا تَأمُرُني؟
فَقُلْتُ: وَجَّهْ(4) إِلَى حَاجِزٍ، فَقَالَ لِي: فَوْقَ حَاجِزٍ أحَدٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ الشَّيْخُ، فَقَالَ: إِذَا سَألَنِي اللهُ عَنْ ذَلِكَ أقُولُ إِنَّكَ أمَرْتَنِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيتُهُ بَعْدَ سِنِينَ فَقَالَ: هُوَ ذَا أخْرُجُ إِلَى الْعِرَاقِ وَمَعِي مَالٌ لِلْغَريم وَاُعْلِمُكَ أنّي وَجَّهْتُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ عَلَى يَدِ الْعَابِدِ(5) بْن يَعْلَى الْفَارسِيّ وَأحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْكُلْثُومِيّ وَكَتَبْتُ إِلَى الْغَريم بِذَلِكَ وَسَألْتُهُ الدُّعَاءَ فَخَرَجَ الْجَوَابُ بِمَا وَجَّهْتُ ذَكَرَ أنَّهُ كَانَ لَهُ قِبَلِي ألْفُ دِينَارٍ وَأنّي وَجَّهْتُ إِلَيْهِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ لأنّي شَكَكْتُ (وَ)(6) أنَّ الْبَاقِيَ لَهُ عِنْدِي فَكَانَ كَمَا وَصَفَ، قَالَ(7): إِنْ أرَدْتَ أنْ تُعَامِلَ أحَداً فَعَلَيْكَ بِأبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ بِالرَّيّ، فَقُلْتُ: أكَانَ كَمَا كَتَبَ إِلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَجَّهْتُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ لأنّي شَكَكْتُ فَأزَالَ اللهُ عَنّي ذَلِكَ، فَوَرَدَ مَوْتُ حَاجِزٍ بَعْدَ يَوْمَيْن أوْ ثَلاَثَةٍ فَصِرْتُ إِلَيْهِ وَأخْبَرْتُهُ بِمَوْتِ حَاجِزٍ فَاغْتَمَّ فَقُلْتُ: لاَ تَغْتَمَّ فَإنَّ ذَلِكَ(8) فِي تَوْقِيعِهِ إِلَيْكَ وَإِعْلاَمِهِ أنَّ الْمَالَ ألْفُ دِينَارٍ وَالثَّانِيَةُ أمْرُهُ بِمُعَامَلَةِ الأسَدِيّ لِعِلْمِهِ بِمَوْتِ حَاجِزٍ(9).
6 _ الخرائج والجرائح: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن أنَّ التَّمِيمِيَّ حَدَّثَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل أسْتَرْآبَادَ(10) قَالَ: صِرْتُ إِلَى الْعَسْكَر وَمَعِي ثَلاَثُونَ دِينَاراً فِي خِرْقَةٍ مِنْهَا دِينَارٌ شَامِيٌّ فَوَافَيْتُ الْبَابَ وَإِنّي لَقَاعِدٌ إِذْ خَرَجَ إِلَيَّ جَاريَةٌ أوْ غُلاَمٌ _ الشَّكُّ مِنَّي _ قَالَ: هَاتِ مَا مَعَكَ! قُلْتُ: مَا مَعِي شَيْ‏ءٌ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَقَالَ: مَعَكَ ثَلاَثُونَ دِينَاراً فِي خِرْقَةٍ خَضْرَاءَ مِنْهَا دِينَارٌ شَامِيٌّ وَخَاتَمٌ _ كُنْتَ نَسِيتَهُ(11) _، فَأوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ وَأخَذْتُ الْخَاتَمَ(12).
7 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مَسْرُورٍ الطَّبَّاخ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى الْحَسَن بْن رَاشِدٍ لِضِيقَةٍ أصَابَتْنِي فَلَمْ أجِدْهُ فِي الْبَيْتِ فَانْصَرَفْتُ فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ أبِي جَعْفَرٍ فَلَمَّا صِرْتُ فِي الرَّحْبَةِ حَاذَانِي رَجُلٌ لَمْ أرَ وَجْهَهُ وَقَبَضَ عَلَى يَدِي وَدَسَّ إِلَيَّ(13) صُرَّةً بَيْضَاءَ فَنَظَرْتُ فَإذَا عَلَيْهَا كِتَابَةٌ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ دِينَاراً وَعَلَى الصُّرَّةِ مَكْتُوبٌ: مَسْرُورٌ الطَّبَّاخُ(14).
8 _ الخرائج والجرائح: عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم نَاقِصَةً عِشْرينَ فَأتْمَمْتُهَ(15) مِنْ عِنْدِي وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقُمَّيّ وَلَمْ أكْتُبْ كَمْ لِي مِنْهَا فَأنْفَذَ إِلَيَّ كِتَابَهُ: (وَصَلَتْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً)(16).
9 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ الْمَحْمُودِيّ قَالَ: وُلّينَا دِينَوَرَ مَعَ جَعْفَر بْن عَبْدِ الْغَفَّار فَجَاءَنِي الشَّيْخُ قَبْلَ خُرُوجِنَا فَقَالَ: إِذَا أرَدْتَ الرَّيَّ فَافْعَلْ كَذَ(17)، فَلَمَّا وَافَيْنَا دِينَوَرَ، وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَلاَيَةُ الرَّيّ بَعْدَ شَهْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى الرَّيّ فَعَمِلْتُ مَا قَالَ لِي(18).
10 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ غِلاَلِ(19) بْن أحْمَدَ، عَنْ أبِي الرَّجَاءِ الْمِصْريّ وَكَانَ أحَدَ الصَّالِحِينَ قَالَ: خَرَجْتُ فِي الطَّلَبِ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ شَيْ‏ءٌ لَظَهَرَ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً وَلَمْ أرَ شَخْصاً: (يَا نَصْرَ بْنَ عَبْدِ رَبَّهِ، قُلْ لأهْل مِصْرَ: هَلْ رَأيْتُمْ رَسُولَ اللهِ فَآمَنْتُمْ بِهِ؟)، قَالَ أبُو رَجَاءٍ: لَمْ أعْلَمْ أنَّ اسْمَ أبِي عَبْدُ رَبَّهِ وَذَلِكَ أنّي وُلِدْتُ بِالْمَدَائِن فَحَمَلَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ النَّوْفَلِيُّ إِلَى مِصْرَ فَنَشَأتُ بِهَا فَلَمَّا سَمِعْتُ الصَّوْتَ لَمْ أعْرجْ عَلَى شَيْ‏ءٍ وَخَرَجْتُ(20).
11 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي رَوْح قَالَ: وُجَّهْتُ إِلَى امْرَأةٍ مِنْ أهْل دِينَوَرَ فَأتَيْتُهَا فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أبِي رَوْح أنْتَ أوْثَقُ مَنْ فِي نَاحِيَتِنَا دِيناً وَوَرَعاً وَإِنّي اُريدُ أنْ اُوَدَّعَكَ أمَانَةً أجْعَلَهَا فِي رَقَبَتِكَ تُؤَدَّيهَا وَتَقُومُ بِهَا، فَقُلْتُ: أفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَقَالَتْ: هَذِهِ دَرَاهِمُ فِي هَذَا الْكِيس الْمَخْتُوم لاَ تَحُلَّهُ وَلاَ تَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى تُؤَدَّيَهُ إِلَى مَنْ يُخْبِرُكَ بِمَا فِيهِ، وَهَذَا قُرْطِي يُسَاوي(21) عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَفِيهِ ثَلاَثُ حَبَّاتٍ يُسَاوي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَلِي إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان حَاجَةٌ اُريدُ أنْ يُخْبِرَني بِهَا قَبْلَ أنْ أسْألَهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: وَمَا الْحَاجَةُ؟ قَالَتْ: عَشَرَةُ دَنَانِيرَ اسْتَقْرَضَتْهَا اُمَّي فِي عُرْسِي لاَ أدْري‏ مِمَّن اسْتَقْرَضَتْهَا وَلاَ أدْري إِلَى مَنْ أدْفَعُهَا فَإنْ أخْبَرَكَ بِهَا فَادْفَعْهَا إِلَى مَنْ يَأمُرُكَ بِهَا.
قَالَ: (فَقُلْتُ فِي نَفْسِي)(22): وَكَيْفَ أقُولُ لِجَعْفَر بْن عَلِيٍّ(23)؟ فَقُلْتُ: هَذِهِ الْمِحْنَةُ(24) بَيْني وَبَيْنَ جَعْفَر بْن عَلِيٍّ، فَحَمَلْتُ الْمَالَ وَخَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ بَغْدَادَ فَأتَيْتُ حَاجِزَ بْنَ يَزيدَ الْوَشَّاءَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَجَلَسْتُ، قَالَ: ألَكَ حَاجَةٌ؟ قُلْتُ: هَذَا مَالٌ دُفِعَ إِلَيَّ لاَ أدْفَعُهُ إِلَيْكَ حَتَّى تُخْبِرَني كَمْ هُوَ وَمَنْ دَفَعَهُ إِلَيَّ؟ فَإنْ أخْبَرْتَنِي دَفَعْتُهُ إِلَيْكَ، قَالَ: يَا أحْمَدَ(25) بْنَ أبِي رَوْح تَوَجَّهْ بِهِ إِلَى سُرَّ مَنْ ‏رَأى، فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ لَهَذَا أجَلُّ شَيْءٍ أرَدْتُهُ، فَخَرَجْتُ وَوَافَيْتُ سُرَّ مَنْ ‏رَأى، فَقُلْتُ: أبْدَاُ بِجَعْفَرٍ، ثُمَّ تَفَكَّرْتُ فَقُلْتُ: أبْدَاُ بِهِمْ فَإنْ كَانَتِ الْمِحْنَةُ مِنْ عِنْدِهِمْ وَإِلاَّ مَضَيْتُ إِلَى جَعْفَرٍ، فَدَنَوْتُ مِنْ دَار أبِي مُحَمَّدٍ فَخَرَجَ إِلَيَّ خَادِمٌ فَقَالَ: أنْتَ أحْمَدُ بْنُ أبِي رَوْح؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هَذِهِ الرُّقْعَةُ اقْرَأهَا، فَإذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم، يَا ابْنَ أبِي رَوْح أوْدَعَتْكَ عَاتِكَةُ بِنْتُ الدَّيْرَانِيّ كِيساً فِيهِ ألْفُ دِرْهَم بِزَعْمِكَ، وَهُوَ خِلاَفُ مَا تَظُنُّ وَقَدْ اُدَّيَتْ فِيهِ الأمَانَةُ وَلَمْ تَفْتَح الْكِيسَ وَلَمْ تَدْر مَا فِيهِ، وَفِيهِ ألْفُ دِرْهَم وَخَمْسُونَ دِينَار(26)، وَمَعَكَ قُرْطٌ زَعَمَتِ الْمَرْأةُ أنَّهُ يُسَاوي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ صُدَّقَتْ مَعَ الْفَصَّيْن اللَّذَيْن فِيهِ، وَفِيهِ ثَلاَثُ حَبَّاتِ لُؤْلُؤٍ شِرَاؤُهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَتُسَاوي أكْثَرَ، فَادْفَعْ ذَلِكَ إِلَى خَادِمَتِنَا إِلَى فُلاَنَةَ فَإنَّا قَدْ وَهَبْنَاهُ لَهَا، وَصِرْ إِلَى بَغْدَادَ وَادْفَع الْمَالَ إِلَى الْحَاجِز وَخُذْ مِنْهُ مَا يُعْطِيكَ لِنَفَقَتِكَ إِلَى مَنْزلِكَ، وَأمَّا عَشَرَةُ الدَّنَانِير الَّتِي زَعَمَتْ أنَّ اُمَّهَا اسْتَقْرَضَتْهَا فِي عُرْسِهَا وَهِيَ لاَ تَدْري مَنْ صَاحِبُهَا بَلْ هِيَ تَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ لِكُلْثُوم بِنْتِ أحْمَدَ وَهِيَ نَاصِبِيَّةٌ فَتَحَرَّجَتْ أنْ تُعْطِيَهَا وَأحَبَّتْ(27) أنْ تَقْسِمَهَا فِي أخَوَاتِهَا.
فَاسْتَأذَنَتْنَا فِي ذَلِكَ فَلْتُفَرَّقْهَا فِي ضُعَفَاءِ أخَوَاتِهَا، وَلاَ تَعُودَنَّ يَا ابْنَ أبِي رَوْح إِلَى الْقَوْلِ بِجَعْفَرٍ وَالْمِحْنَةِ(28) لَهُ وَارْجِعْ إِلَى مَنْزلِكَ فَإنَّ عَمَّكَ قَدْ مَاتَ وَقَدْ رَزَقَكَ(29) اللهُ أهْلَهُ وَمَالَهُ)، فَرَجَعْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَنَاوَلْتُ الْكِيسَ حَاجِزاً فَوَزَنَهُ فَإذَا فِيهِ ألْفُ دِرْهَم وَخَمْسُونَ دِينَاراً فَنَاوَلَنِي ثَلاَثِينَ دِينَاراً وَقَالَ: اُمِرْتُ بِدَفْعِهَا إِلَيْكَ لِنَفَقَتِكَ، فَأخَذْتُهَا وَانْصَرَفْتُ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ وَقَدْ جَاءَنِي مَنْ يُخْبِرُني أنَّ عَمَّي قَدْ مَاتَ(30) وَأهْلِي يَأمُرُونّي بِالانْصِرَافِ إِلَيْهِمْ، فَرَجَعْتُ فَإذَا هُوَ قَدْ مَاتَ وَوَرثْتُ مِنْهُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِينَارٍ وَمِائَةَ ألْفِ دِرْهَم(31).
بيان: قوله: (قال: وكيف) أي قال ابن أبي روح: كيف أقول لجعفر إذا طلب منّي هذا المال، ثُمَّ قلت: أمتحنه بما قالت المرأة ولعلَّ الأصوب: (فقالت) مكان فقلت.
12 _ (الكافي)(32)، والإرشاد: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عَبْدِ اللهِ السَّيَّاريُّ(33) قَالَ: أوْصَلْتُ أشْيَاءَ لِلْمَرْزُبَانِيّ الْحَارثِيّ فِي جُمْلَتِهَا سِوَارُ ذَهَبٍ فَقُبِلَتْ وَرَدَّ(34) السَّوَارَ وَاُمِرْتُ بِكَسْرهِ فَكَسَرْتُهُ فَإذَا فِي وَسَطِهِ مَثَاقِيلُ حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَصُفْرٍ فَأخْرَجْتُهُ وَأنْفَذْتُ الذَّهَبَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُبِلَ(35).
13 _ الكافي، والإرشاد: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ بْن صَالِح، قَالَ: خَرَجْتُ سَنَةً مِنَ السَّنِينَ إِلَى بَغْدَادَ وَاسْتَأذَنْتُ فِي الْخُرُوج فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَأقَمْتُ اثْنَيْن وَعِشْرينَ يَوْماً بَعْدَ خُرُوج الْقَافِلَةِ إِلَى النَّهْرَوَان ثُمَّ أذِنَ لِي بِالْخُرُوج يَوْمَ الأرْبِعَاءِ وَقِيلَ لِيَ: (اخْرُجْ فِيهِ)، فَخَرَجْتُ وَأنَا آيِسٌ مِنَ الْقَافِلَةِ أنْ ألْحَقَهَا، فَوَافَيْتُ النَّهْرَوَانَ وَالْقَافِلَةُ مُقِيمَةٌ، فَمَا كَانَ إِلاَّ أنْ عَلَفْتُ جَمَلِي حَتَّى رَحَلَتِ الْقَافِلَةُ وَرَحَلْتُ، وَقَدْ دَعَا لِي بِالسَّلاَمَةِ فَلَمْ ألْقَ سُوءاً وَالْحَمْدُ للهِ(36).
14 _ الكافي، والخرائج والجرائح، والإرشاد: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ(37)، عَنْ نَصْر(38) بْن صَبَّاح الْبَلْخِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يُوسُفَ الشَّاشِيّ، قَالَ: خَرَجَ بِي نَاسُورٌ فَأرَيْتُهُ الأطِبَّاءَ وَأنْفَقْتُ عَلَيْهِ مَالاً فَلَمْ يَصْنَع الدَّوَاءُ فِيهِ شَيْئاً، فَكَتَبْتُ رُقْعَةً(39) أسْألُ الدُّعَاءَ فَوَقَّعَ لِي: (ألْبَسَكَ اللهُ الْعَافِيَةَ وَجَعَلَكَ مَعَنَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)، فَمَا أتَتْ عَلَيَّ الْجُمُعَةُ حَتَّى عُوفِيتُ وَصَارَ الْمَوْضِعُ مِثْلَ رَاحَتِي فَدَعَوْتُ طَبِيباً مِنْ أصْحَابِنَا وَأرَيْتُهُ إِيَّاهُ فَقَالَ: مَا عَرَفْنَا لِهَذَا دَوَاءً وَمَا جَاءَتْكَ الْعَافِيَةُ إِلاَّ مِنْ قِبَل اللهِ بِغَيْر احْتِسَابٍ(40).
15 _ الكافي، والإرشاد: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أبِي وَصَارَ الأمْرُ إِلَيَّ كَانَ لأبِي عَلَى النَّاس سَفَاتِجُ مِنْ مَالِ الْغَريم _ يَعْنِي صَاحِبَ الأمْر عليه السلام، قَالَ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ: وَهَذَا رَمْزٌ كَانَتِ الشّيعَةُ تَعْرفُهُ قَدِيماً بَيْنَهَا وَيَكُونُ خِطَابُهَا عَلَيْهِ لِلتَّقِيَّةِ _ قَالَ: فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ اُعْلِمُهُ، فَكَتَبَ إِلَيَّ: (طَالِبْهُمْ وَاسْتَقْص عَلَيْهِمْ)، فَقَضَانِي النَّاسُ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَكَانَتْ عَلَيْهِ سَفْتَجَةٌ بِأرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَجِئْتُ إِلَيْهِ أطْلُبُهُ فَمَطَلَنِي(41) وَاسْتَخَفَّ بِي ابْنُهُ وَسَفِهَ عَلَيَّ فَشَكَوْتُهُ إِلَى أبِيهِ فَقَالَ: وَكَانَ مَا ذَا؟ فَقَبَضْتُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَأخَذْتُ بِرجْلِهِ وَسَحَبْتُهُ إِلَى وَسَطِ الدَّار (وَرَكَلْتُهُ رَكْلاً كَثِيراً)(42) فَخَرَجَ ابْنُهُ مُسْتَغِيثاً بِأهْل بَغْدَادَ يَقُولُ: قُمَّيٌّ رَافِضِيٌّ قَدْ قَتَلَ وَالِدِي! فَاجْتَمَعَ عَلَيَّ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَرَكِبْتُ دَابَّتِي وَقُلْتُ: أحْسَنْتُمْ يَا أهْلَ بَغْدَادَ تَمِيلُونَ مَعَ الظَّالِم عَلَى الْغَريبِ الْمَظْلُوم أنَا رَجُلٌ مِنْ أهْل هَمَذَانَ مِنْ أهْل السُّنَّةِ وَهَذَا يَنْسُبُني إِلَى قُمَّ وَيَرْمِيني بِالرَّفْض لِيَذْهَبَ بِحَقّي وَمَالِي، قَالَ: فَمَالُوا عَلَيْهِ وَأرَادُوا أنْ يَدْخُلُوا إِلَى حَانُوتِهِ حَتَّى سَكَّنْتُهُمْ وَطَلَبَ إِلَيَّ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ أنْ آخُذَ مَا فِيهَا وَحَلَفَ بِالطَّلاَقِ أنَّهُ يُوَفّيني مَالِي فِي الْحَالِ فَاسْتَوْفَيْتُ مِنْهُ(43).
(بيان: في القاموس: (السفتجة) كقرطقة أن تعطي مالاً لأخذ وللآخذ(44).
مال في بلد المعطي فيوفيه إيّاه ثُمَّ، فيستفيد أمن الطريق، وفعله السفتجة بالفتح(45).
وقال: (الغريم) المديون، والدائن ضدّ(46). انتهى.
وأقول: تكنيته عليه السلام به تقيّة يحتمل الوجهين، أمَّا على الأوّل: فيكون على التشبيه لأنَّ من عليه الديون يخفي نفسه من الناس ويستتر منهم، أو لأنَّ الناس يطلبونه لأخذ العلوم والشرائع منه وهو يهرب منهم تقيّة فهو غريم مستتر محقّ صلوات الله عليه، وأمَّا على الثاني: فهو ظاهر لأنَّ أمواله عليه السلام في أيدي الناس وذممهم لكثيرة، وهذا أنسب بالأدب.
(واستقص) في بعض النسخ بالضاد المعجمة من قولهم: استقضى فلاناً: طلب إليه ليقضيه، فالتعدية بعلى لتضمين معنى الاستيلاء والاستعلاء، إيذاناً بعدم المساهلة والمدهنة تقيّة، وفي (بعضها) بالمهملة من قوله: استقصى المسألة وتقصى إذا بلغ الغاية فيها، والمماطلة: التسويف بالعدّة والدين، واستخف به أي عدّه خفيفاً واستهان به، (وسفهه عليه) كفرح وكرم جهل.
قوله: (ماذا) استفهام تحقيري، أي استخفافه بك وسفهه عليك سهل، كما يقال في العرب: أيّ شيء وقع؟ و(سحبته) كمنعته، أي جررته على الأرض، و(الركل) الضرب برجل واحدة، وقوله: (أحسنتم) من قبيل التعريض والتشنيع، و(مال عليه) أي جار وظلم، و(همدان) في أكثر النسخ بالدال المهملة، والمعروف عند أهل اللغة: أنَّه بالفتح والمهملة، قبيلة باليمن، وبالتحريك والمعجمة: البلد المعروف، سمّي باسم بانيه همذان بن الفلوح بن سام بن نوح عليه السلام. وإرادة دخولهم إلى حانوته أي دكّانه لأخذ حقّ ابن صالح منه).
16 _ الإرشاد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن عِيسَى الْعُرَيْضِيّ، قَالَ: لَمَّا مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام وَرَدَ رَجُلٌ مِنْ مِصْرَ بِمَالٍ إِلَى مَكَّةَ لِصَاحِبِ الأمْر فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاس: إِنَّ أبَا مُحَمَّدٍ قَدْ مَضَى مِنْ غَيْر خَلَفٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِهِ جَعْفَرٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ، فَبَعَثَ رَجُلاً يُكَنَّى أبُو طَالِبٍ إِلَى الْعَسْكَر يَبْحَثُ عَن الأمْر وَصِحَّتِهِ وَمَعَهُ كِتَابٌ فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى جَعْفَرٍ وَسَألَهُ عَنْ بُرْهَانٍ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: لاَ يَتَهَيَّاُ لِي فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى الْبَابِ وَأنْفَذَ الْكِتَابَ إِلَى أصْحَابِنَا الْمَوْسُومِينَ بِالسَّفَارَةِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ: (آجَرَكَ اللهُ فِي صَاحِبكَ فَقَدْ مَاتَ وَأوْصَى بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ إِلَى ثِقَةٍ يَعْمَلُ فِيهِ بِمَا يُحِبُّ)، وَاُجِيبَ عَنْ كِتَابِهِ وَكَانَ الأمْرُ كَمَا قِيلَ لَهُ(47).
الهوامش:
(1) الخرائج والجرائح 1: 466/ فصل (في معجزات صاحب الزمان عليه السلام)/ ح 12.
(2) في المصدر إضافة: (للناحية).
(3) الخرائج والجرائح 1: 472/ فصل (في معجزات صاحب الزمان عليه السلام)/ ح 16.
(4) في المصدر: (وجهه).
(5) في المصدر: (العامر) بدل (العابد).
(6) من المصدر.
(7) في المصدر: (وقال).
(8) في المصدر إضافة: (دلالة لك).
(9) الخرائج والجرائح 2: 695/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 10.
(10) في المصدر: (أسدآباد).
(11) في المصدر: (تمنيته) بدل (نسيته).
(12) الخرائج والجرائح 2: 696/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 11.
(13) في المصدر: (فيها) بدل (إليَّ).
(14) الخرائج والجرائح 2: 697/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 12.
(15) في المصدر: (اجتمعت عندي خمسمائة درهم تنقص عشرون درهماً فأتممتها).
(16) الخرائج والجرائح 2: 697/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 14.
(17) في المصدر: (كذا وكذا).
(18) الخرائج والجرائح 2: 698/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 15.
(19) في المصدر: (علان).
(20) الخرائج والجرائح 2: 698/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 16.
(21) في المصدر: (ثلاث حبات لؤلؤ تساوي).
(22) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(23) في المصدر: (بجعفر بن علي).
(24) في المصدر: (المحبّة).
(25) في المصدر: (قال: لم اُؤمر بأخذه وهذه رقعة جاءتني بأمرك فإذا فيها: (لا تقبل من أحمد)).
(26) في المصدر إضافة: (صحاح).
(27) في المصدر: (وأوجبت).
(28) في المصدر: (والمحبّة).
(29) في المصدر: (فإنَّ عدوّك قد مات، وقد ورَّثك الله).
(30) في المصدر: (نزلت فيه فإذا أنا بفيج وقد جاءني من منزلي يخبرني بأنَّ حموي قد مات).
(31) الخرائج والجرائح 2: 699/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 17.
(32) كذا في المطبوع بين معقوفتين.
(33) في الكافي إضافة: (عن أبي عبد الله النسائي).
(34) في المصدرين إضافة: (عليَّ).
(35) الإرشاد للمفيد 2: 356؛ الكافي 1: 518/ باب (مولد الصاحب عليه السلام)/ ح 6.
(36) الإرشاد للمفيد 2: 357؛ الكافي 1: 519/ باب (مولد الصاحب عليه السلام)/ ح 10.
(37) عبارة: (علي بن محمّد) ليست في الخرائج.
(38) في الكافي: (نضر).
(39) في الخرائج إضافة: (على يدي امرأة تختلف إلى الدار).
(40) أصول الكافي 1: 519/ باب (مولد الصاحب عليه السلام)/ ح 11؛ الخرائج والجرائح 2: 965/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 9؛ الإرشاد للمفيد 2: 357، وفيه: (مالاً عظيماً).
(41) في الكافي: (فماطلني).
(42) هذه الزيادة موجودة في الكافي، ساقطة عن الإرشاد وهكذا عن النسخة المطبوعة، وسيجيء معناه في البيان.
(43) أصول الكافي 1: 521/ باب (مولد الصاحب عليه السلام)/ ح 15؛ والإرشاد للمفيد 2: 362، وفيه: (فاستوفيه) بدل (فاستوفيت).
(44) في القاموس المطبوع بمصر هكذا: (أن يعطى مالاً لآخر وللآخر) وهو أنسب، ويحتمل أن يكون هكذا: (أن يعطى مالاً لأخذ وللآخذ...) الخ.
(45) القاموس المحيط 1: 201.
(46) القاموس المحيط 4: 226.
(47) الإرشاد للمفيد 2: 364.
******************
17 _ الإرشاد: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَمَلَ رَجُلٌ مِنْ أهْل آبَهْ شَيْئاً يُوصِلُهُ وَنَسِيَ سَيْفاً كَانَ أرَادَ حَمْلَهُ فَلَمَّا وَصَلَ الشَّيْ‏ءُ كَتَبَ إِلَيْهِ بِوُصُولِهِ وَقِيلَ فِي الْكِتَابِ: (مَا خَبَرُ السَّيْفِ الَّذِي نَسَيْتَهُ؟)(1).
18 _ الإرشاد: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأشْعَريُّ قَالَ: كَانَ يَردُ كِتَابُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي الإجْرَاءِ عَلَى الْجُنَيْدِ قَاتِل فَارس بْن حَاتِم بْن مَاهَوَيْهِ وَأبِي الْحَسَن وَآخَرَ. فَلَمَّا مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ وَرَدَ اسْتِئْنَافٌ مِنَ الصَّاحِبِ عليه السلام بِالإجْرَاءِ لأبِي الْحَسَن وَصَاحِبهِ وَلَمْ يَردْ فِي الْجُنَيْدِ شَيْ‏ءٌ قَالَ: فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ، فَوَرَدَ نَعْيُ الْجُنَيْدِ بَعْدَ ذَلِكَ(2).
19 _ كتاب النجوم: رُوَّينَا بِإسْنَادِنَا إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن جَريرٍ الطَّبَريّ بِإسْنَادِهِ(3) يَرْفَعُهُ إِلَى أحْمَدَ الدَّينَوَريّ السَّرَّاج الْمُكَنَّى بِأبِي الْعَبَّاس الْمُلَقَّبِ بِآستاره قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنْ أرْدَبِيلَ إِلَى دِينَوَرَ اُريدُ أنْ أحُجَّ وَذَلِكَ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام بِسَنَةٍ أوْ سَنَتَيْن وَكَانَ النَّاسُ فِي حِيرَةَ فَاسْتَبْشَرَ أهْلُ دِينَوَرَ بِمُوَافَاتِي وَاجْتَمَعَ الشّيعَةُ عِنْدِي فَقَالُوا: اجْتَمَعَ عِنْدَنَا سِتَّةَ عَشَرَ ألْفَ دِينَارٍ مِنْ مَالِ الْمَوَالِي وَنَحْتَاجُ أنْ نَحْمِلَهَا مَعَكَ وَتُسَلّمَهَا بِحَيْثُ يَجِبُ تَسْلِيمُهَ(4).
قَالَ: فَقُلْتُ: يَا قَوْم هَذِهِ(5) حِيرَةُ وَلاَ نَعْرفُ الْبَابَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، قَالَ: فَقَالُوا: إِنَّمَا اخْتَرْنَاكَ لِحَمْل هَذَا الْمَالِ لِمَا نَعْرفُ مِنْ ثِقَتِكَ وَكَرَمِكَ فَاعْمَلْ عَلَى أنْ لاَ تُخْرجَهُ مِنْ يَدَيْكَ إِلاَّ بِحُجَّةٍ.
قَالَ: فَحُمِلَ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمَالُ فِي صُرَرٍ بِاسْم رَجُلٍ رَجُلٍ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْمَالَ وَخَرَجْتُ فَلَمَّا وَافَيْتُ قَرْمِيسِينَ كَانَ أحْمَدُ بْنُ الْحَسَن بْن الْحَسَن مُقِيماً بِهَا فَصِرْتُ إِلَيْهِ مُسَلَّماً فَلَمَّا لَقِيَني اسْتَبْشَرَ بِي ثُمَّ أعْطَانِي ألْفَ دِينَارٍ فِي كِيسٍ وَتُخُوتَ ثِيَابِ ألْوَانٍ مُعْكَمَةٍ لَمْ أعْرفْ مَا فِيهَا ثُمَّ قَالَ لِي: احْمِلْ هَذَا مَعَكَ وَلاَ تُخْرجْهُ عَنْ(6) يَدِكَ إِلاَّ بِحُجَّةٍ، قَالَ: فَقَبَضْتُ الْمَالَ وَالتُّخُوتَ بِمَا فِيهَا مِنَ الثّيَابِ.
فَلَمَّا وَرَدْتُ بَغْدَادَ لَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ غَيْرَ الْبَحْثِ عَمَّنْ اُشِيرَ إِلَيْهِ بِالنّيَابَةِ فَقِيلَ لِي: إِنَّ هَاهُنَا رَجُلاً يُعْرَفُ بِالْبَاقَطَانِيّ يَدَّعِي بِالنّيَابَةِ، وَآخَرُ يُعْرَفُ بِإسْحَاقَ الأحْمَر يَدَّعِي النّيَابَةَ، وَآخَرُ يُعْرَفُ بِأبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ يَدَّعِي بِالنّيَابَةِ، قَالَ: فَبَدَأتُ بِالْبَاقَطَانِيّ وَصِرْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ شَيْخاً مَهِيباً لَهُ مُرُوءَةٌ ظَاهِرَةٌ وَفَرَسٌ عَرَبيٌّ وَغِلْمَانٌ كَثِيرٌ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عِنْدَهُ يَتَنَاظَرُونَ(7).
قَالَ: فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ وَسَرَّ وَبَرَّ، قَالَ: فَأطَلْتُ الْقُعُودَ إِلَى أنْ خَرَجَ أكْثَرُ النَّاس، قَالَ: فَسَألَنِي عَنْ دِيني(8) فَعَرَّفْتُهُ أنّي رَجُلٌ مِنْ أهْل دِينَوَرَ وَافَيْتُ وَمَعِي شَيْ‏ءٌ مِنَ الْمَالِ أحْتَاجُ أنْ اُسَلّمَهُ، فَقَالَ لِي: احْمِلْهُ، قَال:‏ فَقُلْتُ: اُريدُ حُجَّةً، قَالَ: تَعُودُ إِلَيَّ فِي غَدٍ، قَالَ: فَعُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ فَلَمْ يَأتِ بِحُجَّةٍ، وَعُدْتُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِثِ فَلَمْ يَأتِ بِحُجَّةٍ.
قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى إِسْحَاقَ الأحْمَر فَوَجَدْتُهُ شَابّاً نَظِيفاً مَنْزلُهُ أكْبَرُ مِنْ مَنْزِلِ الْبَاقَطَانِيّ وَفَرَسُهُ وَلِبَاسُهُ وَمُرُوءَتُهُ أسْرَى وَغِلْمَانُهُ أكْثَرُ مِنْ غِلْمَانِهِ وَيَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاس أكْثَرُ مِمَّا يَجْتَمِعُ عِنْدَ الْبَاقَطَانِيّ، قَالَ: فَدَخَلْتُ وَسَلَّمْتُ فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ، قَالَ: فَصَبَرْتُ إِلَى أنْ خَفَّ النَّاسُ، قَالَ(9): فَسَألَنِي عَنْ حَاجَتِي، فَقُلْتُ لَهُ كَمَا قُلْتُ لِلْبَاقَطَانِيّ وَعُدْتُ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ(10) أيَّام فَلَمْ يَأتِ بِحُجَّةٍ.
قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ فَوَجَدْتُهُ شَيْخاً مُتَوَاضِعاً عَلَيْهِ مُبَطَّنَةٌ(11) بَيْضَاءُ قَاعِدٌ عَلَى لِبْدٍ فِي بَيْتٍ صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ غِلْمَانٌ وَلاَ مِنَ الْمُرُوءَةِ وَالْفَرَس مَا وَجَدْتُ(12) لِغَيْرهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ الْجَوَابَ وَأدْنَانِي وَبَسَطَ مِنّي ثُمَّ سَألَنِي عَنْ حَالِي(13) فَعَرَّفْتُهُ أنّي وَافَيْتُ مِنَ الْجَبَل وَحَمَلْتُ مَالاً، قَالَ: فَقَالَ: إِنْ أحْبَبْتَ أنْ يَصِلَ هَذَا الشَّيْ‏ءُ إِلَى مَنْ يَجِبُ أنْ يَصِلَ إِلَيْهِ تَخْرُجُ إِلَى سُرَّ مَنْ ‏رَأى وَتَسْألُ دَارَ ابْن الرَّضَا وَعَنْ فُلاَن بْن فُلاَنٍ الْوَكِيل _ وَكَانَتْ دَارُ ابْن الرَّضَا عَامِرَةً بِأهْلِهَا _ فَإنَّكَ تَجِدُ هُنَاكَ مَا تُريدُ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَمَضَيْتُ نَحْوَ سُرَّ مَنْ ‏رَأى وَصِرْتُ إِلَى دَار ابْن الرَّضَا وَسَألْتُ عَن الْوَكِيل فَذَكَرَ الْبَوَّابُ أنَّهُ مُشْتَغِلٌ فِي الدَّار وَأنَّهُ يَخْرُجُ آنِفاً فَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ أنْتَظِرُ خُرُوجَهُ فَخَرَجَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقُمْتُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأخَذَ بِيَدِي إِلَى بَيْتٍ كَانَ لَهُ، وَسَألَنِي عَنْ حَالِي وَمَا وَرَدْتُ لَهُ فَعَرَّفْتُهُ أنّي حَمَلْتُ شَيْئاً مِنَ الْمَالِ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَبَل وَأحْتَاجُ أنْ اُسَلّمَهُ بِحُجَّةٍ، قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَدَّمَ إِلَيَّ طَعَاماً وَقَالَ لِي: تَغَدَّ بِهَذَا وَاسْتَرحْ، فَإنَّكَ تَعِبْتَ فَإنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَلاَةِ الاُولَى سَاعَةً فَإنّي أحْمِلُ إِلَيْكَ مَا تُريدُ، قَالَ: فَأكَلْتُ وَنمْتُ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الصَّلاَةِ نَهَضْتُ وَصَلَّيْتُ وَذَهَبْتُ إِلَى الْمَشْرَعَةِ فَاغْتَسَلْتُ وَنَضَّرْتُ(14) وَانْصَرَفْتُ إِلَى بَيْتِ الرَّجُل وَسَكَنْتُ(15) إِلَى أنْ مَضَى مِنَ اللَّيْل رُبُعُهُ فَجَاءَنِي بَعْدَ أنْ مَضَى مِنَ اللَّيْل رُبُعُهُ وَمَعَهُ دَرْجٌ فِيهِ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، وَافَى أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(16) الدَّينَوَريُّ وَحَمَلَ سِتَّةَ عَشَرَ ألْفَ دِينَارٍ فِي كَذَا وَكَذَا صُرَّةً، فِيهَا صُرَّةُ فُلاَن بْن فُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا دِينَاراً _ إِلَى أنْ عَدَّدَ الصُّرَرَ كُلَّهَا _ وَصُرَّةُ(17) فُلاَن بْن فُلاَنٍ الذَّرَّاع سِتَّةَ عَشَرَ دِينَاراً).
قَالَ: فَوَسْوَسَ إِلَيَّ الشَّيْطَانُ فَقُلْتُ: إِنَّ سَيّدِي أعْلَمُ بِهَذَا مِنّي؟ فَمَا زِلْتُ أقْرَاُ ذِكْرَهُ صُرَّةً صُرَّةً وَذِكْرَ صَاحِبِهَا حَتَّى أتَيْتُ عَلَيْهَا عِنْدَ آخِرهَا ثُمَّ ذَكَرَ: (قَدْ حُمِلَ مِنْ قَرْمِيسِينَ مِنْ عِنْدِ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمَادَرَائِيّ أخِي الصَّوَّافِ(18) كِيسٌ فِيهِ ألْفُ دِينَارٍ، وَكَذَا وَكَذَا تَخْتاً مِنَ الثّيَابِ مِنْهَا ثَوْبُ فُلاَنٍ وَثَوْبٌ لَوْنُهُ كَذَا...) حَتَّى نَسَبَ الثّيَابَ إِلَى آخِرهَا بِأنْسَابِهَا وَألْوَانِهَا.
قَالَ: فَحَمِدْتُ اللهَ وَشَكَرْتُهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ إِزَالَةِ الشَّكَّ عَنْ قَلْبِي فَأمَرَ بِتَسْلِيم جَمِيع مَا حَمَلْتُ إِلَى حَيْثُ يَأمُرُني أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَصِرْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: وَكَانَ خُرُوجِي وَانْصِرَافِي فِي ثَلاَثَةِ أيَّام.
