إمام المهدي (عليه السلام) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار الجزء الثاني نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام المهدي (عليه السلام) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار الجزء الثاني - نسخه متنی

محمد باقر بن محمد تقی مجلسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الإمام المهدي عليه السلام في بحار الأنوار
الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار
الجزء الثاني
تأليف/العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي قدس الله سره
تفهرست الموضوعات
1باب (19): خبر سعد بن عبد الله ورؤيته للقائم ومسائله عنه عليه السلام
2باب (20): علّة الغيبة وكيفية انتفاع الناس به في غيبته صلوات الله عليه
3باب (21): التمحيص والنهي عن التوقيت وحصول البداء في ذلك
4باب (22): فضل انتظار الفرج ومدح الشيعة في زمان الغيبة
5باب (23): من ادّعى الرؤية في الغيبة الكبرى
6باب (24): نادر في ذكر من رآه عليه السلام في الغيبة الكبرى
7باب (25): علامات ظهوره عليه السلام من السفياني والدجّال وغير ذلك
8باب (26): يوم خروجه وما يدلُّ عليه وما يحدث عنده
9باب (27): سيره وأخلاقه وعدد أصحابه
10باب (28): ما يكون عند ظهوره عليه السلام برواية المفضّل بن عمر
11باب (29): الرجعة
12باب (30): خلفاء المهدي صلوات الله عليه، وأولاده وما يكون بعده
13باب (31): ما خرج من توقيعاته عليه السلام
14مصادر التحقيق
******************
باب (19): خبر سعد بن عبد الله ورؤيته للقائم ومسائله عنه عليه السلام
1 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن حَاتِم النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْن طَاهِرٍ الْقُمَّيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَحْر بْن سَهْلٍ الشَّيْبَانِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مَسْرُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْقُمَّيَّ(1)، قَالَ: كُنْتُ امْرَأ لَهِجاً بِجَمْع الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى غَوَامِض الْعُلُوم وَدَقَائِقِهَا كَلِفاً بِاسْتِظْهَار مَا يَصِحُّ(2) مِنْ حَقَائِقِهَا، مُغْرَماً بِحِفْظِ مُشْتَبِهِهَا وَمُسْتَغْلِقِهَا، شَحِيحاً عَلَى مَا أظْفَرُ بِهِ مِنْ مَعَاضِلِهَ(3) وَمُشْكِلاَتِهَا، مُتَعَصّباً لِمَذْهَبِ الإمَامِيَّةِ، رَاغِباً عَن الأمْن وَالسَّلاَمَةِ، فِي انْتِظَار التَّنَازُع وَالتَّخَاصُم وَالتَّعَدَّي إِلَى التَّبَاغُض وَالتَّشَاتُم، مُعَيَّباً لِلْفِرَقِ ذَوي الْخِلاَفِ، كَاشِفاً عَنْ مَثَالِبِ أئِمَّتِهِمْ، هَتَّاكاً لِحُجُبِ قَادَتِهِمْ، إِلَى أنْ بُلِيتُ بِأشَدَّ النَّوَاصِبِ مُنَازَعَةً، وَأطْوَلِهِمْ مُخَاصَمَةً، وَأكْثَرهِمْ جَدَلاً، وَأشْنَعِهِمْ سُؤَالاً، وَأثْبَتِهِمْ عَلَى الْبَاطِل قَدَماً.
فَقَالَ ذَاتَ يَوْم وَأنَا اُنَاظِرُهُ: تَبّاً لَكَ وَلأصْحَابِكَ يَا سَعْدُ، إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الرَّافِضَةِ تَقْصِدُونَ عَلَى الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار بِالطَّعْن عَلَيْهِمَا وَتَجْحَدُونَ مِنْ رَسُول اللهِ وَلاَيَتَهُمَا وَإِمَامَتَهُمَا، هَذَا الصّدَّيقُ الَّذِي فَاقَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ بِشَرَفِ سَابِقَتِهِ أمَا عَلِمْتُمْ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا أخْرَجَهُ مَعَ نَفْسِهِ إِلَى الْغَار إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ بِأنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأنَّهُ هُوَ الْمُقَلّدُ لأمْر التَّأويل، وَالْمُلْقَى إِلَيْهِ أزمَّةُ الاُمَّةِ، وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي شَعْبِ الصَّدْع وَلَمَّ الشَّعَثِ، وَسَدَّ الْخَلَل، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَتَسْريبِ الْجُيُوش لِفَتْح بِلاَدِ الشّرْكِ؟
فَكَمَا أشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَيْسَ مِنْ حُكْم الاسْتِتَار وَالتَّوَاري أنْ يَرُومَ الْهَاربُ مِنَ الشَّيْءِ(4) مُسَاعَدَةً إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ وَلَمَّا رَأيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم مُتَوَجَّهاً إِلَى الِانْجِحَار وَلَمْ تَكُن الْحَالُ تُوجِبُ اسْتِدْعَاءَ الْمُسَاعَدَةِ مِنْ أحَدٍ اسْتَبَانَ لَنَا قَصْدُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِأبِي بَكْرٍ إِلَى الْغَار لِلْعِلَّةِ الَّتِي شَرَحْنَاهَا وَإِنَّمَا أبَاتَ عَلِيّاً عليه السلام عَلَى فِرَاشِهِ لِمَا لَمْ يَكُنْ لِيَكْتَرثَ لَهُ وَلَمْ يَحْفِلْ بِهِ، وَلاسْتِثْقَالِهِ لَهُ، وَلِعِلْمِهِ بِأنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرهِ مَكَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا.
قَالَ سَعْدٌ: فَأوْرَدْتُ عَلَيْهِ أجْوبَةً شَتَّى فَمَا زَالَ يَقْصِدُ(5) كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالنَّقْض وَالرَّدَّ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا سَعْدُ دُونَكَهَا اُخْرَى بِمِثْلِهَا تُخْطَفُ(6) آنَافُ(7) الرَّوَافِض ألَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ الصّدَّيقَ الْمُبَرَّى مِنْ دَنَس الشُّكُوكِ، وَالْفَارُوقَ الْمُحَامِيَ عَنْ بَيْضَةِ الإسْلاَم كَانَا يُسِرَّان النّفَاقَ، وَاسْتَدْلَلْتُمْ بِلَيْلَةِ الْعَقَبَةِ، أخْبِرْني عَن الصّدَّيقِ وَالْفَارُوقِ أسْلَمَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً؟
قَالَ سَعْدٌ: فَاحْتَلْتُ لِدَفْع هَذِهِ الْمَسْألَةِ عَنّي خَوْفاً مِنَ الإلْزَام، وَحَذَراً مِنْ أنّي إِنْ أقْرَرْتُ لَهُمَا بِطَوَاعِيَتِهِمَ(8) لِلإسْلاَم احْتَجَّ بِأنَّ بَدْءَ النّفَاقِ وَنَشْوَهُ فِي الْقَلْبِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عِنْدَ هُبُوبِ رَوَائِح الْقَهْر وَالْغَلَبَةِ، وَإِظْهَار الْبَأس الشَّدِيدِ فِي حَمْل الْمَرْءِ عَلَى مَنْ لَيْسَ يَنْقَادُ لَهُ قَلْبُهُ، نَحْوَ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا))(9).
وَإِنْ قُلْتُ: أسْلَمَا كَرْهاً، كَانَ يَقْصِدُنِي بِالطَّعْن إِذْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ(10) سُيُوفٌ مُنْتَضَاةٌ كَانَتْ تُريهِمُ(11) الْبَأسَ.
قَالَ سَعْدٌ: فَصَدَرْتُ عَنْهُ مُزْوَرّاً قَدِ انْتَفَخَتْ أحْشَائِي مِنَ الْغَضَبِ، وَتَقَطَّعَ كَبِدِي مِنَ الْكَرْبِ، وَكُنْتُ قَدِ اتَّخَذْتُ طُومَاراً وَأثْبَتُّ فِيهِ نَيَّفاً وَأرْبَعِينَ مَسْألَةً مِنْ صِعَابِ الْمَسَائِل لَمْ أجِدْ لَهَا مُجِيباً عَلَى أنْ أسْألَ فِيهَا خَيْرَ(12) أهْل بَلَدِي أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ صَاحِبَ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام.
فَارْتَحَلْتُ خَلْفَهُ، وَقَدْ كَانَ خَرَجَ قَاصِداً نَحْوَ مَوْلاَنَا بِسُرَّ مَنْ رَأى فَلَحِقْتُهُ فِي بَعْض الْمَنَاهِل(13)، فَلَمَّا تَصَافَحْنَا قَالَ: لِخَيْرٍ(14) لَحَاقُكَ بِي؟ قُلْتُ: الشَّوْقُ ثُمَّ الْعَادَةُ فِي الأسْئِلَةِ، قَالَ: قَدْ تَكَافَأنَا عَلَى هَذِهِ الْخُطَّةِ _ أي الخصلة _ الْوَاحِدَةِ فَقَدْ بَرحَ بِيَ الْقَرَمُ(15) إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَاُريدُ أنْ أسْألَهُ عَنْ مَعَاضِلَ فِي التَّأويل، وَمَشَاكِلَ فِي التَّنْزيل.
فَدُونَكَهَا الصُّحْبَةَ الْمُبَارَكَةَ، فَإنَّهَا تَقِفُ بِكَ عَلَى ضَفَّةِ بَحْرٍ(16) لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ وَهُوَ إِمَامُنَا.
فَوَرَدْنَا سُرَّ مَنْ رَأى فَانْتَهَيْنَا مِنْهَا إِلَى بَابِ سَيَّدِنَا ع فَاسْتَأذَنَّا فَخَرَجَ (إِلَيْنَا)(17) الإذْنُ بِالدُّخُول عَلَيْهِ، وَكَانَ عَلَى عَاتِقِ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ جِرَابٌ قَدْ غَطَّاهُ بِكِسَاءٍ طَبَريًّ فِيهِ سِتُّونَ وَمِائَةُ صُرَّةٍ مِنَ الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم عَلَى كُلّ صُرَّةٍ مِنْهَا خَتْمُ صَاحِبهَا.
قَالَ سَعْدٌ: فَمَا شَبَّهْتُ مَوْلاَنَا أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام حِينَ غَشِيَنَا نُورُ وَجْهِهِ إِلاَّ بِبَدْرٍ قَدِ اسْتَوْفَى مِنْ لَيَالِيهِ أرْبَعاً بَعْدَ عَشْرٍ، وَعَلَى فَخِذِهِ الأيْمَن غُلاَمٌ يُنَاسِبُ الْمُشْتَريَ فِي الْخِلْقَةِ وَالْمَنْظَر، وَعَلَى رَأسِهِ فَرْقٌ بَيْنَ وَفْرَتَيْن كَأنَّهُ ألِفٌ بَيْنَ وَاوَيْن، وَبَيْنَ يَدَيْ مَوْلاَنَا رُمَّانَةٌ ذَهَبِيَّةٌ، تَلْمَعُ بَدَائِعُ نُقُوشِهَا وَسَطَ غَرَائِبِ الْفُصُوص الْمُرَكَّبَةِ عَلَيْهَا، قَدْ كَانَ أهْدَاهَا إِلَيْهِ بَعْضُ رُؤَسَاءِ أهْل الْبَصْرَةِ وَبيَدِهِ قَلَمٌ إِذَا أرَادَ أنْ يَسْطُرَ بِهِ عَلَى الْبَيَاض قَبَضَ الْغُلاَمُ عَلَى أصَابِعِهِ، فَكَانَ مَوْلاَنَا عليه السلام يُدَحْرجُ الرُّمَّانَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَشْغَلُهُ بِرَدَّهَا لِئَل(18) يَصُدَّهُ عَنْ كِتْبَةِ(19) مَا أرَادَ(20).
فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَألْطَفَ فِي الْجَوَابِ وَأوْمَأ إِلَيْنَا بِالْجُلُوس، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتْبَةِ الْبَيَاض الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ أخْرَجَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ جِرَابَهُ مِنْ طَيَّ كِسَائِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَظَرَ الْهَادِي عليه السلام(21) إِلَى الْغُلاَم وَقَالَ لَهُ: (يَا بُنَيَّ فُضَّ الْخَاتَمَ عَنْ هَدَايَا شِيعَتِكَ وَمَوَالِيكَ)، فَقَالَ: (يَا مَوْلاَيَ أيَجُوزُ أنْ أمُدَّ يَداً طَاهِرَةً إِلَى هَدَايَا نَجِسَةٍ وَأمْوَالٍ رَجِسَةٍ قَدْ شِيبَ أحَلُّهَا بِأحْرَمِهَا)، فَقَالَ مَوْلاَيَ عليه السلام: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ اسْتَخْرجْ مَا فِي الْجِرَابِ لِيُمَيَّزَ (مَا)(22) بَيْنَ الأحَلّ وَالأحْرَم(23) مِنْهَا).
فَأوَّلُ صُرَّةٍ بَدَأ أحْمَدُ بِإخْرَاجِهَا فَقَالَ الْغُلاَمُ: (هَذِهِ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْن وَسِتّينَ دِينَاراً فِيهَا مِنْ ثَمَن حُجَيْرَةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا، وَكَانَتْ إِرْثاً لَهُ مِنْ أخِيهِ(24) خَمْسَةٌ وَأرْبَعُونَ دِينَاراً وَمِنْ أثْمَان تِسْعَةِ أثْوَابٍ أرْبَعَةَ عَشَرَ دِينَاراً وَفِيهَا مِنْ اُجْرَةِ حَوَانِيتَ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ).
فَقَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ، دُلَّ الرَّجُلَ عَلَى الْحَرَام مِنْهَا)، فَقَالَ عليه السلام: (فَتّشْ عَنْ دِينَارٍ رَازيَّ السَّكَّةِ تَاريخُهُ سَنَةُ كَذَا قَدِ انْطَمَسَ مِنْ نِصْفِ إِحْدَى صَفْحَتَيْهِ نَقْشُهُ وَقُرَاضَةٍ آمُلِيَّةٍ وَزْنُهَا رُبُعُ دِينَارٍ وَالْعِلَّةُ فِي تَحْريمِهَا أنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ(25) وَزَنَ فِي شَهْر كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى حَائِكٍ مِنْ جِيرَانِهِ مِنَ الْغَزْل مَنّاً وَرُبُعَ مَنٍّ فَأتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ قَيَّضَ (فِي) انْتِهَائِهَا لِذَلِكَ الْغَزْل سَارق(26) فَأخْبَرَ بِهِ الْحَائِكُ صَاحِبَهُ فَكَذَّبَهُ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ بَدَلَ ذَلِكَ مَنّاً وَنِصْفَ مَنًّ غَزْلاً أدَقَّ مِمَّا كَانَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَاتَّخَذَ مِنْ ذَلِكَ ثَوْباً كَانَ هَذَا الدَّينَارُ مَعَ الْقُرَاضَةِ ثَمَنَهُ).
فَلَمَّا فَتَحَ رَأسَ الصُّرَّةِ صَادَفَ رُقْعَةً فِي وَسَطِ الدَّنَانِير بِاسْم مَنْ أخْبَرَ عَنْهُ وَبمِقْدَارهَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ وَاسْتَخْرَجَ الدَّينَارَ وَالْقُرَاضَةَ بِتِلْكَ الْعَلاَمَةِ.
ثُمَّ أخْرَجَ صُرَّةً اُخْرَى فَقَالَ الْغُلاَمُ عليه السلام: (هَذِهِ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسِينَ دِينَاراً لاَ يَحِلُّ لَنَا مَسُّهَا)، قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: (لأنَّهَا مِنْ ثَمَن حِنْطَةٍ حَافَ صَاحِبُهَا عَلَى أكَّارهِ فِي الْمُقَاسَمَةِ، وَذَلِكَ أنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِكَيْلٍ وَافٍ وَكَالَ(27) مَا خَصَّ الأكَّارَ بِكَيْلٍ بَخْسٍ)، فَقَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ).
ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ احْمِلْهَا بِأجْمَعِهَا لِتَرُدَّهَا أوْ تُوصِيَ بِرَدَّهَا عَلَى أرْبَابِهَا فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي شَيْ‏ءٍ مِنْهَا وَائْتِنَا بِثَوْبِ الْعَجُوز)، قَالَ أحْمَدُ: وَكَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ فِي حَقِيبَةٍ لِي فَنَسِيتُهُ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ لِيَأتِيَهُ بِالثَّوْبِ نَظَرَ إِلَيَّ مَوْلاَنَا أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ:
(مَا جَاءَ بِكَ يَا سَعْدُ)، فَقُلْتُ: شَوَّقَنِي أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا، قَالَ: (فَالْمَسَائِلُ الَّتِي أرَدْتَ أنْ تَسْألَ عَنْهَا؟)، قُلْتُ: عَلَى حَالِهَا يَا مَوْلاَيَ. قَالَ: (فَسَلْ قُرَّةَ عَيْني _ وَأوْمَأ إِلَى الْغُلاَم(28) _ عَمَّا بَدَا لَكَ مِنْهَا).
فَقُلْتُ لَهُ: مَوْلاَنَا وَابْنَ مَوْلاَنَا! إِنَّا رُوَّينَا عَنْكُمْ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم جَعَلَ طَلاَقَ نِسَائِهِ بِيَدِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام حَتَّى أرْسَلَ يَوْمَ الْجَمَل إِلَى عَائِشَةَ: (أنَّكِ قَدْ أرْهَجْتِ عَلَى الإسْلاَم وَأهْلِهِ بِفِتْنَتِكِ، وَأوْرَدْتِ بَنيكِ حِيَاضَ الْهَلاَكِ بِجَهْلِكِ، فَإنْ كَفَفْتِ عَنّي غَرْبَكِ وَإِلاَّ طَلَّقْتُكِ)، وَنسَاءُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ كَانَ طلاقهنَّ(29) وَفَاتُهُ.
قَالَ: (مَا الطَّلاَقُ؟)، قُلْتُ: تَخْلِيَةُ السَّبِيل، قَالَ: (وَإِذَا كَانَ(30) وَفَاةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ خَل(31) لَهُنَّ السَّبِيلَ، فَلِمَ لاَ يَحِلُّ لَهُنَّ الأزْوَاجُ؟)، قُلْتُ: لأنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَ الأزْوَاجَ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: (وَكَيْفَ وَقَدْ خَلَّى الْمَوْتُ سَبِيلَهُنَّ؟)، قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ مَوْلاَيَ عَنْ مَعْنَى الطَّلاَقِ الَّذِي فَوَّضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حُكْمَهُ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ.
قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَظَّمَ شَأنَ نِسَاءِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَخَصَّهُنَّ بِشَرَفِ الاُمَّهَاتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَا أبَا الْحَسَن إِنَّ هَذَا الشَّرَفَ بَاقٍ لَهُنَّ مَا دُمْنَ للهِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَأيَّتُهُنَّ عَصَتِ اللهَ بَعْدِي بِالْخُرُوج عَلَيْكَ، فَأطْلِقْ لَهَا فِي الأزْوَاج وَأسْقِطْهَا مِنْ شَرَفِ اُمُومَةِ الْمُؤْمِنينَ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني عَن الْفَاحِشَةِ الْمُبَيَّنَةِ الَّتِي إِذَا أتَتِ الْمَرْأةُ بِهَا فِي أيَّام عِدَّتِهَا حَلَّ لِلزَّوْج أنْ يُخْرجَهَا (مِنْ بَيْتِهِ)(32)، قَالَ: (الْفَاحِشَةُ الْمُبَيَّنَةُ هِيَ السَّحْقُ دُونَ الزّنَى، فَإنَّ الْمَرْأةَ إِذَا زَنَتْ وَاُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ لَيْسَ لِمَنْ أرَادَهَا أنْ يَمْتَنِعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ التَّزْويج بِهَا لأجْل الْحَدَّ وَإِذَا سَحَقَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّجْمُ وَالرَّجْمُ خِزْيٌ وَمَنْ قَدْ أمَرَ اللهُ عزّ وجل بِرَجْمِهِ فَقَدْ أخْزَاهُ، وَمَنْ أخْزَاهُ فَقَدْ أبْعَدَهُ، وَمَنْ أبْعَدَهُ فَلَيْسَ لأحَدٍ أنْ يَقْرَبَهُ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ رَسُول اللهِ عَنْ أمْر اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيَّهِ مُوسَى عليه السلام: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً))(33) فَإنَّ فُقَهَاءَ الْفَريقَيْن يَزْعُمُونَ أنَّهَا كَانَتْ مِنْ إِهَابِ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ عليه السلام: (مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى مُوسَى وَاسْتَجْهَلَهُ فِي نُبُوَّتِهِ لأنَّهُ مَا خَلاَ الأمْرُ فِيهَا مِنْ خَطْبَيْن(34) إِمَّا أنْ تَكُونَ صَلاَةُ مُوسَى فِيهَا جَائِزَةً أوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ، فَإنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ جَائِزَةً جَازَ لَهُ لُبْسُهُمَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ (إِذْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّسَةً)(35) وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً فَلَيْسَ(36) بِأقْدَسَ وَأطْهَرَ مِنَ الصَّلاَةِ، وَإِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ فِيهِمَا، فَقَدْ أوْجَبَ عَلَى مُوسَى عليه السلام أنَّهُ لَمْ يَعْرفِ الْحَلاَلَ مِنَ الْحَرَام، وَعلم مَا جَازَ(37) فِيهِ الصَّلاَةُ وَمَا لَمْ تَجُزْ وَهَذَا كُفْرٌ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا مَوْلاَيَ عَن التَّأويل فِيهِمَا، قَالَ: (إِنَّ مُوسَى عليه السلام نَاجَى رَبَّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّس فَقَالَ: يَا رَبَّ إِنّي قَدْ أخْلَصْتُ لَكَ الْمَحَبَّةَ مِنّي، وَغَسَلْتُ قَلْبِي عَمَّنْ سِوَاكَ، وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبَّ لأهْلِهِ، فَقَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ)) أي انْزعْ حُبَّ أهْلِكَ مِنْ قَلْبِكَ إِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُكَ لِي خَالِصَةً، وَقَلْبُكَ مِنَ الْمَيْل إِلَى مَنْ سِوَايَ مَغْسُولاً).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ رَسُول اللهِ عَنْ تَأويل: ((كهيعص))، قَالَ: (هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ، أطْلَعَ اللهُ عَلَيْهَا عَبْدَهُ زَكَريَّا عليه السلام، ثُمَّ قَصَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَذَلِكَ أنَّ زَكَريَّا عليه السلام سَألَ رَبَّهُ أنْ يُعَلّمَهُ أسْمَاءَ الْخَمْسَةِ، فَأهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ عليه السلام فَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا فَكَانَ زَكَريَّا إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ سُريَ عَنْهُ هَمُّهُ وَانْجَلَى كَرْبُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ (اسْمَ)(38) الْحُسَيْن خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الْبُهْرَةُ(39) فَقَالَ ذَاتَ يَوْم:
إِلَهِي مَا بَالِي إِذَا ذَكَرْتُ أرْبَعاً مِنْهُمْ تَسَلَّيْتُ بِأسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِي وَإِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَيْنَ تَدْمَعُ عَيْني وَتَثُورُ زَفْرَتِي؟
فَأنْبَأهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ قِصَّتِهِ وَقَالَ: ((كهيعص))، فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلاَءَ، وَالْهَاءُ هَلاَكُ الْعِتْرَةِ، وَالْيَاءُ يَزيدُ وَهُوَ ظَالِمُ الْحُسَيْن، وَالْعَيْنُ عَطَشُهُ، وَالصَّادُ صَبْرُهُ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَريَّا عليه السلام لَمْ يُفَارقْ مَسْجِدَهُ ثَلاَثَةَ أيَّام وَمَنَعَ فِيهَا النَّاسَ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ، وَأقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ وَكَانَتْ نُدْبَتُهُ: إِلَهِي أتُفَجَّعُ خَيْرَ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ، أتُنْزلُ بَلْوَى هَذِهِ الرَّزيَّةِ بِفِنَائِهِ، إِلَهِي أتُلْبِسُ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ ثِيَابَ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ، إِلَهِي أتُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِيعَةِ بِسَاحَتِهِمَا.
الهوامش:
(1) سند الحديث منكر، حيث إنَّ الصدوق يروى عن سعد بن عبد الله بواسطة واحدة هو أبوه أو ابن الوليد أو هما معاً، والوسائط بينه وبين سعد في هذا الحديث خمس: أربع منهم الأحمدون الثلاثة ورابعهم محمّد بن علي النوفلي المعروف بالكرماني، لم يذكروا في الرجال، وأمَّا محمّد بن بحر الشيباني قد ذكر بالغلو والارتفاع. راجع: (قاموس الرجال 9: 131).
(2) في المصدر إضافة: (لي).
(3) في المصدر: (معضلاتها).
(4) البشر (خ ل)، وفى المصدر: (الشر).
(5) في المصدر: (يعقب).
(6) خطف يخطف خطفاً، استلبه بسرعة، يقال: هذا سيف يخطف الرأس أي يقتطعه بسرعة. وفي المصدر: (تخطم) - وقد طبع تحظم غلطاً - وهو الأظهر، يقال: خطمه: ضرب أنفه. وخطمه بالخطام: جعله على أنفه: وخطم أنفه: ألزق به عاراً ظاهراً. ويحتمل أن يقرأ: (يحطم)، يقال: حطَّمه: كسره، وقيل: خاص باليابس.
(7) في المصدر: (أنوف).
(8) في المصدر: (بطوعهما).
(9) غافر: 84 و 85 .
(10) في المصدر: (تكن ثمة) بدل (يكن ثمّ).
(11) في المصدر: (تريهما).
(12) في المصدر: (عنها خبير).
(13) في المصدر: (المنازل).
(14) في المصدر: (بخير).
(15) هذا هو الصحيح كما يجيء من المصنّف رحمه الله في البيان وهكذا في المصدر، وفي النسخة المطبوعة: (القوم) وهو تصحيف.
(16) ضفة البحر: ساحله، وفي الأصل المطبوع وهكذا المصدر: (صفة بحر) وهو تصحيف.
(17) في المصدر: (علينا).
(18) في المصدر: (كيلا).
(19) في المصدر: (كتابه).
(20) فيه غرابة من حيث قبض الغلام عليه السلام على أصابع أبيه أبي محمّد عليه السلام وهكذا وجود رمّانة من ذهب يلعب بها لئلاَّ يصدُّه عن الكتابة، وقد روي في (الكافي 1: 311): عن صفوان الجمّال، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صاحب هذا الأمر فقال: (إنَّ صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب)، وأقبل أبو الحسن موسى، وهو صغير ومعه عناق مكّية وهو يقول لها: (اُسجدي لربّك)، فأخذه أبو عبد الله عليه السلام وضمَّه إليه وقال: (بأبي واُمّي من لا يلهو ولا يلعب).
(21) كذا في الأصل المطبوع وهكذا المصدر والمعني به أبو محمّد ابن علي الهادي عليهما السلام، ولعلَّه مصحَّف عن (مولاي) كما في أغلب السطور.
(22) من المصدر.
(23) في المصدر: (الحلال والحرام) بدل (إلاَّ حلّ والأحرم).
(24) في المصدر: (عن أبيه) بدل (من أخيه).
(25) في المصدر: (الصرّة).
(26) في المصدر: (مدّة وفي انتهائها قيّض لذلك الغزل سارق).
(27) في المصدر: (وكان).
(28) في المصدر إضافة: (فقال لي الغلام: سل).
(29) في المطبوعة: (طلَّقهنَّ)، وما أثبتناه من المصدر.
(30) في المصدر إضافة: (طلاقهن).
(31) في المصدر: (خليت).
(32) فمن المصدر.
(33) طه: 12.
(34) في المصدر: (خطيئتين).
(35) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(36) في المصدر: (فليست).
(37) في المصدر: (ما تجوز)، وفي الأصل المطبوع هنا تصحيف فراجع. ولا يخفى أنَّ تشرّف موسى بالواد المقدّس كان في بدء نبوَّته وهو عليه السلام يقول عن نفسه: ((فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)).
(38) كلمة: (اسم) ليست في المصدر.
(39) البهر: تتابع النفس وانقطاعه كما يحصل بعد الإعياء والعَدو الشديد.
******************
ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: إِلَهِي ارْزُقْنِي وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَيْني عَلَى الْكِبَر، وَاجْعَلْهُ وَارثاً وَصِيّاً، وَاجْعَلْ مَحَلَّهُ (مِنّي) مَحَلَّ الْحُسَيْن فَإذَا رَزَقْتَنِيهِ فَافْتِنّي بِحُبَّهِ ثُمَّ أفْجِعْنِي بِهِ كَمَا تُفْجِعُ مُحَمَّداً حَبِيبَكَ بِوَلَدِهِ، فَرَزَقَهُ اللهُ يَحْيَى عليه السلام وَفَجَّعَهُ بِهِ.
وَكَانَ حَمْلُ يَحْيَى سِتَّةَ أشْهُرٍ، وَحَمْلُ الْحُسَيْن عليه السلام كَذَلِكَ وَلَهُ قِصَّةٌ طَويلَةٌ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا مَوْلاَيَ عَن الْعِلَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَوْمَ مِن اخْتِيَار إِمَام لأنْفُسِهِمْ، قَالَ: (مُصْلِح أوْ مُفْسِدٍ؟)، قُلْتُ: مُصْلِح، قَالَ: (فَهَلْ يَجُوزُ أنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمْ عَلَى الْمُفْسِدِ بَعْدَ أنْ لاَ يَعْلَمَ أحَدٌ بِمَا يَخْطُرُ بِبَال غَيْرهِ مِنْ صَلاَح أوْ فَسَادٍ؟!)، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (فَهِيَ الْعِلَّةُ اُوردُهَا لَكَ بِبُرْهَانٍ يَثِقُ بِهِ عَقْلُكَ.
أخْبِرْني عَن الرُّسُل الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللهُ وَأنْزَلَ الْكُتُبَ عَلَيْهِمْ، وَأيَّدَهُمْ بِالْوَحْي وَالْعِصْمَةِ، إِذْ هُمْ أعْلاَ(مُ)(1) الاُمَم وَأهْدَى إِلَى الِاخْتِيَار مِنْهُمْ مِثْلُ مُوسَى وَعِيسَى هَلْ يَجُوزُ مَعَ وُفُور عَقْلِهِمَا وَكَمَال عِلْمِهِمَا، إِذَا هَمَّا بِالِاخْتِيَار أنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمَا عَلَى الْمُنَافِقِ، وَهُمَا يَظُنَّان أنَّهُ مُؤْمِنٌ؟)، قُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: (هَذَا مُوسَى كَلِيمُ اللهِ مَعَ وُفُور عَقْلِهِ وَكَمَال عِلْمِهِ، وَنُزُول الْوَحْيِ عَلَيْهِ، اخْتَارَ مِنْ أعْيَان قَوْمِهِ وَوُجُوهِ عَسْكَرهِ لِمِيقَاتِ رَبَّهِ سَبْعِينَ رَجُلاً مِمَّنْ لاَ يَشُكُّ فِي إِيمَانِهِمْ وَإِخْلاَصِهِمْ، فَوَقَعَتْ خِيَرَتُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا...))(2) إِلَى قَوْلِهِ(3): لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ.
فَلَمَّا وَجَدْنَا اخْتِيَارَ مَنْ قَدِ اصْطَفَاهُ اللهُ لِلنُّبُوَّةِ وَاقِعاً عَلَى الأفْسَدِ، دُونَ الأصْلَح وَهُوَ يَظُنُّ أنَّهُ الأصْلَحُ دُونَ الأفْسَدِ، عَلِمْنَا أنْ لاَ اخْتِيَارَ إِلاَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَتُكِنُّ الضَّمَائِرُ(4)، وَيَتَصَرَّفُ(5) عَلَيْهِ السَّرَائِرُ، وَأنْ لاَ خَطَرَ لِاخْتِيَار الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، بَعْدَ وُقُوع خِيَرَةِ الأنْبِيَاءِ عَلَى ذَوي الْفَسَادِ لَمَّا أرَادُوا أهْلَ الصَّلاَح).
ثُمَّ قَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (يَا سَعْدُ وَحِينَ ادَّعَى خَصْمُكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا أخْرَجَ مَعَ نَفْسِهِ مُخْتَارَ هَذِهِ الاُمَّةِ إِلَى الْغَار إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ أنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأنَّهُ هُوَ الْمُقَلّدُ اُمُورَ التَّأويل، وَالْمُلْقَى إِلَيْهِ أزمَّةُ الاُمَّةِ، الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي لَمَّ الشَّعْثِ وَسَدَّ الْخَلَل، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَتَسْريبِ الْجُيُوش لِفَتْح بِلاَدِ الْكُفْر، فَكَمَا أشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ أشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُكْم الاسْتِتَار وَالتَّوَاري أنْ يَرُومَ الْهَاربُ مِنَ الْبَشَر(6) مُسَاعَدَةً مِنْ غَيْرهِ إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ وَإِنَّمَا أبَاتَ عَلِيّاً عَلَى فِرَاشِهِ، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَكْتَرثُ لَهُ وَلاَ يَحْفِلُ بِهِ، وَلاسْتِثْقَالِهِ إِيَّاهُ وَعِلْمِهِ بِأنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرهِ مَكَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا.
فَهَلاَّ نَقَضْتَ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِكَ: ألَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: الْخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، فَجَعَلَ هَذِهِ مَوْقُوفَةً عَلَى أعْمَار الأرْبَعَةِ الَّذِينَ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي‏ مَذْهَبِكُمْ؟، وَكَانَ لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ (لَكَ)(7): بَلَى، فَكُنْتَ تَقُولُ لَهُ حِينَئِذٍ: ألَيْسَ كَمَا عَلِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ الْخِلاَفَةَ بَعْدَهُ لأبِي بَكْرٍ، عَلِمَ أنَّهَا مِنْ بَعْدِ أبِي بِكْرٍ لِعُمَرَ، وَمِنْ بَعْدِ عُمَرَ لِعُثْمَانَ، وَمِنْ بَعْدِ عُثْمَانَ لِعليًّ؟ فَكَانَ أيْضاً لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ لَكَ: نَعَمْ.
ثُمَّ كُنْتَ تَقُولُ لَهُ: فَكَانَ الْوَاجِبَ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنْ يُخْرجَهُمْ جَمِيعاً عَلَى التَّرْتِيبِ إِلَى الْغَار، وَيُشْفِقَ عَلَيْهِمْ كَمَا أشْفَقَ عَلَى أبِي بَكْرٍ، وَلاَ يَسْتَخِفَّ بِقَدْر هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ بِتَرْكِهِ إِيَّاهُمْ وَتَخْصِيصِهِ أبَا بَكْرٍ بِإخْرَاجِهِ مَعَ نَفْسِهِ دُونَهُمْ.
وَلَمَّا قَالَ: أخْبِرْني عَن الصّدَّيقِ وَالْفَارُوقِ أسْلَمَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً؟ لِمَ لَمْ تَقُلْ لَهُ: بَلْ أسْلَمَا طَمَعاً؟، لأنَّهُمَا كَانَا يُجَالِسَان الْيَهُودَ وَيَسْتَخْبِرَانِهِمْ عَمَّا كَانُوا يَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ وَسَائِر الْكُتُبِ الْمُتَقَدَّمَةِ النَّاطِقَةِ بِالْمَلاَحِم، مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ مِنْ قِصَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمِنْ عَوَاقِبِ أمْرهِ، فَكَانَتِ الْيَهُودُ تَذْكُرُ أنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم يُسَلَّطُ عَلَى الْعَرَبِ كَمَا كَانَ بُخْتَ ‏نَصَّرُ سُلّطَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنَ الظَّفَر بِالْعَرَبِ كَمَا ظَفِرَ بُخْتَ‏ نَصَّرُ بِبَني إِسْرَائِيلَ غَيْرَ أنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ.
فَأتَيَا مُحَمَّداً فَسَاعَدَاهُ عَلَى (قَوْلِ‏)(8) شَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَبَايَعَاهُ طَمَعاً فِي أنْ يَنَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ جِهَتِهِ ولاَيَةَ بَلَدٍ إِذَا اسْتَقَامَتْ اُمُورُهُ وَاسْتَتَبَّتْ أحْوَالُهُ، فَلَمَّا أيِسَا مِنْ ذَلِكَ تَلَثَّمَا وَصَعِدَا الْعَقَبَةَ مَعَ أمْثَالِهِمَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ، عَلَى أنْ يَقْتُلُوهُ فَدَفَعَ اللهُ كَيْدَهُمْ، وَرَدَّهُمْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، كَمَا أتَى طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ عَلِيّاً عليه السلام فَبَايَعَاهُ وَطَمِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أنْ يَنَالَ مِنْ جِهَتِهِ ولاَيَةَ بَلَدٍ فَلَمَّا أيِسَا نَكَثَا بَيْعَتَهُ، وَخَرَجَا عَلَيْهِ فَصَرَعَ اللهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَصْرَعَ أشْبَاهِهِمَا مِنَ النَّاكِثِينَ).
قَالَ (سَعْدٌ)(9): ثُمَّ قَامَ مَوْلاَنَا الْحَسَنُ بْنُ عليًّ الْهَادِي عليه السلام إِلَى الصَّلاَةِ مَعَ الْغُلاَم فَانْصَرَفْتُ عَنْهُمَا وَطَلَبْتُ أثَرَ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ فَاسْتَقْبَلَنِي بَاكِياً، فَقُلْتُ: مَا أبْطَأكَ وَأبْكَاكَ؟ قَالَ: قَدْ فَقَدْتُ الثَّوْبَ الَّذِي سَألَنِي مَوْلاَيَ إِحْضَارَهُ، فَقُلْتُ: لاَ عَلَيْكَ فَأخْبَرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ(10) وَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ مُتَبَسَّماً وَهُوَ يُصَلّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: مَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: وَجَدْتُ الثَّوْبَ مَبْسُوطاً تَحْتَ قَدَمَيْ مَوْلاَنَا عليه السلام يُصَلّي عَلَيْهِ.
قَالَ سَعْدٌ: فَحَمِدْنَا اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَعَلْنَا نَخْتَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَنْزل مَوْلاَنَا عليه السلام أيَّاماً فَلاَ نَرَى الْغُلاَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْوَدَاع دَخَلْتُ أنَا وَأحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَكَهْلاَنُ مِنْ أرْضِنَ(11)، وَانْتَصَبَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَائِماً وَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ قَدْ دَنَتِ الرَّحْلَةُ، وَاشْتَدَّتِ الْمِحْنَةُ، وَنَحْنُ نَسْألُ اللهَ أنْ يُصَلّيَ عَلَى الْمُصْطَفَى جَدَّكَ، وَعليًّ الْمُرْتَضَى أبِيكَ، وَعَلَى سَيَّدَةِ النّسَاءِ اُمَّكَ، وَعَلَى سَيَّدَيْ شَبَابِ أهْل الْجَنَّةِ عَمَّكَ وَأبِيكَ، وَعَلَى الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ مِنْ بَعْدِهِمَا آبَائِكَ، وَأنْ يُصَلّيَ عَلَيْكَ وَعَلَى وَلَدِكَ، وَنَرْغَبُ إِلَى اللهِ أنْ يُعْلِيَ كَعْبَكَ، وَيَكْبِتَ عَدُوَّكَ، وَلاَ جَعَلَ اللهُ هَذَا آخِرَ عَهْدِنَا مِنْ لِقَائِكَ.
قَالَ: فَلَمَّا قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، اسْتَعْبَرَ مَوْلاَنَا عليه السلام حَتَّى اسْتَهَلَّتْ دُمُوعُهُ، وَتَقَاطَرَتْ عَبَرَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ لاَ تَكَلَّفْ فِي دُعَائِكَ شَطَطاً فَإنَّكَ مُلاَقٍ اللهَ فِي صَدَركَ(12) هَذَا)، فَخَرَّ أحْمَدُ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَلَمَّا أفَاقَ قَالَ: سَألْتُكَ بِاللهِ وَبُِرْمَةِ جَدَّكَ إِلاَّ شَرَّفْتَنِي بِخِرْقَةٍ أجْعَلُهَا كَفَناً، فَأدْخَلَ مَوْلاَنَا عليه السلام يَدَهُ تَحْتَ الْبِسَاطِ فَأخْرَجَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَماً فَقَالَ: (خُذْهَا وَلاَ تُنْفِقْ عَلَى نَفْسِكَ غَيْرَهَا، فَإنَّكَ لَنْ تَعْدَمَ مَا سَألْتَ وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لاَ يُضَيَّعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً).
قَالَ سَعْدٌ: فَلَمَّا صِرْنَ(13) بَعْدَ مُنْصَرَفِنَا مِنْ حَضْرَةِ مَوْلاَنَا عليه السلام مِنْ حُلْوَانَ عَلَى ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ حُمَّ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَارَتْ عَلَيْهِ(14) عِلَّةٌ صَعْبَةٌ أيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ فِيهَا، فَلَمَّا وَرَدْنَا حُلْوَانَ، وَنَزَلْنَا فِي بَعْض الْخَانَاتِ، دَعَا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِرَجُلٍ مِنْ أهْل بَلَدِهِ كَانَ قَاطِناً بِهَا ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّقُوا عَنّي هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَاتْرُكُوني وَحْدِي، فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ وَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إِلَى مَرْقَدِهِ.
قَالَ سَعْدٌ: فَلَمَّا حَانَ أنْ يَنْكَشِفَ اللَّيْلُ عَن الصُّبْح، أصَابَتْنِي فِكْرَةٌ فَفَتَحْتُ عَيْني فَإذَا أنَا بِكَافُورٍ الْخَادِم خَادِم مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَهُوَ يَقُولُ: أحْسَنَ اللهُ بِالْخَيْر عَزَاكُمْ، وَجَبَرَ بِالْمَحْبُوبِ رَزيَّتَكُمْ قَدْ فَرَغْنَا مِنْ غُسْل صَاحِبكُمْ وَتَكْفِينهِ(15)، فَقُومُوا لِدَفْنِهِ فَإنَّهُ مِنْ أكْرَمِكُمْ مَحَلّاً عِنْدَ سَيَّدِكُمْ، ثُمَّ غَابَ عَنْ أعْيُننَا، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى رَأسِهِ بِالْبُكَاءِ وَالْعَويل حَتَّى قَضَيْنَا حَقَّهُ وَفَرَغْنَا مِنْ أمْرهِ رحمه الله(16).
دلائل الإمامة للطبري: عن عبد الباقي بن يزداد، عن عبد الله بن محمّد الثعالبي، عن أحمد بن محمّد العطّار، عن سعد بن عبد الله، مثله(17).
الاحتجاج: عن سعد مثله، مع اختصار في إيراد المطالب(18).
بيان: (لهجاً) أي حريصاً، وكذا (كلفاً) و(مغرماً) بالفتح أي محبّاً مشتاقاً، و(تسريب الجيوش) بعثها قطعة قطعة، و(الازورار عن الشيء) العدول عنه.
و(القرم) بالتحريك شدّة شهوة اللحم والمراد هنا شدّة الشوق، وقال الفيروزآبادي: (الفرق) الطريق في شعر الرأس و(المفرق) كمقعد ومجلس وسط الرأس وهو الذي يفرق فيه الشعر(19).
قوله: (قيض انتهاءها) أي هيّأ انتهاء تلك المدّة سارقاً لذلك الغزل والاسناد.
مجازي وفي الاحتجاج (فأتى زمان كثير فسرقه سارق من عنده)(20).
و(الحقيبة) ما يجعل في مؤخّر القتب أو السرج من الخرج، ويقال لها بالفارسية: الهكبة، و(الارهاج) إثارة الغبار.
وقال الجوهري: غرب كلّ شيء حدّه، يقال: في لسانه غرب أي حدّة، وغرب الفرس حدثه وأوّل جريه، تقول: كففت من غربه(21) واستهلت دموعه: أي سالت، و(الشطط) التجاوز عن الحدّ، قوله: (في صدرك) أي في رجوعك.
أقول: قال النجاشي _ بعد توثيق سعد والحكم بجلالته _: (لقي مولانا أبا محمّد عليه السلام ورأيت بعض أصحابنا يضعفون لقاءه لأبي محمّد عليه السلام ويقولون: هذه حكاية موضوعة عليه)(22).
أقول: الصدوق أعرف بصدق الأخبار والوثوق عليها من ذلك البعض الذي لا يعرف حاله، وردّ الأخبار التي تشهد متونها بصحّتها بمحض الظنّ والوهم مع إدراك سعد زمانه عليه السلام _ وإمكان ملاقاة سعد له عليه السلام إذ كان وفاته بعد وفاته عليه السلام بأربعين سنة تقريباً _ ليس للازراء بالأخبار وعدم الوثوق بالأخيار والتقصير في معرفة شأن الأئمّة الأطهار، إذ وجدنا أنَّ الأخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم، فهم إمَّا يقدحون فيها أو في راويها، بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجل إلاَّ نقل مثل تلك الأخبار.
* * *
باب (20): علّة الغيبة وكيفية انتفاع الناس به في غيبته صلوات الله عليه
1 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَانٍ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: لاَ بُدَّ لِلْغُلاَم مِنْ غَيْبَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: يَخَافُ الْقَتْلَ)(23).
2 _ علل الشرائع: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن الأشْعَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَرْوَانَ الأنْبَاريَّ، قَالَ: خَرَجَ مِنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ إِذَا كَرهَ لَنَا جِوَارَ قَوْم نَزَعَنَا مِنْ بَيْن أظْهُرهِمْ)(24).
3 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَنْ جَعْفَر بْن مَسْعُودٍ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم عليه السلام مِنَّا غَيْبَةً يَطُولُ أمَدُهَا)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَاكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل أبَى إِلاَّ أنْ يُجْريَ فِيهِ سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام فِي غَيْبَاتِهِمْ وَإِنَّهُ لاَ بُدَّ لَهُ يَا سَدِيرُ مِن اسْتِيفَاءِ مَدَدِ غَيْبَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ))(25) أيْ سَنَن(26) عَلَى سَنَن مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(27).
بيان: قال البيضاوي: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)) حالاً بعد حال مطابقة لأختها في الشدّة وهو لما يطابق غيره، فقيل: للحال المطابقة، أو مراتب من الشدّة بعد المراتب وهي الموت ومواطن القيامة وأهوالها، أوهي وما قبلها من الدواهي على أنَّها جمع طبقة(28).
4 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَنْ أبِي قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ(29)، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْمَدَائِنيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْفَضْل الْهَاشِمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً لاَ بُدَّ مِنْهَا يَرْتَابُ فِيهَا كُلُّ مُبْطِلٍ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (لأمْرٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَنَا فِي كَشْفِهِ لَكُمْ).
قُلْتُ: فَمَا وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ؟ فَقَالَ: (وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَاتِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ حُجَج اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، إِنَّ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ لاَ يَنْكَشِفُ إِلاَّ بَعْدَ ظُهُورهِ كَمَا لاَ يَنْكَشِفُ وَجْهُ الْحِكْمَةِ لَمَّ(30) أتَاهُ الْخَضِرُ عليه السلام مِنْ خَرْقِ السَّفِينَةِ، وَقَتْل الْغُلاَم، وَإِقَامَةِ الْجِدَار، لِمُوسَى عليه السلام إِلاَّ وَقْتَ افْتِرَاقِهِمَا.
يَا ابْنَ الْفَضْل إِنَّ هَذَا الأمْرَ أمْرٌ مِنْ أمْر اللهِ، وَسِرٌّ مِنَ اللهِ، وَغَيْبٌ مِنْ غَيْبِ اللهِ وَمَتَى عَلِمْنَا أنَّهُ عزّ وجل حَكِيمٌ، صَدَّقْنَا بِأنَّ أفْعَالَهُ كُلَّهَا حِكْمَةٌ، وَإِنْ كَانَ وَجْهُهَا غَيْرَ مُنْكَشِفٍ لَنَا)(31).
5 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْغُلاَم(32) غَيْبَةً قَبْلَ ظُهُورهِ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، قَالَ زُرَارَةُ: يَعْنِي الْقَتْلَ(33).
كمال الدين: العطّار، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن نجيح(34)، عن زرارة، مثله(35).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن عبد الله بن أحمد، عن محمّد بن عبد الله الحلبي، عن ابن بكير، عن زرارة، مثله(36).
الهوامش:
(1) في المصدر: (أعلام).
(2) الأعراف: 155.
(3) كذا في المطبوعة والمصدر.
(4) في المصدر: (وما تكن).
(5) في المصدر: (وتتصرَّف).
(6) في المصدر: (الشرّ).
(7) من المصدر.
(8) كلمة: (قول) ليست في المصدر.
(9) من المصدر.
(10) في المصدر إضافة: (مسرعاً).
(11) في المصدر: (أهل بلدنا).
(12) في صَدَرك أي في رجوعك، كما في (بيان) المؤلّف بعد هذا، وفي المصدر: (في سفرك).
(13) في المصدر: (انصرفنا).
(14) في المصدر: (وثارت به).
(15) ذكر الطوسي جماعة قد ورد التوقيع بشأنهم ثقات منهم (أحمد بن إسحاق الأشعري)، راجع: الغيبة للطوسي: 417/ رقم 395. وهذا يدلُّ على أنَّ (أحمد بن إسحاق الأشعري) كان قد بقي بعد أبي محمّد العسكري عليه السلام.
(16) كمال الدين 2: 454 - 465/ باب 43/ ح 21.
(17) دلائل الإمامة: 506/ ح 492.
(18) الاحتجاج 2: 523 - 535/ رقم 341.
(19) القاموس المحيط 3: 283 و284.
(20) وهو نقل بالمعنى.
(21) الصحاح 1: 193.
(22) رجال النجاشي: 177/ رقم 477؛ وهكذا عنونه الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم، وقال في موضع آخر: إنَّه عاصر العسكري عليه السلام ولم أعلم أنَّه روى عنه.
(23) علل الشرائع: 243/ باب 179/ ح 1.
(24) علل الشرائع: 244/ باب 179/ ح 2.
(25) الانشقاق: 19.
(26) عبارة: (سنناً على) ليست في كمال الدين.
(27) علل الشرائع: 245/ باب 179/ ح 7؛ كمال الدين 2: 480 و481/ باب 44/ ح 6.
(28) تفسير البيضاوي 2: 582.
(29) هذا هو الأظهر كما يأتي في السند الآتي خصوصاً بملاحظة رواية ابن قتيبة عنه كما عن الكاظمي، وفي المطبوعة: (أحمد بن سليمان) وهو تصحيف، والرجل هو أبو سعيد حمدان بن سليمان المعروف بابن التاجر ثقة من وجوه أصحابنا.
(30) في كمال الدين: (فيما).
(31) علل الشرائع: 245 و246/ باب 179/ ح 8؛ كمال الدين 2: 481 و482/ باب 44/ ح 11.
(32) في المصدرين: (للقائم).
(33) علل الشرائع: 246/ باب 179/ ح 9؛ كمال الدين 2: 481/ باب 44/ ح 9.
(34) هو خالد بن نجيح.
(35) كمال الدين 2: 481/ باب 44/ ح 7.
(36) الغيبة للنعماني: 177/ باب 10/ ح 21.
******************
أقول: وقد مرَّ بعض الأخبار المشتملة على العلّة في أبواب أخبار آبائه عليهم السلام بقيامه.
6 _ أمالي الصدوق: السَّنَانِيُّ، عَن ابْن زَكَريَّا، عَن ابْن حَبِيبٍ، عَن الْفَضْل بْن الصَّقْر، عَنْ أبِي مُعَاويَةَ، عَن الأعْمَش، عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (لَمْ تخلو (تَخْلُ‏) الأرْضُ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ حُجَّةٍ للهِ فِيهَا ظَاهِرٍ مَشْهُورٍ، أوْ غَائِبٍ مَسْتُورٍ، وَلاَ تَخْلُو إِلَى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ حُجَّةٍ للهِ فِيهَا، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَمْ يُعْبَدِ اللهُ)، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَقُلْتُ لِلصَّادِقِ عليه السلام: فَكَيْفَ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِالْحُجَّةِ الْغَائِبِ الْمَسْتُور؟ قَالَ: (كَمَا يَنْتَفِعُونَ بِالشَّمْس إِذَا سَتَرَهَا السَّحَابُ)(1).
7 _ الاحتجاج: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ أنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ: (وَأمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ))(2) إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ آبَائِي إِلاَّ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ، وَإِنّي أخْرُجُ حِينَ أخْرُجُ وَلاَ بَيْعَةَ لأحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي، وَأمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاع بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالِانْتِفَاع بِالشَّمْس إِذَا غَيَّبَهَا عَن الأبْصَار السَّحَابُ، وَإِنّي لأمَانٌ لأهْل الأرْض كَمَا أنَّ النُّجُومَ أمَانٌ لأهْل السَّمَاءِ، فَأغْلِقُوا أبْوَابَ السُّؤَال عَمَّا لاَ يَعْنِيكُمْ، وَلاَ تَتَكَلَّفُوا عَلَى(3) مَا قَدْ كُفِيتُمْ، وَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيل الْفَرَج، فَإنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى‏ مَن اتَّبَعَ الْهُدى‏)(4).
كمال الدين: ابن عصام، عن الكليني، مثله(5).
8 _ كمال الدين: غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ(6)، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَارثِ، عَن الْمُفَضَّل، عَن ابْن ظَبْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِي،‏ عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ أنَّهُ سَألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم: هَلْ يَنْتَفِعُ الشَّيعَةُ بِالْقَائِم عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ؟
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ إِنَّهُمْ لَيَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَيَسْتَضِيئُونَ بِنُور وَلاَيَتِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَانْتِفَاع النَّاس بِالشَّمْس وَإِنْ جَلَّلَهَا السَّحَابُ)(7).
أقول: تمامه في باب نصّ الرسول عليهم عليهم السلام(8).
بيان: التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب يؤمي إلى أمور:
الأوّل: أنَّ نورالوجود والعلم والهداية، يصل إلى الخلق بتوسطه عليه السلام إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنَّهم العلل الغائية لايجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم، وببركتهم والاستشفاع بهم، والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق، ويكشف البلايا عنهم، فلولاهم لاستحقَّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالى: ((وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ))(9) ولقد جرَّبنا مراراً لا نحصيها أنَّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل، والبعد عن جناب الحقّ تعالى، وانسداد أبواب الفيض، لما استشفعنا بهم، وتوسّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت، تنكشف تلك الأمور الصعبة، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثانى: كما أنَّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتقاع الناس بها ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها وظهورها، ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيّام غيبته عليه السلام، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره، في كلّ وقت و زمان، ولا ييأسون منه.
الثالث: أنَّ منكر وجوده عليه السلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.
الرابع: أنَّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد، من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته عليه السلام أصلح لهم في تلك الأزمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس: أنَّ الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة، عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدَّسة وبما يكون ظهوره أضرُّ لبصائرهم، ويكون سبباً لعماهم عن الحقّ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته، كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرَّر بذلك.
السادس: أنَّ الشمس قد يخرج من السحاب وينظر إليه واحد دون واحد فكذلك يمكن أن يظهر عليه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: أنَّهم عليهم السلام كالشمس في عموم النفع وإنَّما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسر به في الإخبار قوله تعالى: ((وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الآْخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً))(10).
الثامن: أنَّ الشمس كما أنَّ شعاعها تدخل البيوت، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع، فكذلك إنَّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية، والعلائق الجسمانية، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوابنه يغير حجاب.
فقد فتحت لك من هذه الجنّة الروحانية ثمانية أبواب، ولقد فتح الله عليَّ بفضله ثمانية أخرى تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب.
9 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أبِي عِيسَى،‏ عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَحُجِبَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَجُ اللهِ وَلاَ بَيَّنَاتُهُ، فَعِنْدَهَا فَلْيَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَإِنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَباً عَلَى أعْدَائِهِ إِذَا أفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ، فَلَمْ يُظْهِرْ لَهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ أنَّ أوْلِيَاءَهُ لاَ يَرْتَابُونَ، وَلَوْ عَلِمَ أنَّهُمْ يَرْتَابُونَ مَ(11) أفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ)(12).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن المفضَّل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(13).
10 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْغُلاَم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ)، قُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ وَعُنُقِهِ، ثُمَّ قَالَ: (وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ فَمِنْهُمْ (مَنْ)(14) يَقُولُ إِذَا مَاتَ أبُوهُ: مَاتَ وَلاَ عَقِبَ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَدْ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أبِيهِ بِسَنَتَيْن، لأنَّ اللهَ عزّ وجل يَجِبُ(15) أنْ يَمْتَحِنَ خَلْقَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(16).
11 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن غَزْوَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر تَعْمَى ولاَدَتُهُ عَلَى (هَذَا)(17) الْخَلْقِ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ)(18).
12 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْيَقْطِينيَّ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ مَعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيل بْن صَالِح، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُبْعَثُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ لأحَدٍ بَيْعَةٌ)(19).
13 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ وَالْحَسَن بْن طَريفٍ مَعاً، عَن‏ ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(20).
14 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي الْحَسَن عَلِيَّ بْن مُوسَى الرَّضَا عليه السلام (قَالَ)(21): (كَأنّي بِالشّيعَةِ عِنْدَ فِقْدَانِهِمُ(22) الثَّالِثَ(23) مِنْ وُلْدِي يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ يَجِدُونَهُ)، قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ قَالَ: (لأنَّ إِمَامَهُمْ يَغِيبُ عَنْهُمْ)، فَقُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا قَامَ بِالسَّيْفِ)(24).
15 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الكشي(25)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن غَزْوَانَ(26)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر تَغِيبُ ولاَدَتُهُ عَنْ هَذَا الْخَلْقِ لِئَل(27) يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ، وَيُصْلِحُ اللهُ عزّ وجل أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ)(28).
16 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِي،‏ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا زُرَارَةُ لاَ بُدَّ لِلْقَائِم عليه السلام مِنْ غَيْبَةٍ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ(29).
17 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْوَرَّاقِ، عَنْ حَمْدَانَ بْن أحْمَدَ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ(30)، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام مِثْلَهُ(31).
18 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لِلْغُلاَم غَيْبَةٌ قَبْلَ قِيَامِهِ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الذَّبْحَ)(32).
19 _ علل الشرائع، وكمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمَّهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا بَالُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام لَمْ يُقَاتِلْ مُخَالِفِيهِ فِي الأوَّل؟ قَالَ: (لآيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل: ((لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً))(33)، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا يَعْنِي بِتَزَايُلِهِمْ؟ قَالَ: (وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ (وَدَائِعَ مُؤْمِنينَ‏) فِي أصْلاَبِ قَوْم كَافِرينَ، فَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام لَنْ يَظْهَرَ أبَداً حَتَّى تَخْرُجَ وَدَائِعُ اللهِ عزّ وجل فَإذَا خَرَجَتْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ مِنْ أعْدَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جَلاَلُهُ فَقَتَلَهُمْ)(34).
علل الشرائع، وكمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله(35).
20 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ ظُهُورهِ)، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ الْقَتْلَ)(36).
21 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ عِيسَى(37)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام أنْ يُسَمَّيَ الْقَائِمَ حَتَّى أعْرفَهُ بِاسْمِهِ، فَقَالَ: (يَا بَا خَالِدٍ! سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ لَوْ أنَّ بَنِي فَاطِمَةَ عَرَفُوهُ لَحَرَصُوا عَلَى أنْ يَقْطَعُوهُ بَضْعَةً بَضْعَةً)(38).
22 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تُرَاثُهُ(39))، قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، يَعْنِي الْقَتْلَ(40).
الهوامش:
(1) أمالي الصدوق: 252/ مجلس 34/ ح 15.
(2) المائدة: 101.
(3) في المصدر: (علم).
(4) الاحتجاج 2: 544 و545/ رقم 344.
(5) كمال الدين 2: 485/ باب 45/ ح 4.
(6) في المصدر المطبوع: (عن الحسين بن محمّد بن الحارث، عن سماعة) وهو سهو والصحيح ما ذكره المصنّف قدّس سرّه، فإنَّ الحسين بن محمّد بن الحارث غير معنون في الرجال وقد ذكروا في أحمد بن الحارث الأنماطي أنَّه من أصحاب المفضَّل بن عمر، وأنَّه يروي عنه الحسن بن محمّد بن سماعة، فراجع.
(7) كمال الدين 1: 253/ باب 23/ ح 3 ملخَّصاً.
(8) كمال الدين 1: 253/ باب 23/ ح 3؛ وقد ذكره المصنّف في (ج 36/ ص 249) من المطبوعة.
(9) الأنفال: 33.
(10) الإسراء: 72.
(11) في المصدر: (لما) بين معقوفتين.
(12) كمال الدين 2: 339/ باب 33/ ح 17.
(13) الغيبة للنعماني: 162/ باب 10/ ح 2.
(14) من المصدر.
(15) في المصدر: (يُحِبُّ).
(16) كمال الدين 2: 346/ باب 33/ ح 32.
(17) من المصدر.
(18) كمال الدين 2: 479/ باب 44/ ح 1.
(19) كمال الدين 2: 479 و480/ باب 44/ ح 2.
(20) كمال الدين 2: 480/ باب 44/ ح 3.
(21) من المصدر.
(22) في المصدر: (فقدهم).
(23) المراد بفقدانهم الثالث: موت الإمام أبي محمّد العسكرى عليه السلام، فبعد فقدانه يطلبون المرعى ولا يجدونه، وهذا صحيح لا غبار عليه، وبذلك ورد ألفاظ الحديث مصرّحاً، راجع: (كمال الدين 2: 303/ باب 26/ ح 14)، وهكذا (ج 2/ ص 480/ باب علّة الغيبة/ ح 4)، وهو هذا الحديث المذكور في الصلب.
وراجع (عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 247/ باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الأخبار المتفرّقة/ ح 6)، (علل الشرائع 1: 245/ باب علّة الغيبة)، وقد مرَّ بهذا اللفظ في (ج 1/ ص 271/ الرقم 1). راجع: (ج 51/ ص 152) من المطبوعة.
فعلى هذا ما في الأصل المطبوع: (الرابع من ولدي) تصحيف قبيح حيث تخيَّل أنَّ المراد بالفقدان: الغيبة عن أعين الناس، فقدَّر أنَّ القائم يكون هو الرابع من ولد الرضا عليهما السلام، فكتبه مصحّفاً.
(24) كمال الدين 2: 480/ باب 44/ ح 4.
(25) في المطبوعة: (الليثي) وما أثبتناه من المصدر.
(26) هذا هو الصحيح كما مرَّ تحت الرقم (11)، وفي الأصل المطبوع: (سعد بن عوان) وهو تصحيف.
(27) في المصدر: (كيلا).
(28) كمال الدين 2: 480/ باب 44/ ح 5.
(29) كمال الدين 2: 481/ باب 44/ ح 7.
(30) كذا في المصدر، وسيأتي عن الغيبة للنعماني تحت الرقم (21)، وتجده في المصدر مصرّحاً بقوله: (عن عبد الله بن بكير). وهو الظاهر، وفي النسخة المطبوعة: (أبي بكر) في هذا السند والذي بعده، وهو سهو.
(31) كمال الدين 2: 481/ باب 44/ ح 8 .
(32) كمال الدين 2: 481/ باب 44/ ح 10.
(33) الفتح: 25.
(34) علل الشرائع: 147/ باب 122/ ح 2؛ كمال الدين 2: 641/ باب 54/ ح 1.
(35) علل الشرائع: 147/ باب 122/ ح 2؛ كمال الدين 2: 641 و642/ ذيل حديث 1.
(36) الغيبة للطوسي: 332/ رقم 274.
(37) في المصدر: (روى أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري)، وكان على المصنَّف رضوان الله عليه أن يصرَّح بذلك فإنَّ قولهم: (فلان عن فلان) يستلزم الرواية بلا واسطة، وأمَّا قولهم: (روى فلان عن فلان) فهو أعمّ. وقد صرَّح الكشي والنجاشي بأنَّ الشيخ لم يرو عن أحمد بن عيسى قطّ.
(38) الغيبة للطوسي: 333/ رقم 278.
(39) في المصدر: (ويجحده أهله) بدل (قبل أن يقوم وهو المطلوب تراثه).
(40) الغيبة للنعماني: 176/ ما روي في غيبة الإمام المنتظر عليه السلام/ ح 18.
******************
أقول: قال الشيخ: لا علّة تمنع من ظهوره عليه السلام إلاَّ خوفه على نفسه من القتل لأنَّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمَّل المشاق والأذى فإنَّ منازل الأئمّة وكذلك الأنبياء عليهم السلام إنَّما تعظم لتحمّلهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى.
فإن قيل: هلاَّ منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟
قلنا: المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والأمر بوجوب اتّباعه ونصرته، وإلزام(1) الانقياد له، وكلّ ذلك فعله تعالى، وأمَّا الحيلولة بينهم وبينه فإنَّه ينافي التكليف، وينقض الغرض لأنَّ بالتكليف استحقاق الثواب، والحيلولة تنافي ذلك، وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق، فلا يحسن من الله فعلها.
وليس هذا كما قال بعض أصحابنا: إنَّه لا يمتنع أن يكون في ظهوره مفسدة وفي استتاره مصلحة، لأنَّ الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في كلّ حال ويطرق القول بأنَّها تجري مجرى الألطاف التي تتغيَّر بالأزمان والأوقات، والقهر والحيلولة ليس كذلك، ولا يمتنع أن يقال في ذلك مفسدة ولا يؤدّي إلى فساد وجوب الرئاسة.
فإن قيل: أليس آباؤه عليهم السلام كانوا ظاهرين، ولم يخافوا ولا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد؟
قلنا: آباؤه عليهم السلام حالهم بخلاف حاله لأنَّه كان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت وغيرهم أنَّهم لا يرون الخروج عليهم ولا يعتقدون أنَّهم يقومون بالسيف، ويزيلون الدول، بل كان المعلوم من حالهم أنَّهم ينتظرون مهديّاً لهم وليس يضرّ السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم(2).
وليس كذلك صاحب الزمان، لأنَّ المعلوم منه أنَّه يقوم بالسيف، ويزيل الممالك، ويقهر كلّ سلطان، ويبسط العدل، ويميت الجور، فمن هذه صفته يخاف جانبه ويتّقى ثورته(3) فيتتبّع ويرصد، ويوضع العيون عليه، ويعنى به خوفاً من وثبته، ورهبته من تمكّنه، فيخاف حينئذٍ، ويحوج(4) إلى التحرّز والاستظهار بأن يخفي شخصه عن كلّ من لا يأمنه من وليّ وعدوّ إلى وقت خروجه.
وأيضاً فآباؤه عليهم السلام إنَّما ظهروا لأنَّه كان المعلوم أنَّه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسدّ مسدّه من أولادهم وليس كذلك صاحب الزمان لأنَّ المعلوم أنَّه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف، فلذلك وجب استتاره وغيبته، وفارق حاله حال آبائه، وهذا واضح بحمد الله.
فإن قيل: بأيّ شيء يعلم زوال الخوف وقت ظهوره، أبالوحي(5) من الله؟ فالإمام لا يوحى إليه، أو بعلم ضروري؟ فذلك ينافي التكليف، أو بأمارة توجب غلبة(6) الظنّ؟ ففي ذلك تغرير بالنفس.
قلنا: عن ذلك جوابان:
أحدهما: أنَّ الله أعلمه على لسان نبيه، وأوقفه عليه من جهة آبائه زمان غيبته المخوفة، وزمان زوال الخوف عنه فهو يتبع في ذلك ما شرع له وأوقف عليه، وإنَّما أخفي ذلك عنّا لما فيه من المصلحة، فأمَّا هو فعالم به، لا يرجع(7) إلى الظنّ.
والثاني: أنَّه لا يمتنع أن يغلب على ظنّه بقوّة الأمارت بحسب العادة قوّة سلطانه، فيظهر عند ذلك ويكون قد أعلم أنَّه متى غلب في ظنّه كذلك وجب عليه ويكون الظنّ شرطاً، والعمل عنده معلوماً، كما نقوله في تنفيذ الحكم عند شهادة الشهود، والعمل على جهات القبلة، بحسب الأمارات والظنون، وإن كان وجوب التنفيذ للحكم والتوجّه إلى القبلة معلومين، وهذا واضح بحمد الله(8).
وأمَّا ما روي من الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة، وصعوبة الأمر عليهم، واختبارهم للصبر عليه، فالوجه فيها الإخبار عمّا يتّفق من ذلك من الصعوبة والمشاقّ(9) لأنَّ الله تعالى غيَّب الإمام ليكون ذلك، وكيف يريد الله ذلك، وما ينال المؤمنين من جهة الظالمين ظلم منهم(10) ومعصية، والله لا يريد ذلك بل سبب الغيبة هو الخوف على ما قلناه، وأخبروا بما يتّفق في هذه الحال، وما للمؤمن من الثواب على الصبر(11) على ذلك، والتمسك بدينه إلى أن يفرّج الله (تعالى) عنهم(12).
* * *
باب (21): التمحيص والنهي عن التوقيت وحصول البداء في ذلك
1 _ الغيبة للطوسي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي هَاشِم، عَنْ فُرَاتِ بْن أحْنَفَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَذَكَرَ الْقَائِمَ فَقَالَ: (لَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آل مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ)(13).
2 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيَّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ(14): (لَتُمْخَضُنَّ(15) يَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ شِيعَةِ آل مُحَمَّدٍ كَمَخِيض الْكُحْل فِي الْعَيْن لأنَّ صَاحِبَ الْكُحْل يَعْلَمُ مَتَى يَقَعُ فِي الْعَيْن، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَذْهَبُ فَيُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَهُوَ يَرَى أنَّهُ عَلَى شَريعَةٍ مِنْ أمْرنَا فَيُمْسِي وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا، وَيُمْسِي وَهُوَ عَلَى شَريعَةٍ مِنْ أمْرنَا فَيُصْبِحُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا)(16).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن علي بن إسماعيل، عن حماد ابن عيسى، مثله(17).
بيان: محص الذهب: أخلصه ممَّا يشوبه، و(التمحيص) الاختبار والابتلاء، و(مخض اللبن) أخذ زبده، فلعلَّه شبَّه ما يبقى من الكحل في العين باللبن الذي يمخض لأنَّها تقذفه شيئاً فشيئاً، وفي رواية النعماني(18): تمحيص الكحل.
3 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَن الرَّبيع بْن مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيَّ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ: (وَاللهِ لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الزُّجَاج وَإِنَّ الزُّجَاجَ يُعَادُ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ، وَاللهِ لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الْفَخَّار وَإِنَّ الْفَخَّارَ لاَ يَعُودُ كَمَا كَانَ(19)، وَاللهِ لَتُمَحَّصُنَّ وَاللهِ لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ(20) مِنَ الْقَمْح(21).
4 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَنْ عَلِيَّ بْن يَقْطِينٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو الْحَسَن عليه السلام: ((يَا عَلِيُّ)(22) إِنَّ الشّيعَةَ تُرَبَّى بِالأمَانِيَّ مُنْذُ مِائَتَيْ سَنَةٍ)، وَقَالَ يَقْطِينٌ لِابْنِهِ عليًّ: مَا بَالُنَا قِيلَ لَنَا فَكَانَ وَقِيلَ لَكُمْ فَلَمْ يَكُنْ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ الَّذِي قِيلَ لَكُمْ وَلَنَا مِنْ مَخْرَج وَاحِدٍ غَيْرَ أنَّ أمْرَكُمْ حَضَرَكُمْ فَاُعْطِيتُمْ مَحْضَهُ وَكَانَ كَمَا قِيلَ لَكُمْ، وَإِنَّ أمْرَنَا لَمْ يَحْضُرْ فَعُلّلْنَا بِالأمَانِيَّ، وَلَوْ قِيلَ لَنَا: إِنَّ هَذَا الأمْرَ لاَ يَكُونُ إِلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ أوْ ثَلاَثِمِائَةِ سَنَةٍ لَقَسَتِ الْقُلُوبُ، وَلَرَجَعَتْ عَامَّةُ النَّاس عَن الإسْلاَم، وَلَكِنْ قَالُوا: مَا أسْرَعَهُ وَمَا أقْرَبَهُ، تَألُّفاً لِقُلُوبِ النَّاس وَتَقْريباً لِلْفَرَج(23).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن السياري، عن الحسن بن علي، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين، مثله(24).
بيان: قوله: (تربى بالأماني) أي يربيهم ويصلحهم أئمّتهم بأن يمنّوهم تعجيل الفرج، وقرب ظهور الحقّ لئلاّ يرتدّوا وييأسوا.
(والمائتان مبني على ما هو المقرَّر عند المنجّمين والمحاسبين من إتمام الكسور _ إن كانت أكثر من النصف _ وإسقاطها _ إن كانت أقل منه _ وإنَّما قلنا ذلك، لأنَّ صدور الخبر إن كان في أواخر حياة الكاظم عليه السلام كان أنقص من المائتين بكثير إذ وفاته عليه السلام كان في سنة ثلاث وثمانين ومائة، فكيف إذا كان قبل ذلك، فذكر المائتين بعد المائة المكسورة صحيحة لتجاوز النصف، كذا خطر بالبال.
وبدا لي وجه آخر أيضاً وهو أن يكون ابتداؤهما من أوّل البعثة، فإنَّ من هذا الزمان شرع بالإخبار بالأئمّة عليهم السلام ومدّة ظهورهم وخفائهم، فيكون على بعض التقادير قريباً من المائتين، ولو كان كسر قليل في العشر الأخير، يتمّ على القاعدة السالفة.
ووجه ثالث وهو أن يكون المراد التربية في الزمان السابق واللاحق معاً ولذا أتى بالمضارع، ويكون الابتداء من الهجرة، فينتهي إلى ظهور أمر الرضا عليه السلام وولاية عهده، وضرب الدنانير باسمه، فإنَّها كانت في سنة المائتين.
ورابع وهو أن يكون (تربى) على الوجه المذكور في الثالث شاملاً للماضي والآتي، لكن يكون ابتداء التربية بعد شهادة الحسين عليه السلام فإنَّها كانت الطامّة الكبرى، وعندها احتاجت الشيعة إلى أن تربى، لئلاّ يزلّوا فيها، وانتهاء المائتين أوّل إمامة القائم عليه السلام وهذا مطابق للمائتين بلا كسر.
وإنَّما وقّتت التربية والتنمية بذلك، لأنَّهم لا يرون بعد ذلك إماماً يمنّيهم وأيضاً بعد علمهم بوجود المهدي عليه السلام يقوى رجاؤهم، فهم مترقّبون بظهوره، لئلاّ يحتاجون إلى التنمية، ولعلَّ هذا أحسن الوجوه التي خطر بالبال، والله أعلم بحقيقة الحال)(25).
ويقطين كان من أتباع بني العبّاس، فقال لابنه علي الذي كان من خواص الكاظم عليه السلام: ما بالنا وعدنا دولة بني العبّاس على لسان الرسول والأئمّة صلوات الله عليهم، فظهر ما قالوا، ووعدوا وأخبروا بظهور دولة أئمّتكم فلم يحصل، والجواب متين ظاهر مأخوذ عن الإمام كما سيأتي.
5 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ كَرَّام، عَن الْفُضَيْل، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام: هَلْ لِهَذَا الأمْر وَقْتٌ؟ فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(26).
6 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْحُسَيْن بْن يَزيدَ الصَّحَّافِ، عَنْ مُنْذِرٍ الْجَوَّاز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَذَبَ الْمُوَقّتُونَ، مَا وَقَّتْنَا فِيمَا مَضَى، وَلاَ نُوَقّتُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ)(27).
7 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِهْزَمٌ الأسَدِيُّ فَقَالَ: أخْبِرْني جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى هَذَا الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَهُ؟ فَقَدْ طَالَ، فَقَالَ: (يَا مِهْزَمُ كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، وَهَلَكَ الْمُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَيْنَا يَصِيرُونَ)(28).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد ابن أبي أحمد، عن محمّد بن علي، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن، مثله(29).
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ)(30).
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كنت عنده إذ دخل... وذكر مثله(31).
8 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ وَقَّتَ لَكَ مِنَ النَّاس شَيْئاً فَلاَ تَهَابَنَّ أنْ تُكَذّبَهُ فَلَسْنَا نُوَقّتُ لأحَدٍ وَقْتاً)(32).
9 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ عُمَرَ بْن أسْلَمَ(33) الْبَجَلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ فِي حَدِيثٍ اخْتَصَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ أنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِبَني فُلاَنٍ مُلْكاً مُؤَجَّلاً حَتَّى إِذَا أمِنُوا وَاطْمَأنُّوا، وَظَنُّوا أنَّ مُلْكَهُمْ لاَ يَزُولُ صِيحَ فِيهِمْ صَيْحَةٌ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ رَاع يَجْمَعُهُمْ وَلاَ دَاع(34) يُسْمِعُهُمْ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَْرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَْنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَْمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))(35)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ لِذَلِكَ وَقْتٌ؟ قَالَ: لاَ، لأنَّ عِلْمَ اللهِ غَلَبَ عِلْمَ الْمُوَقّتِينَ، إِنَّ اللهَ وَعَدَ مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأتَمَّهَا بِعَشْرٍ لَمْ يَعْلَمْهَا مُوسَى وَلَمْ يَعْلَمْهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا جَازَ(36) الْوَقْتُ قَالُوا: غَرَّنَا مُوسَى، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ، وَلَكِنْ إِذَا كَثُرَتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ، وَأنْكَرَ فِي النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْض(37) فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا أمْرَ اللهِ صَبَاحاً وَمَسَاءً(38).
بيان: (الصيحة) كناية عن نزول الأمر بهم فجاءة.
10 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ألِهَذَا الأمْر أمَدٌ نُريحُ إِلَيْهِ أبْدَانَنَا وَنَنْتَهِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: (بَلَى، وَلَكِنَّكُمْ أذَعْتُمْ فَزَادَ اللهُ فِيهِ)(39).
الهوامش:
(1) في المصدر: (التزام).
(2) في المصدر إضافة: (ولم تجافوا جانبهم).
(3) في المصدر: (فورته).
(4) في الأصل المطبوع: (يخرج)، وهو تصحيف.
(5) في المصدر: (أبو حي).
(6) في المصدر: (عليه).
(7) في المصدر إضافة: (فيه) بين معقوفتين.
(8) الغيبة للطوسي: 329 - 331/ فصل 5.
(9) في المصدر: (لا أنَّ).
(10) في المصدر: (لهم).
(11) في المصدر: (الصبر).
(12) الغيبة للطوسي: 335/ فصل 5.
(13) الغيبة للطوسي: 340/ رقم 290.
(14) في المصدر إضافة: (والله) بين معقوفتين.
(15) في المصدر: (لتمحصنَّ).
(16) الغيبة للطوسي: 339/ رقم 288.
(17) الغيبة للنعماني: 206/ باب 12/ ح 12.
(18) المصدر السابق.
(19) في المصدر إضافة: (والله لتميزن).
(20) الزؤان - مثلثة -: ما يخالط البر من الحبوب، الواحدة زؤانة، قال في أقرب الموارد: وهو في المشهور يختصُّ بنبات حَبّه كحَبّ الحنطة إلاَّ أنَّه صغير، إذا أكل يحدث استرخاء يجلب النوم وهو ينبت غالباً بين الحنطة.
(21) الغيبة للطوسي: 340/ رقم 289.
(22) من المصدر.
(23) الغيبة للطوسي: 341 - 343/ رقم 292.
(24) الغيبة للنعماني: 295/ باب 16/ ح 14.
(25) هكذا في المطبوعة بين معقوفتين.
(26) الغيبة للطوسي: 425/ رقم 411.
(27) الغيبة للطوسي: 426/ رقم 412.
(28) الغيبة للطوسي: 426/ رقم 413.
(29) الغيبة للنعماني: 197/ باب 11/ ح 8 .
(30) الغيبة للنعماني: 294/ باب 16/ ح 11.
(31) الإمامة والتبصرة: 95/ باب 23/ ح 87 .
(32) الغيبة للطوسي: 426/ رقم 414.
(33) في المصدر: (مسلم).
(34) في المصدر: (ولا واع).
(35) يونس: 24.
(36) في المصدر: (جاوز).
(37) في المصدر: (ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة في الناس وأنكر بعضهم بعضاً).
(38) الغيبة للطوسي: 427/ رقم 415.
(39) الغيبة للطوسي: 427/ رقم 416.
******************
11 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (إِلَى السَّبْعِينَ بَلاَءٌ)، وَكَانَ يَقُولُ: (بَعْدَ الْبَلاَءِ رَخَاءٌ)، وَقَدْ مَضَتِ السَّبْعُونَ وَلَمْ نَرَ رَخَاءً، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا ثَابِتُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى كَانَ وَقَّتَ هَذَا الأمْرَ فِي السَّبْعِينَ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى أهْل الأرْض فَأخَّرَهُ إِلَى أرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، فَحَدَّثْنَاكُمْ فَأذَعْتُمُ الْحَدِيثَ، وَكَشَفْتُمْ قِنَاعَ السَّتْر فَأخَّرَهُ اللهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَنَا، وَ((يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ))(1).
قَالَ أبُو حَمْزَةَ: وَقُلْتُ ذَلِكَ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (قَدْ كَانَ ذَاكَ)(2).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (إنَّ الله تعالى قد (كان)(3) وقَّت... إلى آخر الخبر(4).
(بيان: قيل: السبعون إشارة إلى خروج الحسين عليه السلام، والمائة والأربعون إلى خروج الرضا عليه السلام إلى خراسان.
أقول: هذا لا يستقيم على التواريخ المشهورة، إذ كانت شهادة الحسين عليه السلام في أوّل سنة إحدى وستّين، وخروج الرضا عليه السلام في سنة مائتين من الهجرة.
والذي يخطر بالبال أنَّه يمكن أن يكون ابتداء التاريخ من البعثة، وكان ابتداء إرادة الحسين عليه السلام للخروج ومباديه قبل فوت معاوية بسنتين فإنَّ أهل الكوفة _ خذلهم الله _ كانوا يراسلونه في تلك الأيام وكان عليه السلام على الناس في المواسم كما مرَّ، ويكون الثاني إشارة إلى خروج زيد، فإنَّه كان في سنة اثنتين وعشرين ومائة من الهجرة، فإذا انضمَّ ما بين البعثة والهجرة إليها، يقرب ممّا في الخبر، أو إلى انقراض دولة بني أميّة أو ضعفهم، واستيلاء أبي مسلم إلى خراسان، وقد كتب إلى الصادق عليه السلام كتباً يدعوه إلى الخروج، ولم يقبله عليه السلام لمصالح، وقد كان خروج أبي مسلم إلى خراسان، في سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة فيوافق ما ذكر في الخبر من البعثة.
وعلى تقدير كون التاريخ من الهجرة يمكن أن يكون السبعون لاستيلاء المختار فإنَّه كان قتله سنة سبع وستين، والثاني لظهور أمر الصادق عليه السلام في هذا الزمان وانتشار شيعته في الآفاق مع أنَّه لا يحتاج تصحيح البداء إلى هذه التكلّفات)(5).
12 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي يَحْيَى التَّمْتَام السُّلَمِيَّ، عَنْ عُثْمَانَ النَّوَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (كَانَ هَذَا الأمْرُ فِيَّ فَأخَّرَهُ اللهُ وَيَفْعَلُ بَعْدُ فِي ذُرَّيَّتِي مَا يَشَاءُ)(6).
13 _ تفسير العياشي: أبُو لَبِيدٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا بَا لَبِيدٍ إِنَّهُ يَمْلِكُ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس اثْنَا عَشَرَ تُقْتَلُ بَعْدَ الثَّامِن مِنْهُمْ أرْبَعَةٌ، تُصِيبُ أحَدَهُمُ الذُّبَحَةُ، فَيَذْبَحُهُ هُمْ فِئَةٌ قَصِيرَةٌ أعْمَارُهُمْ قَلِيلَةٌ مُدَّتُهُمْ، خَبِيثَةٌ سِيرَتُهُمْ، مِنْهُمُ الْفُوَيْسِقُ الْمُلَقَّبُ بِالْهَادِي وَالنَّاطِقِ وَالْغَاوي.
يَا بَا لَبِيدٍ إِنَّ فِي حُرُوفِ الْقُرْآن الْمُقَطَّعَةِ لَعِلْماً جَمّاً، إِنَّ اللهَ تَعَالَى أنْزَلَ: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ))(7) فَقَامَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى ظَهَرَ نُورُهُ، وَثَبَتَتْ كَلِمَتُهُ، وَوُلِدَ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ مَضَى مِنَ الألْفِ السَّابِع مِائَةُ سَنَةٍ وَثَلاَثُ سِنِينَ).
ثُمَّ قَالَ: (وَتِبْيَانُهُ فِي كِتَابِ اللهِ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ إِذَا عَدَدْتَهَا مِنْ غَيْر تَكْرَارٍ وَلَيْسَ مِنْ حُرُوفٍ مُقَطَّعَةٍ حَرْفٌ يَنْقَضِي(8) إِلاَّ وَقِيَامُ قَائِم مِنْ بَنِي هَاشِم عِنْدَ انْقِضَائِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (الألِفُ وَاحِدٌ، وَاللاَّمُ ثَلاَثُونَ، وَالْمِيمُ أرْبَعُونَ، وَالصَّادُ تِسْعُونَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ، ثُمَّ كَانَ بَدْوُ خُرُوج الْحُسَيْن بْن عليًّ عليه السلام ((الم اللهُ)) فَلَمَّا بَلَغَتْ مُدَّتُهُ، قَامَ قَائِمُ وُلْدِ الْعَبَّاس عِنْدَ ((المص)) وَيَقُومُ قَائِمُنَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا بِـ ((الر)) فَافْهَمْ ذَلِكَ وَعِهِ وَاكْتُمْهُ)(9).
بيان: (الذبحة) كهمزة وجع في الحلق.
أقول: الذي يخطر بالبال في حلّ هذا الخبر الذي هو من معضلات الأخبار ومخبيات الأسرار، هو أنَّه عليه السلام بيَّن أنَّ الحروف المقطّعة التي في فواتح السور إشارة إلى ظهور ملك جماعة من أهل الحقّ، وجماعة من أهل الباطل، فاستخرج عليه السلام ولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم من عدد أسماء الحروف المبسوطة بزبرها وبيّناتها، كما يتلفّظ بها عند قراءتها بحذف المكرّرات، كأن تعد ألف لام ميم، تسعة، ولا تعد مكرّرة بتكرّرها في خمس من السور، فإذا عددتها كذلك تصير مائة وثلاثة أحرف وهذا يوافق تاريخ ولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّه كان قد مضى من الألف السابع من ابتداء خلق آدم عليه السلام مائة سنة وثلاث سنين، وإليه أشار بقوله: (وتبيانه) أي تبيان تاريخ ولادته عليه السلام.
ثُمَّ بيَّن عليه السلام أنَّ كلّ واحدة من تلك الفواتح إشارة إلى ظهور دولة من بني هاشم ظهرت عند انقضائها، فـ ((الم)) الذي في سورة البقرة إشارة إلى ظهور دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم إذ أوّل دولة ظهرت في بني هاشم كانت في دولة عبد المطلب فهو مبدأ التاريخ ومن ظهور دولته إلى ظهور دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وبعثته كان قريباً من أحد وسبعين الذي هو عدد ((الم)) فـ ((الم * ذلِكَ)) إشارة إلى ذلك.
وبعدد ذلك في نظم القرآن ((الم)) الذي في آل عمران، فهو إشارة إلى خروج الحسين عليه السلام إذ كان خروجه عليه السلام في أواخر سنة ستين من الهجرة، وكان بعثته صلى الله عليه وآله وسلّم قبل الهجرة نحواً من ثلاث عشر سنة وإنَّما كان شيوع أمره صلى الله عليه وآله وسلّم وظهوره بعد سنتين من البعثة.
ثُمَّ بعد ذلك في نظم القرآن ((المص)) وقد ظهرت دولة بني العبّاس عند انقضائها، ويشكل هذا بأنَّ ظهور دولتهم وابتداء بيعتهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقد مضى من البعثة مائة وخمس وأربعون سنة فلا يوافق ما في الخبر ويمكن التفصّي عنه بوجوه:
الأوّل: أن يكون مبدأ هذا التاريخ غير مبدأ ((الم)) بأن يكون مبدؤه ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مثلاً، فإنَّ بدو دعوة بني العبّاس كان في سنة مائة من الهجرة، وظهور بعض أمرهم في خراسان كان في سنة سبع أو ثمان ومائة، ومن ولادته صلى الله عليه وآله وسلّم إلى ذلك الزمان كان مائة وإحدى وستين سنة.
الثاني: أن يكون المراد بقيام قائم ولد العبّاس استقرار دولتهم وتمكّنهم، وذلك كان في أواخر زمان المنصور، وهو يوافق هذا التاريخ من البعثة.
الثالث: أن يكون هذا الحساب مبنيّاً على حساب الأبجد القديم، الذي ينسب إلى المغاربة، وفيه: (صعفض، قرست، ثخذ، ظغش) فالصاد في حسابهم ستون فيكون مائة وإحدى وثلاثين، وسيأتي التصريح بأنَّ حساب ((المص)) مبني على ذلك في خبر رحمة بن صدقة في كتاب القرآن(10) فيوافق تاريخه ((الم)) إذ في سنة مائة وسبع عشرة من الهجرة ظهرت دعوتهم في خراسان فاُخذوا وقتل بعضهم.
ويحتمل أن يكون مبدأ هذا التاريخ زمان نزول الآية وهي إن كانت مكّية كما هو المشهور، فيحتمل أن يكون نزولها في زمان قريب من الهجرة، فيقرب من بيعتهم الظاهرة، وإن كانت مدنيّة فيمكن أن يكون نزولها في زمان ينطبق على بيعتهم بغير تفاوت.
وإذا رجعت إلى ما حقّقناه في كتاب القرآن في خبر رحمة بن صدقة ظهر لك أنَّ الوجه الثالث أظهر الوجوه، ومؤيّد بالخبر، ومثل هذا التصحيف كثيراً ما يصدر من النسّاخ، لعدم معرفتهم بما عليه بناء الخبر، فيزعمون أنَّ ستين غلط لعدم مطابقته لما عندهم من الحساب، فيصحّفونها على ما يوافق زعمهم.
قوله: (فلمّا بلغت مدّته) أي كملت المدّة المتعلّقة بخروج الحسين عليه السلام فإنَّ ما بين شهادته صلوات الله عليه إلى خروج بني العبّاس كان من توابع خروجه، وقد انتقم الله من بني أميّة في تلك المدّة إلى أن أستأصلهم.
قوله عليه السلام: (ويقوم قائمنا عند انقضائها بـ ((الر)) هذا يحتمل وجوهاً:
الأوّل: أن يكون من الأخبار المشروطة البدائية ولم يتحقّق لعدم تحقّق شرطه كما تدلُّ عليه أخبار هذا الباب.
الثاني: أن يكون تصحيف ((المر)) ويكون مبدء التاريخ ظهور أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قريباً من البعثة كـ ((الم)) ويكون المراد بقيام القائم قيامه بالإمامة تورية، فإنَّ إمامته عليه السلام كانت في سنة ستين ومائتين، فإذا ضيف إليه أحد عشر سنة قبل البعثة يوافق ذلك.
الثالث: أن يكون المراد جميع أعداد كلّ ((الر)) يكون في القرآن وهي خمس مجموعها ألف ومائة وخمسة وخمسون، ويؤيّده أنَّه عليه السلام عند ذكر ((الم)) لتكرّره، ذكر ما بعده، ليتعيَّن السورة المقصودة، ويتبيَّن أنَّ المراد واحد منها بخلاف ((الر)) لكون المراد جميعاً فتفطَّن.
الرابع: أن يكون المراد انقضاء جميع الحروف مبتدئاً بـ ((الر)) بأن يكون الغرض سقوط ((المص)) من العدد، أو ((الم)) أيضاً، وعلى الأوّل يكون ألفاً وستمائة وستة وتسعين، وعلى الثاني يكون ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرين، وعلى حساب المغاربة يكون على الأوّل ألفين وثلاثمائة وخمسة وعشرين، وعلى الثاني ألفين ومائة وأربعة وتسعين، وهذه أنسب بتلك القاعدة الكلّية، وهي قوله: (وليس من حرف ينقضي) إذ دولتهم عليهم السلام آخر الدول، لكنَّه بعيد لفظاً، ولا نرضى به، رزقنا الله تعجيل فرجه عليه السلام.
هذا ما سمحت به قريحتي بفضل ربي في حلّ هذا الخبر المعضل وشرحه ((فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)) وأستغفر الله من الخطاء والخطل، في القول والعمل، إنَّه أرحم الراحمين.
14 _ تفسير العياشي: عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(11)، قَالَ: (إِذَا أخْبَرَ اللهُ النَّبِيَّ بِشَيْ‏ءٍ إِلَى وَقْتٍ فَهُوَ قَوْلُهُ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ)) حَتَّى يَأتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ)، وَقَالَ: (إِنَّ اللهَ إِذَا أخْبَرَ أنَّ شَيْئاً كَائِنٌ فَكَأنَّهُ قَدْ كَانَ)(12).
15 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (لاَ تَزَالُونَ تَنْتَظِرُونَ حَتَّى تَكُونُوا كَالْمَعْز الْمَهُولَةِ الَّتِي لاَ يُبَالِي الْجَازرُ أيْنَ يَضَعُ يَدَهُ مِنْهَا، لَيْسَ لَكُمْ شَرَفٌ تُشَرَّفُونَهُ وَلاَ سَنَدٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ اُمُورَكُمْ)(13).
بيان: (المهولة) أي المفزعة المخوفة، فإنَّها تكون أقلّ امتناعاً، و(الجازر) القصّاب.
16 _ قرب الإسناد: ابْنُ أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَنْ مَسْألَةٍ لِلرُّؤْيَا فَأمْسَكَ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّا لَوْ أعْطَيْنَاكُمْ مَا تُريدُونَ لَكَانَ شَرّاً لَكُمْ وَاُخِذَ بِرَقَبَةِ صَاحِبِ هَذَا الأمْر)، قَالَ: وَقَالَ: (وَأنْتُمْ بِالْعِرَاقِ تَرَوْنَ أعْمَالَ هَؤُلاَءِ الْفَرَاعِنَةِ وَمَا اُمْهِلَ لَهُمْ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا، وَلاَ تَغْتَرُّوا بِمَنْ اُمْهِلَ لَهُ فَكَأنَّ الأمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكُمْ)(14).
17 _ قرب الإسناد: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ أصْحَابَنَا رَوَوْا عَنْ شِهَابٍ، عَنْ جَدَّكَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (أبَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنْ يُمَلّكَ أحَداً مَا مَلَّكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ثَلاَثاً وَعِشْرينَ سَنَةً)، قَالَ: (إِنْ كَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَهُ جَاءَ كَمَا قَالَ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأيَّ شَيْ‏ءٍ تَقُولُ أنْتَ؟ فَقَالَ: (مَا أحْسَنَ الصَّبْرَ وَانْتِظَارَ الْفَرَج، أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِح: ((وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ))(15)، وَ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(16) فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْر فَإنَّهُ إِنَّمَا يَجِي‏ءُ الْفَرَجُ عَلَى الْيَأس وَقَدْ كَانَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أصْبَرَ مِنْكُمْ.
الهوامش:
(1) الرعد: 39.
(2) الغيبة للطوسي: 428/ رقم 417.
(3) من المصدر.
(4) الغيبة للنعماني: 293/ باب 16/ ح 10.
(5) هكذا في المطبوعة بين معقوفتين.
(6) الغيبة للطوسي: 428/ رقم 418.
(7) البقرة: 1 و2.
(8) في المصدر إضافة: (أيّام).
(9) تفسير العياشي 2: 3/ ح 3.
(10) أخرجه المصنّف مع الحديث السابق في (ج 19/ ص 69) من طبعة الكمباني من تفسير العياشي، فراجع: (ج 2/ ص 2).
(11) النحل: 11.
(12) تفسير العياشي 2: 254/ ح 2.
(13) الغيبة لللنعماني: 193/ باب 10/ ح 5؛ ومثله في روضة الكافي: 263، ولم يخرّجوه.
(14) قرب الإسناد: 380/ ح 1430 و1431.
(15) هود: 93.
(16) الأعراف: 71.
******************
وَقَدْ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: هِيَ وَاللهِ السُّنَنُ الْقُذَّةَ بِالْقُذَّةِ، وَمِشْكَاةً بِمِشْكَاةٍ وَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ فِيكُمْ مَا كَانَ فِي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَلَوْ كُنْتُمْ عَلَى أمْرٍ وَاحِدٍ كُنْتُمْ عَلَى غَيْر سُنَّةِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَلَوْ أنَّ الْعُلَمَاءَ وَجَدُوا مَنْ يُحَدَّثُونَهُمْ، وَيَكْتُمُ سِرَّهُمْ لَحَدَّثُوا وَلَبَثُّو(1) الْحِكْمَةَ، وَلَكِنْ قَدِ ابْتَلاَكُمُ اللهُ عزّ وجل بِالإذَاعَةِ وَأنْتُمْ قَوْمٌ تُحِبُّونَّا بِقُلُوبكُمْ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ فِعْلُكُمْ، وَاللهِ مَا يَسْتَوي اخْتِلاَفُ أصْحَابِكَ وَلِهَذَا اُسِرَّ(2) عَلَى صَاحِبكُمْ لِيُقَالَ: مُخْتَلِفِينَ. مَا لَكُمْ لاَ تَمْلِكُونَ أنْفُسَكُمْ، وَتَصْبِرُونَ حَتَّى يَجِي‏ءَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالَّذِي تُريدُونَ؟ إِنَّ هَذَا الأمْرَ لَيْسَ يَجِيءُ عَلَى مَا تُريدُ النَّاسُ إِنَّمَا هُوَ أمْرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَضَاؤُهُ وَالصَّبْرُ، وَإِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ.
إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَادَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَقَالَ لَهُ: يَا صَعْصَعَةُ لاَ تَفْتَخِرْ عَلَى إِخْوَانِكَ بِعِيَادَتِي إِيَّاكَ، وَانْظُرْ لِنَفْسِكَ، وَكَأنَّ الأمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكَ، وَلاَ يُلْهِيَنَّكَ الأمَلُ، وَقَدْ رَأيْتَ مَا كَانَ مِنْ مَوْلَى آل يَقْطِينٍ، وَمَا وَقَعَ مِنْ عِنْدِ الْفَرَاعِنَةِ مِنْ أمْركُمْ، وَلَوْ لاَ دِفَاعُ اللهِ عَنْ صَاحِبكُمْ، وَحُسْن تَقْدِيرهِ لَهُ وَلَكُمْ، هُوَ وَاللهِ مِنَ اللهِ وَدِفَاعِهِ عَنْ أوْلِيَائِهِ، أمَا كَانَ لَكُمْ فِي أبِي الْحَسَن صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عِظَةٌ؟ مَا تَرَى حَالَ هِشَام؟ هُوَ الَّذِي صَنَعَ بِأبِي الْحَسَن عليه السلام مَا صَنَعَ، وَقَالَ لَهُمْ وَأخْبَرَهُمْ، أتَرَى اللهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا رَكِبَ مِنَّا؟ وَقَالَ: لَوْ أعْطَيْنَاكُمْ مَا تُريدُونَ لَكَانَ شَرّاً لَكُمْ وَلَكِنَّ الْعَالِمَ يَعْمَلُ بِمَا يَعْلَمُ)(3).
18 _ علل الشرائع: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ بِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن يَقْطِينٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن مُوسَى عليه السلام: مَا بَالُ مَا رُويَ فِيكُمْ مِنَ الْمَلاَحِم لَيْسَ كَمَا رُويَ، وَمَا رُويَ فِي أعَادِيكُمْ قَدْ صَحَّ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: (إِنَّ الَّذِي خَرَجَ فِي أعْدَائِنَا كَانَ مِنَ الْحَقَّ فَكَانَ كَمَا قِيلَ، وَأنْتُمْ عُلّلْتُمْ بِالأمَانِيَّ فَخَرَجَ إِلَيْكُمْ كَمَا خَرَجَ)(4).
19 _ الاحتجاج: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ أنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهِ عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ: (أمَّا ظُهُورُ الْفَرَج فَإنَّهُ إِلَى اللهِ، وَكَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(5).
20 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا مَنْصُورُ إِنَّ هَذَا الأمْرَ لاَ يَأتِيكُمْ إِلاَّ بَعْدَ إِيَاسٍ، لاَ وَاللهِ(6) حَتَّى تُمَيَّزُوا، لاَ وَاللهِ(7) حَتَّى تُمَحَّصُوا، لاَ وَاللهِ(8) حَتَّى يَشْقَى مَنْ يَشْقَى، وَيَسْعَدَ مَنْ يَسْعَدُ)(9).
21 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ هَانِئ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً الْمُتَمَسَّكُ فِيهَا بِدِينهِ كَالْخَارطِ لِلْقَتَادِ) ثُمَّ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(10).
الغيبة للطوسي: سعد، عن اليقطيني، مثله(11).
بيان: (القتاد) شجر عظيم له شوك مثل الأبر، و(خرط القتاد) يضرب مثلاً للأمور الصعبة.
22 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَبْدِ اللهِ الأصَمَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُخْتَارٍ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ بِلاَ إِمَام هُدًى، وَلاَ عَلَم، يَبْرَاُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُمَيَّزُونَ وَتُمَحَّصُونَ وَتُغَرْبَلُونَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتِلاَفُ السَّنِينَ(12) وَإِمَارَةٌ مِنْ أوَّل النَّهَار، وَقَتْلٌ وَقَطْعٌ(13) فِي آخِر النَّهَار)(14).
بيان: (اختلاف السنين) أي السنين المجدبة والقحط، أو كناية عن نزول الحوادث في كلّ سنة.
23 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ جَمَاعَةً نَتَحَدَّثُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: (فِي أيَّ شَيْءٍ أنْتُمْ؟ أيْهَاتَ أيْهَاتَ لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُغَرْبَلُوا، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُو(15)، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ إِلاَّ بَعْدَ إِيَاسٍ، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى يَشْقَى مَنْ شَقِيَ، وَيَسْعَدَ مَنْ سَعِدَ)(16).
الغيبة للنعماني: أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد المحمّدي من كتابه في سنة ثمان وستّين ومائتين، عن محمّد بن منصور الصيقل، عن أبيه، عن الباقر عليه السلام، مثله(17).
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أنَا وَالْحَارثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِنَا جُلُوساً عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام يَسْمَعُ كَلاَمَنَا، قَالَ... وَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلاَّ أنَّهُ‏ يَقُولُ فِي كُلّ مَرَّةٍ: (لاَ وَاللهِ مَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْنَاقَكُمْ(18) بِيَمِينٍ)(19).
24 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو الْحَسَن عليه السلام: (أمَا وَاللهِ لاَ يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُوا وَتُمَحَّصُوا. وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأنْدَرُ)، ثُمَّ تَلاَ: (أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَم اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرينَ)(20).
25 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: (وَتُمَحَّصُوا ثُمَّ يَذْهَبُ مِنْ كُلّ عَشَرَةٍ شَيْءٌ وَلاَ يَبْقَى)(21).
26 _ الغيبة للطوسي: سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن الْحُسَيْن بْن عِيسَى الْعَلَويَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: (إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنَ الأئِمَّةِ فَاللهَ اللهَ فِي أدْيَانِكُمْ لاَ يُزيلَنَّكُمْ عَنْهَا أحَدٌ، يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللهِ امْتَحَنَ اللهُ بِهَا خَلْقَهُ)(22).
27 _ الغيبة للطوسي: الأسَدِيُّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم وَأبِي بَصِيرٍ، قَالاَ: سَمِعْنَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا النَّاس)، فَقُلْنَا: إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا النَّاس فَمَنْ يَبْقَى؟ فَقَالَ: (أمَا تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي)(23).
28 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَتَى يَكُونُ فَرَجُكُمْ؟ فَقَالَ: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لاَ يَكُونُ فَرَجُنَا حَتَّى تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا _ يَقُولُهَا ثَلاَثاً _ حَتَّى يَذْهَبَ الْكَدِرُ وَيَبْقَى الصَّفْوُ)(24).
29 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ(25)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هُلَيْلٍ(26)، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَاتَ أبِي عَلَى هَذَا الأمْر وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ السَّنِينَ مَا قَدْ تَرَى، أمُوتُ وَلاَ تُخْبِرُني بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: (يَا أبَا إِسْحَاقَ أنْتَ تَعْجَلُ)، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ أعْجَلُ، وَمَا لِي لاَ أعْجَلُ‏ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ السَّنَّ مَا تَرَى؟ فَقَالَ: (أمَا وَاللهِ يَا أبَا إِسْحَاقَ مَا يَكُونُ ذَلِكَ، حَتَّى تُمَيَّزُوا وَتُمَحَّصُوا، وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأقَلُّ) ثُمَّ صَعَّرَ كَفَّهُ(27).
30 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، قَالَ: قَالَ أبُو الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: (وَاللهِ مَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ إِلَيْهِ حَتَّى تُمَحَّصُوا وَتُمَيَّزُوا وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأنْدَرُ فَالأنْدَرُ)(28).
31 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْمَغْرَاءِ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَمْ مَعَ الْقَائِم مِنَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: (شَيْءٌ يَسِيرٌ)، فَقُلْتُ: وَاللهِ إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الأمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ، فَقَالَ: (لاَ بُدَّ لِلنَّاس مِنْ أنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا وَيَخْرُجُ فِي الْغِرْبَال خَلْقٌ كَثِيرٌ)(29).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن عليّ، عن أبي المغراء، عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول... وذكر مثله(30).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري، عن أبيه، عن محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد الحميري، عن الأنباري، مثله(31).
32 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن(32) بْن عَلِيَّ بْن زيَادٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَتُمَيَّزُنَّ وَ(اللهِ)(33) لَتُمَحَّصُنَّ وَاللهِ لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ مِنَ الْقَمْح)(34).
33 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ مِسْكِينٍ الرَّحَّال، عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ نُفَيْلٍ،‏ قَالَتْ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عليًّ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَبْرَأ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَحَتَّى يُسَمَّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ)(35).
34 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدٌ وَأحْمَدُ ابْنَا الْحَسَن(36)، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أبِي كَهْمَسٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ مَالِكِ بْن ضَمْرَةَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (يَا مَالِكَ بْنَ ضَمْرَةَ! كَيْفَ أنْتَ إِذَا اخْتَلَفَتِ الشّيعَةُ هَكَذَا؟) وَشَبَّكَ أصَابِعَهُ وَأدْخَلَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ يَا مَالِكُ، عِنْدَ ذَلِكَ يَقُومُ قَائِمُنَا فَيُقَدَّمُ سَبْعِينَ رَجُلاً يَكْذِبُونَ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ فَيَقْتُلُهُمْ، ثُمَّ يَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى أمْرٍ وَاحِدٍ)(37).
35 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَمَّر بْن خَلاَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام يَقُولُ: (((الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))(38))، ثُمَّ قَالَ لِي: (مَا الْفِتْنَةُ؟)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الَّذِي عِنْدَنَا أنَّ الْفِتْنَةَ فِي الدَّين، ثُمَّ قَالَ: (يُفْتَنُونَ كَمَا يُفْتَنُ الذَّهَبُ)، ثُمَّ قَالَ: (يُخْلَصُونَ كَمَا يُخْلَصُ الذَّهَبُ)(39).
36 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن صَالِح رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (إِنَّ حَدِيثَكُمْ هَذَا لَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ قُلُوبُ الرَّجَال، فَانْبِذُو(40) إِلَيْهِمْ نَبْذاً فَمَنْ أقَرَّ بِهِ فَزيدُوهُ، وَمَنْ أنْكَرَهُ فَذَرُوهُ، إِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ أنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ حَتَّى يَسْقُطَ فِيهَا مَنْ يَشُقُّ الشَّعْرَةَ بِشَعْرَتَيْن حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ نَحْنُ وَشِيعَتُنَا)(41).
