بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
غيبة المنتظر في منتخب الاثر / القسم الرابع بحث مختصر من كتاب منتخب الاثر في الامام الثاني عشر لاية الله العظمي الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني دام ظله الوارف اِعداد: عبد السّلام الترابي السدهي تفهرست الموضوعات 1الإهداء 2کلمة المعد 3مقدمة المؤلف دام ظله الشريف 4بحث للمصنف (دام ظله) في معني الغيب وانه الامام المهدي عليه السلام 5(بحث تفسيري) 6الفصل الاول: في اثبات ولادته (عليه السلام): 7س1: حول تصريحات علماء الشيعة بولادته (عليه السلام)؟ 8س2: في روايات الشيعة حول ولادته (عليه السلام)؟ 9س3: هل ان ولادته (عليه السلام) کانت بالخفاء والخطر؟ 10س4: في ذکر شيء عن امه (سلام الله عليها)؟ 11رأي المصنف حول نهاية ام الامام (سلام الله عليها) 12س5: فيمن رآه زمن ابيه (عليه السلام)؟ 13س6: هل شهدت علماء العامة بولادته (عليه السلام)؟ 14ذکر المصنف لجماعة من العامة شهدوا بولادته (عليه السلام) 15الفصل الثاني: في ان له (عليه السلام) غيبة واثبات ذلک: 16س1: في ان فيه من سنن الانبياء (عليهم السلام) ومنها الغيبة؟ 17س2: الغيبة؛ (ان له (عليه السلام) غيبتان)؟ 18س3: في بيان صحة الروايات الواردة حول الغيبة؟ 19کلام المصنف حول صحة الاحاديث الواردة في ذلک 20س4: روايات بخصوص الغيبة الکبري؟ 21س5: روايات حول الغيبة الکبري، علي شکل نقاط؟ 22س6: اسباب وعلة غيبته (عليه السلام)؟ 23س7: روايات تبين الحکمة من غيبته (عليه السلام)؟ 24س8: روايات الحکمة في غيبته (عليه السلام) علي شکل نقاط؟ 25الفصل الثالث: فيما يلازم الغيبة من طول العمر وانه شاب المنظر وغير ذلک: 26س1: هل يمکن ان يبقى (عليه السلام) حيا هذه المدة؟ 27کم يعيش الانسان؟ بقلم طبيب انجليزي 28س2: الروايات الدالة علي انه (عليه السلام) طويل العمر؟ 29س3: انه (عليه السلام) يبقى شاب المظهر ولا يهرم؟ 30س4: انه (عليه السلام) لا يبايع احدا وليس في عنقه بيعة لاحد؟ 31س5: الفوائد المترتبة علي غيبته (عليه السلام)؟ 32ذکر قول المجلسي؛ في وجه تشبيه الامام؛ بالشمس وراء السحاب 33الفصل الرابع: حول غيبته الصغري (عليه السلام) وفيمن رآه فيها وبعض من معجزاته وسفراءه: 34س1: روايات في الحکمة من غيبته الصغري (عليه السلام)؟ 35س2: فيمن فاز برؤيته (عليه السلام) في الغيبة الصغري؟ 36س3: حول معجزاته زمن ابيه (عليه السلام)؟ 37س4: في معجزاته (عليه السلام) في الغيبة الصغري؟ 38س5: کلام المنصف؛ حول نوابه الاربعة ونبذة عنهم؟ 39س6: الروايات الواردة في سفارة النواب الاربعة؟ 40س7: في بعض معجزات وحالات سفراءه؟ 41الفصل الخامس: حول غيبته الکبري (عليه السلام) وفيمن رآه وبعض من معجزاته: 42س1: حول فرية الغيبة في السرداب؟ 43س2: ما هي الغيبة الکبري ومتي بدأت؟ 44س3: هل للامام الحجة (عليه السلام) سفراء ووکلاء فيها؟ 45س4: فيمن رآه (عليه السلام) في الغيبة الکبري؟ 46س5: في بعض معجزاته (عليه السلام) فيها؟ 47س6: ما هي معجزاته الکبري (عليه السلام)؟ ****************** الإهداء الي صاحب العصر والزمان؛ مولاي والسلام عليك يا سيدي؛ ومناي حالي حال الباكي عليك؛ بكاء الواله الثكلي ذات الكبد الحري قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغيير في عارضيه وابلي الدموع محجريه وهو يقول: سيدي غيبتك نفت رقادي وضيقت عليّ مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي سيدي؛ غيبتك اوصلت مصابي بفجائع الابد وفقد الواحد بعد الواحد, يفني الجمع والعدد وكلما احسست بدمعة ترقي, او انين يبري من دوارج الرزايا وسوالف البلايا الا مثل بعيني؛ عن غوابر اعظمها وافضعها وبواقي اشدّها وانكرها ونوائب مخلوطة بغضبك, ونوازل معجونة بسخطك الي متي يدوم ذلك, مع هرج ومرج والي متي يكون الفرج؟! يا بقية السلف والسلام عليك وعلي آبائك الطاهرين بسمه تعالي مقدمة المعد والصلاة والسلام علي اشرف خلقه اجمعين محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم علي اعدائهم من الآن الي قيام يوم الدين. لقد كانت فكرة الامام المهدي (عليه السلام) وظهوره في آخر الزمان مما تسالم عليه المسلمون بجميع طوائفهم وتواترت البشارات به، سواء ما ورد في القران الكريم او السنة النبوية الشريفة؛ ونحن عزيزي القارئ في هذا المختصر حول غيبته (عليه السلام) نذكرماورد في كتب الفريقين علي نحو الاختصار ومن اراد التوسع فعليه بمراجعة الكتاب الذي اعتمدنا عليه وهو كتاب (منتخب الاثر في الامام الثاني عشر), لمؤلفه؛ العلامة الفذ الورع، احد زعماء الطائفة الشيعية نزيل قم المقدسة, آية الله العظمي؛ الشيخ صافي الگلپايگاني, استاذنا المفدي دام ظله الوارف علي رؤوس المسلمين. ولا غرابة فان هذا الکتاب فريد من نوعه؛ لما يحتويه من مطالب مهمة حول الامام المهدي (عليه السلام),حيث جمع مؤلفه,دام ظله؛ الآثار الروائية وضمنها المطالب العلمية والرجالية, فخرج کتابا فريدا حاويا لعلم الروآية والدرآية. ولاهميته؛ حاولت ان اجمع بعضا من فصوله المهمة علي شکل کتيبات في مواضيع معينة. ولقد تقدم منا اختصار بعض من اجزاءه الثلاثة, علي شكل كتيبات صغيرة ليسهل تداولها, وها نحن نوفق لاخراج الكتاب الرابع من هذه المختصرات وسميناه: (غيبة المنتظر في منتخب الاثر), وحاولنا جمع كل ما يتعلق بغيبة الامام المهدي, روحي فداه, من الكتاب الموسوم, وجعلته علي شكل فصول, وكل فصل فيه عدة اسئلة مع الاجابة عليها, حتي تكون مطالب الكتاب سهلة وواضحة, كما هو دأبنا في ذلك. ولمّا اردنا ان تكون الاجزاء مستقلة؛ لذا حاولنا ان نذكر في هذا المختصر فصل حول ولادته (عليه السلام), ثم الكلام في غيبته, ليكون البحث متكاملا, ولا يشعر القارئ بفراغ في موضوع الكتاب. کما لايخفى علي القارئ اللبيب؛ انه قد حصل تکرار لبعض الروايات لوجود جهات فيها استدعت ذلك,کما لا يخفى ايضاً؛ انا حذفنا اسناد الروايات روما للاختصار. هذا وختاما ارجو من الله المولي العظيم؛ ان ينفع به اخواني المؤمنين، انه علي كل شيء قادر وحكيم. المعد: عبد السلام الترابي السدهي (الکاظمي) مقدمة المؤلف دام ظله (1) بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين, والصلاة والسلام علي اشرف خلقه اجمعين؛ ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين, واللعن الدائم علي اعدائهم اجمعين من الآن الي قيام يوم الدين: لا يخفى عليك -عزيزي القارئ: ان ظهور المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان, موضوع كثر في شأنه تصنيف الكتب، وتحرير الرسائل والمقالات الجامعة من عصر الإمام ابي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) إلي العصر الحاضر, فقلما يوجد من علماء الإمامية من لم يكن له كتاب خاص أومقالة وكلمة خاصة في هذا الموضوع، وفي مراجعة بعضهما غني وكفاية لطلاب الحقيقة، هذا مضافا إلي ما صنفه في ذلك بعض العلماء من أهل السنة؛ كالحافظ أبي نعيم الأصبهاني صاحب كتاب: (صفة المهدي) و(مناقب المهدي)، والكنجي الشافعي صاحب: (البيان في أخبار صاحب الزمان)، وملا علي المتقي صاحب: (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان)، وعباد بن يعقوب الرواجني صاحب كتاب: (أخبار المهدي)، والسيوطي صاحب: (العرف الوردي في أخبار المهدي)، وابن حجر صاحب: (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر)، والشيخ جمال الدين يوسف بن يحيى الدمشقي صاحب: (عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر)، وغير هم، وأفرد في ترجمته ايضاً علي ما في السيرة الحلبية بعضهم كتابا حافلا سماه: (الفواصم عن الفتن القواصم). فإذن لا وجه للاسغراب والاستبعاد في هذه الاحاديث المتواترة التي بعض رواتها مكي، وبعضهم مدني، وبعضهم كوفي، وبعضهم بصري، وبعضهم بغدادي، وبعضهم رازي، وبعضهم قمي، وبعضهم شيعي، وبعضهم سني، وبعضهم أشعري، وبعضهم معتزلي، وبعضهم كان في العصر الاول، وبعضهم في غيره من الاعصار؛ لامتناع اجتماع هؤلاء مع بعد مساكنهم ومواطنهم، واختلاف اعصارهم وآرائهم ومذاهبهم في (مجلس واحد) واتفاقهم علي نقل هذه الاحاديث كذبا، مع أن احتمال الكذب في كثير منها بالخصوص ايضاً في غآية الضعف والفساد؛ لكون رواته من المعروفين بالوثاقة، ومن أعاظم العلماء ورجالات الدين والزهد والعبادة، فلو تركنا الأخذ بها لما بقي مجال للاستناد إلي الاخبار المأثورة عن النبي وعترته (عليهم السلام), في جميع أبواب الفقه وغير ه، ولزم أن نرفع اليد عن التمسك بالأخبار المعتبرة في امورنا الدنيوية والدينية مع استقرار بناء العقلاء من المسلمين وغير هم عليه وهذا الاستبعاد هو عمدة ما اعتمد عليه المخالفون، واعترضوا به علي الشيعة من غير التفات الي مايؤول إليه أمره مما لم يلتزم به أحد من المسلمين وغيرهم. وقد صرح بتواتر هذه الأخبار واشتهار ظهوره (عليه السلام) بين المسلمين واتفاق العلماء عليه؛ جماعة من أعلام أهل السنة، كما قد اخرج هذه الاحاديث؛ جماعة من أكابر أئمتهم في الحديث: كأحمد, وأبي داود، وابن ماجة، والترمذي، والبخاري، ومسلم، والنسائي، والبيهقي، والماوردي، والطبراني، والسمعاني، والروياني، والعبدري، والحافظ عبد العزيز العكبري في تفسير ه، وابن قتيبة في (غريب الحديث)، وابن السري، وابن عساكر، والدار قطني في (مسند سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء)، والكسائي في (المبتدأ)، والبغوي، وابن الأثير، وابن الديبع الشيباني، والحاكم في (المستدرك) وابن عبد البر في (الاستيعاب)، والحافظ ابن مطيق، والفرعاني، والنميري، والمناوي، وابن شيرويه الديلمي، وسبط ابن الجوزي، والشارح المعتزلي، وابن الصباغ المالكي، والحموي، وابن المغازلي الشافعي، وموفق بن أحمد الخوارزمي، ومحب الدين الطبري، والشبلنجي، والصبان، والشيخ منصور علي ناصف، وغيرهم. وهنا فوائد جليلة عظيمة؛ تظهر من جمع هذه الأخبار علي هذا الترتيب والتفصيل، لا بأس بالتنبيه علي بعضها: منها: ان اعتقاد الشيعي في عصر الغيبة بوجود المهدي (عليه السلام) وظهوره في آخر الزمان؛ ليس مانعا من اجتماع كلمة المسلمين، ورفض الاختلافات المضرة بمجدهم وشوكتهم، فان هذه عقيدة محضة خالصة نشات عن هذه البشائر، وليست مخالفة لما بني عليه الاسلام أو لما دل عليه صريح أوظاهر الكتاب أو السنة القطعية، بل عقيدة انبعثت عن الاعتقاد بصدق النبي الكريم (صلي الله عليه وآله وسلم) صاحب هذه البشائر، فيجب أن يتعامل السني في هذه المسالة معاملته مع غيرها من المسائل التي اختلفت فيها انظار علمائهم، ويتحري الحقيقة فيها كما يتحري في غيرها. ومنها: ترك التكرار، فإني بعد ما تصفحت ما وقع بيدي من الكتب المصنفة في هذا الموضوع قديماً وحديثا لم أجده خاليا عن التكرار؛ لأن كثيرا من الاحاديث لم يتكفل ببيان مطلب خاص حتي يستغني بنقله في باب واحد دون ذكره في سائر الأبواب بل اشتمل علي جهات وفوائد توجب ذكره في عدة من الأبواب، وهذا هو السبب لوقوع التكرار في كتب حديث الفريقين تارة، وتقطيع الأخبار تارة اخري، فاحترزت عنها بالإشارة إلي الاحاديث المذكورة في سائر الأبواب مع ذكر مواضعها وعددها في خاتمة كل باب. ومنها: معرفة تواتر عناوين كثير من الأبواب. هذا؛ ونسأل الله تعالي: أن يوفقنا لما يوجب رضوانه، ويعيذنا عن التعصب والاعتساف، ويهدينا إلي سبيل الحق والإنصاف، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وذخيرة ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.(2) بحث للمصنف (دام ظله) في معني الغيب وانه الامام المهدي عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم وصلّي الله علي محمد وعلي آله الطيبين الطاهرين؛ روي في (كمال الدين) للشيخ الصدوق عليه الرحمة: عن داود بن كثير الرقي، عن ابي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ (الذين يؤمنون بالغيب): يعني من (آمن) اقرّ بقيام القائم انه الحق. وقال صاحب (التبيان): ويدخل فيه، في الغيب: ما رواه اصحابنا من زمان الغيبة ووقت خروج المهدي (عليه السلام) ومثله؛ قال الطبرسي في (مجمع البيان). قال النيشابوري في (غرائب القران) في تفسير قوله تعالي (الذين يؤمنون بالغيب)؛ وقال بعض الشيعة: المراد بالغيب المهدي المنتظر الذي وعد الله به في القرآن وورد في الخبر؛ (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض)؛ لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتي يخرج رجل من امتي يواطئ اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. وذكر الفخر الرازي في التفسير ايضاً؛ ان بعض الشيعة قال: المراد بالغيب المهدي المنتظر الذي وعد الله تعالي به في القران والخبر ثم ذكر الآية والخبر، ثم قال: واعلم ان تخصيص المطلق من غير دليل باطل. اقول: يظهر من كلامهما موافقتهما مع الشيعة في شمول اطلاق الغيب للمهدي المنتظر (عليه السلام)؛ اذ لامجال للمناقشة في مثل ذلك بين اهل العلم، ويظهر من عدم انكارهما علي الشيعة؛ في ان الله وعد بالمهدي المنتظر في القرآن ايضاً موافقتهما مع الشيعة وما جاء من طرقهم في تفسير الآية. ولما انجر الكلام الي ذلك لا بأس باسراده في معني الغيب, وان الآية هل فسرت بالمهدي (عليه السلام) من باب الجري والتطبيق او الاختصاص؟ وبيان تمام المراد فنقول: (بحث تفسيري) كل ما غاب عن الشخص، ولا يدرك بواحدة من حواسه الظاهرة؛ فهوغيب بالنسبة إليه، وما غاب كذلك عن الجميع؛ فهو غيب بالنسبة إليهم، سواء كان ذلك الغيب مما تهتدي إليه العقول ويدرك بالدلائل والآثار والآيات، كوجود الله تعالي شانه، وصفاته العليا، واسمائه الكبري، او كان الاهتداء إليه؛ باخبار الانبياء والاولياء، الذين كان اخبارهم عن هذه الامور من خوارق العادات؛ كاشراط الساعة، وعذاب القبر، والصراط، والميزان، والجنة والنار، والانباء بافعال الناس في الخلوات، واقوالهم، ام لا يهتدى إليه مطلقا؛ لا بالعقول ولا بغيرها، كحقيقة ذات الله المقدسة، وسواء كان عدم ادراك ذلك الغيب بالحواس؛ لانه لم يكن من المبصرات والمسموعات وغيرها من المحسوسات، او كان من ذلك؛ ولكن كان الاطلاع عليه لم يحصل عادة الا للاوحدي من الناس، علي سبيل خرق العادات- كانباء الناس بما ياكلون ويدخرون في بيوتهم- وسواء كان هذا الغيب موجودا في حال الايمان به او وجد في الماضي وطرأ عليه الانصرام والانعدام، او كان مما يوجد في المستقبل. فكل ذلك من الغيب؛ اذا كان مما يمتنع ادراكه او لا يدرك الا بالعقول والافهام او لا يدرك بالحواس في بعض الاحوال للجميع او للبعض الا بالاعجاز وخرق العادات، فالله تعالي الازلي الابدي السرمدي غيب لانه لا يهتدى إليه الا بالعقول والافهام، واشراط الساعة، ونزول عيسى، وظهور المهدي (عليهما السلام)، وسؤال منكر ونكير، وعذاب القبر، والصراط، والميزان، والجنة والنار، وكيفية بدء الخلق، وخلق آدم والمسيح، وكيفية الجزاء والعقاب، والملائكة واصنافها، والوحي النازل علي الانبياء، واحوال الانبياء والامم الماضية، والحوادث الآتية، وكذا معجزات الانبياء المنصرمة؛ كقلب العصا ثعبانا، وناقة صالح، وفلق البحر، وابراء الاكمه والابرص، مما جاء في القران والاحاديث المعتبرة، وغير ذلك؛ مما لا طريق لمعرفته عادة الا باخبار النبي او الولي، كلها غيب؛ لانه لا طريق من العقول إليها وليس لمعرفتها طريق الا اخبار من يخبر عن الغيب بالعناية الربانية, هذا وربما يقال: بظهور الغيب في غير الامور المعلومة بالدلائل العقلية والآثار والآيات الظاهرة؛ كوجود الله تعالي، وصفاته واسمائه، وغير ما هو المعلوم علي الجميع، وما ثبت وجوده بالتواتر، مثل؛ البلاد النائية، ووجود الشخصيات المشهورة في التاريخ، ووجود الاجداد والجدات، وبناة الابنية، وما علي الارض من آثار الاقدمين، ولذلك فسّر بعضهم الغيب في هذه الآية؛ بكل ما لا تهتدي إليه العقول من: اشراط الساعة، وعذاب القبر، والحشر والنشر، والصراط والميزان والجنة والنار، قال الراغب في المفردات: الغيب مصدر غابت الشمس وغيرها، اذا استترت عن العين، يقال؛ غاب عني كذا، قال تعالي (ام كان من الغائبين)، واستعمل في كل غائب عن الحاسة؛ وعما يغيب عن علم الانسان، بمعني الغائب، قال: (وما من غائبة في السماء والارض الا في كتاب مبين)، ويقال للشيء: غيب وغائب باعتباره بالناس لا بالله تعالي، فانه لا يغيب عنه شيء، كما لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والارض، وقوله: (عالم الغيب والشهادة) اي؛ ما يغيب عنكم وما تشهدونه، والغيب في قول (يؤمنون بالغيب): مالا يقع تحت الحواس، ولا تقتضيه بدآية العقول وانما يعلم بخبر الانبياء (عليهم السلام)، وبدفعه يقع علي الانسان اسم الالحاد، ومن قال: الغيب؛ هو القران ومن قال: هو القدر؛ فاشارة منهم الي بعض ما يقتضيه لفظه، وقال بعضهم: معناه يؤمنون اذا غابوا عنكم وليسوا كالمنافقين الذي قيل فيهم (واذا خلوا الي شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزؤون). وقال شيخنا الطوسي (تفسير التبيان سورة البقرة ضمن قوله تعالي: الذين يؤمنون بالغيب)؛ وقال جماعة من الصحابة كابن مسعود وغير ه: ان الغيب ما غاب عن العباد علمه، من امر؛ الجنة والنار، والارزاق، والاعمال، وغير ذلك، وهو الاولي؛ لانه عام، ويدخل فيه؛ ما رواه اصحابنا من زمان الغيبة، ووقت خروج المهدي (عليه السلام). ويمكن ان يوجه ذلك التفسير: بان معني الغيب؛ وان كان عاما يشمل الامور المعلومة التي لا تدرك الا بالعقول، الا ان من الممكن ان تكون الالف واللام هنا للعهد، وأريد به، ماروي عن ابن مسعود وغير ه، لا الجنس، الا انه يمكن ان يستظهر من طائفة من الاحاديث التي اخرجها المفسرون في تفسير الآية كون؛ معناه عاما يشمل ما غاب عن العباد رؤيته وان لم يغب عنهم علمه والله اعلم. ثم لا يخفى عليك؛ ان بعضهم فسّر الغيب وقال: يجوز ان يكون؛ (الغيب) في موضع الحال، ولا يكون صلة ليؤمنون، اي يؤمنون غائبين عن مرأي الناس، وهذا التفسير مضافا الي انه هنا؛ خلاف الظاهر، تردّه الروّايات المعتبرة واقوال الصحابة. نعم لعله؛ هو الظاهر من مثل قوله تعالي (وخشي الرحمن بالغيب) وقوله تعالي (الذين يخشون ربهم بالغيب). ولا يخفي عليك؛ ان لهم في تفسير الآية، والفرق بين الغيب والغائب، كلمات واقوالا، غير ما اشرنا إليه، من ارادها فليرجع الي التفاسير الكبيرة. ثم انه لا ريب؛ - علي جميع التفاسير المؤيدة بالاحاديث واقوال الصحابة ومشاهير المفسرين-: ان المراد بالغيب؛ ليس كل ما غاب عن الحواس، لانه لاريب في عدم وجوب الايمان بكل ما كان كذلك، وليس في الايمان به، ومعرفته غرض ومصلحة ترجع الي كمال الانسان، واهداف النبوات، فلا يجب الايمان بالكائنات الغائبة عن الحاسة، او الوقائع الماضية والآتية، التي لا شأن لمعرفتها في الدين، فالغيب؛ كل ما كان كذلك مما يجب الاعتقاد به شرعا او عقلا او لايجوز انكاره والشك فيه بعد اخبار النبي والولي عنه، ويجب التصديق به، وان لم يكن مما وجب الاعتقاد به والفرق يظهر بالتأمل. كما لا ريب؛ في ان الايمان بعالم الغيب وعالم الباطن وغير المحسوس، في مقابل عالم الشهادة، والظاهر والمحسوس واجب، سواء كان الغيب في هذه الآية يشمله او لايشمله، فالاعتقاد بان دار التحقق والوجود لا يقصر علي عالم الشهادة، والمحسوس؛ هو اصل دعوة الانبياء ودعوتهم اقيمت علي الدعوة بالغيب المسيطر علي هذا العالم والايمان بجنوده الغيبية كجنوده المشهودة المحسوسة، وعلي ان هذا العالم آية عالم الغيب، وان عالم الشهادة متاخر عن عالم الغيب، كتاخر الاثر عن المؤثر، والمصنوع عن الصانع، والمكتوب عن الكاتب، والكلام عن المتكلم، بل الحق الثابت والذي لا ينفد ولا ينقضي ولا يفني ولا يبيد هو؛ ان عالم الغيب وعالم الشهادة بالنسبة إليه، كالظل، وهو بجميع مظاهره جولات عالم الغيب وآياته. اللهم ارزقنا الايمان بك وبكل ما غاب عنا من قدرتك وجلالك، واذقنا حلاوة الايمان حتي لا نحب تأخير ما قدمت ولا تعجيل ما اخرت. هذا وقد ظهر لك مما تلونا عليك في هذا البحث الطويل؛ ان الايمان بالمهدي الذي بشرت به الرسل وبشر به خاتمهم وسيدهم (صلي الله عليه وآله)، وثبت ذلك عند الفريقين بالتواتر القطعي، واتفق المسلمون عليه، داخل في الغيب الذي وصف الله بالايمان به المتقين، والروايات الواردة في ذلك عن اهل البيت (عليهم السلام)؛ فسّرت الآية به علي سبيل الجري والتطبيق، لاجل التنبيه علي دخول ذلك فيه، ولو لم ترد تلك الروايات ايضاً في تفسير الآية. لكنّا نقول: بدخوله، ودخول غيره في الغيب، مما ثبت من الشرع وجاء في القران المجيد او اخبر بها النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): كنزول المسيح، ودابة الارض، وانشقاق السماء، وانفطار الارض، وغير ذلك؛ كخلافة الائمة الاثني عشر، وظهور الاسلام علي جميع الاديان. والشاهد علي ان ذلك من باب التطبيق وذكر افراد المعني الكلي, مارواه؛ علي بن ابراهيم، بسنده عن ابي عبدالله (عليه السلام)، في تفسير؛ (الذين يؤمنون بالغيب) قال: يصدقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد، فمن العجب! ان الآلوسي اخذ علي الشيعة، ويقول في تفسير ه: (واختلف الناس في المراد به هنا علي اقوال شتي حتي زعمت الشيعة انه القائم وقعدوا عن اقامة الحجة علي ذلك)!. فكانه؛ لم يفهم مراد الشيعة او حرّف كلامهم، ويرى؛ ان الشيعة تقول: ان المراد بالغيب؛ هو القائم (عليه السلام) دون سائر ما اخبر به النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) من الغيوب. ثم يقول: وقعدوا عن اقامة الحجة علي ذلك! حتي يوقع قارءة في الخلط والاشتباه، وهذا دأب امثاله لما يرون صحة مختار الشيعة، فينقلونه علي غير وجهه، وهنا ايضاً؛ لما يرى ان دخول زمان الغيبة وظهور المهدي (عليه السلام)؛ الذي ثبت بالاخبار المتواترة في الغيب, لا محل لانكاره، حمل كلام الشيعة؛ علي انهم يفسرون الايمان بالغيب بخصوص الايمان بالقائم (عليه السلام)، سلمنا ذلك ونحمل الروايات الواردة عن العترة الطاهرة في حصر المراد بالغيب هنا بالمهدي (عليه السلام), (كما هو ظاهر خبر يحيى بن ابي القاسم عن الصادق (عليه السلام) وان كان في منع ظهوره ايضاً مجال): علي التعظيم لامره، لان به يختم الدين ويظهر الاسلام علي الدين كله، ويملأ الارض قسطا وعدلا، ويفتح حصون الضلالة. فآية حجة اقوي من تفسير اهل البيت، احد الثقلين الذين جعل التمسك بهما امانا من الضلالة، والعجب ممن ياخذ دينه عن النواصب واعداء اهل البيت والجبابرة والمعروفين بالفسق والكذب وانواع الجنايات والخيانات ويحتج باقوالهم ثم يقول، في شأن من ياخذ باقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) والمتمسكين باهل البيت الذين عندهم علم الكتاب: انهم قعدوا عن اقامة الحجة! فانا لله وانا إليه راجعون.(3) الفصل الاول: في اثبات ولادتة واثبات وجوده الشريف ومن رآه زمن ابيه (عليهما السلام) السؤال الاول: هل اشار علماء الشيعة الي ولادة الامام الحجة (عليه السلام) واثبتوها في كتبهم ام لا؟ الجواب لقد ذكرت كتب الشيعة الامامية الكثير؛ من الروايات المتواترة حول ولادة الامام الحجة (عليه السلام)، اعتمادا علي ماثبت عنهم روآية, من الاخبار الصحيحة من طريقهم الي الامام العسكري (عليه السلام)، وكذا اصحابه وخواصه كما سيوافيك ذلك، ونحن نشير الي بعض الموارد, في اخبارعلماء الشيعة والتصريح بولادته (عليه السلام): 1- الفضل بن شاذان الينشابوري؛ المتوفي بين سنة (255 هـ الي260 هـ)، اي كانت وفاته بعد ولادة المهدي وقبل وفاة والده ابي محمد الحسن العسكري (عليهم السلام)، وكان ثقة ومن الشيعة الفقهاء المتكلمين، وله جلالة عند الطائفة الشيعية، وهو في قدره اشهر من ان يوصف. وصنف مائة وثمانين كتابا، وعد من اصحاب الهادي اوالعسكري (عليهما السلام)، وله في الامام المهدي مضنفات ككتاب (الملاحم)، وكتاب (القائم عليه السلام) وكتاب (الامامة). وروي مايدل علي ولادة الحجة (عليه السلام) كما سياتيك لاحقا.(4) 2- الشيخ المفيد المتوفي سنة (413 هـ): قال في الارشاد: كان الامام بعد ابي محمد (عليه السلام)؛ ابنه المسمي باسم رسول الله (صلي عليه وآله وسلم)، المكني بكنيته، ولم يخلف أبوه ولدا ظاهرا ولا باطنا غيره، وخلفه غائبا مستترا علي ماقدمنا ذكره، وكان مولده (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان سنة (255 هـ)، وامه ام ولد يقال لها: نرجس، وكان سنه عند وفاة ابيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى صبيا، وجعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيا، وقد سبق النص عليه في ملة الإسلام من نبي الهدي (عليه السلام)، ثم من أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ونص عليه الأئمة واحدا بعد واحد، إلي ابيه الحسن (عليه السلام)، ونص أبوه عليه عند ثقاته وخاصّة شيّعته، وكان الخبربغيبته؛ ثابتا قبل وجوده، وبدولته؛ مستفيضا قبل غيبته، وهو صاحب السيّف من أئمة الهدي (عليهم السلام)، والقائم بالحق المنتظر لدولة الايمان، وله قبل قيامه غيبتان، إحداهما؛ أطول من الأخري، كما جاءت بذلك الأخبار، فأما القصري منهما؛ فمنذ وقت مولده إلي انقطاع السفارة بينه وبين شيعته، وعدم السفراء بالوفاة، وأما الطولي، فهي بعد الاولي، وفي اخرها يقوم بالسيّف... وقال الشيخ المفيد- رضوان الله عليه - ايضاً: (والخبر بصحة ولد الحسن؛ قد ثبت بأوكد ما يثبت به أنساب الجمهور من الناس، إذ كان النسب يثبت بقول القابلة، ومثلها من النساء اللاتي جرت عادتهن بحضور ولادة النساء تولي معونتهن عليه، وباعتراف صاحب الفراش وحده بذلك دون من سواه، وبشهادة رجلين من المسلمين علي إقرارالأب بنسب الابن منه. وقد ثبتت أخبار عن جماعة من أهل الديانة، والفضل، والورع، والزهد، والعبادة، والفقه، عن الحسن بن علي؛ أنه اعترف بولادة المهدي (عليه السلام)، والتصريح بوجوده، ونص لهم علي إمامته من بعده، وبمشاهدة بعضهم له طفلا، وبعضهم له يافعا وشابا كاملا، وإخراجهم إلي شيعته بعد ابيه الأوامر والنواهي والأجوبة عن المسائل، وتسليمهم له من الأئمة من أصحابه. وقد ذكرتُ أسماء جماعة، ممن وصفت حالهم من ثقات الحسن بن علي (عليهما السلام)، وخاصّته المعروفين بخدمته والتحقيق به، وأثبتُ مارووّه عنه في وجود ولده، ومشاهدتهم من بعده، وسماعهم النص بالإمامة عليه، وذلك موجود في مواضع من كتبي، وخاصة في كتابي المعروف أحدهما؛ (بالإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد)، والثاني؛ (الايضاًح في الإمامة والغيبة)، ووجود ذلك فيما ذكرت يغني تكلف إثباته في هذا الكتاب).(5) 3- الشيخ ابوجعفر محمد بن يعقوب الكليني؛ المتوفي سنة (329) (هـ - ق). قال: ولد (عليه السلام) للنصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين، وروي ذلك عن الكراجي في (كنز العمال) والشهيد في (الدروس). 4- الشيخ الطوسي المتوفي سنة (460 هـ). ذكر في كتابه (مصباح المتهجد): في هذه الليلة (اي ليلة 15شعبان) ولد الخلف الحجة صاحب العصر (عليه السلام)، ويستحب ان يدعي فيها بهذا الدعاء, ثم ذكر دعاء اللهم بحق ليلتنا هذه ومولودها.. الي آخره. 5- بهاء الدين محمد بن الحسين الحارثي المعروف بالشيخ البهائي. ذكر في (توضيح المقاصد): فيه- يعني في- اليوم الخامس عشر؛ ولد الامام ابو القاسم محمد المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلي آبائه الطاهرين، وذلك بسرّ من رأي,سنة (255هـ). 6- الشيخ امين الاسلام ابي علي الطبرسي؛ المتوفي سنة (548 هـ). ذكر في (اعلام الوري): ولد (عليه السلام) بسر من رأي ليلة النصف من شعبان سنة (255 هـ). كما عين الشيخ في (المصباحين) والسيد في (الاقبال) وسائر مؤلفي كتب الدعوات علي ما في البحار والشيخ المفيد في (مسارّ الشيعة)؛ ولادته (عليه السلام) النصف من شعبان. وغير ذلك من اعلام الشيعة الذين سيرد عليك من اسمائهم وكتبهم ومارووه في ولادته (عليه السلام).(6) السؤال الثاني: لقد ذکرتم شهادة علماء الشيعة حول ولادة الامام الحجة (عجل الله فرجه) فهل استندوا في ذلك الي روايات صحيحة السند وردت من طرقهم ام لا؟ الجواب نعم لقد اعتمد علماء الشيعة علي ما اشتهر عند الخاصة والعامة حول ولادته (عليه السلام)، ونحن نشير الي بعض الروايات التي اعتمد عليها هؤلاء الاجلاء من علماء الشيعة الامامية رضوان الله تعالي عليهم وبرکاته: 1- الغيبة(7): حدثنا؛ محمد بن علي بن حمزة بن الحسين بن عبيد الله بن العباس بن علي بن ابي طالب (صلوات الله عليه)، قال: سمعت أبا محمد (عليه السلام) يقول: ولد ولي الله، وحجته علي عباده، وخليفتي من بعدي، مختونا ليلة النصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين، عند طلوع الفجر، وکان أول من غسله رضوان خازن الجنة مع جمع من الملائکة المقربين بماء الکوثر والسلسبيل، ثم غسلته عمّتي حکيمة، بنت محمد بن علي الرضا (عليهما السلام)، فسئل محمد بن علي بن حمزة - رضي الله عنه- عن امه عليه السلام؟ قال: امه مليكة التي يقال لها بعض الايام: سوسن، وفي بعضها: ريحانة، وكان صيقل ونرجس ايضاً من أسمائها.(8) 2- كمال الدين(9): حدثت حكيمة بنت محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قالت: بعث اليّ أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: ياعمّه اجعلي إفطارك {هذه} الليلة عندنا، فإنها ليلة النصف من شعبان، فإن الله تبارك وتعالي سيظهر في هذه الليلة الحجة، وهو حجته في أرضه؟ قالت: فقلت له: ومن أمه؟ قال لي: نرجس، قلت له: جعلني الله فداك، ما بها أثر! فقال: هو ما اقول لك، قالت فجئت، فلما سلمت وجلست، جاءت تنزع خفي وقالت لي: يا سيدتي {وسيدة أهلي} كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي وسيدة أهلي، قالت: فأنكرت قولي! وقالت: ما هذا يا عمّه؟! قالت: يا بنية! أن الله تعالي سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة، قالت: فخجلت واستحيت، فلما أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة، أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلما أن كان في جوف الليل قمت إلي الصلاة، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثم جلستُ معقبة، ثم اضطجعتُ، ثم انتبهتُ فزعة وهي راقدة، ثم قامت فصلت ونامت. قالت حكيمة: وخرجت أتفقد الفجر، فإذا انا بالفجر الأول كذنب السرحان وهي نائمة، فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) من المجلس، فقال: لا تعجلي يا عمة! فهاك الأمر قد قرب، قالت: فجلست وقرأت ألم السجدة، ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبَهت فزعة، فوثبتُ إليها، فقلت: اسم الله عليك، ثم قلت لها: أتحسين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمة، فقلت لها: اجمعي نفسك، واجمعي قلبك، فهو ما قلت لك؟ قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحس سيدي، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به (عليه السلام) ساجدا يتلقي الأرض بمساجده، فضممته إليّ، فإذا أنا به نظيف متنظف، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام): هلمي إليّ ابني يا عمة! فجئت به إليه، فوضع يديه تحت اليتيه وظهره، ووضع قدميه علي صدره، ثم أدلي لسانه في فيه، وأمرّ يده علي عينيه وسمعه ومفاصله، ثم قال: تكلم يا بنيّ، فقال: أشهد أ ن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، ثم صلي علي أمير المؤمنين وعلي الأئمة (عليهم السلام)، إلي أن وقف علي ابيه ثم أحجم، ثم قال أبو محمد (عليه السلام): يا عمة! اذهبي به إلي امه ليسلم عليها وائتيني به؟ فذهبت به فسلم عليها، ورددته فوضعته في المجلس، ثم قال: يا عمة! إذا كان يوم السابع فأتينا؟ قالت حكيمة: فلما أصبحت، جئت لأسلم علي أبي محمد (عليه السلام)، وكشفت الستر لأتفقد سيدي (عليه السلام) فلم أره! فقلت: جعلت فداك، ما فعل سيدي؟ فقال: يا عمة! استودعناه الذي استودعته ام موسي (عليه السلام)، قالت حكيمة: فلما كان في اليوم السابع جئت فسلمت وجلست، فقال: هلمي إليّ ابني؟ فجئت بسيدي (عليه السلام) وهو في الخرقة، ففعل به كفعلته الاولي، ثم أدلي لسانه في فيه كأنه يغذيه لبنا أو عسلا، ثم قال: تكلم يا بني؟ فقال: اشهد أن لا إله إلا الله، وثني بالصلاة علي محمد، وعلي أمير المؤمنين، وعلي الأئمه الطاهرين (صلوات الله عليهم اجمعين)، حتي وقف علي ابيه (عليه السلام)، ثم تلا هذه الآية: (بسم الله الرحمن الرحيم، ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).(10) الهوامش: (1) اقتبسنا المقدمة من كتابه منتخب الاثر في الامام الثاني عشر ج 2 ص 8-17. (2) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 5-17 تجد المقدمة كاملة. (3) منتخب من حاشية المؤلف علي منتخب الاثر ج 2 ص 21- 25 بتصرف. (4) منتخب الاثر ج 2 ص 361. (5) منتخب الاثر ج 2 ص 409. (6) منتخب الاثر ج 2 ص 370. (7) للفضل بن شاذان النيشابوري عن كفاية المهتدي (الاربعين) ص116 ح 30. (8) منتخب الاثر ج 2 ص 393. (9) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 424 ب 42 ح 1. (10) منتخب الاثر ج 2 ص 394 – 396. ****************** 3- كمال الدين (ايضاً)(1): حدث محمد بن ابراهيم الكوفي: أن أبا محمد (عليه السلام) بعث إلي بعض من سمّاه لي؛ بشاة مذبوحة، وقال: هذه من عقيقة ابني محمد {عليه الصلاة والسلام}. 