قَالَ: فَلَمَّا بَصُرَ بِي أبُو جَعْفَرٍ رحمه الله قَالَ: لِمَ لَمْ تَخْرُجْ(19)؟ فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مِنْ سُرَّ مَنْ ‏رَأى انْصَرَفْتُ، قَالَ: فَأنَا اُحَدَّثُ أبَا جَعْفَرٍ بِهَذَا إِذْ وَرَدَتْ رُقْعَةٌ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ مِنْ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الأمْر صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَمَعَهَا دَرْجٌ مِثْلُ الدَّرْج الَّذِي كَانَ مَعِي فِيهِ ذِكْرُ الْمَالِ وَالثّيَابِ وَأمَرَ أنْ يُسَلَّمَ جَمِيعُ ذَلِكَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن جَعْفَرٍ الْقَطَّان الْقُمَّيّ، فَلَبِسَ أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ ثِيَابَهُ وَقَالَ لِي: احْمِلْ مَا مَعَكَ إِلَى مَنْزلِ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن جَعْفَرٍ الْقَطَّان الْقُمَّيّ، قَالَ: فَحَمَلْتُ الْمَالَ وَالثّيَابَ إِلَى مَنْزلِ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن جَعْفَرٍ الْقَطَّان وَسَلَّمْتُهَا إِلَيْهِ وَخَرَجْتُ إِلَى الْحَجَّ.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى دِينَوَرَ اجْتَمَعَ عِنْدِي النَّاسُ فَأخْرَجْتُ الدَّرْجَ الَّذِي أخْرَجَهُ وَكِيلُ مَوْلاَنَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِلَيَّ وَقَرَأتُهُ عَلَى الْقَوْم فَلَمَّا سَمِعَ بِذِكْر الصُّرَّةِ بِاسْم الذَّرَّاع سَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ وَمَا زِلْنَا نُعَلّلُهُ حَتَّى أفَاقَ، فَلَمَّا أفَاقَ سَجَدَ شُكْراً للهِ عزّ وجل وَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْهِدَايَةِ، الآنَ عَلِمْتُ أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ هَذِهِ الصُّرَّةُ دَفَعَهَا وَاللهِ إِلَيَّ هَذَا الذَّرَّاعُ لَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ اللهُ عزّ وجل.
قَالَ: فَخَرَجْتُ وَلَقِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ أبَا الْحَسَن الْمَادَرَائِيَّ وَعَرَّفْتُهُ الْخَبَرَ وَقَرَأتُ عَلَيْهِ الدَّرْجَ فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ مَا شَكَكْتُ فِي شَيْ‏ءٍ فَلاَ تَشُكَّ فِي أنَّ اللهَ عزّ وجل لاَ يُخَلّي أرْضَهُ مِنْ حُجَّتِهِ.
اعْلَمْ أنَّهُ لَمَّا غَزَا إِذْكُوتَكِينُ(20) يَزيدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بِشَهْرَزُورَ وَظَفِرَ بِبلاَدِهِ وَاحْتَوَى عَلَى خَزَائِنهِ صَارَ إِلَيَّ رَجُلٌ وَذَكَرَ أنَّ يَزيدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ جَعَلَ الْفَرَسَ الْفُلاَنِيَّ وَالسَّيْفَ الْفُلاَنِيَّ فِي بَابِ مَوْلاَنَا عليه السلام قَالَ: فَجَعَلْتُ أنْقُلُ خَزَائِنَ يَزيدَ بْن عَبْدِ اللهِ إِلَى إِذْكُوتَكِينَ أوَّلاً فَأوَّلاً وَكُنْتُ اُدَافِعُ بِالْفَرَس وَالسَّيْفِ إِلَى أنْ لَمْ يَبْقَ شَيْ‏ءٌ غَيْرُهُمَا وَكُنْتُ أرْجُو أنْ اُخَلّصَ ذَلِكَ لِمَوْلاَنَا عليه السلام فَلَمَّا اشْتَدَّتْ مُطَالَبَةُ إِذْكُوتَكِينَ إِيَّايَ وَلَمْ يُمْكِنّي مُدَافَعَتُهُ جَعَلْتُ فِي السَّيْفِ وَالْفَرَس فِي(21) نَفْسِي ألْفَ دِينَارٍ وَوَزَنْتُهَا وَدَفَعْتُهَا إِلَى الْخَازِن وَقُلْتُ لَهُ: ارْفَعْ(22) هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فِي أوْثَقِ مَكَانٍ وَلاَ تُخْرجَنَّ إِلَيَّ فِي حَالٍ مِنَ الأحْوَالِ(23) وَلَو اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا وَسَلَّمْتُ الْفَرَسَ وَالسَّيْفَ.
قَالَ: فَأنَا قَاعِدٌ فِي مَجْلِسِي بِالَّذِي اُبْرمُ(24) الاُمُورَ وَاُوفِي الْقَصَصَ وَآمُرُ وَأنْهَى إِذْ دَخَلَ أبُو الْحَسَن الأسَدِيُّ وَكَانَ يَتَعَاهَدُنِي الْوَقْتَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَكُنْتُ أقْضِي حَوَائِجَهُ، فَلَمَّا طَالَ جُلُوسُهُ وَعَلَيَّ بُؤْسٌ كَثِيرٌ قُلْتُ لَهُ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أحْتَاجُ مِنْكَ إِلَى خَلْوَةٍ، فَأمَرْتُ الْخَازِنَ أنْ يُهَيّئَ لَنَا مَكَاناً مِنَ الْخِزَانَةِ، فَدَخَلْنَا الْخِزَانَةَ فَأخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً صَغِيرَةً مِنْ مَوْلاَنَا صلى الله عليه وآله وسلّم فِيهَا: (يَا أحْمَدَ بْنَ الْحَسَن الألْفُ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا عِنْدَكَ ثَمَنُ الْفَرَس وَالسَّيْفِ سَلّمْهَا إِلَى أبِي الْحَسَن الأسَدِيّ)، قَالَ: فَخَرَرْتُ للهِ سَاجِداً شُكْراً لِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ وَعَرَفْتُ أنَّهُ حُجَّةُ اللهِ حَقّاً لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ عَلَى هَذَا أحَدٌ غَيْري فَأضَفْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمَالِ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِينَارٍ اُخْرَى سُرُوراً بِمَا مَنَّ اللهُ عَلَيَّ بِهَذَ(25) الأمْر.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ بِإسْنَادِنَا إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ الطَّبَريّ أيْضاً مِنْ كِتَابِهِ: عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَن الْكُلَيْنيّ(26)، قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلاَءِ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان ثَلاَثَةَ كُتُبٍ فِي حَوَائِجَ لِي وَأعْلَمْتُهُ أنَّنِي رَجُلٌ قَدْ كَبِرَ سِنّي وَأنَّهُ لاَ وَلَدَ لِي، فَأجَابَني عَن الْحَوَائِج وَلَمْ يُجِبْني فِي الْوَلَدِ بِشَيْ‏ءٍ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ كِتَاباً وَسَألْتُهُ أنْ يَدْعُوَ إِلَى اللهِ أنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً فَأجَابَني وَكَتَبَ بِحَوَائِجِي وَكَتَبَ: (اللهُمَّ ارْزُقْهُ وَلَداً ذَكَراً تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ وَاجْعَلْ هَذَا الْحَمْلَ الَّذِي لَهُ وَلَداً ذَكَراً)، فَوَرَدَ الْكِتَابُ وَأنَا لاَ أعْلَمُ أنَّ لِي حَمْلاً فَدَخَلْتُ إِلَى جَاريَتِي فَسَألْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَأخْبَرَتْنِي أنَّ عِلَّتَهَا قَدِ ارْتَفَعَتْ فَوَلَدَتْ غُلاَماً. وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْحِمْيَريُّ أيْض(27).
وَبِإسْنَادِنَا إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن جَريرٍ الطَّبَريّ فِي كِتَابِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْن مُوسَى التَّلَّعُكْبَريُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو الْحُسَيْن بْنُ أبِي الْبَغْل الْكَاتِبُ، قَالَ: تَقَلَّدْتُ عَمَلاً مِنْ أبِي مَنْصُور بْن صَالِحَان وَجَرَى بَيْني وَبَيْنَهُ مَا أوجبت اسْتِتَاري(28) فَطَلَبَني وَأخَافَنِي فَمَكَثْتُ مُسْتَتِراً خَائِفاً ثُمَّ قَصَدْتُ مَقَابِرَ قُرَيْشٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَاعْتَمَدْتُ الْمَبِيتَ هُنَاكَ لِلدُّعَاءِ وَالْمَسْألَةِ وَكَانَتْ لَيْلَةَ ريح وَمَطَرٍ فَسَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ الْقَيّمَ أنْ يُغْلِقَ الأبْوَابَ وَأنْ يَجْتَهِدَ فِي خَلْوَةِ الْمَوْضِع لأخْلُوَ بِمَا اُريدُهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَالْمَسْألَةِ وَآمَنَ مِنْ دُخُولِ إِنْسَانٍ مِمَّا لَمْ آمَنْهُ وَخِفْتُ مِنْ لِقَائِي لَهُ فَفَعَلَ وَقَفَّلَ الأبْوَابَ وَانْتَصَفَ اللَّيْلُ وَوَرَدَ مِنَ الرَّيح وَالْمَطَر مَا قَطَعَ النَّاسَ عَن الْمَوْضِع وَمَكَثْتُ أدْعُو وَأزُورُ وَاُصَلّي.
فَبَيْنَا أنَا كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ وَطْئاً عِنْدَهُ مَوْلاَنَا مُوسَى عليه السلام وَإِذَا رَجُلٌ يَزُورُ فَسَلَّمَ عَلَى آدَمَ وَاُولِي الْعَزْم عليهم السلام ثُمَّ الأئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً إِلَى أن انْتَهَى إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام فَلَمْ يَذْكُرْهُ، فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهُ(29): لَعَلَّهُ نَسِيَ أوْ لَمْ يَعْرفْ أوْ هَذَا مَذْهَبٌ لِهَذَا الرَّجُل.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ زِيَارَتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْن وَأقْبَلَ إِلَيَّ عِنْدَ مَوْلاَنَا أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَزَارَ مِثْلَ تِلْكَ الزّيَارَةِ وَذَلِكَ(30) السَّلاَم. وَصَلَّى رَكْعَتَيْن وَأنَا خَائِفٌ مِنْهُ إِذْ لَمْ أعْرفْهُ وَرَأيْتُهُ شَابّاً تَامّاً مِنَ الرَّجَالِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ وَعِمَامَةٌ مُحَنَّكٌ وَذُؤَابَةٌ(31) وَردَاءٌ عَلَى كَتِفِهِ مُسْبَلٌ فَقَالَ: (يَا أبَا الْحُسَيْن بْنَ أبِي الْبَغْل أيْنَ أنْتَ عَنْ دُعَاءِ الْفَرَج؟)، فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ يَا سَيَّدِي؟
فَقَالَ: (تُصَلَّي رَكْعَتَيْن وَتَقُولُ: يَا مَنْ أظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ، يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَريرَةِ، وَلَمْ يَهْتِكِ السَّتْرَ، يَا عَظِيمَ الْمَنَّ، يَا كَريمَ الصَّفْح، يَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ، يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يَا بَاسِطَ الْيَدَيْن بِالرَّحْمَةِ، يَا مُنْتَهَى كُلّ نَجْوَى، وَيَا غَايَةَ كُلّ شَكْوَى، يَا عَوْنَ كُلّ مُسْتَعِينٍ، يَا مُبْتَدِئاً بِالنّعَم قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا، يَا رَبَّاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)(32)، يَا سَيَّدَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، يَا مَوْلَيَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، يَا غَايَتَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، يَا مُنْتَهَى غَايَةِ رَغْبَتَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، أسْألُكَ بِحَقَّ هَذِهِ الأسْمَاءِ وَبِحَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ عليهم السلام إِلاَّ مَا كَشَفْتَ كَرْبي وَنَفَّسْتَ هَمَّي وَفَرَّجْتَ غَمَّي وَأصْلَحْتَ حَالِي.
وَتَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ مَا شِئْتَ وَتَسْألُ حَاجَتَكَ ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الأيْمَنَ عَلَى الأرْض وَتَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي سُجُودِكَ: يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ! يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ(33)! اكْفِيَانِي فَإنَّكُمَا كَافِيَايَ، وَانْصُرَانِي فَإنَّكُمَا نَاصِرَايَ، وَتَضَعُ خَدَّكَ الأيْسَرَ عَلَى الأرْض وَتَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ: أدْركْنِي، وَتُكَرَّرُهَ(34) كَثِيراً وَتَقُولُ: الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ حَتَّى يَنْقَطِعَ النَّفَسُ، وَتَرْفَعُ رَأسَكَ فَإنَّ اللهَ بِكَرَمِهِ يَقْضِي حَاجَتَكَ إِنْ شَاءَ اللهُ).
فَلَمَّا شَغَلْتُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ خَرَجَ فَلَمَّا فَرَغْتُ خَرَجْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ لأسْألَهُ عَن الرَّجُل وَكَيْفَ دَخَلَ؟ فَرَأيْتُ الأبْوَابَ عَلَى حَالِهَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ: لَعَلَّهُ بَاتَ هَاهُنَا وَلَمْ أعْلَمْ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْقَيّم فَخَرَجَ إِلَى عِنْدِي مِنْ بَيْتِ(35) الزَّيْتِ فَسَألْتُهُ عَن الرَّجُل وَدُخُولِهِ فَقَالَ: الأبْوَابُ مُقَفَّلَةٌ كَمَا تَرَى مَا فَتَحْتُهَا، فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا مَوْلاَنَا صَاحِبُ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ شَاهَدْتُهُ مِرَاراً فِي مِثْل هَذِهِ اللَّيْلَةِ عِنْدَ خُلُوَّهَا مِنَ النَّاس.
فَتَأسَّفْتُ عَلَى مَا فَاتَنِي مِنْهُ، وَخَرَجْتُ عِنْدَ قُرْبِ الْفَجْر، وَقَصَدْتُ الْكَرْخَ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي كُنْتُ مُسْتَتِراً فِيهِ، فَمَا أضْحَى النَّهَارَ إِلاَّ وَأصْحَابُ ابْن الصَّالِحَان يَلْتَمِسُونَ لِقَائِي وَيَسْألُونَ عَنّي(36) أصْدِقَائِي وَمَعَهُمْ أمَانٌ مِنَ الْوَزِير وَرُقْعَةٌ بِخَطّهِ فِيهَا كُلُّ جَمِيلٍ فَحَضَرْتُهُ مَعَ ثِقَةٍ مِنْ أصْدِقَائِي عِنْدَهُ فَقَامَ وَالْتَزَمَنِي وَعَامَلَنِي بِمَا لَمْ أعْهَدْهُ مِنْهُ وَقَالَ:
انْتَهَتْ بِكَ الْحَالُ إِلَى أنْ تَشْكُوَني إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ؟ فَقُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنّي دُعَاءٌ وَمَسْألَةٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ رَأيْتُ الْبَارحَةَ مَوْلاَيَ صَاحِبَ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فِي النَّوْم _ يَعْنِي لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ _ وَهُوَ يَأمُرُني بِكُلّ جَمِيلٍ وَيَجْفُو عَلَيَّ فِي ذَلِكَ جَفْوَةً خِفْتُهَا.
الهوامش:
(1) الإرشاد للمفيد 2: 365، وفيه (أنسيته).
(2) الإرشاد للمفيد 2: 365؛ وفيه: (أخي) بدل (وآخر)، وهذه الروايات الثلاث توجد في أصول الكافي 1: 523 أيضاً مع اختلاف يسير.
(3) والإسناد هكذا: (عن أبي المفضل محمّد بن عبد الله، عن محمّد بن جعفر المقري، عن محمّد بن سابور، عن الحسن بن محمّد بن حمران، عن أحمد الدينوري).
(4) في المصدر: (ونحن نحتاج أن تحملها معك وتسلّمها لمن يجب تسليمها إليه).
(5) في المصدر إضافة: (أيّام).
(6) في المصدر: (من) بدل (عن).
(7) في المصدر: (فيتناظرون) بدل (عنده يتناظرون).
(8) في المصدر: (أربتي) بدل (ديني).
(9) كلمة: (قال) ليست في المصدر.
(10) في المصدر: (قلت للباقطاني: ووعدني بالحجّة فعدت إليه ثمانية أيّام).
(11) في المصدر: (منطقة) بدل (مبطنة).
(12) في المصدر: (والفرش ما وحدته).
(13) في المصدر: (حاجتي) بدل (حالي).
(14) في المصدر: (زرت) بدل (نضّرت).
(15) في المصدر: (مكثت) بدل (سكنت).
(16) في المصدر: (محمّد بن أحمد) بدل (أحمد بن محمّد).
(17) في المصدر: (وفيها صرّة).
(18) في المصدر: (الصرّاف).
(19) في المصدر: (قال لي: ألم تخرج؟).
(20) في المصدر: (إزكوتكين) وكذا في ما بعد.
(21) في المصدر: (على) بدل (في).
(22) في المصدر: (ادفع).
(23) في المصدر إضافة: (شيئاً منها).
(24) في المصدر إضافة: (فيه).
(25) في المصدر: (من معرفة هذا) بدل (بهذا).
(26) في المصدر: (ما لفظه) بدل (عن أبي المفضَّل الشيباني، عن الكليني).
(27) في المصدر: (قد ارتفعت وأنَّها حامل فولدت غلاماً. وهذان الحديثان رويتهما عن الطبري والحميري).
(28) في المصدر إضافة: (عنه).
(29) في المصدر: (في نفسي) بدل (له).
(30) في المصدر: (وسلّم ذلك).
(31) في المصدر: (محنَّك بها، وله ذؤابة).
(32) من قوله: (يا سيّداه) إلى قوله: (عشر مرّات) ليس في المصدر.
(33) عبارة: (يا علي يا محمّد) ليست في المصدر.
(34) في المصدر: (وتقول أدركني يا صاحب الزمان وتكرّرها).
(35) في المصدر: (باب) بدل (بيت).
(36) في المصدر إضافة: (أصحاب و).
******************
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، مثله(1).
46 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِنَا أنَّهُ عليه السلام بَعَثَ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ بْن الْجُنَيْدِ وَهُوَ بِوَاسِطٍ غُلاَماً وَأمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَلَمَّا عَيَّرَ الدَّنَانِيرَ نَقَصَتْ فِي التَّعْيِير ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَحَبَّةٌ فَوَزَنَ مِنْ عِنْدِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَحَبَّةً وَأنْفَذَهَا فَرُدَّ عَلَيْهِ دِينَارٌ وَزْنُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَحَبَّةٌ(2).
الخرائج والجرائح: قال الكليني: أخبرنا جماعة من أصحابنا أنَّه بعث... إلى آخر الخبر(3).
بيان: الضمير في قوله: (أنَّه) راجع إلى القائم عليه السلام.
47 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَبْرَئِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَي الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: وَفَدْتُ(4) الْعَسْكَرَ زَائِراً فَقَصَدْتُ النَّاحِيَةَ فَلَقِيَتْنِي امْرَأةٌ فَقَالَتْ: أنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: انْصَرفْ فَإنَّكَ لاَ تَصِلُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَارْجِع اللَّيْلَةَ فَإنَّ الْبَابَ مَفْتُوحٌ لَكَ، فَادْخُل الدَّارَ وَاقْصِدِ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ السَّرَاجُ، فَفَعَلْتُ وَقَصَدْتُ الْبَابَ فَإذَا هُوَ مَفْتُوحٌ وَدَخَلْتُ الدَّارَ وَقَصَدْتُ الْبَيْتَ الَّذِي وَصَفَتْهُ.
فَبَيْنَا أنَا بَيْنَ الْقَبْرَيْن أنْتَحِبُ وَأبْكِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتاً وَهُوَ يَقُولُ: (يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ اللهَ وَتُبْ مِنْ كُلّ مَا أنْتَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَلَّدْتَ أمْراً عَظِيماً)(5).
48 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، عَنْ نَصْر بْن الصَّبَّاح الْبَلْخِيّ، قَالَ: كَانَ بِمَرْوَ كَاتِبٌ كَانَ الْخُوزِسْتَانِيَّ(6) سَمَّاهُ لِي نَصْرٌ فَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ ألْفُ دِينَارٍ لِلنَّاحِيَةِ فَاسْتَشَارَني فَقُلْتُ: ابْعَثْ بِهَا إِلَى الْحَاجِز، فَقَالَ: هُوَ فِي عُنُقِكَ إِنْ سَألَنِي اللهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ نَصْرٌ: فَفَارَقْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَيْهِ بَعْدَ سَنَتَيْن فَلَقِيتُهُ فَسَألْتُهُ عَن الْمَالِ فَذَكَرَ أنَّهُ بَعَثَ مِنَ الْمَالِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ إِلَى الْحِجَازِ(7) فَوَرَدَ عَلَيْهِ وُصُولُهَا وَالدُّعَاءُ لَهُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: (كَانَ الْمَالُ ألْفَ دِينَارٍ فَبَعَثْتَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ فَإنْ أحْبَبْتَ أنْ تُعَامِلَ أحَداً فَعَامِل الأسَدِيَّ بِالرَّيّ).
قَالَ نَصْرٌ: وَوَرَدَ عَلَيَّ نَعْيُ حَاجِزٍ فَجَزعْتُ مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِيداً وَاغْتَمَمْتُ لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ تَغْتَمُّ وَتَجْزَعُ وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ بِدَلاَلَتَيْن قَدْ أخْبَرَكَ بِمَبْلَغ الْمَالِ وَقَدْ نَعَى إِلَيْكَ حَاجِزاً مُبْتَدِئ(8)؟
49 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَنْ نَصْر بْن الصَّبَّاح، قَالَ: أنْفَذَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَلْخ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ إِلَى حَاجِزٍ وَكَتَبَ رُقْعَةً غَيَّرَ فِيهَا اسْمَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ بِالْوُصُولِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَالدُّعَاءِ(9).
50 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي حَامِدٍ الْمَرَاغِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ بْن نُعَيْم، قَالَ: بَعَثَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَلْخ بِمَالٍ وَرُقْعَةٍ لَيْسَ فِيهَا كِتَابَةٌ وَقَدْ خَطَّ فِيهَا بِإصْبَعِهِ كَمَا تَدُورُ مِنْ غَيْر كِتَابَةٍ وَقَالَ لِلرَّسُولِ: احْمِلْ هَذَا الْمَالَ فَمَنْ أخْبَرَكَ بِقِصَّتِهِ وَأجَابَ عَن الرُّقْعَةِ فَأوْصِلْ إِلَيْهِ الْمَالَ، فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى الْعَسْكَر وَقَصَدَ جَعْفَراً وَأخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: تُقِرُّ بِالْبَدَاءِ؟ قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإنَّ صَاحِبَكَ قَدْ بَدَا لَهُ وَقَدْ أمَرَكَ أنْ تُعْطِيَني هَذَا الْمَالَ، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ: لاَ يُقْنِعُنِي هَذَا الْجَوَابُ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَجَعَلَ يَدُورُ (على)(10) أصْحَابَنَا فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ رُقْعَةٌ: (هَذَا مَالٌ كَانَ قَدْ غُدِرَ بِهِ كَانَ فَوْقَ صُنْدُوقٍ فَدَخَلَ اللُّصُوصُ الْبَيْتَ فَأخَذُوا مَا كَانَ فِي الصُّنْدُوقِ)، وَسَلِمَ الْمَالُ وَرُدَّتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ: (وَقَدْ كُتِبَ فِيهَا كَمَا تَدُورُ وَسَألْتَ الدُّعَاءَ فَعَلَ اللهُ بِكَ وَفَعَلَ)(11).
بيان: قوله: (وقد كتب فيها) أي الرقعة التي كانت قد كتب السؤال فيها بالإصبع كما تدور.
51 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح، قَالَ: كَتَبْتُ أسْألُ(12) الدُّعَاءَ لباداشاكه(13) وَقَدْ حَبَسَهُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزيز وَاسْتَأذَنَ فِي جَاريَةٍ لِي أسْتَوْلِدُهَا فَخَرَجَ: (اسْتَوْلِدْهَا وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ وَالْمَحْبُوسُ يُخَلّصْهُ (اللهُ)(14))، فَاسْتُولِدَتِ الْجَاريَةُ فَوَلَدَتْ فَمَاتَتْ وَخُلّيَ عَن الْمَحْبُوس يَوْمَ خَرَجَ إِلَيَّ التَّوْقِيعُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ قَالَ: وُلِدَ لِي مَوْلُودٌ فَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي تَطْهِيرهِ يَوْمَ السَّابِع أو الثَّامِن فَلَمْ يَكْتُبْ شَيْئاً فَمَاتَ الْمَوْلُودُ يَوْمَ الثَّامِن، ثُمَّ كَتَبْتُ اُخْبِرُ بِمَوْتِهِ فَوَرَدَ: (سَيَخْلُفُ عَلَيْكَ غَيْرُهُ وَغَيْرُهُ فَسَمَّهِ أحْمَدَ وَبَعْدَ أحْمَدَ جَعْفَراً)، فَجَاءَ مَ(15) قَالَ عليه السلام.
قَالَ: وَتَزَوَّجْتُ بِامْرَأةٍ سِرّاً فَلَمَّا وَطِئْتُهَا عَلِقَتْ وَجَاءَتْ بِابْنَةٍ فَاغْتَمَمْتُ وَضَاقَ صَدْري فَكَتَبْتُ أشْكُو ذَلِكَ فَوَرَدَ: (سَتُكْفَاهَا)، فَعَاشَتْ أرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ، فَوَرَدَ: (اللهُ ذُو أنَاةٍ وَأنْتُمْ تَسْتَعْجِلُونَ).
قَالَ: وَلَمَّا وَرَدَ نَعْيُ ابْن هِلاَلٍ لَعَنَهُ اللهُ جَاءَنِي الشَّيْخُ فَقَالَ لِي: أخْرج الْكِيسَ الَّذِي عِنْدَكَ فَأخْرَجْتُهُ فَأخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً فِيهَا: (وَأمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أمْر الصُّوفِيّ الْمُتَصَنّع _ يَعْنِي الْهِلاَلِيَّ _ بَتَرَ اللهُ عُمُرَهُ). ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ: (قَدْ قَصَدْنَا فَصَبَرْنَا عَلَيْهِ فَبَتَرَ اللهُ عُمُرَهُ بِدَعْوَتِنَا)(16).
نجم: (كتاب النجوم) بِإسْنَادِنَا إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الطَّبَريّ وَعَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريّ قَالاَ: حَدَّثَنَا أبُو جَعْفَرٍ... إِلَى قَوْلِهِ: (وَأنْتُمْ تَسْتَعْجِلُونَ)(17).
دَلاَئِلُ الإمَامَةِ لِلطَّبَريّ: عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: وُلِدَ لِي مَوْلُودٌ... إِلَى آخِر الْخَبَر(18).
وَعَنْهُ: عَنْ أبِي الْمُفَضَّل، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ أبِي حَامِدٍ الْمَرَاغِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ بْن نُعَيْم، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل بَلْخَ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأةً سِرّاً... إِلَى آخِر الْخَبَر(19).
52 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَن الْحَسَن بْن الْفَضْل الْيَمَانِيّ، قَالَ: قَصَدْتُ سُرَّ مَنْ رَأى فَخَرَجَ إِلَيَّ صُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ وَثَوْبَان فَرَدَدْتُهَا وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أنَا عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ الْمَنْزلَةِ فَأخَذَتْنِي الْعِزَّةُ، ثُمَّ نَدِمْتُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَتَبْتُ رُقْعَةً أعْتَذِرُ وَأسْتَغْفِرُ وَدَخَلْتُ الْخَلاَءَ وَأنَا اُحَدَّثُ نَفْسِي وَأقُولُ: وَاللهِ لَئِنْ رُدَّتِ الصُّرَّةُ لَمْ أحُلَّهَا وَلَمْ اُنْفِقْهَا حَتَّى أحْمِلَهَا إِلَى وَالِدِي فَهُوَ أعْلَمُ مِنّي(20).
فَخَرَجَ إِلَى الرَّسُولِ: (أخْطَأتَ إِذْ لَمْ تُعْلِمْهُ أنَّا رُبَّمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَوَالِينَا وَرُبَّمَا سَألُونَا ذَلِكَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ)، وَخَرَجَ إِلَيَّ: (أخْطَأتَ بِرَدَّكَ بِرَّنَا وَإِذَا اسْتَغْفَرْتَ اللهَ فَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ، وَإِذَا كَانَ عَزِيمَتُكَ وَعَقْدُ نِيَّتِكَ أنْ لاَ تُحْدِثَ فِيهَا حَدَثاً وَلاَ تُنْفِقَهَا فِي طَريقِكَ فَقَدْ صَرَفْنَاهَا عَنْكَ، وَأمَّا الثَّوْبَان فَلاَ بُدَّ مِنْهُمَا لِتُحْرمَ فِيهِمَا).
قَالَ: وَكَتَبْتُ فِي مَعْنَيَيْن وَأرَدْتُ أنْ أكْتُبَ فِي مَعْنًى ثَالِثٍ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَعَلَّهُ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيَّ الْجَوَابُ فِي الْمَعْنَيَيْن وَالْمَعْنَى الثَّالِثِ الَّذِي طَوَيْتُهُ وَلَمْ أكْتُبْهُ.
قَالَ: وَسَألْتُ طِيباً فَبَعَثَ إِلَيَّ بِطِيبٍ فِي خِرْقَةٍ بَيْضَاءَ فَكَانَتْ مَعِي فِي الْمَحْمِل فَنَفَرَتْ نَاقَتِي بِعَسْفَانَ وَسَقَطَ مَحْمِلِي وَتَبَدَّدَ مَا كَانَ مَعِي فَجَمَعْتُ الْمَتَاعَ وَافْتَقَدْتُ الصُّرَّةَ وَاجْتَهَدْتُ فِي طَلَبِهَا حَتَّى قَالَ بَعْضُ مَنْ مَعَنَا: مَا تَطْلُبُ؟ فَقُلْتُ: صُرَّةً كَانَتْ مَعِي، قَالَ: وَمَا كَانَ فِيهَا؟ فَقُلْتُ: نَفَقَتِي، قَالَ: قَدْ رَأيْتُ مَنْ حَمَلَهَا فَلَمْ أزَلْ أسْألُ عَنْهَا حَتَّى آيَسْتُ مِنْهَا، فَلَمَّا وَافَيْتُ مَكَّةَ حَلَلْتُ عَيْبَتِي وَفَتَحْتُهَا فَإذَا أوَّلُ مَا بَدَ(21) عَلَيَّ مِنْهَا الصُّرَّةُ وَإِنَّمَا كَانَتْ خَارجاً فِي الْمَحْمِل فَسَقَطَتْ حِينَ تَبَدَّدَ الْمَتَاعُ.
قَالَ: وَضَاقَ صَدْري بِبَغْدَادَ فِي مَقَامِي، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أخَافُ أنْ لاَ أحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلاَ أنْصَرفَ إِلَى مَنْزلِي، وَقَصَدْتُ أبَا جَعْفَرٍ أقْتَضِيهِ جَوَابَ رُقْعَةٍ كُنْتُ كَتَبْتُهَا، فَقَالَ: صِرْ إِلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فَإنَّهُ يَجِيئُكَ رَجُلٌ يُخْبِرُكَ بِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَقَصَدْتُ الْمَسْجِدَ وَ(بَيْنَا) أنَا فِيهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ سَلَّمَ وَضَحِكَ وَقَالَ لِي: (أبْشِرْ فَإنَّكَ سَتَحُجُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَتَنْصَرفُ إِلَى أهْلِكَ سَالِماً إِنْ شَاءَ اللهُ).
قَالَ: وَقَصَدْتُ ابْنَ وَجْنَاءَ أسْألُهُ أنْ يَكْتَريَ لِي وَيَرْتَادَ لِي عَدِيلاً فَرَأيْتُهُ كَارهاً ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ أيَّام فَقَالَ لِي: أنَا فِي طَلَبِكَ مُنْذُ أيَّام قَدْ كُتِبَ إِلَيَّ(22) أنْ أكْتَريَ لَكَ وَأرْتَادَ لَكَ عَدِيلاً ابْتِدَاءً.
فَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ أنَّهُ وَقَفَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى عَشَرَةِ دَلاَلاَتٍ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ(23).
53 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الشَّمْشَاطِيّ رَسُولِ جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيمَ الْيَمَانِيّ، قَالَ: كُنْتُ مُقِيماً بِبَغْدَادَ وَتَهَيَّأتْ قَافِلَةُ الْيَمَانِيّينَ لِلْخُرُوج فَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي الْخُرُوج مَعَهَا فَخَرَجَ: (لاَ تَخْرُجْ مَعَهَا فَمَا لَكَ فِي الْخُرُوج خِيَرَةٌ وَأقِمْ بِالْكُوفَةِ)، وَخَرَجَتِ الْقَافِلَةُ فَخَرَجَ عَلَيْهَا بَنُو حَنْظَلَةَ وَاجْتَاحُوهَا.
قَالَ: وَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي رُكُوبِ الْمَاءِ، فَخَرَجَ: (لاَ تَفْعَلْ). فَمَا خَرَجَتْ سَفِينَةٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلاَّ خَرَجَ(24) عَلَيْهَا الْبَوَارجُ(25) فَقَطَعُوا عَلَيْهَا.
قَالَ: وَخَرَجْتُ زَائِراً إِلَى الْعَسْكَر فَأنَا فِي الْمَسْجِدِ(26) مَعَ الْمَغْربِ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ غُلاَمٌ فَقَالَ لِي: قُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ أنَا؟ وَإِلَى أيْنَ أقُومُ؟ قَالَ لِي: أنْتَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَسُولُ جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيمَ الْيَمَانِيّ، قُمْ إِلَى الْمَنْزلِ، قَالَ: وَمَا كَانَ عَلِمَ أحَدٌ مِنْ أصْحَابِنَا بِمُوَافَاتِي، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَى مَنْزلِهِ وَاسْتَأذَنْتُ فِي أنْ أزُورَ مِنْ دَاخِلٍ فَأذِنَ لِي(27).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، عن علي بن الحسين اليماني، قال: كنت ببغداد... وذكر مثله(28).
54 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَن الأعْلَم الْبَصْريّ، عَنْ أبِي رَجَاءٍ الْبَصْريّ(29)، قَالَ: خَرَجْتُ فِي الطَّلَبِ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بِسَنَتَيْن لَمْ أقِفْ فِيهِمَا عَلَى شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِي طَلَبِ وَلَدِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بِصُرْيَاءَ وَقَدْ سَألَنِي أبُو غَانِم أنْ أتَعَشَّى عِنْدَهُ فَأنَا قَاعِدٌ مُفَكّرٌ فِي نَفْسِي وَأقُولُ: لَوْ كَانَ شَيْ‏ءٌ لَظَهَرَ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ، وَإِذْ هَاتِفٌ أسْمَعُ صَوْتَهُ وَلاَ أرَى شَخْصَهُ وَهُوَ يَقُولُ: (يَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ(30) قُلْ لأهْل مِصْرَ: آمَنْتُمْ بِرَسُولِ اللهِ حَيْثُ رَأيْتُمُوهُ؟)، قَالَ نَصْرٌ: وَلَمْ أكُنْ عَرَفْتُ اسْمَ أبِي وَذَلِكَ أنّي وُلِدْتُ بِالْمَدَائِن فَحَمَلَنِي النَّوْفَلِيُّ إِلَى مِصْرَ وَقَدْ مَاتَ أبِي فَنَشَأتُ بِهَا، فَلَمَّا سَمِعْتُ الصَّوْتَ قُمْتُ مُبَادِراً وَلَمْ أنْصَرفْ إِلَى أبِي غَانِم وَأخَذْتُ طَريقَ مِصْرَ.
قَالَ: وَكَتَبَ رَجُلاَن مِنْ أهْل مِصْرَ فِي وَلَدَيْن لَهُمَا فَوَرَدَ: (أمَّا أنْتَ يَا فُلاَنُ فَآجَرَكَ اللهُ) وَدَعَا لِلآخَر فَمَاتَ ابْنُ الْمُعَزَّى(31).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْوَجْنَائِيُّ قَالَ: اضْطَرَبَ أمْرُ الْبَلَدِ وَثَارَتْ فِتْنَةٌ فَعَزَمْتُ عَلَى الْمُقَام بِبَغْدَادَ(32) ثَمَانِينَ يَوْماً فَجَاءَنِي شَيْخٌ وَقَالَ: انْصَرفْ إِلَى بَلَدِكَ، فَخَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ وَأنَا كَارهٌ، فَلَمَّا وَافَيْتُ سُرَّ مَنْ ‏رَأى أرَدْتُ الْمُقَامَ بِهَا لِمَا وَرَدَ عَلَيَّ مِن اضْطِرَابِ الْبَلَدِ فَخَرَجْتُ، فَمَا وَافَيْتُ الْمَنْزلَ حَتَّى تَلَقَّانِي الشَّيْخُ وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنْ أهْلِي يُخْبِرُوني بِسُكُون الْبَلَدِ وَيَسْألُونّي الْقُدُومَ(33).
55 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ، قَالَ: كَانَ لِلْغَريم عَلَيَّ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فَأنَا لَيْلَةً بِبَغْدَادَ وَقَدْ كَانَ لَهَ(34) ريحٌ وَظُلْمَةٌ وَقَدْ فَزعْتُ فَزَعاً شَدِيداً وَفَكَّرْتُ فِيمَا عَلَيَّ وَلِي وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لِي حَوَانِيتُ اشْتَرَيْتُهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَثَلاَثِينَ دِينَاراً وَقَدْ جَعَلْتُهَا لِلْغَريم عليه السلام بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، فَجَاءَنِي مَنْ تسلم (يَتَسَلَّمُ‏) مِنّي الْحَوَانِيتَ وَمَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ قَبْل أنْ أنْطِقَ بِلِسَانِي وَلاَ أخْبَرْتُ بِهِ أحَد(35).
56 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي الْقَاسِم بْن أبِي حَابِسٍ(36)، قَالَ: كُنْتُ أزُورُ الْحُسَيْنَ عليه السلام فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَلَمَّا كَانَ سَنَةً مِنَ السَّنِينَ وَرَدْتُ الْعَسْكَرَ قَبْلَ شَعْبَانَ وَهَمَمْتُ أنْ لاَ أزُورَ فِي شَعْبَانَ، فَلَمَّا دَخَلَ شَعْبَانُ قُلْتُ: لاَ أدَعُ زِيَارَةً كُنْتُ أزُورُهَا، فَخَرَجْتُ زَائِراً وَكُنْتُ إِذَا وَرَدْتُ الْعَسْكَرَ أعْلَمْتُهُمْ بِرُقْعَةٍ أوْ رسَالَةٍ فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الدَّفْعَةِ قُلْتُ لأبِي الْقَاسِم الْحَسَن بْن أبِي(37) أحْمَدَ الْوَكِيل: لاَ تُعْلِمْهُمْ بِقُدُومِي فَإنّي اُريدُ أنْ أجْعَلَهَا زَوْرَةً خَالِصَةً، فَجَاءَنِي أبُو الْقَاسِم وَهُوَ يَتَبَسَّمُ وَقَالَ: بُعِثَ إِلَيَّ بِهَذَيْن الدَّينَارَيْن وَقِيلَ لِي: (ادْفَعْهُمَا إِلَى الْحَابِسِيّ(38)، وَقُلْ لَهُ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ اللهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ).
قَالَ: وَاعْتَلَلْتُ بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى عِلَّةً شَدِيدَةً أشْفَقْتُ فِيهَا وَظَلِلْتُ(39) مُسْتَعِدّاً لِلْمَوْتِ فَبَعَثَ إِلَيَّ بُسْتُوقَةً فِيهَا بَنَفْسَجِينٌ وَاُمِرْتُ بِأخْذِهِ فَمَا فَرَغْتُ حَتَّى أفَقْتُ(40) وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ: وَمَاتَ لِي غَريمٌ فَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي الْخُرُوج إِلَى وَرَثَتِهِ بِوَاسِطٍ وَقُلْتُ: اُصَيّرُ إِلَيْهِمْ حِدْثَانَ مَوْتِهِ لَعَلّي أصِلُ إِلَى حَقّي فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، ثُمَّ كَتَبْتُ أسْتَأذِنُ ثَانِياً فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَنَتَيْن كَتَبَ إِلَيَّ ابْتِدَاءً: (صِرْ إِلَيْهِمْ)، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَوَصَلْتُ إِلَى حَقّي.