37 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ أبِي هَرَاسَةَ الْبَاهِلِيَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ صَبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كُونُوا كَالنَّحْل فِي الطَّيْر لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْر إِلاَّ وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا، وَلَوْ عَلِمَتِ الطَّيْرُ مَا فِي‏ أجْوَافِهَا مِنَ الْبَرَكَةِ لَمْ يَفْعَلْ(42) بِهَا ذَلِكَ، خَالِطُوا النَّاسَ بِألْسِنَتِكُمْ وَأبْدَانِكُمْ وَزَايِلُوهُمْ بِقُلُوبكُمْ وَأعْمَالِكُمْ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يُسَمَّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ _ أوْ قَالَ: مِنْ شِيعَتِي _ (إِلاَّ) كَالْكُحْل فِي الْعَيْن وَالْمِلْح فِي الطَّعَام وَسَأضْربُ لَكُمْ مَثَلاً، وَهُوَ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ لَهُ طَعَامٌ، فَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ أدْخَلَهُ بَيْتاً وَتَرَكَهُ فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإذَا هُوَ قَدْ (أصَابَهُ السُّوسُ فَأخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ ثُمَّ أعَادَهُ إِلَى الْبَيْتِ فَتَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإذَا هُوَ قَدْ)(43) أصَابَ(44) طَائِفَةً مِنْهُ السُّوسُ فَأخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ وَأعَادَهُ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ رزْمَةٌ كَرزْمَةِ الأنْدَر لاَ يَضُرُّهُ السُّوسُ شَيْئاً، وَكَذَلِكَ أنْتُمْ تُمَيَّزُونَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ عِصَابَةٌ لاَ تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ شَيْئاً)(45).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن على بن التيملي، عن محمّد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي كهمس وغيره، رفع الحديث إلى أميرالمؤمنين عليه السلام وذكر مثله(46).
بيان: قوله عليه السلام: (كالنحل في الطير) أمر بالتقية، أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحقّ كما أنَّ النحل لا يظهر ما في بطنها على الطيور وإلاَّ لأفنوها، و(الرزمة) باكسر ما شدّ في ثوب واحد، و(الأندر) البيدر(47).
الهوامش:
(1) في المصدر: (ولبيّنوا).
(2) في المصدر: (ستر) بدل (أسر).
(3) قرب الإسناد: 380 و381/ ح 1343.
(4) علل الشرائع: 581/ باب 385/ ح 16.
(5) الاحتجاج 2: 543/ رقم 344.
(6) في المصدر إضافة: (لا يأتيكم) بين معقوفتين.
(7) في المصدر إضافة: (لا يأتيكم) بين معقوفتين.
(8) في المصدر إضافة: (لا يأتيكم) بين معقوفتين.
(9) كمال الدين 2: 346/ باب 33/ ح 32.
(10) كمال الدين 2: 346/ باب 33/ ح 34.
(11) الغيبة للطوسي: 455/ رقم 465.
(12) في المصدر: (السيفين).
(13) في المصدر: (خلع).
(14) كمال الدين 2: 347 و348/ باب 33/ ح 36.
(15) في المصدر إضافة: (لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّى يتمحصوا) بين معقوفتين.
(16) الغيبة للطوسي: 335/ رقم 281؛ والكافي 1: 370، وفيه: (وأبو عبد الله يسمع كلامنا).
(17) الغيبة للنعماني: 208 و209/ باب 12/ ح 16.
(18) في المصدر: (أعينكم).
(19) الغيبة للنعماني: 209/ باب 12/ ذيل حديث 16.
(20) الغيبة للطوسي: 336/ رقم 283.
(21) قرب الإسناد: 369/ ح 1321.
(22) الغيبة للطوسي: 337/ رقم 284.
(23) الغيبة للطوسي: 339/ رقم 286.
(24) الغيبة للطوسي: 339/ رقم 287.
(25) هو أحمد بن أبي أحمد الورّاق كما في الغيبة للنعماني هذا (ص 267)، علماً بأنَّ ابن حجر ذكر (أحمد بن محمّد) وقال: (هو ابن أحمد الجراجاني، روى عن ابن علية ونحوه). (لسان الميزان 1: 328/ رقم 888)، ومن المحتمل اتّحاده مع (أحمد بن محمّد بن أحمد الجرجاني) الذي ذكره النجاشي في رجاله (ص 86) وكنّاه بأبي علي ووثَّقه، ثمّ قال: (ذكر أصحابنا أنَّه وقع إليهم من كتبه كتاب كبير في ذكر من روى من طرق أصحاب الحديث أنَّ المهدي من ولد الحسين، وفيه أخبار القائم عليه السلام).
(26) في المصدر: (هلال).
(27) الغيبة للنعماني: 208/ باب 12/ ح 14، ومعنى صعَّر كفَّه: أى أمالها تهاوناً بالناس.
(28) الغيبة للنعماني: 208/ باب 12/ ح 15.
(29) الغيبة للنعماني: 204/ باب 12/ ح 7.
(30) الغيبة للنعماني: 205/ باب 12/ ذيل حديث 7.
(31) دلائل الإمامة: 456/ ح 436.
(32) في المصدر: (الحسن).
(33) من المصدر.
(34) الغيبة للنعماني: 205/ باب 12/ ح 8 .
(35) الغيبة للنعماني: 205 و206/ باب 12/ ح 9.
(36) في المصدر: (أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدَّثنا محمّد وأحمد ابنا الحسن)، وهو الصحيح.
(37) الغيبة للنعماني: 206/ باب 12/ ح 11.
(38) العنكبوت: 25.
(39) الغيبة للنعماني: 202/ باب 12/ ح 2.
(40) في المصدر: (فانبذوه).
(41) الغيبة للنعماني: 202/ باب 12/ ح 3.
(42) في المصدر: (تفعل).
(43) من المصدر.
(44) في المصدر: (أصابته).
(45) الغيبة للنعماني: 209 و210/ باب 12/ ح 17.
(46) الغيبة للنعماني: 210/ باب 12/ ذيل حديث 17.
(47) جاء في هامش المطبوعة نقلاً عن المؤلّف رحمه الله: (في النهاية: الأندر: البيدر، وهو الموضع الذي يداس فيه الطعام بلغة الشام، والأندر أيضاً صبرة من الطعام)، انتهى. (النهاية 1: 74)، أقول: لعلَّ المعنى الأخير هنا أنسب فتذكَّر.
******************
38 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس بْن عِيسَى، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ الْبَاقِرُ: (إِنَّمَا مَثَلُ شِيعَتِنَا مَثَلُ أنْدَرٍ يَعْنِي بِهِ بَيْتاً فِيهِ طَعَامٌ(1) فَأصَابَهُ آكِلٌ فَنُقّيَ ثُمَّ أصَابَهُ‏ آكِلٌ فَنُقّيَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُ مَا لاَ يَضُرُّهُ الآكِلُ، وَكَذَلِكَ شِيعَتُنَا يُمَيَّزُونَ وَيُمَحَّصُونَ حَتَّى يَبْقَى(2) مِنْهُمْ عِصَابَةٌ لاَ تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ)(3).
39 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ الْمُحَمَّدِيَّ، عَن التَّفْلِيسِيَّ، عَن السَّمَنْدِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْمُؤْمِنُونَ يُبْتَلَوْنَ ثُمَّ يُمَيَّزُهُمُ اللهُ عِنْدَهُ، إِنَّ اللهَ لَمْ يُؤْمِن الْمُؤْمِنينَ مِنْ بَلاَءِ الدُّنْيَا وَمَرَائِرهَا، وَلَكِنَّهُ آمَنَهُمْ مِنَ الْعَمَى وَالشَّقَاءِ فِي الآخِرَةِ)، ثُمَّ قَالَ: (كَانَ(4) الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام يَضَعُ قَتْلاَهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يَقُولُ: قَتْلاَنَا قَتْلَى النَّبِيَّينَ(5) وَآل النَّبِيَّينَ).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(6)، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ: مَا لِهَذَا الأمْر أمَدٌ يُنْتَهَى إِلَيْهِ وَنُريحُ(7) أبْدَانَنَا؟ قَالَ: (بَلَى وَلَكِنَّكُمْ أذَعْتُمْ فَأخَّرَهُ اللهُ)(8).
41 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَبَّاسِيَّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا مُحَمَّدُ مَنْ أخْبَرَكَ عَنَّا تَوْقِيتاً فَلاَ تَهَابُهُ(9) أنْ تُكَذّبَهُ، فَإنَّا لاَ نُوَقّتُ(10) وَقْتاً)(11).
42 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل(12) بْن إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ (وَمُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن الْقَطَوَانِيَّ)(13) جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (قَدْ كَانَ لِهَذَا الأمْر وَقْتٌ وَكَانَ فِي سَنَةِ أرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَحَدَّثْتُمْ بِهِ وَأذَعْتُمُوهُ فَأخَّرَهُ اللهُ عزّ وجل)(14).
43 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا إِسْحَاقُ إِنَّ هَذَا الأمْرَ قَدْ اُخّرَ مَرَّتَيْن)(15).
44 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ شُيُوخِهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْقَاسِم‏ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَن الْقَائِم فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّا أهْلُ بَيْتٍ لاَ نُوَقّتُ)، ثُمَّ قَالَ: (أبَى اللهُ إِلاَّ أنْ يُخَالِفَ(16) وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ)(17).
45 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْخَزَّاز، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيَّ، عَن الْفَضْل(18) بْن يَسَارٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِهَذَا الأمْر وَقْتاً؟ فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا خَرَجَ وَافِداً إِلَى رَبَّهِ وَاعَدَهُمْ ثَلاَثِينَ يَوْماً فَلَمَّا زَادَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الثَّلاَثِينَ عَشْراً، قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: قَدْ أخْلَفَنَا مُوسَى فَصَنَعُوا مَا صَنَعُوا)، (قَالَ)(19): (فَإذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ، وَإِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى خِلاَفِ مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ، فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ تُؤْجَرُوا مَرَّتَيْن)(20).
46 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن إِسْمَاعِيلَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مِهْزَم(21)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَهُ مُلُوكَ بَنِي فُلاَنٍ فَقَالَ: (إِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ مِن اسْتِعْجَالِهِمْ لِهَذَا الأمْر، إِنَّ اللهَ لاَ يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ، إِنَّ لِهَذَا الأمْر غَايَةً يُنْتَهَى إِلَيْهَا فَلَوْ قَدْ بَلَغُوهَا لَمْ يَسْتَقْدِمُوا سَاعَةً وَلَمْ يَسْتَأخِرُوا)(22).
47 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّا لاَ نُوَقّتُ هَذَا الأمْرَ)(23).
48 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(24) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَازم(25)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى خُرُوجُ الْقَائِم عليه السلام؟ فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ لاَ نُوَقَّتُ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ عليه السلام: كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّ قُدَّامَ هَذَا الأمْر خَمْسَ عَلاَمَاتٍ: أوَّلُهُنَّ النّدَاءُ فِي شَهْر رَمَضَانَ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَخُرُوجُ الْخُرَاسَانِيَّ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ).
ثُمَّ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ قُدَّامَ ذَلِكَ الطَّاعُونَان: الطَّاعُونُ الأبْيَضُ وَالطَّاعُونُ الأحْمَرُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّ شَيْءٍ الطَّاعُونُ الأبْيَضُ؟ وَأيُّ شَيْ‏ءٍ الطَّاعُونُ الأحْمَرُ؟ قَالَ: (الطَّاعُونُ الأبْيَضُ الْمَوْتُ الْجَاذِفُ(26)، وَالطَّاعُونُ الأحْمَرُ السَّيْفُ، وَلاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ حَتَّى يُنَادَى بِاسْمِهِ مِنْ جَوْفِ السَّمَاءِ فِي لَيْلَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ (فِي شَهْر رَمَضَانَ)(27) لَيْلَةَ جُمُعَةٍ)، قُلْتُ: بِمَ يُنَادَى؟ قَالَ: (بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ: ألاَ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأطِيعُوهُ، فَلاَ يَبْقَى شَيْءٌ خَلَقَ اللهُ فِيهِ الرُّوحَ إِلاَّ سَمِعَ الصَّيْحَةَ فَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَيَخْرُجُ إِلَى صَحْن دَارهِ، وَتَخْرُجُ الْعَذْرَاءُ مِنْ خِدْرهَا، وَيَخْرُجُ الْقَائِمُ مِمَّا يَسْمَعُ، وَهِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام(28).
بيان: (الجاذف) السريع.
49 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ اللهَ أوْحَى إِلَى عِمْرَانَ أنّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً سَويّاً مُبَارَكاً يُبْرئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإذْن اللهِ وَجَاعِلُهُ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَحَدَّثَ عِمْرَانُ امْرَأتَهُ حَنَّةَ بِذَلِكَ وَهِيَ اُمُّ مَرْيَمَ، فَلَمَّا حَمَلَتْ كَانَ حَمْلُهَا بِهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غلام، فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ: ((رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى‏... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُْنْثى))‏(29)أيْ لاَ تَكُونُ الْبِنْتُ رَسُولاً. يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ)) فَلَمَّا وَهَبَ اللهُ لِمَرْيَمَ عِيسَى كَانَ هُوَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِمْرَانَ‏ وَوَعَدَهُ إِيَّاهُ، فَإذَا قُلْنَا فِي الرَّجُل مِنَّا شَيْئاً فَكَانَ فِي وَلَدِهِ أوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلاَ تُنْكِرُوا ذَلِكَ)(30).
بيان: حاصل هذا الحديث وأضرابه أنَّه قد يحمل المصالح العظيمة الأنبياء والأوصياء عليهم السلام على أن يتكلّموا في بعض الأمور على وجه المجاز والتورية وبالأمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو والإثبات ثُمَّ يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأوّل فيجب عليهم أن لا يحملوه على الكذب ويعلموا أنَّ المراد منه غير ما فهموه كمعنى مجازي أو كان وقوعه مشروطاً بشرط لم يتحقّق.
ومن جملة ذلك زمان قيام القائم عليه السلام وتعيينه من بينهم عليهم السلام لئلاّ ييأس الشيعة ويسلوا أنفسهم من ظلم الظالمين بتوقّع قرب الفرج فربما قالوا: فلان القائم، ومرادهم القائم بأمر الإمامة كما قالوا: (كلّنا قائمون بأمرالله)، وربما فهمت الشيعة أنَّه القائم بأمر الجهاد والخارج بالسيف، أو أرادوا أنَّه إن أذن الله له في ذلك يقوم به، أو إن عملت الشيعة بما يجب عليهم من الصبر وكتمان السرّ وطاعة الإمام يقوم به، أو كما روي عن الصادق عليه السلام أنَّه قال: (ولدي هو القائم) والمراد به السابع من ولده لا ولده بلا واسطة.
ثُمَّ مثل ذلك بما أوحى الله سبحانه إلى عمران: أنّي واهب لك ذكراً، وكان المراد ولد الولد، وفهمت حنّة أنَّه الولد بلا واسطة فالمراد بقوله عليه السلام: (فإذا قلنا...) إلى آخره، أي بحسب فهم الناس أو ظاهر اللفظ، أو المراد أنَّه قيل فيه حقيقة ولكن كان مشروطاً بأمر لم يقع فوقع فيه البداء بالمعنى الذي حقّقناه في بابه ووقع في ولده.
وعلى هذا ما ذكر في أمر عيسى عليه السلام إنَّما ذكر على التنظير وإن لم تكن بينهما مطابقه تامّة أو كان أمر عيسى أيضاً كذلك بأنَّه كان قدّر في الولد بلا واسطة وأخبر به ثُمَّ وقع فيه البداء وصار في ولد الولد.
ويحتمل المثل ومضربه معاً وجهاً آخر وهو أن يكون المراد فيهما معنى مجازيّاً على وجه آخر، ففي المثل أطلق الذكر السوي على مريم عليها السلام لأنَّها سبب وجود عيسى عليه السلام إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، وكذا في المضرب أطلق القائم على من في صلبه القائم إمَّا على الوجه المذكور أو إطلاقاً لاسم الجزء على الكلّ وإن كانت الجزئية أيضاً مجازيّة والله يعلم مرادهم عليهم السلام.
50 _ كِتَابُ الْمُحْتَضَر لِلْحَسَن بْن سُلَيْمَانَ تِلْمِيذِ الشَّهِيدِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا: قَالَ: رُويَ أنَّهُ وَجَدَ بِخَطّ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريَّ عليه السلام مَا صُورَتُهُ: (قَدْ صَعِدْنَا ذُرَى الْحَقَائِقِ بِأقْدَام النُّبُوَّةِ وَالْوَلاَيَةِ...) وَسَاقَهُ إِلَى أنْ قَالَ: (وَسَيَسْفِرُ لَهُمْ يَنَابِيعُ الْحَيَوَان بَعْدَ لَظَى النّيرَان لِتَمَام ((الم)) وَ((طه)) وَالطَّوَاسِين مِنَ السَّنِينَ)(31).
بيان: يحتمل أن يكون المراد كلّ ((الم)) وكلّ ما اشتمل عليها من المقطعات أي ((المص)) والمراد جميعها مع ((طه)) والطواسين ترتقي إلى ألف ومائة وتسعة وخمسين وهو قريب من أظهر الوجوه التي ذكرناها في خبر أبي لبيد، ويؤيّده كما أومأنا إليه.
ثُمَّ إنَّ هذه التوقيتات على تقدير صحّة أخبارها لا ينافي النهي عن التوقيت إذ المراد بها النهي عن التوقيت على الحتم، لا على وجه يحتمل البداء كما صرّح في الأخبار السالفة، أو عن التصريح به فلا ينافي الرمز والبيان على وجه يحتمل الوجوه الكثيرة، أو يخصّص بغير المعصوم عليه السلام وينافي الأخير بعض الأخبار والأوّل أظهر.
وغرضنا من ذكر تلك الوجوه إبداء احتمال لا ينافي ما مرَّ من هذا الزمان فإن مرَّ هذا الزمان ولم يظهر الفرج والعياذ بالله كان ذلك من سوء فهمنا والله المستعان. مع أنَّ احتمال البداء قائم في كلّ من محتملاتها كما مرَّت الإشارة إليه في خبر ابن يقطين والثمالي وغيرهما، فاحذر من وساوس شياطين الإنس والجان وعلى الله التكلان.
* * *
الهوامش:
(1) في المصدر: (يعني بيدراً فيه طعام)، والمعنى واحد فإنَّ من معاني الأندر: كدس القمح، قاله الفيروزآبادي، وقال الشرتوني في أقرب الموارد: (الكدس هو الحَبّ المحصود المجموع، أو هو ما يجمع من الطعام في البيدر، فإذا ديس ودقَّ فهو العرمة)، ويظهر من ذلك أنَّ المراد بالطعام هنا، ما لم يدسّ ولم يدقّ، بل الطعام الذى هو في سنبله بعد ولا يسوس الطعام في سنبله إلاَّ قليلاً بعد مدّة طويلة، فيناسب معنى الخبر.
(2) في المصدر: (تبقى).
(3) الغيبة للنعماني: 210 و211/ باب 12/ ح 18.
(4) في المصدر إضافة: (علي بن).
(5) الغيبة للنعماني: 211/ باب 12/ ح 19.
(6) في المصدر: (الحسن).
(7) في المصدر: (وتريح).
(8) الغيبة للنعماني: 288/ باب 16/ ح 1.
(9) في المصدر: (فلا تهابنَّ).
(10) في المصدر إضافة: (لأحد).
(11) الغيبة للنعماني: 289/ باب 16/ ح 3.
(12) من المصدر.
(13) من المصدر.
(14) الغيبة للنعماني: 292/ باب 16/ ح 8 .
(15) الغيبة للنعماني: 292/ باب 16/ ح 9.
(16) في المصدر: (يخلف) بدل (يخالف).
(17) الغيبة للنعماني: 294/ باب 16/ ح 12.
(18) في المصدر: (الفضيل).
(19) كلمة: (قال) ليست في المصدر.
(20) الغيبة للنعماني: 294/ باب 16/ ح 13.
(21) هذا هو الصحيح، راجع (الكافي 1: 369)؛ وإبراهيم بن مهزم الأسدي المعروف بابن أبي بردة له كتاب عنونه النجاشى (ص 22) وقال: ثقة ثقة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام وعمَّر عمراً طويلاً، وروى مهزم أيضاً عن أبي عبد الله، وفي النسخة المطبوعة: (عن الحسن ابن علي بن إبراهيم، عن أخيه، عن أبي عبد الله عليه السلام)، وهو تصحيف.
(22) الغيبة للنعماني: 296/ باب 16/ ح 15.
(23) الغيبة للنعماني: 289/ باب 16/ ح 5.
(24) في المصدر: (حسّان).
(25) في المصدر: (أبي حمزة).
(26) في المصدر: (الجارف) وهو الموت العامّ، وهو الصحيح، ويأتي معنى (الجاذف) في (بيان) المؤلّف بعد هذا بمعنى: السريع.
(27) من المصدر.
(28) الغيبة للنعماني: 289 و290/ باب 16/ ح 6.
(29) آل عمران: 36، وذيلها: ((وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثى)).
(30) أصول الكافي 1: 535/ باب (في أنَّه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فإنَّه هو الذي قيل فيه)/ ح 1.
(31) لم نعثر عليه في المظانّ من المحتضر هذا.
******************
باب (22): فضل انتظار الفرج ومد ح الشيعة في زمان الغيبة وما ينبغي فعله في ذلك الزمان
1 _ الخصال: فِي خَبَر الأعْمَش، قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (مِنْ دِين الأئِمَّةِ الْوَرَعُ وَالْعِفَّةُ وَالصَّلاَحُ...) إِلَى قَوْلِهِ: (وَانْتِظَارُ الْفَرَج بِالصَّبْر)(1).
2 _ عيون أخبار الرضا: بِالأسَانِيدِ الثَّلاَثَةِ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أفْضَلُ أعْمَال اُمَّتِي انْتِظَارُ فَرَج اللهِ عزّ وجل)(2).
3 _ أمالي الطوسي: ابْنُ حَمَّوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن بَكْرٍ، عَن ابْن مُقْبِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَبِيبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ الْقَرَويَّ(3)، عَنْ سَعِيدِ بْن مُسْلِم، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عليًّ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ رَضِيَ عَن(4) اللهِ بِالْقَلِيل مِنَ الرَّزْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ(5) بِالْقَلِيل مِنَ الْعَمَل، وَانْتِظَارُ الْفَرَج عِبَادَةٌ)(6).
أقُولُ: سَيَأتِي فِي بَابِ مَوَاعِظِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ سَألَ عَنْهُ رَجُلٌ: أيُّ الأعْمَال أحَبُّ إِلَى اللهِ عزّ وجل؟ قَالَ: (انْتِظَارُ الْفَرَج).
4 _ الاحتجاج: عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (تَمْتَدُّ الْغَيْبَةُ بِوَلِيَّ اللهِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أوْصِيَاءِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالأئِمَّةِ بَعْدَهُ، يَا أبَا خَالِدٍ إِنَّ أهْلَ زَمَان غَيْبَتِهِ، الْقَائِلُونَ(7) بِإمَامَتِهِ، الْمُنْتَظِرُونَ لِظُهُورهِ، أفْضَلُ أهْل كُلّ زَمَانٍ، لأنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُول وَالأفْهَام وَالْمَعْرفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزلَةِ الْمُشَاهَدَةِ، وَجَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان بِمَنْزلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالسَّيْفِ، اُولَئِكَ الْمُخْلَصُونَ حَقّاً، وَشِيعَتُنَا صِدْقاً، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِين اللهِ سِرّاً وَجَهْراً)، وَقَالَ عليه السلام: (انْتِظَارُ الْفَرَج مِنْ أعْظَم الْفَرَج)(8).
5 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن ابْن قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن‏ عليًّ عليهما السلام وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ بَعْدَ مَا قَضَيْنَا نُسُكَنَا فَوَدَّعْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: أوْصِنَا يَا ابْنَ رَسُول اللهِ، فَقَالَ: (لِيُعِنْ قَويُّكُمْ ضَعِيفَكُمْ، وَلْيَعْطِفْ غَنِيُّكُمْ عَلَى فَقِيركُمْ، وَلْيَنْصَح الرَّجُلُ أخَاهُ كَنُصْحِهِ(9) لِنَفْسِهِ، وَاكْتُمُوا أسْرَارَنَا، وَلاَ تَحْمِلُوا النَّاسَ عَلَى أعْنَاقِنَا.
وَانْظُرُوا أمْرَنَا وَمَا جَاءَكُمْ عَنَّا، فَإنْ وَجَدْتُمُوهُ فِي الْقُرْآن(10) مُوَافِقاً فَخُذُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مُوَافِقاً فَرُدُّوهُ، وَإِن اشْتَبَهَ الأمْرُ عَلَيْكُمْ فَقِفُوا عِنْدَهُ، وَرُدُّوهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَشْرَحَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا شُرحَ لَنَا، فَإذَا كُنْتُمْ كَمَا أوْصَيْنَاكُمْ وَلَمْ تَعَدَّوْا إِلَى غَيْرهِ فَمَاتَ مِنْكُمْ مَيَّتٌ قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ قَائِمُنَا كَانَ شَهِيداً، وَمَنْ أدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أجْرُ شَهِيدَيْن، وَمَنْ قَتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أجْرُ عِشْرينَ شَهِيداً)(11).
6 _ كمال الدين، ومعاني الأخبار: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن الْعَمْرَكِيَّ الْبُوفَكِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (طُوبَى لِمَنْ تَمَسَّكَ بِأمْرنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا فَلَمْ يَزغْ قَلْبُهُ بَعْدَ الْهِدَايَةِ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا طُوبَى؟ قَالَ: (شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أصْلُهَا فِي دَار عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَلَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَفِي دَارهِ غُصْنٌ مِنْ أغْصَانِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ))(12).(13)
7 _ الخصال: الأرْبَعُمِائَةِ، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (انْتَظَرُوا الْفَرَجَ وَلاَ تَيْأسُوا مِنْ رَوْح اللهِ، فَإنَّ أحَبَّ الأعْمَال إِلَى اللهِ عزّ وجل انْتِظَارُ الْفَرَج)(14).
وَقَالَ عليه السلام: (مُزَاوَلَةُ قَلْع الْجِبَال أيْسَرُ مِنْ مُزَاوَلَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ، وَاسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، لاَ تُعَاجِلُوا الأمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الأمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ)(15).
وَقَالَ عليه السلام: (الآخِذُ بِأمْرنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظِيرَةِ الْقُدْس، وَالْمُنْتَظِرُ لأمْرنَا كَالْمُتَشَحَّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيل اللهِ)(16).
8 _ بصائر الدرجات: ابْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِهِ:
اللهُمَّ لَقّني إِخْوَانِي مَرَّتَيْن، فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أصْحَابِهِ: أمَا نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: لاَ، إِنَّكُمْ أصْحَابِي وَإِخْوَانِي قَوْمٌ فِي(17) آخِر الزَّمَان آمَنُو(18) وَلَمْ يَرَوْني، لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ اللهُ بِأسْمَائِهِمْ وَأسْمَاءِ آبَائِهِمْ، مِنْ قَبْل أنْ يُخْرجَهُمْ مِنْ أصْلاَبِ آبَائِهِمْ وَأرْحَام اُمَّهَاتِهِمْ، لأحَدُهُمْ أشَدُّ بَقِيَّةً عَلَى دِينهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، أوْ كَالْقَابِض عَلَى جَمْر الْغَضَا، اُولَئِكَ مَصَابِيحُ الدُّجَى، يُنْجِيهِمُ اللهُ مِنْ كُلّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ)(19).
9 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(20)، قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِقِيَام الْقَائِم أنَّهُ حَقٌّ).
10 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيَّ، عَن النَّخَعِيَّ، عَن النَّوْفَلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي الْقَاسِم، قَالَ: سَألْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(21)، فَقَالَ: (الْمُتَّقُونَ شِيعَةُ عليًّ عليه السلام، وَالْغَيْبُ فَهُوَ الْحُجَّةُ الْغَائِبُ، وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(22))، فَأخْبَرَ عزّ وجل أنَّ الآيَةَ هِيَ الْغَيْبُ، وَالْغَيْبُ هُوَ الْحُجَّةُ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً))(23) يَعْنِي حُجَّةً(24).
بيان: قوله: (وشاهد ذلك) كلام الصدوق رحمه الله(25).
11 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْبَاقِر، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَج)(26).
12 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الشَّاهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(27)، عَنْ أحْمَدَ بْن خَالِدٍ الْخَالِدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن صَالِح التَّمِيمِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَاتِم الْقَطَّان، عَنْ حَمَّادِ بْن عَمْرٍو، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم لِعليًّ عليه السلام: (يَا عَلِيُّ! وَاعْلَمْ أنَّ أعْظَمَ النَّاس يَقِين(28) قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِر الزَّمَان، لَمْ يَلْحَقُوا النَّبِيَّ وَحُجِبَ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ فَآمَنُوا بِسَوَادٍ فِي بَيَاضٍ)(29).
13 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بِسْطَامَ بْن مُرَّةَ، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ(30) سَيَّدُ الْعَابِدِينَ عليه السلام: (مَنْ ثَبَتَ عَلَى وَلاَيَتِنَ(31) فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا أعْطَاهُ اللهُ أجْرَ ألْفِ شَهِيدٍ مِثْل(32) شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَاُحُدٍ)(33).
دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (مَنْ مَاتَ عَلَى مُوَالاَتِنَا)(34).
14 _ المحاسن: السَّنْدِيُّ(35)، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا تَقُولُ فِيمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا الأمْر مُنْتَظِراً لَهُ؟ قَالَ: (هُوَ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ: (هُوَ كَمَنْ كَانَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(36).
15 _ المحاسن: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى النُّمَيْريَّ، عَنْ عَلاَءِ بْن سَيَابَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الأمْر مُنْتَظِراً لَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِم عليه السلام)(37).
كمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن النميري، مثله(38).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسن(39)، عن على بن عقبة، مثله(40).
16 _ المحاسن: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ الْكَلْبِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أصْلَحَكَ اللهُ، وَاللهِ لَقَدْ تَرَكْنَا أسْوَاقَنَا انْتِظَاراً لِهَذَا الأمْر حَتَّى أوْشَكَ الرَّجُلُ مِنَّا يَسْألُ فِي يَدَيْهِ، فَقَالَ: (يَا عَبْدَ الْحَمِيدِ أتَرَى مَنْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ لاَ يَجْعَلُ اللهُ لَهُ مَخْرَجاً؟، بَلَى وَاللهِ لَيَجْعَلَنَّ اللهُ لَهُ مَخْرَجاً، رَحِمَ اللهُ عَبْداً حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَيْنَا، رَحِمَ اللهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا)، قَالَ: قُلْتُ: فَإنْ مِتُّ قَبْلَ أنْ اُدْركَ الْقَائِمَ؟ فَقَالَ: (الْقَائِلُ مِنْكُمْ: إِنْ أدْرَكْتُ الْقَائِمَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ نَصَرْتُهُ كَالْمُقَارع مَعَهُ بِسَيْفِهِ، وَالشَّهِيدُ مَعَهُ لَهُ شَهَادَتَان)(41).
كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ(42)، عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (كَالْمُقَارع بِسَيْفِهِ، بَلْ(43) كَالشَّهِيدِ مَعَهُ)(44).
الهوامش:
(1) الخصال 2: 479/ باب الاثني عشر/ ح 46.
(2) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 36/ باب 31.
(3) في المصدر: (الفردي).
(4) في المصدر: (من).
(5) في المصدر: (منه).
(6) أمالي الطوسي: 405/ مجلس 14/ ح 907.
(7) في المصدر: (القائلين).
(8) الاحتجاج 2: 154/ رقم 188.
(9) في المصدر: (كنصيحته).
(10) في المصدر: (للقرآن).
(11) أمالي الطوسي: 231/ مجلس 9/ ح 410.
(12) الرعد: 29.
(13) كمال الدين 2: 358/ باب 33/ ح 55؛ معاني الأخبار: 112/ باب معنى طوبى/ ح 1.
(14) الخصال 2: 616/ باب أبواب المائة فما فوقه/ ح 10.
(15) الخصال 2: 622/ باب أبواب المائة فما فوقه/ ح 10.
(16) الخصال 2: 625/ باب أبواب المائة فما فوقه/ ح 10.
(17) في المصدر: (من).
(18) في المصدر إضافة: (بي).
(19) بصائر الدرجات: 104/ جزء 2/ باب 14/ ح 4.
(20) البقرة: 2 و3.
(21) البقرة: 1 - 3.
(22) يونس: 20؛ وعند ذلك ينتهي الخبر؛ وقد مرَّ كذلك في (ج 1/ ص 98/ الرقم 29). راجع: (ج 51/ ص 52) من المطبوعة.
(23) المؤمنون: 50.
(24) كمال الدين 1: 18، وكذلك ورد في: (ج 2/ ص 340/ باب 33/ ح 2)، ولم يذكر عبارة: (فأخبر عزّ وجل) حتَّى (حجّة).
(25) بل هو من كلام الصادق عليه السلام وإنَّما يبتدئ كلام الصدوق من قوله: (فأخبر عزّ وجل ...) الخ.
(26) كمال الدين 1: 287/ باب 25/ ح 6.
(27) في المصدر: (الحسين).
(28) في المصدر: (واعلم أنَّ أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً).
(29) كمال الدين 1: 288/ باب 26/ ح 8 .
(30) في المصدر إضافة: (علي بن الحسين).
(31) في المصدر: (موالاتنا).
(32) في المصدر: (من) بدل (مثل).
(33) كمال الدين 1: 323/ باب 31/ ح 7.
(34) دعوات الراوندي: 274/ ح 287.
(35) في المصدر: (عنه، عن السندي) وهكذا فيما يأتي في صدر الإسناد، وإنَّما أسقطه المصنّف قدّس سرّه لأنَّه من كلام الرواة، والضمير يرجع إلى مؤلّف المحاسن أبي جعفر أحمد بن أبي عبد الله محمّد بن خالد الرقي.
(36) المحاسن 1: 277/ ح 543.
(37) المحاسن 1: 277/ ح 544.
(38) كمال الدين 2: 644/ باب 55/ ح 1.
(39) في المصدر: (الحسين).
(40) الغيبة للنعماني: 200/ باب 11/ ح 15.
(41) المحاسن 1: 277 و278/ ح 545.
(42) في المصدر: (محمّد).
(43) في المصدر: (كالمقارع بين يديه بسيفه لا بل).
(44) كمال الدين 2: 644/ باب 55/ ح 2.
******************
17 _ المحاسن: ابْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ مَالِكِ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْمَيَّتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الأمْر بِمَنْزلَةِ الضَّاربِ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيل اللهِ)(1).
18 _ المحاسن: عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَان، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ وَغَيْرهِ، عَن الْفَيْض بْن الْمُخْتَار، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِهَذَا الأمْر كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)، قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ: (لاَ بَلْ كَمَنْ قَارَعَ مَعَهُ بِسَيْفِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (لاَ وَاللهِ إِلاَّ كَمَن اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(2).
19 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (لَمَّا دَخَلَ سَلْمَانُ رضي الله عنه الْكُوفَةَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا ذَكَرَ مَا يَكُونُ مِنْ بَلاَئِهَا حَتَّى ذَكَرَ مُلْكَ بَنِي اُمَيَّةَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ)، ثُمَّ قَالَ: (فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْزَمُوا أحْلاَسَ‏ بُيُوتِكُمْ حَتَّى يَظْهَرَ الطَّاهِرُ بْنُ الطَّاهِر الْمُطَهَّر ذُو الْغَيْبَةِ الشَّريدُ الطَّريدُ)(3).
20 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَن الْقَاسِم بْن هِشَام اللُّؤْلُؤيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: الْعِبَادَةُ مَعَ الإمَام مِنْكُمُ الْمُسْتَتِر فِي السَّرَّ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل أفْضَلُ أم الْعِبَادَةُ فِي ظُهُور الْحَقَّ وَدَوْلَتِهِ مَعَ الإمَام الظَّاهِر مِنْكُمْ؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّارُ الصَّدَقَةُ فِي السَّرَّ وَاللهِ(4) أفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْعَلاَنِيَةِ، وَكَذَلِكَ عِبَادَتُكُمْ فِي السَّرَّ مَعَ إِمَامِكُمُ الْمُسْتَتِر فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل أفْضَلُ، لِخَوْفِكُمْ مِنْ عَدُوَّكُمْ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل وَحَال الْهُدْنَةِ، مِمَّنْ يَعْبُدُ اللهَ فِي ظُهُور الْحَقَّ مَعَ الإمَام الظَّاهِر فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ، وَلَيْسَ الْعِبَادَةُ مَعَ الْخَوْفِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل مِثْلَ الْعِبَادَةِ مَعَ الأمْن فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ.
اعْلَمُوا أنَّ مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلاَةً فَريضَةً وُحْدَاناً مُسْتَتِراً بِهَا مِنْ عَدُوَّهِ فِي وَقْتِهَا فَأتَمَّهَا كَتَبَ اللهُ عزّ وجل لَهُ بِهَا خَمْس(5) وَعِشْرينَ صَلاَةً فَريضَةً وَحْدَانِيَّةً، وَمَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلاَةً نَافِلَةً فِي وَقْتِهَا فَأتَمَّهَا كَتَبَ اللهُ عزّ وجل لَهُ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ نَوَافِلَ، وَمَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ حَسَنَةً كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عِشْرينَ حَسَنَةً، وَيُضَاعِفُ اللهُ تَعَالَى حَسَنَاتِ الْمُؤْمِن مِنْكُمْ إِذَا أحْسَنَ أعْمَالَهُ، وَدَانَ اللهَ بِالتَّقِيَّةِ عَلَى دِينهِ، وَعَلَى إِمَامِهِ وَعَلَى نَفْسِهِ، وَأمْسَكَ مِنْ لِسَانِهِ. أضْعَافاً مُضَاعَفَةً كَثِيرَةً إِنَّ اللهَ عزّ وجل كَريمٌ).
قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ رَغَّبْتَنِي فِي الْعَمَل، وَحَثَثْتَنِي عَلَيْهِ، وَلَكِنّي اُحِبُّ أنْ أعْلَمَ: كَيْفَ صِرْنَا نَحْنُ الْيَوْمَ أفْضَلَ أعْمَالاً مِنْ أصْحَابِ الإمَام مِنْكُمُ الظَّاهِر فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ، وَنَحْنُ وَهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ دِينُ اللهِ عزّ وجل؟
فَقَالَ: (إِنَّكُمْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَى الدُّخُول فِي دِين اللهِ وَإِلَى الصَّلاَةِ وَالصَّوْم وَالْحَجَّ وَإِلَى كُلَّ فِقْهٍ وَخَيْرٍ، وَإِلَى عِبَادَةِ اللهِ سِرّاً مِنْ عَدُوَّكُمْ مَعَ الإمَام الْمُسْتَتِر، مُطِيعُونَ لَهُ، صَابِرُونَ مَعَهُ، مُنْتَظِرُونَ لِدَوْلَةِ الْحَقَّ، خَائِفُونَ عَلَى إِمَامِكُمْ وَعَلَى أنْفُسِكُمْ مِنَ الْمُلُوكِ، تَنْظُرُونَ إِلَى حَقَّ إِمَامِكُمْ وَحَقّكُمْ فِي أيْدِي الظَّلَمَةِ، قَدْ مَنَعُوكُمْ ذَلِكَ وَاضْطَرُّوكُمْ إِلَى جَذْبِ(6) الدُّنْيَا وَطَلَبِ الْمَعَاش، مَعَ الصَّبْر عَلَى دِينِكُمْ، وَعِبَادَتِكُمْ وَطَاعَةِ رَبَّكُمْ، وَالْخَوْفِ مِنْ عَدُوَّكُمْ، فَبِذَلِكَ ضَاعَفَ اللهُ أعْمَالَكُمْ فَهَنِيئاً لَكُمْ هَنِيئاً).
قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا نَتَمَنَّى إِذاً أنْ نَكُونَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم عليه السلام فِي ظُهُور الْحَقَّ؟ وَنَحْنُ الْيَوْمَ فِي إِمَامَتِكَ وَطَاعَتِكَ أفْضَلُ أعْمَالاً مِنْ (أعْمَال)(7) أصْحَابِ دَوْلَةِ الْحَقَّ؟
فَقَالَ: (سُبْحَانَ اللهِ! أمَا تُحِبُّونَ أنْ يُظْهِرَ اللهُ عزّ وجل الْحَقَّ وَالْعَدْلَ فِي الْبِلاَدِ، وَيُحْسِنَ حَالَ عَامَّةِ النَّاس(8)، وَيَجْمَعَ اللهُ الْكَلِمَةَ، وَيُؤَلّفَ بَيْنَ الْقُلُوبِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلاَ يُعْصَى اللهُ فِي أرْضِهِ، وَيُقَامَ حُدُودُ اللهِ فِي خَلْقِهِ، وَيُرَدَّ الْحَقُّ إِلَى أهْلِهِ، فَيُظْهِرُوهُ حَتَّى لاَ يَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ مَخَافَةَ أحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ؟
أمَا وَاللهِ يَا عَمَّارُ لاَ يَمُوتُ مِنْكُمْ مَيَّتٌ عَلَى الْحَال الَّتِي أنْتُمْ عَلَيْهَا إِلاَّ كَانَ أفْضَلَ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً وَاُحُداً فَأبْشِرُوا)(9).
21 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مَعْرُوفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (أفْضَلُ أعْمَال اُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ اللهِ عزّ وجل)(10).
22 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْفَرَج، فَقَالَ: (ألَيْسَ انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج(11)؟ إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(12))(13).
تفسير العياشي: عن محمّد بن الفضيل، مثله(14).
23 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ خَلَفِ بْن حَامِدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: قَالَ الرَّضَا عليه السلام: (مَا أحْسَنَ الصَّبْرَ وَانْتِظَارَ الْفَرَج، أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ((وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ))(15) وَقَوْلَهُ عزّ وجل: ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))؟ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْر فَإنَّهُ إِنَّمَا يَجِي‏ءُ الْفَرَجُ عَلَى الْيَأس، فَقَدْ كَانَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أصْبَرَ مِنْكُمْ)(16).
تفسير العياشي: عن البزنطي، مثله(17).
24 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَن الأسَدِيَّ، عَن النَّخَعِيَّ، عَن النَّوْفَلِيَّ، عَنْ أبِي إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَكُنْتُ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ أبُو الْحَسَن مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهما السلام، وَهُوَ غُلاَمٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَجَلَسْتُ.
فَقَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا بَا إِبْرَاهِيمَ أمَا إِنَّهُ صَاحِبُكَ مِنْ بَعْدِي، أمَا لَيَهْلِكَنَّ فِيهِ أقْوَامٌ وَيَسْعَدُ آخَرُونَ، فَلَعَنَ اللهُ قَاتِلَهُ، وَضَاعَفَ عَلَى رُوحِهِ الْعَذَابَ، أمَا لَيُخْرجَنَّ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ خَيْرَ أهْل الأرْض فِي زَمَانِهِ، بَعْدَ عَجَائِبَ تَمُرُّ بِهِ حَسَداً لَهُ، وَلَكِنَّ اللهَ بالِغُ أمْرهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
يُخْرجُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ صُلْبِهِ تَكْمِلَةَ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً مَهْدِيّاً اخْتَصَّهُمُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ، وَأحَلَّهُمْ دَارَ قُدْسِهِ، الْمُنْتَظِرُ لِلثَّانِي عَشَرَ كَالشَّاهِر سَيْفَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَذُبُّ عَنْهُ)، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي اُمَيَّةَ فَانْقَطَعَ الْكَلاَمُ، وَعُدْتُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً اُريدُ اسْتِتْمَامَ الْكَلاَم فَمَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقَالَ لِي: (يَا أبَا إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْمُفَرَّجُ لِلْكَرْبِ عَنْ شِيعَتِهِ، بَعْدَ ضَنْكٍ شَدِيدٍ، وَبَلاَءٍ طَويلٍ وَجَوْرٍ، فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَحَسْبُكَ يَا أبَا إِبْرَاهِيمَ).
قَالَ أبُو إِبْرَاهِيمَ: فَمَا رَجَعْتُ بِشَيْءٍ أسَرَّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا وَلاَ أفْرَحَ لِقَلْبِي مِنْهُ(18).
25 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ أيْمَنَ بْن مُحْرزٍ، عَنْ رفَاعَةَ بْن مُوسَى وَمُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ قَائِمَ أهْل بَيْتِي وَهُوَ مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ، يَتَوَلَّى وَلِيَّهُ، وَيَتَبَرَّاُ مِنْ عَدُوَّهِ، وَيَتَوَلَّى الأئِمَّةَ الْهَادِيَةَ مِنْ قَبْلِهِ، اُولَئِكَ رُفَقَائِي وَذُو وُدَّي وَمَوَدَّتِي، وَأكْرَمُ اُمَّتِي عَلَيَّ)، قَالَ رفَاعَةُ: (وَأكْرَمُ خَلْقِ اللهِ عَلَيَّ)(19).
26 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: سَيَأتِي قَوْمٌ مِنْ بَعْدِكُمْ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَهُ أجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ كُنَّا مَعَكَ بِبَدْرٍ وَاُحُدٍ وَحُنَيْنٍ، وَنَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَوْ تَحَمَّلُو(20) لِمَا حُمَّلُوا لَمْ تَصْبِرُوا صَبْرَهُمْ)(21).
27 _ المحاسن: عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ قِنْوَةَ ابْنَةِ رُشَيْدٍ الْهَجَريَّ، قَالَتْ: قُلْتُ لأبِي: مَا أشَدَّ اجْتِهَادَكَ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ بَعْدَنَا بَصَائِرُهُمْ فِي دِينِهِمْ أفْضَلُ مِن اجْتِهَادِ أوَّلِيهِمْ(22).
28 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ خَالِدٍ الْعَاقُولِيَّ فِي حَدِيثٍ لَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (فَمَا تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ؟ فَمَا تَسْتَعْجِلُونَ؟ ألَسْتُمْ آمِنينَ؟ ألَيْسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فَيَقْضِي حَوَائِجَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ لَمْ يُخْتَطَفْ؟ إِنْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ(23) عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ لَيُؤْخَذُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فَتُقْطَعُ يَدَاهُ وَرجْلاَهُ وَيُصْلَبُ عَلَى جُذُوع النَّخْل وَيُنْشَرُ بِالْمِنْشَار ثُمَّ لاَ يَعْدُو ذَنْبَ نَفْسِهِ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ))(24))(25).
بيان: قوله: (ثُمَّ لا يعدو ذنب نفسه) أي لا ينسب تلك المصائب إلاَّ إلى نفسه وذنبه، أو لا يلتف مع تلك البلايا إلاَّ إلى إصلاح نفسه وتدارك ذنبه.
29 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَن الْحَسَن بْن الْجَهْم، قَالَ: سَألْتُ‏ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَج، فَقَالَ: (أوَلَسْتَ تَعْلَمُ أنَّ انْتِظَارَ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج؟)، قُلْتُ: لاَ أدْري إِلاَّ أنَّ تُعَلّمَنِي، فَقَالَ: (نَعَمْ، انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج)(26).
30 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، قَالَ: اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَرَى هَذَا الأمْرَ، ثُمَّ خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام كَانَ لَهُ مِنَ الأجْر كَمَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ(27).
31 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْمُثَنَّى الْحَنَّاطِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ عَرَفَ هَذَا الأمْرَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ الْقَائِمُ عليه السلام كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْر مَنْ قُتِلَ مَعَهُ)(28).
الهوامش:
(1) المحاسن 1: 278/ ح 547.
(2) المحاسن 1: 278 و279/ ح 548.
(3) الغيبة للطوسي:163/ رقم 124.
(4) في المصدر: (يا عمّار الصدقة والله في السرّ (في دولة الباطل)).
(5) في المصدر: (خمساً).
(6) في المصدر: (حرث) بدل (جذب).
(7) من المصدر.
(8) في المصدر: (العباد).
(9) كمال الدين 2: 645 - 647/ باب 55/ ح 7؛ وقد رواها الكليني في (الكافي 1: 334)، فراجع.
(10) كمال الدين 2: 644/ باب 55/ ح 3.
(11) في المصدر: (سألته عن الفرج فقال) بدل ما في المتن.
(12) هذا الشطر من الآية يوجد في الأعراف: 71، ويونس: 20 و102، والمراد ما في (يونس: 20): ((وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)) كما صرَّح بذلك في الحديث السابق تحت الرقم (10). ولكن العياشي أخرجه في (ج 2/ ص 138) عند قوله تعالى: ((فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)) (يونس 102).
وأخرجه تارة أخرى عند قوله تعالى: ((وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)) (هود: 93). فراجع (ج 2/ ص 159) من العياشي.
(13) كمال الدين 2: 645/ باب 55/ ح 4.
(14) تفسير العياشي 2: 159/ ح 62.
(15) هود: 93.
(16) كمال الدين 2: 645/ باب 55/ ح 5.
(17) تفسير العياشي 2: 20/ ح 52.
(18) كمال الدين 2: 647/ باب 55/ ح 8 .
(19) الغيبة للطوسي: 456/ رقم 466.
(20) في المصدر: (تحملون).
(21) الغيبة للطوسي: 456/ رقم 467.
(22) المحاسن 1: 391/ ح 871 .
(23) في المصدر إضافة: (من هو) بين معقوفتين.
(24) البقرة: 214.
(25) الغيبة للطوسي: 458/ رقم 469.
(26) الغيبة للطوسي: 459/ رقم 471.
(27) الغيبة للطوسي: 459/ رقم 472.
(28) الغيبة للطوسي: 460/ رقم 474.
******************
32 _ المحاسن: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن شَمُّونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرو بْن الأشْعَثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَن الصَّبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن الْحَكَم بْن عُيَيْنَةَ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام الْخَوَارجَ يَوْمَ النَّهْرَوَان قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ (فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: طُوبَى لَنَا إِذْ شَهِدْنَا مَعَكَ هَذَا الْمَوْقِفَ وَقَتَلْنَا مَعَكَ هَؤُلاَءِ الْخَوَارجَ)(1)، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَقَدْ شَهِدَنَا فِي هَذَا الْمَوْقِفِ اُنَاسٌ لَمْ يَخْلُقِ اللهُ آبَاءَهُمْ وَلاَ أجْدَادَهُمْ بَعْدُ)، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَكَيْفَ يَشْهَدُنَا قَوْمٌ لَمْ يُخْلَقُوا؟ قَالَ: (بَلَى، قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِر الزَّمَان يَشْرَكُونَنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَيُسَلّمُونَ لَنَا، فَاُولَئِكَ شُرَكَاؤُنَا فِيمَا كُنَّا فِيهِ حَقّاً حَقّاً)(2).
33 _ المحاسن: النَّوْفَلِيُّ، عَن السَّكُونيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، قَالَ: (أفْضَلُ عِبَادَةِ الْمُؤْمِن انْتِظَارُ فَرَج اللهِ)(3).
34 _ تفسير العياشي: عَن الْفَضْل بْن أبِي قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أوْحَى اللهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أنَّهُ سَيُولَدُ لَكَ، فَقَالَ لِسَارَةَ فَقَالَتْ: ((أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ))(4)، فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أنَّهَا سَتَلِدُ وَيُعَذَّبُ أوْلاَدُهَا أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ بِرَدَّهَا الْكَلاَمَ عَلَيَّ، قَالَ:‏ فَلَمَّا طَالَ عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَبَكَوْا إِلَى اللهِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَأوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ يُخَلّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ، فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ).
قَالَ: فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (هَكَذَا أنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللهُ عَنَّا فَأمَّا إِذْ لَمْ تَكُونُوا فَإنَّ الأمْرَ يَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَاهُ)(5).
35 _ تفسير العياشي: عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ))(6) إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الإمَام فَطَلَبُوا الْقِتَالَ، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ(7) مَعَ الْحُسَيْن قَالُوا: (((رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ))، وقوله:)(8) ((رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى‏ أَجَلٍ قَريبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ))(9) أرَادُوا تَأخِيرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَائِم عليه السلام)(10).
36 _ مجالس المفيد: عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْن مِهْرَانَ، عَنْ أبِي يَشْكُرَ الْبَلْخِيَّ، عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، عَنْ عَوْفِ بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم: (يَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي)، فَقَالَ لَهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: أوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ آمَنَّا بِكَ وَهَاجَرْنَا مَعَكَ، قَالَ: (قَدْ آمَنْتُمْ وَهَاجَرْتُمْ، وَيَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي) فَأعَادَ الْقَوْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أنْتُمْ أصْحَابِي، وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ يَأتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ، يُؤْمِنُونَ بِي وَيُحِبُّونّي وَيَنْصُرُونّي وَيُصَدَّقُونّي، وَمَا رَأوْني، فَيَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي)(11).
37 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن حَازم(12)، عَنْ عَبَّاس(13) بْن هِشَام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يَكُونُ فِتْرَةٌ لاَ يَعْرفُ الْمُسْلِمُونَ إِمَامَهُمْ فِيهَا؟ فَقَالَ: (يُقَالُ ذَلِكَ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَتَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الآخِرُ)(14).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ الصَّيْقَل، عَنْ أبِيهِ مَنْصُورٍ، (قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا أصْبَحْتَ وَأمْسَيْتَ يَوْماً لاَ تَرَى فِيهِ إِمَاماً مِنْ آل مُحَمَّدٍ فَأحِبَّ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، وَوَال مَنْ كُنْتَ تُوَالِي، وَانْتَظِر الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً).
محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علي العطّار، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن منصور)(15)، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(16).
مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْن(17) بْن طَريفٍ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَأبِي عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا صِرْتُمْ فِي حَالٍ لاَ يَكُونُ(18) فِيهَا إِمَامٌ هُدًى، وَلاَ عَلَمٌ(19) يُرَى، فَلاَ يَنْجُو مِنْ تِلْكَ الْحَيْرَةِ إِلاَّ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْحَريقِ(20))، فَقَالَ أبِي: هَذَا وَاللهِ الْبَلاَءُ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ جُعِلْتُ فِدَاكَ حِينَئِذٍ؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَلَنْ تُدْركَهُ فَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أيْدِيكُمْ حَتَّى يَصِحَّ لَكُمُ الأمْرُ)(21).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْن بْن طَريفٍ(22)، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ النَّصْريَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَرْوي بِأنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يُفْقَدُ زَمَاناً فَكَيْفَ نَصْنَعُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل الَّذِي أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَكُمْ)(23).
بيان: المقصود من هذه الأخبار عدم التزلزل في الدين والتحيّر في العمل أي تمسّكوا في أصول دينكم وفروعه بما وصل إليكم من أئمّتكم، ولا تتركوا العمل ولا ترتدّوا حتَّى يظهر إمامكم، ويحتمل أن يكون المعنى: لا تؤمنوا بمن يدّعي أنَّه القائم حتَّى يتبيَّن لكم بالمعجزات وقد مرَّ كلام في ذلك عن سعد بن عبد الله في باب الأدلّة التي ذكرها الشيخ.
38 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام بِإسْنَادِهِ (يَرْفَعُهُ)(24) إِلَى أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يُصِيبُهُمْ فِيهَا سَبْطَةٌ يَأرزُ الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ نَجْمٌ)، قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟ قَالَ: (الْفَتْرَةَ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (كُونُوا عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ نَجْمَكُمْ)(25).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا وَقَعَتِ السَّبْطَةُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن تَأرزُ(26) الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا، وَاخْتَلَفَتِ الشّيعَةُ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَيَتْفُلُ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ؟)، فَقُلْتُ: مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ _ يَقُولُهُ ثَلاَثاً _ وَقَدْ(27) قَرُبَ الْفَرَجُ).
الكليني، عن عدّة من رجاله، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن الحسين(28)، عن أبان بن تغلّب، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: (كيف أنت إذا وقعت السبطة(29)...) وذكر مثله بلفظه(30).
أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَا أبَانُ يُصِيبُ الْعَالَمَ سَبْطَةٌ يَأرزُ الْعِلْمُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا)، قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟ قَالَ: (دُونَ الْفَتْرَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ لَهُمْ نَجْمُهُمْ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ نَكُونُ(31) مَا بَيْنَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لِي: ((كُونُوا عَلَى)(32) مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَأتِيَكُمُ اللهُ بِصَاحِبهَا)(33).
بيان: قال الفيروزآبادي: أسبط سكت فرقاً، وبالأرض لصق وامتدّ من الضرب وفي نومه غمض، وعن الأمر تغابى، وانبسط، ووقع، فلم يقدر أن يتحرَّك(34)، انتهى.
وفي الكافي في خبر (أبان)(35) ابن تغلّب: (كيف أنت إذا وقعت البطشة(36) بين المسجدين، فيأرز العلم) فيكون إشارة إلى جيش السفياني واستيلائهم بين الحرمين، وعلى ما في الأصل لعلَّ المعنى يأرز العلم بسبب ما يحدث بين المسجدين، أو يكون خفاء العلم في هذا الموضع أكثر بسبب استيلاء أهل الجور فيه.
وقال الجزري فيه: إنَّ الاسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها أي ينضمّ إليه ويجتمع بعضه إلى بعض فيه(37).
39 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ يَمَانٍ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً الْمُتَمَسَّكُ فِيهَا بِدِينهِ كَالْخَارطِ لِشَوْكِ الْقَتَادِ بِيَدِهِ)، ثُمَّ أوْمَأ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام بِيَدِهِ هَكَذَا، قَالَ: (فَأيُّكُمْ تُمْسِكُ شَوْكَ الْقَتَادِ بِيَدِهِ؟)(38)، ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ عِنْدَ غَيْبَتِهِ(39) وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(40).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن صالح بن خالد، (عن يمان التمّار)(41)، قال: كنّا جلوساً عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: (إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة...) وذكر مثله سواء(42).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (قَالَ لِيَ أبِي عليه السلام: لاَ بُدَّ لَنَ(43) مِنْ آذَرْبيجَانَ لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ وَألْبِدُوا مَا ألْبَدْنَا، فَإذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرَّكُنَا فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً، وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَقَالَ: وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ)(44).
الهوامش:
(1) من المصدر.
(2) المحاسن 1: 407 و408/ ح 926.
(3) المحاسن 1: 453/ ح 1044.
(4) هود: 72.
(5) تفسير العياشي 2: 154/ ح 49.
(6) النساء: 77.
(7) في المصدر إضافة: (القتال).
(8) من المصدر.
(9) إبراهيم: 44.
(10) تفسير العياشي 1: 258/ ح 196.
(11) مجالس المفيد: 62/ مجلس 7/ ح 8 .
(12) في النسخة المطبوعة: (عن القاسم بن محمّد بن الحسين بن حازم، عن حازم، عن عبّاس بن هشام)، وهو سهو، وقد مرَّ بلا زيادة: (عن حازم) في (ج 1/ ص 259/ الرقم 22). راجع: (ج 51/ ص 148) من المطبوعة.
(13) في المصدر: (عبيس).
(14) الغيبة للنعماني: 158/ باب 10/ ح 2.
(15) من المصدر.
(16) الغيبة للنعماني: 158/ باب 10/ ح 3.
(17) في المصدر: (والحسن).
(18) في المصدر: (لا ترون).
(19) في المصدر: (ولا علماً).
(20) في المصدر: (الغريق).
(21) الغيبة للنعماني: 159/ باب 10/ ح 4.
(22) في المصدر: (ظريف).
(23) الغيبة للنعماني: 159/ باب 10/ ح 5.
(24) عبارة: (يرفعه) ليست في المصدر.
(25) الغيبة للنعماني: 159/ باب 10/ ح 6.
(26) في المصدر: (فيأزر).
(27) في المصدر: (يريد).
(28) في المصدر: (الحسن).
(29) في المصدر: (البطشة).
(30) الغيبة للنعماني: 160/ باب 10/ ح 8 .
(31) في المصدر: (فكيف نضع وكيف يكون) بدل (فكيف نكون).
(32) عبارة: (كونوا على) ليست في المصدر وإنَّما أضفناها طبقاً للحديث السابق.
(33) الغيبة للنعماني: 160/ باب 10/ ح 8 .
(34) القاموس المحيط 3: 376.
(35) من المصدر.
(36) راجع: الكافي 1: 340/ باب (في الغيبة)/ ح 17.
(37) النهاية 1: 37.
(38) عبارة: (ثمّ أومأ أبو عبد الله عليه السلام) حتَّى (بيده) ليست في المصدر.
(39) عبارة: (عند غيبته) ليست في المصدر.
(40) الغيبة للنعماني: 169/ باب 10/ ح 11.
(41) عبارة: (عن يمان التمّار) ليست في المصدر.
(42) الغيبة للنعماني: 169/ باب 10/ ح 11.
(43) في المصدر: (لنار).
(44) الغيبة للنعماني: 194/ باب 11/ ح 1.
******************
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ سُرَّ(1) أنْ يَكُونَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم فَلْيَنْتَظِرْ وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَع وَمَحَاسِن الأخْلاَقِ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ، فَإنْ مَاتَ وَقَامَ الْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الأجْر مِثْلُ أجْر مَنْ أدْرَكَهُ، فَجِدُّوا وَانْتَظِرُوا هَنِيئاً لَكُمْ أيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ)(2).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (اتَّقُوا اللهَ وَاسْتَعِينُوا عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ بِالْوَرَع، وَالِاجْتِهَادِ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَإِنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ أحَدُكُمْ اغْتِبَاطاً بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدَّين لَوْ قَدْ صَارَ فِي حَدَّ الآخِرَةِ، وَانْقَطَعَتِ الدُّنْيَا عَلَيْهِ(3)، فَإذَا صَارَ فِي ذَلِكَ الْحَدَّ عَرَفَ أنَّهُ قَدِ اسْتَقْبَلَ النَّعِيمَ وَالْكَرَامَةَ مِنَ اللهِ، وَالْبُشْرَى بِالْجَنَّةِ، وَأمِنَ مِمَّنْ كَانَ يَخَافُ، وَأيْقَنَ أنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، وَأنَّ مَنْ خَالَفَ دِينَهُ عَلَى بَاطِلٍ، وَأنَّهُ هَالِكٌ.
فَأبْشِرُوا ثُمَّ أبْشِرُوا! مَا الَّذِي تُريدُونَ؟ ألَسْتُمْ تَرَوْنَ أعْدَاءَكُمْ يَقْتُلُونَ(4) فِي مَعَاصِي اللهِ وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَى الدُّنْيَا دُونَكُمْ، وَأنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ آمِنينَ(5) فِي عُزْلَةٍ عَنْهُمْ، وَكَفَى بِالسُّفْيَانِيَّ نَقِمَةً لَكُمْ مِنْ عَدُوَّكُمْ، وَهُوَ مِنَ الْعَلاَمَاتِ لَكُمْ، مَعَ أنَّ الْفَاسِقَ لَوْ قَدْ خَرَجَ لَمَكَثْتُمْ شَهْراً أوْ شَهْرَيْن بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكُمْ مِنْهُ بَأسٌ حَتَّى يَقْتُلَ خَلْقاً كَثِيراً دُونَكُمْ).
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أصْحَابِهِ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالْعِيَال إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يَتَغَيَّبُ الرَّجَالُ مِنْكُمْ (عَنْهُ)(6) فَإنَّ خِيفَتَهُ وَشِرَّتَهُ فَإنَّمَ(7) هِيَ عَلَى شِيعَتِنَا، فَأمَّا النّسَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ بَأسٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى).
قِيلَ: إِلَى أيْنَ يَخْرُجُ الرَّجَالُ(8) وَيَهْرُبُونَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: (مَنْ أرَادَ أنْ يَخْرُجَ مِنْهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ أوْ إِلَى مَكَّةَ أوْ إِلَى بَعْض الْبُلْدَان)، ثُمَّ قَالَ: (مَا تَصْنَعُونَ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ جَيْشُ الْفَاسِقِ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَكَّةَ فَإنَّهَا مَجْمَعُكُمْ وَإِنَّمَا فِتْنَتُهُ حَمْلُ امْرَأةٍ تِسْعَةَ أشْهُرٍ وَلاَ يَجُوزُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ)(9).
52 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ)(10).
53 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ))(11)، فَقَالَ: (يَا فُضَيْلُ اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ إِمَامَكَ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ عَرَفَ‏ إِمَامَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر، كَانَ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ قَاعِداً فِي عَسْكَرهِ، لاَ بَلْ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ قَاعِداً تَحْتَ لِوَائِهِ).
قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُ أصْحَابِنَا: (بِمَنْزلَةِ مَن اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(12).
54 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ إِلَى الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى الْفَرَجُ؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ أنْتَ مِمَّنْ يُريدُ الدُّنْيَا مَنْ عَرَفَ هَذَا الأمْرَ فَقَدْ فُرجَ عَنْهُ بِانْتِظَارهِ)(13).
55 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صَالِح بْن السَّنْدِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيَّ، قَالَ: سَألَ أبُو بَصِيرٍ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَأنَا أسْمَعُ فَقَالَ: أتَرَانِي اُدْركُ الْقَائِمَ عليه السلام؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ لَسْتَ تَعْرفُ إِمَامَكَ؟)، فَقَالَ: بَلَى وَاللهِ وَأنْتَ هُوَ، فَتَنَاوَلَ يَدَهُ وَقَالَ: (وَاللهِ مَا تُبَالِي يَا بَا بَصِيرٍ أنْ لاَ تَكُونَ مُحْتَبِياً بِسَيْفِكَ فِي ظِلّ روَاقِ الْقَائِم عليه السلام)(14).
بيان: احتبى الرجل جمع ظهره وساقه بعمامته أو غيرها.
56 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن النُّعْمَان، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارفٌ لإمَامِهِ لَمْ يَضُرَّهُ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارفٌ لإمَامِهِ كَانَ كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)(15).
57 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ عَمْرو(16) بْن أبَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (اعْرفِ الْعَلاَمَةَ فَإذَا عَرَفْتَ(17) لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أمْ تَأخَّرَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ))(18) فَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْمُنْتَظَر)(19).
الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا بْن شَيْبَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (اعْرفْ إِمَامَكَ‏...) وَفِي آخِرهِ: (كَانَ(20) فِي فُسْطَاطِ الْقَائِم عليه السلام)(21).
58 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ يَعْبُدُ مِنْ دُون اللهِ عزّ وجل)(22).
59 _ أقُولُ: قَدْ مَضَى بِأسَانِيدَ فِي خَبَر اللَّوْح: (ثُمَّ اُكْمِلُ ذَلِكَ بِابْنهِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ عَلَيْهِ كَمَالُ مُوسَى، وَبَهَاءُ عِيسَى، وَصَبْرُ أيُّوبَ، سَيَذِلُّ أوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ، وَيَتَهَادَوْنَ رُءُوسَهُمْ كَمَا يُتَهَادَى رُءُوسُ التُّرْكِ وَالدَّيْلَم، فَيُقْتَلُونَ وَيُحْرَقُونَ، وَيَكُونُونَ خَائِفِينَ مَرْعُوبينَ، وَجِلِينَ تُصْبَغُ الأرْضُ بِدِمَائِهِمْ، وَيَفْشُو الْوَيْلُ وَالرَّنينُ فِي نِسَائِهِمْ، اُولَئِكَ أوْلِيَائِي حَقّاً، بِهِمْ أرْفَعُ كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ، وَبِهِمْ أكْشِفُ الزَّلاَزلَ، وَأدْفَعُ الآصَارَ وَالأغْلاَلَ، اُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبَّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَاُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(23).
60 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الاثْنَيْ عَشَرَ(24)، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَغِيبُ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ لاَ يُسَمَّى حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ فَإذَا عَجَّلَ اللهُ خُرُوجَهُ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(25).
ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِلصَّابِرينَ فِي غَيْبَتِهِ، طُوبَى لِلْمُقِيمِينَ عَلَى مَحَجَّتِهِمْ، اُولَئِكَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(26)، وَقَالَ: ((أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))(27)).
61 _ تَفْسِيرُ النُّعْمَانِيَّ: بِالإسْنَادِ الآتِي فِي كِتَابِ الْقُرْآن، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا أبَا الْحَسَن حَقِيقٌ عَلَى اللهِ أنْ يُدْخِلَ أهْلَ الضَّلاَل الْجَنَّةَ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الْمُؤْمِنينَ الَّذِينَ قَامُوا فِي زَمَن الْفِتْنَةِ عَلَى الائْتِمَام بِالإمَام الْخَفِيَّ الْمَكَان، الْمَسْتُور عَن الأعْيَان، فَهُمْ بإمَامَتِهِ مُقِرُّونَ، وَبعُرْوَتِهِ مُسْتَمْسِكُونَ، وَلِخُرُوجِهِ مُنْتَظِرُونَ، مُوقِنُونَ غَيْرُ شَاكّينَ، صَابِرُونَ مُسْلِمُونَ، وَإِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ مَكَان إِمَامِهِمْ، وَعَنْ مَعْرفَةِ شَخْصِهِ.
يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا حَجَبَ عَنْ عِبَادِهِ عَيْنَ الشَّمْس الَّتِي جَعَلَهَا دَلِيلاً عَلَى أوْقَاتِ الصَّلاَةِ، فَمُوَسَّعٌ عَلَيْهِمْ تَأخِيرُ الْمُوَقَّتِ لِيَتَبَيَّنَ لَهُمُ الْوَقْتُ بِظُهُورهَا، وَيَسْتَيْقِنُوا أنَّهَا قَدْ زَالَتْ، فَكَذَلِكَ الْمُنْتَظِرُ لِخُرُوج الإمَام عليه السلام الْمُتَمَسَّكُ بِإمَامَتِهِ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ جَمِيعُ فَرَائِض اللهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، مَقْبُولَةٌ مِنْهُ بِحُدُودِهَا، غَيْرُ خَارج عَنْ مَعْنَى مَا فُرضَ عَلَيْهِ، فَهُوَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ لاَ تَضُرُّهُ غَيْبَةُ إِمَامِهِ)(28).
62 _ الاختصاص: بِإسْنَادِهِ، عَن الْحَسَن بْن أحْمَدَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عليًّ(29)، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أيُّمَا أفْضَلُ نَحْنُ أوْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: (أنْتُمْ أفْضَلُ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم وَذَلِكَ أنَّكُمْ تُمْسُونَ وَتُصْبِحُونَ خَائِفِينَ عَلَى إِمَامِكُمْ وَعَلَى أنْفُسِكُمْ مِنْ أئِمَّةِ الْجَوْر، إِنْ صَلَّيْتُمْ فَصَلاَتُكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ صُمْتُمْ فَصِيَامُكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ حَجَجْتُمْ فَحَجُّكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ شَهِدْتُمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ...) وَعَدَّدَ أشْيَاءَ مِنْ نَحْو هَذَا مِثْلَ هَذِهِ، فَقُلْتُ: فَمَا نَتَمَنَّى الْقَائِمَ عليه السلام إِذَا كَانَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: (سُبْحَانَ اللهِ أمَا تُحِبُّ أنْ يَظْهَرَ الْعَدْلُ وَيَأمَنَ السُّبُلُ وَيُنْصَفَ الْمَظْلُومُ؟)(30).
63 _ نهج البلاغة: (الْزَمُوا الأرْضَ، وَاصْبِرُوا عَلَى الْبَلاَءِ، وَلاَ تُحَرَّكُوا بِأيْدِيكُمْ وَسُيُوفِكُمْ، وَهَوَى(31) ألْسِنَتِكُمْ، وَلاَ تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجَّلْهُ اللهُ لَكُمْ، فَإنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ عَلَى مَعْرفَةِ رَبَّهِ(32)، وَحَقَّ رَسُولِهِ وَأهْل بَيْتِهِ، مَاتَ شَهِيداً اُوْقِعَ (وَوَقَعَ‏) أجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَاسْتَوْجَبَ ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِح عَمَلِهِ، وَقَامَتِ النّيَّةُ مَقَامَ إصلائه بِسَيْفِهِ(33) فَإنَّ لِكُلّ شَيْ‏ءٍ مُدَّةً وَأجَلاً)(34).
64 _ أمالي الطوسي: أحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن الزُّبَيْر، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن رزْقٍ الْغُمْشَانِيَّ، عَنْ يَحْيَى‏ بْن الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كُلُّ مُؤْمِنٍ شَهِيدٌ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَهُوَ كَمَنْ مَاتَ فِي عَسْكَر الْقَائِم عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ: (أيَحْبِسُ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ ثُمَّ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟)(35).
65 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (انْتِظَارُ الْفَرَج بِالصَّبْر عِبَادَةٌ)(36).
الهوامش:
(1) في المصدر: (سرّه).
(2) الغيبة للنعماني: 200/ باب 11/ ح 16.
(3) في المصدر: (عنه).
(4) في المصدر: (يقتتلون).
(5) في المصدر: (آمنون).
(6) من المصدر.
(7) في المصدر: (حنقه وشره إنَّما).
(8) في النسخة المطبوعة: (إلى أين يخرج الدجّال؟)، وهو تصحيف.
(9) الغيبة للنعماني: 300 و301/ باب 11/ ح 3.
(10) الغيبة للنعماني: 329/ باب 25/ ح 1.
(11) الإسراء: 71.
(12) الغيبة للنعماني: 329 و330/ باب 25/ ح 2.
(13) الغيبة للنعماني: 330/ باب 25/ ح 3.
(14) الغيبة للنعماني: 330/ باب 25/ ح 4.
(15) الغيبة للنعماني: 330/ باب 25/ ح 5.
(16) في المصدر: (عمر).
(17) في المصدر: (عرفته).
(18) الإسراء: 71.
(19) الغيبة للنعماني: 330 و331/ باب 25/ ح 6.
(20) في المصدر إضافة: (كمن هو).
(21) الغيبة للنعماني: 331/ باب 25/ ح 7؛ الكافي 1: 371 و372.
(22) روضة الكافي 8 : 295/ ح 452.
(23) قد ذكره المصنّف في (ج 36/ ص 195) من المطبوعة؛ وقد رواه الكليني في (ج 1/ ص 527 و528/ رقم 3)، ولم يخرّجه المصنَّف.
(24) قد ذكره المصنّف في (ج 36/ ص 306) من المطبوعة.
(25) كفاية الأثر: 59 و60.
(26) البقرة: 3.
(27) المجادلة: 22.
(28) تفسير النعماني المذكور في (ج 90) من البحار. راجع: (ص 15 و16) منه.
(29) في النسخة المطبوعة: (عن أميّة ابن هلال، عن أميّة بن علي)، وهو سهو.
(30) الاختصاص: 20 و21.
(31) في المصدر: (في هَوَى).
(32) في المصدر إضافة: (حقّ).
(33) في المصدر: (إصلاته لسيفه).
(34) نهج البلاغة: 282/ الخطبة 190.
(35) أمالي الطوسي: 676/ مجلس 37/ ح 1426.
(36) دعوات الراوندي: 41/ ح 101.
******************
66 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُغِيرَةِ، عَن الْمُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام(1) أنَّهُ قَالَ: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ، فَيَا طُوبَى لِلثَّابِتِينَ عَلَى أمْرنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَان، إِنَّ أدْنَى مَا يَكُونُ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ أنْ يُنَادِيَهُمُ الْبَارئُ عزّ وجل: عِبَادِي(2) آمَنْتُمْ بِسِرَّي، وَصَدَّقْتُمْ بِغَيْبِي، فَأبْشِرُوا بِحُسْن الثَّوَابِ مِنّي، فَأنْتُمْ عِبَادِي وَإِمَائِي حَقّاً، مِنْكُمْ أتَقَبَّلُ، وَعَنْكُمْ أعْفُو، وَلَكُمْ أغْفِرُ، وَبكُمْ أسْقِي عِبَادِيَ الْغَيْثَ، وَأدْفَعُ عَنْهُمُ الْبَلاَءَ، وَلَوْلاَكُمْ لأنْزَلْتُ عَلَيْهِمْ عَذَابِي).
قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ فَمَا أفْضَلُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ قَالَ: (حِفْظُ اللّسَان وَلُزُومُ الْبَيْتِ)(3).
67 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُمْ، إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللهِ(4)، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَّةُ اللهِ فَعِنْدَهَا فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ كُلَّ صَبَاح وَمَسَاءٍ، فَإنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَبُ اللهِ عَلَى أعْدَائِهِ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّتَهُ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ.
وَقَدْ عَلِمَ أنَّ أوْلِيَاءَهُ لاَ يَرْتَابُونَ وَلَوْ عَلِمَ أنَّهُمْ يَرْتَابُونَ لَمَا غَيَّبَ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ إِلاَّ عَلَى رَأس شِرَار النَّاس)(5).
68 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، مِثْلَهُ(6).
كمال الدين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمّد بن خالد، مثله(7).
الغيبة للطوسي: سعد، عن ابن عيسى، مثله(8).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن بعض رجاله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن رجل، عن المفضَّل، مثله(9).
69 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ مُنْتَظِراً لِهَذَا الأمْر كَانَ كَمَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ، لاَ بَلْ كَانَ بِمَنْزلَةِ الضَّاربِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالسَّيْفِ)(10).
70 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ.
ثُمَّ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ، (مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَاتَ أبُوهُ وَلَمْ يُخَلّفْ، وَ)(11) مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ حَمْلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ غَائِبٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا وُلِدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَدْ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أبِيهِ بِسَنَتَيْن، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ(12) غَيْرَ أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجِبَ(13) أنْ يَمْتَحِنَ الشّيعَةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ).
قَالَ زُرَارَةُ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإنْ أدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَأيَّ شَيْءٍ أعْمَلُ؟ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ إِنْ أدْرَكْتَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَالْزَمْ(14) هَذَا الدُّعَاءَ: اللهُمَّ عَرَّفْنِي نَفْسَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أعْرفْ نَبِيَّكَ، اللهُمَ‏ عَرَّفْنِي رَسُولَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أعْرفْ حُجَّتَكَ، اللهُمَّ عَرَّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِيني).
ثُمَّ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ لاَ بُدَّ مِنْ قَتْل غُلاَم بِالْمَدِينَةِ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ألَيْسَ يَقْتُلُهُ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ؟ قَالَ: (لاَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ جَيْشُ بَنِي فُلاَنٍ يَخْرُجُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ، فَلاَ يَدْري النَّاسُ فِي أيَّ شَيْءٍ دَخَلَ، فَيَأخُذُ الْغُلاَمَ فَيَقْتُلُهُ فَإذَا قَتَلَهُ بَغْياً وَعُدْوَاناً وَظُلْماً لَمْ يُمْهِلْهُمُ اللهُ عزّ وجل، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(15).
كمال الدين: الطالقاني، عن أبي علي بن همام، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد ابن هلال، عن عثمان بن عيسى، عن ابن نجيح، عن زرارة، مثله(16).
كمال الدين: ابن الوليد، عن الحميري، عن علي بن محمّد الحجال، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، مثله(17).
الغيبة للطوسي: سعد، عن جماعة من أصحابنا، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة، مثله(18).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن علي(19)، عن زرارة، مثله(20).
وعن الكليني، عن علي بن إبراهيم(21)، عن الخشاب، عن عبد الله بن موسى، عن ابن بكير، عن زرارة مثله(22).
وعن الكليني، عن الحسين بن (محمّد، عن)(23) أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى عن ابن نجيح، عن زرارة، مثله(24).
71 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن يَزيدَ مَعاً، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا أصْبَحْتَ وَأمْسَيْتَ لاَ تَرَى إِمَاماً تَأتَمُّ بِهِ فَأحْبِبْ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ عزّ وجل)(25).
72 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْيَقْطِينيَّ مَعاً، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عِيسَى بْن عَبْدِ اللهِ (بْن مُحَمَّدِ)(26) بْن عُمَرَ بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام عَنْ خَالِهِ الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنْ كَانَ كَوْنٌ وَلاَ أرَانِيَ اللهُ يَوْمَكَ فَبِمَنْ أئْتَمُّ؟ فَأوْمَأ إِلَى مُوسَى عليه السلام، فَقُلْتُ لَهُ: فَإنْ مَضَى فَإلَى مَنْ؟ قَالَ: (فَإلَى وَلَدِهِ)، قُلْتُ: فَإنْ مَضَى وَلَدُهُ وَتَرَكَ أخاً كَبِيراً وَابْناً صَغِيراً فَبِمَنْ أئْتَمُّ؟ قَالَ: (بِوَلَدِهِ ثُمَّ هَكَذَا أبَداً)، فَقُلْتُ: فَإنْ أنَا لَمْ أعْرفْهُ وَلَمْ أعْرفْ مَوْضِعَهُ فَمَا أصْنَعُ؟ قَالَ: (تَقُولُ: اللهُمَّ إِنّي أتَوَلَّى مَنْ بَقِيَ مِنْ حُجَجِكَ، مِنْ وَلَدِ الإمَام الْمَاضِي، فَإنَّ ذَلِكَ يُجْزيكَ)(27).
كمال الدين: أبي، عن سعد والحميري معاً، عن ابن أبي الخطاب واليقطيني معاً، عن ابن أبي نجران، مثله(28).
73 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَن الْعُبَيْدِيَّ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى(29)، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ‏ بْن سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سَتُصِيبُكُمْ شُبْهَةٌ فَتَبْقَوْنَ بِلاَ عَلَم يُرَى وَلاَ إِمَام هُدًى، لاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْغَريقِ)، قُلْتُ: وَكَيْفَ دُعَاءُ الْغَريقِ؟
قَالَ: (تَقُولُ: يَا اللهُ، يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ، يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ)، فَقُلْتُ(30): يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ وَالأبْصَار ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل مُقَلّبُ الْقُلُوبِ وَالأبْصَار وَلَكِنْ قُلْ كَمَا أقُولُ: يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ)(31).
74 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْيَقْطِينيَّ (وَعُثْمَانَ بْن عِيسَى بْن عُبَيْدٍ)(32)، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَمَّنْ أثْبَتَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ دَهْراً مِنْ عُمُركُمْ لاَ تَعْرفُونَ إِمَامَكُمْ؟)، قِيلَ لَهُ: فَإذَا كَانَ ذَلِكَ كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: (تَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل حَتَّى يُسْتَيْقَنَ)(33).
75 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ)، فَقُلْتُ لَهُ: مَا يَصْنَعُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ قَالَ: (يَتَمَسَّكُونَ بِالأمْر الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ)(34).
76 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن شُجَاع(35)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(36) قَالَ: (يَعْنِي يَوْمَ خُرُوج الْقَائِم الْمُنْتَظَر مِنَّا).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (يَا بَا بَصِيرٍ طُوبَى لِشِيعَةِ قَائِمِنَا، الْمُنْتَظِرينَ لِظُهُورهِ فِي غَيْبَتِهِ، وَالْمُطِيعِينَ لَهُ فِي ظُهُورهِ، اُولَئِكَ أوْلِيَاءُ اللهِ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(37).
77 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ أخِيهِ عليًّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي الْحَسَن(38) عليه السلام أسْألُهُ عَن الْفَرَج، فَكَتَبَ إِلَيَّ: (إِذَا غَابَ صَاحِبُكُمْ عَنْ دَار الظَّالِمِينَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(39).
الهوامش:
(1) في النسخة المطبوعة: (عن أبي عبد الله عليه السلام) وهو تصحيف.
(2) في المصدر إضافة: (وإمائي).
(3) كمال الدين 2: 330/ باب 32/ ح 15.
(4) في المصدر إضافة: (عنهم وبيّناته) بين معقوفتين.
(5) كمال الدين 2: 337 و338/ باب 33/ ح 10.
(6) الغيبة للنعماني: 162/ باب 10/ ح 2، وسند الحديث هكذا: (علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عمّن حدَّثه، عن المفضَّل بن عمر، ومحمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن المفضَّل)، وعلى هذا فقول المصنّف: (عن محمّد بن سنان) تفسير لقوله: (عمّن حدَّثه) بقرينة سند كمال الدين في الخبرين، فراجع.
(7) كمال الدين 2: 339/ باب 33/ ح 16.
(8) الغيبة للطوسي: 457/ رقم 468.
(9) الغيبة للنعماني: 161/ باب 10/ ح 1.
(10) كمال الدين 2: 338/ باب 33/ ح 11.
(11) عبارة: (منهم من يقول) حتَّى (يخلّف و) ليست في المصدر.
(12) عبارة: (وهو المنتظر) ليست في المصدر.
(13) في المصدر: (يحبّ).
(14) في المصدر: (فأدم).
(15) كمال الدين 2: 342 و343/ باب 33/ ح 24.
(16) كمال الدين 2: 343/ باب 33/ ح 24.
(17) المصدر السابق.
(18) الغيبة للطوسي: 333/ رقم 279.
(19) في المصدر: (يعلى).
(20) الغيبة للنعماني: 166/ باب 10/ ح 6.
(21) زاد في الأصل المطبوع هناك: (عن ابن همام) وهو سهو ظاهر.
(22) الكافي 1: 337/ رقم 5.
(23) من المصدر. والحسين بن محمّد هو أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن عامر بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمّي المعروف بـ (ابن عامر)، من أشياخ الكليني، وقد يصحَّف: (حسين بن محمّد) في نسخ الكافي أو حكايتها بـ (حسين بن أحمد) كما في هذا السند وهو تصحيف.
(24) الكافي 1: 343/ رقم 29.
(25) كمال الدين 2: 348/ باب 33/ ح 27.
(26) من المصدر؛ ورواه الكافي عن محمّد بن يحيى، عن ابن أبي الخطاب راجع (ج 1/ ص 309).
(27) كمال الدين 2: 349 و350/ باب 33/ ح 43.
(28) كمال الدين 2: 415 و416/ باب 40/ ح 7.
(29) هذا هو الصحيح كما في المصدر، وفي الأصل المطبوع: (العسكري بن محمّد بن عيسى) وهو تصحيف، والرجل هو محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى مولى بني أسد بن خزيمة، قد ينسب إلى جدّه فيقال: العبيدي، روى عن يونس وغيره، وقد قال ابن الوليد: ما تفرَّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه.
(30) في المصدر إضافة: (يا الله يا رحمن يا رحيم).
(31) كمال الدين 2: 351 و352/ باب 33/ ح 49.
(32) عبارة: (وعثمان بن عيسى بن عبيد) ليست في المصدر.
(33) كمال الدين 2: 348/ باب 33/ ح 38، وفيه: (يستبين لكم) بدل (يستيقن).
(34) كمال الدين 2: 350/ باب 33/ ح 44.
(35) عليّ بن محمّد بن شجاع، ساقط عن المصدر المطبوع، وما سطره المصنّف رحمه الله هو الصحيح كما في المصدر. وقد مرَّ في (ج 1/ ص 381/ باب ما فيه من سنن الأنبياء عليهم السلام/ الرقم 10). راجع: (ج 51/ ص 223) من المطبوعة.
(36) الأنعام: 158.
(37) كمال الدين 2: 357/ باب 33/ ح 54.
(38) في المصدر إضافة: (صاحب العسكر).
(39) كمال الدين 2: 380 و381/ باب 37/ ح 3.
******************
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عمرو الكاتب، عن علي بن محمّد الصيمري، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت... وذكر نحوه(1).
* * *
باب (23): من ادّعى الرؤية في الغيبة الكبرى وأنَّه يشهد ويرى الناس ولا يرونه وسائر أحواله عليه السلام في الغيبة
1 _ الاحتجاج: خَرَجَ التَّوْقِيعُ إِلَى أبِي الْحَسَن السَّمُريَّ: (يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ اسْمَعْ! أعْظَمَ اللهُ أجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإنَّكَ مَيَّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أيَّام، فَاجْمَعْ أمْرَكَ وَلاَ تُوص إِلَى أحَدٍ يَقُومُ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ، فَلاَ ظُهُورَ إِلاَّ بَعْدَ إِذْن اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُول الأمَدِ، وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ، وَامْتِلاَءِ الأرْض جَوْر(2)، وَسَيَأتِي مِنْ شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ، ألاَ فَمَن ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيَّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيَّ الْعَظِيم)(3).
كمال الدين: الحسن بن أحمد المكتَّب، مثله(4).
بيان: لعلَّه محمول على من يدّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه عليه السلام إلى الشيعة، على مثال السفراء لئلاّ ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه السلام والله يعلم.
2 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ الْمُتَوَكّل وَمَاجِيلَوَيْهِ وَالْعَطَّارُ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يَفْقِدُ النَّاسُ إِمَامُهُمْ فَيَشْهَدُهُمُ الْمَوْسِمَ فَيَرَاهُمْ وَلاَ يَرَوْنَهُ)(5).
كمال الدين: أبي، عن سعد، عن الفزاري، مثله(6).
كمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن يحيى بن المثنى، مثله(7).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن الأسدي، عن سعد، عن الفزاري، مثله(8).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن يحيى بن المثنى، مثله(9).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد العطّار، (عن جعفر بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد)(10)، مثله(11).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن الحسن(12) بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل، عن يحيى بن المثنى، مثله(13).
3 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْخَضِرَ شَربَ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ فَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّور، وَإِنَّهُ لَيَأتِينَا فَيُسَلّمُ عَلَيْنَا فَنَسْمَعُ صَوْتَهُ وَلاَ نَرَى شَخْصَهُ وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ حَيْثُ(14) ذُكِرَ، فَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْكُمْ فَلْيُسَلّمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ الْمَوَاسِمَ(15) فَيَقْضِي جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ فَيُؤَمَّنُ عَلَى دُعَاءِ الْمُؤْمِنينَ وَسَيُؤْنسُ اللهُ بِهِ وَحْشَةَ قَائِمِنَا عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ وَيَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُ)(16).
4 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَاللهِ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يَحْضُرُ الْمَوْسِمَ كُلَّ سَنَةٍ فَيَرَى النَّاسَ وَيَعْرفُهُمْ وَيَرَوْنَهُ وَلاَ يَعْرفُونَهُ(17).
5 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَنْ‏ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُسْتَنِير، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن إِحْدَاهُمَا تَطُولُ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: مَاتَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمْ: قُتِلَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمْ: ذَهَبَ، حَتَّى لاَ يَبْقَى عَلَى أمْرهِ مِنْ أصْحَابِهِ إِلاَّ نَفَرٌ يَسِيرٌ، لاَ يَطَّلِعُ عَلَى مَوْضِعِهِ أحَدٌ مِنْ وُلْدِهِ، وَلاَ غَيْرهِ إِلاَّ الْمَوْلَى الَّذِي يَلِي أمْرَهُ)(18).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام(19)، وحدَّثنا القاسم بن محمّد ابن الحسين(20) بن حازم، عن عبيس بن هشام، عن ابن جبلة، عن ابن المستنير، عن المفضَّل، عنه عليه السلام، مثله(21).
6 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ(22)، عَن الْفَضْل، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ عُزْلَةٍ، وَلاَ بُدَّ فِي عُزْلَتِهِ مِنْ قُوَّةٍ، وَمَا بِثَلاَثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ، وَنِعْمَ الْمَنْزلُ طَيْبَةُ)(23).
7 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ أبِي جَيَّدٍ، عَن ابْن الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمْدَوَيْهِ بْن الْبَرَاءِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى مَوْلَى آل سَام، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَلَمَّا نَزَلْنَا الرَّوْحَاءَ نَظَرَ إِلَى جَبَلِهَا مُطِلّاً عَلَيْهَا فَقَالَ لِي: (تَرَى هَذَا الْجَبَلَ؟ هَذَا جَبَلٌ يُدْعَى رَضْوَى مِنْ جِبَال فَارسَ أحَبَّنَا فَنَقَلَهُ اللهُ إِلَيْنَا، أمَا إِنَّ فِيهِ كُلَّ شَجَرَةِ مَطْعَم، وَنعْمَ أمَانٌ لِلْخَائِفِ مَرَّتَيْن أمَا إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر فِيهِ غَيْبَتَيْن وَاحِدَةٌ قَصِيرَةٌ وَالاُخْرَى طَويلَةٌ)(24).
8 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْن جَنَاح الْجُعْفِيَّ، عَنْ حَازم بْن حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ، إِنْ جَاءَكَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرهِ فَلاَ تُصَدَّقْهُ)(25).
9 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ الصَّادِقَ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر لَشَبَه(26) مِنْ يُوسُفَ)، فَقُلْتُ: فَكَأنَّكَ تُخْبِرُنَا بِغَيْبَةٍ أوْ حَيْرَةٍ؟ فَقَالَ: (مَا يُنْكِرُ هَذَا الْخَلْقُ الْمَلْعُونُ أشْبَاهُ الْخَنَازير مِنْ ذَلِكَ؟ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا عُقَلاَءَ ألِبَّاءَ أسْبَاطاً أوْلاَدَ أنْبِيَاءَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَكَلَّمُوهُ وَخَاطَبُوهُ وَتَاجَرُوهُ وَرَادُّوهُ(27) وَكَانُوا إِخْوَتَهُ وَهُوَ أخُوهُمْ، لَمْ يَعْرفُوهُ حَتَّى عَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ وَقَالَ لَهُمْ: ((أَنَا يُوسُفُ)) فَعَرَفُوهُ حِينَئِذٍ، فَمَا يُنْكِرُ(28) هَذِهِ الاُمَّةُ الْمُتَحَيَّرَةُ أنْ يَكُونَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ يُريدُ فِي وَقْتٍ (مِنَ الأوْقَاتِ)(29) أنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ، لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبِيهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَلَوْ أرَادَ أنْ يُعْلِمَهُ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ (وَاللهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أيَّامٍ مِنْ بَدْوهِمْ إِلَى مِصْرَ)(30).
فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الاُمَّةُ أنْ يَكُونَ اللهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أنْ(31) يَكُونَ صَاحِبُكُمُ الْمَظْلُومُ الْمَجْحُودُ حَقُّهُ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ وَيَمْشِي فِي أسْوَاقِهِمْ وَيَطَاُ فُرُشَهُمْ، وَلاَ يَعْرفُونَهُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ أنْ يُعَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أذِنَ لِيُوسُفَ حَتَّى(32) قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: إِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ، قَالَ: أنَا يُوسُفُ)(33).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، مثله(34).
دلائل الإمامة للطبري: عن علي بن هبة الله، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة، مثله(35).
10 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ عَمْرو(36) بْن عُثْمَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (لِلْقَائِم غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا طَويلَةٌ وَالاُخْرَى قَصِيرَةٌ، فَالاُولَى يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا خَاصَّةٌ مِنْ شِيعَتِهِ، وَالاُخْرَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا (إِلاَّ)(37) خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينهِ)(38).
11 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لِلْقَائِم غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا قَصِيرَةٌ وَالاُخْرَى طَويلَةٌ، (الْغَيْبَةُ)(39) الاُولَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ (فِيهَا إِلاَّ خَاصَّةُ شِيعَتِهِ، وَالاُخْرَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا)(40) إِلاَّ خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينهِ)(41).
الهوامش:
(1) الإمامة والتبصرة: 93/ باب 23/ ح 83 .
(2) في المصدر: (ظلماً وجوراً).
(3) الاحتجاج 2: 555 و556/ رقم 349.
(4) كمال الدين 2: 516/ باب 45/ ح 44.
(5) كمال الدين 2: 346/ باب 33/ ح 33.
(6) كمال الدين 2: 440/ باب 43/ ح 7.
(7) كمال الدين 2: 351/ باب 33/ ح 49.
(8) الغيبة للطوسي: 261/ رقم 119.
(9) الغيبة للنعماني: 175/ باب 10/ ح 13.
(10) من المصدر.
(11) الغيبة للنعماني: 175/ باب 10/ ح 14.
(12) في المصدر: (الحسين).
(13) الغيبة للنعماني: 175 و176/ باب 10/ ح 16.
(14) في المصدر: (حيث ما).
(15) في المصدر: (ليحضر الموسم كلّ سنة).
(16) كمال الدين 2: 390/ باب 38/ ح 4.
(17) كمال الدين 2: 400/ باب 43/ ح 8 ، والضمير في (قال) يرجع إلى الحميري، وفي (سمعته) يرجع إلى العمري.
(18) الغيبة للطوسي: 161/ رقم 120.
(19) الغيبة للنعماني: 71/ باب 10/ ح 4.
(20) في المصدر: (الحسن).
(21) الغيبة للنعماني: 171/ باب 10/ ح 5.
(22) يعني: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد، عن الفضل بن شاذان، وكان الأنسب أن يصرّح بذلك.
(23) الغيبة للطوسي: 162/ رقم 121، والعُزلة - بالضمّ -: اسم للاعتزال، والطيبة: اسم المدينة الطيبة فيدلُّ على كونه عليه السلام غالباً فيها وفي حواليها، وعلى أنَّ معه ثلاثين من مواليه وخواصّه، إن مات أحدهم قام آخر مقامه. (منه رحمه الله).
ورواه الكليني في (ج 1/ ص 340)، ولفظه: (لا بدَّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، ولا بدَّ له في غيبته من عزلة...) الخ. وسيجيء تحت الرقم (20).
(24) الغيبة للطوسي: 162/ رقم 123.
(25) الغيبة للطوسي: 423 و424/ رقم 407.
(26) في المصدر: (لشبهاً).
(27) في المصدر: (راودوه).
(28) في المصدر: (فما تنكر).
(29) من المصدر.
(30) من المصدر.
(31) في المصدر: (وأن).
(32) في المصدر: (حين).
(33) الغيبة للنعماني: 163 و164/ باب 10/ ح 4.
(34) الغيبة للنعماني: 163/ باب 10/ ذيل حديث 4.
(35) دلائل الإمامة: 531/ ح 510.
(36) في المصدر: (عمر).
(37) من المصدر.
(38) الغيبة للنعماني: 170/ باب 10/ ح 1.
(39) من المصدر.
(40) من المصدر.
(41) الغيبة للنعماني: 170/ باب 10/ ح 2.
******************
12 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْكُنَاسِيَّ(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن)، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (لاَ يَقُومُ (الْقَائِمُ)(2) وَ(لأحَدٍ)(3) فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(4).
13 _ الغيبة للنعماني: (ابْنُ عُقْدَةَ، عَن)(5) الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن(6) بْن حَازم مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْن جَنَاح، عَنْ حَازم بْن حَبِيبٍ(7)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: أصْلَحَكَ اللهُ إِنَّ أبَوَايَ هَلَكَا وَلَمْ يَحُجَّا، وَإِنَّ اللهَ قَدْ رَزَقَ وَأحْسَنَ فَمَا تَرَى(8) فِي الْحَجَّ عَنْهُمَا؟ فَقَالَ: (افْعَلْ فَإنَّهُ يَبْرُدُ لَهُمَا)، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ فَمَنْ جَاءَكَ يَقُولُ: إِنَّهُ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرهِ فَلاَ تُصَدَّقْهُ)(9).
14 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح الزُّهْريَّ(10)، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن الْحَسَن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو، عَنْ أبِي حَنِيفَةَ السَّائِقِ، عَن حَازم بْن حَبِيبٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبِي هَلَكَ وَهُوَ رَجُلٌ أعْجَمِيٌّ وَقَدْ أرَدْتُ أنْ أحُجَّ عَنْهُ وَأتَصَدَّقَ فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: افْعَلْ فَإنَّهُ يَصِلُ إِلَيْهِ)، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن...) وَذَكَرَ(11) الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءً(12).
15 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ(13)، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَتَيْن يُقَالُ فِي إِحْدَاهُمَا: هَلَكَ، وَلاَ يُدْرَى فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)(14).
16 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَنْ أبِي بَكْرٍ وَيَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَتَيْن يَرْجِعُ فِي إِحْدَاهُمَا وَالاُخْرَى(15) لاَ يُدْرَى أيْنَ هُوَ؟، يَشْهَدُ الْمَوَاسِمَ، يَرَى النَّاسَ وَلاَ يَرَوْنَهُ)(16).
بيان: لعلَّ المراد برجوعه رجوعه إلى خواص مواليه وسفرائه أو وصول خبره إلى الخلق.
17 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن قَيْسٍ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن(17) بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْقَطَوَانِيَّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ(18) الْخَارفِيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لِقَائِم آل مُحَمَّدٍ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى)، فَقَالَ: (نَعَمْ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْتَلِفَ سَيْفُ بَنِي فُلاَنٍ وَتَضَيَّقَ الْحَلْقَةُ، وَيَظْهَرَ السُّفْيَانِيُّ وَيَشْتَدَّ الْبَلاَءُ وَيَشْمَلَ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ يَلْجَئُونَ فِيهِ إِلَى حَرَم اللهِ وَحَرَم رَسُولِهِ)(19).
18 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن فِي إِحْدَاهُمَا يَرْجِعُ فِيهَ(20) إِلَى أهْلِهِ، وَالاُخْرَى يُقَالُ(21): فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)، قُلْتُ: كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (إِن ادَّعَى مُدَّع فَاسْألُوهُ عَنْ تِلْكَ الْعَظَائِم الَّتِي يُجِيبُ فِيهَا مِثْلُهُ)(22).
19 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن نَضْرٍ(23)، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً يَقُولُ فِيهَا: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(24))(25).
20 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ (عليًّ)(26) أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ، وَلاَ بُدَّ لَهُ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ عُزْلَةٍ، وَنِعْمَ الْمَنْزلُ طَيْبَةُ، وَمَا بِثَلاَثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ)(27).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، مثله(28).
(بيان: في الكافي في السند الأوّل عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير(29).
و(العزلة) بالضمّ اسم الاعتزال، و(الطيبة) اسم المدينة الطيبة، فيدلُّ على كونه عليه السلام غالباً فيها وفي حواليها وعلى أنَّ معه ثلاثين من مواليه خواصه إن مات أحدهم قام آخر مقامه).
21 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُفَضَّل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ(30) الأمْر بَيْتاً يُقَالُ لَهُ: بَيْتُ الْحَمْدِ، فِيهِ سِرَاجٌ يَزْهَرُ(31) مُنْذُ يَوْمَ وُلِدَ إِلَى يَوْم يَقُومُ بِالسَّيْفِ لاَ يُطْفَى)(32).
الغيبة للطوسي: محمّد الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عطاء، عن سلام بن أبي عميرة، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(33).
* * *
باب (24): نادر في ذكر من رآه عليه السلام في الغيبة الكبرى قريباً من زماننا
أقول: وجدت رسالة مشتهرة بقصّة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض(34) أحببت إيرادها لاشتمالها على ذكر من رآه، ولما فيه من الغرائب. وإنَّما أفردت لها باب لأنّي لم أظفر به في الأصول المعتبرة ولنذكرها بعينها كما وجدتها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لمعرفته، والشكر له على ما منحنا للاقتداء بسنن سيّد بريته، محمّد الذي اصطفاه من بين خليقته، وخصّنا بمحبّة عليّ والأئمّة المعصومين من ذريته، صلى الله عليهم أجمعين الطيبين الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً.
وبعد: فقد وجدت في خزانة أمير المؤمنين عليه السلام، وسيّد الوصيين، وحجّة ربّ العالمين، وإمام المتّقين، عليّ بن أبي طالب عليه السلام بخطّ الشيخ الفاضل والعالم العامل، الفضل بن يحيى بن عليّ الطيبي الكوفي قدَّس الله روحه ما هذا صورته:
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمّد وآله وسلّم.
وبعد: فيقول الفقير إلى عفو الله سبحانه وتعالى الفضل بن يحيى بن عليّ الطيبي الإمامي الكوفي عفى الله عنه: قد كنت سمعت من الشيخين الفاضلين العالمين الشيخ شمس الدين بن نجيح الحلّي والشيخ جلال الدين عبد الله بن الحرام الحلّي قدَّس الله روحيهما ونوَّر ضريحيهما في مشهد سيّد الشهداء وخامس أصحاب الكساء مولانا وإمامنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام في النصف من شهر شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة من الهجرة النبويّة على مشرّفها محمّد وآله أفضل الصلاة وأتمّ التحيّة، حكاية ما سمعاه من الشيخ الصالح التقي الفاضل الورع الزكي زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني، المجاور بالغري _ على مشرّفيه السلام _ حيث اجتمعا به في مشهد الإمامين الزكيّين الطاهرين المعصومين السعيدين عليهما السلام بسُرَّ من رأى وحكى لهما حكاية ما شاهده ورآه في البحر الأبيض، والجزيرة الخضراء من العجائب فمرَّ بي باعث الشوق إلى رؤياه، وسألت تيسير لقياه، والاستماع لهذا الخبر من لقلقة فيه بإسقاط رواته، وعزمت على الانتقال إلى سُرَّ من رأى للاجتماع به.
الهوامش:
(1) في المصدر: (اليماني).
(2) من المصدر.
(3) من المصدر.
(4) الغيبة للنعماني: 171/ باب 10/ ح 3.
(5) من المصدر، وعبيس بن هشام هو عبّاس بن هشام أبو الفضل الناشري الأسدي ثقة جليل القدر كثير الرواية. كره اسمه، فقيل: عبيس.
(6) في المصدر: (الحسن).
(7) كذا في المصدر؛ وفي الأصل المطبوع: (خارجة بن حبيب)، وهو سهو لما يأتي في السند الآتي.
(8) في المصدر: (تقول).
(9) الغيبة للنعماني: 172/ باب 10/ ح 6.
(10) أي مولاهم، وفي الأصل المطبوع الزبيري وهو سهو، والرجل هو أحمد بن محمّد بن علي بن عمر بن رباح القلاء السواق، كان مولى آل سعد بن أبي وقاص الزهري، واقفي.
(11) في المصدر إضافة: (مثل ما ذكر في).
(12) الغيبة للنعماني: 172/ باب 10/ ذيل حديث 6.
(13) السند مصرّح به في المصدر، والمصنّف حيث ذكر هذه الروايات متتالية اختصر الإسناد.
(14) الغيبة للنعماني: 173/ باب 10/ ح 8 .
(15) في المصدر: (و(في) الأخرى) بدل (والأخرى).
(16) الغيبة للنعماني: 175/ باب 10/ ح 15.
(17) في المصدر: (الحسين).
(18) في المصدر إضافة: (بن زياد) بين معقوفتين. وهو إبراهيم بن زياد الخارفي الكوفي، وفي المصدر: (الحازمي)، وفي الأصل المطبوع: (الخارجي)، وكلاهما تصحيف.
(19) الغيبة للنعماني: 172 و173/ باب 10/ ح 7.
(20) كلمة: (فيها) ليست في المصدر.
(21) في المصدر إضافة: (هلك).
(22) الغيبة للنعماني: 173/ باب 10/ ح 9.
(23) في المصدر: (الحارث).
(24) الشعراء: 21.
(25) الغيبة للنعماني: 174/ باب 10/ ح 10.
(26) من المصدر.
(27) الغيبة للنعماني: 188/ باب 10/ ح 41.
(28) الغيبة للنعماني: 188/ باب 10/ ح 42، والموجود في المصدر هكذا: أخبرنا محمّد بن يعقوب، عن عدّة من رجاله، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها). ثُمَّ قال: حدَّثنا محمّد بن يعقوب، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبى عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم مثله. فالظاهر أنَّ نسخة المصنّف رضوان الله عليه من الغيبة للنعماني كانت ناقصة هناك أو سقط من قلم الكتاب فخلط بين الحديثين. وإنَّما لم نجعل ما سقط في الصلب، لأنَّ الحديث لا يناسب هذا الباب.
(29) الكافي 1: 340/ باب (في الغيبة)/ ح 16.
(30) في المصدر إضافة: (هذا).
(31) في المصدر: (يظهر).
