بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنة تأليف: سعيد ابو المعاش تفهرست الموضوعات 1سورة الملك 2سوره قلم 3سورة المعارج 4سورة الجن 5الامام المهدي ينبئ بالغيب عن اللَّه 6سورة المدثر 7سورة النسان 8اشاءة الأئمة من إشاءة اللَّه 9سورة النازعات 10سورة التكوير 11تفسير للمجلسي 12مولد المهدي برواية ابن حمزة 13سورة الانشقاق 14سورة البروج 15سورة الغاشيه 16سورة الفجر 17سورة الشمس 18سورة اليل 19سورة الضحي 20فضل تعليم الشيعة في غيبة الإمام المهدي 21سورة القدر 22مقدرات السنة تتنزل على أئمة أهل البيت عليهم السلام 23نزول الملائكة على الأئمة في كل عام 24نتيجة وفائدة مهمة 25سورة البينه 26سورة التكاثر 27المهدي هو النعيم الّذي يسأل عنه 28سورة العصر 29سورة النصر 30الاهداء 31الاعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام 32القرآن الكريم والاعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام 33السنة والاعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام 34شبهات حول المهدي 35اصل الإمامة في الإسلام 36لا تخلو الأرض من حجة 37الامام المهدي خاتم الأئمّة 38مقدمة المؤلف 39سورة البقره 40كلام الشيخ الصدوق في الغيبة 41وجوب معرفة المهدي 42اثبات الغيبة والحكمة فيها 43تحقيق للعلامة الكراجكي في الغيبة وسببها 44كلام الشيخ الصدوق في الآية 45وجوب طاعة الخليفة 46ليس لاحد أن يختار الخليفة الا الله 47وجوب وحدة الخليفة في كل عصر 48لزوم وجود الخليفة 49وجوب عصمة الامام 50المهدي كلمة من كلمات اللَّه 51مع المهدي حجر موسى 52الخزي لأعداء اللَّه في عهد المهدي 53تاويل وجه اللَّه تعالى بالمهدي 54المهدي يستخرج تابوت السَّكينة 55تشبيه غيبة المهدي بغيبة داود عليهما السلام 56مثَل المهدي مثَل العزير 57الحكمة هي معرفة القائم 58المهدي في ضحضاح من نور عن يمين العرش 59سورة آل عمران 60فضل التقية في عصر الغيبة 61ان الجفنة التي انزلت على فاطمة من مواريث المهدي 62المهدي يكلم الناس في المهد 63عيسي يصلي خلف المهدي 64الرجعة في زمن المهدي 65الاسلام يعم الأرض في زمان المهدي 66ولاية المهدي هي الحرم الآمن 67يولف اللَّه بين القلوب بالمهدي 68اصحاب المهدي بعدد أصحاب النبي ببدر 69ملائكة بدر ينصرون المهدي 70دولة القائم دولة اللَّه 71المرابطة في انتظار الإمام المهدي 72سورة النساء 73تشبيه غيبة المهدي بغيبات عيسى 74سورة المائده 75تيه المسلمين في غيبة المهدي كتيه بني إسرائيل 76خزي الكفار على يد المهدي 77رجوع النصارى للتوحيد عند ظهور المهدي 78سورة الانعام 79خروج السفياني من المحتوم 80آية طلوع الشمس من مغربها عند ظهور المهدي 81وقوع الفتن قبل ظهور المهدي 82آيات قبل ظهور المهدي 83انتظار الفرج عبادة 84سورة الاعراف 85وجه الشبه بين غيبة صالح وغيبة المهدي 86عصا موسى من مواريث المهدي 87ان دولة آل محمّد آخر الدول 88الشبه بين غيبة المهدي وغيبة موسي 89دلالة الآية على الرجعة 90المهدي يضع الأغلال والآصار عن المؤمنين 91المهدي هو الهادي إلى الحق والشاهد على الناس 92مثَل القائم كمثل الساعة 93النهي عن التوقيت 94سورة الانفال 95المهدي أمان لاهل الأرض والسماء 96كلام للشيخ الصدوق 97المهدي أولي في كتاب اللَّه 98سورة التوبه 99حتمية التمحيص 100النواصب يعطون الجزية في زمان المهدي 101المهدي نور اللَّه في الأرض 102ظهور الإسلام على الأديان كلها في زمن المهدي 103استخراج كنوز الأرض في زمان المهدي 104المهدي من الصادقين 105سورة اليونس 106المهدي هو الوعد الحق 107المسخ لأعداء اللَّه قبل ظهور المهدي 108سورة هود 109من علامات الظهور النداء من السماء 110شبه غيبة المهدي بغيبة نوح 111المهدي بقية اللَّه في الأرض 112سورة اليوسف 113فضل انتظار ظهور المهدي 114شبه غيبة المهدي بيوسف 115ظهور المهدي بعد اليأس (1) / (2) ****************** سورة الملك الآية الاولى قوله تعالى: (ويَقُولُونَ متى هذا الوَعدُ إن كنتم صَادِقين).