4- غيبة الشيخ(2): عن ابي سليمان داود بن غسان البحراني، قال: قرأت علي أبي سهل اسماعيل بن علي النوبختي: مولد محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم اجمعين)، ولد (عليه السلام) بسامراء سنة ست وخمسين وماءتين، امه: صقيل، يكني: أبا القاسم، بهذه الكنية أوصي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) إنه قال: اسمه كاسمي، وكنيته كنيتي، لقبه المهدي، وهو الحجة وهو المنتظر، وهو صاحب الزمان. قال إسماعيل بن علي: دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) في المرضة التي مات فيها، وأنا عنده إذ قال لخادمه عقيد - وكان الخادم أسود نوبيا، قد خدم من قبله علي بن محمد، وهو ربّي الحسن (عليه السلام) - فقال: يا عقيد، اغل لي ماء بمصطكي؟ فأغلي له، ثم جاءت به صقيل الجارية ام الخلف (عليه السلام)، فلما صارالقدح في يديه وهم بشربه وجعلت يده ترتعد حتي ضرب القدح ثنايا الحسن، فتركه من يده وقال لعقيد: ادخل البيت، فإنك تري صبيا ساجدا فأتني به، قال أبو سهل: قال عقيد: فدخلت أتحري، فإذا أنا بصبي ساجد، رافع سبابته نحو السماء، فسلمت عليه فأوجز في صلاته، فقلت: إن سيدي يامرك بالخروج إليه؟ إذ جاءت امه صقيل، فأخذت بيده وأخرجته إلي ابيه الحسن (عليه السلام)، قال أبو سهل: فلما مثل الصبي بين يديه سلم واذا هو درّيّ اللون، وفي شعر رأسه قطط، مفلج الأسنان، فلما رآه الحسن (عليه السلام) بكي، وقال: يا سيد أهل بينه، اسقني الماء فإني ذاهب إلي ربي؟ وأخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده، ثم حرك شفتيه ثم سقاه، فلما شربه قال: هيئوني للصلاة؟ فطرح في حجره منديل، فوضأه الصبي واحدة واحدة، ومسح علي رأسه وقدميه، فقال له أبو محمد (عليه السلام): أبشر يا بني، فأنت صاحب الزمان وانت المهدي، وأنت حجة الله علي أرضه، وأنت ولدي ووصيي وأنا ولدتك، وأنت محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولدك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وأنت خاتم الأئمة الطاهرين، وبشر بك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وسماك وكناك بذلك، عهد إلي أبي عن آبائك الطاهرين، صلي الله علي أهل البيت ربنا، إنه حميد مجيد، ومات الحسن بن علي من وقته (صلوات الله عليهم اجمعين).(3) 5- اثبات الوصية(4): الحميري عن احمد بن اسحاق قال: دخلت علي ابي محمد (عليه السلام)، فقال لي: يا أحمد! ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك والارتياب؟ قلت: يا سيدي! لما ورد الكتاب بخبر سيدنا ومولده لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق، فقال: أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة الله؟ ثم أمر أبو محمد بالحج والدته في سنة تسع وخمسين ومائتين، وعرّفها ما يناله في سنة الستين، وأحضر الصاحب (عليه السلام) فأوصي إليه، وسلم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه، وخرجت ام أبي محمد مع الصاحب (عليهم السلام) جميعا إلي مكة، وكان أحمد بن محمد بن مطهر، أبو علي، المتولي لما يحتاج إليه الوكيل، فلما بلغوا بعض المنازل من طريق مكة تلقي الأعراب القوافل فأخبروهم بشدة الخوف وقلة الماء، فرجع أكثر الناس إلا من كان في الناحية فإنهم نفذوا وسلموا.(5) السؤال الثالث: هل كانت ولادة الامام الحجة (عليه السلام) علنا، ام كانت خفاء, ولم يطلع عليها احد؟ الجواب ان الظروف الخطرة التي احاطت الامام العسكري (عليه السلام) بالخصوص عرّضت حياة المولود الاخير من الائمة الي الخطر، وحاول النظام العباسي آنذاك مراقبة بيت الامام العسكري (عليه السلام) للقضاء علي مولوده الجديد واتخذ في ذلك اجراءات خطرة، مما جعل الله عزّ وجلّ مسئلة حمل الامام خفية وولادته خفية ايضاً, بل حتي تربينه وحياته خفية ونحن نشير الي ذلك الخطر الذي احاط بولادته: 1- كمال الدين(6): عن السياري قال: حدثتني نسيم ومارية، قالتا: إنه لما سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن امه جاثيا علي ركبتيه، رافعا سبابتيه إلي السماء، ثم عطس فقال: الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة، لو اذن لنا في الكلام لزال الشك. 2- كمال الدين(7): حدث موسي بن جعفر بن وهب البغدادي، أنه خرج من أبي محمد (عليه السلام) توقيع: زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل، وقد كذب الله عزّ وجلّ قولهم والحمد لله. 3- تاريخ الائمة(8): ومن الدلائل، ما جاء عن الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) عند ولادة (م ح م د) بن الحسن (عليه السلام) في كلام كثير: زعمت الظلمة أنهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، كيف رأوا قدرة القادر، وسمّاه المؤمل. 4- كمال الدين(9): قال؛ حدثني ابو علي الخيزراني عن جارية له كان اهداها لأبي محمد (عليه السلام)؛ فلما أغار جعفر الكذاب علي الدار جاءته فارة من جعفر فتزوج بها، قال أبوعلي: فحدثتني؛ أنها حضرت ولادة السيد (عليه السلام)، وأن اسم ام السيد: صقيل، وأن أبا محمد (عليه السلام) حدثها بما يجري علي عياله، فسألته: أن يدعو الله عزّ وجلّ لها أن يجعل منيتها قبله؟ فماتت في حياة أبي محمد (عليه السلام)، وعلي قبرها لوح مكتوب عليه: هذا قبر ام محمد. قال ابو علي: وسمعت هذه الجارية تذكر؛ أنه لما ولد السيد (عليه السلام)، رأت له نورا ساطعا قد ظهر منه وبلغ افق السماء، ورأيت طيورا بيضاء تهبط من السماء وتمسح أجنحتها علي رأسه ووجهه وسائر جسده، ثم تطير، فأخبرنا أبا محمد (عليه السلام) بذلك؟ فضحك! ثم قال: تلك ملائكة نزلت للتبرك بهذا المولود، وهي أنصاره اذا خرج. 5- البحار(10): حدث احمد بن الحسن بن اسحق القمي، قال: لما ولد الخلف الصالح (عليه السلام) ورد عن مولانا أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) إلي جدي أحمد بن إسحاق كتاب، فإذا فيه مكتوب بخط يده (عليه السلام) الذي كان ترد به التوقيعات عليه، وفيه: ولد لنا مولود، فليكن عندك مستورا، وعن جميع الناس مكتوما، فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته، والولي لولايته، أحببنا إعلامك ليسرك الله به مثل ما سرنا به، والسلام.(11) السؤال الرابع: لقد لاح لنا مما سبق؛ انه (عليه السلام) ولد وان ولادته كانت بالخفاء وكان ذلك بسبب تهديد الظلمة له, وفي الختام نحب ان تذكروا شيئاً عن امه (سلام الله عليها): الجواب نعم وردت الروايات التي تحكي بعضا من تاريخ السيدة نرجس والدة الامام الحجة (عليهما السلام) ونحن نشير الي بعض الروايات تبركا: 1- كمال الدين(12): عن محمد بن عثمان العمري- قدس الله روحه- انه قال: ولد السيد (عليه السلام) مختون، وسمعت حكيمة تقول: لم ير بامه دم في نفاسها، وهكذا سبيل امهات الأئمه (عليهم السلام). 2- الغيبة(13): حدثنا محمد بن عبد الجبار قال؛ قلت لسيدي الحسن بن علي (عليه السلام): يا ابن رسول الله! جعلني الله فداك، احب أن أعلم من الإمام وحجة الله علي عباده من بعدك؟ فقال (عليه السلام): إن الإمام وحجة الله من بعدي ابني، سمي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وكنيه، الذي هو خاتم حجج الله، وآخر خلفائه، فقلت: ممن يتولد يا ابن رسول الله؟ قال: من ابنة ابن قيصر ملك الروم، ألا انه سيولد فيغيب عن الناس غيبة طويلة، ثم يظهر ويقتل الدجال، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فلا يحل لأحد أن يسميه أو يكنيه قبل خروجه (صلوات الله عليه). 3- البحار(14): قال: حدثنا؛ ابو الحسين محمد بن بحر الشيباني قال: وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، ثم انكفأت الي مدينة السلام متوجها إلي مقابر قريش، في وقت قد تضرمت الهواجر، وتوقدت السمائم، فلما وصلت منها إلي مشهد الكاظم (عليه السلام) واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران، أكببت عليها بعبرات متقاطرة، وزفرات متتابعة، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر، فلما رقأت العبرة، وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحني صلبه، وتقوس منكباه، وثفنت جبهته وراحتاه، وهو يقول لآخر معه عند القبر: يا ابن أخي! لقد نال عمك شرفا بما حملّه السيدان من غوامض الغيوب، وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلا سلمان، وقد أشرف عمك علي استكمال المدة وانقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره، قلت: يانفس! لايزال العناء والمشقة ينالان منك باتعابي الخف والحافر في طلب العلم، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل علي علم جسيم وأثر عظيم، فقلت: أيها الشيخ! من السيدان!؟ قال: النجمان المغيبان في الثري بسر من رأي، فقلت: إني اقسم بالموالاة، وشرف محل هذين السيدين من الإمامة والوراثة إني خاطب علمهما، وطالب آثارهما، وباذل من نفسي الايمان المؤكدة علي حفظ أسرارهما، قال: إن كنت صادقا فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم، فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال: صدقت، أنا بشر بن سليمان النخاس، من ولد أبي أيوب الأنصاري، أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد (عليهما السلام)، وجارهما بسر من رأي، قلت: فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما؟ قال: كان مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام) فقهني في أمر الرقيق، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتي كملت معرفتي فيه، فأحسنت الفرق {فيما} بين الحلال والحرام، فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأي وقد مضي هويٌّ من الليل إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعا فاذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) يدعوني إليه؟ فلبست ثيابي ودخلت عليه، فرأيته يحدث ابنه أبا محمد واخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر! إنك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها، بسر أطلعك عليه، وأنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا ملصقا بخط روميّ ولغة روميّة، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا، فقال: خذها وتوجه بها إلي بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة كذا، فاذا وصلت إلي جانبك زواريق السبايا، وبرزن الجواري منها، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد علي المسمي عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك، إلي أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرتين صفيقتين، تمتنع من السفور، ولمس المعترض، والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخاس فتصرخ صرخة روميّة، فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه! فيقول بعض المبتاعين: عليّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربية: لو برزت في زي سليمان وعلي مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق علي مالك، فيقول النخاس: فما الحيلة ولا بد من بيعك، فتقول الجارية: وما العجلة ولابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي {إليه و} إلي أمانته وديانته، فعند ذلك قم الي عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معي كتابا ملصقا لبعض الاشراف كتبه بلغة روميّة وخط روميّ، ووصف فيه كرمه ووفاه وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك؟ قال بشر بن سليمان النخاس: فامتثلت جميع ماحده لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا، وقالت؛ لعمر بن يزيد النخاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرّجة المغلظة أنه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فمازلت اشاحّه في ثمنها حتي استقر الأمر فيه علي مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلي حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتي أخرجت كتاب مولاها (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتضعه علي خدها، وتطبقه علي جفنها، وتمسحه علي بدنها، فقلت تعجبا منها: أتلثمين كتابا ولا تعرفين صاحبه؟ قالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء، أعرني سمعك، وفرغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وامي من ولد الحواريين، تنسب إلي وصي المسيح شمعون، انبئك العجب العجيب، إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار سبعمائة رجل، وجمع من امراء الأجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة الاف، وأبرز من بهو ملكه عرشا مسوغا {مصوغا – ظ} من أصناف الجواهر إلي صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة، فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عكفا ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض، وتقوّضت الأعمدة فانهارت الي القرار، وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه، فتغيرت ألوان الاساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك، اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة علي زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني! فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا، وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان، وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدّه, لازوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده؟ فلما فعلوا ذلك حدث علي الثاني ما حدث علي الأول! وتفرق الناس، وقام جدي قيصر مغتما ودخل قصره وأرخيت الستور، فاُريت في تلك الليلة، كأن المسيح والشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي، ونصبوا فيه منبرا يباري السماء علوا وارتفاعا في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) مع فتية وعدة من بنيه، فيقوم إليه المسيح فيعتنقه، فيقول: ياروح الله! إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا؟ وأومأ بيده إلي أبي محمد صاحب هذا الكتاب! فنظر المسيح إلي شمعون فقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر وخطب محمد (صلي الله عليه وآله وسلم), وزوجني وشهد المسيح (عليه السلام)، وشهد بنو محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) والحورايون، فلما استيقظت من نومي أشفقت ان أقص هذه الرؤيا علي أبي وجدي مخافة القتل، فكنت أسرها في نفسي ولا ابديها لهم، وضرب صدري بمحبة أبي محمد حتي امتنعت من الطعام والشراب، وضعفت نفسي، ودق شخصي، ومرضت مرضا شديدا، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي، فلما برّح به الياس قال: ياقرة عيني! فهل تخطر ببالك شهوة فازوّدكها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدي! أري أبواب الفرج عليّ مغلقة، فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من اساري المسلمين، وفككت الأغلال، وتصدقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وامه لي عافية وشفاء؟ فلما فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني، وتناولت يسيرا من الطعام، فسر بذلك جدي، واقبل علي إكرام الأساري وإعزازهم، فرأيت ايضاً بعد أربع ليال كأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة النساء ام زوجك أبي محمد (عليه السلام)، فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي، فقالت لي سيدة النساء (عليها السلام): إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلي مذهب النصاري، وهذه اختي مريم تبرأ إلي الله تعالي من دينك، فإن ملت إلي رضا الله عزّ وجلّ ورضا المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمد إياك فتقولي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن- أبي- محمدا رسول الله؟ فلما تكلمت بهذه الكلمة، ضمتني سيدة النساء إلي صدرها، فطيّبت لي نفسي، وقالت: الآن توقعي زيارة أبي محمد إياك فإني منفذته اليك، فانتبهت وأنا أقول: واشوقاه إلي لقاء أبي محمد! فلما كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد (عليه السلام) في منامي فرأيته كأني أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك! قال: ما كان تأخيري عنك إلا لشركك، وإذ قد أسلمت فإني زائرك في كل ليلة إلي أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلي هذه الغاية. قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الأسر؟ فقالت: أخبرني أبو محمد ليلة من الليالي أن جدك سيسرب جيوشا إلي قتال المسلمين يوم كذا، ثم يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتي كان من أمري ما رأيت وما شاهدت، وما شعر أحد {بي} بأني ابنة ملك الروم إلي هذه الغاية سواك، وذلك با طلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري. فقلت: العجب! انك رومية ولسانك عربي؟ قالت: بلغ من ولوع جدي وحمله إياي علي تعلم الاداب أن أوعز إليّ امرأة ترجمان له في الاختلاف إليّ، فكانت تقصدني صباحا ومساء، وتفيدني العربية حتي استمر عليها لساني واستقام. قال بشر: فلما انكفأت بها إلي سر من رأي دخلت علي مولانا أبي الحسن العسكري (عليه السلام)، فقال لها: كيف أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية، وشرف أهل بيت محمد (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ قالت: كيف أصف لك يابن رسول الله ما أنت أعلم به مني؟! قال: فإني أريد أن اكرمك، فأيما أحب اليك عشرة الآف درهم، أم بشري لك فيها شرف الأبد؟ قالت: بل البشري، قال (عليه السلام): فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، قالت: ممن؟ قال (عليه السلام): ممن خطبك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالروميّة؟ قالت: من المسيح ووصيه، قال: فممن زوجك المسيح (عليه السلام) ووصيه؟ قالت: من ابنك أبي محمد، قال: فهل تعرفينه؟ قالت: وهل خلت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها علي يد سيدة النساء امه؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): يا كافور! ادع لي اختي حكيمة؟ فلما دخلت عليه قال (عليه السلام) لها: هاهي، فاعتنقتها طويلا، وسرت بها كثيرا، فقال لها مولانا: يا بنت رسول الله! أخرجيها إلي منزلك، وعلميها الفرائض والسنن، فإنها زوجة أبي محمّد وامّ القائم (عليهما السلام). 4- كمال الدين(15): حدثني علان الرازي قال: اخبرني بعض اصحابنا؛ أنه لما حملت جارية أبي محمد (عليه السلام) قال: ستحملين ذكرا، واسمه محمد، وهو القائم من بعدي. وفي ثبوت ولادته وكيفيتها وتاريخها وبعض حالات امه واسمها (عليهما السلام) يوجد 426 حديثا.(16) 5- كتاب الغيبة(17): عن جابر الجعفي؛ قال: سمعت ابا جعفر (عليه السلام) يقول: سال عمر بن الخطاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أما اسمه، إن حبيبي شهد إليّ أن لا احدث باسمه حتي يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته؟ قال: هو شاب مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره علي منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء. والاحاديث الدالة علي انه (عليه السلام) ابن خيرة الاماء؛ حوالي 11 حديثا.(18) ولقد اشار استاذنا المعظم آية الله العظمي الشيخ صافي الگلپايگاني- دام ظله- مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر في الامام الثاني عشر) حول نهاية ام الامام الحجة (عليهما السلام) ما هذا نصه: اعلم؛ انه اختلفت الروايات في نهآية حال ام الامام (عليهما السلام)، ففي بعضها؛ انها حصلت بعد وفاة الامام ابي محمد العسكري (عليه السلام)، في دار محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن مولانا أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام), (وصفوه؛ بانه ثقة, عين في الحديث, صحيح الاعتقاد, له كتاب)، وفي بعضها انها طلبت من الامام ابي محمد (عليه السلام): ان يدعو لها بالموت قبل وفاته (عليه السلام)؟ فاستجيب دعاؤه، وفي بعضها؛ انها كانت حاضرة عند وفاة الامام (عليه السلام)، وفي بعضها انها هاجرت الي مكة المكرمة في حياة الامام, مع ابنه الحجة (عليهما السلام) بامر الامام ابي محمد (عليه السلام), وكما تري ان الروايات قد دلّت علي حياتها بعد الامام (عليه السلام) والظاهر الارجح؛ حياتها بعد وفاة الامام ابي محمد (عليه السلام) والشاهد علي ذلك وقوع قبرها خلف قبر الامام ابي محمد (عليه السلام). وعلي كل حال لا يضرّ مثل هذه الاختلافات في ما نحن بصدده فان اعتمادنا في هذا الكتاب علي ما تواترت به الاحاديث او استفاضت به في النقل دون اخبار الآحاد، فالاخبار يؤيد بعضها بعضا فيما اتفقت عليه. ولا يخفى عليك ان مثل هذه الاختلافات الفرعية، قد وقعت في تواريخ سائر الائمةّ والانبياء ورجالات التاريخ وفي كيفيات وقوع الحوادث المهمة المقطوع باصلها عند الكلّ، دون ان يصير ذلك سببا للشك في اصل وجود الاشخاص واحوالهم المعلومة والحوادث التاريخية المشهورة، هذا مضافا الي ان الظروف والاحوال التي كان عصر الامام ابي محمد (عليه السلام) الي بعد وفاته، محفوفا بها؛ ربما تقتضي خفاء مثل هذه الامور الجزئية.(19) السؤال الخامس: اذا ثبتت ولادتهك، فهلا جمعتم لنا بعض الروايات,الدالة علي من رآه وهو صبي زمن ابيه (عليهما السلام)، والتي تعتبر ادلة تاريخية علي اثبات وجوده الشريف؟ الجواب نعم هناك روايات؛ نقلها اصحاب الامام العسکري (عليه السلام) وخواصه, تدل علي ان البعض؛ قد رأي الحجة (عليه السلام) وهو طفل صغير, ولا يخفى انه قد مرّ عليك سابقا ما يدل علي ذلك, ونحن نجمع بعض الروايات في هذا الجواب ايضاً: 1- كمال الدين(20): حدث معاوية بن حكيم ومحمد بن ايوب بن نوح، ومحمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه - قالوا: عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) ونحن في منزله وكنا أربعين رجلا، فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا، قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلا أيام قلائل حتي مضي أبو محمد (عليه السلام). 2- كتاب الغيبة(21): عن جماعة من الشيعة في خبر طويل مشهور؛ قالوا جميعا: اجتمعنا الي ابي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) نسأله عن الحجة من بعده؟ وفي مجلسه (عليه السلام) أربعون رجلا، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري، فقال له: يا ابن رسول الله! أريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني، فقال له: اجلس يا عثمان! فقام مغضبا ليخرج فقال: لا يخرجن أحد، فلم يخرج منا أحد، الي أن كان بعد ساعة، فصاح (عليه السلام) بعثمان، فقام علي قدميه، فقال: اخبركم بما جئتم؟ قالوا: نعم يا ابن رسول الله! قال: جئتم تسألوني عن الحجة بعدي، قالوا: نعم، فاذا غلام كانّه قطع قمر، أشبه الناس بأبي محمد (عليه السلام)، فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتي يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلي أمره واقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم والأمر إليه... والحديث طويل. 3- ينابيع المودة(22): حدث يعقوب بن منقوش (منفوس) قال: دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) وهوجالس علي دكان في الدار، وعن يمينه بيت وعليه ستر مسبل، فقلت له: ياسيدي! من صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر؟ فرفعته فخرج الينا غلام خماسي، له عشر او ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، درّيّ المقلتين، شثن الكفين، معطوف الركبتين، في خده الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس علي فخذ أبي محمد (عليه السلام)، ثم قال: هذا هو صاحبكم، ثم وثب فقال له: يابني! ادخل إلي الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثم قال لي: يا يعقوب! انظر إلي من في البيت؟ فدخلت فما رأيت أحدا. 4- البحار(23): حدث محمد بن الحسن الكرخي, قال: سمعت ابا هارون - رجلا من اصحابنا – يقول: رأيت صاحب الزمان ووجهه يضئ كانه القمر ليلة البدر... الحديث. 5- الكافي(24): عن عمرو الاهوازي, قال: أراني ابو محمد (عليه السلام) ابنه, قال: هذا صاحبكم من بعدي. والاحاديث التي وردت حول؛ من رآه في ايام والده (عليهما السلام), حوالي عشرون حديثا.(25) السؤال السادس: هل ذكر علماء العامة؛ شيئاً عن ولادة الامام الحجة (عليه السلام), ام كان ذلك مقتصرا علي علماء الشيعة وروّاتهم فقط؟ الجواب لقد ذكرت كتب العامة ونقل اعيانهم –ايضاً- ما يثبت ولادته (عليه السلام) بحيث يصبح الامر من المتواترات ومما اطبقت عليه الامة الاسلامية جمعاء, ونحن نشير الي بعضهم اختصارا للامر. ولقد ذكر صاحب كتاب؛ (منتخب الاثر في الامام الثاني عشر) آية الله العظمي الشيخ صافي الگلپايگاني دام ظله؛ حوالي 67 من علماء العامة واعيانهم ممن ذكر ولادة الامام الحجة (عليه السلام) ومنهم: (26) 1- ابن الصبّاغ المالكي المتوفي؛ (سنة 855 هـ): قال في (الفصول المهمة): (ولد ابو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأي ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة... الي ان قال: واما امه؛ فام ولد يقال لها؛ نرجس خير امة، وقيل اسمها؛ غير ذلك). وصرّح ايضاً بنسبه، وذكر اسماء آبائه، وجملة من حالاتهم وكلماتهم ومعجزاتهم، وبانه الامام الثاني عشر، وذكر جملة من الاحاديث الواردة في حقه (عليه السلام). 2- الشيخ ابن حجر الهيثمي المكي الشافعي؛ المتوفي (سنة 974 هـ): قال؛ في (الصواعق المحرقة)، بعد ذكر بعض حالات الامام ابي محمد (عليه السلام): ولم يخلف غير ولده ابي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة ابيه؛ خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة. 3- الشيخ شمس الدين ابو المظفر يوسف بن قزاوغلي بن عبد الله؛ سبط الشيخ جمال الدين ابي الفرج ابن الجوزي؛ المتوفي سنة (654هـ): صاحب (التاريخ الكبير) الذي قال ابن خلكان؛ علي ماحكي عنه: (رأيته بخطه في أربعين مجلدا، سماه (مرآة الزمان)، وصاحب كتاب (تذكرة الخواص) قال فيه: (فصل: هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، كنيته: أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخلف، الحجة، صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، والتالي، وآخر الأئمة، أنبأنا عبد العزيز بن البزاز عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، فذلك هو المهدي. وهذا حديث مشهور، وقد أخرج أبو داود والزهري عن علي بمعناه، وفيه: لولم يبق من الدهر إلا يوم واحد لبعث الله من أهل بيتي من يملأ الأرض عدلا، وذكره في روايات كثيرة، ويقال له: ذو الاسمين: محمد وأبو القاسم، قالوا: امه ام ولد يقال لها: صقيل.وقال السدي: يجتمع المهدي وعيسى بن مريم، فيجيء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدم، فيقول عيسى: أنت أولي بالصلاة، فيصلي عيسى وراءه مأموما... إلي اخر كلامه). 4- نور الدين عبد الرحمن بن احمد بن قوام الدين الدشتي، الجامي، الحنفي، الشاعر، العارف، صاحب (شرح الكافية)، فقد جعل في كتابه (شواهد النبوّة) علي ما حكي عنه في (كشف الأستار)؛ الحجة بن الحسن الإمام الثاني عشر، وذكر غرائب حالات ولادته، وبعض معاجزه، وأنه الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا، ثم روي خبر حكيمة في الولادة، وخبر غيرها، في أنه (عليه السلام) لما ولد؛ جثا علي ركبتيه، ورفع سبابته إلي السماء، وعطس فقال: الحمد لله رب العالمين، وخبر من دخل علي أبي محمد (عليه السلام) وسأله عن الخلف والإمام بعده؟ فدخل الدار، ثم خرج وقد حمل طفلا كانه البدر في ليلة تمامه في سن ثلاث سنين، قال: يا فلان! لولا كرامتك علي الله لما أريتك هذا الولد، اسمه؛ اسم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وكنيته كنيته، هو الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، وخبر من دخل علي أبي محمد (عليه السلام) وعلي طرف البيت سترمسبل علي بيت فسأله: من صاحب هذا الأمر بعد هذا؟ فقال: ارفع الستر، وخبر من بعثه المعتضد...الخ. 5- الشيخ الحافظ أبو عبدالله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي، المتوفي سنة (658هـ)، صاحب كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، وكتاب (كفاية الطالب في مناقب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب) قال في الباب الثامن من الابواب التي ألحقها بأبواب الفضائل من كتاب (كفاية الطالب) بعد ذكر الأئمة من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام): (وخلف- يعني عليا الهادي (عليه السلام)- من الولد أبا محمد الحسن ابنه، مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر من سنة اثنين وثلاثين ومائتين، وقبض يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومأتين، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة، ودفن في داره بسر من رأي في البيت الذي دفن فيه أبوه، وخلف ابنه وهو الإمام المنتظر صلوات الله عليه، ونختم الكتاب بذكره مفردا). وقال؛ في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)؛ الباب الخامس والعشرون, في الدلالة علي جواز بقاء المهدي (عليه السلام) مذ غيبته إلي الآن: (ولا امتناع في بقائه، بدليل بقاء عيسى وإلياس والخضر من أولياء الله تعالي، وبقاء الدجال وإبليس الملعونين أعداء الله تعالي...) إلي آخر كلامه الطويل الذيل في هذا الباب. الي هذا المقدار نكتفي وإذا اردت المزيد فراجع المصدر المذكور.(27) الهوامش: (1) كالسابق ج 2 ص 432 ب 42 ح 10. (2) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي عليه الرحمة ص 271 ح 237. (3) منتخب الاثر ج 2 ص 405 – 407. (4) لابي الحسن علي بن الحسين المسعودي ص 194. (5) منتخب الاثر ج 2 ص 408. (6) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 430 ب 42 ح 5. (7) كالسابق ج 2 ص 407 ب 38 ح 3. (8) لابن ابي الثلج البغدادي ص 14. (9) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 431 ح 7 ب 42. (10) للعلامة المجلسي ج 51 ص 16 ب 5 ح 21. (11) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 397 – 403. (12) للشيخ الصدوق ج 2 ص 433 ب 42 ح 14. (13) للفضل بن شاذان النيشابوري عن كفاية المهتدي (الاربعين) ص 104 ح 28. (14) للعلامة المجلسي ج 51 ص 6-10 ح 12 ب 1. (15) للشيخ الصدوق ج 2 ص 408 ب 38 ح 4. (16) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 369-416. (17) للشيخ الطوسي ص 281 ح 5. (18) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 209-213. (19) منتخب الاثر ج 2 ص 406. (20) للشيخ الصدوق ج 2 ص 435 ب 43 ح 2. (21) للشيخ الطوسي ص 357 ح 319. (22) للشيخ سليمان البلخي القندوزي ص 461 ب 82. (23) للمجلسي ج 52 ص 25 ب 18 ح 18. (24) للشيخ الكليني ج 1 ص 328 ح 3. (25) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 431 – 435. (26) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 371 – 393. (27) منتخب الاثر ج 2 ص 374-371. ****************** الفصل الثاني: في ان له غيبة (عليه السلام) واثبات ذلك السؤال الاول: نحن نعلم ان الغيبة من مختصات الانبياء (عليهم السلام), كما ورد, فهل يشمل ذلك الامام الحجة (عليه السلام)؟ وهل يمكن اثبات اصل غيبته ام لا؟ الجواب لقد وردت روايات فيها؛ ان الامام الحجة (عليه السلام) بما انه وارث الانبياء (عليهم السلام) عن اجداده الطاهرين ولا سيما النبي الاكرم محمد (صلي الله عليه وآله)؛ فان فيه من سنن هؤلاء الانبياء (عليهم السلام)، ومنها الغيبة، ونحن نشير الي الروايات الواردة في ذلك؟ 1- كمال الدين(1): عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيد العابدين؛ علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، يقول: في القائم سنن من سبعة أنبياء سنة من أبينا آدم، وسنة من نوح، وسنة من ابراهيم، وسنة من موسي، وسنة من عيسى، وسنة من ايوب، وسنة من محمد (صلوات الله عليهم)، فأما من آدم ونوح؛ فطول العمر، وأما من ابراهيم؛ فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأما من موسي؛ فالخوف والغيبة، وأما من عيسى؛ فاختلاف الناس فيه، وأما من ايوب؛ فالفرج بعد البلوي، وأما من محمد؛ فالخروج بالسيف. 2- البحار(2): عن عبدالله بن سنان، عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال؛ سمعته يقول: في القائم سنة (شبه- خ) من موسي بن عمران (عليه السلام)، فقلت: وما سنة (شبه) موسي بن عمران؟ فقال: خفاء مولده، وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسي بن عمران (عليه السلام) عن قومه وأهله؟ فقال: ثماني وعشرين سنة. 3- اثبات الهداة(3): عن ابي بصير قال: قال ابو عبدالله (عليه السلام): ان في صاحب هذا الأمر سنن من الأنبياء: سنة من موسي بن عمران، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد، (صلوات الله عليهم)، فأما سنة من موسي بن عمران؛ فخائف يترقب، وأما سنة من عيسى؛ فيقال فيه؛ ماقيل في عيسى، واما سنة من يوسف؛ فالستر، يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا يرونه ولا يعرفونه، وأما سنة من محمد، (صلي الله عليه وآله وسلم)؛ فيهتدي بهداه، ويسير بسيرته. 4- الامامة والتبصرة(4): عن ابي بصير, قال: سمعت ابا جعفر (عليه السلام) يقول: في صاحب هذا الأمر أربعة سنن من أربع انبياء: سنة من موسي، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد (صلي الله عليه وآله)، فأما سنة من موسي؛ فخائف يترقب، وأما سنة من يوسف؛ فالسجن، وأما سنة من عيسى؛ فقيل: إنه مات ولم يمت، وأما سنة من محمد (صلي الله عليه وآله)؛ فالسيف. 