(32) الغيبة للنعماني: 239/ باب 13/ ح 31.
(33) الغيبة للطوسي: 467/ رقم 483.
(34) قال الشهيد نور الله القاضي: (وقد روى شرح هذه القصّة الطويلة الشيخ الأجل السعيد الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي، وحرَّرها في بعض أماليه. وقد كان السيّد الأجلّ شمس الدين محمّد بن أسد الله الشوشتري رحمه الله قد كتب هذه القصّة بأمر السلطان صاحب قرآن يعني به الشاه طهماسب الأوّل) راجع مجالس المؤمنين - بالفارسية - (ج 1/ ص 79/ المجلس الأوّل)، علماً بأنَّ (ناجي النجّار) كان قد أورد هذه القصّة في كتاب له تحت عنوان (الجزيرة الخضراء وقضيّة مثلث برمودا) واستدلَّ على صحَّتها بالتفصيل وذكر أسماء جماعة ممَّن ذكر هذه القصّة، وردَّ على من ناقش في صحَّتها. وقد ترجم هذا الكتاب وحقَّقه علي أكبر مهدي بور، وقد ذكر مهدي بور هذا أسماء جماعة من العلماء الذي ذكروا هذه القصَّة في كتبهم يبلغ عددهم عشرين شخصاً، كما ذكر خمسة أشخاص في قائمة ممَّن أنكر هذه القصَّة. راجع (جزيرة خضراء) بالفارسية (ص185 - 190، وص 217 - 233). هذا وللسيّد جعفر مرتضى العاملي كتاب أسماه: (دراسة في علامات الظهور والجزيرة الخضراء) قد أورد فيه هذه القصَّة واستدلَّ على عدم صحَّتها بالتفصيل، وقد ترجم هذا الكتاب محمّد سبهري تحت عنوان: (جزيرة خضراء أفسانه يا واقعيَّت؟).
******************
فاتفق أنَّ الشيخ زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني انحدر من سُرَّ من رأى إلى الحلّة في أوائل شهر شوال من السنة المذكورة ليمضي على جاري عادته ويقيم في المشهد الغروي على مشرّفيه السلام.
فلمَّا سمعت بدخوله إلى الحلّة وكنت يومئذٍ بها قد أنتظر قدومه فإذا أنا به وقد أقبل راكباً يريد دار السيّد الحسيب، ذي النسب الرفيع، والحسب المنيع السيّد فخر الدين الحسن بن عليّ الموسوي المازندراني نزيل الحلّة أطال الله بقاه ولم أكن إذ ذاك الوقت أعرف الشيخ الصالح المذكور لكن خلج في خاطري أنَّه هو.
فلمَّا غاب عن عيني تبعته إلى دار السيّد المذكور فلمَّا وصلت إلى باب الدار رأيت السيّد فخر الدن واقفاً على باب داره مستبشراً فلمَّا رآني مقبلاً ضحك في وجهي وعرفني بحضوره فاستطار قلبي فرحاً وسروراً ولم أملك نفسى على الصبر على الدخول إليه في غير ذلك الوقت.
فدخلت الدار مع السيّد فخر الدين فسلَّمت عليه، وقبَّلت يديه، فسأل السيّد عن حالى، فقال له: هو الشيخ فضل بن الشيخ يحيى الطيبي صديقكم فنهض واقفاً وأقعدني في مجلسه ورحَّب بي وأحفى السؤال عن حال أبي وأخي الشيخ صلاح الدين لأنَّه كان عارفاً بهما سابقاً ولم أكن في تلك الأوقات حاضراً بل كنت في بلدة واسط، أشتغل في طلب العلم عند الشيخ العالم العامل الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الواسطي الإمامي تغمَّده الله برحمته، وحشره في زمرة أئمّته عليهم السلام.
فتحادثت مع الشيخ الصالح المذكور متَّع الله المؤمنين بطول بقائه فرأيت في كلامه أمارات تدلُّ على الفضل في أغلب العلوم من الفقه والحديث، والعربية بأقسامها، وطلبت منه شرح ما حدَّث به الرجلان الفاضلان العالمان العاملان الشيخ شمس الدين والشيخ جلال الدين الحلّيان المذكوران سابقاً عفى الله عنهما فقصَّ لي القصّة من أوّلها إلى آخرها بحضور السيّد الجليل السيّد فخر الدين نزيل الحلّة صاحب الدار، وحضور جماعة من علماء الحلّة والأطراف، قد كانوا أتوا لزيارة الشيخ المذكور وفَّقه الله، وكان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر شوال سنة تسع وتسعين وستمائة وهذه صورة ما سمعته من لفظه أطال الله بقاءه وربّما وقع في الألفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير، لكن المعاني واحدة قال حفظه الله تعالى:
قد كنت مقيماً في دمشق الشام، منذ سنين، مشتغلاً بطلب العلم، عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي وفَّقه الله لنور الهداية في علمي الأصول والعربية، وعند الشيخ زين الدين عليّ المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنَّه كان عالماً فاضلاً عارفاً بالقراءات السبع وكان له معرفة في أغلب العلوم من الصرف، والنحو، والمنطق، والمعاني، والبيان، والأصولين(1)، و كان ليَّن الطبع لم يكن عنده معاندة في البحث ولا في المذهب لحسن ذاته. فكان إذا جرى ذكر الشيعة يقول: قال علماء الإمامية. بخلاف من المدرّسين فإنَّهم كانوا يقولون عند ذكر الشيعة: قال علماء الرافضة، فاختصصت به وتركت التردّد إلى غيره، فأقمنا على ذلك برهة من الزمان أقرأ عليه في العلوم المذكورة.
فاتفق أنَّه عزم على السفر من دمشق الشام، يريد الديار المصرية، فلكثرة المحبّة التي كانت بيننا عزَّ عليَّ مفارقته، وهو أيضاً كذلك فآل(2) الأمر إلى أنَّه هداه الله صمّم العزم على صحبتي له إلى مصر، وكان عنده جماعة من الغرباء مثلي، يقرؤون عليه فصحبه أكثرهم.
فسرنا في صحبته إلى أن وصلنا مدينة بلاد مصر المعروفة بالفاخرة، وهي أكبر من مدائن مصر كلّها، فأقام بالمسجد الأزهر مدّة يدرَّس، فتسامع فضلاء مصر بقدومه، فوردوا كلّهم لزيارته وللانتفاع بعلومه، فأقام في قاهرة مصر مدّة تسعة أشهر، ونحن معه على أحسن حال وإذا بقافلة قد وردت من الأندلس ومع رجل منها كتاب من والد شيخنا الفاضل المذكور يعرّفه فيه بمرض شديد قد عرض له وأنَّه يتمنّى الاجتماع به قبل الممات، ويحثّه فيه على عدم التأخير.
فرقَّ الشيخ من كتاب أبيه وبكى، وصمّم العزم على المسير إلى جزيرة الأندلس، فعزم بعض التلامذة على صحبته، ومن الجملة أنا، لأنَّه هداه الله قد كان أحبّني محبّة شديدة وحسَّن لي المسير معه فسافرت إلى الأندلس في صحبته فحيث وصلنا إلى أوّل قرية من الجزيرة المذكورة، عرضت لي حمى منعتني عن الحركة.
فحيث رآني الشيخ على تلك الحالة رقَّ لي وبكى، وقال: يعزُّ عليَّ مفارقتك، فأعطى خطيب تلك القرية التي وصلنا إليها عشرة دراهم، وأمره أن يتعاهدني حتَّى يكون منّي أحد الأمرين، وإن منَّ الله بالعافية أتبعه إلى بلده هكذا عهد إليَّ بذلك وفَّقه الله بنور الهداية إلى طريق الحقّ المستقيم، ثُمَّ مضى إلى بلد الأندلس، ومسافة الطريق من ساحل البحر إلى بلده خمسة أيام.
فبقيت في تلك القرية ثلاثة أيّام لا أستطيع الحركة لشدّة ما أصابني من الحمى ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمى، وخرجت أدور في سكك تلك القرية فرأيت قَفَلاً قد وصل من جبال قريبة من شاطئ البحر الغربي يجلبون الصوف والسمن والأمتعة، فسألت عن حالهم فقيل: إنَّ هؤلاء يجيئون من جهة قريبة من أرض البربر، وهي قريبة من جزائر الرافضة.
فحيث سمعت ذلك منهم ارتحت إليهم، وجذبني باعث الشوق إلى أرضهم فقيل لي: إنَّ المسافة خمسة وعشرون يوماً، منها يومان بغير عمارة ولا ماء، وبعد ذلك فالقرى متّصلة، فاكتريت معهم من رجل حماراً بمبلغ ثلاثة دراهم، لقطع تلك المسافة التي لا عمارة فيها، فلمَّا قطعنا معهم تلك المسافة، ووصلنا أرضهم العامرة، تمشّيت راجلاً وتنقّلت على اختياري من قرية إلى أخرى (إلى) أن وصلت إلى أوّل تلك الأماكن، فقيل لي: إنَّ جزيرة الروافض قد بقي بينك وبينها ثلاثة أيام، فمضيت ولم أتأخَّر.
فوصلت إلى جزيرة ذات أسوار أربعة، ولها أبراج محكمات شاهقات، وتلك الجزيرة بحصونها راكبة على شاطئ البحر، فدخلت من باب كبيرة يقال لها: باب البربر، فدرت في سككها أسأل عن مسجد البلد، فهديت عليه، ودخلت إليه فرأيته جامعاً كبيراً معظماً واقعاً على البحر من الجانب الغربي من البلد، فجلست في جانب المسجد لأستريح وإذا بالمؤذّن يؤذّن للظهر ونادى بحي على خير العمل ولمَّا فرغ دعا بتعجيل الفرج للإمام صاحب الزمان عليه السلام.
فأخذتني العبرة بالبكاء، فدخلت جماعة بعد جماعة إلى المسجد، وشرعوا في الوضوء، على عين ماء تحت الشجرة في الجانب الشرقي من المسجد، وأنا أنظر إليهم فرحاً مسروراً لما رأيته من وضوئهم المنقول عن أئمّة الهدى عليهم السلام.
فلمَّا فرغوا من وضوئهم وإذا برجل قد برز من بينهم بهيّ الصورة، عليه السكينة والوقار، فتقدَّم إلى المحراب، وأقام الصلاة، فاعتدلت الصفوف وراءه وصلّى بهم إماماً وهم به مأمومون صلاة كاملة بأركانها المنقولة عن أئمّتنا عليهم السلام على الوجه المرضي فرضاً ونفلاً وكذا التعقيب والتسبيح ومن شدّة ما لقيته من وعثاء السفر، وتعبي في الطريق لم يمكني أنَّ أصلّي معهم الظهر.
فلمَّا فرغوا ورأوني أنكروا عليَّ عدم اقتدائي بهم، فتوجّهوا نحوي بأجمعهم وسألوني عن حالي ومن أين أصلّي وما مذهبي؟ فشرحت لهم أحوالي وأنّي عراقي الأصل، وأمَّا مذهبي فإنّني رجل مسلم أقول أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله أرسله (بالهدى) ودين الحقّ ليظهره على الأديان كلّها ولو كره المشركون.
فقالوا لي: لم تنفعك هاتان الشهادتان إلاَّ لحقن دمك في دار الدنيا، لِمَ لا تقول الشهادة الأخرى لتدخل الجنّة بغير حساب؟ فقلت لهم: وما تلك الشهادة الأخرى؟ اهدوني إليها يرحمكم الله، فقال لي إمامهم: الشهادة الثالثة هي أن تشهد أنَّ أمير المؤمنين، ويعسوب المتّقين، وقائد الغر المحجّلين عليّ بن أبي طالب والأئمّة الأحد عشر من ولده أوصياء رسول الله، وخلفاؤه من بعده بلا فاصلة، قد أوجب الله عزّ وجل طاعتهم على عباده، وجعلهم أولياء أمره ونهيه، وحججاً على خلقه في أرضه، وأماناً لبريته، لأنَّ الصادق الأمين محمّداً رسول ربّ العالمين صلى الله عليه وآله وسلّم أخبربهم عن الله تعالى مشافهة من نداء الله عزّ وجل له عليه السلام في ليلة معراجه إلى السماوات السبع، وقد صار من ربّه كقاب قَوْسَيْن أو أدْنى، وسمّاهم له واحداً بعد واحد، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
فلمَّا سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه على ذلك، وحصل عندي أكمل السرور، وذهب عنّي تعب الطريق من الفرح، وعرَّفتهم أنّي على مذهبهم، فتوجّهوا إليَّ توجّه إشفاق، وعيّنوا لي مكاناً في زوايا المسجد، وما زالوا يتعاهدوني بالعزّة والإكرام مدّة إقامتي عندهم، وصار إمام مسجدهم لا يفارقني ليلاً ولا نهاراً.
فسألته عن ميرة بلده(3) من أين تأتي إليهم فإنّي لا أرى لهم أرضاً مزروعة، فقال: تأتي إليهم ميرتهم من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض، من جزائر أولاد الإمام صاحب الأمر عليه السلام، فقلت له: كم تأتيكم ميرتكم في السنة؟
فقال: مرَّتين، وقد أتت مرَّة وبقيت الأخرى فقلت: كم بقي حتَّى تأتيكم؟ قال: أربعة أشهر.
فتأثّرت لطول المدّة، ومكثت عندهم مقدار أربعين يوماً أدعو الله ليلاً ونهاراً بتعجيل مجيئها، وأنا عندهم في غاية الاعزاز والإكرام، ففي آخر يوم من الأربعين ضاق صدري لطول المدّة فخرجت إلى شاطئ البحر، أنظر إلى جهة المغرب التي ذكروا أهل البلد أنَّ ميرتهم تأتي إليهم من تلك الجهة.
فرأيت شبحاً من بعيد يتحرَّك، فسألت عن ذلك الشبح أهل البلد وقلت لهم: هل يكون في البحر طير أبيض؟ فقالوا لي: لا، فهل رأيت شيئاً؟ قلت: نعم، فاستبشروا وقالوا: هذه المراكب التي تأتي إلينا في كلّ سنة من بلاد أولاد الإمام عليه السلام.
فما كان إلاَّ قليل حتَّى قدمت تلك المراكب، وعلى قولهم إنَّ مجيئها كان في غير الميعاد، فقدم مركب كبير وتبعه آخر وآخر حتَّى كملت سبعاً، فصعد(4) من المركب الكبير شيخ مربوع القامة، بهيّ المنظر، حسن الزي، ودخل المسجد فتوضّأ الوضوء الكامل على الوجه المنقول عن أئمّة الهدى عليهم السلام، وصلّى الظهرين، فلمَّا فرغ من صلاته التفت نحوي مسلّماً عليَّ فرددّت عليه السلام، فقال: ما اسمك وأظنّ أنَّ اسمك عليّ؟ قلت: صدقت، فحادثني بالسرّ محادثة من يعرفني فقال: ما اسم أبيك؟ ويوشك أن يكون فاضلاً، قلت: نعم، ولم أكن أشكّ في أنَّه قد كان في صحبتنا من دمشق.
فقلت: أيّها الشيخ! ما أعرفك بي وبأبي؟ هل كنت معنا حيث سافرنا من دمشق الشام إلى مصر؟ فقال: لا، قلت: ولا من مصر إلى الأندلس؟ قال: لا ومولاي صاحب العصر، قلت له: فمن أين تعرفني باسمي واسم أبي؟
قال: اعلم أنَّه قد تقدَّم إليَّ وصفك، وأصلك، ومعرفة اسمك وشخصك وهيئتك واسم أبيك، وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء.
فسررت بذلك حيث قد ذكرت ولي عندهم اسم، وكان من عدّته أنَّه لا يقيم عندهم إلاَّ ثلاثة أيّام فأقام أسبوعاً وأوصل الميرة إلى أصحابها المقرّرة لهم، فلمَّا أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرّر لهم، عزم على السفر، وحملني معه، وسرنا في البحر.
فلمَّا كان في السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض فجعلت اُطيل النظر إليه، فقال لي الشيخ واسمه محمّد: ما لي أراك تطيل النظر إلى هذا الماء؟ فقلت له: إنّي أراه على غير لون ماء البحر.
فقال لي: هذا هو البحر الأبيض، وتلك الجزيرة الخضراء، وهذا الماء مستدير حولها مثل السور من أيّ الجهات أتيته وجدته، وبحكمة الله تعالى إنَّ مراكب أعدائنا إذا دخلته غرقت وإن كانت محكمة ببركة مولانا وإمامنا صاحب العصر عليه السلام فاستعملته وشربت منه، فإذا هو كماء الفرات.
ثُمَّ إنّا لمَّا قطعنا ذلك الماء الأبيض، وصلنا إلى الجزيرة الخضراء لا زالت عامرة أهله، ثُمَّ صعدنا من المركب الكبير إلى الجزيرة ودخلنا البلد، فرأيته محصناً بقلاع وأبراج وأسوار سبعة واقعة على شاطئ البحر، ذات أنهار وأشجار مشتملة على أنواع الفواكه والأثمار المنوّعة، وفيها أسواق كثيرة، وحمّامات عديدة وأكثر عمارتها برخام شفاف وأهلها في أحسن الزيّ والبهاء فاستطار قلبي سروراً لما رأيته.
ثُمَّ مضى بي رفيقي محمّد بعدما استرحنا في منزله إلى الجامع المعظم، فرأيت فيه جماعة كثيرة وفي وسطهم شخص جالس عليه من المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر (أن) أصفه، والناس يخاطبونه بالسيّد شمس الدين محمّد العالم، ويقرؤون عليه القرآن والفقه، والعربية بأقسامها، وأصول الدين والفقه الذي يقرؤونه عن صاحب الأمر عليه السلام مسألة مسألة، وقضيّة قضيّة، وحكماً حكماً.
الهوامش:
(1) كأنَّه يريد أصول الفقه وأصول الدين، وأمَّا ما في الأصل المطبوع: الأصوليين، فهو تصحيف.
(2) في المطبوعة: (قال)، وهو تصحيف.
(3) الميرة: الطعام يمتاره الإنسان. (الصحاح 2: 821).
(4) أي صعد على الساحل.
******************
فلمَّا مثّلت بين يديه، رحَّب بي وأجلسني في القرب منه، وأحفى السؤال عن تعبي في الطريق وعرَّفني أنَّه تقدَّم إليه كلّ أحوالي، وأنَّ الشيخ محمّد رفيقي إنَّما جاء بي معه بأمر من السيّد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه.
ثُمَّ أمر لي بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد، وقال لي: هذا يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة، فنهضت ومضيت إلى ذلك الموضع، فاسترحت فيه إلى وقت العصر، وإذا أنا بالموكّل بي قد أتى إليَّ وقال لي: لا تبرح من مكانك حتَّى يأتيك السيّد وأصحابه لأجل العشاء معك، فقلت: سمعاً وطاعة.
فما كان إلاَّ قليل وإذا بالسيّد سلّمه الله قد أقبل، ومعه أصحابه، فجلسوا ومُدَّت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيّد لأجل صلاة المغرب والعشاء فلمَّا فرغنا من الصلاتين ذهب السيّد إلى منزله، ورجعت إلى مكاني وأقمت على هذه الحال مدّة ثمانية عشر يوماً ونحن في صحبته أطال الله بقاءه.
فأوّل جمعة صلّيتها معهم رأيت السيّد سلّمه الله صلّى الجمعة ركعتين فريضة واجبة، فلمَّا انقضت الصلاة قلت: يا سيّدي قد رأيتكم صلّيتم الجمعة ركعتين فريضة واجبة؟ قال: نعم لأنَّ شروطها المعلومة قد حضرت فوجبت، فقلت في نفسي: ربّما كان الإمام عليه السلام حاضراً.
ثُمَّ في وقت آخر سألت منه في الخلوة: هل كان الإمام حاضراً؟ فقال: لا ولكنّي أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه عليه السلام، فقلت: يا سيّدي وهل رأيت الإمام عليه السلام؟ قال: لا، ولكنّي حدَّثني أبي رحمه الله أنَّه سمع حديثه ولم يرَ شخصه، وأنَّ جدّي رحمه الله سمع حديثه ورأى شخصه.
فقلت له: ولِمَ ذاك يا سيّدي يختصّ بذلك رجل دون آخر؟ فقال لي: يا أخي إنَّ الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده، وذلك لحكمة بالغة وعظمة قاهرة، كما أنَّ الله تعالى اختصَّ من عباده الأنبياء والمرسلين، والأوصياء المنتجبين، وجعلهم أعلاماً لخلقه، وحججاً على بريّته، ووسيلة بينهم وبينه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيَّنَةٍ، وَيَحْيى‏ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيَّنَةٍ، ولم يخل أرضه بغير حجّة على عباده للطفه بهم، ولا بدَّ لكلّ حجّة من سفير يبلّغ عنه.
ثُمَّ إنَّ السيّد سلّمه الله أخذ بيدي إلى خارج مدينتهم، وجعل يسير معي نحو البساتين، فرأيت فيها أنهاراً جارية، وبساتين كثيرة، مشتملة على أنواع الفواكه، عظيمة الحسن والحلاوة، من العنب والرمّان، والكمّثرى وغيرها ما لم أرَها في العراقين، ولا في الشامات كلّها.
فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر إذ مرَّ بنا رجل بهيّ الصورة، مشتمل ببردتين من صوف أبيض فلمَّا قرب منّا سلَّم علينا وانصرف عنّا، فأعجبتني هيئته فقلت للسيّد سلّمه الله: من هذا الرجل؟ قال لي: أتنظر إلى هذا الجبل الشاهق؟
قلت: نعم، قال: إنَّ في وسطه لمكاناً حسناً وفيه عين جارية، تحت شجرة ذات أغصان كثيرة، وعندها قبّة مبنيّة بالآجر، وإنَّ هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبّة، وأنا أمضي إلى هناك في كلّ صباح جمعة، وأزور الإمام عليه السلام منها واُصلّي ركعتين، وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين، فمهما تضمّنته الورقة أعمل به، فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام عليه السلام من القبّة.
فذهبت إلى الجبل فرأيت القبّة على ما وصف لي سلّمه الله، ووجدت هناك خادمين، فرحَّب بي الذي مرَّ علينا وأنكرني الآخر فقال له: لا تنكره فإنّي رأيته في صحبة السيّد شمس الدين العالم، فتوجَّه إليَّ ورحَّب بي وحادثاني وأتيا لي بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبّة، وتوضأت وصليت ركعتين.
وسألت الخادمين عن رؤية الإمام عليه السلام فقالا لي: الرؤية غير ممكنة وليس معنا إذن في إخبار أحد، فطلبت منهم الدعاء، فدعيا لي، وانصرفت عنهما، ونزلت من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة.
فلمَّا وصلت إليها ذهبت إلى دار السيّد شمس الدين العالم، فقيل لي: إنَّه خرج في حاجة له، فذهبت إلى دار الشيخ محمّد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل، واجتماعي بالخادمين، وإنكار الخادم عليَّ فقال لي: ليس لأحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان، سوى السيّد شمس الدين وأمثاله، فلهذا وقع الانكار منه لك، فسألته عن أحوال السيّد شمس الدين أدام الله إفضاله، فقال: إنَّه من أولاد أولاد الإمام، وإنَّ بينه وبين الإمام عليه السلام خمسة آباء وإنَّه النائب الخاص عن أمر صدر منه عليه السلام.
قال الشيخ الصالح زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني المجاور بالغري على مشرّفه السلام: واستأذنت السيّد شمس الدين العالم، أطال الله بقاءه في نقل بعض المسائل التي يحتاج إليها عنه، وقراءة القرآن المجيد، ومقابلة المواضع المشكلة من العلوم الدينية وغيرها فأجاب إلى ذلك وقال: إذا كان ولا بدَّ من ذلك فابدء أوّلاً بقراءة القرآن العظيم.
فكان كلّما قرأت شيئاً فيه خلاف بين القرّاء أقول له: قرأ حمزة كذا، وقرأ الكسائي كذا، وقرأ عاصم كذا، وأبو عمرو بن كثير كذا.
فقال السيّد سلّمه الله: نحن لا نعرف هؤلاء، وإنَّما القرآن نزل على سبعة أحرف، قبل الهجرة من مكّة إلى المدينة وبعدها لمَّا حجّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حجّة الوداع، نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمّد اُتل عليَّ القرآن حتَّى اُعرفك أوائل السور، وأواخرها، وشأن نزوله(1).
فاجتمع إليه عليّ بن أبي طالب، وولداه الحسن والحسين عليهم السلام واُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وحسّان بن ثابت، وجماعة رضي الله عن المنتجبين منهم، فقرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم القرآن من أوّله إلى آخره، فكان كلّما مرَّ بموضع فيه اختلاف بيَّنه له جبرئيل عليه السلام، وأمير المؤمنين عليه السلام يكتب ذاك في درج من أدم فالجميع قراءة أمير المؤمنين ووصي رسول ربّ العالمين.
فقلت له: يا سيّدي أرى بعض الآيات غير مرتبطة بما قبلها، وبما بعدها كأنَّ فهمي القاصر، لم يصر إلى غورية(2) ذلك.
فقال: نعم، الأمر كما رأيته وذلك (أنَّه) لمَّا انتقل سيّد البشر محمّد بن عبد الله من دار الفناء إلى دار البقاء وفعل صنما قريش ما فعلاه، من غصب الخلافة الظاهرية، جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن كلّه، ووضعه في إزار وأتى به إليهم وهم في المسجد.
فقال لهم: هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أن أعرضه إليكم لقيام الحجّة عليكم، يوم العرض بين يدي الله تعالى، فقال له فرعون هذه الأمّة ونمرودها: لسنا محتاجين إلى قرآنك، فقال عليه السلام: لقد أخبرني حبيبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بقولك هذا، وإنَّما أردت بذلك إلقاء الحجّة عليكم.
فرجع أمير المؤمنين عليه السلام به إلى منزله، وهو يقول: لا إله إلاَّ أنت، وحدك لا شريك لك لا راد لما سبق في علمك، ولا مانع لما اقتضته حكمتك، فكن أنت الشاهد لي عليهم يوم العرض عليك.
فنادى ابن أبي قحافة بالمسلمين، وقال لهم: كلّ من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الرحمان بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، وأبو سعيد الخدري، وحسّان بن ثابت، وجماعات المسلمين وجمعوا هذا القرآن، وأسقطوا ما كان فيه من المثالب التي صدرت منهم، بعد وفاة سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلّم(3)­.
فلهذا ترى الآيات غير مرتبطة والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السلام بخطّه محفوظ عند صاحب الأمر عليه السلام فيه كلّ شيء حتَّى أرش الخدش، وأمَّا هذا اقرآن، فلا شكّ ولا شبهة في صحّته، وإنَّما كلام الله سبحانه هكذا صدر عن صاحب الأمر عليه السلام.
قال الشيخ الفاضل عليّ بن فاضل: ونقلت عن السيّد شمس الدين حفظه الله مسائل كثيرة تنوب على تسعين مسألة، وهي عندي، جمعتها في مجلد وسمّيتها بالفوائد الشمسية ولا أطّلع عليها إلاَّ الخاص من المؤمنين، وستراه إن شاء الله تعالى.
فلمَّا كانت الجمعة الثانية وهي الوسطى من جُمَع الشهر، وفرغنا من الصلاة وجلس السيّد سلّمه الله في مجلس الإفادة للمؤمنين وإذا أنا أسمع هرجاً ومرجاً وجزلة(4) عظيمة خارج المسجد، فسألت من السيّد عمّا سمعته، فقال لي: إن اُمراء عسكرنا يركبون في كلّ جمعة من وسط كلّ شهر، وينتظرون الفرج فاستأذنته في النظر إليهم فأذن لي، فخرجت لرؤيتهم، وإذا هم جمع كثير يسبّحون الله ويحمّدونه، ويهلّلونه عزّ وجل، ويدعون بالفرج للإمام القائم بأمر الله والناصح لدين الله (م ح م د) بن الحسن المهدي الخلف الصالح، صاحب الزمان عليه السلام.
ثُمَّ عدت إلى مسجد السيّد سلَّمه الله فقال لي: رأيت العسكر؟ فقلت: نعم، قال: فهل عددت اُمراءهم؟ قلت: لا، قال: عدّتهم ثلاث مائة ناصر وبقي ثلاثة عشر ناصراً، ويعجّل الله لوليه الفرج بمشيّته إنَّه جواد كريم.
قلت: يا سيّدي ومتى يكون الفرج؟ قال: يا أخي إنَّما العلم عند الله والأمر متعلّق بمشيّته سبحانه وتعالى حتَّى أنَّه ربّما كان الإمام عليه السلام لا يعرف ذلك، بل له علامات وأمارات تدلُّ على خروجه.
من جملتها أن ينطق ذو الفقار بأن يخرج من غلافه، ويتكلّم بلسان عربي مبين: قم يا ولي الله على اسم الله، فاقتل بي أعداء الله.
ومنها: ثلاثة أصوات يسمعها الناس كلّهم، الصوت الأوّل: أزفَتِ الآزفَةُ يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ لآل محمّد عليهم السلام، والثالث: بدن يظهر فيرى في قرن الشمس يقول: إنَّ الله بعث صاحب الأمر (م ح م د) بن الحسن المهدي عليه السلام فاسمعوا له وأطيعوا.
فقلت: يا سيّدي قد روينا عن مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السلام أنَّه قال لمَّا اُمر بالغيبة الكبرى: من رآني بعد غيبتي فقد كذب فكيف فيكم من يراه؟ فقال: صدقت إنَّه عليه السلام إنَّما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العبّاس، حتَّى أنَّ الشيعة يمنع بعضها بعضاً عن التحدّث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدّة وأيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعنائهم، وببركته عليه السلام لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا.
قلت: يا سيّدي! قد روت علماء الشيعة حديثاً عن الإمام عليه السلام أنَّه أباح الخمس لشيعته، فهل رويتم عنه ذلك؟ قال: نعم، إنَّه عليه السلام رخَّص وأباح الخمس لشيعته من ولد عليّ عليه السلام، وقال: هم في حلّ من ذلك، قلت: وهل رخَّص للشيعة أن يشتروا الإماء والعبيد من سبي العامّة؟ قال: نعم، ومن سبي غيرهم لأنَّه عليه السلام قال: عاملوهم بما عاملوا به أنفسهم، وهاتان المسألتان زائدتان على المسائل التي سمّيتها لك.
وقال السيّد سلَّمه الله: إنَّه يخرج من مكّة بين الركن والمقام في سنة وتر فليرتقبها المؤمنون.
فقلت: يا سيّدي قد أحببت المجاورة عندكم إلى أن يأذن الله بالفرج فقال لي: اعلم يا أخي أنَّه تقدَّم إليَّ كلام بعودك إلى وطنك، ولا يمكنني وإيّاك المخالفة، لأنَّك ذو عيال وغبت عنهم مدّة مديدة، ولا يجوز لك التخلّف عنهم أكثر من هذا، فتأثّرت من ذلك وبكيت.
وقلت: يا مولاي وهل تجوز المراجعة في أمري؟ قال: لا، قلت: يا مولاي وهل تأذن لي في أن أحكي كلّما قد رأيته وسمعته؟ قال: لا بأس أن تحكي للمؤمنين لتطمئن قلوبهم، إلاَّ كيت وكيت وعيَّن ما لا أقوله.
فقلت: يا سيّدي أما يمكن النظر إلى جماله وبهائه عليه السلام؟ قال: لا، ولكن اعلم يا أخي أنَّ كلّ مؤمن مخلص يمكن أن يرى الإمام ولا يعرفه، فقلت: يا سيّدي أنا من جملة عبيده المخلصين، ولا رأيته.
فقال لي: بل رأيته مرّتين مرّة منها لمَّا أتيت إلى سُرَّ من رأى وهي أوّل مرّة جئتها، وسبقك أصحابك وتخلّفت عنهم، حتَّى وصلت إلى نهر لا ماء فيه فحضر عندك فارس على فرس شهباء، وبيده رمح طويل، وله سنان دمشقي، فلمَّا رأيته خفت على ثيابك فلمَّا وصل إليك قال لك: لا تخف اذهب إلى أصحابك، فإنَّهم ينتظرونك تحت تلك الشجرة فأذكرني والله ما كان، فقلت: قد كان ذلك يا سيّدي.
قال: والمرّة الأخرى حين خرجت من دمشق تريد مصراً مع شيخك الأندلسي، وانقطعت عن القافلة، وخفت خوفاً شديداً، فعارضك فارس على فرس غرّاء محجّلة، وبيده رمح أيضاً، وقال لك: سر ولا تخف إلى قرية على يمينك ونم عند أهلها الليلة، وأخبرهم بمذهبك الذي ولدت عليه، ولا تتّق منهم فإنَّهم مع قرى عديدة جنوبي دمشق، مؤمنون مخلصون، يدينون بدين عليّ بن أبي طالب والأئمّة المعصومين من ذريته عليهم السلام، أكان ذلك يا ابن فاضل؟
قلت: نعم، و ذهبت إلى عند أهل القرية ونمت عندهم فأعزوني وسألتهم عن مذهبم، فقالوا لي _ من غير تقيّة منّي _: نحن على مذهب أمير المؤمنين، ووصي رسول ربّ العالمين عليّ بن أبي طالب والأئمّة المعصومين من ذريته عليهم السلام، فقلت لهم: من أين لكم هذا المذهب؟ ومن أوصله إليكم؟ قالوا: أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حين نفاه عثمان إلى الشام، ونفاه معاوية إلى أرضنا هذه، فعمّتنا بركته، فلمَّا أصبحت طلبت منهم اللحوق بالقافلة فجهّزوا معي رجلين ألحقاني بها، بعد أن صرَّحت لهم بمذهبي.
الهوامش:
(1) هذا وجه جمع بين الروايات الدالّة على أنَّ (القرآن نزل على سبعة أحرف) والروايات النافية لذلك المصرّحة بأنَّ (القرآن واحد، نزل من عند الواحد، وإنَّما الاختلاف يجيء من قبل الرواة).
(2) غَوْرَ كلّ شيء: قعره. (الصحاح 2: 773).
(3) يظهر من كلامه ذلك أنَّ منشئ هذه القصَّة، كان من الحشوية الذين يقولون بتحريف القرآن لفظاً، فسرد القصّة على معتقداته.
(4) من قولهم: (جزل الحمام: صاح) فالمراد بالجزلة صياح الناس ولغتهم.
******************
فقلت له: يا سيّدي هل يحجّ الإمام عليه السلام في كلّ مدّة بعد مدّة؟ قال لي: يا ابن فاضل! الدنيا خطوة مؤمن، فكيف بمن لم تقم الدنيا إلاَّ بوجوده ووجود آبائه عليهم السلام، نعم يحجّ في كلّ عام ويزور آباءه في المدينة والعراق، وطوس، على مشرّفيها السلام، ويرجع إلى أرضنا هذه.
ثُمَّ إنَّ السيّد شمس الدين حثَّ عليَّ بعدم التأخير بالرجوع إلى العراق وعدم الإقامة في بلاد المغرب، وذكر لي أنَّ ذراهمهم مكتوب عليها: لا إله إلاَّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله، محمّد بن الحسن القائم بأمر الله. وأعطاني السيّد منها خمسة دراهم وهي محفوظة عندي للبركة.
ثُمَّ إنَّه سلمه الله وجّهني مع المراكب التي أتيت معها إلى أن وصلنا إلى تلك البلدة التي أوّل ما دخلتها من أرض البربر، وكان قد أعطاني حنطة وشعيراً فبعتها في تلك البلدة بمائة وأربعين ديناراً ذهباً، من معاملة(1) بلاد المغرب ولم أجعل طريقي على الأندلس امتثالاً لأمر السيّد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه وسافرت منها مع الحُجُج المغربي(2) إلى مكّة شرَّفها الله تعالى وحججت، وجئت إلى العراق واُريد المجاورة في الغري على مشرّفيها السلام حتَّى الممات.
قال الشيخ زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني: لم أرَ لعلماء الإمامية عندهم ذكراً سوى خمسة: السيّد المرتضى الموسوي، والشيخ أبو جعفر الطوسي، ومحمّد بن يعقوب الكليني، وابن بابويه، والشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلّي.
هذا آخر ما سمعته من الشيخ الصالح التقي والفاضل الزكي عليّ بن فاضل المذكور أدام الله إفضاله وأكثر من علماء الدهر وأتقيائه أمثاله، والحمد لله أوّلاً وآخراً، ظاهراً وباطناً، وصلى الله على خير خلقه سيّد البرية، محمّد وعلى آله الطاهرين المعصومين وسلَّم تسليماً كثيراً.
بيان: (اللقلقة) بفتح اللامين: الصوت، و(القَفَل) بالتحريك اسم جمع للقافل، وهو الراجع من السفر، وبه سمّي القافلة، قوله: (تنوف) أي تشرف وترتفع وتزيد.
أقول: ولنلحق بتلك الحكاية، بعض الحكايات التي سمعتها عمَّن قرب من زماننا.
فمنها: ما أخبرني جماعة عن السيّد الفاضل أمير علام قال: كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدَّسة بالغري على مشرّفها السلام وقد ذهب كثير من الليل، فبينا أنا أجول فيها، إذ رأيت شخصاً مقبلاً نحو الروضة المقدّسة فأقبلت إليه فلمَّا قربت منه عرفت أنَّه أستاذنا الفاضل العالم التقي الذكي مولانا أحمد الأردبيلي قدَّس الله روحه.
فأخفيت نفسي عنه، حتَّى أتى الباب، وكان مغلقاً، فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة، فسمعته يكلّم كأنَّه يناجي أحداً ثُمَّ خرج، واُغلق الباب فمشيت خلفه حتَّى خرج من الغري وتوجّه نحو مسجد الكوفة.
فكنت خلفه بحيث لا يراني حتَّى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه عنده، ومكث طويلاً ثُمَّ رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري.
فكنت خلفه حتَّى قرب من الحنانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه، فالتفت إليَّ فعرفني، وقال: أنت مير علام؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع ههنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدّسة إلى الآن واُقسم عليك بحقّ صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة، من البداية إلى النهاية.
فقال: اُخبرك على أن لا تخبر به أحداً ما دمت حيّاً، فلمَّا توثّق ذلك منّي قال: كنت اُفكر في بعض المسائل وقد أغلقت عليَّ، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السلام وأسأله عن ذلك، فلمَّا وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتاً من القبر: أن ائت مسجد الكوفة وسل عن القائم عليه السلام فإنَّه إمام زمانك، فأتيت عند المحراب، وسألته عنها واُجبت وها أنا أرجع إلى بيتي.
ومنها: ما أخبرني به والدي رحمه الله قال: كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له: أمير إسحاق الأستر آبادي، وكان قد حجَّ أربعين حجّة ماشياً وكان قد اشتهر بين الناس أنَّه تُطوى له الأرض.
فورد في بعض السنين بلدة أصفهان، فأتيته وسألته عمّا اشتهر فيه، فقال:
كان سبب ذلك أنّي كنت في بعض السنين مع الحاج متوجّهين إلى بيت الله الحرام فلمَّا وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكّة سبعة منازل أو تسعة تأخّرت عن القافلة لبعض الأسباب حتَّى غابت عنّي، وضللت عن الطريق، وتحيّرت وغلبني العطش حتَّى أيست من الحياة.
فناديت: يا صالح يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله، فتراءى لي في منتهى البادية شبح، فلمَّا تأمّلته حضر عندي في زمان يسير فرأيته شاباً حسن الوجه، نقي الثياب، أسمر، على هيئة الشرفاء، راكباً على جمل، ومعه أداوة، فسلَّمت عليه فردَّ عليَّ السلام وقال: (أنت عطشان؟)، قلت: نعم، فأعطاني الأداوة فشربت ثُمَّ قال: (تريد أن تلحق القافلة؟)، قلت: نعم، فأردفني خلفه، وتوجَّه نحو مكّة.
وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كلّ يوم، فأخذت في قراءته، فقال عليه السلام في بعض المواضع: (اقرأ هكذا)، قال: فما مضى إلاَّ زمان يسير حتَّى قال لي: (تعرف هذا الموضع؟)، فنظرت فإذا أنا بالأبطح فقال: (انزل)، فلمَّا نزلت رجعت وغاب عنّي.
فعند ذلك عرفت أنَّه القائم عليه السلام فندمت وتأسفت على مفارقته، وعدم معرفته فلمَّا كان بعد سبعة أيام أتت القافلة، فرأوني في مكّة بعد ما أيسوا من حياتي فلذا اشتهرت بطيّ الأرض.
قال الوالد رحمه الله: فقرأت عنده الحرز اليماني وصحّحته وأجازني والحمد لله.
ومنها: ما أخبرني به جماعة عن جماعة عن السيّد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الأستر آبادي نوَّر الله مرقده أنَّه قال: إنّي كنت ذات ليلة أطوف حول بيت الله الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه، فأخذ في الطواف، فلمَّا قرب منّي أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه، فأخذت منه وشممته، وقلت له: من أين يا سيّدي؟ قال: (من الخرابات)، ثُمَّ غاب عنّي فلم أرَه.
ومنها: ما أخبرني به جماعة من أهل الغري على مشرّفه السلام أنَّ رجلاً من أهل قاشان أتى إلى الغري متوجّها إلى بيت الله الحرام، فاعتل علّة شديدة حتَّى يبست رجلاه، ولم يقدر على المشي، فخلَّفه رفقاؤه وتركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدّسة، وذهبوا إلى الحجّ.
فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كلّ يوم، ويذهب إلى الصحاري للتنزّه ولطلب الدراري التي تؤخذ منها، فقال له في بعض الأيام: إنّي قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان، فاذهب بي اليوم وأطرحني في مكان واذهب حيث شئت.
قال: فأجابني إلى ذلك، وحملني وذهب بي إلى مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف فأجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحها على شجرة كانت هناك، وذهب إلى الصحراء، وبقيت وحدي مغموماً اُفكر فيما يؤول إليه أمري فإذا أنا بشاب صبيح الوجه، أسمر اللون، دخل الصحن. وسلَّم عليَّ وذهب إلى بيت المقام، وصلّى عند المحراب ركعات، بخضوع وخشوع لم أرَ مثله قط، فلمَّا فرغ من الصلاة خرج وأتاني وسألني عن حالي فقلت له: ابتليت ببلية ضقت بها لا يشفيني الله فأسلم منها، ولا يذهب بي فأستريح، فقال: (لا تحزن سيعطيك الله كليهما)، وذهب.
فلمَّا خرج رأيت القميص وقع على الأرض، فقمت وأخذت القميص وغسلتها وطرحتها على الشجر، فتفكّرت في أمري وقلت: أنا كنت لا أقدر على القيام والحركة، فكيف صرت هكذا؟ فنظرت إلى نفسي فلم أجد شيئاً مما كان بي فعلمت أنَّه كان القائم صلوات الله عليه، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أرَ أحداً فندمت ندامة شديدة.
فلمَّا أتاني صاحب الحجرة، سألني عن حالي وتحيَّر في أمري فأخبرته بما جرى فتحسَّر على ما فات منه ومنّي، ومشيت معه إلى الحجرة.
قالوا: فكان هكذا سليماً حتَّى أتى الحاج ورفقاؤه، فلمَّا رآهم وكان معهم قليلاً، مرض ومات، ودفن في الصحن، فظهر صحّة ما أخبره عليه السلام من وقوع الأمرين معاً.
وهذه القصَّة من المشهورات عند أهل المشهد، وأخبرني به ثقاتهم وصلحاؤهم.
ومنها: ما أخبرني به بعض الأفاضل الكرام، والثقات الأعلام، قال: أخبرني بعض من أثق به يرويه عمَّن يثق به، ويطريه أنَّه قال: لمَّا كان بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج، جعلوا واليها رجلاً من المسلمين، ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير أشدُّ نصباً منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبّهم لأهل البيت عليهم السلام ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكلّ حيلة.
فلمَّا كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمّانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوباً عليها: (لا إله إلاَّ الله، محمَّد رسول الله، أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ خلفاء رسول الله) فتأمّل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرمّانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجَّب من ذلك وقال للوزير: هذه آية بيّنة، وحجّة قويّة، على إبطال مذهب الرافضة، فما رأيك في أهل البحرين؟
فقال له: أصلحك الله إنَّ هؤلاء جماعة متعصّبون، ينكرون البراهين، وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمّانة، فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإن أبوا إلاَّ المقام على ضلالتهم فخيّرهم بين ثلاث: إمَّا أن يؤدّوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها، أو تقتل رجالهم وتسبى نساءهم وأولادهم، وتأخذ بالغنيمة أموالهم.
فاستحسن الوالي رأيه، وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار، والنجباء والسادة الأبرار، من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمّانة، وأخبرهم بما رأى فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف: من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفار، فتحيّروا في أمرها، ولم يقدروا على جواب، وتغيَّرت وجوههم وارتعدت فرائصهم.
فقال كبراؤهم: أمهلنا أيّها الأمير ثلاثة أيام لعلَّنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلاَّ فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم، فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيّرين.
فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك، فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهّادهم عشرة، ففعلوا، ثُمَّ اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اُخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بإمام زماننا، وحجّة الله علينا، لعلَّه يبيّن لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.
فخرج وبات طول ليلته متعبّداً خاشعاً داعياً باكياً يدعو الله، ويستغيث بالإمام عليه السلام، حتَّى أصبح ولم يرَ شيئاً، فأتاهم وأخبرهم فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم.
فأحضروا الثالث وكان تقيّاً فاضلاً اسمه محمّد بن عيسى، فخرج الليلة الثالثة حافياً حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى، وتوسَّل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان.
فلمَّا كان آخر الليل، إذا هو برجل يخاطبه ويقول: (يا محمّد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة، ولماذا خرجت إلى هذه البرية؟)، فقال له: أيّها الرجل دعني فإنّي خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم، لات أذكره إلاَّ لإمامي ولا أشكوه إلاَّ إلى من يقدر على كشفه عنّي.
فقال: (يا محمّد بن عيسى! أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك)، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم قصّتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: (نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمّانة، وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به)، قال: فلمَّا سمعت ذلك توجَّهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنّا.
فقال صلوات الله عليه: (يا محمّد بن عيسى إنَّ الوزير لعنه الله في داره شجرة رمّان فلمَّا حملت تلك الشجرة صنع شيئاً من الطين على هيئة الرمّانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كلّ نصف بعض تلك الكتابة ثُمَّ وضعهما على الرمانة، وشدّهما عليها وهي صغيرة فأثَّر فيها، وصارت هكذا.
فإذا مضيتم غداً إلى الوالي، فقل له: جئتك بالجواب ولكنّي لا اُبديه إلاَّ في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك، ترى فيها غرفة، فقل للوالي: لا اُجيبك إلاَّ في تلك الغرفة، وسيأبى الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك ولا ترض إلاَّ بصعودها فإذا صعد فاصعد معه، ولا تتركه وحده يتقدَّم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض، فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثُمَّ ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جليّة الحال.
الهوامش:
(1) المعاملة: قد يطلق ويراد به ما يتعامل به من الدينار والدرهم.
(2) الحُجُج - بضمَّتين -: جمع للحجاج شاذ. (اللسان).
******************
وأيضاً يا محمّد بن عيسى قل للوالي: إنَّ لنا معجزة اُخرى وهي أنَّ هذه الرمّانة ليس فيها إلاَّ الرماد والدخان وإن أردت صحّة ذلك فاءمر الوزير بكسرها، فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته).
فلمَّا سمع محمّد بن عيسى ذلك من الإمام، فرح فرحاً شديداً وقبَّل بين يدي الإمام صلوات الله عليه، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور.
فلمَّا أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمّد بن عيسى كلّ ما أمره الإمام وظهر كلّ ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمّد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا، وحجّة الله علينا، فقال: ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمّة واحداً بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر صلوات الله عليهم.
فقال الوالي: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمّداً عبده ورسوله وأنَّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ثُمَّ أقرَّ بالأئمّة إلى آخرهم عليهم السلام وحسن إيمانه، وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم.
قال: وهذه القصّة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمّد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس.
* * *
باب (25): علامات ظهوره صلوات الله عليه من السفياني والدجّال وغير ذلك وفيه ذكر بعض أشراط الساعة
1 _ أمالي الصدوق: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْجَلُودِيَّ، عَنْ هِشَام بْن جَعْفَرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ وَكَانَ قَارئاً لِلْكُتُبِ، قَالَ: قَرَأتُ فِي الإنْجِيل وَذَكَرَ أوْصَافَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم... إِلَى أنْ قَالَ تَعَالَى لِعِيسَى: أرْفَعُكَ إِلَيَّ ثُمَّ اُهْبِطُكَ فِي آخِر الزَّمَان لِتَرَى مِنْ اُمَّةِ ذَلِكَ النَّبِيَّ الْعَجَائِبَ وَلِتُعِينَهُمْ عَلَى اللَّعِين الدَّجَّال اُهْبِطُكَ فِي وَقْتِ الصَّلاَةِ لِتُصَلّيَ مَعَهُمْ إِنَّهُمْ اُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ(1).
2 _ قرب الإسناد: هَارُونُ، عَن ابْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ، وَفَسَقَ شُبَّانُكُمْ، وَلَمْ تَأمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَن الْمُنْكَر؟)، فَقِيلَ لَهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أمَرْتُمْ بِالْمُنْكَر وَنَهَيْتُمْ عَن الْمَعْرُوفِ؟)، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً؟)(2).
3 _ قرب الإسناد: عَنْهُمَ(3)، عَنْ حَنَانٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ خَسْفِ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: (أمَّا صِهْر(4) عَلَى الْبَريدِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً مِنَ الْبَريدِ الَّذِي بِذَاتِ الْجَيْش)(5).
4 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً))(6) (وَسَيُريكَ فِي آخِر الزَّمَان آيَاتٍ مِنْهَا: دَابَّةُ الأرْض، وَالدَّجَّالُ، وَنُزُولُ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا)(7).
وَعَنْهُ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ))(8) قَالَ: (هُوَ الدَّجَّالُ(9) وَالصَّيْحَةُ، ((أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)) وَهُوَ الْخَسْفُ، ((أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً)) وَهُوَ اخْتِلاَفٌ فِي الدَّين وَطَعْنُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ((وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)) وَهُوَ أنْ يَقْتُلَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَكُلُّ هَذَا فِي أهْل الْقِبْلَةِ)(10).
5 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن ابْن أسْبَاطٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ مَيْمُونٍ حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمَّيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (يَقُومُ قَائِمُنَا لِمُوَافَاةِ النَّاس سَنَةً)، قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ بِلاَ سُفْيَانِيّ؟، إِنَّ أمْرَ الْقَائِم حَتْمٌ مِنَ اللهِ، وَأمْرُ السُّفْيَانِيَّ حَتْمٌ مِنَ اللهِ، وَلاَ يَكُونُ قَائِمٌ إِلاَّ بِسُفْيَانِيّ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ؟ قَالَ: (مَا شَاءَ اللهُ)، قُلْتُ: يَكُونُ فِي الَّتِي يَلِيهَا؟ قَالَ: (يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)(11).
6 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (قُدَّامَ هَذَا الأمْر قَتْلٌ بُيُوحٌ)، قُلْتُ: وَمَا الْبُيُوحُ؟ قَالَ: (دَائِمٌ لاَ يَفْتُرُ)(12).
بيان: قال الفيروزآبادي: (البوح) بالضم الاختلاط في الأمر وباح ظهر وبسره بوحاً وبؤوحاً أظهره، وهو بؤوح بما في صدره، واستباحهم استأصلهم(13) وسيأتي تفسير آخر للبيوح(14).
7 _ قرب الإسناد: بِالإسْنَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (يَزْعُمُ ابْنُ أبِي حَمْزَةَ أنَّ جَعْفَراً زَعَمَ أنَّ أبِي الْقَائِمُ وَمَا عَلِمَ جَعْفَرٌ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ أمْر اللهِ، فَوَ اللهِ لَقَدْ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَحْكِي لِرَسُولِهِ(15) صلى الله عليه وآله وسلّم: ((وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ))(16) وَكَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: أرْبَعَةُ أحْدَاثٍ تَكُونُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم تَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهَا أحْدَاثٌ قَدْ مَضَى مِنْهَا ثَلاَثَةٌ وَبَقِيَ وَاحِدٌ)، قُلْنَا: جُعِلْنَا فِدَاكَ وَمَا مَضَى مِنْهَا؟ قَالَ: (رَجَبٌ خُلِعَ فِيهِ صَاحِبُ خُرَاسَانَ، وَرَجَبٌ وَثَبَ فِيهِ عَلَى ابْن زُبَيْدَةَ، وَرَجَبٌ يَخْرُجُ(17) فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِالْكُوفَةِ)، قُلْنَا لَهُ: فَالرَّجَبُ الرَّابِعُ‏ مُتَّصِلٌ بِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا قَالَ أبُو جَعْفَرٍ)(18).
بيان: أي أجمل أبو جعفر عليه السلام ولم يبيّن اتّصاله، وخلع صاحب خراسان كأنَّه إشاره إلى خلع الأمين المأمون عن الخلافة وأمره بمحو اسمه عن الدراهم والخطب، والثاني إشارة إلى خلع محمّد الأمين، والثالث إشارة إلى ظهور محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن عليه السلام المعروف بابن طباطبا بالكوفة لعشر خلون من جمادى الآخرة في قريب من مائتين من الهجرة.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: (هكذا قال أبو جعفر عليه السلام) تصديق اتّصال الرابع بالثالث، فيكون الرابع إشارة إلى دخوله عليه السلام خراسان فإنَّه كان بعد خروج محمّد بن إبراهيم بسنة تقريباً، ولا يبعد أن يكون دخوله عليه السلام خراسان في رجب.
8 _ قرب الإسناد: بِالإسْنَادِ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَنْ قُرْبِ هَذَا الأمْر فَقَالَ: (قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام، حَكَاهُ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: أوَّلُ عَلاَمَاتِ الْفَرَج سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِي سَنَةِ سِتّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ تَخْلَعُ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا، وَفِي سَنَةِ سَبْع وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْفَنَاءُ، وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْجَلاَءُ)، فَقَالَ: (أمَا تَرَى بَنِي هَاشِم قَدِ انْقَلَعُوا بِأهْلِيهِمْ وَأوْلاَدِهِمْ؟)، فَقُلْتُ: لَهُمُ الْجَلاَءُ(19)؟ قَالَ: (وَغَيْرُهُمْ (غَيْرهِمْ‏)، وَفِي سَنَةِ تِسْع وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكْشِفُ اللهُ الْبَلاَءَ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَفِي سَنَةِ مِائَتَيْن يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ).
فَقُلْنَا لَهُ: جُعِلْنَا فِدَاكَ أخْبِرْنَا بِمَا يَكُونُ فِي سَنَةِ الْمِائَتَيْن، قَالَ: (لَوْ أخْبَرْتُ أحَداً لأخْبَرْتُكُمْ، وَلَقَدْ خُبَّرْتُ بِمَكَانِكُمْ، فَمَا كَانَ هَذَا مِنْ رَأيٍ أنْ يَظْهَرَ هَذَا مِنّي إِلَيْكُمْ، وَلَكِنْ إِذَا أرَادَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِظْهَارَ شَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ لَمْ يَقْدِر الْعِبَادُ عَلَى سَتْرهِ).
فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ قُلْتَ لِي فِي عَامِنَا الأوَّل حَكَيْتَ عَنْ أبِيكَ أنَّ انْقِضَاءَ مُلْكِ آل فُلاَنٍ عَلَى رَأس فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ لَيْسَ لِبَني فُلاَنٍ سُلْطَانٌ بَعْدَهُمَا، قَالَ: (قَدْ قُلْتُ ذَاكَ لَكَ، فَقُلْتُ أصْلَحَكَ اللهُ إِذَا انْقَضَى مُلْكُهُمْ يَمْلِكُ أحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ الأمْرُ؟).
قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: (يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ أنْتَ‏ وَأصْحَابُكَ)، قُلْتُ: تَعْنِي خُرُوجَ السُّفْيَانِيَّ؟ فَقَالَ: (لاَ)، فَقُلْتُ: فَقِيَامَ الْقَائِم؟ قَالَ: (يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)، قُلْتُ: فَأنْتَ هُوَ؟ قَالَ: (لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ).
وَقَالَ: (إِنَّ قُدَّامَ هَذَا الأمْر عَلاَمَاتٍ، حَدَثٌ يَكُونُ بَيْنَ الْحَرَمَيْن)، قُلْتُ: مَا الْحَدَثُ؟ قَالَ: (عَضْبَةٌ(20) تَكُونُ وَيَقْتُلُ فُلاَنٌ مِنْ آل فُلاَنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً)(21).
بيان: قوله: (أوّل علامات الفرج) إشارة إلى وقوع الخلاف بين الأمين و المأمون، وخلع الأمين المأمون عن الخلافة، لأنَّ هذا كان ابتداء تزلزل أمر بني العبّاس وفي سنة ست وتسعين ومائة، اشتدّ النزاع وقام الحرب بينهما، وفي السنة التي بعده كان فناء كثير من جندهم، وفيما بعده كان قتل الأمين وإجلاء أكثر بني العبّاس.
وذكر بني هاشم كان للتورية والتقيّة ولذا قال عليه السلام: (وغيرهم) وفي سنة تسع وتسعين كشف الله البلاء عن أهل البيت عليهم السلام لخذلان معانديهم، وكتب المأمون إليه عليه السلام يستمد منه ويستحضره.
وقوله: (وفي سنة مائتين يفعل الله ما يشاء) إشارة إلى شدّة تعظيم المأمون له وطلبه، وفي السنة التي بعده أعني سنة إحدى ومائتين دخل خراسان وفي شهر رمضان عقد مأمون له البيعة.
قوله عليه السلام: (ولقد خبرت بمكانكم) أي بمجيئكم في هذا الوقت، وسؤالكم منّي هذا السؤال، والمعنى: أنّي عالم بما يكون من الحوادث، لكن ليست المصلحة في إظهارها لكم.
وقوله عليه السلام: (ويقتل فلان) إشارة إلى بعض الحوادث التي وقعت على بني العبّاس في أواخر دولتهم أو إلى انقراضهم في زمن هلاكوخان.
9 _ تفسير القمي: أبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ:‏ قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، بَلَغَنَا أنَّ لآل جَعْفَرٍ رَايَةً وَلآل الْعَبَّاس رَايَتَيْن، فَهَل انْتَهَى إِلَيْكَ مِنْ عِلْم ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: (أمَّا آلُ جَعْفَرٍ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلاَ إِلَى شَيْءٍ، وَأمَّا آلُ الْعَبَّاس فَإنَّ لَهُمْ مُلْكاً مُبْطِئ(22) يُقَرَّبُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُبَاعِدُونَ(23) فِيهِ الْقَريبَ، وَسُلْطَانُهُمْ عَسِيرٌ(24) لَيْسَ فِيهِ يَسِيرٌ(25)، حَتَّى إِذَا أمِنُوا مَكْرَ اللهِ، وَأمِنُوا عِقَابَهُ، صِيحَ فِيهِمْ صَيْحَةٌ لاَ يَبْقَى لَهُمْ مُنَادٍ(26) يَجْمَعُهُمْ وَلاَ يُسْمِعُهُمْ(27)، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ ...))(28) الآيَةَ).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (أمَا إِنَّهُ لَمْ يُوَقَّتْ لَنَا فِيهِ وَقْتٌ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِشَيْءٍ فَكَانَ كَمَا نَقُولُ، فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنْ كَانَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، تُؤْجَرُوا مَرَّتَيْن.
الهوامش:
(1) أمالي الصدوق: 347/ مجلس 46/ ح 418، والحديث له صدر.
(2) قرب الإسناد: 54 و55/ ح 178.
(3) في المصدر (ص 77/ ط الحروفية)، و(ص 58/ ط الحجريّة): (محمّد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمّد جميعاً، عن حنان بن سدير)، والمصنّف أضمر عنهما في غير موضعه.
(4) فى المصدر: (مصيراً)، ولا يفهم المراد منه ولعلَّه مصحّف: (صفراً)، وهو وادٍ بين الحرمين كذات الجيش، فتحرَّر.
(5) قرب الإسناد: 123/ ح 432.
(6) الأنعام: 37.
(7) تفسير القمي 1: 198.
(8) الأنعام: 65.
(9) في المصدر: (الدخّان).
(10) تفسير القمي 1: 204.
(11) قرب الإسناد: 374/ ح 1329.
(12) قرب الإسناد: 384/ ح 1353.
(13) القاموس المحيط 1: 224.
(14) راجع رقم (113) من هذا الباب. وفيه: يوم بُئُوح: الشديد الحرّ.
(15) في المصدر: (عن رسوله) بدل (لرسوله).
(16) الأحقاف: 9.
(17) في المصدر: (خرج).
(18) قرب الإسناد: 374 و375/ ح 1330.
(19) في المصدر: (فهم الجلاء).
(20) عَضَبه عضباً أي قطعه، والعضب: القطع، ويقال: سيف عضب: أي قاطع، ويقال: ما له عضبه الله: دعاء عليه بقطع يديه ورجليه، وعضب فلاناً بلسانه: تناوله بلسانه وشتمه وبالعصا: ضربه، وبالرمح طعنه. فالمراد من العضبة: الهلاك والاستئصال.
(21) قرب الإسناد: 370 و372/ ح 1326.
(22) في المصدر: (مبطناً).
(23) في المصدر: (ويبعدون).
(24) في المصدر: (عسر).
(25) في المصدر: (يسر).
(26) في المصدر: (منال).
(27) في المصدر: (ولا رجال تمنعهم) بدل (ولا يسمعهم).
(28) يونس: 34.
******************
وَلَكِنْ إِذَا اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ، وَأنْكَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا هَذَا الأمْرَ صَبَاحاً وَمَسَاءً).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا إِنْكَارُ النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟
قَالَ: يَأتِي الرَّجُلُ أخَاهُ فِي حَاجَةٍ فَيَلْقَاهُ بِغَيْر الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ وَيُكَلّمُهُ بِغَيْر الْكَلاَم الَّذِي كَانَ يُكَلّمُهُ)(1).
10 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: (((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً _ يَعْنِي لَيْلاً _ أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ))(2) فَهَذَا عَذَابٌ يَنْزلُ فِي آخِر الزَّمَان عَلَى فَسَقَةِ أهْل الْقِبْلَةِ وَهُمْ يَجْحَدُونَ نُزُولَ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ)(3).
11 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ))(4)، قَالَ: (مِنَ الصَّوْتِ، وَذَلِكَ الصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ)، وَقَوْلِهِ: ((وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))، قَالَ: (مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ خُسِفَ بِهِمْ)(5).
بيان: قال البيضاوي: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا)) عند الموت أو البعث أو يوم بدر وجواب ((لَوْ)) محذوف: لرأيت أمراً فظيعاً. ((فَلا فَوْتَ)) فلا يفوتون الله بهرب ولا تحصن(6)، ((وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)) من ظهر الأرض إلى بطنها أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى القليب، ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ)) ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولاً سهل(7).
أقول: قال صاحب الكشّاف: روي عن ابن عبّاس أنَّها نزلت في خسف البيداء(8).
وَقَالَ الشَّيْخُ أمِينُ الدَّين الطَّبْرسِيُّ رحمه الله: قَالَ أبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن وَالْحَسَنَ بْنَ الْحَسَن بْن عليًّ عليهم السلام يَقُولاَن: (هُوَ جَيْشُ الْبَيْدَاءِ يُؤْخَذُونَ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَحُمْرَانُ بْنُ أعْيَنَ أنَّهُمَا سَمِعَا مُهَاجِراً الْمَكّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ اُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ، فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ جَيْشٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ بَيْدَاءِ الْمَدِينَةِ خُسِفَ بِهِمْ).
وَرُويَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ بَيْنَ أهْل الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، قَالَ: (فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمُ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس فِي فَوْر ذَلِكَ حَتَّى يَنْزلَ دِمَشْقَ فَيَبْعَثُ جَيْشَيْن جَيْشاً إِلَى الْمَشْرقِ وَآخَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَنْزلُوا بِأرْض بَابِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ الْمَلْعُونَةِ، يَعْنِي بَغْدَادَ، فَيَقْتُلُونَ أكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ آلاَفٍ، وَيَفْضَحُونَ أكْثَرَ مِنْ مِائَةِ امْرَأةٍ، وَيَقْتُلُونَ (بِهَا)(9) ثَلاَثَمِائَةِ كَبْشٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاس.
ثُمَّ يَنْحَدِرُونَ إِلَى الْكُوفَةِ فَيُخَرَّبُونَ مَا حَوْلَهَا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجَّهِينَ إِلَى الشَّام فَتَخْرُجُ رَايَةُ هُدًى مِنَ الْكُوفَةِ، فَتَلْحَقُ ذَلِكَ الْجَيْشَ فَيَقْتُلُونَهُمْ، لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ، وَيَسْتَنْقِذُونَ مَا فِي أيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ وَالْغَنَائِم، وَيَحُلُّ الْجَيْشُ الثَّانِي بِالْمَدِينَةِ فَيَنْتَهِبُونَهَا ثَلاَثَةَ أيَّام بِلَيَالِيهَا.
ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجَّهِينَ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ، بَعَثَ اللهُ جَبْرَئِيلَ‏ فَيَقُولُ: يَا جَبْرَئِيلُ! اذْهَبْ فَأبِدْهُمْ، فَيَضْربُهَا بِرجْلِهِ ضَرْبَةً يَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ عِنْدَهَا وَلاَ يُفْلِتُ مِنْهَا إِلاَّ رَجُلاَن مِنْ جُهَيْنَةَ)، فَلِذَلِكَ جَاءَ الْقَوْلُ: (وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ)(10) فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا ...)) إِلَى آخِرهَا، أوْرَدَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرهِ.
وروى(11) أصحابنا في أحاديث المهدي عليه السلام، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام مثله.
(وقالوا) أي ويقولون في ذلك الوقت وهو يوم القيامة، أو عند رؤية البأس أو عند الخسف، في حديث السفياني ((آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ)) أي ومن أين لهم الانتفاع بهذا الإيمان الذي ألجئوا إليه، بيَّن سبحانه أنَّهم لا ينالون به نفعاً كما لا ينال أحد التناوش من مكان بعيد(12).
12 _ تفسير القمي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ))(13)، قَالَ: (إِنَّهُمْ طَلَبُوا الْمَهْدِيَّ عليه السلام(14) مِنْ حَيْثُ لاَ يُنَالُ وَقَدْ كَانَ لَهُمْ مَبْذُولاً مِنْ حَيْثُ يُنَالُ)(15).
بيان: قوله: (من حيث لا ينال) أي بعد سقوط التكليف وظهور آثار القيامة، أو بعد الموت أو عند الخسف، والأخير أظهر من جهة الخبر.
13 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح الْمَدَائِنيَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ(16)، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ الْقَائِمُ فَيَسِيرُ حَتَّى يَمُرَّ بِمُرًّ، فَيَبْلُغُهُ أنَّ عَامِلَهُ قَدْ قُتِلَ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ، وَلاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئاً، ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْبَيْدَاءِ فَيَخْرُجُ جَيْشَان لِلسُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ عزّ وجل الأرْضَ أنْ تَأخُذَ بِأقْدَامِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ)) يَعْنِي بِقِيَام الْقَائِم(17) ((... وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ...)) يَعْنِي بِقِيَام(18) آل مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ ((وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)))(19).
14 _ تفسير القمي: ((سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ))(20) قَالَ: سُئِلَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ مَعْنَى هَذَا فَقَالَ: (نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْمَغْربِ، وَمَلَكٌ يَسُوقُهَا مِنْ خَلْفِهَا، حَتَّى يَأتِيَ مِنْ جِهَةِ دَار بَنِي سَعْدِ بْن هَمَّام(21) عِنْدَ مَسْجِدِهِمْ، فَلاَ تَدَعُ دَاراً لِبَني اُمَيَّةَ إِلاَّ أحْرَقَتْهَا وَأهْلَهَا، وَلاَ تَدَعُ دَاراً فِيهَا وَتْرٌ لآل مُحَمَّدٍ إِلاَّ أحْرَقَتْهَا وَذَلِكَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام(22))(23).
بيان: أي من علاماته أو عند ظهوره عليه السلام.
15 _ الخصال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ظَريفِ بْن نَاصِح، عَنْ أبِي الْحُصَيْن، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَن السَّاعَةِ فَقَالَ: (عِنْدَ إِيمَانٍ بِالنُّجُوم وَتَكْذِيبٍ بِالْقَدَر)(24).
16 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عِيسَى الْعَلَويَّ، عَنْ حَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الْكَشَّيَّ، عَنْ حَمْدَوَيْهِ بْن بِشْرٍ(25)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُكَيْرٍ يَرْوي حَدِيثاً وَيَتَأوَّلُهُ وَأنَا اُحِبُّ أنْ أعْرضَهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: (مَا ذَاكَ الْحَدِيثُ؟)، قُلْتُ: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أيَّامَ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ‏ بْن الْحَسَن(26) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِنَا فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَدْ خَرَجَ وَأجَابَهُ النَّاسُ فَمَا تَقُولُ فِي الْخُرُوج مَعَهُ؟
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (اسْكُنْ(27) مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ)، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ: فَإذَا كَانَ الأمْرُ هَكَذَا فَلَمْ يَكُنْ خُرُوجٌ مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ، فَمَا مِنْ قَائِم وَمَا مِنْ خُرُوج.
فَقَالَ أبُو الْحَسَن: (صَدَقَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام، وَلَيْسَ الأمْرُ عَلَى مَا تَأوَّلَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، إِنَّمَا قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: اسْكُنْ مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ مِنَ النّدَاءِ وَالأرْضُ مِنَ الْخَسْفِ بِالْجَيْش)(28).
17 _ معاني الأخبار: أبِي، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِيَّ بْن الرَّيَّان، عَن الدَّهْقَان، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، حَدِيثٌ كَانَ يَرْويهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: (وَمَا هُوَ؟)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: رُويَ عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ أنَّهُ لَقِيَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي السَّنَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن(29) فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذَا قَدْ آلَفَ الْكَلاَمَ وَسَارَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَمَا الَّذِي تَأمُرُ بِهِ؟ فَقَالَ: (اتَّقُوا اللهَ وَاسْكُنُوا مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ).
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ يَقُولُ: وَاللهِ لَئِنْ كَانَ عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ صَادِقاً فَمَا مِنْ خُرُوج وَمَا مِنْ قَائِم.
قَالَ: فَقَالَ لِي أبُو الْحَسَن عليه السلام: (الْحَدِيثُ عَلَى مَا رَوَاهُ عُبَيْدٌ، وَلَيْسَ عَلَى مَا تَأوَّلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ، إِنَّمَا عَنَى أبُو عَبْدِ اللهِ بِقَوْلِهِ: مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ مِنَ النّدَاءِ بِاسْم صَاحِبكَ، وَمَا سَكَنَتِ الأرْضُ مِنَ الْخَسْفِ بِالْجَيْش)(30).
18 _ معاني الأخبار، وأمالي الطوسي: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ مَعاً، عَن الأشْعَريَّ، عَن السَّيَّاريَّ، عَن الْحَكَم بْن سَالِم، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّا وَآلَ أبِي سُفْيَانَ أهْلُ بَيْتَيْن تَعَادَيْنَا فِي اللهِ، قُلْنَا: صَدَقَ اللهُ، وَقَالُوا: كَذَبَ اللهُ، قَاتَلَ أبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَقَاتَلَ مُعَاويَةُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَقَاتَلَ يَزيدُ بْنُ مُعَاويَةَ الْحُسَيْنَ بْنَ عليًّ عليهما السلام، وَالسُّفْيَانِيُّ يُقَاتِلُ الْقَائِمَ عليه السلام)(31).
الهوامش:
(1) تفسير القمي 2: 310 و311؛ وسيجيء تحت الرقم (126) و(157) ما يكون كالشرح والتفصيل لألفاظ هذا الحديث ومعناه.
(2) يونس: 50.
(3) تفسير القمي 1: 312.
(4) سبأ: 51.
(5) تفسير القمي 2: 205 و206.
(6) في المصدر: (أو تحصّن) بدل ولا تحصّن).
(7) أنوار التنزيل 2: 265 و266.
(8) الكشّاف 3: 593.
(9) من المصدر.
(10) قال الفيروزآبادي (ج 4/ ص 209): وعند جفينة الخبر اليقين، هو اسم خمار، ولا تقل: جهينة، أو قد يقال: لأنَّ حصين بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن كلاب خرج ومعه رجل من بني جهينة يقال له: الأخنس. فنزلا منزلاً فقام الجهني إلى الكلابي فقتله، وأخذ ماله وكانت صخرة بنت عمرو بن معاوية تبكيه في المواسم، فقال الأخنس في أشعار له:
تسائل عن حصين كل ركب وعند جهينة الخبر اليقين
أقول: ترى تفصيل ذلك في (الأمثال للميداني 2: 3)، فراجع.
(11) بقيّة كلام الطبرسي.
(12) راجع: مجمع البيان 8 : 227 و229.
(13) سبأ: 52.
(14) في المصدر: (الهدى) بدل (المهدي عليه السلام).
(15) تفسير القمي 2: 206.
(16) في المصدر: (زيد).
(17) بعده: ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ))، الآية في سبأ: 51 و52.
(18) في المصدر إضافة: (القائم من).
(19) تأويل الآيات الظاهرة: 467؛ والآيات من سورة سبأ: 51 - 54.
(20) المعارج: 1.
(21) في المصدر: (حتَّى تأتي دار بني سعد بن همام).
(22) يفسَّر رحمه الله معنى قوله عليه السلام: (وذلك المهدي).
(23) تفسير القمي 2: 385.
(24) الخصال 1: 62/ باب الاثنين/ ح 87 ، علماً بأنَّه جاء في المطبوعة رمز (ك) بدل (ل) ولم نعثر عليه في (كمال الدين).
(25) في المصدر: (نصر).
(26) هو محمّد بن عبد الله المحض بن الحسن المثنّى بن الحسن بن علي بن أبي طالب، قد لقَّبوه بالمهدي رجاء أن يكون هو المهدي الموعود لما روي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي)، كما توهَّم ذلك في المهدي العبّاسي، وقد مرَّ تحقيق ذلك في هامش (ج 1/ ص 154). راجع: (ج 51/ ص 86) من المطبوعة. ومحمّد هذا خرج في أيّام المنصور، وبعد ما قتل لقَّبوه بـ (النفس الزكية).
(27) في المصدر: (اسكنوا).
(28) أمالي الطوسي: 412/ مجلس 14/ ح 926.
(29) هو أخو محمّد الملقَّب بـ (النفس الزكية)، خرج بعد أخيه وقتل بـ (باخمرى).
(30) معاني الأخبار: 266/ باب (معنى الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنَّه قال: (اسكنوا ما سكنت السماء والأرض))/ ح 1.
(31) معاني الأخبار: 346/ باب (معنى قول الصادق عليه السلام: (إنَّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله عزّ وجل))/ ح 1.
******************
19 _ بصائر الدرجات: مُعَاويَةُ بْنُ حُكَيْم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن(1) شُعَيْبِ بْن غَزْوَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَلْخ فَقَالَ لَهُ: (يَا خُرَاسَانِيُّ تَعْرفُ وَادِيَ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ صَدْعاً فِي الْوَادِي مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، (قَالَ:)(2) (مِنْ ذَلِكَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ).
قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْيَمَن، فَقَالَ لَهُ: (يَا يَمَانِيُّ أتَعْرفُ شِعْبَ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ شَجَرَةً فِي الشّعْبِ مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ صَخْرَةً تَحْتَ الشَّجَرَةِ؟)، قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: (فَتِلْكَ الصَّخْرَةُ الَّتِي حَفِظَتْ ألْوَاحَ مُوسَى عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(3).
20 _ ثواب الأعمال: أبِي، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن النَّوْفَلِيَّ، عَن السَّكُونيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (سَيَأتِي عَلَى اُمَّتِي زَمَانٌ تَخْبُثُ فِيهِ سَرَائِرُهُمْ، وَتَحْسُنُ فِيهِ عَلاَنِيَتُهُمْ طَمَعاً فِي الدُّنْيَا، لاَ يُريدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ اللهِ عزّ وجل، يَكُونُ أمْرُهُمْ ريَاءً لاَ يُخَالِطُهُ خَوْفٌ، يَعُمُّهُمُ اللهُ مِنْهُ(4) بِعِقَابٍ فَيَدْعُونَهُ دُعَاءَ الْغَريقِ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ)(5).
21 _ ثواب الأعمال: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (سَيَأتِي زَمَانٌ عَلَى اُمَّتِي لاَ يَبْقَى مِنَ الْقُرْآن إِلاَّ رَسْمُهُ، وَلاَ مِنَ الإسْلاَم إِلاَّ اسْمُهُ، يُسَمَّوْنَ بِهِ وَهُمْ أبْعَدُ النَّاس مِنْهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَان شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلّ السَّمَاءِ، مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وَإِلَيْهِمْ تَعُودُ)(6).
22 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُغِيرَةِ بِإسْنَادِهِ، عَن السَّكُونيَّ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((إِنَّ)(7) الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَدَ(8)، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(9).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضل بن إبراهيم، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة، عن سعد بن عمر الجلاّب(10)، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، مثله(11).
23 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريب(12)، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(13).
بيان: قال الجزري فيه: إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء(14)، أي إنَّه كان في أوّل أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده لقلّة المسلمين يومئذٍ، وسيعود غريباً كما كان أي يقلّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء، فطوبي للغرباء أي الجنّة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام، ويكونون في آخره، وإنَّما خصَّهم بها لصبرهم على أذى الكفّار أوّلاً وآخراً ولزومهم دين الإسلام.
24 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عليًّ الْقَزْوينيَّ(15)، عَنْ عَلِيَّ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (الْقَائِمُ(16) مَنْصُورٌ بِالرُّعْبِ مُؤَيَّدٌ بِالنَّصْر، تُطْوَى لَهُ الأرْضُ وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ، وَيَبْلُغُ سُلْطَانُهُ الْمَشْرقَ وَالْمَغْربَ، وَيُظْهِرُ اللهُ عزّ وجل بِهِ دِينَهُ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ، فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض خَرَابٌ إِلاَّ عُمِرَ، وَيَنْزلُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام‏ فَيُصَلّي خَلْفَهُ).
فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَتَى يَخْرُجُ قَائِمُكُمْ؟ قَالَ: (إِذَا تَشَبَّهَ الرَّجَالُ بِالنّسَاءِ، وَالنَّسَاءُ بِالرَّجَال، وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَال، وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّرُوجَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَاتُ الزُّور، وَرُدَّتْ شَهَادَاتُ الْعَدْل، وَاسْتَخَفَّ النَّاسُ بِالدَّمَاءِ، وَارْتِكَابِ الزّنَاءِ، وَأكْل الرَّبَا، وَاتُّقِيَ الأشْرَارُ مَخَافَةَ ألْسِنَتِهِمْ، وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الشَّام، وَالْيَمَانِيُّ مِنَ الْيَمَن، وَخُسِفَ بِالْبَيْدَاءِ، وَقُتِلَ غُلاَمٌ مِنَ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ، وَجَاءَتْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِأنَّ الْحَقَّ فِيهِ وَفِي شِيعَتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ قَائِمِنَا.
فَإذَا خَرَجَ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَأوَّلُ مَا يَنْطِقُ بِهِ هَذِهِ الآيَةُ: ((بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))(17) ثُمَّ يَقُولُ: أنَا بَقِيَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ(18)، فَإذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْعِقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ خَرَجَ فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض مَعْبُودٌ دُونَ اللهِ عزّ وجل، مِنْ صَنَم وَغَيْرهِ إِلاَّ وَقَعَتْ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَ، وَذَلِكَ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَويلَةٍ، لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يُطِيعُهُ بِالْغَيْبِ وَيُؤْمِنُ بِهِ)(19).
25 _ المحاسن: مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ، عَن الْمُفَضَّل بْن صَالِح الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: مَنْ أبْغَضَنَا أهْلَ الْبَيْتِ بَعَثَهُ اللهُ يَهُودِيّاً، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ شَهِدَ الشَّهَادَتَيْن؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا احْتَجَبَ بِهَاتَيْن الْكَلِمَتَيْن عِنْدَ (عَنْ‏) سَفْكِ دَمِهِ أوْ يُؤَدَّيَ الْجِزْيَةَ وَهُوَ صَاغِرٌ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أبْغَضَنَا أهْلَ الْبَيْتِ بَعَثَهُ اللهُ يَهُودِيّاً، قِيلَ: وَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: إِنْ أدْرَكَ الدَّجَّالَ آمَنَ بِهِ)(20).
أقول: قد أوردنا في باب نصّ الصادق على القائم أنَّه عليه السلام يقتل الدجّال(21)­.
26 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْجَلُودِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُعَاذٍ، عَنْ قَيْس بْن حَفْصٍ، عَنْ يُونُسَ بْن أرْقَمَ، عَنْ أبِي سَيَّارٍ الشَّيْبَانِيَّ، عَن الضَّحَّاكِ بْن مُزَاحِم، عَن النَّزَّال بْن سَبْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
(سَلُوني أيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني _ ثَلاَثاً _)، فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَالَ:‏ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى يَخْرُجُ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام: (اقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللهُ كَلاَمَكَ وَعَلِمَ مَا أرَدْتَ، وَاللهِ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأعْلَمَ مِنَ السَّائِل، وَلَكِنْ لِذَلِكَ عَلاَمَاتٌ وَهَيْئَاتٌ يَتْبَع‏ بَعْضُهَا بَعْضاً كَحَذْو النَّعْل بِالنَّعْل وَإِنْ شِئْتَ أنْبَأتُكَ بِهَا)، قَالَ: نَعَمْ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ.
فَقَالَ عليه السلام: (احْفَظْ فَإنَّ عَلاَمَةَ ذَلِكَ إِذَا أمَاتَ النَّاسُ الصَّلاَةَ، وَأضَاعُوا الأمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ، وَأكَلُوا الرَّبَا، وَأخَذُوا الرَّشَا، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَبَاعُوا الدَّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النّسَاءَ، وَقَطَعُوا الأرْحَامَ، وَاتَّبَعُوا الأهْوَاءَ، وَاسْتَخَفُّوا بِالدَّمَاءِ.
وَكَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً، وَالظُّلْمُ فَخْراً، وَكَانَتِ الاُمَرَاءُ فَجَرَةً، وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً، وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةً، وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّور، وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ، وَقَوْلُ الْبُهْتَان، وَالإثْمُ وَالطُّغْيَانُ.
وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَزُخْرفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَطُوَّلَتِ الْمَنَارُ(22)، وَاُكْرمَ(23) الأشْرَارُ، وَازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ، وَاخْتَلَفَتِ الأهْوَاءُ(24)، وَنُقِضَتِ الْعُقُودُ(25)، وَاقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ، وَشَارَكَ النّسَاءُ أزْوَاجَهُنَّ فِي التّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَعَلَتْ أصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْم أرْذَلَهُمْ، وَاتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرَّهِ، وَصُدَّقَ الْكَاذِبُ، وَاؤْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَاتُّخِذَتِ الْقِيَانُ وَالْمَعَازفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الاُمَّةِ أوَّلَهَا، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّرُوجَ.
وَتَشَبَّهَ النّسَاءُ بِالرَّجَال وَالرَّجَالُ بِالنّسَاءِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْر أنْ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الآخَرُ قَضَاءً لِذِمَام بِغَيْر حَقًّ عَرَفَهُ، وَتُفُقّهَ لِغَيْر الدَّين، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأن عَلَى قُلُوبِ الذّئَابِ، وَقُلُوبُهُمْ أنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ، وَأمَرُّ مِنَ الصَّبِر، فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا، الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَيْرُ الْمَسَاكِن يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِس لَيَأتِيَنَّ(26) عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَتَمَنَّى أحَدُهُمْ أنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ).
فَقَامَ إِلَيْهِ الأصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَن الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ: (ألاَ إِنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بْنُ الصَّيْدِ(27) فَالشَّقِيُّ مَنْ صَدَّقَهُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ كَذَّبَهُ، يَخْرُجُ مِنْ بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا: أصْبَهَانُ، مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِالْيَهُودِيَّةِ، عَيْنُهُ الْيُمْنَى مَمْسُوحَةٌ، وَالاُخْرَى فِي جَبْهَتِهِ، تُضِيءُ كَأنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْح، فِيهَا عَلَقَةٌ كَأنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّم، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: (كَافِرٌ)، يَقْرَأهُ كُلُّ كَاتِبٍ وَاُمَّيّ.
يَخُوضُ الْبِحَارَ، وَتَسِيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخَانٍ، وَخَلْفَهُ جَبَلٌ أبْيَضُ يَرَى النَّاسُ أنَّهُ طَعَامٌ، يَخْرُجُ(28) فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ، تَحْتَهُ حِمَارٌ أقْمَرُ(29) خُطْوَةُ حِمَارهِ مِيلٌ، تُطْوَى لَهُ الأرْضُ مَنْهَلاً مَنْهَلاً، وَلاَ يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلاَّ غَارَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ.
يُنَادِي بِأعْلَى صَوْتِهِ يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن، مِنَ الْجِنَّ وَالإنْس وَالشَّيَاطِين، يَقُولُ: إِلَيَّ أوْلِيَائِي أنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، أنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى. وَكَذَبَ عَدُوُّ اللهِ إِنَّهُ الأعْوَرُ يَطْعَمُ الطَّعَامَ، وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ عزّ وجل لَيْسَ بِأعْوَرَ، وَلاَ يَطْعَمُ وَلاَ يَمْشِي وَلاَ يَزُولُ (تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً)(30).
ألاَ وَإِنَّ أكْثَرَ أشْيَاعِهِ يَوْمَئِذٍ أوْلاَدُ الزّنَا، وَأصْحَابُ الطَّيَالِسَةِ الْخُضْر، يَقْتُلُهُ اللهُ عزّ وجل بِالشَّام عَلَى عَقَبَةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أفِيقٍ لِثَلاَثِ سَاعَاتٍ(31) مِنْ يَوْم الْجُمُعَةِ، عَلَى يَدَيْ مَنْ يُصَلّي الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ.
ألاَ إِنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى)، قُلْنَا: وَمَا ذَلِكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ:
(خُرُوجُ دَابَّةٍ مِنَ الأرْض، مِنْ عِنْدِ الصَّفَا، مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ، وَعَصَا مُوسَى، تَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلّ مُؤْمِنٍ، فَيُطْبَعُ فِيهِ: هَذَا مُؤْمِنٌ حَقّاً، وَتَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلّ كَافِرٍ فَيُكْتَبُ فِيهِ: هَذَا كَافِرٌ حَقّاً، حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنَادِي: الْوَيْلُ لَكَ يَا كَافِرُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يُنَادِي: طُوبَى لَكَ يَا مُؤْمِنُ! وَدِدْتُ أنّي الْيَوْمَ مِثْلُكَ فَأفُوزَ فَوْزاً، ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأسَهَا، فَيَرَاهَا مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَيْن بِإذْن اللهِ عزّ وجل، بَعْدَ طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوْبَةُ فَلاَ تَوْبَةٌ تُقْبَلُ، وَلاَ عَمَلٌ يُرْفَعُ، وَ((لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(32)).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (لاَ تَسْألُوني عَمَّا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإنَّهُ عَهِدَ إِلَيَّ حَبِيبي عليه السلام أنْ لاَ اُخْبِرَ بِهِ غَيْرَ عِتْرَتِي).
فَقَالَ النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ(33) لِصَعْصَعَةَ: مَا عَنَى أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِهَذَا الْقَوْل؟ فَقَالَ صَعْصَعَةُ: يَا ابْنَ سَبْرَةَ إِنَّ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ هُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنَ الْعِتْرَةِ، التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عليًّ، وَهُوَ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ مِنْ مَغْربهَا، يَظْهَرُ عِنْدَ الرُّكْن وَالْمَقَام، يُطَهَّرُ الأرْضَ، وَيَضَعُ مِيزَانَ الْعَدْل، فَلاَ يَظْلِمُ أحَدٌ أحَداً، فَأخْبَرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أنَّ حَبِيبَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَهِدَ إِلَيْهِ ألاَّ يُخْبِرَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ عِتْرَتِهِ الأئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ)(34).
الهوامش:
(1) عبارة: (محمّد بن) ليست في المصدر.
(2) كلمة: (قال) ليست في المصدر.
(3) بصائر الدرجات: 161 و162/ جزء 3/ باب 11/ ح 7.
(4) كلمة: (منه) ليست في المصدر.
(5) ثواب الأعمال: 301/ ح 3.
(6) ثواب الأعمال: 301/ ح 4.
(7) كلمة: (إن) ليست في المصدر.
(8) عبارة: (كما بدأ) ليست في المصدر.
(9) كمال الدين 1: 201/ باب 20/ ح 44.
(10) في المصدر: (عن سعد بن أبي عمرو الجلاّب).
(11) الغيبة للنعماني: 321/ باب 22/ ح 4.
(12) في المصدر إضافة: (كما بدأ).
(13) كمال الدين 1: 201/ باب 20/ ح 45.
(14) النهاية 3: 141.
(15) في المصدر: (إسماعيل بن عليّ الفزاري)، فتحرَّر.
(16) في المصدر إضافة: (منّا).
(17) هود: 86 .
(18) في المصدر إضافة: (وخليفته وحجَّته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلّم إلاَّ قال: السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه).
(19) كمال الدين 1: 330 و331/ باب 32/ ح 16.
(20) المحاسن 1: 173/ ح 266.
(21) راجع: (ج 1/ ص 253/ الرقم 9)، و(ج 51/ ص 144) من المطبوعة.
(22) في المصدر: (المنارات).
(23) في المصدر: (وأكرمت).
(24) في المصدر: (القلوب).
(25) في المصدر: (العهود).
(26) في المصدر إضافة: (وليأتينَّ).
(27) في المصدر: (صائد بن الصائد)، ولعلَّ الصحيح: (صائد أو ابن الصائد)، فإنَّ الرجل غير منسوب. قال الفيروزآبادي: وابن صائد أو صيّاد الذي كان يظنّ أنَّه الدجّال.
(28) في المصدر إضافة: (حين يخرج).
(29) في المصدر: (حمار أبيض)، وكلاهما بمعنى واحد.
(30) من المصدر.
(31) في المصدر إضافة: (مضت).
(32) الأنعام: 158.
(33) في المصدر إضافة: (فقلت).
(34) كمال الدين 2: 525 - 528/ باب 46/ ح 1.
******************
وَقَدْ عُلِيَتْ بِالسَّاج، وَالْعَرْعَر وَالصَّنَوْبَر وَالشَّبَّ(1)، وَشُيَّدَتْ(2) بِالْقُصُور، وَتَوَالَتْ عَلَيْهَا مُلْكُ بَنِي شَيْصَبَانَ(3) أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَلِك(4)، فِيهِمُ السَّفَّاحُ، وَالْمِقْلاَصُ، وَالْجَمُوحُ وَالْخَدُوعُ، وَالْمُظَفَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ، وَالنَّظَّارُ(5)، وَالْكَبْشُ(6)، وَالْمَهْتُورُ، وَالْعِثَارُ(7)، وَالْمُصْطَلِمُ، وَالْمُسْتَصْعِبُ، وَالْعَلاَّمُ(8)، وَالرُّهْبَانِيُّ، وَالْخَلِيعُ، وَالسَّيَّارُ(9)، وَالْمُتْرفُ، وَالْكَدِيدُ، وَالأكْتَبُ(10)، وَالْمُسْرفُ، وَالأكْلَبُ، وَالْوَسِيمُ(11)، وَالصَّيْلاَمُ(12)، وَالْعَيْنُوقُ(13).
وَتُعْمَلُ الْقُبَّةُ الْغَبْرَاءُ، ذَاتُ الْفَلاَةِ(14) الْحَمْرَاءِ، وَفِي عَقِبهَا قَائِمُ الْحَقَّ يُسْفِرُ عَنْ وَجْهِهِ بَيْنَ(15) الأقَالِيم، كَالْقَمَر الْمُضِيءِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ الدُّرَّيَّةِ.
ألاَ وَإِنَّ لِخُرُوجِهِ عَلاَمَاتٍ عَشَرَةً أوَّلُهَا طُلُوعُ الْكَوْكَبِ ذِي الذَّنَبِ، وَيُقَاربُ مِنَ الْحَادِي(16) وَيَقَعُ فِيهِ هَرْجٌ وَمَرْجٌ وَشَغْبٌ، وَتِلْكَ عَلاَمَاتُ الْخِصْبِ.
وَمِنَ الْعَلاَمَةِ إِلَى الْعَلاَمَةِ عَجَبٌ، فَإذَا انْقَضَتِ الْعَلاَمَاتُ الْعَشَرَةُ إِذْ ذَاكَ يَظْهَرُ الْقَمَرُ(17) الأزْهَرُ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ الإخْلاَص للهِ عَلَى التَّوْحِيدِ)(18).
156 _ تهذيب الأحكام: بِإسْنَادِهِ، عَنْ سَالِم أبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَألَهُ رَجُلٌ وَأنَا أسْمَعُ فَقَالَ: إِنّي اُصَلّي الْفَجْرَ ثُمَّ أذْكُرُ اللهَ بِكُلّ مَا اُريدُ أنْ أذْكُرَهُ مِمَّا يَجِبُ عَلَيَّ فَاُريدُ أنْ أضَعَ جَنْبِي فَأنَامَ قَبْلَ طُلُوع الشَّمْس، فَأكْرَهُ ذَلِكَ، قَالَ: (وَلِمَ؟)، قَالَ: أكْرَهُ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ غَيْر مَطْلَعِهَا، قَالَ: (لَيْسَ بِذَلِكَ خَفَاءٌ، انْظُرْ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، فَمِنْ ثَمَّ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْ حَرَج أنْ تَنَامَ إِذَا كُنْتَ قَدْ ذَكَرْتَ اللهَ)(19).
أقول: قد مضى بعض الأخبار المناسبة للباب في كتاب المعاد.
157 _ كِتَابُ الإمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ لِعَلِيَّ بْن بَابَوَيْهِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ هَذَا الأمْر مَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: (إِنْ كُنْتُمْ تُؤَمَّلُونَ أنْ يَجِيئَكُمْ مِنْ وَجْهٍ(20) فَلاَ تُنْكِرُونَهُ)(21).
وَمِنْهُ، عَنْ هَارُونَ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن خَلَفٍ، عَنْ مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (ظُهُورُ الْبَوَاسِير وَمَوْتُ الْفُجَاءَةِ وَالْجُذَام مِنَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ)(22).
158 _ إقبال الأعمال: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ الْمَلاَحِم لِلْبَطَائِنيَّ: عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ: (اللهُ أجَلُّ وَأكْرَمُ وَأعْظَمُ مِنْ أنْ يَتْرُكَ الأرْضَ بِلاَ إِمَام عَادِلٍ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأخْبِرْني بِمَا أسْتَريحُ إِلَيْهِ، قَالَ: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ لَيْسَ يَرَى اُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَرَجاً أبَداً مَا دَامَ لِوُلْدِ بَنِي فُلاَنٍ مُلْكٌ حَتَّى يَنْقَرضَ مُلْكُهُمْ، فَإذَا انْقَرَضَ مُلْكُهُمْ أتَاحَ اللهُ لاُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِرَجُلٍ(23) مِنَّا أهْلَ الْبَيْتَ، يُشِيرُ بِالتُّقَى، وَيَعْمَلُ بِالْهُدَى، وَلاَ يَأخُذُ فِي حُكْمِهِ الرَّشَا.
وَاللهِ إِنّي لأعْرفُهُ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ، ثُمَّ يَأتِينَا الْغَلِيظُ الْقَصَرَةِ، ذُو الْخَال وَالشَّامَتَيْن، الْقَائِدُ الْعَادِلُ، الْحَافِظُ لِمَا اسْتُودِعَ، يَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مَلأهَا الْفُجَّارُ جَوْراً وَظُلْماً)(24).
159 _ أقُولُ: وَرُويَ فِي كِتَابِ سُرُور أهْل الإيمَان(25): عَن السَّيَّدِ عَلِيَّ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْزَم الأرْضَ وَلاَ تُحَرَّكْ يَداً وَلاَ رجْلاً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ، وَمَا أرَاكَ تُدْركُ ذَلِكَ، اخْتِلاَفٌ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَخَسْفٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّام بِالْجَابِيَةِ، وَنُزُولُ التُّرْكِ الْجَزيرَةَ وَنُزُولُ الرُّوم الرَّمْلَةَ، وَاخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ عِنْدَ ذَلِكَ فِي كُلَّ أرْضٍ حَتَّى تَخْرَبَ الشَّامُ وَيَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ اجْتِمَاعَ ثَلاَثِ رَايَاتٍ فِيهِ: رَايَةِ الأصْهَبِ، وَرَايَةِ الأبْقَع، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيَّ).
160 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ، رَفَعَهُ إِلَى بُرَيْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَا بُرَيْدُ اتَّقِ جَمْعَ الأصْهَبِ)، قُلْتُ: وَمَا الأصْهَبُ؟ قَالَ: (الأبْقَعُ)، قُلْتُ: وَمَا الأبْقَعُ؟ قَالَ: (الأبْرَصُ، وَاتَّقِ السُّفْيَانِيَّ، وَاتَّقِ الشَّريدَيْن مِنْ وُلْدِ فُلاَنٍ يَأتِيَان مَكَّةَ، يَقْسِمَان بِهَا الأمْوَالَ، يَتَشَبَّهَان بِالْقَائِم عليه السلام، وَاتَّقِ الشُّذَّاذَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ).
قُلْتُ: وَيُريدُ بِالشُّذَّاذِ الزَّيْدِيَّةَ، لِضَعْفِ مَقَالَتِهِمْ وَأمَّا كَوْنُهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ لأنَّهُمْ‏ مِنْ بَنِي فَاطِمَةَ.
161 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَيْر بْن مُسْلِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: قُلْنَا لِمُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ بَلَغَنَا أنَّ لآل فُلاَنٍ رَايَةً، وَلآل جَعْفَرٍ رَايَةً، فَهَلْ عِنْدَكُمْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: أمَّا رَايَةُ بَنِي جَعْفَرٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَأمَّا رَايَةُ بَنِي فُلاَنٍ (فَإنَّ) لَهُمْ مُلْكاً يُقَرَّبُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُبَعَّدُونَ فِيهِ الْقَريبَ، عُسْرٌ لَيْسَ فِيهِمْ يُسْرٌ، تُصِيبُهُمْ فِيهِ فَزَعَاتٌ وَرَعَدَاتٌ كُلُّ ذَلِكَ يَنْجَلِي عَنْهُمْ كَمَا يَنْجَلِي السَّحَابُ حَتَّى إِذَا أمِنُوا وَاطْمَأنُّوا وَظَنُّوا أنَّ مُلْكَهُمْ لاَ يَزُولُ فَيَصِيحُ فِيهِمْ صَيْحَةً فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ رَاع يَجْمَعُهُمْ، وَلاَ دَاع يُسْمِعُهُمْ (يَسْمَعُهُمْ‏)، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَْمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))(26).(27)
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ لِذَلِكَ وَقْتٌ؟ قَالَ: لاَ، لأنَّ عِلْمَ اللهِ غَلَبَ وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً فَأتَمَّهَا بِعَشْرٍ، وَلَمْ يَعْلَمْهَا مُوسَى وَلَمْ تَعْلَمْهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا جَازَ الْوَقْتُ قَالُوا: غَرَّنَا مُوسَى، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ، وَلَكِنْ إِذَا كَثُرَتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ فِي النَّاس، وَأنْكَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا أمْرَ اللهِ صَبَاحاً وَمَسَاءً.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أمَّا الْفَاقَةُ فَقَدْ عَرَفْتُهَا، فَمَا إِنْكَارُ النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ قَالَ: يَلْقَى الرَّجُلُ صَاحِبَهُ فِي الْحَاجَةِ بِغَيْر الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ، وَيُكَلّمُهُ بِغَيْر اللّسَان الَّذِي كَانَ يُكَلّمُهُ فِيهِ...، وَالْخَبَرُ طَويلٌ وَقَدْ رُويَ عَنْ أئِمَّتِنَا عليهم السلام مِثْلُ ذَلِكَ(28).
وَبِإسْنَادِهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ الأزْدِيَّ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا سَدِيرُ الْزَمْ بَيْتَكَ وَكُنْ حِلْساً مِنْ أحْلاَسِهِ، وَاسْكُنْ‏ مَا سَكَنَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَإذَا بَلَغَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ قَدْ خَرَجَ فَارْحَلْ(29) إِلَيْنَا وَلَوْ عَلَى رجْلِكَ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، وَأشَارَ بِيَدِهِ بِثَلاَثِ أصَابِعِهِ إِلَى الشَّام وَقَالَ: (ثَلاَثُ رَايَاتٍ: رَايَةٌ حَسَنِيَّةٌ، وَرَايَةٌ اُمَويَّةٌ، وَرَايَةٌ قَيْسِيَّةٌ، فَبَيْنَا هُمْ (عَلَى ذَلِكَ) إِذْ قَدْ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ فَيَحْصُدُهُمْ حَصْدَ الزَّرْع مَا رَأيْتَ مِثْلَهُ قَطُّ)(30).
162 _ وَبِإسْنَادِهِ: إِلَى ابْن مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَا جَابِرُ لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَشْمَلَ أهْلَ الْبِلاَدِ فِتْنَةٌ يَطْلُبُونَ مِنْهَا الْمَخْرَجَ فَلاَ يَجِدُونَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ، قَتْلاَهُمْ فِيهَا عَلَى السَّريَّ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (والمشت).
(2) في المصدر: (وشدت).
(3) في المصدر: (الشيصبان)، قال المصنّف هناك: الشيطان اسم الشيطان، وإنَّما عبَّر عنهم بذلك لأنَّهم كانوا شرك شيطان، والمشهور أنَّ عدد خلفاء بني العبّاس كان سبعة وثلاثين، ولعلَّه عليه السلام إنَّما عدَّ منهم من استقرَّ ملكه وامتدّ، لا من تزلزل سلطانه وذهب ملكه سريعاً كالأمين والمنتصر والمستعين والمعتز وأمثالهم... الخ.
(4) في المصدر: (على عدد سني الملك).
(5) في المصدر: (النطار).
(6) في المصدر إضافة: (والكيسر).
(7) في المصدر: (والعيار).
(8) في المصدر: (والغلام).
(9) في المصدر: (واليسار).
(10) في المصدر: (والأكثر).
(11) في المصدر: (والوشيم).
(12) في المصدر: (والصلام).
(13) في المصدر: (والغيوق).
(14) في المصدر: (الغلاة).
(15) في المصدر إضافة: (أجنحة).
(16) في المصدر: (الجاري).
(17) في المصدر: (القهر).
(18) كفاية الأثر: 213 - 217؛ وذكره المصنّف في (ج 36/ ص 354)، وبين ما طبع هناك والمطبوعة هنا اختلافات لا يعرف الصحيح من المصحَّف، فراجع.
(19) تهذيب الأحكام 2: 321/ باب 15/ ح 167.
(20) في المصدر إضافة: (ثمّ جاءكم من وجه).
(21) الإمامة والتبصرة: 94/ باب 23/ ح 85 .
(22) لم نعثر عليه في المصدر.
(23) في المصدر: (رجلاً).
(24) إقبال الأعمال 3: 116 و117/ باب 4.
(25) لم نعثر على كتاب سرور أهل الإيمان هذا.
(26) يونس: 24.
(27) قد مرَّ عن الغيبة للشيخ في (ص 46/ الرقم 9) وهكذا الأحاديث المرويّة بعدها ممَّا تليت عليك قبل ذلك. راجع: (ج 52/ ص 104) من المطبوعة.
(28) روي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام كما جاء تحت الرقم (9).
(29) في الأصل المطبوع: (فادخل)، وهو تصحيف.
(30) رواه الكليني في الروضة (ص 264)، إلى قوله: (ولو على رجلك).
******************
163 _ وَبِإسْنَادِهِ: إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: (لاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ خَارجٌ مِنْ آل أبِي سُفْيَانَ يَمْلِكُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ كَحَمْل الْمَرْأةِ، وَلاَ يَكُونُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ وُلْدِ الشَّيْخ، فَيَسِيرُ حَتَّى يُقْتَلَ بِبَطْن النَّجَفِ، فَوَ اللهِ كَأنّي أنْظُرُ إِلَى رمَاحِهِمْ وَسُيُوفِهِمْ وَأمْتِعَتِهِمْ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَان النَّجَفِ، يَوْمَ الاثْنَيْن، وَيُسْتَشْهَدَ يَوْمَ الأرْبعَاءِ).
164 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن عَاصِم الْحَافِظِ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِاخْتِلاَفِ الشَّام فِيمَا بَيْنَهُمْ فَالْهَرَبَ مِنَ الشَّام فَإِنَّ الْقَتْلَ بِهَا وَالْفِتْنَةَ)، قُلْتُ: إِلَى أيَّ الْبِلاَدِ؟ فَقَالَ: (إِلَى مَكَّةَ، فَإنَّهَا خَيْرُ بِلاَدٍ يَهْرُبُ النَّاسُ إِلَيْهَا)، قُلْتُ: فَالْكُوفَةُ؟ قَالَ: (الْكُوفَةُ مَا ذَا يَلْقَوْنَ؟ يُقْتَلُ الرَّجَالُ إِلاَّ شَامِيٌّ، وَلَكِنَّ الْوَيْلَ لِمَنْ كَانَ فِي أطْرَافِهَا، مَا ذَا يَمُرُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أذًى بِهِمْ، وَتُسْبَى بِهَا رجَالٌ وَنسَاءٌ، وَأحْسَنُهُمْ حَالاً مَنْ يَعْبُرُ الْفُرَاتَ وَمَنْ لاَ يَكُونُ شَاهِداً بِهَا)، قَالَ: فَمَا تَرَى فِي سُكَّان سَوَادِهَا؟ فَقَالَ بِيَدِهِ يَعْنِي لاَ.
ثُمَّ قَالَ: (الْخُرُوجُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الْمُقَام فِيهَا)، قُلْتُ: كَمْ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ نَهَارٍ)، قُلْتُ: مَا حَالُ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ؟ قَالَ: (لَيْسَ عَلَيْهِمْ بَأسٌ أمَّا إِنَّهُمْ سَيُنْقِذُهُمْ أقْوَامٌ مَا لَهُمْ عِنْدَ أهْل الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ قَدْرٌ أمَا لاَ يَجُوزُونَ بِهِمُ الْكُوفَةَ).
165 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ رَجَبٍ، قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرٌ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُعَظّمُهُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ الشَّهْرَ الأصَمَّ)، قُلْتُ: شَعْبَانُ، قَالَ: (تَشَعَّبَتْ فِيهِ الاُمُورُ)، قُلْتُ: رَمَضَانُ، قَالَ: (شَهْرُ اللهُ تَعَالَى وَفِيهِ يُنَادَى بِاسْم صَاحِبكُمْ وَاسْم أبِيهِ)، قُلْتُ: فَشَوَّالٌ، قَالَ: (فِيهِ يَشُولُ أمْرُ الْقَوْم)، قُلْتُ: فَذُو الْقَعْدَةِ، قَالَ: (يَقْعُدُونَ فِيهِ)، قُلْتُ: فَذُو الْحِجَّةِ، قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرُ الدَّم)، قُلْتُ: فَالْمُحَرَّمُ، قَالَ: (يُحَرَّمُ فِيهِ الْحَلاَلُ وَيُحَلُّ فِيهِ الْحَرَامُ)، قُلْتُ: صَفَرٌ وَرَبِيعٌ، قَالَ: (فِيهَا خِزْيٌ فَظِيعٌ وَأمْرٌ عَظِيمٌ)، قُلْتُ: جُمَادَى، قَالَ: (فِيهَا الْفَتْحُ مِنْ أوَّلِهَا إِلَى آخِرهَا).