قَالَ أبُو الْقَاسِم: وَأوْصَلَ ابْنُ رَئِيسٍ(41) عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إِلَى حَاجِزٍ فَنَسِيَهَا حَاجِزٌ أنْ يُوصِلَهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ: (تَبْعَثُ بِدَنَانِير ابْن رَئِيسٍ)(42).
الهوامش:
(1) الإرشاد للمفيد 2: 356.
(2) كمال الدين 2: 486/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 7.
(3) الخرائج والجرائح 2: 704/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 20.
(4) في المصدر: (وقدمت).
(5) كمال الدين 2: 486/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 8 .
(6) في المصدر: (للخوزستاني).
(7) في المصدر: (الحاجزي) وكذا في ما بعد.
(8) كمال الدين 2: 488/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 9.
(9) كمال الدين 2: 488/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 10، وفيه: (والدعاء له).
(10) كلمة: (على) من المصدر.
(11) كمال الدين 2: 488/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 11.
(12) في المصدر: (أسأله).
(13) في المصدر: (لبادا شاله).
(14) من المصدر.
(15) في المصدر: (كما) بدل (ما).
(16) كمال الدين 2: 489/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 12.
(17) فرج المهموم: 244.
(18) دلائل الإمامة: 527 و528/ ح 503.
(19) دلائل الإمامة: 527/ ح 502.
(20) في المصدر: (فهو أعلم بها منّي. قال: ولم يشر عليَّ من قبضها منّي بشيء ولم ينهى عن ذلك).
(21) في المصدر: (ما بدر).
(22) في المصدر إضافة: (وأمرني).
(23) كمال الدين 2: 490/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 13.
(24) في المصدر: (خرجت).
(25) البوارج جمع بارجة وهو الشرّير، يقال: ما فلان إلاَّ بارجة قد تجمع فيه الشرّ، جاء هذا في هامش المطبوعة.
(26) في المصدر إضافة: (الجامع).
(27) كمال الدين 2: 491/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 14.
(28) الإرشاد للمفيد 2: 358.
(29) في المصدر: (المصري) بدل (البصري).
(30) في المصدر: (عبد ربّه).
(31) كمال الدين 2: 491/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 15.
(32) في المصدر إضافة: (فأقمت).
(33) كمال الدين 2: 492/ باب (ذكر التوقيعات/ ح 16.
(34) في المصدر: (بها) بدل (وقد كان لها).
(35) كمال الدين 2: 492/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 17.
(36) في المصدر: (أبي حليس).
(37) كلمة: (أبي) ليست في المصدر.
(38) في المصدر: (الحليسي) بدل (الحابسي).
(39) في المصدر: (أشفقت منها فأطلبت).
(40) في المصدر إضافة: (من علَّتي).
(41) في المصدر: (رميس) بدل (رئيس).
(42) في المصدر: (ابن رميس ابتداء).
******************
قَالَ: وَكَتَبَ هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْن الْفُرَاتِ فِي أشْيَاءَ وَخَطَّ بِالْقَلَم بِغَيْر مِدَادٍ يَسْألُ الدُّعَاءَ لابْنَيْ أخِيهِ وَكَانَا مَحْبُوسَيْن، فَوَرَدَ عَلَيْهِ جَوَابُ كِتَابِهِ وَفِيهِ دُعَاءُ الْمَحْبُوسَيْن(1) بِاسْمِهِمَا.
قَالَ: وَكَتَبَ رَجُلٌ مِنْ رَبَض حُمَيْدٍ يَسْألُ الدُّعَاءَ فِي حَمْلٍ لَهُ فَوَرَدَ الدُّعَاءُ فِي الْحَمْل قَبْلَ الأرْبَعَةِ أشْهُرٍ: (وَسَتَلِدُ اُنْثَى)، فَجَاءَ كَمَا قَالَ.
قَالَ: وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَصْريُّ(2) يَسْألُ الدُّعَاءَ أنْ يُكْفَى أمْرَ بَنَاتِهِ وَأنْ يُرْزَقَ الْحَجَّ وَيُرَدَّ عَلَيْهِ مَالُهُ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِمَا سَألَ، فَحَجَّ سَنَتَهُ وَمَاتَ مِنْ بَنَاتِهِ أرْبَعٌ وَكَانَ لَهُ سِتَّةٌ(3)، وَرُدَّ عَلَيْهِ مَالُهُ.
قَالَ: وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ(4) يَسْألُ الدُّعَاءَ لِوَالِدَيْهِ فَوَرَدَ: (غَفَرَ اللهُ لَكَ وَلِوَالِدَيْكَ وَلاُخْتِكَ الْمُتَوَفَّاةِ الْمُسَمَّاةِ(5): كلكى)، وَكَانَتْ هَذِهِ امْرَأةٌ صَالِحَةٌ مُتَزَوَّجَةٌ بِجَوَارٍ.
وَكَتَبْتُ فِي إِنْفَاذِ خَمْسِينَ دِينَاراً لِقَوْم مُؤْمِنينَ مِنْهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ لابْن(6) عَمًّ لِي لَمْ يَكُنْ(7) مِنَ الإيمَان عَلَى شَيْءٍ فَجَعَلْتُ اسْمَهُ(8) آخِرَ الرُّقْعَةِ وَالْفُصُولِ ألْتَمِسُ (بِذَلِكَ)(9) الدَّلاَلَةَ فِي تَرْكِ الدُّعَاءِ لَهُ، فَخَرَجَ فِي فُصُولِ الْمُؤْمِنينَ: (تَقَبَّلَ اللهُ مِنْهُمْ وَأحْسَنَ إِلَيْهِمْ وَأثَابَكَ)، وَلَمْ يَدْعُ لابْن(10) عَمَّي بِشَيْءٍ.
قَالَ: وَأنْفَذْتُ أيْضاً دَنَانِيرَ لِقَوْم مُؤْمِنينَ وَأعْطَانِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ دَنَانِيرَ فَأنْفَذْتُهَا بِاسْم أبِيهِ مُتَعَمَّداً وَلَمْ يَكُنْ مِنْ دِين اللهِ عَلَى شَيْءٍ فَخَرَجَ الْوُصُولُ بِاسْم مَنْ غَيَّرْتَ اسْمَهُ مُحَمَّدٍ.
قَالَ: وَحَمَلْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ لِي فِيهَا هَذِهِ الدَّلاَلَةُ ألْفَ دِينَارٍ بَعَثَ بِهَا أبُو جَعْفَرٍ وَمَعِي أبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ الْجُنَيْدِ فَحَمَلَ أبُو الْحُسَيْن الْخُرْجَ إِلَى الدُّور وَاكْتَرَيْنَا ثَلاَثَةَ أحْمِرَةٍ، فَلَمَّا بَلَغْنَا الْقَاطُولَ لَمْ نَجِدْ حَمِيراً، فَقُلْتُ لأبِي الْحُسَيْن: احْمِل الْخُرْجَ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَاخْرُجْ مَعَ الْقَافِلَةِ حَتَّى أتَخَلَّفَ فِي طَلَبِ حِمَارٍ لإسْحَاقَ بْن الْجُنَيْدِ يَرْكَبُهُ فَإنَّهُ شَيْخٌ، فَاكْتَرَيْتُ لَهُ حِمَاراً وَلَحِقْتُ بِأبِي الْحُسَيْن فِي الْحَيْر حَيْر سُرَّ مَنْ‏ رَأى فَأنَا اُسَامِرُهُ(11) وَأقُولُ لَهُ: احْمَدِ اللهَ عَلَى مَا أنْت‏ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَدِدْتُ أنَّ هَذَا الْعَمَلَ دَامَ لِي.
فَوَافَيْتُ سُرَّ مَنْ ‏رَأى وَأوْصَلْتُ مَا مَعَنَا فَأخَذَهُ الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِي وَوَضَعَهُ فِي مِنْدِيلٍ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ غُلاَم أسْوَدَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَصْرُ جَاءَنِي بِرُزَيْمَةٍ خَفِيفَةٍ وَلَمَّا أصْبَحْنَا خَلاَ بِي أبُو الْقَاسِم وَتَقَدَّمَ أبُو الْحُسَيْن وَإِسْحَاقٌ فَقَالَ أبُو الْقَاسِم: الْغُلاَمُ الَّذِي حَمَلَ الرُّزَيْمَةَ جَاءَنِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِم وَقَالَ لِي: ادْفَعْهَا إِلَى الرَّسُولِ الَّذِي حَمَلَ الرُّزَيْمَةَ، فَأخَذْتُهَا مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ بَابِ الدَّار قَالَ لِي أبُو الْحُسَيْن مِنْ قَبْل أنْ أنْطِقَ أوْ يَعْلَمَ أنَّ مَعِي شَيْئاً: لَمَّا كُنْتُ مَعَكَ فِي الْحَيْر تَمَنَّيْتُ أنْ يَجِيئَنِي مِنْهُ دَرَاهِمُ أتَبَرَّكُ بِهَا وَكَذَلِكَ عَامُ أوَّلَ حَيْثُ كُنْتُ مَعَكَ بِالْعَسْكَر، فَقُلْتُ لَهُ: خُذْهَا فَقَدْ أتَاكَ اللهُ بِهَا وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ.
قَالَ: وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ كِشْمَرْدٍ يَسْألُ الدُّعَاءَ أنْ يَجْعَلَ ابْنَهُ أحْمَدَ مِنْ اُمَّ وَلَدِهِ فِي حِلّ، فَخَرَجَ: (وَالصَّقْريُّ أحَلَّ اللهُ لَهُ ذَلِكَ)، فَأعْلَمَ عليه السلام أنَّ كُنْيَتَهُ أبُو الصَّقْر(12).
الخرائج والجرائح: عَنْ أبِي الْقَاسِم بْن أبِي حُبَيْشٍ قَالَ: كَتَبْتُ فِي إنفاد (إِنْفَاذِ) خَمْسِينَ دِينَاراً... إِلَى قَوْلِهِ: فَقَدْ أتَاكَ اللهُ بِهَ(13).
بيان: (الرزمة) بالكسر ما شدّ في ثوب واحد، قوله: (جاءني) أي أبو الحسين.
57 _ كمال الدين: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الأشْعَريُّ(14)، قَالَ: كَانَتْ لِي زَوْجَةٌ مِنَ الْمَوَالِي قَدْ كُنْتُ هَجَرْتُهَا دَهْراً فَجَاءَتْنِي فَقَالَتْ: إِنْ كُنْتَ قَدْ طَلَّقْتَنِي فَأعْلِمْنِي، فَقُلْتُ لَهَا: لَمْ اُطَلّقْكِ وَنِلْتُ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْم، فَكَتَبَتْ إِلَيَّ بَعْدَ شَهْرٍ(15) تَدَّعِي أنَّهَا حَمَلَتْ، (فَكَتَبْتُ)(16) فِي أمْرهَا وَفِي دَارٍ كَانَ صِهْري أوْصَى بِهَا لِلْغَريم عليه السلام أسْألُ أنْ تُبَاعَ مِنّي وَيُنَجَّمَ عَلَيَّ ثَمَنُهَا، فَوَرَدَ الْجَوَابُ فِي الدَّار: (قَدْ اُعْطِيتَ مَا سَألْتَ)، وَكَفَّ عَنْ ذِكْر الْمَرْأةِ وَالْحَمْل فَكَتَبَتْ إِلَيَّ الْمَرْأةُ بَعْدَ ذَلِكَ تُعْلِمُنِي أنَّهَا كَتَبَتْ بَاطِلاً وَأنَّ الْحَمْلَ لاَ أصْلَ لَهُ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ(17).
58 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي عَلِيٍّ النّيلِيّ(18)، قَالَ: جَاءَنِي أبُو جَعْفَرٍ فَمَضَى‏ بِي إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ وَأدْخَلَنِي إِلَى خَربَةٍ وَأخْرَجَ كِتَاباً فَقَرَأهُ عَلَيَّ فَإذَا فِيهِ شَرْحُ جَمِيع مَا حَدَثَ عَلَى الدَّار، وَفِيهِ: (أنَّ فُلاَنَةَ _ يَعْنِي اُمَّ عَبْدِ اللهِ _ يُؤْخَذُ بِشَعْرهَا وَتُخْرَجُ مِنَ الدَّار وَيُحْدَرُ بِهَا إِلَى بَغْدَادَ وَتَقْعُدُ بَيْنَ يَدَي السُّلْطَان)، وَأشْيَاءَ مِمَّا يَحْدُثُ ثُمَّ قَالَ لِي: احْفَظْ، ثُمَّ مَزَّقَ الْكِتَابَ وَذَلِكَ مِنْ قَبْل أنْ يَحْدُثَ مَا حَدَثَ بِمُدَّةٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن عَمْرٍو، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الْعَسْكَر وَاُمُّ أبِي مُحَمَّدٍ فِي الْحَيَاةِ وَمَعِي جَمَاعَةٌ فَوَافَيْنَا الْعَسْكَرَ فَكَتَبَ أصْحَابِي يَسْتَأذِنُونَ فِي الزّيَارَةِ مِنْ دَاخِلٍ بِاسْم رَجُلٍ رَجُلٍ فَقُلْتُ لَهُمْ: لاَ تُثْبِتُوا اسْمِي وَنَسَبِي(19) فَإنّي لاَ أسْتَأذِنُ، فَتَرَكُوا اسْمِي فَخَرَجَ الإذْنُ: (ادْخُلُوا وَمَنْ أبَى أنْ يَسْتَأذِنَ).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو الْحَسَن جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ قَالَ: كَتَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْفَرَج الرُّخَّجِيُّ فِي أشْيَاءَ وَكَتَبَ فِي مَوْلُودٍ وُلِدَ لَهُ يَسْألُ أنْ يُسَمَّى فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْجَوَابُ فِيمَا سَألَ وَلَمْ يُكْتَبْ إِلَيْهِ فِي الْمَوْلُودِ شَيْ‏ءٌ فَمَاتَ الْوَلَدُ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ.
قَالَ: وَجَرَى بَيْنَ قَوْم مِنْ أصْحَابِنَا مُجْتَمِعِينَ كَلاَمٌ فِي مَجْلِسٍ فَكَتَبَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ شَرْحَ مَا جَرَى فِي الْمَجْلِس.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْعَاصِمِيُّ أنَّ رَجُلاً تَفَكَّرَ فِي رَجُلٍ يُوصِلُ لَهُ مَا وَجَبَ لِلْغَريم عليه السلام وَضَاقَ بِهِ صَدْرُهُ فَسَمِعَ هَاتِفاً يَهْتِفُ بِهِ: (أوْصِلْ مَا مَعَكَ إِلَى حَاجِزٍ).
قَالَ: وَخَرَجَ أبُو مُحَمَّدٍ السَّرْويُّ إِلَى سُرَّ مَنْ ‏رَأى وَمَعَهُ مَالٌ فَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً: (لَيْسَ فِينَا شَكٌّ وَلاَ فِيمَنْ يَقُومُ مَقَامَنَا وَرُدَّ مَا مَعَكَ إِلَى حَاجِزٍ).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ قَالَ: بَعَثْنَا مَعَ ثِقَةٍ مِنْ ثِقَاتِ إِخْوَانِنَا إِلَى الْعَسْكَر شَيْئاً فَعَمَدَ الرَّجُلُ فَدَسَّ فِيمَا مَعَهُ رُقْعَةً مِنْ غَيْر عِلْمِنَا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ بِغَيْر جَوَابٍ.
وَقَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكِنْدِيُّ: قَالَ لِي أبُو طَاهِرٍ الْبِلاَلِيُّ: التَّوْقِيعُ الَّذِي خَرَجَ إِلَيَّ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَعَلَّقُوهُ فِي الْخَلَفِ بَعْدَهُ وَدِيعَةٌ فِي بَيْتِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: اُحِبُّ أنْ تَكْتُبَ(20) لِي مِنْ لَفْظِ التَّوْقِيع مَا فِيهِ، فَأخْبَرَ أبَا طَاهِرٍ بِمَقَالَتِي فَقَالَ لَهُ: جِئْنِي بِهِ حَتَّى يَسْقُطَ الإسْنَادُ بَيْني وَبَيْنَهُ، خَرَجَ إِلَيَّ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام‏ قَبْلَ مُضِيّهِ بِسَنَتَيْن يُخْبِرُني بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ قَبْلَ(21) مُضِيّهِ بِثَلاَثَةِ أيَّام يُخْبِرُني بِذَلِكَ، فَلَعَنَ اللهُ مَنْ جَحَدَ أوْلِيَاءَ اللهِ حُقُوقَهُمْ وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَى أكْتَافِهِمْ وَالْحَمْدُ للهِ كَثِير(22).
بيان: قوله: (قال أبو عبد الله) كلام سعد بن عبد الله، وكذا قوله: (فقلت له) وضمير (له) راجع إلى الحسين، وكذا المستتر في قوله: (فأخبر) والحاصل أنَّ الحسين سمع من البلالي أنَّه قال: التوقيع الذي خرج إليَّ من أبي محمّد عليه السلام في أمر الخلف القائم هو في جملة ما أودعتك في بيتك، وكان قد أودعه أشياء كان في بيته فأخبر الحسين سعداً بما سمع منه فقال سعد للحسين: اُحبُّ أن ترى التوقيع الذي عنده وتكتب لي من لفظه، فأخبر الحسين أبا طاهر بمقالة سعد فقال أبو طاهر: جئني بسعد حتَّى يسمع منّي بلا واسطة، فلمَّا حضر أخبره بالتوقيع، ويؤيّد ما وجّهنا به هذا الكلام أنَّ الكليني روى هذا التوقيع عن البلالي(23).
59 _ كمال الدين: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْمَريُّ يَسْألُ كَفَناً فَوَرَدَ أنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانِينَ أوْ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فَمَاتَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّهُ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَن قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ(24).
60 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ رحمه الله قَالَ: دَفَعَتْ إِلَيَّ امْرَأةٌ سَنَةً مِنَ السَّنِينَ ثَوْباً وَقَالَتِ: احْمِلْهُ إِلَى الْعَمْريّ رحمه الله، فَحَمَلْتُهُ مَعَ ثِيَابٍ كَثِيرَةٍ فَلَمَّا وَافَيْتُ بَغْدَادَ أمَرَني بِتَسْلِيم ذَلِكَ كُلّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس الْقُمَّيّ، فَسَلَّمْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ مَا خَلاَ ثَوْبَ الْمَرْأةِ فَوَجَّهَ إِلَيَّ الْعَمْريُّ رضي الله عنه (وَ)(25) قَالَ: ثَوْبُ الْمَرْأةِ سَلّمْهُ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أنَّ امْرَأةً سَلَّمَتْ إِلَيَّ ثَوْباً فَطَلَبْتُهُ فَلَمْ أجِدْهُ، فَقَالَ لِي: لاَ تَغْتَمَّ فَإنَّكَ سَتَجِدُهُ، فَوَجَدْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ الْعَمْريّ نُسْخَةُ مَا كَانَ مَعِي(26).
61 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ رحمه الله قَالَ: سَألَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ رحمه الله بَعْدَ مَوْتِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ أنْ أسْألَ أبَا الْقَاسِم الرَّوْحِيَّ رحمه الله أنْ يَسْألَ مَوْلاَنَا صَاحِبَ الزَّمَان عليه السلام أنْ يَدْعُوَ اللهَ أنْ يَرْزُقَهُ وَلَداً ذَكَراً، قَالَ: فَسَألْتُهُ فَأنْهَى ذَلِكَ، ثُمَّ أخْبَرَني بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلاَثَةِ أيَّام أنَّهُ قَدْ دَعَا لِعَلِيّ بْن الْحُسَيْن وَأنَّهُ سَيُولَدُ لَهُ وَلَدٌ مُبَارَكٌ يَنْفَعُ اللهُ بِهِ وَبَعْدَهُ أوْلاَدٌ.
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ: وَسَألْتُهُ فِي أمْر نَفْسِي أنْ يَدْعُوَ اللهُ لِي أنْ اُرْزَقَ وَلَداً ذَكَراً فَلَمْ يُجِبْني إِلَيْهِ، وَقَالَ: لَيْسَ إِلَى هَذَا سَبِيلٌ، قَالَ: فَوُلِدَ لِعَلِيّ بْن الْحُسَيْن رحمه الله تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَبَعْدَهُ أوْلاَدٌ وَلَمْ يُولَدْ لِي.
قال الصدوق رحمه الله: كان أبو جعفر محمّد بن علي الأسود رضي الله عنه كثيراً ما يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه وأرغب في كتب العلم وحفظه: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام(27).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(28).
وَقَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ بَابَوَيْهِ: عَقَدْتُ الْمَجْلِسَ وَلِي دُونَ الْعِشْرينَ سَنَةً فَرُبَّمَا كَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسِي أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ فَإذَا نَظَرَ إِلَى إِسْرَاعِي فِي الأجْوبَةِ فِي الْحَلاَلِ وَالْحَرَام يُكْثِرُ التَّعَجُّبَ لِصِغَر سِنّي ثُمَّ يَقُولُ: لاَ عَجَبَ لأنَّكَ وُلِدْتَ بِدُعَاءِ الإمَام عليه السلام(29).
62 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن مَتّيلٍ قَالَ: كَانَتِ امْرَأةٌ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ مِنْ أهْل آبَهْ وَكَانَتِ امْرَأةُ مُحَمَّدِ بْن عِبْدِيلٍ الآبِيّ مَعَهَا ثَلاَثُ مِائَةِ دِينَارٍ فَصَارَتْ إِلَى عَمَّي جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ وَقَالَتْ: اُحِبُّ أنْ اُسَلّمَ هَذَا الْمَالَ مِنْ يَدِي إِلَى يَدِ أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح، قَالَ: فَأنْفَذَنِي مَعَهَا اُتَرْجِمُ عَنْهَا، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى أبِي الْقَاسِم رحمه الله أقْبَلَ عَلَيْهَا بِلِسَانٍ(30) فَصِيح فَقَالَ لَهَا: زَيْنَبُ چونا چويدا كوايد چون ايقنه(31)، وَمَعْنَاهُ: كَيْفَ أنْتِ وَكَيْفَ مَكَثْتِ(32) وَمَا خَبَرُ صِبْيَانِكِ؟ قَالَ: فامتنعت مِنَ(33) التَّرْجُمَةِ وَسَلَّمَتِ الْمَالَ وَرَجَعَتْ(34).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(35).
63 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن مَتّيلٍ قَالَ: قَالَ عَمَّي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ(36): دَعَانِي‏ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ السَّمَّانُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَمْريّ وَأخْرَجَ إِلَيَّ ثُوَيْبَاتٍ مُعْلَمَةً وَصُرَّةً فِيهَا دَرَاهِمُ فَقَالَ لِي: تَحْتَاجُ أنْ تَصِيرَ بِنَفْسِكَ إِلَى وَاسِطٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَتَدْفَعَ مَا دَفَعْتُ إِلَيْكَ إِلَى أوَّلِ رَجُلٍ يَلْقَاكَ عِنْدَ صُعُودِكَ مِنَ الْمَرْكَبِ إِلَى الشَّطّ بِوَاسِطٍ.
قَالَ: فَتَدَاخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ غَمٌّ شَدِيدٌ، وَقُلْتُ: مِثْلِي يُرْسِلُ فِي هَذَا الأمْر وَيَحْمِلُ هَذَا الشَّيْ‏ءَ الْوَتِحَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى وَاسِطٍ وَصَعِدْتُ مِنَ الْمَرْكَبِ فَأوَّلُ رَجُلٍ تَلَقَّانِي سَألْتُهُ عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن قَطَاةٍ الصَّيْدَلاَنِيّ وَكِيل الْوَقْفِ بِوَاسِطٍ، فَقَالَ: أنَا هُوَ، مَنْ أنْتَ؟ فَقُلْتُ: أنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ، قَالَ: فَعَرَفَنِي بِاسْمِي وَسَلَّمَ عَلَيَّ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَتَعَانَقْنَا فَقُلْتُ لَهُ: أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ يَقْرَاُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَدَفَعَ إِلَيَّ هَذِهِ الثُوَيْبَاتِ وَهَذِهِ الصُّرَّةَ لاُسَلّمَهَا إِلَيْكَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ فَإنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْعَامِريَّ(37) قَدْ مَاتَ وَخَرَجْتُ لاُصْلِحَ كَفَنَهُ، فَحَلَّ الثّيَابَ فَإذَا بِهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ حِبَرَةٍ وَثِيَابٍ وَكَافُورٍ وَفِي الصُّرَّةِ كَرَى الْحَمَّالِينَ وَالْحَفَّار، قَالَ: فَشَيَّعْنَا جَنَازَتَهُ وَانْصَرَفْتُ(38).
بيان: قال الجوهري: شيء وتح ووتح أي قليل تافه، وشيء وتح وعر أتباع له أي نزر(39).
64 _ كمال الدين: أخْبَرَنَا أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَلَويُّ ابْنُ أخِي طَاهِرٍ بِبَغْدَادَ طَرَفِ سُوقِ الْقُطْن فِي دَارهِ، قَالَ: قَدِمَ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْعَقِيقِيُّ بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْن إِلَى عَلِيّ بْن عِيسَى بْن الْجَرَّاح وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَزِيرٌ فِي أمْر ضَيْعَةٍ لَهُ فَسَألَهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أهْلَ بَيْتِكَ فِي هَذَا الْبَلَدِ كَثِيرٌ فَإنْ ذَهَبْنَا نُعْطِي كُلَّمَا سَألُونَا طَالَ ذَلِكَ أوْ كَمَا قَالَ.
فَقَالَ لَهُ الْعَقِيقِيُّ: فَإنّي أسْألُ مَنْ فِي يَدِهِ قَضَاءُ حَاجَتِي، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَقَالَ: اللهُ عزّ وجل وَخَرَجَ مُغْضَباً، قَالَ: فَخَرَجْتُ وَأنَا أقُولُ: فِي اللهِ عَزَاءٌ مِنْ كُلّ هَالِكٍ، وَدَرَكٌ مِنْ كُلّ مُصِيبَةٍ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ فَجَاءَنِي الرَّسُولُ مِنْ عِنْدِ الْحُسَيْن بْن رَوْح رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ فَذَهَبَ مَنْ عِنْدِي فَأبْلَغَهُ.
فَجَاءَنِي الرَّسُولُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَدَداً وَوَزْناً وَمِنْدِيلٍ وَشَيْءٍ مِنْ حَنُوطٍ وَأكْفَانٍ وَقَالَ لِي: مَوْلاَكَ يُقْرئُكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ لَكَ: (إِذَا أهَمَّكَ أمْرٌ أوْ غَمٌّ فَامْسَحْ بِهَذَا الْمِنْدِيل وَجْهَكَ فَإنَّهُ مِنْدِيلُ مَوْلاَكَ، وَخُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَهَذَا الْحَنُوطَ وَهَذِهِ الأكْفَانَ وَسَتُقْضَى حَاجَتُكَ فِي لَيْلَتِكَ هَذِهِ، وَإِذَا قَدِمْتَ إِلَى مِصْرَ مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مِنْ قَبْلِكَ بِعَشَرَةِ أيَّام، ثُمَّ مِتَّ(40) بَعْدَهُ فَيَكُونُ هَذَا كَفَنَكَ وَهَذَا حَنُوطَكَ وَهَذَا جَهَازَكَ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (للمحبوسين).
(2) في المصدر: (البصري) بدل (القصري).
(3) في المسدر: (ستّ).
(4) في المصدر: (يزداذ).
(5) في المصدر: (الملقّبة) بدل (المسمّاة).
(6) في المصدر: (لابنة).
(7) في المصدر: (تكن).
(8) في المصدر: (اسمها).
(9) من المصدر.
(10) في المصدر: (لابنة).
(11) في المصدر: (في الحير حين وصل سُرَّ من رأى فأنا أسايره).
(12) كمال الدين 2: 493/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 18.
(13) الخرائج والجرائح 2: 691/ فصل (في أعلام الإمام)/ ح 3 - 5.
(14) في المصدر: (حدَّثني أبي، قال: حدَّثني سعد بن عبد الله، قال: حدَّثني علي بن محمّد بن إسحاق الأشعرى).
(15) في المصدر: (بعد أشهر).
(16) من المصدر.
(17) كمال الدين 2: 497/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 19.
(18) في المصدر: (المتيلي) بدل (النيلي).
(19) عبارة: (ونسبي) ليست في المصدر.
(20) في المصدر: (تنسخ) بدل (تكتب).
(21) في المصدر: (بعد) بدل (قبل).
(22) كمال الدين 2: 498/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 20 - 24.
(23) الكافي 1: 328، وفيه: (محمّد بن علي بن بلال) بدل (البلالي).
(24) كمال الدين 2: 501/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 26.
(25) من المصدر.
(26) كمال الدين 2: 502/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 30.
(27) كمال الدين 2: 502/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 31.
(28) الغيبة للطوسي: 320/ رقم 266.
(29) الغيبة للطوسي: 321/ رقم 267.
(30) في المصدر: (أقبل يكلّمها بلسان آبيّ فصيح).
(31) في المصدر: (زينب جونا خويدا كوبذا جون استه).
(32) في المصدر: (كنت) بدل (مكثت).
(33) في المصدر: (فاستغنت عن) بد (فامتنعت من).
(34) كمال الدين 2: 503/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 34.
(35) الغيبة للطوسي: 321/ رقم 268.
(36) الصحيح: (جعفر بن أحمد بن متيل).
(37) في المصدر: (الحائري) بدل (العامري).
(38) كمال الدين 2: 504/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 35.
(39) الصحاح 1: 414.
(40) في المصدر: (تموت).
******************
قَالَ: فَأخَذْتُ ذَلِكَ وَحَفِظْتُهُ وَانْصَرَفَ الرَّسُولُ فَإذَا أنَا بِالْمَشَاعِل عَلَى بَابِي وَالْبَابُ يُدَقُّ، فَقُلْتُ لِغُلاَمِي خَيْرٍ: يَا خَيْرُ انْظُرْ أيُّ شَيْءٍ هُوَ ذَا؟ فَقَالَ خَيْرٌ: هَذَا غُلاَمُ حُمَيْدِ بْن مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ ابْن عَمَّ الْوَزِير، فَأدْخَلَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: قَدْ طَلَبَكَ الْوَزِيرُ يَقُولُ لَكَ مَوْلاَيَ حُمَيْدٌ: ارْكَبْ إِلَيَّ.
قَالَ: فَرَكِبْتُ وَفُتِحَتِ(1) الشَّوَارعُ وَالدُّرُوبُ وَجِئْتُ إِلَى شَارع الْوَزَّانِينَ(2) فَإذَا بِحُمَيْدٍ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُني، فَلَمَّا رَآنِي أخَذَ بِيَدِي وَرَكِبْنَا فَدَخَلْنَا عَلَى الْوَزِير فَقَالَ لِيَ الْوَزِيرُ: يَا شَيْخُ قَدْ قَضَى اللهُ حَاجَتَكَ، وَاعْتَذَرَ إِلَيَّ وَدَفَعَ إِلَيَّ الْكُتُبَ مَخْتُومَةً مَكْتُوبَةً قَدْ فَرَغَ مِنْهَا، قَالَ: فَأخَذْتُ ذَلِكَ وَخَرَجْتُ.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَحَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الْعَقِيقِيُّ بِنَصِيبينَ بِهَذَا وَقَالَ لِي: مَا خَرَجَ هَذَا الْحَنُوطُ إِلاَّ لِعَمَّتِي فُلاَنَةَ وَلَمْ يُسَمَّهَا وَقَدْ بَغَيْتُهُ لِنَفْسِي(3) وَقَدْ قَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه: إِنّي أمْلِكُ الضَّيْعَةَ وَقَدْ كَتَبَ لِي بِالَّذِي أرَدْتُ فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَعَيْنَيْهِ وَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي أرني الأكْفَانَ وَالْحَنُوطَ وَالدَّرَاهِمَ، فَأخْرَجَ إِلَيَّ الأكْفَانَ فَإذَا فِيهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ مُسَهَّمٌ مِنْ نَسْج الْيَمَن وَثَلاَثَةُ أثْوَابٍ مَرْويٌّ وَعِمَامَةٌ، وَإِذَا الْحَنُوطُ فِي خَريطَةٍ وَأخْرَجَ الدَّرَاهِمَ فَعَدَدْتُهَا مِائَةَ دِرْهَم(4)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي هَبْ لِي مِنْهُمَا دِرْهَماً أصُوغُهُ خَاتَماً، قَالَ: وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ خُذْ مِنْ عِنْدِي مَا شِئْتَ، فَقُلْتُ: اُريدُ مِنْ هَذِهِ، وَألْحَحْتُ عَلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَعَيْنَيْهِ فَأعْطَانِي دِرْهَماً فَشَدَدْتُهُ فِي مِنْدِيلِي وَجَعَلْتُهُ فِي كُمَّي فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْخَان فَتَحْتُ زِنْفِيلَجَةً(5) مَعِي وَجَعَلْتُ الْمِنْدِيلَ فِي الزّنْفِيلَجَةِ وَفِيهِ الدَّرْهَمُ مَشْدُودٌ وَجَعَلْتُ كُتُبِي وَدَفَاتِري فَوْقَهُ وَأقَمْتُ أيَّاماً ثُمَّ جِئْتُ أطْلُبُ الدَّرْهَمَ فَإذَا الصُّرَّةُ مَصْرُورَةٌ بِحَالِهَا وَلاَ شَيْ‏ءَ فِيهَا، فَأخَذَنِي شِبْهُ الْوَسْوَاس فَصِرْتُ إِلَى بَابِ الْعَقِيقِيّ فَقُلْتُ لِغُلاَمِهِ خَيْرٍ: اُريدُ الدُّخُولَ إِلَى الشَّيْخ‏، فَأدْخَلَنِي إِلَيْهِ فَقَالَ لِي: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي الدَّرْهَمُ الَّذِي أعْطَيْتَنِي مَا أصَبْتُهُ فِي الصُّرَّةِ، فَدَعَا بِالزّنْفِيلَجَةِ وَأخْرَجَ الدَّرَاهِمَ فَإذَا هِيَ مِائَةُ دِرْهَم عَدَداً وَوَزْناً وَلَمْ يَكُنْ مَعِي أحَدٌ أتَّهِمُهُ فَسَألْتُهُ فِي رَدَّهِ إِلَيَّ فَأبَى، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ وَأخَذَ الضَّيْعَةَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِعَشَرَةِ أيَّام(6) ثُمَّ تُوُفَّيَ رحمه الله وَكُفّنَ فِي الأكْفَان الَّتِي دُفِعَتْ إِلَيْهِ(7).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(8).
بيان: قوله: (إلاَّ لعمَّتي) أي ما خرج هذا الحنوط أوّلاً إلاَّ لعمَّتي ثُمَّ طلبت حنوطاً لنفسي فخرج مع الكفن والدراهم، واحتمال كون الحنوط لم يخرج له أصلاً وإنَّما أخذ حنوط عمَّته لنفسه فيكون رجوعاً عن الكلام الأوّل بعيد.
وفي غيبة الشيخ: (إلاَّ إلى عمَّتي فلانة ولم يسمها وقد نعيت إلي نفسي) فيحتمل أن تكون عمَّته في بيت الحسين بن روح فخرج إليها.
قوله: (وقد كتب) على بناء المجهول ليكون حالاً عن ضمير أملك أو تصديقاً لما أخبر به، أو على بناء المعلوم فالضمير المرفوع راجع إلى الحسين، أي وقد كان كتب مطلبي إلى القائم عليه السلام فلمَّا خرج أخبرني به قبل ردّ الضيعة والمسهم البرد المخطّط.
65 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ بْن نُعَيْم الشَّاذَانِيّ، قَالَ: اجْتَمَعَتْ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم تَنْقُصُ عِشْرينَ دِرْهَماً فَوَزَنْتُ مِنْ عِنْدِي عِشْرينَ دِرْهَماً وَدَفَعْتُهَا إِلَى أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ رضي الله عنه وَلَمْ اُعَرَّفْهُ أمْرَ الْعِشْرينَ فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (قَدْ وَصَلَتِ الْخَمْسُ مِائَةِ دِرْهَم الَّتِي لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ: وَأنْفَذْتُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالاً وَلَمْ اُفَسَّرْ لِمَنْ هُوَ فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (وَصَلَ كَذَا وَكَذَا مِنْهُ لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا).
قَالَ: وَقَالَ أبُو الْعَبَّاس الْكُوفِيُّ: حَمَلَ رَجُلٌ مَالاً لِيُوصِلَهُ وَأحَبَّ أنْ يَقِفَ عَلَى الدَّلاَلَةِ فَوَقَّعَ عليه السلام: (إِن اسْتَرْشَدْتَ اُرْشِدْتَ وَإِنْ طَلَبْتَ وَجَدْتَ، يَقُولُ لَكَ مَوْلاَكَ: احْمِلْ مَا مَعَكَ)، قَالَ الرَّجُلُ: فَأخْرَجْتُ مِمَّا مَعِي سِتَّةَ دَنَانِيرَ بِلاَ وَزْنٍ وَحَمَلْتُ الْبَاقِيَ فَخَرَجَ فِي التَّوْقِيع: (يَا فُلاَنُ رُدَّ السَّتَّةَ الَّتِي أخْرَجْتَهَا بِلاَ وَزْنٍ، وَزْنُهَا سِتَّةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسَةُ دَوَانِيقَ وَحَبَّةٌ وَنصْفٌ)، قَالَ الرَّجُلُ: فَوَزَنْتُ الدَّنَانِيرَ فَإذَا بِهَا كَمَا قَالَ عليه السلام(9).
66 _ كمال الدين: أحْمَدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن حَامِدٍ الْكَاتِبِ، قَالَ: كَانَ بِقُمَّ رَجُلٌ بَزَّازٌ مُؤْمِنٌ وَلَهُ شَريكٌ مُرْجِئٌ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ نَفِيسٌ فَقَالَ الْمُؤْمِنُ: يَصْلُحُ هَذَا الثَّوْبُ لِمَوْلاَيَ، فَقَالَ شَريكُهُ: لَسْتُ أعْرفُ مَوْلاَكَ وَلَكِنْ افْعَلْ بِالثَّوْبِ مَا تُحِبُّ، فَلَمَّا وَصَلَ الثَّوْبُ شَقَّهُ عليه السلام بِنصْفَيْن طُولاً فَأخَذَ نِصْفَهُ وَرَدَّ النّصْفَ وَقَالَ: (لاَ حَاجَةَ لِي فِي مَالِ الْمُرْجِئ)(10).
67 _ كمال الدين: عَمَّارُ بْنُ الْحُسَيْن بْن إِسْحَاقَ الاُشْرُوسِيُّ(11) رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الْعَبَّاس أحْمَدُ بْنُ الْخَضِر بْن أبِي صَالِح الْجَحْدَريُّ(12) أنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام(13) بَعْدَ أنْ كَانَ اُغْريَ بِالْفَحْص وَالطَّلَبِ وَسَارَ عَنْ وَطَنِهِ لِيَتَبَيَّنَ لَهُ مَا يَعْمَلُ عَلَيْهِ فَكَانَ نُسْخَةُ التَّوْقِيع: (مَنْ بَحَثَ فَقَدْ طَلَبَ، وَمَنْ طَلَبَ فَقَدْ دَلَّ، وَمَنْ دَلَّ فَقَدْ أشَاطَ(14)، وَمَنْ أشَاطَ فَقَدْ أشْرَكَ)، قَالَ: فَكَفَّ عَن الطَّلَبِ وَرَجَعَ(15).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(16).