5- اثبات الوصية(5): عن ابي بصير، قال: سمعت ابا جعفر (عليه السلام) يقول: في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء: سنة من موسي في غيبته، وسنة من عيسى في خوفه ومراقبة إليهود وقولهم مات ولم يمت وقتل ولم يقتل، وسنة من يوسف في جماله وسخائه، وسنة من محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) في السيف يظهر به. وفي هذا المعني ورد 23 حديثا. السؤال الثاني: بعدما عرفنا ان للامام الحجة (عليه السلام)؛ غيبة, فما هي هذه الغيبة؟ الجواب ان الامام الحجة (عليه السلام)؛ لما غاب عن الانظار كان هناك مصلحة الهية في غيبته, تناسبت مع الظروف التي احاطت به,وما زالت تحيط, مما جعل الله عزّ وجلّ فيه هذه السنة وهي الغيبة, وهي؛ اما صغري او كبري, كما ورد في الروايات, ونحن نشير الي ما يدل عليهما: 1- الكافي(6): عن اسحاق بن عمار قال؛ قال ابو عبدالله (عليه السلام): للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة، والاخري طويلة، الغيبة الاولي؛ لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصّة شيعته، والاخري لايعلم بمكانه فيها إلا خاصَّة موإليه. 2- ينابيع الموّدة(7): عن الحجة فيما نزل في القائم الحجة في قوله تعالي: (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين، عن ابيه، عن جده علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - قال: فينا نزلت هذه الآية، وجعل الله الإمامة في عقب الحسين إلي يوم القيامة، وأن للقائم منا غيبتين: إحداهما أطول من الأخري، فلا يثبت علي إمامته إلا من قوي يقينه، وصحت معرفته. 3- غيبة النعماني(8): عن ابراهيم بن عمر اليماني؛ قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين، وسمعته يقول: لا يقوم القائم ولأحدٍ في عنقه بيعة. 4- دلائل الامامة(9): عن ابي بصير؛ قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): كان أبوجعفر (عليه السلام) يقول: لقائم آل محمد غيبتان: إحداهما أطول من الاخري؟ فقال: نعم، ولا يكون ذلك حتي يختلف سيف بني فلان، وتضيق الحلقة، ويظهر السفياني، ويشتد البلاء ويشمل الناس موتٌ وقتلٌ، يلجأون فيه الي حرم الله وحرم رسوله (صلي الله عليه وآله وسلم). 5- عقد الدرر(10): عن ابي عبدالله الحسين بن علي (عليهما السلام) انه قال: لصاحب هذا الأمر - يعني المهدي (عليه السلام)- غيبتان: إحداهما تطول حتي يقول بعضهم: مات، وبعضهم: قتل، وبعضهم: ذهب، ولايطلع علي موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولي الذي يلي أمره. وفي هذا المعني يوجد 10 احاديث.(11) وقد اضاف, استاذنا المفدي آية الله العظمي الشيخ صافي الگلپايگاني دام ظله؛ حول هذا الموضوع بقوله: اعلم؛ انة قد دلت الروايات الكثيرة علي ان له غيبتين احداهما اطول من الاخري، وامتدت الغيبة الصغري إلي سنة (329هـ)، سنة موت أبي الحسن علي بن محمد السمري الذي ختم به النيابة الخاصّة، وانقطعت بموته السفارة، فكانت مدتها (74 سنة)، علي أن يكون أولها سنة ولادة الحجة (عليه السلام)، و(69 سنة), علي أن يكون أولها سنة وفاة ابيه سنة ستين ومائتين، وفي هذه المدة كان السفراء - رضوان الله عليهم - هم الوسائط بينه وبين شيعته، ويصل إليه وكلاؤه وبعض الخواصّ من الشيعة، ويصدر منه التوقيعات إلي بعض الخواصّ، ويجيء من ناحيته المقدسّة بتوسّط السفراء أجوبة المسائل والأحكام الشريعة وغيرها، والخواصّ من الشيعة يعرفون خطه الشريف. وبعد انقضاء الغيبة القصري وقعت الغيبة الطولي، فلا ظهور الي ان ياذن الله تعالي.(12) السؤال الثالث: هل تعتبر هذه الاحاديث الواردة عن غيبة الامام (عليه السلام)؛ الصغري والكبري صحيحة، وهل تطرق العلماء الي صحة هذه الاحاديث؟ الجواب نعم لقد تطرق علمائنا الي صحة هذه الاحاديث واعتبروها دليلا علي صدق ما اخبر به الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، والائمة (عليهم السلام)، واليك نبذة من اقوالهم رضي الله عنهم جميعا: 1- الشيخ الاجل الاقدم؛ ابن ابي زينب الكاتب النعماني, المعاصر للشيخ الكليني، قال: (هذه الاحاديث التي يذكر فيها ان للقائم (عليه السلام) غيبتين؛ احاديث قد صحت عندنا بحمدالله، وأوضح الله قول الائمة (عليهم السلام) وأظهر برهان صدقهم فيها، فأما الغيبة الاولي؛ فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام (عليه السلام) وبين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان، يخرج علي أيديهم غوامض العلم (الشفاء من العلم – خ، سهاء العلم – خ ) وعويص الحكم، والأجوبة عن كل ماكان يُسأل عنه من المعضلات والمشكلات، وهي الغيبة القصيرة التي انقضت أيامها، وتصرمت مدتها، والغيبة الثانية؛ هي التي ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للأمر الذي يريده الله تعالي، والتدبير الذي يمضيه في الخلق، ولوقوع التمحيص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفية علي من يدعي هذا الأمر، كما قال الله عزّ وجلّ: (ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم علي الغيب) وهذا زمان ذلك قد حضر - جعلنا الله فيه من الثابتين علي الحق، وممن لايخرج في غربال الفتنة - فهذا معني قولنا: (له غيبتان)، ونحن في الأخيرة نسأل الله أن يقرب فرج أوليائه منها، ويجعلنا في حيِّز خيرته، وجملة التابعين لصفوته، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليه وخليفته، فإنه ولي الاحسان، جوادٌ منّان).(13) 2- امين الاسلام؛ ابي عليّ الطبرسي، المتوفي سنة (548 هـ)، ذكر في كتابه (اعلام الوري)، في الفصل الاول من الباب الثالث من القسم الثاني من الركن الرابع - بعد ذكر أن أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة (عليه السلام) بل زمان ابيه وجده، وأن المحدثين من الشيعة خلدوها في اصولهم المؤلفة في أيام السيدين؛ الباقر والصادق (عليهما السلام) وأثروها عن النبي والائمة (عليهما السلام) واحدا بعد واحد، وأن هذا دليل صحة القول في إمامة صاحب الزمان لوجود هذه الصفة له، والغيبة المذكورة في دلائله وأعلام امامته، وأنه لايمكن لأحد دفع ذلك - ماهذا لفظه: (ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة: الحسن بن محبوب الزراد، وقد صنف كتاب (المشيخة) الذي هو في اصول الشيعة اشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق الخُبر الخبر، وحصل كل ما تضمنه الخبر بلا اختلاف، ومن جملة ذلك ما رواه عن ابراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبدالله (ثم ذكر الحديث الخامس من هذا الباب) وقال: فانظر كيف قد حصل الغيبتان لصاحب الأمر (عليه السلام) علي حسب ما تضمنه الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده، انتهي). 3- الشيخ المفيد المتوفي سنة (413هـ): قال في (الفصول العشرة): (الاخبار عمن تقدم من أئمة آل محمد (عليهم السلام) متناصرة بأنه لابد للقائم المنتظر من غيبتين: إحداهما أطول من الاخري، يعرف خبره الخاص في القصري، ولا يعرف العام له مستقرا في الطولي، إلا من تولي خدمته من ثقات أوليائه، ولم ينقطع عنه إلي الاشتغال بغيره، والأخبار بذلك موجودة في مصنفات الشيعة الإمامية قبل مولد أبي محمد وأبية وجده (عليهم السلام)، وظهر حقها عند مضي الوكلاء والسفراء الذين سميناهم رحمهم الله، وبان صدق روّاتها بالغيبة الطولي، وكان ذلك من الآيات الباهرات في صحة ما ذهبت إليه الإمامية، انتهي). ويقول مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر) دام ظله الشريف: بل ويدل علي صحة هذه الاحاديث نفس تخريجها في الكافي الذي صنفه الكليني - قدس سره - في عصر الغيبة الصغري، وانقضاء عصرها وحصول الغيبة الثانية التامة بعده، فإن علي بن محمد السمري - رضي الله عنه - هو آخر السفراء؛ توفي في شعبان سنة (329هـ)، والكليني توفي في سنة؛ (328هـ)، وعلي قول توفي في سنة؛ (329هـ)، في السنة التي توفي فيها السفير الرابع السمري فإنه ايضاً توفي في النصف من شعبان من سنة (329هـ)، واحتمل بعضهم علي فرض وقوع وفاة الكليني في سنة (329هـ) وقوعها قبل وفاة السمري. وكيف كان تخريج هذه الاحاديث في الكافي وانقضاء مدة الغيبة القصري، ووقوع الغيبة الطولي التامة بعده يؤكد صحة هذه الاحاديث، بل بنفسه دليل علي صحتها. هذا ولا يخفى عليك؛ أن قصة غيبة مولانا المهدي- بأبي هو وامي - مذكورة في أشعار شعراء الشيعة؛ كالحميري المتوفي سنة (173هـ)، وهوالذي يقول؛ في قصيدته التي خاطب بها مولانا الصادق (عليه السلام)(14): ولكن رُوينا عن وصي محمد وما كان فيما قال بالمتكذب فيقسم أموال الفقيد كانما تعيّبه بين الصفيح المنصب واشهد ربي أن قولك حجة علي الخلق طرا من مطيع ومذنب له غيبة لا بد من أن يغيبها فصلي عليه الله من متغيب بأن ولي الامر يفقد لا يرى ستيرا كفعل الخائف المترقب فيمكث حينا ثم ينبع نبعة كنبعة جدي من الافق كوكب بأن ولي الأمر والقائم الذي تطلع نفسي نحوه بتطرّب فيمكث حينا ثم يظهر حينه فيملأ عدلا كل شرق ومغرب(15) السؤال الرابع: بعد ما عرفنا صحة هذه الاحاديث ونحن نعيش في عصر غيبتة (عليه السلام) فهل ذكرتم ماورد بخصوص الغيبة الكبري من احاديث؟ الجواب لقد وردت روايات كثيرة؛ تبين مسئلة غيبة الامام الكبري، وكشف بعض ملابساتها، والتي تعتبر هذه المسئلة مورد الابتلاء والتمحيص للشيعة، لذا ذكرها الائمة (عليهم السلام)؛ حتي تكون شيعتهم علي بينة من امرهم، واليك بعضا منها: 1- كمال الدين(16): عن سدير الصيرّفي؛ قال: دخلت انا والمفضل بن عمر وابو بصير، وأبان بن تغلب علي مولانا أبي عبدالله الصادق (عليه السلام)، فرأيناه جالسا علي التراب وعليه مسح خيبري مطوّق بلا جيب، مقصّر الكمين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلي، ذات الكبد الحري، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلي الدموع محجريه، وهو يقول: سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وابتزّت مني راحة فوادي، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحسّ بدمعة ترقي من عيني، وأنين يفتر من صدري، عن دوارج الرزايا، وسوالف البلايا، إلا مثل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدّها وأنكرها، ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك. قال سدير: فاستطارت عقولنا ولهاً، وتصدعت قلوبنا جزعا، من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة، أوحلت به من الدهر بائقة! فقلنا: لا أبكي الله يا ابن خير الوري عينيك، من آية حادثة تستنزف دمعتك، وتستمطر عبرتك؟ وآية حالة حتمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرةً انتفخ منها جوفه، واشتد عنها خوفه، وقال: ويلكم، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الكتاب المشتمل علي علم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ماكان وما يكون إلي يوم القيامة، الذي خص الله به محمدا والأئمة من بعده (عليهم السلام)، وتأملت منه مولد غائبنا وغيبته وإبطائه، وطول عمره، وبلوي المؤمنين في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله تقدس ذكره: (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه)- يعني الولاية - فأخذتني الرقة، واستولت علي الأحزان، فقلنا: ياابن رسول الله، كرمنا وفضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالي أدار للقائم منّا ثلاثة ادارها في ثلاثة من الرسل (عليهم السلام): قدر مولده تقدير مولد موسي (عليه السلام)، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام)، وقدر إبطاءه تقدير ابطاء نوح (عليه السلام)، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح - أعني الخضر (عليه السلام) - دليلا علي عمره، فقلنا له: اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني؟ قال (عليه السلام): أما مولد موسي (عليه السلام)، فإن فرعون لما وقف علي أن زوال ملكه علي يده أمر باحضار الكهنة فدلوه علي نسبه، وأنه يكون من بني اسرائيل، ولم يزل يامر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني اسرائيل حتي قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وتعذر عليه الوصول الي قتل موسي (عليه السلام) بحفظ الله تبارك وتعالي إياه، وكذلك بنوامية وبنو العباس لما وقفوا علي أن زوال ملكهم وملك الامراء والجبابرة منهم علي يد القائم منا ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلي الله عليه وآله) {أهل بيت رسول الله -خ}، وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلي قتل القائم، ويابي الله عزّ وجلّ أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون. وأماغيبة عيسى (عليه السلام)، فأن اليهود والنصاري اتفقت علي أنه قتل؛ فكذبهم الله جل ذكره بقوله: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)، كذلك غيبة القائم، فإن الامة ستنكرها لطولها، فمن قائل يهذي: بأنه لم يلد، وقائل يقول: أنه يتعدّي إلي ثلاثة عشر وصاعدا، وقائل يعصي الله عزّ وجلّ بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره. واما إبطاء نوح (عليه السلام)؛ فانه لما استنزلت العقوبة علي قومه من السماء بعث الله عزّ وجلّ الروح الأمين (عليه السلام) بسبع نويات، فقال: يانبي الله، إن الله تبارك وتعالي يقول لك: ان هؤلاء خلائقي وعبادي، ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فإني مثيبك عليه، واغرس هذه النوي، فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين؟ فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت، وزها التمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله سبحانه وتعالي العدة؟ فأمره الله تبارك وتعالي؛ أن يغرس من نوي تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجة علي قومه؟ فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به، فارتد منهم ثلاثمائة رجل، وقالوا: لوكان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم إن الله تبارك وتعالي لم يزل يامره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد اخري إلي أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منه طائفة بعد طائفة إلي أن عاد إلي نيف وسبعين رجلا، فأوحي الله تبارك وتعالي عند ذلك إليه، وقال: يانوح، الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه، وصفا (الامروالايمان) من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الأرض، وامكن لهم دينهم، وابدل خوفهم بالأمن، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم، وكيف يكون الأستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن مني لهم مع ماكنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا، وخبث طينهم، وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة، فلو أنهم، تسنموا مني الملك الذي أُوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، (و) تأبّدت حبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم علي طلب الرئاسة، والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب، كلا (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا)؟ قال الصادق (عليه السلام): وكذلك القائم، فإنه تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم (عليه السلام)، قال المفضل: فقلت: يا ابن رسول الله، فإن (هذه) النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في؛ أبي بكر وعمر وعثمان، وعلي (عليه السلام)؟ فقال: لايهدي الله قلوب الناصبة، متي كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمن في الامة، وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفي عهد علي (عليه السلام)، مع ارتداد المسلمين والفتن التي تثور في أيامهم، والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم؟! ثم تلا الصادق (عليه السلام): (حتي إذا استياس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا). وأما العبد الصالح - أعني الخضر (عليه السلام) - فإن الله تبارك وتعالي ما طول عمره لنبوة قدرها له، ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلي؛ أن الله تبارك وتعالي لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدر، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول, طوّل عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك، إلا لعلة الاستدلال به علي عمر القائم (عليه السلام)، وليقطع بذلك حجة المعاندين، (لئلا يكون للناس علي الله حجة). 2- اثبات الهداة(17): عن الحسن بن علي بن فضال، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسي الرضا (عليهم السلام) يقول: إن الخضر (عليه السلام)؛ شرب من ماء الحياة، فهو حي لا يموت حتي ينفخ في الصور، وانه لياتينا (ليلقانا – خ) فيسلم، فنسمع صوته ولا نري شخصه، وإنه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلم عليه، وانه ليحضر الموسم كل سنة فيقضي جميع المناسك، ويقف بعرفة فيؤمن علي دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، ويصل به وحدته. 3- علل الشرايع(18): عن حنان بن سدير عن ابيه عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: قال: إن للقائم منا غيبة يطول أمدها، فقلت له: ولم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: إن الله عزّ وجلّ ابي اِلا أن يجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وأنه لا بد له يا سدير؛ من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله عزّ وجلّ: (لتركبن طبقا عن طبق) أي سننا علي سنن من كان قبلكم. 4- غيبة النعماني(19): عن ابي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: زاد الفرات علي عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، فركب هو وابناه الحسن والحسين (عليهما السلام) فمر بثقيف، فقالوا: قد جاء علي يرد الماء، فقال علي (عليه السلام): أما والله لاقتلن أنا وابناي هذان، وليبعثن الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبن عنهم تمييزا لأهل الضلالة، حتي يقول الجاهل: مالله في آل محمد من حاجة. 5- تاريخ قم(20): عن ابي الاكراد علي بن ميمون الصائغ، عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: إن الله احتج بالكوفة علي سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها علي غيرهم من أهل البلاد، واحتج ببلدة قم علي سائر البلاد، وبأهلها علي جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس، ولم يدع الله قم وأهله مستضعفا بل وفقهم وأيدهم، ثم قال: إن الدين وأهله بقم ذليل، ولولا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهله، فلم يكن حجة علي سائر البلاد، وإذا كان كذلك لم تستقر السماء والارض، ولم ينظروا طرفة عين، وان البلايا مدفوعة عن قم وأهله، وسياتي زمان تكون بلدة قم واهلها حجة علي الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائمنا (عليه السلام) إلي ظهوره، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها، وان الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله، وما قصده جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين، وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أوعدو، وينسي الجبارين في دولتهم ذكر قم كما نسوا ذكرالله. وفي هذا المعني يوجد 100 حديث.(21) السؤال الخامس: لقد ذكرتم ان الروايات التي وردت في غيبة الامام (عليه السلام)؛ الكبري, حدود مائة روآية, فهل يمكنكم جمعها علي شكل نقاط ليسهل الاطلاع علي مضامينها؟ الجواب سنحاول بعونه تعالي ان نجمع مضامين هذه الروايات لاهميتها ليسهل مطالعتها ومعرفة بعض ملابسات ومشاكل الغيبة الكبري: 1- من ادرك زمان الحجة (عليه السلام)؛ ورأي القائم من الشيعة المنتظرين لظهوره، كان مع اهل البيت في السنام الاعلي. 2- المنتظر لظهوره، الذي يموت ولم يدركه, يجيء يوم القيامة مع ثقل محمد (صلي الله عليه وآله وسلم), وثقله؛ هم الائمة الاثني عشر (عليهم السلام). 3- لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتي يخرج قائم اهل البيت (عليهم السلام). 4- يقع الشيعة في زمان غيبته في فتنة وحيرة. 5- يثبت الله علي هذه في غيبته؛ المخلصين. 6- يقول الجاهلون في غيبته لطولها: مالله في آل محمد حاجة. 7- جولان الشيعة في غيبته جولان النعم تطلب المرعي فلا تجده. 8- الثابت من الشيعة علي دينه ولم يقسّ قلبه لطول امد غيبة امامه, فهو مع الائمة في درجتهم يوم القيامة. 9- اذا خرج القائم لم يكن لاحد في عنقه بيعة فلذلك تخفي ولادته ويغيب شخصه. 10- حاله حال يوسف (عليه السلام) حيث كان إليه ملك مصر وبينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ولكن الله عزّ وجلّ لم يعرفه علي مكانه وكذلك الحجة (عليه السلام). 11- الحجة (عليه السلام), يسير في الاسواق ويجلس مع الناس وهم لا يعرفونه حتي ياذن الله ان يعرفهم بنفسه. 12- يطول عمره الشريف في غيبته, حتي لو بقي فيها ما بقي نوح في قومه, لم يخرج من الدنيا حتي يظهر فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. 13- انه يغيب غيبة طويلة ثم يقبل كالشهاب الثاقب ويتوقد في الليلة الظلماء. 14- من ادرك زمانه من الشيعة قرّت عينه. 15- علي المؤمن ان يتق الله في زمن غيبته وليتمسّك بدينه. 16- يفقد الناس امامهم الحجة, ولكنه يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه. 17- المتمسك بدينه زمن غيبته كالخارط للقتاد لشدة زمان غيبته. 18- يشك البعض فيه، زمن غيبته, فيقول مات او هلك بايّ واد سلك؟ 19- تدمع عليه عيون المؤمنين من فراقه وشدة البلاء. 20- تكفئ الشيعة بالفتن كما تكفأ السفن في امواج البحر.. 21- لا ينجو في زمن غيبته الا من اخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الايمان وايده بروحه منه. 22- ترفع اثنتا عشرة رآية مشتبهة لا يدري ايٌ من ايٍّ. 23- رغم ظهور رآيات مشتبهة, فان امر اهل البيت (عليهم السلام) ابين من الشمس في واضحة النهار. 24- الحجة (عليه السلام) زمن غيبته الكبري: طريد وحيد غريب غائب عن اهله الموتور بابيه (عليهما السلام). 25- لا يرى جسمه ولا يسمي باسمه. 26- انه يغيب بعهد معهود إليه من جده النبي محمد (صلي الله عليه وآله). 27- يشك البعض في ولادته بسبب غيبته الطويلة. 28- من ادرك زمانه فليتمسك بدينه ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكه, فيزيله عن ملة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم), ويخرجه من دينه كما اخرج ابونا من الجنة من قبل. 29- ان فيه شبه من يوسف وهي الحيرة والغيبة. 30- النهي عن انكار غيبته. 31- لابد له في غيبته من عزلة، ومنزله طيبة، وما بثلاثين(22) من وحشة.(23) الهوامش: (1) لأبي جعفر الشيخ الصدوق ج 1 ص 321 ب 31 ح 3. (2) للعلامة المجلسي ج 51 ص 216 ب 13 ح 2. (3) للشيخ الحرّ العاملي ج 3 ص 474 ب 32 ف 5 ح 159. (4) لعلي بن الحسين بن بابوبه القمي ص 93 ح 84. (5) لأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي ص 202 ط 1. (6) للشيخ الكليني ج 1 ص 340 ح 19. (7) للقندوزي ص 427 ب 71. (8) لابي عبد الله محمد بن ابراهيم النعماني؛ ص171ح3. (9) لابي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري :ص 293، الي قوله عليه السلام نعم؛ والزيادة نقلت عن غيبة النعماني ص 172 ح 7. (10) ليوسف بن يحيي المقدّسي الشافعي ص 134 ب 5. (11) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 236 – 241. (12) منتخب الاثر ج 2 ص 439. (13) غيبة النعماني ص 173 – 174. (14) انظر الغدير ج 2 ص 247. (15) منتخب الاثر ج 2 ص 241. (16) للشيخ الصدوق ج2 ص 352 ب 33 ح 50. (17) للشيخ الحر العاملي ج 3 ص 480 ب 32 ف5 ح 181 مختصرا. (18) للشيخ الصدوق ج 1 ص 245 ب 179 ح 7. (19) للشيخ النعماني ص 140 ب 10 ح 1. (20) للحسن بن محمد بن الحسن القمي. عن البحار: ج57ص212ب36ح22. (21) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 242-260. (22) اي له ثلاثون من الموالين او الخواص ان مات احد قام آخر مقامه راجع حاشية منتخب الاثر ج 2 ص 259. (23) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 242-260. ****************** السؤال السادس: لقد ذكرتم ان الغيبة امر الهي, اخذه الامام الحجة من آبائه الطاهرين, فما هي اسباب وعلّة غيبته (عليه السلام)؟ الجواب نذكر في الجواب ما سطره؛ يراع استاذنا المفدي المؤلف دام ظله الشريف وهو: اعلم؛ ان اختفاء سبب الغيبة عنا ليس مستلزما لصحة انكار وقوعها او عدم وجود مصلحة فيها، فان سبيل هذه وسبيل غيرها من الحوادث الجارية بحكمة الله تعالي سواء، فكما انه لا سبيل الي انكارالمصلحة في بعض افعاله تعالي مما لم نعلم وجه حكمته ومصلحته, لا طريق ايضاً الي انكار المصلحة في غيبة وليه وحجته، فان مداركنا وعقولنا قاصرة عن ادراك فوائد كثير من الاشياء، وسنن الله تعالي في عالم التكوين والتشريع، بل لم نعط مدركات ندرك بها كثير من المجهولات، فالاعتراف بقصور افهامنا اولي, ولنعم ما قاله الشاعر: وان قميصا خيط من نسج تسعة وعشرين حرفا عن معاليه قاصر وقال بعضهم: العلم للرحمن جل جلاله وسواه في جهلاته يتغمغم ما للتراب وللعلوم وانما يسعي ليعلم انه لا يعلم وما احسن ادب من قال: علم الخلائق في جنب علم الله مثل لاشيء في جنب مالا نهايه له. وقال مولانا وسيدنا ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) فيما روي عنه: (يا آدم، لو اكل قلبك طائر لم يشبعه، وبصرك لو وضع عليه خرق ابرة لغطاه، تريد ان تعرف بهما ملكوت السماوات والارض!), والحاصل انه ليس علينا السؤال عن هذه, بعد اخبار النبي والمعصومين من اهل بينه (صلي الله عليهم اجمعين) عن وقوعها، ودلالة الاحاديث القطعية عليها، وبعد وقوعها في الامم السالفة، كما ذكره الامام في رواية سدير الطويلة. قال المفيد- قدس سره - وثم وليّ لله تعالي يقطع الارض بعبادة ربه تعالي، والتفرد من الظالمين بعمله، وناي بذلك عن دار المجرمين، وتبعّد بدينه عن محل الفاسقين، لا يعرف احد من الخلق له مكانا، ولا يدعي انسان منهم له لقاء ولا معه اجتماعا، وهو الخضر (عليه السلام) موجود قبل زمان موسي الي وقتنا هذا باجتماع اهل النقل، واتفاق اصحاب السير والخبر، سائحا في الارض لا يعرف له احد مستقرا، ولا يدعي له اصطحابا الا ما جاء في القران به من قصته مع موسي (عليه السلام)، وما يذكره بعض الناس من انه يظهر احيانا ولا يعرف، ويظن بعض الناس انه رآه، انه بعض الزهاد فاذا فارق مكانه توهمه المسمي بالخضر وان لم يكن يعرف بعينه في الحال ولا ظنه، بل اعتقد انه بعض اهل الزمان، انتهي كلامه في (الفصول العشرة). ثم ذكرغيبة موسي ويوسف ويونس وغير هم, هذا وقد صرح ابو عبدالله (عليه السلام): بان وجه الحكمة في غيبته لا ينكشف الا بعد ظهوره، وانه من اسرار الله (في رواية؛ عبد الله بن الفضل الهاشمي... الحديث)، فعليه يصح لنا ان نقول: بانّ السبب الاصلي في حكمته خفي عنّا، ولا ينكشف تمام الانكشاف الا بعد ظهوره. نعم؛ لها فوائد ومصالح معلومة غير ذلك: منها: امتحان العباد بغيبته، واختبار مرتبة تسليمهم ومعرفتهم وأيهمانهم بما اوحي الي النبي (صلي الله عليه وآله)، وبشر به عن الله تعالي، وقد جرت سنة الله تعالي بامتحان عباده، بل ليس خلق الناس وبعث الرسول، وانزال الكتب الا للامتحان، قال الله تعالي (انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه)، وقال عزّ شانه (الذي خلق الموت والحياه ليبلوكم ايكم احسن عملا)، وقال سبحانه: (احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لايفتنون)، ويستفاد من الاخبار التي وقفت عليها في هذا الكتاب؛ ان الامتحان بغيبة المهدي (عليه السلام) من اشد الامتحانات، وان المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد. هذا مضافا؛ الي ان في التصديق وعقد القلب والالتزام والايمان بما اخبر به النبي (صلي الله عليه وآله سلم), من الامور الغيبية؛ امتحانا وارتياضا خاصا، وثمرةٌ لصفاء الباطن وقوة التدين بدين الله تعالي، فامتحان الناس بغيبته (عليه السلام) يكون عملا وأيهمانا وعلما، اما عملا: فلما يحدث في زمان الغيبة من الفتن الشديدة الكثيرة، ووقوع الناس في بليات عظيمة بحيث يصير من اصعب الامور؛ المواظبة علي الوظائف الدينية. واما علما وأيهمانا: فلانه ايمان بالغيب، فلا يؤمن به اِلا من كمل ايمانه، وقويت معرفته، وخلصت نيته. والحاصل؛ ان الناس ممتحنون في الايمان بالله، والتسليم والتصديق بما اخبر به النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، الا ان الامتحان بالايمان؛ بما انه كان من الامور الغيبية؛ ربّما يكون اشدّ من غيره وقد جاء التصريح بوصف هؤلاء المؤمنين في قوله تعالي: (ذلك الكتاب لا ريب فيه, هدي للمتقين, الذين يؤمنون بالغيب....) الآيات؛ وذلك لان الايمان بكلّ ما هو غيب عنا ممّا اخبر به النبيّ (صلي الله عليه وآله)؛ لا يحصل اِلا لاهل اليقين والمتقين الذين نجوا عن ظلمة الوساوس والشبهات الشيطانيّة، وانار نفوسهم نور المعرفة واليقين والايمان الكامل بالله ورسله وكتبه. ومنها: انتظار كمال استعداد الناس لظهوره، فان ظهوره ليس كظهور غيره من الحجج والانبياء، وليس مبنيا علي الاسباب الظاهرية والعادية، وسيرته ايضاً؛ مبنيّة علي الحقائق والحكم بالواقعيات ورفض التقيّة والتسامح في الامور الدينية, فالمهدي (عليه السلام)؛ شديد علي العمّال شديد علي اهل المعاصي, وحصول هذه الامور محتاج الي حصول استعداد خاصّ للعالم ورقاء البشر من ناحية العلوم والمعارف ومن ناحية الفكر ومن ناحية الاخلاق حتي يستعدّ لقبول تعليماته العالية وبرنامجه الاصلاحي. ومنها: الخوف من القتل؛ يشهد التاريخ ان سبب حدوث الغيبة ظاهرا خوفه عن قتله، فإن اعداءه عزموا علي قتله اطفاءا لنوره واهتماما بقطع هذا النسل الطيب المبارك ولكن يابي الله اِلا ان يتم نوره. ومنها: غيرها مما ذكر في الكتب المفصلة. فإن قلت: اي فائدة في وجود الامام الغائب عن الابصار! فهل وجوده وعدمه اِلا سواء؟ قلت: اولا؛ ان فائدة وجود الحجة ليست منحصرة في التصرف في الامور ظاهرا بل اعظم فوائد وجوده ما يترتب عليه من بقاء العالم بإذن الله تعالي وامره كما ينادي بذلك قوله (صلي الله عليه وآله): (اهل بيتي امان لاهل الارض, فإذا ذهب اهل بيتي ذهب اهل الارض). وقوله: (لا يزال هذا الدين قائما الي اثني عشر أميرا من قريش فإذا مضوا ساخت الارض باهلها)، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) (اللهم بلي لا تخلوا الارض من قائم لله...... الخ). وثانيا؛ ان عدم تصرفه ليس من قبله, والمسؤولية في عدم تصرفه متوجهة الي رعيّته. واشار الي الوجهين المحقق الطوسي في التجريد بقوله: (وجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا). وثالثا؛ نقول انا لانقطع علي انه مستتر عن جميع اوليائه كما في (الشافي) و(تنزيه الانبياء)؛ فإذا لا مانع عن تصرفه في بعض الامور المهمة بواسطة بعض اوليائه وخواصّه وانتفاعهم منه. ورابعا: ماهو المسلم والمعلوم استتاره عن الناس، وعدم امكان الوصول إليه في الغيبة - الا لبعض الخواص وغير هم احيانا لبعض المصالح- ولكن لا يلازم هذا استتار الناس عنه صلوات الله عليه, فإنه كما يستفاد من الروايات؛ يحضر الموسم ايام الحج, ويحجّ ويزور جده وآباءه المعصومين, ويصاحب الناس, ويحضر المجالس, ويغيث المضطر, ويعود بعض المرضي وغير هم، وربّما يتكفل بنفسه الشريفة- جعلني الله فداه- قضاء حاجاتهم، والمراد من عدم امكان الوصول إليه في زمان الغيبة عدم امكان معرفته بعينه وشخصه. وخامسا؛ لا يجب علي الامام ان يتولي التصرف في الامور الظاهرية بنفسه, بل له تولية غيره بالخصوص كما فعل في زمان غيبته الصغري, او علي نحو العموم كما فعل في الغيبة الكبري؛ فنصّب الفقهاء والعلماء العدول العالمين بالاحكام للقضاء واجراء السياسات واقامة الحدود وجعلهم حجة علي الناس, فهم يقومون في عصر الغيبة بحفظ الشرع ظاهرا وبيان الاحكام ونشر المعارف الاسلامية ودفع الشبهات وبكل ما يتوقف عليه نظم امور الناس. وتفصيل ذلك يطلب من الكتب الفقهية وان شئت زيادة التوضيح فيما ذكر؛ فعليك بالرجوع الي كتب اكابر اصحابنا كالمفيد والسيد والشيخ والصدوق والعلامة وغير هم جزاهم الله عن الدين افضل الجزاء.(1) السؤال السابع: هل تذكرون لنا بعض الروايات التي اشارت الي علّة غيبتة (عليه السلام)؟ الجواب لقد وردت تسع روايات في بيان علة غيبته (عليه السلام), والحكمة منها, ونحن نشير الي خمس منها: 1- كمال الدين(2): عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: ان لصاحب هذا الامر غيبة لا بد منها يرتاب فيها كلّ مبطل. فقلت ولِمَ جعلت فداك؟ قال لامر لم يؤذن لنا في كشفه لكم. قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته؛ وجه الحكمة في غيبة من تقدّمه من حجج الله تعالي ذكره, ان وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما آتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسي (عليه السلام) الا وقت افتراقهما، يا ابن الفضل! ان هذا الامر امر من (امر) الله تعالي، وسرّ من سرِّ الله، وغيب من غيب الله, ومتي علمنا انه عزّ وجلّ حكيم, صدّقنا بان افعاله كلها حكمة وان كان وجهها غير منكشف. 2- الخرائج والجرائح(3): عن اسحق بن يعقوب عن صاحب الزمان صلوات الله عليه, في آخر التوقيع الوارد في جواب كتابه الذي سأل محمد بن عثمان العمري ان يوصل إليه عجّل الله فرجه: امّا علة ما وقع من الغيبة؛ فان الله عزّ وجلّ يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم), انه لم يكن لاحد من آبائي (عليهم السلام) الا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه, واني اخرج حين اخرج ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي, واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها عن الابصار السحاب, واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء, فاغلقوا باب السؤال عما لايعنيكم ولا تكلفوا علم ما قد كفيتم واكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فان ذلك فرجكم, والسلام عليك يا اسحاق بن يعقوب وعلي من اتبع الهدي. 3- عيون اخبار الرضا:(4) عن ابي الحسن علي بن موسي الرضا (عليهما السلام) قال: كأنني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعي فلا يجدونه, قلت: ولِمَ ذلك يا ابن رسول الله؟ قال لان امامهم يغيب عنهم. فقلت ولِمَ؟ قال لئلا يكون في عنقه لاحد بيعة إذ قام بالسيف. 4- كتاب الغيبة(5): عن زرارة؛ قال (عليه السلام): ان للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت ولم؟ قال يخاف القتل.(6) 5- البحار(7): عن محمد بن مسلم الثقفي؛ قال: سمعت ابا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) يقول: القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر تطوي له الارض وتظهر له الكنوز, يبلغ سلطانه المشرق والمغرب, ويظهر الله عزّ وجلّ به دينه علي الدين كله ولو كره المشركون, فلا يبقى في الارض خراب الا قد عمّر، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلي خلفه. قال؛ قلت: يا ابن رسول الله متي يخرج قائمكم؟ قال إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال واكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء, وركب ذوات الفروج السروج, وقبلت شهادات الزور, وردّت شهادات العدول, واستخفّ الناس بالدماء, وارتكاب الزنا واكل الربا, واتقي الاشرار مخافة السنتهم, وخروج السفياني من الشام, واليماني من اليمن, وخسف بالبيداء, وقتل غلام من آل محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية, وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه وفي شيعته فعند ذلك خروج قائمنا, فإذا خرج اسند ظهره الي الكعبة واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا واول ما ينطق به هذه الآية: (بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين), ثم يقول: انا بقية الله في ارضه وخليفته وحجته عليكم. فلا يسلم عليه مسلم؛ الا قال: السلام عليك يا بقية الله في ارضه؟ فإذا اجتمع إليه العقد؛ وهو عشرة آلاف رجل, خرج فلا يبقى في الارض معبود من دون الله عزّ وجلّ من صنم ووثن وغير ه الا وقعت فيه نار فاحترق, وذلك بعد غيبة طويلة ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به.(8) السؤال الثامن: لقد ذكرتم؛ انه ورد تسع روايات اشارت الي علة غيبته او الحكمة من غيبته (عليه السلام), وذكرتم خمسا منها, فهل لكم ان تذكروا لنا؛ مضامين كل هذه الروايات علي شكل نقاط؟ الجواب يمكن ان نجمع او نلخص مضامين الروايات التسع التي اشارت الي علة غيبته (عليه السلام) علي شكل نقاط وهي: 1- غاب صاحب الامر بايضاًح العذر له في ذلك.(9) 2- غاب لاشتمال الفتنة علي القلوب حتي يكون اقرب الناس إليه اشدّ عداوة له, عند ذلك يؤيده الله بجنودٍ لم تروها.(10) 3- يغيب تمييزا لاهل الضلالة حتي يقول الجاهل مالله في آل محمد من حاجة.(11) 4- ليخرج حين يخرج وليس لاحدٍ في عنقه بيعة.(12) 5- يظهر (عليه السلام) بعدغيبة ٍطويلة ليعلم الله تعالي من يطيعه بالغيب ويؤمن به.(13) ولا يخفى عليك أيها القارئ العزيز؛ انه مرّ عليك في روايات غيبته الطويلة ما يدل علي ذلك ايضاً فراجع. الفصل الثالث: فيما يلازم الغيبة من طول عمره الشريف وانه شاب المنظر وغير ذلك السؤال الاول: اذا كان للامام المهدي (عليه السلام), غيبة طويلة وقد تستمر الفين سنة او اكثر؛ فكيف يمكن ان يبقى هذه المدة حيا! أليس من المستبعد ان يعيش الانسان ألف سنة, او اكثر من ذلك؟ الجواب نذكر ما سطره يراع استاذنا مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر) حول هذه المسئلة: قال دام ظله: اعلم؛ انه استبعد طول عمره بعض من العامة! حتي عاب الشيعة علي قولهم ببقائه (عليه السلام) هذه المدة الطويلة, وقال بعض منهم: ان الوصية لاجهل الناس تصرف الي من ينتظر المهدي (عليه السلام)!. وانت خبير بان لا قيمة للاستبعاد في الامور العلمية والمطالب الاعتقادية بعد ما قام عليه البرهان ودلت عليها الادلة القطعية من العقل والنقل فهذا نوع من سوء الظن بقدرة الله تعالي وليس مبني له اِلا عدم الانس, وقضاء العادة في الجملة علي خلافه والا فيتفق في اليوم والليلة بل في كل ساعة, وان الوفٌ من الحوادث والوقائع العادية في عالم الكون حتي في المخلوقات الصغيرة, وما لايرى الا باعانة المكبرات؛ مما امره اعجب واعظم من؛ طول عمر انسان سليم الاعضاء والقوي العارف بقواعد حفظ الصحة العامل بها، بل ليس مسالة طول عمره اغرب من خلقته وتكوينه وانتقاله من عالم الاصلاب الي عالم الارحام ومنه الي عالم الدنيا, وبهذا دفع الله استبعاد المنكرين للمعاد في كتابه الكريم قال الله تعالي: {يا أيها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفه} الآية؛ وقال: {اولم ير الانسان انا خلقناه من نطفه} الي آخر السورة, وقال عز من قائل: {وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا} الي آخر الآيات, هذا مع وقوع طول العمر في بعض الانبياء؛ كالخضر ونوح وعيسى وغير هم (عليهم السلام), وكيف يكون الايمان بطول عمر المهدي (عليه السلام) امارة الجهل مع تصريح القران الكريم بامكان مثله في قوله تعالي: {فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الي يوم يبعثون}, ووقوعه بالنسبة الي نوح (عليه السلام) في قوله تعالي: {فلبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما}, وبالنسبه الي المسيح (عليه السلام) في قوله تعالي: {وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته}, وقد اخبر ايضاً بحياة ابليس؛ وانه من المنظرين الي يوم الوقت المعلوم, ولم ينكر ذلك احد من المسلمين ولم يستبعده، وروي مسلم في صحيحه, في القسم الثاني من الجزء الثاني في باب ذكر ابن صياد, والترمذي في سننه في الجزء الثاني, وابو داوود في صحيحه في باب خبر ابن صائد من كتاب الملاحم؛ روايات متعددة في ابن صياد وابن صائد, وان النبي (صلي الله عليه وآله): احتمل ان يكون هو الدجال الذي يخرج في آخر الزمان, وروي ابن ماجة في صحيحه في الجزء الثاني في ابواب الفتن في باب فتنة الدجال وخروج عيسى, وابو داوود في الجزء الثاني من سننه من كتاب الملاحم في باب خبر الجسّاسة, ومسلم في صحيحه في باب خروج الدجال ومكثه في الارض؛ حديث تميم الداري, وهو صريح في ان الدجال كان حيا في عصر النبي (صلي الله عليه وآله), وانه يخرج في آخر الزمان, فان كان القول؛ بطول عمر شخص من الجهل, فلم لم ينسب هؤلاء احد بالجهل مع اخراجهم هذه الاحاديث في كتبهم وصحاحهم, وكيف ينسب بالجهل من يعتقد طول عمر المهدي (عليه السلام) مع تجويز النبي (صلي الله عليه وآله) مثله في عدو الله الدجال؟! والحاصل: ان بعد وقوع طول العمر لامجال للتعجب منه فضلا عن الاستبعاد والقول باستحالته, قال السيد ابن طاووس رحمه الله؛ في الفصل (79) من (كشف المحجة) في مناظرته مع بعض العامة: (لو حضر رجل وقال: انا امشي علي الماء ببغداد. فانه يجتمع لمشاهدته, لعل من يقدر علي ذلك منهم فإذا مشي علي الماء, وتعجب الناس منه, فجاء آخر قبل ان يتفرقوا وقال ايضاً: انا امشي علي الماء. فان التعجب منه يكون اقل من ذلك, فمشي علي الماء, فان بعض الحاضرين ربما يتفرقون ويقل تعجبهم, فاذا جاء ثالث وقال: انا ايضاً امشي علي الماء. فربما لا يقف للنظر إليه الا قليل, فإذا مشي علي الماء سقط التعجب من ذلك فان جاء رابع وذكر؛ انه يمشي ايضاً علي الماء. فربما لا يبقى احد ينظر إليه ولا يتعجب منه, وهذه حالة المهدي (عليه السلام), لانكم رويتم؛ ان ادريس حي موجود في السماء منذ زمانه الي الآن, ورويتم؛ ان الخضر حي موجود منذ زمان موسي (عليه السلام) او قبله الي الان, ورويتم؛ ان عيسى حي موجود في السماء وانه يرجع الي الارض مع المهدي (عليه السلام), فهؤلاء ثلاثة انفار من البشر قد طالت اعمارهم وسقط التعجب بهم من طول اعمارهم فهلا كان لمحمد بن عبدالله (صلوات الله وسلامه عليه وآله) اسوة بواحد منهم ان يكون من عترته آية لله جل جلاله في امته بطول عمر واحد من ذريته, فقد ذكرتم ورويتم؛ انه يملأ الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا؟ ولو فكرتم لعرفتم ان تصديقكم وشهادتكم انه يملأ الارض بالعدل شرقا وغربا وبعدا وقربا اعجب من طول بقائه واقرب الي ان يكون ملحوضا بكرامات الله جل جلاله لأوليائه, وقد شهدتم ايضاً له؛ ان عيسى بن مريم النبي المعظم (عليه السلام) يصلي خلفه مقتديا به في صلاته وتبعا له ومنصورا به في حروبه وغزواته, وهذا ايضاً اعظم مقاما مما استبعدتموه من طول حياته فوافقوا علي ذلك انتهي. وقال العلامة سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص ص377): وعامة الامامية علي ان الخلف الحجة موجود وانه حي يرزق ويحتجون علي حياته بادلة: منها: ان جماعة طالت اعمارهم كالخضر والياس, فانه لايدري كم لهما من السنين, وانهما يجتمعان كل سنة فيأخذ هذا من شعر هذا، وفي التوراة ان ذا القرنين عاش ثلاثة الآف سنة، والمسلمون يقولون الفا وخمسمائة، ونقل عن محمد بن اسحاق اسماء جماعة كثيرة رُزقوا طول العمر وقد اسرد الكلام في جواز بقائه (عليه السلام) مذ غيبته الي الآن وانه لا امتناع في بقائه انتهي. واستدل الحافظ الكنجي الشافعي (في كتاب البيان ب 25), علي ذلك؛ ببقاء عيسى والخضر والياس وبقاء الدجال وابليس وذكر دليلا علي بقاء الدجال؛ مارواه مسلم في حديث طويل في الجساسة انتهي. وقد تضمنت التوراة من المعمرين؛ اسماء جماعة كثيرة وذكر احوالهم ففي سفر التكوين الاصحاح الخامس الآية 5 علي ما في ترجمتها من اللغة العبرانية والكلدانية واليونانية الي اللغة العربية ط بيروت سنة (1870م): (فكانت كل ايام آدم التي عاشها تسعمائة وثلاثين سنة ومات) وفي الآية 8 قال: (فكانت كل ايام شيث سبعمائة واثنتي عشرة سنة ومات) وفي الآية 11: (فكانت كل ايام انوش تسعمائة وخمس سنين ومات), وفي الآية 14: (فكانت كل ايام قينان تسعمائة وعشر سنين ومات), وفي الآية 17: (فكانت كل ايام مهللئيل ثمانمائة وخمسا وتسعين سنة ومات), وفي الآية 20: (فكانت كل ايام يارد تسعمائة واثنتين وستين سنة ومات), وفي الآية 23: (فكانت كل ايام اخنوخ ثلاثمائة وخمسا وستين سنة), وفي الآية 27: (فكانت كل ايام متو شالح تسعمائة وتسعا وستين سنة ومات), وفي الآية 31: (فكانت كل ايام لامك سبعمائة وسبعا وسبعين سنة ومات), وفي الاصحاح التاسع في الآية 29: (فكانت كل ايام نوح تسعمائة وخمسين سنة ومات), وفي الاصحاح الحادي عشر في الآية 10 الي 17: (10- هذه مواليد سام؛ لما كان سام ابن مائة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتين. 11- وعاش سام بعد ما ولد ارفكشاد خمسمائة سنة وولد بنين وبنات.12- وعاش ارفكشاد خمسا وثلاثين سنة وولد شالح.13- وعاش ارفكشاد بعد ما ولد شالح اربعمائة وثلاث سنين وولد بنين وبنات.14- وعاش شالح ثلاثين سنة وولد عابر.15- وعاش شالح بعد ما ولد عابر اربعمائة وثلاث سنين وولد بنين وبنات.16- وعاش عابر اربعا وثلاثين سنة وولد فالج.17- وعاش عابر بعد ما ولد فالج اربعمائة وثلاثين سنة وولد بنين وبنات), وذكر في هذا الاصحاح جماعة؛ غير هؤلاء من المعمرين، نقتصر بذكر اسمائهم وهم: فالح ورعو وسروج وناحور وتارح, وفي الاصحاح الخامس والعشرين في الآية 7 ذكر؛ ان ابراهيم عاش مائة وخمسا وسبعين سنة، وفي الآية 17 ذكر؛ ان اسماعيل عاش (137 سنة)، هذا بعض ما في التوراة من اسماء المعمرين وهو حجة علي إليهود والنصاري. وقال العلامة الكراجكي في (كنز الفوائد) في الكتاب الموسوم (بالبرهان علي صحة طول عمر الامام صاحب الزمان)؛ ان: اهل الملل كلهم متفقون علي جواز امتداد الاعمار وطولها وقال بعد ذكر بعض ما في التوراة: وقد تضمنت نظيره شريعة الاسلام ولم نجد احدا من علماء المسلمين يخالفه او يعتقد فيه البطلان بل اجمعوا من جواز طول الاعمار علي ما ذكرناه, انتهي. وقد نقل مثل ذلك عن المجوس والبراهمة والبودائية وغير هم ومن يريد الاطلاع علي احوال المعمرين فليطلبها من؛ (البحار) وكتاب (المعمرين) لابي حاتم السجستاني وكتاب (كمال الدين) و(كنز الفوائد) في الرسالة الموسومة؛ (بالبرهان علي صحة طول عمر الامام صاحب الزمان), فقد ذكر في هذه الرسالة جماعة من المعمرين واشبع الكلام في بيان الادلة الدالة علي جواز طول الاعمار. هذا كله مع ما ثبت في علم الحياة وعلم منافع الاعضاء وعلم الطب من امكان طول عمر الانسان اذا واظب علي رعآية قواعد حفظ الصحة, وان موت الانسان ليس سببه انه عمّر تسعين او ثمانين او غيرهما بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة, وقد تمكن بعض العلماء كما تري فيما نذكره عن مجلة (الهلال) من اطالة عمر بعض الحيوانات (900) ضعف عمره الطبيعي, فاذا اعتبرنا ذلك في الانسان وقدرنا عمره الطبيعي (80 سنة) يمكن اطالة عمره (72000سنة) واليك مقطع من بعض المقالة التي نشرتها مجلة (الهلال) في الجزء الخامس من السنة الثامنة والثلاثين (ص607مارس1930م): كم يعيش الانسان؟ بقلم: طبيب انجليزي يعتقد العامة وبعض الخاصة, حتي من الاطباء ان مدي عمر الانسان سبعون سنة, علي المتوسط كما جاء في التوراة وقلّ ان يجاوز ذلك, وقد وقف رئيس مدرسة طبية ذات يوم خطيبا في تلاميذه فقال: ان الادلة الباثولوجية تدل دلالة مقنعة علي ان انسجة الجسم تبلي بعد مرور زمان ما، وان هنالك حدا محدودا لعمر الانسان. فاذا صح قول هذا المدير؛ فان الاسباب الكثيرة التي تنشأ منها دورة العمر هي ثابتة غير متغيرة دون متناول العلم ولنفرض ان منطقة (كنال بناما) المشهورة بامراضها الكثيرة قطعت عن سائر العالم وكنا نحن فيها نجهل احوال الحياة والموت في العالم الذي وراءها، لو حدث ذلك لكنا نقول ان كثرة الوفيات في هذه المنطقة وقصر العمر امور معينة بحكم الطبيعة، وان التحكم فيها دون متناول العلم. الفرق بين الامرين هو في الدرجة لا في النوع فان جهلنا لاسباب بعض الامراض هو الذي يحول دون تقليل الوفيات واطالة الاعمار في العالم، ودورة العمر كما نسميها متغيرة قابلة لتأثير العلم فيها والذي يعارضني في ذلك اسأله: اي دورة من ادوار العمر هي الثابتة؟ دورة العمر في الهند ام في (نيوزيلند) ام في (أميركا) ام في منطقة (الكنال)؟ وايُّ الحرف التي نحترفها نقول عنها: ان دورة العمر فيها ثابتة وطبيعية أَحرفة الفلكي التي الوفيات فيها (15) الي (20) في المائة تحت المتوسط ام المحاماة التي الوفيات فيها (5) الي (15) فوق المتوسط ام تنظيف الشبابيك التي الوفيات فيها (40) الي (60) في المائة فوق المتوسط؟ هذه امثلة علي عظم الفرق في متوسط الوفيات بين بعض الحرف علي ما في احصاءات بعض شركات التأمين. وهناك ادلة كثيرة؛ علي ان ادوار الحياة بين الاحياء ومنها الانسان تغيرت تغيرا عظيما بالوسائل الصناعية وان ادوار الحياة في بعض الاحياء تزيد كثيرا عما قدر للانسان، فلماذا تعيش السلحفاة (200) سنة والانسان (70)؟ ولم تعيش الخلايا الداخلية في بعض الاشجار (400) سنَة وفي الانسان اقل من (100) سنة؟ وقد يقال جوابا عن هذا: ان الانسان يدفع بذلك ثمن عيشته الحضريّة الراقية وتركيبه الراقي, فالشجرة المشار إليها تمكث في بقعة واحدة فتظهر فيها جميلة ولكن اليس بين الرجال والنساء من لا يصنع اكثر مما تصنع الشجرة وينال اجرا علي ذلك؟ وتجارب المختبرات البيولوجية ذات مغزي كبير فقد استطاع بعض العلماء استنبات افخاذ الدعاميص (صغار الضفادع) من اجسادها قبل اوآن خروجها بتغيير مقدار الاوكسجين في الوسط الموجودة فيه وهذا بمثابة تغيير جوهري في دورة حياة الدعاميص. وكذلك تمكن آخرون من اطالة عمر ذبابة الاثمار (900) ضعف عمرها الطبيعي بحمايتها من السم والعدوي وتخفيض حرارة الوسط الذي تعيش فيه. وتمكن (كارل) بتجاربه من ابقاء الخلايا في قلب جنين دجاجة حيا مدة سبع عشرة سنة بصيانته من بعض العوامل في المحيط الذي وضع فيه. واذا نظرنا الي العوامل المتسلطة علي دور حياة الانسان, وجدنا انه اذا اخذنا شيئاً من المادة المعروفة باسم (كراتن) والمستخرجة من غدة درقية عليلة امكننا اعادتها الي حالتها الطبيعة بحقنها بخلاصة غدة صحيحة, وكثيرا ما انقذ الشخص المشرف علي الموت بحقنه بخلاصة الكبد علي اثر اشتداد اصابته بالأينميا الخبيثة، وموته بها لا يختلف في مبدئه عن الموت علي اثر الشيخوخة, ويعاد المصاب بالسكر الي حالته الطبيعية بحقنه بخلاصة البنكرياس. وامتدت ايدي العلماء الي اصل الجرثومة وقد كان يظن انه لا يمكن العبث بها فتمكنوا من تغيير جنس الضفادع والطيور من الذكور والاناث والعكس, ولم يجرّب ذلك بعد في الانسان ولكن مادام هذا المبدأ قد تايد في الحيوان فلا يمنع تأييده في الانسان الا جهلنا لاشياء لا بد ان تبدو لنا في المستقبل انتهي. الهوامش: (1) منتخب الاثر ج 2 حاشية ص 261-264. (2) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 481 ب 11 ح 44. (3) لقطب الدين الراوندي ج 3 ص 117 ح 3. (4) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 1 ص 273 ب 28 ح 6. (5) للشيخ الطوسي ص 332 ح 274. (6) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 261-266. (7) للعلامة المجلسي ج 52 ص 191 ب 25 ح 24. (8) منتخب الاثر ج 2 ص 300. (9) منتخب الاثر ج 2 ص 42. (10) منتخب الاثر ايضا. (11) المصدر السابق ج 2 ص 257. (12) منتخب الاثر ج 2 ص 291. (13) منتخب الاثر ج 2 ص 301. ****************** وذكر الشيخ طنطاوي الجوهري؛ في الجزء (17) من تفسير ه الذي سماه (بالجواهر), (ص 224) في تفسير قوله تعالي (ومن نعمره ننكسه في الخلق)؛ مقالة نشرتها مجلة (كل شيء) تحكي عن امكان اطالة العمر وتجديد قوي الشيوخ وان الاستاذ او الدكتور (فورونوف) الذي طار اسمه في كل ناحية لا كطبيب بل كمبشر, بامكان اطالة الاعمار الي ما فوق المائة, وبامكان عود الشباب, وجرب ذلك في الحيوانات, قال: قد عملت الي الآن (600) عملية ناجحة واقول الآن عن اقتناع؛ انه لا ينصرم القرن العشرون حتي يمكن تجديد قوي الشيوخ وازالة غبار السنين عن وجوههم الكثيرة الغضون والاسارير واجسامهم المحدوبة الهزيلة, ويمكن ايضاً تأخير الشيخوخة ومضاعفة العمر الذي هو الآن (70) سنة علي الغالب وسيبقى الدماغ والقلب صحيحين الي الاخير وقد يمكن تغيير الصفات والشخصيات والعادات بهذه الطريقة فتقل الجرائيم وتخلق العبقريات وتفرغ الشخصيات في قوالب علي حسب الطلب. وذكر ايضاً عن المجلة المذكورة مقالة اخري (ص 226) وهي هذه: (كم يجب ان نعيش؟ وفوائد اخري) يقول: (هوفلند) احد العلماء الذين صرفوا عنايتهم الي درس الحياة في كتاب وضعه وجعل عنوانه (فن اطالة العمر): ان المرء يولد مستعدا للحياة قرنين من حيث تركيب بنيته ونظام قواه قياسا علي مانراه في الحيوانات اليس الانسان حيوانا مثلها؟ علي ان؛ (هوفلند) لم ينفرد في هذا الرأي فكل الذين يدرسون طبائع المخلوقات يرون رأيه ويرون طلائع النور من ابحاثهم بامكان اطالة العمر.... الي ان قال: ويدعم هذا الرأي؛ ما نراه من حياة بعض الناس الذين عاشوا اعمارا طويلة ان؛ (هنري جنسكس) الانجليزي الذي ولد في ولاية (يورك) بانكلترا عاش (169سنة) ولما بلغ سن (112) كان يحارب في معركة (فورفيلد)، و(جون بافن) البولندي عاش (175سنة) ورأي بعينه ثلاثة من اولاده يتجاوزون المائة من اعمارهم، ويوحنا (سور تنغتون) النرويجي الذي توفي سنة (1797م) عاش (160سنة) وكان بين اولاده من هو في المائة وخمس سنوات، و(طوزمابار)عاش (152سنة)، و(كورتوال)؛ (144سنة), علي ان اكثر من عاش بين البشر حديثا علي ما يعرف هو زنجي بلغ (200سنة)، والاحصاءات تدل علي ان اعمار الناس اطول في اسوج والنرويج وانكلترا منها في فرنسا وايطاليا وكل جنوب اوربا، كما ان الذين عاشوا هذه الاعمار الطويلة انما عاشوها ببساطة وكانت حياتهم حياة جد وعمل. لا مشاحة في ان العمل والعادات والاعتدال من العوامل الرئيسة لاطالة العمر فالافراط في كل امر مع الانحراف عن النظام الطبيعي هو سبب تقصير اعمارنا.. الخ. والغرض من ذلك كله ان مسألة طول العمر ليست من المسائل التي وقعت موقع انكار العلماء وارباب المذاهب والاديان بل قرره كل واحد منهم من طريق فنه وعلمه, او من طريق دينه ومذهبه, فكلما كان الانسان بقواعد حفظ صحة البدن اعرف, يكون عمره اطول وكلما كان اسباب تقصير العمر اكثر يكون نصيبه من حياته اقل وعمره اقصر. قال بعض الاطباء: الموت ينشأ عن المرض لاعن الشيخوخة، والامراض تنشأ من اسباب كثيرة؛ ليس بعضها تحت اختيار الانسان نفسه، كجهل آبائه وامهاته بقواعد حفظ الصحة, وعدم رعايتهم لها، فان لسلامة مزاج الوالدين دخلا عظيما في اعتدال مزاج طفلهما, وهكذا رعايتهما لآداب النكاح وقواعده، وهكذا حسن تربينهما له، وكسوء البيئة وفساد المحيط وغيرها, وبعضها تحت اختياره فهو متمكن عن ازالته, وذلك مثل الافراط في الاكل والشرب, وعدم الترتيب والنظم الصحيح في الافعال, واعمال الغرائز والقوي, مما يوجب الاختلال في المزاج, ومثل الاخلاق الرذيلة والصفات السيئة والمعتقدات الباطلة فانها تورث الاضطرابات الروحية والابتلاء بالوساوس الخبيثة التي لا تدع نفس الانسان في طمأنينة وسكون, فلو ان انسانا سد هذه الابواب وتسلط علي جميع ذلك مما يدخل النقص في بدنه وعمره, واعتدل في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه وغيرها, لما كان لعمره وحياته حد ولا يمتنع بحسب القواعد العلمية بقاؤه ابدا, نعم ثبت باخبار الانبياء ان لا بد لكل نفس ان تذوق الموت, وان كل شيء فانٍ, وأينما تكونوا يدرككم الموت, ولكن هذا لا ينفي تعمير الانسان الوفا من السنين وازيد. ونختم الكلام في هذا الموضوع, بذكر مقالة نقلت في المهدي وغيره, عن مجلة (المقتطف) في الجزء الثالث من السنة التاسعة والخمسين في ذيل عنوان هل يخلد الانسان في الدنيا؟ وقالت: ما هي الحياة وما هو الموت! وهل قدر الموت علي كل حي؟ كل حبة حنطة جسم حي وقد كانت في سنبلة والسنبلة تنبت من حبة اخري, وهذه من سنبلة, وهلم جرا بالتسلسل, ويسهل استقصاء تاريخ ستة آلاف سنة او اكثر، فقد وجدت حبوبه بين الآثار المصرية والآشورية القديمة دلالة علي ان المصريين والآشوريين والاقدمين كانوا يزرعونه ويستغلونه ويصنعون خبزهم من دقيقه, والقمح الموجود الآن لم يخلق من لا شيء بل هو متسلسل من ذلك القمح القديم, فهو جزء حي من جزء حي, وهلم جرا الي ستة الاف سنة او سبعة بل الي مئات الالوف من السنين وحبوب القمح التي نراها ناشفة لا تتحرك ولا تنمو هي في الحقيقة حية مثل كل حي ولا ينقصها لظهور دلائل الحياة الا قليل من الماء, فحياة القمح متصلة منذ الوف من السنين الي الآن وهذا الحكم يطلق علي كل انواع النبات ذوات البذور وذوات الثمار, وماالحيوان بخارج عن هذه القاعدة فان كل واحد من الحشرات والاسماك والطيور والوحوش والدبابات حتي الانسان سيد المخلوقات, كان جزءا صغيرا من والديه فنما وصار مثلهما، وهما من والديهما وهلم جرا، والانسان الذي يخلف نسلا يكون نسله جزأ حيا منه كما ان البذرة جزء من الشجرة- وهذا الجزء الحي تكون فيه جراثيم صغيرة جدا مثل الجراثيم التي كونت اعضاء والديه فتكون اعضاؤه بالغذاء الذي تتناوله وتمثله- فتصير نواة التمر نخلة ذات جذع وسعف وعروق وثمر، وبذرة الزيتون شجرة ذات ساق واغصان وورق وثمر، وقس علي ذلك سائر انواع النبات, وكذا بيوض الحشرات والاسماك والطيور والوحوش والدبابات حتي الانسان. وهذا كله من الامور المعروفة التي لا يختلف فيها اثنان, ولكن الشجرة نفسها قد تعمر الف سنة او الفي سنة, والانسان لا يعمر اكثر من سبعين او ثمانين سنة وفي النادر يبلغ مائة سنة, فالجراثيم المعدة لاِخلاف النسل تبقي حية وتنمو كما تقدم ولكن سائر اجزاء الجسم تموت كان الموت مقدر عليه، وقد مرت القرون والناس يحاولون التخلص من الموت او تاخير الآجل, ولاسيما في هذا العصر عصر مقاومة الامراض والآفات بالدواء والوقاية, وقد ثبت علي التحقيق ان جماعة عاشوا (120سنة) او اكثر الي (170سنة) في عصرنا. لكن العلماء الموثوق بعلمهم يقولون: ان كل الانسجة الرئيسية من جسم الحيوان تقبل البقاء الي ما لانهاية، وانه في الامكان ان يبقى الانسان حيا الوفا من السنين اذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته, وقولهم هذا ليس مجرد ظن بل هو نتيجة عملية مؤيدة بالامتحان. فقد تمكن احد الجراحين من قطع جزء من حيوان وابقائه حيا اكثر من السنين التي يحياها ذلك الحيوان عادة, اي صارت حياة ذلك الجزء مرتبطة بالغذاء الذي يقدم له بعد السنين التي يحياها فصار في الامكان ان يعيش الي الابد مادام الغذاء اللازم موفورا له. وهذا الجراح؛ هو الدكتور (الكسي كارل), من المشتغلين في معهد (ركفلر) بنيويورك، وقد امتحن ذلك في قطعة من جنين الدجاج فبقيت تلك القطعة حية نامية اكثر من ثماني سنوات, وهو وغير ه امتحنا قطعا من اعضاء جسم الانسان - من اعضائه وعضلاته وقلبه وجلده وكليتيه- فكانت تبقي حية نامية مادام الغذاء اللازم موفورا لها. حتي قال الاستاذ (ديمند وبرل) من اساتذة جامعة (جونس هيكنس): ان كل الاجزاء الخلوية الرئيسية من جسم الانسان, قد ثبت اما ان خلودها بالقوة صار امرا مثبتا بالامتحان او مرجحا ترجيحا تاما لطول ما عاشته حتي الان. وهذا القول غاية في الصراحة والاهمية علي ما فيه من التحرس العلمي والظاهر ان اول من امتحن ذلك في اجزاء من جسم الحيوان هو الدكتور (جاك لوب) وهو من المشتغلين في معهد (ركفلر) ايضاً فانه كان يمتحن توليد الضفادع من بيضها اذا كان غير ملقح فرأي ان بعض البيض يعيش زمانا طويلا وبعضها يموت سريعا فقاده ذلك الي امتحان اجزاء من جسم الضفدع فتمكن من ابقاء هذه الاجزاء حية زمانا طويلا. ثم اثبت الدكتور (ورن لويس) وزوجته؛ انه يمكن وضع اجزاء خلوية من جسم جنين الطائر في سائل ملحي فتبقي حية واذا اضيفت إليه قليلا من بعض المواد الآلية جعلت تلك الاجزاء تنمو وتتكاثر, وتوالت التجارب؛ فظهر ان الاجزاء الخلوية من اي حيوان كان، يمكن ان تعيش وتنمو في سائل فيه ما يغذيها ولكن لم يثبت ما ينفي موتها اذا شاخت, فقام الدكتور (كارل)، وجرّب التجارب المشار إليها آنفا فاثبت منها؛ ان هذه الاجزاء لا تشيخ کالحيوان الذي اخذت منه بل تعيش اكثر مما يعيش هو عادة، وقد شرع في التجارب المذكورة في شهر يناير سنة (1912م)، ولقي عقبات كثيرة في سبيلها فتغلب عليها هو ومساعدوه وثبت له: اولا: ان هذه الاجزاء الخلوية تبقي حية مالم يعرض لها عارض يميتها, اما من قلة الغذاء, او من دخول بعض الميكروبات. وثانيا: انها لا تكتفي بالبقاء حية بل تنمو خلاياها وتتكاثر كما لو كانت باقية في جسم الحيوان. وثالثا: انه يمكن قياس نموها وتكاثرها ومعرفة ارتباطها بالغذاء الذي يقدم لها. ورابعا: ان لا تأثير للزمن اي انها لا تشيخ او تضعف بمرور الزمن بل لا يبدو عليها اي اثر للشيخوخة بل تنمو وتتكاثر في هذه السنة كما كانت تنمو وتتكاثر في السنة الماضية وما قبلها من السنين, وتدل الظواهر كلها علي انها ستبقي حية نامية مادام الباحثون صابرين علي مراقبتها وتقديم الغذاء الكافي لها, فشيخوخة الاحياء ليست سببا بل هي نتيجة. ولكن لماذا يموت الانسان؟ ولماذا نري سنيه محدودة لا تتجاوز المائة الا نادرا جدا وغايتها العادية سبعون او ثمانون؟ والجواب: ان اعضاء جسم الحيوان كثيرة مختلفة وهي مرتبطة بعضا ببعض ارتباطا محكما حتي ان حياة بعضها تتوقف علي حياة البعض الآخر فاذا ضعف بعضها ومات لسب من الاسباب مات بموته سائر الاعضاء، ناهيك بفتك الامراض الميكروبية المختلفة, وهذا مما يجعل متوسط العمر اقل جدا من السبعين والثمانين لا سيما وان كثيرين يموتون اطفالا, وغاية ما ثبت الآن من التجارب المذكورة؛ ان الانسان لا يموت لانه عمّر كذا من السنين, سبعين او ثمانين او مائة او اكثر, بل لان العوارض تنتاب بعض اعضائه فتتلفها, ولارتباط اعضائه بعضها ببعض تموت كلها, فاذا استطاع العلم ان يزيل هذه العوارض او يمنع فعلها لم يبق مانع يمنع استمرار الحياة مئات من السنين, كما يحيى بعض انواع الاشجار, وقلما ينتظر ان تبلغ العلوم الطبية والوسائل الصحية هذه الغاية القصوي, ولكن لا يبعد ان تدانيها فيتضاعف متوسط العمر او يزيد ضعفين او ثلاثة انتهي. وان شئت زيادة توضيح علي ذلك فراجع كتابنا (الامامة والمهدوية).(1) السؤال الثاني: اذا ثبت من الناحية العلمية والعقلية؛ امكان ان يعيش الانسان هذه المدة الطويلة, وبالخصوص اذا كانت القضية معجزة الهية, فهل ذكرت الروايات هذه المسئلة؛ وهي طول عمر الامام الحجة (عليه السلام)؟ الجواب لقد ورد, في ان الامام الحجة (عليه السلام) طويل العمر جدا؛ حوالي 363 حديثا نشير الي بعض منها: 1- كمال الدين(2): حدّث الحسن بن محمد بن صالح البزار قال: سمعت الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) يقول: ان ابني هو القائم من بعدي, وهو الذي تجري فيه سنن الانبياء (عليهم السلام), بالتعمير والغيبة, حتي تقسو القلوب لطول الامد, فلايثبت علي القول به الا من كتب الله عزّ وجلّ في قلبه الايمان وايده بروح منه. 2- غيبة النعماني(3): عن حمّاد بن عبد الكريم الجلاب قال: ذُكر القائم عند ابي عبدالله (عليه السلام) فقال: اما انه لوقد قام لقال الناس؛ اني يكون هذا وقد بُليت عظامه مذ كذا وكذا!. 3- الخرائج(4): عن الحسن العسكري (عليه السلام) انه قال: لاحمد بن اسحاق, وقد اتاه ليسأله عن الخلف بعده؟ فلما رآه قال مبتدئا: مثله مثل الخضر, ومثله مثل ذي القرنين, ان الخضر شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتي ينفخ في الصور, وانه ليحضر الموسم في كل سنة ويقف بعرفة فيؤمن علي دعاء المؤمن, وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته, ويصل به وحدته, فله البقاء في الدنيا مع الغيبة عن الابصار. 4- البحار(5): عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: في القائم سنة من نوح، وهو طول العمر. 5- كمال الدين(6): عن جابر بن عبدالله الانصاري, قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: ان ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عزّ وجلّ حجة علي عباده, فدعا قومه الي الله وامرهم بتقواه, فضربوه علي قرنه فغاب عنهم زمانا حتي قيل مات اوهلك باي واد سلك ثم ظهر ورجع الي قومه, فضربوه علي قرنه الآخر, وفيكم من هو علي سنته, وان الله عزّ وجلّ مكن لذي القرنين في الارض وجعل له (وآتاه - خ) من كل شيء سببا, وبلغ المغرب والمشرق, وان الله تبارك وتعالي سيجري سنته في القائم من ولدي, فيبلغه شرق الارض وغربها, حتي لا يبقى منهلا ولا موضعا من سهل ولا جبل وطأه ذو القرنين الا وطأه, ويظهر الله عزّ وجلّ له كنوز الارض ومعادنها, وينصره بالرعب, فيملا الارض به عدلا وقسطا, كما ملئت جورا وظلما. ولو اضيف الي هذه الاحاديث - بقرينة الروايات الواردة؛ في ان الارض لا تخلو من الحجة والامام, والادلة العقلية القطعية المذكورة في الكتب الكلامية - جميع الروايات المذكورة الدالة علي انحصار الائمة والحجج بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في الاثني عشر, وان اولهم علي وآخرهم المهدي (عليهما السلام) وان تاسعهم قائمهم, وانه التاسع من ولد الحسين, وانه ابن الامام الحسن العسكري (عليه السلام), يصير عدد هذه الطائفة من الاحاديث 363 حديثا, لدلالة الجميع علي بقائه وحياته منذ زمان ولادته الي الآن, والله علي ما يشاء قدير وهو الحكيم العليم.(7) السؤال الثالث: اذا ثبت كما تفضلتم امكان بقائه (عليه السلام) حيا؛ فكيف سيكون وضعه الجسمي؟ هل سيهرم ويبدو عليه الكبر, ام المعجزة تتداخل لتشمل مظهره ايضاً, وانه لايهرم ويبقى متماسكا قويا, رغم توالي الاعوام والقرون عليه؟ الجواب لقد وردت عدّة روايات؛ وهي حوالي عشرة, تبين ان الامام الحجة (عليه السلام) رغم ان عمره طويل- قد يستمر اكثر من الفين سنة او اكثر- فان مظهره وشكله سيبقى علي شكل شاب ولا يهرم بمرور الايام والقرون واليك بعضا من تلك الروايات:(8) 1- كمال الدين(9): عن محمد بن مسلم الثقفي الطحان, قال: دخلت علي ابي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) وانا أريد ان اسأله عن القائم من آل محمد (صلي الله عليه وعليهم)؟ فقال لي مبتدئا: يا محمد بن مسلم ان في القائم من آل محمد سنة من خمسة من الرسل؛ يونس بن متي, ويوسف بن يعقوب, وموسي, وعيسى, ومحمد (صلي الله عليه وآله وسلم) فاما سنة من يونس بن متّي؛ فرجوعه من غيبته وهو شابّ بعد كبر السن, واما سنة من يوسف بن يعقوب؛ فالغيبة من خاصته وعامته واختفاؤه من اخوته واشكال امره علي ابيه يعقوب النبي (عليه السلام) من قرب المسافة بينه وبين ابيه واهله وشيعته, واما سنة من موسي؛ فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده مما لقوا من الاذي والهوان الي ان اذن الله عزّ وجلّ في ظهوره ونصره وايده علي عدوه, واما سنة من عيسى؛ فاختلاف من اختلف فيه حتي قالت طائفة: ما ولد! وقالت طائفة: مات وقالت طائفة: قتل وصلب, واما سنة من جده المصطفي محمد (صلي الله عليه وآله وسلم)؛ فتجريده السيف وقتله اعداء الله واعداء رسوله والجبارين والطواغيت, وانه ينصر بالسيف والرعب وانه لا ترد له راية, وان من علامات خروجه (عليه السلام) خروج السفياني من الشام وخروج اليماني (من اليمن), وصيحة من السماء في شهر رمضان ومناد ينادي من السماء باسمه واسم ابيه. 2- البحار(10): عن ابي الصلت الهروي, قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما علامات القائم (عليه السلام) منكم اذا خرج؟ قال: علامته ان يكون شيخ السن شاب المنظر, حتي ان الناظر ليحسبه ابن اربعين سنة او دونها, وان من علاماته ان لا يهرم بمرور الايام والليالي حتي ياتيه اجله. 3- عقد الدرر(11): عن ابي عبدالله الحسين بن علي (عليهما السلام)؛ انه قال: لو قام المهدي لانكره الناس! لانه يرجع إليهم شابا موفقا, وان من اعظم البلية ان يخرج إليهم صاحبهم شابا وهم يحسبونه شيخا كبيراً. 4- غيبة النعماني(12): عن علي بن أبي حمزة عن ابي عبدالله, انه قال: لو قد قام القائم لانكره الناس! لانه يرجع إليهم شابا موفقا لا يثبت عليه اِلا من قد اخذ الله ميثاقه في الذرّ الاول. 5- كتاب الغيبة(13): روي في خبرٍ آخر: ان في صاحب الزمان شبها من يونس, رجوعه من غيبته بشرخ الشباب.(14) السؤال الرابع: ذكرتم؛ ان الامام الحجة (عليه السلام) سوف يعيش هذا العمر الطويل, وذكرتم ايضاً؛ انه يعيش مع الناس ولكنهم لا يعرفونه, فهل سوف يدخل فيما دخل به الناس من البيعة للحكام والسلاطين ام يبقى بعيدا عن كل ذلك؟ الجواب رغم طول عمر الامام الحجة (عليه السلام) ورغم انه يعيش بين اوساط الناس احيانا وهم لا يعرفونه الا انه لا يبايع احدا ولا يكون في عنقه عهدا لاحد واليك بعض الروايات في ذلك: 1- غيبة النعماني(15): عن ابي عبدالله (عليه السلام) انه قال: يقوم القائم وليس في عنقه بيعة لاحد. 2- الكافي(16): عن ابي عبدالله (عليه السلام)، قال: يقوم القائم وليس لاحد في عنقه عهدٌ ولا عقدٌ ولا بيعة ٌ. 3- اثبات الوصية(17): عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: صاحب هذا الامر ليس لاحد في عنقه عهدٌ ولا عقدٌ ولا ذمة. 4- كمال الدين(18): عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: صاحب هذا الامر تعمي ولادته علي هذا الخلق لئلا يكون لاحد في عنقه بيعة اذا خرج. 5- اثبات الهداة(19): عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: يبعث القائم وليس في عنقه بيعة لاحد. وفي هذا المعني يوجد 12 حديثا.(20) السؤال الخامس: ما هي الفوائد المترتبة علي غيبته (عليه السلام)؛ هل توجد فوائد ام لا؟ الجواب تجده في الروايات الواردة, وبما ان هذا الكتاب مقتبس من الآثر النبوي الشريف فاننا لا نعدوه واليك الروايات التي اشارت الي بعض موارد الانتفاع به وتصرفه في الامور (عليه السلام) في غيبته: 1- نهج البلاغة(21): عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) انه قال: اللهمّ بلي، لاتخلو الارض من قائم لله بحجة اما ظاهرا مشهورا او خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته وكم ذا وأين؟ اولئك والله الاقلون عددا والاعظمون عندالله قدرا يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتي يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب اشباههم, هجم بهم العلم علي حقيقة البصيرة وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالمحل الاعلي, اولئك خلفاء الله في ارضه والدعاة الي دينه آه آه شوقا الي رؤيتهم. 2- ينابيع المودة(22): منا المهدي يسري في الدنيا بسراج منير ويحذو فيها علي مثال الصالحين, ليحل ربقا, ويعتق رقا, ويصدع شعبا, ويشعب صدعا, في سترة عن الناس, لا يبصر القائف اثره ولو تابع نظره. 3- فرائد السمطين(23): عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: نحن أئمة المسلمين وحجج الله علي العالمين وسادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين وموالي المؤمنين, ونحن امان اهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء, ونحن الذين بنا يمسك السماء ان تقع علي الارض الا باذنه, وبنا يمسك الارض ان تميد باهلها, وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة وتخرج بركات الارض, ولولا مافي الارض منا لساخت باهلها، ثم قال؛ ولم تخل الارض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور او غائب مستور ولا تخلو الي ان تقوم الساعة من حجة لله فيها ولولا ذلك لم يعبدالله. قال سليمان: فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس اذا سترها السحاب. فائدة: ذكر العلامة المجلسي - رحمه الله - في وجه تشبيهه بالشمس اذا سترها سحاب, وجوها: الاول: ان نور الوجود والعلم والهداية يصل الي الخلق بتوسطه (عليه السلام) اذ ثبت بالاخبار المستفيضة؛ انهم العلل الغائية لايجاد الخلق فلولاهم لم يصل نور الوجود الي غيرهم, وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسل إليهم؛ تظهر العلوم والمعارف علي الخلق, ويكشف البلايا عنهم فلولاهم لاستحق الخلق بقبائح اعمالهم انواع العذاب, كما قال تعالي: (ما كان الله ليعذبهم وانت فيهم), ولقد جربنا مرارا لانحصيها؛ ان عند انغلاق الامور واعضال المسائل والبعد عن جناب الحق تعالي وانسداد ابواب الفيض, لما استشفعنا بهم وتوسلنا بانوارهم فبقدر ما يحصل الارتباط المعنويّ بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الامور الصعبة وهذا معأين لمن اكحل الله عين قلبه بنور الايمان, وقد مضي توضيح ذلك في كتاب الامامة. الثاني: كما ان الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كل آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ليكون انتفاعهم بها اكثر, فكذلك في ايام غيبته (عليه السلام) ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كل وقت وزمان ولا يياسون منه. الثالث: ان منكر وجوده (عليه السلام) مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس اذا غيبها السحاب عن الابصار. الرابع: ان الشمس قد تكون غيبتها في السحاب, اصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب, فكذلك غيبته (عليه السلام) اصلح لهم في تلك الازمان فلذا غاب عنهم. الخامس: ان الناظر الي الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الاحاطة بها, فكذلك شمس ذاته المقدسة ربما يكون ظهوره اضرّ لبصائرهم ويكون سببا لعماهم عن الحق، وتحتمل بصائرهم الايمان به في غيبته كما ينظر الانسان الي الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر بذلك. السادس: ان الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد دون واحد, كذلك يمكن ان يظهر (عليه السلام) في ايام غيبته لبعض الخلق دون بعض. السابع: انهم كالشمس في عموم النفع وانما لا ينتفع بهم من كان اعمي كما فسرّ به في الاخبار بقوله تعالي: (من كان في هذه اعمي فهو في الاخرة اعمي واضل سبيلا). الثامن: ان الشمس كما ان شعاعها يدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع عنها؛ فكذلك الخلق, انما ينتفعون بانوار هدايتهم بقدر ما يرفعون من الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية والعلائق الجسمانية وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية، الي ان ينتهي الامر الي حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب. قد فتحت لك من هذه الجنة الروحانية ثمانية ابواب ولقد فتح الله علي بفضله ثمانية اخري تضيق العبارة عن ذكرها عسي الله ان يفتح علينا وعليك في معرفتهم الف باب يفتح من كل باب الف باب انتهي كلامه قدس الله سرّه.(24) 4- كمال الدين(25): عن علي (عليه السلام) انه قال؛ في خطبة له علي منبر الكوفة: اللهم لا بد لارضك من حجة لك علي خلقك يهدىهم الي دينك ويعلمهم علمك لئلا تبطل حجتك ولا يضلّ اتباع اوليائك بعد اذ هديتهم به, اما ظاهر ليس بالمطاع او مكتتم مترقب, ان غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم فان علمه وآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة فهم بها عاملون. 5- كتاب الغيبة(26): عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: الإسلام والسلطان العادل اخوان توأمان لا يصلح واحد منهما الا بصاحبه, الاسلام اسّ والسلطان العادل حارس، مالااس له فمنهدم، ومالاحارس له فضائع فلذلك اذا رحل قائمنا لم يبق اثر من الدنيا. 6- كمال الدين(27): عن جابر بن عبدالله الانصاري انه قال: لما انزل الله عزّ وجلّ علي نبيه محمد (صلي الله عليه وآله وسلم): (يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم).قلت: يارسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن اولوالامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): هم خلفائي ياجابر وائمة المسلمين من بعدي؛ اولهم علي بن ابي طالب, ثم الحسن والحسين, ثم علي بن الحسين, ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه ياجابر فاذا لقيته فاقرئه مني السلام, ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر, ثم علي بن موسي, ثم محمد بن علي, ثم علي بن محمد, ثم الحسن بن علي, ثم سميي وكنيي حجة الله في ارضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي؛ ذاك الذي يفتح الله تعالي ذكره علي يديه مشارق الارض ومغاربها, ذاك الذي يغيب عن شيعته واوليائه, لا يثبت فيها علي القول بامامته الا من امتحن الله قلبه للايمان. قال جابر؛ فقلت له: يارسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال (عليه السلام): اي والذي بعثني بالنبوة انهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان تجللها سحاب، ياجابر هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علمه فاكتمه الا عن اهله؟ قال جابر بن يزيد: فدخل جابر بن عبدالله الانصاري علي علي بن الحسين (عليهما السلام) فبينما هويحدثه اذ خرج محمد بن علي الباقر (عليه السلام) من عند نسائه وعلي راسه ذؤابه وهوغلام, فلما بصر به جابر ارتعدت فرائصه وقامت كل شعرة علي بدنه ونظر إليه مليا ثم قال له: يا غلام اقبل؟ فاقبل، ثم قال له: ادبر؟ فادبر، فقال جابر: شمائل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ورب الكعبة، ثم قام فدنا منه فقال له: ما اسمك ياغلام؟ فقال محمد، قال: ابن من؟ قال: ابن علي بن الحسين، قال: يابني فدتك نفسي فانت اذا الباقر؟! فقال: نعم، ثم قال: فابلغني ما حملك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ فقال جابر: يامولاي ان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بشرني بالبقاء الي ان القاك وقال لي: اذا لقيته فاقرئه مني السلام, فرسول الله يامولاي يقرأ عليك السلام؟ فقال ابو جعفر (عليه السلام): يا جابر علي رسول الله السلام ماقامت السماوات والارض وعليك ياجابر كما بلغت السلام، فكان جابر بعد ذلك يختلف إليه ويتعلم منه فساله محمد بن علي (عليهما السلام) عن شيء؟ فقال له جابر: والله مادخلت في نهي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فقد اخبرني انكم الائمة الهداة من اهل بينه من بعده, احلم الناس صغارا واعلم الناس كبارا, وقال: (لا تعلموهم فهم اعلم منكم). فقال ابو جعفر (عليه السلام): صدق جدي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) اني لاعلم منك بما سالتك عنه ولقد اوتيت الحكم صبيا، كل بفضل الله علينا ورحمته لنا اهل البيت.(28) 7- كتاب الغيبة(29): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، انه ذكر القائم (عليه السلام) فقال: اما ليغيبنّ حتي يقول الجاهل مالله في آل محمد حاجة.(30) وبهذا المعني وجدنا سبع روايات ذكرناها لك.(31) الهوامش: (1) منتخب الاثر في الامام الثاني عشر ج 2 ص 272-282. (2) لابي جعفر الشيخ الصدوق : ج 2 ص 524 ب 46 ح 4. (3) للشيخ النعمائي : ص 155 ب 10 ح 14. (4) لقطب الدين ابي الحسين بن هبة الله الراوندي ج 3 ص 1174. (5) للعلامة المجلسي ج 51 ص 217 ب 13 ح 5. (6) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 394 ب 38 ح 4. (7) منتخب الاثر ج 2 ص 272-284. (8) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 285-288. (9) لأبي جعفر الشيخ الصدوق ج 1 ص 327 ب 32 ح 7. (10) للعلامة المجلسي ج 52 ص 285 ح 16. (11) ليوسف بن يحيي المقدسي الشافعي ص 41 ب 3. (12) للشيخ النعماني ص 188ب 10 ح 43. (13) لشيخ الطائفه الطوسي ص 421 ح 399. (14) منتخب الاثر ج 2 ص 287. (15) للشيخ النعماني : ص 191 ب 10 ح 45. (16) لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني ج 1 ص 342 ح 27. (17) لابي الحسن علي بن الحسين المسعودي ص 223. (18) لأبي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 479 ب 44 ح 1. (19) للشيخ الحرّ العاملي ج 6 ص 435 ب 32 ب 32 ح 208. (20) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 265-296. (21) لصبحي الصالح ص 497 قصار الحكم 147. (22) للشيخ سليمان البلخي القندوزي ص 437. (23) لشيخ الاسلام الحموئي الخراساني ج 1 ص 45 ب 2 ح 11. (24) منتخب الاثر ج 2 ص 269-270. (25) لأبي جعفر الشيخ الصدوق ج 1 ص 302 ب 27 ح 11. (26) للفضل بن شاذان النيشابوري عن كفاية المهتدي (الاربعين) ص 222 ذيل ح 39. (27) لأبي جعفر الشيخ الصدوق ج 1 ص 253 ب 23 ح 3. (28) منتخب الاثر ج 1 ص 174. (29) للشيخ الطوسي ص 340 ح 290. (30) منتخب الاثر ج 2 ص 244. (31) متخب الاثر ج 2 ص 267-271. ****************** الفصل الرابع: حول غيبته الصغري (عليه السلام), وفيمن رآه فيها وبعض من معجزاته وسفرائه السؤال الاول: لقد ذكرتم ان هناك علة وحكمة في الغيبة الكبري للامام المهدي (عليه السلام)، فهل هناك حكمة وعلة ايضاً في غيبته الصغري؟ الجواب لقد مرّ عليك فيما سبق من الروايات ان ولادته كانت بالخفاء وكذا حياته زمن ابيه ولعل غيبته هي منذ ولادته لابعد وفاة ابيه (عليه السلام)، ولقد مر عليك سابقا ما يدل علي سبب غيبته كخوف القتل لذا كانت ولادته بالخفاء. ونحن نضيف هنا غير ذلك مما يدل علي علة غيبته بشكل مختصر: 1- كمال الدين(1): عن السياري, قال: حدثتني نسيم وماريه قالتا: انه لما سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن امه جاثيا علي ركبتيه, رافعا سبابتيه الي السماء ثم عطس فقال: الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله, زعمت الظلمة؛ ان حجة الله داحضة, لو اذن لنا في الكلام لزال الشك.(2) 2- البحار(3): انه خرج من ابي محمد (عليه السلام) توقيع: زعموا انهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل وقد كذب الله عزّ وجلّ قولهم والحمدلله. فالمقصود بالقتل والقضاء علي الامام ابي محمد (عليه السلام), اولا وآخرا هو؛ القضاء علي الحجة (عليه السلام).(4) 3- اثبات الهداة(5): قال حدثنا الحسن بن المنذر عن حمزة بن ابي الفتح قال: جاءني يوما فقال لي: البشارة ولد البارحة مولود لابي محمد (عليه السلام) وأمر بكتمانه.(6) 4- كمال الدين(7): عن احمد بن الحسن بن اسحاق القمي قال: لما ولد الخلف الصالح (عليه السلام)، ورد عن مولانا ابي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)؛ الي جدي احمد بن اسحاق, كتاب فاذا فيه مكتوب بخط يده (عليه السلام) الذي كان ترد به التوقيعات عليه, وفيه؛ ولد لنا مولود فليكن عندك مستورا وعن جميع الناس مكتوما فانا لم نظهر عليه الا الاقرب لقرابته والولي لولايته, احببنا اعلامك ليسرك الله به مثل ما سرنا به والسلام. 5- ينابيع المودة(8): وحدث ابو الاديان؛ قال: كنت اخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام), واحمل كتبه الي الامصار, فدخلت عليه في علته التي توفي فيها, (صلوات الله عليه), فكتب معي كتبا، وقال: امض بها الي المدائن, فانك ستغيب خمسه عشر يوما وتدخل الي سر من راي يوم الخامس عشر, وتسمع الواعية في داري, وتجدني علي المغتسل. قال ابو الاديان؛ فقلت: ياسيدي فاذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي. فقلت: زدني؟ فقال: من يصلي علي فهو القائم بعدي، فقلت: زدني؟ فقال: من اخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي، ثم منعتني هيبته ان اساله عما في الهميان, وخرجت بالكتب الي المدائن, واخذت جواباتها ودخلت سر من راي يوم الخامس عشر, كما ذكر لي (عليه السلام)، فاذا انا بالواعية في داره, واذا به علي المغتسل, واذا انا بجعفر بن علي, أخيه بباب الدار, والشيعة من حوله يعزونه ويهنّونه, فقلت؛ في نفسي: ان يكن هذا الامام فقد بطلت الامامة! لاني كنت اعرفه، يشرب النبيذ, ويقامر في الجوسق, ويلعب بالطنبور, فقدمت؛ فعزيت وهنيت, فلم يسالني عن شيء, ثم خرج عقيد, فقال: ياسيدي قد كفن اخوك فقم وصل عليه؟ فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم؛ السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة, فلما صرنا في الدار,اذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه, علي نعشه مكفنا، فتقدم جعفر بن علي ليصلي علي أخيه, فلما هم بالتكبير, خرج صبي بوجهه سمرة, بشعره قطط، باسنانه تفليج, فجذب برداء جعفر بن علي, وقال: تاخر ياعم! فانا احق بالصلاة علي ابي؟ فتاخر جعفر وقد اربد وجهه واصفر, فتقدم الصبي وصلي عليه, ودفن الي جانب قبر ابيه (عليهم االسلام) ثم قال: يابصري هات جوابات الكتب التي معك؟ فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بينتان، بقي الهميان, ثم خرجت الي جعفر بن علي وهو يزفر! فقال له حاجز الوشاء: ياسيدي من الصبي لنقيم الحجة عليه؟ فقال: والله ما رأيته قط, ولا اعرفه. فنحن جلوس اذ قدم نفر من قم, فسالوا؛ عن الحسن بن علي (عليهما السلام)؟ فعرفوا موته, فقالوا: فمن (نعزّي)؟ فاشارالناس؛ الي جعفر بن علي؟ فسلموا عليه وعزوه وهنوه وقالوا: ان معنا كتبا ومالا, فتقول؛ ممن الكتب وكم المال؟ فقام ينفض اثوابه ويقول: تريدون منا ان نعلم الغيب! قال؛ فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان (وفلان) وهميان فيه الف دينار وعشرة دنانير منها مطلية! فدفعوا إليه الكتب والمال وقالوا: الذي وجه بك لاخذ ذلك هو الامام!؟ فدخل جعفر بن علي علي المعتمد وكشف له ذلك، فوجه المعتمد بخدمه فقبضوا علي صقيل الجارية فطالبوها بالصبي؟ فنكرته وادعت حبلا بها لتغطي حال الصبي، فسلمت الي ابي الشوارب القاضي، وبغتهم موت عبيدالله بن يحيى بن خاقان فجأة، وخروج صاحب الزنج بالبصرة، فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن ايديهم والحمدلله رب العالمين. وهذه الروايات دلت بالمطابقة او الالتزام؛ علي ان الامام الحجة (عليه السلام) كان معرضا للقتل لذا كان من الحكمة ان يختفي عن الانظار. ونضيف علي ذلك؛ ما سطره يراع استاذنا المفدي اية الله العظمي؛ الشيخ صافي الگلپايگاني دام ظله: ويمكن ان يكون السرّ في وقوع الغيبة الصغري: عدم انس الشيعة بالغيبة التامة, فوقعت الغيبة الصغري قبل الغيبة الكبري لئلا يستوحشوا منها اذا وقعت, بل الناظر في التواريخ يرى انهم (عليهم السلام)؛ كانوا يعودون الشيعة باختفاء الامام عن نظر الرعية في الجملة من زمان الامام ابي الحسن علي بن محمد الهادي (عليهما السلام)، ذكر ذلك المسعودي, المؤرخ الكبير في (اثبات الوصية)، قال: وروي؛ ان ابا الحسن صاحب العسكر احتجب عن كثير من الشيعة الا عدد يسير من خواصه, فلما افضي الامر الي ابي محمد, كان يكلم شيعته الخواص وغير هم وراء الستر, الا في الاوقات التي يركب فيها الي دار السلطان, وان ذلك انما كان منه ومن ابيه قبله مقدمة لغيبة صاحب الزمان, لتالف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة, وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار.(9) السؤال الثاني: هل راي الامام الحجة (عليه السلام) احدٌ من الناس؟ الجواب لقد مرّ عليك سابقا في الفصل الاول في السؤال الخامس؛ فيمن رآه زمن ابيه, ونحن نشير في جواب هذا السؤال بنقل بعض الروايات الدالة علي من فاز برؤيته (عليه السلام) في الغيبة الصغري: 1- كمال الدين(10): حدث عبدالله بن جعفر الحميري, قال: سمعت محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه- يقول: رأيته صلوات الله عليه متعلقا باستار الكعبة, في المستجار, وهويقول اللهم انتقم لي من اعدائي. 2- البحار(11): عن محمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الكبير, مولي الرضا (عليه السلام) قال: خرج صاحب الزمان علي جعفر الكذاب! من موضع لم يعلم به, عندما نازع في الميراث, بعد مضي ابي محمد (عليه السلام) فقال له: ياجعفر مالك تعرض في حقوقي! فتحير جعفر وبهت, ثم غاب عنه, فطلبه جعفر بعد ذلك في الناس, فلم يره, فلما ماتت الجدة؛ ام الحسن, امرت ان تدفن في الدار؟ فنازعهم وقال: هي داري لا تدفن فيها! فخرج (عليه السلام) فقال: ياجعفر ادارك هي؟! ثم غاب عنه فلم يره بعد ذلك. 3- کتاب الغيبة(12): حدث الازدي, قال: بينما انا في الطواف, قد طفت ستا وانا أريد ان اطوف السابع, فاذا انا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه طيب الرائحة هيوب مع هيبته متقرب الي الناس, يتكلم, فلم اراحسن من كلامه ولااعذب من نطقه وحسن جلوسه! فذهبت اكلمه فزبرني الناس! فسالت بعضهم؛ من هذا؟ فقالوا: هذا ابن رسول الله, يظهر في كل سنة يوما لخواصه يحدثهم. فقلت: ياسيدي مسترشدا اتيتك فارشدني هداك الله؟ فناولني (عليه السلام) حصاة! فحولت وجهي, فقال لي بعض جلسائه: ما الذي دفع اليك؟ فقلت: حصاة! وكشفت عنها, فاذا انا بسبيكة ذهب! فذهبت, فاذا انا به (عليه السلام) قد لحقني, فقال لي: ثبتت عليك الحجة، وظهر لك الحق وذهب عنك العمي اتعرفني؟ فقلت: لا، فقال (عليه السلام) انا المهدي (و) انا قائم الزمان, انا الذي املاها عدلا كما ملئت جورا, ان الارض لا تخلو من حجة، ولا يبقى الناس في فترة، وهذه امانة لا تحدث بها الا اخوانك من اهل الحق. 4- تبصرة الولي(13): عن ابراهيم بن مهزيار, قال: قدمت مدينة الرسول (صلي الله عليه وآله), فبحثت عن اخبار آل ابي محمد الحسن بن علي الاخير (عليهما السلام)؟ فلم اقع علي شيء منها, فرحلت منها الي مكة, مستبحثا عن ذلك, فبينما انا في الطواف اذ تراءي لي فتيً اسمر اللون رائع الحسن جميل المخيلة يطيل التوسم فيّ! فعدت إليه مؤمّلا منه عرفان ما قصدت له؟ فلما قربت منه سلمت؛ فاحسن الاجابة، ثم قال: من ايّ البلاد انت؟ قلت: رجل من اهل العراق. قال: من ايّ العراق؟ قلت: من الاهواز. فقال: مرحبا بلقائك, هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصيني؟ قلت دُعي فاجاب, قال: رحمة الله عليه, ما كان اطول ليله واجزل نيله! فهل تعرف ابراهيم بن مهزيار؟ قلت: انا ابراهيم بن مهزيار, فعانقني مليا, ثم قال: مرحبا بك يا ابا اسحاق ما فعلت بالعلامة التي وشّجت بينك وبين ابي محمد (عليه السلام)؟ فقلت: لعلك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيب ابي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)؟ فقال ما اردت سواه، فاخرجته إليه فلما نظر إليه استعبر وقبّله ثم قرأ كتابته؛ فكانت يا الله يا محمد يا علي، ثم قال: بابي يدا طالما جلت فيها, وتراخي بنا فنون الاحاديث...... الي ان قال لي: يا ابا اسحاق! اخبرني عن عظيم ما توخّيت بعد الحج؟ قلت: وابيك, ما توخّيت الا ما سأستعلمك مكنونه, قال: سل عما شئت فاني شارح لك ان شاء الله؟ قلت: هل تعرف من اخبار آل ابي محمد الحسن (عليهما السلام) شيئاً؟ قال لي: وأيهم الله اني لاعرف الضوء بجبين محمد وموسي ابني الحسن بن علي (عليهم السلام)، ثم اني لرسولهما اليك, قاصدا لانبائك امرهما, فان احببت لقاءهما والاكتحال بالتبرك بهما فارتحل معي الي الطائف وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام؟ قال ابراهيم: فشخصت معه الي الطائف, اتخلّل رملة فرملة حتي اخذ في بعض مخارج الفلاة, فبدت لنا خيمة شعر قد اشرفت علي اكمة رمل تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا، فبدرني الي الاذن ودخل مسلّما عليهما واعلمهما بمكاني, فخرج عليّ احدهما وهو الاكبر سنا «م ح م د» بن الحسن (عليهما السلام)؛ وهو غلام امرد ناصع اللون واضح الجبين ابلج الحاجب مسنون الخدين اقني الانف اشمّ اروع كانه غصن بان, وكأن صفحة غرّته كوكب درّيّ, بخده الايمن خال, كانه فتات مسك علي بياض الفضة, واذا برأسه وفرة سحماء سبطة تطالع شحمة اذنه, له سمت ما رأت العيون اقصد منه ولا اعرف حسنا وسكينة وحياء, فلما مثل لي اسرعت الي تلقّيه فاكببت عليه الثم كلّ جارحة منه, فقال: لي مرحبا بك يا ابااسحاق! لقدكانت الايام تعدني وشك لقائك, والمعاتب بيني وبينك علي تشاحط الدار وتراخي المزار, تتخيل لي صورتك، حتي كانا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة وخيال المشاهدة, وانا احمد الله ربّي وليّ الحمد علي ما قيّض من التلاقي ورفه من كربة التنازع والاستشراف عن احوالها متقدمّها ومتأخّرها، فقلت: بابي انت وامي ما زلت افحص عن امرك بلدا فبلدا منذ استأثر الله بسيدي ابي محمد (عليه السلام) فاستغلق عليّ ذلك حتي منّ الله علي بمن ارشدني اليك ودلني عليك والشكر لله علي ما اوزعني فيك من كريم اليد والطول. ثم نسب نفسه واخاه موسي واعتزل بي ناحية, ثم قال: ان ابي (عليه السلام) عهد اليّ ان لا اوطن من الارض الا اخفاها واقصاها اسرارا لامري وتحصينا لمحلي لمكائد اهل الضلال والمردة من احداث الامم الظوالّ فنبذني الي عالية الرمال وجُبتُ صرائم الارض, ينظرني الغاية التي عندها يحل الامر وينجلي الهلع، وكان (عليه السلام) انبط لي من خزائن الحكم وكوامن العلوم ما ان اشعت اليك منه جزءً اغناك عن الجملة. (واعلم) يا ابا اسحاق انه قال (عليه السلام): يا بني ان الله جل ثناؤه لم يكن ليخلي اطباق ارضه واهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجة يستعلي بها وامام يؤتمّ به ويقتدي بسبيل سنّته ومنهاج قصده, وارجو يا بنيّ ان تكون احد من اعده الله لنشر الحقّ ووطء الباطل واعلاء الدين واطفاء الضلال, فعليك يا بنيّ؛ بلزوم خوافي الارض وتتبّع اقاصيها, فان لكل وليّ لاولياء الله عزّ وجلّ عدوّا مقارعا وضدّا منازعا افتراضا لمجاهدة اهل النفاق وخلاعة اولي الالحاد والعناد، فلا يوحشنّك ذلك. واعلم انّ قلوب اهل الطاعة والاخلاص نُزّعٌ اليك, مثل الطير الي اوكارها, وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة, وهم عندالله بررة اعزاء, يبرزون بانفس مختلّة محتاجة, وهم اهل القناعة والاعتصام, استنبطوا الدين فوازروه علي مجاهدة الاضداد, خصهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العزّ في دار القرار, وجبلهم علي خلائف الصبر لتكون لهم العاقبة الحسني وكرامة حسن العقبي, فاقتبس يا بنيّ نور الصبر علي موارد امورك تفُز بدرك الصنع في مصادرها, واستشعر العز فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبّه ان شاء الله, وكانك يا بنيّ بتأييد نصرالله (و) قد آن، وتيسير الفلج وعلوّ الكعب (و) قد حان، وكانك بالرآيات الصفر والاعلام البيض تخفق علي اثناء اعطافك ما بين الحطيم وزمزم, وكانك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود وتصافق الاكفّ علي جنبات الحجر الاسود, تلوذ بفنائك من ملأ براهم الله من طهارة الولادة ونفاسة التربةّ, مقدسة قلوبهم من دنس النفاق, مهذبة افئدتهم من رجس الشقاق, لينة عرائكهم للدين, خشنة ظرائبهم عن العدوان, واضحة بالقبول اوجههم, نضرة بالفضل عيدانهم, يدينون بدين الحق واهله, فاذا اشتدت اركانهم وتقومت اعمادهم فدّت بمكانفتهم طبقات الامم الي امام, اذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعبّت افنان غصونها علي حافات بحيرة الطبريّة, فعندها يتلألأ صبح الحق وينجلي ظلام الباطل ويقصم الله بك الطغيان ويعيد معالم الايمان, يظهر بك استقامة الآفاق وسلام الرفاق, يودّ الطفل في المهد لو استطاع اليك نهوضا, ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا, تهتز بك اطراف الدنيا بهجة وتنشر عليك اغصان العزّ نضرة وتستقر بواني الحق في قرارها وتؤوب شوارد الدين الي اوكارها، تتهاطل عليك سحائب الظفر فتخنق كل عدوّ وتنصر كلّ وليّ فلا يبقى علي وجه الارض جبار قاسط ولا جاحد غامط ولا شانيء مبغض ولا معاند كاشح, ومن يتوكل علي الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا. ثم قال: يا ابا اسحاق ليكن مجلسي هذا؛ عندك مكتوما الا عن اهل التصديق, والاخوّة الصادقّة في الدين, اذا بدت لك امارات الظهور والتمكن, فلا تبطيء باخوانك عنّا, وباهر(باهل) المسارعة الي منار اليقين وضياء مصابيح الدين, تلق رشدا ان شاء الله. قال ابراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حينا اقتبس ما اؤدي إليهم من موضحات الاعلام, ونيرّات الاحكام, واروّي نبات الصدور من نضارة ما ادّخره الله في طبائعه من لطائف الحكم وطرائف فواضل القسم, حتي خفت اظاعة مخلفي بالاهواز لتراخي اللقاء عنهم, فاستأذنته؛ بالقفول, واعلمته عظيم ما اصدر به عنه, من التوحّش لفرقته والتجرع للظعن عن محالّه؛ فاذن واردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله ولعقبي وقرابتي ان شاء الله, فلما ازف ارتحالي وتهيا اعتزام نفسي غدوت عليه مودّعا ومجدّدا للعهد, وعرضت عليه مالا كان معي, يزيد علي خمسين الف درهم, وسألته؛ ان يتفضل بالامر بقبوله مني؟ فابتسم! وقال: يا ابا اسحاق استعن به علي منصرفك فان الشقّة قذفة وفلوات الارض امامك جمّة ولا تحزن لاعراضنا عنه, فانا قد احدثنا لك شكره ونشره وربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنّة, فبارك الله فيما خوّلك وادام لك مانولك وكتب لك احسن ثواب المحسنين واكرم آثار الطائعين, فان الفضل له ومنه, واسأل الله ان يردك الي اصحابك باوفر الحظّ من سلامة الاوبة واكناف الغبطة بلين المنصرف, ولا اوعث الله لك سبيلا ولا حير لك دليلا واستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول, بمنّه ولطفه ان شاء الله. يا ابا اسحاق! قنعنا بعوائد احسانه وفوائد امتنانه وصان انفسنا عن معاونة الاولياء لنا عن الاخلاص في النية وامحاض النصيحة والمحافظة علي ما هو انقي واتقي وارفع ذكرا. قال: فاقفلت عنه حامدا لله عزّ وجلّ علي ما هداني وارشدني عالما بان الله لم يكن ليعطّل ارضه ولا يخلّيها من حجة واضحة وامام قائم والقيت هذا الخبر المأثور والنسب المشهور توخّيا للزيادة في بصائر اهل اليقين وتعريفا لهم ما منّ الله عزّ وجلّ به من انشاء الذرية الطيبة والتربة الزكية وقصدت اداء الامانة والتسليم لما استبان ليضاعف الله عزّ وجلّ الملة الهادية والطريقة المستقيمة المرضية قوة عزم وتأييد نيّة وشدّة ازر، واعتقاد عصمة والله يهدي من يشاء. 5- الهداية(14): عن ابي محمد عيسى بن مهدي الجوهري قال: خرجت في سنة ثمان وستين ومائتين الي الحج وكان قصدي المدينة حيث صح عندنا ان صاحب الزمان قد ظهر فاعتللت وقد خرجنا من فيد وقد تعلقت نفسي بشهوة السمك (والتمر) فلما وردت المدينة ولقيت بها اخواننا بشّروني بظهوره (عليه السلام) بصاديا، فصرت الي صاديا، فلما اشرفت علي الوادي رايت عنيزات عجافا فدخلت القصر فوقفت ارتقب الامر الي ان صليت العشاءين وانا ادعو واتضرّع واسال, فاذا انا ببدر الخادم يصيح بي ياعيسى بن مهدي الجوهري ادخل؟ فكبرت وهللت واكثرت من حمد الله عزّ وجلّ والثناء عليه, فلما صرت في صحن القصر رايت مائدة منصوبة فمر بي الخادم إليها فاجلسني عليها, وقال لي: امرك مولاك ان تاكل ما اشتهيت في علتك وانت خارج من فيد؟ فقلت؛ في نفسي: حسبي هذا برهانا فكيف آكل ولم ارَ سيدي ومولاي؟ فصاح بي يا عيسى كل من طعامك فانك تراني؟ فجلست علي المائدة فنظرت فاذا عليها سمك حار يفور وتمر الي جانبه اشبه التمور بتمورنا وبجانب التمر لبن! فقلت؛ في نفسي: انا عليل وسمك وتمر ولبن! فصاح بي: يا عيسى اتشك في امرنا! أفانت اعلم بما ينفعك وما يضرك! فبكيت واستغفرت الله واكلت من الجميع وكلما رفعت يدي منه لم يتبين موضعها فيه! فوجدته اطيب ما ذقته في الدنيا, فاكلت منه كثيرا حتي استحييت, فصاح بي: لا تستحي ياعيسى فانه من طعام الجنة لم تصنعه يد مخلوق, فاكلت فرايت نفسي لا تنتهي عنه من اكله فقلت: يا مولاي حسبي فصاح بي اقبل اليّ؟ فقلت؛ في نفسي: آتي مولاي ولم اغسل يدي, فصاح بي: يا عيسى وهل لما اكلت غمرة؟ فشممت يدي فاذا هي اعطر من المسك والكافور! فدنوت منه (عليه السلام) فبدا لي نور غشي بصري ورهبت حتي ظننت ان عقلي قد اختلط, فقال لي: يا عيسى ما كان لك ان تراني لولا المكذبون القائلون أين هو؟ ومتي كان؟ وأين ولد؟ ومن رآه؟ وما الذي خرج إليهم منه؟ وباي شيء نباكم؟ واي معجرة اتاكم؟ اما والله لقد دفعوا أميرالمؤمنين مع مارووه وقدّموا عليه، وكادوه وقتلوه، وكذلك فعلوا بآبائي (عليهم السلام) ولم يصدقوهم ونسبوهم الي السحرة والكهنة وخدمة الجن الي ما تبين........ الي ان قال: يا عيسى فخبّر اولياءنا ما رايت، واياك ان تخبر عدوّنا فتسلبه (فتسليه خ)!؟ فقلت: يا مولاي ادع لي بالثبات؟ فقال لي: ولو لم يثبتك الله ما رايتني، فامض بحاجتك راشدا؟ فخرجت وانا اكثر حمدا لله وشكرا. وفيمن فاز برؤيته (عليه السلام) في الغيبة الصغري يوجد 27 حديثا. ولقد ذكر مؤلف (كتاب منتخب الاثر) دام ظله: اسماء 302 شخصا ممن رآه (عليه السلام) في الغيبة الصغري وبعض الذين رأوه؛ جماعات لم تعرف اسمائهم, ونقل بعض المعاصرين عن كتاب (بغية الطالب) اسماء جماعة ممن رآه ووقف علي معجزاته في الغيبة الصغري وذكر بعض احوالهم وبعض هؤلاء من المذكورين في كتاب (النجم الثاقب) وبعضهم من غيرهم. وذكر في (تذكرة الطالب فيمن راي الامام الغائب)؛ ايضاً اسماء ثلاثمائة منهم. وافرد السيد هاشم البحراني ايضاً كتابا في ذلك سماه (تبصرة الولي فيمن راي القائم المهدي), وذكر فيه جماعة كثيرة ممن فاز برؤيته في حياة ابيه (عليهما السلام) وفي الغيبة الصغري.