166 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ؟ قَالَ: (تُغَيَّبُ الرَّجَالُ وُجُوهَهَا مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْعِيَال بَأسٌ، فَإذَا ظَهَرَ عَلَى الأكْوَار الْخَمْس يَعْنِي كُوَرَ الشَّام فَانْفِرُوا إِلَى صَاحِبكُمْ).
167 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ إِسْحَاقَ يَرْفَعُهُ إِلَى الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ لِلنَّاس: (سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني لأنّي بِطُرُقِ السَّمَاءِ أعْلَمُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَبِطُرُقِ الأرْض أعْلَمُ مِنَ الْعَالِم، أنَا يَعْسُوبُ الدَّين، أنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَدَيَّانُ النَّاس يَوْمَ الدَّين، أنَا قَاسِمُ النَّار، وَخَازنُ الْجِنَان، وَصَاحِبُ الْحَوْض وَالْمِيزَان، وَصَاحِبُ الأعْرَافِ، فَلَيْسَ مِنَّا إِمَامٌ إِلاَّ وَهُوَ عَارفٌ بِجَمِيع أهْل وَلاَيَتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ))(1).
ألاَ أيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني (فَإنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْماً جَمّاً، فَسَلُوني قَبْلَ أنْ)(2) تَشْغَرَ بِرجْلِهَا فِتْنَةٌ شَرْقِيَّةٌ وَتَطَأ فِي خِطَامِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَحَيَاتِهَا وَتُشَبَّ نَارٌ بِالْحَطَبِ الْجَزْل مِنْ غَرْبيَّ الأرْض، رَافِعَةً ذَيْلَهَا، تَدْعُو يَا وَيْلَهَا لِرَحْلِهِ وَمِثْلِهَا، فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، قُلْتُمْ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ فَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ‏ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(3).
وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلاَمَاتٌ، أوَّلُهُنَّ إِحْصَارُ الْكُوفَةِ بِالرَّصَدِ وَالْخَنْدَقِ، وَتَخْريقُ الرَّوَايَا فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ، وَتَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَشْفُ الْهَيْكَل، وَخَفْقُ رَايَاتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ الأكْبَر تَهْتَزُّ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار، وَقَتْلٌ سَريعٌ، وَمَوْتٌ ذَريعٌ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَالْمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَقَتْلُ الأسْقَع صَبْراً فِي بَيْعَةِ الأصْنَام.
وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ بِرَايَةٍ حَمْرَاءَ أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَلْبٍ، وَاثْنَيْ (اثْنَا) عَشَرَ ألْفَ عَنَانٍ مِنْ خَيْل السُّفْيَانِيَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: خُزَيْمَةُ، أطْمَسُ(4) الْعَيْن، الشّمَال عَلَى عَيْنهِ ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ(5)، يَتَمَثَّلُ بِالرَّجَال، لاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ حَتَّى يَنْزلَ الْمَدِينَةَ فِي دَارٍ يُقَالُ لَهَا: دَارُ أبِي الْحَسَن الاُمَويَّ، وَيَبْعَثُ خَيْلاً فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنْ آل مُحَمَّدٍ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الشّيعَةِ يَعُودُ إِلَى مَكَّةَ، أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ إِذَا تَوَسَّطَ الْقَاعَ الأبْيَضَ خُسِفَ بِهِمْ فَلاَ يَنْجُو إِلاَّ رَجُلٌ يُحَوَّلُ اللهُ وَجْهَهُ إِلَى قَفَاهُ لِيُنْذِرَهُمْ، وَيَكُونَ آيَةً لِمَنْ خَلْفَهُمْ، وَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))(6).
وَيَبْعَثُ مِائَةً وَثَلاَثِينَ ألْفاً إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَنْزلُونَ الرَّوْحَاءَ وَالْفَارقَ، فَيَسِيرُ مِنْهَا سِتُّونَ ألْفاً حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ مَوْضِعَ قَبْر هُودٍ عليه السلام بِالنُّخَيْلَةِ، فَيَهْجُمُونَ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الزَّينَةِ وَأمِيرُ النَّاس جَبَّارٌ عَنِيدٌ، يُقَالُ لَهُ: الْكَاهِنُ السَّاحِرُ، فَيَخْرُجُ مِنْ مَدِينَةِ الزَّوْرَاءِ إِلَيْهِمْ أمِيرٌ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْكَهَنَةِ، وَيَقْتُلُ عَلَى جِسْرهَا سَبْعِينَ ألْفاً حَتَّى تَحَمَّى النَّاسُ مِنَ الْفُرَاتِ ثَلاَثَةَ أيَّام مِنَ الدَّمَاءِ وَنَتْن الأجْسَادِ، وَيُسْبَى مِنَ الْكُوفَةِ سَبْعُونَ ألْفَ بِكْرٍ، لاَ يُكْشَفُ عَنْهَا كَفٌّ وَلاَ قِنَاعٌ، حَتَّى يُوضَعْنَ فِي الْمَحَامِل، وَيَذْهَبَ بِهِنَّ إِلَى الثُّوَيَّةِ وَهِيَ الْغَريُّ.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ مِائَةُ ألْفٍ مَا بَيْنَ مُشْركٍ وَمُنَافِقٍ، حَتَّى يَقْدَمُوا دِمَشْقَ لاَ يَصُدُّهُمْ عَنْهَا صَادٌّ، وَهِيَ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، وَتُقْبِلُ رَايَاتٌ مِنْ شَرْقِيَّ الأرْض غَيْرَ مُعْلَمَةٍ، لَيْسَتْ بِقُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلاَ حَريرٍ، مَخْتُومٌ فِي رَأس الْقَنَاةِ بِخَاتَم السَّيَّدِ الأكْبَر يَسُوقُهَا رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ تَظْهَرُ بِالْمَشْرقِ، وَتُوجَدُ ريحُهَا بِالْمَغْربِ كَالْمِسْكِ الأذْفَر يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهَا بِشَهْرٍ حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ طَالِبينَ بِدِمَاءِ آبَائِهِمْ.
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أقْبَلَتْ خَيْلُ الْيَمَانِيَّ وَالْخُرَاسَانِيَّ يَسْتَبِقَان كَأنَّهُمَا فَرَسَيْ رهَانٍ شُعْثٌ غُبْرٌ جُرْدٌ أصْلاَبُ نَوَاطِي وَأقْدَاحٍ إِذَا نَظَرْتَ أحَدَهُمْ بِرجْلِهِ بَاطِنهِ(7)، فَيَقُولُ: لاَ خَيْرَ فِي مَجْلِسِنَا بَعْدَ يَوْمِنَا هَذَا اللهُمَّ فَإنَّا التَّائِبُونَ، وَهُمُ الأبْدَالُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزيز: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))(8)، وَنُظَرَاؤَهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ.
وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل نَجْرَانَ يَسْتَجِيبُ لِلإمَام، فَيَكُونُ أوَّلَ النَّصَارَى إِجَابَةً فَيَهْدِمُ بِيعَتَهُ، وَيَدُقُّ صَلِيبَهُ، فَيَخْرُجُ بِالْمَوَالِي وَضُعَفَاءِ النَّاس، فَيَسِيرُونَ إِلَى النُّخَيْلَةِ بِأعْلاَم هُدًى، فَيَكُونُ مَجْمَعُ النَّاس جَمِيعاً فِي الأرْض كُلّهَا بِالْفَارُوقِ فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ ألْفٍ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(9) بِالسَّيْفِ.
وَيُنَادِي مُنَادٍ فِي شَهْر رَمَضَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرقِ عِنْدَ الْفَجْر: يَا أهْلَ الْهُدَى اجْتَمِعُوا! وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَل الْمَغْربِ بَعْدَ مَا يَغِيبُ الشَّفَقُ: يَا أهْلَ الْبَاطِل اجْتَمِعُوا!
وَمِنَ الْغَدِ عِنْدَ الظُّهْر تَتَلَوَّنُ الشَّمْسُ وَتَصْفَرُّ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَيَوْمَ الثَّالِثِ يُفَرَّقُ اللهُ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، وَتَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض، وَتُقْبِلُ الرُّومُ إِلَى سَاحِل الْبَحْر عِنْدَ كَهْفِ الْفِتْيَةِ، فَيَبْعَثُ اللهُ الْفِتْيَةَ مِنْ كَهْفِهِمْ مَعَ كَلْبِهِمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيخَا، وَآخَرُ خملاها، وَهُمَا الشَّاهِدَان الْمُسْلِمَان لِلْقَائِم عليه السلام).
168 _ العدد القويّة: قَالَ سَلْمَانُ الْفَارسِيُّ رضي الله عنه: أتَيْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام خَالِي(10) فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَتَى الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِكَ؟ فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَقَالَ: (لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَكُونَ اُمُورُ الصّبْيَان، وَيَضِيعَ(11) حُقُوقُ الرَّحْمَن، وَيَتَغَنَّى بِالْقُرْآن فَإذَا قُتِلَتْ مُلُوكُ بَنِي الْعَبَّاس اُولِي الْعَمَى وَالِالْتِبَاس، أصْحَابِ الرَّمْي عَن الأقْوَاس بِوُجُوهٍ كَالتّرَاس، وَخَربَتِ الْبَصْرَةُ، هُنَاكَ يَقُومُ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)(12).
169 _ العدد القويّة: قَدْ ظَهَرَ مِنَ الْعَلاَمَاتِ عِدَّةٌ كَثِيرَةٌ مِثْلُ خَرَابِ حَائِطِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَتْل أهْل مِصْرَ أمِيرَهُمْ، وَزَوَال مُلْكِ بَنِي الْعَبَّاس عَلَى يَدِ رَجُلٍ خَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَا مُلْكُهُمْ، وَمَوْتِ عَبْدِ اللهِ آخِر مُلُوكِ بَني الْعَبَّاس، وَخَرَابِ الشَّامَاتِ، وَمَدَّ الْجِسْر مِمَّا يَلِي الْكَرْخَ بِبَغْدَادَ، كُلُّ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَانْشِقَاقِ الْفُرَاتِ وَسَيَصِلُ الْمَاءُ إِنْ شَاءَ اللهُ إِلَى أزقَّةِ الْكُوفَةِ)(13).
170 _ أمالي الطوسي: الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن وَهْبَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الزَّعْفَرَانِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَذَكَرَ السُّفْيَانِيَّ فَقَالَ: (أمَّا الرَّجَالُ فَتُوَاري وُجُوهَهَا عَنْهُ وَأمَّا النّسَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ بَأسٌ.
وَبهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ طَالِبُ الْحَقَّ قِيلَ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: تَرْجُو(14) أنْ يَكُونَ هَذَا الْيَمَانِيَّ؟ فَقَالَ: (لاَ، الْيَمَانِيُّ يَتَوَالَى عَلِيّاً وَهَذَا يَبْرَاُ مِنْهُ)(15).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْيَمَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُ‏ كَفَرَسَيْ رهَانٍ)(16).
171 _ أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ أحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي كِتَابِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرهِ فِي غَيْرهِ بِأسَانِيدِهِمْ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَوْمُ النَّيْرُوز هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ وَوُلاَةَ الأمْر، وَيُظْفِرُهُ اللهُ تَعَالَى بِالدَّجَّال فَيَصْلِبُهُ عَلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ)(17).
172 _ كِتَابُ الْمُحْتَضَر لِلْحَسَن بْن سُلَيْمَانَ: نَقْلاً مِنْ كِتَابِ الْمِعْرَاج لِلشَّيْخ الصَّالِح أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن، بِإسْنَادِهِ عَن الصَّدُوقِ(18)، عَن ابْن إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن آدَمَ النَّسَائِيَّ، عَنْ أبِيهِ آدَمَ بْن أبِي إِيَاسٍ، عَن الْمُبَارَكِ بْن فَضَالَةَ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبَّهٍ رَفَعَهُ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّهُ لَمَّا عُرجَ بِي رَبَّي جلّ جلاله، أتَانِي النّدَاءُ: يَا مُحَمَّدُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّ الْعَظَمَةِ لَبَّيْكَ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلاَ الأعْلَى؟ قُلْتُ: إِلَهِي لاَ عِلْمَ لِي، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ! هَل اتَّخَذْتَ مِنَ الآدَمِيَّينَ وَزيراً وَأخاً وَوَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَنْ أتَّخِذُ تَخَيَّرْ أنْتَ لِي يَا إِلَهِي.
فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ مِنَ الآدَمِيَّينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ، فَقُلْتُ إِلَهِي ابْنُ عَمَّي؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ عَلِيّاً وَارثُكَ وَوَارثُ الْعِلْم مِنْ بَعْدِكَ، وَصَاحِبُ لِوَائِكَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَصَاحِبُ حَوْضِكَ، يَسْقِي مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِنِي اُمَّتِكَ.
ثُمَّ أوْحَى إِلَيَّ أنَّي قَدْ أقْسَمْتُ عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقّاً لاَ يَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْحَوْض مُبْغِضٌ لَكَ وَلأهْل بَيْتِكَ وَذُرَّيَّتِكَ الطَّيَّبِينَ، حَقّاً (حَقّاً) أقُولُ يَا مُحَمَّدُ! لاَدْخِلَنَّ الْجَنَّةَ جَمِيعَ اُمَّتِكَ إِلاَّ مَنْ أبَى.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَأحَدٌ يَأبَى دُخُولَ الْجَنَّةِ؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: بَلَى يَأبَى، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَأبَى؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ اخْتَرْتُكَ مِنْ خَلْقِي وَاخْتَرْتُ لَكَ وَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدَكَ، وَألْقَيْتُ مَحَبَّتَهُ فِي قَلْبِكَ، وَجَعَلْتُهُ أباً لِوُلْدِكَ، فَحَقُّهُ بَعْدَكَ عَلَى اُمَّتِكَ، كَحَقّكَ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِكَ فَمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ جَحَدَ حَقَّكَ، وَمَنْ أبَى أنْ يُوَالِيَهُ فَقَدْ أبَى أنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ.
فَخَرَرْتُ للهِ عزّ وجل سَاجِداً شُكْراً لِمَا أنْعَمَ عَلَيَّ، فَإذَا مُنَادٍ يُنَادِي: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأسَكَ! سَلْنِي اُعْطِكَ، فَقُلْتُ: إِلَهِي اجْمَعْ اُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَلَى وَلاَيَةِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ، لِيَردُوا عَلَيَّ جَمِيعاً حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
الهوامش:
(1) الرعد: 7.
(2) من المصدر؛ راجع: ما نقله المصنّف عن تفسير العياشي في (ج 1/ ص 105/ الرقم 48)، و(ج 51/ ص 57) من المطبوعة.
(3) الإسراء: 5.
(4) الطموس: الدوس والإمحاء، (الصحاح 3: 944).
(5) الظفرة - بالتحريك -: جُليدة تغشّي العين نابتة من الجانب الذي يلي الأنف على بياض العين إلى سوادها وهي التي يقال لها: ظُفْر، (الصحاح 2: 730). وقد روى شبه ذلك مسلم في حديث الدجّال (أنَّه ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة).
(6) السبأ: 51.
(7) فيه تصحيف ولم يتيسَّر لنا أصل نصحّحه عليه.
(8) البقرة: 222.
(9) الأنبياء: 15.
(10) يقال: خلا بفلان وإليه ومعه: سأله أن يجتمع به في خلوة، ففعل. فالمراد: أنّي أتيته ونحن في خلوة.
(11) في المصدر: (وتضيع).
(12) العدد القوية: 75 - 77/ اليوم الخامس عشر/ ح 126.
(13) العدد القوية: 77/ اليوم الخامس عشر/ ح 131.
(14) في المصدر: (نرجو).
(15) أمالي الطوسي: 661/ مجلس 35/ ح 1375.
(16) أمالي الطوسي: 661/ مجلس 35/ ح 1376.
(17) المهذب البارع 1: 195.
(18) وقد رواه الصدوق في كمال الدين 1: 361 - 364، وفيه: (عن محمّد بن آدم الشيبانى)؛ وقد مرَّ في (ج 1/ ص 128/ الرقم 11) مع بيان للمصنّف رحمه الله له. راجع: (ج 51/ ص 68) من المطبوعة.
******************
فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنّي قَدْ قَضَيْتُ فِي عِبَادِي قَبْلَ أنْ أخْلُقَهُمْ وَقَضَائِي مَاضٍ فِيهِمْ، لاَهْلِكُ بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَأهْدِي بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَقَدْ آتَيْتُهُ عِلْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ وَزيرَكَ، وَخَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى أهْلِكَ وَاُمَّتِكَ، عَزيمَةً مِنَّي: لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أبْغَضَهُ وَعَادَاهُ وَأنْكَرَ وَلاَيَتَهُ مِنْ بَعْدِكَ، فَمَنْ أبْغَضَهُ أبْغَضَكَ، وَمَنْ أبْغَضَكَ أبْغَضَنِي، وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَاكَ، وَمَنْ عَادَاكَ فَقَدْ عَادَانِي، وَمَنْ أحَبَّهُ فَقَدْ أحَبَّكَ، وَمَنْ أحَبَّكَ فَقَدْ أحَبَّنِي.
وَقَدْ جَعَلْتُ (لَهُ) هَذِهِ الْفَضِيلَةَ، وَأعْطَيْتُكَ أنْ اُخْرجَ مِنْ صُلْبِهِ أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً، كُلُّهُمْ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ، مِنَ الْبِكْر الْبَتُول، آخِرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً. اُنْجِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَأهْدِي بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَاُبْرئُ بِهِ الأعْمَى، وَأشْفِي بِهِ الْمَريضَ.
قُلْتُ: إِلَهِي فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَأوْحَى إِلَيَّ عزّ وجل: يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ، وَظَهَرَ الْجَهْلُ، وَكَثُرَ الْقُرَّاءُ، وَقَلَّ الْعَمَلُ، وَكَثُرَ الْفَتْكُ(1)، وَقَلَّ الْفُقَهَاءُ الْهَادُونَ، وَكَثُرَ فُقَهَاءُ الضَّلاَلَةِ الْخَوَنَةُ، وَكَثُرَ الشُّعَرَاءُ.
وَاتَّخَذَ اُمَّتُكَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ، وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَزُخْرُفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَكَثُرَ الْجَوْرُ وَالْفَسَادُ، وَظَهَرَ الْمُنْكَرُ، وَأمَرَ اُمَّتُكَ بِهِ، وَنَهَوْا عَن الْمَعْرُوفِ، وَاكْتَفَى‏ الرَّجَالُ بِالرَّجَال، وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَصَارَتِ الاُمَرَاءُ كَفَرَةً، وَأوْلِيَاؤُهُمْ فَجَرَةً، وَأعْوَانُهُمْ ظَلَمَةً، وَذَوُو الرَّأيِ مِنْهُمْ فَسَقَةً.
وَعِنْدَ (ذَلِكَ) ثَلاَثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْربِ، وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ، وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ يَتْبَعُهُ الزُّنُوجُ، وَخُرُوجُ وَلَدٍ مِنْ وُلْدِ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام، وَظُهُورُ الدَّجَّال يَخْرُجُ بِالْمَشْرقِ مِنْ سِجِسْتَانَ، وَظُهُورُ السُّفْيَانِيَّ.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَا يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْفِتَن؟ فَأوْحَى إِلَيَّ وَأخْبَرَني بِبَلاَءِ بَني اُمَيَّةَ، وَفِتْنَةِ وُلْدِ عَمَّي، وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، فَأوْصَيْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَمَّي حِينَ هَبَطْتُ إِلَى الأرْض، وَأدَّيْتُ الرَّسَالَةَ، فَللهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا حَمِدَهُ النَّبِيُّونَ، وَكَمَا حَمِدَهُ كُلُّ شَيْءٍ قَبْلِي، وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)(2).
173 _ نهج البلاغة: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ وَلاَ يُطَرَّفُ (يُظَرَّفُ‏) فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَلاَ يُضَعَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ فِيهِ غُرْماً، وَصِلَةَ الرَّحِم مَنّاً، وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاس. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الإمَاءِ(3)، وَإِمَارَةِ الصّبْيَان، وَتَدْبِير الْخِصْيَان)(4).
بيان: قوله عليه السلام: (إلاَّ الماحل) أي يقرب الملوك وغيرهم إليهم السعاة إليهم بالباطل، والواشين والنمّامين مكان أصحاب الفضائل، وفي بعض النسخ: (الماجن) وهو أن لا يبالي ما صنع.
(ولا يطرف) بالمهملة أي لا يعد طريفاً، فإنَّ الناس يميلون إلى الطريف المستحدث، وبالمعجمة أي لا يعد ظريفاً كيّساً، (ولا يضعف) أي يعدونه ضعيف الرأي والعقل، أو يتسلّطون عليه، وفي النهاية: في حديث أشراط الساعة: (والزكاة مغرماً) أي يرى ربّ المال أنَّ إخراج زكاته غرامة يغرمه(5).
* * *
باب (26): يوم خروجه وما يدلُّ عليه وما يحدث عنده وكيفيته ومدّة ملكه صلوات الله عليه
1 _ الخصال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ...) الْخَبَرَ(6).
2 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الأشْعَريَّ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي وَصْفِ الْحَجَر وَالرُّكْن الَّذِي وُضِعَ فِيهِ قَالَ عليه السلام: (وَمِنْ ذَلِكَ الرُّكْن يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام فَأوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّيْرُ، وَهُوَ وَاللهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَإِلَى ذَلِكَ الْمَقَام يُسْنِدُ ظَهْرَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِم، وَهُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافَى ذَلِكَ الْمَكَانَ...)(7) تَمَامَ الْخَبَر.
3 _ الاحتجاج: حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ سَدِير بْن حُكَيْم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ عَقِيصَ(8)، عَن الْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: (مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ وَيَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلاَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يُخْفِي ولاَدَتَهُ وَيُغَيَّبُ شَخْصَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ ذَلِكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أخِي الْحُسَيْن ابْن سَيَّدَةِ الإمَاءِ، يُطِيلُ اللهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابًّ ذو أرْبَعِينَ سَنَةً، ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أنَّ اللهَ عَلى‏ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(9).
4 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ وَأحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويَّ عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَنْ يَحْيَى بْن مَيْسَرَةَ الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (((حم) * عسق)) عِدَادُ(10) سِنِي الْقَائِم، وَ((ق)) جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زُمُرُّدٍ أخْضَرَ فَخُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَل‏، وَعِلْمُ كُلّ شَيْءٍ فِي ((عسق)))(11).
5 _ قرب الإسناد: ابْنُ سَعْدٍ، عَن الأزْدِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَأبُو بَصِيرٍ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزيز مَعَنَا فَقُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أنْتَ صَاحِبُنَا؟ فَقَالَ: (إِنّي لَصَاحِبكُمْ!؟)، ثُمَّ أخَذَ جِلْدَةَ عَضُدِهِ فَمَدَّهَا فَقَالَ: (أنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَصَاحِبُكُمْ شَابٌّ حَدَثٌ)(12).
إيضاح: قوله: (إنّي لصاحبكم) استفهام إنكاري ويحتمل أن يكون المعنى: إنّي إمامكم لكن لست بالقائم الذي أردتم.
6 _ الاحتجاج: عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبٍ الْجُهَنِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ، عَنْ أبِيهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: (يَبْعَثُ اللهُ رَجُلاً فِي آخِر الزَّمَان، وَكَلَبٍ مِنَ الدَّهْر وَجَهْلٍ مِنَ النَّاس يُؤَيَّدُهُ اللهُ بِمَلاَئِكَتِهِ وَيَعْصِمُ أنْصَارَهُ وَيَنْصُرُهُ بِآيَاتِهِ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الأرْض، حَتَّى يَدِينُوا طَوْعاً أوْ كَرْهاً يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً وَبُرْهَاناً يَدِينُ لَهُ عَرْضُ الْبِلاَدِ وَطُولُهَا، لاَ يَبْقَى كَافِرٌ إِلاَّ آمَنَ، وَلاَ طَالِحٌ إِلاَّ صَلَحَ، وَتَصْطَلِحُ فِي مُلْكِهِ السَّبَاعُ، وَتُخْرجُ الأرْضُ نَبْتَهَا، وَتُنْزلُ السَّمَاءُ بَرَكَتَهَا، وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ يَمْلِكُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن أرْبَعِينَ عَاماً، فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ أيَّامَهُ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ)(13).
بيان: الأخبار المختلفة الواردة في أيام ملكه عليه السلام بعضها محمول على جميع مدّة ملكه وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة والله يعلم.
7 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن سُلَيْمَانَ الدَّهَاويَّ(14)، عَنْ مُعَاويَةَ بْن هِشَام، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ ابْن الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ)، وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: (يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ)(15).
8 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، (عَن ابْن هَمَّام)(16)، عَنْ جَعْفَر بْن مَالِكٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَارثِ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ قَالَ: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(17))(18).
9 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ جَمِيعاً، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِرٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسَاورٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويهَ أمَا وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ إِمَامُكُمْ سِنِيناً مِنْ دَهْركُمْ وَلَيُمَحَّصُ(19) حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَلَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ الْمُؤْمِنينَ وَلَتُكْفَؤُنَّ كَمَا تُكْفَاُ السُّفُنُ فِي أمْوَاج الْبَحْر، فَلاَ يَنْجُو إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ، وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الإيمَانَ، وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ، وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً، لاَ يُدْرَى أيٌّ مِنْ أي).
قَالَ: فَبَكَيْتُ، فَقَالَ (لِي): (مَا يُبْكِيكَ يَا بَا عَبْدِ اللهِ؟)، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ لاَ أبْكِي وَأنْتَ تَقُولُ: (تُرْفَعُ(20) اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لاَ يُدْرَى أيٌّ مِنْ أيًّ) فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: (يَا بَا عَبْدِ اللهِ تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (وَاللهِ لأمْرُنَا أبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْس)(21).
الغيبة للطوسي: أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة، عن ابن شاذان، عن ابن أبي نجران، مثله(22).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك والحميري معاً، عن ابن أبي الخطاب ومحمّد بن عيسى وعبد الله بن عامر جميعاً، عن ابن أبي نجران، مثله(23).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن ابن أبي نجران، مثله(24).
بيان: اللتنويه: التشهير أي لا تشهروا أنفسكم، أو لا تدعوا الناس إلى دينكم أو لا تشهروا ما نقول لكم من أمر القائم عليه السلام وغيره ممّا يلزم إخفاؤه عن المخالفين.
و(ليمحص) على بناء التفعيل المجهول من التمحيص، بمعنى الابتلاء والاختبار ونسبته إليه عليه السلام على المجاز، أو على بناء المجرد المعلوم، من محص الظبي(25) _ كمنع _ إذا عدا، ومحص مني: أي هرب، وفي بعض نسخ الكافي على بناء المجهول المخاطب، من التفعيل مؤكّداً بالنون، وهو أظهر، وقد مرَّ في النعماني: (وليخملن).
الهوامش:
(1) في نسخة كمال الدين وهكذا فيما مرَّ عليك في (ج 1/ ص 130/ الرقم 11): (القتل). راجع: (ج 51/ ص 70) من المطبوعة.
(2) لم نعثر عليه في المظانّ من المحتضر هذا.
(3) في المصدر: (النساء).
(4) نهج البلاغة: 485 و486/ الكلمة 102.
(5) النهاية 3: 363.
(6) الخصال 2: 394/ باب السبعة/ ح 101.
(7) علل الشرائع 2: 429/ باب 164/ ح 1.
(8) في المصدر: (عقيصي)، واسمه دينار، قال الفيروزآبادي: وعقيصي مقصوراً لقب أبي سعيد التيمي التابعي، (القاموس المحيط 2: 320).
(9) الاحتجاج 2: 68/ رقم 156.
(10) في المصدر: (أعداد).
(11) تفسير القمي 2: 268.
(12) قرب الإسناد: 44/ ح 142.
(13) الاحتجاج 2: 70/ رقم 158.
(14) في المصدر: (الرهاوي).
(15) كمال الدين 1: 152/ باب 6/ ح 15.
(16) من المصدر. وفي الأصل المطبوع: (الطالقاني، عن جعفر بن مالك). وهو سهو والصحيح ما أثبتناه من المصدر، وقد تكرَّر عليك في سائر الأسناد وخصوصاً في أسناد الغيبة للنعماني أنَّ الراوي عن جعفر بن محمّد بن مالك، هو أبو علي محمّد بن همام، وقد عجب النجاشي أنَّه كيف روى شيخه النبيل الثقة أبو علي بن همام وشيخه الجليل الثقة أبو غالب الزراري عن جعفر بن محمّد بن مالك مع ما قال فيه الغضائري: كان كذّاباً متروك الحديث جملة وكان في مذهبه ارتفاع. وروى عن الضعفاء والمجاهيل، وكلّ عيوب الضعفاء مجتمعة فيه.
(17) الشعراء: 21.
(18) كمال الدين 1: 328/ باب 32/ ح 10.
(19) في المصدر وهكذا نسخة الكافي: (ولتمحّصن)، وكلّها تصحيف والصحيح ما في نسخة النعماني، وقد أخرجه المصنّف في باب ما ورد عن الصادق عليه السلام، وتراه في (ج 1/ ص 147/ الرقم 19) وفيه: (وليخملن) من الخمول. راجع: (ج 51/ ص 147) من المطبوعة.
(20) كلمة: (ترفع) ليست في المصدر.
(21) كمال الدين 2: 347/ باب 33/ ح 35.
(22) الغيبة للطوسي: 337 و338/ رقم 285.
(23) الغيبة للنعماني: 152/ باب 10/ ح 10.
(24) الغيبة للنعماني: 153/ باب 10/ ذيل حديث 10؛ الكافي 1: 336/ ح 5.
(25) في الأصل المطبوع: (محص الصبي)، وهو تصحيف.
******************
ولعلَّ المراد بأخذ الميثاق قبوله يوم أخذ الله ميثاق نبيه وأهل بيته، مع ميثاق ربوبيته، كما مرَّ في الأخبار، و(كتب في قلبه الإيمان) إشارة إلى قوله تعالى: ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِْيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ))(1) والروح هو روح الإيمان كما مرَّ.
((مشتبهة) أي على الخلق أو متشابهة يشبه بعضها بعضاً ظاهراً، و(لا يدرى) على بناء المجهول، و(أيٌّ) مرفوع به، أي لا يدرى أيّ منها حقّ متميّزاً من أيّ منها هو باطل. فهو تفسير للاشتباه، وقيل: (أي) مبتدأ و(من أيّ) خبره أي كلّ راية منها لا يعرف كونه من أيّ جهة؟ من جهة الحقّ؟ أو من جهة الباطل؟ وقيل: لا يدرى أيّ رجل من أيّ راية، لتبدو النظام منهم، والأوّل أظهر).
10 _ كمال الدين: السَّنَانِيُّ(2)، عَن الأسَدِيَّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مُوسَى عليهم السلام: إِنّي لأرْجُو أنْ تَكُونَ الْقَائِمَ مِنْ أهْل بَيْتِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَقَالَ عليه السلام: (يَا أبَا الْقَاسِم مَا مِنَّا إِل(3) قَائِمٌ بِأمْر اللهِ عزّ وجل وَهَادٍ إِلَى دِينِهِ، وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهَّرُ اللهُ بِهِ الأرْضَ مِنْ أهْل الْكُفْر وَالْجُحُودِ، وَيَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ، وَهُوَ سَمِيُّ رَسُول اللهِ وَكَنِيُّهُ، وَهُوَ الَّذِي تُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَيَذِلُّ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ(4) أصْحَابُهُ عِدَّةَ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أقَاصِي الأرْض، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ))(5).
فَإذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أهْل الإخْلاَص أظْهَرَ أمْرَهُ، فَإذَا اُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ بِإذْن اللهِ عزّ وجل فَلاَ يَزَالُ يَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ عزّ وجل).
قَالَ عَبْدُ الْعَظِيم: فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي وَكَيْفَ يَعْلَمُ أنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ؟
قَالَ: (يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ، فَإذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ أخْرَجَ اللاَّتَ وَالْعُزَّى فَأحْرَقَهُمَا)(6).
الاحتجاج: عن عبد العظيم، مثله(7).
بيان: يعني باللات والعزى صنمي قريش أبا بكر وعمر.
11 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ تَفْسِير جَابِرٍ فَقَالَ: (لاَ تُحَدَّثْ بِهِ السَّفِلَةَ فَيُذِيعُونَهُ أمَا تَقْرَاُ كِتَابَ اللهِ: ((فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ))(8) إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً فَإذَا أرَادَ اللهُ إِظْهَارَ أمْرهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً فَظَهَرَ فَقَامَ بِأمْر اللهِ)(9).
رجال الكشي: آدم بن محمّد البلخي، عن عليّ بن الحسن بن هارون الدقّاق، عن عليّ بن أحمد، عن أحمد بن عليّ بن سليمان، عن ابن فضال، عن عليّ بن حسان، عن المفضّل مثله(10).
بيان: ذكر الآية لبيان أنَّ في زمانه عليه السلام يمكن إظهار تلك الأمور أو استشهاد بأنَّ من تفاسيرنا ما لا يحتمله عامّة الخلق مثل تفسير تلك الآية.
12 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أسَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُعَمَّرٍ الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن فُضَيْلٍ، عَن الْكَلْبِيَّ، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(11)، قَالَ: (هَذِهِ نَزَلَتْ فِينَا وَفِي بَنِي اُمَيَّةَ تَكُونُ لَنَا دَوْلَةٌ تَذِلُّ أعْنَاقُهُمْ لَنَا بَعْدَ صُعُوبَةٍ وَهَوَانٍ بَعْدَ عِزّ)(12).
13 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ ...)) الآيَةَ، قَالَ: (نَزَلَتْ فِي قَائِم آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يُنَادَى بِاسْمِهِ مِنَ السَّمَاءِ)(13).
14 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: انْتَظِرُوا الْفَرَجَ فِي ثَلاَثٍ، قِيلَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: اخْتِلاَفُ أهْل الشَّام بَيْنَهُمْ، وَالرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ خُرَاسَانَ، وَالْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا الْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ؟ قَالَ: أمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل فِي الْقُرْآن: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(14) قَالَ: إِنَّهُ يُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا وَيَسْتَيْقِظُ النَّائِمَ وَيُفْزعُ الْيَقْظَانَ)(15).
15 _ الغيبة للطوسي: الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْمُثَنَّى الْحَنَّاطِ، عَن الْحَسَن بْن زيَادٍ الصَّيْقَل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ لاَ يَقُومُ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ تَسْمَعُ الْفَتَاةُ فِي خِدْرهَا، وَيَسْمَعُ أهْلُ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(16))(17).
16 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الأنْصَاريَّ، عَن الْهَرَويَّ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: مَا عَلاَمَةُ الْقَائِم عليه السلام مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ؟ قَالَ: (عَلاَمَتُهُ أنْ يَكُونَ شَيْخَ السَّنَّ شَابَّ الْمَنْظَر، حَتَّى إِنَّ النَّاظِرَ إِلَيْهِ لَيَحْسَبُهُ ابْنَ أرْبَعِينَ سَنَةً أوْ دُونَهَا وَإِنَّ مِنْ عَلاَمَتِهِ(18) أنْ لاَ يَهْرَمَ بِمُرُور الأيَّام وَاللَّيَالِي عَلَيْهِ حَتَّى يَأتِيَ أجَلُهُ)(19).
17 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازيَّ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَخْرُجُ الْقَائِمُ عليه السلام يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ الْيَوْمَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام)(20).
18 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يُبَايِعُ‏ الْقَائِمَ عليه السلام جَبْرَئِيلُ عليه السلام يَنْزلُ فِي صُورَةِ طَيْرٍ أبْيَضَ فَيُبَايِعُهُ ثُمَّ يَضَعُ رجْلاً عَلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَام، وَرجْلاً عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِس ثُمَّ يُنَادِي بِصَوْتٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ تَسْمَعُهُ الْخَلاَئِقُ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(21))(22).
تفسير العياشي: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله، وفي رواية أخرى عن أبي جعفر عليه السلام، نحوه(23).
19 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سَيَأتِي فِي مَسْجِدِكُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً _ يَعْنِي مَسْجِدَ مَكَّةَ _ يَعْلَمُ أهْلُ مَكَّةَ أنَّهُ لَمْ يَلِدُ(هُمْ)(24) آبَاؤُهُمْ وَلاَ أجْدَادُهُمْ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ، مَكْتُوبٌ عَلَى كُلَّ سَيْفٍ كَلِمَةٌ تَفْتَحُ ألْفَ كَلِمَةٍ، فَيَبْعَثُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ريحاً فَتُنَادِي بِكُلّ وَادٍ: هَذَا الْمَهْدِيُّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام لاَ يُريدُ عَلَيْهِ بَيَّنَةً)(25).
20 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(26) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا ألْفُ كَلِمَةٍ كُلُّ كَلِمَةٍ مِفْتَاحُ ألْفِ كَلِمَةٍ)(27).
21 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْمُفْتَقَدِينَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم عليه السلام، قَوْلُهُ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(28) إِنَّهُمْ لَمُفْتَقَدُونَ(29) عَنْ فُرُشِهِمْ لَيْلاً فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ وَبَعْضُهُمْ يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَار(30) يُعْرَفُ اسْمُهُ(31) وَاسْمُ أبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ)، قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّهُمْ أعْظَمُ إِيمَاناً؟ قَالَ: (الَّذِي يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً)(32).
22 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْن طَرْخَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُمَرَ بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ وَلِيَّ اللهِ يُعَمَّرُ عُمُرَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيل عِشْرينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، وَيَظْهَرُ فِي صُورَةِ فَتًى مُوَفَّقٍ ابْن ثَلاَثِينَ سَنَةً)(33).
الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرهِ: (حَتَّى تَرْجِعَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاس، يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(34).
بيان: لعلَّ المراد عمره في ملكه وسلطنته أو هو ممّا بدا لله فيه.
23 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْعَاقُولِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لَوْ خَرَجَ الْقَائِمُ لَقَدْ أنْكَرَهُ النَّاسُ، يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابّاً مُوَفَّقاً فَلاَ يَلْبَثُ عَلَيْهِ إِلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرَّ الأوَّل)(35).
24 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(36) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ(37).
الهوامش:
(1) المجادلة: 22.
(2) في المصدر: (الشيباني).
(3) في المصدر إضافة: (وهو).
(4) في المصدر إضافة: (من).
(5) البقرة: 148.
(6) كمال الدين 2: 377 و378/ باب 36/ ح 2.
(7) الاحتجاج 2: 481/ رقم 324.
(8) المدثر: 8 .
(9) الغيبة للطوسي: 164/ رقم 126.
(10) اختيار رجال الكشي: 192/ رقم 338.
(11) الشعراء: 4.
(12) تأويل الآيات الظاهرة: 383.
(13) المصدر السابق.
(14) الشعراء: 4.
(15) تأويل الآيات الظاهرة: 384.
(16) الشعراء: 4.
(17) الغيبة للطوسي: 177/ رقم 134.
(18) في المصدر: (علاماته).
(19) كمال الدين 2: 652/ باب 57/ ح 12.
(20) كمال الدين 2: 653 و654/ باب 57/ ح 19.
(21) النحل: 1.
(22) كمال الدين 2: 671/ باب 58/ ح 18.
(23) تفسير العياشي 2: 254/ ح 3 و4.
(24) من المصدر، وفي الغيبة للنعماني: (إنَّهم لم يولدوا من آبائهم...) الخ.
(25) كمال الدين 2: 671/ باب 57/ ح 19.
(26) في المصدر: (حسّان).
(27) الغيبة للنعماني: 314/ باب 20/ ح 7.
(28) البقرة: 148.
(29) في المصدر: (ليفتقدون).
(30) كلمة: (نهاراً) ليست في المصدر.
(31) في المصدر: (باسمه).
(32) كمال الدين 2: 672/ باب 57/ ح 24.
(33) الغيبة للطوسي: 420/ رقم 397.
(34) الغيبة للنعماني: 189/ باب 10/ ح 44، وفيه: (ابن اثني وثلاثين سنة).
(35) الغيبة للطوسي: 420/ رقم 398.
(36) في المصدر: (حسّان).
(37) الغيبة للنعماني: 188/ باب 10/ ح 43.
******************
قَالَ: وَفِي غَيْر هَذِهِ الرَّوَايَةِ أنَّهُ عليه السلام قَالَ: (وَإِنَّ مِنْ أعْظَم الْبَلِيَّةِ أنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ شَابّاً وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ شَيْخاً كَبِيراً).
بيان: لعلَّ المراد بالموفّق المتوافق الأعضاء المعتدل الخلق(1)، أو هو كناية عن التوسّط في الشاب بل انتهاؤه أي ليس في بدء الشباب فإنَّ في مثل هذا السن يوفّق الإنسان لتحصيل الكمال.
25 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن الصَّبَّاح، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخاً يَذْكُرُهُ عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُور فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ: يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أبِي طَالِبٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: يَرْويهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَ(2) اُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ: لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنَ السَّمَاءِ، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ قَطُّ، فَقَالَ: يَا سَيْفُ(3) إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ(4) أمَا إِنَّهُ أحَدُ بَنِي عَمَّنَا، قُلْتُ: أيُّ بَنِي عَمَّكُمْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَعليها السلام.
ثُمَّ قَالَ: يَا سَيْفُ لَوْ لاَ أنّي سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ يُحَدَّثُنِي بِهِ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ أهْلُ الدُّنْيَا مَا قَبِلْتُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ(5).
الإرشاد: علي بن بلال، عن محمّد بن جعفر المؤدّب، عن أحمد بن إدريس، مثله(6).
26 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(7)، قَالَ: (((الْخَيْراتِ)) الْوَلاَيَةُ، وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)) يَعْنِي أصْحَابَ الْقَائِم الثَّلاَثَمِائَةٍ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً)، قَالَ: (وَهُمْ وَاللهِ الاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ)(8)، قَالَ: (يَجْتَمِعُونَ وَاللهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ)(9).
27 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ،‏ عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الْمَحْتُوم، وَالنّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنَ الْمَغْربِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَأشْيَاءُ كَانَ يَقُولُهَا مِنَ الْمَحْتُوم).
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (وَاخْتِلاَفُ بَنِي فُلاَنٍ مِنَ الْمَحْتُوم، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم).
قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار يَسْمَعُهُ كُلُّ قَوْمٍ بِألْسِنَتِهِمْ: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِر النَّهَار مِنَ الأرْض: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ(10) فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(11).
الإرشاد: ابن شاذان، مثله(12).
28 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الزَّيْتُونيَّ وَ(13) الْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ اخْتَصَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ أنَّهُ قَالَ: (لاَ بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَبْكِي عَلَيْهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَأهْلُ الأرْض، وَكَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأسَّفٍ حَرَّانُ حَزينٌ، عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ الْمَعِين، كَأنّي بِهِمْ أسَرَّ مَا يَكُونُونَ، وَقَدْ نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، يَكُونُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ)، فَقُلْتُ: وَأيُّ نِدَاءٍ هُوَ؟ قَالَ: يُنَادَوْنَ فِي رَجَبٍ ثَلاَثَةَ أصْوَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ صَوْتاً مِنْهَا: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْقَوْم الظَّالِمِينَ(14)، وَالصَّوْتَ الثَّانِيَ: ((أَزِفَتِ الآْزِفَةُ))(15) يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالصَّوْتَ الثَّالِثَ يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً نَحْوَ عَيْن الشَّمْس: هَذَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ قَدْ كَرَّ فِي هَلاَكِ الظَّالِمِينَ)، وَفِي روَايَةِ الْحِمْيَريَّ: (وَالصَّوْتُ(16) بَدَنٌ يُرَى فِي قَرْن الشَّمْس يَقُولُ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ فُلاَناً فَاسْمَعُوا لَهُ وَأطِيعُوا، وَقَالاَ جَمِيعاً: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأتِي‏ النَّاسَ الْفَرَجُ، وَتَوَدُّ النَّاسُ لَوْ كَانُوا أحْيَاءً وَيَشْفِي اللهُ صُدُورَ قَوْم مُؤْمِنينَ)(17).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن أحمد بن مابنداد(18) والحميري معاً، عن أحمد بن هلال، مثله(19).
29 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يُنَادَى بِاسْمِهِ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ وَيَقُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهم السلام)(20).
30 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حَيَّ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَأنّي بِالْقَائِم يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ السَّبْتِ قَائِماً بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام يُنَادِي: الْبَيْعَةَ للهِ، فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(21).
31 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ(22)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم)، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِر النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(23).
32 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم فَيَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ إِلَى الْمَغْربِ، فَلاَ يَبْقَى رَاقِدٌ إِلاَّ قَامَ، وَلاَ قَائِمٌ إِلاَّ قَعَدَ، وَلاَ قَاعِدٌ إِلاَّ قَامَ عَلَى رجْلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ، وَهُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوح الأمِين(24).
33 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ(25)، عَن الأعْمَش، عَنْ أبِي وَائِلٍ،‏ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَكَرَ الْمَهْدِيَّ فَقَالَ: (إِنَّهُ يُبَايَعُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، اسْمُهُ أحْمَدُ وَعَبْدُ اللهِ وَالْمَهْدِيُّ فَهَذِهِ أسْمَاؤُهُ ثَلاَثَتُهَا)(26).
34 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ يَمْلِكُ ثَلاَثَمِائَةٍ وَتِسْعَ سِنِينَ كَمَا لَبِثَ أهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، وَيَفْتَحُ اللهُ لَهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، وَيُقْتَلُ النَّاسُ حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ دِيْنُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ...) تَمَامَ الْخَبَر(27).
35 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَمْ يَمْلِكُ الْقَائِمُ؟ قَالَ: (سَبْعَ سِنِينَ يَكُونُ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ)(28).
الهوامش:
(1) قال في الأقرب: يقال: إنَّ فلاناً موفّق بالفتح أي رشيد. والموفّق بالكسر القاضي كقوله:
لو أنَّ عزّة حاكمت شمس الضحى بالحسن عند موفّق لقضى لها
(2) في المصدر: (فسمع).
(3) في الأصل المطبوع وهكذا المصدر: (يا شيخ) وهو تصحيف (يا سيف) كما في نسخة الإرشاد ونسخة الكافي؛ ولم يخرّجه المصنّف - الروضة: 209 - ولو صحَّ نسخة: (يا شيخ) لتناقض الكلام من جهات شتّى كما لا يخفى.
(4) في المصدر: (نجيبه).
(5) الغيبة للطوسي: 433 و434/ رقم 423.
(6) الإرشاد للمفيد 2: 370.
(7) البقرة: 148.
(8) إشارة إلى الذين ذكرهم الله في قوله: ((وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ)) (هود: 8). (منه رحمه الله).
(9) روضة الكافي: 313/ ح 487.
(10) قيل: المراد بعثمان في أمثال هذه الأخبار هو السفياني، فإنَّ اسمه عثمان بن عنبسة.
(11) الغيبة للطوسي: 435/ رقم 425.
(12) الإرشاد للمفيد 2: 371، وفيه: (قلت لأبي جعفر عليه السلام: خروج السفياني من المحتوم؟ قال: (نعم والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من مغربها من المحتوم، واختلاف بني العبّاس في الدولة من المحتوم، وقتل النفس الزكية...)) الخ.
(13) حرف: (و) ليس في المصدر.
(14) مقتبس من قوله تعالى: ((أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)) من سورة هود: 18.
(15) النجم: 57.
(16) في المصدر إضافة: (الثالث) بين معقوفتين.
(17) الغيبة للطوسي: 439 - 440/ رقم 431.
(18) في المصدر: (مابنداذ).
(19) الغيبة للنعماني: 180/ باب 10/ ح 28.
(20) الغيبة للطوسي: 452/ رقم 458، وروى مثله المفيد في الإرشاد ولم يخرّجه المصنّف.
(21) الغيبة للطوسي: 453/ رقم 459.
(22) في المصدر إضافة: (عن أبي بصير).
(23) الغيبة للطوسي: 454/ رقم 461؛ وقد مرَّ هذا الخبر في (ص 314/ الرقم 27) بعين هذا السند وهذا خلاصته.
(24) الغيبة للطوسي: 454/ رقم 462.
(25) روى الخطيب أنَّ أهل حمص كانوا ينتقصون علياً عليه السلام حتَّى نشأ فيهم إسماعيل فحدَّثهم بفضائله فكفوا.
(26) الغيبة للطوسي: 454/ رقم 463.
(27) الغيبة للطوسي: 474/ رقم 496.
(28) الغيبة للطوسي: 474/ رقم 497.
******************
49 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، (عَنْ هِشَام بْن سَالِم)(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (هُمَا صَيْحَتَان صَيْحَةٌ فِي أوَّل اللَّيْل وَصَيْحَةٌ فِي آخِر اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ)، قَالَ:‏ فَقُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (وَاحِدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ)، فَقُلْتُ: كَيْفَ تُعْرَفُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: (يَعْرفُهَا مَنْ كَانَ سَمِعَ بِهَا قَبْلَ أنْ تَكُونَ)(2).
50 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَسْلَمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ النَّاسَ يُوَبَّخُونَّا وَيَقُولُونَ: مِنْ أيْنَ يُعْرَفُ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِل إِذَا كَانَتَا؟
فَقَالَ: (مَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟)، قُلْتُ: فَمَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً، قَالَ: فَقَالَ: (قُولُوا لَهُمْ: يُصَدَّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ مُؤْمِناً بِهَا قَبْلَ أنْ تَكُونَ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(3))(4).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْع وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ وَمُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ بْن خَالِدٍ الْخَزَّاز، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى(5)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّهُ يُنَادِي بِاسْم صَاحِبِ هَذَا الأمْر مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ(6): الأمْرُ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ فَفِيمَ الْقِتَالُ؟)(7).
52 _ الغيبة للنعماني: أبُو سُلَيْمَانَ(8) أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ فِي شَهْر رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْع وَعِشْرينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ الَّذِي تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ إِلَيْهِ(9) حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ألاَ إِنَّ فُلاَناً صَاحِبُ الأمْر فَعَلاَمَ الْقِتَالُ؟)(10).
53 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ(11)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ،‏ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يَشْمَلُ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ حَتَّى يَلْجَأ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَرَم فَيُنَادِي مُنَادٍ صَادِقٌ مِنْ شِدَّةِ الْقِتَال: فِيمَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ؟ صَاحِبُكُمْ فُلاَنٌ)(12).
54 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الأشْعَريَّ(13)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أهْبَطَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَكاً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَصَبَ لِمُحَمَّدٍ وَعليًّ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهم السلام مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عِنْدَ الْبَيْتِ الْمَعْمُور فَيَصْعَدُونَ عَلَيْهَا وَيَجْمَعُ لَهُمُ الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيَّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَيَفْتَحُ أبْوَابَ السَّمَاءِ، فَإذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَا رَبَّ مِيعَادَكَ الَّذِي وَعَدْتَ فِي كِتَابِكَ وَهُوَ هَذِهِ الآيَةُ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...))(14) الآيَةَ، وَيَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَخِرُّ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سُجَّداً ثُمَّ يَقُولُونَ: يَا رَبَّ اغْضَبْ فَإنَّهُ قَدْ هُتِكَ حَريمُكَ، وَقُتِلَ أصْفِيَاؤُكَ وَاُذِلَّ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، فَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ وَذَلِكَ وَقْتٌ مَعْلُومٌ)(15).
55 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُنَادَى بِاسْم الْقَائِم: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ)(16).
56 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ)(17).
57 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَا جَابِرُ لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَشْمَلَ الشَّامَ(18) فِتْنَةٌ يَطْلُبُونَ الْمَخْرَجَ مِنْهَا فَلاَ يَجِدُونَهُ وَيَكُونُ قَتْلٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ قَتْلاَهُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ)(19).
بيان: (على سواء) أي في وسط الطريق.
58 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (تَوَقَّعُوا الصَّوْتَ يَأتِيكُمْ بَغْتَةً مِنْ قِبَل دِمَشْقَ فِيهِ لَكُمْ فَرَجٌ عَظِيمٌ)(20).
59 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ، عَنْ أبِيهِ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ(21)، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ الْحَلَبِيَّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مُلْكُ(22) الْقَائِم تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُرٌ)(23).
60 _ الغيبة للنعماني: أبُو سُلَيْمَانَ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مُلْكُ الْقَائِم مِنَّا تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُرٌ)(24).
61 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن(25)، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ(26) وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ لَهُ:‏ وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى يَوْم مَوْتِهِ)(27).
بيان: إشارة إلى ملك الحسين عليه السلام أو غيره من الأئمّة في الرجعة.
62 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ(28)، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ بْن سَعِيدٍ(29)، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ عليه السلام يَمْلِكُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُراً)(30).
الهوامش:
(1) في المصدر المطبوع، وفي بعض نسخ الكتاب: (أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بهذا الإسناد، عن هشام بن سالم، قال: سمعت...) الخ. والظاهر أنَّ نسخة المصنّف رضوان الله عليه كانت واجدة لهذا الحديث ولذلك نقلها، أمَّا ما جعلناه بين المعقوفتين كان ساقطاً من الأصل المطبوع وأثبتناه من المصدر.
(2) الغيبة للنعماني: 265 و266/ باب 14/ ح 31.
(3) يونس: 35.
(4) الغيبة للنعماني: 266/ باب 14/ ح 32.
(5) في المصدر: (عثمان).
(6) في المصدر إضافة: (ألا إنَّ).
(7) الغيبة للنعماني: 266/ باب 14/ ح 33.
(8) في المصدر: (حدَّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي)، وفي غير هذا الموضع: (عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدَّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة)، لكنَّه كثيراً ما يروي عنه بلا واسطة فراجع وتحرَّر.
(9) في المصدر: (إليه أعناقكم) بدل (أعينكم إليه).
(10) الغيبة للنعماني: 266/ باب 14/ ح 34.
(11) في الأصل المطبوع: (حسن بن محمّد)، وهو تصحيف، وقد مرَّ تحت الرقم (40).
(12) الغيبة للنعماني: 267/ باب 14/ ح 35.
(13) في المصدر: (عن محمّد بن أحمد) بدل (الأشعري)، وإنَّما عبَّر عنه المصنّف بـ (الأشعري) ولعلَّه ابن أبي قتادة علي بن محمّد بن حفص بن عبيد بن حميد مولى السائب بن مالك الأشعري. ولعلَّه محمّد بن أحمد المديني.
(14) النور: 55.
(15) الغيبة للنعماني: 276/ باب 14/ ح 56، مع اختلاف يسير.
(16) الغيبة للنعماني: 279/ باب 14/ ح 64، وفيه: (يا فلان قم)؛ وقد مرَّ في (ص 255/ الرقم 126). راجع: (ج 52/ ص 246) من المطبوعة.
(17) الغيبة للنعماني: 282/ باب 14/ ح 68.
(18) في المصدر: (حتَّى يشمل الناس بالشام فتنة).
(19) الغيبة للنعماني: 279/ باب 14/ ح 65.
(20) الغيبة للنعماني: 279/ باب 14/ ح 66.
(21) يعني محمّد بن علي بن يوسف فإنَّ الحسن بن علي بن فضال التيملي، قد يروي عن الحسن ومحمّد ابني علي بن يوسف بن بقاح، كما جاء في (ص 252/ الرقم 118) وغير ذلك وقد أكثر عنهما. راجع: (ج 52/ ص 244) من المطبوعة.
(22) في المصدر: (يملك).
(23) الغيبة للنعماني: 331/ باب 26/ ح 1.
(24) الغيبة للنعماني: 331/ باب 26/ ح 2.
(25) في المصدر: (الحسن).
(26) في المصدر إضافة: (وثلاث عشرة سنة) بين معقوفتين.
(27) الغيبة للنعماني: 331 و332/ باب 26/ ح 3.
(28) في المصدر: (إسحاق).
(29) في المصدر: (عن أحمد بن عمر بن أبي شعبة الحلبي)، وقد تفحَّصت كتب الرجال فلم أرَ من يسمّى أبا شعبة باسمه فإمَّا يكون نسخة المصنّف مصحَّفة وإمَّا أنَّه ظفر باسم أبي شعبة فصرَّح باسمه.
(30) الغيبة للنعماني: 332/ باب 26/ ح 4.
******************
63 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام: لأيَّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْن الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ الْحَجَرَ الأسْوَدَ وَهِيَ جَوْهَرَةٌ اُخْرجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ فَوُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الرُّكْن لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ، وَذَلِكَ أنَّهُ لَمَّا أخَذَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورهِمْ ذُرَّيَّتَهُمْ حِينَ أخَذَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذَلِكَ الْمَكَان، وَفِي ذَلِكَ الْمَكَان تَرَاءَى لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَكَان يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام فَأوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّيْرُ، وَهُوَ وَاللهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَإِلَى ذَلِكَ الْمَكَان يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِم...) تَمَامَ الْخَبَر(1).
64 _ الكافي: أبُو عليًّ الأشْعَريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْحَجَّال جَمِيعاً، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَسْلَمَةَ الْجَريريَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يُوَبَّخُونَّا وَيُكَذَّبُونَّا أنَّا نَقُولُ: إِنَّ صَيْحَتَيْن تَكُونَان، يَقُولُونَ: مِنْ أيْنَ تُعْرَفُ‏ الْمُحِقَّةُ مِنَ الْمُبْطِلَةِ إِذَا كَانَتَا؟
قَالَ: (فَمَا ذَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟)، قُلْتُ: مَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً، قَالَ: (قُولُوا: يُصَدَّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا مِنْ قَبْلُ، إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(2))(3).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عن ثعلبه، مثله(4).
الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمّد، عن ابن فضال والحجال، عن داود بن فرقد، مثله(5).
65 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ وَغَيْرهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن الصَّبَّاح، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخاً يَذْكُرُ عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي الدَّوَانِيقِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ: يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أبِي طَالِبٍ، (قُلْتُ: يَرْويهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَتْ اُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ: لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ)(6) قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ قَطُّ، فَقَالَ لِي: يَا سَيْفُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ أمَا إِنَّهُ أحَدُ بَنِي عَمَّنَا، قُلْتُ: أيُّ بَني عَمَّكُمْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا سَيْفُ لَوْ لاَ أنّي سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام يَقُولُهُ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ‏ أهْلُ الأرْض مَا قَبِلْتُهُ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ(7).
66 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ: (إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاس وَوَهَى سُلْطَانُهُمْ، وَطَمِعَ فِيهِمْ (مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ فِيهِمْ)، وَخَلَعَتِ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا، وَرَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ، وَظَهَرَ الشَّامِيُّ، وَأقْبَلَ الْيَمَانِيُّ، وَتَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ، وَخَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم).
فَقُلْتُ: مَا تُرَاثُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (سَيْفُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَدِرْعُهُ، وَعِمَامَتُهُ، وَبُرْدُهُ، وَقَضِيبُهُ، وَرَايَتُهُ، وَلاَمَتُهُ، وَسَرْجُهُ، حَتَّى يَنْزلَ مَكَّةَ، فَيُخْرجُ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ، وَيَلْبَسُ الدَّرْعَ، وَيَنْشُرُ الرَّايَةَ وَالْبُرْدَةَ وَالْعِمَامَةَ، وَيَتَنَاوَلُ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ، وَيَسْتَأذِنُ اللهَ فِي ظُهُورهِ، فَيَطَّلِعُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ مَوَالِيهِ فَيَأتِي الْحَسَنِيَّ فَيُخْبِرُهُ الْخَبَرَ، فَيَبْتَدِرُ الْحَسَنِيُّ إِلَى الْخُرُوج، فَيَثِبُ عَلَيْهِ أهْلُ مَكَّةَ فَيَقْتُلُونَهُ، وَيَبْعَثُونَ بِرَأسِهِ إِلَى الشَّام.
فَيَظْهَرُ عِنْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر فَيُبَايِعُهُ النَّاسُ وَيَتَّبِعُونَهُ وَيَبْعَثُ الشَّامِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُهْلِكُهُمُ اللهُ عزّ وجل دُونَهَا، وَيَهْرُبُ يَوْمَئِذٍ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ وُلْدِ عليًّ عليه السلام إِلَى مَكَّةَ، فَيَلْحَقُونَ بِصَاحِبِ هَذَا الأمْر، وَيُقْبِلُ صَاحِبُ هَذَا الأمْر نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَيَبْعَثُ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَأمَنُ أهْلُهَا وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهَا)(8).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضّل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسين ابن عبد الملك ومحمّد بن أحمد جميعاً، عن ابن محبوب، مثله(9).
67 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ عِيص(10) بْن الْقَاسِم،‏ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، وَانْظُرُوا لأنْفُسِكُمْ فَوَ اللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ الْغَنَمُ فِيهَا الرَّاعِي، فَإذَا وَجَدَ رَجُلاً هُوَ أعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي هُوَ فِيهَا، يُخْرجُهُ وَيَجِي‏ءُ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ أعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي كَانَ فِيهَا.
وَاللهِ لَوْ كَانَتْ لأحَدِكُمْ نَفْسَان(11) يُقَاتِلُ بِوَاحِدَةٍ يُجَرَّبُ بِهَا، ثُمَّ كَانَتِ الاُخْرَى بَاقِيَةً فَعَمِلَ عَلَى مَا قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا، وَلَكِنْ لَهُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ إِذَا ذَهَبَتْ فَقَدْ وَاللهِ ذَهَبَتِ التَّوْبَةُ، فَأنْتُمْ أحَقُّ أنْ تَخْتَارُوا لأنْفُسِكُمْ إِنْ أتَاكُمْ آتٍ مِنَّا فَانْظُرُوا عَلَى أيَّ شَيْءٍ تَخْرُجُونَ؟ وَلاَ تَقُولُوا خَرَجَ زَيْدٌ، فَإنَّ زَيْداً كَانَ عَالِماً، وَكَانَ صَدُوقاً وَلَمْ يَدْعُكُمْ إِلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا دَعَاكُمْ إِلَى الرَّضَى مِنْ آل مُحَمَّدٍ وَلَوْ ظَهَرَ لَوَفَى بِمَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى سُلْطَانٍ مُجْتَمِع لَيَنْقُضَهُ.
فَالْخَارجُ مِنَّا الْيَوْمَ إِلَى أيَّ شَيْءٍ يَدْعُوكُمْ؟ إِلَى الرَّضَى مِنْ آل مُحَمَّدٍ؟
فَنَحْنُ نُشْهِدُكُمْ أنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِهِ، وَهُوَ يَعْصِينَا الْيَوْمَ، وَلَيْسَ مَعَهُ أحَدٌ، وَهُوَ إِذَا كَانَتِ الرَّايَاتُ وَالألْويَةُ أجْدَرُ أنْ لاَ يَسْمَعَ مِنَّا إِلاَّ (مَعَ)(12) مَن اجْتَمَعَتْ بَنُو فَاطِمَةَ مَعَهُ فَوَ اللهِ مَا صَاحِبُكُمْ إِلاَّ مَن اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ رَجَبٌ(13) فَأقْبِلُوا عَلَى اسْم اللهِ عزّ وجل، وَإِنْ أحْبَبْتُمْ أنْ تَتَأخَّرُوا إِلَى شَعْبَانَ فَلاَ ضَيْرَ، وَإِنْ أحْبَبْتُمْ أنْ تَصُومُوا فِي أهَالِيكُمْ فَلَعَلَّ ذَلِكَ أنْ يَكُونَ أقْوَى لَكُمْ، وَكَفَاكُمْ بِالسُّفْيَانِيَّ عَلاَمَةً)(14).
68 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ ربْعِيّ رَفَعَهُ، عَنْ عَلِي بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (وَاللهِ لاَ يَخْرُجُ وَاحِدٌ مِنَّا قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم إِلاَّ كَانَ مَثَلُهُ مَثَلَ فَرْخ طَارَ مِنْ وَكْرهِ، قَبْلَ أنْ يَسْتَويَ جَنَاحَاهُ فَأخَذَهُ الصَّبْيَانُ فَعَبِثُوا بِهِ)(15).
69 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا سَدِيرُ الْزَمْ بَيْتَكَ وَكُنْ حِلْساً مِنْ أحْلاَسِهِ وَاسْكُنْ مَا سَكَنَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَإذَا بَلَغَكَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ قَدْ خَرَجَ فَارْحَلْ إِلَيْنَا وَلَوْ عَلَى رجْلِكَ)(16).
70 _ الطرائف: رَوَى نِدَاءَ الْمُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَوُجُوبَ طَاعَتِهِ، أحْمَدُ بْنُ الْمُنَادِي في كتاب الملاحم، وأبو نعيم الحافظ في كتاب أخبار المهدي، وابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس، وأبو العلاء الحافظ في كتاب الفتن(17).
71 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَن الطَّيَّار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ))(18)، قَالَ: (خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ)، قَالَ: قُلْتُ: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ، قَالَ: (دَعْ ذَا ذَاكَ قِيَامُ الْقَائِم)(19).
72 _ كفاية الأثر: أبُو الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيُّ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ سَلَمَةَ بْن الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الطَّيَالِسِيَّ، عَن ابْن أبِي عَمِيرَةَ وَصَالِح بْن عُقْبَةَ جَمِيعاً، عَنْ‏ عَلْقَمَةَ بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عليًّ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا عَلِيُّ إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا خَرَجَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عَدَدَ رجَال بَدْرٍ فَإذَا حَانَ(20) وَقْتُ خُرُوجِهِ يَكُونُ لَهُ سَيْفٌ مَغْمُودٌ نَادَاهُ السَّيْفُ: قُمْ يَا وَلِيَّ اللهِ، فَاقْتُلْ أعْدَاءَ اللهِ)(21).
73 _ الاختصاص: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْقِلٍ الْقِرْمِيسِينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَاصِم، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْزُوقٍ، عَنْ عَامِرٍ السَّرَّاج، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْريَّ، عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم، عَنْ طَارقِ بْن شِهَابٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ:
(إِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوج الْقَائِم يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أيُّهَا النَّاسُ قُطِعَ عَنْكُمْ مُدَّةُ الْجَبَّارينَ وَوَلِيَ الأمْرَ خَيْرُ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَالْحَقُوا بِمَكَّةَ، فَيَخْرُجُ النُّجَبَاءُ مِنْ مِصْرَ وَالأبْدَالُ مِنَ الشَّام وَعَصَائِبُ الْعِرَاقِ رُهْبَانٌ بِاللَّيْل، لُيُوثٌ بِالنَّهَار، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام).
قَالَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْن: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: (هُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن كَأنَّهُ مِنْ رجَال شنسوة(22) عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قَطَوَانِيَّتَان اسْمُهُ اسْمِي، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُفَرَّخُ الطُّيُورُ فِي أوْكَارهَا، وَالْحِيتَان فِي بِحَارهَا، وَتُمَدُّ الأنْهَارُ، وَتَفِيضُ الْعُيُونُ، وَتُنْبِتُ الأرْضُ ضِعْفَ اُكُلِهَا، ثُمَّ يُسَيَّرُ مُقَدَّمَتَهُ جَبْرَئِيلُ، وَسَاقَتَهُ(23) إِسْرَافِيلُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(24).
74 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ عُمَرَ بْن حَنْظَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (خَمْسُ عَلاَمَاتٍ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم: الصَّيْحَةُ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْخَسْفُ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَالْيَمَانِيُّ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنْ خَرَجَ أحَدٌ مِنْ أهْل بَيْتِكَ قَبْلَ هَذِهِ الْعَلاَمَاتِ أخْرُجُ مَعَهُ؟ قَالَ: (لاَ).
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَلَوْتُ هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(25)، فَقُلْتُ لَهُ: أهِيَ الصَّيْحَةُ؟ فَقَالَ: (أمَا لَوْ كَانَتْ خَضَعَتْ أعْنَاقُ‏ أعْدَاءِ اللهِ)(26).
75 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْحَلَبِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (اخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاس مِنَ الْمَحْتُوم، وَالنّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم)، قُلْتُ: وَكَيْفَ النّدَاءُ؟
الهوامش:
(1) الكافي 4: 184/ باب (بدء الحجر والعلّة في استلامه)/ ح 3.
(2) يونس: 35.
(3) روضة الكافي: 208/ رقم 252.
(4) الغيبة للنعماني: 266/ باب 14/ ح 32؛ وقد مرَّ الحديث بلفظه وسنده في (ص 324/ الرقم 50) فلا وجه لتكراره هنا.
(5) تراه في روضة الكافي: 209/ ح 253، وكان المناسب أن ينقله المصنّف بلفظه، ولفظه: (عن داود بن فرقد، قال: سمع رجل من العجلية هذا الحديث: قوله عليه السلام: (ينادي منادٍ: ألا إنَّ فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون - أوّل النهار - وينادي آخر النهار: ألا إنَّ عثمان وشيعته هم الفائزون)، فقال الرجل: فما يدرينا أيّما الصادق من الكاذب؟ فقال: (يصدّقه عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادي إنَّ الله عزّ وجل يقول: ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ...)) الآية)).
(6) من المصدر.
(7) روضة الكافي: 209/ ح 255؛ وقد مرَّ ذكره عن الغيبة للشيخ والإرشاد للمفيد في (ص 313/ الرقم 25). راجع: (ج 52/ ص 288) من المطبوعة.
(8) روضة الكافي: 224/ ح 285.
(9) الغيبة للنعماني: 267/ باب 14/ ح 35. وقد مرَّ في (ص 326/ الرقم 53). راجع: (ج 52/ ص 296) من المطبوعة.
(10) هذا هو الصحيح كما في (روضة الكافي: 264)، والرجل هو أبو القاسم عيص بن القاسم بن ثابت بن عبيد بن مهران البجلي كوفي عربي ثقة عين، له كتاب روى عنه صفوان بن يحيى، وفي الأصل المطبوع: (عيسى بن القاسم) وهو تصحيف.
(11) الظاهر أنَّ (لو) ههنا للتمنّي أي ليتها كانت لأحدكم نفسان. ومثله قوله تعالى: ((لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الأَْعْرابِ)) (الأحزاب: 20).
(12) من المصدر.
(13) ظاهره أنَّ خروج القائم عليه السلام في رجب ويحتمل أن يكون المراد أنَّه مبدأ ظهور علامات خروجه فأقبلوا إلى مكّة في ذلك الشهر لتكونوا شاهدين هناك عند خروجه.
(14) روضة الكافي: 264/ ح 381.
(15) روضة الكافي: 264/ ح 382.
(16) روضة الكافي: 264/ ح 383.
(17) الطرائف 1: 186، مع اختلاف يسير.
(18) فصّلت: 53.
(19) روضة الكافي: 166/ ح 181، وظاهر الإسناد هكذا: (علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد...) الخ، فراجع.
وروى الكليني في (الروضة: 381) مثله ولم يخرَّجه المصنّف، قال: (أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحسن بن علي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن قول الله عزّ وجل: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ))، قال: (يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة الله عزّ وجل في أنفسهم وفي الآفاق)، قلت له: ((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ))؟ قال: (خروج القائم هو الحقّ من عند الله عزّ وجل يراه الخلق لا بدَّ منه)).
(20) في المصدر: (كان).
(21) كفاية الأثر: 262 و263.
(22) في المصدر: (سنوءة).
(23) في المصدر: (وساقيه).
(24) الاختصاص: 208.
(25) الشعراء: 4.
(26) روضة الكافي: 310/ ح 483.
******************
قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ عَلِيّاً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ)، قَالَ: (وَيُنَادِي مُنَادٍ(1) آخِرَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ عُثْمَانَ وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ)(2).
أقول: هذا الباب وباب سيره عليه السلام مشتركان في كثير من الأخبار وسيأتي فيه كثير من أخبار هذا الباب وقد مرَّ كثير منها في الباب السابق.
76 _ وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ إِلَى أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ رَفَعَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْقَائِم عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ: كَيْفَ لَنَا أنْ نَعْلَمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَتَحْتَ رَأسِهِ صَحِيفَةٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)(3).
77 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ قَالَ: رُويَ أنَّهُ يَكُونُ فِي رَايَةِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام: اسْمَعُوا وَأطِيعُوا.
78 _ وَبِالإسْنَادِ عَن الْفَضْل، عَن ابْن مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا خُسِفَ بِجَيْش السُّفْيَانِيَّ...)، إِلَى أنْ قَالَ: (وَالْقَائِمُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ مُسْتَجِيراً بِهَا يَقُولُ: أنَا وَلِيُّ اللهِ أنَا أوْلَى بِاللهِ وَبمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى النَّاس بِنُوح، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيَّينَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِالنَّبِيَّينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(4).
فَأنَا بَقِيَّةُ آدَمَ، وَخِيَرَةُ نُوح، وَمُصْطَفَى إِبْرَاهِيمَ، وَصَفْوَةُ مُحَمَّدٍ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي سُنَّةِ رَسُول اللهِ فَأنَا أوْلَى‏ النَّاس بِسُنَّةِ رَسُول اللهِ وَسِيرَتِهِ، وَأنْشُدُ اللهَ مَنْ سَمِعَ كَلاَمِي لَمَّا يَبْلُغُ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.
فَيَجْمَعُ اللهُ لَهُ أصْحَابَهُ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَيَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(5) فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَمَعَهُ عَهْدُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ تَوَاتَرَتْ عَلَيْهِ الآبَاءُ فَإنْ أشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَإنَّ الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ لاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ).
79 _ وَبِالإسْنَادِ الْمَذْكُور يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام فِي ذِكْر الْقَائِم عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ قَالَ: (فَيَجْلِسُ تَحْتَ شَجَرَةِ سَمُرَةٍ، فَيَجِيئُهُ جَبْرَئِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ مَا يُجْلِسُكَ هَاهُنَا؟ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ إِنّي أنْتَظِرُ أنْ يَأتِيَني الْعِشَاءُ فَأخْرُجَ فِي دُبُرهِ إِلَى مَكَّةَ وَأكْرَهُ أنْ أخْرُجَ فِي هَذَا الْحَرَّ)، قَالَ: (فَيَضْحَكُ فَإذَا ضَحِكَ عَرَفَهُ أنَّهُ جَبْرَئِيلُ)، قَالَ: (فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ، وَيُسَلّمُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ لَهُ: قُمْ، وَيَجِيئُهُ بِفَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: الْبُرَاقُ فَيَرْكَبُهُ، ثُمَّ يَأتِي إِلَى جَبَل رَضْوَى، فَيَأتِي مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ فَيَكْتُبَان لَهُ عَهْداً مَنْشُوراً يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاس ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ وَالنَّاسُ يَجْتَمِعُونَ بِهَا).
قَالَ: (فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنْهُ فَيُنَادِي: أيُّهَا النَّاسُ هَذَا طَلِبَتُكُمْ قَدْ جَاءَكُمْ، يَدْعُوكُمْ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: (فَيَقُومُونَ)، قَالَ: (فَيَقُومُ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَيَقُولُ:
أيُّهَا النَّاسُ أنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ أنَا ابْنُ نَبِيَّ اللهِ، أدْعُوكُمْ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ نَبِيُّ اللهِ.
فَيَقُومُونَ إِلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ، فَيَقُومُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَيُنِيفُ عَلَى الثَّلاَثِمِائَةِ فَيَمْنَعُونَهُ مِنْهُ خَمْسُونَ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ، وَسَائِرُهُمْ مِنْ أفْنَاءِ النَّاس لاَ يَعْرفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً اجْتَمَعُوا عَلَى غَيْر مِيعَادٍ).
80 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ يَنْتَظِرُ مِنْ يَوْمِهِ ذِي طُوًى فِي عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً حَتَّى يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر وَيَهُزُّ الرَّايَةَ الْمُغَلَّبَةَ(6))، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ: ذَكَرْتُ ذَلِكَ لأبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام‏ قَالَ: (وَكِتَابٌ مَنْشُورٌ).
81 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ إِلَى أنْ قَالَ: (يَقُولُ الْقَائِمُ عليه السلام لأصْحَابِهِ: يَا قَوْم إِنَّ أهْلَ مَكَّةَ لاَ يُريدُونَنِي، وَلَكِنّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لأحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ.
فَيَدْعُو رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ: امْض إِلَى أهْل مَكَّةَ فَقُلْ: يَا أهْلَ مَكَّةَ أنَا رَسُولُ فُلاَنٍ إِلَيْكُمْ وَهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الرَّسَالَةِ وَالْخِلاَفَةِ وَنَحْنُ ذُرَّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَسُلاَلَةُ النَّبِيَّينَ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاضْطُهِدْنَا، وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ فَانْصُرُونَا.
فَإذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلاَم أتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَهِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ، فَإذَا بَلَغَ ذَلِكَ الإمَامَ قَالَ لأصْحَابِهِ: ألاَ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ أهْلَ مَكَّةَ لاَ يُريدُونَنَا، فَلاَ يَدْعُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ طُوًى فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ حَتَّى يَأتِيَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَيُصَلّي فِيهِ عِنْدَ مَقَام إِبْرَاهِيمَ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر الأسْوَدِ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُصَلّي عَلَيْهِ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَم لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس.
فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يَضْربُ عَلَى يَدِهِ وَيُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَيَقُومُ مَعَهُمَا رَسُولُ اللهِ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ فَيَدْفَعَان إِلَيْهِ كِتَاباً جَدِيداً هُوَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ بِخَاتَم رَطْبٍ، فَيَقُولُونَ لَهُ: اعْمَلْ بِمَا فِيهِ، وَيُبَايِعُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَقَلِيلٌ: مِنْ أهْل مَكَّةَ.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَكُونَ فِي مِثْل الْحَلْقَةِ)، قُلْتُ: وَمَا الْحَلْقَةُ؟ قَالَ: (عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ يَهُزُّ الرَّايَةَ الْجَلِيَّةَ(7) وَيَنْشُرُهَا وَهِيَ رَايَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّحَابَةُ، وَدِرْعُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّابِغَةُـ وَيَتَقَلَّدُ بِسَيْفِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذِي الْفَقَار).
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: (مَا مِنْ بَلْدَةٍ إِلاَّ يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلاَّ أهْلَ الْبَصْرَةِ، فَإنَّهُ لاَ يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْهَا أحَدٌ).
82 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَهُ كَنْزٌ بِالطَّالَقَان مَا هُوَ بِذَهَبٍ، وَلاَ فِضَّةٍ، وَرَايَةٌ لَمْ تُنْشَرْ مُنْذُ طُويَتْ، وَرجَالٌ كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ لاَ يَشُوبُهَا شَكٌّ فِي ذَاتِ اللهِ أشَدُّ مِنَ الْحَجَ،ر لَوْ حَمَلُوا عَلَى الْجِبَال لأزَالُوهَا، لاَ يَقْصِدُونَ بِرَايَاتِهِمْ بَلْدَةً إِلاَّ خَرَّبُوهَا، كَأنَّ عَلَى خُيُولِهِمُ الْعِقْبَانَ يَتَمَسَّحُونَ بِسَرْج الإمَام عليه السلام يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، وَيَحُفُّونَ بِهِ يَقُونَهُ بِأنْفُسِهِمْ فِي الْحُرُوبِ، وَيَكْفُونَهُ مَا يُريدُ فِيهِمْ.
رجَالٌ لاَ يَنَامُونَ اللَّيْلَ، لَهُمْ دَويٌّ فِي صَلاَتِهِمْ كَدَويَّ النَّحْل، يَبيتُونَ قِيَاماً عَلَى أطْرَافِهِمْ، وَيُصْبِحُونَ عَلَى خُيُولِهِمْ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْل لُيُوثٌ بِالنَّهَار، هُمْ أطْوَعُ لَهُ مِنَ الأمَةِ لِسَيَّدِهَا، كَالْمَصَابِيح كَأنَّ قُلُوبَهُمُ الْقَنَادِيلُ، وَهُمْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ مُشْفِقُونَ يَدْعُونَ بِالشَّهَادَةِ، وَيَتَمَنَّوْنَ أنْ يُقْتَلُوا فِي سَبِيل اللهِ، شِعَارُهُمْ: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْن، إِذَا سَارُوا يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهُمْ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، يَمْشُونَ إِلَى الْمَوْلَى إِرْسَالاً، بِهِمْ يَنْصُرُ اللهُ إِمَامَ الْحَقَّ).
83 _ وَبِالإسْنَادِ إِلَى الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يُبَايَعُ الْقَائِمُ بِمَكَّةَ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَيَسْتَعْمِلُ عَلَى مَكَّةَ، ثُمَّ يَسِيرُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَيَبْلُغُهُ أنَّ عَامِلَهُ قُتِلَ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ، وَلاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَالْوَلاَيَةِ لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوَّهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْبَيْدَاءَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ).
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: (يَخْرُجُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُقِيمُ بِهَا مَا شَاءَ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ وَيَسْتَعْمِلُ عَلَيْهَا رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَإذَا نَزَلَ الشَّفْرَةَ جَاءَهُمْ كِتَابُ السُّفْيَانِيَّ: إِنْ لَمْ تَقْتُلُوهُ لأقْتُلَنَّ مُقَاتِلِيكُمْ وَلأسْبِيَنَّ ذَرَاريَّكُمْ، فَيُقْبِلُونَ عَلَى عَامِلِهِ فَيَقْتُلُونَهُ.
فَيَأتِيهِ الْخَبَرُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ وَيَقْتُلُ قُرَيْشاً حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ إِلاَّ اُكْلَةُ كَبْشٍ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَسْتَعْمِلُ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَيُقْبِلُ وَيَنْزلُ النَّجَفَ).
84 _ أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ أحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرهِ بِأسَانِيدِهِمْ عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَوْمُ النَّيْرُوز هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَوُلاَةَ الأمْر، وَيُظْفِرُهُ اللهُ تَعَالَى بِالدَّجَّال، فَيَصْلِبُهُ عَلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ، وَمَا مِنْ يَوْم نَيْرُوزٍ إِلاَّ وَنَحْنُ نَتَوَقَّعُ فِيهِ الْفَرَجَ لأنَّهُ مِنْ أيَّامِنَا حَفِظَتْهُ الْفُرْسُ وَضَيَّعْتُمُوهُ)(8).
* * *
باب (27): سيره وأخلاقه وعدد أصحابه وخصائص زمانه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه وعلى آبائه
1 _ قرب الإسناد: هَارُونُ، عَن ابْن زيَادٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليهما السلام، قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا اضْمَحَلَّتِ الْقَطَائِعُ فَلاَ قَطَائِعَ)(9).
2 _ الخصال: ابْنُ مُوسَى، عَنْ حَمْزَةَ بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ وَأبِي الْحَسَن عليهما السلام قَالاَ: (لَوْ قَدْ قَامَ الْقَائِمُ لَحَكَمَ بِثَلاَثٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا أحَدٌ قَبْلَهُ: يَقْتُلُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ، وَيَقْتُلُ مَانِعَ الزَّكَاةِ، وَيُوَرَّثُ الأخَ أخَاهُ فِي الأظِلَّةِ(10))(11).
3 _ الخصال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ مُصْعَبِ بْن يَزيدَ، عَن الْعَوَّام أبِي الزُّبَيْر، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يُقْبِلُ الْقَائِمُ عليه السلام فِي خَمْسَةٍ وَأرْبَعِينَ رَجُلاً مِنْ تِسْعَةِ أحْيَاءٍ: مِنْ حَيًّ رَجُلٌ، وَمِنْ حَيًّ رَجُلاَن، وَمِنْ حَيًّ ثَلاَثَةٌ، وَمِنْ حَيًّ أرْبَعَةٌ، وَمِنْ حَيًّ خَمْسَةٌ، وَمِنْ حَيًّ سِتَّةٌ، وَمِنْ حَيًّ سَبْعَةٌ، وَمِنْ حَيًّ ثَمَانِيَةٌ، وَمِنْ حَيًّ تِسْعَةٌ، وَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ لَهُ الْعَدَدُ)(12).
4 _ عيون أخبار الرضا: أحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الدَّوَالِيبيُّ(13)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم لاُبَيَّ بْن كَعْبٍ فِي وَصْفِ الْقَائِم عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى رَكَّبَ فِي صُلْبِ الْحَسَن عليه السلام(14) نُطْفَةً مُبَارَكَةً زَكِيَّةً طَيَّبَةً طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً، يَرْضَى بِهَا كُلُّ مُؤْمِنٍ مِمَّنْ قَدْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الْوَلاَيَةِ، وَيَكْفُرُ بِهَا كُلُّ جَاحِدٍ، فَهُوَ إِمَامٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ سَارٌّ مَرْضِيٌّ هَادٍ مَهْدِيٌّ يَحْكُمُ بِالْعَدْل وَيَأمُرُ بِهِ، يُصَدَّقُ اللهَ عزّ وجل وَيُصَدَّقُهُ اللهُ فِي قَوْلِهِ.
يَخْرُجُ مِنْ تِهَامَةَ حِينَ تَظْهَرُ الدَّلاَئِلُ وَالْعَلاَمَاتُ، وَلَهُ كُنُوزٌ لاَ ذَهَبٌ وَلاَ فِضَّةٌ إِلاَّ خُيُولٌ مُطَهَّمَةٌ(15)، وَرجَالٌ مُسَوَّمَةٌ، يَجْمَعُ اللهُ لَهُ مِنْ أقَاصِي الْبِلاَدِ عَلَى عِدَّةِ أهْل‏ بَدْرٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مَعَهُ صَحِيفَةٌ مَخْتُومَةٌ فِيهَا عَدَدُ أصْحَابِهِ بِأسْمَائِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ وَطَبَائِعِهِمْ وَحُلاَهُمْ وَكُنَاهُمْ كَدَّادُونَ مُجِدُّونَ فِي طَاعَتِهِ).
الهوامش:
(1) في المصدر إضافة: (في) بين معقوفتين.
(2) روضة الكافي: 310/ ح 484.
(3) لم نعثر على كتاب السيّد علي بن عبد الحميد هذا.
(4) آل عمران: 33.
(5) البقرة: 148.
(6) في الأصل المطبوع: (الراية المعلّقة)، وهو تصحيف.
(7) سيجيء تحت الرقم (152) من الباب الآتي أنَّها الراية المغلبّة.
(8) المهذب البارع: 195.
(9) قرب الإسناد: 80/ ح 260، وفيه: (وعنه - يعني مسعدة بن زياد - عن جعفر، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالنزول على أهل الذمة ثلاثة أيّام، وقال: (إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع))، والقطائع: جمع قطيعة وهي ما يقطع من أرض الخراج لواحد يسكنها ويعمرها.
(10) يعني عالم الأشباح والأرواح قبل هذا العالم.
(11) الخصال 1: 169/ باب الثلاثة/ ح 223.
(12) الخصال 2: 169/ باب التسعة/ ح 26.
(13) في المصدر: (أبو الحسن علي بن ثابت الدواليني) ، وقال المصحّح: هكذا في أكثر النسخ الخطّية التي بأيدينا والنسخة الجديدة المطبوعة من العيون، وفي البحار: (أحمد بن علي بن ثابت)، وكذا في بعض النسخ الخطّية من العيون والنسخة المطبوعة القديمة ولا بدَّ من التتبّع. (( أقول: الرجل هو أبو الحسن أحمد بن محمّد بن علي بن ثابت الأزجي الدنابي بالضمّ. على ما في القاموس وكان محدّثا سمع عنه الصدوق بمدينة السلام سنة (352هـ) هذا الحديث رواه في العيون بتمامه، ونقل عنه المصنّف ما يناسب هذا الباب من آخر الحديث، ورواه في (كمال الدين 1: 380 - 384) من طبعة الإسلاميّة، وفيه: (حدَّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدولاني بمدينة السلام، قال: حدَّثنا محمّد بن الفضل النحوي، قال: حدَّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصمد...) الخ، فالدواليبي والدواليني، والدولاني كلّها مصحَّف عن الدنابي.
(14) يعني الحسن بن علي العسكري عليهما السلام، وفي الأصل المطبوع: (في صلب الحسين) وهو تصحيف، والحديث في النصّ على الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام فاقتطع المؤلّف رحمه الله ما يتعلَّق بالحجّة ابن الحسن العسكري عليه السلام.
(15) المطهّم: التامّ كلّ شيء منه على حدته. فهو بارع الجمال، (الصحاح 5: 1977). يقال: جواد مطهم أي تام الحسن، وهو من أوصاف الخيل، والمسوم: المعلَّم بعلامة يعرف بها، وكان ذلك من دأب الشجعان عند الحرب يعلمون بريش طائر أو سومة صوف أو عمامة، وقد نزلت الملائكة يوم بدر وكانت سيماهم عمائم بيضاً قد أرسلوها على ظهورهم إلاَّ جبريل فكانت عمامته صفراء، ومنه قول سحيم بن وثيل الرياحي:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني
******************
فَقَالَ لَهُ اُبَيٌّ: وَمَا دَلاَئِلُهُ وَعَلاَمَاتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ لَهُ: (عَلَمٌ إِذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ انْتَشَرَ ذَلِكَ الْعَلَمُ مِنْ نَفْسِهِ، وَأنْطَقَهُ اللهُ عزّ وجل، فَنَادَاهُ الْعَلَمُ: اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللهِ فَاقْتُلْ أعْدَاءَ اللهِ، وَهُمَا آيَتَان، وَعَلاَمَتَان(1).
وَلَهُ سَيْفٌ مُغَمَّدٌ، فَإذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ اقْتَلَعَ ذَلِكَ السَّيْفُ مِنْ غِمْدِهِ وَأنْطَقَهُ اللهُ عزّ وجل فَنَادَاهُ السَّيْفُ: اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللهِ فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أنْ تَقْعُدَ عَنْ أعْدَاءِ اللهِ، فَيَخْرُجُ وَيَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَيْثُ ثَقِفَهُمْ، وَيُقِيمُ حُدُودَ اللهِ، وَيَحْكُمُ بِحُكْم اللهِ يَخْرُجُ وَجَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسْرَتِهِ، وَسَوْفَ تَذْكُرُونَ مَا أقُولُ لَكُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَاُفَوَّضُ أمْري إِلَى اللهِ عزّ وجل.
يَا اُبَيُّ! طُوبَى لِمَنْ لَقِيَهُ، وَطُوبَى لِمَنْ أحَبَّهُ، وَطُوبَى لِمَنْ قَالَ بِهِ، يُنْجِيهِمْ(2) مِنَ الْهَلَكَةِ، وَبالإقْرَار بِاللهِ وَبرَسُولِهِ وَبجَمِيع الأئِمَّةِ يَفْتَحُ اللهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ، مَثَلُهُمْ فِي الأرْض كَمَثَل الْمِسْكِ الَّذِي يَسْطَعُ ريحُهُ فَلاَ يَتَغَيَّرُ أبَداً، وَمَثَلُهُمْ فِي السَّمَاءِ كَمَثَل الْقَمَر الْمُنِير الَّذِي لاَ يُطْفَاُ نُورُهُ أبَداً).
قَالَ اُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ حَالُ بَيَان هَؤُلاَءِ الأئِمَّةِ عَن اللهِ عزّ وجل؟
قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى أنْزَلَ عَلَيَّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صَحِيفَةً اسْمُ كُلّ إِمَام عَلَى خَاتَمِهِ وَصِفَتُهُ فِي صَحِيفَتِهِ)(3).
بيان: تمام الخبر في باب النصّ على الاثني عشر عليهم السلام(4)، والمطهم كمعظم السمين الفاحش السمن والتام من كلّ شيء، وقال الجزري فيه أنَّه قال يوم بدر: سوّموا فإنَّ الملائكة قد سوَّمت أي اعلمو(5) لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضاً والسومة والسمة العلامة(6).
5 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرض(7): ابْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ فُرَاتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْهَمْدَانِيَّ، عَن الْعَبَّاس بْن عَبْدِ اللهِ الْبُخَاريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الْهَرَويَّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمَّا عُرجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ نُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّي وَسَعْدَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ أنْتَ عَبْدِي وَأنَا رَبُّكَ فَإيَّايَ فَاعْبُدْ، وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ، فَإنَّكَ نُوري فِي عِبَادِي وَرَسُولِي إِلَى خَلْقِي، وَحُجَّتِي عَلَى بَريَّتِي لَكَ وَلِمَنْ تَبَعَكَ خَلَقْتُ جَنَّتِي، وَلِمَنْ خَالَفَكَ خَلَقْتُ نَاري، وَلأوْصِيَائِكَ أوْجَبْتُ كَرَامَتِي، وَلِشِيعَتِهِمْ أوْجَبْتُ ثَوَابِي.
فَقُلْتُ: يَا رَبَّ وَمَنْ أوْصِيَائِي؟ فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ أوْصِيَاؤُكَ الْمَكْتُوبُونَ إِلَى سَاقِ عَرْشِي، فَنَظَرْتُ وَأنَا بَيْنَ يَدَيْ رَبَّي جلّ جلاله إِلَى سَاقِ الْعَرْش، فَرَأيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ نُوراً فِي كُلّ نُورٍ سَطْرٌ أخْضَرُ عَلَيْهِ اسْمُ وَصِيًّ مِنْ أوْصِيَائِي أوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمْ مَهْدِيُّ اُمَّتِي.
فَقُلْتُ: يَا رَبَّ هَؤُلاَءِ أوْصِيَائِي بَعْدِي؟ فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ هَؤُلاَءِ أوْلِيَائِي وَأحِبَّائِي وَأصْفِيَائِي، وَحُجَجِي بَعْدَكَ عَلَى بَريَّتِي، وَهُمْ أوْصِيَاؤُكَ وَخُلَفَاؤُكَ وَخَيْرُ خَلْقِي بَعْدَكَ، وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَظْهِرَنَّ بِهِمْ دِينِي وَلاَعْلِيَنَّ بِهِمْ كَلِمَتِي، وَلاَطَهَّرَنَّ الأرْضَ بِآخِرهِمْ مِنْ أعْدَائِي، وَلاَمَلّكَنَّهُ(8) مَشارقَ الأرْض وَمَغاربَهَا، وَلاَسَخّرَنَّ لَهُ الرَّيَاحَ، وَلاَذَلّلَنَّ لَهُ السَّحَابَ الصّعَابَ، وَلاَرَقّيَنَّهُ فِي الأسْبَابِ، وَلأنْصُرَنَّهُ بِجُنْدِي، وَلأمُدَّنَّهُ بِمَلاَئِكَتِي، حَتَّى يُعْلِنَ دَعْوَتِي، وَيَجْمَعَ الْخَلْقَ عَلَى تَوْحِيدِي ثُمَّ لاَدِيمَنَّ مُلْكَهُ، وَلاَدَاولَنَّ الأيَّامَ بَيْنَ أوْلِيَائِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ...).
بيان: تمام الخبر في باب فضلهم على الملائكة، والمراد بالأسباب طرق السماوات كما في قوله تعالى حكاية عن فرعون: ((لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَْسْبابَ * أَسْبابَ السَّماواتِ))(9) أو الوسائل التي يتوصّل بها إلى مقاصده كما في قوله تعالى: ((ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً))(10) والأوّل أظهر كما سيأتي في الخبر.
قال الطبرسي في تفسير الأولى: المعنى لعلّي أبلغ! الطرق من سماء إلى سماء، وقيل: أبلغ أبواب طرق السماوات، وقيل: منازل السماوات، وقيل: أتسبب وأتوصّل به إلى مرادي وإلى علم ما غاب عنّي(11).
6 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْهَرَويَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا تَقُولُ فِي حَدِيثٍ رُويَ عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ قَتَلَ ذَرَاريَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْن عليه السلام بِفِعَال آبَائِهَا)؟
فَقَالَ عليه السلام: (هُوَ كَذَلِكَ)، فَقُلْتُ: وَقَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى))‏(12) مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: (صَدَقَ اللهُ فِي جَمِيع أقْوَالِهِ، وَلَكِنْ ذَرَاريُّ قَتَلَةِ الْحُسَيْن عليه السلام يَرْضَوْنَ بِفِعَال آبَائِهِمْ وَيَفْتَخِرُونَ بِهَا، وَمَنْ رَضِيَ شَيْئاً كَانَ كَمَنْ أتَاهُ، وَلَوْ أنَّ رَجُلاً قُتِلَ بِالْمَشْرقِ فَرَضِيَ بِقَتْلِهِ رَجُلٌ بِالْمَغْربِ، لَكَانَ الرَّاضِي عِنْدَ اللهِ عزّ وجل شَريكَ الْقَاتِل، وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُمُ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا خَرَجَ لِرضَاهُمْ بِفِعْل آبَائِهِمْ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بِأيَّ شَيْءٍ يَبْدَاُ الْقَائِمُ مِنْكُمْ(13) إِذَا قَامَ؟ قَالَ: (يَبْدَاُ بِبَني شَيْبَةَ فَيَقْطَعُ أيْدِيَهُمْ لأنَّهُمْ سُرَّاقُ بَيْتِ اللهِ عزّ وجل)(14).
7 _ بصائر الدرجات: حَمْزَةُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الرَّبْعِيَّ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى ابْن هُبَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ يَسِيرُ الْقَائِمُ بِسِيرَةِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ فِي أهْل السَّوَادِ؟ فَقَالَ: (لاَ، يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ سَارَ فِي أهْل السَّوَادِ بِمَا فِي الْجَفْر الأبْيَض، وَإِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ فِي الْعَرَبِ بِمَا فِي الْجَفْر الأحْمَر)، قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا الْجَفْرُ الأحْمَرُ؟ قَالَ: فَأمَرَّ إِصْبَعَهُ عَلَى حَلْقِهِ فَقَالَ: (هَكَذَا _ يَعْنِي الذَّبْحَ _)، ثُمَّ قَالَ: (يَا رُفَيْدُ إِنَّ لِكُلّ أهْل بَيْتٍ نَجِيب(15) شَاهِداً عَلَيْهِمْ شَافِعاً لأمْثَالِهِمْ)(16).
بيان: المراد بالنجيب كلّ الأئمّة عليهم السلام أو القائم عليه السلام، والأوّل أظهر.
8 _ علل الشرائع: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، (عَنْ سَعْدٍ)(17)، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِي زُهَيْرٍ شَبِيبِ بْن أنَسٍ،‏ عَنْ بَعْض أصْحَابِ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ أبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أخْبِرْني عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ))(18) أيْنَ ذَلِكَ مِنَ الأرْض؟).
قَالَ: أحْسَبُهُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَالْتَفَتَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِلَى أصْحَابِهِ فَقَالَ: (أتَعْلَمُونَ أنَّ النَّاسَ يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، فَتُؤْخَذُ أمْوَالُهُمْ، وَلاَ يَأمَنُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَيُقْتَلُونَ؟)، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَسَكَتَ أبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: (يَا بَا حَنِيفَةَ أخْبِرْني عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً))(19) أيْنَ ذَلِكَ مِنَ الأرْض؟).
قَالَ: الْكَعْبَةُ، قَالَ: (أفَتَعْلَمُ أنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حِينَ وَضَعَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى ابْن الزُّبَيْر فِي الْكَعْبَةِ فَقَتَلَهُ كَانَ آمِناً فِيهَا؟)، قَالَ: فَسَكَتَ.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ أبُو بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الْجَوَابُ فِي الْمَسْألَتَيْن؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَكْرٍ ((سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)) فَقَالَ: مَعَ قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَأمَّا قَوْلُهُ: ((وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)) فَمَنْ بَايَعَهُ وَدَخَلَ مَعَهُ وَمَسَحَ عَلَى يَدِهِ وَدَخَلَ فِي عَقْدِ أصْحَابِهِ كَانَ آمِناً...) الْخَبَرَ(20).
9 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْن النُّعْمَان، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أمَا لَوْ قَامَ قَائِمُنَا لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاءُ حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ وَحَتَّى يَنْتَقِمَ لِابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ عليها السلام مِنْهَا).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَلِمَ يَجْلِدُهَا الْحَدَّ؟ قَالَ: (لِفِرْيَتِهَا عَلَى اُمَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ أخَّرَهُ اللهُ لِلْقَائِم عليه السلام؟ فَقَالَ لَهُ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم رَحْمَةً وَبَعَثَ الْقَائِمَ عليه السلام نَقِمَةً)(21).
أقول: قد مرَّت قصَّة فريّتها في كتاب أحوال نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم(22) وكتاب الفتن.
10 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عليه السلام وَقَدْ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر ثُمَّ يَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى بِاللهِ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى بِآدَمَ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى بِنُوح، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى بِإبْرَاهِيمَ عليه السلام، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُوسَى فَأنَا أوْلَى بِمُوسَى، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي عِيسَى فَأنَا أوْلَى بِعِيسَى، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأنَا أوْلَى بِمُحَمَّدٍ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى بِكِتَابِ اللهِ، ثُمَّ يَنْتَهِي إِلَى الْمَقَام فَيُصَلّي رَكْعَتَيْن وَيَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ).
الهوامش:
(1) في الأصل المطبوع وهكذا المصدر: (رايتان وعلامتان)، وهو تصحيف فإنَّ المراد: آيتان وعلامتان: أحدهما انتشار العلم من نفسه، والثاني نداؤه.
(2) في المصدر إضافة: (الله به).
(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 59 - 64.
(4) راجع (ج 36/ ص 204) من المطبوعة.
(5) في المصدر: (اعملوا).
(6) النهاية 2: 425.
(7) تراه في علل الشرائع 1: 5 - 7/ باب 7/ ح 1؛ وفي عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 237 و238/ ح 22؛ والحديث مختصر ذكر المصنّف رحمه الله ذيل الخبر، وقد رواه الصدوق في كمال الدين 1: 254 - 254/ باب 23/ ح 4، فكان ينبغي أن يذكر (كمال الدين) أيضاً.
(8) في علل الشرائع: (ولأمكننه).
(9) غافر: 36 و37.
(10) الكهف: 90.
(11) مجمع البيان 8 : 524.
(12) الأنعام: 164.
(13) في علل الشرائع: (فيهم).
(14) علل الشرائع: 229/ باب 164/ ح 1؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 273/ باب 28.
(15) في المصدر: (مجيباً).
(16) بصائر الدرجات: 172 و173/ جزء 3/ باب 14/ ح 4.
(17) من المصدر.
(18) السبأ: 18.
(19) آل عمران: 97.
(20) تراه في علل الشرائع: 89 - 91/ باب 81/ ح 5، والحديث مختصر؛ وقد روى الكليني في الروضة (ص 311) مثل ذلك في قتادة بن دعامة.
وفي بعض الروايات أنَّه دخل على أبي جعفر عليه السلام قاض من قضاة الكوفة ولم يسمّه، وفي بعضها أنَّه الحسن البصري.
وقال المصنّف في شرح الحديث: اعلم أنَّ المشهور بين المفسّرين أنَّ الآية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبأ، ولكن يظهر من كثير من أخبارنا أنَّ الأمر متوجّه إلى هذه الأمّة أو الخطاب عام يشملهم.
(21) رواه الصدوق في نوادر كتابه علل الشرائع: 579 و580/ باب 385/ ح 10.
(22) وممَّا أخرجه المصنّف رحمه الله في باب عدد أولاد النبيّ وأحوالهم من الطبعة الحديثة، ما هذا لفظه: (الخصال): فيما احتجَّ به أمير المؤمنين على أهل الشورى، قال: (نشدتكم بالله هل علمتم أنَّ عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّ إبراهيم ليس منك وإنَّه ابن فلان القبطي!؟ قال: يا علي اذهب فاقتله، فقلت: يا رسول الله إذا بعثتني أكون كالمسمار المحماة في الوبر؟ أو أتثبت؟ قال: لا بل تثبت! فذهبت.
فلمَّا نظر إليَّ استند إلى الحائط فطرح نفسه فيه فطرحت نفسي على أثره فصعد على نخل وصعدت خلفه فلمَّا رآني قد صعدت رمى بإزاره فإذا ليس له شيء ممَّا يكون للرجال، فجئت فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: الحمد لله الذي صرف عنّا السوء أهل البيت)، فقالوا: اللهم لا، فقال: (اللهم اشهد).
******************
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (هُوَ وَاللهِ الْمُضْطَرُّ فِي كِتَابِ اللهِ فِي قَوْلِهِ: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأَْرْضِ))(1) فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ ثُمَّ الثَّلاَثَمِائَةِ وَالثَّلاَثَةَ عَشَرَ، فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالْمَسِير وَافَى(2)، وَمَنْ لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِير فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: هُمُ الْمَفْقُودُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3))، قَالَ: (((الْخَيْرات)) الْوَلاَيَةُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَرَ: ((وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(4) وَهُمْ وَاللهِ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام يَجْتَمِعُونَ وَاللهِ إِلَيْهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإذَا جَاءَ إِلَى الْبَيْدَاءِ يَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ الأرْضَ فَتَأخُذُ بِأقْدَامِهِمْ(5)، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ)) يَعْنِي الْقَائِمَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ...)) (إلى قوله:)(6) ((وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ)) يَعْنِي ألاَّ يُعَذَّبُوا، ((كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ)) يَعْنِي مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ(7) هَلَكُوا، ((إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ))(8))(9).
11 _ الخصال: الأرْبَعُمِائَةِ، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (بِنَا يَفْتَحُ اللهُ وَبِنَا يَخْتِمُ اللهُ وَبِنَا يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَبِنَا يُثْبِتُ وَبِنَا يَدْفَعُ اللهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ، وَبِنَا يُنَزَّلُ الْغَيْثَ، فَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ، مَا أنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ مُنْذُ حَبَسَهُ اللهُ عزّ وجل وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لأنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَلأخْرَجَتِ الأرْضُ نَبَاتَهَا، وَلَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ، وَاصْطَلَحَتِ السَّبَاعُ وَالْبَهَائِمُ، حَتَّى تَمْشِي الْمَرْأةُ بَيْنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّام، لاَ تَضَعُ قَدَمَيْهَا إِلاَّ عَلَى النَّبَاتِ، وَعَلَى رَأسِهَا زَبِيلُهَ(10)، لاَ يُهَيَّجُهَا سَبُعٌ وَلاَ تَخَافُهُ)(11).
12 _ الخصال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ رَبِيع بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن ثُوَيْر بْن أبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا أذْهَبَ اللهُ عزّ وجل عَنْ شِيعَتِنَا الْعَاهَةَ، وَجَعَلَ قُلُوبَهُمْ كَزُبَر الْحَدِيدِ، وَجَعَلَ قُوَّةَ الرَّجُل مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً، وَيَكُونُونَ حُكَّامَ الأرْض وَسَنَامَهَا)(12).
13 _ قصص الأنبياء: بِالإسْنَادِ عَن الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن الْمُفَضَّل، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمْدَانَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ مَرْيَمَ(13) بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أنَّهُ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، هُوَ مَنْزلُ إِدْريسَ عليه السلام، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ، وَمَا مِنْ يَوْم وَلاَ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَالْمَلاَئِكَةُ يَأوُونَ إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْبُدُونَ اللهَ فِيهِ، يَا بَا مُحَمَّدٍ أمَا إِنّي لَوْ كُنْتُ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ مَا صَلَّيْتُ صَلاَةً إِلاَّ فِيهِ، ثُمَّ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ اللهُ لِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(14).
14 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمِيَّ(15)، عَنْ أخَوَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ، عَنْ عَلِيَّ بْن يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيدِ بْن عُمَرَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل مِصْرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ قَائِمَنَا لَوْ قَدْ قَامَ لَقَدْ أخَذَ بَنِي شَيْبَةَ وَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وَطَافَ بِهِمْ وَقَالَ: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ اللهِ...) الْخَبَرَ(16).
15 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن ابْن قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أجْرُ شَهِيدَيْن، وَمَنْ قَتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أجْرُ عِشْرينَ شَهِيداً...)(17) الْخَبَرَ.