68 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن أحْمَدَ بْن رَوْح بْن عَبْدِ اللهِ بْن مَنْصُور بْن يُونُسَ بْن رَوْح صَاحِبُ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام(17)، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَن الصَّيْرَفِيَّ(18) الْمُقِيمَ بِأرْض بَلْخ يَقُولُ: أرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْحَجَّ وَكَانَ مَعِي مَالٌ بَعْضُهُ ذَهَبٌ وَبَعْضُهُ فِضَّةٌ فَجَعَلْتُ مَا كَانَ مَعِي مِنْ ذَهَبٍ سَبَائِكَ وَمَا كَانَ مِنْ فِضَّةٍ نُقَراً وَقَدْ كَانَ قَدْ دُفِعَ ذَلِكَ الْمَالُ إِلَيَّ لاُسَلّمَهُ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلْتُ سَرَخْسَ ضَرَبْتُ خَيْمَتِي عَلَى مَوْضِع فِيهِ رَمْلٌ وَجَعَلْتُ اُمَيّزُ تِلْكَ‏ السَّبَائِكَ وَالنُّقَرَ فَسَقَطَتْ سَبِيكَةٌ مِنْ تِلْكَ السَّبَائِكِ مِنّي وَغَاضَتْ فِي الرَّمْل وَأنَا لاَ أعْلَمُ.
قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ هَمَذَانَ مَيَّزْتُ تِلْكَ السَّبَائِكِ وَالنُّقَرَ مَرَّةً اُخْرَى اهْتِمَاماً مِنّي بِحِفْظِهَا فَفَقَدْتُ مِنْهَا سَبِيكَةً وَزْنُهَا مِائَةُ مِثْقَالٍ وَثَلاَثَةُ مَثَاقِيلَ، أوْ قَالَ: ثَلاَثَةٌ وَتِسْعُونَ مِثْقَالاً، قَالَ: فَسَبَكْتُ مَكَانَهَا مِنْ مَالِي بِوَزْنِهَا سَبِيكَةً وَجَعَلْتُهَا بَيْنَ السَّبَائِكِ.
فَلَمَّا وَرَدْتُ مَدِينَةَ السَّلاَم قَصَدْتُ الشَّيْخَ أبَا الْقَاسِم الْحُسَيْنَ بْنَ رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَسَلَّمْتُ إِلَيْهِ مَا كَانَ مَعِي مِنَ السَّبَائِكِ وَالنُّقَر فَمَدَّ يَدَهُ مِنْ بَيْن(19) السَّبَائِكِ إِلَى السَّبِيكَةِ الَّتِي كُنْتُ سَبَكْتُهَا مِنْ مَالِي بَدَلاً مِمَّا ضَاعَ مِنّي فَرَمَى بِهَا إِلَيَّ وَقَالَ لِي: لَيْسَتْ هَذِهِ السَّبِيكَةُ لَنَا سَبِيكَتُنَا ضَيَّعْتَهَا بِسَرَخْسَ حَيْثُ ضَرَبْتَ خَيْمَتَكَ فِي الرَّمْل فَارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ وَانْزلْ حَيْثُ نَزَلْتَ وَاطْلُبِ السَّبِيكَةَ هُنَاكَ تَحْتَ الرَّمْل فَإنَّكَ سَتَجِدُهَا وَتَعُودُ إِلَى هَاهُنَا فَلاَ تَرَانِي.
قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى سَرَخْسَ وَنَزَلْتُ حَيْثُ كُنْتُ نَزَلْتُ وَوَجَدْتُ السَّبِيكَةَ وَانْصَرَفْتُ إِلَى بَلَدِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ حَجَجْتُ وَمَعِيَ السَّبِيكَةُ (تحت الرمل وقد نبت عليها الحشيش فأخذت السبيكة)(20)، فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ السَّلاَم وَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ أبُو الْقَاسِم بْنُ رَوْح رضي الله عنه مَضَى وَلَقِيتُ أبَا الْحَسَن السَّمُريَّ رضي الله عنه فَسَلَّمْتُ إِلَيْهِ السَّبِيكَةَ(21).
69 _ كمال الدين: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الْقُمَّيُّ الْمَعْرُوفُ بِأبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيّ قَالَ: كُنْتُ بِبُخَارَا فَدَفَعَ إِلَيَّ الْمَعْرُوفُ بِابْن جَاوَشِيرَ عَشَرَةَ سَبَائِكَ ذَهَباً وَأمَرَني أنْ اُسَلّمَهَا بِمَدِينَةِ السَّلاَم إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فَحَمَلْتُهَا مَعِي.
فَلَمَّا بَلَغْتُ آمُويَهْ(22) ضَاعَتْ مِنّي سَبِيكَةٌ مِنْ تِلْكَ السَّبَائِكِ، وَلَمْ أعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ مَدِينَةَ السَّلاَم فَأخْرَجْتُ السَّبَائِكَ لاُسَلّمَهَا فَوَجَدْتُهَا نَاقِصَةً وَاحِدَةٌ مِنْهَا، فَاشْتَرَيْتُ سَبِيكَةً مَكَانَهَا بِوَزْنهَا وَأضَفْتُهَا إِلَى التّسْع سَبَائِكَ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الرَّوْحِيّ(23) قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، وَوَضَعْتُ السَّبَائِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِي: خُذْ لَكَ تِلْك‏ السَّبِيكَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتَهَا وَأشَارَ إِلَيْهَا بِيَدِهِ، فَإنَّ السَّبِيكَةَ الَّتِي ضَيَّعْتَهَا قَدْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا وَهُوَ ذَا هِيَ، ثُمَّ أخْرَجَ إِلَيَّ تِلْكَ السَّبِيكَةَ الَّتِي كَانَتْ ضَاعَتْ مِنّي بِآمُويَهْ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا وَعَرَفْتُهَا.
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِأبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيّ: وَرَأيْتُ تِلْكَ السَّنَةَ بِمَدِينَةِ السَّلاَم امْرَأةً تَسْألُنِي عَنْ وَكِيل مَوْلاَنَا عليه السلام مَنْ هُوَ؟ فَأخْبَرَهَا بَعْضُ الْقُمَّيّينَ أنَّهُ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح وَأشَارَ لَهَا إِلَيَّ(24).
فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ وَأنَا عِنْدَهُ فَقَالَتْ لَهُ: أيُّهَا الشَّيْخُ أيُّ شَيْءٍ مَعِي؟ فَقَالَ: مَا مَعَكِ فَألْقِيهِ فِي دِجْلَةَ ثُمَّ ائْتِيني حَتَّى اُخْبِرَكِ، قَالَ: فَذَهَبَتِ الْمَرْأةُ وَحَمَلَتْ مَا كَانَ مَعَهَا فَألْقَتْهُ فِي دِجْلَةَ ثُمَّ رَجَعَتْ وَدَخَلَتْ إِلَى أبِي الْقَاسِم الرَّوْحِيّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، فَقَالَ أبُو الْقَاسِم رضي الله عنه لِمَمْلُوكَةٍ لَهُ: أخْرجِي إِلَيَّ الْحُقَّةَ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأةِ(25): هَذِهِ الْحُقَّةُ الَّتِي كَانَتْ مَعَكِ وَرَمَيْتِ بِهَا فِي دِجْلَةَ اُخْبِرُكِ بِمَا فِيهَا أوْ تُخْبِريني؟ فَقَالَتْ لَهُ: بَلْ أخْبِرْني.
فَقَالَ: فِي هَذِهِ الْحُقَّةِ زَوْجُ سِوَار ذَهَبٍ وَحَلْقَةٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا جَوْهَرٌ وَحَلْقَتَان صَغِيرَتَان فِيهِمَا جَوْهَرٌ وَخَاتَمَان أحَدُهُمَا فَيْرُوزَجٌ وَالآخَرُ عَقِيقٌ، وَكَانَ الأمْرُ كَمَا ذَكَرَ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُ شَيْئاً ثُمَّ فَتَحَ الْحُقَّةَ فَعَرَضَ عَلَيَّ مَا فِيهَا وَنَظَرَتِ الْمَرْأةُ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: هَذَا الَّذِي حَمَلْتُهُ بِعَيْنهِ وَرَمَيْتُ بِهِ فِي دِجْلَةَ، فَغُشِيَ عَلَيَّ وَعَلَى الْمَرْأةِ فَرَحاً بِمَا شَاهَدْنَا مِنْ صِدْقِ الدَّلاَلَةِ.
(ثُمَّ)(26) قَالَ الْحُسَيْنُ لِي مِنْ بَعْدِ مَا حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ: أشْهَدُ بِاللهِ تَعَالَى أنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرْتُهُ لَمْ أزِدْ فِيهِ وَلَمْ أنْقُصْ مِنْهُ، وَحَلَفَ بِالأئِمَّةِ الاثْنَيْ عَشَرَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ لَقَدْ صَدَقَ فِيمَا حَدَّثَ بِهِ مَا زَادَ فِيهِ وَلاَ نَقَصَ مِنْهُ(27).
70 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْن أحْمَدَ الزَّرْجِيُّ قَالَ: رَأيْتُ بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى رَجُلاً شَابّاً فِي الْمَسْجِدِ الْمَعْرُوفِ بِمَسْجِدِ زُبَيْدَةَ وَذَكَرَ أنَّهُ هَاشِمِيٌّ مِنْ وُلْدِ مُوسَى بْن عِيسَى، فَلَمَّا كَلَّمَنِي صَاحَ بِجَاريَةٍ(28) وَقَالَ: يَا غَزَالُ، أوْ: يَا زُلاَلُ، فَإذَا أنَا بِجَاريَةٍ مُسِنَّةٍ فَقَالَ لَهَا: يَا جَاريَةُ حَدَّثْي مَوْلاَكِ بِحَدِيثِ الْمِيل وَالْمَوْلُودِ، فَقَالَتْ: كَانَ لَنَا طِفْلٌ وَجِعٌ، فَقَالَتْ لِي مَوْلاَتِي: ادْخُلِي إِلَى دَار الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام فَقُولِي لِحَكِيمَةَ تُعْطِينَا شَيْئاً نَسْتَشْفِي بِهِ مَوْلُودَنَا.
فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَسَألْتُهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ حَكِيمَةُ: ائْتُوني بِالْمِيل الَّذِي كُحِلَ بِهِ الْمَوْلُودُ الَّذِي وُلِدَ الْبَارحَةَ _ يَعْنِي ابْنَ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام _ فَاُتِيَتْ بِالْمِيل فَدَفَعَتْهُ إِلَيَّ، وَحَمَلْتُهُ إِلَى مَوْلاَتِي فَكَحَلَتِ(29) الْمَوْلُودَ فَعُوفِيَ وَبَقِيَ عِنْدَنَا وَكُنَّا نَسْتَشْفِي بِهِ ثُمَّ فَقَدْنَاهُ(30).
* * *
باب (16): أحوال السفراء الذين كانوا في زمان الغيبة الصغرى وسائط بين الشيعة وبين القائم عليه السلام
1 _ الغيبة للطوسي: قَدْ رُويَ (فِي) بَعْض الأخْبَار أنَّهُمْ قَالُوا: (خُدَّامُنَا وَقُوَّامُنَا شِرَارُ خَلْقِ اللهِ) وَهَذَا لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ، وَإِنَّمَا قَالُوا لأنَّ فِيهِمْ مَنْ غَيَّرَ وَبَدَلَ وَخَانَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ(31).
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح الْهَمْدَانِيّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام أنَّ أهْلَ بَيْتِي يُؤْذُوني وَيُقَرَّعُوني بِالْحَدِيثِ الَّذِي رُويَ عَنْ آبَائِكَ عليهم السلام أنَّهُمْ قَالُوا: (خُدَّامُنَا وَقُوَّامُنَا شِرَارُ خَلْقِ اللهِ)، فَكَتَبَ عليه السلام: (وَيْحَكُمْ مَا تَقْرَءُونَ مَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً))(32) فَنَحْنُ وَاللهِ الْقُرَى الَّتِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا وَأنْتُمُ الْقُرَى الظَّاهِرَةُ)(33).
كمال الدين: أبي، وابن الوليد معاً، عن الحميري، عن محمّد بن صالح الهمداني، مثله.
ثُمَّ قال: قال عبد الله بن جعفر: وحدَّثني بهذا الحديث علي بن محمّد الكليني، عن محمّد بن صالح، عن صاحب الزمان عليه السلام(34).
أقول: ثُمَّ ذكر الشيخ(35) بعض أصحاب الأئمّة صلوات الله عليهم الممدوحين، ثُمَّ قال:
فأمَّا السفراء الممدوحون في زمان الغيبة فأوّلهم من نصّبه أبو الحسن علي ابن محمّد العسكري وأبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد ابنه عليهم السلام وهو الشيخ الموثوق به أبو عمر وعثمان بن سعيد العمري وكان أسدياً وإنَّما سمّي العمري لما رواه أبو نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري رحمه الله، قال أبا محمّد الحسن بن علي: قال: (لا يجمع على امرء ابن عثمان، وأبو عمرو)، وأمر بكسر كنيته، فقيل: العمري، ويقال له: العسكري أيضاً لأنَّه كان من عسكر سُرَّ من رأى ويقال له: السمّان لأنَّه كان يتّجر في السمن تغطية على الأمر.
وكان الشيعة إذا حملوا إلى أبي محمّد عليه السلام ما يجب عليهم حمله من الأموال أنفذوا إلى أبي عمرو فيجعله في جراب السمن وزقاقه ويحمله إلى أبي محمّد عليه السلام تقيّةً وخوف(36).
الهوامش:
(1) في المصدر: (وخبت) بدل (وفتحت).
(2) في المصدر: (الرزّازين) بدل (الوزّانين).
(3) في المصدر: (وقد نعيت إليَّ نفسي).
(4) في المصدر إضافة: ((و) وزنها مئة درهم).
(5) زنفيلجة: معرَّب زنبيلجه وهي الصغار من الزنابيل.
(6) في المصدر إضافة: (كما قيل).
(7) كمال الدين 2: 505/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 36.
(8) الغيبة للطوسي: 317/ رقم 265.
(9) كمال الدين 2: 509/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 38، وفيه: (فإذا هي كما قال).
(10) كمال الدين 2: 510/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 40.
(11) في المصدر: (الأسروشني).
(12) في المصدر: (الخجندي).
(13) في المصدر إضافة: (توقيع).
(14) يقال: أشاط دمه وبدمه: أذهبه، أو عمل في هلاكه، أو عرضه للقتل.
(15) كمال الدين 2: 509/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 39.
(16) الغيبة للطوسي: 323/ رقم 271.
(17) في المصدر: (محمّد بن علي بن أحمد بن برزج بن عبد الله بن منصور بن يونس بن برزج صاحب الصادق عليه السلام).
(18) في المصدر إضافة: (الدورقي).
(19) في المصدر إضافة: (تلك).
(20) من المصدر.
(21) كمال الدين 2: 516/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 45.
(22) نهر يجري بين خراسان وتركستان قريباً من خوارزم ويسمّى آمون أيضاً.
(23) في المصدر: (أبي القاسم الحسين بن روح).
(24) في المصدر: (إليها) بدل (لها إليَّ).
(25) في المصدر: (إليَّ الحقّ فأخرجت إليها حقّه، فقال للمرأة).
(26) من المصدر.
(27) كمال الدين 2: 518/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 47.
(28) في المصدر: (فلمَّا كان من الغد حملني الهاشمي إلى منزله وأضافني ثُمَّ صاح بجارية...) الخ، والحديث مختصر.
(29) في المصدر إضافة: (به).
(30) كمال الدين 2: 518/ باب (ذكر التوقيعات)/ آخر الحديث 46.
(31) الغيبة للطوسي: 345/ رقم 294.
(32) سبأ: 18.
(33) الغيبة للطوسي: 345/ رقم 295.
(34) كمال الدين 2: 483/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 2.
(35) ذكر هذا في كتاب الغيبة.
(36) الغيبة للطوسي: 353 و354/ رقم 314.
******************
فَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى، عَنْ أبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام الإسْكَافِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْن سَعْدٍ الْقُمَّيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فِي يَوْم مِنَ الأيَّام فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي أنَا أغِيبُ وَأشْهَدُ، وَلاَ يَتَهَيَّاُ لِيَ الْوُصُولُ إِلَيْكَ إِذَا شَهِدْتُ فِي كُلّ وَقْتٍ فَقَوْلَ مَنْ نَقْبَلُ؟ وَأمْرَ مَنْ نَمْتَثِلُ؟ فَقَالَ لِي صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (هَذَا أبُو عَمْرٍو الثّقَةُ الأمِينُ، مَا قَالَهُ لَكُمْ فَعَنّي يَقُولُهُ، وَمَا أدَّاهُ إِلَيْكُمْ فَعَنّي يُؤَدَّيهِ).
فَلَمَّا مَضَى أبُو الْحَسَن عليه السلام وَصَلْتُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ ابْنِهِ الْحَسَن صَاحِبِ الْعَسْكَر عليه السلام ذَاتَ يَوْم فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ قَوْلِي لأبِيهِ، فَقَالَ لِي: (هَذَا أبُو عَمْرٍو الثّقَةُ الأمِينُ، ثِقَةُ الْمَاضِي وَثِقَتِي فِي الْحَيَاةِ(1) وَالْمَمَاتِ، فَمَا قَالَهُ لَكُمْ فَعَنّي يَقُولُهُ، وَمَا أدَّى إِلَيْكُمْ فَعَنّي يُؤَدَّيهِ).
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ: قَالَ أبُو عَلِيٍّ: قَالَ أبُو الْعَبَّاس الْحِمْيَريُّ: فَكُنَّا كَثِيراً مَا نَتَذَاكَرُ هَذَا الْقَوْلَ وَنَتَوَاصَفُ جَلاَلَةَ مَحَلّ أبِي عَمْرٍو(2).
وأخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون، عن محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، قال: حججنا في بعض السنين بعد مضي أبي محمّد عليه السلام فدخلت على أحمد بن إسحاق بمدينة السلام فرأيت أبا عمرو عنده فقلت: إنَّ هذا الشيخ وأشرت إلى أحمد بن إسحاق وهو عندنا الثّقة المرضي حدَّثنا فيك بكيت وكيت، واقتصصت عليه ما تقدَّم _ يعني ما ذكرناه عنه من فضل أبي عمرو ومحلّه _ وقلت: أنت الآن من لا يشكّ في قوله وصدقه فأسألك بحقّ الله وبحقّ الإمامين اللذين وثّقاك، هل رأيت ابن أبي محمّد الذي هو صاحب الزمان؟ فبكى ثُمَّ قال: على أن لا تخبر بذلك أحداً وأنا حيّ؟ قلت: نعم، قال: قد رأيته عليه السلام وعنقه هكذا يريد أنَّها أغلظ الرقاب حسناً وتماماً، قلت: فالاسم، قال: قد نهيتم عن هذ(3).
وَرَوَى أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ بْن نُوح أبُو الْعَبَّاس السَّيرَافِيُّ، قَالَ: أخْبَرَنَا أبُو نَصْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِابْن برينة الْكَاتِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ الشّرَافِ مِنَ الشّيعَةِ الإمَامِيَّةِ أصْحَابِ الْحَدِيثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أحْمَدَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ الْخَصِيبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الحسينان (الْحَسَنِيَّانِ‏)، قَالاَ: دَخَلْنَا عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام بِسُرَّ مَنْ ‏رَأى وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أوْلِيَائِهِ وَشِيعَتِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ بَدْرٌ خَادِمُهُ فَقَالَ: يَا مَوْلاَيَ بِالْبَابِ قَوْمٌ شُعْثٌ غُبْرٌ، فَقَالَ لَهُمْ: (هَؤُلاَءِ نَفَرٌ مِنْ شِيعَتِنَا بِالْيَمَن...) فِي حَدِيثٍ طَويلٍ يَسُوقَانِهِ إِلَى أنْ يَنْتَهِيَ إِلَى أنْ قَالَ الْحَسَنُ عليه السلام لِبَدْرٍ: (فَامْض فَأتِنَا بِعُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ الْعَمْريّ)، فَمَا لَبِثْنَا إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى دَخَلَ عُثْمَانُ، فَقَالَ لَهُ سَيَّدُنَا أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (امْض يَا عُثْمَانُ فَإنَّكَ الْوَكِيلُ وَالثّقَةُ الْمَأمُونُ عَلَى مَالِ اللهِ وَاقْبِضْ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَر الْيَمَنِيّينَ مَا حَمَلُوهُ مِنَ الْمَالِ)...
ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالاَ: ثُمَّ قُلْنَا بِأجْمَعِنَا: يَا سَيَّدَنَا وَاللهِ إِنَّ عُثْمَانَ لَمِنْ خِيَار شِيعَتِكَ وَلَقَدْ زِدْتَنَا عِلْماً بِمَوْضِعِهِ مِنْ خِدْمَتِكَ وَإِنَّهُ وَكِيلُكَ وَثِقَتُكَ عَلَى مَالِ اللهِ، قَالَ: (نَعَمْ، وَاشْهَدُوا عَلَيَّ أنَّ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الْعَمْريَّ وَكِيلِي وَأنَّ ابْنَهُ‏ مُحَمَّداً وَكِيلُ ابْنِي مَهْدِيّكُمْ)(4).
عنه، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري قدس الله روحه وأرضاه، عن شيوخه أنَّه لمَّا مات الحسن بن عليّ عليه السلام حضر غسله عثمان بن سعيد رضي الله عنه وأرضاه وتولّى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره مأموراً بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها ولا دفعها إلاَّ بدفع حقائق الأشياء في ظواهرها.
وكانت توقيعات صاحب الأمر عليه السلام تخرج على يدي عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمّد عليه السلام بالأمر والنهي والأجوبة عمَّا تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفّي عثمان بن سعيد رحمه الله وغسَّله ابنه أبو جعفر وتولّى القيام به وحصل الأمر كلّه مردوداً إليه والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته، لما تقدَّم له من النصّ عليه بالأمانة والعدالة، والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه السلام، وبعد موته في حياة أبيه عثمان رحمه الله(5).
قَالَ: وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ الْفَزَاريُّ الْبَزَّازُ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشّيعَةِ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ بِلاَلٍ، وَأحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاويَةَ بْن حُكَيْم، وَالْحَسَنُ بْنُ أيُّوبَ بْن نُوح فِي خَبَرٍ طَويلٍ مَشْهُورٍ قَالُوا جَمِيعاً: اجْتَمَعْنَا إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام نَسْألُهُ عَن الْحُجَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَفِي مَجْلِسِهِ أرْبَعُونَ رَجُلاً فَقَامَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْن عَمْرٍو الْعَمْريُّ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ اُريدُ أنْ أسْألَكَ عَنْ أمْرٍ أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنّي، فَقَالَ لَهُ: (اجْلِسْ يَا عُثْمَانُ)، فَقَامَ مُغْضَباً لِيَخْرُجَ، فَقَالَ: (لاَ يَخْرُجَنَّ أحَدٌ)، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنَّا أحَدٌ إِلَى(6) كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَصَاحَ عليه السلام بِعُثْمَانَ فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَقَالَ: (اُخْبِرُكُمْ بِمَا جِئْتُمْ؟)، قَالُوا: نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ، قَالَ: (جِئْتُمْ تَسْألُونَّي عَن الْحُجَّةِ مِنْ بَعْدِي)، قَالُوا: نَعَمْ، فَإذَا غُلاَمٌ كَأنَّهُ قِطَعُ قَمَرٍ أشْبَهُ النَّاس بِأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (هَذَا إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ أطِيعُوهُ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِي فَتَهْلِكُوا فِي‏ أدْيَانِكُمْ ألاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَهُ مِنْ بَعْدِ يَوْمِكُمْ هَذَا حَتَّى يَتِمَّ لَهُ عُمُرٌ فَاقْبَلُوا مِنْ عُثْمَانَ مَا يَقُولُهُ وَانْتَهُوا إِلَى أمْرهِ وَاقْبَلُوا قَوْلَهُ فَهُوَ خَلِيفَةُ إِمَامِكُمْ وَالأمْرُ إِلَيْهِ)(7).
في حديث قال أبو نصر هبة الله بن محمّد: وقبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام في شارع الميدان في أوّل الموضع المعروف، في الدرب المعروف بدرب حبلة(8) في مسجد الذرب يمنة الداخل إليه والقبر في نفس قبلة المسجد(9).
ثُمَّ قال الشيخ رحمه الله: رأيت قبره في الموضع الذي ذكره وكان بني في وجهه حائط وبه محراب المسجد وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيّق مظلم، فكنّا ندخل إليه ونزوره مشاهرة، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد وهي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة ثُمَّ نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمّد بن الفرج وأبرز القبر إلى برّ وأعمل عليه صندوقاً، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره، ويتبرَّك جيران المحلّة بزيارته ويقولون: هو رجل صالح وربما قالوا: هو ابن داية الحسين عليه السلام ولا يعرفون حقيقة الحال فيه وهو إلى يومنا هذا، وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة على ما هو عليه(10).
ذكر أبى جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري والقول فيه:
فلمَّا مضى أبو عمرو عثمان بن سعيد قام ابنه أبو جعفر محمّد بن عثمان مقامه بنصّ أبي محمّد عليه السلام ونصّ أبيه عثمان عليه بأمر القائم عليه السلام فأخبرني جماعة، عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن داود القمي، وابن قولويه(11)، عن سعد بن عبد الله قال: حدَّثنا الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري رحمه الله... وذكر الحديث الذي قدَّمنا ذكره(12).
وأخبرني جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه وأبي غالب الزراري وأبي محمّد التلعكبري، كلّهم عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن عبد الله، ومحمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو عند أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري القمي فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف.
فقلت له: يا با عمرو إنّي اُريد أن أسألك وما أنا بشاكّ فيما اُريد أن أسألك عنه فإنَّ اعتقادي وديني أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة إلاَّ إذا كان قبل(13) القيامة بأربعين يوماً فإذا كان ذلك رفعت الحجّة وغلق باب التوبة، فلم يكن ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك أشرار من خلق الله عزّ وجل، وهم الذين تقوم عليهم القيامة. ولكن أحببت أن أزداد يقيناً فإنَّ إبراهيم عليه السلام سأل ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، فقال: ((أوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي))(14)، وقد أخبرني أحمد بن إسحاق أبو عليّ، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته فقلت له: من اُعامل؟ وعمَّن آخذ؟ وقول من أقبل؟
فقال له: (العمري ثقتي فما أدّى إليك فعنّي يؤدّي وما قال لك فعنّي يقول، فاسمع له وأطع فإنَّه الثّقة المأمون).
قال: وأخبرني أبو عليّ أنَّه سأل أبا محمّد الحسن بن عليّ عن مثل ذلك فقال له: (العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنَّهما الثّقتان المأمونان).
فهذا قول إمامين قد مضيا فيك، قال: فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثُمَّ قال: سل. فقلت له: أنت رأيت الخلف من أبي محمّد عليه السلام؟ فقال: أي والله ورقبته مثل ذا وأومأ بيديه، فقلت له: فبقيت واحدة، فقال لي: هات، قلت: فالاسم؟ قال: محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي وليس لي أن اُحلّل واُحرّم ولكن عنه عليه السلام فإنَّ الأمر عند السلطان أنَّ أبا محمّد عليه السلام مضى ولم يخلّف ولداً وقسَّم ميراثه وأخذه من لا حقّ له. وصبر على ذلك، وهو ذا عياله يجولون وليس أحد يجسر أن يتعرَّف إليهم أو ينيلهم(15) شيئاً، وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتّقوا الله وأمسكوا عن ذلك.
قال الكليني: وحدَّثني شيخ من أصحابنا ذهب عنّي اسمه أنَّ أبا عمرو سئل عند أحمد بن إسحاق، عن مثل هذا، فأجاب بمثل هذ(16).
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، عَنْ‏ أحْمَدَ بْن هَارُونَ الْفَامِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: خَرَجَ التَّوْقِيعُ إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ الْعَمْريّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي التَّعْزيَةِ بِأبِيهِ رضي الله عنه وَفِي فَصْلٍ مِنَ الْكِتَابِ:
(إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، تَسْلِيماً لأمْرهِ وَرضًى بِقَضَائِهِ، عَاشَ أبُوكَ سَعِيداً وَمَاتَ حَمِيداً فَرَحِمَهُ اللهُ وَألْحَقَهُ بِأوْلِيَائِهِ وَمَوَالِيهِ عليهم السلام، فَلَمْ يَزَلْ مُجْتَهِداً فِي أمْرهِمْ سَاعِياً فِيمَا يُقَرَّبُهُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَإِلَيْهِمْ، نَضَّرَ اللهُ وَجْهَهُ وَأقَالَهُ عَثْرَتَهُ)، وَفِي فَصْلٍ آخَرَ:
(أجْزَلَ اللهُ لَكَ الثَّوَابَ وَأحْسَنَ لَكَ الْعَزَاءَ رُزِئْتَ وَرُزِئْنَا وَأوْحَشَكَ فِرَاقُهُ وَأوْحَشَنَا فَسَرَّهُ اللهُ فِي مُنْقَلَبِهِ، وَكَانَ مِنْ كَمَالِ سَعَادَتِهِ أنْ رَزَقَهُ اللهُ وَلَداً مِثْلَكَ يَخْلُفُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ بِأمْرهِ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، وَأقُولُ: الْحَمْدُ للهِ فَإنَّ الأنْفُسَ طَيّبَةٌ بِمَكَانِكَ وَمَا جَعَلَهُ اللهُ عزّ وجل فِيكَ وَعِنْدَكَ، أعَانَكَ اللهُ وَقَوَّاكَ وَعَضَدَكَ وَوَفَّقَكَ وَكَانَ لَكَ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَرَاعِياً)(17).
الاحتجاج: الحميري، قال: خرج التوقيع... إلى آخر الخبر(18).
كمال الدين: أحمد بن هارون، مثله(19).
2 _ الغيبة للطوسي: وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ هَارُونَ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ: لَمَّا مَضَى أبُو عَمْرٍو رضي الله عنه أتَتْنَا الْكُتُبُ بِالْخَطّ الَّذِي كُنَّا نُكَاتِبُ بِهِ بِإقَامَةِ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه مَقَامَهُ(20).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّوَيْهِ بْن عَبْدِ الْعَزيزِ الرَّازِيُّ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازِيُّ أنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهِ بَعْدَ وَفَاةِ أبِي عَمْرٍو: (وَالابْنُ وَقَاهُ اللهُ لَمْ يَزَلْ ثِقَتَنَا فِي حَيَاةِ الأبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ وَنَضَّرَ وَجْهَهُ، يَجْري عِنْدَنَا مَجْرَاهُ، وَيَسُدُّ مَسَدَّهُ وَعَنْ أمْرنَا يَأمُرُ الابْنُ وَبِهِ يَعْمَلُ، تَوَلاَّهُ اللهُ فَانْتَهِ إِلَى قَوْلِهِ، وَعَرَّفْ مُعَامَلَتَنَا ذَلِكَ)(21).
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْقَاسِم جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ وَأبِي غَالِبٍ الزُّرَاريّ وَأبِي مُحَمَّدٍ التَّلَّعُكْبَريّ كُلّهِمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ، قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ أنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَألْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ اُشْكِلَتْ عَلَيَ‏ فَوُقّعَ التَّوْقِيعُ بِخَطّ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الدَّار: (وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ أبِيهِ مِنْ قَبْلُ فَإنَّهُ ثِقَتِي وَكِتَابُهُ كِتَابِي)(22).
الاحتجاج: الكلينى، مثله(23).
3 _ الغيبة للطوسي: قَالَ أبُو الْعَبَّاس: وَأخْبَرَني هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ابْن بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ رضي الله عنه، عَنْ شُيُوخِهِ، قَالُوا: لَمْ تَزَلِ الشّيعَةُ مُقِيمَةً عَلَى عَدَالَةِ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ (ومحمّد بن عثمان رحمهما الله تعالى إلى أن توفي أبو عمرو عثمان بن سعيد)(24) رحمه الله وَغَسَّلَهُ ابْنُهُ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَتَوَلَّى الْقِيَامَ بِهِ وَجُعِلَ الأمْرُ كُلُّهُ مَرْدُوداً إِلَيْهِ، وَالشّيعَةُ مُجْمِعَةٌ(25) عَلَى عَدَالَتِهِ وَثِقَتِهِ وَأمَانَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ النَّصّ عَلَيْهِ بِالأمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ، وَالأمْر بِالرُّجُوع إِلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْحَسَن عليه السلام وَبَعْدَ مَوْتِهِ فِي حَيَاةِ أبِيهِ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ لاَ يَخْتَلِفُ فِي عَدَالَتِهِ وَلاَ يَرْتَابُ بِأمَانَتِهِ، وَالتَّوْقِيعَاتُ يَخْرُجُ(26) عَلَى يَدِهِ إِلَى الشّيعَةِ فِي الْمُهِمَّاتِ طُولَ حَيَاتِهِ بِالْخَطّ الَّذِي كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَيَاةِ أبِيهِ عُثْمَانَ، لاَ يَعْرفُ الشّيعَةُ فِي هَذَا الأمْر غَيْرَهُ، وَلاَ يَرْجِعُ إِلَى أحَدٍ سِوَاهُ، وَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ دَلاَئِلُ كَثِيرَةٌ وَمُعْجِزَاتُ الإمَام (الَّتِي)(27) ظَهَرَتْ عَلَى يَدِهِ، وَاُمُورٌ أخْبَرَهُمْ بِهَا عَنْهُ زَادَتْهُمْ فِي هَذَا الأمْر بَصِيرَةً، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الشّيعَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا طَرَفاً مِنْهَا فَلاَ نَطُولُ بِإعَادَتِهَا فَإنَّ ذَلِكَ كِفَايَةٌ لِلْمُنْصِفِ إِنْ شَاءَ اللهُ(28).
قَالَ ابْنُ نُوح: أخْبَرَني أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ ابْنُ بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: كَانَ لأبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ فِي الْفِقْهِ مِمَّا سَمِعَهَا مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام وَمِنَ الصَّاحِبِ عليه السلام وَمِنْ أبِيهِ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ وَعَنْ أبِيهِ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِيهَا كُتُبٌ تَرْجَمَتُهَا كُتُبُ الأشْربَةِ، ذَكَرَتِ الْكَبِيرَةُ اُمُّ كُلْثُوم بِنْتُ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنها أنَّهَا وَصَلَتْ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ فِي يَدِهِ، قَالَ أبُو نَصْرٍ: وَأظُنُّهَا قَالَتْ: وَصَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أبِي الْحَسَن السَّمُريّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ(29).
الهوامش:
(1) في المصدر: (المحيا) بدل (الحياة).
(2) الغيبة للطوسي: 354 و355/ رقم 315.
(3) الغيبة للطوسي: 355/ رقم 316.
(4) الغيبة للطوسي: 355 و356/ رقم 317.
(5) الغيبة للطوسي: 356 و357/ رقم 318.
(6) في المصدر إضافة: (أن).
(7) الغيبة للطوسي: 357/ رقم 319.
(8) في المصدر: (جبلة).
(9) الغيبة للطوسي: 358/ رقم 320.
(10) الغيبة للطوسي: 358.
(11) في المصدر إضافة: (عن أبيه).
(12) الغيبة للطوسي: 359/ رقم 321.
(13) في المصدر إضافة: (يوم).
(14) البقرة: 260.
(15) في ثلاث نسخ من المصدر: (ينسبهم) بدل (ينيلهم).
(16) الغيبة للطوسي: 359 - 361/ رقم 322.
(17) الغيبة للطوسي: 361/ رقم 323.
(18) الاحتجاج 2: 562/ ح 353.
(19) كمال الدين 2: 510/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 41، وفيه: (عبد الله بن جعفر الحميري) بدل (أحمد بن هارون).
(20) الغيبة للطوسي: 362/ رقم 324.
(21) الغيبة للطوسي: 362/ رقم 325.
(22) الغيبة للطوسي: 362/ رقم 326.
(23) الاحتجاج 2: 542/ ح 344.
(24) من المصدر.
(25) في المصدر: (مجتمعة).
(26) في المصدر: (تخرج).
(27) كلمة: (التي) ليست في المصدر.
(28) الغيبة للطوسي: 362/ رقم 327.
(29) الغيبة للطوسي: 363/ رقم 328.
******************
قَالَ أبُو جَعْفَر بْنُ بَابَوَيْهِ: رَوَى(1) مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أنَّهُ قَالَ: وَاللهِ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر لَيَحْضُرُ الْمَوْسِمَ كُلَّ سَنَةٍ يَرَى النَّاسَ وَيَعْرفُهُمْ وَيَرَوْنَهُ وَلاَ يَعْرفُونَهُ(2).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: أخْبَرَنَا أبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن الْمُتَوَكّل، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريّ أنَّهُ قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقُلْتُ لَهُ: رَأيْتَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر؟ قَالَ: نَعَمْ، وَآخِرُ عَهْدِي بِهِ عِنْدَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَام وَهُوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ أنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ رضي الله عنه: وَرَأيْتُهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مُتَعَلّقاً بِأسْتَار الْكَعْبَةِ فِي الْمُسْتَجَار وَهُوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ انْتَقِمْ بِي مِنْ أعْدَائِكَ)(3).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الزُّرَاريُّ، عَنْ عَلِيّ بْن صَدَقَةَ الْقُمَّيّ، قَالَ: خَرَجَ إِلَى مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ رضي الله عنه ابْتِدَاءً مِنْ غَيْر مَسْألَةٍ: (لِيُخْبِرَ الَّذِينَ يَسْألُونَ عَن الاسْم: إِمَّا السُّكُوتَ وَالْجَنَّةَ وَإِمَّا الْكَلاَمَ وَالنَّارَ، فَإنَّهُمْ إِنْ وَقَفُوا عَلَى الاسْم أذَاعُوهُ وَإِنْ وَقَفُوا عَلَى الْمَكَان دَلُّوا عَلَيْهِ)(4).
قَالَ ابْنُ نُوح: أخْبَرَني أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عَلِيّ بْنُ أبِي جَيّدٍ الْقُمَّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الدَّلاَّلُ الْقُمَّيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ رضي الله عنه يَوْماً لاُسَلّمَ عَلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَاجَةٌ وَنَقَّاشٌ يَنْقُشُ عَلَيْهَا وَيَكْتُبُ آياً مِنَ الْقُرْآن وَأسْمَاءَ الأئِمَّةِ عليهم السلام عَلَى حَوَاشِيهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي مَا هَذِهِ السَّاجَةُ؟ فَقَالَ لِي: هَذِهِ لِقَبْري تَكُونُ فِيهِ اُوضَعُ عَلَيْهَا، أوْ قَالَ: اُسْنَدُ إِلَيْهَا، وَقَدْ عَزَفْتُ مِنْهُ، وَأنَا فِي كُلّ يَوْم أنْزلُ فِيهِ فَأقْرَاُ جُزْءاً مِنَ الْقُرْآن فَأصْعَدُ، وَأظُنُّهُ قَالَ: فَأخَذَ بِيَدِي وَأرَانِيهِ فَإذَا كَانَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا مِنْ شَهْر كَذَا وَكَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَكَذَا صِرْتُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَدُفِنْتُ فِيهِ وَهَذِهِ السَّاجَةُ مَعِي، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أثْبَتُّ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ أزَلْ مُتَرَقّباً بِهِ ذَلِكَ فَمَا تَأخَّرَ الأمْرُ حَتَّى اعْتَلَّ أبُو جَعْفَرٍ فَمَاتَ فِي الْيَوْم الَّذِي ذَكَرَهُ مِنَ الشَّهْر الَّذِي قَالَهُ مِنَ السَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَدُفِنَ فِيهِ.
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْر أبِي عَلِيٍّ، وَحَدَّثَتْنِي بِهِ أيْضاً اُمُّ كُلْثُوم بِنْتُ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه(5).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن الأسْوَدِ الْقُمَّيُّ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْراً وَسَوَّاهُ بِالسَّاج فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لِلنَّاس أسْبَابٌ، ثُمَّ سَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَدْ اُمِرْتُ أنْ أجْمَعَ أمْري، فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرَيْن رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ(6).
كمال الدين: محمّد بن علي، مثله(7).
4 _ الغيبة للطوسي: وَقَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: وَجَدْتُ بِخَطّ أبِي غَالِبٍ الزُّرَاريّ رَحِمَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ رحمه الله مَاتَ فِي آخِر جُمَادَى الاُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِمِائَةٍ.
وَذَكَرَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ الْعَمْريَّ رحمه الله مَاتَ فِي سَنَةِ أرْبَع وَثَلاَثِمِائَةٍ، وَأنَّهُ كَانَ يَتَوَلَّى هَذَا الأمْرَ نَحْواً مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، فَيَحْمِلُ النَّاسُ إِلَيْهِ أمْوَالَهُمْ، وَيُخْرجُ إِلَيْهِمُ التَّوْقِيعَاتِ بِالْخَطّ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ فِي حَيَاةِ الْحَسَن عليه السلام إِلَيْهِمْ بِالْمُهِمَّاتِ فِي أمْر الدَّين وَالدُّنْيَا وَفِيمَا يَسْألُونَهُ مِنَ الْمَسَائِل بِالأجْوبَةِ الْعَجِيبَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ.
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: إِنَّ قَبْرَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ عِنْدَ وَالِدَتِهِ فِي شَارع بَابِ الْكُوفَةِ فِي الْمَوْضِع الَّذِي كَانَتْ دُورُهُ وَمَنَازِلُهُ وَهُوَ الآنَ فِي وَسَطِ الصَّحْرَاءِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ(8).
ذكر إقامة أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري أبا القاسم الحسن ابن روح رضي الله عنهما مقامه بعده بأمر الإمام صلوات الله عليه
أخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُمَّيُّ، قَالَ: أخْبَرَني أبُو الْعَبَّاس أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ بْن نُوح، قَالَ: أخْبَرَني أبُو عَلِيٍّ أحْمَدُ بْنُ جَعْفَر بْن سُفْيَانَ الْبَزَوْفَريُّ(9)، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْن قزدا فِي مَقَابِر قُرَيْشٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ رَسْمِي إِذَا حَمَلْتُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِي إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أنْ أقُولَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ أحَدٌ يَسْتَقْبِلُهُ بِمِثْلِهِ: هَذَا الْمَالُ وَمَبْلَغُهُ كَذَا وَكَذَا لِلإمَام عليه السلام، فَيَقُولُ لِي: نَعَمْ دَعْهُ، فَاُرَاجِعُهُ فَأقُولُ لَهُ تَقُولُ لِي: إِنَّهُ لِلإمَام، فَيَقُولُ: نَعَمْ لِلإمَام عليه السلام، فَيَقْبِضُهُ.
فَصِرْتُ إِلَيْهِ آخِرَ عَهْدِي بِهِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَمَعِي أرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ فَقُلْتُ لَهُ عَلَى رَسْمِي، فَقَالَ لِي: امْض بِهَا إِلَى الْحُسَيْن بْن رَوْح فَتَوَقَّفْتُ فَقُلْتُ: تَقْبِضُهَا أنْتَ‏ مِنّي عَلَى الرَّسْم، فَرَدَّ عَلَيَّ كَالْمُنْكِر لِقَوْلِي قَالَ: قُمْ عَافَاكَ اللهُ فَادْفَعْهَا إِلَى الْحُسَيْن بْن رَوْح.
فَلَمَّا رَأيْتُ فِي وَجْهِهِ غَضَباً خَرَجْتُ وَرَكِبْتُ دَابَّتِي فَلَمَّا بَلَغْتُ بَعْضَ الطَّريقِ رَجَعْتُ كَالشَّاكَّ فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيَّ الْخَادِمُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أنَا فُلاَنٌ فَاسْتَأذِنْ لِي، فَرَاجَعَنِي وَهُوَ مُنْكِرٌ لِقَوْلِي وَرُجُوعِي فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ فَاسْتَأذِنْ لِي فَإنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ لِقَائِهِ، فَدَخَلَ فَعَرَّفَهُ خَبَرَ رُجُوعِي وَكَانَ قَدْ دَخَلَ إِلَى دَار النّسَاءِ فَخَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى سَريرٍ وَرجْلاَهُ فِي الأرْض وَفِيهِمَا نَعْلاَن نَصِفُ(10) حُسْنَهُمَا وَحُسْنَ رجْلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا الَّذِي جَرَّأكَ عَلَى الرُّجُوع؟ وَلِمَ لَمْ تَمْتَثِلْ مَا قُلْتُهُ لَكَ؟ فَقُلْتُ: لَمْ أجْسُرْ عَلَى مَا رَسَمْتَهُ لِي، فَقَالَ لِي وَهُوَ مُغْضَبٌ: قُمْ عَافَاكَ اللهُ فَقَدْ أقَمْتُ أبَا الْقَاسِم الْحُسَيْنَ بْنَ رَوْح مَقَامِي وَنَصَبْتُهُ مَنْصَبِي، فَقُلْتُ: بِأمْر الإمَام؟ فَقَالَ: قُمْ عَافَاكَ اللهُ كَمَا أقُولُ لَكَ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي غَيْرُ الْمُبَادَرَةِ.
فَصِرْتُ إِلَى أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح وَهُوَ فِي دَارٍ ضَيّقَةٍ فَعَرَّفْتُهُ مَا جَرَى فَسَرَّ بِهِ وَشَكَرَ اللهَ عزّ وجل وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الدَّنَانِيرَ، وَمَا زِلْتُ أحْمِلُ إِلَيْهِ مَا يَحْصُلُ فِي يَدِي بَعْدَ ذَلِكَ(11).
وَسَمِعْتُ أبَا الْحَسَن عَلِيَّ بْنَ بِلاَلِ بْن مُعَاويَةَ الْمُهَلَّبِيَّ يَقُولُ فِي حَيَاةِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ: سَمِعْتُ أبَا الْقَاسِم جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ الْقُمَّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ الْقُمَّيَّ يَقُولُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ رضي الله عنه لَهُ مَنْ يَتَصَرَّفُ لَهُ بِبَغْدَادَ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أنْفُسٍ وَأبُو الْقَاسِم بْنُ رَوْح رضي الله عنه فِيهِمْ، وَكُلُّهُمْ كَانَ أخَصَّ بِهِ مِنْ أبِي الْقَاسِمِ بْن رَوْح رضي الله عنه حَتَّى إِنَّهُ كَانَ إِذَا احْتَاجَ إِلَى حَاجَةٍ أوْ إِلَى سَبَبٍ يُنَجَّزُهُ عَلَى يَدِ غَيْرهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ تِلْكَ الْخُصُوصِيَّةُ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ مُضِيّ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه وَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَيْهِ وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ(12).
قَالَ: وَقَالَ مَشَايِخُنَا: كُنَّا لاَ نَشُكُّ أنَّهُ إِنْ كَانَتْ كَائِنَةٌ مِنْ(13) أبِي جَعْفَرٍ لاَ يَقُومُ مَقَامَهُ إِلاَّ جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ أوْ أبُوهُ لِمَا رَأيْنَا مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ بِهِ وَكَثْرَةِ كَيْنُونَتِهِ فِي مَنْزلِهِ حَتَّى بَلَغَ أنَّهُ كَانَ فِي آخِر عُمُرهِ لاَ يَأكُلُ طَعَاماً إِلاَّ مَا اُصْلِح‏ فِي مَنْزلِ جَعْفَر بْن أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ وَأبِيهِ بِسَبَبٍ وَقَعَ لَهُ وَكَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يَأكُلُهُ فِي مَنْزلِ جَعْفَرٍ وَأبِيهِ.
وَكَانَ أصْحَابُنَا لاَ يَشُكُّونَ إِنْ كَانَتْ حَادِثَةٌ لَمْ تَكُن الْوَصِيَّةُ إِلاَّ إِلَيْهِ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ(14) فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ (وَ)(15) وَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى أبِي الْقَاسِم سَلَّمُوا وَلَمْ يُنْكِرُوا وَكَانُوا مَعَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا كَانُوا مَعَ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه، وَلَمْ يَزَلْ جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ فِي جُمْلَةِ أبِي الْقَاسِم رضي الله عنه وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَتَصَرُّفِهِ بَيْنَ يَدَيْ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ إِلَى أنْ مَاتَ رضي الله عنه، فَكُلُّ مَنْ طَعَنَ عَلَى أبِي الْقَاسِم فَقَدْ طَعَنَ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ وَطَعَنَ عَلَى الْحُجَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ(16).
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدِ رحمه الله، قَالَ: كُنْتُ أحْمِلُ الأمْوَالَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي بَابِ الْوَقْفِ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ رحمه الله فَيَقْبِضُهَا مِنّي، فَحَمَلْتُ إِلَيْهِ يَوْماً شَيْئاً مِنَ الأمْوَالِ فِي آخِر أيَّامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْن أوْ ثَلاَثِ سِنِينَ فَأمَرَني بِتَسْلِيمِهِ إِلَى أبِي الْقَاسِم الرَّوْحِيّ رضي الله عنه، فَكُنْتُ اُطَالِبُهُ بِالْقُبُوض فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه فَأمَرَني أنْ لاَ اُطَالِبَهُ بِالْقُبُوض، وَقَالَ: كُلُّ مَا وَصَلَ إِلَى أبِي الْقَاسِم فَقَدْ وَصَلَ إِلَيَّ، فَكُنْتُ أحْمِلُ بَعْدَ ذَلِكَ الأمْوَالَ إِلَيْهِ وَلاَ اُطَالِبُهُ بِالْقُبُوض(17).
كمال الدين: أبو جعفر محمّد بن علي الأسود، مثله(18).
5 _ الغيبة للطوسي: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: أخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ، عَنْ عَمَّهِ جَعْفَر بْن أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ الْوَفَاةُ كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ رَأسِهِ اُسَائِلُهُ(19) وَاُحَدَّثُهُ وَأبُو الْقَاسِم بْنُ رْوح عِنْدَ رجْلَيْهِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ: اُمِرْتُ أنْ اُوصِيَ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح، قَالَ: فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِ رَأسِهِ وَأخَذْتُ بِيَدِ أبِي الْقَاسِم وَأجْلَسْتُهُ فِي مَكَانِي وَتَحَوَّلْتُ إِلَى عِنْدِ رجْلَيْهِ(20).
كمال الدين: محمّد بن علي بن متّيل، مثله(21).
6 _ الغيبة للطوسي: قَالَ ابْنُ نُوح: وَحَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ بْن بَابَوَيْهِ قَدِمَ‏ عَلَيْنَا الْبَصْرَةَ فِي شَهْر رَبِيع الأوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلَويَّةَ الصَّفَّارَ وَالْحُسَيْنَ بْنَ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ رضي الله عنهما يَذْكُرَان هَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرَا أنَّهُمَا حَضَرَا بَغْدَادَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَشَاهَدَا ذَلِكَ(22).
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى، قَالَ: أخْبَرَني أبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ جَمَعَنَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَكُنَّا وُجُوهَ الشّيعَةِ وَشُيُوخَهَا، فَقَالَ لَنَا: إِنْ حَدَثَ عَلَيَّ حَدَثُ الْمَوْتِ، فَالأمْرُ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح النَّوْبَخْتِيّ فَقَدْ اُمِرْتُ أنْ أجْعَلَهُ فِي مَوْضِعِي بَعْدِي فَارْجِعُوا إِلَيْهِ وَعَوَّلُوا فِي اُمُوركُمْ عَلَيْهِ(23).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَن ابْن نُوح، عَنْ أبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي أبُو إِبْرَاهِيمَ جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ النَّوْبَخْتِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي أبِي أحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَمَّي أبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أهْلِنَا _ يَعْنِي بَنِي نَوْبَخْتَ _: أنَّ أبَا جَعْفَرٍ الْعَمْريَّ لَمَّا اشْتَدَّتْ حَالُهُ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهِ الشّيعَةِ مِنْهُمْ أبُو عَلِيّ بْنُ هَمَّام، وَأبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، وَأبُو عَبْدِ اللهِ الْبَاقَطَانِيُّ، وَأبُو سَهْلٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ النَّوْبَخْتِيُّ، وَأبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ الْوَجْنَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْوُجُوهِ وَالأكَابِر، فَدَخَلُوا عَلَى أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه فَقَالُوا لَهُ: إِنْ حَدَثَ أمْرٌ فَمَنْ يَكُونُ مَكَانَكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح بْن أبِي بَحْرٍ النَّوْبَخْتِيُّ الْقَائِمُ مَقَامِيُّ وَالسَّفِيرُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ الأمْر وَالْوَكِيلُ لَهُ وَالثّقَةُ الأمِينُ فَارْجِعُوا إِلَيْهِ فِي اُمُوركُمْ وَعَوَّلُوا عَلَيْهِ فِي مُهِمَّاتِكُمْ فَبِذَلِكَ اُمِرْتُ وَقَدْ بَلَّغْتُ(24).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ ابْن بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي اُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنهما، قَالَتْ: كَانَ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح قدّس سرّه وَكِيلاً لأبِي جَعْفَرٍ رحمه الله سِنِينَ كَثِيرَةً يَنْظُرُ لَهُ فِي أمْلاَكِهِ وَيُلْقِي بِأسْرَارهِ الرُّؤَسَاءَ مِنَ الشّيعَةِ، وَكَانَ خِصّيصاً بِهِ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُحَدَّثُهُ بِمَا يَجْري بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَاريهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَاُنْسِهِ.
قَالَتْ: وَكَانَ يَدْفَعُ إِلَيْهِ فِي كُلّ شَهْرٍ ثَلاَثِينَ دِينَاراً رزْقاً لَهُ غَيْرَ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ‏ مِنَ الْوُزَرَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ مِنَ الشّيعَةِ مِثْل آلِ الْفُرَاتِ وَغَيْرهِمْ لِجَاهِهِ وَلِمَوْضِعِهِ وَجَلاَلَةِ مَحَلّهِ عِنْدَهُمْ، فَحَصَّلَ فِي أنْفُس الشّيعَةِ مُحَصَّلاً جَلِيلاً لِمَعْرفَتِهِمْ بِاخْتِصَاص أبِي إِيَّاهُ وَتَوْثِيقِهِ عِنْدَهُمْ وَنَشْر فَضْلِهِ وَدِينهِ وَمَا كَانَ يَحْتَمِلُهُ مِنْ هَذَا الأمْر، فَتَمَهَّدَتْ(25) لَهُ الْحَالُ فِي طُولِ حَيَاةِ أبِي إِلَى أن انْتَهَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ بِالنَّصّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي أمْرهِ وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ أحَدٌ إِلاَّ جَاهِلٌ بِأمْر أبِي أوَّلاً مَعَ مَا لَسْتُ أعْلَمُ أنَّ أحَداً مِنَ الشّيعَةِ شَكَّ فِيهِ وَقَدْ سَمِعْتُ بِهَذَا مِنْ غَيْر وَاحِدٍ مِنْ بَنِي نَوْبَخْتَ رحمهم الله مِثْل أبِي الْحُسَيْن(26) بْن كِبْريَاءَ وَغَيْرهِ(27).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْعَبَّاس بْن نُوح، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطّ مُحَمَّدِ بْن نَفِيسٍ فِيمَا كَتَبَهُ بِالأهْوَازِ: أوَّلَ كِتَابٍ وَرَدَ مِنْ أبِي الْقَاسِم رضي الله عنه: (نَعْرفُهُ عَرَّفَهُ اللهُ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَرضْوَانَهُ وَأسْعَدَهُ بِالتَّوْفِيقِ، وَقَفْنَا عَلَى كِتَابِهِ وَ(هُوَ)(28) ثِقَتُنَا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ وَأنَّهُ عِنْدَنَا بِالْمَنْزلَةِ وَالْمَحَلّ اللَّذَيْن يَسُرَّانِهِ، زَادَ اللهُ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ إِنَّهُ وَلِيٌّ قَدِيرٌ وَالْحَمْدُ للهِ لاَ شَريكَ لَهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً)، وَرَدَتْ هَذِهِ الرُّقْعَةُ يَوْمَ الأحَدِ لِسِتّ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِمِائَةٍ(29).
أقُولُ: ذَكَرَ الشَّيْخُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّوْقِيعَاتِ الَّتِي خَرَجَتْ إِلَى الْحِمْيَريّ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ فِي بَابِ التَّوْقِيعَاتِ، ثُمَّ قَالَ:
وَكَانَ أبُو الْقَاسِم رحمه الله مِنْ أعْقَل النَّاس عِنْدَ الْمُخَالِفِ وَالْمُوَافِقِ وَيَسْتَعْمِلُ التَّقِيَّةَ، فَرَوَى أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ غَالِبٍ(30) وَأبُو الْحَسَن بْنُ أبِي الطَّيّبِ، قَال(31): مَا رَأيْتُ مَنْ هُوَ أعْقَلُ مِنَ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح، وَلَعَهْدِي بِهِ يَوْماً فِي دَار ابْن يَسَارٍ، وَكَانَ لَهُ مَحَلٌّ عِنْدَ السَّيَّدِ وَالْمُقْتَدِر عَظِيمٌ وَكَانَتِ الْعَامَّةُ أيْضاً تُعَظّمُهُ، وَكَانَ أبُو الْقَاسِم يَحْضُرُ تَقِيَّةً وَخَوْفاً.
فَعَهْدِي بِهِ وَقَدْ تَنَاظَرَ اثْنَان فَزَعَمَ وَاحِدٌ أنَّ أبَا بَكْرٍ أفْضَلُ النَّاس بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عَلِيٌّ، وَقَالَ الآخَرُ: بَلْ عَلِيٌّ أفْضَلُ مِنْ عُمَرَ، فَزَادَ الْكَلاَمُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أبُو الْقَاسِم رضي الله عنه: الَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ هُوَ تَقْدِيمُ الصّدَّيقِ ثُمَّ بَعْدَهُ الْفَارُوقُ ثُمَّ بَعْدَهُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْن ثُمَّ عَلِيٌّ الْوَصِيُّ، وَأصْحَابُ الْحَدِيث‏ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، فَبَقِيَ مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مُتَعَجَّباً مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَكَانَتِ الْعَامَّةُ الْحُضُورُ يَرْفَعُونَهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَكَثُرَ الدُّعَاءُ لَهُ وَالطَّعْنُ عَلَى مَنْ يَرْمِيهِ بِالرَّفْض.
الهوامش:
(1) في المصدر إضافة: (عن).
(2) الغيبة للطوسي: 363/ رقم 329.
(3) الغيبة للطوسي: 364/ رقم 330، وفيه: (لي) بدل (بي).
(4) الغيبة للطوسي: 364/ رقم 331.
(5) الغيبة للطوسي: 364/ رقم 332.
(6) الغيبة للطوسي: 365/ رقم 333.
(7) كمال الدين 2: 502/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 29.
(8) الغيبة للطوسي: 366/ رقم 334.
(9) في المصدر إضافة: (رحمه الله).
(10) في المصدر: (يصف).
(11) الغيبة للطوسي: 367/ رقم 336.
(12) الغيبة للطوسي: 368/ رقم 336.
(13) في المصدر إضافة: (أمر).
(14) في المصدر إضافة: (به).
(15) من المصدر.
(16) الغيبة للطوسي: 369/ رقم 337.
(17) الغيبة للطوسي: 370/ رقم 338.
(18) كمال الدين 2: 501/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 28.
(19) في المصدر: (أسأله).
(20) الغيبة للطوسي: 370/ رقم 339.
(21) كمال الدين 2: 503/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 33.
(22) الغيبة للطوسي: 370/ رقم 340.
(23) الغيبة للطوسي: 370/ رقم 341.
(24) الغيبة للطوسي: 371/ رقم 342.
(25) في المصدر: (فمهدت).
(26) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(27) الغيبة للطوسي: 372/ رقم 343.
(28) كلمة: (هو) ليست في المصدر.
(29) الغيبة للطوسي: 372/ رقم 344.
(30) في المصدر: (حمو) بدل (و).
(31) في المصدر: (قال).
******************
فَوَقَعَ عَلَيَّ الضَّحِكُ فَلَمْ أزَلْ أتَصَبَّرُ وَأمْنَعُ نَفْسِي وَأدُسُّ كُمَّي فِي فَمِي فَخَشِيتُ أنْ أفْتَضِحَ، فَوَثَبْتُ عَن الْمَجْلِس وَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَفَطَّنَ لِي فَلَمَّا حَصَلْتُ فِي مَنْزلِي فَإِذَا بِالْبَابِ يَطْرُقُ، فَخَرَجْتُ مُبَادِراً فَإذَا بِأبِي الْقَاسِم بْن رَوْح رَاكِباً بَغْلَتَهُ قَدْ وَافَانِي مِنَ الْمَجْلِس قَبْلَ مُضِيّهِ إِلَى دَارهِ فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ اللهِ(1) أيَّدَكَ اللهُ لِمَ ضَحِكْتَ وَأرَدْتَ أنْ تَهْتِفَ بِي كَانَ الَّذِي قُلْتُهُ عِنْدَكَ لَيْسَ بِحَقٍّ؟ فَقُلْتُ لَهُ: كَذَلِكَ هُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لِي: اتَّقِ اللهَ أيُّهَا الشَّيْخُ فَإنّي لاَ أجْعَلُكَ فِي حِلّ تَسْتَعْظِمُ هَذَا الْقَوْلَ مِنّي، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي رَجُلٌ يَرَى بِأنَّهُ صَاحِبُ الإمَام وَوَكِيلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ الْقَوْلَ لاَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ؟ وَ(لاَ) يُضْحَكُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا؟ فَقَالَ لِي: وَحَيَاتِكَ لَئِنْ عُدْتَ لأهْجُرَنَّكَ، وَوَدَّعَنِي وَانْصَرَفَ(2).
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن بْنُ كِبْريَا النَّوْبَخْتِيُّ، قَالَ: بَلَغَ الشَّيْخَ أبَا الْقَاسِم رضي الله عنه أنَّ بَوَّاباً كَانَ لَهُ عَلَى الْبَابِ الأوَّلِ قَدْ لَعَنَ مُعَاويَةَ وَشَتَمَهُ، فَأمَرَ بِطَرْدِهِ وَصَرَفَهُ عَنْ خِدْمَتِهِ، فَبَقِيَ مُدَّةً طَويلَةً يَسْألُ فِي أمْرهِ فَلاَ وَاللهِ مَا رَدَّهُ إِلَى خِدْمَتِهِ وَأخَذَهُ بَعْضُ الآهِلَةِ فَشَغَلَهُ مَعَهُ كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّقِيَّةِ(3).
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: وَحَدَّثَنِي أبُو أحْمَدَ بْنُ درانويه الأبْرَصُ الَّذِي كَانَتْ دَارُهُ فِي دَرْبِ الْقَرَاطِيس، قَالَ: قَالَ لِي: إِنّي كُنْتُ أنَا وَإِخْوَتِي نَدْخُلُ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه نُعَامِلُهُ، قَالَ: وَكَانُوا بَاعَةً، وَنَحْنُ مَثَلاً عَشَرَةٌ تِسْعَةٌ نَلْعَنُهُ وَوَاحِدٌ يُشَكّكُ، فَنَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ بَعْدَ مَا دَخَلْنَا إِلَيْهِ تِسْعَةٌ نَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ بِمَحَبَّتِهِ وَوَاحِدٌ وَاقِفٌ لأنَّهُ كَانَ يُجَارينَا مِنْ فَضْل الصّحَابَةِ مَا رَوَيْنَاهُ وَمَا لَمْ نَرْوهِ فَنَكْتُبُهُ عَنْهُ لِحُسِنه رضي الله عنه(4).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِي الْعَبَّاس أحْمَدَ بْن عَلِيّ بْن نُوح، عَنْ أبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ ابْن بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ رضي الله عنه أنَّ قَبْرَ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح فِي النَّوْبَخْتِيَّةِ فِي الدَّرْبِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ دَارُ عَلِيّ بْن أحْمَدَ النَّوْبَخْتِيّ النَّافِذِ إِلَى التَّلّ وَإِلَى الدَّرْبِ الآخَر وَإِلَى قَنْطَرَةِ الشَّوْكِ رضي الله عنه، قَالَ: وَقَالَ لِي أبُو نَصْرٍ: مَاتَ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتّ وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ وَقَدْ رَوَيْتُ عَنْهُ أخْبَاراً كَثِيرَةً(5).
وَأخْبَرَني أبُو مُحَمَّدٍ الْمُحَمَّدِيُّ رضي الله عنه، عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل بْن تَمَام، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أحْمَدَ الزَّكُوزَكِيَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا كِتَابَ التَّكْلِيفِ وَكَانَ عِنْدَنَا أنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مَعَ غَالٍ، وَذَلِكَ أنَّهُ أوَّلُ مَا كَتَبْنَا الْحَدِيثَ، فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: وَأيْشٍ كَانَ لابْن أبِي الْعَزَاقِر فِي كِتَابِ التَّكْلِيفِ إِنَّمَا كَانَ يُصْلِحُ الْبَابَ وَيُدْخِلُهُ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه فَيَعْرضُهُ عَلَيْهِ وَيَحُكُّهُ(6) فَإذَا صَحَّ الْبَابُ خَرَجَ فَنَقَلَهُ وَأمَرَنَا بِنُسْخَةٍ، يَعْنِي أنَّ الَّذِي أمَرَهُمْ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه.
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ: فَكَتَبْتُهُ فِي الأدْرَاج بِخَطّي بِبَغْدَادَ، قَالَ ابْنُ تَمَام: فَقُلْتُ لَهُ: فَتَفَضَّلْ يَا سَيَّدِي فَادْفَعْهُ(7) حَتَّى أكْتُبَهُ مِنْ خَطّكَ، فَقَالَ لِي: قَدْ خَرَجَ عَنْ يَدِي، قَالَ ابْنُ تَمَام: فَخَرَجْتُ وَأخَذْتُ مِنْ غَيْرهِ وَكَتَبْتُ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ(8).
وَقَالَ أبُو الْحُسَيْن بْنُ تَمَام: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الْكُوفِيُّ خَادِمُ الشَّيْخ الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ الشَّيْخُ _ يَعْنِي أبَا الْقَاسِم رضي الله عنه _ عَنْ كُتُبِ ابْن أبِي الْعَزَاقِر بَعْدَ مَا ذُمَّ وَخَرَجَتْ فِيهِ اللَّعْنَةُ، فَقِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ نَعْمَلُ بِكُتُبِهِ وَبُيُوتُنَا مِنْهَا مَلأى؟ فَقَالَ: أقُولُ فِيهَا مَا قَالَهُ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا وَقَدْ سُئِلَ عَنْ كُتُبِ بَنِي فَضَّالٍ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَعْمَلُ بِكُتُبِهِمْ وَبُيُوتُنَا مِنْهَا مَلأى؟ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (خُذُوا بِمَا رَوَوْا وَذَرُوا مَا رَأوْا)(9).
وَسَألَ أبُو الْحَسَن الأيَادِي رحمه الله أبَا الْقَاسِم الْحُسَيْنَ بْنَ رَوْح: لِمَ كُرهَ الْمُتْعَةُ بِالْبِكْر؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْحَيَاءُ مِنَ الإيمَان وَالشُّرُوطُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، فَإذَا حَمَلْتَهَا عَلَى أنْ تُنْعِمَ(10) فَقَدْ خَرَجَتْ عَن الْحَيَاءِ وَزَالَ الإيمَانُ)، فَقَالَ لَهُ: فَإنْ فَعَلَ فَهُوَ زَانٍ؟ قَالَ: ل(11).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ الْقُمَّي،‏ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلاَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أنْفَذَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه كِتَابَ التَّأدِيبِ إِلَى قُمَّ وَكَتَبَ إِلَى جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ بِهَا وَقَالَ لَهُمُ: انْظُرُوا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَانْظُرُوا فِيهِ شَيْ‏ءٌ يُخَالِفُكُمْ، فَكَتَبُوا إِلَيْهِ أنَّهُ كُلَّهُ صَحِيحٌ وَمَا فِيهِ شَيْ‏ءٌ يُخَالِفُ إِلاَّ قَوْلُهُ فِي الصَّاع فِي الْفِطْرَةِ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَام، وَالطَّعَامُ عِنْدَنَا مِثْلُ الشَّعِير مِنْ كُلّ وَاحِدٍ صَاعٌ(12).
قَالَ ابْنُ نُوح: وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ أصْحَابِنَا بِمِصْرَ يَذْكُرُونَ أنَّ أبَا سَهْلٍ النَّوْبَخْتِيَّ سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ صَارَ هَذَا الأمْرُ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح دُونَكَ؟ فَقَالَ: هُمْ أعْلَمُ وَمَا اخْتَارُوهُ، وَلَكِنْ أنَا رَجُلٌ ألْقَى الْخُصُومَ وَاُنَاظِرُهُمْ وَلَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِهِ كَمَا عَلِمَ أبُو الْقَاسِم وَضَغَطَتْنِي الْحُجَّةُ(13) لَعَلّي كُنْتُ أدُلُّ عَلَى مَكَانِهِ، وَأبُو الْقَاسِم فَلَوْ كَانَتِ الْحُجَّةُ تَحْتَ ذَيْلِهِ وَقُرضَ بِالْمَقَاريض مَا كَشَفَ الذَّيْلَ عَنْهُ، أوْ كَمَا قَالَ(14).
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن أبِي الْعَزَاقِر الشَّلْمَغَانِيُّ فِي أوَّلِ كِتَابِ الْغَيْبَةِ الَّذِي صَنَّفَهُ: وَأمَّا مَا بَيْني وَبَيْنَ الرَّجُل الْمَذْكُور زَادَ اللهُ فِي تَوْفِيقِهِ فَلاَ مَدْخَلَ لِي فِي ذَلِكَ إِلاَّ لِمَنْ أدْخَلَهُ فِيهِ لأنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيَّ فَإنّي أنَا وَلِيُّهَ(15).
وَقَالَ فِي فَصْلٍ آخَرَ: وَمَنْ عَظُمَتْ مِنَّةُ اللهِ عَلَيْهِ، تَضَاعَفَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ وَلَزمَهُ الصَّدْقُ فِيمَا سَاءَهُ وَسَرَّهُ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ إِلاَّ الصّدْقُ عَنْ أمْرهِ مَعَ عِظَم جِنَايَتِهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ مَنْصُوبٌ لأمْرٍ مِنَ الاُمُور لاَ يَسَعُ الْعِصَابَةَ الْعُدُولُ عَنْهُ فِيهِ وَحُكْمُ الإسْلاَم مَعَ ذَلِكَ جَارٍ عَلَيْهِ كَجَرْيِهِ عَلَى غَيْرهِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، وَذَكَرَهُ(16).
وَذَكَرَ أبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَلِيّ بْنُ الْجُنَيْدِ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ: مَا دَخَلْنَا مَعَ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح فِي هَذَا الأمْر إِلاَّ وَنَحْنُ نَعْلَمُ فِيمَا دَخَلْنَا فِيهِ، لَقَدْ كُنَّا نَتَهَارَشُ عَلَى هَذَا الأمْر كَمَا تَتَهَارَشُ الْكِلاَبُ عَلَى الْجِيَفِ.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ فَلَمْ يَلْتَفِتِ الشّيعَةُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَأقَامَتْ عَلَى لَعْنِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ(17).
ذِكْرُ أمْر أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ بَعْدَ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح وَانْقِطَاع الأعْلاَم بِهِ وَهُمُ الأبْوَابُ
أخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْه،‏ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زَكَريَّا بِمَدِينَةِ السَّلاَم، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبِي، عَنْ جَدَّهِ عَتَّابٍ مِنْ وُلْدِ عَتَّابِ بْن أسِيدٍ، قَالَ: وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاُمُّهُ رَيْحَانَةُ، وَيُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ لَهَا: صَقِيلُ، وَيُقَالُ لَهَا: سَوْسَنُ، إِلاَّ أنَّهُ قِيلَ بِسَبَبِ الْحَمْل: صَقِيلُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَوَكِيلُهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ أوْصَى إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ وَأوْصَى أبُو جَعْفَرٍ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْحٍ وَأوْصَى أبُو الْقَاسِم إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ رضي الله عنه، فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّمُريَّ رضي الله عنه الْوَفَاةُ سُئِلَ أنْ يُوصِيَ فَقَالَ: للهِ أمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ، فَالْغَيْبَةُ التَّامَّةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ مُضِيّ السَّمُريّ قدّس سرّه(18).
وَأخْبَرَني مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان وَالْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الصَّفْوَانِيّ، قَالَ: أوْصَى الشَّيْخُ أبُو الْقَاسِم إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ فَقَامَ بِمَا كَانَ إِلَى أبِي الْقَاسِم فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، حَضَرَتِ الشّيعَةُ عِنْدَهُ وَسَألَتْهُ عَن الْمُوَكَّل بَعْدَهُ وَلِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَمْ يُظْهِرْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ وَذَكَرَ أنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِأنْ يُوصِيَ إِلَى أحَدٍ بَعْدَهُ فِي هَذِهِ الشَّأن(19).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن صَالِحُ بْنُ شُعَيْبٍ الطَّالَقَانِيُّ رحمه الله فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْع وَثَلاَثِينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَبْدِ اللهِ أحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مَخْلَدٍ، قَالَ: حَضَرْتُ بَغْدَادَ عِنْدَ الْمَشَايِخ رحمهم الله فَقَالَ الشَّيْخُ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ ابْتِدَاءً مِنْهُ: رَحِمَ اللهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن بْن بَابَوَيْهِ الْقُمَّيَّ، قَالَ: فَكَتَبَ الْمَشَايِخُ تَاريخَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَوَرَدَ الْخَبَرُ أنَّهُ تُوُفّيَ فِي ذَلِكَ الْيَوْم، وَمَضَى أبُو الْحَسَن السَّمُريُّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْع وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(20).
كمال الدين: صالح بن شعيب، مثله(21).
7 _ الغيبة للطوسي: وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن بَابَوَيْهِ،‏ قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أحْمَدَ الْمُكَتّبُ، قَالَ: كُنْتُ بِمَدِينَةِ السَّلاَم فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفّيَ فِيهَا الشَّيْخُ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فَحَضَرْتُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأيَّام فَأخْرَجَ إِلَى النَّاس تَوْقِيعاً نُسْخَتُهُ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ أعْظَمَ اللهُ أجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإنَّكَ مَيّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أيَّام فَأجْمِعْ أمْرَكَ وَلاَ تُوصِ إِلَى أحَدٍ فَيَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ فَلاَ ظُهُورَ إِلاَّ بَعْدَ إِذْن اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الأمَدِ وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَامْتِلاَءِ الأرْض جَوْراً، وَسَيَأتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ ألاَ فَمَن ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيّ الْعَظِيم).
قَالَ: فَنَسَخْنَا هَذَا التَّوْقِيعَ وَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّادِسُ عُدْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقِيلَ لَهُ: مَنْ وَصِيُّكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ: للهِ أمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ وَقَضَى، فَهَذَا آخِرُ كَلاَم سُمِعَ مِنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ(22).
كمال الدين: الحسن بن أحمد المكتَّب، مثله(23).
8 _ الغيبة للطوسي: وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أهْل قُمَّ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أهْل قُمَّ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن عِمْرَانَ الصَّفَّارُ، وَقَريبُهُ عَلَويَّةُ الصَّفَّارُ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ رحمهم الله، قَالُوا: حَضَرْنَا بَغْدَادَ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفّيَ فِيهَا أبِي رضي الله عنه عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، وَكَانَ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَسْألُنَا كُلَّ قَريبٍ عَنْ خَبَر عَلِيّ بْن الْحُسَيْن رحمه الله فَنَقُولُ: قَدْ وَرَدَ الْكِتَابُ بِاسْتِقْلاَلِهِ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَسَألَنَا عَنْهُ فَذَكَرْنَا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَنَا: آجَرَكُمُ اللهُ فِي عَلِيّ بْن الْحُسَيْن فَقَدْ قُبِضَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، قَالُوا: فَأثْبَتْنَا تَاريخَ السَّاعَةِ وَالْيَوْم وَالشَّهْر، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً أوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً وَرَدَ الْخَبَرُ أنَّهُ قُبِضَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ أبُو الْحَسَن قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ(24).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِي الْعَبَّاس بْن نُوح، عَنْ أبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بْن‏ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ أنَّ قَبْرَ أبِي الْحَسَن السَّمُريّ رضي الله عنه فِي الشَّارع الْمَعْرُوفِ بِشَارع الْخَلَنْجِيّ مِنْ رُبُع بَابِ الْمُحَوَّلِ قَريبٍ مِنْ شَاطِئ نَهَر أبِي عَتَّابٍ، وَذَكَرَ أنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْع وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(25).
9 _ الاحتجاج: أمَّا الأبْوَابُ الْمَرْضِيُّونَ وَالسُّفَرَاءُ الْمَمْدُوحُونَ فِي زَمَن الْغَيْبَةِ فَأوَّلُهُمُ: الشَّيْخُ الْمَوْثُوقُ بِهِ أبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَمْريُّ نَصَبَهُ أوَّلاً أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريُّ ثُمَّ ابْنُهُ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهم السلام فَتَوَلَّى الْقِيَامَ بِاُمُورهِمَا حَالَ حَيَاتِهِمَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَامَ بِأمْر صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام وَكَانَتْ تَوْقِيعَاتٌ وَجَوَابَاتُ الْمَسَائِل تَخْرُجُ عَلَى يَدَيْهِ.
فَلَمَّا مَضَى لِسَبِيلِهِ قَامَ ابْنُهُ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ مَقَامَهُ وَنَابَ مَنَابَهُ فِي جَمِيع ذَلِكَ، فَلَمَّا مَضَى قَامَ بِذَلِكَ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح مِنْ بَنِي نَوْبَخْتَ، فَلَمَّا مَضَى قَامَ مَقَامَهُ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ، وَلَمْ يَقُمْ أحَدٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ إِلاَّ بِنَصّ عَلَيْهِ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام(26) وَنَصْبِ صَاحِبهِ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَقْبَل الشّيعَةُ قَوْلَهُمْ إِلاَّ بَعْدَ ظُهُور آيَةٍ مُعْجِزَةٍ تَظْهَرُ عَلَى يَدِ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الأمْر عليه السلام تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِمْ وَصِحَّةِ نِيَابَتِهِمْ(27).
فَلَمَّا حَانَ رَحِيلُ أبِي الْحَسَن السَّمُريّ عَن الدُّنْيَا وَقَرُبَ أجَلُهُ قِيلَ لَهُ: إِلَى مَنْ تُوصِي؟ أخْرَجَ(28) تَوْقِيعاً إِلَيْهِمْ نُسْخَتُهُ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ...) إِلَى آخِر مَا نَقَلْنَا عَن الشَّيْخ رحمه الله(29).