(15) السؤال الثالث: تتقارن النبوة وكذا الامامة عادة بالمعجزات فهل كان للامام الحجة (عليه السلام) معجزات ايضاً؟ الجواب لقد ذكر التاريخ والرواة معجزات كثيرة للامام الحجة (عليه السلام) كاجداده الطاهرين، فانه (عليه السلام) رويت عنه عدة روايات تشير الي معجزاته, ونحن هنا نشير الي معجزاته زمن ابيه (عليهما السلام)، بما يتناسب وهذا المختصر: 1- غيبة الشيخ(16): عن ابي نعيم محمد بن احمد الانصاري, قال: وجه قوم من المفوضة والمقصّرة كامل بن ابراهيم المدني الي ابي محمد (عليه السلام) قال كامل؛ فقلت في نفسي: اساله لا يدخل الجنة الا من عرف معرفتي وقال بمقالتي؟ قال؛ فلما دخلت علي سيدي ابي محمد نظرت الي ثياب بياض ناعمة عليه, فقلت في نفسي: وليّ الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويامرنا نحن بمواساة الاخوان وينهانا عن لبس مثله! فقال متبسّما: ياكامل! وحسر عن ذراعيه فاذا مسحٌ اسود خشن علي جلده فقال: هذا لله وهذا لكم. فسلمت وجلست الي باب عليه ستر مرخي فجاءت الريح فكشف طرفه, فاذا انا بفتي كانه فلقة قمر من ابناء اربع سنين اومثلها, فقال لي: يا كامل بن ابراهيم! فاقشعررت من ذلك والهمت ان قلت: لبيك ياسيدي؟ فقال: جئت الي وليّ الله وحجّته وبابه, تساله؛ هل يدخل الجنة الا من عرف معرفتك وقال بمقالتك؟ فقلت: اي والله, قال: اذن والله يقل داخلها, والله؛ انّّه ليدخلها قوم يقال لهم؛ الحقيّة، قلت: ياسيدي ومن هم؟قال: قوم من حبّهم لعليّ يحلفون بحقه ولايدرون ماحقه وفضله، ثم سكت صلوات الله عليه عنّي ساعة ثم قال: وجئت تساله عن مقالة المفوّضة؛ كذبوا بل قلوبنا اوعية لمشيّة الله فاذا شاء شئنا، والله يقول (وما تشاؤون الا ان يشاء الله), ثم رجع الستر الي حالته فلم استطع كشفه فنظر اليّ ابومحمد (عليه السلام) متبسّما فقال: ياكامل! ما جلوسك وقد انباك بحاجتك الحجّة من بعدي, فقمت وخرجت ولم اعأينه بعد ذلك. 2- كمال الدين(17): عن سعد بن عبدالله القمي؛ قال: كنت امرءً لهجاً بجمع الكتب المشتملة علي غوامض العلوم ودقائقها, كلفاً باستظهار ما يصح لي من حقائقها مغرما بحفظ مشتبهها ومستغلقها, شحيحاً علي ما اضفر به من معضلاتها ومشكلاتها, متعصباً لمذهب الامامية, راغبا عن الامن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي الي التباغض والتشاتم, معيبا للفرق ذوي الخلاف, كاشفا عن مثالب ائمتهم, هتاكا لحجب قادتهم, الي ان بُليت باشد النواصب منازعة واطولهم مخاصمة واكثرهم جدلا واشنعهم سؤالا واثبتهم علي الباطل قدما, فقال ذات يوم- وانا اناظره-: تبا لك ولاصحابك يا سعد! انكم معاشر الرافضة تقصدون علي المهاجرين والانصار بالطعن عليهما, وتجحدون من رسول الله ولايتهما وامامتهما, هذا الصدّيق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته, اما علمتم ان رسول الله ما اخرجه مع نفسه الي الغار الا علما منه انّ الخلافة له من بعده, وانه هو المقلّد لامر التأويل والملقي إليه ازمة الامة وعليه المعوّل في شعب الصدع ولمّ الشعث وسدّ الخلل واقامة الحدود وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك, وكما اشفق علي نبوّته اشفق علي خلافته, اذ ليس من حكم الاستتار والتواري؛ ان يروم الهارب من الشرّ مساعدة الي مكان يستخفي فيه, ولما رأينا النبيّ متوجّها الي الانجحار ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من احد استبان لنا قصد رسول الله بابي بكر للغار للعلة التي شرحناها, وانما ابات عليا علي فراشه, لما لم يكن يكترث به ولم يحفل به لاستثقاله, ولعلمه؛ بانه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه, للخطوب التي كان يصلح لها؟ قال سعد: فاوردت عليه اجوبة شتي, فما زال يعقّب كلّ واحد منها بالنقض والردّ عليّ, ثم قال: يا سعد! ودونكها اخري بمثلها تخطم انوف الروافض؛ الستم تزعمون ان الصديق المبرأ من دنس الشكوك والفاروق المحامي عن بيضة الاسلام كانا يسران النفاق, واستدللتم بليلة العقبة! اخبرني عن الصديق والفاروق اسلما طوعا او كرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الالزام وحذرا من اني ان اقررت له بطوعهما للاسلام احتج بان بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون الا عند هبوب روائح القهر والغلبة واظهار البأس الشديد في حمل المرء علي من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالي: (فلما رأوا باسنا قالوا امنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا), وان قلتُ: اسلما كرها كان يقصدني بالطعن اذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس. قال سعد: فصدرت عنه مزورّا قد انتفخت احشائي من الغضب وتقطع كبدي من الكرب وكنت قد اتخذت طومارا واثبت فيه نيفا واربعين مسألة من صعاب المسائل لم اجد لها مجيبا, علي ان اسأل عنها خبير اهل بلدي احمد بن اسحاق, صاحب مولانا ابي محمد (عليه السلام) فارتحلت خلفه, وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأي فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا قال بخير لحاقك بي؟ قلت: الشوق ثم العادة في الاسئلة, قال: قد تكافينا علي هذه الخطة الواحدة, فقد برّح بي القرم الي لقاء مولانا ابي محمد (عليه السلام), وانا أريد ان اسأله؛ عن معاضل في التأويل, ومشاكل في التنزيل, فدونكها الصحبة المباركة فانها تقف بك علي ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ولا تفني غرائبه وهو امامنا. فوردنا سر من رأي, فانتهينا منها الي باب سيدنا فاستأذنا؟ فخرج علينا الاذن؛ بالدخول عليه, وكان علي عاتق احمد بن اسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه؛ مائة وستون صرّة من الدنانير والدراهم, علي كل صرّة منها ختم صاحبها, قال سعد: فما شبّهت وجه مولانا ابي محمد (عليه السلام)! حين غشينا نور وجهه, الا ببدر قد استوفي من ليإليه اربعا بعد عشر, وعلي فخذه الايمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر, علي رأسه فرق بين وفرتين, كانّه الف بين واوين, وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها, قد كان اهداها إليه بعض رؤساء اهل البصرة, وبيده قلمّ اذ اراد ان يسطر به علي البياض شيئاً قبض الغلام علي اصابعه فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها كيلا يصده عن كتابة ما اراد, فسلمنا عليه؟ فالطف في الجواب, واومأ الينا بالجلوس؟ فلما فرغ من كتبه البياض الذي كان بيده, اخرج احمد بن اسحاق جرابه من طي كسائه, فوضعه بين يديه فنظر الهادي (عليه السلام)(18) الي الغلام وقال له يابني: فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك؟ فقال: يا مولاي! ايجوز ان امد يدا طاهرة الي هدايا نجسة واموال رجسة قد شيب احلّها باحرمها؟ فقال مولاي: يا ابن اسحاق استخرج ما في الجراب ليميّز ما بين الحلال والحرام منها؟ فاول صرة بدأ احمد باخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم يشتمل علي اثنين وستين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت ارثا له عن ابيه خمسة واربعون دينارا ومن اثمان تسعة اثواب اربعة عشر دينارا وفيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير. فقال مولانا: صدقت يا بني! دلّ الرجل علي الحرام منها؟ فقال (عليه السلام): فتش عن دينار رازي السكة, تاريخه سنة كذا, قد انطمس من نصف احدي صفحتيه نقشه وقراضة آمليّة وزنها ربع دينار, والعلة في تحريمها؛ ان صاحب هذه الصرّة وزن في شهر كذا من سنة كذا علي حائك من جيرانه من الغزل منّا وربع منّ, فأتت علي ذلك مدة, وفي انتهائها قيّض لذلك الغزل سارق فاخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك منّا ونصف منّ غزلا ادق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوبا كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه. فلما فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من اخبر عنه وبمقدارها علي حسب ماقال, واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة. ثم اخرج صرّة اخري, فقال الغلام: هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم تشتمل علي خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها! قال وكيف ذاك؟ قال لانها من ثمن حنطة حاف صاحبها علي اكاره في المقاسمة وذلك انه قبض حصته منها بكيل واف وكان ما خص الاكار بكيل بخس. فقال مولانا: صدقت يا بني! ثم قال: يا احمد بن اسحاق احملها باجمعها لتردّها او توصي بردها علي اربابها فلاحاجة لنا في شيء منها وائتنا بثوب العجوز؟ قال احمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته. الهوامش: (1) لأبي جعفر الشيخ الصدوق :ج 2 ص 430- ب42ح5. (2) منتخب الاثر ج 2 ص 397. (3) للعلامة المجلسي ج 51 ص 160 ب 9 ح 8. (4) منتخب الاثر ج 2 ص 399. (5) للشيخ الحرّ العاملي ج 3 ص 484 ب 32 ح 199. (6) منتخب الاثر ج 2 ص 402. (7) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 433 ب 42 ح 16. (8) للشيخ سليمان البلخي القندوزي ص 461 ب 82. (9) منتخب الاثر ج 2 ص 439. (10) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 440 ب 43 ح 10. (11) للعلامة المجلسي ج 52 ص 42 ب 18 ح 31. (12) للشيخ الطوسي ص 253 ح 223. (13) للسيد هاشم البحراني ص 80 ح 46. (14) للحسين بن حمدان (مخطوط) : باب الامام الثاني عشر صلوات الله عليه وعلي آبائه. (15) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 483 – 439. (16) للشيخ الطوسي ص 246- ح216. (17) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 454 ب 23 ح 21. (18) لا يخفي : ان الهادي من القاب امامنا العسکري عليه السلام. ****************** فلما انصرف احمد بن اسحاق لياتيه بالثوب نظر اليّ مولانا ابو محمد (عليه السلام) فقال: ما جاء بك يا سعد؟ فقلت: شوّقني احمد بن اسحاق علي لقاء مولانا, قال: والمسائل التي اردت ان تسأله عنها؟ قلت: علي حالها يا مولاي! قال: فسل قرّة عيني- واومأ الي الغلام-؟! فقال لي الغلام: سل عما بدا لك منها؟ فقلت له: مولانا وابن مولانا؛ انا روينا عنكم ان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين (عليه السلام) حتي ارسل يوم الجمل الي عائشة: انك قد ارهجت علي الاسلام واهله بفتنتك واوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك فان كففت عني غربك والا طلقتك ونساء رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قد كان طلاقهن وفاته. قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل، قال: فإذا كان طلاقهن وفاة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قد خلّيت لهنّ السبيل! فلم لا يحل لهن الازواج؟ قلت: لان الله تبارك وتعالي حرم الازواج عليهن، قال: كيف وقد خلي الموت سبيلهنّ؟ قلت: فاخبرني يا ابن مولاي عن معني الطلاق الذي فوّض رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حكمه الي أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ قال: ان الله تقدّس اسمه عظّم شأن نساء النبي (صلي الله عليه وآله وسلم), فخصهن بشرف الامهات, فقال رسول الله: يا ابا الحسن! ان هذا الشرف باق لهن مادمن لله علي الطاعة فايتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فاطلق لها في الازواج واسقطها من شرف امومة المؤمنين؟. قلت: فاخبرني عن الفاحشة المبينة التي اذا اتت المرأة بها في عدتها حل للزوج ان يخرجها من بينه؟ قال: الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا, فان المرأة اذا زنت واقيم عليها الحد ليس لمن ارادها ان يمتنع بعد ذلك التزوج بها لاجل الحد واذا سحقت وجب عليها الرجم، والرجم خزي ومن قد امرالله برجمه فقد اخزاه، ومن اخزاه فقد ابعده ومن ابعده فليس لاحد ان يقربه. قلت: فاخبرني يا ابن رسول الله عن امرالله لنبيه موسي (عليه السلام) (فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوي), فان فقهاء الفريقين؛ يزعمون انها كانت من اهاب الميتة؟ فقال (عليه السلام): من قال ذلك فقد افتري علي موسي واستجهله في نبوته, لانه ما خلا الامر فيها من خطيئتين؛ اما ان تكون صلاة موسي فيهما جائزة, او غير جائزة! فان كانت صلاته جائزة؟ جاز له لبسهما في تلك البقعة, وان كانت مقدسة مطهرة؟ فليس باقدس واطهر من الصلاة, وان كانت صلاته غير جائزة فيهما؟ فقد اوجب علي موسي انه لم يعرف الحلال من الحرام وماعلم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز وهذا كفر. قلت: فاخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما؟ قال: ان موسي ناجي ربه بالواد المقدس, فقال: يارب اني قد اخلصت لك المحبة مني وغسلت قلبي عمن سواك - وكان شديد الحب لاهله- فقال الله تعالي: (اخلع نعليك) اي انزع حب اهلك من قلبك, ان كانت محبتك لي خالصة وقلبك من الميل الي من سواي مغسولا. قلت: فاخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل (كهيعص)؟ قال: هذه الحروف من انباء الغيب اطلع الله عليها عبده زكريا, ثم قصّها علي محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) وذلك؛ ان زكريا سأل ربه؛ ان يعلمه اسماء الخمسة فاهبط عليه جبرئيل, فعلمه اياها, فكان زكريا اذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين, سري عنه همه وانجلي كربه, واذا ذكر الحسين, خنقته العبرة, ووقعت عليه البهرة! فقال ذات يوم: يا الهي مابالي اذا ذكرت اربعا منهم تسليت باسمائهم من همومي! واذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي!؟ فأنبأه الله تعالي عن قصته، وقال: (كهيعص) فالكاف؛ اسم كربلاء, والهاء؛ هلاك العترة, والياء؛ يزيد وهو ظالم الحسين (عليه السلام), والعين؛ عطشه, والصاد؛ صبره, فلما سمع ذلك زكريا؛ لم يفارق مسجده ثلاثة ايام, ومنع فيها الناس من الدخول عليه، واقبل علي البكاء والنحيب وكانت ندبته: الهي اتفجع خير خلقك بولده؟ الهي اتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه؟ الهي اتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ الهي اتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟! ثم كان يقول: اللهم ارزقني ولدا تقرّ به عيني علي الكبر واجعله وارثا وصيا واجعل محله مني محل الحسين, فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم فجّعني به كما تفجّع محمّدا حبيبك بولده؟ فرزقه الله يحيى وفجّعه به, وكان حمل يحيى ستة اشهر, وحمل الحسين (عليه السلام) كذلك, وله قصة طويلة. قلت: فاخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار امام لانفسهم؟ قال: مصلح او مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز ان تقع خيرتهم علي المفسد بعد ان لا يعلم احد ما يخطر ببال غيره من صلاح او فساد؟ قلت: بلي، قال: فهي العلة واوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك؛ اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالي وانزل عليهم الكتاب وايدهم بالوحي والعصمة اذ هم اعلام الامم واهدي الي الاختيار منهم مثل موسي وعيسى (عليهما السلام) هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما اذا همّا بالاختيار ان يقع خيرتهما علي المنافق وهما يظنان انه مؤمن؟ قلت: لا، فقال: هذا موسي كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من اعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لايشك في ايمانهم واخلاصهم فوقعت خيرته علي المنافقين! قال الله تعالي: (واختار موسي قومه سبعين رجلا لميقاتنا- الي قوله - لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة فاخذتهم الصاعقة بظلمهم), فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا علي الافسد دون الاصلح, وهو يظن انه الاصلح دون الافسد, علمنا ان لا اختيارالا لمن يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر, وان لا خطر لاختيار المهاجرين والانصار بعد وقوع خيرة الانبياء علي ذوي الفساد لما ارادوا اهل الصلاح. ثم قال مولانا: ياسعد! وحين ادعي خصمك ان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لما اخرج مع نفسه مختار هذه الامة الي الغار, الا علما منه؛ ان الخلافة له من بعده وانه هو المقلد امور التأويل والملقي إليه ازمة الامة وعليه المعول في لم الشعث وسدّ الخلل واقامة الحدود وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر, فكما اشفق علي نبوته اشفق علي خلافته, إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري ان يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره الي مكان يستخفي فيه, وانما ابات عليا علي فراشه, لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله اياه, وعلمه انه؛ ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها! فهلا نقضت عليه دعواه بقولك: اليس قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): الخلافة بعدي ثلاثون سنة! فجعل هذه موقوفة علي اعمار الاربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم, فكان لا يجد بدا من قوله لك: بلي, قلتَ: فكيف تقول حينئذ؟ اليس كما علم رسول الله ان الخلافة من بعده لابي بكر, علم انها من بعد ابي بكر لعمر, ومن بعد عمر لعثمان, ومن بعد عثمان لعلي؟ فكان ايضاً لا يجد بدا من قوله لك: نعم, ثم كنت تقول له: فكان الواجب علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؛ ان يخرجهم جميعاً الي الغار ويشفق عليهم كما اشفق علي ابي بكر ولايستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه اياهم وتخصيصه ابابكر اخراجه مع نفسه دونهم. ولّما قال: اخبرني عن الصديق والفاروق اسلما طوعا او كرها؟ لمَ لم تقل له: بل اسلما طمعا وذلك؛ بانهما كانا يجالسان إليهود ويستخبر انهم عما كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم, من حال الي حال, من قصة محمد (صلي الله عليه وآله وسلم), ومن عواقب امره, فكانت إليهود تذكر؛ ان محمد يسلط علي العرب, كما كان بختنصر سلط علي بني اسرائيل, ولا بد له من الظفر بالعرب ما ظفر بختنصر ببني اسرائيل, غير انه كاذب في دعواه انه نبي! فأتيا محمدا فساعداه علي شهادة؛ ان لا اله الا الله, وبايعاه طمعا في ان ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد اذا استقامت اموره واستتبت احواله, فلما ايسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع عدة من امثالهما من المنافقين علي ان يقتلوه, فدفع الله تعالي كيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا, كما اتي طلحة والزبير عليا (عليه السلام) فبايعاه وطمع كل واحد منهما ان ينال من جهته ولاية بلد فلما ايسا نكثا بيعته وخرجا عليه فصرع الله كل واحد منهما مصرع اشباههما من الناكثين. قال سعد: ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي (عليه السلام) للصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما وطلبت اثر احمد بن اسحاق فاستقبلني باكيا, فقلت ما ابطأك وابكاك؟ قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي احضاره! قلت: لاعليك فاخبره؟ فدخل عليه مسرعا, وانصرف من عنده متبسما! وهو يصلي علي محمد وآل محمد, فقلت ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلي عليه. قال سعد: فحمدنا الله تعالي علي ذلك, وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم الي منزل مولانا اياما, فلانري الغلام بين يديه! فلما كان يوم الوداع, دخلت انا واحمد بن اسحاق وكهلان من اهل بلدنا, وانتصب احمد بن اسحاق بين يديه قائما, وقال: يا ابن رسول الله! قد دنت الرحلة واشتدت المحنة, فنحن نسأل الله تعالي؛ ان يصلي علي المصطفي جدك وعلي المرتضي ابيك وعلي سيدة النساء امك وعلي سيدي شباب اهل الجنة عمك وابيك وعلي الائمة الطاهرين من بعدهما آبائك, وان يصلي عليك وعلي ولدك, ونرغب الي الله؛ ان يعلي كعبك ويكبت عدوك, ولاجعل الله هذا اخر عهدنا من لقائك؟ قال: فلما قال هذه الكلمات, استعبر مولانا حتي استهلت دموعه وتقاطرت عبراته! ثم قال: يا ابن اسحاق! لا تكلف في دعائك شططا, فانك ملاق الله تعالي في صدرك هذا، فخرّ احمد مغشياعليه! فلما افاق, قال: سألتك بالله وبحرمة جدك الا شرفتني بخرقة اجعلها كفنا؟ فادخل مولانا يده تحت البساط فاخرج ثلاثة عشر درهما, فقال: خذها ولا تنفق علي نفسك غيرها فانك لن تعدم ما سألت, وان الله تبارك وتعالي لن يضيع اجر من احسن عملا. قال سعد: فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حُلوان علي ثلاثة فراسخ, حُمّ احمد بن اسحاق وثارت به علة صعبة ايس من حياته فيها, فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا احمد بن اسحاق برجل من اهل بلده كان قاطنا بها, ثم قال: تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي فانصرفنا عنه ورجع كل واحد منا الي مرقده. قال سعد: فلما حان ان ينكشف الليل عن الصبح اصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا انا بكافور الخادم، خادم مولانا ابي محمد (عليه السلام) وهو يقول: احسن الله بالخير عزاكم وجبر بالمحبوب رزيتكم, قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه فقوموا لدفنه فانه من اكرمكم محلا عند سيدكم؟ ثم غاب عن ايعننا فاجتمعنا علي رأسه بالبكاء والعويل حتي قضينا حقه وفرغنا من امره رحمه الله. 3- كتاب الغيبة(1): حدثنا ابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري؛ قال: لما همّ الوالي عمرو بن عوف بقتلي وهو رجل شديد النصب, وكان مولعا بقتل الشيعة فاخبرت بذلك, وغلب عليّ خوف عظيم فودّعت اهلي واحبائي وتوجهت الي دار؛ ابي محمد (عليه السلام) لاودعه وكنت اردت الهرب, فلما دخلت عليه رايت غلاما جالسا في جنبه وكان وجهه مضيئا كالقمر ليلة البدر فتحيرت من نوره وضيائه وكاد ان ينسيني ماكنت فيه من الخوف والهرب! فقال: يا ابراهيم! لا تهرب فان الله تبارك وتعالي سيكفيك شره, فازداد بحيرتي, فقلت: لابي محمّد (عليه السلام): ياسيدي! جعلني الله فداك من هو فقد اخبرني عمّا كان في ضميري؟ فقال: هو ابني وخليفتي من بعدي وهو الذي يغيب غيبة طويلة, ويظهر بعد امتلاء الارض جورا وظلما, فيملاها عدلا وقسطا, فسالته؛ عن اسمه؟ قال: هو سميّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وكنيه, ولا يحل لا حد ان يسميه باسمه او يكنيه بكنيته الي ان يظهر الله دولته وسلطنته, فاكتم؛ يا ابراهيم ما رايت وسمعت منا اليوم الا عن اهله؟ فصليت عليهما وآبائهما, وخرجت مستظهرا بفضل الله تعالي, واثقا بما سمعته من الصاحب (عليه السلام) فبشرني عمّي علي بن فارس؛ بانّ المعتمد قد ارسل ابا احمد اخاه وامره بقتل عمرو بن عوف, فاخذه ابو احمد في ذلك اليوم وقطعه عضوا عضوا, والحمدلله رب العالمين.(2) 4- كمال الدين(3): عن السياري؛ قال: حدثتني نسيم ومارية قالتا: انه لما سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن امه جاثيا علي ركبتيه رافعا سبابتيه الي السماء ثم عطس؛ فقال: الحمدلله رب العالمين, وصلي الله علي محمد وآله, زعمت الظلمة ان حجة الله داحضة, لو اذن لنا في الكلام لزال الشك.(4) 5- اثباة الهداة(5): عن غياث بن اسيد قال: شهدت محمد بن عثمان العمري- قدس الله روحه - يقول لما ولد الخلف المهدي (عليه السلام) سطع نور من فوق راسه الي اعنان السماء! ثم سقط لوجهه ساجدا لربه تعالي ذكره ثم رفع راسه وهو يقول؛ (شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم ان الدين عند الله الاسلام)، قال: وكان مولده يوم الجمعة.(6) وفي معجزاته زمن حياة ابيه (عليهما السلام)؛ يوجد 10 احاديث.(7) السؤال الرابع: هل كان للامام الحجة (عليه السلام) معجزات ايضاً بعد زمن ابيه اي في زمن غيبته الصغري؟ الجواب نعم لقد ذكر التاريخ والرواة الكثير من الروايات حول معجزاته في الغيبة الصغري كما كان له من المعجزات زمن ابيه (عليهم السلام) وكما مر عليك، ونحن نشير الي بعض الموارد: الكافي(8): عن محمد بن علي بن شاذان النيشابوري قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما,فانفت ان ابعث بخمسمائة تنقص عشرين درهما، فوزنت من عندي عشرين درهما وبعثتها الي الاسدي, ولم اكتب مالي فيها، فورد: وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما. كمال الدين(9): حدثنا محمد بن الحسن - رضي الله عنه - عن سعد بن عبدالله عن علي بن محمد الرازي المعروف بعلان الكليني قال: حدثني محمد بن جبرئيل الاهوازي عن ابراهيم ومحمد ابني الفرج عن محمد بن ابراهيم بن مهزيار؛ انه ورد العراق شاكّا مرتادا, فخرج إليه: قل للمهزياري قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم, فقل لهم: اما سمعتم الله عزّ وجلّ يقول: (يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم), هل امر الا بما هو كائن الي يوم القيامة, اولم ترووا؛ انّ الله عزّ وجلّ جعل لكم معاقل تاوون إليها, واعلاما تهتدون بها, من لدن آدم (عليه السلام) الي ان ظهر الماضي {ابو محمد} صلوات الله عليه, كلما غاب علم بدا علم واذا افل نجم طلع نجم, فلما قبضه الله إليه ظننتم ان الله عزّ وجلّ قد قطع السبب بينه وبين خلقه, كلا ما كان ذلك ولايكون حتي تقوم الساعة ويظهر امر الله عزّ وجلّ وهم كارهون, يامحمد بن ابراهيم! لايدخلك الشك فيما قدمت له! فان الله عزّ وجلّ لا يخلي الارض من حجة, اليس قال لك ابوك قبل وفاته: احضر الساعة من يعيّر هذه الدنانير التي عندي فلما ابطيء ذلك عليه وخاب الشيخ علي نفسه الوحا قال لك: عيّرها علي نفسك واخرج اليك كيسا كبيراً وعندك بالحضرة ثلاثة اكياس وصرّة فيها دنانير مختلفة النقد فعيّرتها, وختم الشيخ بخاتمه وقال لك اختم مع خاتمي فان اعش فانا احق بها وان امت فاتق الله في نفسك اولاً ثم في فخلّصني وكن عند ظنّي بك، اخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي بضعة عشر دينارا واستردّ من قبلك؟ فانّ الزّمان اصعب ممّا كان وحسبنا الله ونعم الوكيل. قال محمد بن ابرهيم: وقدمت العسكر زائرا, فقصدت الناحية فلقيتني امراة وقالت: انت محمد بن ابراهيم؟ فقلت: نعم، فقالت لي: انصرف فانك لا تصل في هذا الوقت وارجع الليلة فان الباب مفتوح لك فادخل الدار واقصد البيت الذي فيه السراج؟ ففعلت؛ وقصدت الباب فاذا هو مفتوح فدخلت الدار وقصدت البيت الذي وصفته, فبينا انا بين القبرين انتحب وابكي اذ سمعت صوتا وهو يقول: يا محمد! اتق الله وتب من كل ما انت عليه! فقد قلّدت امرا عظيما. كمال الدين(10): حدثنا ابوجعفر محمد بن علي الاسود - رضي الله عنه - قال: سالني علي بن الحسين بن موسي بن بابويه - رضي الله عنه - بعد موت محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه - ان اسال؛ ابا القاسم الروحي ان يسال؛ مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) ان يدعو الله عزّ وجلّ ان يرزقه ولدا ذكرا؟ قال: فسالته, فانهي ذلك ثم اخبرني بعد ذلك بثلاثة ايام؛ انه قد دعا لعلي بن الحسين, وانه سيولد له ولد مبارك ينفع (الله) به وبعده اولاده. قال ابو جعفرمحمد بن علي الاسود - رضي الله عنه -: وسالته في امر نفسي؛ ان يدعو الله لي ان يرزقني ولدا ذكرا؟ فلم يجبني إليه! وقال: ليس الي هذا سبيل، قال: فولد لعلي بن الحسين- رضي الله عنه - محمد بن علي وبعده اولاده ولم يولد لي شيء. قال مصنف هذا الكتاب (الصدوق)- رضي الله عنه - كان ابو جعفر محمد بن علي الاسود - رضي الله عنه -كثيرا ما يقول لي - اذا رآني اختلف الي مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد - رضي الله عنه- وارغب في كتب العلم وحفظه -: ليس بعجب ان تكون لك هذه الرغبة في العلم وانت ولدت بدعاء الامام (عليه السلام). الغيبة(11): حدثنا رجل صالح من اصحابنا؛ قال: خرجت سنة من السنين حاجا الي بيت الله الحرام وكانت سنة شديدة الحر كثيرة السموم, فانقطعت عن القافلة وضللت الطريق, فغلب عليّ العطش حتي سقطت واشرفت علي الموت, فسمعت صهيلا! ففتحت عيني فاذا بشاب حسن الوجه حسن الرائحة راكب علي دابّة شهباء, فسقاني ماءً ابرد من الثلج واحلي من العسل, ونجاني من الهلاك, فقلت: ياسيدي من انت؟ قال: انا حجة الله علي عباده، وبقية الله في ارضه، انا الذي املأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما, انا ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام), ثم قال: اخفض عينيك؟ فخفضتهما, ثم قال: افتحهما؟ ففتحتهما, فرايت نفسي في قدام القافلة! ثم غاب من نظري صلوات الله عليه. الخرائج والجرائح(12): قال: ومنها ما روي عن ابي الحسن المسترق الضرير: كنت يوما في مجلس الحسن بن عبدالله بن حمدان ناصرالدولة فتذاكرنا امر الناحية؛ قال: كنت ازري عليها الي ان حضرت مجلس عمي الحسين يوما فاخذت اتكلم في ذلك! فقال: يابني قد كنت اقول بمقالتك هذه الي ان ندبت لولاية قم حين استصعبت علي السلطان, وكان كلّ من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه اهلها, فسلّم اليّ جيشا وخرجت نحوها, فلما بلغت الي ناحية طرز خرجت الي الصيد ففاتتني طريدة فاتبعتها واوغلت في اثرها، حتي بلغت الي نهر فسرت فيه وكلما اسير يتسع النهر فبينما انا كذلك اذ طلع عليّ فارس تحته شهباء وهو معمم بعمامة خز خضراء لا اري منه الا عينيه وفي رجليه خفان احمران فقال لي: ياحسين! فلا هو امّرني ولا كنّاني فقلت: ماذا تريد؟ قال: لِمَ تزري علي الناحية؟ ولِمَ تمنع اصحابي خمس مالك!. وكنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئاً؟! فارعدت وتهيبته وقلت له: افعل ياسيدي ما تامر به، فقال: اذا مضيت الي الموضع الذي انت متوجه إليه فدخلته عفوا وكسبت ما كسبته تحمل خمسه الي مستحقه؟ فقلت: السمع والطاعة، فقال: امض راشدا؟ ولوي عنان دابته وانصرف, فلم ادر اي طريق سلك, وطلبته يمينا وشمالا فخفي عليّ امره وازددت رعبا وانكفات راجعا الي عسكري وتناسيت الحديث, فلما بلغت قم وعندي اني أريد محاربة القوم, خرج اليّ اهلها وقالوا كنا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا، فامّا اذا وافيت انت فلا خلاف بيننا وبينك ادخل البلدة فدّبرها كما تري؟ فاقمت فيها زمانا وكسبت اموالا زائدة علي ما كنت اقدر, ثم وشي القواد بي الي السلطان وحسدت علي طول مقامي وكثرة ما اكتسبت فعزلت ورجعت الي بغداد فابتدأت بدار السلطان وسلمت عليه واتيت الي منزلي وجاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري, فتخطي الناس حتي اتكأ علي تكأتي! فاغتظت من ذلك, ولم يزل قاعدا ما يبرح! والناس داخلون وخارجون, وانا ازداد غيظا فلما انصرم (الناس وخل) المجلس دنا الي وقال: بيني وبينك سرّ فاسمعه؟ فقلت: قل؟ فقال: صاحب الشهباء والنهر؛ يقول: قد وفينا بما وعدنا؟! فذكرت الحديث وارتعت من ذلك! وقلت: السمع والطاعة, فقمت فاخذت بيده ففتحت الخزائن فلم يزل يخمسها الي ان خمس شيئاً كنت قد نسيته مما كنت قد جمعته وانصرف ولم اشك بعد ذلك وتحققت الامر. فأنا منذ سمعت هذا من عمّي ابي عبدالله زال ما كان اعترضني من شك. ولقد ورد في بعض معجزاته (عليه السلام) في الغيبة الصغري 29 حديثا.(13) السؤال الخامس: اذا كان الامام الحجة (عليه السلام) يعيش وهو غائب عن الناس فكيف كان يدير الامور وكيف كان يتصل بالناس؟ الجواب لقد كان اتصال الامام بالناس بعدة طرق؛ منها: عن طريق السفراء, ثم الوكلاء, او يباشر بعض الامور بنفسه (عليه السلام) كما مرّ عليك سابقا، او كان بتوسط بعض الناس الغير معروفين, ونحن نشير هنا الي سفراءه ونوابه في غيبته الصغري الذين كانوا وسائط لاتصاله مع الناس: ونذكر نبذة عنهم كما ذكر استاذنا المفدي المؤلف دام ظله, حيث قال: اعلم؛ ان وكلاءه ونوابه (عليه السلام) في زمان الغيبة الصغري كما يظهر من مراجعة الكتب المعتبرة كانوا عدة من الثقات الممدوحين بالوثاقة والامانة والصداقة وكان يخرج من عندهم توقيعاته واوامره ونواهيه (عليه السلام) ويظهر منهم الكرامات والاخبار عن المغيبات من جهته، واقتصر علي ذكر اسماء الاربعة المعروفين منهم الذين اجمع الشيعة علي امانتهم وعدالتهم ورفعة مقامهم وعلوّ درجتهم فنقول: الاول: الشيخ ابو عمرو عثمان بن سعيد العمري- رضي الله تعالي عنه- وقد نصبّه ابو الحسن علي بن محمد العسكري وابو محمد الحسن بن علي (عليهم السلام), وكان اسديا ويقال له العسكري والسمّان؛ لانه كان يتجر في السمن تغطية علي الامر, وقد ورد النص عليه من الامامين المذكورين ومن مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه, وقد ذكره الشيخ؛ في رجاله تارة, في ذكر اصحاب الهادي (عليه السلام) فقال: (عثمان بن سعيد العمري, يكني ابا عمرو السمّان, ويقال له: الزيات, خدمه وله احدي عشرة سنة, وله إليه عهد معروف), وتارة في اصحاب ابي محمد الحسن (عليه السلام) فقال: (جليل القدر ثقة وكيله عليه السلام) وقال ايضاً في رجاله: (محمد بن عثمان بن سعيد العمري يكني؛ ابا جعفر وابوه يكني ابا عمرو جميعا وكيلان من جهة صاحب الزمان (عليه السلام) ولهما منزلة جليلة عند الطائفة، انتهي), ولقد اجاد المولي الوحيد, حيث قال, كما في تنقيح المقال: هو اجل واشهر من ان يذكر. الثاني: ابو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري - رضوان الله تعالي عليه- فانه لما مضي ابوه ابو عمرو قام مقامه بنصّ ابي محمد (عليه السلام) عليه, ونصِّ ابيه عثمان عليه, بامر القائم (عليه السلام) وقد نقل الشيخ في غيبته, عن ابي العباس عن هبة الله بن محمد عن شيوخه: اجماع الشيعة علي عدالته ووثاقته وامانته, لما ورد عليه من النص بالعدالة والامر بالرجوع إليه في حياة الحسن (عليه السلام) وبعد موته في حياة ابيه قال: (وقد نقلت عنه دلائل كثيرة ومعجزات الامام ظهرت علي يده...