(1) 987 - روي الشيخ الصدوق أعلا اللَّه مقامه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ وبروايته عن طريق العامة، عن عبد الرحمن بن سليط، قال: قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا إثنا عشر مهدياً، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقّ، يُحيي اللَّه به الأرض بعد موتها، ويُظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون. له غيبة يرتدّ فيها أقوام ويثبت فيها على الدّين آخرون، فيؤذَون ويقال لهم: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) أما إنّ الصابر في غيبته على الأذي والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يَدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(2) الآية الثانية قوله تعالى: (قُل أَرَأَيتُم إن أصبَحَ مَاؤُكم غَوْراً فَمَن يأتيكم بِماءٍ مَعين).(3) 988 - روي الخزّاز بإسناده عن محمّد بن عمّار، عن أبيه، عن جدّه عمّار، قال: كنت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في بعض غزواته وقَتَل عليّ عليه السلام أصحاب الألوية وفرّق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد اللَّه الجمحيّ، وقتل شيبة بن نافع، أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقلت له: يا رسول اللَّه، إنّ عليّاً قد جاهد في اللَّه حقّ جهاده، فقال: لأنّه منّي وأنا منه، وإنّه وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة من بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربُه حربي، وحربي حرب اللَّه، وسِلمه سِلمي، وسلمي سلم اللَّه، ألّا إنّه أبو سبطيَّ، والأئمّة من صُلبه، يخرج اللَّه تعالى الأئمّة الراشدين من صُلبه، ومنهم مهدي هذه الاُمّة. فقلت: بأبي واُمّي يا رسول اللَّه؟ ومَن المهدي؟ قال: يا عمّار إنّ اللَّه تبارك وتعالى عهد إليّ أنّه يخرج من صُلب الحسين أئمّة تسعة، والتاسع من ولده يغيب عنهم، وذلك قوله عزّ وجلّ: (قُل أَرَأَيتُم إن أصبَحَ ماؤُكم غَوراً فمَن يأتيكم بماءٍ معين) يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، فإذا كان آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، ويقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل، وهو سمييّ، وأشبه الناس بي. يا عمّار سيكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبّع عليّاً واصحبه، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه. يا عمّار إنّك ستقاتل بعدي على صنفَين النكثين والقاسطين، ثمّ تقتلك الفئة الباغية. قال: يا رسول اللَّه أليس ذلك على رضا اللَّه ورضك؟ قال: نعم، على رضاء اللَّه ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه. فلمّا كان يوم صفّين خرج عمّار بن ياسر إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له: يا أخا رسول اللَّه أتأذن لي في القتال؟ فقال: مَهلاً رحمك اللَّه. فلمّا كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه به بمثله، فأعاد عليه ثالثاً، فبكي أمير المؤمنين عليه السلام، فنظر إليه عمّار، فقال: يا أمير المؤمنين إنّه اليوم الّذي وصفه لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. فنزل أمير المؤمنين عليه السلام عن بغلته وعانق عمّاراً وودّعه، ثمّ قال: يا أبا اليقظان جزك اللَّه عن نبيّك وعنّي خيراً، فنعم الأخ كنتَ، ونِعم الصاحب كنتَ. ثمّ بكي عليه السلام وبكي عمّار، ثمّ قال: واللَّه يا أمير المؤمنين ما اتّبعتُك إلّا ببصيرة، فانّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول يوم خيبر: (يا عمّار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتّبع عليّاً وحِزبه، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه، وستقاتل بعدي النكثين والقاسطين، فجزك اللَّه خيراً يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء، فلقد أدّيتَ وأبلغتَ ونصحتَ. ثمّ ركب وركب أمير المؤمنين عليه السلام، ثمّ برز إلى القتال ثمّ دعا بشربة من ماء، فقيل: ما معنا ماء، فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه، ثمّ قال: هكذا عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ثمّ حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفساً، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمه الله. فلمّا كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه السلام في القتلي فوجد عمّاراً ملقيً بين القتلي، فجعل رأسه على فخذه ثمّ بكي عليه، وأنشأ يقول: ألا أيّها الموت الّذي ليس تاركي أيامَوتُ كم هذا التفرّق عنوة أرك بصيراً بالذين اُحبّهم أرحني فقد أفنيتَ كلَّ خليلِ فلستَ تبقّي خلّةً لخليلِ كأنّك تمضي نحوهم بدليلِ(4) 989 - روي البحرانيّ بإسناده عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام، قال: قلت له تأويل قول اللَّه عزّ وجلّ: (قُل أَرَأَيتُم إن أصبَحَ ماؤُكم غَوراً فمَن يأتيكم بِماءٍ مَعين) فقال: إذا فقدتم إمامكم فلم تروه، فماذا تصنعون؟(5) 990 - روي عليّ بن إبراهيم بإسناده عن فضالة بن أيّوب، قال: سأل الرضا عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (قُل أَرَأَيتُم إن أصبَحَ ماؤُكم غَوراً فمَن يأتيكم بِمَاءٍ مَعين) فقال عليه السلام: ماؤكم أبوابكم أي الأئمّة، والأئمّة أبواب اللَّه بينه وبين خلقه (فمَن يأتيكم بمَاءٍ مَعين) يعني بعلم الإمام.(6) 991 - محمّد بن يعقوب، بإسناده عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام، في قول اللَّه عزّ وجلّ: (قُل أَرَأَيتُم إن أصبَحَ ماؤُكم غَوراً فمَن يأتيكم بماءٍ مَعين) قال: إذا غاب عنكم إمامكم، فمن يأتيكم بإمام جديد.(7) 992 - روي الشيخ الصدوق، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، في قول اللَّه عزّ وجلّ: (قُل أَرَأَيتُم إن أصبَحَ ماؤُكم غَوراً فمَن يأتيكم بماءٍ مَعين) قال: هذه نزلت في القائم عليه السلام يقول: إن أصبح إمامكم غائباً عنكم لا تدرون أين هو، فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وحلال اللَّه جلّ وعزّ وحرامه، ثمّ قال: واللَّه ما جاء تأويل الآية، ولابدّ أن يجيء تأويلها.(8) سورة القلم الآية الاولى قوله تعالى: (إذا تُتلي عَلَيه آياتُنا قالَ أساطيرُ الأوَّلين).(9) 993 - روي العلّامة الكراجكيّ رحمه الله في (كنز الفوائد) بإسناده عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (إذا تُتلي عَلَيه آياتُنا قالَ أساطيرُ الأوَّلين) يعني تكذيبه بقائم آل محمّد عليهم السلام إذ يقول له: لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة، كما قال المشركون لمحمّد صلى الله عليه وآله.(10) سورة المعارج الآية الاولى قوله تعالى: (سَأَل سائِلٌ بعَذَابٍ واقِع - للكافِرِينَ ليس له دَافِع - مِن اللَّه ذي المَعَارج).(11) 994 - روي محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب (الغَيبة) بإسناده عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام كيف تقرأون هذه السورة؟ قال: قلت: وأيّ سورة؟ قال: (سَأل سائل بعذابٍ واقع) فقال: ليس هو سأل سائل بعذاب واقع، وإنّما هو: سأل سائل بعذابٍ واقعٍ (كذا)، وهذه نار تقع بالثوية ثمّ تمضي إلى كناسة بني أسد، ثمّ تمضي إلى ثقيف، فلا تدع وتراً لآل محمّد إلّا أحرقته.(12) 995 - وعنه أيضاً بإسناده عن صالح بن سهل، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (سَأَل سائلٌ بعذابٍ واقع) فقال: تأويلها فيما يجيئ عذاب يرتفع في الثوية، يعني نار تنتهي إلى كناسة بني أسد حتّى تمرّ بثقيف، لا تدع وتراً لآل محمّد إلّا أحرقته، وذلك قبل خروج القائم عليه السلام.(13) 996 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: (سَألَ سائلٌ بعذابٍ واقع) قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عن معني هذا فقال: نار تخرج من المغرب، وملك يسوقها من خلفها، حتّى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام عند مسجدهم، فلا تدع داراً لبني اُميّة إلّا أحرقتها وأهلها، ولا تدع داراً فيها وتر لآل محمّد إلّا أحرقتها، وذلك المهدي عليه السلام.(14) الآية الثانية قوله تعالى: (والَّذين يُصَدِّقون بِيَوم الدِّين).(15) 997 - روي ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ قدس سره بإسناده عن عاصم بن حميد، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (والَّذين يُصَدِّقون بِيَوم الدِّين) قال: بخروج القائم عليه السلام.