10 _ الغيبة للطوسي: قَدْ كَانَ فِي زَمَان السُّفَرَاءِ الْمَحْمُودِينَ أقْوَامٌ ثِقَاتٌ تَردُ عَلَيْهِمُ التَّوْقِيعَاتُ مِنْ قِبَل الْمَنْصُوبِينَ لِلسَّفَارَةِ مِنْهُمْ: أبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الأسَدِيُّ رحمه الله:
أخْبَرَنَا أبُو الْحُسَيْن بْنُ أبِي جِيدٍ الْقُمَّيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن يَحْيَى، عَنْ صَالِح بْن أبِي صَالِح، قَالَ: سَألَنِي بَعْضُ النَّاس فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْن قَبْضَ شَيْءٍ فَامْتَنَعْتُ مِنْ ذَلِكَ وَكَتَبْتُ أسْتَطْلِعُ الرَّأيَ فَأتَانِي الْجَوَابَ: (بِالرَّيّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَرَبيُّ فَلْيُدْفَعْ إِلَيْهِ فَإنَّهُ مِنْ ثِقَاتِنَا)(30).
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ الشَّاشِيّ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن الْكَاتِبُ الْمَرْوَزِيُّ: وَجَّهْتُ إِلَى حَاجِزٍ الْوَشَّاءِ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَكَتَبْتُ إِلَى الْغَريم بِذَلِكَ فَخَرَجَ الْوُصُولُ وَذَكَرَ أنَّهُ كَانَ(31) قِبَلِي ألْفُ دِينَارٍ وَأنّي وَجَّهْتُ إِلَيْهِ مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَقَالَ: (إِنْ أرَدْتَ أنْ تُعَامِلَ أحَداً فَعَلَيْكَ بِأبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ بِالرَّيّ).
فَوَرَدَ الْخَبَرُ بِوَفَاةِ حَاجِزٍ رضي الله عنه بَعْدَ يَوْمَيْن أوْ ثَلاَثَةٍ فَأعْلَمْتُهُ بِمَوْتِهِ فَاغْتَمَّ فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَغْتَمَّ فَإنَّ لَكَ فِي التَّوْقِيع إِلَيْكَ دَلاَلَتَيْن: إِحْدَاهُمَا إِعْلاَمُهُ إِيَّاكَ أنَّ الْمَالَ ألْفُ دِينَارٍ، وَالثَّانِيَةُ أمْرُهُ إِيَّاكَ بِمُعَامَلَةِ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ لِعِلْمِهِ بِمَوْتِ حَاجِزٍ(32).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن نَوْبَخْتَ، قَالَ: عَزَمْتُ عَلَى الْحَجَّ وَتَأهَّبْتُ فَوَرَدَ عَلَيَّ: (نَحْنُ لِذَلِكَ كَارهُونَ)، فَضَاقَ صَدْري وَاغْتَمَمْتُ وَكَتَبْتُ: أنَا مُقِيمٌ بِالسَّمْع وَالطَّاعَةِ غَيْرَ أنّي مُغْتَمٌّ بِتَخَلُّفِي عَن الْحَجَّ، فَوَقَّعَ: (لاَ يَضِيقَنَّ صَدْرُكَ فَإنَّكَ تَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ)، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ اسْتَأذَنْتُ فَوَرَدَ الْجَوَابُ فَكَتَبْتُ: أنّي عَادَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاس وَأنَا وَاثِقٌ بِدِيَانَتِهِ وَصِيَانَتِهِ، فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (الأسَدِيُّ نِعْمَ الْعَدِيلُ فَإنْ قَدِمَ فَلاَ تَخْتَرْهُ عَلَيْهِ)، قَالَ: فَقَدِمَ الأسَدِيُّ فَعَادَلْتُهُ(33).
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ النَّيْشَابُوريّ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم يَنْقُصُ عِشْرُونَ دِرْهَماً فَلَمْ اُحِبَّ أنْ تَنْقُصَ(34) هَذَا الْمِقْدَارَ فَوَزَنْتُ مِنْ عِنْدِي عِشْرينَ دِرْهَماً وَدَفَعْتُهَا إِلَى الأسَدِيّ وَلَمْ أكْتُبْ بِخَبَر نُقْصَانِهَا وَإِنّي أتْمَمْتُهَا مِنْ مَالِي، فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (قَدْ وَصَلَتِ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (يا أبا عبد الله).
(2) الغيبة للطوسي: 384/ رقم 347.
(3) الغيبة للطوسي: 385/ رقم 348، وفيه: (الأهل) بدل (الآهلة).
(4) الغيبة للطوسي: 386/ رقم 349.
(5) الغيبة للطوسي: 386/ رقم 350.
(6) في المصدر: (ويحككه).
(7) في المصدر إضافة: (إليَّ).
(8) الغيبة للطوسي: 389/ رقم 354.
(9) الغيبة للطوسي: 389/ رقم 355.
(10) أي تقول: نعم.
(11) الغيبة للطوسي: 390/ رقم 356.
(12) الغيبة للطوسي: 390/ رقم 357.
(13) في المصدر إضافة: (على مكانه).
(14) الغيبة للطوسي: 391/ رقم 358.
(15) الغيبة للطوسي: 391/ رقم 359.
(16) الغيبة للطوسي: 391/ رقم 360.
(17) الغيبة للطوسي: 391/ رقم 361.
(18) الغيبة للطوسي: 393/ رقم 362.
(19) الغيبة للطوسي: 394/ رقم 363.
(20) الغيبة للطوسي: 394/ رقم 364.
(21) كمال الدين 2: 503/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 32.
(22) الغيبة للطوسي: 395/ رقم 365.
(23) كمال الدين 2: 516/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 44.
(24) الغيبة للطوسي: 395/ رقم 366.
(25) الغيبة للطوسي: 395/ رقم 367.
(26) في المصدر: (الأمر) بدل (الزمان).
(27) في المصدر: (بابيتهم) بدل (نيابتهم).
(28) في المصدر إضافة: (إليهم).
(29) الاحتجاج 2: 553/ ح 348 و349.
(30) الغيبة للطوسي: 415/ رقم 391.
(31) في المصدر إضافة: (له).
(32) الغيبة للطوسي: 415/ رقم 392.
(33) الغيبة للطوسي: 416/ رقم 393.
(34) في المصدر: (ينقص).
******************
وَمَاتَ الأسَدِيُّ عَلَى ظَاهِر الْعَدَالَةِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَمْ يُطْعَنْ عَلَيْهِ فِي شَهْر رَبِيع الآخَر سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(1).
وَمِنْهُمْ: أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ خَرَجَ التَّوْقِيعُ فِي مَدْحِهِمْ:
رَوَى أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، قَالَ: كُنْتُ وَأحْمَدَ بْنَ أبِي عَبْدِ اللهِ بِالْعَسْكَر فَوَرَدَ عَلَيْنَا رَسُولٌ مِنْ قِبَل الرَّجُل، فَقَالَ: أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأشْعَريُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَأحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ بْن الْيَسَع ثِقَاتٌ(2).
11 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن بْن شَاذَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرَّضَا اُخْتِ أبِي الْحَسَن صَاحِبِ الْعَسْكَر عليهم السلام فِي سَنَةِ اثْنَتَيْن وَسِتّينَ وَمِائَتَيْن فَكَلَّمْتُهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَسَألْتُهَا عَنْ دِينهَا فَسَمَّتْ لِي مَنْ تَأتَمُّ بِهِمْ، ثُمَّ قَالَتْ: وَالْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ فَسَمَّتْهُ، فَقُلْتُ لَهَا: جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكِ مُعَايَنَةً أوْ خَبَراً؟ فَقَالَتْ: خَبَراً عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ كَتَبَ بِهِ إِلَى اُمَّهِ، فَقُلْتُ لَهَا: فَأيْنَ الْوَلَدُ؟ فَقَالَتْ: مَسْتُورَةٌ، فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ تَفْزَعُ الشّيعَةُ؟ فَقَالَتْ: إِلَى الْجَدَّةِ اُمَّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَقُلْتُ لَهَا: أقْتَدِي بِمَنْ (فِي‏)(3) وَصِيَّتِهِ إِلَى امْرَأةٍ، فَقَالَتْ: اقْتِدَاءً بِالْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أوْصَى إِلَى اُخْتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ فِي الظَّاهِر وَكَانَ مَا يَخْرُجُ عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام مِنْ عِلْم يُنْسَبُ إِلَى زَيْنَبَ سَتْراً عَلَى عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام، ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّكُمْ قَوْمٌ أصْحَابُ أخْبَارٍ أمَا رُوَّيتُمْ أنَّ التَّاسِعَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام يُقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَهُوَ فِي الْحَيَاةِ(4)؟
كمال الدين: علي بن أحمد بن مهزيار، عن محمّد بن جعفر الأسدي، مثله(5).
الغيبة للطوسي: الكليني، عن محمّد بن جعفر، مثله(6).
12 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزِيَارَ قَالَ: شَكَكْتُ عِنْدَ وَفَاةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَكَانَ اجْتَمَعَ عِنْدَ أبِي مَالٌ جَلِيلٌ فَحَمَلَهُ فَرَكِبَ السَّفِينَةَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ مُشَيّعاً لَهُ فَوُعِكَ فَقَالَ: رُدَّنِي فَهُوَ الْمَوْتُ، وَاتَّقِ اللهَ فِي هَذَا الْمَالِ وَأوْصَى إِلَيَّ وَمَاتَ، وَقُلْتُ: لاَ يُوصِي أبِي بِشَيْ‏ءٍ غَيْر صَحِيح، أحْمِلُ هَذَا الْمَالَ إِلَى الْعِرَاقِ وَلاَ اُخْبِرُ أحَداً فَإنْ وَضَحَ لِي شَيْ‏ءٌ أنْفَذْتُهُ وَإِلاَّ أنْفَقْتُهُ، فَاكْتَرَيْتُ دَاراً عَلَى الشَّطّ وَبَقِيتُ أيَّاماً فَإذَا أنَا بِرَسُولٍ مَعَهُ رُقْعَةٌ فِيهَا: (يَا مُحَمَّدُ مَعَكَ كَذَا وَكَذَا) حَتَّى قَصَّ عَلَيَّ جَمِيعَ مَا مَعِي(7)، فَسَلَّمْتُ الْمَالَ إِلَى الرَّسُولِ وَبَقِيتُ أيَّاماً لاَ يُرْفَعُ بِي(8) رَأسٌ، فَاغْتَمَمْتُ فَخَرَجَ إِلَيَّ: ((قَدْ) أقَمْنَاكَ مَقَامَ أبِيكَ فَاحْمَدِ اللهَ)(9).
13 _ إعلام الورى: مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ عليه السلام النَّصُّ عَلَيْهِ بِذِكْر غَيْبَتِهِ وَصِفَتِهَا الَّتِي يَخْتَصُّهَا وَوُقُوعِهَا عَلَى الْحَدَّ الْمَذْكُور مِنْ غَيْر اخْتِلاَفٍ حَتَّى لَمْ يَخْرمْ مِنْهُ شَيْئاً وَلَيْسَ يَجُوزُ فِي الْعَادَاتِ أنْ تُوَلّدَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ كَذِباً يَكُونُ خَبَراً عَنْ كَائِنٍ فَيَتَّفِقُ(10) ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفُوهُ.‏
وَإِذَا كَانَتْ أخْبَارُ الْغَيْبَةِ قَدْ سَبَقَتْ زَمَانَ الْحُجَّةِ عليه السلام بَلْ زَمَانَ أبِيهِ وَجَدَّهِ حَتَّى تَعَلَّقَتِ الْكِيسَانِيَّةُ وَالنَّاوُوسِيَّةُ وَالْمَمْطُورَةُ بِهَا وَأثْبَتَهَ(11) الْمُحَدَّثُونَ مِنَ الشّيعَةِ فِي اُصُولِهِمُ الْمُؤَلَّفَةِ فِي أيَّام السَّيَّدَيْن الْبَاقِر وَالصَّادِقِ عليهما السلام وَأثَرُوهَا عَن النَّبِيّ وَالأئِمَّةِ عليهم السلام وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ صَحَّ بِذَلِكَ الْقَوْلُ فِي إِمَامَةِ صَاحِبِ الزَّمَان بِوُجُودِ هَذِهِ الصّفَةِ لَهُ وَالْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ، فِي دَلاَئِلِهِ وَأعْلاَم إِمَامَتِهِ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أحَد(12) دَفْعُ ذَلِكَ.
وَمِنْ جُمْلَةِ ثِقَاتِ الْمُحَدَّثِينَ وَالْمُصَنّفِينَ مِنَ الشّيعَةِ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادُ وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الْمَشِيخَةِ الَّذِي هُوَ فِي اُصُولِ الشّيعَةِ أشْهَرُ مِنْ كِتَابِ الْمُزَنيّ وَأمْثَالِهِ قَبْلَ زَمَان الْغَيْبَةِ بِأكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ فَذَكَرَ فِيهِ بَعْضَ مَا أوْرَدْنَاهُ مِنْ أخْبَار الْغَيْبَةِ فَوَافَقَ الْمُخْبَرَ، وَحَصَلَ كُلُّ مَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ بِلاَ اخْتِلاَفٍ.
وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الخارقي(13)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لآلِ(14) مُحَمَّدٍ غَيْبَتَان وَاحِدَةٌ طَويلَةٌ وَالاُخْرَى قَصِيرَةٌ)، قَالَ: فَقَالَ لِي: (نَعَمْ، يَا أبَا بَصِيرٍ إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى، ثُمَّ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ _ يَعْنِي ظُهُورَهُ عليه السلام _ حَتَّى يَخْتَلِفَ وُلْدُ فُلاَنٍ، وَتَضِيقَ الْحَلْقَةُ، وَتَظْهَرَ السُّفْيَانِيُّ، وَيَشْتَدَّ الْبَلاَءُ، وَيَشْمَلَ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ، وَيَلْجَئُونَ مِنْهُ إِلَى حَرَم اللهِ تَعَالَى وَحَرَم رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم).
فَانْظُرْ كَيْفَ قَدْ حَصَلَتِ الْغَيْبَتَان لِصَاحِبِ الأمْر عليه السلام عَلَى حَسَبِ مَا تَضَمَّنَهُ الأخْبَارُ السَّابِقَةُ لِوُجُودِهِ عَنْ آبَائِهِ وَجُدُودِهِ عليهم السلام، أمَّا غَيْبَتُهُ الْقُصْرَى مِنْهُمَا فَهِيَ الَّتِي كَانَتْ سُفَرَاؤُهُ فِيهَا مَوْجُودِينَ وَأبْوَابُهُ مَعْرُوفِينَ لاَ تَخْتَلِفُ الإمَامِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِإِمَامَةِ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ فِيهِمْ. فَمِنْهُمْ: أبُو هَاشِم دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِم الْجَعْفَريُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن بِلاَلٍ، وَأبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ السَّمَّانُ وَابْنُهُ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ رضي الله عنهما، وَعُمَرُ الأهْوَازِيُّ، وَأحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأبُو مُحَمَّدٍ الْوَجْنَائِيُّ(15)، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزيَارَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فِي جَمَاعَةٍ اُخَرَ رُبَّمَا يَأتِي ذِكْرُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ(16).
وَكَانَتْ مُدَّةُ هَذِهِ الْغَيْبَةِ أرْبَعاً وَسَبْعِينَ سَنَةً(17).
أقول: ثُمَّ ذكر أحوال السفراء الأربعة نحواً ممَّا مرَّ.
بيان: الظاهر أنَّ مدّة زمان الغيبة من ابتداء إمامته عليه السلام إلى وفاة السمري وهي أقل من سبعين سنة لأنَّ ابتداء إمامته عليه السلام على المشهور لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة ستّين ومائتين، ووفاة السمري في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وعلى ما ذكره في وفاة السمري تنقص سنة أيضاً حيث قال: توفي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ولعلَّه جعل ابتداء الغيبة ولادته عليه السلام وذكر الولادة في سنة خمس وخمسين ومائتين فيستقيم على ما ذكره الشيخ من وفاة السمري وعلى ما ذكره ينقص سنة أيضاً ولعلَّ ما ذكره من تاريخ السمري سهو من قلمه.
* * *
باب (17): ذكر المذمومين الذين ادّعوا البابية والسفارة كذباً وافتراءً لعنهم الله
قال الشيخ قدّس سرّه في كتاب الغيبة:
أوّلهم: المعروف بالشريعي:
أخبرنا جماعة، عن أبي محمّد التلعكبري، عن أبي عليّ محمّد بن همام قال: كان الشريعي يكنّى بأبي محمّد. قال هارون: وأظنّ اسمه كان الحسن وكان من أصحاب أبي الحسن عليّ بن محمّد، ثُمَّ الحسن بن عليّ بعده عليهم السلام وهو أوّل من ادّعى مقاماً لم يجعله الله فيه، ولم يكن أهلاً له، وكذب على الله وعلى حججه عليهم السلام ونسب إليهم ما لا يليق بهم، وما هم من براء، فلعنه الشيعة، وتبرَّأت منه وخرج توقيع الإمام بلعنه والبراءة منه.
قال هارون: ثُمَّ ظهر منه القول بالكفر والإلحاد، قال: وكلّ هؤلاء المدّعين إنَّما يكون كذبهم أوّلاً على الإمام وأنَّهم وكلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم، ثُمَّ يترقّى الأمر بهم إلى قول الحلاجيّة كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله تترى(18).
ومنهم: محمّد بن نصير النميري:
قال ابن نوح: أخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمّد، قال: كان محمّد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام فلمَّا توفّي أبو محمّد ادّعى مقام أبي جعفر محمّد بن عثمان أنَّه صاحب إمام الزمان وادّعى(19) البابية، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل، ولعن أبي جعفر محمّد بن عثمان له وتبرّيه منه واحتجابه عنه وادّعى ذلك الأمر بعد الشريعي(20).
قال أبو طالب الأنباري: لمَّا ظهر محمّد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر رضي الله عنه وتبرَّأ منه فبلغه ذلك فقصد أبا جعفر ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه وردَّه خائب(21).
وقال سعد بن عبد الله: كان محمّد بن نصير النميري يدّعي أنَّه رسول نبي وأنَّ عليّ بن محمّد عليه السلام أرسله، وكان يقول بالتناسخ ويغلو في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإجابة للمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أنَّ ذلك من التواضع والإخبات والتذلّل في المفعول به وأنَّه من الفاعل إحدى الشهوات والطيبات وأنَّ الله عزّ وجل لا يحرَّم شيئاً من ذلك(22).
وكان محمّد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوي أسبابه ويعضده، أخبرني بذلك عن محمّد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان أنَّه رآه عياناً وغلام له على ظهره، قال: فلقيته فعاتبته على ذلك، فقال: إنَّ هذا من اللّذات وهو من التواضع لله وترك التجبّر(23).
قال سعد: فلمَّا اعتل محمّد بن نصير العلّة التي توفّي فيها، قيل له وهو مثقل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد، فلم يدر من هو؟ فافترقوا بعده ثلاث فِرَق، قالت فرقة: إنَّه أحمد ابنه، وفرقة قالت: هو أحمد بن محمّد بن موسى بن الفرات، وفرقة قالت: إنَّه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد فتفرَّقوا فلا يرجعون إلى شيء(24).
ومنهم: أحمد بن هلال الكرخي:
قال أبو عليّ بن همام: كان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمّد عليه السلام فاجتمعت الشيعة على وكالة أبي جعفر محمّد بن عثمان رحمه الله بنصّ الحسن عليه السلام في حياته ولمَّا مضى الحسن عليه السلام قالت الشيعة الجماعة له: ألا تقبل أمر أبي جعفر محمّد بن عثمان وترجع إليه وقد نصَّ عليه الإمام المفترض الطاعة؟ فقال لهم: لم أسمعه ينصُّ عليه بالوكالة، وليس أنكر أباه _ يعني عثمان بن سعيد _ فأمَّا أن أقطع أنَّ أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه، فقالوا: قد سمعه غيرك، فقال: أنتم وما سمعتم، ووقف على أبي جعفر فلعنوه وتبرَّؤا منه.
ثُمَّ ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح رحمه الله بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن.
ومنهم: أبو طاهر محمّد بن عليّ بن بلال:
وقصَّته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري نضَّر الله وجهه وتمسّكه بالأموال التي كانت عنده للإمام وامتناعه من تسليمها وادّعاؤه أنَّه الوكيل حتَّى تبرَّأت الجماعة منه ولعنوه وخرج من صاحب الزمان عليه السلام ما هو معروف(25).
وحكى أبو غالب الزراري، قال: حدَّثني أبو الحسن محمّد بن محمّد بن يحيى المعاذي، قال: كان رجل من أصحابنا قد انضوى إلى أبي طاهر بن بلال بعدما وقعت الفرقة ثُمَّ إنَّه رجع عن ذلك وصار في جملتنا فسألناه عن السبب، قال: كنت عند أبي طاهر يوماً وعنده أخوه أبو الطيب وابن خزر(26) وجماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال: أبو جعفر العمري على الباب، ففزعت الجماعة لذلك وأنكرته للحال التي كانت جرت وقال: يدخل، فدخل أبو جعفر رضي الله عنه فقام له أبو طاهر والجماعة وجلس في صدر المجلس وجلس أبو طاهر كالجالس بين يديه فأمهلهم إلى أن سكتوا.
ثُمَّ قال: يا أبا طاهر نشدتك الله أو نشدتك بالله ألم يأمرك صاحب الزمان عليه السلام بحمل ما عندك من المال إليَّ؟ فقال: اللهم نعم، فنهض أبو جعفر رضي الله عنه منصرفاً، ووقعت على القوم سكتة فلمَّا تجلَّت عنهم قال له أخوه أبو الطيب: من أين رأيت صاحب الزمان؟ فقال أبو طاهر: أدخلني أبو جعفر رضي الله عنه إلى بعض دوره فأشرف عليَّ من علو داره فأمرني بحمل ما عندي من المال إليه، فقال له أبو الطيب: ومن أين علمت أنَّه صاحب الزمان عليه السلام؟ قال: وقع عليَّ من الهيبة له، ودخلني من الرعب منه ما علمت أنَّه صاحب الزمان عليه السلام فكان هذا سبب انقطاعي عنه(27).
ومنهم: الحسين بن منصور الحلاج:
أخبرنا الحسين بن إبراهيم، عن أبي العبّاس أحمد بن عليّ بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد الكاتب ابن بنت اُمّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال: لمَّا أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج ويظهر فضيحته ويخزيه، وقع له أنَّ أبا سهل(28) بن إسماعيل بن عليّ النوبختي رضي الله عنه ممن تجوز عليه مخرقته، وتتمّ عليه حيلته، فوجَّه إليه يستدعيه، وظنَّ أنَّ أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله، وقد رأى يستجرّه إليه فيتمخرق ويتصوّف(29) بانقياده على غيره، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحلّه من العلم والأدب أيضاً عندهم، ويقول له في مراسلته إيّاه: إنّي وكيل صاحب الزمان عليه السلام _ وبهذا أوّل لا كان يستجر (الجهّال)(30) ثُمَّ يعلو منه إلى غيره _ وقد اُمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك، لتقوى نفسك، ولا ترتاب بهذا الأمر.
فأرسل إليه أبو سهل رضي الله عنه يقول لك: إنّي أسألك أمراً يسيراً يخفّ مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين، وهو أنّي رجل اُحبّ الجواري وأصبو إليهن ولي منهن عدّة أتخطّاهنَّ والشيب يبعدني عنهنَّ(31) وأحتاج أن أخضبه في كلّ جمعة وأتحمّل منه مشقّة شديدة لأستر عنه ذلك وإلاَّ انكشف أمري عندهنَّ، فصار القرب بعداً والوصال هجراً، واُريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفينى مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فإنَّني طوع يديك وصائر إليك، وقائل بقولك، وداع إلى مذهبك، مع ما لي في ذلك من البصيرة، ولك من المعونة.
الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 416/ رقم 394.
(2) الغيبة للطوسي: 417/ رقم 395.
(3) كلمة: (في) ليست في المصدر.
(4) كمال الدين 2: 507/ باب (ذكر التوقيعات)/ ذيل حديث 36.
(5) كمال الدين 2: 501/ باب (ذكر التوقيعات)/ ح 27.
(6) الغيبة للطوسي: 230/ رقم 196.
(7) في المصدر إضافة: (وما لم اُحط به علماً ممَّا كان معي).
(8) في المصدر: (لي) بدل (بي).
(9) الخرائج والجرائح 1: 462/ فصل (في معجزات الإمام صاحب الزمان عليه السلام)/ ح 7.
(10) في المصدر إضافة: (لهم).
(11) في المصدر: (تعلَّقت الكيسانية بها في إمامة ابن الحنفية، والناووسية والممطورة في أبي عبد الله وأبي الحسن موسى عليهما السلام وخلَّدها المحدّثون).
(12) في المصدر: (لأحد) بدل (أحداً).
(13) جاء في المطبوعة: (الحارثي)، وما أثبتناه من المصدر، والظاهر اتّحاده مع (إبراهيم بن هارون الخارقي الكوفي) الذي عدَّه الطوسي في رجاله (ص 146) من أصحاب الصادق عليه السلام.
(14) في المصدر: (لقائم آل) بدل (لآل).
(15) في المصدر: (الوجناني).
(16) في المصدر إضافة: (إليهم في الرواية عنهم).
(17) إعلام الورى 2: 257.
(18) الغيبة للطوسي: 397/ رقم 368.
(19) في المصدر إضافة: (له).
(20) الغيبة للطوسي: 398/ رقم 369.
(21) الغيبة للطوسي: 398/ رقم 370.
(22) الغيبة للطوسي: 398/ رقم 371.
(23) الغيبة للطوسي: 398/ رقم 372.
(24) الغيبة للطوسي: 399/ رقم 373.
(25) الغيبة للطوسي: 399/ رقم 374.
(26) في المصدر: (حرز).
(27) الغيبة للطوسي: 400/ رقم 375.
(28) كلمة: (بن) ليست في المصدر.
(29) في المصدر: (فيتمخرق به ويتسوّف بانقياده).
(30) من المصدر.
(31) في المصدر إضافة: (ويبغضني إليهنَّ).
******************
فلمَّا سمع ذلك الحلاّج من قوله وجوابه علم أنَّه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً ولم يرسل إليه رسولاً وصيَّره أبو سهل رضي الله عنه اُحدوثة وضحكة ويطنز به عند كلّ أحد، وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سبباً لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه(1).
وأخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه أن ابن الحلاّج صار إلى قم وكاتب قرابة أبي الحسن (والد الصدوق)(2) يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضاً ويقول: أنا رسول الإمام ووكيله، قال: فلمَّا وقعت المكاتبة في يد أبي رضي الله عنه خرقها وقال لموصلها إليه: ما أفرغك للجهالات؟ فقال له الرجل وأظنّ أنَّه قال: إنَّه ابن عمَّته أو ابن عمَّه فإنَّ الرجل قد استدعانا فلِمَ خرقت مكاتبته؟ وضحكوا منه وهزؤوا به، ثُمَّ نهض إلى دكّانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه.
قال: فلمَّا دخل إلى الدار التي كان فيها دكّانه نهض له من كان هناك جالساً غير رجل رآه جالساً في الموضع فلم ينهض له ولم يعرفه أبي فلمَّا جلس وأخرج حسابه ودواته كما تكون التجّار أقبل على بعض من كان حاضراً فسأله عنه فأخبره فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه وقال له: تسأل عنّي وأنا حاضر، فقال له أبي: أكبرتك أيّها الرجل وأعظمت قدرك أن أسألك، فقال له: تخرق رقعتي وأنا اُشاهدك تخرقها، فقال له أبي: فأنت الرجل إذاً.
ثُمَّ قال: يا غلام برجله وبقفاه، فخرج من الدار العدو لله ولرسوله، ثُمَّ قال له: أتدّعي المعجزات؟ عليك لعنة الله، أو كما قال، فاُخرج بقفاه فما رأيناه بعدها بقم(3).
ومنهم ابن أبي العزاقر:
أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن عليّ بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت اُمّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه، قال: حدَّثتني الكبيرة اُمّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه قالت: كان أبو جعفر ابن أبي العزاقر وجيهاً عند بني بسطام، وذاك أنَّ الشيخ أبا القاسم رضي الله عنه وأرضاه كان قد جعل له عند الناس منزلةً وجاهاً فكان عند ارتداده يحكي كلّ كذب وبلاء وكفر لبني بسطام ويسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه ويأخذونه عنه، حتَّى انكشف ذلك لأبي القاسم فأنكره وأعظمه ونهى بني بسطام عن كلامه وأمرهم بلعنه والبراءة منه فلم ينتهوا وأقاموا على تولّيه.
وذاك أنَّه كان يقول لهم: إنَّني أذعت السرّ وقد اُخذ عليَّ الكتمان فعوقبت بالإبعاد بعد الاختصاص لأنَّ الأمر عظيم لا يحتمله إلاَّ ملك مقرَّب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن، فيؤكّد في نفوسهم عظم الأمر وجلالته.
فبلغ ذلك أبا القاسم رضي الله عنه فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه وممن تابعه على قوله، وأقام على تولّيه، فلمَّا وصل إليهم أظهروه عليه فبكى بكاءً عظيماً ثُمَّ قال: إنَّ لهذا القول باطناً عظيماً وهو أنَّ اللعنة الإبعاد، فمعنى قوله: لعنه الله، أي باعده الله عن العذاب والنار، والآن قد عرفت منزلتي، ومرَّغ خدّيه على التراب وقال: عليكم بالكتمان لهذا الأمر.
قالت الكبيرة رضي الله عنها: وقد كنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أنَّ اُمّ أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوماً وقد دخلنا إليها فاستقبلتني وأعظمتني وزادت في إعظامي حتَّى انكبَّت على رجلي تقبلها فأنكرت ذلك وقلت لها: مهلاً يا ستي(4) فإنَّ هذا أمر عظيم، وانكببت على يدها فبكت.
ثُمَّ قالت: كيف لا أفعل بك هذا وأنت مولاتي فاطمة؟ فقلت لها: وكيف ذاك يا ستي؟ فقالت لي: إنَّ الشيخ _ يعني أبا جعفر محمّد بن علي _ خرج إلينا بالستر(5)، قالت: فقلت لها: وما الستر؟ قالت: قد أخذ علينا كتمانه وأفزع إن أنا أذعته عوقبت، قالت: وأعطيتها موثقاً أنّي لا أكشفه لأحد واعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ رضي الله عنه _ يعني أبا القاسم الحسين بن روح _.
قالت: إنَّ الشيخ أبا جعفر قال لنا: إنَّ روح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم انتقلت إلى أبيك يعني أبا جعفر محمّد بن عثمان رضي الله عنه، وروح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، وروح مولاتنا فاطمة عليها السلام انتقلت إليك فكيف لا اُعظمك يا ستنا؟
فقلت لها: مهلاً لا تفعلي فإنَّ هذا كذب يا ستنا. فقالت لي: سرّ عظيم وقد اُخذ علينا أن لا نكشف هذا لأحد فالله الله فيَّ، لا يحلّ بي العذاب، ويا ستي لو(لا) حملتني على كشفه ما كشفته لك ولا لأحد غيرك.
قالت الكبيرة اُمّ كلثوم رضي الله عنها: فلمَّا انصرفت من عندها دخلت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح رضي الله عنه فأخبرته بالقصّة وكان يثق بي ويركن إلى قولي فقال لي: يا بنية إيّاك أن تمضي إلى هذه المرأة بعدما جرى منها، ولا تقبلي لها رقعة إن كاتبتك، ولا رسولاً إن أنفذته إليك، ولا تلقاها بعد قولها، فهذا كفر بالله تعالى وإلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقاً إلى أن يقول لهم بأن الله تعالى اتّحد به، وحلَّ فيه، كما تقول النصارى في المسيح عليه السلام ويعدو إلى قول الحلاّج لعنه الله.
قالت: فهجرت بني بسطام، وتركت المضي إليهم ولم أقبل لهم عذراً ولا لقيت اُمّهم بعدها، وشاع في بني نوبخت الحديث فلم يبقَ أحد إلاَّ وتقدَّم إليه الشيخ أبو القاسم وكاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني والبراءة منه ومن يتولاه ورضي بقوله أو كلَّمه فضلاً عن موالاته.
ثُمَّ ظهر التوقيع من صاحب الزمان عليه السلام بلعن أبي جعفر محمّد بن عليّ والبراءة منه وممن تابعه وشايعه ورضي بقوله، وأقام على توليه بعد المعرفة بهذا التوقيع.
وله حكايات قبيحة وأمور فظيعة ننزّه كتابنا عن ذكرها، ذكرها ابن نوح وغيره، وكان سبب قتله أنَّه لمَّا أظهر لعنه أبو القاسم بن روح واشتهر أمره وتبرَّأ منه وأمر جميع الشيعة بذلك، لم يمكنه التلبيس، فقال في مجلس حافل فيه رؤساء الشيعة وكلّ يحكي عن الشيخ أبي القاسم لعنه والبراءة منه: أجمعوا بيني وبينه حتَّى آخذ يده ويأخذ بيدي فإن لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه وإلاَّ فجميع ما قاله فيَّ حقّ، ورقي ذلك إلى الراضي لأنَّه كان ذلك في دار ابن مقلة فأمر بالقبض عليه وقتله فقتل واستراحت الشيعة منه(6).
وقال أبو الحسن محمّد بن أحمد بن داود: كان محمّد بن الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنه الله يعتقد القول بحمل الضدّ، ومعناه أنَّه لا يتهيّأ إظهار فضيلة للولي إلاَّ بطعن الضدّ فيه، لأنَّه يحمل السامع طعنه على طلب فضيلته فإذن هو أفضل من الولي إذ لا يتهيّأ إظهار الفضل إلاَّ به، وساقوا المذهب من وقت آدم الأوّل إلى آدم السابع لأنَّهم قالوا: سبع عوالم وسبع أوادم، ونزلوا إلى موسى وفرعون ومحمّد وعلي مع أبي بكر ومعاوية.
وأمَّا في الضدّ فقال بعضهم: الولي ينصب الضدّ ويحمله على ذلك كما قال قوم من أصحاب الظاهر: إنَّ عليّ بن أبي طالب نصب أبا بكر في ذلك المقام، وقال بعضهم: لا ولكن هو قديم معه لم يزل، قالوا: والقائم الذي ذكروا أصحاب الظاهر أنَّه من ولد الحادي عشر فإنَّه يقوم، معناه إبليس لأنَّه قال: ((فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ))(7) ولم يسجد، ثُمَّ قال: ((لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ))(8) فدلَّ على أنَّه كان قائماً في وقت ما اُمر بالسجود ثُمَّ قعد بعد ذلك، وقوله: يقوم القائم إنَّما هو ذلك القائم الذي اُمر بالسجود فأبى وهو إبليس لعنه الله.
وقال شاعرهم لعنهم الله:
يا لاعناً بالضدّ(9) من عدي ما الضدّ إلاَّ ظاهر الولي
والحمد للمهيمن الوفي لست على حال كهمامي(10)
ولا حجامي ولا جغدي قد فقت من قول على الفهدي
نعم وجاوزت مدى العبد(11) فوق عظيم ليس بالمجوسي
لأنَّه الفرد بلا كيف(12) متّحد بكلّ أوحدي
مخالط للنوري والظلمي يا طالباً من بيت هاشمي
وجاحداً من بيت كسروي قد غاب في نسبة أعجمي
في الفارسي الحسب الرضي كما التوى في العرب من لوي(13)
وقال الصفواني: سمعت أبا عليّ بن همام يقول: سمعت محمّد بن عليّ العزاقري الشلمغاني يقول: الحقّ واحد وإنَّما تختلف قمصه فيوم يكن في أبيض، ويوم يكون في أحمر، ويوم يكون في أزرق.
قال ابن همام: فهذا أوّل ما أنكرته من قوله لأنَّه قول أصحاب الحلول(14).
وأخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى، عن أبي عليّ محمّد بن همام، أنَّ محمّد بن عليّ الشلمغاني لم يكن قط باباً إلى أبي القاسم، ولا طريقاً له ولا نصبه أبو القاسم بشيء من ذلك على وجه ولا سبب ومن قال بذلك فقد أبطل وإنَّما كان فقيهاً من فقهائنا فخلط وظهر عنه ما ظهر، وانتشر الكفر والإلحاد عنه.
فخرج فيه التوقيع على يد أبي القاسم بلعنه والبراءة منه وممن تابعه وشايعه وقال بقوله(15).
وأخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن عليّ بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد، قال: حدَّثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد الحامدي البزّاز المعروف بغلام أبي عليّ بن جعفر المعروف بابن رهومة(16) النوبختي وكان شيخاً مستوراً، قال: سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول: لمَّا عمل محمّد بن عليّ الشلمغاني كتاب التكليف قال الشيخ _ يعني أبا القاسم رضي الله عنه _: اُطلبوه إليَّ لأنظره، فجاؤا به فقرأه من أوّله إلى آخره فقال: ما فيه شيء إلاَّ وقد روى عن الأئمّة (في)(17) موضعين أو ثلاثة فإنَّه كذب عليهم في روايتها لعنه الله(18).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ وَأبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ أنَّهُمَا قَالاَ: مِمَّا أخْطَأ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي الْمَذْهَبِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ أنَّهُ رَوَى عَن الْعَالِم أنَّهُ قَالَ: (إِذَا كَانَ لأخِيكَ الْمُؤْمِن عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَدَفَعَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْبَيّنَةِ عَلَيْهِ إِلاَّ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَكَانَ الشَّاهِدُ ثِقَةً رَجَعْتَ إِلَى الشَّاهِدِ فَسَألْتَهُ عَنْ شَهَادَتِهِ فَإذَا أقَامَهَا عِنْدَكَ شَهِدْتَ مَعَهُ عِنْدَ الْحَاكِم عَلَى مِثْل مَا يَشْهَدُ(19) عِنْدَهُ لِئَلاَّ يَتْوَى حَقُّ امْرئٍ مُسْلِم)(20).
ومن ذلك أنَّه يوجد في هذا الكتاب عند تحديد الكرّ أنَّ العلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمي به في وسطه فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكرّ وإن لم يبلغ فهو كرّ لا ينجسه شيء. وهذا التحديد لم ينقل إلاَّ من الشلمغاني. وإن أخذه من قول أصحاب اللغة كما في فقه اللغة للثعالبي.
ومن ذلك ما نقله النوري في المستدرك (ج 3/ ص 210) عن غوالي اللئالي نقلاً عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر، عن العالم عليه السلام رواية، ثُمَّ ينقل عينها عن كتاب فقه الرضا. مذيلاً بكلام في معناه.
فترى أنَّ ابن أبي جمهور الأحسائى كان يعرف الكتاب أنَّه كتاب التكليف وينقل عنه ما يرويه ويترك فيه ما يراه في معنى الحديث لأنَّه ليس من الحديث بشيء.
واللفظ لابن بابويه وقال: هذا كذب منه ولسنا نعرف ذلك، وقال في موضع آخر: كذب فيه(21).
نسخة التوقيع الخارج في لعنه:
أخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، قَالَ: خَرَجَ عَلَى يَدِ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ فِي ابْن أبِي الْعَزَاقِر وَالْمِدَادُ رَطْبٌ لَمْ يَجُفَّ.
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَن ابْن دَاوُدَ، قَالَ: خَرَجَ التَّوْقِيعُ مِنَ الْحُسَيْن بْن رَوْح فِي الشَّلْمَغَانِيّ وَأنْفَذَ نُسْخَتَهُ إِلَى أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ.
قَالَ ابْنُ نُوح: وَحَدَّثَنَا أبُو الْفَتْح أحْمَدُ بْنُ ذَكَا مَوْلَى عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن الْفُرَاتِ، قَالَ: أخْبَرَنَا أبُو عَلِيّ بْن هَمَّام بْن سُهَيْلٍ بِتَوْقِيع خَرَجَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن جَعْفَر بْن إِسْمَاعِيلَ بْن صَالِح الصَّيْمَريُّ: أنْفَذَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه مِنْ مَجْلِسِهِ(22) فِي دَار الْمُقْتَدِر إِلَى شَيْخِنَا أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، وَأمْلاَهُ أبُو عَلِيٍّ عَلَيَّ وَعَرَّفَنِي أنَّ أبَا الْقَاسِم رضي الله عنه رَاجَعَ فِي تَرْكِ إِظْهَارهِ فَإنَّهُ فِي يَدِ الْقَوْم وَحَبْسِهِمْ فَأمَرَ بِإظْهَارهِ وَأنْ لاَ يَخْشَى وَيَأمَنَ فَتَخَلَّصَ وَخَرَجَ مِنَ الْحَبْس بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ وَالْحَمْدُ للهِ.