16 _ العدد القويّة: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم‏ لَيَنْبُتُ فِي قَلْبِ مَهْدِيَّنَا كَمَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ عَلَى أحْسَن نَبَاتِهِ، فَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ حَتَّى يَرَاهُ فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الْعِلْم، وَمَوْضِعَ الرَّسَالَةِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ)(18).
17 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(19)، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْكُوفِيَّ، عَن الْحَسَن بْن حَمَّادٍ الطَّائِيَّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (حَدِيثُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْتَمِلُهُ إِلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، أوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أوْ مُؤْمِنٌ مُمْتَحَنٌ، أوْ مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ، فَإذَا وَقَعَ أمْرُنَا وَجَاءَ مَهْدِيُّنَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا أجْرَى مِنْ لَيْثٍ، وَأمْضَى مِنْ سِنَانٍ، يَطَاُ عَدُوَّنَا بِرجْلَيْهِ، وَيَضْربُهُ بِكَفَّيْهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُول رَحْمَةِ اللهِ وَفَرَجِهِ عَلَى الْعِبَادِ)(20).
18 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى أبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا رُفَيْدُ كَيْفَ أنْتَ إِذَا رَأيْتَ أصْحَابَ الْقَائِم قَدْ ضَرَبُوا فَسَاطِيطَهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ أخْرَجَ الْمِثَالَ الْجَدِيدَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ؟)(21).
قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هُوَ؟ قَالَ: (الذَّبْحُ)، قَالَ: قُلْتُ: بِأيَّ شَيْءٍ يَسِيرُ فِيهِمْ، بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فِي أهْل السَّوَادِ؟ قَالَ: (لاَ، يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيّاً سَارَ بِمَا فِي الْجَفْر الأبْيَض، وَهُوَ الْكَفُّ، وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَإِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ بِمَا فِي الْجَفْر الأحْمَر وَهُوَ الذَّبْحُ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ لاَ يَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ)(22).
19 _ بصائر الدرجات: سَلَمَةُ بْنُ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنِيع بْن الْحَجَّاج الْبَصْريَّ، عَنْ مُجَاشِع، عَنْ مُعَلًّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَيْض، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: (كَانَ عَصَا مُوسَى عليه السلام لآِدَمَ فَصَارَتْ إِلَى شُعَيْبٍ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام وَإِنَّهَا لَعِنْدَنَا، وَإِنَّ عَهْدِي بِهَا آنِفاً وَهِيَ خَضْرَاءُ كَهَيْئَتِهَا حِينَ انْتُزعَتْ مِنْ شَجَرهَا، وَإِنَّهَا لَتَنْطِقُ إِذَا اسْتُنْطِقَتْ، اُعِدَّتْ لِقَائِمِنَا لِيَصْنَعَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَصْنَعُ بِهَا، وَإِنَّهَا لَتَرُوعُ وَتَلْقَفُ ما يَأفِكُونَ وَتَصْنَعُ كَمَا تُؤْمَرُ، وَإِنَّهَا حَيْثُ أقْبَلَتْ تَلْقَفُ(23) ما يَأفِكُونَ تُفْتَحُ لَهَا شَفَتَان(24) إِحْدَاهُمَا فِي الأرْض وَالاُخْرَى فِي السَّقْفِ‏(25) وَبَيْنَهُمَا أرْبَعُونَ ذِرَاعاً، وَتَلْقَفُ ما يَأفِكُونَ بِلِسَانِهَا)(26).
كمال الدين: أبي، عن محمّد بن يحيى، عن سلمة، مثله(27).
20 _ بصائر الدرجات: ابْنُ هَاشِم، عَن الْبَرْقِيَّ، عَن الْبَزَنْطِيَّ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْحَذَّاءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي اُريدُ أنْ أمَسَّ(28) صَدْرَكَ، فَقَالَ: (افْعَلْ!)، فَمَسِسْتُ صَدْرَهُ وَمَنَاكِبَهُ، فَقَالَ: (وَلِمَ يَا بَا مُحَمَّدٍ؟).
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي سَمِعْتُ أبَاكَ وَهُوَ يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ وَاسِعُ الصَّدْر، مُسْتَرْسِلُ الْمَنْكِبَيْن، عَريضُ مَا بَيْنَهُمَا).
فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّ أبِي لَبِسَ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَانَتْ تُسْحَبُ عَلَى الأرْض وَإِنّي لَبِسْتُهَا فَكَانَتْ وَكَانَتْ، وَإِنَّهَا تَكُونُ مِنَ الْقَائِم كَمَا كَانَتْ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مُشَمَّرَةً كَأنَّهُ تُرْفَعُ نِطَاقُهَا بِحَلْقَتَيْن، وَلَيْسَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مَنْ جَازَ أرْبَعِينَ)(29).
الخرائج والجرائح: عَنْ أبِي بَصِيرٍ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (وَهِيَ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الأمْر مُشَمَّرَةٌ كَمَا كَانَتْ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(30).
إيضاح: قوله عليه السلام: (فكانت وكانت) أي كانت قريبة من الاستواء والتقدير وكانت مستوية وكانت زائدة، قوله عليه السلام: (مشمرة) أي مرتفعة أذيالها عن الأرض والمراد بنطاقها ما يرسل قدامها، والمعنى أنَّها كانت قصيرة عليه، بحيث يظنّ الرائي أنَّه رفع نطاقها وشدَّها على وسطه بحلقتين.
وفي بعض النسخ: (كانت) ولعلَّ المعنى أنَّه صلى الله عليه وآله وسلّم كان يشدّها لسهولة الحركات لا لطولها ويحتمل أن يكون المراد بالنطاق التي تشدّ فوق الدرع.
قوله عليه السلام: (من جاز أربعين) أي في الصورة أي صاحب هذا الأمر يرى دائماً أنَّه في سن أربعين ولا يؤثّر فيه الشيب ولا يغيّره.
21 _ بصائر الدرجات: عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حَريزٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لَنْ تَذْهَبَ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَحْكُمُ بِحُكْم دَاوُدَ(31) وَآل دَاوُدَ لاَ يَسْألُ النَّاسَ بَيَّنَةً)(32).
22 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنّي يَحْكُمُ بِحُكُومَةِ آل دَاوُدَ لاَ يَسْألُ عَنْ بَيَّنَةٍ، يُعْطِي كُلَّ نَفْسٍ حُكْمَهَا)(33).
23 _ بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أنْبِيَاءُ أنْتُمْ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ لاَ أتَّهِمُ أنَّكَ قُلْتَ إِنَّكُمْ أنْبِيَاءُ، قَالَ: (مَنْ هُوَ أبُو الْخَطَّابِ؟)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (كُنْتَ إِذاً أهْجَرَ (كُنْتُ إِذاً أهْجُرُ))، قَالَ: قُلْتُ: فَبِمَا تَحْكُمُونَ؟ قَالَ: (نَحْكُمُ بِحُكْم آل دَاوُدَ)(34).
بيان: قوله عليه السلام: (كنت إذاً أهجر) على صيغة الخطاب وأهجر على أفعل التفضيل من الهجر بمعنى الهذيان أي الآن حيث ظهر أنَّك اعتمدت على قول أبي الخطاب الكذّاب ظهر كثرة هذيانك، أو على صيغة التكلّم وكذا (أهجر) أيضاً على التكلّم ويكون على الاستفهام التوبيخي أي على قولك حيث تصدق أبا الخطاب في ذلك، فأنا عند هذا القول كنت هاذياً، إذ لا يصدر من العاقل مثل ذلك في حال العقل.
24 _ بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ فُضَيْلٍ الأعْوَر، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ، عَنْهُ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ حَكَمَ بِحُكْم دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لاَ يَسْألُ النَّاسَ بَيَّنَةً)(35).
25 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: عَن الْحَسَن بْن طَريفٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريَّ عليه السلام أسْألُهُ عَن الْقَائِم إِذَا قَامَ بِمَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاس؟ وَأرَدْتُ أنْ أسْألَهُ عَنْ شَيْءٍ لِحُمَّى الرَّبْع فَأغْفَلْتُ ذِكْرَ الْحُمَّى فَجَاءَ الْجَوَابُ: (سَألْتَ عَن الإمَام فَإذَا قَامَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاس بِعِلْمِهِ كَقَضَاءِ دَاوُدَ عليه السلام لاَ يَسْألُ الْبَيَّنَةَ...)(36) الْخَبَرَ.
26 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِم، عَنْ سُلَيْمَانَ(37) الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ مُعَاويَةَ الدُّهْنِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالأَْقْدامِ))(38)، فَقَالَ: (يَا مُعَاويَةُ مَا يَقُولُونَ فِي هَذَا؟)، قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أنَ‏ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْرفُ الْمُجْرمِينَ بِسِيمَاهُمْ فِي الْقِيَامَةِ، فَيَأمُرُ بِهِمْ، فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأقْدَامِهِمْ، فَيُلْقَوْنَ فِي النَّار، فَقَالَ لِي: (وَكَيْفَ يَحْتَاجُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى مَعْرفَةِ خَلْقٍ أنْشَأهُمْ وَهُمْ خَلْقُهُ(39)؟)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ: (لَوْ قَامَ قَائِمُنَا أعْطَاهُ اللهُ السَّيمَاءَ فَيَأمُرُ بِالْكَافِر فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأقْدَامِهِمْ ثُمَّ يَخْبِطُ بِالسَّيْفِ خَبْطاً)(40).
بيان: (الخبط) الضرب الشديد.
27 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ وَأبُو سَلاَّم، عَنْ سَوْرَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْن قَدْ خُيَّرَ السَّحَابَيْن فَاخْتَارَ الذَّلُولَ، وَذَخَرَ لِصَاحِبكُمُ الصَّعْبَ)، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الصَّعْبُ؟ قَالَ: (مَا كَانَ مِنْ سَحَابٍ فِيهِ رَعْدٌ وَصَاعِقَةٌ أوْ بَرْقٌ فَصَاحِبُكُمْ يَرْكَبُهُ أمَا إِنَّهُ سَيَرْكَبُ السَّحَابَ، وَيَرْقَى فِي الأسْبَابِ أسْبَابِ السَّمَاوَاتِ السَّبْع، وَالأرَضِينَ السَّبْع، خَمْسٌ عَوَامِرُ وَاثْنَتَان خَرَابَان)(41).
بصائر الدرجات: أحمد بن محمّد، عن علي بن سنان، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(42).
الاختصاص: ابن عيسى، عن ابن سنان، عمَّن حدَّثه، عن عبد الرحيم، مثله(43).
28 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ أبِي يَحْيَى، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ خَيَّرَ ذَا الْقَرْنَيْن السَّحَابَيْن الذَّلُولَ وَالصَّعْبَ، فَاخْتَارَ الذَّلُولَ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ بَرْقٌ وَلاَ رَعْدٌ، وَلَو اخْتَارَ الصَّعْبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لأنَّ اللهَ ادَّخَرَهُ(44) لِلْقَائِم عليه السلام)(45).
29 _ كمال الدين: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَعْبَدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرَّضَا عليه السلام: (لاَ دِينَ لِمَنْ لاَ وَرَعَ لَهُ، وَلاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ تَقِيَّةَ لَهُ، إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل أعْمَلُكُمْ بِالتَّقِيَّةِ(46) قَبْلَ خُرُوج قَائِمِنَا فَمَنْ تَرَكَهَا قَبْلَ خُرُوج قَائِمِنَ(47) فَلَيْسَ مِنَّا).
الهوامش:
(1) النمل: 62.
(2) في المصدء: (وافاه).
(3) البقرة: 148.
(4) هود: 8 .
(5) في المصدر: (أقدامهم).
(6) من المصدر.
(7) في المصدر إضافة: (من المكذّبين).
(8) السبأ: 51 - 54.
(9) تفسير القمي 2: 205.
(10) في المصدر: (زينتها).
(11) الخصال 2: 626/ باب أبواب المائة فما فوق/ ح 10.
(12) الخصال 2: 541/ باب أبواب الأربعين وما فوق/ ح 14.
(13) في المصدر: (مرازم).
(14) قصص الأنبياء: 80/ باب 2/ ح 63.
(15) في المصدر: (الميثمي).
(16) تراه في علل الشرائع: 231 و232/ مجلس 9/ ح 410، وما ذكره المصنّف رحمه الله ذيل حديث لا صدره.
(17) أمالي الطوسي: 231 و232/ مجلس 9/ ح 5، وله صدر.
(18) العدد القوية: 65/ يوم 15/ ح 90.
(19) في المصدر: (جعفر).
(20) بصائر الدرجات: 44/ جزء 1/ باب 11/ ح 17.
(21) في المصدر: (الشديد).
(22) بصائر الدرجات: 175/ جزء 3/ باب 14/ ح 13.
(23) عبارة: (ما يأفكون) حتَّى (في السقف) ليست في المصدر.
(24) لها شعبتان (خ ل)، وهكذا في رواية الكافي (ج 1/ ص 231)، ولم يخرّجه المصنّف.
(25) عبارة: (وبينها) حتَّى (بلسانها) ليست في المصدر.
(26) بصائر الدرجات: 203 و204/ جزء 4/ باب 4/ ح 36، وليس فيه باقي الخبر.
(27) كمال الدين 2: 673/ باب 58/ ح 27.
(28) في المصدر: (ألمس).
(29) بصائر الدرجات: 208 و209/ جزء 4/ باب 4/ ح 56.
(30) الخرائج والجرائح 2: 691/ باب 14/ ح 2.
(31) عبارة: (آل داود) ليست في المصدر.
(32) بصائر الدرجات: 279/ جزء 5/ باب 15/ ح 4؛ ورواه والذي بعده الكليني في الكافي 1: 397، فراجع.
(33) بصائر الدرجات: 278/ جزء 5/ باب 15/ ح 1.
(34) بصائر الدرجات: 278/ جزء 5/ باب 15/ ح 2.
(35) بصائر الدرجات: 279/ جزء 5/ باب 15/ ح 3.
(36) دعوات الراوندي: 209/ ح 567.
(37) في المصدر: (عن أبي سليمان).
(38) الرحمن: 41.
(39) في الاختصاص: (الخلق بسيما وهو خلقهم) بدل (خلق أنشأهم وهم خلقه).
(40) الاختصاص: 304؛ بصائر الدرجات: 376/ جزء 7/ باب 17/ ح 8 .
(41) الاختصاص: 199؛ بصائر الدرجات: 429/ جزء 8/ باب 15/ ح 3.
(42) بصائر الدرجات: 428/ جزء 8/ باب 15/ ح 1.
(43) الاختصاص: 199.
(44) في البصائر: (أذخره).
(45) الاختصاص: 326؛ بصائر الدرجات: 429/ جزء 8/ باب 15/ ح 4.
(46) في المصدر: (فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: (إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت فمن ترك التقيّة)).
(47) عبارة: (فمن تركها قبل خروج قائمنا) ليست في المصدر.
******************
عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام أتَى رَحْبَةَ الْكُوفَةِ فَقَالَ بِرجْلِهِ هَكَذَا _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِع _ ثُمَّ قَالَ: احْفِرُوا هَاهُنَا، فَيَحْفِرُونَ فَيَسْتَخْرجُونَ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ دِرْع وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ سَيْفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ بَيْضَةٍ لِكُلّ بَيْضَةٍ وَجْهَان، ثُمَّ يَدْعُو اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ رَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَم فَيُلْبِسُهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْكُمْ فَاقْتُلُوهُ).
180 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ بَدْر بْن خَلِيلٍ الأزْدِيَّ(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ))(2) قَالَ:
(إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام وَبَعَثَ إِلَى بَنِي اُمَيَّةَ بِالشَّام هَرَبُوا إِلَى الرُّوم فَيَقُولُ لَهُمُ الرُّومُ: لاَ نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَتَنَصَّرُوا، فَيُعَلّقُونَ فِي أعْنَاقِهِمُ الصُّلْبَانَ وَيُدْخِلُونَهُمْ، فَإذَا نَزَلَ بِحَضْرَتِهِمْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام طَلَبُوا الأمَانَ وَالصُّلْحَ فَيَقُولُ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام: لاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَدْفَعُوا إِلَيْنَا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَّا، قَالَ: فَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)))، قَالَ: (يَسْألُهُمُ الْكُنُوزَ وَهُوَ أعْلَمُ بِهَا)، قَالَ: (فَيَقُولُونَ: ((يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(3) بِالسَّيْفِ)(4).
181 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: قَوْلُ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(5)، قَالَ: (لَمْ يَجِئْ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم رَخَّصَ لَهُمْ لِحَاجَتِهِ وَحَاجَةِ أصْحَابِهِ، فَلَوْ قَدْ جَاءَ تَأويلُهَا لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ حَتَّى يُوَحَّدَ اللهُ عزّ وجل وَحَتَّى لاَ يَكُونَ شِرْكٌ)(6).
182 _ الكافي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي نُصَيْرٍ(7)، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: وَأتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكُمْ أهْلُ بَيْتِ رَحْمَةٍ اخْتَصَّكُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا، فَقَالَ لَهُ: (كَذَلِكَ وَالْحَمْدُ للهِ، لاَ نُدْخِلُ أحَداً فِي ضَلاَلَةٍ وَلاَ نُخْرجُهُ مِنْ هُدًى، إِنَّ الدُّنْيَا لاَ تَذْهَبُ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ عزّ وجل رَجُلاً مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَعْمَلُ بِكِتَابِ اللهِ لاَ يَرَى مُنْكَراً إِلاَّ أنْكَرَهُ)(8).
183 _ أمالي الطوسي: الْفَحَّامُ، عَنْ عَمَّهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عليًّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أخِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، عَنْ أبِيهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ اللَّوْح: ((م ح م د) يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان عَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ بَيْضَاءُ تُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْس تُنَادِي بِلِسَانٍ فَصِيح يُسْمِعُهُ الثَّقَلَيْن وَالْخَافِقَيْن: هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ آل مُحَمَّدٍ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)(9).
184 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا، وأمالي الصدوق: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ الأزْدِيَّ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَن الثُّمَالِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الأئِمَّةُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أوَّلُهُمْ أنْتَ يَا عَلِيُّ وَآخِرُهُمُ الْقَائِمُ الَّذِي يَفْتَحُ اللهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى يَدَيْهِ مَشارقَ الأرْض وَمَغاربَهَا)(10).
185 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَن الصَّادِقِ عليه السلام، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لَمَّا اُسْريَ بِي أوْحَى إِلَيَّ رَبَّي جلّ جلاله...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (فَرَفَعْتُ رَأسِي فَإذَا أنَا بِأنْوَار عليًّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَعَلِيَّ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ وَجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْن جَعْفَرٍ وَعَلِيَّ بْن مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ وَالْحَسَن بْن عليًّ وَالْحُجَّةِ(11) بْن الْحَسَن الْقَائِم فِي وَسَطِهِمْ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ.
قُلْتُ: يَا رَبَّ مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الأئِمَّةُ، وَهَذَا الْقَائِمُ الَّذِي يُحِلُّ(12) حَلاَلِي وَيُحَرَّمُ حَرَامِي، وَبهِ أنْتَقِمُ مِنْ أعْدَائِي، وَهُوَ رَاحَةٌ لأوْلِيَائِي، وَهُوَ الَّذِي يَشْفِي قُلُوبَ شِيعَتِكَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَالْجَاحِدِينَ وَالْكَافِرينَ، فَيُخْرجُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى طَريَّيْن فَيُحْرقُهُمَا، فَلَفِتْنَةُ النَّاس بِهِمَا يَوْمَئِذٍ أشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الْعِجْل وَالسَّامِريَّ)(13).
186 _ الغيبة للنعماني: بِالإسْنَادِ الَّذِي سَبَقَ فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (آخِرُهُمُ اسْمُهُ عَلَى(14) اسْمِي يَخْرُجُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَأتِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَالُ كُدْسٌ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أعْطِني، فَيَقُولُ: خُذْ)(15).
187 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ السَّابِقِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَن ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ: (التَّاسِعُ مِنْهُمْ قَائِمُ أهْل بَيْتِي وَمَهْدِيُّ اُمَّتِي، أشْبَهُ النَّاس بِي فِي شَمَائِلِهِ وَأقْوَالِهِ وَأفْعَالِهِ، لَيَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَويلَةٍ وَحَيْرَةٍ مُضِلَّةٍ، فَيُعْلِي أمْرَ اللهِ وَيُظْهِرُ دِيْنَ اللهِ(16)، وَيُؤَيَّدُ بِنَصْر اللهِ وَيُنْصَرُ بِمَلاَئِكَةِ اللهِ، فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(17).
188 _ كفاية الأثر: بِالأسَانِيدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي مَضَتْ فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَنْ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَعْدَ عَدَّ الأئِمَّةِ عليهم السلام: ثُمَّ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ مَا شَاءَ اللهُ، وَيَكُونُ لَهُ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ فَقَالَ رَافِعاً صَوْتَهُ: الْحَذَرَ الْحَذَرَ إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنْ وُلْدِي).
قَالَ عَلِيٌّ: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا يَكُونُ (حَالُهُ) عِنْدَ غَيْبَتِهِ(18)؟
قَالَ: يَصْبِرُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ بِالْخُرُوج فَيَخْرُجُ (مِنَ الْيَمَن)(19) مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كَرْعَةُ(20)، عَلَى رَأسِهِ عِمَامَتِي، مُتَدَرَّعٌ بِدِرْعِي، مُتَقَلّدٌ بِسَيْفِي ذِي الْفَقَار، وَمُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ، يَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَذَلِكَ عِنْدَ مَا تَصِيرُ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَيَغَارُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلاَ الْكَبِيرُ يَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَلاَ الْقَويُّ يَرْحَمُ الضَّعِيفَ، فَحِينَئِذٍ يَأذَنُ اللهُ لَهُ بِالْخُرُوج)(21).
189 _ الكافي: بَعْضُ أصْحَابِنَا رَفَعَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ الرَّقّيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا مَعْنَى السَّلاَم عَلَى رَسُول اللهِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ نَبِيَّهُ وَوَصِيَّهُ وَابْنَتَهُ وَابْنَيْهِ وَجَمِيعَ الأئِمَّةِ وَخَلَقَ شِيعَتَهُمْ أخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ وَأنْ يَصْبِرُوا وَيُصَابِرُوا وَيُرَابِطُوا، وَأنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَوَعَدَهُمْ أنْ يُسَلّمَ لَهُمُ الأرْضَ الْمُبَارَكَةَ، وَالْحَرَمَ الأمْنَ، وَأنْ يُنَزّلَ لَهُمُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ، وَيُظْهِرَ لَهُمُ السَّقْفَ الْمَرْفُوعَ، وَيُريحَهُمْ مِنْ عَدُوَّهِمْ، وَالأرْضَ الَّتِي يُبَدَّلُهَا اللهُ مِنَ السَّلاَم، وَيُسَلّمُ مَا فِيهَا لَهُمْ لا شِيَةَ فِيها)، قَالَ: (لاَ خُصُومَةَ فِيهَا لِعَدُوَّهِمْ، وَأنْ يَكُونَ لَهُمْ فِيهَا مَا يُحِبُّونَ، وَأخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَلَى جَمِيع الأئِمَّةِ وَشِيعَتِهِمُ الْمِيثَاقَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا السَّلاَمُ(22) عَلَيْهِ تَذْكِرَةُ نَفْس الْمِيثَاقِ وَتَجْدِيدٌ لَهُ عَلَى اللهِ لَعَلَّهُ أنْ يُعَجَّلَهُ جَلَّ وَعَزَّ وَيُعَجَّلَ السَّلاَمَ لَكُمْ بِجَمِيع مَا فِيهِ)(23).
190 _ أقُولُ: رَوَى مُؤَلّفُ الْمَزَار الْكَبِير بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ، كَانَ فِيهِ مَنْزلُ إِدْريسَ، وَكَانَ مَنْزلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيل الرَّحْمَن، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَفِيهِ مَسْكَنُ الْخَضِر، وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَلاَ يَزُولُ الْقَائِمُ فِيهِ أبَداً؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: فَمِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْخَلْقِ)، قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ مِنْ أهْل الذّمَّةِ عِنْدَهُ؟ قَالَ: (يُسَالِمُهُمْ كَمَا سَالَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ).
قُلْتُ: فَمَنْ نَصَبَ لَكُمْ عَدَاوَةً؟ فَقَالَ: (لاَ يَا أبَا مُحَمَّدٍ مَا لِمَنْ خَالَفَنَا فِي دَوْلَتِنَا مِنْ نَصِيبٍ، إِنَّ اللهَ قَدْ أحَلَّ لَنَا دِمَاءَهُمْ عِنْدَ قِيَام قَائِمِنَا، فَالْيَوْمَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ فَلاَ يَغُرَّنَّكَ أحَدٌ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(24).
191 _ تهذيب الأحكام: الصَّفَّارُ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن هِلاَلٍ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَن الْقَائِم إِذَا قَامَ بِأيَّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاس؟ فَقَالَ: (بِسِيرَةِ مَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى يُظْهِرَ الإسْلاَمَ).
قُلْتُ: وَمَا كَانَتْ سِيرَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (أبْطَلَ مَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِالْعَدْل، وَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا قَامَ يُبْطِلُ مَا كَانَ فِي الْهُدْنَةِ مِمَّا كَانَ فِي أيْدِي النَّاس وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمُ الْعَدْلَ)(25).
تذييل
قال شيخنا الطبرسي في كتاب (إعلام الورى):
فإن قيل: إذا حصل الإجماع على أنَّ لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنتم قد زعمتم أنَّ القائم عليه السلام إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنَّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين وأمر بهدم المساجد والمشاهد وأنَّه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل(26) بيّنة وأشباه ذلك ممّا ورد في آثاركم وهذا تكون(27) نسخاً للشريعة وإبطالاً لأحكامها فقد أثبتم معنى النبوّة وإن لم تتلفّظوا باسمها فما جوابكم عنها؟
الجواب: إنّا لم نعرف ما تضمّنه السؤال من أنَّه عليه السلام لا يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنَّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به.
فأمَّا هدم المساجد والمشاهد فقد يجوز أن يختصّ بهدم ما بني من ذلك على غير تقوى الله تعالى وعلى خلاف ما أمر الله سبحانه به وهذا مشروع قد فعله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وأمَّا ما روي من أنَّه عليه السلام يحكم بحكم آل(28) داود لا يسأل عن بيّنة فهذا أيضاً غير مقطوع به وإن صحَّ فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه وإذا علم الإمام أو الحاكم أمراً من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل عنه(29)، وليس في هذا نسخ الشريعة.
على أنَّ هذا الذي ذكروه: من ترك قبول الجزية واستماع البيّنة إن صحَّ لم يكن نسخاً للشريعة لأنَّ النسخ هو ما تأخَّر دليله عن الحكم المنسوخ ولم يكن مصطحباً فأمَّا إذا اصطحب الدليلان فلا يكون ذلك(30) ناسخاً لصاحبه وإن كان مخالفة في المعنى(31)، ولهذا اتّفقنا على أنَّ الله سبحانه لو قال: (الزموا السبت إلى وقت كذا ثُمَّ لا تلزموه)(32) لا يكون نسخاً لأنَّ الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب وإذا صحَّت هذه الجملة وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قد أعلمنا بأنَّ القائم من ولده يجب اتّباعه وقبول أحكامه فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم (به)(33) فينا وإن خالف بعض الأحكام المتقدّمة غير عاملين بالنسخ لأنَّ النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل(34)، انتهى.
192 _ أقُولُ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ فِي شَرْح السُّنَّةِ بِإسْنَادِهِ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أنْ يُنْزلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حُكْماً عَدْلاً يَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، فَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أحَدٌ)(35).
ثُمَّ قال: قوله: (يكسَّر الصليب) يريد إبطال النصرانية والحكم بشرع الإسلام، ومعنى قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله وفيه بيان أنَّ أعيانها نجسة لأنَّ عيسى إنَّما يقتلها على حكم شرع الإسلام والشيء الطاهر المنتفع به لا يباح إتلافه. و قوله: (ويضع الجزية) معناه أنَّه يضعها من أهل الكتاب ويحملهم على الإسلام فقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في نزول عيسى عليه السلام(36): (ويهلك(37) في زمانه الملل كلّها إلاَّ الإسلام، ويهلك الدجّال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثُمَّ يتوفّى فيصلّي عليه المسلمون).
وقيل: معنى وضع الجزية أنَّ المال يكثر حتَّى لا يوجد محتاج ممن يوضع فيهم الجزية يدلُّ عليه قوله عليه السلام: (فيفيض المال حتَّى لا يقبله أحد)(38).
الهوامش:
(1) في المصدر: (الأسدي) بدل (الأزدي)، وهما واحد وقد مرَّ ترجمة الرجل.
(2) الأنبياء: 12 و13.
(3) الأنبياء: 14 و15.
(4) تراه في روضة الكافي: 51 و52/ ح 15؛ وقد مرَّ مثله في حديث طويل عن العياشي تحت الرقم (91).
(5) الأنفال: 39.
(6) روضة الكافي: 201/ ح 242.
(7) في المصدر: (أبي بصير، عن أحمد بن عمر) بدل (علي بن أبي نصير).
(8) روضة الكافي: 396/ ح 597.
(9) أمالي الطوسي: 292/ مجلس 11/ ح 566.
(10) كمال الدين 2: 282/ باب 24/ ح 35؛ أمالي الصدوق: 172 و173/ مجلس 23/ ح 11؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 66 و67/ ح 34.
(11) في المصدر: (م ح م د).
(12) في المصدر: (يحلّل).
(13) كمال الدين 1: 252 و253/ ح 2؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 58.
(14) كلمة: (على) ليست في المصدر.
(15) الغيبة للنعماني: 93/ باب 4/ رقم 23.
(16) في المصدر: (الحقّ).
(17) كفاية الأثر: 11.
(18) في المصدر: (فما تكون هذه الغيبة؟).
(19) من المصدر.
(20) في المصدر: (أكرعة).
(21) كفاية الأثر: 150 و151؛ وتراه في باب النصوص على الاثني عشر (ج 36/ ص 335). وفي نسخة الكمباني قد تكرَّر من قوله: (فيخرج من قرية...) إلى آخر الخبر، وأثبته كالاستدراك في الهامش وهو من غفلة المصحّحين عند المقابلة.
(22) هذا هو الظاهر، وفي المصدر وهكذا الأصل المطبوع: و(إنَّما عليه السلام).
(23) الكافي 1: 451/ باب (مولد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم)/ ح 39.
(24) المزار الكبير لابن المشهدي: 163 - 165؛ وقد مرَّ هذا الحديث تحت الرقم (177) نقلاً من كتاب مزار لبعض قدماء أصحابنا، وقد تكرَّر لفظاً بلفظ والغفلة من الكتّاب والنسّاخ.
(25) تهذيب الأحكام 6: 154/ باب 70/ ح 1.
(26) في المصدر إضافة: (عن).
(27) في المصدر: (يكون).
(28) كلمة: (آل) ليست في المصدر.
(29) في المصدر: (البيّنة).
(30) في المصدر: (أحدهما).
(31) في المصدر: (يخافه في الحكم).
(32) في المصدر إضافة: (إنَّ ذلك).
(33) من المصدر.
(34) إعلام الورى 2: 310 و311.
(35) تراه في مشكاة المصابيح: 479 من حديث أبي هريرة، وبعده: (حتَّى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها). وفي لفظ آخر: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لينزلنَّ ابن مريم حكماً عادلاً فليكسرنَّ الصليب، وليقتلنَّ الخنزير، وليضعنَّ الجزية، وليتركنَّ القلاص، فلا يسعى عليها، ولتذهبنَّ الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعونَّ إلى المال فلا يقبله أحد). رواه مسلم وهكذا رواه البخاري في صحيحه 2: 256 باللفظ الأوّل.
(36) رواه أبو داود في سننه 2: 342، ولفظه: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ليس بيني وبينه نبيّ - يعني عيسى عليه السلام - وأنَّه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين، كأنَّ رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام فيدقّ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلّها إلاَّ الإسلام ويهلك المسيح الدجّال، فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثُمَّ يتوفّى فيصلّي عليه المسلمون).
(37) في المصدر: (وتهلك).
(38) شرح السُنّة 8 : 350 و351/ رقم 4275.
******************
وَرَوَى الْبُخَاريُّ(1) بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟)، وهذا حديث متّفق على صحّته(2)، انتهى.
أقول: وقد أورد هو وغيره أخباراً أخر في ذلك فظهر أنَّ هذه الأمور المنقولة من سير القائم عليه السلام لا يختصّ بنا بل أوردها المخالفون أيضاً ونسبوه إلى عيسى عليه السلام لكن قد رووا أنَّ إمامكم منكم فما كان جوابهم فهو جوابنا والشبهة مشتركة بينهم وبيننا.
193 _ أقُولُ: ذَكَرَ السَّيَّدُ ابْنُ طَاوُسٍ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ (سَعْدِ السُّعُودِ): أنّي وَجَدْتُ فِي صُحُفِ إِدْريسَ النَّبِيَّ عليه السلام عِنْدَ ذِكْر سُؤَال إِبْلِيسَ وَجَوَابِ اللهِ لَهُ: ((قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))، قَالَ: لاَ وَلَكِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ إِلى‏ يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، فَإنَّهُ يَوْمٌ قَضَيْتُ وَحَتَمْتُ أنْ اُطَهَّرَ الأرْضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكُفْر وَالشّرْكِ وَالْمَعَاصِي.
وَانْتَخَبْتُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ عِبَاداً لِي امْتَحَنْتُ قُلُوبَهُمْ لِلإيمَان وَحَشَوْتُهَا بِالْوَرَع(3) وَالإخْلاَص وَالْيَقِين وَالتَّقْوَى وَالْخُشُوع وَالصّدْقِ وَالْحِلْم وَالصَّبْر وَالْوَقَار وَالتُّقَى وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدِي(4)، وَأجْعَلُهُمْ دُعَاةَ الشَّمْس وَالْقَمَر، وَأسْتَخْلِفُهُمْ فِي الأرْض وَاُمَكّنُ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَيْتُهُ لَهُمْ، ثُمَّ يَعْبُدُونَنِي لا يُشْركُونَ بِي شَيْئاً، يُقِيمُونَ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ لِحِينهَا، وَيَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر.
وَاُلْقِيَ فِي تِلْكَ الزَّمَان الأمَانَةُ عَلَى الأرْض فَلاَ يَضُرُّ شَيْءٌ شَيْئاً وَلاَ يَخَافُ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ تَكُونُ الْهَوَامُّ وَالْمَوَاشِي بَيْنَ النَّاس فَلاَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَاُنْزعَ حُمَةُ كُلّ ذِي حُمَةٍ مِنَ الْهَوَامَّ وَغَيْرهَا، وَاُذْهِبَ سَمُّ كُلّ مَا يَلْدَغُ، وَاُنْزلَ بَرَكَاتٌ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْض، وَتَزْهَرُ الأرْضُ بِحُسْن نَبَاتِهَا وَتُخْرجُ كُلَّ ثِمَارهَا وَأنْوَاعَ طِيبهَا.
وَاُلْقِيَ الرَّأفَةُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَهُمْ فَيَتَوَاسَوْنَ وَيَقْتَسِمُونَ بِالسَّويَّةِ فَيَسْتَغْنِي الْفَقِيرُ، وَلاَ يَعْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَيَرْحَمُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ، وَيُوَقّرُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ، وَيَدِينُونَ بِالْحَقَّ وَبهِ يَعْدِلُونَ وَيَحْكُمُونَ، اُولَئِكَ أوْلِيَائِي اخْتَرْتُ لَهُمْ نَبِيّاً مُصْطَفًى وَأمِيناً مُرْتَضًى فَجَعَلْتُهُ لَهُمْ نَبِيّاً وَرَسُولاً وَجَعَلْتُهُمْ لَهُ أوْلِيَاءَ وَأنْصَاراً، تِلْكَ اُمَّةٌ(5) اخْتَرْتُهَا لِنَبِيَّيَ الْمُصْطَفَى وَأمِينيَ الْمُرْتَضَى ذَلِكَ وَقْتٌ حَجَبْتُهُ فِي عِلْم غَيْبي وَلاَ بُدَّ أنَّهُ وَاقِعٌ اُبِيدُكَ يَوْمَئِذٍ وَخَيْلَكَ وَرَجِلَكَ وَجُنُودَكَ أجْمَعِينَ، فَاذْهَبْ فَإنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ(6) إِلى‏ يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم(7).
بيان: أقول: ظاهر أنَّ هذه الآثار المذكورة مع إبادة الشيطان وخيله ورجله لم تكن في مجموع أيّام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأمّته بل يكفي أن يكون في بعض الأوقات بعد بعثته وما ذلك إلاَّ في زمن القائم عليه السلام كما مرَّ في الأخبار و سيأتي.
194 _ وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ (الْغَيْبَةِ)(8) بِإسْنَادِهِ عَن الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (إِذَا ظَهَرَ(9) قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام قَالَ: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً))(10) خِفْتُكُمْ عَلَى نَفْسِي وَجِئْتُكُمْ لَمَّا أذِنَ لِي رَبَّي وَأصْلَحَ لِي(11) أمْري)(12).
195 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَوْ خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام بَعْدَ أنْ(13) أنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابّاً فَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرَّ الأوَّل)(14).
196 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى سَمَاعَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى(15) ذِي طُوًى قَائِماً عَلَى رجْلَيْهِ حَافِي(16) يَرْتَقِبُ بِسُنَّةِ مُوسَى عليه السلام حَتَّى يَأتِيَ الْمَقَامَ فَيَدْعُو فِيهِ)(17).
197 _ وَبِإسْنَادِهِ عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلَ عَنْ يَسَارهِ)، وَعَنْهُ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ وَهُوَ بِهَا)(18).
198 _ وَمِنْ كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ رَفَعَهُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: (لَمَوْضِعُ الرَّجُل فِي الْكُوفَةِ أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَارٍ فِي الْمَدِينَةِ).
وَعَنْهُ، عَنْ سَعْدِ بْن الأصْبَغ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ بِالْكُوفَةِ فَلْيَتَمَسَّكْ بِهَا)(19).
199 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَهْزمُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام السُّفْيَانِيَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ أغْصَانُهَا مُدْلاَةٌ فِي الْحِيرَةِ طَويلَةٌ)(20).
200 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى بَشِيرٍ النَّبَّال، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (هَلْ تَدْري أوَّلَ مَا يَبْدَاُ بِهِ الْقَائِمُ عليه السلام؟)، قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (يُخْرجُ هَذَيْن رَطْبَيْن غَضَّيْن(21) فَيُحْرقُهُمَا وَيُذْريهِمَا فِي الرَّيح وَيَكْسِرُ الْمَسْجِدَ)، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: عَريشٌ كَعَريش مُوسَى عليه السلام)، وَذَكَرَ أنَّ مُقَدَّمَ مَسْجِدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم كَانَ طِيناً وَجَانِبُهُ(22) جَريدَ النَّخْل(23).
201 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَدِمَ الْقَائِمُ عليه السلام وَثَبَ(24) أنْ يَكْسِرَ الْحَائِطَ الَّذِي عَلَى الْقَبْر، فَيَبْعَثُ اللهُ تَعَالَى ريحاً شَدِيدَةً وَصَوَاعِقَ وَرُعُوداً حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: إِنَّمَا ذَا لِذَا، فَيَتَفَرَّقُ أصْحَابُهُ عَنْهُ حَتَّى لاَ يَبْقَى مَعَهُ أحَدٌ(25)، فَيَأخُذُ الْمِعْوَلَ بِيَدِهِ فَيَكُونُ أوَّلَ مَنْ يَضْربُ بِالْمِعْوَل، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ أصْحَابُهُ إِذَا رَأوْهُ يَضْربُ الْمِعْوَلَ بِيَدِهِ(26)، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَضْلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِقَدْر سَبْقِهِمْ إِلَيْهِ، فَيَهْدِمُونَ الْحَائِطَ، ثُمَّ يُخْرجُهُمَا غَضَّيْن رَطْبَيْن(27) فَيَلْعَنُهُمَا وَيَتَبَرَّاُ مِنْهُمَا وَيَصْلِبُهُمَا ثُمَّ يُنْزلُهُمَا وَيُحْرقُهُمَا ثُمَّ يُذْريهِمَا فِي الرَّيح)(28).
202 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَمْلِكُ الْقَائِمُ سَبْعَ سِنِينَ تَكُونُ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنيكُمْ هَذِهِ)(29).
وَعَنْهُ عليه السلام(30)، قَالَ: (كَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عليه السلام وَأصْحَابِهِ فِي نَجَفِ الْكُوفَةِ كَأنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ، قَدْ فَنِيَتْ أزْوَادُهُمْ وَخَلُقَتْ ثِيَابُهُمْ(31)، قَدْ أثَّرَ السُّجُودُ بِجِبَاهِهِمْ، لُيُوثٌ بِالنَّهَار رُهْبَانٌ بِاللَّيْل، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ، يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُل(32)، لاَ يَقْتُلُ أحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ كَافِرٌ أوْ مُنَافِقٌ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالتَّوَسُّم فِي كِتَابِهِ الْعَزيز بِقَوْلِهِ: ((إِنَّ فِي ذلِكَ لآَياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ))(33))‏(34).
203 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ رَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقْتُلُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَبْلُغَ السُّوقَ)، قَالَ: (فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ أبِيهِ: إِنَّكَ لَتُجْفِلُ النَّاسَ إِجْفَالَ النَّعَم، فَبِعَهْدٍ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أوْ بِمَا ذَا؟)، قَالَ: (وَلَيْسَ فِي النَّاس رَجُلٌ أشَدَّ مِنْهُ بَأساً فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي فَيَقُولُ لَهُ: لَتَسْكُتَنَّ أوْ لأضْربَنَّ عُنُقَكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُخْرجُ الْقَائِمُ عليه السلام عَهْداً مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(35).
204 _ وَبِإسْنَادِهِ عَن الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (يَقْتُلُ الْقَائِمُ عليه السلام مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الأجْفَر(36)، وَيُصِيبُهُمْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ)، قَالَ: فَيَضِجُّونَ وَقَدْ نَبَتَتْ لَهُمْ ثَمَرَةٌ يَأكُلُونَ مِنْهَا وَيَتَزَوَّدُونَ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى شَأنُهُ: ((وَآيَةٌ لَهُمُ الأَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ))(37) ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ وَبَايَعُوا السُّفْيَانِيَّ)(38).
205 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقْدَمُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَأتِيَ النَّجَفَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكُوفَةِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ وَأصْحَابُهُ وَالنَّاسُ مَعَهُ وَذَلِكَ يَوْمُ الأرْبِعَاءِ فَيَدْعُوهُمْ وَيُنَاشِدُهُمْ حَقَّهُ وَيُخْبِرُهُمْ أنَّهُ مَظْلُومٌ مَقْهُورٌ وَيَقُولُ: مَنْ حَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِاللهِ...)، إِلَى آخِر مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ، (فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيكَ قَدْ خَبَّرْنَاكُمْ وَاخْتَبَرْنَاكُمْ، فَيَتَفَرَّقُونَ مِنْ غَيْر قِتَالٍ، فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يُعَاودُ فَيَجِيءُ سَهْمٌ فَيُصِيبُ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ، فَيُقَالُ: إِنَّ فُلاَناً قَدْ قُتِلَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَإذَا نَشَرَهَا انْحَطَّتْ عَلَيْهِ مَلاَئِكَةُ بَدْرٍ، فَإذَا زَالَتِ الشَّمْسُ هَبَّتِ الرَّيحُ لَهُ فَيَحْمِلُ عَلَيْهِمْ هُوَ وَأصْحَابُهُ فَيَمْنَحُهُمُ اللهُ أكْتَافَهُمْ وَيُوَلُّونَ فَيَقْتُلُهُمْ حَتَّى يُدْخِلَهُمْ أبْيَاتِ الْكُوفَةِ وَيُنَادِي مُنَادِيهِ: ألاَ لاَ تَتْبَعُوا مُوَلّياً وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَريح، وَيَسِيرُ بِهِمْ كَمَا سَارَ عَلِيٌّ عليه السلام يَوْمَ الْبَصْرَةِ).
206 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا بَلَغَ السُّفْيَانِيَّ أنَّ الْقَائِمَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ يَتَجَرَّدُ بِخَيْلِهِ حَتَّى يَلْقَى الْقَائِمَ، فَيَخْرُجُ فَيَقُولُ: أخْرجُوا إِلَيَّ ابْنَ عَمَّي، فَيَخْرُجُ عَلَيْهِ السُّفْيَانِيُّ فَيُكَلّمُهُ الْقَائِمُ عليه السلام فَيَجِيءُ السُّفْيَانِيُّ فَيُبَايِعُهُ، ثُمَّ يَنْصَرفُ إِلَى أصْحَابِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: أسْلَمْتُ وَبَايَعْتُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: قَبَّحَ اللهُ رَأيَكَ بَيْنَ مَا (بَيْنَمَا) أنْتَ خَلِيفَةٌ مَتْبُوعٌ فَصِرْتَ تَابِعاً فَيَسْتَقْبِلُهُ فَيُقَاتِلُهُ، ثُمَّ يُمْسُونَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ يُصْبِحُونَ لِلْقَائِم عليه السلام بِالْحَرْبِ فَيَقْتَتِلُونَ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَمْنَحُ الْقَائِمَ وَأصْحَابَهُ أكْتَافَهُمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ حَتَّى يُفْنُوهُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَخْتَفِي فِي الشَّجَرَةِ وَالْحَجَرَةِ فَتَقُولُ الشَّجَرَةُ وَالْحَجَرَةُ: يَا مُؤْمِنُ هَذَا رَجُلٌ كَافِرٌ فَاقْتُلْهُ فَيَقْتُلُهُ).
قَالَ: (فَتَشْبَعُ السَّبَاعُ وَالطُّيُورُ مِنْ لُحُومِهِمْ فَيُقِيمُ بِهَا الْقَائِمُ عليه السلام مَا شَاءَ)، قَالَ: (ثُمَّ يَعْقِدُ بِهَا الْقَائِمُ عليه السلام ثَلاَثَ رَايَاتٍ لِوَاءً إِلَى الْقُسْطَنْطِينيَّةِ يَفْتَحُ اللهُ لَهُ وَلِوَاءً إِلَى الصّين فَيَفْتَحُ لَهُ وَلِوَاءً إِلَى جِبَال الدَّيْلَم فَيَفْتَحُ لَهُ).
وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ إِلَى أنْ قَالَ: (وَيَنْهَزمُ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ حَتَّى يَلْحَقُوا بِأرْض الرُّوم فَيَطْلُبُوا إِلَى مَلِكِهَا أنْ يَدْخُلُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُمُ الْمَلِكُ: لاَ نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَدْخُلُوا فِي دِيننَا وَتَنْكِحُونَا وَنَنْكِحَكُمْ وَتَأكُلُوا لَحْمَ الْخَنَازير وَتَشْرَبُوا الْخَمْرَ وَتَعَلَّقُوا الصُّلْبَانَ فِي أعْنَاقِكُمْ وَالزَّنَانِيرَ فِي أوْسَاطِكُمْ فَيَقْبَلُونَ ذَلِكَ فَيُدْخِلُونَهُمْ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ الْقَائِمُ عليه السلام أنْ أخْرجُوا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أدْخَلْتُمُوهُمْ، فَيَقُولُونَ: قَوْمٌ رَغِبُوا فِي دِيننَا وَزَهِدُوا فِي دِينِكُمْ، فَيَقُولُ عليه السلام: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُخْرجُوهُمْ وَضَعْنَا السَّيْفَ فِيكُمْ، فَيَقُولُونَ لَهُ: هَذَا كِتَابُ اللهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيتُ بِهِ فَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِ فَيَقْرَاُ عَلَيْهِمْ وَإِذَا فِي شَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِمْ أنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ مَنْ دَخَلَ إِلَيْهِمْ مُرْتَدّاً عَن الإسْلاَم وَلاَ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ رَاغِباً إِلَى الإسْلاَم فَإذَا قَرَأ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ وَرَأوْا هَذَا الشَّرْطَ لاَزماً لَهُمْ أخْرَجُوهُمْ إِلَيْهِ فَيَقْتُلُ الرَّجَالَ وَيَبْقُرُ بُطُونَ الْحَبَالَى وَيَرْفَعُ الصُّلْبَانَ فِي الرَّمَاح).
قَالَ: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَى أصْحَابِهِ يَقْتَسِمُونَ الدَّنَانِيرَ عَلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ تُسْلِمُ الرُّومُ عَلَى يَدِهِ فَيَبْني فِيهِمْ مَسْجِداً وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْصَرفُ).
207 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَقْضِي الْقَائِمُ بِقَضَايَا يُنْكِرُهَا بَعْضُ أصْحَابِهِ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ آدَمَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ يَقْضِي الثَّانِيَةَ فَيُنْكِرُهَا قَوْمٌ آخَرُونَ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ دَاوُدَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ يَقْضِي الثَّالِثَةَ فَيُنْكِرُهَا قَوْمٌ آخَرُونَ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ ثُمَّ يَقْضِي الرَّابِعَةَ وَهُوَ قَضَاءُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَلاَ يُنْكِرُهَا أحَدٌ عَلَيْهِ).
208 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى ابْن تَغْلِبَ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَبْقَ بَيْنَ يَدَيْهِ أحَدٌ إِلاَّ عَرَفَهُ صَالِحٌ أوْ طَالِحٌ).
209 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ أخْبِرْني عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر، قَالَ: (يُمْسِي مِنْ أخْوَفِ النَّاس وَيُصْبِحُ مِنْ آمَن النَّاس، يُوحَى إِلَيْهِ هَذَا الأمْرُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ).
قَالَ: قُلْتُ: يُوحَى إِلَيْهِ يَا بَا جَعْفَرٍ؟ قَالَ: (يَا بَا جَارُودٍ إِنَّهُ لَيْسَ وَحْيَ نُبُوَّةٍ وَلَكِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ كَوَحْيِهِ إِلَى مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَإِلَى اُمَّ مُوسَى وَإِلَى النَّحْل، يَا بَا الْجَارُودِ إِنَّ قَائِمَ آل مُحَمَّدٍ لأكْرَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَاُمَّ مُوسَى وَالنَّحْل).
210 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرَبِ وَالْفُرْس إِلاَّ السَّيْفُ لاَ يَأخُذُهَا إِلاَّ بِالسَّيْفِ وَلاَ يُعْطِيهَا إِلاَّ بِهِ).
وَعَنْهُ عليه السلام: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَنْدَرسَ أسْمَاءُ الْقَبَائِل وَيُنْسَبُ الْقَبِيلَةُ إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ فَيُقَالُ لَهَا: آلُ فُلاَنٍ، وَحَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ إِلَى حَسَبِهِ وَنَسَبِهِ وَقَبِيلَتِهِ فَيَدْعُوهُمْ فَإنْ أجَابُوهُ وَإِلاَّ ضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ).
211 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عليًّ عليه السلام: إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، فَمَنْ أخَذَ أرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَمَرَهَا فَلْيُؤَدَّ خَرَاجَهَا إِلَى الإمَام مِنْ أهْل بَيْتِي وَلَهُ مَا أكَلَ مِنْهَا حَتَّى يَظْهَرَ الْقَائِمُ عليه السلام (مِنْ أهْل بَيْتِي) بِالسَّيْفِ فَيَحْويهَا وَيُخْرجُهُمْ عَنْهَا كَمَا حَوَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلاَّ مَا كَانَ فِي أيْدِي شِيعَتِنَا فَإنَّهُ يُقَاطِعُهُمْ عَلَى مَا فِي أيْدِيهِمْ وَيَتْرُكُ الأرْضَ فِي أيْدِيهِمْ).
الهوامش:
(1) في شرح السُنّة لم يسند هذا الحديث إلى أحد، لكن جاء هذا الحديث في صحيح البخاري 4: 633/ باب 945/ ح 1601؛ وأخرجه في المصابيح: 380 من صحيحي مسلم والبخاري؛ وهكذا السيوطي في الجامع الصغير منهما على ما في السراج المنير 3: 106؛ وقال العزيزي في شرحه: قال المناوي: أي والخليفة من قريش أو وإمامكم في الصلاة رجل منكم، وهذا استفهام عن حال من يكون حيّاً عند نزول عيسى، كيف سرورهم بلقيه، وكيف يكون فخر هذه الأمّة وروح الله يصلّي وراء إمامهم.
(2) شرح السُنّة 8 : 352/ ح 4277.
(3) في المصدر: (بالروح).
(4) في المصدر إضافة: (بعد الهدى).
(5) في المصدر: (أئمّة).
(6) في المصدر: (المنتظرين).
(7) سعد السعود: 34 و35.
(8) لم نعثر على كتاب (الغيبة) للسيّد علي بن عبد الحميد هذا. علماً بأنَّنا خرَّجنا هذه الأحاديث من (منتخب الأنوار المضيئة).
(9) في المصدر: (قام).
(10) الشعراء: 21.
(11) في المصدر: (بي).
(12) لم نعثر على الرواية في كتاب الغيبة هذا، وعثرنا عليها في كتابه: منتخب الأنوار المضيئة: 75.
(13) في المصدر: (لقد) بدل (بعد أن).
(14) منتخب الأنوار المضيئة: 188.
(15) في المصدر: (بين).
(16) في المصدر: (خائفاً).
(17) منتخب الأنوار المضيئة: 190، وليس فيه كلمة: (فيه).
(18) منتخب الأنوار المضيئة: 190.
(19) لم نعثر عليه في كتاب الأنوار المضيئة.
(20) منتخب الأنوار المضيئة: 192، مختصراً. وفيه: (بحيرة طبرية ممَّا يلي الشام) بدل (الجيرة طويلة).
(21) في المصدر: (طريين) بدل (هذين رطبين غضّين).
(22) في المصدر: (وجانباه).
(23) منتخب الأنوار المضيئة: 192.
(24) في المصدر: (همّ).
(25) في المصدر إضافة: (منهم).
(26) في المصدر: (يضربه بالمعول) بدل (يضرب المعول بيده).
(27) في المصدر: (طريين).
(28) منتخب الأنوار المضيئة: 193.
(29) منتخب الأنوار المضيئة: 195.
(30) في المصدر: (عن الباقر عليه السلام).
(31) في المصدر إضافة: (متنكبين قسيهم) بين معقوفتين.
(32) في المصدر إضافة: (ويعطيهم صاحبهم التوسّم) بين معقوفتين.
(33) الحجر: 75.
(34) منتخب الأنوار المضيئة: 195 و196.
(35) لم نعثر عليه في منتخب الأنوار المضيئة.
(36) قال الفيروزآبادي: الأجفر موضع بين الخريمية وفيد. (القاموس المحيط 1: 407).
(37) يس: 33.
(38) لم نعثر عليه في منتخب الأنوار المضيئة وكذا الأحاديث الآتية إلى نهاية هذا الباب.
******************
212 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أوَّلُ مَا يَبْدَاُ الْقَائِمُ عليه السلام بِأنْطَاكِيَةَ فَيَسْتَخْرجُ مِنْهَا التَّوْرَاةَ مِنْ غَارٍ فِيهِ عَصَا مُوسَى وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ)، قَالَ: (وَأسْعَدُ النَّاس بِهِ أهْلُ الْكُوفَةِ)، وَقَالَ: (إِنَّمَا سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ لأنَّهُ يُهْدَى إِلَى أمْرٍ خَفِيٍّ حَتَّى إِنَّهُ يُبْعَثُ إِلَى رَجُلٍ لاَ يَعْلَمُ النَّاسُ لَهُ ذَنْباً فَيَقْتُلُهُ حَتَّى إِنَّ أحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ فِي بَيْتِهِ فَيَخَافُ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ).
وَعَنْهُ عليه السلام قَالَ: (يَمْلِكُ الْقَائِمُ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً كَمَا لَبِثَ أهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً فَيَفْتَحُ اللهُ لَهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، وَيَقْتُلُ النَّاسَ حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ دِينُ مُحَمَّدٍ، وَيَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ، وَيَدْعُو الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فَيُجِيبَانِهِ، وَتُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَيُوحَى إِلَيْهِ فَيَعْمَلُ بِالْوَحْي بِأمْر اللهِ).
وَعَنْهُ عليه السلام: (إِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ سَبْعِينَ ألْفَ صِدَّيقٍ فَيَكُونُونَ فِي أصْحَابِهِ وَأنْصَارهِ وَيَرُدُّ السَّوَادَ إِلَى أهْلِهِ هُمْ أهْلُهُ وَيُعْطِي النَّاسَ عَطَايَا مَرَّتَيْن فِي السَّنَةِ، وَيَرْزُقُهُمْ فِي الشَّهْر رزْقَيْن، وَيُسَوَّي بَيْنَ النَّاس حَتَّى لاَ تَرَى مُحْتَاجاً إِلَى الزَّكَاةِ، وَيَجِيءُ أصْحَابُ الزَّكَاةِ بِزَكَاتِهِمْ إِلَى الْمَحَاويج مِنْ شِيعَتِهِ فَلاَ يَقْبَلُونَهَا فَيَصُرُّونَهَ(1) وَيَدُورُونَ فِي دُورهِمْ فَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُونَ: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِي دَرَاهِمِكُمْ...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أمْوَالُ أهْل الدُّنْيَا كُلُّهَا مِنْ بَطْن الأرْض وَظَهْرهَا فَيُقَالُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الأرْحَامَ وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدَّمَ الْحَرَامَ وَرَكِبْتُمْ فِيهِ الْمَحَارمَ فَيُعْطِي عَطَاءً لَمْ يُعْطِهِ أحَدٌ قَبْلَهُ).
213 _ وَبِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن مُسْكَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي زَمَان الْقَائِم وَهُوَ بِالْمَشْرقِ لَيَرَى أخَاهُ الَّذِي فِي الْمَغْربِ، وَكَذَا الَّذِي فِي الْمَغْربِ يَرَى أخَاهُ الَّذِي فِي الْمَشْرقِ).
214 _ العدد القوية: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (كَأنَّنِي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى ظَهْر النَّجَفِ لاَبِسٌ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَتَقَلَّصُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهَا فَيَسْتَدِيرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُغَشّي الدَّرْعَ بِثَوْبٍ إِسْتَبْرَقٍ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَرَساً لَهُ أبْلَقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ يَنْتَفِضُ بِهِ، لاَ يَبْقَى أهْلُ بَلَدٍ إِلاَّ أتَاهُمْ نُورُ ذَلِكَ الشّمْرَاخ حَتَّى يَكُونَ آيَةً لَهُ، ثُمَّ يَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ إِذَا نَشَرَهَا أضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ).
وَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (كَأنَّنِي بِهِ قَدْ عَبَرَ مِنْ وَادِي السَّلاَم إِلَى مَسِيل السَّهْلَةِ عَلَى فَرَسٍ مُحَجَّلٍ لَهُ شِمْرَاخٌ يَزْهَرُ يَدْعُو وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ حَقّاً حَقّاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِيمَاناً وَصِدْقاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ تَعَبُّداً وَرقّاً، اللهُمَّ مُعِزَّ كُلّ مُؤْمِنٍ وَحِيدٍ، وَمُذِلَّ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، أنْتَ كَنَفِي حِينَ تُعْيِيني الْمَذَاهِبُ وَتَضِيقُ عَلَيَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، اللهُمَّ خَلَقْتَنِي وَكُنْتَ غَنِيّاً عَنْ خَلْقِي، وَلَوْ لاَ نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ، يَا مُنْشِرَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَوَاضِعِهَا، وَمُخْرجَ الْبَرَكَاتِ مِنْ مَعَادِنهَا، وَيَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِشُمُوخ الرَّفْعَةِ، فَأوْلِيَاؤُهُ بِعِزّهِ يَتَعَزَّزُونَ، يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ(2) الْمَذَلَّةِ عَلَى أعْنَاقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ‏ خَائِفُونَ، أسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي فَطَرْتَ بِهِ خَلْقَكَ فَكُلٌّ لَكَ مُذْعِنُونَ، أسْألُكَ أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَأنْ تُنْجِزَ لِي أمْري، وَتُعَجَّلَ لِي فِي الْفَرَج، وَتَكْفِيَني وَتَقْضِيَ حَوَائِجِي السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، إِنَّكَ عَلى‏ كُلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ)(3).
* * *
باب (28): ما يكون عند ظهوره عليه السلام برواية المفضّل بن عمر
تتمّة كتاب الغيبة، تتمّة أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه صلوات الله عليهم أجمعين.
سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام من النصوص على الاثني عشر عليهم السلام.
أقُولُ: رُوِيَ فِي بَعْض مُؤَلَّفَاتِ أصْحَابِنَ(4) عَن الْحُسَيْن بْن حَمْدَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ وَعَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ الْحَسَنِيَّ، عَنْ أبِي شُعَيْبٍ (وَ)مُحَمَّدِ بْن نُصَيْرٍ، عَنْ عَمْرو بْن الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ(5)، قَالَ: سَألْتُ سَيَّدِيَ الصَّادِقَ عليه السلام: هَلْ لِلْمَأمُور الْمُنْتَظَر الْمَهْدِيَّ عليه السلام مِنْ وَقْتٍ مُوَقَّتٍ يَعْلَمُهُ النَّاسُ؟
فَقَالَ: (حَاشَ للهِ أنْ يُوَقّتَ ظُهُورَهُ بِوَقْتٍ يَعْلَمُهُ شيعَتُنَا).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَلِمَ ذَاكَ؟
قَالَ: (لأنَّهُ هُوَ السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ ...))(6) الآيَةَ، وَهُوَ السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها))(7)، وَقَالَ: ((عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ))(8) وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهَا عِنْدَ أحَدٍ، وَقَالَ: ((فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها ...))(9) الآيَةَ، وَقَالَ: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ))(10)، وَقَالَ: ((وَما يُدْريكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَريباً))(11)، ((يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ))(12)).
قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى ((يُمارُونَ))؟
قَالَ: (يَقُولُونَ مَتَى وُلِدَ؟ وَمَنْ رَأى؟ وَأيْنَ يَكُونُ؟ وَمَتَى يَظْهَرُ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ اسْتِعْجَالاً لأمْر اللهِ وَشَكّاً فِي قَضَائِهِ وَدُخُولاً فِي قُدْرَتِهِ‏، اُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا الدُّنْيَا وَإِنَّ لِلْكَافِرينَ لَشَرَّ مَآبٍ).
قُلْتُ: أفَلاَ يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ؟
فَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لاَ اُوَقّتُ لَهُ وَقْتاً وَلاَ يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ، إِنَّ مَنْ وَقَّتَ لِمَهْدِيَّنَا وَقْتاً فَقَدْ شَارَكَ اللهَ تَعَالَى فِي عِلْمِهِ، وَادَّعَى أنَّهُ ظَهَرَ عَلَى سِرهِ، وَمَا للهِ مِنْ سِرًّ إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَ إِلَى هَذَا الْخَلْقِ الْمَعْكُوس الضَّال عَن اللهِ الرَّاغِبِ عَنْ أوْلِيَاءِ اللهِ، وَمَا للهِ مِنْ خَبَرٍ إِلاَّ وَهُمْ أخَصُّ بِهِ لِسِرهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا ألْقَى اللهُ إِلَيْهِمْ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ! فَكَيْفَ بَدْءُ ظُهُور الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَإِلَيْهِ التَّسْلِيمُ؟
قَالَ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ يَظْهَرُ فِي شُبْهَةٍ لِيَسْتَبِينَ، فَيَعْلُو ذِكْرُهُ، وَيَظْهَرُ أمْرُهُ، وَيُنَادَى بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَنَسَبِهِ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ عَلَى أفْوَاهِ الْمُحِقّينَ وَالْمُبْطِلِينَ وَالْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ‏ لِتَلْزَمَهُمُ الْحُجَّةُ بِمَعْرفَتِهِمْ بِهِ عَلَى أنَّهُ قَدْ قَصَصْنَا وَدَلَلْنَا عَلَيْهِ، وَنَسَبْنَاهُ وَسَمَّيْنَاهُ وَكَنَيْنَاهُ، وَقُلْنَا: سَمِيُّ جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَنِيُّهُ، لِئَلاَ يَقُولَ النَّاسُ: مَا عَرَفْنَا لَهُ اسْماً وَلاَ كُنْيَةً وَلاَ نَسَباً.
وَاللهِ لَيَتَحَقَّقُ الإيضَاحُ بِهِ وَباسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَكُنْيَتِهِ عَلَى ألْسِنَتِهِمْ حَتَّى لَيُسَمّيهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، كُلُّ ذَلِكَ لِلُزُوم الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ كَمَا وَعَدَ بِهِ جَدُّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(13)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَمَا تَأوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))؟
قَالَ عليه السلام: (هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(14) فَوَ اللهِ يَا مُفَضَّلُ لَيُرْفَعُ عَن الْمِلَل وَالأدْيَان الاخْتِلاَفُ وَيَكُونُ الدَّينُ كُلُّهُ وَاحِداً، كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))(15).
وَقَالَ اللهُ: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ))(16)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَمَوْلاَيَ وَالدَّينُ الَّذِي فِي آبَائِهِ إِبْرَاهِيمَ وَنُوح وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم هُوَ الإسْلاَمُ؟
قَالَ: (نَعَمْ يَا مُفَضَّلُ، هُوَ الإسْلاَمُ لاَ غَيْرُ).
قُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ أتَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ؟
قَالَ: (نَعَمْ مِنْ أوَّلِهِ إِلَى آخِرهِ وَمِنْهُ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ((مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ))(17). وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ: ((وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ))(18)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ: ((حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(19)، وَفِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ وَبلْقِيسَ: ((قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ))(20)، وَقَوْلِهَا: ((وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ))(21).
وَقَوْل عِيسَى عليه السلام: ((مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))(22)، وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(23)، وَقَوْلُهُ فِي قِصَّةِ لُوطٍ: ((فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(24)، وَقَوْلُهُ: ((قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))(25)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ((أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))(26)).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي كَم الْمِلَلُ؟
قَالَ: (أرْبَعَةٌ وَهِيَ شَرَائِعُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي الْمَجُوسُ لِمَ سُمُّوا الْمَجُوسَ؟
قَالَ عليه السلام: (لأنَّهُمْ تَمَجَّسُوا فِي السُّرْيَانِيَّةِ وَادَّعَوْا عَلَى آدَمَ وَعَلَى شَيْثٍ وَهُوَ هِبَةُ اللهِ أنَّهُمَا أطْلَقَا لَهُمْ نِكَاحَ الاُمَّهَاتِ وَالأخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْخَالاَتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَأنَّهُمَا أمَرَاهُمْ أنْ يُصَلُّوا إِلَى الشَّمْسحَيْثُ وَقَفَتْ فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَجْعَلاَ لِصَلاَتِهِمْ وَقْتاً، وَإِنَّمَا هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَعَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ عليهما السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ وَسَيَّدِي لِمَ سُمَّيَ قَوْمُ مُوسَى الْيَهُودَ؟
قَالَ عليه السلام: (لِقَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ))(27) أي اهْتَدَيْنَا إِلَيْكَ).
قَالَ: فَالنَّصَارَى؟
قَالَ عليه السلام: (لِقَوْل عِيسَى عليه السلام: ((مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ ...))(28))، وَتَلاَ الآيَةَ إِلَى آخِرهَا، (فَسُمُّوا النَّصَارَى لِنُصْرَةِ دِين اللهِ ).
الهوامش:
(1) مررت الصرّة: شددتها، (الصحاح 2: 711).
(2) نير الفدان: الخشبة المعترضة في عنق الثورين، والجمع النيران والأنيار. (الصحاح 2: 841).
(3) العدد القوية: 74 و75/ اليوم الخامس عشر/ ح 124 و125. هذا آخر ما جاء في الجزء الثاني والخمسين من المطبوعة.
(4) لم نعرف اسم هذا المؤلّف.
(5) عنونه النجاشي (ص 416) وقال: (أبو عبد الله، وقيل: أبو محمّد الجعفي، كوفي فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به، وقيل: إنَّه كان خطابياً، وقد ذكرت له مصنّفات لا يعول عليها)؛ وعنونه العلاّمة في الخلاصة (ص 407) وقال: (متهافت، مرتفع القول، خطابي)؛ وزاد الغضائري (ص 87) أنَّه: (قد زيد عليه شيء كثير وحمل الغلاة في حديثه حملاً عظيماً لا يجوز أن يكتب حديثه).
أقول: كيف يكون في أصحاب الأئمّة عليهم السلام رجل فاسد المذهب، كذّاب غال، مع أنَّهم عليهم السلام كانوا متوسّمين: يعرفون كلاً بسيماه وحليته وسريرته، وقد روي أنَّهم كانوا يحجبون بعض شيعتهم عن الورود عليهم، لفسقه أو فساد عقيدته أو عدم تحرّجه عن الآثام. فكيف لم يحجبوا مفضَّل بن عمر وأضرابه الموصوفين بكذا وكذا، ولم يلعنوهم ولم يكذّبوهم ولم يطردوهم؟
بل الظاهر الحقّ أنَّ مفضَّل بن عمر الجعفي، وجابر بن يزيد الجعفي، ويونس بن ظبيان وأضرابهم ممَّن أخذوا عن الصادقين عليهما السلام كانوا صحيحي الاعتقاد، صالحي الرواية، صادقي اللهجة متحرّجين عن الكذب وسائر الآثام، غير أنَّه قد كُذب عليهم، وزيد في رواياتهم، واختلق عليهم، وإنَّما أتوا من قبل الغلاة وأشباههم ممَّن أرادوا أن يهدموا أساس المذهب، فكذبوا وزادوا واختلقوا أحاديث ونسبوه إلى أصحاب الأئمّة الصادقين نصرة لمذهبهم وترويجاً لمرامهم الفاسد كما فعلت المرجئة والقدرية، فوضعوا أحاديث ونسبوه إلى المعروفين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فإذاً لا بدَّ وأن نحقّق عن حال من أسند عنه فنرى في الحديث محمّد بن نصير وهو النميري الكذّاب الغال الخبيث المدّعي للنيابة على ما في الغيبة للشيخ، وقد مرَّ شطر من ترجمته في (ج1/ ص 605 - 607). راجع: (ج 51/ ص 367 و368) من المطبوعة. (( يروي عن عمر بن الفرات الكاتب البغدادي الغالي ذو المناكير، عن محمّد بن المفضَّل بن عمر: مهمل أو مجهول، ولكن الظاهر أنَّ الكذب إنَّما جاء من قبل البغدادي الكاتب ذي المناكير، وهو الذي كتب وصنَّف هذا الحديث وسردها بطوله، أو الجاعل هو نفس النميري.
ولذلك ترى أنَّه يعرف في طيّه محمّد بن نصير النميري بعنوان نيابة الإمام عليه السلام وأنَّه يقعد بصابر وهو اسم سكة في مرو، مع ما مرَّ في (ج 1/ ص 606) عن الغيبة للشيخ أنَّه كان يدّعي أنَّه رسول نبيّ ويقول بالتناسخ ويقول في أبي الحسن الهادي بالربوبية ويقول بالإجابة للمحارم وتحليل نكاح الرجال وأنَّه من التواضع. راجع: (ج 51/ ص 368) من المطبوعة.
فاعتمد الكاتب إلى أحاديث صحيحة أو حسنة، وأخرى ضعيفة أو مجعولة، فزاد عليها من مخائله. وجمع بين مضامينها ولعب فيها كالقصّاصين الدجّالين، فراجع: (ص 117 - 159/ باب 23 و24)، و(ج 52/ ص 151 - 180) من المطبوعة، ترى مضامين هذا الحديث منبثّة فيها بين صحيح وسقيم.
فالرجل أعني المفضَّل بن عمر الجعفي من أصحاب الصادق الممدوحين وقد عدَّه الشيخ المفيد في الإرشاد (ص 270) من شيوخ أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وخاصَّته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين رحمة الله عليهم، وبذلك وصفه الشيخ في كتاب الغيبة (ص 346) وروى في مدحه أحاديث، وروى الكشى (ص 206 و256) أحاديث في مدحه، وذكر الكليني في روضة الكافي (ص 373) حديثاً يقتضي مدحه والثناء عليه، فراجع.
(6) الأعراف: 187.
(7) النازعات: 42، والظاهر أنَّها تكرار.
(8) لقمان: 34.
(9) محمّد: 18.
(10) القمر: 1.
(11) الأحزاب: 63.
(12) الشورى: 18.
(13) التوبة: 33.
(14) الأنفال: 39.
(15) آل عمران: 19.
(16) آل عمران: 85 .
(17) الحجّ: 78.
(18) البقرة: 128.
(19) يونس: 90.
(20) النمل: 38.
(21) النمل: 44.
(22) آل عمران: 52.
(23) آل عمران: 83 .
(24) الذاريات: 36.
(25) البقرة: 136.
(26) البقرة: 133.
(27) الأعراف: 156.
(28) آل عمران: 52.
******************
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ فَلِمَ سُمَّيَ الصَّابِئُونَ الصَّابِئِينَ؟
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّهُمْ صَبَوْا إِلَى تَعْطِيل الأنْبِيَاءِ وَالرُّسُل وَالْمِلَل وَالشَّرَائِع، وَقَالُوا: كُلُّ مَا جَاءُوا بِهِ بَاطِلٌ، فَجَحَدُوا تَوْحِيدَ اللهِ تَعَالَى، وَنُبُوَّةَ الأنْبِيَاءِ، وَرسَالَةَ الْمُرْسَلِينَ، وَوَصِيَّةَ الأوْصِيَاءِ، فَهُمْ بِلاَ شَريعَةٍ وَلاَ كِتَابٍ وَلاَ رَسُولٍ، وَهُمْ مُعَطّلَةُ الْعَالَم).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: سُبْحَانَ اللهِ مَا أجَلَّ هَذَا مِنْ عِلْم؟
قَالَ عليه السلام: (نَعَمْ، يَا مُفَضَّلُ فَألْقِهِ إِلَى شيعَتِنَا لِئَلاَ يَشُكُّوا فِي الدَّين).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَفِي أيَّ بُقْعَةٍ يَظْهَرُ الْمَهْدِيُّ؟
قَالَ عليه السلام: (لاَ تَرَاهُ عَيْنٌ فِي وَقْتِ ظُهُورهِ إِلاَّ رَأتْهُ كُلُّ عَيْنٍ، فَمَنْ قَالَ لَكُمْ غَيْرَ هَذَا فَكَذّبُوهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَلاَ يُرَى وَقْتَ وِلاَدَتِهِ؟
قَالَ: (بَلَى وَاللهِ، لَيُرَى مِنْ سَاعَةِ وِلاَدَتِهِ إِلَى سَاعَةِ وَفَاةِ أبِيهِ سَنَتَيْن وَتِسْعَةَ أشْهُرٍ أوَّلُ وِلاَدَتِهِ وَقْتُ الْفَجْر مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ(1) سَنَةَ سَبْع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن إِلَى يَوْم الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبيع الأوَّل مِنْ سَنَةِ سِتّينَ وَمِائَتَيْن وَهُوَ يَوْمُ وَفَاةِ أبِيهِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي بِشَاطِئ دِجْلَةَ يَبْنِيهَا الْمُتَكَبَّرُ الْجَبَّارُ الْمُسَمَّى بِاسْم جَعْفَرٍ(2)، الضَّالُّ الْمُلَقَّبُ بِالْمُتَوَكّل وَهُوَ الْمُتَأكّلُ لَعَنَهُ اللهُ تَعَالَى وَهِيَ مَدِينَةٌ تُدْعَى بِسُرَّ مَنْ رَأى وَهِيَ سَاءَ مَنْ رَأى، يَرَى شَخْصَهُ الْمُؤْمِنُ الْمُحِقُّ سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن وَلاَ يَرَاهُ الْمُشَكّكُ الْمُرْتَابُ، وَيَنْفُذُ فِيهَا أمْرُهُ وَنَهْيُهُ، وَيَغِيبُ عَنْهَا فَيَظْهَرُ فِي الْقَصْر بِصَابِرٍ(3) بِجَانِبِ الْمَدِينَةِ فِي حَرَم جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَلْقَاهُ هُنَاكَ مَنْ يُسْعِدُهُ اللهُ بِالنَّظَر إِلَيْهِ، ثُمَّ يَغِيبُ فِي آخِر يَوْم مِنْ سَنَةِ سِتّ وَسِتّينَ وَمِائَتَيْن فَلاَ تَرَاهُ عَيْنُ أحَدٍ حَتَّى يَرَاهُ كُلُّ أحَدٍ وَكُلُّ عَيْنٍ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَمَنْ يُخَاطِبُهُ وَلِمَنْ يُخَاطِبُ؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (تُخَاطِبُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْجِن وَيَخْرُجُ أمْرُهُ وَنَهْيُهُ إِلَى ثِقَاتِهِ وَوُلاَتِهِ وَوُكَلاَئِهِ وَيَقْعُدُ بِبَابِهِ مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ النُّمَيْريُّ فِي يَوْم غَيْبَتِهِ بِصَابِرٍ ثُمَّ يَظْهَرُ بِمَكَّةَ.
وَوَاللهِ يَا مُفَضَّلُ كَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ بُرْدَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَعَلَى رَأسِهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، وَفِي رجْلَيْهِ نَعْلاَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَخْصُوفَةُ، وَفِي يَدِهِ هِرَاوَتُهُ عليه السلام، يَسُوقُ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنَازاً عِجَاف(4) حَتَّى يَصِلَ بِهَا نَحْوَ الْبَيْتِ لَيْسَ ثَمَّ أحَدٌ يَعْرفُهُ، وَيَظْهَرُ وَهُوَ شَابٌّ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي يَعُودُ شَابّاً أوْ يَظْهَرُ فِي شَيْبَةٍ؟
فَقَالَ عليه السلام: (سُبْحَانَ اللهِ وَهَلْ يُعْرَفُ ذَلِكَ؟ يَظْهَرُ كَيْفَ شَاءَ وَبأيَّ صُورَةٍ شَاءَ إِذَا جَاءَهُ الأمْرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَجْدُهُ وَجَلَّ ذِكْرُهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَمِنْ أيْنَ يَظْهَرُ وَكَيْفَ يَظْهَرُ؟
(قَالَ): (يَا مُفَضَّلُ يَظْهَرُ وَحْدَهُ وَيَأتِي الْبَيْتَ وَحْدَهُ، وَيَلِجُ الْكَعْبَةَ وَحْدَهُ، وَيَجُنُّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَحْدَهُ، فَإذَا نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَسَقَ اللَّيْلُ نَزَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ عليهما السلام وَالْمَلاَئِكَةُ صُفُوفاً، فَيَقُولُ لَهُ جَبْرَئِيلُ: يَا سَيَّدِي قَوْلُكَ مَقْبُولٌ، وَأمْرُكَ جَائِزٌ، فَيَمْسَحُ عليه السلام يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ))،(5) وَيَقِفُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام فَيَصْرُخُ صَرْخَةً فَيَقُولُ: يَا مَعَاشرَ نُقَبَائِي وَأهْلَ خَاصَّتِي وَمَنْ ذَخَرَهُمُ اللهُ لِنُصْرَتِي قَبْلَ ظُهُوري عَلَى وَجْهِ الأرْض! ائْتُونِي طَائِعِينَ! فَتَردُ صَيْحَتُهُ عليه السلام عَلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى مَحَاريبهِمْ، وَعَلَى فُرُشهِمْ، فِي شَرْقِ الأرْض وَغَرْبهَا فَيَسْمَعُونَهُ فِي صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ فِي اُذُن كُل رَجُلٍ، فَيَجِيئُونَ نَحْوَهَا، وَلاَ يَمْضِي لَهُمْ إِلاَّ كَلَمْحَةِ بَصَرٍ، حَتَّى يَكُونَ كُلُّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ عليه السلام بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام.
فَيَأمُرُ اللهُ عزّ وجل النُّورَ فَيَصِيرُ عَمُوداً مِنَ الأرْض إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَضِيءُ بِهِ كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلَى وَجْهِ الأرْض، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ نُورٌ مِنْ جَوْفِ بَيْتِهِ، فَتَفْرَحُ نُفُوسُ الْمُؤْمِنينَ بِذَلِكَ النُّور، وَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ بِظُهُور قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام.
ثُمَّ يُصْبِحُونَ وُقُوفاً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً بِعِدَّةِ أصْحَابِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ بَدْرٍ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ يَا سَيَّدِي فَاثْنَان وَسَبْعُونَ رَجُلاً الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ عليهما السلام يَظْهَرُونَ مَعَهُمْ؟
قَالَ: (يَظْهَرُ مِنْهُمْ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فِي اثْنَيْ عَشَرَ ألْفاً مُؤْمِنينَ مِنْ شيعَةِ عَلِيًّ عليه السلام وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَبِغَيْر سُنَّةِ الْقَائِم عليه السلام بَايَعُوا لَهُ قَبْلَ ظُهُورهِ وَقَبْلَ قِيَامِهِ؟
فَقَالَ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ كُلُّ بَيْعَةٍ قَبْلَ ظُهُور الْقَائِم عليه السلام فَبَيْعَتُهُ كُفْرٌ وَنفَاقٌ وَخَدِيعَةٌ، لَعَنَ اللهُ الْمُبَايِعَ لَهَا وَالْمُبَايَعَ لَهُ، بَلْ يَا مُفَضَّلُ يُسْنِدُ الْقَائِمُ عليه السلام ظَهْرَهُ إِلَى الْحَرَم وَيَمُدُّ يَدَهُ فَتُرَى بَيْضَاءَ مِنْ غَيْر سُوءٍ وَيَقُولُ: هَذِهِ يَدُ اللهِ، وَعَن اللهِ، وَبأمْر اللهِ، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ...))(6) الآيَةَ.
فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يُقَبَّلُ يَدَهُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام ثُمَّ يُبَايِعُهُ وَتُبَايِعُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَنُجَبَاءُ الْجِن، ثُمَّ النُّقَبَاءُ وَيُصْبِحُ النَّاسُ بِمَكَّةَ، فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بِجَانِبِ الْكَعْبَةِ؟ وَمَا هَذَا الْخَلْقُ الَّذِينَ مَعَهُ؟ وَمَا هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي رَأيْنَاهَا اللَّيْلَةَ وَلَمْ تُرَ مِثْلَهَا؟
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا الرَّجُلُ هُوَ صَاحِبُ الْعُنَيْزَاتِ(7).
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا هَلْ تَعْرفُونَ أحَداً مِمَّنْ مَعَهُ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ نَعْرفُ أحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ أرْبَعَةً مِنْ أهْل مَكَّةَ، وَأرْبَعَةً مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ، وَهُمْ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَيَعُدُّونَهُمْ بِأسْمَائِهِمْ، وَيَكُونُ هَذَا أوَّلَ طُلُوع الشَّمْس فِي ذَلِكَ الْيَوْم، فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأضَاءَتْ صَاحَ صَائِحٌ بِالْخَلاَئِقِ مِنْ عَيْن الشَّمْس بِلِسَانٍ عَرَبيًّ مُبِينٍ، يُسْمِعُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرَضِينَ: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ! هَذَا مَهْدِيُّ آل مُحَمَّدٍ، وَيُسَمَّيهِ بِاسْم جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَكْنِيهِ، وَيَنْسُبُهُ إِلَى أبِيهِ الْحَسَن الْحَادِيَ عَشَرَ إِلَى الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ صلوات الله عليهم أجمعين بَايِعُوهُ تَهْتَدُوا، وَلاَ تُخَالِفُوا أمْرَهُ فَتَضِلُّوا.
فَأوَّلُ مَنْ يُقَبَّلُ يَدَهُ الْمَلاَئِكَةُ، ثُمَّ الْجِنُّ، ثُمَّ النُّقَبَاءُ، وَيَقُولُونَ: سَمِعْنَا وَأطَعْنَا، وَلاَ يَبْقَى ذُو اُذُنٍ مِنَ الْخَلاَئِقِ إِلاَّ سَمِعَ ذَلِكَ النّدَاءَ، وَتُقْبِلُ الْخَلاَئِقُ مِنَ الْبَدْوِ وَالْحَضَر وَالْبَر وَالْبَحْر، يُحَدَّثُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيَسْتَفْهِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مَا سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ.
فَإذَا دَنَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ، صَرَخَ صَارخٌ مِنْ مَغْربهَا: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ قَدْ ظَهَرَ رَبُّكُمْ بِوَادِي الْيَابِس مِنْ أرْض فِلَسْطِينَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَنْبَسَةَ الاُمَويُّ مِنْ وُلْدِ يَزيدَ بْن مُعَاوِيَةَ فَبَايِعُوهُ تَهْتَدُوا، وَلاَ تُخَالِفُوا عَلَيْهِ فَتَضِلُّوا، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ وَالْجِنُّ وَالنُّقَبَاءُ قَوْلَهُ، وَيُكَذّبُونَهُ، وَيَقُولُونَ لَهُ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، وَلاَ يَبْقَى ذُو شَكًّ وَلاَ مُرْتَابٌ وَلاَ مُنَافِقٌ وَلاَ كَافِرٌ إِلاَّ ضَلَّ بِالنّدَاءِ الأخِير.
وَسَيَّدُنَا الْقَائِمُ عليه السلام مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ وَشَيْثٍ فَهَا أنَا ذَا آدَمُ وَشَيْثٌ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى نُوح وَوَلَدِهِ سَام فَهَا أنَا ذَا نُوحٌ وَسَامٌ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فَهَا أنَا ذَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى مُوسَى وَيُوشَعَ فَهَا أنَا ذَا مُوسَى وَيُوشَعُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى عِيسَى وَشَمْعُونَ فَهَا أنَا ذَا عِيسَى وَشَمْعُونُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَهَا أنَا ذَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام فَهَا أنَا ذَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى الأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليهم السلام فَهَا أنَا ذَا الأئِمَّةُ عليهم السلام، أجِيبُوا إِلَى مَسْألَتِي، فَإنّي اُنَبَّئُكُمْ بِمَا نُبَّئْتُمْ بِهِ وَمَا لَمْ تُنَبَّئُوا بِهِ.
وَمَنْ كَانَ يَقْرَاُ الْكُتُبَ وَالصُّحُفَ فَلْيَسْمَعْ مِنّي، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالصُّحُفِ الَّتِي أنْزَلَهَا اللهُ عَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ عليهما السلام، وَيَقُولُ اُمَّةُ آدَمَ وَشَيْثٍ هِبَةِ اللهِ: هَذِهِ وَاللهِ هِيَ الصُّحُفُ حَقّاً، وَلَقَدْ أرَانَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُهُ فِيهَا، وَمَا كَانَ خَفِيَ عَلَيْنَا، وَمَا كَانَ اُسْقِطَ مِنْهَا، وَبُدَّلَ وَحُرفَ.
ثُمَّ يَقْرَاُ صُحُفَ نُوح وَصُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَالزَّبُورَ فَيَقُولُ أهْلُ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيل وَالزَّبُور: هَذِهِ وَاللهِ صُحُفُ نُوح وَإِبْرَاهِيمَ عليهما السلام حَقّاً، وَمَا اُسْقِطَ مِنْهَا وَبُدَّلَ وَحُرفَ مِنْهَا، هَذِهِ وَاللهِ التَّوْرَاةُ الْجَامِعَةُ وَالزَّبُورُ التَّامُّ وَالإنْجِيلُ الْكَامِلُ وَإِنَّهَا أضْعَافُ مَا قَرَأنَا مِنْهَ(8).
ثُمَّ يَتْلُو الْقُرْآنَ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا وَاللهِ الْقُرْآنُ حَقّاً الَّذِي أنْزَلَهُ اللهُ‏ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا اُسْقِطَ مِنْهُ وَحُرفَ وَبُدَّلَ.
ثُمَّ تَظْهَرُ الدَّابَّةُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، فَتَكْتُبُ فِي وَجْهِ الْمُؤْمِن: مُؤْمِنٌ، وَفِي وَجْهِ الْكَافِر: كَافِرٌ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَقَفَاهُ إِلَى صَدْرهِ(9)، وَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا سَيَّدِي أنَا بَشيرٌ أمَرَني مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أنْ ألْحَقَ بِكَ وَاُبَشرَكَ بِهَلاَكِ جَيْش السُّفْيَانِيَّ بِالْبَيْدَاءِ فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ عليه السلام: بَيَّنْ قِصَّتَكَ وَقِصَّةَ أخِيكَ.
فَيَقُولُ الرَّجُلُ: كُنْتُ وَأخِي فِي جَيْش السُّفْيَانِيَّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ، وَخَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ، وَكَسَرْنَا الْمِنْبَرَ وَرَاثَتْ بِغَالُنَا فِي مَسْجِدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَرَجْنَا مِنْهَا وَعَدَدُنَا ثَلاَثُمِائَةِ ألْفِ رَجُلٍ نُريدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ، وَقَتْلَ أهْلِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ: يَا بَيْدَاءُ أبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَانْفَجَرَتِ الأرْضُ، وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْش، فَوَ اللهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأرْض عِقَالُ نَاقَةٍ فَمَا سِوَاهُ غَيْري وَغَيْرُ أخِي.
فَإذَا نَحْنُ بِمَلَكٍ قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى، فَقَالَ لأخِي: وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ! امْض إِلَى الْمَلْعُون السُّفْيَانِيَّ بِدِمَشْقَ، فَأنْذِرْهُ بِظُهُور الْمَهْدِيَّ مِنْ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام، وَعَرفْهُ أنَّ اللهَ قَدْ أهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَالَ لِي: يَا بَشيرُ الْحَقْ بِالْمَهْدِيَّ بِمَكَّةَ وَبَشرْهُ بِهَلاَكِ الظَّالِمِينَ وَتُبْ عَلَى يَدِهِ، فَإنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ، فَيُمِرُّ الْقَائِمُ عليه السلام يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَويّاً كَمَا كَانَ، وَيُبَايِعُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَتَظْهَرُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْجِنُّ لِلنَّاس؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ، وَيُخَاطِبُونَهُمْ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ مَعَ حَاشيَتِهِ وَأهْلِهِ).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَيَسِيرُونَ مَعَهُ؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ، وَلَيَنْزلَنَّ أرْضَ الْهِجْرَةِ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالنَّجَفِ وَعَدَدُ أصْحَابِهِ عليه السلام حِينَئِذٍ سِتَّةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَسِتَّةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن _ وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: وَمِثْلُهَا مِنَ الْجِن _ بِهِمْ يَنْصُرُهُ اللهُ وَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَمَا يَصْنَعُ بِأهْل مَكَّةَ؟
قَالَ: (يَدْعُوهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَيُطِيعُونَهُ وَيَسْتَخْلِفُ فِيهِمْ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِهِ، وَيَخْرُجُ يُريدُ الْمَدِينَةَ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَمَا يَصْنَعُ بِالْبَيْتِ؟
قَالَ: (يَنْقُضُهُ فَلاَ يَدَعُ مِنْهُ إِلاَّ الْقَوَاعِدَ الَّتِي هِيَ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاس بِبَكَّةَ فِي عَهْدِ آدَمَ عليه السلام وَالَّذِي رَفَعَهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ عليهما السلام مِنْهَا وَإِنَّ الَّذِي بُنيَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَبْنهِ نَبِيٌّ وَلاَ وَصِيٌّ، ثُمَّ يَبْنيهِ كَمَا يَشَاءُ اللهُ وَلَيُعَفّيَنَّ آثَارَ الظَّالِمِينَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ وَسَائِر الأقَالِيم، وَلَيَهْدِمَنَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ، وَلَيَبْنيَنَّهُ عَلَى بُنْيَانِهِ الأوَّل، وَلَيَهْدِمَنَّ الْقَصْرَ الْعَتِيقَ، مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ بَنَاهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي يُقِيمُ بِمَكَّةَ؟
قَالَ: (لاَ يَا مُفَضَّلُ بَلْ يَسْتَخْلِفُ مِنْهَا رَجُلاً مِنْ أهْلِهِ، فَإذَا سَارَ مِنْهَا وَثَبُوا عَلَيْهِ فَيَقْتُلُونَهُ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَأتُونَهُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ، وَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ فَيَعِظُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ، وَيَحْذَرُهُمْ، وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ خَلِيفَةً وَيَسِيرُ، فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَيَقْتُلُونَهُ فَيَردُ إِلَيْهِمْ أنْصَارُهُ مِنَ الْجِن وَالنُّقَبَاءِ وَيَقُولُ لَهُمْ: ارْجِعُوا فَلاَ تُبْقُوا مِنْهُمْ بَشَراً إِلاَّ مَنْ آمَنَ، فَلَوْ لاَ أنَّ رَحْمَةَ رَبَّكُمْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَأنَا تِلْكَ الرَّحْمَةُ لَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ مَعَكُمْ، فَقَدْ قَطَعُوا الأعْذَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ، وَبَيْني وَبَيْنَهُمْ، فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ، فَوَ اللهِ لاَ يَسْلَمُ مِنَ الْمِائَةِ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، لاَ وَاللهِ وَلاَ مِنْ ألْفٍ وَاحِدٌ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَأيْنَ تَكُونُ دَارُ الْمَهْدِيَّ، وَمُجْتَمَعُ الْمُؤْمِنينَ؟
قَالَ: (دَارُ مُلْكِهِ الْكُوفَةُ، وَمَجْلِسُ حُكْمِهِ جَامِعُهَا، وَبَيْتُ مَالِهِ وَمَقْسَمُ غَنَائِم الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ، وَمَوْضِعُ خَلَوَاتِهِ الذَّكَوَاتُ الْبِيضُ مِنَ الْغَريَّيْن).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ كُلُّ الْمُؤْمِنينَ يَكُونُونَ بِالْكُوفَةِ؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ لاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ كَانَ بِهَا أوْ حَوَالَيْهَا، وَلَيَبْلُغَنَّ مَجَالَةُ فَرَسٍ مِنْهَا ألْفَيْ دِرْهَم وَلَيَوَدَّنَّ أكْثَرُ النَّاس أنَّهُ اشْتَرَى شبْراً مِنْ أرْض السَّبْع بِشبْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَالسَّبْعُ‏ خِطَّةٌ مِنْ خِطَطِ هَمْدَانَ، وَلَيَصِيرَنَّ الْكُوفَةُ أرْبَعَةً وَخَمْسِينَ مِيلاً وَلَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُهَا كَرْبَلاَءَ، وَلَيُصَيَّرَنَّ اللهُ كَرْبَلاَءَ مَعْقِلاً وَمَقَاماً تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَيَكُونَنَّ لَهَا شَأنٌ مِنَ الشَّأن، وَلَيَكُونَنَّ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ مَا لَوْ وَقَفَ مُؤْمِنٌ وَدَعَا رَبَّهُ بِدَعْوَةٍ لأعْطَاهُ اللهُ بِدَعْوَتِهِ الْوَاحِدَةِ مِثْلَ مُلْكِ الدُّنْيَا ألْفَ مَرَّةٍ).
ثُمَّ تَنَفَّسَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ إِنَّ بِقَاعَ الأرْض تَفَاخَرَتْ: فَفَخَرَتْ كَعْبَةُ الْبَيْتِ الْحَرَام، عَلَى بُقْعَةِ كَرْبَلاَءَ، فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهَا أن اسْكُتِي كَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَام، وَلاَ تَفْتَخِري عَلَى كَرْبَلاَءَ، فَإنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نُودِيَ مُوسَى مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَةِ، وَإِنَّهَا الرَّبْوَةُ الَّتِي أوَتْ إِلَيْهَا مَرْيَمُ وَالْمَسِيحُ، وَإِنَّهَا الدَّالِيَةُ(10) الَّتِي غُسِلَ فِيهَا رَأسُ الْحُسَيْن عليه السلام، وَفِيهَا غَسَلَتْ مَرْيَمُ عِيسَى عليه السلام وَاغْتَسَلَتْ مِنْ وِلاَدَتِهَا، وَإِنَّهَا خَيْرُ بُقْعَةٍ عَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مِنْهَا وَقْتَ غَيْبَتِهِ، وَلَيَكُونَنَّ لِشيعَتِنَا فِيهَا خِيَرَةٌ إِلَى ظُهُور قَائِمِنَا عليه السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ إِلَى أيْنَ؟
قَالَ عليه السلام: (إِلَى مَدِينَةِ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَإذَا وَرَدَهَا كَانَ لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَجِيبٌ يَظْهَرُ فِيهِ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ وَخِزْيُ الْكَافِرينَ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي مَا هُوَ ذَاكَ؟
الهوامش:
(1) سيأتي في (بيان) المؤلّف بعد هذا أنَّ التأريخ مخالف للمشهور.
(2) سيأتي في (بيان) المؤلّف بعد هذا أنَّ سُرَّ من رأى بناها المعتصم ثمّ قال: (ولعلَّ المتوكّل أتمّ بنائها وتعميرها، فلذا نسبت إليه).
(3) صابر - بفتح الباء - كهاجر سكّة في مرو قاله الفيروز آبادي.
(4) عناز - بالكسر - جمع عَنْز: وهي الأنثى من المعز، (الصحاح 3: 887). وقيل: إذا أتى عليها حول. وعجاف أيضاً بالكسر جمع عجفاء: وهي المهزولة الضعيفة، والهراوة: هي العصا الضخمة.
(5) الزمر: 74.
(6) الفتح: 10.
(7) العنيزات: جمع عنيزة وهي تصغير عنز أنثى المعز، (الصحاح 3: 886). ولأجل هزالها سمّاها عنيزات.
(8) يعلم الباحث المطالع أنَّ صحف آدم وشيث وصحف نوح وإبراهيم وهكذا زبور داود عليهم السلام قد ضاعت بضياع أممهم، وليس الآن رجل في أقطار الأرض يقرء هذه الصحف أو يتديَّن بها.
(9) قد مرَّ في باب (23) و(24) أنَّ جيش السفياني يخسف بهم غير رجلين يحول وجههما إلى أقفيتهما، وأمَّا أنَّ (قفاه إلى صدره) فلا معنى له معقول.
(10) الدالية: المنجنون تديرها البقرة، والناعورة يديرها الماء، (الصحاح 6: 2339). وكأنَّه يريد ماء الفرات.
******************
قَالَ: (يَردُ إِلَى قَبْر جَدَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا مَعَاشرَ الْخَلاَئِقِ، هَذَا قَبْرُ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ، فَيَقُولُ: وَمَنْ مَعَهُ فِي الْقَبْر؟ فَيَقُولُونَ: صَاحِبَاهُ وَضَجِيعَاهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَيَقُولُ وَهُوَ أعْلَمُ بِهِمَا وَالْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ جَمِيعاً يَسْمَعُونَ: مَنْ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ وَكَيْفَ دُفِنَا مِنْ بَيْن الْخَلْقِ مَعَ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ وَعَسَى الْمَدْفُونُ غَيْرَهُمَا.
فَيَقُولُ النَّاسُ: يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا هَاهُنَا غَيْرُهُمَا، إِنَّهُمَا دُفِنَا مَعَهُ لأنَّهُمَا خَلِيفَتَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأبَوَا زَوْجَتَيْهِ، فَيَقُولُ لِلْخَلْقِ بَعْدَ ثَلاَثٍ: أخْرجُوهُمَا مِنْ قَبْرَيْهِمَا، فَيُخْرَجَان غَضَّيْن طَريَّيْن لَمْ يَتَغَيَّرْ خَلْقُهُمَا، وَلَمْ يَشْحُبْ لَوْنُهُمَا، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَعْرفُهُمَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعْرفُهُمَا بالصّفَةِ وَلَيْسَ ضَجِيعَا جَدَّكَ غَيْرَهُمَا، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أحَدٌ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا أوْ يَشُكُّ فِيهِمَا؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، فَيُؤَخّرُ إِخْرَاجَهُمَا ثَلاَثَةَ أيَّام، ثُمَّ يَنْتَشرُ الْخَبَرُ فِي النَّاس وَيَحْضُرُ الْمَهْدِيُّ وَيَكْشفُ الْجُدْرَانَ عَن الْقَبْرَيْن، وَيَقُولُ لِلنُّقَبَاءِ: ابْحَثُوا عَنْهُمَا وَانْبُشُوهُمَا.
فَيَبْحَثُونَ بِأيْدِيهِمْ حَتَّى يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا، فَيُخْرَجَان غَضَّيْن طَريَّيْن كَصُورَتِهِمَا فَيَكْشفُ عَنْهُمَا أكْفَانَهُمَا وَيَأمُرُ بِرَفْعِهِمَا عَلَى دَوْحَةٍ يَابِسَةٍ نَخِرَةٍ فَيَصْلُبُهُمَا عَلَيْهَا، فَتَحْيَا الشَّجَرَةُ وَتُورقُ وَيَطُولُ فَرْعُهَ(1).
فَيَقُولُ الْمُرْتَابُونَ مِنْ أهْل وَلاَيَتِهِمَا: هَذَا وَاللهِ الشَّرَفُ حَقّاً وَلَقَدْ فُزْنَا بِمَحَبَّتِهِمَا وَوَلاَيَتِهِمَا، وَيُخْبَرُ مَنْ أخْفَى نَفْسَهُ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ مِقْيَاسُ حَبَّةٍ مِنْ مَحَبَّتِهِمَا وَوَلاَيَتِهِمَا، فَيَحْضُرُونَهُمَا وَيَرَوْنَهُمَا وَيُفْتَنُونَ بِهِمَا، وَيُنَادِي مُنَادِي الْمَهْدِيَّ عليه السلام: كُلُّ مَنْ أحَبَّ صَاحِبَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَضَجِيعَيْهِ فَلْيَنْفَردْ جَانِباً، فَتَتَجَزَّاُ الْخَلْقُ جُزْءَيْن أحَدُهُمَا مُوَالٍ وَالآخَرُ مُتَبَرئٌ مِنْهُمَا.
فَيَعْرضُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى أوْلِيَائِهِمَا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا فَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آل رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَحْنُ لَمْ نَتَبَرَّأ مِنْهُمَا، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أنَّ لَهُمَا عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَكَ هَذِهِ الْمَنْزلَةَ، وَهَذَا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْ فَضْلِهِمَا، أنَتَبَرَّاُ السَّاعَةَ مِنْهُمَا وَقَدْ رَأيْنَا مِنْهُمَا مَا رَأيْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ؟ مِنْ نَضَارَتِهِمَا وَغَضَاضَتِهِمَا، وَحَيَاةِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا؟ بَلْ وَاللهِ نَتَبَرَّاُ مِنْكَ وَمِمَّنْ آمَنَ بِكَ وَمَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهِمَا، وَمَنْ صَلَبَهُمَا، وَأخْرَجَهُمَا، وَفَعَلَ بِهِمَا مَا فَعَلَ، فَيَأمُرُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام ريحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ كَأعْجَازِ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ.
ثُمَّ يَأمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلاَن إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا بِإذْن اللهِ تَعَالَى وَيَأمُرُ الْخَلاَئِقَ بِالاجْتِمَاع، ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُل كُورٍ وَدُورٍ(2) حَتَّى يَقُصَّ عَلَيْهِمْ‏ قَتْلَ هَابِيلَ بْن آدَمَ عليه السلام، وَجَمْعَ النَّار لإبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَطَرْحَ يُوسُفَ عليه السلام فِي الْجُبَّ، وَحَبْسَ يُونُسَ عليه السلام فِي الْحُوتِ، وَقَتْلَ يَحْيَى عليه السلام، وَصَلْبَ عِيسَى عليه السلام، وَعَذَابَ جِرْجِيسَ وَدَانِيَالَ عليهما السلام، وَضَرْبَ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ، وَإِشْعَالَ النَّار(3) عَلَى بَابِ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهم السلام لإحْرَاقِهِمْ بِهَا، وَضَرْبَ يَدِ الصّدَّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ، وَرَفْسَ بَطْنِهَا وَإِسْقَاطَهَا مُحَسَّناً، وَسَمَّ الْحَسَن عليه السلام، وَقَتْلَ الْحُسَيْن عليه السلام، وَذَبْحَ أطْفَالِهِ وَبَني عَمَّهِ وَأنْصَارهِ، وَسَبْيَ ذَرَاريَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَإِرَاقَةَ دِمَاءِ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَكُلُّ دَم سُفِكَ، وَكُلَّ فَرْج نُكِحَ حَرَاماً، وَكُلَّ رَيْنٍ وَخُبْثٍ وَفَاحِشَةٍ وَإِثْم وَظُلْم وَجَوْرٍ وَغَشْم مُنْذُ عَهْدِ آدَمَ عليه السلام إِلَى وَقْتِ قِيَام قَائِمِنَا عليه السلام كُلُّ ذَلِكَ يُعَدَّدُهُ عليه السلام عَلَيْهِمَا، وَيُلْزمُهُمَا إِيَّاهُ(4) فَيَعْتَرفَان بِهِ ثُمَّ يَأمُرُ بِهِمَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَظَالِم مَنْ حَضَرَ، ثُمَّ يَصْلُبُهُمَا عَلَى الشَّجَرَةِ وَيَأمُرُ نَاراً تَخْرُجُ مِنَ الأرْض فَتُحْرقُهُمَا وَالشَّجَرَةَ، ثُمَّ يَأمُرُ ريحاً فَتَنْسِفُهُمَا فِي الْيَمَّ نَسْفاً).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي ذَلِكَ آخِرُ عَذَابِهِمَا؟
قَالَ: (هَيْهَاتَ يَا مُفَضَّلُ وَاللهِ لَيُرَدَّنَّ وَلَيَحْضُرَنَّ السَّيَّدُ الأكْبَرُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالصّدَّيقُ الأكْبَرُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً، وَلَيَقْتَصَّنَّ مِنْهُمَا لِجَمِيعِهِمْ حَتَّى إِنَّهُمَا لَيُقْتَلاَن فِي كُل يَوْم وَلَيْلَةٍ ألْفَ قَتْلَةٍ، وَيُرَدَّان إِلَى مَا شَاءَ رَبُّهُمَا.
ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام إِلَى الْكُوفَةِ وَيَنْزلُ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالنَّجَفِ، وَعِنْدَهُ أصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْم سِتَّةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَسِتَّةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن، وَالنُّقَبَاءُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ نَفْساً).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي كَيْفَ تَكُونُ دَارُ الْفَاسِقِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟
قَالَ: (فِي لَعْنَةِ اللهِ وَسَخَطِهِ تُخْربُهَا الْفِتَنُ وَتَتْرُكُهَا جَمَّاءَ فَالْوَيْلُ لَهَا وَلِمَنْ بِهَا كُلُّ الْوَيْل مِنَ الرَّايَاتِ الصُّفْر، وَرَايَاتِ الْمَغْربِ، وَمَنْ يَجْلِبُ الْجَزيرَةَ وَمِنَ الرَّايَاتِ الَّتِي تَسِيرُ إِلَيْهَا مِنْ كُلّ قَريبٍ أوْ بَعِيدٍ.
وَاللهِ لَيَنْزلَنَّ بِهَا مِنْ صُنُوفِ الْعَذَابِ مَا نَزَلَ بِسَائِر الاُمَم الْمُتَمَردَةِ مِنْ أوَّل الدَّهْر إِلَى آخِرهِ، وَلَيَنْزلَنَّ بِهَا مِنَ الْعَذَابِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأتْ وَلاَ اُذُنٌ سَمِعَتْ بِمِثْلِهِ وَلاَ يَكُونُ طُوفَانُ أهْلِهَا إِلاَّ بِالسَّيْفِ، فَالْوَيْلُ لِمَن اتَّخَذَ بِهَا مَسْكَناً فَإنَّ الْمُقِيمَ بِهَا يَبْقَى لِشَقَائِهِ، وَالْخَارجَ مِنْهَا بِرَحْمَةِ اللهِ.