الخ). قال في تنقيح المقال: (جلالة شان الرجل وعلو قدره ومنزلته في الامامية اشهر من ان يحتاج الي بيان... الخ) وكان له كتب مصنفة مما سمعها من ابي محمد الحسن ومن الصاحب (عليهما السلام) ومن ابيه عثمان بن سعيد عن ابي محمد وعن ابي الحسن الهادي (عليهما السلام) قال الشيخ في كتاب (الغيبة)؛ قال ابو نصر هبة الله: وجدت بخط ابي الزراري- رحمه الله وغفر له-؛ ان ابا جعفر محمد بن عثمان العمري- رحمة الله عليه- مات في آخر جمادي الاولي سنة خمس وثلاثمائة وذكر ابو نصر هبة الله بن محمد بن احمد؛ ان ابا جعفر العمري مات في سنة اربع وثلاثمائة, وانه كان يتولي هذا الامر نحوا من خمسين سنة يحمل الناس إليه اموالهم ويخرج إليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام) إليهم بالمهمّات في امر الدين والدنيا وفيما يسألونه من المسائل بالاجوبة العجيبة, رضي الله عنه وارضاه. الثالث: من السفراء؛ الشيخ ابو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي- رحمة الله عليه- المتولي لمقام النيابة الخاصة بعد محمد بن عثمان, رحمهما الله, والقائم مقامه بنص منه بامر الامام (عليه السلام) وهو من اعقل الناس عند الموافق والمخالف, وكان له مكانة عظيمة عند العامة ايضاً, وقد كان لمحمد بن عثمان نحوا من عشرة انفس وابو القاسم بن روح فيهم وكانوا كلهم اخصّ به من الشيخ ابي القاسم وبلغ جعفر بن احمد بن متيل منه من الخصوصية به وكثرة كينونته في منزله بمرتبة؛ كان اصحابنا لا يشكون؛ ان كانت حادثة لم تكن الوصية إلا إليه, ولكن لما وقع الاختيار بامر الامام علي؛ ابي القاسم, لم ينكروا وسلموا, ولم يزل جعفر بن احمد بن متيل في جملة ابي القاسم وبين يديه كتصرفه بين يدي ابي جعفر العمري الي ان مات, وتوفي الشيخ ابو القاسم- رضي الله عنه- في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة فكانت مدة سفارته احدي او اثنتان وعشرون سنة. الرابع: من الوكلاء في عصر الغيبة الصغري؛ الشيخ ابو الحسن علي بن محمد السمري- رحمة الله عليه- القائم مقام الشيخ ابي القاسم بنصّ منه وهو آخر الوكلاء وبموته وقعت الغيبة التامة وصار الامر الي الفقهاء وحملة الاحاديث وعلوم اهل البيت (عليهم السلام), فيجب علي العوام الرجوع إليهم, ودلت علي ذلك روايات كثيرة, قد مر بعضها ومات ابو الحسن علي بن محمد السمري؛ في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.(14) السؤال السادس: لقد بينتم ان الامام الحجة (عليه السلام) له نواب اربعة يقومون بمقام السفارة والاتصال مع الناس فهل تؤيد الروايات ذلك؟ الجواب توجد روايات كثيرة تذكر توكيلهم وسفارتهم ونيابتهم عن الامام الحجة (عليه السلام) في الغيبة الصغري ونحن نشير الي بعض منها: غيبة الشيخ(15): حدث احمد بن اسحاق بن سعد القمي قال: دخلت علي ابي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الايام, فقلت: ياسيدي انا اغيب واشهد ولا يتهيا لي الوصول اليك اذا شهدت في كل وقت, فقول من نقبل وامرمن نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه: هذا ابو عمرو الثقه الأمين ما قاله لكم فعنّي يقوله وما اداه اليكم فعني يؤديه، فلما مضي ابوالحسن (عليه السلام) وصلت الي ابي محمد ابنه الحسن العسكري (عليه السلام) ذات يوم, فقلت له (عليه السلام)؛ مثل قولي لابيه؟ فقال لي: هذا ابو عمرو الثقة الأمين, ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات, فما قاله لكم فعني يقوله وما ادي اليكم فعني يؤديه. قال ابو محمد هارون: قال ابو علي: قال ابوالعباس الحميري: فكنا كثيرا ما نتذاكر هذا القول ونتواصف جلاله محلّ ابي عمرو. وهذه الرواية كانت في السفير الاول ابي عمرو عثمان بن سعيد العمري - رضي الله تعالي عنه-. 2- كمال الدين(16): قال عبدالله بن جعفر الحميري: وخرج التوقيع الي الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان العمري في التعزية بابيه - رضي الله تعالي عنهما- وفي فصل من الكتاب: انا لله وانا إليه راجعون تسليما لامره ورضاءً بقضائه عاش ابوك سعيدا ومات حميدا فرحمه الله والحقه باوليائه وموإليه (عليهم السلام), فلم يزل مجتهدا في امرهم ساعيا فيما يقربه الي الله عزّ وجلّ وإليهمّ, نضّرالله وجهه واقاله عثرته. وفي فصل آخر: اجزل الله لك الثواب واحسن لك العزاء رزئت ورزئنا واوحشك فراقه واوحشنا, فسره الله في منقلبه, وكان من كمال سعادته ان رزقه الله عزّ وجلّ ولدا مثلك يخلفه من بعده ويقوم مقامه بامره ويترحم عليه, واقول؛ الحمدلله فان الانفس طيبة بمكانك وما جعله الله عزّ وجلّ فيك وعندك, اعانك الله وقواك وعضدك ووفقك وكان الله لك وليا وحافظا وراعيا وكافيا ومعينا. وهذه الرواية كانت في السفير الثاني ابي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري - رضوان الله تعالي عليه-. 3- البحار(17): عن ابي نصر هبة الله بن محمد قال: حدثني خالي ابو ابراهيم جعفربن احمد النوبختي, قال لي ابي احمد بن ابراهيم وعمي ابوجعفر عبدالله بن ابراهيم وجماعة من اهلنا - يعني بني نوبخت -: ان ابا جعفر العمري لما اشتدت حاله, اجتمع جماعة من وجوه الشيعة منهم ابو علي بن همام وابوعبدالله بن محمد الكاتب وابوعبدالله الباقطاني وابوسهل اسماعيل بن علي النوبختي وابوعبدالله بن الوجناء وغير هم من الوجوه والاكابر فدخلوا علي ابي جعفر - رضي الله عنه - فقالوا له: ان حدث امر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا ابو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الامر (عليه السلام) والوكيل والثقة الأمين فارجعوا إليه في اموركم وعوّلوا عليه في مهماتكم فبذلك امرت وقد بلّغت. وهذه الرواية كما تري هي في السفير الثالث ابي القاسم الحسين بن روح النوبختي- رضوان الله تعالي عليه -. 4- اعلام الوري(18): عن ابي عبدالله أحمد بن محمد الصفواني, قال اوصي الشيخ ابوالقاسم - رضي الله عنه-الي ابي الحسن علي بن محمد السمري- رضي الله عنه- فقام بما كان الي ابي القاسم فلما حضرته الوفاة حضرت الشيعة عنده وسالته عن الموكل بعده ولمن يقوم مقامه؟ فلم يظهر شيئاً من ذلك وذكر انه لم يؤمر بان يوصي الي احد بعده في هذا الشان. وهذه الرواية كما تري؛ هي في السفير الرابع الشيخ ابي الحسن علي بن محمد السمري - رحمه الله تعالي-. 5- كمال الدين(19): حدثنا ابو محمد الحسن بن احمد المكتّب, قال كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري- قدس الله روحه- فحضرته قبل وفاته بايام, فاخرج الي الناس توقيعا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم؛ ياعلي بن محمد السمري! اعظم الله اجر اخوانك فيك فانك ميت ما بينك وبين ستة ايام فاجمع امرك ولاتوصي الي احد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة الثانية (التامة - خ) فلا ظهور الا بعد اذن الله عزّ وجلّ, وذلك بعد طول الامد وقسوة القلوب وامتلاء الارض جورا, وسياتي شيعتي من يدعي المشاهدة! الا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له: من وصيّك من بعدك؟ فقال: لله امر هو بالغه ومضي- رضي الله عنه- فهذا آخر كلام سمع منه. وهنا فائدة علمية اشار إليها المؤلف دام ظله وهي: هذا وربما يقال: بان هذا التوقيع بظاهره ينافي الحكايات الكثيرة المواترة القطعية التي لا يمكن احصاؤها لكثرتها وتدل علي وقوع المشاهدة، وتشرف البعض بدرك فيض زيارته والتشرف بمحضره، وينافي ايضاً ما اتفق الكل عليه ظاهرا حتي الصدوق ناقل هذا الخبر, وجوها ذكر الستة منها في (جنة الماوي): منها؛ ما عن المجلسي في (البحار) وغير ه وهو: ان سياق الخبر يشهد بان المراد من ادعاء المشاهدة ادعاؤها مع النيابة والسفارة وايصال الاخبار من جانبه الي الشيعة علي مثال السفراء في الغيبة الصغري وهذا الوجه قريب جدا. ومنها: انه خبر واحد مرسل ضعيف لم يعمل به ناقله وهو الصدوق في الكتاب المذكور واعرض الاصحاب عنه فلا يعارض تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها بل من بعضها المتضمن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره (عليه السلام).(20) ويوجد في حالات سفرائه ونوابه في الغيبة الصغري 27 حديثا.(21) الهوامش: (1) للفضل بن شاذان النيشابوري عن كفاية المهتدي (الاربعين) ذيل ح 32 ص 122. (2) منتخب الاثر ج 2 ص 430. (3) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 430 ب 42 ح 5. (4) منتخب الاثر ج 2 ص 397. (5) للشيخ الحرّ العاملي ج 3 ص 669 ب 33 ح 37. (6) منتخب الاثر ج 2 ص 394- 399. (7) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 417-430. (8) للشيخ الكليني ج 1 ص 523 ح 23. (9) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 486 ب 45 ح 8. (10) كالسابق ج 2 ص 502 ب 45 ح 31. (11) للشريف الحسن بن حمزة عن كفاية المهتدي (الاربعين) ص 140 ح 36. (12) لقطب الدين الراوندي ج 1 ص 472 ح 17. (13) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 484- 505. (14) حاشية منتخب الاثر ح 2 ص 506- 508. (15) للشيخ الطوسي, ص354ح315. (16) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 510 ب 45 ح 41. (17) للعلامة المجلسي ج 51 ص 355 ب 16 ح 6. (18) لأمين الاسلام ابي علي الطبرسي ص 417 ب 3 ف 1. (19) لأبي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 516 ب 45 ح 44. (20) منتخب الاثر ج 2 حاشيه ص 520. (21) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 506- 521. ****************** السؤال السابع: هل لكم ان تذكروا شيئاً عن حالات سفراء الامام الحجة (عليه السلام) وبعض من معجزاتهم التي ظهرت منهم زمن الغيبة الصغري؟ الجواب تعتبر معجزات السفراء من الامور المهمة التي تثبت قلوب الشيعة في زمن الغيبة الصغري, وكان لهذه المعجزات رواج بين اوساط الشيعة, فظهرت منهم الكرامات والاخبار عن المغيبات من جهة الامام الحجة (عليه السلام). ونحن نذكر في هذا المختصر بعض من حالاتهم ومعجزاتهم رضوان الله تعالي عليهم: الكافي(1): عن عبدالله بن جعفر الحميري, قال: اجتمعت انا والشيخ ابو عمرو- رحمه الله- عند احمد بن اسحاق, فغمزني احمد بن اسحاق ان اسأله عن الخلف؟ فقلت له: يا ابا عمرو! اني أريد ان اسألك عن شيء وما انا بشاك فيما أريد ان اسألك عنه! فان اعتقادي وديني؛ ان الارض لا تخلو من حجة الا اذا كان قبل يوم القيامة باربعين يوما فإذا كان ذلك رُفعت الحجة واغلق باب التوبة فلم يك ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا, فاولئك اشرار من خلق الله عزّ وجلّ, وهم الذين تقوم عليهم القيامة, ولكني احببت ان ازداد يقينا, وان ابراهيم (عليه السلام) سال ربه عزّ وجلّ، ان يرىه كيف يحيي الموتي؟ قال: اولم تؤمن! قال: بلي ولكن ليطمئن قلبي, وقد اخبرني ابو علي احمد بن اسحاق عن ابي الحسن (عليه السلام) قال: سألته وقلت: من اعامل او عمّن آخذ, وقول من اقبل؟ فقال له: العمري ثقتي, فما ادي اليك عنّي فعنّي يؤدّي وما قال لك فعني يقول فاسمع له واطع فانه الثقة المأمون, واخبرني ابو علي؛ انه سأل ابا محمد (عليه السلام): عن مثل ذلك؟ فقال له: العمري وابنه ثقتان فما ادّيا اليك عنّي فعنّي يؤدّيان, وما قالا لك فعنّي يقولان, فاسمع لهما واطعهما فانهما الثقتان المأمونان, فهذا قول امامين قد مضيا فيك؟ قال: فخرّ ابوعمرو ساجدا وبكي, ثم قال: سل حاجتك؟ فقلت له: انت رايت الخلف من بعد ابي محمد (عليه السلام)؟ فقال: اي والله ورقبته مثل ذا - واومأ بيده- فقلت له: فبقيت واحدة! فقال لي: هات, قلت: فالاسم؟ قال: محرّم عليكم ان تسألوا عن ذلك, ولا اقول هذا من عندي فليس لي ان احلل ولا احرم ولكن عنه (عليه السلام) فان الامر عند السلطان؛ انّ ابا محمّد مضي ولم يخلف ولدا, وقسّم ميراثه واخذه من لا حقّ له فيه, وهو ذا عياله يجولون ليس احد يجسر أن يتعرّف إليهم, او ينيلهم شيئاً, واذا وقع الاسم وقع الطلب فاتّقوا الله وامسكوا عن ذلك. كمال الدين(2): وحدثنا ابو جعفر محمد بن علي الاسود - رضي الله عنه - ان ابا جعفر العمري- قدس سره- حفر لنفسه قبرا وسواه بالساج فسألته عن ذلك؟ فقال للناس اسباب! ثم سألته بعد ذلك؟ فقال: قد امرت ان اجمع امري! فمات بعد ذلك بشهرين - رضي الله عنه-. الخرائج والجرائح(3): قال جعفر بن محمد بن متيل: دعاني ابو جعفر محمد بن عثمان السمّان المعروف بالعمري- رضي الله عنه- فاخرج اليّ ثويبات معلمة وصرّة فيها دراهم فقال لي: يحتاج ان تصير(تسير- ظ) بنفسك الي واسط في هذا الوقت وتدفع ما دفعت اليك الي اول رجل يلقاك عند صعودك من المركب الي الشطّ بواسط؟ قال: فتداخلني من ذلك غمّ شديد, وقلت: مثلي يُرسل في هذا الامر ويحمل هذا الشيء الوتح (القليل من كل شئ), قال: فخرجت الي واسط وصعدت من المركب, فأول رجل يلقاني سألته عن الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلاني وكيل الوقف بواسط؟ فقال: انا هو من انت؟ فقلت: انا جعفر بن محمد بن متيل! قال: فعرفني باسمي وسلم علي وسلمت عليه وتعانقنا, فقلت له: ابو جعفر العمري يقرأ عليك السلام ودفع الي هذه الثويبات وهذه الصرة لاسلمها اليك, فقال: الحمدلله فأن محمد بن عبدالله الحائري(العامري-خ) قد مات, وخرجت لاصلاح كفنه, فحلّ الثياب واذا فيها ما يحتاج إليه من حبر وثياب وكافور في الصرّة وكري الحمّالين والحفار، قال: فشيّعنا جنازته وانصرفت. البحار(4): وسأله (اي الحسين بن روح) بعضُ المتكلمين وهو المعروف بترك الهروي, فقال له: كم بنات رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ فقال: اربع, قال: فايتهن افضل؟ فقال: فاطمة (عليها السلام), فقال: ولم صارت افضل وكانت اصغرهن سنا واقلهم صحبة لرسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ قال: لخصلتين خصها الله بهما تطولا عليها وتشريفا واكراما لها, احداهما؛ انها ورثت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ولم يرث غيرها من ولده, والاخري؛ ان الله تعالي ابقي نسل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) منها ولم يبقه من غيرها ولم يخصّصها بذلك الا لفضل اخلاص عرفه من نيّتها, قال الهروي: فما رايت احدا تكلم واجاب في هذا الباب باحسن ولا اوجز من جوابه. كتاب الغيبة(5): عن ابي عبدالله الحسين بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه, قال: حدثني جماعة من اهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة علي الحاجّ, وهي سنة تناثر الكواكب؛ ان والدي- رضي الله عنه- كتب الي الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح - رضي الله عنه - يستأذن في الخروج الي الحج؟ فخرج في الجواب؛ لا تخرج في هذه السنة، فاعاد؛ فقال: هو نذرواجب افيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب؛ ان كان لا بد فكن في القافلة الاخيرة! فكان في القافلة الاخيرة فسلم بنفسه وقُتل من تقدمه في القوافل الاخر. علل الشرايع(6): حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: كنت عند الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح- قدس الله روحه- مع جماعة فيهم علي بن عيسى القصري, فقام إليه رجل, فقال له: اني أريد ان اسألك عن شيء؟ فقال له: سل عما بدا لك؟ فقال الرجل: اخبرني عن الحسين بن علي (عليهما السلام) اهو ولي الله؟ قال: نعم, قال: اخبرني عن قاتله اهو عدو الله؟ قال نعم، قال الرجل: فهل يجوز ان يسلط الله عزّوجلّ عدوه علي وليه؟! فقال له ابو القاسم الحسين بن روح - قدس الله روحه-: افهم عني ما اقول لك, اعلم ان الله عزّ وجلّ لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ولا يشافههم بالكلام, ولكنه جل جلاله يبعث إليهم رسلا من اجناسهم واصنافهم بشرا مثلهم ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم, فلما جاؤوهم وكانوا من جنسهم ياكلون الطعام ويمشون في الاسواق, قالوا لهم: انتم بشر مثلنا ولا نقبل منكم حتي تأتوننا بشيء نعجز ان نأتي بمثله فنعلم انكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه؟ فجعل الله عزّ وجلّ لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها, فمنهم من جاء بالطوفان بعد الانذار والاعذار فغرق جميع من طغي وتمرد, ومنهم من القي في النار فكانت بردا وسلاما, ومنهم من اخرج من الحجر الصلد ناقة واجري من ضرعها لبنا, ومنهم من فلق له البحر وفجّر له من الحجر العيون وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يافكون, ومنهم من ابرأ الاكمه والابرص واحيي الموتي بإذن الله وأنبأهم بما ياكلون وما يدخرون في بيوتهم, ومنهم من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك, فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق عن امرهم وعن أن ياتوا بمثله كان من تقدير الله عزّ وجلّ ولطفه بعباده وحكمته؛ ان جعل انبياءه (عليهم السلام) مع هذه القدرة والمعجزات في حالة غالبين, وفي اخري مغلوبين, وفي حال قاهرين, وفي اخري مقهورين, ولو جعلهم الله عزّ وجلّ في جميع احوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة من دون الله عزّ وجلّ, ولما عرف فضل صبرهم علي البلاء والمحن والاختبار, ولكنه عزّ وجلّ جعل احوالهم في ذلك كاحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة والبلوي صابرين وفي حال العافية والظهور علي الاعداء شاكرين, ويكونوا في جميع احوالهم متواضعين غير شامخين ولامتجبرين, وليعلم العباد ان لهم (عليهم السلام) الها هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله وتكون حجة الله ثابتة علي من تجاوز الحد فيهم وادّعي لهم الربوبية او عاند او خالف وعصي وجحد بما اتت به الرسل والانبياء (عليهم السلام)؛ (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة). قال محمد بن ابراهيم بن اسحاق- رضي الله عنه-: فعدت الي الشيخ ابي القاسم بن روح قدس الله روحه من الغد وانا اقول في نفسي؛ اتراه ذكر ما ذكر لنا يوم امس من عند نفسه؟! فابتدأني! فقال لي: يا محمد بن ابراهيم! لان اخرّ من السماء فتخطفني الطير او تهوي بي الريح في مكان سحيق احبّ اليّ من ان اقول؛ في دين الله عزّ وجلّ برأيي, او من عند نفسي, بل ذلك عن الاصل ومسموع عن الحجّة صلوات الله عليه وسلامه. فرج المهموم(7): حدث جماعة من اهل قم منهم عمران الصفار وقريبة علوية الصفار والحسين بن احمد بن علي بن احمد بن ادريس- رحمهم الله- قالوا: حضرنا بغداد في السنة التي توفي فيها؛ ابي علي بن الحسين بن موسي بن بابويه, وكان ابو الحسن علي بن محمد السمري- قدس سره- يسألنا كلّ قريب عن خبرعلي بن الحسين- رحمه الله؟ فنقول: قد ورد الكتاب باستقلاله, حتي كان اليوم الذي قبض فيه, فسألنا عنه؟ فذكر له مثل ذلك، فقال: اجركم الله في علي بن الحسين فقد قبض في هذه الساعة! قالوا: فأثبتنا تاريخ الساعة واليوم والشهر, فلما كان بعد سبعة عشر يوما او ثمانية عشر يوما, ورد الخبر؛ انه قبض في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ ابو الحسن - قدّس سره-. رجال الكشي(8): جعفر بن معروف الكشّي, قال: كتب ابوعبدالله البلخي اليّ, يذكر عن الحسين بن روح القمّي؛ ان احمد بن اسحاق كتب إليه يستاذنه في الحج فاذن له وبعث إليه بثوب, فقال احمد بن اسحاق: نعي اليّ نفسي! فانصرف من الحج فمات بحلوان. وهناك روايات اخري لم نذكرها.(9) الفصل الخامس: عن الغيبة الكبري السؤال الاول: ان بعض العامة يعتقد ان الامام الحجة (عليه السلام) غاب في السرداب! فهل هذا صحيح, وما هو جوابكم اذا لم يكن كذلك؟ الجواب ان قضية غيبة الامام في السرداب, هو افتراء علي الشيعة, وليس عندنا ذكر للسرداب سوي قضية المعتضد التي اذكرها لك: 1- كتاب الغيبة(10): وحدث عن رشيق صاحب المادراي, قال: بعث الينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر, فأمرنا؛ ان يركب كلّ واحد منا فرسا ونجنب آخر ونخرج مُخفين لا يكون معنا قليل ولا كثير الا علي السرج مصلّي, وقال (لن): الحقوا بسامرة, ووصف لنا محلّة ودارا وقال: اذا اتيتموها تجدون علي الباب خادما اسود, فاكبسوا الدار ومن رايتم فيها فاتوني براسه؟ فوافينا سامرة فوجدنا الامر كما وصفه وفي الدهليز خادم اسود وفي يده تكة ينسجها فسالناه عن الدارومن فيها؟ فقال: صاحبها، فوالله ما التفت الينا وقل اكتراثه بنا! فكبسنا الدار كما امرنا, فوجدنا دارا سرية ومقابل الدار ستر ما نظرت قط الي انبل منه كان الايدي رفعت عنه في ذلك الوقت, ولم يكن في الدار احد فرفعنا الستر, فاذا بيت كبير كأنّ بحرا فيه ماء, وفي اقصي البيت حصير قد علمنا انه علي الماء, وفوقه رجل من احسن الناس هيئة قائم يصلي فلم يلتفت الينا ولا الي شيء من اسبابنا, فسبق احمد بن عبدالله ليتخطي البيت فغرق في الماء ومازال يضطرب حتي مددت يدي إليه فخلصته واخرجته وغشي عليه وبقي ساعة, وعاد صاحبي الثاني الي فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك! وبقيت مبهوتا, فقلت لصاحب البيت: المعذرة الي الله واليك, فوالله ما علمت كيف الخبر ولا الي من اجيء, وانا تائب الي الله, فما التفت الي شيء مما قلنا وما انفتل عما كان فيه, فهالنا ذلك وانصرفنا عنه, وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدّم الي الحجّاب؛ اذا وافيناه ان ندخل عليه في اي وقت كان؟ فوافيناه في بعض الليل, فادخلنا عليه فسالنا عن الخبر؟ فحكينا له ما رأينا, فقال: ويحكم لقيكم احد قبلي وجري منكم الي احد سبب اوقول؟ قلنا: لا، فقال: انا نفي من جدّي, وحلف باشد ايمان له؛ انّه رجل ان بلغه هذا الخبر ليضربنّ اعناقنا, فما جسرنا ان نحدّث به الا بعد موته. ثم قال استاذنا المفدي؛ الشيخ صافي الگلپايگاني دام ظله معلقا علي هذه الرواية: ثم اعلم؛ ان من مخاريق بعض العامة وافتراءاتهم نسبتهم الي الشيعة اعتقاد؛ ان القائم (عليه السلام) غاب في السرداب وانه بعد غيبته باق فيه ولم يخرج منه الي الآن, ولم يره احد وانه يخرج منه, والشيعة ينتظرون خروجه منه, حتي قال ابن حجر في (الصواعق): (ولقد احسن القائل؛ ما آن للسرداب ان يلد الذي... الخ)!. اقول: قال الله تعالي؛ (انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله واولئك هم الكاذبون)؛ أيها العلماء أيها القرّاء يااهل الانصاف, هذه كتب علماء الامامية من عصر الغيبة بل قبلها الي زماننا, بين اظهركم وايديكم فانظروا فيها حتي تقفوا علي شدة التعصب والعناد وانظروا فيها حتي تعرفوا قيمة هذه الافتراءات وانظروا فيها حتي تعلموا انه ليس لهذا البهتان اثر في كتاب واحد من اصاغر علماء الشيعة فضلا عن اكابرهم واعيانهم! كالكليني, والصدوق, والنعماني, والمفيد, والشيخ, والسيدين؛ المرتضي والرضي, والعلامة, وغير هم, انظروا فيها حتي تقفوا علي الاسباب التي توجب افتراق كلمة هذه الامة والمانع الفذ من تقريبهم وتوحيد كلمتهم، ولعمر الحق ان لمثل هذا البهتان- الذي تقشعر الجلود وتندهش العقول منه- رجال يعدون انفسهم من العلماء ومن اهل التثبت والتحقيق ومن المسلمين ثم ياتون باكذوبة وبهتان علي طائفة عظيمة من المسلمين, فيهم في كل عصر وجيل؛ الوف من العلماء والحكماء والادباء والشعراء والمتكلمين واهل التصنيف والتأليف واكابر كل فن من فنون العلم, ويكتبون في كتبهم التي يقرأها المسلمون واهل العلم والاطلاع, جيلا بعد جيل فيعرفون منها ميزان علمهم ومبلغ هممهم, نعوذ بالله مما تزل به الاقلام والالباب. نعم؛ لو جعلنا كتب الامامية- قديماً وحديثا- نصب اعيننا؛ لوجدناها مشحونة بروايات واحاديث وحكايات, كلها يكذب هذه المخاريق والمجعولات, وقد ذكرنا طائفة كثيرة من هذه الروايات في هذا الكتاب, قال المحدث النوري - رحمه الله- في طي كلماته في (كشف الاستار): نحن كلما راجعنا وتفحصنا لم نجد لما ذكروه اثرا بل ليس فيها ذكر للسرداب اصلا, سوي قضية المعتضد التي نقلها نور الدين عبدالرحمان الجامي, في (شواهد النبوة), وهي موجودة في كتبهم باسانيدهم ولكنهم ساقوا المتن هكذا: عن رشيق صاحب المادراي (ثم ذكر ما نقلناه في المتن عن غيبة الشيخ عن رشيق وقال..) وليس فيه ذكر للسرداب اصلا, الا ان القطب الراوندي ذكر في (الخرائج) هذا الخبر, ثم قال في موضع آخر علي ما نقله عنه بعض اصحابنا (وان لم نجده ايضاً فيما عندي من نسخه): (ثم بعثوا عسكرا اكثر فلما دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القران فاجتمعوا علي بابه وحفظوه حتي لا يصعد ولا يخرج, وأميرهم قائم حتي يصل العسكر كلهم فخرج من السكة التي علي باب السرداب ومرّ عليهم, فلما غاب, قال الأمير: انزلوا عليه؟ فقالوا: أليس هو قد مر عليك؟ فقال: ما رايت! قال: ولم تركتموه؟ قالوا: انا حسبنا انك تراه), والظاهر ان هذا الخبر؛ هو الوجه في تسمية السرداب؛ بسرداب الغيبة في لسان بعض العلماء في خصوص كتب المزار انتهي ما في (كشف الاستار), وليس فيما نقل عن الخرائج (وان لم اجده ايضاً في النسخة الموجودة منه عندي)؛ دلالة او اشارة الي ما نسب الي الشيعة, بل دليل علي فساد هذه النسبة لتضمنه خروجه من السرداب. هذا مع؛ ان هذه القصة انما وقعت بعد وقوع الغيبة بسنوات, فان غيبته (عليه السلام) وقعت في سنة (260هـ), والمعتضد ملك الخلافة في رجب سنة (279هـ), وان شئت مزيد توضيح لذلك؛ فعليك بكتاب (كشف الاستار) فانه قد ادّي حق المقام. واما مايشاهد من السنّة الجارية بين الشيعة؛ وهي زيارة مولانا المهدي (عليه السلام) في هذا الموضع الشريف, فليس لاعتقاد انه غاب في السرداب ويجب ان ينتظر خروجه منه, بل لان الموضع المعروف بالسرداب وحرم العسكريين (عليهما السلام) محل دورهم وبيوتهم الشريفة التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه ومحل ولادة القائم (عليه السلام) ومحل بروز بعض معجزاته وخوارق عاداته وليس لها خصوصية الا ما ذكر, ولكن هذه الخصوصية تدعو شيعته ومحبيه الي زيارته فيها والاشتغال فيها بتلاوة القران والدعاء لفرجه وتعجيل ظهوره والصلوات عليه وعلي ابيه وجده وامه (عليهم السلام), وللشيعة في غير هذا الموضع مقامات اخري يزورونه (عليه السلام) فيها, لما ثبت عندهم من مقامه (عليه السلام) فيها في وقت من الاوقات.(11) السؤال الثاني: ما هي الغيبة الكبري ومتي بدأت؟ الجواب لقد مرّ عليك سابقا في الفصل الثاني بعض الايضاًح عن الغيبة الكبري, ونحن نذكر هنا ايضاً ملخصا حول الغيبة الكبري: لقد مرّ عليك ان للامام الحجة (عليه السلام) غيبتان, احداهما؛ اطول من الاخري, وقد انتهت الغيبة الصغري بموت آخر السفراء اي سنة (329 هـ)، وبدأت الغيبة الكبري حينها, وهي مستمرة الي زماننا هذا فلا ظهور الي ان ياذن الله تعالي، وسيوافيك ان هذه الغيبة؛ كالغيبة الصغري فيها مصلحة وحكمة الهية وقد مرّ عليك سابقا اشارة الي ذلك. السؤال الثالث: هل للامام المهدي (عليه السلام), سفراء في الغيبة الكبري كما كان له سفراء في الغيبة الصغري؟ الجواب هو ما ذكره مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر) دام ظله: وبعد انقضاء الغيبة القصري؛ وقعت الغيبة الطولي, فلا ظهور الي ان ياذن الله تعالي ولا يتفق درك خدمته الا لاوحدي من الناس, وانسدت فيها باب السفارة والنيابة الخاصة وفوض الامر الي الفقهاء العالمين بالاحكام وحملة الآثار والآخبار وعلوم الائمة الطاهرين, فقد روي الصدوق في (كمال الدين)؛ عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن اسحاق بن يعقوب, قال: سألت محمد بن عثمان العمري؛ ان يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل شكلت عليّ؟ فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): (اما ما سألت عنه ارشدك الله وثبتك....... الي ان قال بعد ذكر اجوبة مسائله: واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيما الي رواة حديثنا, فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم), ورواه الشيخ في كتاب (الغيبة) عن جماعة عن جعفر بن محمد بن قولويه وابي غالب الزراري وغير هما كلهم عن محمد بن يعقوب, ورواه في (الاحتجاج)؛ عن محمد بن يعقوب عن اسحاق. وقال ابو عبدالله (عليه السلام)- في الحديث المشهور الذي رواه الكليني بسنده عن عمربن حنظلة والشيخ ايضاً باسناده عنه (كما في الوسائل: ج18كتاب القضاء ب11 من ابواب صفات القاضي ح1)-: (من كان منكم ممن قد روي حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا, فليرضوا به حكما؛ فاني قد جعلته عليكم حاكما, فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما استخف بحكم الله وعلينا ردّ، والراد علينا كالراد علي الله وهو علي حد الشرك بالله). وروي في (الاحتجاج) عن الامام ابي محمد العسكري في حديث عن ابي عبدلله (عليهما السلام) انه قال: (فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا علي هواه مطيعا لامر مولاه فللعوام ان يقلدوه). وروي ايضاً في (الاحتجاج) بسنده عن الامام ابي محمد الحسن عن ابيه علي بن محمد الهادي (عليهم السلام) قال: (لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم (عليه السلام) من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك ابليس ومردته وفخاخ النواصب لما بقي احد الا ارتد عن دين الله ولكنهم الذين يمسكون ازمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها اولئك هم الافضلون عند الله عزّ وجلّ). وروي الشهيد الثاني في (منية المريد), عن الامام الهادي (عليه السلام)؛ نحوه. وتدل علي ذلك غير هذه الاحاديث؛ روايات اخري ذكرها الاصحاب- رضوان الله عليهم- في كتبهم. تنبيه فيه تاكيد: اعلم انه- كما اشرنا إليه- قد انقضي بانقضاء عصر الغيبة القصري الصغري, ووقوع الغيبة التامة الطولي الكبري, عصر السفارة والوكالة فليس لاحد بعد ذلك ان يدعي السفارة والبابية والنيابة والوكالة الخاصة والوساطة بين الامام وسائرالناس الي ان يظهر الله امر وليه وحجته (عليه السلام) فمن ادعي ما يفيد بعض هذه المعاني يكذب ويرد عليه, وهذا من ضروريات المذهب واتفق عليه الاكابر والاعلام خلفا عن سلف وعليه اجماع الطائفة, ويدل عليه؛ الاخبار الناصة علي غيبته الطولي وابتلاء الناس فيها بالتمحيص والابتلاء والامتحان الشديد, ويكفيك في ذلك ماقاله الشيخ الاجلّ الاقدم؛ ابو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسي بن قولويه المتوفي سنة (368 أو 369 هـ) مؤلف كتاب (كامل الزيارات)- رضوان الله تعالي عليه- قال: عندنا ان كل من ادعي الامر بعد السمري رحمه الله فهو كافر منمس ضال مضل.(12) السؤال الرابع: هل رأي الامام الحجة (عليه السلام), احدٌ من الناس بعد ما قلتم بانقطاع باب السفارة والنيابة الخاصة؟ الجواب لقد ذكر مؤلف كتاب منتخب الاثر دام ظله؛ بابا في حالات الامام الحجة (عليه السلام) ومعجزاته في الغيبة الكبري, وذكر بعض من تشرف بزيارته ونقل الكثير من الاحاديث في ذلك, ونحن نذكر روايات؛ فيمن رآه في الغيبة الكبري: الانوار النعمانية(13): قال (بعد ذكر ورع المقدس الاردبيلي- قدس سره- وعلو رتبته في الزهد والتقوي وبعض كراماته): حدثني اوثق مشايخي علما وعملا: ان لهذا الرجل- وهو المولي الاردبيلي- تلميذا من اهل تفريش اسمه مير علام (فيض الله-خ), وقد كان بمكان من الفضل والورع (كان فاضلا محدثا جليلا)(14) قال ذلك التلميذ: انه قد كانت له حجرة في المدرسة المحيطة بالقبة الشريفة فاتفق اني فرغت من مطالعتي, وقد مضي جانب كثير من الليل, فخرجت من الحجرة انظر في حوش الحضرة, وكانت الليلة شديدة الظلام فرايت رجلا مقبلا علي الحضرة الشريفة, فقلت: لعل هذا سارق جاء ليسرق شيئاً من القناديل! فنزلت واتيت الي قربه فرأيته وهو لايراني فمضي الي الباب ووقف فرايت القفل قد سقط وفتح له الباب الثاني والثالث علي هذا الحال! فاشرف علي القبر فسلم واتي من جانب القبر ردّ السلام! فعرفت صوته, فإذا هو يتكلم مع الامام (عليه السلام) في مسألة علمية ثم خرج من البلد متوجها الي مسجد الكوفة, فخرجت خلفه وهو لايراني, فلما وصل الي محراب المسجد سمعته يتكلم مع رجل آخر بتلك المسألة, فرجع ورجعت خلفه, فلما بلغ الي باب البلد اضاء الصبح فأعلنت نفسي له, وقلت له: يا مولانا كنت معك من الاول الي الآخر! فاعلمني من كان الرجل الاول الذي كلمته في القبة؟ ومن الرجل الآخر الذي كلمك في مسجد الكوفة؟ فاخذ علي المواثيق اني لا اخبر احدا بسره حتي يموت, فقال لي: يا ولدي! ان بعض المسائل تشتبه عليّ فربما خرجت في بعض الليل الي قبر مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وكلمته في المسألة وسمعت الجواب, وفي هذه الليلة احالني علي مولانا صاحب الزمان, وقال لي: ان ولدنا المهدي هذه الليلة في مسجد الكوفة فامض إليه وسله عن هذه المسألة؟ وكان ذلك الرجل هو المهدي (عليه السلام). بحار الانوار(15): ومنها ما اخبرني به جماعة من اهل الغري - علي مشرفه السلام-: ان رجلا من اهل قاشان اتي الي الغري متوجها الي بيت الله الحرام فاعتل علة شديدة حتي يبست رجلاه ولم يقدر علي المشي, فخلفه رفقاؤه وتركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدسة, وذهبوا الي الحج, فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كل يوم ويذهب الي الصحاري للتنزه ولطلب الدراري التي تؤخذ منها, فقال له في بعض الايام: اني قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان فاذهب بي اليوم واطرحني في مكان واذهب حيث شئت؟ قال: فاجابني الي ذلك, وحملني وذهب بي الي مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف فاجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحه علي شجرة كانت هناك وذهب الي الصحراء, وبقيت وحدي مغموما افكر فيما يؤول إليه امري, فأذا بشاب صبيح الوجه اسمر اللون, دخل الصحن وسلم علي وذهب الي بيت المقام, وصلي عند المحراب ركعات, بخضوع وخشوع لم ار مثله قط, فلما فرغ من الصلاة خرج واتاني وسآلني عن حالي؟ فقلت له: ابتليت ببلية ضقت بها, لا يشفيني الله فاسلم منها ولا يذهب بي فاستريح! فقال: لا تحزن سيعطيك الله كليهما! وذهب فلما خرج رايت القميص وقع علي الارض فقمت واخذت القميص وغسلتها وطرحتها علي الشجرة! فتفكرت في امري, وقلت: انا كنت لا اقدر علي القيام والحركة فكيف صرت هكذا؟ فنظرت الي نفسي فلم اجد شيئاً مما كان بي فعلمت انه كان القائم صلوات الله عليه, فخرجت فنظرت في الصحراء فلم ار احدا, فندمت ندامة شديدة, فلما اتاني صاحب الحجرة: سألني عن حالي وتحير في امري؟ فاخبرته بما جري, فتحسّر علي ما فات منه ومني ومشيت معه الي الحجرة. قالوا: فكان هكذا سليما حتي اتي الحاج ورفقاؤه فلما رآهم وكان معهم قليلا,مرض ومات ودفن في الصحن فظهر صحة ما اخبره (عليه السلام) من وقوع الامرين معا. جنة الماوي(16): الحكاية التاسعة ما حدّثني به العالم العامل والعارف الكامل غواص غمرات الخوف والرجاء وسياح فيافي الزهد والتقي صاحبنا المفيد وصديقنا السديد؛ الآغا علي رضا, ابن العالم الجليل الحاج المولي محمد النائيني - رحمهما الله تعالي - عن العالم البدل الورع التقي صاحب الكرامات والمقامات العاليات, المولي زين العابدين ابن العالم الجليل المولي محمد السلماسي - رحمه الله - تلميذ اية الله السيد السند والعالم المسدد فخر الشيعة وزينة الشريعة العلامة الطباطبائي محمد مهدي المدعو ببحر العلوم - اعلي الله درجته - وكان المولي المزبور من خاصته في السر والعلانية, قال: كنت حاضرا في مجلس السيد في المشهد الغروي, اذ دخل عليه لزيارته المحقق القمي صاحب (القوانين) في السنة التي رجع من العجم الي العراق زائرا لقبور الائمة (عليهم السلام), وحاجا لبيت الله الحرام, فتفرق من كان في المجلس وحضر للاستفادة منه وكانوا ازيد من مائة، وبقي ثلاثة من اصحابه ارباب الورع والسداد البالغين الي رتبة الاجتهاد فتوجه المحقق الايّد الي جناب السيد, وقال: انكم فزتم وحزتم مرتبة الولادة الروحانية والجسمانية وقرب المكان الظاهري والباطني, فتصدقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان, كي تنشرح به الصدور وتطمئن به القلوب؟ فاجاب السيد من غيرتامل, وقال: اني كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين او اقل - الترديد من الراوي - في المسجد الاعظم بالكوفة لاداء نافلة الليل عازما علي الرجوع الي النجف في اول الصبح لئلا يتعطل امرالبحث والمذاكرة - وهكذا كان دابه في سنين عديدة - فلما خرجت من المسجد, القي في روعي, الشوق الي مسجد السهلة, فصرفت خيالي عنه خوفا من عدم الوصول الي البلد قبل الصبح, فيفوت البحث في اليوم ولكن كان الشوق يزيد في كل آن ويميل القلب الي ذلك المكان, فبينا اقدم رجلا وأوخر اخري, اذا بريح فيها غبار كثير فهاجت بي وامالتني عن الطريق فكانها التوفيق الذي هو خير رفيق, الي ان القتني الي باب المسجد, فدخلت فاذا به خاليا عن العباد والزوار الا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبار بكلمات ترق القلوب القاسية وتسح الدموع من العيون الجامدة, فطار بالي وتغير حالي ورجفت ركبتي وهملت دمعتي من استماع تلك الكلمات التي لم تسمعها اذني ولم ترها عيني مما وصلت إليه من الادعية الماثورة وعرفت ان الناجي ينشئها في الحال لاانه ينشد ما اودعه في البال فوقفت في مكاني مستمعا متلذذا الي ان فرغ من مناجاته فالتفت اليّ وصاح بلسان العجم: (مهدي بيا) اي: هلم يامهدي؟ فتقدمت إليه بخطوات فوقفت, فامرني بالتقدم؟ فمشيت قليلا, ثم وقفت, فامرني بالتقدم؟ وقال: ان الادب في الامتثال؟! فتقدمت إليه بحيث تصل يدي إليه ويده الشريفة اليّ وتكلم بكلمة! قال المولي السلماسي- رحمه الله -: ولما بلغ كلام السيد السند الي هنا اضرب عنه صفحا وطوي عنه كشحا, وشرح في الجواب؛ عما ساله المحقق المذكور قبل ذلك عن سر قلة تصانيفه مع طول باعه في العلوم؟ فذكر له؛ وجوها, فعاد المحقق القمي؛ فسال عن هذا الكلام الخفي؟ فاشار بيده شبه المنكر بان هذا سر لايذكر!. الخرائج والجرائح(17): ومنها ما روي عن ابي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه؛ قال: لما وصلت بغداد سنة تسع {سبع –خ} وثلاثين {وثلاثمائة} اردت الحج وهي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر الي مكانه من البيت، كان اكبر همي الظفر بمن ينصب الحجر, لانه يمضي في اثناء الكتب قصّة اخذه، وانه ينصبه في مكانه الحجة في الزمان، كما في زمان الحجاج؛ وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه فاستقر, فاعتللت علة صعبة خفت منها علي نفسي, ولم يتهيا لي ما قصدت له فاستنبت المعروف؛ بابن هشام واعطيته رقعة مختومة اسال فيها عن مدة عمري وهل تكون المنية في هذه العلة ام لا؟ وقلت: همي ايصال هذه الرقعة الي واضع الحجر في مكانه واخذ جوابه واني اندبك لهذا؟ فقال: المعروف؛ بابن هشام: لما حصلت بمكة وعُزم علي اعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث اري واضع الحجر في مكانه, واقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس فكلما عمد انسان لوضعه اضطرب ولم يستقيم! فاقبل غلام اسمر اللون حسن الوجه, فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام, كانه لم يزل عنه, وعلت لذلك الاصوات, وانصرف خارجا من الباب, فنهضت من مكاني اتبعه وادفع الناس عني يمينا وشمالا حتي ظن بي الاختلاط في العقل والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه حتي انقطع عن الناس فكنت اسرع السير خلفه وهويمشي علي تؤدة, ولا ادركه! فلما حصل بحيث لا احد يراه غيري وقف والتفت اليّ فقال: هات ما معك؟ فناولته الرقعة, فقال من غير ان ينظر فيها: قل له؛ لا خوف عليك في هذه العلة ويكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع عليّ الزمع حتي لم اطق حراكا وتركني وانصرف. قال ابو القاسم: فاعلمني بهذه الجملة, فلما كانت سنة تسع وستين اعتّل ابو القاسم, فاخذ ينظر في امره وتحصيل جهازه الي قبره, وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك, فقيل له: ما هذا الخوف ونرجو ان يتفضل الله تعالي بالسلامة! فما عليك مخافة؟ فقال: هذه السنة التي خوّفت فيها، فمات في علته. مهج الدعوات(18): قال: وكنت انا بسرّ من رأي, فسمعت سحرا دعاءه (عليه السلام) فحفظت منه (عليه السلام) من الدعاء لمن ذكره من الاحياء والاموات: وابقهم- اوقال: واحيهم- في عزنّا ملكنا وسلطاننا ودولتنا. وكان ذلك في ليلة الاربعاء ثالث عشرذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وستمائة. ويوجد 13 حديثا فيمن رآه (عليه السلام) في الغيبة الكبري.(19) ونضيف الي ذلك؛ عبارة المصنف دام ظله: واعلم؛ ان ما ذكرناه في هذا الفصل ليس الا قليلا من الحكايات والآثار المذكورة في الكتب المعتبرة، والاكتفاء به لعدم اتساع هذا الكتاب لازيد منه، مضافا الي ان هذه الآثار والحكايات بلغت من الكثرة حدا يمتنع احصاؤها، وقد ملأ العلماء كتبهم عنها، فراجع (البحار) و(النجم الثاقب) و(جنّة المأوي) و(دار السلام) المشتمل علي ذكر من فاز بسلام الامام و(العبقريّ الحسان) وغيرها حتي تعرف مبلغا من كثرتها, ومن تصفح الكتب المدوّنة فيها هذه الحكايات التي لا ريب في صحة كثير منها لقوة اسنادها وكون ناقليها من الخواصّ والرجال المعروفين بالصداقة والامانة والعلم والتقوي, يحصل له؛ العلم القطعيّ الضروري بوجوده (عليه السلام) ونسأل الله ان يوفقنا لأفراد كتاب كبير في ذلك انه خير موفق ومعين.(20) الهوامش: (1) للشيخ الكليني ص 329 ب تسمية من رآه عليه السلام. (2) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 502 ب 45 ح 29. (3) لقطب الدين الراوندي باب العلامات السارّه ص 1119 ح 35. (4) للعلامة المجلسي ح 43 ص 37 ب 2 ذيل ح 40. (5) للشيخ الطوسي ص 322 ح 270. (6) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 1 ص 241 ب 177 ح 1. (7) للسيد ابن طاووس ص 130. (8) للشيخ ابو عمر الکشّي ص 557 رقم 1052 طبع مشهد. (9) منتخب الاثر ج 2 ص 506- 521. (10) للشيخ الطوسي ص 248 ح 218 فصل ولادة صاحب الزمان عليه السلام. (11) منتخب الاثر ج 2 ص 455- 458. (12) منتخب الاثر ج 2 ص 439- 441 الحاشية. (13) للسيد نعمة الله الجزائري ج 2 ص 303. (14) راجع حاشية منتخب الاثر ج 2 ص 547 فيه ترجمة عنه. (15) للعلامة المجلسي ج 52 ص 176 ب 24. (16) للمحدّث النوري (المطبوع مع البحار): ج53-ص234-236. (17) لقطب الدين الراوندي ج 1 ص 475 ح 18. (18) للسيد ابن طاووس ص 296. (19) راجع منتخب الاثر ج 1 ص 547- 562. (20) منتخب الاثر ج 2 ص 562. ****************** السؤال الخامس: ما اثبتموه؛ هو ان جماعة كثيرة رأت الامام الحجة (عليه السلام) في غيبته الكبري, فهل كان له معجزات ايضاً في الغيبة الكبري, كما كان له (عليه السلام) في غيبته الصغري؟ الجواب لقد نقل الكثير من معجزاته (عليه السلام), ونحن نشير الي خمس منها: 1- كشف الغمة(1): انما اذكر من ذلك قصّتين, قرب عهدهما من زماني وحدثني بهما جماعة من ثقات اخواني: كان في البلاد الحليّة, شخص يقال له؛ اسماعيل بن الحسن الهرقلي, من قرية يقال لها؛ هرقل, مات في زماني وما رأيته حكي لي ولده شمس الدين, قال: حكي لي والدي: انه خرج فيه - وهو شابّ- علي فخذه الايسر توثة مقدار قبضة الانسان وكانت في كل ربيع تشقق ويخرج منها دم وقيح ويقطعه المها عن كثير من اشغاله, وكان مقيماً بهرقل, فحضر الحلة يوما ودخل الي مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاووس- رحمه الله- وشكا إليه ما يجده منها وقال أريد ان اداويها؟ فاحضر له اطباء الحلة واراهم الموضع, فقالوا: هذه التوثة فوق العرق الاكحل وعلاجها خطر ومتي قطعت خيف ان ينقطع العرق فيموت! فقال له السعيد رضي الدين - قدس روحه -: انا متوجه الي بغداد وربما كان اطباؤها اعرف واحذق من هؤلاء, فاصحبني؟ فاصعد معه واحضر الاطباء, فقالوا؛ كما قال اولئك, فضاق صدره, فقال له السعيد: ان الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب وعليك الاجتهاد في الاحتراس ولا تغرّر بنفسك فالله تعالي قد نهي عن ذلك ورسوله, فقال له والدي: اذا كان الامر علي ذلك وقد وصلت الي بغداد فاتوجه الي زيارة المشهد الشريف بسر من راي علي مشرفه السلام ثم انحدر الي اهلي, فحسّن له ذلك, فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه, قال: فلما دخلت المشهد وزرت الائمة (عليهم السلام) نزلت السرداب واستغثت بالله تعالي وبالامام (عليه السلام) وقضيت بعض الليل في السرداب وبت في المشهد الي الخميس, ثم مضيت الي دجلة واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملات ابريقا كان معي وصعدت أريد المشهد, فرايت اربعة فرسان خارجين من باب السور وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون اغنامهم فحسبتهم منهم, فالتقينا فرايت شابين احدهما عبد مخطوط, وكل واحد منهم متقلد بسيف وشيخا منقبا, بيده رمح, والآخر متقلد بسيف وعليه فرجيّة ملوّنة فوق السيف وهو متحنك بعذبته, فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ووضع كعب الرمح في الارض, ووقف الشابان عن يسار الطريق, وبقي صاحب الفرجية علي الطريق مقابل والدي, ثم سلموا عليه؟ فرد عليهم السلام, فقال له صاحب الفرجية: انت غدا تروح الي اهلك؟! فقال: نعم, فقال له: تقدم حتي ابصر ما يوجعك؟ قال: فكرهت ملامستهم وقلت في نفسي اهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وانا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول, ثم اني بعد ذلك تقدمت إليه فلزمني بيده ومدّني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي الي ان اصابت يده التوثة فعصرها بيده فاوجعني, ثم استوي في سرجه كما كان, فقال لي الشيخ: افلحت يا اسماعيل! فعجبت من معرفته باسمي, فقلت: افلحنا وافلحتم ان شاءالله, قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الامام!قال: فتقدمت إليه فا حتضنته وقبلت فخذه. ثم انه ساق وانا امشي معه محتضنه, فقال: ارجع؟ فقلت: لا افارقك ابدا! فقال: المصلحة رجوعك, فاعدت عليه؛ مثل القول الاول, فقال الشيخ: يا اسماعيل! ما تستحيي؟ يقول لك الامام مرتين؛ ارجع وتخالفه؟! فجبهني بهذا القول, فوقفت, فتقدم خطوات والتفت اليّ, وقال: اذا وصلت بغداد فلابد ان يطلبك ابو جعفر- يعني الخليفة المستنصر - فاذا حضرت عنده واعطاك شيئاً فلا تاخذه, وقل لولدنا الرضي؛ ليكتب لك الي علي بن عوض, فانني اوصيه يعطيك الذي تريد, ثم سار واصحابه معه فلم ازل قائما ابصرهم الي ان غابوا عني وحصل عندي اسف لمفارقته, فقعدت الي الارض ساعة ثم مشيت الي المشهد فاجتمع القوّام حولي, وقالوا نري وجهك متغيرا اوجعك شيء؟ قلت: لا, قالوا: اخاصمك احد؟ قلت: لا, ليس عندي مما تقولون خبر, لكن اسالكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟ فقالوا: هم من الشرفاء ارباب الغنم؟! فقلت: لا, بل هو الامام (عليه السلام)!, فقالوا: الامام هو الشيخ او صاحب الفرجية؟ فقلت: هو صاحب الفرجية, فقالوا: اريته المرض الذي فيك؟ فقلت: هو قبضه بيده واوجعني! ثم كشفت رجلي فلم ار لذلك المرض اثرا, فتداخلني الشك من الدهش فاخرجت رجلي الاخري فلم ار شيئاً, فانطبق الناس عليّ ومزقوا قميصي فادخلني القوام خزانة ومنعوا الناس عني, وكان ناظر بين النهرين, بالمشهد فسمع الضجة, وسال عن الخبر؟ فعرّفوه, فجاء الي الخزانة, وسالني عن اسمي وسالني منذ كم خرجت من بغداد؟ فعرّفته؛ اني خرجت في اول الاسبوع, فمشي عني, وبت في المشهد وصليت الصبح وخرجت, وخرج الناس معي الي ان بعدت عن المشهد, ورجعوا عني, ووصلت الي اوانا, فبت بها, وبكرت منها أريد بغداد, فرايت الناس مزدحمين علي القنطرة العتيقة يسالون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان؟ فسالوني؛ عن اسمي ومن أين جئت؟ فعرّفتهم, فاجتمعوا عليّ ومزقوا ثيابي, ولم يبق لي في روحي حكم, وكان ناظر بين النهرين كتب الي بغداد وعرّفهم الحال ثم حملوني الي بغداد وازدحم الناس عليّ وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام وكان الوزير القمي - رحمه الله تعالي- قد طلب السعيد رضي الدين- رحمه الله- وتقدّم ان يعرفه صحة هذا الخبر؟ قال: فخرج رضي الدين ومعه جماعة فوافينا باب النوبي, فرد اصحابه الناس عني, فلما رآني, قال: اعنك يقولون؟ قلت: نعم, فنزل عن دابته وكشف عن فخدي فلم يرشيئاً, فغشي عليه ساعة! واخذ بيدي وادخلني علي الوزير وهو يبكي! ويقول: يامولانا هذا اخي واقرب الناس الي قلبي! فسالني الوزير؛ عن القصة؟ فحكيت له؛ فاحضر الاطباء الذين اشرفوا عليها وامرهم بمداواتها؟ فقالوا: ما دواءها الا القطع بالحديد ومتي قطعها مات, فقال لهم الوزير: فبتقدير ان تقطع ولا يموت في كم تبرا؟ فقالوا: في شهرين وتبقي في مكانها حفيرة بيضاء لأينبت فيها شعر, فسالهم الوزير: متي رايتموه؟ قالوا: منذ عشرة ايام, فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الالم, وهي مثل اختها, ليس فيها اثر اصلا! فصاح احد الحكماء: هذا عمل المسيح! فقال الوزير: حيث لم يكن عملكم, فنحن نعرف من عملها. ثم انه احضر عند الخليفة المستنصر, فساله عن القصة؟ فعرفه بها, كما جري, فتقدم له بالف دينار, فلما حضرت, قال: خذ هذه فانفقها؟ فقال: ما اجسر آخذ منه حبة واحدة! فقال الخليفة: ممن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا؛ قال: لا تاخذ من ابي جعفر شيئاً، فبكي الخليفة وتكدر وخرج من عنده ولم ياخذ شيئاً. قال افقر عباد الله تعالي الي رحمته؛ علي بن عيسى-عفا الله عنه-: كنت في بعض الايام احكي هذه القصة لجماعة عندي وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي وانا لا اعرفه فلما انقضت الحكاية, قال: انا ولده لصلبه! فعجبت من هذا الاتفاق, وقلت: هل رايت فخذه وهي مريضة؟ فقال: لا لاني اصبو عن ذلك, ولكني رأيتها بعد ما صلحت, ولا اثر فيها وقد نبت في موضعها شعر, وسالت صفي الدين محمد بن محمد بن بشر العلوي الموسوي ونجم الدين حيدر بن الايسر - رحمهما الله تعالي - وكانا من اعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم, وكانا صديقين لي وعزيزين عندي؟ فاخبرآني بصحة هذه القصة، وانهما راياها في حال مرضها وحال صحتها, وحكي لي ولده هذا: انه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه (عليه السلام) حتي انه جاء الي بغداد واقام بها في فصل الشتاء وكان كل ايامه يزور سامراء ويعود الي بغداد فزارها في تلك السنة اربعين مرة طمعا ان يعود له الوقت الذي مضي, اويقضي له الحظ بما قضي, ومن الذي اعطاه دهره الرضا, او ساعده بمطالبه صرف القضاء, فمات- رحمه الله- بحسرته, وانتقل الي الاخرة بغصته, والله يتولاه وايانا برحمته بمنه وكرامته. وحكي لي السيد باقي بن عطوة العلوي الحسيني: ان اباه عطوة كان به ادرة وكان زيدي المذهب وكان ينكر علي بنيه الميل الي مذهب الامامية, ويقول: لا اصدقكم ولا اقول بمذهبكم, حتي يجيء صاحبكم- يعني المهدي- فيبرأني من هذا المرض! وتكرر هذا القول منه, فبينا نحن مجتمعون عند وقت عشاء الآخرة, اذا ابونا يصيح ويستغيث بنا!؟ فاتيناه سراعا, فقال: الحقوا صاحبكم, فالساعة خرج من عندي؟ فخرجنا, فلم نر احدا, فعدنا إليه وسالناه؟ فقال: انه دخل اليّ شخص, وقال: يا عطوة!؟ فقلت: من انت؟ فقال: انا صاحب بنيك, قد جئت لا برئك مما بك! ثم مد يده فعصر قروتي ومشي! ومددت يدي فلم ارلها اثرا, قال لي ولده: وبقي مثل الغزال ليس به قَلبة, واشتهرت هذه القصة, وسالت عنها غير ابنه؟ فاخبر عنها فاقر بها. والاخبار عنه (عليه السلام) في هذا الباب كثيرة, وانه رآه جماعة قد انقطعوا في طرق الحجاز وغيرها فخلصهم واوصلهم الي حيث ارادوا, ولولا التطويل لذكرت منها جملة, ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف. تنبيه الخواطر(2): حدثني السيد الاجل الشريف ابو الحسن علي بن ابراهيم العريضي العلوي الحسيني, قال؛ حدثني علي بن نما, قال؛ حدثني ابومحمد الحسن بن علي بن حمزة الاقساني, في دار الشريف علي بن جعفر بن علي المدأيني العلوي, قال: كان بالكوفة شيخ قصّار, وكان موسوما بالزهد, منخرطا في سلك السياحة, متبتلا للعبادة مقتفيا للآثار الصالحة, فاتفق يوما انني كنت بمجلس والدي وكان هذا الشيخ يحدثه وهومقبل عليه, قال: كنت ذات ليلة بمسجد جعفي, وهو مسجد قديم, وقد انتصف الليل وانا بمفردي فيه للخلوة والعبادة, فاذا اقبل عليّ ثلاثة اشخاص فدخلوا المسجد فلما توسطوا صرحته جلس احدهم ثم مسح الارض بيده يمنة ويسرة فحصحص الماء ونبع! فاسبغ الوضوء منه, ثم اشار الي الشخصين الاخرين باسباغ الوضوء؟ فتوضئا؛ ثم تقدم فصلي بهما اماما, فصليت معهم مؤتما به فلما سلم وقضي صلاته بهرني حاله واستعظمت فعله من انباع الماء! فسالت الشخص الذي كان منهما الي يميني: عن الرجل, فقلت له من هذا؟ فقال لي: هذا صاحب الامر ولد الحسن (عليه السلام)! فدنوت منه وقبلت يديه, وقلت له: يا ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله), ما تقول؛ في الشريف عمر بن حمزة هل هو علي الحق؟ فقال: لا وربما اهتدي الا انه ما يموت حتي يراني! فاستطرفنا هذا الحديث فمضت برهة طويلة, فتوفي الشريف عمر ولم يشع انه لقيه, فلما اجتمعت بالشيخ الزاهد ابن نادية؛ اذكرته بالحكاية التي كان ذكرها, وقلت له مثل الراد عليه: اليس كنت ذكرت ان هذا الشريف عمر لايموت حتي يرى صاحب الامر الذي اشرت إليه؟! فقال لي: ومن أين لك انه لم يره؟ ثم انني اجتمعت فيما بعد بالشريف ابي المناقب ولد الشريف عمر بن حمزة وتفاوضنا احاديث والده, فقال: انا كنا ذات ليلة في آخر الليل عند والدي وهو في مرضه الذي مات فيه, وقد سقطت قوته وخفت صوته والابواب مغلقة علينا, اذ دخل علينا شخص هبناه واستطرفنا دخوله وذهلنا عن سؤاله! فجلس الي جنب والدي وجعل؛ يحدثه مليا, ووالدي؛ يبكي, ثم نهض, فلما غاب عن اعيننا تحامل والدي وقال اجلسوني؟ فاجلسناه, وفتح عينيه, وقال: أين الشخص الذي كان عندي؟ فقلنا: خرج من حيث اتي, فقال: اطلبوه؟ فذهبنا في اثره, فوجدنا الابواب مغلقة! ولم نجد له اثرا, فعدنا إليه, فاخبرناه بحاله, وانا لم نجده, ثم انا سالناه عنه؟ فقال: هذا صاحب الامر, ثم عاد الي ثقله في المرض واغمي عليه، تم الحديث. السلطان المفرج عن اهل الايمان(3): ومن ذلك؛ بتاريخ صفر لسنة سبعمائة وتسع وخمسين, حكي لي المولي الاجل الامجد العالم الفاضل القدوة الكامل المحقق المدقق مجمع الفضائل ومرجع الافاضل افتخار العلماء في العالمين كمال الملة والدين عبد الرحمان بن العمّاني, وكتب بخطه الكريم عندي ما صورته: قال؛ العبد الفقير الي رحمه الله تعالي عبد الرحمان ابراهيم القبائقي: اني كنت اسمع في الحلة السيفية - حماها الله تعالي-؛ ان المولي الكبير المعظم جمال الدين ابن الشيخ الاجل الاوحد الفقيه القاريء نجم الدين جعفر بن الزهدري, كان به فالج فعالجته جدته لابيه بعد موت ابيه بكل علاج للفالج, فلم يبرا فاشار عليها بعض الاطباء ببغداد فاحضرتهم فعالجوه زمانا طويلا فلم يبرا وقيل لها: الا تبيتينه تحت القبة الشريفة بالحلة المعروفة بمقام صاحب الزمان (عليه السلام) لعل الله تعالي يعافيه ويبرئه؟ ففعلت وبيتته تحتها, وان صاحب الزمان (عليه السلام) اقامه وازال عنه الفالج. ثم بعد ذلك حصل بيني وبينه صحبة حتي كنا لم نكد نفترق, وكان له دار المعشرة يجتمع فيها وجوه اهل الحلة وشبابهم واولاد الاماثل منهم فاستحكيته عن الحكاية؟ فقال لي: اني كنت مفلوجا وعجز الاطباء وحكي لي ما كنت اسمعه مستفاضا في الحلة من قضيته وان الحجة صاحب الزمان (عليه السلام) قال لي وقد اباتتني جدتي تحت القبة: قم؟ فقلت: ياسيدي؛ لا اقدر علي القيام منذ سنتي! فقال: قم باذن الله تعالي؟ واعانني علي القيام, فقمت, وزال عني الفالج, وانطبق عليّ الناس حتي كادوا يقتلونني واخذوا ما كان عليّ من الثياب تقطيعا وتنتيفا يتبركون فيها وكساني الناس من ثيابهم, ورحت الي البيت وليس بي اثر الفالج وبعثت الي الناس ثيابهم, وكنت اسمعه يحكي ذلك للناس ولمن يستحكيه مرار حتي مات رحمه الله. قبس المصباح(4): اخبرنا الشيخ الصدوق ابو الحسن احمد بن علي بن احمد النجاشي الصيرفي المعروف بابن الكوفي ببغداد, في اخر شهر ربيع الاول سنة اثنين واربعين واربعمائة, وكان شيخا بهيا ثقة صدوق اللسان عند الموافق والمخالف - رضي الله عنه وارضاه- قال؛ اخبرني الحسن بن محمد بن جعفر التميمي, قراءة عليه, قال؛ حكي لي ابوالوفاء الشيرازي, وكان صديقا: انه قبض عليّ ابوعلي الياس صاحب كرمان, فقيّدني, وكان الموكلون بي يقولون انه قد هم فيك بمكروه, فقلقت من ذلك, وجعلت اناجي الله تعالي بالنبي والائمة (عليهم السلام), ولما كانت ليلة الجمعة فرغت من صلواتي ونمت, فرايت النبي (صلي الله عليه وآله), في نومي, وهويقول: لا تتوسل بي ولا بابنتي ولا ابني لشيء من اغراض الدنيا الا لما تبتغيه من طاعة الله ورضوانه؟ فاما ابوالحسن اخي فانه ينتقم لك ممن ظلمك! قال: فقلت؛ يارسول الله كيف ينتقم ممن ظلمني وقد لبب في حبل فلم ينتقم! وغصب علي حقه فلم يتكلم؟ قال؛ فنظر اليّ (عليه السلام) كالمتعجب, وقال: ذلك عهد عهدته إليه وامر امرته به, فلما يجز له الا القيام به, وقد ادي الحق فيه الا ان الويل لمن تعرض لولي الله, واما علي بن الحسين فللنجاة من السلاطين ونفث الشياطين, واما محمد بن علي وجعفر بن محمد (عليهما السلام)؛ فللآخرة, وما تبتغيه من طاعة الله عزّ وجلّ, واما موسي بن جعفر (عليهما السلام)؛ فالتمس به العافية من الله عزّوجلّ, واما علي بن موسي (عليهما السلام)؛ فاطلب به السلام في البراري والبحار, واما محمد بن علي؛ فاستنزل به الرزق من الله تعالي, واما علي بن محمد (عليهما السلام)؛ فللنوافل وبر الاخوان وما تبتغيه من طاعة الله تعالي, واما الحسن بن علي (عليهما السلام)؛ فللآخرة, واما صاحب الزمان؛ فاذا بلغ منك السيف, ووضع يده علي حلقه, فاستعن به فانه يعينك؟ فناديت في نومي: ياصاحب الزمان ادركني فقد بلغ مجهودي!؟ قال ابو الوفاء: انتبهت من نومي والموكلون ياخذون قيودي. كشف الاستار(5): قد ظهر في هذه الايام كرامة باهرة من المهدي (عليه السلام) في متعلقات اجزاء الدولة العلية العثمانية المقيمين في المشهد الشريف الغروي وصارت في الظهور والشيوع كالشمس في رابعة النهار ونحن نتبرك بذكرها بالسند الصحيح العالي؛ حدث جناب الفاضل الرشيد السيد محمد سعيد افندي الخطيب فيما كتبه بخطه: كرامة لآل الرسول عليه وعليهم الصلاة والسلام, ينبغي بيانها لاخواننا اهل الاسلام, وهي؛ ان امرأة اسمها ملكة بنت عبد الرحمان زوجة ملا امين المعاون لنا في المكتب الحميدي الكائن في النجف الاشرف, ففي الليلة الثانية من شهر ربيع الاول من هذه السنة- اي سنة (1317هـ) - ليلة الثلاثاء, صار معها صداع شديد, فلما اصبح الصباح, فقدت ضياء عينيها فلم تر شيئاً قط, فاخبروني بذلك, فقلت لزوجها المذكور: اذهب بها ليلا الي روضة حضرة المرتضي- عليه من الله تعالي الرضا- لتستشفع به وتجعله واسطة بينها وبين الله, لعل الله سبحانه وتعالي ان يشفيها؟ فلم تذهب في تلك الليلة يعني ليلة الاربعاء لانزعاجها مما هي فيه, فنامت بعض تلك الليلة فرأت في منامها؛ ان زوجها المذكور وامرأة اسمها زينب كأنهما مضيا معها لزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) فكأنهم رأوا في طريقهم مسجدا عظيما مشحونا من الجماعة فدخلوا فيه لينظروه فسمعت المصابة رجلا يقول من بين الجماعة: لا تخافي ايتها المرأة التي فقدت عينيها! ان شاء الله تشفيان, فقالت: من انت بارك الله فيك؟ فاجابها: انا المهدي! فاستيقظت فرحانة فلما صار الصباح يعني يوم الاربعاء ذهبت ومعها نساء كثيرات الي مقام سيدنا المهدي خارج البلد فدخلت وحدها واخذت بالبكاء والعويل والتضرع فغشي عليها من ذلك فرأت في غشيتها رجلين جليلين الاكبر منهما متقدم والآخرشاب خلفه فخاطبها الاكبر؛ بان لا تخافي! فقالت: له من انت؟ قال: انا علي بن ابي طالب, وهذا الذي خلفي ولدي المهدي- رضي الله تعالي عنهما- ثم امر الاكبر- المشار إليه- امرأة هناك, وقال قومي يا خديجة وامسحي علي عيني هذه المسكينة؟ فجاءت ومسحت عليهما, فانتبهت وانا اري وانظر احسن من الاول! والنساء يهلهلن فوق رأسي, فجاءت النساء بها بالصلوات والفرح وذهبن بها الي زيارة حضرة المرتضي- كرم الله تعالي وجهه- وعيناها الآن لله الحمد احسن من الاول. وما ذكرناه لمن اشرنا إليهما قليل, اذ يقع اكبر منه لخدامّهما من الصالحين, بإذن المولي الجليل, فكيف باعيان آل سيد المرسلين- عليه وعليهم الصلاة والسلام الي يوم الدين- اماتنا الله علي حبهم آمين آمين. هذا ما اطلع عليه الحقير الخطيب والمدرس في النجف الاشرف السيد محمد سعيد، انتهي. وفي معجزاته في الغيبة الكبري يوجد 15 حديثا.(6) ثم نذكر هذه الفائدة العلمية لمؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر) دام ظله الشريف: اقول: قد ذكر في (البحار) حكايات كثيرة جدا في ذلك والمحدث الجليل الشيخ الحر في (اثبات الهداة) ج7,وهكذا ذكر؛ المحدث النوري في (دار السلام) و(جنة الماوي) و(النجم الثاقب), والفاضل الميثمي العراقي في (دار السلام), وغير هم من المحدثين والعلماء: معجزات كثيرة تتجاوز عن حد التواتر قطعا، واسناد كثير منها في غاية الصحة والمتانة رواها الزهاد والاتقياء من العلماء, هذا مع ما نري في كل يوم وليلة من بركات وجوده وثمرات التوسل والاستشفاع به مما جربناه مرارا, جعلنا الله تعالي من انصاره وشيعته والمجاهدين بين يديه بحق محمد وآله الطاهرين, صلوات الله عليهم اجمعين.(7) السؤال السادس: بما ان البحث قد انجر الي معاجزه, (عليه السلام) فهل يمكن ان تذكروا لنا ما هي اكبر معجزاته (عليه السلام)؟ الجواب من اكبر معجزاته (عليه السلام)؛ قد يكون طول عمره الشريف وقد ذكرنا شيئاً عنه فيما سبق, ولكن نذكر هنا بعضا من معاجزه الكبري والتي ستحصل عند ظهوره الشريف, وهي: ان الله تعالي سيظهر علي يده معجزات الانبياء لاتمام الحجة علي الاعداء, وان معه مواريث الانبياء وراية رسول الله (صلي الله عليه وآله), وفي هذا المعني يوجد 15 حديثا.(8) ونحن نشير الي بعض من تلك المعجزات: غيبة النعماني(9): قال ابو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): اذا ظهر القائم (عليه السلام) ظهر براية رسول الله (صلي الله عليه وآله), وخاتم سليمان وحجر موسي وعصاه, ثم يامر منادي الا لايحملن رجل منكم طعاما ولا شرابا ولاعلفا!؟ فيقول اصحابه: انه يريد ان يقتلنا ويقتل دوابنا من الجوع والعطش! فيسير ويسيرون معه, فاول منزل ينزله؛ يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف فياكلون ويشربون ودوابهم حتي ينزلوا النجف بظهر الكوفة. الكافي(10): عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: كانت عصا موسي لأدم (عليه السلام) فصارت الي شعيب ثم صارت الي موسي بن عمران, وانها لعندنا, وان عهدي بها آنفا, وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها, وانها لتنطق اذا استنطقت, اعدت لقائمنا (عليه السلام) يصنع بها ما كان يصنع موسي, وانها لتروّع وتلقف ما يافكون وتصنع ما تؤمر به, انها حيث اقبلت تلقف مايافكون يفتح لها شعبتان احداهما في الارض والاخري في السقف وبينهما اربعون ذراعا تلقف ما يافكون بلسانها. كمال الدين(11): عن الريان بن الصلت, قال؛ قلت للرضا (عليه السلام): انت صاحب هذا الامر؟ فقال: انا صاحب هذا الامر, ولكني لست بالذي املاها عدلا كما ملئت جورا! وكيف اكون ذلك؛ علي ما تري من ضعف بدني, وان القائم هو الذي اذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبان, قويا في بدنه حتي لو مد يده الي اعظم شجرة علي وجه الاض لقلعها, ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها, يكون معه عصا موسي وخاتم سليمان (عليهما السلام) ذاك الرابع من ولدي, يغيبه الله في ستره ما شاء ثم يظهر ه فيملا (به)الارض قسطا وعدلا, كما ملئت جورا وظلما.(12) كتاب الغيبة(13): قال؛ ابو عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام): ما من معجزة من معجزات الانبياء والاوصياء الا يظهر الله تبارك وتعالي مثلها علي يد قائمنا لاتمام الحجة علي الاعداء. كامل الزيارات(14): عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: كأني بالقائم علي نجف الكوفة, وقد لبس درع رسول الله (صلي الله عليه وآله), فينتفض هو بها فتستدير عليه فيغشاها بحداجة من استبرق, ويركب فرسا ادهم بين عينه شمراخ فينتفض به انتفاضة, لا يبقى اهل بلد الا وهم يرون انه معهم في بلادهم, فينشر راية رسول الله (صلي الله عليه وآله), عمودها من عمود العرش وسائرها من نصرالله, لايهوي بها الي شيء ابدا الا هتكه الله, فاذا هزها لم يبق مؤمن الا صار قلبه كزبر الحديد, ويعطي المؤمن قوة اربعين رجلا ولا يبقى مؤمن الا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره, وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم فينحط عليه ثلاثة عشر الف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا, قلت: كل هؤلاء الملائكة؟! قال: نعم, الذين كانوا مع نوح في السفينة, والذين كانوا مع ابراهيم حين القي في النار, والذين كانوا مع موسي حين فلق البحر لبني اسرائل, والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه، واربعة الآف ملك مع النبي (صلي الله عليه وآله), مسوّمين والف مردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريّين, واربعة الآف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين (عليه السلام) فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه الي يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور، فلا يزوره زائر الا استقبلوه, ولا يودعه مودع الا شيعوه, ولا يمرض الا عادوه, ولا يموت ميت الا صلوا علي جنازته واستغفروا له بعد موته, وكل هؤلاء في الارض ينتظرون قيام القائم الي وقت خروجه, عليه صلوات الله والسلام.(15) لقد تم الكتاب؛ بحولة وقوته, والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله المعصومين, لا سيّما؛ امام العصر, وناموس الدهر, قطب دائرة الامكان, امام ومولي الانس والجان, مالك الارض والزمان, ومن بيده رقاب العالمين؛ الحجة بن الحسن العسكري, صلوات الله عليه وعلي آبائه المعصومين الي قيام يوم الدين. الهوامش: (1) لابي الفتح علي الأربلي ج 2 ص 493. (2) للشيخ ورّام المالكي ج 2 ص 303. (3) للسيد بهاء الدين عبد الكريم النيلي النجفي نقلا عن البحار ج52ح55. (4) للشيخ الصهرشتي عن الكلم الطيب ص 63. (5) للمحدّث النوري ص 206. (6) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 546- 525. (7) حاشيه منتخب الاثر ج 2 ص 543(7) . (8) راجع منتخب الاثر ج 2 ص 341- 347. (9) للشيخ النعماني ص 238 ب 13 ح 28. (10) للشيخ الكليني ج 1 ص 231 ح 1. (11) لابي جعفر الشيخ الصدوق ج 2 ص 376 ب 35 ح 7. (12) منتخب الاثر ج 2 ص 188. (13) للفضل بن شاذان النيشابوري عن كفاية المهتدي (الاربعين) ص 141 ح37. (14) لجعفر بن محمد بن قولوبه ص 119 ب 41 ح 5. (15) منتخب الاثر ج 2 ص 346.