التَّوْقِيعُ:
(عَرَّفْ) قَالَ الصَّيْمَريُّ: عَرَّفَكَ اللهُ الْخَيْرَ أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَعَرَّفَكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَخَتَمَ بِهِ عَمَلَكَ، (مَنْ تَثِقُ بِدِينهِ وَتَسْكُنُ إِلَى نِيَّتِهِ مِنْ إِخْوَانِنَا أسْعَدَكُمُ اللهُ)، وَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ: (أدَامَ اللهُ سَعَادَتَكُمْ مَنْ تَسْكُنُ إِلَى دِينهِ وَتَثِقُ بِنِيَّتهِ جَمِيعاً بِأنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفَ بِالشَّلْمَغَانِيّ)، زَادَ ابْنُ دَاوُدَ: (وَهُوَ مِمَّنْ عَجَّلَ اللهُ لَهُ النَّقِمَةَ وَلاَ أمْهَلَهُ قَدِ ارْتَدَّ عَن الإسْلاَم وَفَارَقَهُ)، اتَّفَقُو(23) (وَألْحَدَ فِي دِين اللهِ وَادَّعَى مَا كَفَرَ مَعَهُ بِالْخَالِقِ)، قَالَ هَارُونُ: (فِيهِ بِالْخَالِقِ جَلَّ وَتَعَالَى وَافْتَرَى كَذِباً وَزُوراً وَقَالَ بُهْتَاناً وَإِثْماً عَظِيماً)، قَالَ هَارُونُ: (وَأمْراً عَظِيماً، كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللهِ وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً وَخَسِرُوا خُسْراناً مُبِيناً، وَإِنَّنَا قَدْ بَرئْنَا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ(24) وَلَعَنَّاهُ عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللهِ)، اتَّفَقُوا، زَادَ ابْنُ دَاوُدَ: (تَتْرَى، فِي الظَّاهِر مِنَّا وَالْبَاطِن فِي السَّرَّ وَالْجَهْر وَفِي كُلّ وَقْتٍ وَعَلَى كُلّ حَالٍ وَعَلَى مَنْ شَايَعَهُ وَبَايَعَهُ(25) أوْ بَلَغَهُ هَذَا الْقَوْلُ مِنَّا وَأقَامَ عَلَى تَوَلّيهِ بَعْدَهُ وَأعْلِمْهُمْ)، قَالَ الصَّيْمَريُّ: (تَوَلاَّكُمُ اللهُ)، قَالَ ابْنُ ذَكَا: (أعَزَّكُمُ اللهُ، أنَّا مِنَ التَّوَقّي)، وَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ: (اعْلَمْ أنَّنَا مِنَ التَّوَقّي لَهُ)، قَالَ هَارُونُ: (وَأعْلِمْهُمْ أنَّنَا فِي التَّوَقّي وَالْمُحَاذَرَةِ مِنْهُ)، قَالَ ابْنُ دَاوُدَ وَهَارُونُ: (عَلَى مِثْل مَا كَانَ مِمَّنْ تَقَدَّمَنَا لِنُظَرَائِهِ)، قَالَ الصَّيْمَريُّ: (عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ نُظَرَائِهِ)، وَقَالَ ابْنُ ذَكَا: (عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَنَا لِنُظَرَائِهِ)، اتَّفَقُوا (مِنَ الشَّريعِيّ وَالنُّمَيْريّ وَالْهِلاَلِيّ وَالْبِلاَلِيّ وَغَيْرهِمْ وَعَادَةُ اللهِ)، قَالَ ابْنُ دَاوُدَ وَهَارُونُ: (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) وَاتَّفَقُوا (مَعَ ذَلِكَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عِنْدَنَا جَمِيلَةٌ، وَبهِ نَثِقُ وَإِيَّاهُ نَسْتَعِينُ، وَهُوَ حَسْبُنَا فِي كُلّ اُمُورنَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ).
قَالَ هَارُونُ: وَأخَذَ أبُو عَلِيٍّ هَذَا التَّوْقِيعَ وَلَمْ يَدَعْ أحَداً مِنَ الشُّيُوخ إِلاَّ وَأقْرَأهُ إِيَّاهُ وَكُوتِبَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ بِنُسْخَتِهِ فِي سَائِر الأمْصَار فَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الطَّائِفَةِ فَاجْتَمَعَتْ عَلَى لَعْنِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ.
الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 401/ رقم 376.
(2) عبارة: (والد الصدوق) ليست في المصدر.
(3) الغيبة للطوسي: 402/ رقم 377.
(4) قال الفيروزآبادي: (وستى) للمرأة أي يا ست جهاتي، أو لحن والصواب سيّدتي. وقال الشارح: ويحتمل أنَّ الأصل سيّدتي فحذف بعض حروف الكلمة، وله نظائر قاله الشهاب القاسمي، وأنشدنا غير واحد من مشايخنا للبهاء زهير:
بروحي من اسميها بستي فينظر لي النحاة بعين مقت
يرون بأنَّني قد قلت لحنا وكيف وإنَّني لزهير وقتي
ولكن غادة ملكت جهاتي فلا لحن إذا ما قلت ستي
(5) في المصدر: (السرّ) وكذا في ما بعد.
(6) الغيبة للطوسي: 403/ رقم 378.
(7) الحجر: 30 و31.
(8) الأعراف: 16.
(9) في المصدر: (للضدّ).
(10) في المصدر: (كحمامي).
(11) في المصدر: (العبدي).
(12) في المصدر: (كيفي).
(13) الغيبة للطوسي: 406/ رقم 379.
(14) الغيبة للطوسي: 408/ رقم 380.
(15) الغيبة للطوسي: 408/ رقم 381.
(16) في المصدر: (زهومة).
(17) في المصدر: (إلاَّ) بدل (في).
(18) الغيبة للطوسي: 408/ رقم 382.
(19) في المصدر: (ما يشهده).
(20) هذا الخبر بعينه يوجد في الكتاب المعروف بـ (فقه الرضا عليه السلام) في باب الشهادات، وهذا ممَّا يشهد على أنَّ الكتاب كتاب التكليف لابن أبي العزاقر الشلمغاني.
(21) الغيبة للطوسي: 409/ رقم 383.
(22) في المصدر: (محبسه) بدل (مجلسه).
(23) يعني الرواة.
(24) في المصدر: (بمنّه).
(25) في المصدر: (تابعه).
******************
وَقُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(1).
ذكر أمر أبي بكر البغدادي ابن أخي الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه وأبي دلف المجنون
أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان، عن أبي الحسن عليّ بن بلال المهلبي، قال: سمعت أبا القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه يقول:
أمَّا أبو دلف الكاتب لا حاطه الله فكنّا نعرفه ملحداً ثُمَّ أظهر الغلو ثُمَّ جنَّ وسلسل ثُمَّ صار مفوّضاً وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلاَّ استخفّ به ولا عرفته الشيعة إلاَّ مدّة يسيرة والجماعة تتبرّ(2) عنه وممن يومي إليه وينمس به.
وقد كنّا وجّهنا إلى أبي بكر البغدادي لمَّا ادّعى له هذا ما ادّعاه فأنكر ذلك وحلف عليه فقبلنا ذلك منه فلمَّا دخل بغداد مال إليه وعدل من الطائفة وأوصى إليه لم نشكّ أنَّه على مذهبه فلعناه وبرئنا منه لأنَّ عندنا أنَّ كلّ من ادّعى الأمر بعد السمري فهو كافر منمَّس ضال مضلّ وبالله التوفيق(3).
وذكر أبو عمرو محمّد بن محمّد بن نصر السكري قال: لمَّا قدم ابن محمّد بن الحسن ابن الوليد القمي من قبل أبيه والجماعة(4) وسألوه عن الأمر الذي حكي فيه من النيابة أنكر ذلك وقال: ليس إليَّ من هذا الأمر شيء (وعرض عليه مال فأبى وقال: محرَّم عليَّ أخذ شيء منه فإنَّه ليس إليَّ من هذا الأمر شيء)(5) ولا ادّعيت شيئاً من هذا وكنت حاضراً لمخاطبته إيّاه بالبصرة(6).
وذكر ابن عياش قال: اجتمعت يوماً مع أبي دلف فأخذنا في ذكر أبي بكر البغدادي فقال لي: تعلم من أين كان فضل سيّدنا الشيخ قدّس الله روحه وقدّس به على أبي القاسم الحسين بن روح وعلى غيره؟ فقلت له: ما أعرف. قال: لأنَّ أبا جعفر محمّد بن عثمان قدَّم اسمه على اسمه في وصيته، قال: فقلت له: فالمنصور إذاً أفضل من مولانا أبي الحسن موسى عليه السلام، قال: وكيف؟ قلت: لأنَّ الصادق قدَّم اسمه على اسمه في الوصية.
فقال لي: أنت تتعصَّب على سيّدنا وتعاديه، فقلت: الخلق كلّهم تعادي أبا بكر البغدادي وتتعصَّب عليه، غيرك وحدك، وكدنا نتقاتل ونأخذ بالأزياق(7).
وأمر أبي بكر البغدادي في قلّة العلم والمروءة أشهر وجنون أبي دلف أكثر من أن يحصى لا نشغل كتابنا بذلك ولا نطول بذكره، ذكر ابن نوح طرفاً من ذلك(8).
وروى أبو محمّد هارون بن موسى، عن أبي القاسم الحسين بن عبد الرحيم الابرارورى، قال: أنفذني أبي عبد الرحيم إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه في شيء كان بيني وبينه فحضرت مجلسه وفيه جماعة من أصحابنا وهم يتذاكرون شيئاً من الروايات وما قاله الصادقون عليهم السلام حتَّى أقبل أبو بكر محمّد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي ابن أخي جعفر العمري فلمَّا بصر به أبو جعفر رضي الله عنه قال للجماعة: أمسكوا فإنَّ هذا الجائي ليس من أصحابكم(9).
وحكى أنَّه توكَّل لليزيدي بالبصرة فبقي في خدمته مدّة طويلة وجمع مالاً عظيماً فسعي به إلى اليزيدي فقبض عليه وصادره وضربه على اُمّ رأسه حتَّى نزل الماء في عينيه فمات أبو بكر ضرير(10).
وقال أبو نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت اُمّ كلثوم بنت أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه: إنَّ أبا دلف محمّد بن مظفّر الكاتب كان في ابتداء أمره مخمّس(11) مشهوراً بذلك لأنَّه كان تربية الكرخيين وتلميذهم وصنيعتهم وكان الكرخيون مخمّسة لا يشكّ في ذلك أحد من الشيعة، وقد كان أبو دلف يقول ذلك ويعترف به ويقول: نقلي سيّدنا الشيخ الصالح قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المذهب الصحيح يعني أبا بكر البغدادي.
وجنون أبي دلف وحكايات فساد مذهبه أكثر من أن تحصى فلا نطول بذكره هاهنا.
قد ذكرنا جملاً من أخبار السفراء والأبواب في زمان الغيبة لأنَّ صحّة ذلك مبني على ثبوت إمامة صاحب الزمان، وفي ثبوت وكالتهم، وظهور المعجزات على أيديهم، دليل واضح على إمامة من ائتمّو(12) إليه فلذلك ذكرنا هذا، فليس لأحد أن يقول: ما الفائدة في ذكر أخبارهم فيما يتعلَّق بالكلام في الغيبة، لأنّا قد بيَّنا فائدة ذلك، فسقط هذا الاعتراض(13).
بيان: زيق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه.
2 _ الاحتجاج(14): رَوَى أصْحَابُنَا أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ الشَّريعِيَّ كَانَ مِنْ أصْحَابِ أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ ثُمَّ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليهم السلام وَهُوَ أوَّلُ مَن ادَّعَى مَقَاماً لَمْ يَجْعَلْهُ اللهُ فِيهِ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام، وَكَذَبَ عَلَى اللهِ وَعَلَى حُجَجِهِ عليهم السلام وَنَسَبَ إِلَيْهِمْ مَا لاَ يَلِيقُ بِهِمْ وَمَا هُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ الْقَوْلُ بِالْكُفْر وَالإلْحَادِ.
وَكَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ النُّمَيْريُّ مِنْ أصْحَابِ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام فَلَمَّا تُوُفّيَ ادَّعَى النّيَابَةَ لِصَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام فَفَضَحَهُ اللهُ تَعَالَى بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الإلْحَادِ وَالْغُلُوَّ وَالْقَوْلِ بِالتَّنَاسُخ وَقَدْ كَانَ(15) يَدَّعِي أنَّهُ رَسُولُ نَبِيٍّ أرْسَلَهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عليه السلام وَيَقُولُ فِيهِ بِالرُّبُوبيَّةِ، وَيَقُولُ بِالإجَابَةِ(16) لِلْمَحَارم.
وَكَانَ أيْضاً مِنْ جُمْلَةِ الْغُلاَةِ أحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْكَرْخِيُّ(17) وَقَدْ كَانَ مِنْ قَبْلُ فِي عِدَادِ أصْحَابِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام ثُمَّ تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَأنْكَرَ نِيَابَةَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ فَخَرَجَ التَّوْقِيعُ بِلَعْنِهِ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الأمْر بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ لَعَنَ وَتَبَرَّأ مِنْهُ.
وَكَذَلِكَ كَانَ أبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن بِلاَلٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَلاَّجُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْن أبِي الْعَزَاقِر لَعَنَهُمُ اللهُ، فَخَرَجَ التَّوْقِيعُ بِلَعْنِهِمْ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ جَمِيعاً عَلَى يَدِ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح نُسْخَتُهُ:
(اعْرفْ أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَعَرَّفَكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَخَتَمَ بِهِ عَمَلَكَ، مَنْ تَثِقُ بِدِينهِ وَتَسْكُنُ إِلَى نِيَّتِهِ مِنْ إِخْوَانِنَا أدَامَ اللهُ سَعَادَتَهُمْ بِأنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفَ بِالشَّلْمَغَانِيّ عَجَّلَ اللهُ لَهُ النَّقِمَةَ وَلاَ أمْهَلَهُ قَدِ ارْتَدَّ عَن الإسْلاَم وَفَارَقَهُ وَألْحَدَ فِي دِين اللهِ وَادَّعَى مَا كَفَرَ مَعَهُ بِالْخَالِقِ جَلَّ وَتَعَالَى وَافْتَرَى كَذِباً وَزُوراً وَقَالَ بُهْتَاناً وَإِثْماً عَظِيماً، كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللهِ وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً وَخَسِرُوا خُسْراناً مُبِيناً، وَإِنَّا بَرئْنَا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ وَلَعَنَّاهُ، عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللهِ تَتْرَى، فِي الظَّاهِر مِنَّا وَالْبَاطِن، فِي السَّرَّ وَالْجَهْر وَفِي كُلّ وَقْتٍ وَعَلَى كُلّ حَالٍ، وَعَلَى مَنْ شَايَعَهُ وَتَابَعَهُ وَبَلَغَهُ هَذَا الْقَوْلُ مِنَّا فَأقَامَ عَلَى تَوَلَّيهِ بَعْدَهُ.
وَأعْلِمْهُمْ تَوَلاَّكُمُ اللهُ أنَّنَا فِي التَّوَقّي وَالْمُحَاذَرَةِ مِنْهُ عَلَى مِثْل مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ نُظَرَائِهِ مِنَ الشَّريعِيّ وَالنُّمَيْريّ وَالْهِلاَلِيّ وَالْبِلاَلِيّ وَغَيْرهِمْ، وَعَادَةُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَعَ ذَلِكَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عِنْدَنَا جَمِيلَةٌ، وَبِهِ نَثِقُ وَإِيَّاهُ نَسْتَعِينُ، وَهُوَ حَسْبُنَا فِي كُلّ اُمُورنَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ)(18).
* * *
باب (18): ذكر من رآه صلوات الله عليه
تتمَّة كتاب الغيبة، تتمَّة أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه صلوات الله عليهم أجمعين.
سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام من النصوص على الاثني عشر عليهم السلام.
1 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الرَّازيَّ(19)، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ وَرَدَ الرَّيَّ عَلَى أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأسَدِيَّ، فَرَوَى لَهُ حَدِيثَيْن فِي صَاحِبِ الزَّمَانِ وَسَمِعْتُهُمَا مِنْهُ كَمَا سَمِعَ، وَأظُنُّ ذَلِكَ قَبْلَ سَنَةِ ثَلاَثِمِائَةٍ أوْ قَريباً مِنْهَا، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَدَكِيُّ، قَالَ: قَالَ الأوْدِيُّ: بَيْنَا أنَا فِي الطَّوَافِ قَدْ طُفْتُ سِتَّةً وَاُريدُ أنْ أطُوفَ السَّابِعَةَ فَإذَا أنَا بِحَلْقَةٍ عَنْ يَمِين الْكَعْبَةِ وَشَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ، طَيَّبُ الرَّائِحَةِ، هَيُوبٌ، وَمَعَ هَيْبَتِهِ مُتَقَرَّبٌ إِلَى النَّاس فَتَكَلَّمَ فَلَمْ أرَ أحْسَنَ مِنْ كَلاَمِهِ، وَلاَ أعْذَبَ مِنْ مَنْطِقِهِ فِي حُسْن جُلُوسِهِ، فَذَهَبْتُ اُكَلّمُهُ فَزَبَرَنيَ النَّاسُ، فَسَألْتُ بَعْضَهُمْ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: ابْنُ رَسُولِ اللهِ يَظْهَرُ لِلنَّاس فِي كُلّ سَنَةٍ يَوْماً لِخَوَاصّهِ فَيُحَدَّثُهُمْ (وَيُحَدَّثُونَهُ)(20). فَقُلْتُ: (يَا سَيَّدِي)(21) مُسْتَرْشِدٌ أتَاكَ فَأرْشِدْنِي هَدَاكَ اللهُ، قَالَ: فَنَاوَلَنِي حَصَاةً فَحَوَّلْتُ وَجْهِي، فَقَالَ لِي بَعْضُ جُلَسَائِهِ: مَا الَّذِي دَفَعَ إِلَيْكَ ابْنُ رَسُولِ اللهِ؟ فَقُلْتُ: حَصَاةٌ، فَكَشَفْتُ عَنْ يَدِي فَإذَا أنَا بِسَبِيكَةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
فَذَهَبْتُ فَإذَا أنَا بِهِ قَدْ لَحِقَنِي فَقَالَ: (ثَبَتَتْ عَلَيْكَ الْحُجَّةُ، وَظَهَرَ لَكَ الْحَقُّ، وَذَهَبَ عَنْكَ الْعَمَى، أتَعْرفُنِي؟)، فَقُلْتُ: اللهُمَّ لاَ، قَالَ: (أنَا الْمَهْدِيُّ، أنَا قَائِمُ الزَّمَان، أنَا الَّذِي أمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ (ظُلْماً وَ)(22) جَوْراً، إِنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ، وَلاَ يَبْقَى النَّاسُ فِي فَتْرَةٍ أكْثَرَ مِنْ تِيهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ ظَهَرَ أيَّامُ خُرُوجِي فَهَذِهِ أمَانَةٌ فِي رَقَبَتِكَ فَحَدَّثْ بِهَا إِخْوَانَكَ مِنْ أهْل الْحَقَّ)(23).
الخرائج والجرائح: عن الفدكي، مثله(24).
كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ الْخَدِيجِيَّ الْكُوفِيَّ(25)، عَن الأزْدِيَّ، قَالَ:‏ بَيْنَا أنَا فِي الطَّوَافِ... إِلَى قَوْلِهِ: (وَلاَ يَبْقَى النَّاسُ فِي فَتْرَةٍ، وَهَذِهِ أمَانَةٌ تَحَدَّثْ بِهَا إِخْوَانَكَ مِنْ أهْل الْحَقَّ)(26).
بيان: لعلَّ هذا ممّا فيه البداء وأخبر عليه السلام بأمر حتمي معلَّق بشرط أو المراد بالخروج ظهور أمره لأكثر الشيعة بالسفراء، والأظهر ما في رواية الصدوق.
2 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيًّ الرَّازيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن خَلَفٍ، قَالَ: نَزَلْنَا مَسْجِداً فِي الْمَنْزلِ الْمَعْرُوفِ بِالْعَبَّاسِيَّةِ عَلَى مَرْحَلَتَيْن مِنْ فُسْطَاطِ مِصْرَ وَتَفَرَّقَ غِلْمَانِي فِي النُّزُولِ وَبَقِيَ مَعِي فِي الْمَسْجِدِ غُلاَمٌ أعْجَمِيٌّ فَرَأيْتُ فِي زَاويَتِهِ شَيْخاً كَثِيرَ التَّسْبِيح فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ رَكَعْتُ(27) وَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ فِي أوَّلِ وَقْتِهَا وَدَعَوْتُ بِالطَّعَام وَسَألْتُ الشَّيْخَ أنْ يَأكُلَ مَعِي فَأجَابَنِي.
فَلَمَّا طَعِمْنَا سَألْتُهُ عَن اسْمِهِ وَاسْمِ أبِيهِ وَعَنْ بَلَدِهِ وَحِرْفَتِهِ(28) فَذَكَرَ أنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ(29) اللهِ، وَأنَّهُ مِنْ أهْل قُمَّ وَذَكَرَ أنَّهُ يَسِيحُ مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً فِي طَلَبِ الْحَقَّ وَيَنْتَقِلُ(30) فِي الْبُلْدَان وَالسَّوَاحِل وَأنَّهُ أوْطَنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ نَحْوَ عِشْرينَ سَنَةً يَبْحَثُ عَن الأخْبَار وَيَتَتَبَّعُ(31) الآثَارَ.
فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْن طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ صَارَ إِلَى مَقَام إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَرَكَعَ فِيهِ وَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَأنْبَهَهُ صَوْتُ دُعَاءٍ لَمْ يَجْر فِي سَمْعِهِ مِثْلُهُ، قَالَ: فَتَأمَّلْتُ الدَّاعِيَ فَإذَا هُوَ شَابٌّ أسْمَرُ لَمْ أرَ قَطُّ فِي حُسْن صُورَتِهِ وَاعْتِدَالِ قَامَتِهِ ثُمَّ صَلَّى فَخَرَجَ وَسَعَى، فَاتَّبَعْتُهُ وَأوْقَعَ اللهُ عزّ وجل فِي نَفْسِي أنَّهُ صَاحِبُ الزَّمَان عليه السلام.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ قَصَدَ بَعْضَ الشّعَابِ فَقَصَدْتُ أثَرَهُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْهُ إِذَا أنَا بِأسْوَدَ مِثْلَ الْفَنِيقِ قَدِ اعْتَرَضَنِي فَصَاحَ بِي بِصَوْتٍ لَمْ أسْمَعْ أهْوَلَ مِنْهُ: مَا تُريدُ عَافَاكَ اللهُ؟ فَاُرْعِدْتُ وَوَقَفْتُ وَزَالَ الشَّخْصُ عَنْ بَصَري وَبَقِيتُ مُتَحَيَّراً، فَلَمَّا طَالَ بِيَ الْوُقُوفُ وَالْحَيْرَةُ انْصَرَفْتُ ألُومُ نَفْسِي وَأعْذِلُهَا بِانْصِرَافِي بِزَجْرَةِ الأسْوَدِ، فَخَلَوْتُ بِرَبَّي عزّ وجل أدْعُوهُ وَأسْألُهُ بِحَقَّ رَسُولِهِ وَآلِهِ عليهم السلام أنْ لاَ يُخَيَّبَ سَعْيِي، وَأنْ يُظْهِرَ لِي مَا يَثْبُتُ بِهِ قَلْبِي وَيَزيدُ فِي بَصَري.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سِنِينَ زُرْتُ قَبْرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وآله وسلّم فَبَيْنَا أنَ(32) فِي الرَّوْضَةِ الَّتِي بَيْنَ الْقَبْر وَالْمِنْبَر إِذْ غَلَبَتْنِي عَيْني فَإذَا مُحَرَّكٌ يُحَرَّكُنِي فَاسْتَيْقَظْتُ فَإذَا أنَا بِالأسْوَدِ فَقَالَ: مَا خَبَرُكَ؟ وَكَيْفَ كُنْتَ؟
فَقُلْتُ: أحْمَدُ اللهَ وَأذُمُّكَ، فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ فَإنّي اُمِرْتُ بِمَا خَاطَبْتُكَ بِهِ، وَقَدْ أدْرَكْتَ خَيْراً كَثِيراً فَطِبْ نَفْساً وَازْدَدْ مِنَ الشُّكْر للهِ عزّ وجل عَلَى مَا أدْرَكْتَ وَعَايَنْتَ، مَا فَعَلَ فُلاَنٌ؟ وَسَمَّى بَعْضَ إِخْوَانِيَ الْمُسْتَبْصِرينَ، فَقُلْتُ: بِبُرْقَةَ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، فَفُلاَنٌ؟ وَسَمَّى رَفِيقاً لِي مُجْتَهِداً فِي الْعِبَادَةِ مُسْتَبْصِراً فِي الدَّيَانَةِ، فَقُلْتُ: بِالإسْكَنْدَريَّةِ، حَتَّى سَمَّى لِي عِدَّةً مِنْ إِخْوَانِي.
الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 409/ رقم 384.
(2) في المصدر: (منه) بدل (عنه).
(3) الغيبة للطوسي: 412/ رقم 385.
(4) في المصدر إضافة: (على أبي بكر البغدادي).
(5) من المصدر.
(6) الغيبة للطوسي: 412/ رقم 386.
(7) الأزياق: جمع زيق وهو من القميص ما أحاط منه بالعنق، كما في (بيان) المؤلّف بعد هذا.
(8) الغيبة للطوسي: 413/ رقم 387.
(9) الغيبة للطوسي: 413/ رقم 388.
(10) الغيبة للطوسي: 414/ رقم 389.
(11) هم فرقة من الغلاة يقولون بألوهية أصحاب الكساء الخمسة: محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام بأنَّهم نور واحد والروح حالّة فيهم بالسوية لا فضل لواحد على الآخر. راجع: الملل والنحل للشهرستاني 1: 175.
(12) في المصدر: (انتموا) بدل (ائتمّوا).
(13) الغيبة للطوسي: 414/ رقم 390.
(14) قد جاء في المطبوعة تحت (ح 2) بدون ذكر الحديث الرقم (1).
(15) في المصدر إضافة: (أيضاً).
(16) في المصدر: (بالإباحة).
(17) وهو أبو جعفر العبرتائي قد روى أكثر أصول أصحابنا كما عرفت روايته في شطر من الأخبار الماضية في هذا الكتاب، فحيث كان له حال استقامة وتخليط يعمل بما رواه في حال استقامته، قال الشيخ في العدّة: ولذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب في حال استقامته وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي.
(18) الاحتجاج 2: 552/ ذكر المذمومين/ ح 348؛ هذا آخر ما جاء في الجزء الحادي والخمسين من المطبوعة.
(19) أقول: هو أبو العبّاس أحمد بن علي الرازي الخضيب الأيادي، عنونه النجاشي (ص 97) وقال: قال أصحابنا: لم يكن بذاك، وقيل: فيه غلو وترفع وله كتاب الشفاء والجلاء في الغيبة، وعنونه الشيخ في الفهرست (ص 76) وقال: لم يكن بذاك الثقة في الحديث ويتَّهم بالغلو، وله كتاب الشفاء والجلاء في الغيبة حسن. وعنونه ابن الغضائري (ص43) وقال: كان ضعيفاً وحدَّثني أبي رحمه الله أنَّه كان في مذهبه ارتفاع وحديثه يعرف تارة وينكر أخرى. راجع: (قاموس الرجال 12: 30)؛ (نقد الرجال 1: 136).
(20) عبارة: (ويحدّثونه) ليست في المصدر.
(21) عبارة: (يا سيّدي) ليست في المصدر.
(22) عبارة: (ظلماً و) ليست في المصدر.
(23) الغيبة للطوسي: 253/ رقم 223.
(24) الخرائج والجرائح 2: 784/ باب 15/ ح 110.
(25) أقول: عنونه النجاشي (ص 265) وقال: رجل من أهل كوفة كان يقول أنَّه من آل أبي طالب، وغلا في آخر أمره وفسد مذهبه وصنَّف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد، ثُمَّ قال: وهذا الرجل تدّعي له الغلاة منازل عظيمة. وعنونه في الفهرست وقال: كان مستقيم الطريقة وصنَّف كتباً كثيرة سديدة ثُمَّ خلط وأظهر مذهب المخمّسة وصنَّف كتباً في الغلو والتخليط وله مقالة تنسب إليه، وقال ابن الغضائري: المدّعي العلوية كذّاب غال صاحب بدعة ومقالة رأيت له كتباً كثيرة لا يلتفت إليه.
وقال في نقد الرجال (ج 3/ ص 227): والمخمّسة طائفة من الغلاة يقولون: إنَّ سلمان والمقداد وعمّار وأبا ذر وعمرو بن أميّة الضمري، هم الموكّلون بمصالح العالم، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
أقول: قد ذُكر في هامش (ص 622) أنَّ المخمّسة طائفة يقولون بربوبية أصحاب الكساء الخمسة. راجع: (ج 51/ ص 379) من المطبوعة.
(26) كمال الدين 2: 444/ باب 43/ ح 18، وفيه: (ولا تحدَّث بها إلاَّ إخوانك من أهل الحقّ).
(27) في نسخة من المصدر إضافة: (وسجدت).
(28) في المصدر إضافة: (ومقصده).
(29) في المصدر: (عبد).
(30) في المصدر: (ويتنقَّل).
(31) في المصدر: (ويتبع).
(32) في المصدر إضافة: (أصلّي).
******************
ثُمَّ ذَكَرَ اسْماً غَريباً فَقَالَ: مَا فَعَلَ نقفور؟ قُلْتُ: لاَ أعْرفُهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَعْرفُهُ وَهُوَ رُومِيٌّ فَيَهْدِيهِ اللهُ فَيَخْرُجُ نَاصِراً مِنْ قُسْطَنْطِينيَّةَ، ثُمَّ سَألَنِي عَنْ رَجُلٍ آخَرَ، فَقُلْتُ: لاَ أعْرفُهُ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أهْل هِيتَ مِنْ أنْصَار مَوْلاَيَ عليه السلام، امْض إِلَى أصْحَابِكَ فَقُلْ لَهُمْ: نَرْجُو أنْ يَكُونَ قَدْ أذِنَ اللهُ فِي الِانْتِصَار لِلْمُسْتَضْعَفِينَ، وَفِي الِانْتِقَام مِنَ الظَّالِمِينَ، وَقَدْ لَقِيتُ جَمَاعَةً مِنْ أصْحَابِي وَأدَّيْتُ إِلَيْهِمْ وَأبْلَغْتُهُمْ مَا حُمَّلْتُ وَأنَا مُنْصَرفٌ وَاُشِيرُ عَلَيْكَ أنْ لاَ تَتَلَبَّسَ بِمَا يَثْقُلُ بِهِ ظَهْرُكَ، وَتُتْعِبُ(1) بِهِ جِسْمَكَ وَأنْ تَحْبِسَ نَفْسَكَ عَلَى طَاعَةِ رَبَّكَ فَإنَّ الأمْرَ قَريبٌ إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَأمَرْتُ خَازني فَأحْضَرَني(2) خَمْسِينَ دِينَاراً وَسَألْتُهُ قَبُولَهَا فَقَالَ: يَا أخِي قَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيَّ أنَّ آخُذَ مِنْكَ مَا أنَا مُسْتَغْنٍ عَنْهُ كَمَا أحَلَّ لِي أنْ آخُذَ مِنْكَ الشَّيْءَ إِذَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعَ هَذَا الْكَلاَمَ مِنْكَ أحَدٌ غَيْري مِنْ أصْحَابِ السُّلْطَان؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أخُوكَ أحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْن الْهَمَدَانِيُّ(3) الْمَدْفُوعُ عَنْ نِعْمَتِهِ بِأذْرَبِيجَانَ وَقَدِ اسْتَأذَنَ لِلْحَجَّ تَأمِيلاً أنْ يَلْقَى مَنْ لَقِيتَ فَحَجَّ أحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْن الْهَمَدَانِيُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقَتَلَهُ ركزويه(4) بْنُ مَهْرَوَيْهِ وَافْتَرَقْنَا وَانْصَرَفْتُ إِلَى الثَّغْر.
ثُمَّ حَجَجْتُ فَلَقِيتُ بِالْمَدِينَةِ رَجُلاً اسْمُهُ طَاهِرٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن الأصْغَر يُقَالُ: إِنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ هَذَا الأمْر شَيْئاً فَثَابَرْتُ عَلَيْهِ حَتَّى أنِسَ بِي وَسَكَنَ إِلَيَّ وَوَقَفَ عَلَى صِحَّةِ عَقْدِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ بِحَقَّ آبَائِكَ الطَّاهِرينَ عليهم السلام لَمَّا جَعَلْتَنِي مِثْلَكَ فِي الْعِلْم بِهَذَا الأمْر فَقَدْ شَهِدَ عِنْدِي مَنْ تُوَثّقُهُ بِقَصْدِ الْقَاسِم بْن عُبَيْدِ(5) اللهِ بْن سُلَيْمَانَ بْن وَهْبٍ‏ إِيَّايَ لِمَذْهَبِي وَاعْتِقَادِي وَأنَّهُ أغْرَى بِدَمِي مِرَاراً فَسَلَّمَنِيَ اللهُ مِنْهُ، فَقَالَ: يَا أخِي اكْتُمْ مَا تَسْمَعُ مِنّي، الْخَيْرُ(6) فِي هَذِهِ الْجِبَال، وَإِنَّمَا يَرَى الْعَجَائِبَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الزَّادَ فِي اللَّيْل وَيَقْصِدُونَ بِهِ مَوَاضِعَ يَعْرفُونَهَا، وَقَدْ نُهِينَا عَن الْفَحْص وَالتَّفْتِيش فَوَدَّعْتُهُ وَانْصَرَفْتُ عَنْهُ(7).
بيان: (الفنيق) الفحل المكرم من الإبل لا يؤذى لكرامته على أهله ولا يركب، والتشبيه في العظم والكبر، ويقال: (ثابر) أي واظب، قوله: (فقد شهد عندي) غرضه بيان أنَّه مضطر في الخروج خوفاً من القاسم لئلاّ يبطأ عليه بالخبر أو أنَّه من الشيعة قد عرفه بذلك المخالف والمؤالف.
3 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن عليًّ الشُّجَاعِيَّ الْكَاتِبِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ النُّعْمَانِيَّ، عَنْ يُوسُفَ بْن أحْمَدَ الْجَعْفَريَّ، قَالَ: حَجَجْتُ سَنَةَ سِتّ وَثَلاَثِمِائَةٍ وَجَاوَرْتُ بِمَكَّةَ تِلْكَ السَّنَةَ وَمَا بَعْدَهَا إِلَى سَنَةِ تِسْع وَثَلاَثِمِائَةٍ ثُمَّ خَرَجْتُ عَنْهَا مُنْصَرفاً إِلَى الشَّام، فَبَيْنَا أنَا فِي بَعْض الطَّريقِ وَقَدْ فَاتَتْنِي صَلاَةُ الْفَجْر فَنَزَلْتُ مِنَ الْمَحْمِل وَتَهَيَّأتُ لِلصَّلاَةِ فَرَأيْتُ أرْبَعَةَ نَفَرٍ فِي مَحْمِلٍ، فَوَقَفْتُ أعْجَبُ مِنْهُمْ فَقَالَ أحَدُهُمْ: مِمَّ تَعْجَبُ؟ تَرَكْتَ صَلاَتَكَ، وَخَالَفْتَ مَذْهَبَكَ، فَقُلْتُ لِلَّذِي يُخَاطِبُني: وَمَا عِلْمُكَ بِمَذْهَبِي؟
فَقَالَ: تُحِبُّ أنْ تَرَى صَاحِبَ زَمَانِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأوْمَأ إِلَى أحَدِ الأرْبَعَةِ، فَقُلْتُ: إِنَّ لَهُ دَلاَئِلَ وَعَلاَمَاتٍ؟ فَقَالَ: أيُّمَا أحَبُّ إِلَيْكَ أنْ تَرَى الْجَمَلَ وَمَا عَلَيْهِ صَاعِداً إِلَى السَّمَاءِ، أوْ تَرَى الْمَحْمِلَ صَاعِداً إِلَى السَّمَاءِ؟
فَقُلْتُ: أيُّهُمَا كَانَ فَهِيَ دَلاَلَةٌ، فَرَأيْتُ الْجَمَلَ وَمَا عَلَيْهِ يَرْتَفِعُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ الرَّجُلُ أوْمَأ إِلَى رَجُلٍ بِهِ سُمْرَةٌ وَكَانَ لَوْنُهُ الذَّهَبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَجَّادَةٌ(8).(9)
الخرائج والجرائح: عن يوسف بن أحمد، مثله(10).
4 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ رَبَّهِ الأنْصَاريَّ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيَّ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس، قَالَ: حَضَرْتُ دَارَ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام بِسُرَّ مَنْ رَأى يَوْمَ تُوُفّيَ وَاُخْرجَتْ جَنَازَتُهُ‏ وَوُضِعَتْ وَنَحْنُ تِسْعَةٌ وَثَلاَثُونَ رَجُلاً قُعُودٌ نَنْتَظِرُ حَتَّى خَرَجَ عَلَيْنَا غُلاَمٌ عُشَاريٌّ حَافٍ، عَلَيْهِ ردَاءٌ قَدْ تَقَنَّعَ بِهِ، فَلَمَّا أنْ خَرَجَ قُمْنَا هَيْبَةً لَهُ مِنْ غَيْر أنْ نَعْرفَهُ، فَتَقَدَّمَ وَقَامَ النَّاسُ فَاصْطَفُّوا خَلْفَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَمَشَى فَدَخَلَ بَيْتاً غَيْرَ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ.
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْهَمَدَانِيُّ: فَلَقِيتُ بِالْمَرَاغَةِ رَجُلاً مِنْ أهْل تِبْريزَ يُعْرَفُ بِإبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ التّبْريزيَّ فَحَدَّثَنِي بِمِثْل حَدِيثِ الْهَاشِمِيَّ لَمْ يُخْرَمْ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ: فَسَألْتُ الْهَمَدَانِيَّ فَقُلْتُ: غُلاَمٌ عُشَاريُّ الْقَدَّ أوْ عُشَاريُّ السَّنَّ؟ لأنَّهُ رُويَ أنَّ الْولاَدَةَ كَانَتْ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن وَكَانَتْ غَيْبَةُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن بَعْدَ الْولاَدَةِ بِأرْبَعَةِ(11) سِنِينَ، فَقَالَ: لاَ أدْري هَكَذَا سَمِعْتُ، فَقَالَ لِي شَيْخٌ مَعَهُ حَسَنُ الْفَهْم مِنْ أهْل بَلَدِهِ لَهُ روَايَةٌ وَعِلْمٌ: عُشَاريُّ الْقَدَّ(12).
بيان: يقال: ما خرمت منه شيئاً أي ما نقصت، و(عشاري القدّ) هو أن يكون له عشرة أشبار(13).