وَاللهِ لَيَبْقَى مِنْ أهْلِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهَا هِيَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ دُورَهَا وَقُصُورَهَا هِيَ الْجَنَّةُ، وَإِنَّ بَنَاتِهَا هُنَّ الْحُورُ الْعِينُ، وَإِنَّ وِلْدَانَهَا هُمُ الْولْدَانُ، وَلَيَظُنَّنَّ أنَّ اللهَ لَمْ يَقْسِمْ رزْقَ الْعِبَادِ إِلاَّ بِهَا، وَلَيَظْهَرَنَّ فِيهَا مِنَ الاُمَرَاءِ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَالْحُكْم بِغَيْر كِتَابِهِ، وَمِنْ شَهَادَاتِ الزُّور، وَشُرْبِ الْخُمُور، وَ(إِتْيَان) الْفُجُور، وَأكْل السُّحْتِ وَسَفْكِ الدَّمَاءِ مَا لاَ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا كُلِّهَا إِلاَّ دُونَهُ، ثُمَّ لَيُخْربُهَا اللهُ بِتِلْكَ الْفِتَن وَتِلْكَ الرَّايَاتِ، حَتَّى لَيَمُرُّ عَلَيْهَا الْمَارُّ فَيَقُولُ: هَاهُنَا كَانَتِ الزَّوْرَاءُ.
ثُمَّ يَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ الْفَتَى الْصَبِيحُ الَّذِي نَحْوَ الدَّيْلَم! يَصِيحُ بِصَوْتٍ لَهُ فَصِيح: يَا آلَ أحْمَدَ أجِيبُوا الْمَلْهُوفَ، وَالْمُنَادِيَ مِنْ حَوْل الضَّريح فَتُجِيبُهُ كُنُوزُ اللهِ بِالطَّالَقَان كُنُوزٌ وَأيُّ كُنُوزٍ، لَيْسَتْ مِنْ فِضَّةٍ وَلاَ ذَهَبٍ، بَلْ هِيَ رجَالٌ كَزُبَر الْحَدِيدِ، عَلَى الْبَرَاذِين الشُّهْبِ، بِأيْدِيهِمُ الْحِرَابُ، وَلَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ الظَّلَمَةَ حَتَّى يَردَ الْكُوفَةَ وَقَدْ صَفَا أكْثَرُ الأرْض، فَيَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً.
فَيَتَّصِلُ بِهِ وَبِأصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام، وَيَقُولُونَ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا؟ فَيَقُولُ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ مَنْ هُوَ؟ وَمَا يُريدُ؟
وَهُوَ وَاللهِ يَعْلَمُ أنَّهُ الْمَهْدِيُّ، وَإِنَّهُ لَيَعْرفُهُ، وَلَمْ يُردْ بِذَلِكَ الأمْر إِلاَّ لِيُعَرفَ أصْحَابَهُ مَنْ هُوَ؟
فَيَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ فَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ فَأيْنَ هِرَاوَةُ جَدَّكَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَاتَمُهُ، وَبُرْدَتُهُ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَفَرَسُهُ الْيَرْبُوعُ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ، وَبَغْلَتُهُ الدُّلْدُلُ، وَحِمَارُهُ الْيَعْفُورُ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ، وَمُصْحَفُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام؟
فَيَخْرُجُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ يَأخُذُ الْهِرَاوَةَ فَيَغْرسُهَا فِي الْحَجَر الصَّلْدِ وَتُورقُ، وَلَمْ يُردْ ذَلِكَ إِلاَّ أنْ يُريَ أصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيَّ عليه السلام حَتَّى يُبَايِعُوهُ.
فَيَقُولُ الْحَسَنِيُّ: اللهُ أكْبَرُ مُدَّ يَدَكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ حَتَّى نُبَايِعَكَ، فَيَمُدُّ يَدَهُ فَيُبَايِعُهُ وَيُبَايِعُهُ سَائِرُ الْعَسْكَر الَّذِي مَعَ الْحَسَنِيَّ إِلاَّ أرْبَعِينَ ألْفاً أصْحَابُ الْمَصَاحِفِ الْمَعْرُوفُونَ بِالزّيدِيَّةِ، فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ.
فَيَخْتَلِطُ الْعَسْكَرَان فَيُقْبِلُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُنْحَرفَةِ، فَيَعِظُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ ثَلاَثَةَ أيَّام، فَلاَ يَزْدَادُونَ إِلاَّ طُغْيَاناً وَكُفْراً، فَيَأمُرُ بِقَتْلِهِمْ فَيُقْتَلُونَ جَمِيعاً، ثُمَّ يَقُولُ لأصْحَابِهِ: لاَ تَأخُذُوا الْمَصَاحِفَ، وَدَعُوهَا تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً كَمَا بَدَّلُوهَا وَغَيَّرُوهَا وَحَرَّفُوهَا وَلَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا يَصْنَعُ الْمَهْدِيُّ؟
قَالَ: (يَثُورُ سَرَايَ(5) عَلَى السُّفْيَانِيَّ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَأخُذُونَهُ وَيَذْبَحُونَهُ عَلَى الصَّخْرَةِ.
ثُمَّ يَظْهَرُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِي اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ صِدَّيقٍ وَاثْنَيْن وَسَبْعِينَ رَجُلاً أصْحَابِهِ يَوْمَ كَرْبَلاَءَ، فَيَا لَكَ عِنْدَهَا مِنْ كَرَّةٍ زَهْرَاءَ بَيْضَاءَ.
ثُمَّ يَخْرُجُ الصّدَّيقُ الأكْبَرُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَيُنْصَبُ لَهُ الْقُبَّةُ بِالنَّجَفِ، وَيُقَامُ أرْكَانُهَا: رُكْنٌ بِالنَّجَفِ، وَرُكْنٌ بِهَجَرَ، وَرُكْنٌ بِصَنْعَاءَ، وَرُكْنٌ بِأرْض طَيْبَةَ، لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى مَصَابِيحِهِ تُشْرقُ فِي السَّمَاءِ وَالأرْض، كَأضْوَاءٍ مِنَ الشَّمْس وَالْقَمَر، فَعِنْدَهَا ((تُبْلَى السَّرائِرُ))(6)، وَ((تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ...))(7) إِلَى آخِر الآيَةِ.
ثُمَّ يَخْرُجُ السَّيَّدُ الأكْبَرُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي أنْصَارهِ وَالْمُهَاجِرينَ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاسْتُشْهِدَ مَعَهُ، وَيَحْضُرُ مُكَذّبُوهُ وَالشَّاكُّونَ فِيهِ وَالرَّادُّونَ عَلَيْهِ وَالْقَائِلُونَ فِيهِ إِنَّهُ سَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَمَجْنُونٌ، وَنَاطِقٌ عَن الْهَوَى، وَمَنْ حَارَبَهُ وَقَاتَلَهُ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْهُمْ بِالْحَقَّ، وَيُجَازَوْنَ بِأفْعَالِهِمْ مُنْذُ وَقْتَ ظَهَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى ظُهُور الْمَهْدِيَّ مَعَ إِمَام إِمَام، وَوَقْتٍ وَقْتٍ، وَيَحِقُّ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)))(8).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَمَنْ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ؟
قَالَ: (أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَرَسُولُ اللهِ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليهما يَكُونَان مَعَهُ؟
فَقَالَ: (لاَ بُدَّ أنْ يَطَئَا الأرْضَ، إِي وَاللهِ حَتَّى مَا وَرَاءَ الْخَافِ، إِي وَاللهِ وَمَا فِي الظُّلُمَاتِ، وَمَا فِي قَعْر الْبِحَار، حَتَّى لاَ يَبْقَى مَوْضِعُ قَدَم إِلاَّ وَطِئَا وَأقَامَا فِيهِ الدَّينَ الْوَاجِبَ للهِ تَعَالَى.
ثُمَّ لَكَأنّي أنْظُرُ يَا مُفَضَّلُ إِلَيْنَا مَعَاشرَ الأئِمَّةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِنَا مِنَ الاُمَّةِ بَعْدَهُ، وَمَا نَالَنَا مِنَ التَّكْذِيبِ وَالرَّدِّ عَلَيْنَا وَسَبْينَا وَلَعْنِنَا وَتَخْوِيفِنَا بِالْقَتْل، وَقَصْدِ طَوَاغِيَتِهِمُ الْوُلاَةِ لامُورهِمْ مِنْ دُون الاُمَّةِ بِتَرْحِيلِنَا عَن الْحُرْمَةِ إِلَى دَار مُلْكِهِمْ، وَقَتْلِهِمْ إِيَّانَا بِالسَّمَّ وَالْحَبْس، فَيَبْكِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَقُولُ: يَا بَنيَّ مَا نَزَلَ بِكُمْ إِلاَّ مَا نَزَلَ بِجِدَّكُمْ قَبْلَكُمْ.
ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَاطِمَةُ عليها السلام وَتَشْكُو مَا نَالَهَا مِنْ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأخْذِ فَدَكَ مِنْهَا وَمَشْيِهَا إِلَيْهِ فِي مَجْمَع مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، وَخِطَابِهَا لَهُ فِي أمْر فَدَكَ، وَمَا رَدَّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الأنْبِيَاءَ لاَ تُورَثُ، وَاحْتِجَاجِهَا بِقَوْل زَكَريَّا وَيَحْيَى عليهما السلام وَقِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام.
وَقَوْل عُمَرَ: هَاتِي صَحِيفَتَكِ الَّتِي ذَكَرْتِ أنَّ أبَاكِ كَتَبَهَا لَكِ وَإِخْرَاجِهَا الصَّحِيفَةَ وَأخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهَا، وَنَشْرهِ لَهَا عَلَى رُءُوس الأشْهَادِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار وَسَائِر الْعَرَبِ وَتَفْلِهِ فِيهَا، وَتَمْزيقِهِ إِيَّاهَا وَبُكَائِهَا وَرُجُوعِهَا إِلَى قَبْر أبِيهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَاكِيَةً حَزينَةً تَمْشي عَلَى الرَّمْضَاءِ قَدْ أقْلَقَتْهَا، وَاسْتِغَاثَتِهَا بِاللهِ وَبأبِيهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَتَمَثُّلِهَا بِقَوْل رُقَيْقَةَ بِنْتِ صَيْفِي(9):
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُر الْخَطْبُ
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الأرْض وَابِلَهَا وَاخْتَلَّ أهْلُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ لَعِبُوا
أبْدَتْ رجَالٌ لَنَا فَحْوَى صُدُورهِمْ لَمَّا نَأيْتَ وَحَالَتْ دُونَكَ الْحُجُبُ
لِكُلّ قَوْم لَهُمْ قُرْبٌ وَمَنْزلَةٌ عِنْدَ الإلَهِ عَلَى الأدْنَيْنَ مُقْتَربٌ
يَا لَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ حَلَّ بِنَا أمَلُوا اُنَاسٌ فَفَازُوا بِالَّذِي طَلَبُوا
وَتَقُصُّ عَلَيْهِ قِصَّةَ أبِي بَكْرٍ وَإِنْفَاذِهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَقُنْفُذاً وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَمْعِهِ النَّاسَ لإخْرَاج أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْبَيْعَةِ فِي سَقِيفَةِ بَني سَاعِدَةَ وَاشْتِغَال أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام بَعْدَ وَفَاةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِضَمَّ أزْوَاجِهِ وَقَبْرهِ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَجَمْع الْقُرْآن وَقَضَاءِ دَيْنهِ، وَإِنْجَازِ عِدَاتِهِ، وَهِيَ ثَمَانُونَ ألْفَ دِرْهَم، بَاعَ فِيهَا تَلِيدَهُ وَطَارفَهُ وَقَضَاهَا عَنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وَقَوْل عُمَرَ: اخْرُجْ يَا عَلِيُّ إِلَى مَا أجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَإِلاَّ قَتَلْنَاكَ، وَقَوْل فِضَّةَ جَاريَةِ فَاطِمَةَ: إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مَشْغُولٌ وَالْحَقُّ لَهُ إِنْ أنْصَفْتُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ وَأنْصَفْتُمُوهُ(10)، وَجَمْعِهِمُ الْجَزْلَ وَالْحَطَبَ عَلَى الْبَابِ لإحْرَاقِ بَيْتِ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَزَيْنَبَ وَاُمَّ كُلْثُوم وَفِضَّةَ، وَإِضْرَامِهِمُ النَّارَ عَلَى الْبَابِ، وَخُرُوج فَاطِمَةَ إِلَيْهِمْ وَخِطَابِهَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ.
وَقَوْلِهَا: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ مَا هَذِهِ الْجُرْأةُ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ؟ تُريدُ أنْ تَقْطَعَ نَسْلَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَتُفْنِيَهُ وَتُطْفِئَ نُورَ اللهِ؟ وَاللهُ مُتِمُّ نُورهِ، وَانْتِهَارهِ لَهَا.
وَقَوْلِهِ: كُفّي يَا فَاطِمَةُ فَلَيْسَ مُحَمَّدٌ حَاضِراً وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ آتِيَةً بِالأمْر وَالنَّهْي وَالزَّجْر مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمَا عَلِيٌّ إِلاَّ كَأحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَاخْتَاري إِنْ شئْتِ خُرُوجَهُ لِبَيْعَةِ أبِي بَكْرٍ أوْ إِحْرَاقَكُمْ جَمِيعاً.
فَقَالَتْ وَهِيَ بَاكِيَةٌ: اللهُمَّ إِلَيْكَ نَشْكُو فَقْدَ نَبِيَّكَ وَرَسُولِكَ وَصَفِيَّكَ، وَارْتِدَادَ اُمَّتِهِ عَلَيْنَا، وَمَنْعَهُمْ إِيَّانَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لَنَا فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَل عَلَى نَبِيَّكَ الْمُرْسَل.
فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: دَعِي عَنْكِ يَا فَاطِمَةُ حُمْقَاتِ النّسَاءِ، فَلَمْ يَكُن اللهُ لِيَجْمَعَ لَكُمُ النُّبُوَّةَ وَالْخِلاَفَةَ، وَأخَذَتِ النَّارُ فِي خَشَبِ الْبَابِ.
وَإِدْخَال قُنْفُذٍ يَدَهُ لَعَنَهُ اللهُ يَرُومُ فَتْحَ الْبَابِ، وَضَرْبِ عُمَرَ لَهَا بِالسَّوْطِ عَلَى عَضُدِهَا، حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُج الأسْوَدِ، وَرَكْل الْبَابِ بِرجْلِهِ، حَتَّى أصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلَةٌ بِالْمُحَسَّن، لِسِتَّةِ أشْهُرٍ وَإِسْقَاطِهَا إِيَّاهُ.
وَهُجُوم عُمَرَ وَقُنْفُذٍ وَخَالِدِ بْن الْوَلِيدِ وَصَفْقِهِ خَدَّهَا حَتَّى بَدَا قُرْطَاهَا تَحْتَ خِمَارهَا، وَهِيَ تَجْهَرُ بِالْبُكَاءِ، وَتَقُولُ: وَا أبَتَاهْ، وَا رَسُولَ اللهِ، ابْنَتُكَ فَاطِمَةُ تُكَذَّبُ وَتُضْرَبُ، وَيُقْتَلُ جَنِينٌ فِي بَطْنِهَا.
وَخُرُوج أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْ دَاخِل الدَّار مُحْمَرَّ الْعَيْن حَاسِراً، حَتَّى ألْقَى مُلاَءَتَهُ عَلَيْهَا، وَضَمَّهَا إِلَى صَدْرهِ، وَقَوْلِهِ لَهَا: يَا بِنْتَ رَسُول اللهِ قَدْ عَلِمْتِي أنَّ أبَاكِ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، فَاللهَ اللهَ أنْ تَكْشفِي خِمَارَكِ، وَتَرْفَعِي نَاصِيَتَكِ، فَوَ اللهِ يَا فَاطِمَةُ لَئِنْ فَعَلْتِ ذَلِكِ لاَ أبْقَى اللهُ عَلَى الأرْض مَنْ يَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَلاَ مُوسَى وَلاَ عِيسَى وَلاَ إِبْرَاهِيمَ وَلاَ نوح (نُوحاً) وَلاَ آدَمَ، وَلاَ دَابَّةً تَمْشي عَلَى الأرْض وَلاَ طَائِراً فِي السَّمَاءِ إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَكَ الْوَيْلُ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ وَمَا يَلِيهِ اخْرُجْ قَبْلَ أنْ أشْهَرَ سَيْفِي فَاُفْنِيَ غَابِرَ الاُمَّةِ.
فَخَرَجَ عُمَرُ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَقُنْفُذٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ أبِي بِكْرٍ فَصَارُوا مِنْ خَارج الدَّار، وَصَاحَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِفِضَّةَ: يَا فِضَّةُ مَوْلاَتَكِ فَاقْبَلِي مِنْهَا مَا تَقْبَلُهُ النّسَاءُ فَقَدْ جَاءَهَا الْمَخَاضُ مِنَ الرَّفْسَةِ وَرَدَّ الْبَابِ، فَأسْقَطَتْ مُحَسَّناً، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَإنَّهُ لاَحِقٌ بِجَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَشْكُو إِلَيْهِ.
وَحَمْل أمِير الْمُؤْمِنينَ لَهَا فِي سَوَادِ اللَّيْل وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَزَيْنَبَ وَاُمِّ كُلْثُوم إِلَى دُور الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، يُذَكّرُهُمْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَعَهْدِهِ الَّذِي بَايَعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَبَايَعُوهُ عَلَيْهِ فِي أرْبَعَةِ مَوَاطِنَ فِي حَيَاةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم(11) وَتَسْلِيمِهِمْ عَلَيْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ فِي جَمِيعِهَا، فَكُلٌّ يَعِدُهُ بِالنَّصْر فِي يَوْمِهِ الْمُقْبِل، فَإذَا أصْبَحَ قَعَدَ جَمِيعُهُمْ عَنْهُ ثُمَّ يَشْكُو إِلَيْهِ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام الْمِحَنَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي امْتُحِنَ بِهَا بَعْدَهُ.
وَقَوْلِهِ: لَقَدْ كَانَتْ قِصَّتِي مِثْلَ قِصَّةِ هَارُونَ مَعَ بَني إِسْرَائِيلَ وَقَوْلِي كَقَوْلِهِ لِمُوسَى: ((ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَْعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))(12) فَصَبَرْتُ مُحْتَسِباً وَسَلَّمْتُ رَاضِياً وَكَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِي خِلاَفِي، وَنَقْضِهِمْ عَهْدِيَ الَّذِي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ.
وَاحْتَمَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ وَصِيُّ نَبِيًّ مِنْ سَائِر الأوْصِيَاءِ مِنْ سَائِر الاُمَم حَتَّى قَتَلُوني بِضَرْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مُلْجَم، وَكَانَ اللهُ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ فِي نَقْضِهِمْ بَيْعَتِي.
وَخُرُوج طَلْحَةَ وَالزُّبَيْر بِعَائِشَةَ إِلَى مَكَّةَ يُظْهِرَان الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَسَيْرهِمْ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَخُرُوجِي إِلَيْهِمْ وَتَذْكِيري لَهُمُ اللهَ وَإِيَّاكَ، وَمَا جِئْتَ بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمْ يَرْجِعَا حَتَّى نَصَرَنيَ اللهُ عَلَيْهِمَا حَتَّى اُهْرقَتْ دِمَاءُ عِشْرينَ ألف (ألْفاً) مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقُطِعَتْ سَبْعُونَ كَفّاً عَلَى زِمَام الْجَمَل، فَمَا لَقِيتُ فِي غَزَوَاتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَبَعْدَكَ أصْعَبَ يَوْماً مِنْهُ أبَداً، لَقَدْ كَانَ مِنْ أصْعَبِ الْحُرُوبِ الَّتِي لَقِيتُهَا، وَأهْوَلِهَا وَأعْظَمِهَا فَصَبَرْتُ كَمَا أدَّبَنيَ اللهُ بِمَا أدَّبَكَ بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ))(13)، وَقَوْلِهِ: ((وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ))(14) وَحَقَّ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ تَأوِيلُ الآيَةِ الَّتِي أنْزَلَهَا اللهُ فِي الاُمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ فِي قَوْلِهِ: ((وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ))(15).
يَا مُفَضَّلُ وَيَقُومُ الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى جَدَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا جَدَّاهْ كُنْتُ مَعَ أمِير الْمُؤْمِنينَ فِي دَار هِجْرَتِهِ بِالْكُوفَةِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ بِضَرْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مُلْجَم لَعَنَهُ اللهُ فَوَصَّانِي بِمَا وَصَّيْتَهُ يَا جَدَّاهْ، وَبَلَغَ اللَّعِينَ مُعَاوِيَةَ قَتْلُ أبِي فَأنْفَذَ الدَّعِيَّ اللَّعِينَ زِيَاداً إِلَى الْكُوفَةِ فِي مِائَةِ ألْفٍ وَخَمْسِينَ ألْفَ مُقَاتِلٍ(16) فَأمَرَ بِالْقَبْض عَلَيَّ وَعَلَى أخِيَ الْحُسَيْن وَسَائِر إِخْوَانِي وَأهْل بَيْتِي، وَشيعَتِنَا وَمَوَالِينَا وَأنْ يَأخُذَ عَلَيْنَا الْبَيْعَةَ لِمُعَاوِيَةَ، فَمَنْ يَأبَى مِنَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ وَسَيَّرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَأسَهُ.
الهوامش:
(1) قد مرَّ في (ص 133/ باب 24) أحاديث في ذلك مع ضعف إسنادها. ولكن كاتب هذا الحديث أبرزها بصورة قصصية تأباه سُنّة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسُنّة الله تبديلاً. راجع: (ج 52/ ص 159) من المطبوعة.
(2) كأنَّ قاص هذا الخبر كان يقول بالكور والدور وأنَّ كلّ رجل يعيش في دار الدنيا في كلّ كور ودور فيكون عيشه في دار الدنيا مرّات عديدة، ولذلك يستحثّهما بالسؤال عن الأفعال التي صدرت منهما في تلك الأكوار والأدوار.
(3) ذكره ابن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة، فراجع.
(4) سيأتي في (بيان) المؤلّف بعد هذا العلّة والسبب في هذا الإلزام.
(5) في الأصل المطبوع: (يثور سراباً)، فتحرَّر.
(6) الطارق: 9.
(7) وبعده: ((وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ))، (الحجّ: 2).
(8) القصص: 5 و6.
(9) في الأصل المطبوع: (رقية)، والصحيح ما في الصلب عنونها الجزري في اُسد الغابة 5: 454، وقال: (بنت صيفي بن هاشم بن عبد مناف)؛ وعنونها في الإصابة 4: 296، وقال: (رقيقة: بقافين مصغّرة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد المطلب). ولكن نسب الأشعار أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتابه السقيفة بإسناده عن عمر بن شبة إلى هند ابنة أثاثة. راجع كشف الغمّة 2: 49، وفيها اختلاف.
(10) إلى هنا جاء في مختصر بصائر الدرجات.
(11) أخرج المصنّف رحمه الله أحاديث كثيرة في ذلك في أحوال مولانا أمير المؤمنين تراها في (ج 37/ ص 290 و340) من المطبوعة، وليس فيها ما يذكر أنَّهم بايعوه عليه السلام على إمرة المؤمنين. بل كانوا يسلّمون عليه بإمرة المؤمنين، نعم في أحاديث الغدير ما يذكر أنَّهم بايعوه على ذلك. فراجع (ج 37/ ص 217) من المطبوعة.
(12) الأعراف: 150.
(13) الأحقاف: 35.
(14) النحل: 127.
(15) آل عمران: 144.
(16) هو زياد بن عبيد الثقفي الذي استلحقه معاوية وجعله أخاً له من أبي سفيان، وقد كان حين قتل علي عليه السلام عاملاً له على بلاد فارس وكرمان، يبغض معاوية ويشنأه.
فأطمعه معاوية وكاتبه وراسله بعد أن صالح مع الحسن السبط عليه السلام فخرج زياد من معقله بفارس بعد ما استوثق من معاوية لنفسه، فجاءه في دمشق وسلَّم عليه بإمرة المؤمنين.
فكما ترى أراد كاتب هذا الحديث أن يعلّل صلح الحسن السبط مع معاوية بأنَّه عليه السلام كان مهضوماً وحيداً لا يستطيع أن يبارزه، لكنَّه جاء بترهات من مخائله تخالف التاريخ الواضح المشهور من رأس.
******************
فَلَمَّا عَلِمْتُ ذَلِكَ مِنْ فِعْل مُعَاوِيَةَ، خَرَجْتُ مِنْ دَاري، فَدَخَلْتُ جَامِعَ الْكُوفَةِ لِلصَّلاَةِ، وَرَقَأتُ الْمِنْبَرَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَحَمِدْتُ اللهَ وَأثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ:
مَعْشَرَ النَّاس عَفَتِ الدَّيَارُ، وَمُحِيَتِ الآثَارُ، وَقَلَّ الاصْطِبَارُ، فَلاَ قَرَارَ عَلَى هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين وَحُكْم الْخَائِنينَ، السَّاعَةَ وَاللهِ صَحَّتِ الْبَرَاهِينُ، وَفُصّلَتِ الآيَاتُ، وَبَانَتِ الْمُشْكِلاَتُ، وَلَقَدْ كُنَّا نَتَوَقَّعُ تَمَامَ هَذِهِ الآيَةِ تَأوِيلَهَا قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ))(1)، فَلَقَدْ مَاتَ وَاللهِ جَدَّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَقُتِلَ أبِي عليه السلام وَصَاحَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ فِي قُلُوبِ النَّاس وَنَعَقَ نَاعِقُ الْفِتْنَةِ، وَخَالَفْتُمُ السُّنَّةَ، فَيَا لَهَا مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ عَمْيَاءَ، لاَ يُسْمَعُ لِدَاعِيهَا وَلاَ يُجَابُ مُنَادِيهَا، وَلاَ يُخَالَفُ وَالِيهَا، ظَهَرَتْ كَلِمَةُ النّفَاقِ، وَسُيَّرَتْ رَايَاتُ أهْل الشقَاقِ، وَتَكَالَبَتْ جُيُوشُ أهْل الْمَرَاقِ، مِنَ الشَّام وَالْعِرَاقِ، هَلُمُّوا رَحِمَكُمُ اللهُ إِلَى الافْتِتَاح، وَالنُّور الْوَضَّاح، وَالْعِلْم الْجَحْجَاح، وَالنُّور الَّذِي لاَ يُطْفَى، وَالْحَقَّ الَّذِي لاَ يَخْفَى.
أيُّهَا النَّاسُ تَيَقَّظُوا مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ، وَمِنْ تَكَاثُفِ الظُّلْمَةِ(2) فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأ النَّسَمَةَ، وَتَرَدَّى بِالْعَظَمَةِ، لَئِنْ قَامَ إِلَيَّ مِنْكُمْ عُصْبَةٌ بِقُلُوبٍ صَافِيَةٍ وَنيَّاتٍ مُخْلِصَةٍ، لاَ يَكُونُ فِيهَا شَوْبُ نِفَاقٍ، وَلاَ نِيَّةُ افْتِرَاقٍ، لاَجَاهِدَنَّ بِالسَّيْفِ قُدُماً قُدُماً، وَلاَضِيقَنَّ مِنَ السُّيُوفِ جَوَانِبَهَ(3) وَمِنَ الرمَاح أطْرَافَهَا، وَمِنَ الْخَيْل سَنَابِكَهَا، فَتَكَلَّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ.
فَكَأنَّمَا اُلْجِمُوا بِلِجَام الصَّمْتِ عَنْ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ، إِلاَّ عِشْرُونَ رَجُلاً فَإنَّهُمْ قَامُوا إِلَيَّ فَقَالُوا: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا نَمْلِكُ إِلاَّ أنْفُسَنَا وَسُيُوفَنَا، فَهَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ لأمْركَ طَائِعُونَ، وَعَنْ رَأيِكَ صَادِرُونَ، فَمُرْنَا بِمَا شئْتَ! فَنَظَرْتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَمْ أرَ أحَداً غَيْرَهُمْ.
فَقُلْتُ: لِي اُسْوَةٌ بِجَدَّي رَسُول اللهِ حِينَ عَبَدَ اللهَ سِرّاً، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ رَجُلاً فَلَمَّا أكْمَلَ اللهُ لَهُ الأرْبَعِينَ صَارَ فِي عِدَّةٍ وَأظْهَرَ أمْرَ اللهِ، فَلَوْ كَانَ مَعِي عِدَّتُهُمْ جَاهَدْتُ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ.
ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي نَحْوَ السَّمَاءِ فَقُلْتُ: اللهُمَّ إِنّي قَدْ دَعَوْتُ وَأنْذَرْتُ، وَأمَرْتُ وَنَهَيْتُ، وَكَانُوا عَنْ إِجَابَةِ الدَّاعِي غَافِلِينَ، وَعَنْ نُصْرَتِهِ قَاعِدِينَ، وَعَنْ طَاعَتِهِ مُقَصّرينَ وَلأعْدَائِهِ نَاصِرينَ، اللهُمَّ فَأنْزِلْ عَلَيْهِمْ رجْزَكَ، وَبَأسَكَ وَعَذَابَكَ، الَّذِي لاَ يُرَدُّ عَن الْقَوْم الظَّالِمِينَ وَنَزَلْتُ‏.
ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ رَاحِلاً إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءُوني يَقُولُونَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ أسْرَى سَرَايَاهُ إِلَى الأنْبَار وَالْكُوفَةِ، وَشَنَّ غَارَاتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلَ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْهُ وَقَتَلَ النّسَاءَ وَالأطْفَالَ، فَأعْلَمْتُهُمْ أنَّهُ لاَ وَفَاءَ لَهُمْ، فَأنْفَذْتُ مَعَهُمْ رجَالاً وَجُيُوشاً وَعَرَّفْتُهُمْ أنَّهُمْ يَسْتَجِيبُونَ لِمُعَاوِيَةَ، وَيَنْقُضُونَ عَهْدِي وَبَيْعَتِي، فَلَمْ يَكُنْ إِلاَّ مَا قُلْتُ لَهُمْ، وَأخْبَرْتُهُمْ.
ثُمَّ يَقُومُ الْحُسَيْنُ عليه السلام مُخَضَّباً بِدَمِهِ هُوَ وَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ، فَإذَا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَكَى وَبَكَى أهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض لِبُكَائِهِ، وَتَصْرُخُ فَاطِمَةُ عليها السلام فَتُزَلْزَلُ الأرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَيَقِفُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنُ عليهما السلام عَنْ يَمِينهِ، وَفَاطِمَةُ عَنْ شمَالِهِ، وَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَيَضُمُّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى صَدْرهِ وَيَقُولُ: يَا حُسَيْنُ!
فَدَيْتُكَ قَرَّتْ عَيْنَاكَ وَعَيْنَايَ فِيكَ، وَعَنْ يَمِين الْحُسَيْن حَمْزَةُ أسَدُ اللهِ فِي أرْضِهِ، وَعَنْ شمَالِهِ جَعْفَرُ بْنُ أبِي طَالِبٍ الطَّيَّارُ، وَيَأتِي مُحَسَّنٌ تَحْمِلُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أسَدٍ اُمُّ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُنَّ صَارخَاتٌ وَاُمُّهُ فَاطِمَةُ تَقُولُ: ((هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ))(4)، الْيَوْمَ ((تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً))(5)).
قَالَ: فَبَكَى الصَّادِقُ عليه السلام حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوع، ثُمَّ قَالَ: (لاَ قَرَّتْ عَيْنٌ لاَ تَبْكِي عِنْدَ هَذَا الذِّكْر).
قَالَ: وَبَكَى الْمُفَضَّلُ بُكَاءً طَويلاً ثُمَّ قَالَ: يَا مَوْلاَيَ مَا فِي الدُّمُوع يَا مَوْلاَيَ؟
فَقَالَ: (مَا لاَ يُحْصَى إِذَا كَانَ مِنْ مُحِقًّ).
ثُمَّ قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ))(6)؟
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ وَالْمَوْؤُدَةُ وَاللهِ مُحَسَّنٌ، لأنَّهُ مِنَّا لاَ غَيْرُ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَكَذّبُوهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (تَقُومُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَتَقُولُ: اللهُمَّ أنْجِزْ وَعْدَكَ وَمَوْعِدَكَ لِي فِيمَنْ ظَلَمَنِي وَغَصَبَني، وَضَرَبَني وَجَزَعَنِي بكُلّ أوْلاَدِي، فَتَبْكِيهَا مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ السَّبْع وَحَمَلَةُ الْعَرْش، وَسُكَّانُ الْهَوَاءِ، وَمَنْ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْ تَحْتَ أطْبَاقِ الثَّرَى، صَائِحِينَ صَارخِينَ إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَلاَ يَبْقَى أحَدٌ مِمَّنْ قَاتَلَنَا وَظَلَمَنَا وَرَضِيَ بِمَا جَرَى عَلَيْنَا إِلاَّ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْم ألْفَ قَتْلَةٍ(7) دُونَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيل اللهِ، فَإنَّهُ لاَ يَذُوقُ الْمَوْتَ وَهُوَ كَمَا قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ))(8)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ إِنَّ مِنْ شيعَتِكُمْ مَنْ لاَ يَقُولُ بِرَجْعَتِكُمْ؟
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّمَا سَمِعُوا قَوْلَ جَدَّنَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَنَحْنُ سَائِرَ الأئِمَّةِ نَقُولُ: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(9)).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (الْعَذَابُ الأدْنَى عَذَابُ الرَّجْعَةِ، وَالْعَذَابُ الأكْبَرُ عَذَابُ يَوْم الْقِيَامَةِ، الَّذِي ((تُبَدَّلُ الأَْرْضُ غَيْرَ الأَْرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا للهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ))(10)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ نَحْنُ نَعْلَمُ أنَّكُمْ اخْتِيَارُ اللهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ))(11)، وَقَوْلِهِ: ((اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ))(12)، وَقَوْلِهِ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(13).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ فَأيْنَ نَحْنُ فِي هَذِهِ الآيَةِ؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَوَ اللهِ ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ))(14)، وَقَوْلِهِ: ((مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ))(15)، وَقَوْلِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ((وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَْصْنامَ))(16)، وَقَدْ عَلِمْنَا أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مَا عَبَدَا صَنَماً وَلاَ وَثَناً وَلاَ أشْرَكَا بِاللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ. وَقَوْلِهِ: ((وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))(17) وَالْعَهْدُ عَهْدُ الإمَامَةِ لاَ يَنَالُهُ ظَالِمٌ.
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ وَمَا عِلْمُكَ بِأنَّ الظَّالِمَ لاَ يَنَالُ عَهْدَ الإمَامَةِ؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ لاَ تَمْتَحِنَّي بِمَا لاَ طَاقَةَ لِي بِهِ، وَلاَ تَخْتَبِرْني وَلاَ تَبْتَلِني، فَمِنْ عِلْمِكُمْ عَلِمْتُ وَمِنْ فَضْل اللهِ عَلَيْكُمْ أخَذْتُ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا مُفَضَّلُ وَلَوْ لاَ اعْتِرَافُكَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ لَمَا كُنْتَ هَكَذَا، فَأيْنَ يَا مُفَضَّلُ الآيَاتُ مِنَ الْقُرْآن فِي أنَّ الْكَافِرَ ظَالِمٌ؟).
قَالَ: نَعَمْ يَا مَوْلاَيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ))،(18) (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الْفاسِقُونَ)، وَمَنْ كَفَرَ وَفَسَقَ وَظَلَمَ لاَ يَجْعَلُهُ اللهُ لِلنَّاس إِمَاماً.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أحْسَنْتَ يَا مُفَضَّلُ فَمِنْ أيْنَ قُلْتَ بِرَجْعَتِنَا؟ وَمُقَصّرَةُ شيعَتِنَا تَقُولُ: مَعْنَى الرَّجْعَةِ أنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيْنَا مُلْكَ الدُّنْيَا وَأنْ يَجْعَلَهُ لِلْمَهْدِيَّ، وَيْحَهُمْ مَتَى سُلِبْنَا الْمُلْكَ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْنَا؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: لاَ وَاللهِ وَمَا سُلِبْتُمُوهُ وَلاَ تُسْلَبُونَهُ لأنَّهُ مُلْكُ النُّبُوَّةِ وَالرسَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالإمَامَةِ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ لَوْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ شيعَتُنَا لَمَا شَكُّوا فِي فَضْلِنَا أمَا سَمِعُوا قَوْلَهُ عزّ وجل: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(19)؟
وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ إِنَّ تَنْزِيلَ هَذِهِ الآيَةِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَأوِيلَهَا فِينَا وَإِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ تَيْمٌ وَعَدِيٌّ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَالْمُتْعَةُ؟
قَالَ: (الْمُتْعَةُ حَلاَلٌ طِلْقٌ وَالشَّاهِدُ بِهَا قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً))(20) أيْ مَشْهُوداً وَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْمُشْتَهَرُ بِالْوَلِيَّ وَالشُّهُودِ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى الْوَلِيَّ وَالشُّهُودِ فِي النّكَاح لِيَثْبُتَ النَّسْلُ وَيَصِحَّ النَّسَبُ وَيَسْتَحِقَّ الْمِيرَاثَ، وَقَوْلُهُ: ((وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)).(21)
وَجَعَلَ الطَّلاَقَ فِي النّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتِ غَيْرَ جَائِزٍ إِلاَّ بِشَاهِدَيْن ذَوَيْ عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ فِي سَائِر الشَّهَادَاتِ عَلَى الدَّمَاءِ وَالْفُرُوج وَالأمْوَال وَالأمْلاَكِ: ((وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ))(22).
وَبَيَّنَ الطَّلاَقَ عَزَّ ذِكْرُهُ فَقَالَ: ((يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ))(23) وَلَوْ كَانَتِ الْمُطَلَّقَةُ تَبِينُ بِثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ تَجْمَعُهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ أوْ أكْثَرُ مِنْهَا أوْ أقَلُّ لَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ للهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ))(24)، وَقَوْلِهِ: ((لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)) هُوَ نُكْرٌ يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْج وَزَوْجَتِهِ، فَيُطَلّقُ التَّطْلِيقَةَ الاُولَى بِشَهَادَةِ ذَوَيْ عَدْلٍ.
وَحَدُّ وَقْتِ التَّطْلِيقِ هُوَ آخِرُ الْقُرُوءِ، وَالْقُرْءُ هُوَ الْحَيْضُ، وَالطَّلاَقُ يَجِبُ عِنْدَ آخِر نُقْطَةٍ بَيْضَاءَ تَنْزلُ بَعْدَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ، وَإِلَى التَّطْلِيقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَا يُحْدِثُ اللهُ بَيْنَهُمَا، عَطْفاً أوْ زَوَالَ مَا كَرهَاهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))(25) هَذَا لِقَوْلِهِ فِي أنَّ لِلْبُعُولَةِ مُرَاجَعَةَ النّسَاءِ مِنْ تَطْلِيقَةٍ إِلَى تَطْلِيقَةٍ، إِنْ أرَادُوا إِصْلاَحاً وَلِلنّسَاءِ مُرَاجَعَةَ الرجَال فِي مِثْل ذَلِكَ.
ثُمَّ بَيَّنَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَقَالَ: ((الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)) وَفِي الثَّالِثَةِ، فَإنْ طَلَّقَ الثَّالِثَةَ بَانَتْ فَهُوَ قَوْلُهُ: ((فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ))(26) ثُمَّ يَكُونُ كَسَائِر الْخُطَّابِ لَهَا.
وَالْمُتْعَةُ الَّتِي أحَلَّهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ وَأطْلَقَهَا الرَّسُولُ عَن اللهِ لِسَائِر الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً))(27) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُتْعَةِ أنَّ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقاً وَلِلْمُتْعَةِ اُجْرَةً.
فَتَمَتَّعَ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ(28) عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الْحَجَّ وَغَيْرهِ، وَأيَّام أبِي بَكْرٍ، وَأرْبَع سِنِينَ فِي أيَّام عُمَرَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى اُخْتِهِ عَفْرَاءَ فَوَجَدَ فِي حَجْرهَا طِفْلاً يَرْضَعُ مِنْ ثَدْيِهَا فَنَظَرَ إِلَى دِرَّةِ اللَّبَن فِي فَم الطّفْل فَاُغْضِبَ وَأرْعَدَ وَارْبَدَّ وَأخَذَ الطّفْلَ عَلَى يَدِهِ، وَخَرَجَ حَتَّى أتَى الْمَسْجِدَ، وَرَقَى الْمِنْبَرَ وَقَالَ: نَادُوا فِي النَّاس أنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةً، وَكَانَ غَيْرَ وَقْتِ صَلاَةٍ يَعْلَمُ النَّاسُ أنَّهُ لأمْرٍ يُريدُهُ عُمَرُ فَحَضَرُوا فَقَالَ: مَعَاشرَ النَّاس مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار وَأوْلاَدِ قَحْطَانَ مَنْ مِنْكُمْ يُحِبُّ أنْ يَرَى الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ مِنَ النّسَاءِ، وَلَهَا مِثْلُ هَذَا الطّفْل؟ قَدْ خَرَجَ مِنْ أحْشَائِهَا وَهُوَ يَرْضَعُ عَلَى ثَدْيِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَبَعَّلَةٍ؟ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْم: مَا نُحِبُّ هَذَا؟ فَقَالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اُخْتِي عَفْرَاءَ(29) بِنْتَ خَيْثَمَةَ اُمَّي وَأبِيَ الْخَطَّابِ غَيْرُ مُتَبَعَّلَةٍ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإنّي دَخَلْتُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَوَجَدْتُ هَذَا الطّفْلَ فِي حَجْرهَا فَنَاشَدْتُهَا أنَّى لَكِ هَذَا؟ فَقَالَتْ: تَمَتَّعْتُ.
الهوامش:
(1) آل عمران: 144.
(2) في الأصل المطبوع: (ومن تكانيف الظلمة)، فتحرَّر.
(3) كأنَّ الضمير يرجع إلى دمشق الشام.
(4) الأنبياء: 103.
(5) آل عمران: 30.
(6) التكوير: 8 و9.
(7) توهَّم الكاتب أنَّ القتل ألف قتلة أشدُّ عليهم من نار الجحيم أعاذنا الله منه والله تعالى يقول: ((لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)) (فاطر: 36)، ويحكى عنهم أنَّهم يقولون: ((يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)) (الزخرف: 77). هذا مع ما ورد أنَّه لا سبيل بعد الحشر إلى الممات. ثُمَّ العجب استثناؤه من هؤلاء الظلمة، الذين استشهدوا في سبيل الله لقوله تعالى: ((بَلْ أَحْياءٌ))، والحال أنَّه تعالى يقول: ((لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)).
(8) آل عمران: 169 و170.
(9) السجدة: 21. ومراد الكاتب أنَّ ضمير الجمع في قوله تعالى: ((لَنُذِيقَنَّهُمْ)) يراد به رسول الله والأئمّة عليهم السلام.
(10) إبراهيم: 48.
(11) الأنعام: 83؛ يوسف: 76.
(12) الأنعام: 124.
(13) آل عمران: 33 و34.
(14) آل عمران: 68.
(15) الحجّ: 78.
(16) إبراهيم: 35.
(17) البقرة: 124.
(18) البقرة: 254، وما بعده آية متوهّمة لا توجد في القرآن كيف والفاسق هو الذي دخل في جماعة المسلمين، لكنَّه فسق وخرج عن حكم الله، والكافر لم يدخل في حكم الله بعد، ولذلك يقول الله عزّ وجل: ((إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ)) (التوبة: 68). ويقول: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)) (المائدة: 47)، وغير ذلك.
(19) القصص: 5 و6.
(20) البقرة: 235.
(21) النساء: 4.
(22) البقرة: 282.
(23) الطلاق: 1.
(24) الطلاق: 1 و2.
(25) البقرة: 228.
(26) البقرة: 230.
(27) النساء: 24.
(28) السائر بمعنى الباقي، وقولهم: سائر الناس همج: أي باقي الناس باتّفاق أهل اللغة كما في اللسان. وقد يستعمل في كلام المولدين بمعنى الجميع كما في هذا الكلام، نعم قال الجوهري في الصحاح: (وسائر الناس: جميعهم).
(29) لم يعنونها أصحاب الرجال وإنَّما عنونوا صفيّة بنت الخطاب كانت زوجة قدامة بن مظعون، وأظنّ القصَّة مجعولة مختلقة، فإنَّ عمر بن الخطاب كان يتعصَّب لسنن الجاهلية ولذلك أنكر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعة الحجّ ولم يحل عن إحرامه في حجّة الوداع مع أنَّه لم يسق الهدي، وقال: (أننطلق وذكر أحدنا تقطر) فالظاهر أنَّه كان يجد إنكار متعة النّساء في نفسه من زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. لا أنَّه دخل على عفراء... الخ.
******************
فَأعْلِمُوا سَائِرَ النَّاس! أنَّ هَذِهِ الْمُتْعَةَ الَّتِي كَانَتْ حَلاَلاً لِلْمُسْلِمِينَ فِي عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ رَأيْتُ تَحْريمَهَا، فَمَنْ أبَى ضَرَبْتُ جَنْبَيْهِ بِالسَّوْطِ(1) فَلَمْ يَكُن‏ فِي الْقَوْم مُنْكِرٌ قَوْلَهُ، وَلاَ رَادٌّ عَلَيْهِ، وَلاَ قَائِلٌ: لاَ يَأتِي رَسُولٌ بَعْدَ رَسُول اللهِ أوْ كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ، لاَ نَقْبَلُ خِلاَفَكَ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَكِتَابِهِ، بَلْ سَلَّمُوا وَرَضُوا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَمَا شَرَائِطُ الْمُتْعَةِ؟
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لَهَا سَبْعُونَ شَرْطاً مَنْ خَالَفَ فِيهَا شَرْطاً وَاحِداً ظَلَمَ نَفْسَهُ).
قَالَ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي قَدْ أمَرْتُمُونَا أنْ لاَ نَتَمَتَّعَ بِبَغِيَّةٍ، وَلاَ مَشْهُورَةٍ بِفَسَادٍ، وَلاَ مَجْنُونَةٍ، وَأنْ نَدْعُوَ الْمُتْعَةَ إِلَى الْفَاحِشَةِ، فَإنْ أجَابَتْ فَقَدْ حَرُمَ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَأنْ نَسْألَ أفَارغَةٌ أمْ مَشْغُولَةٌ بِبَعْلٍ أوْ حَمْلٍ أوْ بِعِدَّةٍ؟ فَإنْ شُغِلَتْ بِوَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلاَثِ فَلاَ تَحِلُّ، وَإِنْ خَلَتْ فَيَقُولُ لَهَا: مَتّعِيني نَفْسَكِ عَلَى كِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نِكَاحاً غَيْرَ سِفَاح أجَلاً مَعْلُوماً بِاُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ سَاعَةٌ أوْ يَوْمٌ أوْ يَوْمَان أوْ شَهْرٌ أوْ سَنَةٌ أوْ مَا دُونَ ذَلِكَ أوْ أكْثَرُ، وَالاُجْرَةُ مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ حَلْقَةِ خَاتَم أوْ شسْع نَعْلٍ أوْ شقَّ تَمْرَةٍ إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ مِنَ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أوْ عَرَضٍ تَرْضَى بِهِ، فَإنْ وَهَبَتْ لَهُ حَلَّ لَهُ كَالصَّدَاقِ الْمَوْهُوبِ مِنَ النّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِنَّ: ((فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً))(2).
ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: عَلَى ألاَ تَرثِيني وَلاَ أرثَكِ، وَعَلَى أنَّ الْمَاءَ لِي أضَعُهُ مِنْكِ حَيْثُ أشَاءُ، وَعَلَيْكِ الاسْتِبْرَاءُ خَمْسَةً وَأرْبَعِينَ يَوْماً أوْ مَحِيضاً وَاحِداً، فَإذَا قَالَتْ: نَعَمْ، أعَدْتَ الْقَوْلَ ثَانِيَةً وَعَقَدْتَ النّكَاحَ، فَإنْ أحْبَبْتَ وَأحَبَّتْ هِيَ الاسْتِزَادَةَ فِي الأجَل زِدْتُمَا، وَفِيهِ مَا رَوَيْنَاهُ(3) فَإنْ كَانَتْ تَفْعَلُ فَعَلَيْهَا مَا تَوَلَّتْ مِنَ الإخْبَار عَنْ نَفْسِهَا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ(4).
وَقَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لَعَنَ اللهُ ابْنَ الْخَطَّابِ فَلَوْلاَهُ مَا زَنَى إِلاَّ شَقِيٌّ أوْ شَقِيَّةٌ(5) لأنَّهُ كَانَ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ غَنَاءٌ فِي الْمُتْعَةِ عَن الزّنَا)، ثُمَّ تَلاَ: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ * وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ))(6).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مَنْ عَزَلَ بِنُطْفَتِهِ عَنْ زَوْجَتِهِ فَدِيَةُ النُّطْفَةِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ كَفَّارَةً)(7)، وَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُتْعَةِ أنَّ مَاءَ الرَّجُل يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْمُتَمَتَّع بِهَا، فَإذَا وَضَعَهُ فِي الرَّحِم فَخُلِقَ مِنْهُ وَلَدٌ كَانَ لاَحِقاً بِأبِيهِ.
(ثُمَّ يَقُومُ جَدَّي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن وَأبِيَ الْبَاقِرُ عليهما السلام فَيَشْكُوَان إِلَى جَدَّهِمَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فُعِلَ بِهِمَا ثُمَّ أقُومُ أنَا فَأشْكُو إِلَى جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ الْمَنْصُورُ بِي، ثُمَّ يَقُومُ ابْنِي مُوسَى فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الرَّشيدُ، ثُمَّ يَقُومُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمَأمُونُ، ثُمَّ يَقُومُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمَأمُونُ، ثُمَّ يَقُومُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمُتَوَكّلُ، ثُمَّ يَقُومُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيًّ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمُعْتَزُّ.
ثُمَّ يَقُومُ الْمَهْدِيُّ سَمِيُّ جَدَّي رَسُول اللهِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُ رَسُول اللهِ مُضَرَّجاً بِدَم رَسُول اللهِ يَوْمَ شُجَّ جَبِينُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَالْمَلاَئِكَةُ تَحُفُّهُ حَتَّى يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا جَدَّاهْ وَصَفْتَنِي وَدَلَلْتَ عَلَيَّ، وَنَسَبْتَنِي وَسَمَّيْتَنِي وَكَنَيْتَنِي، فَجَحَدَتْنِي الاُمَّةُ وَتَمَرَّدَتْ وَقَالَتْ: مَا وُلِدَ، وَلاَ كَانَ، وَأيْنَ هُوَ؟ وَمَتَى كَانَ؟ وَأيْنَ يَكُونُ؟ وَقَدْ مَاتَ وَلَمْ يُعْقِبْ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحاً مَا أخَّرَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، فَصَبَرْتُ مُحْتَسِباً وَقَدْ أذِنَ اللهُ لِي فِيهَا بِإذْنِهِ يَا جَدَّاهْ.
فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ))(8)، وَيَقُولُ: ((جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ))(9)، وَحَقَّ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(10)، وَيَقْرَاُ: ((إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً * وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً))(11)).
فَقَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ أيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟
فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: اللهُمَّ حَمِّلْنِي ذُنُوبَ شيعَةِ أخِي وَأوْلاَدِي الأوْصِيَاءِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا تَأخَّرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلاَ تَفْضَحْنِي بَيْنَ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ مِنْ شيعَتِنَا، فَحَمَّلَهُ اللهُ إِيَّاهَا وَغَفَرَ جَمِيعَهَا)(12).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَبَكَيْتُ بُكَاءً طَويلاً وَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي هَذَا بِفَضْل اللهِ عَلَيْنَا فِيكُمْ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ مَا هُوَ إِلاَّ أنْتَ وَأمْثَالُكَ، بَلَى يَا مُفَضَّلُ لاَ تُحَدَّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ أصْحَابَ الرُّخَص مِنْ شيعَتِنَا فَيَتَّكِلُونَ عَلَى هَذَا الْفَضْل، وَيَتْرُكُونَ الْعَمَلَ فَلاَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً لأنَّا كَمَا قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِينَا: ((لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ))(13)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَقَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)) مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ظَهَرَ عَلَى الدَّين كُلّهِ؟
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ظَهَرَ عَلَى الدَّين كُلّهِ مَا كَانَتْ مَجُوسِيَّةٌ وَلاَ يَهُودِيَّةٌ وَلاَ صَابِئِيَّةٌ وَلاَ نَصْرَانِيَّةٌ، وَلاَ فُرْقَةٌ وَلاَ خِلاَفٌ وَلاَ شَكٌ‏ وَلاَ شرْكٌ، وَلاَ عَبَدَةُ أصْنَام، وَلاَ أوْثَانٍ، وَلاَ اللاَتِ وَالْعُزَّى، وَلاَ عَبَدَةُ الشَّمْس وَالْقَمَر، وَلاَ النُّجُوم، وَلاَ النَّار، وَلاَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)) فِي هَذَا الْيَوْم وَهَذَا الْمَهْدِيُّ وَهَذِهِ الرَّجْعَةُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(14)).
فَقَالَ الْمُفَضَّلُ: أشْهَدُ أنَّكُمْ مِنْ عِلْم اللهِ عَلِمْتُمْ، وَبسُلْطَانِهِ وَبقُدْرَتِهِ قَدَرْتُمْ وَبحُكْمِهِ نَطَقْتُمْ، وَبأمْرهِ تَعْمَلُونَ.
ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (ثُمَّ يَعُودُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام إِلَى الْكُوفَةِ، وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ بِهَا جَرَاداً مِنْ ذَهَبٍ، كَمَا أمْطَرَهُ اللهُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أيُّوبَ، وَيَقْسِمُ عَلَى أصْحَابِهِ كُنُوزَ الأرْض مِنْ تِبْرهَا وَلُجَيْنهَا وَجَوْهَرهَا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ مَنْ مَاتَ مِنْ شيعَتِكُمْ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لإخْوَانِهِ وَلأضْدَادِهِ كَيْفَ يَكُونُ؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أوَّلُ مَا يَبْتَدِئُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام أنْ يُنَادِيَ فِي جَمِيع الْعَالَم: ألاَ مَنْ لَهُ عِنْدَ أحَدٍ مِنْ شيعَتِنَا دَيْنٌ فَلْيَذْكُرْهُ حَتَّى يَرُدَّ الثُّومَةَ وَالْخَرْدَلَةَ فَضْلاً عَن الْقَناطِير الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالأمْلاَكِ فَيُوَفّيَهُ إِيَّاهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا يَكُونُ؟
قَالَ: (يَأتِي الْقَائِمُ عليه السلام بَعْدَ أنْ يَطَأ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، الْكُوفَةَ وَمَسْجِدَهَا، وَيَهْدِمُ الْمَسْجِدَ الَّذِي بَنَاهُ يَزيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُ اللهُ لَمَّا قَتَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيًّ عليهما السلام، وَ(هُوَ) مَسْجِدٌ لَيْسَ للهِ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ بَنَاهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَكَمْ تَكُونُ مُدَّةُ مُلْكِهِ عليه السلام؟
فَقَالَ: (قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَْرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَْرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ))(15) وَالْمَجْذُوذُ الْمَقْطُوعُ أيْ عَطَاءً غَيْرَ مَقْطُوع عَنْهُمْ، بَلْ هُوَ دَائِمٌ أبَداً، وَمُلْكٌ لاَ يَنْفَدُ، وَحُكْمٌ لاَ يَنْقَطِعُ، وَأمْرٌ لاَ يَبْطُلُ إِلاَّ بِاخْتِيَار اللهِ وَمَشيَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ، الَّتِي لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ، ثُمَّ الْقِيَامَةُ وَمَا وَصَفَهُ اللهُ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ.
وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى خَيْر خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ الطَّيَّبينَ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً كَثِيراً).
أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ مُنْتَخَبِ الْبَصَائِر هَذَا الْخَبَرَ(16) هَكَذَا: حَدَّثَنِي الأخُ الرُّشَيْدُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَسَّنٍ الطَّارَآبَادِيُّ أنَّهُ وَجَدَ بِخَطّ أبِيهِ الرَّجُل الصَّالِح إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَسَّنٍ هَذَا الْحَدِيثَ الآتِيَ ذِكْرُهُ، وَأرَانِي خَطَّهُ وَكَتَبْتُهُ مِنْهُ، وَصُورَتُهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ...، وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَمَا مَرَّ إِلَى قَوْلِهِ: (لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ عَلَى الْبَرَاذِين الشُّهْبِ بِأيْدِيهِمُ الْحِرَابُ، يَتَعَاوَوْنَ شَوْقاً إِلَى الْحَرْبِ كَمَا تَتَعَاوَى الذّئَابُ، أمِيرُهُمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيم يُقَالُ لَهُ: شُعَيْبُ بْنُ صَالِح، فَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِيهِمْ وَجْهُهُ كَدَائِرَةِ الْقَمَر، يَرُوعُ النَّاسَ جَمَالاً فَيَبْقَى عَلَى أثَر الظُّلْمَةِ فَيَأخُذُ سَيْفَهُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، وَالْعَظِيمَ وَالْوَضِيعَ.
ثُمَّ يَسِيرُ بِتِلْكَ الرَّايَاتِ كُلِّهَا حَتَّى يَردَ الْكُوفَةَ، وَقَدْ جُمِعَ بِهَا أكْثَرُ أهْل الأرْض يَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً، ثُمَّ يَتَّصِلُ بِهِ وَبأصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيَّ فَيَقُولُونَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَنْ هَذَا الَّذِي نَزَلَ بِسَاحَتِنَا؟ فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى تَنْظُرُوا مَنْ هُوَ وَمَا يُريدُ؟ وَهُوَ يَعْلَمُ وَاللهِ أنَّهُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام وَإِنَّهُ لَيَعْرفُهُ، وَإِنَّهُ لَمْ يُردْ بِذَلِكَ الأمْر إِلاَّ اللهَ، فَيَخْرُجُ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَبَيْنَ يَدَيْهِ أرْبَعَةُ آلاَفِ رَجُلٍ فِي أعْنَاقِهِمُ الْمَصَاحِفُ، وَعَلَيْهِمُ الْمُسُوحُ، مُقَلّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ، فَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام حَتَّى يَنْزلَ بِقُرْبِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام فَيَقُولُ: سَائِلُوا عَنْ هَذَا الرَّجُل مَنْ هُوَ وَمَا ذَا يُريدُ؟ فَيَخْرُجُ بَعْضُ أصْحَابِ الْحُسَيْن عليه السلام إِلَى عَسْكَر الْمَهْدِيَّ عليه السلام فَيَقُولُ: أيُّهَا الْعَسْكَرُ الْجَائِلُ مَنْ أنْتُمْ حَيَّاكُمُ اللهُ؟ وَمَنْ صَاحِبُكُمْ هَذَا؟ وَمَا ذَا يُريدُ؟ فَيَقُولُ أصْحَابُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام: هَذَا مَهْدِيُّ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَنَحْنُ أنْصَارُهُ مِنَ الْجِن وَالإنْس وَالْمَلاَئِكَةِ.
الهوامش:
(1) بل كان أوعد على المتعة بالرجم، ففي صحيح مسلم 4: 38: عن أبي نضرة، قال: كان ابن عبّاس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها، قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال: على يدي دار الحديث تمتَّعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلمَّا قام عمر - أي بأمر الخلافة - قال: إنَّ الله كان يحلُّ لرسوله ما شاء بما شاء، وإنَّ القرآن قد نزل منازله، فأتمّوا الحجّ والعمرة كما أمركم والله وأبتوا نكاح هذه النّساء، فلن اُوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلاَّ رجمته بالحجارة. (( وفي سنن البيهقي 7: 206: عن أبي نضرة مثل هذا الحديث، ولفظه: قال: قلت: إنَّ ابن الزبير ينهى عن المتعة! وإنَّ ابن عبّاس يأمر بها؟! فقال - يعني جابر -: على يدي جرى الحديث تمتَّعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع أبي بكر، فلمَّا ولّى عمر خطب الناس فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا الرسول، وإنَّ القرآن هذا القرآن، وإنَّهما كانتا متعتان على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: أحدهما متعة النساء ولا أقدر على رجل تزوَّج امرأة إلى أجل، إلاَّ غيّبته بالحجارة.
وكيف كان فقد استفاض عنه قوله: (متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا اُحرّمهما واُعاقب عليهما) كما تجده في أحكام القرآن للجصاص 1: 352؛ الحيوان للجاحظ 4: 278؛ البيان والتبيين له 2: 282؛ شرح ابن أبي الحديد 1: 182/ (الخطبة الشقشقيّة)، وهكذا 12: 251/ (الخطبة 223)؛ وفيات الأعيان للقاضي أحمد بن خلكان 2: 359/ (ط إيران ترجمة يحيى بن أكثم)؛ ونقله أرباب التفاسير عند قوله تعالى: ((فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ)) منهم الفخر الرازي في تفسيره الكبير 10: 50؛ والطبرسي في مجمع البيان 3: 61.
وفي رواية أخرى وأرسلها القوشجي في أواخر مباحث الإمامة من كتابه شرح التجريد: 408/ (ط إيران 1301): أيّها الناس ثلاث كنَّ على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهنَّ واُحرّمهنَّ، واُعاقب عليهنَّ: متعة الحجّ، ومتعة النّساء، وحيّ على خير العمل.
وإن شئت فراجع الدرّ المنثور 2: 139 - 141، ترى فيها روايات كثيرة في ذلك.
(2) النساء: 4.
(3) يجوز الاستزادة في المدّة لكنَّه بعد انقضاء المدّة أو بذلها بعقد جديد وليس عليها عدّة منه، ففي الكافي 5: 458: عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جُعلت فداك الرجل يتزوَّج المرأة متعة فيتزوَّجها على شهر ثُمَّ أنَّها تقع في قلبه فيجب أن يكون شرطه أكثر من شهر، فهل يجوز أن يزيدها في أجرها ويزداد في الأيّام قبل أن تنقضي أيّامه التي شرط عليها؟
فقال: (لا، لا يجوز شرطان في شرط)، يعني أجلان في عقد.
قلت: فكيف يصنع؟
قال: (يتصدَّق عليها بما بقي من الأيّام ثُمَّ يستأنف شرطاً جديداً).
نعم نقل العلاّمة في المختلف جواز الزيادة في الأجل والمهر قبل انقضاء المدّة أيضاً فراجع.
واعلم أنَّ ما ذكره الكاتب في هذا الفصل مروي بروايات أهل البيت عليهم السلام، تراها منبثَّة في كتاب النكاح أبواب المتعة من الوسائل.
(4) يعني أنَّها إن كانت تفعل الزنا، لكنَّها قالت لك عندما سألت عنها: (لا أفعل) يكون الإثم عليها لا عليك، فإنَّ إخبار النّساء عن نفسها محكمة، وإنَّها مصدقة على نفسها.
(5) كذا في الأصل المطبوع، ولعلَّ الصحيح: (إلاَّ شقي وشقيّة)، فإنَّ الزّنى لا يكون إلاَّ بين نفسين: شقي وشقيّة، لا أحدهما. وأمَّا لفظ الحديث، قال علي عليه السلام: (لو لا أنَّ عمر بن الخطّاب نهى عن المتعة ما زنى إلاَّ شقي)، تراه في الكافي 5: 448؛ تفسير الطبري 5: 19؛ وتفسير الرازي 10: 50؛ الدرّ المنثور 2: 140؛ مجمع البيان 3: 61؛ أحكام القرآن للجصاص 2: 179؛ شرح النهج 12: 253 نقلاً عن السيّد المرتضى.
وقد يروى الحديث: (إلاَّ شفي) بالفاء، قال الجزري في النهاية في حديث ابن عبّاس: ما كانت المتعة إلاَّ رحمة رحم الله أمّة محمّد، لو لا نهيه - يعني ابن الخطّاب - عنها ما احتاج إلى الزّنا إلاَّ شقي، أي قليلاً من الناس من قولهم: (غابت الشمس إلاَّ شقي) أي إلاَّ قليلاً من ضوئها عند غروبها.
أقول: هذا غير صحيح، بل هو تصحيف قطعاً، فإنَّ قوله: (ما زنى) يحتاج إلى الفاعل وليس يصلح للفاعلية إلاَّ ما يدلُّ عليه لفظ الشقي. فتقدير الكلام: (ما زنى أحد أو ما احتاج إلى الزّنا أحد إلاَّ شقي) فاستثنى الرجل الشقي من عموم قوله: (أحد)، والقياس بقولهم: (غابت الشمس إلاَّ شقي) غير صحيح فإنَّ فاعل (غابت) هو (الشمس) المذكور، فيكون الاستثناء من الغيبوبة، صحيحاً لا غبار عليه، وفيما نحن فيه ليس كذلك فإنَّه يصير المعنى: (ما زنى أحد إلاَّ قليلاً) فيثبت الزنى لكلّ أحد لكن لا بالكثير، بل في بعض الأوقات، وهو خلاف المراد قطعاً.
(6) البقرة: 204 و205.
(7) قال السيّد الطباطبائي في العروة الوثقى: 628/ ط دار الكتب الإسلاميّة: والأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه - أي من عزل نطفته - وإن قلنا بالحرمة، وقيل بوجوبها عليه للزوجة وهي عشرة دنانير للخبر الوارد فيمن أفزع رجلاً عن عرسه فعزل عنها الماء، من وجوب نصف خمس المائة عشرة دنانير عليه، لكنَّه في غير ما نحن فيه ولا وجه للقياس عليه مع أنَّه مع الفارق.
(8) الزمر: 74.
(9) النصر: 1.
(10) التوبة: 33.
(11) الفتح: 1 - 3.
(12) هذا من عقائد الغلاة، فإنَّهم كانوا يعتقدون أنَّ كلّ من والى الأئمّة عليهم السلام جاز لهم ترك العبادة اتّكالاً على ذلك، وكان أصحابنا القدماء يمتحنون من رمي بالغلو في أوقات الصلاة، قال النجاشي (ص 329) في محمّد بن أوربمة أبو جعفر القمّي: (ذكره القمّيون وغمزوا عليه ورموه بالغلو حتَّى دسَّ عليه من يفتك به فوجدوه يصلّي من أوّل الليل إلى آخره فتوقَّفوا عنه).
(13) الأنبياء: 28.
(14) الأنفال: 38.
(15) هود: 105 - 108.
(16) مختصر بصائر الدرجات: 178 - 192.
******************
ثُمَّ يَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: خَلُّوا بَيْني وَبَيْنَ هَذَا، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ عليه السلام فَيَقِفَانِ‏ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْن، فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأيْنَ هِرَاوَةُ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَخَاتَمُهُ، وَبُرْدَتُهُ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَفَرَسُهُ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ، وَبَغْلَتُهُ دُلْدُلٌ، وَحِمَارُهُ يَعْفُورٌ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ، وَتَاجُهُ وَالْمُصْحَفُ الَّذِي جَمَعَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلى الله عليه وآله وسلّم بِغَيْر تَغْيِيرٍ وَلاَ تَبْدِيلٍ؟ فَيُحْضِرُ لَهُ السَّفَطَ الَّذِي فِيهِ جَمِيعُ مَا طَلَبَهُ.
وَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّهُ كَانَ كُلُّهُ فِي السَّفَطِ، وَتَركَاتُ جَمِيع النَّبِيَّينَ حَتَّى عَصَا آدَمَ وَنُوح عليهما السلام، وَتَركَةُ هُودٍ وَصَالِح عليهما السلام، وَمَجْمُوعُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَصَاعُ يُوسُفَ عليه السلام، وَمِكْيَالُ شُعَيْبٍ عليه السلام وَمِيزَانُهُ، وَعَصَا مُوسَى عليه السلام وَتَابُوتُهُ الَّذِي فِيهِ بَقِيَّةُ مَا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ، وَدِرْعُ دَاوُدَ عليه السلام وَخَاتَمُهُ، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام وَتَاجُهُ، وَرَحْلُ عِيسَى عليه السلام، وَمِيرَاثُ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ فِي ذَلِكَ السَّفَطِ.
وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ! أسْألُكَ أنْ تَغْرسَ هِرَاوَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي هَذَا الْحَجَر الصَّلْدِ وَتَسْألَ اللهَ أنْ يُنْبِتَهَا فِيهِ، وَلاَ يُريدُ بِذَلِكَ إِلاَّ أنْ يُريَ أصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيَّ عليه السلام حَتَّى يُطِيعُوهُ وَيُبَايِعُوهُ، وَيَأخُذُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام الْهِرَاوَةَ فَيَغْرسُهَا فَتَنْبُتُ فَتَعْلُو وَتَفَرَّعُ وَتُورقُ، حَتَّى تُظِلَّ عَسْكَرَ الْحُسَيْن عليه السلام.
فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: اللهُ أكْبَرُ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ، مُدَّ يَدَكَ حَتَّى اُبَايِعَكَ، فَيُبَايِعُهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَسَائِرُ عَسْكَرهِ إِلاَّ الأرْبَعَةُ آلاَفٍ مِنْ أصْحَابِ الْمَصَاحِفِ وَالْمُسُوح الشَّعَر(1) الْمَعْرُوفُونَ بِالزَّيْدِيَّةِ فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ).
أقُولُ: ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (إِنْ أنْصَفْتُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ وَأنْصَفْتُمُوهُ...) نَحْواً مِمَّا مَرَّ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ شَيْئ(2).
بيان: (الهود) التوبة والرجوع إلى الحقّ، وصبا يصبو: أي مال وصبأ بالهمز أي خرج من دين إلى دين.
واعلم أنَّ تاريخ الولادة مخالف لما مرَّ والمشهور أنَّ سُرَّ من رأى بناها المعتصم ولعلَّ المتوكّل أتمَّ بناءها وتعميرها فلذا نسبت إليه، وقال الفيروز آبادي: سُرَّ من من رأى بضمّ السين والراء أي سرور وبفتحهما وبفتح الأوّل وضمّ الثاني وسامرا ومدَّه البحتري في الشعر أو كلاهما لحن وساء من رأى بلد، لمَّا شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره فلمَّا انتقل بهم إليها سُرَّ كلّ منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم(3).
قوله: (فبغير سُنّة القائم) لعلَّ المعنى أنَّ الحسين عليه السلام كيف يظهر قبل القائم عليه السلام بغير سُنّته فأجاب عليه السلام بأنَّ ظهوره بعد القائم إذ كلّ بيعة قبله ضلالة.
قوله عليه السلام: (فها أنا ذا آدم) يعني في علمه وفضله وأخلاقه التي بها تتّبعونه وتفضّلونه، وشحب لونه كجمع ونصر وكرم وعنّي تغيّر، قوله عليه السلام: (ويلزمهما إيّاه) أقول: العلّة والسبب في إلزام ما تأخَّر عنهما من الآثام عليهما ظاهر، لأنَّهما بمنع أمير المؤمنين عليه السلام عن حقّه، ودفعه عن مقامه، صارا سببين لاختفاء سائر الأئمّة ومغلوبيَّتهم، وتسلّط أئمّة الجور وغلبتهم إلى زمان القائم عليه السلام وصار ذلك سبباً لكفر من كفر، وضلال من ضلَّ، وفسق من فسق، لأنَّ الإمام مع اقتداره واستيلائه وبسط يده يمنع من جميع ذلك، وعدم تمكّن أمير المؤمنين صلوات الله عليه من بعض تلك الأمور في أيام خلافته إنَّما كان لما أسساه من الظلم والجور.
وأمَّا ما تقدَّم عليهما، فلأنهما كانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحقّ عن مقامهم، وما يترتَّب على ذلك من الفساد، ولو كانا منكرين لذلك لم يفعلا مثل فعلهم، وكلّ من رضي بفعل فهو كمن أتاه، كما دلَّت عليه الآيات الكثيرة، حيث نسب الله تعالى فعال آباء اليهود إليهم، وذمَّهم عليها لرضاهم بها وغير ذلك، واستفاضت به أخبار الخاصّة والعامّة.
على أنَّه لا يبعد أن يكون لأرواحهم الخبيثة مدخلاً في صدور تلك الأمور عن الأشقياء كما أنَّ أرواح الطيّبين من أهل بيت الرسالة، كانت مؤيّدة للأنبياء والرسل، معينة لهم في الخيرات، شفيعة لهم في رفع الكربات، كما مرَّ في كتاب الإمامة.
ومع صرف النظر عن جميع ذلك يمكن أن يُأوّل بأنَّ المراد إلزام مثل فعال هؤلاء الأشقياء عليهما، وأنَّهما في الشقاوة مثل جميعهم لصدور مثل أفعال الجميع عنهما.
قوله: (والمنادي من حول الضريح) أي أجيبوا وانصروا أولاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم الملهوفين المنادين حول ضريح جدّهم.
قوله عليه السلام: (والخاف) أي الجبل المطيف بالدنيا، ولا يبعد أن يكون تصحيف القاف، والجزل بالفتح ما عظم من الحطب ويبس، والركل الضرب بالرجل وكذا الرفس.
قوله عليه السلام: (لداعيها) أي للدّاعي فيها إلى الحقّ، و(لا يجاب مناديها) أي المستغيث فيها، و(لا يخالف واليها) أي يطاع والي تلك الفتنة في كلّ ما يريد، والجحجاح السيد، قوله: (جوانبها) لعلَّه بدل بعض، وكذا نظائره.
قوله عليه السلام: قال الله عزّ وجل: ((فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)) لعلَّه عليه السلام فسَّر قوله تعالى: ((إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ)) بزمان الرجعة بأن يكون المراد بالجنّة والنار، ما يكون في عالم البرزخ، كما ورد في خبر آخر واستدلَّ عليه السلام بها على أنَّ هذا الزمان منوط بمشية الله كما قال تعالى، غير معلوم للخلق على التعيين، وهذا أظهر الوجوه التي ذكروها في تفسير هذه الآية.
* * *
­باب (29): الرجعة
1 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أعْيَنَ وَأبَا الْخَطَّابِ يُحَدِّثَان جَمِيعاً قَبْلَ أنْ يُحْدِثَ أبُو الْخَطَّابِ مَا أحْدَثَ(4) أنَّهُمَا سَمِعَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الأرْضُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام وَإِنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِعَامَّةٍ، وَهِيَ خَاصَّةٌ لاَ يَرْجِعُ إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ مَحَضَ الشرْكَ مَحْضاً)(5).
2 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، قَالَ: قَالَ لِي مَنْ لاَ أشُكُّ فِيهِ _ يَعْنِي أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام _: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعَلِيّاً سَيَرْجِعَان)(6).
3 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ تَقُولُوا الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ، وَلاَ تَقُولُوا الرَّجْعَةَ، فَإنْ قَالُوا لَكُمْ: فَإنَّكُمْ قَدْ كُنْتُمْ‏ تَقُولُونَ ذَلِكَ فَقُولُوا: أمَّا الْيَوْمَ فَلاَ نَقُولُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ كَانَ يَتَألَّفُ النَّاسَ بِالْمِائَةِ ألْفِ دِرْهَم لِيَكُفُّوا عَنْهُ، فَلاَ تَتَألَّفُونَهُمْ بِالْكَلاَم(7)؟
بيان: أي لا تسمّوا الملعونين بهذين الاسمين أو لا تتعرَّضوا لهما بوجه.
4 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ هَذِهِ الاُمُور الْعِظَام مِنَ الرَّجْعَةِ وَأشْبَاهِهَا فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا الَّذِي تَسْألُونَ عَنْهُ لَمْ يَجِئْ أوَانُهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ))(8))(9).
5 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن يَزيدَ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْيَقْطِينيَّ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الطَّيَّار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(10)، فَقَالَ: (لَيْسَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ إِلاَّ سَيَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ، وَلاَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ مَاتَ إِلاَّ سَيَرْجِعُ حَتَّى يُقْتَلَ)(11).
6 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيَّ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يُنْكِرُ أهْلُ الْعِرَاقِ الرَّجْعَةَ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (أمَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(12)؟)(13).
7 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِحُمْرَانَ بْن أعْيَنَ وَمُيَسَّر بْن عَبْدِ الْعَزيز يَخْبِطَان النَّاسَ بِأسْيَافِهِمَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)(14).
8 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ))(15)، فَقَالَ: (يَا جَابِرُ أتَدْري مَا سَبِيلُ اللهِ؟)، قُلْتُ: لاَ وَاللهِ إِلاَّ إِذَا سَمِعْتُ مِنْكَ، فَقَالَ: (الْقَتْلُ فِي سَبِيل عَلِيًّ عليه السلام وَذُريَّتِهِ فَمَنْ قُتِلَ فِي وَلاَيَتِهِ قُتِلَ فِي سَبِيل اللهِ، وَلَيْسَ أحَدٌ يُؤْمِنُ بِهَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ وَلَهُ قَتْلَةٌ وَمَيْتَةٌ، إِنَّهُ مَنْ قُتِلَ يُنْشَرُ(16) حَتَّى يَمُوتَ، وَمَنْ مَاتَ يُنْشَرُ حَتَّى يُقْتَلَ)(17).
تفسير العياشي: عن ابن المغيرة، مثله(18).
بيان: لعلَّ آخر الخبر تفسير لآخر الآية، وهو قوله: ((وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإَِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ))(19) بأن يكون المراد بالحشر الرجعة(20).
9 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ فَيْض بْن أبِي شَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ...))(21) الآيَةَ، قَالَ: (لَيُؤْمِنُنَّ بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَيَنْصُرُنَّ عَلِيّاً أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)، (قُلْتُ: وَلَيَنْصُرُنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟)(22) قَالَ عليه السلام: (نَعَمْ وَاللهِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ فَهَلُمَّ جَرّاً، فَلَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ رَدَّ جَمِيعَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يُقَاتِلُوا بَيْنَ يَدَيْ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(23).
تفسير العياشي: عن فيض بن أبي شيبة، مثله(24).
10 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن (أبِي)(25) الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَسْرُوقٍ، عَن الْمُنَخَّل بْن جَمِيلٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ))(26)، (يَعْنِي بِذَلِكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم وَقِيَامَهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا، وَقَوْلِهِ: ((إِنَّها لإَِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً))(27) يَعْنِي مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نَذِيراً لِلْبَشَر فِي الرَّجْعَةِ، وَفِي قَوْلِهِ: (إِنَّا أرْسَلْنَاكَ كَافَّةً لِلنَّاس)(28) فِي الرَّجْعَةِ)(29).
11 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ الْمُدَّثّرَ هُوَ كَائِنٌ عِنْدَ الرَّجْعَةِ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أحَيَاةٌ قَبْلَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ مَوْتٌ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: (نَعَمْ وَاللهِ لَكَفْرَةٌ مِنَ الْكُفْر بَعْدَ الرَّجْعَةِ أشَدُّ مِنْ كَفَرَاتٍ قَبْلَهَا)(30).
12 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: ((أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))(31) فَأبَى اللهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ((قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ))(32) فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، ظَهَرَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ فِي جَمِيع أشْيَاعِهِ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلَى يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم وَهِيَ آخِرُ كَرَّةٍ يَكُرُّهَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)، فَقُلْتُ: وَإِنَّهَا لَكَرَّاتٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِنَّهَا لَكَرَّاتٌ وَكَرَّاتٌ مَا مِنْ إِمَام فِي قَرْنٍ إِلاَّ وَيَكُرُّ مَعَهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فِي دَهْرهِ حَتَّى يُدِيلَ اللهُ الْمُؤْمِنَ (مِنَ)(33) الْكَافِر.
فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم كَرَّ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي أصْحَابِهِ وَجَاءَ إِبْلِيسُ فِي أصْحَابِهِ، وَيَكُونُ مِيقَاتُهُمْ فِي أرْضٍ مِنْ أرَاضِي الْفُرَاتِ يُقَالُ لَهُ: الرَّوْحَاءُ قَريبٌ‏ مِنْ كُوفَتِكُمْ، فَيَقْتَتِلُونَ قِتَالاً لَمْ يُقْتَتَلْ مِثْلُهُ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ عزّ وجل الْعَالَمِينَ، فَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى أصْحَابِ عَلِيًّ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَدْ رَجَعُوا إِلَى خَلْفِهِمُ الْقَهْقَرَى مِائَةَ قَدَم وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ وَقَعَتْ بَعْضُ أرْجُلِهِمْ فِي الْفُرَاتِ.
الهوامش:
(1) المسوح: جمع المِسْح بالكسر: البلاس، (الصحاح 1: 405)، ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشّفاً وقهراً للجسد، وكان فيما سبق ثوب الرهبان والمرتاضين السيّاحين.
(2) مختصر بصائر الدرجات: 178 - 192.
(3) القاموس المحيط 2: 48.
(4) هو محمّد بن مقلاس أو مقلاص الأسدي الكوفي أبو إسماعيل يعرف بابن أبي زينب البرّاد كان يبيع الأبراد من أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام، كان مستقيم الطريقة، ثُمَّ انحرف وتحوَّل غالياً فأحدث القول بإلوهية أبي عبد الله عليه السلام وأنَّه رسول منه، وقد كان يقول بأنَّ الأئمّة عليهم السلام أنبياء، يعرف أصحابه بالخطابية.
وممَّا أحدث أنَّه كان يقول: وقت فضيلة المغرب من بعد سقوط الشفق، والحال أنَّ سقوط الشفق آخر وقت الفضيلة بإجماع المسلمين، ترى تفصيل ذلك في الوسائل أبواب المواقيت باب (18).
لكنَّه قد روى أصحابنا عنه أحاديث كثيرة في حال استقامته، وهكذا قبلوا ما لم يختصّ بروايته في حال الانحراف قال الشيخ في العمدة: (فما يختصّ الغلاة بروايته، فإن كانوا ممَّن عرف لهم حال استقامة وحال غلو، عمل بما رووه في حال الاستقامة، وترك ما رووه في حال غلوَّهم، ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب محمّد بن أبي زينب في حال استقامته).
(5) مختصر بصائر الدرجات: 24.
(6) المصدر السابق.
(7) المصدر السابق.
(8) يونس: 39.
(9) مختصر بصائر الدرجات: 24.
(10) النمل: 83 .
(11) مختصر بصائر الدرجات: 25.
(12) النمل: 83 .
(13) مختصر بصائر الدرجات: 25.
(14) المصدر السابق.
(15) آل عمران: 157.
(16) في المصدر: (فينشر).
(17) مختصر بصائر الدرجات: 25.
(18) تفسير العياشي 1: 202/ ح 162.
(19) آل عمران: 158.
(20) بل المراد أنَّ الترديد في قوله: ((لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ)) ليس باعتبار التحليل إلى كلّ فرد، بمعنى أنَّ بعضكم يقتل في سبيل الله، وبعضكم يموت، كما فهمه العامّة، بل باعتبار الحياتين: ففي إحداهما تقتلون في سبيل الله أو في غير سبيل الله وفي الأخرى تموتون، وهي الرجعة.
ولمَّا كان القتل في سبيل الله خاصّاً ببعض المقتولين، كرَّر القول عامّاً فقال في آخر الآية: ((وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإَِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ))، وفي تقديم الموت على القتل تارة وتأخيره أخرى دلالة على أنَّ هذه الرجعة ثابتة، فإذا قتل، رجع حتَّى يموت، وإذا مات رجع حتَّى يقتل، فتدبَّر.
(21) آل عمران: 81 .
(22) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(23) مختصر بصائر الدرجات: 25.
(24) تفسير العياشي 1: 181/ ح 76.
(25) في المصدر: (محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب).
(26) المدثر: 1 و2.
(27) المدثر: 36.
(28) يريد معنى قوله تعالى: ((وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)) (سبأ: 28) لا لفظه، فإنَّه لا توجد في القرآن آية بهذا اللفظ.
(29) مختصر بصائر الدرجات: 26.
(30) المصدر السابق.
(31) الأعراف: 14.
(32) الحجر: 36 و37.
(33) كلمة: (من) ليست في المصدر.
******************
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْبِطُ الْجَبَّارُ عزّ وجل فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمام، وَالْمَلائِكَةُ، وَقُضِيَ الأمْرُ، رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أمَامَهُ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ مِنْ نُورٍ فَإذَا نَظَرَ إِلَيْهِ إِبْلِيسُ رَجَعَ الْقَهْقَرَى نَاكِصاً عَلَى عَقِبَيْهِ فَيَقُولُونَ لَهُ أصْحَابُهُ: أيْنَ تُريدُ وَقَدْ ظَفِرْتَ؟ فَيَقُولُ: إِنّي أرى‏ ما لا تَرَوْنَ، إِنّي أخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ، فَيَلْحَقُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَطْعُنُهُ طَعْنَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَيَكُونُ هَلاَكُهُ وَهَلاَكُ جَمِيع أشْيَاعِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُعْبَدُ اللهُ عزّ وجل وَلاَ يُشْرَكُ بِهِ شَيْئاً، وَيَمْلِكُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أرْبَعاً وَأرْبَعِينَ ألْفَ سَنَةٍ حَتَّى يَلِدَ الرَّجُلُ مِنْ شيعَةِ عَلِيًّ عليه السلام ألْفَ وَلَدٍ مِنْ صُلْبِهِ ذَكَراً وَعِنْدَ ذَلِكَ تَظْهَرُ الْجَنَّتَان الْمُدْهَامَّتَان عِنْدَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَمَا حَوْلَهُ بِمَا شَاءَ اللهُ)(1).
بيان: هبوط الجبّار تعالى كناية عن نزول آيات عذابه وقد مضى تأويل الآية المضمنة في هذا الخبر في كتاب التوحيد، وقد سبق الرواية عن الرضا عليه السلام هناك أنَّها هكذا نزلت: (إلاَّ أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل من الغمام)(2) وعلى هذا يمكن أن يكون الواو في قوله: (والملائكة) هنا زائداً من النسّاخ.
13 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ الْمِنْقَريَّ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الَّذِي يَلِي حِسَابَ النَّاس قَبْلَ يَوْم الْقِيَامَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام، فَأمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإنَّمَا هُوَ بَعْثٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَبَعْثٌ إِلَى النَّار)(3).
14 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح وَالْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ مَعاً، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن رَاشدٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام‏ قَالَ: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يَرْجِعُ لَجَارُكُمُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَيَمْلِكُ حَتَّى تَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر)(4).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى وابن عبد الجبّار وأحمد بن الحسن بن فضال جميعاً، عن الحسن بن فضال، عن أبي المغراء(5)، عن داود بن راشد مثله(6).
15 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ السَّيَّاريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن قَبِيصَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ))(7)، قَالَ: (يُكْسَرُونَ فِي الْكَرَّةِ كَمَا يُكْسَرُ الذَّهَبُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ إِلَى شبْهِهِ يَعْنِي إِلَى حَقِيقَتِهِ)(8).
بيان: لعلَّه إشارة إلى ما مرَّ في الأخبار من المزج بين الطينتين(9)، أو المراد افتتانهم حتَّى يظهر حقائقهم.
16 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن الْقَاسِم، عَنْ جَدَّهِ الْحَسَن، عَنْ أبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، قَالَ: قَالَ: (لَتَرْجِعَنَّ نُفُوسٌ ذَهَبَتْ وَلَيُقْتَصَّنَّ يَوْمَ يَقُومُ وَمَنْ عُذّبَ يَقْتَصُّ بِعَذَابِهِ وَمَنْ اُغِيظَ أغَاظَ بِغَيْظِهِ وَمَنْ قُتِلَ اقْتَصَّ بِقَتْلِهِ، وَيُرَدُّ لَهُمْ أعْدَاؤُهُمْ مَعَهُمْ، حَتَّى يَأخُذُوا بِثَأرهِمْ، ثُمَّ يَعْمُرُونَ بَعْدَهُمْ ثَلاَثِينَ شَهْراً ثُمَّ يَمُوتُونَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ أدْرَكُوا ثَأرَهُمْ، وَشَفَوْا أنْفُسَهُمْ، وَيَصِيرُ عَدُوُّهُمْ إِلَى أشَدَّ النَّار عَذَاباً، ثُمَّ يُوقَفُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّار عزّ وجل فَيُؤْخَذُ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ)(10).
17 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن رَاشدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أبِي عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَجَرَى بَيْنَهُمَا حَدِيثٌ فَقَالَ أبِي لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا تَقُولُ فِي الْكَرَّةِ؟ قَالَ: (أقُولُ فِيهَا مَا قَالَ اللهُ عزّ وجل وَذَلِكَ أنَّ تَفْسِيرَهَ(11) صَارَ إِلَى رَسُول اللهِ قَبْلَ أنْ يَأتِيَ هَذَا الْحَرْفُ بِخَمْسٍ وَعِشْرينَ لَيْلَةً قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ))(12) إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ يَقْضُوا ذُحُولَهُمْ)، فَقَالَ لَهُ أبِي: يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ * فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)) أيَّ شَيْءٍ أرَادَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: (إِذَا انْتَقَمَ مِنْهُمْ وَبَاتَتْ(13) بَقِيَّةُ الأرْوَاح سَاهِرَةً لاَ تَنَامُ وَلاَ تَمُوتُ)(14).
بيان: الذحول جمع الذحل، وهو طلب الثأر، ولعلَّ المعنى أنَّهم إنَّما وصفوا هذه الكرَّة بالخاسرة، لأنَّهم بعد أن قتلوا وعذّبوا لم ينته عذابهم، بل عقوبات القيامة معدَّة لهم، أو أنَّهم لا يمكنهم تدارك ما يفعل بهم من أنواع القتل والعقاب.
قوله عليه السلام: (ساهرة) لعلَّ التقدير: فإذا هم بالحالة الساهرة، على الإسناد المجازي أو في جماعة ساهرة.
قال البيضاوي: ((قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ)) ذات خسران أو خاسر أصحابنا، والمعنى أنَّها إن صحَّت فنحن إذاً خاسرون لتكذيبنا بها، وهو استهزاء منهم، ((فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ)) متعلّق بمحذوف، أي لا تستصعبوها فما هي إلاَّ صيحة واحدة يعني النفخة الثانية، ((فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)) فإذا هم أحياء على وجه الأرض، بعد ما كانوا أمواتاً في بطنها و(الساهرة) الأرض البيضاء المستوية سُمّيت بذلك لأنَّ السراب يجري فيها، من قولهم عين ساهرة للتي تجري(15) ماؤها وفي ضدَّها نائمة أو لأنَّ سالكها يسهر خوفاً، وقيل: اسم جهنم، انتهى(16).
أقول: على تأويله عليه السلام قولهم: ((تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ)) كلامهم في الرجعة على التحقيق لا في الحياة الأولى على الاستهزاء.
18 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَن ابْن أبِي عُثْمَانَ وَإِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: (وَجَعَلَكُمْ أنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً)(17)، فَقَالَ: (الأنْبِيَاءُ رَسُولُ اللهِ‏ وَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَذُريَّتُهُ، وَالْمُلُوكُ الأئِمَّةُ عليهم السلام). قَالَ: فَقُلْتُ: وَأيَّ مُلْكٍ اُعْطِيتُمْ؟ فَقَالَ: (مُلْكَ الْجَنَّةِ، وَمُلْكَ الْكَرَّةِ)(18).
19 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيَّ وَمُحَمَّدٍ الْبَرْقِيَّ، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَن الْمُعَلَّى أبِي عُثْمَانَ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أوَّلُ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا، الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فَيَمْلِكُ حَتَّى يَسْقُطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر)، قَالَ: فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(19)، قَالَ: (نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلّم رَاجِعٌ إِلَيْكُمْ)(20).
20 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ الْوَاحِدَةِ: رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ الاُطْرُوش، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْبَجَلِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ(21)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أحَدٌ وَاحِدٌ، تَفَرَّدَ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَتْ نُوراً ثُمَّ خَلَقَ مِنْ ذَلِكَ النُّور مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَلَقَنِي وَذُريَّتِي، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَتْ رُوحاً فَأسْكَنَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ النُّور، وَأسْكَنَهُ فِي أبْدَانِنَا فَنَحْنُ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَاتُهُ، فَبِنَا احْتَجَّ عَلَى خَلْقِهِ، فَمَا زِلْنَا فِي ظُلَّةٍ خَضْرَاءَ، حَيْثُ لاَ شَمْسَ وَلاَ قَمَرَ وَلاَ لَيْلَ وَلاَ نَهَارَ، وَلاَ عَيْنَ تَطْرفُ، نَعْبُدُهُ وَنُقَدِّسُهُ وَنُسَبَّحُهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ وَأخَذَ مِيثَاقَ الأنْبِيَاءِ بِالإيمَان وَالنُّصْرَةِ لَنَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ))(22) يَعْنِي لَتُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَتَنْصُرُنَّ وَصِيَّهُ، وَسَيَنْصُرُونَهُ جَمِيعاً.
وَإِنَّ اللهَ أخَذَ مِيثَاقِي مَعَ مِيثَاقِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالنُّصْرَةِ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ، فَقَدْ نَصَرْتُ مُحَمَّداً وَجَاهَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَتَلْتُ عَدُوَّهُ، وَوَفَيْتُ للهِ بِمَا أخَذَ عَلَيَّ مِنَ الْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ، وَالنُّصْرَةِ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَمْ يَنْصُرْني أحَدٌ مِنْ أنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، وَذَلِكَ لِمَا قَبَضَهُمُ اللهُ إِلَيْهِ، وَسَوْفَ يَنْصُرُونَنِي، وَيَكُونُ لِي مَا بَيْنَ مَشْرقِهَا إِلَى مَغْربهَا وَلَيَبْعَثَنَّ(23) اللهُ أحْيَاءً مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم كُلَّ نَبِيًّ مُرْسَلٍ، يَضْربُونَ بَيْنَ يَدَيَّ بِالسَّيْفِ هَامَ الأمْوَاتِ وَالأحْيَاءِ وَالثَّقَلَيْن جَمِيعاً.
فَيَا عَجَبَ(24) وَكَيْفَ لاَ أعْجَبُ مِنْ أمْوَاتٍ يَبْعَثُهُمُ اللهُ أحْيَاءً يُلَبُّونَ زُمْرَةً زُمْرَةً بِالتَّلْبِيَةِ:
لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ، قَدْ تَخَلَّلُوا بِسِكَكِ الْكُوفَةِ، قَدْ شَهَرُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ لَيَضْربُونَ بِهَا هَامَ الْكَفَرَةِ، وَجَبَابِرَتِهِمْ وَأتْبَاعِهِمْ مِنْ جَبَّارَةِ(25) الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ حَتَّى يُنْجِزَ اللهُ مَا وَعَدَهُمْ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(26) أيْ يَعْبُدُونَنِي آمِنينَ لاَ يَخَافُونَ أحَداً مِنْ عِبَادِي لَيْسَ عِنْدَهُمْ تَقِيَّةٌ.
وَإِنَّ لِي الْكَرَّةَ بَعْدَ الْكَرَّةِ، وَالرَّجْعَةَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ، وَأنَا صَاحِبُ الرَّجَعَاتِ وَالْكَرَّاتِ، وَصَاحِبُ الصَّوْلاَتِ وَالنَّقِمَاتِ، وَالدُّولاَتِ الْعَجِيبَاتِ(27) وَأنَا قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأنَا عَبْدُ اللهِ وَأخُو رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.
أنَا أمِينُ اللهِ وَخَازِنُهُ، وَعَيْبَةُ سِرهِ وَحِجَابُهُ وَوَجْهُهُ وَصِرَاطُهُ وَمِيزَانُهُ وَأنَا الْحَاشرُ إِلَى اللهِ، وَأنَا كَلِمَةُ اللهِ الَّتِي يَجْمَعُ بِهَا الْمُفْتَرقَ وَيُفَرقُ بِهَا الْمُجْتَمِعَ.
وَأنَا أسْمَاءُ اللهِ الْحُسْنَى، وَأمْثَالُهُ الْعُلْيَا، وَآيَاتُهُ الْكُبْرَى، وَأنَا صَاحِبُ الْجَنَّةِ وَالنَّار، اُسْكِنُ أهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَاُسْكِنُ أهْلَ (النَّار)(28) النَّارَ، وَإِلَيَّ تَزْوِيجُ أهْل الْجَنَّةِ وَإِلَيَّ عَذَابُ أهْل النَّار، وَإِلَيَّ إِيَابُ الْخَلْقِ جَمِيعاً، وَأنَا الإيَابُ الَّذِي يَئُوبُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَإِلَيَّ حِسَابُ الْخَلْقِ جَمِيعاً، وَأنَا صَاحِبُ الْهِبَاتِ(29)، وَأنَا الْمُؤَذّنُ عَلَى الأعْرَافِ(30)، وَأنَا بَارزُ الشَّمْس، أنَا دَابَّةُ الأرْض، وَأنَا قَسِيمُ النَّار(31) وَأنَا خَازِنُ الْجِنَان وَصَاحِبُ الأعْرَافِ(32).
وَأنَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبُ الْمُتَّقِينَ، وَآيَةُ السَّابِقِينَ، وَلِسَانُ النَّاطِقِينَ، وَخَاتَمُ الْوَصِيَّينَ، وَوَارثُ النَّبِيَّينَ، وَخَلِيفَةُ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصِرَاطُ رَبَّيَ الْمُسْتَقِيمُ، وَفُسْطَاطُهُ وَالْحُجَّةُ عَلَى أهْل السَّمَاوَاتِ وَالأرَضِينَ، وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا، وَأنَا الَّذِي احْتَجَّ اللهُ بِهِ عَلَيْكُمْ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِكُمْ، وَأنَا الشَّاهِدُ يَوْمَ الدَّين، وَأنَا الَّذِي عَلِمْتُ عِلْمَ الْمَنَايَا وَالْبَلاَيَا وَالْقَضَايَا، وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَالأنْسَابَ، وَاسْتُحْفِظْتُ آيَاتِ النَّبِيَّينَ الْمُسْتَخْفِينَ الْمُسْتَحْفَظِينَ.
وَأنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم(33)، وَأنَا الَّذِي سُخّرَتْ لِيَ السَّحَابُ وَالرَّعْدُ وَالْبَرْقُ، وَالظُّلَمُ وَالأنْوَارُ، وَالريَاحُ وَالْجِبَالُ وَالْبِحَارُ، وَالنُّجُومُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ(34)، أنَا الْقَرْنُ الْحَدِيدُ(35)، وَأنَا فَارُوقُ الاُمَّةِ، وَأنَا الْهَادِي، وَأنَا الَّذِي أحْصَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً بِعِلْمِ اللهِ الَّذِي أوْدَعَنِيهِ، وَبسِرهِ الَّذِي أسَرَّهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأسَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَيَّ، وَأنَا الَّذِي أنْحَلَنِي رَبَّي اسْمَهُ وَكَلِمَتَهُ وَحِكْمَتَهُ وَعِلْمَهُ وَفَهْمَهُ.
يَا مَعْشَرَ النَّاس اسْألُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني، اللهُمَّ إِنّي اُشْهِدُكَ وَأسْتَعْدِيكَ عَلَيْهِمْ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيَّ الْعَظِيم، وَالْحَمْدُ للهِ مُتَّبِعِينَ أمْرَهُ)(36).
الهوامش:
(1) مختصر بصائر الدرجات: 26.
(2) راجع (ج 3/ ص 319) من المطبوعة، فنقل عن الطبرسي في قوله تعالى: ((هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ)) (البقرة: 210)، أنَّه قال: أي هل ينتظر هؤلاء المكذّبون بآيات الله إلاَّ أن يأتيهم أمر الله، أو عذاب الله، في ستر من السحاب، وقيل: معناه ما ينتظرون إلاَّ أن يأتيهم جلائل آيات الله غير أنَّه ذكر نفسه تفخيماً للآيات.
(3) مختصر بصائر الدرجات: 27.
(4) المصدر السابق.
(5) في المصدر: (المغري) بدل (المغراء)، عنونه ابن داود في القسم الأوّل وضبطه بالغين المعجمة والراء ممدود، مفتوح الميم، واسمه حميد بالتصغير بن المثنّى العجلي مولاهم الكوفي الصيرفي، من أصحاب أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام. ثقة ثقة.
(6) مختصر بصائر الدرجات: 22.
(7) الذاريات: 13.
(8) مختصر بصائر الدرجات: 28.
(9) راجع أخبار الطينة في (ج 5/ ص 225) فما بعد من المطبوعة.
(10) مختصر بصائر الدرجات: 28.
(11) يعني تفسير الكرَّة.
(12) النازعات: 12 - 14.
(13) في الأصل المطبوع: (وماتت الأبدان) بدل (باتت)، وهو تصحيف ظاهر.
(14) مختصر بصائر الدرجات: 28.
(15) في المصدر: (يجري).
(16) أنوار التنزيل 2: 565.
(17) يريد معنى قوله: ((اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً)) (المائدة: 20).
(18) مختصر بصائر الدرجات: 28.
(19) القصص: 85 .
(20) مختصر بصائر الدرجات: 28.
(21) في المصدر إضافة: (عن أبي حمزة الثمالي).
(22) آل عمران: 81 .
(23) في المصدر: (ليبعثهم) بدل (ليبعثن).
(24) في المصدر: (فيا عجباه).
(25) في المصدر: (جبابرة) بدل (جبّارة).
(26) النور: 55.
(27) قوله عليه السلام: (أنا صاحب الرجعات والكرَّات)، أي الرجعات إلى الدنيا والدولة: الغلبة، أي أنا صاحب الغلبة على أهل الغلبة في الحروب، أو المعنى أنَّه كان دولة كلّ ذي دولة من الأنبياء والأوصياء بسبب أنوارنا، أو كان غلبتهم على الأعادي بالتوسُّل بنا كما دلَّت عليه الأخبار الكثيرة، أو المعنى أنَّ لي علم كلّ كرَّة، وعلم كلّ دولة. (منه رحمه الله).
(28) من المصدر.
(29) في المصدر: (الهنات) بدل (الهبات).
(30) روى الصدوق في المعاني (ص 58) بإسناده عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (خطب أمير المؤمنين بالكوفة منصرفه من النهروان...)، وذكر الخطبة إلى أن قال فيها: (وأنا المؤذّن في الدنيا والآخرة، قال الله عزّ وجل: ((فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)) أنا ذلك الموذن، وقال: ((وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)) فأنا ذلك الأذان).
(31) هذا هو الصحيح، وما يقوله المولّدون: هو قسيم النار والجنّة، فمعنى غير ثابت في اللغة، فإنَّ (قسيم) إنَّما هو بمعنى مقاسم، قال في الأساس: وهو قسيمي: مقاسمى، وفي حديث علي عليه السلام: (أنا قسيم النار)، يعني أنَّه يقول للنار: هذا الكافر لك وهذا المؤمن لي. لكن المولّدين يطلقون القسيم ويريدون به معنى مقسم، كما قال شاعرهم:
علــــــــــيّ حبُّـــــــــــه جُنَّــــة قسيم النـــــار والجَنَّة
وصيّ المصطفى حقّاً إمام الإنس والجِنَّة
(32) إشارة إلى قوله تعالى: ((وَعَلَى الأَْعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ)) (الأعراف: 46)، فقد روى في المجمع عن الحاكم الحسكاني بإسناده رفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال: كنت جالساً عند علي عليه السلام فأتاه ابن الكواء فسأله عن هذه الآية فقال: (ويحك يا بن الكواء نحن نقف يوم القيامة بين الجنَّة والنار فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنَّة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار).
(33) إشارة إلى أنَّه عليه السلام دابة الأرض، وقد روى الطبرسي في تفسيره 7: 404، والزمخشري في الكشّاف 3: 159 عن حذيفة، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (دابة الأرض طولها ستّون ذراعاً لا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب فتسم المؤمن بين عينيه وتكتب: (مؤمن)، وتسم الكافر بين عينيه وتكتب: (كافر)، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتختم أنف الكافر بالخاتم، حتَّى يقال: يا مؤمن ويا كافر).
(34) في المصدر إضافة: (وأنا الذي أهلكت عاداً وثموداً وأصحاب الرسّ وقروناً بين ذلك كثيراً، وأنا الذي ذللت الجبابرة وأنا صاحب مدين ومهلك فرعون ومنجي موسى عليه السلام و).
(35) شبَّه عليه السلام نفسه بالحصن من الحديد لمناعته ورزانته وحمايته للخلق. (منه رحمه الله).
(36) مختصر بصائر الدرجات: 32 - 34.
******************
بيان: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ)) قال البيضاوي: قيل: إنَّه على ظاهره وإذا كان هذا حكم الأنبياء كان الأمم به أولى، وقيل: معناه أنَّه تعالى أخذ الميثاق من النبيّين وأممهم واستغنى بذكرهم عن ذكر أممهم، وقيل: إضافة الميثاق إلى النبيّين إضافة إلى الفاعل والمعنى إذ أخذ الله الميثاق الذي واثقه(1) الأنبياء على أممهم، وقيل: المراد أولاد النبيّين على حذف المضاف وهم بنو إسرائيل أو سمّاهم نبيّين تهكّماً لأنَّهم كانوا يقولون: نحن أولى بالنبوّة من محمّد لأنّا أهل الكتاب والنبيّون كانوا منّا، انتهى(2).
وقال أكثر المفسَّرين: النصرة البشارة للأمم به ولا يخفى بعده وما في الخبر هو ظاهر الآية.
وقال الجزري: في حديث عمرو الأسقف قال: أجدك قرناً قال: قرن مه؟ قال: قرن من حديد، القرن: بفتح القاف الحصن(3).
أقول: قد مرَّ تفسير سائر أجزاء الخبر في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام(4).
21 _ تفسير العياشي: عَنْ صَالِح بْن مِيثَم قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عَنْ قَوْل اللهِ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(5) قَالَ: (ذَلِكَ حِينَ يَقُولُ عَلِيٌّ عليه السلام: أنَا أوْلَى النَّاس بِهَذِهِ الآيَةِ، ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((كاذِبِينَ))(6))(7).
22 _ أمالي الصدوق: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ عَامِر بْن مَعْقِلٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا حَمْزَةَ لاَ تَضَعُوا عَلِيّاً دُونَ مَا وَضَعَهُ اللهُ، وَلاَ تَرْفَعُوا عَلِيّاً فَوْقَ مَا رَفَعَهُ اللهُ، كَفَى بِعَلِيًّ أنْ يُقَاتِلَ أهْلَ الْكَرَّةِ وَأنْ يُزَوَّجَ أهْلَ الْجَنَّةِ)(8).
بصائر الدرجات: ابن عيسى، مثله(9).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عامر بن معقل، مثله(10).
23 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً مِنْ لَدُنْ آدَمَ فَهَلُمَّ جَرّاً إِلاَّ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا وَيَنْصُرُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ قَوْلُهُ: ((لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ))(11) يَعْنِي بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ((وَلَتَنْصُرُنَّ)) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ(12).
24 _ تفسير القمي: ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً))(13) فَإنَّهُ رُوِيَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِذَا رَجَعَ آمَنَ بِهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبِي، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ الْمِنْقَريَّ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ شَهْر بْن حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْحَجَّاجُ: يَا شَهْرُ(14)! آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ قَدْ أعْيَتْنِي، فَقُلْتُ: أيُّهَا الأمِيرُ أيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ فَقَالَ: قَوْلُهُ: ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)) وَاللهِ لَإنِّي(15) لَآمُرُ بِالْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ فَتُضْرَبُ عُنُقُهُ، ثُمَّ أرْمَقُهُ بِعَيْني فَمَا أرَاهُ يُحَركُ شَفَتَيْهِ حَتَّى يُحْمَلَ(16)، فَقُلْتُ: أصْلَحَ اللهُ الأمِيرَ لَيْسَ عَلَى مَا تَأوَّلْتَ، قَالَ: كَيْفَ هُوَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عِيسَى يَنْزلُ قَبْلَ يَوْم الْقِيَامَةِ إِلَى الدُّنْيَا فَلاَ يَبْقَى أهْلُ مِلَّةٍ يَهُودِيًّ وَلاَ غَيْرُهُ(17) إِلاَّ آمَنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيُصَلّي خَلْفَ الْمَهْدِيَّ.
قَالَ: وَيْحَكَ أنَّى لَكَ هَذَا؟ وَمِنْ أيْنَ جِئْتَ بِهِ؟ فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام، فَقَالَ: جِئْتَ وَاللهِ بِهَا مِنْ عَيْنٍ صَافِيَةٍ(18).
25 _ تفسير القمي: ((بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ))(19) أيْ لَمْ يَأتِهِمْ تَأوِيلُهُ، ((كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ))، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الرَّجْعَةِ كَذَّبُوا بِهَا أيْ أنَّهَا لاَ تَكُونُ، ثُمَّ قَالَ: ((وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)).(20)
26 _ تفسير القمي: ((وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ)) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ ((ما فِي الأَْرْضِ)) جَمِيعاً ((لاَفْتَدَتْ بِهِ))(21) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَعْنِي الرَّجْعَةَ(22).
27 _ تفسير القمي: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(23) سُئِلَ الإمَامُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(24) قَالَ: (مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا؟)، قُلْتُ: يَقُولُونَ إِنَّهَا فِي الْقِيَامَةِ، فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أيُحْشَرُ اللهُ فِي(25) الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَتْرُكُ(26) الْبَاقِينَ؟ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ، فَأمَّا آيَةُ الْقِيَامَةِ فَهَذِهِ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((مَوْعِداً)))(27).
28 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْمُسْتَنِير، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُ اللهِ: ((فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً))(28)، قَالَ: (هِيَ وَاللهِ لِلنُّصَّابِ)، قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ رَأيْنَاهُمْ دَهْرَهُمُ الأطْوَلَ فِي كِفَايَةٍ حَتَّى مَاتُوا؟ قَالَ: (ذَاكَ وَاللهِ فِي الرَّجْعَةِ، يَأكُلُونَ الْعَذِرَةَ)(29).
منتخب البصائر: سعد، عن أحمد بن محمّد، مثله(30).
29 _ تفسير القمي: قَوْلُهُ: ((وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ))(31) فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ وَأبِي جَعْفَرٍ عليهما السلام قَالاَ: (كُلُّ قَرْيَةٍ أهْلَكَ اللهُ أهْلَهُ بِالْعَذَابِ لاَ يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ فَهَذِهِ الآيَةُ مِنْ أعْظَم الدَّلاَلَةِ فِي الرَّجْعَةِ، لأنَّ أحَداً مِنْ أهْل الإسْلاَم لاَ يُنْكِرُ أنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْقِيَامَةِ، مَنْ هَلَكَ وَمَنْ لَمْ يَهْلِكْ، فَقَوْلُهُ: ((لا يَرْجِعُونَ))(32) عَنَى فِي الرَّجْعَةِ، فَأمَّا إِلَى الْقِيَامَةِ يَرْجِعُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ(33).
بيان: قال الطبرسي: اختلف في معناه على وجوه: أحدها أنَّ (لا) مزيدة والمعنى حرام على قرية مهلكة بالعقوبة أن يرجعوا إلى (دار)(34) الدنيا، وقيل: إنَّ معناه واجب عليها أنَّها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها، قد جاء الحرام بمعنى الواجب، وثانيها أنَّ معناه: حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أن يتقبَّل منهم عمل لأنَّهم لا يرجعون إلى التوبة، وثالثها أن معناه: حرام أن لات يرجعوا بعد الممات بل يرجعون أحياء للمجازات، ثُمَّ ذكر رواية محمّد بن مسلم(35).
30 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ جَمَعَ رَمْلاً وَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَيْهِ، فَحَرَّكَهُ بِرجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: قُمْ يَا دَابَّةَ اللهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ أنُسَمَّي بَعْضُنَا بَعْضاً بِهَذَا الاسْم؟ فَقَالَ: لاَ وَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ لَهُ خَاصَّةً، وَهُوَ الدَّابَّةُ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(36) ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَان أخْرَجَكَ اللهُ فِي أحْسَن صُورَةٍ، وَمَعَكَ مِيسَمٌ تَسِمُ بِهِ أعْدَاءَكَ).
فَقَالَ الرَّجُلُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْعَامَّةَ(37) يَقُولُونَ: هَذِهِ الآيَةُ إِنَّمَا تُكَلّمُهُمْ؟(38) فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: (كَلَّمَهُمُ اللهُ فِي نَار جَهَنَّمَ إِنَّمَا هُوَ تُكَلّمُهُمْ مِنَ الْكَلاَم، وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ هَذَا فِي الرَّجْعَةِ قَوْلُهُ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))(39)).
قَالَ: (الآيَاتُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام.).
فَقَالَ الرَّجُلُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْعَامَّةَ تَزْعُمُ أنَّ قَوْلَهُ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)) عَنَى فِي الْقِيَامَةِ.
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (فَيَحْشُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَدَعُ الْبَاقِينَ، لاَ وَلَكِنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ، وَأمَّا آيَةُ الْقِيَامَةِ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(40)).
حَدَّثَنِي أبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)) قَالَ: (لَيْسَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ إِلاَّ يَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ، وَلاَ يَرْجِعُ إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ(41) مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً).
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّار بْن يَاسِرٍ: يَا أبَا الْيَقْظَان آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ قَدْ أفْسَدَتْ قَلْبِي وَشَكَّكَتْنِي، قَالَ عَمَّارٌ: وَأيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: قَوْلُ اللهِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(42) الآيَةَ، فَأيَّةُ دَابَّةٍ هَذِهِ؟ قَالَ عَمَّارٌ: وَاللهِ مَا أجْلِسُ وَلاَ آكُلُ وَلاَ أشْرَبُ حَتَّى اُريَكَهَا.
فَجَاءَ عَمَّارٌ مَعَ الرَّجُل إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ وَهُوَ يَأكُلُ تَمْراً وَزُبْداً فَقَالَ: (يَا أبَا الْيَقْظَان هَلُمَّ)، فَجَلَسَ عَمَّارٌ وَأقْبَلَ يَأكُلُ مَعَهُ فَتَعَجَّبَ الرَّجُلُ مِنْهُ، فَلَمَّا قَامَ عَمَّارٌ قَالَ الرَّجُلُ: سُبْحَانَ اللهِ يَا أبَا الْيَقْظَان، حَلَفْتَ أنَّكَ لاَ تَأكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ وَلاَ تَجْلِسُ حَتَّى تُريَنيهَا؟ قَالَ عَمَّارٌ: قَدْ أرَيْتُكَهَا إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ(43).
31 _ تفسير القمي: ((سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها))(44) قَالَ(45): أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام إِذَا رَجَعُوا يَعْرفُهُمْ أعْدَاؤُهُمْ إِذَا رَأوْهُمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ الآيَاتِ هُمُ الأئِمَّةُ قَوْلُ‏ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (مَا للهِ آيَةٌ أعْظَمَ مِنّي)(46) فَإذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا يَعْرفُهُمْ أعْدَاؤُهُمْ إِذَا رَأوْهُمْ فِي الدُّنْيَ(47).
32 _ تفسير القمي: ((طسم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ)) ثُمَّ خَاطَبَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: ((نَتْلُوا عَلَيْكَ)) يَا مُحَمَّدُ ((مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَْرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ))(48) أخْبَرَ اللهُ نَبِيَّهُ بِمَا نَالَ(49) مُوسَى وَأصْحَابَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ مِنَ الْقَتْل وَالظُّلْم، لِيَكُونَ تَعْزيَةً لَهُ فِيمَا يُصِيبُهُ فِي أهْل بَيْتِهِ مِنْ اُمَّتِهِ.
ثُمَّ بَشَّرَهُ بَعْدَ تَعْزيَتِهِ أنَّهُ يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَجْعَلُهُمْ خُلَفَاءَ فِي الأرْض وَأئِمَّةً عَلَى اُمَّتِهِ، وَيَرُدُّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا مَعَ أعْدَائِهِمْ حَتَّى يَنْتَصِفُوا مِنْهُمْ فَقَالَ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما))(50) وَهُمُ الَّذِينَ غَصَبُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ، وَقَوْلُهُ: ((مِنْهُمْ)) أيْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ ((ما كانُوا يَحْذَرُونَ)) أيْ مِنَ الْقَتْل وَالْعَذَابِ.
وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي مُوسَى وَفِرْعَوْنَ لَقَالَ: وَنُرىَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ أيْ مِنْ مُوسَى وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُمْ. فَلَمَّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً)) عَلِمْنَا أنَّ الْمُخَاطَبَةَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا وَعَدَ اللهُ رَسُولَهُ فَإنَّمَا يَكُونُ بَعْدَهُ وَالأئِمَّةُ يَكُونُونَ مِنْ وُلْدِهِ وَإِنَّمَا ضَرَبَ اللهُ هَذَا الْمَثَلَ لَهُمْ فِي مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِي أعْدَائِهِمْ بِفِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ(51).
فَقَالَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ قَتَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَظَلَمَ فَأظْفَرَ اللهُ مُوسَى بِفِرْعَوْنَ وَأصْحَابِهِ حَتَّى أهْلَكَهُمُ اللهُ، وَكَذَلِكَ أهْلُ بَيْتِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أصَابَهُمْ مِنْ أعْدَائِهِمُ الْقَتْلُ وَالْغَصْبُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمُ اللهُ وَيَرُدُّ أعْدَاءَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَقْتُلُوهُمْ.
وَقَدْ ضَرَبَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي أعْدَائِهِ مَثَلاً مِثْلَ مَا ضَرَبَهُ اللهُ لَهُمْ فِي أعْدَائِهِمْ بِفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، فَقَالَ: (أيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أوَّلَ مَنْ بَغَى عَلَى اللهِ عزّ وجل‏ عَلَى وَجْهِ الأرْض عَنَاقُ بِنْتُ آدَمَ عليه السلام(52) خَلَقَ اللهُ لَهَا عِشْرينَ إِصْبَعاً فِي كُل إِصْبَع مِنْهَا ظُفُرَان طَويلاَن كَالْمِنْجَلَيْن الْعَظِيمَيْن وَكَانَ مَجْلِسُهَا فِي الأرْض مَوْضِعَ جَريبٍ فَلَمَّا بَغَتْ بَعَثَ اللهُ لَهَا أسَداً كَالْفِيل، وَذِئْباً كَالْبَعِير، وَنَسْراً كَالْحِمَار، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْخَلْقِ الأوَّل فَسَلَّطَهُمْ عَلَيْهَا فَقَتَلُوهَا، ألاَ وَقَدْ قَتَلَ اللهُ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، وَخَسَفَ بِقَارُونَ، وَإِنَّمَا هَذَا مَثَلٌ لأعْدَائِهِ الَّذِينَ غَصَبُوا حَقَّهُ فَأهْلَكَهُمُ اللهُ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (وثقه) بدل (واثقه).
(2) تفسير البيضاوي 1: 167.
(3) النهاية 4: 55.
(4) راجع (ج 39/ ص 335 و353) من المطبوعة/ باب ما بيَّن من مناقب نفسه القدسيّة.
(5) آل عمران: 83 .
(6) النحل: 38 و39.
(7) تفسير العياشي 1: 183/ ح 80 .
(8) أمالي الصدوق: 284/ مجلس 38/ ح 4.
(9) بصائر الدرجات: 435/ ج 8/ باب 18/ ح 5.
(10) مختصر بصائر الدرجات: 26.
(11) آل عمران: 81 .
(12) تفسير القمي 1: 106.
(13) النساء: 159.
(14) في المصدر: (بأن) بدل (يا شهر).
(15) في المصدر: (إنّي) بدل (لإنّي).
(16) في المصدر: (يخمد) بدل (يحمل).
(17) في المصدر: (نصراني) بدل (غيره).
(18) تفسير القمي 1: 158.
(19) يونس: 39.
(20) تفسير القمي 1: 312.
(21) يونس: 54.
(22) تفسير القمي 1: 313.
(23) الكهف: 48.
(24) النمل: 83 .
(25) في المصدر إضافة: (يوم).
(26) في المصدر: (يذر) بدل (يترك).
(27) تفسير القمي 2: 36.
(28) طه: 124.
(29) تفسير القمي 2: 65.
(30) مختصر بصائر الدرجات: 18.
(31) الأنبياء: 95.
(32) في المصدر إضافة: (أيضاً).
(33) تفسير القمي 2: 75.
(34) من المصدر.
(35) مجمع البيان 7: 62 و63، باختصار.
(36) النمل: 82 .
(37) في المصدر: (الناس) بدل (العامّة).
(38) يريد أنَّها من الكلم بمعنى الجرح.
(39) النمل: 83 و84 .
(40) الكهف: 47.
(41) في المصدر: (ومن) بدل (أو).
(42) النمل: 82 .
(43) تفسير القمي 2: 130.
(44) النمل: 93.
(45) في المصدر إضافة: (الآيات).
(46) في المصدر: (والله ما لله آية أكبر مني).
(47) تفسير القمي 2: 132.
(48) القصص: 1 - 4، علماً بأنَّه جاء في المطبوعة بعد قوله: (يستضعف طائفة) عبارة: (إلى قوله) بدل (منهم).
(49) في المصدر: (لقي) بدل (نال).
(50) القصص: 5.
(51) في المصدر: (وجنودهما).
(52) ترى مثل هذا الحديث في أصول الكافي 2: 327/ باب البغي، وصدر الحديث: (أيَّها الناس إنَّ البغي يقود أصحابه إلى النار وإنَّ أوّل من بغى على الله...) الخ.
******************
وَصَحَّ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَوْلُهُ: (سَيَكُونُ فِي اُمَّتِي كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ أنَّ أحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبًّ لَدَخَلْتُمُوهُ).
عَلَى أنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ تَأوَّلُوا مَا وَرَدَ مِنَ الأخْبَار فِي الرَّجْعَةِ عَلَى رُجُوع الدَّوْلَةِ وَالأمْر وَالنَّهْي، دُونَ رُجُوع الأشْخَاص(1) لِمَا ظَنُّوا أنَّ الرَّجْعَةَ تُنَافِي التَّكْلِيفَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لأنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يُلْجِئُ إِلَى فِعْل الْوَاجِبِ وَالامْتِنَاع مِنَ الْقَبِيح، وَالتَّكْلِيفُ يَصِحُّ مَعَهَا كَمَا يَصِحُّ مَعَ ظُهُور الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ وَالآيَاتِ الْقَاهِرَةِ كَفَلْقِ الْبَحْر، وَقَلْبِ الْعَصَا ثُعْبَاناً، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
وَلأنَّ الرَّجْعَةَ لَمْ يَثْبُتْ بِظَوَاهِر الأخْبَار الْمَنْقُولَةِ فَيَتَطَرَّقَ التَّأوِيلُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا الْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ عَلَى إِجْمَاع الشيعَةِ الإمَامِيَّةِ وَإِنْ كَانَتِ الأخْبَارُ تَعْضُدُهُ وَتُؤَيَّدُهُ(2)، انْتَهَى.
أقول: استدلَّ الشيخ في تفسيره التبيان أيضاً على مذهب القائلين بالرجعة وإنَّما ذكرنا هذا الكلام بطوله لكثرة فوائده، وليعلم أقوال المخالفين في الدابّة وأنَّه يظهر من أخبارهم أيضاً أنَّ الدابة تكون صاحب العصا والميسم، وقد رووا ذلك في جميع كتبهم، وليعلم المراد ممَّا استفيض عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه ذكر في المواطن الكثيرة: (أنا صاحب العصا والميسم).
وروى الزمخشري في الكشّاف أنَّها تخرج من الصفا، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، فتضرب المؤمن في مسجده، أو فيما بين عينيه بعصا موسى، فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتَّى يضئ لها وجهه كأنَّه كوكب درّي وتكتب بين عينيه: مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتَّى يسوَّد لها وجهه وتكب بين عينيه: كافر.
ثُمَّ قال: وقرئ: ((تُكَلِّمُهُمْ)) من الكلم وهو الجرح. والمراد به الوسم بالعصا والخاتم، ويجوز أن يستدلَّ بالتخفيف على أنَّ المراد بالتكليم التجريح(3)، انتهى.
وقال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد: اعتقادنا في الرجعة أنَّها حقّ وقد قال الله عزّ وجل: (( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(4)، كان هؤلاء سبعين ألف بيت، وكان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة، فيخرج الأغنياء لقوّتهم، ويبقى الفقراء لضعفهم فيقل الطاعون في الذين يخرجون، ويكثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون. ويقول الذين خرجوا: لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.
فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم، إذا كان وقت الطاعون فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر، فلمَّا وضعوا رحالهم ناداهم الله: موتوا! فماتوا جميعاً فكنستهم المارة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله تعالى.
ثُمَّ مرَّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: أرميا، فقال: لو شئت يا ربّ لأحييتهم فيعمّروا بلادك، ويلدوا عبادك، وعبدوك مع من يعبدك، فأوحى الله تعالى إليه: أفتحبّ أن أحييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم الله له(5)، وبعثهم معه، فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلى الدنيا ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزّ وجل: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ))(6)، فهذا مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها، ثُمَّ مات بأجله وهو عزير.
وقال الله تعالى في قصة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه: ((ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(7) ذلك لمَّا سمعوا كلام الله قالوا لا نصدق ((حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً))(8)، ((فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ))(9) بظلمهم فماتوا، فقال موسى عليه السلام: يا ربّ ما أقول ببني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فأحياهم الله له، فرجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء، وولد لهم الأولاد ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزّ وجل لعيسى عليه السلام: ((وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي))(10) وجميع الموتى الذين أحياهم عيسى عليه السلام بإذن الله، رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وأصحاب الكهف ((لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً))(11) ثُمَّ بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليسألوا بينهم وقصتهم معروفة.
فإن قال قائل: إنَّ الله عزّ وجل قال: ((وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ))(12)، قيل له: فإنَّهم كانوا موتى وقد قال الله عزّ وجل: ((قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ))(13)، وإن قالوا كذلك فإنَّهم كانوا موتى ومثل هذا كثير.
إنَّ(14) الرجعة كانت في الأمم السالفة، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، فَيَجِبُ عَلَى هَذَا الأصْل أنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ رَجْعَةٌ.
وقد نقل مخالفونا أنَّه إذا خرج المهدي نزل عيسى بن مريم فصلّى خلفه ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته لأنَّ الله تعالى قال: ((إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ))(15).
وقال عزّ وجل: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(16)، وقال عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا))(17) فاليوم الذي يحشر فيه الجميع غير اليوم الذي يحشر فيه فوج.
وقال الله عزّ وجل: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ))(18) يعني في الرجعة وذلك أنَّه يقول: ((لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ)) والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة وسأجرّد في الرجعة كتاباً أبيّن فيها كيفيتها، والدلالة على صحّة كونها إن شاء الله.
والقول بالتناسخ باطل، ومن دان بالتناسخ فهو كافر، لأنَّ في التناسخ إبطال الجنّة والنار(19).
وقال الشيخ المفيد في أجوبة المسائل العكبرية حين سئل عن قوله تعالى: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا))(20) وأجاب بوجوه فقال: وقد قالت الإماميّة: إنَّ الله تعالى ينجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم والكرَّة التي وعد بها المؤمنين في العاقبة(21).
وروى قدس الله روحه في كتاب الفصول عن الحارث بن عبد الله الربعي أنَّه قال: كنت جالساً في مجلس المنصور، وهو بالجسر الأكبر، وسوار القاضي عنده والسيَّد الحميري ينشده:
إنَّ الإله الذي لا شيء يشبهه آتاكم الملك للدنيا وللدّين
آتاكم الله ملكاً لا زوال له حتَّى يقاد إليكم صاحب الصين
وصاحب الهند مأخوذ برمته وصاحب الترك محبوس على هون
حتَّى أتى على القصيدة والمنصور مسرور، فقال سوار: إنَّ هذا والله يا أمير المؤمنين يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه، والله إنَّ القوم الذين يدين بحبّهم لغيركم، وإنَّه لينطوي على عداوتكم، فقال السيَّد: والله إنَّه لكاذب، وإنَّني في مدحتك(22) لصادق، وإنَّه حمله الحسد إذ رآك على هذه الحال، وإنَّ انقطاعي إليكم ومودَّتي لكم أهل البيت لمعرق فينا من أبوي، وإنَّ هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والإسلام، وقد أنزل الله عزّ وجل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم في أهل بيت هذا: ((إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ))(23).
فقال المنصور: صدقت، فقال سوار: يا أمير المؤمنين إنَّه يقول بالرجعة، ويتناول الشيخين بالسبّ والوقيعة فيهما، فقال السيَّد: أمَّا قوله إنّي أقول بالرجعة، فإنّي أقول بذلك على ما قال الله تعالى: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(24)، وقد قال في موضع آخر: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(25)، فعلمنا أنَّ ههنا حشرين أحدهما عام والآخر خاص، وقال سبحانه: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(26)، وقال تعالى: ((فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ))(27)، وقال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(28)، فهذا كتاب الله.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يُحْشَرُ الْمُتَكَبَّرُونَ فِي صُورَةِ الذَّر يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمْ يَجْر فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ إِلاَّ وَيَكُونُ فِي اُمَّتِي مِثْلُهُ حَتَّى الْخَسْفُ وَالْمَسْخُ وَالْقَذْفُ).
وقال حذيفة: والله ما أبعد أن يمسخ الله عزّ وجل كثيراً من هذه الأمّة قردة وخنازير.
فالرجعة التي أذهب(29) إليها ما نطق به القرآن، وجاءت به السُنّة، وإنّي لأعتقد أنَّ الله عزّ وجل يرد هذا يعني سواراً إلى الدنيا كلباً أو قرداً أو خنزيراً أو ذرة فإنَّه والله متجبَّر متكبَّر كافر.
قال: فضحك المنصور وأنشأ السيَّد يقول:
جاثيت سواراً أبا شملة عند الإمام الحاكم العادل
إلى آخر الأبيات(30).
وقال رحمه الله في الكتاب المذكور: سأل بعض المعتزلة شيخاً من أصحابنا الإماميّة، وأنا حاضر في مجلس فيهم جماعة كثيرة من أهل النظر والمتفقّهة، فقال له: إذا كان من قولك أنَّ الله عزّ وجل يرد الأموات إلى دار الدنيا قبل الآخرة عند القائم، ليشفي المؤمنين كما زعمتم من الكافرين، وينتقم لهم منهم كما فعل ببني إسرائيل فيما ذكرتموه، حيث تتعلَّقون بقوله تعالى: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(31) فخبَّرني ما الذي يؤمنك أن يتوب يزيد وشمر وعبد الرحمن بن ملجم، ويرجعوا عن كفرهم وضلالهم ويصيروا في تلك الحال إلى طاعة الإمام، فيجب عليك ولاتهم، والقطع بالثواب لهم، وهذا نقض مذاهب الشيعة.
فقال الشيخ المسؤل: القول بالرجعة إنَّما قلته من طريق التوقيف، وليس للنظر فيه مجال، وأنا لا أجيب عن هذا السؤال لأنَّه لا نصَّ عندي فيه، وليس يجوز لي أن أتكلَّف من غير جهة النصّ الجواب فشنع السائل وجماعة المعتزلة عليه بالعجز والانقطاع.
فقال الشيخ أيَّده الله فأقول أنا: إنَّ عن(32) هذا السؤال جوابين:
أحدهما: أنَّ العقل لا يمنع من وقوع الإيمان ممن ذكره السائل، لأنَّه يكون إذ ذاك قادراً عليه ومتمكّناً منه، ولكن السمع الوارد عن أئمّة الهدى عليهم السلام بالقطع عليهم بالخلود في النار، والتديُّن بلعنهم والبراءة منهم إلى آخر الزمان منع من الشكّ في حالهم، وأوجب القطع على سوء اختيارهم فجروا في هذا الباب مجرى فرعون وهامان وقارون، ومجرى من قطع الله عزّ وجل على خلوده في النار، ودلَّ القطع على أنَّهم لا يختارون أبداً الإيمان ممَّن قال الله تعالى(33): ((وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ))(34) يريد إلاَّ أن يلجئهم الله، والذين قال الله تعالى فيهم: ((إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لأََسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ))(35).
ثُمَّ قال جل قائل(36) في تفصيلهم وهو يوجَّه القول إلى إبليس: ((لأََمْلأََنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ))(37)، وقوله تعالى: ((وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ))(38)، وقوله تعالى: ((تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ * سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ))(39) فقطع بالنار عليه وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب، وإذا كان الأمر على ما وصفناه، بطل ما توهَّمتموه(40) على هذا الجواب.
والجواب الآخر: أنَّ الله سبحانه إذا ردَّ الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة، وجروا في ذلك مجرى فرعون لمَّا أدركه الغرق ((قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(41) قال الله سبحانه له: ((آلآْنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ))(42) فردَّ الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه، وكأهل الآخرة الذين لا يقبل الله لهم توبة ولا ينفعهم ندم لأنَّهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل، ولأنَّ الحكمة تمنع من قبول التوبة أبداً، ويوجب اختصاص بعض الأوقات بقبولها دون بعض.
الهوامش:
(1) في المصدر إضافة: (وإحياء الأموات وأوَّلوا الأخبار الواردة في ذلك).
(2) مجمع البيان 7: 233 - 235 باختصار.
(3) الكشّاف 3: 384 و385.
(4) البقرة: 243.
(5) كلمة: (له) ليست في المصدر.
(6) البقرة: 259.
(7) البقرة: 56.
(8) البقرة: 55.
(9) النساء: 153.
(10) المائدة: 110، علماً بأنَّه جاء في المطبوعة: (تحيي) بدل (تخرج) وما أثبتناه من المصحف والمصدر.
(11) الكهف: 25.
(12) الكهف: 18.
(13) يس: 52، ومراده أنَّ لفظ الرقود لا يختص بالنوم، بل هو عام يشمل الموت كما في هذه الآية.
(14) في المصدر: (وقد صحَّ أنَّ).
(15) آل عمران: 55.
(16) الكهف: 47.
(17) النمل: 83 .
(18) النحل: 38.
(19) اعتقادات الصدوق ضمن مصنّفات الشيخ المفيد 5: 60 - 63.
(20) غافر: 51.
(21) المسائل العكبرية ضمن مصنّفات الشيخ المفيد 6: 74.
(22) في المصدر: (مديحك).
(23) الحجرات: 4.
(24) النمل: 83 .
(25) الكهف: 47.
(26) غافر: 11.
(27) البقرة: 259.
(28) البقرة: 243.
(29) في المصدر: (نذهب) بدل (أذهب).
(30) الفصول المختارة ضمن مصنّفات الشيخ المفيد 2: 93 - 95.
(31) الإسراء: 6.
(32) في المصدر: (اُبيّن في) بدل (إنَّ عن).
(33) في المصدر إضافة: (في جملتهم).
(34) الأنعام: 111.
(35) الأنفال: 22 و23.
(36) في المصدر: (عن قائل) بدل (قائلاً).
(37) ص: 85 .
(38) ص: 78.
(39) المسد: 1 - 3.
(40) في المصدر: (توهموه) بدل (توهمتموه).
(41) يونس: 90.
(42) يونس: 91.
******************
وهذا هو الجواب الصحيح، على مذهب أهل الإمامة، وقد جاءت به آثار متظاهرة عن آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم فروي(1) عنهم في قوله تعالى: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ))(2) فقالوا: إنَّ هذه الآية هو القائم عليه السلام فإذا ظهر لم يقبل توبة المخالف، وهذا يسقط ما اعتمده السائل.
سؤال: فإن قالوا: في هذا الجواب ما أنكرتم أن يكون الله تعالى على ما أصَّلتموه قد أغرى عباده بالعصيان، وأباحهم الهرج والمرج والطغيان، لأنَّهم إذا كانوا يقدرون على الكفر وأنواع الضلال، وقد يئسوا من قبول التوبة لم يدعهم داع إلى الكفَّ عمَّا في طباعهم، ولا انزجروا عن فعل قبيح يصلون به إلى النفع العاجل ومن وصف الله تبارك وتعالى باغراء خلقه بالمعاصي، وإباحتهم الذنوب، فقد أعظم الفريّة عليه.
جواب: قيل لهم: ليس الأمر على ما ظننتموه، وذلّ أنَّ الدواعي لهم إلى المعاصي ترتفع إذ ذاك، ولا يحصل لهم داع إلى قبيح على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب لأنَّهم يكونون قد علموا بما سلف لهم من العذاب وقت الرجعة على خلاف أئمّتهم عليهم السلام ويعلمون في الحال أنَّهم معذبون على ما سبق لهم من العصيان وأنَّهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب، ولا يكون لهم عند ذلك طبع يدعوهم إلى ما يتزايد عليهم به العذاب، بل يتوفَّر لهم دواعي الطباع والخواطر، كلّها إلى إظهار الطاعة، والانتقال عن العصيان.
وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الإسلام مثله في أهل الآخرة وحالهم في إبطال توبتهم وكون ندمهم غير مقبول، فمهما أجاب الموحَّدون لمن ألزمهم ذلك فهو جوابنا بعينه.
سؤال آخر: وإن سألوا على المذهب الأوَّل والجواب المتقدّم، فقالوا: كيف يتوهَّم من القوم الإقامة على العناد، والإصرار على الخلاف، وقد عاينوا فيما تزعمون(3) عقاب القبور، وحلَّ بهم عند الرجعة العذاب على ما تزعمون أنَّهم مقيمون عليه، وكيف يصحُّ أن يدعوهم الدواعي إلى ذلك، ويخطر لهم في فعله الخواطر ما أنكرتم أن تكونوا في هذه الدعوى مكابرين.
جواب: قيل لهم: يصحُّ ذلك على مذهب من أجاب بما حكيناه من أصحابنا بأن يقول: إنَّ جميع ما عددتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف، لأنَّ القوم يظنّون أنَّهم إنَّما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم، وليلوا الدنيا كما كانوا، ويظنّون أنَّ ما اعتقدوه في العذاب السالف لهم كان غلطاً منهم، وإذا حلَّ بهم العقاب ثانية توهَّموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أنَّ ذلك ليس من طريق الاستحقاق، وأنَّه من الله تعالى، لكنَّه كما يكون الدول، وكما حلَّ بالأنبياء عليهم السلام.
ولأصحاب هذا الجواب أن يقولوا: ليس ما ذكرناه في هذا الباب بأعجب من كفر قوم موسى عليه السلام وعبادتهم العجل، وقد شاهدوا منه الآيات، وعاينوا ما حلَّ بفرعون وملائه على الخلاف، ولا هو بأعجب من إقامة أهل الشرك على خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وهم يعلمون عجزهم عن مثل ما أتى به من القرآن، ويشهدون معجزاته وآياته عليه السلام ويجدون مخبرات أخباره على حقائقها من قوله تعالى: ((سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ))(4)، وقوله عزّ وجل: ((لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ))(5)، وقوله عزّ وجل: ((الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَْرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ))(6)، وما حلَّ بهم من العقاب بسيفه عليه السلام وهلاك كلّ من توعَّده بالهلاك، هذا وفيمن أظهر الإيمان به المنافقون ينضافون في خلافه إلى أهل الشرك والضلال.
على أنَّ هذا السؤال، لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة، لأنَّهم يزعمون أنَّ أكثر المخالفين على الأنبياء كانوا من أهل العناد وأنَّ جمهور المظهرين الجهل بالله تعالى يعرفونه على الحقيقة، ويعرفون أنبياءه وصدقهم، ولكنَّهم في الخلاف على اللجاجة والعناد، فلا يمتنع أن يكون الحكم في الرجعة وأهلها على هذا الوصف الذي حكيناه وقد قال الله تعالى: ((وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ))(7).
فأخبر سبحانه أنَّ أهل العقاب لو ردَّهم إلى الدنيا لعادوا إلى الكفر والعناد مع ما شاهدوا في القبور وفي المحشر من الأهوال وما ذواقوا من أليم العذاب(8).
وقال رحمه الله في الإرشاد عند ذكر علامات ظهور القائم عليه السلام: وأموات ينشرون من القبور حتَّى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون(9).
وفي المسائل السروية أنَّه سئل الشيخ قدس الله روحه عَمَّا يُرْوَى عَنْ مَوْلاَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عليهما السلام فِي الرَّجْعَةِ، وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَقُلْ بِمُتْعَتِنَا وَيُؤْمِنْ بِرَجْعَتِنَا)(10) أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمن أو لغيره من الظلمة الجبارين قبل يوم القيامة؟
فكتب الشيخ رحمه الله بعد الجواب عن المتعة: وأمَّا قوله عليه السلام: (من لم يقل برجعتنا فليس منّا) فإنَّما أراد بذلك ما يختصَّه من القول به في أنَّ الله تعالى يحشر(11) قوماً من أمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختصُّ به آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم، والقرآن شاهد به، قال الله عزّ وجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(12)، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(13) فأخبر أنَّ الحشر حشران: عام وخاص.
وقال سبحانه مخبراً عمَّن يحشر من الظالمين أنَّه يقول يوم الحشر الأكبر: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(14).
وللعامّة في هذه الآية تأويل مردود، وهو أن قالوا: إنَّ المعنيُّ بقوله: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ)) أنَّه خلقهم أمواتاً، ثُمَّ أماتهم بعد الحياة، وهذا باطل لا يستمر(15) على لسان العرب، لأنَّ الفعل لا يدخل إلاَّ على من كان بغير الصفة التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه الله أمواتاً لا يقال(16) له أماته، وإنَّما يقال ذلك فيمن طرء عليه الموت بعد الحياة، كذلك لا يقال: أحيا الله ميّتاً إلاَّ أن يكون قد كان قبل إحيائه ميّت(17) وهذا بيّن لمن تأمَّله.
وقد زعم بعضهم أنَّ المراد بقوله: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ)) الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمساءلة فتكون الأولى قبل الإقبار، والثانية بعده، وهذا أيضاً باطل من وجه آخر وهو أنَّ الحياة للمساءلة ليست للتكليف فيندم الإنسان على ما فاته في حاله، وندم القوم على ما فاتهم في حياتهم المرَّتين يدلُّ على أنَّه لم يرد حياة المسألة لكنَّه أراد حياة الرجعة، التي تكون لتكليفهم الندم على تفريطهم، فلا يفعلون ذلك فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك(18).
فصل
والرجعة عندنا يختصُّ بمن محض الإيمان ومحض الكفر، دون من سوى هذين الفريقين، فإذا أراد الله تعالى على ما ذكرناه أوهم الشياطين أعداء الله عزّ وجل أنَّهم إنَّما ردُّوا إلى الدنيا لطغيانهم على الله، فيزدادوا عتواً، فينتقم الله تعالى منهم بأوليائه المؤمنين، ويجعل لهم الكرَّة عليهم، فلا يبقى منهم إلاَّ من هو مغموم بالعذاب، والنقمة والعقاب، وتصفو الأرض من الطغاة، ويكون الدين لله تعالى.
والرجعة إنَّما هي لممحضي الإيمان من أهل الملّة، وممحضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية(19).
فصل
وقد قال قوم من المخالفين لنا: كيف يعود كفّار الملّة بعد الموت إلى طغيانهم وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ، وتيقَّنوا بذلك أنَّهم مبطلون، فقلت لهم:
ليس ذلك بأعجب من الكفّار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحلُّ بهم من العذاب ويعلمونه ضرورة، بعد الموافقة(20) لهم والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا فيقولون(21): ((يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ))، فقال الله عزّ وجل: ((بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ))(22) فلم يبق للمخالف بعد هذا الاحتجاج شبهة يتعلَّق بها فيما ذكرناه والمنَّة لله(23).
وقال السيَّد الشريف المرتضى رضي الله عنه وحشره مع آبائه الطاهرين في أجوبة المسائل التي وردت عليه من بلد الري حيث سألوا عن حقيقة الرجعة، لأنَّ شذاذ الإماميّة يذهبون إلى أنَّ الرجعة رجوع دولتهم في أيام القائم عليه السلام من دون رجوع أجسامهم:
الجواب: اعلم أنَّ الذي تذهب الشيعة الإماميّة إليه أنَّ الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي عليه السلام قوماً ممَّن كان قد تقدَّم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ومشاهدة دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم فيلتذّوا بما يشاهدون من ظهور الحقّ، وعلو كلمة أهله.
والدلالة على صحَّة هذا المذهب أنَّ الذي ذهبوا إليه ممَّا لا شبهة على عاقل في أنَّه مقدور لله تعالى، غير مستحيل في نفسه، فإنّا نرى كثيراً من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة، وإذا ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور، فالطريق إلى إثباتها إجماع الإماميّة على وقوعها، فإنَّهم لا يختلفون في ذلك، وإجماعهم قد بيّنا في مواضع من كتبنا أنَّه حجّة لدخول قول الإمام عليه السلام فيه، وما يشتمل على قول المعصوم من الأقوال، لا بدَّ فيه من كونه صواباً.
وقد بيّنا أنَّ الرجعة لا تنافي التكليف وأنَّ الدواعي متردّدة معنا حين لا يظنُّ ظانًّ أنَّ تكليف من يعاد باطل، وذكرنا أنَّ التكليف كما يصحُّ مع ظهور المعجزات الباهرة، والآيات القاهرة، فكذلك مع الرجعة، فإنَّه ليس في جميع ذلك ملجئ إلى فعل الواجب، والامتناع من فعل القبيح.
فأمَّا من تأوَّل الرجعة في أصحابنا على أنَّ معناها رجوع الدولة والأمر والنهي، من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، فإنَّ قوماً من الشيعة لمَّا عجزوا عن نصرة الرجعة، وبيان جوازها، وأنَّها تنافي التكليف، عوَّلوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة.
وهذا منهم غير صحيح، لأنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيطرق التأويلات عليها، فكيف يثبت ما هو مقطوع على صحَّته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم وإنَّما المعوَّل في إثبات الرجعة على إجماع الإماميّة على معناها بأنَّ الله تعالى يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليه السلام من أوليائه وأعدائه على ما بيّناه فكيف يطرق التأويل على ما هو معلوم فالمعنى غير محتمل(24)، انتهى.
وقال السيَّد ابن طاوس نوَّر الله ضريحه في كتاب الطرائف: روى مسلم في صحيحه في أوائل الجزء الأوَّل بإسناده إلى الجراح بن مليح قال: سمعت جابراً يقول: عندي سبعون ألف حديث، عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم تركوها كلّه(25)، ثُمَّ ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمّد بن عمر الرازي قال: سمعت حريزاً يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنَّه كان يؤمن بالرجعة.
ثُمَّ قال: اُنظر رحمك الله كيف حرَّموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلّم برواية أبي جعفر عليه السلام الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسُّك بهم.
ثُمَّ وإنَّ أكثر المسلمين أو كلّهم قد رووا إحياء الأموات في الدنيا وحديث إحياء الله تعالى الأموات في القبور للمساءلة، وقد تقدَّمت روايتهم عن أصحاب الكهف وهذا كتابهم يتضمَّن: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(26)، والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة مع موسى عليه السلام، وحديث العزير عليه السلام، ومن أحياه عيسى بن مريم عليهما السلام، وحديث جريج الذي أجمع على صحَّته أيضاً، وحديث الذين يحييهم الله تعالى في القبور للمساءلة.
فأيُّ فرق بين هؤلاء وبين ما رواه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم من الرجعة؟ وأيُ ذنب كان لجابر في ذلك حتَّى يسقط حديثه(27)؟
وقال رحمه الله أيضاً في كتاب سعد السعود: قال الشيخ في تفسيره التبيان عند قوله تعالى: ((ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(28): استدلّ بهذه الآية قوم من أصحابنا على جواز الرجعة، فإن استدلّ بها على جوازها كان صحيحاً لأنَّ من منع منه وأحاله فالقرآن يكذّبه، وإن استدلّ به على وجوب الرجعة وحصولها فل(29).
ثُمَّ قال السيَّد رحمه الله: اعلم أنَّ الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فيهم: (أنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض) لا يختلفون في إحياء الله جلّ جلاله قوماً بعد مماتهم في الحياة الدنيا من هذه الأمّة تصديقاً لما روى المخالف والمؤالف عن صاحب النبوة صلى الله عليه وآله وسلّم:
أما المخالف فروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: (لتتبعنَّ سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتَّى لو دخلوا جحر ضبًّ لتبعتموهم) قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال:(فمن)(30).
وروى الزمخشري في الكشّاف عن حذيفة: أنتم أشبه الأمم سمتاً ببني إسرائيل لتركبنَّ طريقهم حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة، حتَّى أنّي لا أدري أتعبدون العجل أم لا؟
قال السيَّد: فإذا كانت هذه بعض رواياتهم في متابعة الأمم الماضية، وبني إسرائيل واليهود، فقد نطق القرآن الشريف والأخبار المتواترة أنَّ خلقاً من الأمم الماضية واليهود لمَّا قالوا: لن نؤمن لك حتَّى نرى الله جهرة فأماتهم الله ثُمَّ أحياهم فيكون على هذا في أمّتنا من يحييهم الله في الحياة الدنيا.
الهوامش:
(1) في المصدر: (حتَّى روي) بدل (فروي).
(2) الأنعام: 158.
(3) في المصدر: (يزعمون).
(4) القمر: 45.
(5) الفتح: 27.
(6) الروم: 1 - 3.
(7) الأنعام: 27 و28.
(8) الفصول المختارة ضمن مصنّفات الشيخ المفيد 2: 153 - 157.
(9) الإرشاد للمفيد 2: 369 و370.
(10) رواه الصدوق مرسلاً في الفقيه 3: 291/ باب 142/ ح 1، كما مرَّ تحت الرقم (101)، ولفظه: (ليس منّا من لم يؤمن بكرَّتنا، و (لم) يستحلّ متعتنا)؛ ورواه في الهداية (ص 266) ولفظه: (ليس منّا من لم يؤمن برجعتنا ولم يستحلّ متعتنا). قال الشيخ الحرّ العاملي في كتابه الإيقاظ من الهجعة (ص 281) في معنى الخبر: (هذا الضمير للمتكلّم ومعه غيره - يعني ما في قوله عليه السلام: كرَّتنا ورجعتنا - دالٌّ بطريق الحقيقة على دخول الصادق عليه السلام في الرجعة، ومعه جماعة من أهل العصمة عليهم السلام أو الجميع، ولا خلاف في وجوب الحمل على الحقيقة مع عدم القرينة) انتهى.
(11) في المصدر: (يحيي) بدل (يحشر).
(12) الكهف: 47.
(13) النمل: 83 .
(14) غافر: 11.
(15) في المصدر: (لا يجري) بدل (لا يستمر).
(16) في المصدر إضافة: (إنَّه).
(17) هذا هو الظاهر، كما صحَّحه ونقله الحر العاملي في كتابه الإيقاظ من الهجعة (ص 79)، وفي الأصل المطبوع: (بعد إحيائه ميّتاً)، وله وجه بعيد غير ظاهر.
(18) المسائل السروية ضمن مصنّفات الشيخ المفيد 7: 31 - 35؛ ووجه آخر، وهو أنَّ الظاهر من قولهم تسوية الحياتين من حيث الابتلاء وصحَّة الاختبار والامتحان، وأنَّهم أذنبوا في كلتا الحياتين، ولذلك قالوا: ((فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا)) بعد إشارتهم إلى الحياتين، ولو كان أحد الحياتين في القبر للمساءلة لم يكن لها دخل في مقام الاعتراف.
(19) المسائل السروية ضمن مصنّفات الشيخ المفيد 7: 35.
(20) في المصدر: (المدافعة) بدل (الموافقة).
(21) في المصدر إضافة: (حينئذٍ).
(22) الأنعام: 27.
(23) المسائل السروية ضمن مصنّفات الشيخ المفيد 7: 36.
(24) أجوبة المسائل الرازية ضمن رسائل الشريف المرتضى 1: 125 و126/ المسألة التاسعة.
(25) راجع صحيح مسلم 1: 15/ باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذّابين، ولفظه: (عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كلّها) وروى عن زهير وسلام بن أبي مطيع، عن جابر الجعفي، يقول: عندي خمسون ألف حديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
(26) البقرة: 243.
(27) الطرائف 1: 190.
(28) البقرة: 56.
(29) سعد السعود: 64.
(30) أخرجه في مشكاة المصابيح: 458، وقال: متَّفق عليه.
******************
ورأيت في أخبارهم زيادة على ما تقوله الشيعة من الإشارة إلى أنَّ مولانا عليّاً يعود إلى الدنيا بعد ضرب ابن ملجم وبعد وفاته كما رجع ذو القرنين:
فمنها ما ذكره الزمخشري في الكشّاف في حديث ذي القرنين، وعن عليّ عليه السلام سخَّر له السحاب ومدَّت له الأسباب وبسط له النور. وسئل عنه فقال: أحبَّ الله فأحبَّه، وسأل(1) ابن الكواء: ما ذو القرنين؟ أملك أم نبيّ؟ فقال: ليس بملك ولا نبي لكن كان عبداً صالحاً ضرب على قرنه (الأيمن)(2) في طاعة الله فمات، ثُمَّ بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات، فبعثه الله وسُمّي ذا القرنين وفيكم مثله.
ورأيت أيضاً في كتب أخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين أنَّهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وبعد الدفن، وتكلَّموا وتحدَّثوا ثُمَّ ماتوا، فمن ذلك ما رواه الحاكم النيسابوري في تاريخه في حديث حسام بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جدَّه، وكان قاضي نسابور، دخل عليه رجل فقيل له: إنَّ عند هذا حديثاً عجبا فقال: يا هذا ما هو؟ فقال: اعلم أنّي كنت رجلاً نبّاشاً أنبش القبور فماتت امرأة فذهبت لأعرف قبرها فصلّيت عليها، فلمَّا جنَّ الليل قال: ذهبت لأنبش عنها وضربت يدي إلى كفنها لأسلبها، فقالت: سبحان الله رجل من أهل الجنّة تسلب امرأة من أهل الجنّة؟ ثُمَّ قالت: ألم تعلم أنَّك ممَّن صلّيت عليَّ وأنَّ الله عزّ وجل قد غفر لمن صلّى عليَّ؟
قال السيَّد: فإذا كان هذا قد رووه ودوَّنوه عن نبّاش القبور فهلاَّ كان لعلماء أهل البيت عليهم السلام اُسوة به، ولأيّ حال تقابل روايتهم عليهم السلام بالنفور، وهذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمّات الأمور؟ والرجعة التي يعتقدها علماؤنا وأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم تكون من جملة آيات النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ومعجزاته، ولأيّ حال تكون منزلته عند الجمهور دون موسى وعيسى ودانيال؟ وقد أحيى الله جلّ جلاله على أيديهم أمواتاً كثيرة بغير خلاف عند العلماء لهذه الأمور(3).
(162 _ أقُولُ: وَرَوَى الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ الْمُحْتَضَر مِمَّا رَوَاهُ مِنْ كِتَابِ السَّيَّدِ الْجَلِيل حَسَن بْن كَبْشٍ مِمَّا أخَذَهُ مِنْ كِتَابِ الْمُقْتَضَبِ(4) بِإسْنَادِهِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْماً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللهَ عزّ وجل لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنْ أهْل الْكِتَابَيْن، قَالَ: (يَا سَلْمَانُ فَهَلْ عَلِمْتَ مَنْ نُقَبَائِي الاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ لِلإمَامَةِ مِنْ بَعْدِي؟)، فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: (يَا سَلْمَانُ خَلَقَنِيَ اللهُ مِنْ صَفْوَةِ نُورهِ وَدَعَانِي فَأطَعْتُهُ، وَخَلَقَ مِنْ نُوري عَلِيّاً فَدَعَاهُ فَأطَاعَهُ، وَخَلَقَ مِنْ نُوري وَنُور عَلِيًّ فَاطِمَةَ فَدَعَاهَا فَأطَاعَتْهُ، وَخَلَقَ مِنّي وَمِنْ عَلِيًّ وَفَاطِمَةَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَدَعَاهُمَا فَأطَاعَا فَسَمَّانَا اللهُ عزّ وجل بِخَمْسَةِ أسْمَاءٍ مِنْ أسْمَائِهِ: فَاللهُ الْمَحْمُودُ وَأنَا مُحَمَّدٌ، وَاللهُ الْعَلِيُّ وَهَذَا عَلِيٌّ، وَاللهُ فَاطِرٌ وَهَذِهِ فَاطِمَةُ، وَاللهُ ذُو الإحْسَان وَهَذَا الْحَسَنُ، وَاللهُ الْمُحْسِنُ وَهَذَا الْحُسَيْنُ.
ثُمَّ خَلَقَ مِنَّا وَمِنْ نُور الْحُسَيْن تِسْعَةَ أئِمَّةٍ فَدَعَاهُمْ فَأطَاعُوا قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ اللهُ عزّ وجل سَمَاءً مَبْنيَّةً وَأرْضاً مَدْحِيَّةً، أوْ هَوَاءً أوْ مَاءً أوْ مَلَكاً أوْ بَشَراً، وَكُنَّا بِعِلْمِهِ أنْوَاراً نُسَبِّحُهُ وَنَسْمَعُ لَهُ وَنُطِيعُ).
فَقَالَ سَلْمَانُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأبِي أنْتَ وَاُمَّي مَا لِمَنْ عَرَفَ هَؤُلاَءِ؟ فَقَالَ: (يَا سَلْمَانُ مَنْ عَرَفَهُمْ حَقَّ مَعْرفَتِهِمْ وَاقْتَدَى بِهِمْ فَوَالَى وَلِيَّهُمْ وَتَبَرَّأ مِنْ عَدُوَّهِمْ‏ فَهُوَ وَاللهِ مِنَّا، يَردُ حَيْثُ نَردُ، وَيَسْكُنُ حَيْثُ نَسْكُنُ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَهَلْ يَكُونُ إِيمَانٌ بِهِمْ بِغَيْر مَعْرفَةٍ بِأسْمَائِهِمْ وَأنْسَابِهِمْ؟ فَقَالَ: (لاَ يَا سَلْمَانُ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأنَّى لِي بِهِمْ؟ قَالَ: (قَدْ عَرَفْتَ إِلَى الْحُسَيْن)، قَالَ: (ثُمَّ سَيَّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ بَاقِرُ عِلْم الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ مِنَ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِسَانُ اللهِ الصَّادِقُ، ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ غَيْظَهُ صَبْراً فِي اللهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرضَا لأمْر اللهِ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ اللهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَادِي إِلَى اللهِ، ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيًّ الصَّامِتُ الأمِينُ عَلَى دِين اللهِ، ثُمَّ (م ح م د) سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ابْنُ الْحَسَن الْمَهْدِيُّ النَّاطِقُ الْقَائِمُ بِحَقِّ اللهِ).
قَالَ سَلْمَانُ: فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأنَّى لِسَلْمَانَ لإدْرَاكِهِمْ؟ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ إِنَّكَ مُدْركُهُمْ وَأمْثَالُكَ وَمَنْ تَوَلاَهُمْ حَقِيقَةَ الْمَعْرفَةِ)، قَالَ سَلْمَانُ: فَشَكَرْتُ اللهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنّي مُؤَجَّلٌ إِلَى عَهْدِهِمْ؟ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ اقْرَأ: ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(5)).
قَالَ سَلْمَانُ: فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَشَوْقِي وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِعَهْدٍ مِنْكَ؟ فَقَالَ: (إِي وَالَّذِي أرْسَلَ مُحَمَّداً إِنَّهُ لَبِعَهْدٍ مِنّي وَلِعَلِيًّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن، وَتِسْعَةِ أئِمَّةٍ وَكُلّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَمَظْلُومٌ فِينَا، إِي وَاللهِ يَا سَلْمَانُ ثُمَّ لَيَحْضُرَنَّ إِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ (مَحْضاً) وَمَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً حَتَّى يُؤْخَذَ بِالْقِصَاص وَالأوْتَار وَالثَّارَاتِ وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَداً وَنَحْنُ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(6)).
قَالَ سَلْمَانُ: فَقُمْتُ مِنْ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أوْ لَقِيَهُ(7).
أقول: رواه ابن عياش في المقتضب عن أحمد بن محمّد بن جعفر الصولي، عن عبد الرحمن بن صالح، عن الحسين بن حميد بن الربيع، عن الأعمش، عن محمّد بن خلف الطاطري، عن شاذان، عن سلمان، وذكر مثله(8).
ثُمَّ قال ابن عياش: سألت أبا بكر بن محمّد بن عمر الجعابي، عن محمّد بن خلف الطاطري قال: هو محمّد بن خلف بن موهب الطاطري ثقة مأمون وطاطر سيف من أسياف البحر تنسج فيها ثياب تسمّى الطاطرية كانت تنسب إليه(9).
وروى أيضاً عن صالح بن الحسين النوفلي قال: أنشدني أبو سهل النوشجاني لأبيه مصعب بن وهب:
فإن تسألاني ما الذي أنا دائن به فالذي أبديه مثل الذي أخفي
اُدين بأنَّ الله لا شيء غيره قوي عزيز بارئ الخلق من ضعف
وأن رسول الله أفضل مرسل به بشَّر الماضون في محكم الصحف
وأنَّ عليّاً بعده أحد عشرة(10) من الله وعد ليس في ذاك من خلف
أئمّتنا الهادون بعد محمّد لهم صفو ودّي ما حييت لهم أصفي
ثمانية منهم مضوا لسبيلهم وأربعة يرجون للعدد الموف
ولي ثقة بالرجعة الحقّ مثل ما وثقت برجع الطرف منّي إلى الطرف(11)
ووجدت بخطّ بعض الأعلام نقلاً من خطّ الشهيد قدس الله روحه قال:
رَوَى الصَّفْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ بِإسْنَادِهِ قَالَ: سُئِلَ الرضَا عليه السلام عَنْ تَفْسِير: ((أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ ...))(12) الآيَةَ، قَالَ: (وَاللهِ مَا هَذِهِ الآيَةُ إِلاَّ فِي الْكَرَّةِ)(13)).
* * *
باب (30): خلفاء المهدي صلوات الله عليه، وأولاده وما يكون بعده عليه وعلى آبائه السلام
1 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيَّ، (عَن النَّخَعِيَّ، عَن النَّوْفَلِيَّ)(14)، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سَمِعْتُ مِنْ أبِيكَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَكُونُ بَعْدَ الْقَائِم اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً)، فَقَالَ: (إِنَّمَا قَالَ: اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً وَلَمْ يَقُلْ: اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ شيعَتِنَا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مُوَالاَتِنَا، وَمَعْرفَةِ حَقّنَا)(15).
2 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ أنَّهُ قَالَ: (يَا أبَا حَمْزَةَ إِنَّ مِنَّا بَعْدَ الْقَائِم أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)(16).
3 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ يَزْدَادُ تِسْعاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْقَائِم)، قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ فَيَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن وَدِمَاءِ أصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَّاحُ)(17).
4 _ الإرشاد: لَيْسَ بَعْدَ دَوْلَةِ الْقَائِم لأحَدٍ دَوْلَةٌ إِلاَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الروَايَةُ مِنْ قِيَام وُلْدِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَردْ عَلَى الْقَطْع وَالثَّبَاتِ، وَأكْثَرُ الروَايَاتِ أنَّهُ لَنْ يَمْضِيَ مَهْدِيُّ الاُمَّةِ إِلاَّ قَبْلَ الْقِيَامَةِ بِأرْبَعِينَ يَوْماً يَكُونُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَعَلاَمَةُ خُرُوج‏ الأمْوَاتِ، وَقِيَامُ السَّاعَةِ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ. وَاللهُ أعْلَمُ(18).
5 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: قُلْتُ: فَمَتَى ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم)، قَالَ: قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى مَوْتِهِ)، قَالَ: قُلْتُ: فَيَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَرْجٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، خَمْسِينَ سَنَةً).
قَالَ: (ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَنْصُورُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَطْلُبُ دَمَهُ وَدَمَ أصْحَابِهِ فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يُقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ ذُريَّةِ الأنْبِيَاءِ، مَا قَتَلَ النَّاسَ كُلَّ هَذَا الْقَتْل، فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ أبْيَضُهُمْ وَأسْوَدُهُمْ، فَيَكْثُرُونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْجِئُونَهُ إِلَى حَرَم اللهِ فَإذَا اشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِ، مَاتَ الْمُنْتَصِرُ، وَخَرَجَ السَّفَّاحُ إِلَى الدُّنْيَا غَضَباً لِلْمُنْتَصِر، فَيَقْتُلُ كُلَّ عَدُوًّ لَنَا جَائِرٍ، وَيَمْلِكُ الأرْضَ كُلَّهَا، وَيُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ، وَيَعِيشُ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا جَابِرُ وَهَلْ تَدْري مَن الْمُنْتَصِرُ وَالسَّفَّاحُ؟ يَا جَابِرُ الْمُنْتَصِرُ الْحُسَيْنُ، وَالسَّفَّاحُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ)(19).
6 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن سِنَانٍ الْمَوْصِلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْخَلِيل، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ الْمِصْريَّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا وَفَاتُهُ لِعَلِيًّ عليه السلام: (يَا أبَا الْحَسَن أحْضِرْ صَحِيفَةً وَدَوَاةً)، فَأمْلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَصِيَّتَهُ حَتَّى انْتَهَى (إِلَى) هَذَا الْمَوْضِع، فَقَالَ: (يَا عَلِيُّ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً وَمَنْ بَعْدَهُمْ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً، فَأنْتَ يَا عَلِيُّ أوَّلُ الاثْنَيْ عَشَرَ الإمَام...).
وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَلْيُسَلِّمْهَا الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى ابْنهِ (م ح م د) الْمُسْتَحْفَظِ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً فَإِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَلْيُسَلّمْهَا إِلَى ابْنِهِ أوَّل الْمَهْدِيَّينَ(20) لَهُ ثَلاَثَةُ أسَامِي اسْمٌ كَاسْمِي وَاسْم أبِي وَهُوَ عَبْدُ اللهِ وَأحْمَدُ وَالاسْمُ الثَّالِثُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ أوَّلُ الْمُؤْمِنينَ)(21).
الهوامش:
(1) في المصدر: (وسأله).
(2) من المصدر.
(3) سعد السعود: 64 و65.
(4) راجع: مقتضب الأثر: 6، وسيأتي النقل عنه بعد هذا.
(5) الإسراء: 5 و6.
(6) القصص: 5 و6.
(7) لم نعثر عليه في المظانّ من المحتضر.
(8) مقتضب الأثر: 6.
(9) مقتضب الأثر: 8 .
(10) في المطبوعة: (عشر)، وما أثبتناه من المصدر.
(11) مقتضب الأثر: 48.
(12) غافر: 11.
(13) لم نعثر على خطّ الشهيد هذا.
(14) من المصدر، وقد مرَّ مثل السند في (ج 1/ ص 255/ الرقم 15). راجع: (ج 51/ ص 146) من المطبوعة.
(15) كمال الدين 2: 358/ باب 33/ ح 56.
(16) الغيبة للطوسي: 478/ رقم 504.
(17) الغيبة للطوسي: 478/ رقم 505.
(18) تراه في الإرشاد للمفيد 2: 378 في آخر أبوابه؛ وذكر الطبرسي في إعلام الورى في آخر الباب الرابع أنَّه قد جاءت الرواية الصحيحة أنَّه ليس بعد دولة المهدي عليه السلام دولة إلاَّ ما ورد من قيام ولده مقامه إلاَّ ما شاء الله ولم ترد على القطع والبت وأكثر الروايات أنَّه لن يمضي من الدنيا إلاَّ قبل القيامة بأربعين يوماً يكون فيها الهرج وعلامة خروج الأموات وقيام الساعة والله أعلم.
أقول: قد ورد في ذلك روايات وقد ذكرها المصنّف رحمه الله في المجلد السابع باب الاضطرار إلى الحجّة، منها ما رواه الصدوق في كمال الدين 1: 229/ باب اتصال الوصية بإسناده عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ما زالت الأرض إلاَّ ولله تعالى فيها حجّة يعرف الحلال من الحرام، ويدعو إلى سبيل الله، ولا تنقطع الحجّة من الأرض إلاَّ أربعين يوماً قبل القيامة، وإذا رفعت الحجّة، أغلق باب التوبة فـ ((لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ...)) الآية. أولئك شرار خلق الله وهم الذين يقوم عليهم القيامة).
وروى مثله البرقي في المحاسن 1: 236/ باب 22/ ح 202 بتغيير يسير، والظاهر أنَّ ذلك كان معتقد الشيعة في الصدر الأوَّل، فقد روى الكليني رحمه الله في أصول الكافي باب تسمية من رآه عليه السلام (ج 1/ ص 329) عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أساله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو! إنّي أريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاكًّ فيما أريد أن أسألك عنه فإنَّ اعتقادي وديني أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة إلاَّ إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً، فإذا كان ذلك رفعت الحجّة وأغلق باب التوبة، فلم يكُّ ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك شرار من خلق الله...) الحديث. (( ولا يخفى أنَّ تلك الروايات إنَّما تحكم بأن الأرض لا تخلو من حجّة إلاَّ قبل القيامة بأربعين يوماً فعند ذلك ترفع الحجّة وأمَّا أنَّ تلك الحجّة هو المهدي المنتظر بحيث تقوم القيامة بعد ملكه بسبع سنين فلا دلالة فيها، ولا يساعده الاعتبار، فكيف ينتظر الإسلام والمسلمون دهراً من الدهور ليخرج الحجّة، ويظهر على الدين كلّه ولو كره المشركون ثُمَّ يكون بعد سبع سنين أو سبعين سنة قيام الساعة؟
فإذاً لا بدَّ من الرجعة كما دلَّت عليها الروايات، ولا بدَّ وأن يرجع النبيّ والأئمّة الهدى عليهم السلام ليخضرَّ عود الإسلام ويثمر شجرة الدين وتورق أغصان التقوى والعلم وتشرق الأرض بنور ربَّها، ولا بأس بأن يسمّى كلّ منهم بالمهدي عليه السلام كما جاءت به الروايات، وسيذكرها المصنّف رحمه الله، مع تأويلها.
(19) تفسير العياشي 2: 326/ ح 24؛ وقد مرَّ مثله في باب الرجعة عن مختصر البصائر تحت الرقم (130).
(20) في المصدر: (المقرَّبين) بدل (المهديين)، والظاهر أنَّه تصحيف، فإنَّ المهدي المنتظر هو الإمام الثاني عشر، وبعده يكون أوَّل المهديين من إثني عشر مهديّاً، إن صحَّ الحديث. وأخرج الحديث بتمامه في الباب (41) من تاريخ مولانا أمير المؤمنين تحت الرقم (81). راجع: (ج 36/ ص 260 و261) من المطبوعة، وفيه أيضاً: (أوَّل المقرَّبين).
(21) الغيبة للطوسي: 150/ رقم 111.
******************
7 _ منتخب البصائر: مِمَّا رَوَاهُ السَّيَّدُ عَلِيُّ(1) بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّ مِنَّا بَعْدَ الْقَائِم عليه السلام اثْنَ(2) عَشَرَ مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام(3).
8 _ كامل الزيارات: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْجَامُورَانِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن سَيْفٍ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ وَأبِي عَبْدِ اللهِ عليهما السلام قَالاَ فِي ذِكْر الْكُوفَةِ: (فِيهَا مَسْجِدُ سُهَيْلٍ الَّذِي لَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ عَدْلُ اللهِ، وَفِيهَا يَكُونُ قَائِمُهُ وَالْقُوَّامُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهِيَ مَنَازِلُ النَّبِيَّينَ وَالأوْصِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ)(4).
بيان: هذه الأخبار مخالفة للمشهور، وطريق التأويل أحد وجهين:
الأوَّل: أن يكون المراد بالاثني عشر مهديّاً النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وسائر الأئمّة سوى القائم عليه السلام بأن يكون ملكهم بعد القائم عليه السلام وقد سبق أنَّ الحسن بن سليمان أوَّلها بجميع الأئمّة وقال برجعة القائم عليه السلام بعد موته وبه أيضاً يمكن الجمع بين بعض الأخبار المختلفة التي وردت في مدَّة ملكه عليه السلام.
والثاني: أن يكون هؤلاء المهديون من أوصياء القائم هادين للخلق في زمن سائر الأئمّة الذين رجعوا لئلاَّ يخلو الزمان من حجّة، وإن كان أوصياء الأنبياء والأئمّة أيضاً حججاً والله تعالى يعلم(5).
* * *
باب (31): ما خرج من توقيعاته عليه السلام
1 _ الغيبة للطوسي: أخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ الْقُمَّيَّ قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطّ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ النَّوْبَخْتِيَّ وَإِمْلاَءِ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه، عَلَى ظَهْر كِتَابٍ فِيهِ جَوَابَاتٌ وَمَسَائِلُ اُنْفِذَتْ مِنْ قُمَّ، يُسْألُ عَنْهَا هَلْ هِيَ جَوَابَاتُ الْفَقِيهِ عليه السلام أوْ جَوَابَاتُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ الشَّلْمَغَانِيَّ، لأنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: هَذِهِ الْمَسَائِلُ أنَا أجَبْتُ عَنْهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ عَلَى ظَهْر كِتَابِهِمْ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، قَدْ وَقَفْنَا عَلَى هَذِهِ الرُّقْعَةِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ، فَجَمِيعُهُ جَوَابُنَ(6) وَلاَ مَدْخَلَ لِلْمَخْذُول الضَّال الْمُضِل الْمَعْرُوفِ بِالْعَزَاقِريَّ لَعَنَهُ اللهُ فِي حَرْفٍ مِنْهُ وَقَدْ كَانَتْ أشْيَاءُ خَرَجَتْ إِلَيْكُمْ عَلَى يَدَيْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ(7) وَغَيْرهِ مِنْ نُظَرَائِهِ وَكَانَ مِن ارْتِدَادِهِمْ عَن الإسْلاَم مِثْلُ مَا كَانَ مِنْ هَذَا عَلَيْهِمْ لَعَنَةُ اللهِ وَغَضَبُهُ).
فَاسْتَثْبَتُّ قَدِيماً فِي ذَلِكَ(8).
فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (ألاَ مَن اسْتَثْبَتَ فَإنَّهُ لاَ ضَرَرَ فِي خُرُوج مَا خَرَجَ عَلَى أيْدِيهِمْ وَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ).
وَرُوِيَ قَدِيماً عَنْ بَعْض الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَالصَّلاَةُ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ مِثْل هَذَا بِعَيْنهِ فِي بَعْض مَنْ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَقَالَ عليه السلام: (الْعِلْمُ عِلْمُنَا، وَلاَ شَيْ‏ءَ عَلَيْكُمْ مِنْ كُفْر مَنْ كَفَرَ، فَمَا صَحَّ لَكُمْ مِمَّا خَرَجَ عَلَى يَدِهِ بِروَايَةِ غَيْرهِ مِنَ الثّقَاتِ رحمهم الله، فَاحْمَدُوا اللهَ وَاقْبَلُوهُ، وَمَا شَكَكْتُمْ فِيهِ أوْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ إِلاَّ عَلَى يَدِهِ فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا لِنُصَحَّحَهُ أوْ نُبْطِلَهُ، وَاللهُ تَقَدَّسَتْ أسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلِيُّ تَوْفِيقِكُمْ، وَحَسِيبُنَا فِي اُمُورنَا كُلّهَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ).
وَقَالَ ابْنُ نُوح: أوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهَذَا التَّوْقِيع أبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن تَمَّام، وَذَكَرَ أنَّهُ كَتَبَهُ مِنْ ظَهْر الدَّرْج الَّذِي عِنْدَ أبِي الْحَسَن بْن دَاوُدَ، فَلَمَّا قَدِمَ أبُو الْحَسَن بْنُ دَاوُدَ وَقَرَأتُهُ عَلَيْهِ، ذَكَرَ أنَّ هَذَا الدَّرْجَ بِعَيْنهِ كَتَبَ بِهَا أهْلُ قُمَّ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم وَفِيهِ مَسَائِلُ فَأجَابَهُمْ عَلَى ظَهْرهِ بِخَطّ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ النَّوْبَخْتِيَّ وَحَصَلَ الدَّرْجُ عِنْدَ أبِي الْحَسَن بْن دَاوُدَ.
نُسْخَةُ الدَّرْج:
مَسَائِلُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريَّ:
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَأدَامَ عِزَّكَ وَتَأيِيدَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ، وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ (عليك)(9) وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبهِ لَدَيْكَ وَفَضْلِهِ عِنْدَكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ، النَّاسُ يَتَنَافَسُونَ فِي الدَّرَجَاتِ، فَمَنْ قَبِلْتُمُوهُ كَانَ مَقْبُولاً وَمَنْ دَفَعْتُمُوهُ كَانَ وَضِيعاً، وَالْخَامِلُ مَنْ وَضَعْتُمُوهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ، وَببَلَدِنَا أيَّدَكَ اللهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْوُجُوهِ، يَتَسَاوَوْنَ وَيَتَنَافَسُونَ فِي الْمَنْزلَةِ.
وَوَرَدَ: أيَّدَكَ اللهُ كِتَابُكَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ فِي أمْرٍ أمَرْتَهُمْ بِهِ مِنْ مُعَاوَنَةِ (ص).
وَأخْرَجَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ بِمَالِكِ بادوكة، وَهُوَ خَتَنُ (ص) رحمهم الله مِنْ بَيْنِهِمْ، فَاغْتَمَّ بِذَلِكَ وَسَألَنِي أيَّدَكَ اللهُ أنْ اُعْلِمَكَ مَا نَالَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإنْ كَانَ مِنْ ذَنْبٍ اسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهُ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ عَرَّفْتَهُ مَا يَسْكُنُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
التَّوْقِيعُ: (لَمْ نُكَاتِبْ إِلاَّ مَنْ كَاتَبَنَا)(10).
وَقَدْ عَوَّدْتَنِي أدَامَ اللهُ عِزَّكَ مِنْ تَفَضُّلِكَ مَا أنْتَ أهْلٌ أنْ تُجْزيَني عَلَى الْعَادَةِ وَقِبَلَكَ أعَزَّكَ اللهُ فُقَهَاءُ، أنَا مُحْتَاجٌ إِلَى أشْيَاءَ تُسْألُ لِي عَنْهَا فَرُوِيَ لَنَا عَن الْعَالِم عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَنْ إِمَام قَوْم صَلَّى بِهِمْ بَعْضَ صَلاَتِهِمْ وَحَدَثَتْ عَلَيْهِ حَادِثَةٌ كَيْفَ يَعْمَلُ مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ: (يُؤَخَّرُ وَيُقَدَّمُ بَعْضُهُمْ وَيُتِمُّ صَلاَتَهُمْ وَيَغْتَسِلُ مَنْ مَسَّهُ).
التَّوْقِيعُ: (لَيْسَ عَلَى مَنْ نَحَّاهُ إِلاَّ غَسْلُ الْيَدِ، وَإِذَا لَمْ تَحْدُثْ حَادِثَةٌ تَقْطَعُ الصَّلاَةَ تَمَّمَ صَلاَتَهُ مَعَ الْقَوْم).
وَرُوِيَ عَن الْعَالِم عليه السلام أنَّ مَنْ مَسَّ مَيَّتاً بِحَرَارَتِهِ غَسَلَ يَدَهُ، وَمَنْ مَسَّهُ وَقَدْ بَرَدَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَهَذَا الإمَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ يَكُونُ مَسُّهُ إِلاَّ بِحَرَارَتِهِ وَالْعَمَلُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ، وَلَعَلَّهُ يُنَحَّيهِ بِثِيَابِهِ وَلاَ يَمَسُّهُ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ؟
التَّوْقِيعُ: (إِذَا مَسَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَال، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلاَّ غَسْلُ يَدِهِ ).
وَعَنْ صَلاَةِ جَعْفَرٍ إِذَا سَهَا فِي التَّسْبِيح فِي قِيَام أوْ قُعُودٍ أوْ رُكُوع أوْ سُجُودٍ وَذَكَرَهُ فِي حَالَةٍ اُخْرَى قَدْ صَارَ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الصَّلاَةِ، هَلْ يُعِيدُ مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ التَّسْبِيح فِي الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أمْ يَتَجَاوَزُ فِي صَلاَتِهِ؟
التَّوْقِيعُ: (إِذَا هُوَ سَهَا فِي حَالِةٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي حَالَةٍ اُخْرَى قَضَى مَا فَاتَهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرَ).
وَعَن المَرْأةِ يَمُوتُ زَوْجُهَا هَلْ يَجُوزُ أنْ تَخْرُجَ فِي جَنَازَتِهِ أمْ لاَ؟
التَّوْقِيعُ: (يَخْرُجُ فِي جَنَازَتِهِ).
وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا أنْ تَزُورَ قَبْرَ زَوْجِهَا أمْ لاَ؟
التَّوْقِيعُ: (تَزُورُ قَبْرَ زَوْجِهَا، وَلاَ تَبِيتُ عَنْ بَيْتِهَا).
وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أنْ تَخْرُجَ فِي قَضَاءِ حَقًّ يَلْزَمُهَا أمْ لاَ تَبْرَحُ مِنْ بَيْتِهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا؟
التَّوْقِيعُ: (إِذَا كَانَ حَقٌّ خَرَجَتْ وَقَضَتْهُ، وَإِذَا كَانَتْ لَهَا حَاجَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَنْظُرُ فِيهَا خَرَجَتْ لَهَا حَتَّى تَقْضِيَ، وَلاَ تَبِيتُ عَنْ مَنْزلِهَا).
وَرُوِيَ فِي ثَوَابِ الْقُرْآن فِي الْفَرَائِض وَغَيْرهِ أنَّ الْعَالِمَ عليه السلام قَالَ: (عَجَباً لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ فِي صَلاَتِهِ: ((إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) كَيْفَ تُقْبَلُ صَلاَتُهُ؟).
وَرُوِيَ: (مَا زَكَتْ‏ صَلاَةٌ لَمْ يُقْرَأ فِيهَا بِـ ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))).
وَرُوِيَ أنَّ مَنْ قَرَأ فِي فَرَائِضِهِ الْهُمَزَةَ اُعْطِيَ مِنَ الدُّنْيَا، فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَقْرَأ الْهُمَزَةَ، وَيَدَعَ هَذِهِ السُّوَرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؟ مَعَ مَا قَدْ رُوِيَ أنَّهُ لاَ تُقْبَلُ الصَّلاَةُ وَلاَ تَزْكُو إِلاَّ بِهِمَا؟
التَّوْقِيعُ: (الثَّوَابُ فِي السُّوَر عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ وَإِذَا تَرَكَ سُورَةً مِمَّا فِيهَا الثَّوَابُ وَقَرَأ ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) وَ((إِنَّا أَنْزَلْناهُ)) لِفَضْلِهِمَا اُعْطِيَ ثَوَابَ مَا قَرَأ وَثَوَابَ السُّورَةِ الَّتِي تَرَكَ، وَيَجُوزُ أنْ يَقْرَأ غَيْرَ هَاتَيْن السُّورَتَيْن، وَتَكُونُ صَلاَتُهُ تَامَّةً، وَلَكِنْ يَكُونُ قَدْ تَرَكَ الْفَضْلَ).
وَعَنْ وَدَاع شَهْر رَمَضَانَ مَتَى يَكُونُ؟ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أصْحَابُنَا، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَقْرَاُ فِي آخِر لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ فِي آخِر يَوْم مِنْهُ إِذَا رَأى هِلاَلَ شَوَّالٍ.
التَّوْقِيعُ: (الْعَمَلُ فِي شَهْر رَمَضَانَ فِي لَيَالِيهِ، وَالْوَدَاعُ يَقَعُ فِي آخِر لَيْلَةٍ مِنْهُ، فَإنْ خَافَ أنْ يَنْقُصَ جَعَلَهُ فِي لَيْلَتَيْن).
وَعَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)) أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَعْنِيُّ بِهِ، ((ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ)) مَا هَذِهِ الْقُوَّةُ؟ ((مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ))(11) مَا هَذِهِ الطَّاعَةُ؟ وَأيْنَ هِيَ؟ فَرَأيُكَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ بِالتَّفَضُّل عَلَيَّ بِمَسْألَةِ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِل وَإِجَابَتِي عَنْهَا مُنْعِماً، مَعَ مَا تَشْرَحُهُ لِي مِنْ أمْر مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن مَالِكٍ الْمُقَدَّم ذِكْرُهُ، بِمَا يَسْكُنُ إِلَيْهِ وَيَعْتَدُّ بِنِعْمَةِ اللهِ عِنْدَهُ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِدُعَاءٍ جَامِع لِي وَلإخْوَانِي لِلدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللهُ.
التَّوْقِيعُ: (جَمَعَ اللهُ لَكَ وَلإخْوَانِكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ، وَتَأيِيدَكَ وَكَرَامَتَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبِهِ لَدَيْكَ، وَفَضْلِهِ عِنْدَكَ وَجَعَلَنِي مِنْ كُلّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ فِدَاكَ وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أجْمَعِينَ(12).
بيان: ذكر في الاحتجاج من قوله: (أطال الله بقاك...) إلى قوله: (ولإخوانك خير الدنيا والآخرة).
أقول: قوله: (فاستثبت) من تتمة ما كتب السائل أي كنت قديماً أطلب إثبات هذه التوقيعات، هل هي منكم أو لا؟ ولمَّا كان جواب هذه الفقرة مكتوباً تحتها أفردها للإشعار بذلك.
قوله: (نسخة الدرج) أي نسخة الكتاب المدرج المطوي، كتبه أهل قم وسألوا عن بيان صحَّته، فكتب عليه السلام أنَّ جميعه صحيح، وعبَّر عن المعان برمز (ص) للمصلحة، وحاصل جوابه عليه السلام أنَّ هؤلاء كاتبوني وسألوني فأجبتهم، وهو لم يكاتبني من بينهم فلذا لم أدخله فيهم، وليس ذلّ من تقصير وذنب.
قوله: (وقبلك أعزَّك الله) خطاب للسفير المتوسَّط بينه وبين الإمام عليه السلام، أو للإمام تقية، وقول: (أطال الله بقاءك) آخراً كلام الحميري ختم به كتابه، وسائر أجزاء الخبر شرحناها في الأبواب المناسبة له(13).
2 _ الغيبة للطوسي: مِنْ كِتَابٍ آخَرَ: فَرَأيُكَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ فِي تَأمُّل رُقْعَتِي، وَالتَّفَضُّل بِمَا يُسَهَّلُ لاضِيفَهُ إِلَى سَائِر أيَادِيكَ عَلَيَّ، وَاحْتَجْتُ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ أنْ تَسْألَ لِي بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَن الْمُصَلّي إِذَا قَامَ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّل لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يُكَبَّرَ؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا قَالَ: لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ، وَيُجْزيهِ أنْ يَقُولَ: بِحَوْل اللهِ وَقُوَّتِهِ أقُومُ وَأقْعُدُ.
الْجَوَابُ: قَالَ: (إِنَّ فِيهِ حَدِيثَيْن: أمَّا أحَدُهُمَا فَإنَّهُ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ اُخْرَى فَعَلَيْهِ تَكْبِيرٌ، وَأمَّا الآخَرُ: فَإنَّهُ رُوِيَ أنَّهُ إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَكَبَّرَ ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلْقِيَام بَعْدَ الْقُعُودِ تَكْبِيرٌ، وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ الأوَّلُ، يَجْري هَذَا الْمَجْرَى، وَبأيَّهِمَا أخَذْتَ مِنْ جِهَةِ التَّسْلِيم كَانَ صَوَاباً).
وَعَن الْفَص الْخُمَاهَن(14) هَلْ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ إِذَا كَانَ فِي إِصْبَعِهِ؟
الْجَوَابُ: (فِيهِ كَرَاهَةُ أنْ يُصَلّيَ فِيهِ، وَفِيهِ إِطْلاَقٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ).
وَعَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى هَدْياً لِرَجُلٍ غَائِبٍ عَنْهُ، وَسَألَهُ أنْ يَنْحَرَ عَنْهُ هَدْياً بِمِنًى فَلَمَّا أرَادَ نَحْرَ الْهَدْي نَسِيَ اسْمَ الرَّجُل وَنَحَرَ الْهَدْيَ، ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أيُجْزئُ عَن الرَّجُل أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِذَلِكَ، وَقَدْ أجْزَأ عَنْ صَاحِبهِ).
وَعِنْدَنَا حَاكَةٌ مَجُوسٌ يَأكُلُونَ الْمَيْتَةَ، وَلاَ يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَنْسِجُونَ لَنَا ثِيَاباً، فَهَلْ يَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهَا مِنْ قَبْل أنْ يُغْسَلَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِالصَّلاَةِ فِيهَا).
وَعَن الْمُصَلّي يَكُونُ فِي صَلاَةِ اللَّيْل فِي ظُلْمَةٍ، فَإذَا سَجَدَ يَغْلَطُ بِالسَّجَّادَةِ، وَيَضَعُ جَبْهَتَهُ عَلَى مِسْح أوْ نَطْع(15) فَإذَا رَفَعَ رَأسَهُ وَجَدَ السَّجَّادَةَ، هَلْ يَعْتَدُّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ أمْ لاَ يَعْتَدُّ بِهَا؟
الْجَوَابُ: مَا لَمْ يَسْتَو جَالِساً فَلاَ شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ فِي رَفْع رَأسِهِ لِطَلَبِ الْخُمْرَةِ(16)).
وَعَن الْمُحْرم يَرْفَعُ الظِّلاَلَ هَلْ يَرْفَعُ خَشَبَ الْعَمَّاريَّةِ أوِ الْكَنِيسَةِ(17) وَيَرْفَعُ الْجَنَاحَيْن أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ وَجَمِيع الْخَشَبِ).
وَعَن الْمُحْرم يَسْتَظِلُّ مِنَ الْمَطَر بِنَطْع أوْ غَيْرهِ حَذَراً عَلَى ثِيَابِهِ وَمَا فِي مَحْمِلِهِ أنْ يَبْتَلَّ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: (إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَحْمِل فِي طَريقِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ(18)).
وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنْ آخَرَ، هَلْ يَحْتَاجُ أنْ يَذْكُرَ الَّذِي حَجَّ عَنْهُ عِنْدَ عَقْدِ إِحْرَامِهِ أمْ لاَ؟ وَهَلْ يَجِبُ أنْ يَذْبَحَ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ، أمْ يُجْزيهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ؟
الْجَوَابُ: (يَذْكُرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ بَأسَ).
وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يُحْرمَ فِي كِسَاءِ خَزّ أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِذَلِكَ وَقَدْ فَعَلَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ(19)).
وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يُصَلّيَ وَفِي رجْلِهِ بَطِيطٌ(20) لاَ يُغَطّي الْكَعْبَيْن أمْ لاَ يَجُوزُ؟
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ).
الهوامش:
(1) في المصدر: (محمّد) بدل (علي).
(2) في المصدر: (أحد عشر).
(3) مختصر بصائر الدرجات: 38.
(4) كامل الزيارات: 76/ باب 8/ ح 12.
(5) قال السيّد المرتضى رحمه الله في إمكان ذلك: إنّا لا نقطع بزوال التكليف عند موت المهدي عليه السلام، بل يجوز أن يبقى بعده أئمّة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله، ولا يخرجنا ذلك عن التسمية بالاثني عشرية، لأنّا كُلّفنا أن نعلم إمامتهم، وقد بيّنا ذلك بياناً شافياً، فانفردنا بذلك عن غيرنا، انتهى.
أقول: وقد عقد الشيخ الحرّ العاملي قدّس سرّه في كتابه (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) باباً في أنَّه هل بعد دولة المهدي عليه السلام دولة أم لا؟
ثُمَّ إنَّه بعد ما نقل الروايات الواردة في ذلك نفياً وإثباتاً، وجَّهها بستّة وجوه، من أرادها فليراجع: (ص 365 - 367).
(6) في المصدر إضافة: (عن المسائل).
(7) هذا هو الظاهر، وهو أبو جعفر العبرتائي مرَّ ترجمته في هامش (ج 1/ ص 623) باب ذكر المذمومين الذين ادّعوا البابية. راجع: (ج 51/ ص 380) من المطبوعة. وفي الأصل المطبوع وهكذا المصدر: (أحمد ابن بلال)، وهو تصحيف أو خلط بأبي طاهر محمّد بن علي بن بلال من المذمومين أيضاً.
(8) سيأتي في (بيان) المؤلّف بعد هذا القول أنَّ قوله: (فاستثبتُّ) من تتمّة ما كتب السائل، أي كنت قديماً أطلب إثبات هذه التوقيعات، هل هي منكم أو لا؟ ولمَّا كان جواب هذه الفقرة مكتوباً تحتها أفردها، للإشعار بذلك. لكن الظاهر أنَّه قد سقط صدر هذا السؤال، وأنَّها سؤال آخر، لا من تتمة السؤال الأوَّل.
(9) من المصدر.
(10) الظاهر من نسخة الدرج أنَّها كانت متضمّنة لسؤالات مختلفة، فكتب جواب كلّ منها في هامشه، ولذلك أفرزنا السوأل عن الجواب كما ترى.
(11) التكوير: 19 - 21.
(12) الغيبة للطوسي: 372/ رقم 345.
(13) يعني أبوابها المناسبة في كتب الفقه.
(14) هذا هو الصحيح، كما فسَّره المصنّف رحمه الله في كتاب الصلاة، ونقله بهذا اللفظ الشيخ الحرّ العاملي في الوسائل (الإسلاميّة) 3: 305/ ب 33 من أبواب لباس المصلّي/ ح 11.
و(خماهن) ويقال: (خماهان) حجر صلب في غاية الصلابة أغبر يضرب إلى الحمرة، وقيل: إنَّه نوع من الحديد يسمّى بالعربية الحجر الحديدي والصندل الحديدي، وقيل: إنَّه حجر أبلق يصنع منه الفصوص (برهان قاطع). وفي الأصل المطبوع وهكذا بعض نسخ التوقيع: (الحماني)، وهو تصحيف.
(15) المسح - بالكسر -: البلاس، (الصحاح 1: 405)، والنطع: المتّخذ من الأديم، (المصباح المنير 2: 611).
(16) الخمرة - بالضمّ -: سجّادة تعمل من سعف النخل وتُرْمل بالخيوط، (الصحاح 2: 649)، روى أبو داود في سننه 1: 155/ باب الصلاة على الخمرة حديثاً واحداً وهو أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلّي على الخمرة، والظاهر من روايات الباب أنَّ السجود على الأرض فريضة وعلى الخمرة سُنّة، أي سُنّة سَنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمل بها وعليها كان عمل أئمّتنا عليهم السلام، راجع الكافي 3: 330 - 332/ باب ما يسجد عليه وما يكره.
(17) الكنيسة: شبه الهودج يغرز في المحمل أو في الرحل قضبان ويلقى عليه ثوب يستظل به الراكب ويستتر به، (المصباح المنير 2: 542).
(18) في الأصل المطبوع: (يحجّ عن أجر)، وفي المصدر: (يحجّ عن أجرة)، وكلاهما تصحيف.
(19) يعني الأئمّة المعصومين عليهم السلام، راجع الوسائل (ب 8) من أبواب لباس المصلّي.
(20) البطيط: رأس الخفّ بلا ساق، قاله الفيروز آبادي في القاموس المحيط 2: 363، أقول: وينطبق الكلمة على النعال التي يلبسها العلماء في زماننا هذا.
******************
وَيُصَلّي الرَّجُلُ وَمَعَهُ فِي كُمَّهِ أوْ سَرَاوِيلِهِ سِكّينٌ أوْ مِفْتَاحُ حَدِيدٍ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ).
وَعَن الرَّجُل يَكُونُ مَعَ بَعْض هَؤُلاَءِ وَمُتَّصِلاً بِهِمْ يَحُجُّ، وَيَأخُذُ عَلَى الْجَادَّةِ وَلاَ يُحْرمُونَ هَؤُلاَءِ مِنَ الْمَسْلَخ فَهَلْ يَجُوزُ لِهَذَا الرَّجُل أنْ يُؤَخّرَ إِحْرَامَهُ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ(1) فَيُحْرمَ مَعَهُمْ، لِمَا يَخَافُ مِنَ الشُّهْرَةِ أمْ لاَ يَجُوزُ أنْ يُحْرمَ إِلاَّ مِنَ الْمَسْلَخ؟
الْجَوَابُ: (يُحْرمُ مِنْ مِيقَاتِهِ ثُمَّ يَلْبَسُ الثّيَابَ وَيُلَبِّي فِي نَفْسِهِ، فَإذَا بَلَغَ إِلَى مِيقَاتِهِمْ أظْهَرَ).
وَعَنْ لُبْس النَّعْل الْمَعْطُون(2) فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا يَذْكُرُ أنَّ لُبْسَهُ كَريهٌ.
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ ذَلِكَ وَلاَ بَأسَ).
وَعَن الرَّجُل مِنْ وُكَلاَءِ الْوَقْفِ يَكُونُ مُسْتَحِلاً لِمَا فِي يَدِهِ لاَ يَرعُ(3) عَنْ أخْذِ مَالِهِ، رُبَّمَا نَزَلْتُ فِي قَرْيَةٍ وَهُوَ فِيهَا أوْ أدْخُلُ مَنْزلَهُ وَقَدْ حَضَرَ طَعَامُهُ فَيَدْعُوني إِلَيْهِ، فَإنْ لَمْ آكُلْ مِنْ طَعَامِهِ عَادَانِي عَلَيْهِ، وَقَالَ: فُلاَنٌ لاَ يَسْتَحِلُّ أنْ يَأكُلَ مِنْ طَعَامِنَا، فَهَلْ يَجُوزُ لِي أنْ آكُلَ مِنْ طَعَامِهِ وَأتَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ؟ وَكَمْ مِقْدَارُ الصَّدَقَةِ؟ وَإِنْ أهْدَى هَذَا الْوَكِيلُ هَدِيَّةً إِلَى رَجُلٍ آخَرَ فَأحْضَرَ فَيَدْعُوني أنْ أنَالَ مِنْهَا وَأنَا أعْلَمُ أنَّ الْوَكِيلَ لاَ يَرعُ عَنْ أخْذِ مَا فِي يَدِهِ، فَهَلْ(4) فِيهِ شَيْءٌ إِنْ أنَا نِلْتُ مِنْهَا؟
الْجَوَابُ: (إِنْ كَانَ لِهَذَا الرَّجُل مَالٌ أوْ مَعَاشٌ غَيْرُ مَا فِي يَدِهِ، فَكُلْ طَعَامَهُ وَاقْبَلْ بِرَّهُ وَإِلاَّ فَلاَ).
وَعَن الرَّجُل يَقُولُ بِالْحَقَّ وَيَرَى الْمُتْعَةَ، وَيَقُولُ بِالرَّجْعَةِ، إِلاَّ أنَّ لَهُ أهْلاً مُوَافِقَةً لَهُ فِي جَمِيع أمْرهِ، وَقَدْ عَاهَدَهَا أنْ لاَ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَ(5) وَلاَ يَتَسَرَّى(6) وَقَدْ فَعَلَ هَذَا مُنْذُ بِضْع عَشْرَةَ سَنَةً، وَوَفَى بِقَوْلِهِ، فَرُبَّمَا غَابَ عَنْ مَنْزلِهِ الأشْهُرَ فَلاَ يَتَمَتَّعُ وَلاَ يَتَحَرَّكُ نَفْسُهُ أيْضاً لِذَلِكَ، وَيَرَى أنَّ وُقُوفَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أخ وَوَلَدٍ وَغُلاَم وَوَكِيلٍ وَحَاشيَةٍ مِمَّا يُقَلِّلُهُ فِي أعْيُنِهِمْ وَيُحِبُّ الْمُقَامَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً لأهْلِهِ وَمَيْلاً إِلَيْهَا، وَصِيَانَةً لَهَا وَلِنَفْسِهِ، لاَ يُحَرمُ الْمُتْعَةَ، بَلْ يَدِينُ اللهَ بِهَا، فَهَلْ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ ذَلِكَ مَأثَمٌ أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (فِي ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يُطِيعَ اللهَ تَعَالَى(7) لِيَزُولَ عَنْهُ الْحَلْفُ فِي الْمَعْصِيَةِ(8) وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً).
فَإنْ رَأيْتَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ أنْ تَسْألَ لِي عَنْ ذَلِكَ وَتَشْرَحَهُ لِي وَتُجِيبَ فِي كُلّ مَسْألَةٍ بِمَا الْعَمَلُ بِهِ، وَتُقَلّدَنِي الْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ جَعَلَكَ اللهُ السَّبَبَ فِي كُلّ خَيْرٍ وَأجْرَاهُ عَلَى يَدِكَ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللهُ.
أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَأدَامَ عِزَّكَ وَتَأيِيدَكَ وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ وَكَرَامَتَكَ وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي عَنْكَ وَقِبَلَكَ الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً.
قَالَ ابْنُ نُوح: نَسَخْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنَ الدَّرْجَيْن الْقَدِيمَيْن اللَّذَيْن فِيهِمَا الْخَطُّ وَالتَّوْقِيعَاتُ(9).
أقُولُ: رَوَى فِي الاحْتِجَاج مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (لِيَزُولَ عَنْهُ الْحَلْفُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً)(10).
3 _ الاحتجاج: فِي كِتَابٍ آخَرَ لِمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْحِمْيَريَّ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام مِنْ جَوَابَاتِ(11) مَسَائِلِهِ الَّتِي سَألَهُ عَنْهَا فِي سَنَةِ سَبْع وَثَلاَثِمِائَةٍ:
سَألَ عَن الْمُحْرم يَجُوزُ أنْ يَشُدَّ الْمِئْزَرَ مِنْ خَلْفِهِ إِلَى عُنُقِهِ(12) بِالطُّول وَيَرْفَعَ طَرَفَيْهِ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَيَجْمَعَهُمَا فِي خَاصِرَتِهِ وَيَعْقِدَهُمَا، وَيُخْرجَ الطَّرَفَيْن الآخَرَيْن مِنْ بَيْن رجْلَيْهِ وَيَرْفَعَهُمَا إِلَى خَاصِرَتِهِ، وَيَشُدَّ طَرَفَيْهِ إِلَى وَركَيْهِ، فَيَكُونَ مِثْلَ السَّرَاوِيل يَسْتُرُ مَا هُنَاكَ، فَإنَّ الْمِئْزَرَ الأوَّلَ كُنَّا نَتَّزرُ بِهِ(13) إِذَا رَكِبَ الرَّجُلُ جُمْلَةً يَكْشفُ مَا هُنَاكَ وَهَذَا أسْتَرُ.
فَأجَابَ عليه السلام: (جَائِزٌ أنْ يَتَّزرَ الإنْسَانُ كَيْفَ شَاءَ إِذَا لَمْ يُحْدِثْ فِي الْمِئْزَر حَدَثاً بِمِقْرَاضٍ وَلاَ إِبْرَةٍ يُخْرجُهُ بِهِ عَنْ حَدَّ الْمِئْزَر، وَغَرَزَهُ غَرْزاً، وَلَمْ يَعْقِدْهُ وَلَمْ يَشُدَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، إِذَا غَطَّى سُرَّتَهُ وَرُكْبَتَيْهِ كِلاَهُمَا، فَإنَّ السُّنَّةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا بِغَيْر خِلاَفٍ تَغْطِيَةُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَتَيْن، وَالأحَبُّ إِلَيْنَا وَالأفْضَلُ لِكُلّ أحَدٍ شَدُّهُ عَلَى السَّبِيل الْمَعْرُوفَةِ لِلنَّاس جَمِيعاً إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَ رحمه الله: هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشُدَّ عَلَيْهِ مَكَانَ الْعَقْدِ تِكَّةً؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ يَجُوزُ شَدُّ الْمِئْزَر بِشَيْءٍ سِوَاهُ مِنْ تِكَّةٍ وَلاَ غَيْرهَا).
وَسَألَ عَن التَّوَجُّهِ لِلصَّلاَةِ أيَقُولُ: (عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ)؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهُ إِذَا قَالَ: (عَلَى دِين مُحَمَّدٍ) فَقَدْ أبْدَعَ، لأنَّا لَمْ نَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الصَّلاَةِ خَلاَ حَدِيثاً فِي كِتَابِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ عَنْ جَدَّهِ(14) الْحَسَن بْن رَاشدٍ أنَ‏ الصَّادِقَ عليه السلام قَالَ لِلْحَسَن: (كَيْفَ تَتَوَجَّهُ؟)، قَالَ: أقُولُ: (لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ)، فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ عليه السلام: (لَيْسَ عَنْ هَذَا أسْألُكَ، كَيْفَ تَقُولُ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً؟)، قَالَ الْحَسَنُ: أقُولُهُ، فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ عليه السلام: (إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقُلْ: عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ، وَمِنْهَاج عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ وَالائْتِمَام بِآل مُحَمَّدٍ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما أنَا مِنَ الْمُشْركِينَ).
فَأجَابَ عليه السلام: (التَّوَجُّهُ كُلُّهُ لَيْسَ بِفَريضَةٍ وَالسُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ فِيهِ الَّتِي هِيَ كَالإجْمَاع الَّذِي لاَ خِلاَفَ فِيهِ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ، وَهُدَى أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَما أنَا مِنَ الْمُشْركِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ، لا شَريكَ لَهُ وَبذلِكَ اُمِرْتُ وَأنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أعُوذُ بِاللهِ السَّمِيع الْعَلِيم مِنَ الشَّيْطَان الرَّجِيم، بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، ثُمَّ يَقْرَاُ الْحَمْدَ.
قَالَ الْفَقِيهُ الَّذِي لاَ يُشَكُّ فِي عِلْمِهِ: إنَّ(15) الدَّينُ لِمُحَمَّدٍ، وَالْهِدَايَةُ لِعَلِيًّ أمِير الْمُؤْمِنينَ، لأنَّهَا لَهُ وَفِي عَقِبهِ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ، وَمَنْ شَكَّ فَلاَ دِينَ لَهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ فِي ذَلِكَ(16) مِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ الْهُدَى).
وَسَألَهُ عَن الْقُنُوتِ فِي الْفَريضَةِ إِذَا فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ يجوز(17) أنْ يَرُدَّ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرهِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أنَّ اللهَ عزّ وجل أجَلُّ مِنْ أنْ يَرُدَّ يَدَيْ عَبْدِهِ صِفْراً بَلْ يَمْلاَهَا مِنْ رَحْمَتِهِ(18) أمْ لاَ يَجُوزُ؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهُ عَمِلَ فِي الصَّلاَةِ.
فَأجَابَ عليه السلام: (رَدُّ الْيَدَيْن مِنَ الْقُنُوتِ عَلَى الرَّأس وَالْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْفَرَائِض وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِ إِذَا رَفَعَ يَدَهُ فِي قُنُوتِ الْفَريضَةِ، وَفَرَغَ مِنَ الدُّعَاءِ أنْ يَرُدَّ بَطْنَ رَاحَتَيْهِ مَعَ صَدْرهِ تِلْقَاءَ رُكْبَتَيْهِ عَلَى تَمَهُّلٍ، وَيُكَبَّرُ وَيَرْكَعُ، وَالْخَبَرُ صَحِيحٌ وَهُوَ فِي نَوَافِل النَّهَار وَاللَّيْل، دُونَ الْفَرَائِض، وَالْعَمَلُ بِهِ فِيهَا أفْضَلُ).
وَسَألَ عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْر بَعْدَ الْفَريضَةِ، فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهَا بِدْعَةٌ فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَسْجُدَهَا الرَّجُلُ بَعْدَ الْفَريضَةِ؟ وَإِنْ جَازَ فَفِي صَلاَةِ الْمَغْربِ هِيَ بَعْدَ الْفَريضَةِ أوْ بَعْدَ الأرْبَع رَكَعَاتِ النَّافِلَةِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (سَجْدَةُ الشُّكْر مِنْ ألْزَمِ السُّنَن وَأوْجَبِهَا، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ هَذِهِ السَّجْدَةَ بِدْعَةٌ إِلاَّ مَنْ أرَادَ أنْ يُحْدِثَ فِي دِين اللهِ بِدْعَةً، وَأمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ فِيهَا بَعْدَ صَلاَةِ الْمَغْربِ وَالاخْتِلاَفُ فِي أنَّهَا بَعْدَ الثَّلاَثِ أوْ بَعْدَ الأرْبَع، فَإنَّ فَضْلَ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيح بَعْدَ الْفَرَائِض عَلَى الدُّعَاءِ بِعَقِيبِ(19) النَّوَافِل، كَفَضْل الْفَرَائِض عَلَى النَّوَافِل وَالسَّجْدَةُ دُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ، وَالأفْضَلُ أنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَرْض، فَإنْ جَعَلْتَ بَعْدَ النَّوَافِل أيْضاً جَازَ).
وَسَألَ أنَّ لِبَعْض إِخْوَانِنَا مِمَّنْ نَعْرفُهُ ضَيْعَةً جَدِيدَةً بِجَنْبِ ضَيْعَةٍ خَرَابٍ لِلسُّلْطَان فِيهَا حِصَّةٌ، وَأكَرَتُهُ(20) رُبَّمَا زَرَعُوا حُدُودَهَا، وَتُؤْذِيهِمْ عُمَّالُ السُّلْطَان، وَيَتَعَرَّضُ(21) فِي الأكْل مِنْ غَلاَتِ ضَيْعَتِهِ، وَلَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ لِخَرَابِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ بَائِرَةٌ مُنْذُ عِشْرينَ سَنَةً، وَهُوَ يَتَحَرَّجُ مِنْ شرَائِهَا لأنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ، كَانَتْ قُبِضَتْ عَن الْوَقْفِ قَدِيماً لِلسُّلْطَان، فَإنْ جَازَ شرَاؤُهَا مِنَ السُّلْطَان، وَكَانَ ذَلِكَ صَوَاباً كَانَ ذَلِكَ صَلاَحاً لَهُ وَعِمَارَةً لِضَيْعَتِهِ، وَإِنَّهُ يَزْرَعُ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنَ الْقَرْيَةِ الْبَائِرَةِ لِفَضْل(22) مَاءِ ضَيْعَتِهِ الْعَامِرَةِ، وَيَنْحَسِمُ عَنْهُ طَمَعُ أوْلِيَاءِ السُّلْطَان، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَمِلَ بِمَا تَأمُرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَأجَابَهُ عليه السلام: (الضَّيْعَةُ لاَ يَجُوزُ ابْتِيَاعُهَا إِلاَّ مِنْ مَالِكِهَا أوْ بِأمْرهِ وَرضًا مِنْهُ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَحَلَّ بِامْرَأةٍ(23) مِنْ حُجَّابِهَا، وَكَانَ يَتَحَرَّزُ مِنْ أنْ يَقَعَ وَلَدٌ فَجَاءَتْ بِابْنٍ فَتَحَرَّجَ الرَّجُلُ أنْ لاَ يَقْبَلَهُ فَقَبِلَهُ وَهُوَ شَاكٌّ فِيهِ(24)، لَيْسَ يَخْلِطُهُ بِنَفْسِهِ، فَإنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ أنْ يَخْلِطَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَجْعَلَهُ كَسَائِر وُلْدِهِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ جَازَ أنْ يَجْعَلَ لَهُ شَيْئاً مِنْ مَالِهِ دُونَ حَقّهِ فَعَلَ.
فَأجَابَ عليه السلام: (الاسْتِحْلاَلُ بِالْمَرْأةِ يَقَعُ عَلَى وُجُوهٍ، وَالْجَوَابُ يُخْتَلَفُ فِيهَا، فَلْيَذْكُر الْوَجْهَ الَّذِي وَقَعَ الاسْتِحْلاَلُ بِهِ مَشْرُوحاً لِيَعْرفَ الْجَوَابَ فِيمَا يَسْألُ عَنْهُ مِنْ أمْر الْوَلَدِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَهُ الدُّعَاءَ لَهُ، فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (جَادَ اللهُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أهْلُهُ إِيْجَابَنَا لِحَقّهِ وَرعَايَتَنَا لأبِيهِ رحمه الله، وَقُرْبهِ مِنَّا بِمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ جَمِيل نِيَّتِهِ، وَوَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَطَتِهِ(25) الْمَقَربَةِ لَهُ مِنَ اللهِ الَّتِي تُرْضِي اللهَ عزّ وجل وَرَسُولَهُ وَأوْلِيَاءَهُ عليهم السلام بِمَا بَدَأنَا نَسْألُ اللهَ بِمَسْألَتِهِ مَا أمَّلَهُ مِنْ كُلّ خَيْرٍ عَاجِلٍ وَآجِلٍ، وَأنْ يُصْلِحَ لَهُ مِنْ أمْر دِينهِ وَدُنْيَاهُ مَا يُحِبُّ صَلاَحَهُ إِنَّهُ وَلِيٌّ قَدِيرٌ)(26).
4 _ الاحتجاج: وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أيْضاً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِمِائَةٍ كِتَاباً سَألَهُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ اُخْرَى، كَتَبَ فِيهِ:
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ وَكَرَامَتَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ، وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبهِ لَدَيْكَ، وَفَضْلِهِ عَلَيْكَ، وَجَزيل قِسْمِهِ لَكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ كُلّهِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ، إِنَّ قِبَلَنَا مَشَايِخَ وَعَجَائِزَ يَصُومُونَ رجب (رَجَباً) مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَأكْثَرَ، وَيَصِلُونَ شَعْبَانَ بِشَهْر رَمَضَانَ، وَرَوَى لَهُمْ بَعْضُ أصْحَابِنَا أنَّ صَوْمَهُ مَعْصِيَةٌ.
فَأجَابَ: قَالَ الْفَقِيهُ عليه السلام(27): (يَصُومُ مِنْهُ أيَّاماً إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، ثُمَّ يَقْطَعُهُ إِلاَّ أنْ يَصُومَهُ عَن الثَّلاَثَةِ الأيَّام الْفَائِتَةِ لِلْحَدِيثِ(28): إنْ نِعْمَ شَهْرُ الْقَضَاءِ رَجَبٌ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي مَحْمِلِهِ، وَالثَّلْجُ كَثِيرٌ بِقَامَةِ رَجُلٍ، فَيَتَخَوَّفُ إِنْ نَزَلَ‏ الْغَوْصَ فِيهِ وَرُبَّمَا يَسْقُطُ الثَّلْجُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَال، وَلاَ يَسْتَوِي لَهُ أنْ يُلَبَّدَ شَيْئاً مِنْهُ لِكَثْرَتِهِ وَتَهَافُتِهِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أنْ يُصَلّيَ فِي الْمَحْمِل الْفَريضَةَ؟ فَقَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ أيَّاماً فَهَلْ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ إِعَادَةٌ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ بَأسَ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالشدَّةِ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَلْحَقُ الإمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَيَحْتَسِبُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ، فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا قَالَ: إِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوع فَلَيْسَ لَهُ أنْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ.
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا لَحِقَ مَعَ الإمَام مِنْ تَسْبِيح الرُّكُوع تَسْبِيحَةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوع).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الظُّهْرَ وَدَخَلَ فِي صَلاَةِ الْعَصْر، فَلَمَّا أنْ صَلَّى مِنْ صَلاَةِ الْعَصْر رَكْعَتَيْن اسْتَيْقَنَ أنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْن، كَيْفَ يَصْنَعُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ أحْدَثَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْن حَادِثَةً يَقْطَعُ بِهَا الصَّلاَةَ أعَادَ الصَّلاَتَيْن، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أحْدَثَ حَادِثَةً جَعَلَ الرَّكْعَتَيْن الأخِيرَتَيْن تَتِمَّةً لِصَلاَةِ الظُّهْر وَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ أهْل الْجَنَّةِ، هَلْ يَتَوَالَدُونَ إِذَا دَخَلُوهَا أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنَّ الْجَنَّةَ لاَ حَمْلَ فِيهَا لِلنّسَاءِ، وَلاَ وِلاَدَةَ، وَلاَ طَمْثَ، وَلاَ نِفَاسَ، وَلاَ شَقَاءَ بِالطُّفُولِيَّةِ، ((وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الأَْنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَْعْيُنُ))(29)، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ، فَإذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ وَلَداً خَلَقَهُ اللهُ عزّ وجل بِغَيْر حَمْلٍ وَلاَ وِلاَدَةٍ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي يُريدُ كَمَا خَلَقَ آدَمَ عليه السلام عِبْرَةً).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأةً بِشَيْءٍ مَعْلُوم إِلَى وَقْتٍ مَعْلُوم، وَبَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا وَقْتٌ فَجَعَلَهَا فِي حِلّ مِمَّا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَتْ طَمِثَتْ قَبْلَ أنْ يَجْعَلَهَا فِي حِلّ مِنْ أيَّامِهَا بِثَلاَثَةِ أيَّام أيَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ بِشَيْءٍ مَعْلُوم إِلَى وَقْتٍ مَعْلُوم عِنْدَ طُهْرهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ أوْ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَيْضَةً اُخْرَى؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَسْتَقْبِلُ حَيْضَةً غَيْرَ تِلْكَ الْحَيْضَةِ، لأنَّ أقَلَّ تِلْكَ الْعِدَّةِ حَيْضَةٌ وَطَهَارَةٌ(30) تَامَّةٌ).