5 _ الغيبة للطوسي: عَنْهُ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَائِذٍ الرَّازيَّ، عَن الْحَسَن بْن وَجْنَاءَ النَّصِيبيَّ، عَنْ أبِي نُعَيْم مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الأنْصَاريَّ، قَالَ: كُنْتُ حَاضِراً عِنْدَ الْمُسْتَجَار بِمَكَّةَ وَجَمَاعَةٌ زُهَاءُ ثَلاَثِينَ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُخْلِصٌ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم الْعَلَويَّ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ فِي الْيَوْم السَّادِس مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْن إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا شَابٌّ مِنَ الطَّوَافِ عَلَيْهِ إِزَارَان(14) مُحْرمٌ بِهِمَا وَفِي يَدِهِ نَعْلاَن.
فَلَمَّا رَأيْنَاهُ قُمْنَا جَمِيعاً هَيْبَةً لَهُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ قَامَ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَجَلَسَ مُتَوَسَّطاً، وَنَحْنُ حَوْلَهُ ثُمَّ الْتَفَتَ يَمِيناً وَشِمَالاً ثُمَّ قَالَ: (أتَدْرُونَ مَا كَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ فِي دُعَاءِ الإلْحَاح؟)، قُلْنَا: وَمَا كَانَ يَقُولُ؟ قَالَ: (كَانَ يَقُولُ:‏ اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ، وَبهِ تَقُومُ الأرْضُ، وَبهِ تُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، وَبهِ تَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتَفَرَّقِ، وَبهِ تُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُجْتَمِع، وَبهِ أحْصَيْتَ عَدَدَ الرَّمَال، وَزنَةَ الْجِبَال، وَكَيْلَ الْبِحَار، أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَأنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أمْري فَرَجاً (وَمَخْرَجاً)(15)).
ثُمَّ نَهَضَ وَدَخَلَ الطَّوَافَ، فَقُمْنَا لِقِيَامِهِ حَتَّى انْصَرَفَ وَاُنْسِينَا أنْ نَذْكُرَ أمْرَهُ وَأنْ نَقُولَ: مَنْ هُوَ؟ وَأيُّ شَيْ‏ءٍ هُوَ؟ إِلَى الْغَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الطَّوَافِ، فَقُمْنَا لَهُ كَقِيَامِنَا بِالأمْس وَجَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ مُتَوَسَّطاً فَنَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً، وَقَالَ: (أتَدْرُونَ مَا كَانَ يَقُولُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام بَعْدَ صَلاَةِ الْفَريضَةِ؟)، فَقُلْنَا: وَمَا كَانَ يَقُولُ؟ قَالَ: (كَانَ يَقُولُ: إِلَيْكَ رُفِعَتِ الأصْوَاتُ، وَدُعِيَتِ الدَّعَوَاتُ، وَلَكَ عَنَتِ الْوُجُوهُ، وَلَكَ خَضَعَتِ(16) الرَّقَابُ، وَإِلَيْكَ التَّحَاكُمُ فِي الأعْمَال، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا خَيْرَ مَنْ أعْطَى، يَا صَادِقُ يَا بَارئُ، يَا مَنْ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ، يَا مَنْ أمَرَ بِالدُّعَاءِ وَوَعَدَ بِالإجَابَةِ، يَا مَنْ قَالَ: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))(17)، يَا مَنْ قَالَ: ((وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))(18)، وَيَا مَنْ قَالَ: ((قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ))(19) لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ هَا أنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ الْمُسْرفُ وَأنْتَ الْقَائِلُ: ((لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً))).
ثُمَّ نَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً بَعْدَ هَذَا الدُّعَاءِ فَقَالَ: (أتَدْرُونَ مَا كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ فِي سَجْدَةِ الشُّكْر؟)، فَقُلْتُ(20): وَمَا كَانَ يَقُولُ؟
قَالَ: (كَانَ يَقُولُ: يَا مَنْ لاَ يَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلاَّ سَعَةً وَعَطَاءً، يَا مَنْ لاَ يَنْفَدُ خَزَائِنُهُ، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ مَا دَقَّ وَجَلَّ، لاَ يَمْنَعْكَ إِسَاءَتِي مِنْ إِحْسَانِكَ، أنْتَ تَفْعَلُ بِيَ الَّذِي أنْتَ أهْلُهُ، فَإنَّكَ أهْلُ الْكَرَم(21) وَالْجُودِ وَالْعَفْو وَالتَّجَاوُز، يَا رَبَّ يَا اللهُ لاَ تَفْعَلْ بيَ الَّذِي أنَا أهْلُهُ فَإنّي أهْلُ الْعُقُوبَةِ وَقَدِ اسْتَحْقَقْتُهَا لاَ حُجَّةَ لِي وَلاَ عُذْرَ لِي عِنْدَكَ، أبُوءُ لَكَ بِذُنُوبي كُلّهَا، وَأعْتَرفُ بِهَا كَيْ تَعْفُوَ عَنّي وَأنْتَ أعْلَمُ بِهَا مِنّي، أبُوءُ لَكَ بِكُلّ ذَنْبٍ أذْنَبْتُهُ وَكُلّ خَطِيئَةٍ احْتَمَلْتُهَا وَكُلّ سَيَّئَةٍ علمتها، رَبَّ اغْفِرْ (لِي)(22) وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أنْتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ).
وَقَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ، فَقُمْنَا لِقِيَامِهِ وَعَادَ مِنَ الْغَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَقُمْنَا لإقْبَالِهِ كَفِعْلِنَا فِيمَا مَضَى فَجَلَسَ مُتَوَسَّطاً وَنَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً، فَقَالَ: (كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن سَيَّدُ الْعَابِدِينَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِع _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْحِجْر تَحْتَ الْمِيزَابِ _: عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ، فَقِيرُكَ بِفِنَائِكَ، سَائِلُكَ بِفِنَائِكَ، يَسْألُكَ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُكَ).
ثُمَّ نَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً وَنَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم مِنْ بَيْننَا فَقَالَ: (يَا مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِم أنْتَ عَلَى خَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللهُ)، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِم يَقُولُ بِهَذَا الأمْر، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ فَمَا بَقِيَ مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ وَقَدْ اُلْهِمَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَاُنْسِينَا أنْ نَتَذَاكَرَ أمْرَهُ إِلاَّ فِي آخِر يَوْم.
فَقَالَ لَنَا أبُو عليًّ الْمَحْمُودِيُّ: يَا قَوْم أتَعْرفُونَ هَذَا؟ هَذَا وَاللهِ صَاحِبُ زَمَانِكُمْ، فَقُلْنَا: وَكَيْفَ عَلِمْتَ يَا أبَا عليًّ؟ فَذَكَرَ أنَّهُ مَكَثَ سَبْعَ سِنِينَ يَدْعُو رَبَّهُ وَيَسْألُهُ مُعَايَنَةَ صَاحِبِ الزَّمَان.
قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْماً عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَإِذَا بِالرَّجُل بِعَيْنهِ يَدْعُو بِدُعَاءٍ وَعَيْتُهُ فَسَألْتُهُ: مِمَّنْ هُوَ؟ فَقَالَ: (مِنَ النَّاس)، قُلْتُ: مِنْ أيَّ النَّاس؟ قَالَ: (مِنْ عَرَبهَا)، قُلْتُ: مِنْ أيَّ عَرَبهَا؟ قَالَ: (مِنْ أشْرَفِهَا)، قُلْتُ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: (بَنُو هَاشِم)، قُلْتُ: مِنْ أيَّ بَنِي هَاشِم؟ قَالَ: (مِنْ أعْلاَهَا ذِرْوَةً وَأسْنَاهَا)، قُلْتُ: مِمَّنْ؟ قَالَ: (مِمَّنْ فَلَقَ الْهَامَ وَأطْعَمَ الطَّعَامَ وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ)، قَالَ: فَعَلِمْتُ أنَّهُ عَلَويٌّ فَأحْبَبْتُهُ عَلَى الْعَلَويَّةِ، ثُمَّ افْتَقَدْتُهُ مِنْ بَيْن يَدَيَّ فَلَمْ أدْر كَيْفَ مَضَى، فَسَألْتُ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا حَوْلَهُ: تَعْرفُونَ هَذَا الْعَلَويَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، يَحُجُّ مَعَنَا فِي كُلّ سَنَةٍ مَاشِياً، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا أرَى بِهِ أثَرَ مَشْيٍ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ كَئِيباً حَزيناً عَلَى فِرَاقِهِ وَنمْتُ مِنْ لَيْلَتِي تِلْكَ فَإذَا أنَا بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: (يَا أحْمَدُ رَأيْتَ طَلِبَتَكَ)، فَقُلْتُ: وَمَنْ ذَاكَ يَا سَيَّدِي؟ فَقَالَ: (الَّذِي رَأيْتَهُ فِي عَشِيَّتِكَ هُوَ صَاحِبُ زَمَانِكَ).
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْهُ عَاتَبْنَاهُ (عَلَى)(23) أنْ لاَ يَكُونَ أعْلَمَنَا ذَلِكَ، فَذَكَرَ أنَّهُ كَانَ يَنْسَى أمْرَهُ إِلَى وَقْتِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ(24).
الغيبة للطوسي: وأخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى، عن أبي علي محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، ... وساق الحديث بطوله(25).
كمال الدين: أحْمَدُ بْنُ زيَادِ بْن جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ الْعَلَويَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ الْعَقِيقِيَّ، عَنْ أبِي نُعَيْم الأنْصَاريَّ الزَّيْدِيَّ، قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْمُسْتَجَار وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُقَصّرَةِ، فِيهِمُ الْمَحْمُودِيُّ، وَعَلاَّنٌ الْكُلَيْنيُّ، وَأبُو الْهَيْثَم الدَّينَاريُّ، وَأبُو جَعْفَرٍ الأحْوَلُ، وَكُنَّا زُهَاءَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُخْلِصٌ عَلِمْتُهُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم الْعَلَويَّ الْعَقِيقِيَّ... وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِر مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ رحمه الله، ثُمَّ قال:
وحدَّثنا بهذا الحديث عمّار بن الحسين بن إسحاق، عن أحمد بن الخضر، عن محمّد بن عبد الله الاسكافي، عن سليم بن أبي نعيم الأنصاري، مثله.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن حَاتِم، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الْقَصَبَانِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْمُنْقِذِيَّ الْحَسَنِيَّ بِمَكَّةَ، قَالَ: كُنْتُ بِالْمُسْتَجَار وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُقَصّرَةِ، فِيهِمُ الْمَحْمُودِيُّ، وَأبُو الْهَيْثَم الدَّينَاريُّ، وَأبُو جَعْفَرٍ الأحْوَلُ، وَعَلاَّنٌ الْكُلَيْنيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ وَجْنَاءَ، وَكَانُوا زُهَاءَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً... وَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً(26).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن هارون التلعكبري، عن أبيه مثله(27).
6 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الرَّازيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَ أنَّهُ مِنْ أهْل قَزْوينَ لَمْ يَذْكُر اسْمَهُ، عَنْ حَبِيبِ بْن مُحَمَّدِ بْن يُونُسَ بْن شَاذَانَ الصَّنْعَانِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ إِلَى عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازيَّ فَسَألْتُهُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، قَالَ: يَا أخِي لَقَدْ سَألْتَ عَنْ أمْرٍ عَظِيم حَجَجْتُ عِشْرينَ حَجَّةً كُلاً أطْلُبُ بِهِ عِيَانَ الإمَام، فَلَمْ أجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، فَبَيْنَا أنَا لَيْلَةً نَائِمٌ فِي مَرْقَدِي إِذْ رَأيْتُ قَائِلاً يَقُولُ: يَا عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَدْ أذِنَ اللهُ لِي فِي الْحَجَّ، فَلَمْ أعْقَلْ لَيْلَتِي حَتَّى أصْبَحْتُ فَأنَا مُفَكّرٌ فِي أمْري أرْقَبُ الْمَوْسِمَ لَيْلِي وَنَهَاري.
فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْمَوْسِم أصْلَحْتُ أمْري وَخَرَجْتُ مُتَوَجَّهاً نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ يَثْربَ فَسَألْتُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَمْ أجِدْ لَهُ أثَراً وَلاَ سَمِعْتُ لَهُ خَبَراً فَأقَمْتُ مُفَكّراً فِي أمْري حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ اُريدُ مَكَّةَ، فَدَخَلْتُ الْجُحْفَةَ وَأقَمْتُ بِهَا يَوْماً وَخَرَجْتُ مِنْهَا مُتَوَجَّهاً نَحْوَ الْغَدِير، وَهُوَ عَلَى أرْبَعَةِ أمْيَالٍ مِنَ الْجُحْفَةِ فَلَمَّا أنْ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ صَلَّيْتُ وَعَفَّرْتُ وَاجْتَهَدْتُ فِي الدُّعَاءِ وَابْتَهَلْتُ إِلَى اللهِ لَهُمْ وَخَرَجْتُ اُريدُ عُسْفَانَ فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ فَأقَمْتُ بِهَا أيَّاماً أطُوفُ الْبَيْتَ وَاعْتَكَفْتُ.
فَبَيْنَا أنَا لَيْلَةً فِي الطَّوَافِ إِذَا أنَا بِفَتًى حَسَن الْوَجْهِ، طَيَّبِ الرَّائِحَةِ، يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ، طَائِفٌ حَوْلَ الْبَيْتِ، فَحَسَّ قَلْبِي بِهِ، فَقُمْتُ نَحْوَهُ فَحَكَكْتُهُ فَقَالَ لِي: مِنْ أيْنَ الرَّجُلُ؟
فَقُلْتُ: مِنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِي: مِنْ أيَّ الْعِرَاقِ؟ قُلْتُ: مِنَ الأهْوَاز، فَقَالَ لِي: تَعْرفُ بِهَا (ابْنَ)(28) الْخَضِيبِ(29)؟ فَقُلْتُ: رَحِمَهُ اللهُ دُعِيَ فَأجَابَ، فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ فَمَا كَانَ أطْوَلَ لَيْلَتَهُ، وَأكْثَرَ تَبَتُّلَهُ، وَأغْزَرَ دَمْعَتَهُ، أفَتَعْرفُ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ(30) الْمَازيَارَ؟
فَقُلْتُ: أنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(31)، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللهُ أبَا الْحَسَن، مَا فَعَلْتَ بِالْعَلاَمَةِ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ؟ فَقُلْتُ: مَعِي، قَالَ: أخْرجْهَا، فَأدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبي فَاسْتَخْرَجْتُهَا، فَلَمَّا أنْ رَآهَا لَمْ يَتَمَالَكْ أنْ تَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ(32) وَبَكَى مُنْتَحِباً حَتَّى بَلَّ أطْمَارَهُ، ثُمَّ قَالَ: اُذِنَ لَكَ الآنَ يَا ابْنَ الْمَازيَار، صِرْ إِلَى رَحْلِكَ، وَكُنْ عَلَى اُهْبَةٍ مِنْ أمْركَ، حَتَّى إِذَا لَبِسَ اللَّيْلُ جِلْبَابَهُ وَغَمَرَ النَّاسَ ظَلاَمُهُ، صِرْ(33) إِلَى شِعْبِ بَنِي عَامِرٍ! فَإنَّكَ سَتَلْقَانِي هُنَاكَ.
الهوامش:
(1) في المصدر: (ويتعب).
(2) في المصدر: (فأحضر لي).
(3) في المصدر إضافة: (رحمه الله).
(4) في المصدر: (ذكرويه).
(5) في المصدر: (عبد).
(6) في المصدر: (الخبر).
(7) الغيبة للطوسي: 254 - 257/ رقم 224.
(8) يعني أثر السجود.
(9) الغيبة للطوسي: 257 و258/ رقم 225.
(10) الخرائج والجرائح 1: 466/ باب 13/ ح 13.
(11) في المصدر: (بأربع).
(12) الغيبة للطوسي: 258 و259/ رقم 226.
(13) بل الصحيح أنَّه عليه السلام كان عشاري السنّ، أي كأنَّ له عشر سنين من حيث إنَّه عليه السلام كان جسيماً إسرائيلي القدّ، وأمَّا أنَّه عشاري القدّ: له عشرة أشبار، فغير صحيح لأنَّ الغلام إذا بلغ ستّة أشبار فهو رجل فكيف بعشرة أشبار؟ قال الفيروزآبادي (ج 2/ ص 212): غلام خماسي: طوله خمسة أشبار ولا يقال: سداسي ولا سباعي لأنَّه إذا بلغ ستّة أشبار فهو رجل.
(14) في المصدر إضافة: (فأحتج).
(15) عبارة: (ومخرجاً) ليست في المصدر.
(16) في المصدر: (وضعت).
(17) غافر: 60.
(18) البقرة: 186.
(19) الزمر: 53.
(20) في المصدر: (فقلنا).
(21) في المصدر: (فإنَّك أهل الكرم والجود).
(22) كلمة: (لي) ليست في المصدر.
(23) كلمة: (على) ليست في المصدر.
(24) الغيبة للطوسي: 259 - 263/ رقم 227.
(25) الغيبة للطوسي: 262/ رقم 227.
(26) كمال الدين 2: 470 - 473/ باب 43/ ح 24.
(27) دلائل الإمامة: 542/ ح 523.
(28) كلمة: (ابن) ليست في المصدر.
(29) في المصدر: (الخصيب) بدل (الخضيب).
(30) في المصدر إضافة: (بن).
(31) جاء في هامش المطبوعة: (ينبئ كلامه هذا أنَّ مهزيار أصله مأزيار فتحرَّر).
(32) في المصدر إضافة: (بالدموع)، يقال: تغرغرت عينه بالدمع إذا تردَّد فيها الدمع.
(33) في المصدر: (سر).
******************
فَصِرْتُ(1) إِلَى مَنْزلِي فَلَمَّا أنْ حَسَسْتُ(2) بِالْوَقْتِ أصْلَحْتُ رَحْلِي وَقَدَّمْتُ رَاحِلَتِي وَعَكَمْتُهَا شَدِيداً وَحَمَلْتُ وَصِرْتُ فِي مَتْنِهِ وَأقْبَلْتُ مُجِدّاً فِي السَّيْر حَتَّى وَرَدْتُ الشّعْبَ فَإِذَا أنَا بِالْفَتَى قَائِمٌ يُنَادِي: إِلَيَّ(3) يَا أبَا الْحَسَن إِلَيَّ، فَمَا زلْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ بَدَأنِي بِالسَّلاَم وَقَالَ لِي: سِرْ بِنَا يَا أخ (أخِي‏)، فَمَا زَالَ يُحَدَّثُنِي وَاُحَدَّثُهُ حَتَّى تَخَرَّقْنَا جِبَالَ عَرَفَاتٍ وَسِرْنَا إِلَى جِبَال مِنًى، وَانْفَجَرَ الْفَجْرُ الأوَّلُ وَنَحْنُ قَدْ تَوَسَّطْنَا جِبَالَ الطَّائِفِ.
فَلَمَّا أنْ كَانَ هُنَاكَ أمَرَني بِالنُّزُول وَقَالَ لِي: انْزلْ فَصَلّ صَلاَةَ اللَّيْل، فَصَلَّيْتُ وَأمَرَني بِالْوَتْر فَأوْتَرْتُ، وَكَانَتْ فَائِدَةً مِنْهُ، ثُمَّ أمَرَنِي بِالسُّجُودِ وَالتَّعْقِيبِ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ وَرَكِبَ وَأمَرَني بِالرُّكُوبِ، وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ حَتَّى عَلاَ ذِرْوَةَ الطَّائِفِ، فَقَالَ: هَلْ تَرَى شَيْئاً؟ قُلْتُ: نَعَمْ، أرَى كَثِيبَ رَمْلٍ، عَلَيْهِ بَيْتُ شَعْرٍ، يَتَوَقَّدُ الْبَيْتُ نُوراً، فَلَمَّا أنْ رَأيْتُهُ طَابَتْ نَفْسِي، فَقَالَ لِي: هَنَّأكَ الأمَلُ وَالرَّجَاءُ، ثُمَّ قَالَ: سِرْ بِنَا يَا أخ (أخِي‏).
فَسَارَ وَسِرْتُ بِمَسِيرهِ إِلَى أن انْحَدَرَ مِنَ الذّرْوَةِ وَسَارَ فِي أسْفَلِهِ فَقَالَ: انْزلْ فَهَاهُنَا يَذِلُّ كُلُّ صَعْبٍ، وَيَخْضَعُ كُلُّ جَبَّارٍ، ثُمَّ قَالَ: خَلّ عَنْ زمَام النَّاقَةِ، قُلْتُ: فَعَلَى مَنْ اُخَلّفُهَا؟ فَقَالَ: حَرَمُ الْقَائِم عليه السلام، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، فَخَلَّيْتُ عَنْ زمَام رَاحِلَتِي، وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ إِلَى أنْ دَنَا مِنْ بَابِ الْخِبَاءِ فَسَبَقَنِي بِالدُّخُول وَأمَرَني أنْ أقِفَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَ لِي: ادْخُلْ هَنَّأكَ السَّلاَمَةُ.
فَدَخَلْتُ فَإذَا أنَا بِهِ جَالِسٌ قَدِ اتَّشَحَ بِبُرْدَةٍ وَاتَّزَرَ بِاُخْرَى(4)، وَقَدْ كَسَرَ بُرْدَتَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَهُوَ كَاُقْحُوَانَةِ اُرْجُوَانٍ قَدْ تَكَاثَفَ عَلَيْهَا النَّدَى، وَأصَابَهَا ألَمُ الْهَوَى، وَإِذَا هُوَ كَغُصْن بَانٍ(5)، أوْ قَضِيبِ رَيْحَانٍ، سَمْحٌ سَخِيٌّ تَقِيٌّ نَقِيٌّ، لَيْسَ بِالطَّويل الشَّامِخ وَلاَ بِالْقَصِير اللاَّزقِ، بَلْ مَرْبُوعُ الْقَامَةِ، مُدَوَّرُ الْهَامَةِ، صَلْتُ الْجَبِين، أزَجُّ الْحَاجِبَيْن، أقْنَى الأنْفِ، سَهْلُ الْخَدَّيْن، عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ فُتَاتُ مِسْكٍ عَلَى رَضْرَاضَةِ عَنْبَرٍ.
فَلَمَّا أنْ رَأيْتُهُ بَدَرْتُهُ بِالسَّلاَم فَرَدَّ عَلَيَّ أحْسَنَ مَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَشَافَهَني وَسَألَنِي عَنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَقُلْتُ: سَيَّدِي قَدْ اُلْبِسُوا جِلْبَابَ الذّلَّةِ، وَهُمْ بَيْنَ الْقَوْم أذِلاَّءُ، فَقَالَ لِي: (يَا ابْنَ الْمَازيَار لَتَمْلِكُونَهُمْ كَمَا مَلَكُوكُمْ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أذِلاَّءُ)، فَقُلْتُ: سَيَّدِي لَقَدْ بَعُدَ الْوَطَنُ وَطَالَ الْمَطْلَبُ، فَقَالَ: (يَا ابْنَ الْمَازيَار أبِي أبُو مُحَمَّدٍ عَهِدَ إِلَيَّ أنْ لاَ اُجَاورَ قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ(6) وَلَهُمُ الْخِزْيُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ، وَأمَرَني أنْ لاَ أسْكُنَ مِنَ الْجِبَال إِلاَّ وَعْرَهَا، وَمِنَ الْبِلاَدِ إِلاَّ قَفْرَهَ(7)، وَاللهِ مَوْلاَكُمْ أظْهَرَ التَّقِيَّةَ فَوَكَلَهَا بِي فَأنَا فِي التَّقِيَّةِ إِلَى يَوْم يُؤْذَنُ لِي فَأخْرُجُ).
فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مَتَى يَكُونُ هَذَا الأمْرُ؟ فَقَالَ: (إِذَا حِيلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَبِيل الْكَعْبَةِ، وَاجْتَمَعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَاسْتَدَارَ بِهِمَا الْكَوَاكِبُ وَالنُّجُومُ)، فَقُلْتُ: مَتَى يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ (فَـ)قَالَ لِي: (فِي سَنَةِ كَذَا وَكَذَا تَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض مِنْ بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَمَعَهُ عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَر).
قَالَ: فَأقَمْتُ عِنْدَهُ أيَّاماً وَأذِنَ لِي بِالْخُرُوج بَعْدَ أن اسْتَقْصَيْتُ لِنَفْسِي، وَخَرَجْتُ نَحْوَ مَنْزلِي، وَاللهِ لَقَدْ سِرْتُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَمَعِي غُلاَمٌ يَخْدُمُنِي فَلَمْ أرَ إِلاَّ خَيْراً وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيم(8).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن سهل الجلودي، عن أحمد بن محمّد بن جعفر الطائي، عن محمّد بن الحسن يحيى الحارثي، عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار مثله، على وجه أبسط ممّا رواه الشيخ والمضمون قريب(9).
بيان: قال الفيروزآبادي: الأقحوان بالضم: البابونج(10)، والأرجوان بالضمّ: الأحمر(11)، ولعلَّ المعنى أنَّ في اللطافة كان مثل الأقحوان وفي اللون كالأرجوان فإنَّ الأقحوان أبيض ولا يبعد أن يكون في الأصل (كأقحوانة وأرجوان) و(عليهما) و(أصابهما) أو يكون الأرجوان بدل الأقحوانة فجمعهما النّساخ.
وإصابة الندى تشبيه لما أصابه عليه السلام من العرق وإصابة ألم الهواء لانكسار لون الحمرة وعدم اشتدادها أو لبيان كون البياض أو الحمرة مخلوطة بالسمرة فراعى في بيان سمرته عليه السلام غاية الأدب.
وقال الجزري في صفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: كان صلت الجبين أي واسعه، وقيل: الصلت: الأملس، وقيل: البارز(12).
وقال في صفته صلى الله عليه وآله وسلّم: أزج الحواجب، الزجج: تقويس في الحاجب مع طول في طرفه وامتداده(13)، وقال الفيروزآبادي: رجل سهل الوجه: قليل لحمه(14).
أقول: ولا يبعد أن يكون الشمس والقمر والنجوم كنايات عن الرسول وأمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين، ويحتمل أن يكون المراد قرب الأمر بقيام الساعة التي يكون فيها ذلك، ويمكن حمله على ظاهره.
7 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ وَغَيْرهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَعْقُوبَ الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن قَيْسٍ، عَنْ بَعْض جَلاَوزَةِ(15) السَّوَادِ، قَالَ: شَهِدْتُ نَسِيماً آنِفاً بِسُرَّ مَنْ رَأى وَقَدْ كَسَرَ بَابَ الدَّار فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ طَبَرْزينٌ، فَقَالَ: (مَا تَصْنَعُ فِي دَاري؟).
قَالَ نَسِيمٌ: إِنَّ جَعْفَراً زَعَمَ أنَّ أبَاكَ مَضَى وَلاَ وَلَدَ لَهُ، فَإنْ كَانَتْ دَارَكَ فَقَدِ انْصَرَفْتُ عَنْكَ، فَخَرَجَ عَن الدَّار.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ قَيْسٍ: فَقَدِمَ عَلَيْنَا غُلاَمٌ مِنْ خُدَّام الدَّار فَسَألْتُهُ عَنْ هَذَا الْخَبَر فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ قُلْتُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ جَلاَوزَةِ السَّوَادِ، فَقَالَ لِي: لاَ يَكَادُ يَخْفَى عَلَى النَّاس شَيْءٌ(16).
8 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ وَكَانَ أسَنَّ شَيْخ مِنْ وُلْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ: رَأيْتُهُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن وَهُوَ غُلاَمٌ(17).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، مثله(18).
بيان: لعلَّ المراد بالمسجدين مسجدي مكّة والمدينة.
9 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ خَادِم لإبْرَاهِيمَ بْن عَبْدَةَ النَّيْشَابُوريَّ، قَالَ: كُنْتُ‏ وَاقِفاً مَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الصَّفَا فَجَاءَ غُلاَمٌ(19) حَتَّى وَقَفَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَقَبَضَ عَلَى كِتَابِ مَنَاسِكِهِ وَحَدَّثَهُ بِأشْيَاءَ(20).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن شاذان بن نعيم، عن خادم لإبراهيم مثله، وفيه: فجاء صاحب الأمر(21).
10 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِدْريسَ، قَالَ: رَأيْتُهُ بَعْدَ مُضِيَّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام حِينَ أيْفَعَ وَقَبَّلْتُ يَدَيْهِ وَرَأسَهُ(22).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، عن أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه، مثله(23).
بيان: أيفع الغلام: أي ارتفع، راهق العشرين.
11 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي عَلِيَّ بْن مُطَهَّرٍ، قَالَ: رَأيْتُهُ وَوَصَفَ قَدَّهُ(24).
12 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ أبِي ذَرٍّ أحْمَدَ بْن أبِي سَوْرَةَ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ زَيْدِيّاً، قَالَ: سَمِعْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ مِنْ جَمَاعَةٍ يَرْوُونَهَا عَنْ أبِي رحمه الله، أنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْحَيْر، قَالَ: فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْحَيْر إِذَا شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ يُصَلّي، ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَ وَوَدَّعْتُ، وَخَرَجْنَا فَجِئْنَا إِلَى الْمَشْرَعَةِ، فَقَالَ لِي: (يَا بَا سَوْرَةَ أيْنَ تُريدُ؟)، فَقُلْتُ: الْكُوفَةَ، فَقَالَ لِي: (مَعَ مَنْ؟)، قُلْتُ: مَعَ النَّاس، قَالَ لِي: (لاَ تُريدُ نَحْنُ جَمِيعاً نَمْضِي؟).
قُلْتُ: وَمَنْ مَعَنَا؟ فَقَالَ: (لَيْسَ نُريدُ مَعَنَا أحَداً)، قَالَ: فَمَشَيْنَا لَيْلَتَنَا فَإِذَا نَحْنُ عَلَى مَقَابِر مَسْجِدِ السَّهْلَةِ، فَقَالَ لِي: (هُوَ ذَا مَنْزلُكَ، فَإنْ شِئْتَ فَامْض).
ثُمَّ قَالَ لِي: (تَمُرُّ إِلَى ابْن الزُّرَاريَّ عَلِيَّ بْن يَحْيَى فَتَقُولُ لَهُ يُعْطِيكَ الْمَالَ الَّذِي عِنْدَهُ)، فَقُلْتُ لَهُ: لاَ يَدْفَعُهُ إِلَيَّ، فَقَالَ لِي: (قُلْ لَهُ: بِعَلاَمَةِ أنَّهُ كَذَا وَكَذَا دِينَاراً وَكَذَا وَكَذَا دِرْهَماً وَهُوَ فِي مَوْضِع كَذَا وَكَذَا، وَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا مُغَطًّى)، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ أنْتَ؟ قَالَ: (أنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن)، قُلْتُ: فَإنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنّي وَطُولِبْتُ بِالدَّلاَلَةِ؟ فَقَالَ: (أنَا وَرَاكَ)، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى ابْن الزُّرَاريَّ فَقُلْتُ لَهُ فَدَفَعَنِي، فَقُلْتُ لَهُ الْعَلاَمَاتِ‏ الَّتِي قَالَ لِي، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قَالَ لِي: (أنَا وَرَاكَ)، فَقَالَ: لَيْسَ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ، وَقَالَ: لَمْ يَعْلَمْ بِهَذَا إِلاَّ اللهُ تَعَالَى، وَدَفَعَ إِلَيَّ الْمَالَ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ (عَنْهُ)(25) وَزَادَ فِيهِ: قَالَ أبُو سَوْرَةَ: فَسَألَنِيَ الرَّجُلُ عَنْ حَالِي فَأخْبَرْتُهُ بِضَيْقَتِي(26) وَبعَيْلَتِي فَلَمْ يَزَلْ يُمَاشِيني حَتَّى انْتَهَيْتُ(27) إِلَى النَّوَاويس فِي السَّحَر، فَجَلَسْنَا ثُمَّ حَفَرَ بِيَدِهِ فَإذَا الْمَاءُ قَدْ خَرَجَ فَتَوَضَّأ ثُمَّ صَلَّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ قَالَ لِي: (امْض إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيَّ بْن يَحْيَى فَاقْرَأ عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ الرَّجُلُ: ادْفَعْ إِلَى أبِي سَوْرَةَ مِنَ السَّبْعِمِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي مَدْفُونَةٌ فِي مَوْضِع كَذَا وَكَذَا مِائَةَ دِينَارٍ)، وَإِنّي مَضَيْتُ مِنْ سَاعَتِي إِلَى مَنْزلِهِ فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
فَقُلْتُ: قُولِي(28) لأبِي الْحَسَن: هَذَا أبُو سَوْرَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا لِي وَلأبِي سَوْرَةَ؟ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ، فَدَخَلَ وَأخْرَجَ إِلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَقَبَضْتُهَا.
فَقَالَ لِي: صَافَحْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأخَذَ يَدِي فَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ.
قَالَ أحْمَدُ بْنُ عليًّ: وَقَدْ رُويَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْجَعْفَريَّ، وَعَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن بْن بِشْرٍ الْخَزَّاز، وَغَيْرهِمَا وَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ(29).
الخرائج والجرائح: عن ابن أبي سورة، مثله(30).
13 _ الاحتجاج، والغيبة للطوسي: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ رَفَعَهُ، عَن الزُّهْريَّ، قَالَ: طَلَبْتُ هَذَا الأمْرَ طَلَباً شَاقّ(31) حَتَّى ذَهَبَ لِي فِيهِ مَالٌ صَالِحٌ، فَوَقَعْتُ _ أي ذهبت _ إِلَى الْعَمْريَّ وَخَدَمْتُهُ وَلَزمْتُهُ وَسَألْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ الزَّمَان فَقَالَ لِي: لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ وُصُولٌ فَخَضَعْتُ.
فَقَالَ لِي: بَكّرْ بِالْغَدَاةِ، فَوَافَيْتُ وَاسْتَقْبَلَنِي وَمَعَهُ شَابٌّ مِنْ أحْسَن النَّاس وَجْهاً، وَأطْيَبِهِمْ رَائِحَةً بِهَيْئَةِ التُّجَّار(32)، وَفِي كُمَّهِ شَيْءٌ كَهَيْئَةِ التُّجَّار.
فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ دَنَوْتُ مِنَ الْعَمْريَّ فَأوْمَأ إِلَيَّ فَعَدَلْتُ _ أي رجعت _ إِلَيْهِ وَسَألْتُهُ فَأجَابَني عَنْ كُلّ مَا أرَدْتُ، ثُمَّ مَرَّ لِيَدْخُلَ الدَّارَ وَكَانَتْ مِنَ الدُّور الَّتِي لاَ نَكْتَرثُ(33) لَهَ(34)، فَقَالَ الْعَمْريُّ: إِذْ(35) أرَدْتَ أنْ تَسْألَ سَلْ(36) فَإنَّكَ لاَ تَرَاهُ بَعْدَ ذَ(37)، فَذَهَبْتُ لأسْألَ فَلَمْ يَسْمَعْ(38) وَدَخَلَ الدَّارَ، وَمَا كَلَّمَنِي بِأكْثَرَ مِنْ أنْ قَالَ: (مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أخَّرَ الْعِشَاءَ(39) إِلَى أنْ‏ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ(40)، مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أخَّرَ الْغَدَاةَ إِلَى أنْ تَنْقَضِيَ(41) النُّجُومُ)، وَدَخَلَ الدَّارَ(42).
14 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عُبَيْدِ(43) اللهِ بْن مُحَمَّدِ بْن جَابَانَ(44) الدَّهْقَان، عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ دَاوُدَ(45) بْن غَسَّانَ الْبَحْرَانِيَّ، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى أبِي سَهْلٍ إِسْمَاعِيلَ بْن عليًّ النَّوْبَخْتِيَّ، قَالَ: مَوْلِدُ (م ح م د)(46) بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن عليًّ الرَّضَا بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْن مُحَمَّدٍ الْبَاقِر بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، وُلِدَ عليه السلام بِسَامَرَّاءَ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَاُمُّهُ صَقِيلُ، وَيُكَنَّى أبَا الْقَاسِم بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ أوْصَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (اسْمُهُ كَاسْمِي (وَ)(47)كُنْيَتُهُ كُنْيَتِي)، لَقَبُهُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ الْحُجَّةُ، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ صَاحِبُ الزَّمَان عليه السلام.
الهوامش:
(1) في المصدر: (فسرت).
(2) في المصدر: (أحسست).
(3) كلمة: (إليَّ) ليست في المصدر.
(4) قال الفيروزآبادي في (ج 1/ ص 363/ مادة أزر): وائتزر به وتأزَّر به، ولا تقل: اتَّزر، و قد جاء في بعض الأحاديث ولعلَّه من تحريف الرواة.
(5) البان: شجر سبط القوام لين، ورقه: كورق الصفصاف، ويشبه به القدّ لطوله.
(6) في المصدر إضافة: (ولعنهم).
(7) في المصدر: (عفرها).
(8) الغيبة للطوسي: 263 - 267/ رقم 228.
(9) دلائل الإمامة: 539/ ح 522.
(10) القاموس المحيط 4: 378.
(11) القاموس المحيط 4: 334.
(12) النهاية 3: 45.
(13) النهاية 2: 296.
(14) القاموس المحيط 3: 409.
(15) الجلاوزة: جمع الجِلْواز: الشرطي. (الصحاح 3: 869).
(16) الغيبة للطوسي: 267/ رقم 229؛ ورواه الكليني في (الكافي 1: 331)، وفيه: (سيما) بدل (نسيم) في الموضعين، فقيل: إنَّ سيماء من عبيد جعفر الكذّاب، وقيل: إنَّه واحد من معتمدي السلطان.
(17) الغيبة للطوسي: 268/ رقم 230.
(18) الإرشاد للمفيد 2: 351.
(19) تراه في (الكافي 1: 331)، وفيه: (فجاء عليه السلام)، وهو الأظهر.
(20) الغيبة للطوسي: 268/ رقم 230.
(21) الإرشاد للمفيد 2: 352.
(22) الغيبة للطوسي: 268/ رقم 232.
(23) الإرشاد للمفيد 2: 353.
(24) الغيبة للطوسي: 269/ رقم 233.
(25) كلمة: (عنه) ليست في المصدر.
(26) في المصدر: (بضيقي).
(27) في المصدر: (انتهينا).
(28) خطاب للجارية التي سألت من خلف الباب: من هذا؟
(29) الغيبة للطوسي: 269 و270/ رقم 234 و235.
(30) الخرائج والجرائح 1: 470/ باب 13/ ح 15.
(31) في الاحتجاج: (شافياً).
(32) عبارة: (بهيئة التجّار) ليست في الاحتجاج.
(33) في الاحتجاج والغيبة: (لا يكترث).
(34) في الاحتجاج: (بها).
(35) في الاحتجاج: (إن).
(36) في الاحتجاج: (فاسأل).
(37) في الاحتجاج: (بعد ذلك).
(38) في الاحتجاج: (يستمع).
(39) كذا في المصدرين.
(40) لفظ (العشاء) مصحَّف، والصحيح: (المغرب) وذلك لأنَّ وقته المسنون يبتدئ من سقوط الحمرة إلى سقوط الشفق المساوق لاشتباك النجوم فمن أخَّر صلاة المغرب عن اشتباك النجوم خالف السُنّة، كما أنَّ وقت صلاة الصبح المسنون يبتدئ من الغلس إلى ظهور الشفق المساوق لانقضاء النجوم فمن أخَّرها إلى انقضاء النجوم قد خالف السُنّة.
(41) في الاحتجاج: (تنفض).
(42) الغيبة للطوسي: 271/ رقم 236؛ الاحتجاج 2: 557/ ح 350.
(43) في المصدر: (عبد).
(44) في المصدر: (خاقان).
(45) في المصدر: (داد).
(46) في المصدر: (محمّد) بدل (م ح م د).
(47) حرف: (و) ليس في المصدر.
/ 1