الهوامش:
(1) ميقات أهل العراق: وادي العقيق وأفضله المسلخ، ثُمَّ غمرة، ثُمَّ ذات عرق وهو آخر الوادي وهو الميقات الاضطراري، لكنَّه ميقات أهل السُنَّة قال ابن قدامة في المغني 3: 206: فأمَّا ذات عرق فميقات أهل المشرق في قول أكثر أهل العلم وهو مذهب مالك وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقال ابن عبد البرّ: أجمع أهل العلم على أنَّ إحرام العراق من ذات عرق إحرام من الميقات، وروى عن أنس أنَّه كان يحرم من العقيق واستحسنه الشافعي وقد روى ابن عبّاس أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقَّت لأهل المشرق العقيق، انتهى.
(2) يقال: عطن الجلد كفرح وانعطن: وضع في الدباغ وترك فأفسد وأنتن، أو نضح عليه الماء فدفنه، فاسترخى شعره لينتف، فهو معطون. قاله الفيروزآبادي في القاموس المحيط 4: 250.
(3) من الورع: وهو التقوى والكفّ عن المعاصي والشبهات، ضبطه في القاموس المحيط 3: 96 كورث ووجل ووضع وكرم.
(4) في المصدر إضافة: (عليَّ).
(5) في المصدر إضافة: (ولا يتمتَّع).
(6) قال الفيّومي: (السريّة - فُعْليّة - قيل: مأخوذة من السِرّ - بالكسر - وهو النكاح فالضمّ على غير قياس فرقاً بينها وبين الحرّة إذا نُكحت سرّاً فإنَّه يقال لها: سريّة - بالكسر - على القياس، وقيل: من السرّ - بالضمّ - بمعنى السرور لأنَّ مالكها يُسَرُّ بها) المصباح المنير 1: 274.
(7) في المصدر: (الحلف على المعرفة)، وفي بعض النسخ: (الخلف).
(8) في نسخة الاحتجاج: (أن يطيع الله تعالى بالمتعة).
(9) الغيبة للطوسي: 378/ رقم 346.
(10) الاحتجاج 2: 568/ رقم 355.
(11) في المصدر: (جواب) بدل (جوابات).
(12) في المصدر: (على عقبه) بدل (إلى عنقه).
(13) أصله تأتزر به، فإنَّه من الأزر، لكن المولّدين كثيراً ما يبدَّلون الهمزة ويدغمونها في التاء فيقولون: اتَّزر، يتَّزر، وقد جرى جواب السؤال على تلك اللغة. قال الفيروز آبادى: ائتزر به وتأزر به، ولا تقل: اتَّزر، وقد جاء في بعض الأحاديث ولعلَّه من تحريف الرواة، (القاموس المحيط 1: 377).
(14) في المصدر إضافة: (عن).
(15) كلمة: (إنَّ) من المصدر.
(16) عبارة: (في ذلك) ليست في المصدر.
(17) كلمة: (يجوز) من المصدر.
(18) روى الكليني في كتاب الدعاء من أصول الكافي 2: 471 عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبّار إلاَّ استحيى الله عزّ وجل أن يردّها صفراً حتَّى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتَّى يمسح وجهه ورأسه). وروى مثله الصدوق في الفقيه 1: 325/ ح 953، وكما ترى الحديث ظاهر في الدعاء في غير الصلوات.
(19) في ثلاث نسخ من المصدر: (بعد) بدل (بعقيب).
(20) قال الجوهري: الأكرة: جمع أكار - بالتشديد - كأنَّه جمع آكر في التقدير وهو الحارث الحفّار، (الصحاح 2: 580).
(21) في المصدر: (يتعرضون) بدل (يتعرض).
(22) في المصدر: (بفضل) بدل (لفضل).
(23) في المصدر إضافة: (خارجة).
(24) في المصدر إضافة: (وجعل يجري النفقة على اُمّه وعليه حتَّى ماتت الاُمّ وهو ذا يجري عليه غير شاك فيه).
(25) في المصدر: (مخاطبته) بدل (مخالطته).
(26) الاحتجاج 2: 573/ رقم 356.
(27) القائل هو أبو القاسم بن روح النوبختي وكيل الناحية وسفيرها، ومراده بالفقيه هو القائم المهدي عليه السلام.
(28) في نسختين من المصدر إضافة: (المنقول عن واحد من الصادقين صلوات الله عليهما).
(29) الزخرف: 71.
(30) في المصدر: (طهرة) بدل (طهارة).
******************
وَسَألَ عَن الأبْرَص وَالْمَجْذُوم، وَصَاحِبِ الْفَالِج، هَلْ يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ؟ فَقَدْ رُوِيَ لَنَا أنَّهُمْ لاَ يَؤُمُّونَ الأصِحَّاءَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ مَا بِهِمْ حادث (حَادِثاً)، جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ وِلاَدَةً لَمْ تَجُزْ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ امْرَأتِهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَتْ رُبَّيَتْ فِي حَجْرهِ فَلاَ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُبَّيَتْ فِي حَجْرهِ وَكَانَتْ اُمُّهَا فِي غَيْر حِبَالِهِ(1) فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ جَائِزٌ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنَةِ امْرَأةٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَ جَدَّتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أمْ ل(2)؟
فَأجَابَ عليه السلام: (قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ ألْفَ دِرْهَم، أقَامَ بِهَا الْبَيَّنَةَ الْعَادِلَةَ، وَادَّعَى عَلَيْهِ أيْضاً خَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ(3) وَلَهُ بِذَلِكَ كُلّهِ بَيَّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَادَّعَى عَلَيْهِ أيْضاً بِثَلاَثِ مِائَةِ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ، وَمِائَتَيْ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ، وَلَهُ بِذَلِكَ كُلّهِ بَيَّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَيَزْعُمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أنَّ هَذِهِ الصّكَاكَ كُلَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي الصَّكَّ الَّذِي بِألْفِ دِرْهَم، وَالْمُدَّعِي يُنْكِرُ أنْ يَكُونَ كَمَا زَعَمَ، فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الألْفُ الدَّرْهَم مَرَّةً وَاحِدَةً أوْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا يُقِيمُ الْبَيَّنَةَ بِهِ؟ وَلَيْسَ فِي الصّكَاكِ اسْتِثْنَاءٌ إِنَّمَا هِيَ صِكَاكٌ عَلَى وَجْهِهَا.
فَأجَابَ عليه السلام: (يُؤْخَذُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ألْفُ دِرْهَم، وَهِيَ الَّتِي لاَ شُبْهَةَ فِيهَا وَتُرَدُّ الْيَمِينُ فِي الألْفِ الْبَاقِي عَلَى الْمُدَّعِي، فَإنْ نَكَلَ فَلاَ حَقَّ لَهُ).
وَسَألَ عَنْ طِين الْقَبْر، يُوضَعُ مَعَ الْمَيَّتِ فِي قَبْرهِ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يُوضَعُ مَعَ الْمَيَّتِ فِي قَبْرهِ وَيُخْلَطُ بِحَنُوطِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ لَنَا عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّهُ كَتَبَ عَلَى إِزَار إِسْمَاعِيلَ ابْنُهُ: (إِسْمَاعِيلُ يَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) فَهَلْ يَجُوزُ لَنَا أنْ نَكْتُبَ مِثْلَ ذَلِكَ بِطِين الْقَبْر أمْ غَيْرهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يُسَبَّحَ الرَّجُلُ بِطِين الْقَبْر وَهَلْ فِيهِ فَضْلٌ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يُسَبَّحُ بِهِ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ التَّسْبِيح أفْضَلَ مِنْهُ، وَمِنْ فَضْلِهِ أنَّ الرَّجُلَ يَنْسَى التَّسْبِيحَ وَيُدِيرُ السُّبْحَةَ فَيُكْتَبُ لَهُ التَّسْبِيحُ).
وَسَألَ عَن السَّجْدَةِ عَلَى لَوْح مِنْ طِين الْقَبْر وَهَلْ فِيهِ فَضْلٌ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ وَفِيهِ الْفَضْلُ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَزُورُ قُبُورَ الأئِمَّةِ عليهم السلام هَلْ يَجُوزُ أنْ يَسْجُدَ عَلَى الْقَبْر أمْ لاَ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى عِنْدَ بَعْض قُبُورهِمْ عليهم السلام أنْ يَقُومَ وَرَاءَ الْقَبْر وَيَجْعَلَ الْقَبْرَ قِبْلَةً أمْ يَقُومُ عِنْدَ رَأسِهِ أوْ رجْلَيْهِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ الْقَبْرَ وَيُصَلّيَ وَيَجْعَلَ الْقَبْرَ خَلْفَهُ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (أمَّا السُّجُودُ عَلَى الْقَبْر فَلاَ يَجُوزُ فِي نَافِلَةٍ وَلاَ فَريضَةٍ وَلاَ زِيَارَةٍ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أنْ يَضَعَ خَدَّهُ الأيْمَنَ عَلَى الْقَبْر، وَأمَّا الصَّلاَةُ فَإنَّهَا خَلْفَهُ وَيَجْعَلُ الْقَبْرَ أمَامَهُ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يُصَلّيَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينهِ، وَلاَ عَنْ يَسَارهِ، لأنَّ الإمَامَ عليه السلام لاَ يُتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَلاَ يُسَاوَى).
وَسَألَ فَقَالَ: هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل إِذَا صَلَّى الْفَريضَةَ أوِ النَّافِلَةَ وَبيَدِهِ السُّبْحَةُ أنْ يُدِيرَهَا وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا خَافَ السَّهْوَ وَالْغَلَطَ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يُدِيرَ السُّبْحَةَ بِيَدِهِ الْيَسَار إِذَا سَبَّحَ أوْ لاَ يَجُوزُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ للهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ عَن الْفَقِيهِ فِي بَيْع الْوُقُوفِ خَبَرٌ مَأثُورٌ (إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْم بِأعْيَانِهِمْ وَأعْقَابِهِمْ فَاجْتَمَعَ أهْلُ الْوَقْفِ عَلَى بَيْعِهِ وَكَانَ ذَلِكَ أصْلَحَ لَهُمْ أنْ يَبيعُوهُ) فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْتَريَ مِنْ بَعْضِهِمْ إِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْبَيْع؟ أمْ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ أنْ يَجْتَمِعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَن الْوَقْفِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى إِمَام الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْم مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَبعْ كُلُّ قَوْم مَا يَقْدِرُونَ عَلَى بَيْعِهِ مُجْتَمِعِينَ وَمُتَفَرقِينَ إِنْ شَاءَ اللهُ)(4).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُحْرم أنْ يُصَيَّرَ عَلَى إِبْطِهِ الْمَرْتَكَ أوِ التُّوتِيَاءَ(5) لِريحِ الْعَرَقِ أمْ لاَ يَجُوزُ؟
فَأجَابَهُ: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَن الضَّرير إِذَا اُشْهِدَ فِي حَال صِحَّتِهِ عَلَى شَهَادَةٍ ثُمَّ كُفَّ بَصَرُهُ وَلاَ يَرَى خَطَّهُ فَيَعْرفَهُ، هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ (وَباللهِ التَّوْفِيقُ)(6) أمْ لاَ؟ وَإِنْ ذَكَرَ هَذَا الضَّريرُ الشَّهَادَةَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أمْ لاَ يَجُوزُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا حَفِظَ الشَّهَادَةَ وَحَفِظَ الْوَقْتَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يُوقِفُ ضَيْعَةً أوْ دَابَّةً، وَيُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ بِاسْم بَعْض وُكَلاَءِ الْوَقْفِ، ثُمَّ يَمُوتُ هَذَا الْوَكِيلُ أوْ يَتَغَيَّرُ أمْرُهُ، وَيَتَوَلَّى غَيْرُهُ، هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ لِهَذَا الَّذِي اُقِيمَ مَقَامَهُ، إِذَا كَانَ أصْلُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أمْ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ‏؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ لأنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَقُمْ لِلْوَكِيل وَإِنَّمَا قَامَتْ لِلْمَالِكِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ للهِ))(7)).
وَسَألَ عَن الرَّكْعَتَيْن الاُخْرَاوَيْن(8) قَدْ كَثُرَتْ فِيهِمَا الروَايَاتُ، فَبَعْضٌ يَرْوِي أنَّ قِرَاءَةَ الْحَمْدِ وَحْدَهَا أفْضَلُ وَبَعْضٌ يَرْوِي أنَّ التَّسْبِيحَ فِيهِمَا أفْضَلُ، فَالْفَضْلُ لأيَّهِمَا لِنَسْتَعْمِلَهُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (قَدْ نَسَخَتْ قِرَاءَةُ اُمّ الْكِتَابِ فِي هَاتَيْن الرَّكْعَتَيْن التَّسْبِيحَ، وَالَّذِي نَسَخَ التَّسْبِيحَ قَوْلُ الْعَالِم عليه السلام: كُلُّ صَلاَةٍ لاَ قِرَاءَةَ فِيهَا فَهِيَ خِدَاجٌ(9) إِلاَّ لِلْعَلِيل أوْ مَنْ يَكْثُرُ عَلَيْهِ السَّهْوُ، فَيُتَخَوَّفُ بُطْلاَنُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: يُتَّخَذُ عِنْدَنَا رُبُّ الْجَوْزِ(10) لِوَجَع الْحَلْقِ وَالْبَحْبَحَةِ يُؤْخَذُ الْجَوْزُ الرَّطْبُ مِنْ قَبْل أنْ يَنْعَقِدَ، وَيُدَقُّ دَقّاً نَاعِماً، وَيُعْصَرُ مَاؤُهُ، وَيُصَفَّى وَيُطْبَخُ عَلَى النّصْفِ، وَيُتْرَكُ يَوْماً وَلَيْلَةً، ثُمَّ يُنْصَبُ عَلَى النَّار، وَيُلْقَى عَلَى كُلّ سِتَّةِ أرْطَالٍ مِنْهُ رطْلُ عَسَلٍ، وَيُغْلَى وَيُنْزَعُ رَغْوَتُهُ، وَيُسْحَقُ مِنَ النُّوشَادُر وَالشَّبَّ الْيَمَانِيَّ مِنْ كُلّ وَاحِدٍ نِصْفُ مِثْقَالٍ، وَيُدَافُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَاءِ، وَيُلْقَى فِيهِ دِرْهَمُ زَعْفَرَانٍ مَسْحُوقٍ وَيُغْلَى وَيُؤْخَذُ رَغْوَتُهُ، وَيُطْبَخُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْعَسَل ثَخِيناً ثُمَّ يُنْزَلُ عَن النَّار، وَيَبْرُدُ وَيُشْرَبُ مِنْهُ، فَهَلْ يَجُوزُ شُرْبُهُ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا كَانَ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ أوْ يُغَيَّرُ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُسْكِرُ فَهُوَ حَلاَلٌ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل تَعْرضُ لَهُ حَاجَةٌ مِمَّا لاَ يَدْري أنْ يَفْعَلَهَا أمْ لاَ؟ فَيَأخُذُ خَاتَمَيْن فَيَكْتُبُ فِي أحَدِهِمَا: (نَعَم افْعَلْ)، وَفِي الآخَر: (لاَ تَفْعَلْ) فَيَسْتَخِيرُ اللهَ مِرَار(11) ثُمَّ يَرَى فِيهِمَا فَيُخْرجُ أحَدَهُمَا فَيَعْمَلُ بِمَا يَخْرُجُ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أمْ لاَ؟ وَالْعَامِلُ بِهِ وَالتَّاركُ لَهُ، أهُوَ (يَجُوزُ)(12) مِثْلَ الاسْتِخَارَةِ أمْ هُوَ سِوَى ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (الَّذِي سَنَّهُ الْعَالِمُ عليه السلام فِي هَذِهِ الاسْتِخَارَةِ بِالرقَاع وَالصَّلاَةِ).
وَسَألَ عَنْ صَلاَةِ جَعْفَر بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فِي أيَّ أوْقَاتِهَا أفْضَلُ أنْ تُصَلَّى فِيهِ وَهَلْ فِيهَا قُنُوتٌ؟ وَإِنْ كَانَ فَفِي أيَّ رَكْعَةٍ مِنْهَا؟
فَأجَابَ عليه السلام: (أفْضَلُ أوْقَاتِهَا صَدْرُ النَّهَار مِنْ يَوْم الْجُمُعَةِ، ثُمَّ فِي أيَّ الأيَّام شئْتَ، وَأيَّ وَقْتٍ صَلَّيْتَهَا مِنْ لَيْلٍ أوْ نَهَارٍ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْقُنُوتُ(13) مَرَّتَان فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوع وَالرَّابِعَةِ)(14).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَنْوي إِخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَأنْ يَدْفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ، ثُمَّ يَجِدُ فِي أقْربَائِهِ مُحْتَاجاً أيَصْرفُ ذَلِكَ عَمَّنْ نَوَاهُ لَهُ إِلَى قَرَابَتِهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَصْرفُهُ إِلَى أدْنَاهُمَا وَأقْرَبهِمَا مِنْ مَذْهَبِهِ، فَإنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ‏ الْعَالِم رحمه الله: لاَ يَقْبَلُ اللهُ الصَّدَقَةَ وَذُو رَحِم مُحْتَاجٌ(15)، فَلْيَقْسِمْ بَيْنَ الْقَرَابَةِ، وَبَيْنَ الَّذِي نَوَى حَتَّى يَكُونَ قَدْ أخَذَ بِالْفَضْل كُلّهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: قَدِ اخْتَلَفَ أصْحَابُنَا فِي مَهْر الْمَرْأةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ الْمَهْرُ، وَلاَ شَيْءَ لَهَ(16)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ لاَزِمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ فِيهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ عَلَيْهِ بِالْمَهْر كِتَابٌ فِيهِ(17) دَيْنٌ، فَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ الصَّدَقَاتِ سَقَطَ إِذَا دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كِتَابٌ فَإذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ بَاقِي الصَّدَاقِ)(18).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ صَاحِبِ الْعَسْكَر عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَن الصَّلاَةِ فِي الْخَزّ الَّذِي يُغَشُّ بِوَبَر الأرَانِبِ، فَوَقَّعَ: (يَجُوزُ)، وَرُوِيَ عَنْهُ أيْضاً أنَّهُ لاَ يَجُوزُ فَأيَّ الأمْرَيْن نَعْمَلُ بِهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنَّمَا حَرُمَ فِي هَذِهِ الأوْبَار وَالْجُلُودِ، فَأمَّا الأوْبَارُ وَحْدَهَا فَحَلاَلٌ)(19).
وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ مَعْنَى قَوْل الصَّادِقِ عليه السلام: (لاَ يُصَلَّى فِي الثَّعْلَبِ ولا في الأرنب(20) وَلاَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَلِيهِ).
فَقَالَ: (إِنَّمَا عَنَى الْجُلُودَ دُونَ غَيْرهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: نجد(21) بِأصْفَهَانَ ثِيَابٌ عُنَّابِيَّةٌ(22) عَلَى عَمَل الْوَشْي مِنْ قَزّ وَإِبْريسَم هَلْ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهَا أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ إِلاَّ فِي ثَوْبٍ سَدَاهُ أوْ لَحْمَتُهُ قُطْنٌ أوْ كَتَّانٌ).
وَسَألَ عَن الْمَسْح عَلَى الرجْلَيْن بِأيَّهِمَا يَبْدَاُ بِالْيَمِين أوْ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا جَمِيع(23)؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً مَع(24) فَإنْ بَدَأ بِإحْدَاهُمَا قَبْلَ الاُخْرَى فَلاَ يَبْتَدِئُ إِلاَّ بِالْيَمِين).
وَسَألَ عَنْ صَلاَةِ جَعْفَرٍ فِي السَّفَر هَلْ يَجُوزُ أنْ تُصَلَّى أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ تَسْبِيح فَاطِمَةَ عليها السلام مَنْ سَهَا فَجَازَ التَّكْبِيرَ أكْثَرَ مِنْ أرْبَع وَثَلاَثِينَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى أرْبَع وَثَلاَثِينَ أوْ يَسْتَأنِفُ؟ وَإِذَا سَبَّحَ تَمَامَ سَبْعَةٍ وَسِتّينَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى سِتَّةٍ وَسِتّينَ أوْ يَسْتَأنِفُ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ فِي ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا سَهَا فِي التَّكْبِير حَتَّى تَجَاوَزَ أربع (أرْبَعاً) وَثَلاَثِينَ عَادَ إِلَى ثَلاَثٍ وَثَلاَثِينَ وَيَبْني عَلَيْهَا، وَإِذَا سَهَا فِي التَّسْبِيح فَتَجَاوَزَ سَبْعاً وَسِتِّينَ تَسْبِيحَةً عَادَ إِلَى‏ سِتّ وَسِتّينَ وَبَنَى عَلَيْهَا، فَإذَا جَاوَزَ التَّحْمِيدَ مِائَةً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ)(25).
5 _ الاحتجاج: وَعَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريَّ أنَّهُ قَالَ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ حَرَسَهَا اللهُ تَعَالَى بَعْدَ الْمَسَائِل:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، لاَ لأمْر اللهِ تَعْقِلُونَ، وَلاَ مِنْ أوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ، ((حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ))(26) عَنْ قَوْم لا يُؤْمِنُونَ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، إِذَا أرَدْتُمُ التَّوَجُّهَ بِنَا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَيْنَا، فَقُولُوا كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: سَلامٌ عَلى آلِ يس، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ وَرَبَّانِيَّ آيَاتِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللهِ وَدَيَّانَ دِينهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللهِ وَنَاصِرَ حَقّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ وَدَلِيلَ إِرَادَتِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللهِ وَتَرْجُمَانَهُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَأطْرَافِ نَهَاركَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مِيثَاقَ اللهِ الَّذِي أخَذَهُ وَوَكَّدَهُ.
الهوامش:
(1) هذا هو الصحيح كما نقله الحر العاملي في كتاب النكاح (ب 18) من أبواب ما يحرم بالمصاهرة تحت الرقم (7). وفي المصدر: (في غير عياله)، وفي الأصل المطبوع: (من غير عياله). ومعنى قوله عليه السلام: (وكانت اُمّها في غير حباله) أي لم تكن تحته.
(2) في المصدر إضافة: (يجوز).
(3) صك: معرَّب (چك) بالفارسية، وهو كتاب الإقرار بالمال أو غيره.
(4) أخرجه الحرّ العاملي في الوسائل كتاب الوقوف والصدقات الباب السادس تحت الرقم (9)، وقال: ظاهر الجواب هنا عدم تأييد الوقف، فيرجع وصيّة أو ميراثاً.
(5) المرتك: المرتج: وهو ما يعالج به ذفر الإبط، وقيل: هو المراداسنج (معرَّب مردار سنك) يتَّخذ للمراهم، والتوتياء: حجر يكتحل به وإنَّما يعالج به الإبط لأنَّه يسدّ سيلان العرق.
(6) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر، والأنسب أن يكون بعد قوله: (جازت شهادته). وقد مرَّ نظيره في قوله: (يجوز ذلك، والحمد لله).
(7) الطلاق: 2.
(8) في المصدر: (الأخيرتين).
(9) الخداج: النقصان، يريد أنَّ ترك القراءة في أيّ ركعة من الصلاة نقصان فيها وذلك لأنَّ كلّ صلاة هي مركّب من ركعة أو ركعات فكما تقرء في الركعة الأولى وهكذا الثانية لئلاَّ تكون خداجاً فهكذا في الثالثة والرابعة، وإلى هذا ذهب من قال بوجوب القراءة في الأخيرتين حال الاختيار، وأنَّ التسبيح إنَّما هو للمأموم، حيث لا يسمع قراءة الإمام.
وأمَّا الحديث ولفظه: (كلّ صلاة لم يقرء فيها فاتحة الكتاب فهي خداج) فقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، كما نقله السيَّد الرضي في المجازات النبويّة: 70؛ ورواه أبو داود في سننه 1: 189/ ح 821؛ وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير عن مسند أحمد وسنن الكبرى للبيهقي.
فمع أنَّ المصطلح عند الأصحاب أنَّهم يطلقون (العالم) على الإمام الكاظم عليه السلام لكن يظهر من التوقيع أنَّه يطلق العالم ويضيف إليه الأحاديث المروية عن الرسول الأكرم رعاية للتقيّة، وسيجيء مثل ذلك عند قوله: (لا يقبل الله الصدقة وذو رحم محتاج).
(10) الرب: المطبوخ من الفواكه، والبحبحة: البحة، أو الصحيح: البحجة كذبحة داء في الحنجرة يورث خشونة وغلظة في الصوت، والشب بالفتح والتشديد حجارة بيض، ومنها زرق، وكلّها من الزاج، وأجوده اليماني، والدوف: الخلط، والبل بماء ونحوه، يقال: دفته أي الدواء وغيره.
(11) أي يدعو الله ويطلب منه خيرته، فيقول: (أستخيرك اللهم خيرة في عافية) أو نحو ذلك.
(12) كلمة: (يجوز) ليست في المصدر.
(13) في المصدر إضافة: (فيها).
(14) في المصدر: (وفي الرابعة).
(15) رواه في الاختصاص: 219 بإسناده عن الحسين بن علي عليهما السلام ولفظه: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ابدء بمن تعول: اُمّك وأباك وأختك وأخاك ثُمَّ أدناك فأدناك)، وقال: (لا صدقة وذو رحم محتاج) أخرجه المصنّف في (ج 20/ ص 39) من المطبوعة؛ وأخرجه النوري في خاتمة المستدرك 1: 280؛ وأخرجه بمضمونه السيوطي في الجامع الصغير عن النسائي، والطبراني في معجمه الكبير، على ما في السراج المنير 1: 22.
(16) في المصدر: (عليه) بدل (لها).
(17) في المصدر إضافة: (ذكر).
(18) تراه في الوسائل باب (8) من أبواب المهور تحت الرقم (16)، وفيه الأحاديث المثبتة للمهر، والنافية لها، وظاهرها وظاهر هذا الحديث أنَّ ذلك حين المنازعة وطرح الدعوى على الزوج لا أنَّ الدخول يسقط المهر، فإنَّ ثبوته مفروغ عنه مسلَّم بالضرورة من الدَّين ولم يكن ليسأل عنه أحد.
ووجه الحديث أنَّه قد كانت العادة في تلك الأزمان طبقاً لقوله تعالى: ((وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً)) (النساء: 4)، وقوله: ((وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً)) (النساء: 20)، وتبعاً لسُنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث كان يبعث بالمهر إليهن قبل الدخول، أن يدفع الأزواج مهورهنَّ حين الزواج قبل الدخول، وكان هذه السيرة ظاهر حالهم.
فلو ادَّعت بعد الدخول أنَّ المهر تمامه أو بعضه باقٍ على ذمَّة الزوج، ولم يكن لها صكّ أو بيّنة، أسقط الحاكم ادّعاءها المهر، حيث إنَّ الدخول يشعر بظاهر الحال والسيرة الجارية عند المسلمين حتَّى الآن على أنَّ الزوج قد دفع إليها المهر.
(19) أخرجه الحرّ العاملي باب (10) من أبواب لباس المصلّي تحت الرقم (15)، وقال: لعلَّ التحريم في الجلود مخصوص بالأرانب والرخصة في وبرها محمولة على التقيّة.
(20) عبارة: (ولا في الأرنب) ليست في المطبوعة، وأثبتناها من المصدر.
(21) في المصدر: (يتَّخذ) بدل (نجد).
(22) في المصدر: (عتابية)؛ وفي الوسائل (ب 13)، الرقم (8): (ثياب فيها عتابيه).
(23) في المصدر إضافة: (معاً).
(24) لقوله تعالى: ((وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ)) فجمع بين الرجلين.
(25) الاحتجاج 2: 579/ رقم 357.
(26) القمر: 5.
******************
توضيح: (الشمراخ) رأس الجبل، وفي العبارة تصحيف ولعلَّه كان هكذا: (وشفعنا لك الآن) أي لنجح حاجتك التي طلبت، (في مستقر لنا) أي مخيم تنصب لنا في رأس جبل، (من مفازة بهماء) أي مجهولة، (والغماليل) جمع الغملول بالضم وهو الوادي أو الشجر أو كلّ مجتمع أظلم وتراكم من شجر أوغمام أو ظلمة، و(السباريت) جمع السبروت بالضم، وهو القفر لا نبات فيه، والفقير ولعلَّ الأخير أنسب، و(أبسلت فلاناً) أسلمته للهلكة، و(اللوثة) بالضم الاسترخاء والبطوء وكانت النسخ سقيمة أوردناه كما وجدنا.
التَّوْقِيعُ الَّذِي خَرَجَ فِيمَن ارْتَابَ فِيهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ
9 _ الاحتجاج: عَن الشَّيْخ الْمُوَثَّقِ أبِي عُمَرَ الْعَامِريَّ(1) رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: تَشَاجَرَ ابْنُ أبِي غَانِم الْقَزْوِينيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشيعَةِ فِي الْخَلَفِ فَذَكَرَ ابْنُ أبِي غَانِم أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام مَضَى وَلاَ خَلَفَ لَهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ كَتَبُوا فِي ذَلِكَ كِتَاباً وَأنْفَذُوهُ إِلَى النَّاحِيَةِ، وَأعْلَمُوا بِمَا تَشَاجَرُوا فِيهِ فَوَرَدَ جَوَابُ كِتَابِهِمْ بِخَطّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْفِتَن، وَوَهَبَ لَنَا وَلَكُمْ رُوحَ الْيَقِين، وَأجَارَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ، إِنَّهُ اُنْهِيَ إِلَيَّ ارْتِيَابُ جَمَاعَةٍ مِنْكُمْ فِي الدَّين، وَمَا دَخَلَهُمْ مِنَ الشَّكًّ وَالْحَيْرَةِ فِي وُلاَةِ أمْرهِمْ، فَغَمَّنَا ذَلِكَ لَكُمْ لاَ لَنَا وَسَأوْنَ(2) فِيكُمْ لاَ فِينَا، لأنَّ اللهَ مَعَنَا فَلاَ فَاقَةَ بِنَا إِلَى غَيْرهِ، وَالْحَقُّ مَعَنَا فَلَنْ يُوحِشَنَا مَنْ قَعَدَ عَنَّا، وَنَحْنُ صَنَائِعُ رَبَّنَا، وَالْخَلْقُ بَعْدَ صَنَائِعِنَا.
يَا هَؤُلاَءِ مَا لَكُمْ فِي الرَّيْبِ تَتَرَدَّدُونَ وَفِي الْحَيْرَةِ تَنْعَكِسُونَ(3) أوَمَا سَمِعْتُمُ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ))(4)؟ أوَمَا عَلِمْتُمْ مَا جَاءَتْ بِهِ الآثَارُ مِمَّا يَكُونُ وَيَحْدُثُ فِي أئِمَّتِكُمْ عَلَى الْمَاضِينَ وَالْبَاقِينَ مِنْهُمْ عليهم السلام؟ أوَمَا رَأيْتُمْ كَيْفَ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَعَاقِلَ تَأوُونَ إِلَيْهَا، وَأعْلاَماً تَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أنْ ظَهَرَ الْمَاضِي عليه السلام كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ، وَإِذَا أفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ ظَنَنْتُمْ أنَّ اللهَ أبْطَلَ دِينَهُ، وَقَطَعَ السَّبَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَلاَ مَا كَانَ ذَلِكَ وَلاَ يَكُونُ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَيَظْهَرَ أمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارهُونَ.
وَإِنَّ الْمَاضِيَ عليه السلام مَضَى سَعِيداً فَقِيداً عَلَى مِنْهَاج آبَائِهِ عليهم السلام حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَفِينَا وَصِيَّتُهُ وَعِلْمُهُ، وَمَنْ هُوَ خَلَفُهُ، وَمَنْ يَسُدُّ مَسَدَّهُ، وَلاَ يُنَازِعُنَا مَوْضِعَهُ إِلاَّ ظَالِمٌ آثِمٌ، وَلاَ يَدَّعِيهِ دُونَنَا إِلاَّ جَاحِدٌ كَافِرٌ، وَلَوْ لاَ أنَّ أمْرَ اللهِ لاَ يُغْلَبُ، وَسِرَّهُ لاَ يَظْهَرُ وَلاَ يُعْلَنُ، لَظَهَرَ لَكُمْ مِنْ حَقّنَا مَا تَبْهَرُ(5) مِنْهُ عُقُولُكُمْ، وَيُزيلُ شُكُوكَكُمْ، لَكِنَّهُ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَلِكُل أجَلٍ كِتَابٌ.
فَاتَّقُوا اللهَ، وَسَلّمُوا لَنَا، وَرُدُّوا الأمْرَ إِلَيْنَا، فَعَلَيْنَا الإصْدَارُ، كَمَا كَانَ مِنَّا الإيرَادُ، وَلاَ تُحَاوِلُوا كَشْفَ مَا غُطّيَ عَنْكُمْ، وَلاَ تَمِيلُوا عَن الْيَمِين، وَتَعْدِلُوا إِلَى الْيَسَار، وَاجْعَلُوا قَصْدَكُمْ إِلَيْنَا بِالْمَوَدَّةِ عَلَى السُنَّةِ الْوَاضِحَةِ، فَقَدْ نَصَحْتُ لَكُمْ وَاللهُ شَاهِدٌ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ، وَلَوْ لاَ مَا عِنْدَنَا مِنْ مَحَبَّةِ صَلاَحِكُمْ وَرَحْمَتِكُمْ، وَالإشْفَاقِ عَلَيْكُمْ، لَكُنَّا عَنْ مُخَاطَبَتِكُمْ فِي شُغُلٍ مِمَّا قَدِ امْتُحِنَّا مِنْ مُنَازَعَةِ الظَّالِم الْعُتُل الضَّال الْمُتَابِع فِي غَيَّهِ، الْمُضَادَّ لِرَبَّهِ، الْمُدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ، الْجَاحِدِ حَقَّ مَن افْتَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُ، الظَّالِم الْغَاصِبِ‏.
وَفِي ابْنَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِي اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَسَيُرَدَّى الْجَاهِلُ ردَاءَ عَمَلِهِ(6) وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّار، عَصَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمَهَالِكِ وَالأسْوَاءِ، وَالآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ كُلِّهَا بِرَحْمَتِهِ فَإنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ، وَالْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ، وَكَانَ لَنَا وَلَكُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَالسَّلاَمُ عَلَى جَمِيع الأوْصِيَاءِ، وَالأوْلِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَسَلَّمَ تَسْلِيم(7).
الغيبة للشيخ الطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن عليّ الرازي، عن الحسين ابن محمّد القمّي، عن محمّد بن عليّ بن زبيان(8) الطلحي الآبي، عن عليّ بن محمّد بن عبدة النيسابوري، عن عليّ بن إبراهيم الرازي، قال: حدَّثني الشيخ الموثوق به بمدينة السلام، قال: تشاجر ابن أبي غانم... إلى آخر الخبر(9).
بيان: (الصنيعة) من تصطنعه وتختار لنفسك، و(الظالم العتل) جعفر الكذّاب، ويحتمل خليفة ذلك الزمان.
10 _ الاحتجاج: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ، قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ رحمه الله أنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَألْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أشْكَلَتْ عَلَيَّ، فَوَرَدَ التَّوْقِيعُ بِخَطّ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (أمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ أرْشَدَكَ اللهُ وَثَبَّتَكَ مِنْ أمْر الْمُنْكِرينَ لِي مِنْ أهْل بَيْتِنَا وَبَني عَمَّنَا، فَاعْلَمْ أنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللهِ عزّ وجل وَبَيْنَ أحَدٍ قَرَابَةٌ، مَنْ أنْكَرَني فَلَيْسَ مِنّي وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ ابْن نُوح، وَأمَّا سَبِيلُ عَمَّي جَعْفَرٍ وَوُلْدِهِ، فَسَبِيلُ إِخْوَةِ يُوسُفَ عليه السلام، وَأمَّا الْفُقَّاعُ فَشُرْبُهُ حَرَامٌ وَلاَ بَأسَ بِالشَّلَمَابِ(10)، وَأمَّا أمْوَالُكُمْ فَمَا نَقْبَلُهَا إِلاَّ لِتَطَهَّرُوا فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصِلْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ فَمَا آتَانَا اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ‏.
وَأمَّا ظُهُورُ الْفَرَج فَإنَّهُ إِلَى اللهِ وَكَذَبَ الْوَقَّاتُونَ.
وَأمَّا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أنَّ الْحُسَيْنَ عليه السلام لَمْ يُقْتَلْ، فَكُفْرٌ وَتَكْذِيبٌ وَضَلاَلٌ.
وَأمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَأنَا حُجَّةُ اللهِ عَلَيْهِمْ.
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ أبِيهِ مِنْ قَبْلُ فَإنَّهُ ثِقَتِي وَكِتَابُهُ كِتَابِي.
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازِيُّ فَسَيُصْلِحُ اللهُ قَلْبَهُ، وَيُزيلُ عَنْهُ شَكَّهُ.
وَأمَّا مَا وَصَلْتَنَا بِهِ فَلاَ قَبُولَ عِنْدَنَا إِلاَّ لِمَا طَابَ وَطَهُرَ، وَثَمَنُ الْمُغَنّيَةِ حَرَامٌ.
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بْن نُعَيْم فَإنَّهُ رَجُلٌ مِنْ شيعَتِنَا أهْلَ الْبَيْتِ.
وَأمَّا أبُو الْخَطَّابِ مُحَمَّدُ بْنُ أبِي زَيْنَبَ الأجْدَعُ فَإنَّهُ مَلْعُونٌ وَأصْحَابُهُ مَلْعُونُونَ فَلاَ تُجَالِسْ أهْلَ مَقَالَتِهِمْ فَإنّي مِنْهُمْ بَريءٌ وَآبَائِي عليهم السلام مِنْهُمْ بِرَاءٌ.
وَأمَّا الْمُتَلَبَّسُونَ بِأمْوَالِنَا فَمَن اسْتَحَلَّ شَيْئاً مِنْهَا فَأكَلَهُ فَإنَّمَا يَأكُلُ النّيرَانَ.
وَأمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ اُبِيحَ لِشيعَتِنَا وَجُعِلُوا مِنْهُ فِي حِلّ إِلَى وَقْتِ ظُهُور أمْرنَا لِتَطِيبَ وِلاَدَتُهُمْ وَلاَ تَخْبُثَ.
وَأمَّا نَدَامَةُ قَوْم شَكُّوا فِي دِين اللهِ عَلَى مَا وَصَلُونَا بِهِ فَقَدْ أقَلْنَا مَن اسْتَقَالَ وَلاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى صِلَةِ الشَّاكّينَ.
وَأمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ))(11) إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ آبَائِي إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ وَإِنّي أخْرُجُ حِينَ أخْرُجُ وَلاَ بَيْعَةَ لأحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي.
وَأمَّا وَجْهُ الانْتِفَاع بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالانْتِفَاع بِالشَّمْس إِذَا غَيَّبَهَا عَن الأبْصَار السَّحَابُ، وَإِنّي لأمَانٌ لأهْل الأرْض كَمَا أنَّ النُّجُومَ أمَانٌ لأهْل السَّمَاءِ، فَأغْلِقُوا أبْوَابَ السُّؤَال عَمَّا لاَ يَعْنِيكُمْ وَلاَ تَتَكَلَّفُوا عِلْمَ مَا قَدْ كُفِيتُمْ وَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيل الْفَرَج، فَإنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى‏ مَن اتَّبَعَ الْهُدى)(12).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن ابن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهم(13)، عن الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، مثله(14).
كمال الدين: ابن عصام، عن الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، مثله(15).
11 _ الاحتجاج: عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأسَدِيَّ قَالَ: كَانَ فِيمَا وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي جَوَابِ مَسَائِلِي إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام:
(أمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنَ الصَّلاَةِ عِنْدَ طُلُوع الشَّمْس وَعِنْدَ غُرُوبهَا، فَلَئِنْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ بَيْن قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَمَا اُرْغِمَ أنْفُ الشَّيْطَان بِشَيْءٍ مِثْل(16) الصَّلاَةِ، فَصَلّهَا وَأرْغِمْ أنْفَ الشَّيْطَان.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْوَقْفِ عَلَى نَاحِيَتِنَا وَمَا يُجْعَلُ لَنَا ثُمَّ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ، فَكُلُّ مَا لَمْ يُسَلّمْ فَصَاحِبُهُ فِيهِ بِالْخِيَار، وَكُلُّ مَا سَلَّمَ فَلاَ خِيَارَ لِصَاحِبهِ فِيهِ احْتَاجَ أوْ لَمْ يَحْتَجْ، افْتَقَرَ إِلَيْهِ أوِ اسْتَغْنَى عَنْهُ.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر مَنْ يَسْتَحِلُّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ أمْوَالِنَا أوْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ مِنْ غَيْر أمْرنَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مَلْعُونٌ وَنَحْنُ خُصَمَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: الْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِي وَلِسَان كُلّ نَبِيًّ مُجَابٍ، فَمَنْ ظَلَمَنَا كَانَ فِي جُمْلَةِ الظَّالِمِينَ لَنَا وَكَانَتْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عزّ وجل: ((أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ))(17).
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْمَوْلُودِ الَّذِي نَبَتَتْ قُلْفَتُهُ(18) بَعْدَ مَا يُخْتَنُ، هَلْ يُخْتَنُ مَرَّةً اُخْرَى؟ فَإنَّهُ يَجِبُ أنْ تُقْطَعَ قُلْفَتُهُ (مَرَّةً اُخْرَى)(19) فَإنَّ الأرْضَ تَضِجُّ إِلَى اللهِ عزّ وجل مِنْ بَوْل الأغْلَفِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْمُصَلّي، وَالنَّارُ وَالصُّورَةُ وَالسَّرَاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ هَلْ تَجُوزُ صَلاَتُهُ؟ فَإنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ قَبْلَكَ، فَإنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أوْلاَدِ عَبَدَةِ الأوْثَان وَالنّيرَان، يُصَلّي وَالصُّورَةُ وَالسَّرَاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ مِنْ أوْلاَدِ عَبَدَةِ الأوْثَان وَالنّيرَان.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الضّيَاع الَّتِي لِنَاحِيَتِنَا هَلْ يَجُوزُ الْقِيَامُ بِعِمَارَتِهَا وَأدَاءِ الْخَرَاج مِنْهَا، وَصَرْفِ مَا يَفْضُلُ مِنْ دَخْلِهَا إِلَى النَّاحِيَةِ، احْتِسَاباً لِلأجْر، وَتَقَرُّباً إِلَيْكُمْ، فَلاَ يَحِلُّ لأحَدٍ أنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَال غَيْرهِ بِغَيْر إِذْنِهِ، فَكَيْفَ يَحِلُّ ذَلِكَ فِي مَالِنَا؟ مَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ بِغَيْر أمْرنَا فَقَدِ اسْتَحَلَّ مِنَّا مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أكَلَ مِنْ أمْوَالِنَا شَيْئاً فَإنَّمَا يَأكُلُ فِي بَطْنِهِ نَاراً وَسَيَصْلَى سَعِيراً.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الرَّجُل الَّذِي يَجْعَلُ لِنَاحِيَتِنَا ضَيْعَةً، وَيُسَلّمُهَا مِنْ قَيَّم يَقُومُ بِهَا وَيَعْمُرُهَا، وَيُؤَدَّي مِنْ دَخْلِهَا خَرَاجَهَا وَمَئُونَتَهَا، وَيَجْعَلُ مَا يَبْقَى مِنَ الدَّخْل لِنَاحِيَتِنَا، فَإنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَنْ جَعَلَهُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ قَيَّماً عَلَيْهَا إِنَّمَا لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرهِ.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنَ الثّمَار مِنْ أمْوَالِنَا يَمُرُّ بِهِ الْمَارُّ، فَيَتَنَاوَلُ مِنْهُ وَيَأكُلُ هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؟ فَإنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أكْلُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ)(20).
كمال الدين: محمّد بن أحمد الشيباني وعليّ بن أحمد بن محمّد الدقّاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن أحمد بن هشام، وعلي بن عبد الله الورّاق جميعاً، عن محمّد بن جعفر الأسدي، مثله(21).
12 _ كمال الدين: أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيُّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: وَرَدَ عَلَيَّ تَوْقِيعٌ مِنَ الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سُؤَالٌ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجْمَعِينَ عَلَى مَن اسْتَحَلَّ مِنْ أمْوَالِنَ(22) دِرْهَماً).
قَالَ أبُو الْحُسَيْن الأسَدِيُّ رضي الله عنه: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أنَّ ذَلِكَ فِيمَن اسْتَحَلَّ مِنْ مَال النَّاحِيَةِ دِرْهَماً دُونَ مَنْ أكَلَ مِنْهُ غَيْرَ مُسْتَحِلّ لَهُ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيع مَن اسْتَحَلَّ مُحَرَّماً فَأيُّ فَضْلٍ فِي ذَلِكَ لِلْحُجَّةِ عليه السلام عَلَى غَيْرهِ؟ قَالَ: فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقَّ بَشيراً لَقَدْ نَظَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التَّوْقِيع فَوَجَدْتُهُ قَدِ انْقَلَبَ إِلَى مَا كَانَ فِي نَفْسِي.
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجْمَعِينَ عَلَى مَنْ أكَلَ مِنْ مَالِنَا دِرْهَماً حَرَاماً).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ رحمه الله: أخْرَجَ إِلَيْنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيُّ هَذَا التَّوْقِيعَ حَتَّى نَظَرْنَا فِيهِ وَقَرَأنَاهُ(23).
الاحتجاج: عن أبي الحسين الأسدي، مثله(24).
13 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْعَيَّاشيَّ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاقِ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم الْكُوفِيَّ، قَالَ: خَرَجَ فِي تَوْقِيعَاتِ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَمَّانِي فِي مَحْفِلٍ مِنَ النَّاس)(25).
14 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَلِيًّ مُحَمَّدَ بْنَ هَمَّام يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ بِخَطّهِ أعْرفُهُ: (مَنْ سَمَّانِي فِي مَجْمَع مِنَ النَّاس بِاسْمِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ).
وَكَتَبْتُ أسْألُهُ عَنْ ظُهُور الْفَرَج، فَخَرَجَ فِي التَّوْقِيع: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(26).
15 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: أنَّ أهْلَ بَيْتِي يُؤْذُونَنِي وَيَقْرَعُونَنِي بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيَّ عَنْ آبَائِكَ عليهم السلام أنَّهُمْ قَالُوا: (قُوَّامُنَا وَخُدَّامُنَا شرَارُ خَلْقِ اللهِ)، فَكَتَبَ عليه السلام:‏ (وَيْحَكُمْ أمَا قَرَأتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: ((وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً))(27) وَنَحْنُ وَاللهِ الْقُرَى الَّتِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا وَأنْتُمُ الْقُرَى الظَّاهِرَةُ).
قال عبد الله بن جعفر: وحدَّثني بهذا الحديث عليّ بن محمّد الكليني، عن محمّد ابن صالح، عن صاحب الزمان عليه السلام(28).
16 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَبْرَئِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَي الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ أنَّهُ وَرَدَ الْعِرَاقَ شَاكّاً مُرْتَاداً فَخَرَجَ إِلَيْهِ: (قُلْ لِلْمَهْزيَار(29): قَدْ فَهِمْنَا مَا حَكَيْتَهُ عَنْ مَوَالِينَا بِنَاحِيَتِكُمْ، فَقُلْ لَهُمْ: أمَا سَمِعْتُمُ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ))(30) هَلْ أمَرَ إِلاَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ؟ أوَلَمْ تَرَوْا أنَّ اللهَ عزّ وجل جَعَلَ لَهُمْ مَعَاقِلَ يَأوُونَ إِلَيْهَا وَأعْلاَماً يَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أنْ ظَهَرَ الْمَاضِي(31) صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ، وَإِذَا أفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللهُ عزّ وجل إِلَيْهِ، ظَنَنْتُمْ أنَّ اللهَ قَدْ قَطَعَ السَّبَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَلاَ مَا كَانَ ذَلِكَ، وَلاَ يَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَيَظْهَرُ أمْرُ اللهِ وَهُمْ كارهُونَ.
يَا مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ لاَ يَدْخُلُكَ الشَّكُّ فِيمَا قَدِمْتَ لَهُ فَإنَّ اللهَ لاَ يُخَلّي الأرْضَ مِنْ حُجَّةٍ، ألَيْسَ قَالَ لَكَ أبُوكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ: أحْضِر السَّاعَةَ مَنْ يُعَيَّرُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الَّتِي عِنْدِي، فَلَمَّا اُبْطِئَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَخَافَ الشَّيْخُ عَلَى نَفْسِهِ الْوَحَ(32) قَالَ لَكَ: عَيَّرْهَا عَلَى نَفْسِكَ، وَأخْرَجَ إِلَيْكَ كِيساً كَبِيراً وَعِنْدَكَ بِالْحَضْرَةِ ثَلاَثَةُ أكْيَاسٍ وَصُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ مُخْتَلِفَةُ النَّقْدِ، فَعَيَّرْتَهَا وَخَتَمَ الشَّيْخُ عَلَيْهَا بِخَاتَمِهِ، وَقَالَ لَكَ: اخْتِمْ مَعَ خَاتَمِي فَإنْ أعِشْ فَأنَا أحَقُّ بِهَا، وَإِنْ أمُتْ فَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ أوَّلاً ثُمَّ فِيَّ فَخَلّصْنِي، وَكُنْ عِنْدَ ظَنّي بِكَ؟
الهوامش:
(1) في المصدر: (عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمري).
(2) مصدر، بمعنى السوء على القلب المكاني، يقال: سأوت فلاناً: أي سؤته.
(3) كذا في الأصل المطبوع وهكذا المصدر، والظاهر: (تنتكسون)، يقال: انتكس: أي وقع على رأسه وانقلب على رأسه حتَّى جعل أسفله أعلاه، ومقدمه مؤخّره.
(4) النساء: 59.
(5) في المصدر: (تبين) بدل (تبهر).
(6) يقال: أرداه: أهلكه، كقوله: (تنادوا فقالوا: أردت الخيل نائياً).
(7) الاحتجاج 2: 535/ رقم 342.
(8) في المصدر: (بنان) بدل (زبيان).
(9) الغيبة للطوسي: 285/ رقم 245.
(10) كذا في الأصل المطبوع وهكذا المصدر، ونسخة الشيخ في الغيبة: قال في البرهان ما معناه: (شلمابج هو ماء الشلجم يطبخ ويعصر)؛ وفي نسخة كمال الدين: (سلمك)، وهو نبت.
(11) المائدة: 101.
(12) الاحتجاج 2: 542/ رقم 344.
(13) في المصدر: (أبي محمّد التلعكبري) بدل (غيرهما).
(14) الغيبة للطوسي: 362/ رقم 326.
(15) كمال الدين 2: 483/ باب 45/ ح 4.
(16) في المصدر: (أفضل من) بدل (مثل).
(17) هود: 18.
(18) القلفة وهكذا الغلفة والغرلة: الجليدة التي يقطعها الخاتن من عضو التناسل.
(19) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(20) الاحتجاج 2: 558/ رقم 351.
(21) كمال الدين 2: 520/ باب 45/ ح 49.
(22) في المصدر: (ما لنا) بدل (أموالنا).
(23) كمال الدين 2: 483/ باب 45/ ح 3.
(24) الاحتجاج 2: 560/ رقم 352.
(25) كمال الدين 2: 482/ باب 45/ ح 1.
(26) كمال الدين 2: 483/ باب 45/ ح 3.
(27) سبأ: 18.
(28) كمال الدين 2: 483/ باب 45/ ح 2.
(29) في المصدر: (للمهزياري).
(30) النساء: 59.
(31) في المصدر إضافة: (أبو محمّد).
(32) الوحا: السرعة والبدار، يعني أنَّه خاف على نفسه الموت سريعاً.
******************
أخْرجْ رَحِمَكَ اللهُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي اسْتَفْضَلْتَهَا مِنْ بَيْن النَّقْدَيْن مِنْ حِسَابِنَا وَهِيَ‏ بِضْعَةَ عَشَرَ دِينَاراً وَاسْتَردَّ مِنْ قِبَلِكَ فَإنَّ الزَّمَانَ أصْعَبُ مَا كَانَ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنعْمَ الْوَكِيلُ(1).
17 _ كمال الدين: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكِنْدِيُّ: كَتَبَ جَعْفَرُ بْنُ حَمْدَانَ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْمَسَائِلُ: اسْتَحْلَلْتُ بِجَاريَةٍ وَشَرَطْتُ عَلَيْهَا أنْ لاَ أطْلُبَ وَلَدَهَا وَلَمْ اُلْزمْهَا مَنْزلِي، فَلَمَّا أتَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ قَالَتْ لِي: قَدْ حَبِلْتُ، فَقُلْتُ لَهَا: كَيْفَ وَلاَ أعْلَمُ أنِّي طَلَبْتُ مِنْكِ الْوَلَدَ، ثُمَّ غِبْتُ وَانْصَرَفْتُ، وَقَدْ أتَتْ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ، فَلَمْ اُنْكِرْهُ وَلاَ قَطَعْتُ عَنْهَا الإجْرَاءَ وَالنَّفَقَةَ، وَلِي ضَيْعَةٌ قَدْ كُنْتُ قَبْلَ أنْ تَصِيرَ إِلَيَّ هَذِهِ الْمَرْأةُ سَبَّلْتُهَا عَلَى وَصَايَايَ، وَعَلَى سَائِر وُلْدِي، عَلَى أنَّ الأمْرَ فِي الزّيَادَةِ وَالنُّقْصَان مِنْهُ إِلَى أيَّام حَيَاتِي، وَقَدْ أتَتْ هَذِهِ بِهَذَا الْوَلَدِ، فَلَمْ اُلْحِقْهُ فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَدَّم الْمُؤَبَّدِ وَأوْصَيْتُ إِنْ حَدَثَ بِيَ الْمَوْتُ أنْ يَجْريَ عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيراً، فَإذَا كَبُرَ اُعْطِيَ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ جُمْلَةً مِائَتَيْ دِينَارٍ غَيْرَ مُؤَبَّدٍ، وَلاَ يَكُونَ لَهُ وَلاَ لِعَقِبِهِ بَعْدَ إِعْطَائِهِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ شَيْءٌ، فَرَأيَكَ أعَزَّكَ اللهُ فِي إِرْشَادِي فِيمَا عَمِلْتُهُ، وَفِي هَذَا الْوَلَدِ بِمَا أمْتَثِلُهُ وَالدُّعَاءِ لِي بِالْعَافِيَةِ وَخَيْر الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
جَوَابُهَا: (أمَّا الرَّجُلُ الَّذِي اسْتَحَلَّ بِالْجَاريَةِ وَشَرَطَ عَلَيْهَا أنْ لاَ يَطْلُبَ وَلَدَهَا فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ شَريكَ لَهُ فِي قُدْرَتِهِ شَرْطٌ عَلَى الْجَاريَةِ(2) شَرْطٌ عَلَى اللهِ عزّ وجل؟
هَذَا مَا لاَ يُؤْمَنُ أنْ يَكُونَ، وَحَيْثُ عَرَضَ(3) فِي هَذَا الشَّكَّ، وَلَيْسَ يَعْرفُ الْوَقْتَ الَّذِي أتَاهَا فِيهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُوجِبٍ لِبَرَاءَةٍ فِي وَلَدِهِ، وَأمَّا إِعْطَاءُ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ وَإِخْرَاجُهُ(4) مِنَ الْوَقْفِ، فَالْمَالُ مَالُهُ فَعَلَ فِيهِ مَا أرَادَ).
قَالَ أبُو الْحُسَيْن: حُسِبَ الْحِسَابُ (قَبْلَ الْمَوْلُودِ)(5) فَجَاءَ الْوَلَدُ مُسْتَوياً، وَقَالَ: وَجَدْتُ فِي نُسْخَةِ أبِي الْحَسَن الْهَمْدَانِيَّ: أتَانِي أبْقَاكَ اللهُ كِتَابُكَ الَّذِي‏ أنْفَذْتَهُ، وَرَوَى هَذَا التَّوْقِيعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ عَن الشَّاريَّ.
بيان: (شرط على الجارية) مبتدأ و(شرط على الله) خبر، أو هما فعلان، والأوّل استفهام إنكاري، وقوله: (قال أبو الحسين...) إلى آخره كأنَّه إشاره إلى توقيعات أخر إجمال(6).(7)
18 _ كمال الدين: أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أحْمَدَ الْمُكَتّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ هَمَّام بِهَذَا الدُّعَاءِ، وَذَكَرَ أنَّ الشَّيْخَ(8) قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أمْلاَهُ عَلَيْهِ، وَأمَرَهُ أنْ يَدْعُوَ بِهِ، وَهُوَ الدُّعَاءُ فِي غَيْبَةِ الْقَائِم عليه السلام:
(اللهُمَّ عَرفْنِي نَفْسَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أعْرفْ رَسُولَكَ(9)، اللهُمَّ عَرفْنِي رَسُولَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أعْرفْ حُجَّتَكَ، اللهُمَّ عَرفْنِي حُجَّتَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِيني.
اللهُمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَلاَ تُزغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، اللهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي بِوَلاَيَةِ مَنْ فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلَيَّ مِنْ وُلاَةِ أمْركَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى وَالَيْتُ وُلاَةَ أمْركَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَى وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، اللهُمَّ فَثَبَّتْنِي عَلَى دِينكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ، وَلَيَّنْ قَلْبِي لِوَلِيَّ أمْركَ، وَعَافِني مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبَّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَلِيَّ أمْركَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فَبِإذْنِكَ غَابَ عَنْ بَريَّتِكَ، وَأمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَأنْتَ الْعَالِمُ غَيْرُ مُعَلَّم بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلاَحُ أمْر وَلِيَّكَ فِي الإذْن لَهُ، بِإظْهَار أمْرهِ وَكَشْفِ سِرهِ، وَصَبَّرْني(10) عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لاَ اُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أخَّرْتَ، وَلاَ تَأخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، وَلاَ أكْشفَ عَمَّا سَتَرْتَهُ وَلاَ أبْحَثَ عَمَّا كَتَمْتَهُ، وَلاَ اُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيركَ، وَلاَ أقُولَ: لِمَ وَكَيْفَ؟ وَمَا بَالُ وَلِيَّ أمْر اللهِ(11) لاَ يَظْهَرُ؟ وَقَدِ امْتَلأتِ الأرْضُ مِنَ الْجَوْر، وَاُفَوَّضُ اُمُوري كُلَّهَا إِلَيْكَ.
اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ أنْ تُريَني وَلِيَّ أمْركَ ظَاهِراً نَافِذاً لأمْركَ مَعَ عِلْمِي بِأنَ‏ لَكَ السُّلْطَانَ، وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ، وَالْحُجَّةَ وَالْمَشيَّةَ، وَالإرَادَةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ فَافْعَلْ ذَلِكَ بِي وَبجَمِيع الْمُؤْمِنينَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَلِيَّكَ ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ، وَاضِحَ الدَّلاَلَةِ هَادِياً مِنَ الضَّلاَلَةِ، شَافِياً مِنَ الْجَهَالَةِ، أبْرزْ يَا رَبَّ مَشَاهِدَهُ، وَثَبَّتْ قَوَاعِدَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُنُا بِرُؤْيَتِهِ، وَأقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ، وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ.
اللهُمَّ أعِذْهُ مِنْ شَر جَمِيع مَا خَلَقْتَ وَبَرَأتَ وَذَرَأتَ وَأنْشَأتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينهِ وَعَنْ شمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ، بِحِفْظِكَ الَّذِي لاَ يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ.
اللهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمُرهِ، وَزِدْ فِي أجَلِهِ، وَأعِنْهُ عَلَى مَا أوْلَيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ، وَزِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ، فَإنَّهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ(12)، الْقَائِمُ الْمُهْتَدِي(13)، الطَّاهِرُ، التَّقِيُّ، النَّقِيُّ، الزَّكِيُّ، الرَّضِيُّ، الْمَرْضِيُّ، الصَّابِرُ، الْمُجْتَهِدُ، الشَّكُورُ.
اللهُمَّ وَلاَ تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ لِطُول الأمَدِ فِي غَيْبَتِهِ، وَانْقِطَاع خَبَرهِ عَنَّا، وَلاَ تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَانْتِظَارَهُ وَالإيمَانَ بِهِ، وَقُوَّةَ الْيَقِين فِي ظُهُورهِ، وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالصَّلاَةَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يُقَنّطَنَا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ ظُهُورهِ وَقِيَامِهِ، وَيَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيَقِينِنَا فِي قِيَام رَسُول اللهِ(14) صلى الله عليه وآله وسلم، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَتَنْزيلِكَ، قَوَّ قُلُوبَنَا عَلَى الإيمَان بِهِ حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدِهِ مِنْهَاجَ الْهُدَى، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطَى، وَقَوَّنَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَثَبَّتْنَا عَلَى مُشَايَعَتِهِ(15)، وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَأعْوَانِهِ وَأنْصَارهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَلاَ تَسْلُبْنَا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا، وَلاَ عِنْدَ وَفَاتِنَا، حَتَّى تَتَوَفَّانَا، وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ شَاكّينَ وَلاَ نَاكِثِينَ وَلاَ مُرْتَابِينَ وَلاَ مُكَذّبِينَ.
اللهُمَّ عَجَّلْ فَرَجَهُ، وَأيَّدْهُ بِالنَّصْر، وَانْصُرْ نَاصِريهِ، وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَدَمْدِمْ(16) عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ، وَأظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ، وَأمِتْ بِهِ الْجَوْرَ(17)، وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنينَ مِنَ الذُّل، وَانْعَشْ بِهِ الْبِلاَدَ، وَاقْتُلْ بِهِ الْجَبَابِرَةَ الْكَفَرَةَ، وَاقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ الضَّلاَلَةِ، وَذَلّلْ بِهِ الْجَبَّارينَ وَالْكَافِرينَ، وَأبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ، وَجَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُلْحِدِينَ، فِي مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربهَا، وَبَحْرهَا وَبَرهَا، وَسَهْلِهَا وَجَبَلِهَا، حَتَّى لاَ تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلاَ تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً، وَتُطَهَّرَ مِنْهُمْ بِلاَدَكَ.
وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ، وَجَدَّدْ بِهِ مَا امْتَحَى مِنْ دِينكَ، وَأصْلِحْ بِهِ مَا بُدَّلَ مِنْ حُكْمِكَ، وَغُيَّرَ مِنْ سُنَّتِكَ، حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَى يَدِهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لاَ عِوَجَ فِيهِ، وَلاَ بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الْكَافِرينَ، فَإنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ دِينكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَأطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ، وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرجْس، وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَس.
اللهُمَّ فَصَل عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، وَعَلَى شيعَتِهِمُ الْمُنْتَجَبِينَ، وَبَلّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ أفْضَلَ مَا يَأمُلُونَ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ كُل شَكًّ وَشُبْهَةٍ وَريَاءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّى لاَ نُريدَ بِهِ غَيْرَكَ وَلاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلاَّ وَجْهَكَ.
اللهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيَّنَا، وَغَيْبَةَ وَلِيَّنَا، وَشدَّةَ الزَّمَان عَلَيْنَا، وَوُقُوعَ الْفِتَن (بِنَا)(18)، وَتَظَاهُرَ الأعْدَاءِ(19)، وَكَثْرَةَ عَدُوَّنَا، وَقِلَّةَ عَدَدِنَا.
اللهُمَّ فَافْرُجْ ذَلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجَّلُهُ، وَبصَبْرٍ مِنْكَ تُيَسَّرُهُ(20)، وَإِمَام عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ أنْ تَأذَنَ لِوَلِيَّكَ فِي إِظْهَار عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ وَقَتْل أعْدَائِكَ فِي بِلاَدِكَ حَتَّى لاَ تَدَعَ لِلْجَوْر(21) دِعَامَةً إِلاَّ قَصَمْتَهَا وَلاَ بَنيَّةً(22) إِلاَّ أفْنَيْتَهَا، وَلاَ قُوَّةً إِلاَّ أوْهَنْتَهَا، وَلاَ رُكْناً إِلاَّ هَدَدْتَهُ، وَلاَ حَدّاً إِلاَّ فَلَلْتَهُ، وَلاَ سِلاَحاً إِلاَّ كَلَلْتَهُ، وَلاَ رَايَةً إِلاَّ نَكَّسْتَهَا، وَلاَ شُجَاعاً إِلاَّ قَتَلْتَهُ، وَلاَ حَيّاً إِلاَّ خَذَلْتَهُ(23).
ارْمِهِمْ يَا رَبَّ بِحَجَركَ الدَّامِغ، وَاضْربْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِع، وَببَأسِكَ الَّذِي لاَ يُرَدُّ عَن الْقَوْم الْمُجْرمِينَ، وَعَذّبْ أعْدَاءَكَ وَأعْدَاءَ دِينكَ وَأعْدَاءَ رَسُولِكَ، بِيَدِ وَلِيَّكَ وَأيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنينَ.
اللهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أرْضِكَ هَوْلَ عَدُوَّهِ، وَكِدْ مَنْ كَادَهُ، وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ، وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ أرَادَ بِهِ سُوءاً، وَاقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ، وَأرْعِبْ بِهِ قُلُوبَهُمْ، وَزَلْزلْ لَهُ أقْدَامَهُمْ، وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبَغْتَةً.
شَدَّدْ عَلَيْهِمْ عِقَابَكَ، وَأخْزهِمْ فِي عِبَادِكَ، وَالْعَنْهُمْ فِي بِلاَدِكَ، وَأسْكِنْهُمْ أسْفَلَ نَاركَ، وَأحِطْ بِهِمْ أشَدَّ عَذَابِكَ، وَأصْلِهِمْ نَاراً، وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً، وَأصْلِهِمْ حَرَّ نَاركَ، فَإنَّهُمْ أضاعُوا الصَّلاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، وَأذِلُّوا عِبَادَكَ.
اللهُمَّ وَأحْي بِوَلِيَّكَ الْقُرْآنَ، وَأرنَا نُورَهُ سَرْمَداً لاَ ظُلْمَةَ فِيهِ، وَأحْي بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيَّتَةَ، وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ، وَاجْمَعْ بِهِ الأهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقَّ، وَأقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ، وَالأحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ، حَتَّى لاَ يَبْقَى حَقٌّ إِلاَّ ظَهَرَ، وَلاَ عَدْلٌ إِلاَّ زَهَرَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّ مِنْ أعْوَانِهِ، وَمِمَّنْ يُقَوَّي سُلْطَانَهُ، وَالْمُؤْتَمِرينَ لأمْرهِ، وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَالْمُسَلّمِينَ لأحْكَامِهِ، وَمِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ.
أنْتَ يَا رَبَّ الَّذِي تَكْشفُ السُّوءَ، وَتُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ، وَتُنَجَّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم، فَاكْشفِ الضُّرَّ عَنْ وَلِيَّكَ، وَاجْعَلْهُ خَلِيفَتَكَ(24) فِي أرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ.
اللهُمَّ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ خُصَمَاءِ آل مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ أعْدَاءِ آل مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أهْل الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آل مُحَمَّدٍ، فَإنّي أعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ، فَأعِذْنِي وَأسْتَجِيرُ بِكَ فَأجِرْني.
اللهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ‏)(25).
19 _ كمال الدين: تَوْقِيعٌ مِنْهُ عليه السلام كَانَ خَرَجَ إِلَى الْعَمْريَّ وَابْنِهِ رضي الله عنهما رَوَاهُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ الشَّيْخُ أبُو جَعْفَرٍ رضي الله عنه: وَجَدْتُهُ مُثْبَتاً بِخَطّ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه:
(وَفَّقَكُمَا اللهُ لِطَاعَتِهِ، وَثَبَّتَكُمَا عَلَى دِينهِ، وَأسْعَدَكُمَا بِمَرْضَاتِهِ، انْتَهَى إِلَيْنَا مَا ذَكَرْتُمَا أنَّ الْمِيثَمِيَّ أخْبَرَكُمَا عَن الْمُخْتَار، وَمُنَاظَرَتِهِ مَنْ لَقِيَ، وَاحْتِجَاجِهِ بِأنْ لاَ خَلَفَ غَيْرُ جَعْفَر بْن عَلِيًّ، وَتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُ، وَفَهِمْتُ جَمِيعَ مَا كَتَبْتُمَا بِهِ مِمَّا قَالَ أصْحَابُكُمَا عَنْهُ، وَأنَا أعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْعَمَى بَعْدَ الْجِلاَءِ، وَمِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ الْهُدَى، وَمِنْ مُوبقَاتِ الأعْمَال، وَمُرْدِيَاتِ الْفِتَن، فَإنَّهُ عزّ وجل يَقُولُ: ((الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))(26).
كَيْفَ يَتَسَاقَطُونَ فِي الْفِتْنَةِ، وَيَتَرَدَّدُونَ فِي الْحَيْرَةِ، وَيَأخُذُونَ يَمِيناً وَشمَالاً فَارَقُوا دِينَهُمْ أم ارْتَابُوا، أمْ عَانَدُوا الْحَقَّ، أمْ جَهِلُوا مَا جَاءَتْ بِهِ الروَايَاتُ الصَّادِقَةُ وَالأخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، أوْ عَلِمُوا ذَلِكَ فَتَنَاسَوْا، أمَا تَعْلَمُونَ(27) أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً، وَإِمَّا مَغْمُوراً، أوَلَمْ يَعْلَمُوا انْتِظَامَ أئِمَّتِهِمْ بَعْدَ نَبِيَّهِمْ صلى الله عليه وآله وسلم وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى أنْ أفْضَى الأمْرُ بِأمْر اللهِ عزّ وجل إِلَى الْمَاضِي _ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ _، فَقَامَ مَقَامَ آبَائِهِ عليهم السلام يَهْدِي إِلَى الْحَقَّ وَإِلَى طَريقٍ مُسْتَقِيم.
كَانَ نُوراً سَاطِع(28) وَقَمَراً زَهْراً، اخْتَارَ اللهُ عزّ وجل لَهُ مَا عِنْدَهُ، فَمَضَى عَلَى مِنْهَاج آبَائِهِ عليهم السلام حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، عَلَى عَهْدٍ عَهِدَهُ، وَوَصِيَّةٍ أوْصَى بِهَا إِلَى وَصِيًّ سَتَرَهُ اللهُ عزّ وجل بِأمْرهِ إِلَى غَايَةٍ، وَأخْفَى مَكَانَهُ بِمَشيَّتِهِ، لِلْقَضَاءِ السَّابِقِ وَالْقَدَر النَّافِذِ، وَفِينَا مَوْضِعُهُ، وَلَنَا فَضْلُهُ، وَلَوْ قَدْ أذِنَ اللهُ عزّ وجل فِيمَا قَدْ مَنَعَهُ(29) وَأزَالَ عَنْهُ مَا قَدْ جَرَى بِهِ مِنْ حُكْمِهِ، لأرَاهُمُ الْحَقَّ ظَاهِراً بِأحْسَن حِلْيَةٍ، وَأبْيَن دَلاَلَةٍ، وَأوْضَح عَلاَمَةٍ، وَلأبَانَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَامَ بِحُجَّتِهِ، وَلَكِنَّ أقْدَارَ اللهِ عزّ وجل لاَ تُغَالَبُ، وَإِرَادَتَهُ لاَ تُرَدُّ، وَتَوْفِيقَهُ لاَ يُسْبَقُ.
فَلْيَدَعُوا عَنْهُمُ اتّبَاعَ الْهَوَى، وَلْيُقِيمُوا عَلَى أصْلِهِمُ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ، وَلاَ يَبْحَثُوا عَمَّا سُتِرَ عَنْهُمْ فَيَأثَمُوا، وَلاَ يَكْشفُوا سَتْرَ اللهِ عزّ وجل فَيَنْدَمُوا، وَلْيَعْلَمُوا أنَّ الْحَقَّ مَعَنَا وَفِينَا، لاَ يَقُولُ ذَلِكَ سِوَانَا إِلاَّ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ يَدَّعِيهِ غَيْرُنَا إِلاَّ ضَالٌّ غَويٌّ، فَلْيَقْتَصِرُوا مِنَّا عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ دُونَ التَّفْسِير، وَيَقْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ بِالتَّعْريض دُونَ التَّصْريح، إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى)(30).
20 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّر الْمِصْريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الدَّاوُدِيَّ(31)، عَنْ‏ أبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي الْقَاسِم (الْحُسَيْن)(32) بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فَسَألَهُ رَجُلٌ مَا مَعْنَى قَوْل الْعَبَّاس لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ عَمَّكَ أبَا طَالِبٍ قَدْ أسْلَمَ بِحِسَابِ الْجُمَّل وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلاَثَةً وَسِتّينَ(33)، قَالَ: (عَنَى بِذَلِكَ (إِلَهٌ أحَدٌ جَوَادٌ) وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أنَّ الألِفَ وَاحِدٌ، وَاللاَمَ ثَلاَثُونَ، وَالْهَاءَ خَمْسَةٌ، وَالألِفَ وَاحِدٌ، وَالْحَاءَ ثَمَانِيَةٌ، وَالدَّالَ أرْبَعَةٌ، وَالْجِيمَ ثَلاَثَةٌ، وَالْوَاوَ سِتَّةٌ، وَالألْفَ وَاحِدٌ، وَالدَّالَ أرْبَعَةٌ، فَذَلِكَ ثَلاَثَةٌ وَسِتُّونَ)(34).
الهوامش:
(1) كمال الدين 2: 486/ باب 45/ ح 5.
(2) في المصدر: (شرطه)، وفي نسخة منه: (شرط)، وسيجيء في بيان المؤلّف بعد هذا، لكن الظاهر سقوط الضمير وكون الأصل: (شرطه على الجارية شرط على الله) بعنوان الإخبار والإعلام.
(3) في المصدر: (عرف) بدل (عرض).
(4) في المصدر إضافة: (إيّاه وعقبه).
(5) من المصدر.
(6) بل هو من تتمة أمر ذلك الرجل الذي استحلَّ بالجارية، ومعناه أنَّه حسب ذلك الرجل حسابه التقديري، قبل المولود، فجاء الولد مستوياً لتقديره، فعرف أنَّ الولد ولده.
(7) كمال الدين 2: 500/ باب 45/ ح 25.
(8) في المصدر إضافة: (العمري).
(9) في المصدر: (نبيّك) وكذا في ما بعد.
(10) في المصدر: (وكشف ستره، فصبّرني).
(11) في المصدر: (الأمر) بدل (أمر الله).
(12) في المصدر: (المهتدي) بدل (المهدي).
(13) في المصدر: (المهدي) بدل (المهتدي).
(14) في المصدر: (رسولك).
(15) في المصدر: (متابعته) بدل (مشايعته).
(16) في المصدر: (دمر) بدل (دمدم).
(17) في المصدر: (الباطل) بدل (الجور).
(18) هكذا في المصدر بين معقوفتين.
(19) في المصدر إضافة: (علينا).
(20) في المصدر: (نصر منك تعزّه) بدل (بصبر منك تيسّره)، وفي بعض النسخ كما في المتن.
(21) في المصدر إضافة: (يا ربّ).
(22) في المصدر: (ولا بقية إلاَّ أفنيتها)، وهو أنسب.
(23) في المصدر: (ولا جيشاً إلاَّ خذلته).
(24) في المصدر: (خليفة) بدل (خليفتك).
(25) كمال الدين 2: 512/ باب 45/ ح 43.
(26) العنكبوت: 2.
(27) في المصدر: (يعلمون).
(28) في المصدر إضافة: (وشهاباً لامعاً).
(29) في المصدر إضافة: (عنه).
(30) كمال الدين 2: 510/ باب 45/ ح 42.
(31) كذا في المصدر، وهكذا معاني الأخبار؛ وقد أخرجه المصنّف رحمه الله في الباب الثالث من تاريخ أمير المؤمنين تحت الرقم (19) عن كمال الدين ومعاني الأخبار معاً، تراه في (ج 35/ ص 78) من المطبوعة، وفي الأصل المطبوع: (محمّد بن أحمد الروزاني)، فتحرَّر.
(32) من المصدر.
(33) قال المصنّف رحمه الله في حلّ الخبر: لعلَّ المعنى أنَّ أبا طالب أظهر إسلامه للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو لغيره بحسب العقود، بأن أظهر الألف أوَّلاً بما يدلُّ على الواحد، ثُمَّ اللام بما يدلُّ على الثلاثين وهكذا، وذلك لأنَّه كان يتَّقي من قريش كما عرفت. ثُمَّ قال: وقد قيل في حلّ أصل الخبر وجوه أخر: منها أنَّه أشار بإصبعه المسبحة: (لا إله إلاَّ الله، محمّد رسول الله) فإنَّ عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على الوسطى يدلُّ على الثلاث والستّين على اصطلاح أهل العقود، وكان المراد بحساب الجُمل هذا، والدليل على ما ذكرته ما ورد في رواية شعبة، عن قتادة، عن الحسن في خبر طويل ننقل منه موضع الحاجة، وهو أنَّه لمَّا حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبكى وقال: يا محمّد إنّي أخرج من الدنيا وما لي غمّ إلاَّ غمّك... إلى أن قال: (يا عمّ! إنَّك تخاف عليَّ أذى أعادي، ولا تخاف على نفسك عذاب ربّي؟)، فضحك أبو طالب وقال: يا محمّد دعوتني وكنت قدماً أميناً، وعقد بيده على ثلاث وستّين: عقد الخنصر والبنصر، وعقد الإبهام على إصبعه الوسطى، وأشار بإصبعه المسسبحة: يقول: (لا إله إلاَّ الله، محمّد رسول الله)... إلى آخر ما نقله في (ج35/ ص 79) من المطبوعة، فراجع.
أقول: أمَّا حساب العقود فهو على ما نقله صديقنا الفاضل الغفاري في ذيل الحديث (معاني الأخبار: 286) أنَّ صورة الثلاثة والستّين على القاعدة الممهَّدة التي وضعها العلماء المتقدَّمون: أن يثني الخنصر والبنصر والوسطى وهي الثلاثة جارياً على منهج المتعارف من الناس في عدَّ الواحد إلى الثلاثة، لكن بوضع الأنامل في هذه العقود قريبة من أصولها وأن يوضع لستّين بإبهام اليمنى على باطن العقدة الثانية من السبابة كما يفعله الرماة.
ومخلص هذه القاعدة التي ذكرها القدماء هو أنَّ الخنصر والبنصر والوسطى لعقد الآحاد فقط، والمسبحة والإبهام للأعشار فقط، فالواحد أن تضمّ الخنصر مع نشر الباقي، والاثنين أن تضمّه مع البنصر، والثلاث أن تضمّها مع الوسطى، والأربعة نشر الخنصر وترك البنصر والوسطى مضمومتين، والخمسة نشر البنصر مع الخنصر وترك الوسطى مضمومة، والستة نشر جميع الأصابع وضمّ البنصر، والسبعة أن يجعل الخنصر فوق البنصر منشورة مع نشر الباقي أيضاً، والثمانية ضمّ الخنصر والبنصر فوقها، والتسعة ضمّ الوسطى إليهما، وهذه تسع صور جمعتها أصابع الخنصر والبنصر والوسطى بالنسبة إلى عدَّ الآحاد. وأمَّا الأعشار: فالمسبحة والإبهام، فالعشرة أن يجعل ظفر المسبحة في مفصل الإبهام من جنبها، والعشرون وضع رأس الإبهام بين المسبحة والوسطى، والثلاثون ضمّ رأس المسبحة مع رأس الإبهام، والأربعون أن تضع الإبهام معكوفة الرأس إلى ظاهر الكفّ والخمسون أن تضع الإبهام على باطن الكفّ معكوفة الأنملة ملصقة بالكفّ، والستون أن تنشر الإبهام وتضمّ إلى جانب الكفّ أصل المسبحة، والسبعون عكف باطن المسبحة على باطن رأس الإبهام، والثمانون ضمّ الإبهام وعكف باطن المسبحة على ظاهر أنملة الإبهام المضمومة، والتسعون ضمّ المسبحة إلى أصل الإبهام ووضع الإبهام عليها، وإذا أردت آحاداً وأعشاراً عقدت من الآحاد ما شئت مع ما شئت من الأعشار المذكورة.
وأمَّا المئات فهي عقد أصابع الآحاد من اليد اليسرى فالمائة كالواحد والمائتان كالاثنين وهكذا إلى التسعمائة.
وأمَّا الألوف وهي عقد أصابع عشرات منها، فالألف كالعشر والألفان كالعشرين إلى التسعة آلاف.
وكيف كان، المعول في إيمان أبي طالب على ذبَّه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طيلة حياته وأشعاره المستفيضة المصرَّحة بأنَّه كان مؤمناً في قلبه ولكنَّه لم يظهره لئلاَّ يسقط عن أنظار قريش، فيفوته الذبّ عنه ولذلك قال:
لو لا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
وأمَّا إيمانه بحساب الجُمل وإن كان ورد من طرقنا أيضاً، لكن الأصل في ذلك ما رواه شعبة، عن قتادة، عن الحسن كما عرفت، والحسين بن روح النوبختي إنَّما فسَّر الحديث المرسل، لا غير.
على أنَّه لو كان يتّقي الملامة أو السبّة أو المعرّة كما في رواية أخرى كان ذلك حين يتطاول على قريش بالذبَّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم وأمَّا عند الممات، فلا وجه للتقية أبداً، فلم يسلم بحساب الجُمل ولم يظهر إسلامه صريحاً، ولو صحَّ الحديث مع غرابته لم يفد في المقام شيئاً فإنَّه ليس بأصرح من قوله:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتب
(34) كمال الدين 2: 519/ باب 45/ ح 48.
******************
21 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيًّ، عَن الأسَدِيَّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أنَّهُ جَاءَهُ بَعْضُ أصْحَابِنَا يُعْلِمُهُ أنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَلِيًّ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَاباً يُعَرفُهُ فِيهِ نَفْسَهُ وَيُعْلِمُهُ أنَّهُ الْقَيَّمُ بَعْدَ أبِيهِ(1)، وَأنَّ عِنْدَهُ مِنْ عِلْم الْحَلاَل وَالْحَرَام مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُوم كُلّهَا.
قَالَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا قَرَأتُ الْكِتَابَ كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام وَصَيَّرْتُ كِتَابَ جَعْفَرٍ فِي دَرْجِهِ، فَخَرَجَ الْجَوَابُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أتَانِي كِتَابُكَ أبْقَاكَ اللهُ، وَالْكِتَابُ الَّذِي أنْفَذْتَهُ دَرْجَهُ، وَأحَاطَتْ مَعْرفَتِي بِجَمِيع مَا تَضَمَّنَهُ عَلَى اخْتِلاَفِ ألْفَاظِهِ، وَتَكَرُّر الْخَطَاءِ فِيهِ، وَلَوْ تَدَبَّرْتَهُ لَوَقَفْتَ عَلَى بَعْض مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ حَمْداً لاَ شَريكَ لَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْنَا وَفَضْلِهِ عَلَيْنَا، أبَى اللهُ عزّ وجل لِلْحَقَّ إِلاَّ إِتْمَاماً وَلِلْبَاطِل إِلاَّ زُهُوقاً، وَهُوَ شَاهِدٌ عَلَيَّ بِمَا أذْكُرُهُ، وَلِيٌّ عَلَيْكُمْ بِمَا أقُولُهُ، إِذَا اجْتَمَعْنَا لِيَوْم لا رَيْبَ فِيهِ، وَيَسْألُنَا عَمَّا نَحْنُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، إِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ عَلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، وَلاَ عَلَيْكَ وَلاَ عَلَى أحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِمَامَةً مُفْتَرَضَةً، وَلاَ طَاعَةً وَلاَ ذِمَّةً، وَسَاُبَيَّنُ لَكُمْ ذِمَّةً(2) تَكْتَفُونَ بِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ‏.
يَا هَذَا يَرْحَمُكَ اللهُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ عَبَثاً وَلاَ أهْمَلَهُمْ سُدًى، بَلْ خَلَقَهُمْ بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَ لَهُمْ أسْمَاعاً وَأبْصَاراً وَقُلُوباً وَألْبَاباً، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمُ النَّبِيَّينَ عليهم السلام مُبَشرينَ وَمُنْذِرينَ يَأمُرُونَهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَيُعَرفُونَهُمْ مَا جَهِلُوهُ مِنْ أمْر خَالِقِهِمْ وَدِينِهِمْ، وَأنْزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلاَئِكَةً يَأتِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ بَعَثَهُمْ إِلَيْهِمْ بِالْفَضْل الَّذِي جَعَلَهُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَمَا آتَاهُمْ مِنَ الدَّلاَئِل الظَّاهِرَةِ وَالْبَرَاهِين الْبَاهِرَةِ، وَالآيَاتِ الْغَالِبَةِ.
فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ النَّارَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاَماً وَاتَّخَذَهُ خَلِيلاً، وَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ تَكْلِيماً وَجَعَلَ عَصَاهُ ثُعْبَاناً مُبِيناً، وَمِنْهُمْ مَنْ أحْيَا الْمَوْتَى بِإذْن اللهِ وَأبْرَأ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإذْن اللهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّمَهُ مَنْطِقَ الطَّيْر وَاُوتِيَ مِنْ كُلّ شَيْءٍ، ثُمَّ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَتَمَّمَ بِهِ نِعْمَتَهُ، وَخَتَمَ بِهِ أنْبِيَاءَهُ، وَأرْسَلَهُ إِلَى النَّاس كَافَّةً، وَأظْهَرَ مِنْ صِدْقِهِ مَا أظْهَرَ (وَبَيَّنَ)(3) مِنْ آيَاتِهِ وَعَلاَمَاتِهِ مَا بَيَّنَ.
ثُمَّ قَبَضَهُ صلى الله عليه وآله وسلم حَمِيداً فَقِيداً سَعِيداً، وَجَعَلَ الأمْرَ بَعْدَهُ إِلَى أخِيهِ وَابْن عَمِّهِ وَوَصِيَّهِ وَوَارثِهِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام، ثُمَّ إِلَى الأوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهِ وَاحِداً وَاحِداً، أحْيَا بِهِمْ دِينَهُ، وَأتَمَّ بِهِمْ نُورَهُ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِمْ وَبَني عَمَّهِمْ وَالأدْنَيْنَ فَالأدْنَيْنَ مِنْ ذَوِي أرْحَامِهِمْ فُرْقَان(4) بَيَّناً يُعْرَفُ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الْمَحْجُوج، وَالإمَامُ مِنَ‏ الْمَأمُوم، بِأنْ عَصَمَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأهُمْ مِنَ الْعُيُوبِ، وَطَهَّرَهُمْ مِنَ الدَّنَس، وَنَزَّهَهُمْ مِنَ اللَّبْس، وَجَعَلَهُمْ خُزَّانَ عِلْمِهِ، وَمُسْتَوْدَعَ حِكْمَتِهِ، وَمَوْضِعَ سِرهِ، وَأيَّدَهُمْ بِالدَّلاَئِل، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَكَانَ النَّاسُ عَلَى سَوَاءٍ، وَلاَدَّعَى أمْرَ اللهِ عزّ وجل كُلُّ أحَدٍ وَلَمَا عُرفَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِل، وَلاَ الْعَالِمُ مِنَ الْجَاهِل.
وَقَدِ ادَّعَى هَذَا الْمُبْطِلُ الْمُفْتَري عَلَى اللهِ الْكَذِبَ بِمَا ادَّعَاهُ، فَلاَ أدْري بِأيَّةِ حَالَةٍ هِيَ لَهُ رَجَاءَ أنْ يُتِمَّ دَعْوَاهُ، أبِفِقْهٍ فِي دِين اللهِ؟ فَوَ اللهِ مَا يَعْرفُ حَلاَلاً مِنْ حَرَام وَلاَ يَفْرُقُ بَيْنَ خَطَاءٍ وَصَوَابٍ، أمْ بِعِلْم؟ فَمَا يَعْلَمُ حَقّاً مِنْ بَاطِلٍ، وَلاَ مُحْكَماً مِنْ مُتَشَابِهٍ، وَلاَ يَعْرفُ حَدَّ الصَّلاَةِ وَوَقْتَهَا، أمْ بِوَرَع؟ فَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى تَرْكِهِ الصَّلاَةَ الْفَرْضَ أرْبَعِينَ يَوْماً يَزْعُمُ ذَلِكَ لِطَلَبِ الشَّعْوَذَةِ، وَلَعَلَّ خَبَرَهُ قَدْ تَأدَّى إِلَيْكُمْ، وَهَاتِيكَ ظُرُوفُ مُسْكِرهِ مَنْصُوبَةٌ، وَآثَارُ عِصْيَانِهِ للهِ عزّ وجل مَشْهُورَةٌ قَائِمَةٌ، أمْ بِآيَةٍ؟ فَلْيَأتِ بِهَا، أمْ بِحُجَّةٍ؟ فَلْيُقِمْهَا، أمْ بِدَلاَلَةٍ؟ فَلْيَذْكُرْهَا.
قَالَ اللهُ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ: ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * حم * تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالأَْرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ * قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الأَْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ * وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ))(5).
فَالْتَمِسْ تَوَلَّي اللهُ تَوْفِيقَكَ مِنْ هَذَا الظَّالِم، مَا ذَكَرْتُ لَكَ، وَامْتَحِنْهُ وَسَلْهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ يُفَسَّرْهَا أوْ صَلاَةِ فَريضَةٍ يُبَيَّنْ حُدُودَهَا، وَمَا يَجِبُ فِيهَا، لِتَعْلَمَ حَالَهُ وَمِقْدَارَهُ، وَيَظْهَرَ لَكَ عُوَارُهُ وَنُقْصَانُهُ، وَاللهُ حَسِيبُهُ.
حَفِظَ اللهُ الْحَقَّ عَلَى أهْلِهِ، وَأقَرَّهُ فِي مُسْتَقَرهِ، وَقَدْ أبَى اللهُ عزّ وجل أنْ تَكُونَ (الإمَامَةُ)(6) فِي أخَوَيْن بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام وَإِذَا أذِنَ اللهُ لَنَا فِي الْقَوْل ظَهَرَ الْحَقُّ، وَاضْمَحَلَّ الْبَاطِلُ، وَانْحَسَرَ عَنْكُمْ، وَإِلَى اللهِ أرْغَبُ فِي الْكِفَايَةِ، وَجَمِيل الصُّنْع وَالْوَلاَيَةِ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنعْمَ الْوَكِيلُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ)(7).
بيان: (الشعوذة) خِفة في اليد وأخذ كالسحر يري الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين ذكره الفيروزآبادي(8)، و(العوار) بالفتح وقد يضمّ: العيب.
22 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الصَّدُوقِ، عَنْ عَمَّار بْن الْحُسَيْن بْن إِسْحَاقَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن أبِي صَالِح الْخُجَنْدِيَّ وَكَانَ قَدْ ألَحَّ فِي الْفَحْص وَالطَّلَبِ وَسَارَ فِي الْبِلاَدِ. وَكَتَبَ عَلَى يَدِ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ إِلَى الصَّاحِبِ عليه السلام يَشْكُو تَعَلُّقَ قَلْبِهِ، وَاشْتِغَالِهِ بِالْفَحْص وَالطَّلَبِ، وَيَسْألُ الْجَوَابَ بِمَا تَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَيُكْشَفُ لَهُ عَمَّا يَعْمَلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيَّ تَوْقِيعٌ نُسْخَتُهُ:
(مَنْ بَحَثَ فَقَدْ طَلَبَ، وَمَنْ طَلَبَ فَقَدْ دُلَّ، وَمَنْ دُلَّ(9) فَقَدْ أشَاطَ، وَمَنْ أشَاطَ فَقَدْ أشْرَكَ(10)).
قَالَ: فَكَفَفْتُ عَن الطَّلَبِ، وَسَكَنَتْ نَفْسِي، وَعُدْتُ إِلَى وَطَنِي مَسْرُوراً وَالْحَمْدُ للهِ(11).
23 _ الخرائج والجرائح: رُوِيَ عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي رَوْح، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى بَغْدَادَ فِي مَالٍ لأبِي الْحَسَن الْخَضِر بْن مُحَمَّدٍ لاوصِلَهُ وَأمَرَني أنْ أدْفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ فَأمَرَني أنْ (لا)(12) أدْفَعَهُ إِلَى غَيْرهِ، وَأمَرَني أنْ أسْألَ(13) الدُّعَاءَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأسْألَهُ عَن الْوَبَر يَحِلُّ لُبْسُهُ؟
فَدَخَلْتُ بَغْدَادَ، وَصِرْتُ إِلَى الْعَمْريَّ، فَأبَى أنْ يَأخُذَ الْمَالَ وَقَالَ: صِرْ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ وَادْفَعْ إِلَيْهِ فَإنَّهُ أمَرَهُ بِأنْ يَأخُذَهُ، وَقَدْ خَرَجَ الَّذِي طَلَبْتُ فَجِئْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ فَأوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ، فَأخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً فِيهَا:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، سَألْتَ الدُّعَاءَ عَن الْعِلَّةِ الَّتِي تَجِدُهَا، وَهَبَ اللهُ لَكَ الْعَافِيَةَ، وَدَفَعَ عَنْكَ الآفَاتِ، وَصَرَفَ عَنْكَ بَعْضَ مَا تَجِدُهُ مِنَ الْحَرَارَةِ، وَعَافَاكَ وَصَحَّ جِسْمُكَ، وَسَألْتَ مَا يَحِلُّ أنْ يُصَلَّى فِيهِ مِنَ الْوَبَر وَالسَّمُّور وَالسَّنْجَابِ وَالْفَنَكِ وَالدَّلَقِ وَالْحَوَاصِل، فَأمَّا السَّمُّورُ وَالثَّعَالِبُ فَحَرَامٌ عَلَيْكَ وَعَلَى غَيْركَ الصَّلاَةُ فِيهِ وَيَحِلُّ لَكَ جُلُودُ الْمَأكُول مِنَ اللَّحْم إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ(14) غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَا تُصَلّي(15) فِيهِ، فَالْحَوَاصِلُ جَائِزٌ لَكَ أنْ تُصَلّيَ فِيهِ، الْفِرَاءُ مَتَاعُ الْغَنَم مَا لَمْ يُذْبَحْ بأرمنية (إِرْمِينيَةَ) يَذْبَحُهُ النَّصَارَى عَلَى الصَّلِيبِ، فَجَائِزٌ لَكَ أنْ تَلْبَسَهُ إِذَا ذَبَحَهُ أخٌ لَكَ (أوْ مُخَالِفٌ تَثِقُ بِهِ))(16).
* * *
إلى هنا انتهى ما أردت إيراده في كتاب الغيبة وأرجو من فضله تعالى أن يجعلني من أنصار حجَّته، والقائم بدينه، ومن أعوانه والشهداء تحت لوائه، وأن يقرَّ عيني وعيون والدي وإخواني وأصحابي وعشايري وجميع المؤمنين برؤيته، وأن يكحل عيوننا بغبار مواكب أصحابه، فإنَّه المرجو لكلّ خير وفضل.
ألتمس ممَّن ينظر في كتابي أن يترحَّم عليَّ ويدعو بالمغفرة لي في حياتي وبعد موتي، والحمد لله أوَّلاً وآخراً وصلّى الله على محمّد وأهل بيته الطاهرين وكتب بيمناته الجانية، مؤلّفه أحقر عباد الله الغني محمّد باقر بن محمّد تقي، عفي عنهما بالنبيّ وآله الأكرمين، في شهر رجب الأصب من شهور سنة ثمان وسبعين بعد الألف من الهجرة النبويّة(17).
* * *
مصادر التحقيق
الإحتجاج: الطبرسي/ مطبعة النعمان/ النجف الأشرف/ 1368هـ .
الاختصاص: الشيخ المفيد/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ قم.
اختيار معرفة الرجال: الشيخ الطوسي/ 1404هـ/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الإرشاد: الشيخ المفيد/ ت مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ مط دار المفيد.
اُسد الغابة: ابن الأثير/ منشورات إسماعيليان/ طهران.
إعلام الورى: الطبرسي/ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث/ ط 1/ 1417هـ/ قم.
إقبال الأعمال: ابن طاووس/ ط 1/ 1414هـ/ مطبع ونشر مكتب الإعلام الإسلامي.
الأمالي: الشريف المرتضى/ ت النعساني الحلبي/ ط 1/ 1325هـ .
الأمالي: الشيخ الصدوق/ ت قسم الدراسات/ قم/ ط 1/ 1417هـ/ مؤسسة البعثة.
الأمالي: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1414هـ/ دار الثقافة/ قم.
الأمالي: الشيخ المفيد/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ قم.
الإمامة والتبصرة: ابن بابويه القمي/ ط 1/ 1409هـ/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الأنساب: السمعاني/ دار الجنان/ بيروت/ 1408 هـ .
الإيقاظ من الهجعة: الحر العاملي/ ت مشتاق المظفر/ ط 1/ مط نكارش.
بصائر الدرجات: محمّد بن الحسن الصفار/ ط 1404هـ/ مط أحمدي/ طهران.
بغية الوعاة: السيوطي/ دار الفكر/ 1399هـ/ بيروت.
البيان في أخبار صاحب الزمان: ابن عبد الله محمّد الكنجي.
تفسير البيضاوي: البيضاوي/ دار الفكر/ بيروت.
تفسير العياشي: العياشي/ المكتبة العلمية الإسلاميّة/ طهران/ 1380هـ .
تفسير القمي: عليّ بن إبراهيم القمي/ ط 3/ 1404هـ/ مؤسسة دار الكتاب/ قم.
التفسير الكبير: الفخر الرازي/ ط 3.
تفسير فرات: فرات بن إبراهيم الكوفي/ ط 1/ 1410هـ/ ت محمّد الكاظم.
تهذيب الأحكام: الشيخ الطوسي/ ط 3/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران.
تهذيب التهذيب: ابن حجر/ دار الفكر/ 1404هـ/ بيروت.
التوحيد: الشيخ الصدوق/ 1387هـ/ جماعة المدرسين/ قم.
ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق/ مط أمير/ ط 2/ 1368هـ/ منشورات الرضي/ قم.
جامع الأخبار: السبزواري/ تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
جامع الأصول: ابن الأثير/ ط الثانية عام 1400/ دار إحياء التراث العربي.
خاتمة المستدرك: الميرزا النوري/ ط1/ 1416هـ/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
خاتمة مستدرك الوسائل: النوري/ ط 1/ 1415هـ/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الخرائج والجرائح: قطب الدين الراوندي/ مؤسسة الإمام الهادي عليه السلام/ قم.
الخصال: الصدوق/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ 1403هـ .
خلاصة الأقوال: العلاّمة الحلّي/ ط 1/ 1417هـ/ مؤسسة نشر الفقاهة.
الدر المنثور: السيوطي/ ط 1/ 1365هـ/ مط الفتح جدة/ دار المعرفة.
الدروس: الشهيد الأوّل/ مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم.
الدعوات: قطب الدين الراوندي/ مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام/ قم.
دلائل الإمامة: الطبري/ ت قسم الدراسات الإسلاميّة/ ط 1/ 1413 هـ .
رجال الطوسي: الشيخ الطوسي/ ت جواد القيومي/ ط 1/ 1415هـ .
رجال النجاشي: النجاشي/ ط 5/ 1416هـ/ جماعة المدرسين/ قم.
رسائل المرتضى: الشريف المرتضى/ 1405هـ/ دار القرآن الكريم/ قم.
روضة الكافي: الكليني/ دار الكتب الإسلامية/ طهران (الطبعة الثالثة)/ 1388هـ .
رياض العلماء: الميرزا عبد الله الأفندي/ ت أحمد الحسيني/ المرعشي/ قم.
ريحانة الأدب: محمّد عليّ المدرس التبريزي/ ط طهران.
سعد السعود: ابن طاووس/ 1363هـ/ منشورات الرضي/ قم.
سنن أبي داود: السجستاني/ مط دار الفكر بيروت/ ط 1/ 1410هـ .
السيرة النبوية: ابن هشام/ مكتبة محمّد علي صبيح/ ميدان الأزهر بمصر.
شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد/ مط المرعشي/ دار إحياء الكتب العربية.
الصحاح: إسماعيل بن حماد الجوهري/ دار العلم للملايين/ بيروت/ 1407هـ .
صحيح البخاري: البخاري/ دار الفكر/ ط1/ 1411هـ .
صحيح مسلم: مسلم ابن الحجاج النيسابوري/ دار الفكر/ بيروت.
صحيفة الرضا عليه السلام: جواد القيومي/ ط1/ 1373ش/ مؤسسة النشر الإسلامي.
صفات الشيعة: الشيخ الصدوق/ الناشر عابدي/ طهران.
الطرائف: السيد عليّ ابن طاووس الحسيني/ ط 1/ الخيام/ 1371هـ .
العدد القوية: علي بن يوسف الحلي/ مكتبة المرعشي/ قم/ 1408 هـ .
علل الشرائع: الشيخ الصدوق/ مط الحيدرية/ النجف/ ط 1386هـ .
العمدة: ابن البطريق/ ت ونشر جماعة المدرسين/ قم/ ط 1/ 1407هـ .
عوالي اللئالي: ابن أبي جمهور الأحسائي/ الطبعة الأولى/ 1403هـ/ قم.
عيون أخبار الرضا عليه السلام: الصدوق/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1404 هـ .
الغيبة: الطوسي/ مؤسسة المعارف الإسلاميّة/ ط1/ 1411هـ .
الغيبة: محمّد بن إبراهيم النعماني/ منشورات أنوار الهدى/ قم/ الطبعة الأولى.
الفائق في غريب الحديث: الزمخشري/ 1417هـ/ دار الكتب العلمية/ بيروت.
فرج المهموم: السيّد ابن طاووس/ منشورات الشريف الرضي.
الفصول المهمة: ابن الصباغ المالكي/ ط النجف الأشرف/ ط 1/ 1950م.
الفضائل: شاذان بن جبرئيل القمي/ 1381هـ/ مط الحيدرية/ النجف الأشرف.
الفهرست: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1417هـ/ مؤسسة نشر الفقاهة.
قاموس الرجال: محمّد تقي التستري/ ط 1/ 1419هـ/ مؤسسة النشر الإسلامي.
قرب الإسناد: عبد الله بن جعفر الحميري/ نشر مؤسسة آل البيت/ ط 1/ 1413هـ .
الكافي: الشيخ الكليني/ ت عليّ أكبر غفاري/ ط 3/ 1388هـ/ مط حيدري.
كامل الزيارات: ابن قولويه/ ط 1/ 1417هـ/ مط مؤسسة النشر الإسلامي.
الكامل في التاريخ: ابن الأثير/ دار صادر/ 1386هـ/ بيروت.
كتاب الفتن: ابن حماد المروزي/ ت سهيل زكار/ ط 1414هـ/ مط دار الفكر.
الكشاف عن حقائق التنزيل: الزمخشري الخوارزمي/ 1318هـ/ مصر.
كشف الغمّة: الأربلي/ مط دار الأضواء بيروت/ ط 2/ 1405هـ/ دار الأضواء.
كفاية الأثر: علي بن محمد الخزاز القمي/ انتشارات بيدار/ قم/ 1401هـ .
كفاية الطالب: الكنجي الشافعي/ ط 3/ 1404هـ/ دار إحياء تراث أهل البيت.
كمال الدين: الشيخ الصدوق/ 1405هـ/ جماعة المدرسين.
كنز الفوائد: أبو الفتح الكراجكي/ ط 2/ 1369ش/ مكتبة المصطفوي/ قم.
لسان الميزان: ابن حجر العسقلاني/ ط 2/ 1390هـ/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت.
مجمع البيان: الفضل بن الحسن الطبرسي/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1415هـ .
المحاسن: البرقي/ ت جلال الدين الحسيني/ دار الكتب الإسلاميّة.
مختصر بصائر الدرجات: الحسن بن سليمان الحلي/ ط 1/ 1370هـ/ مط الحيدرية/ النجف.
المزار الكبير: محمّد بن المشهدي/ ط1/ 1419هـ/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.
المزار: الشهيد الأوّل/ ط 1/ 1410هـ/ مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام/ قم.
مشارق أنوار اليقين: الحافظ رجب البرسي/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1999م.
مشكاة المصابيح: الخطيب التبريزي/ ط دمشق.
مصباح الزائر: السيّد بن طاووس/ المخطوطة.
مصباح المتهجد: الشيخ الطوسي/ مؤسسة فقه الشيعة/ بيروت/ 1411 هـ .
المصباح: الكفعمي/ مؤسسة فقه الشيعة/ بيروت/ 1411 هـ .
معاني الأخبار: الشيخ الصدوق/ ت الغفاري/ 1361هـ/ انتشارات إسلامي.
المغني: عبد الله بن قدامة/ دار الكتاب العربي/ بيروت.
مقتضب الأثر: أحمد بن عياش الجوهري/ مكتبة الطباطبائي/ قم.
الملل والنحل: الشهرستاني/ ت محمّد سيّد كيلاني/ دار المعرفة/ بيروت.
من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق/ ط 2/ 1404هـ/ جماعة المدرسين.
منتخب الأنوار المضيئة: السيد النيلي/ ت مؤسسة الإمام الهادي/ ط 1/ قم.
مهج الدعوات: السيّد علي بن موسى بن طاووس/ ط حجرية.
المهذب البارع: ابن فهد/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم/ 1407 هـ .
نقد الرجال: التفرشي/ ط1/ 1418هـ/ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث/ قم.
نهج البلاغة: خطب الإمام عليّ عليه السلام/ ت محمّد عبده/ دار المعرفة/ بيروت.
وسائل الشيعة (الإسلاميّة): الحر العاملي/ ط 5/ 1403هـ/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
وفيات الأعيان: ابن خلكان/ ت محمّد محي الدين/ ط 1/ 1367هـ/ مصر.
* * *
الهوامش:
(1) في المصدر: (أخيه) بدل (أبيه).
(2) في المصدر: (حملة) بدل (ذمّة).
(3) من المصدر.
(4) في ثلاث نسخ من المصدر: (فرقاً) بدل (فرقاناً).
(5) الأحقاف: 1 - 6.
(6) من المصدر.
(7) الغيبة للطوسي: 287/ رقم 246.
(8) القاموس المحيط 1: 368.
(9) في المصدر: (ذلّ) وكذا في ما بعد.
(10) أشاط دمه ووبدمه: أذهبه، أو عمل في هلاكه، أو عرضه للقتل.
(11) الغيبة للطوسي: 323/ رقم 271.
(12) من المصدر.
(13) في المصدر: (أسأله).
(14) في المصدر: (لك) بدل (فيه).
(15) في المصدر: (بدّ فصلّي) بدل (ما تصلّي).
(16) الخرائج والجرائح 2: 702/ فصل (أعلام الإمام المهدي)/ رقم 18، وما بين المعقوفتين من المصدر.
(17) هذا آخر ما جاء في الجزء الثالث والخمسين من المطبوعة.
/ 1