(16) الآية الثالثة قوله عزّ وجلّ: (خَاشِعَةً أَبصارُهم تَرهَقُهم ذِلّةٌ ذلك اليَوم الّذي كانوا يُوعَدون).(17) 998 - روي شرف الدّين النجفيّ رحمه الله بإسناده عن يحيي بن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (خَاشِعَةً أَبصارُهم تَرهَقُهم ذِلّةٌ ذلك اليَوم الّذي كانوا يُوعَدون) قال: يعني يوم خروج القائم عليه السلام.(18) سورة الجن الآية الاولى قوله تعالى: (وَأنّ المَسَاجِدَ للَّهِ فلا تَدعُوا مَعَ اللَّه أَحَداً).(19) 999 - روي محمّد بن يعقوب رحمه الله بإسناده عن محمّد بن الفضل، عن أبي الحسن عليه السلام في قوله: (وَأنّ المَسَاجِدَ للَّهِ فلا تَدعُوا مَعَ اللَّه أَحَداً) قال: هم الأوصياء.(20) 1000 - وروي عليّ بن ابراهيم بإسناده عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: المساجد الأئمّة.(21) 1001 - محمّد بن العباس بإسناده عن عيسي بن داود النجار، عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجل: (وَأنّ المَسَاجِدَ للَّهِ فلا تَدعُوا مَعَ اللَّه أَحَداً) قال: سمعت أبي جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: هم الأوصياء الأئمّة منا واحد فواحد فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع اللَّه أحداً - الحديث.(22) الآية الثانية قوله تعالى: (حتّى إذا رَأَو ما يُوعَدون فسَيَعلَمون مَن أضعَفُ نَاصِراً وأقلُّ عَدَداً).(23) 1002 - قال عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: (حتّى إذا رَأَوا ما يُوعَدون) قال: القائم وأمير المؤمنين عليهما السلام (فسَيَعلَمونَ مَن أضعفُ ناصِراً وأقلُّ عَدداً).(24) الآية الثالثة قوله تعالى: (عالِم الغَيب فلا يُظهِرُ على غَيبِه أَحداً إلّا مَنِ ارتضي مِن رَّسولٍ).(25) الامام المهدي ينبئ بالغيب عن اللَّه 1003 - وعن عليّ بن إبراهيم في قوله: (وأنّه لَمّا قامَ عَبدُ اللَّه يَدعُوه) يعني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يدعوه كناية عن اللَّه (كادوا) يعني قريشاً (يكونون عليه لبداً)(26) أي أيداً، قوله: (فَسَتَعلَمُونَ مَن أضعَفُ نَاصِراً وأقلُّ عَدَداً) قال: قال: هو قول أمير المؤمنين عليه السلام لزفر: واللَّه يابن صهّك، لولا عهد من رسول اللَّه وكتاب من اللَّه سبق لعلمتَ أيّنا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً، قال: قال: فلمّا أخبرهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ما يكون في الرجعة، قالوا: متى يكون هذا؟ قال اللَّه: قل يا محمّد: (إن أدري أقريبٌ ما تُوعَدُونَ أَم يَجعَل له رَبِّي أمَداً) قوله: (عَالِمُ الغَيب فلا يُظهِر على غَيبه أحداً إلّا مَن ارتَضي مِن رَسولٍ فإنّه يَسلُك مِن بَين يَدَيه ومِن خَلفِه رَصَداً)(27) قال: قال: يخبر اللَّه ورسوله الّذي يرتضيه ممّا كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم عليه السلام والرجعة والقيامة.(28) 1004 - غيبة الشيخ: روي جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الشيخ الصدوق، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب، قال: كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس اللَّه روحه، فحضرته قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم - ياعليّ بن محمّد السمريّ، أعظم اللَّه أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغَيبة التامّة، فلا ظهور إلّا بعد إذن اللَّه تعالى ذِكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي مَن يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفترٍ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم). قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلمّا كان اليوم السادس عُدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: مَن وصيّك من بعدك؟ فقال: للَّه أمر هو بالغه، وقضي، فهذا آخر كلام سُمع منه رضي اللَّه عنه وأرضاه.(29) 1005 - روي العلّامة الطبرسيّ بإسناده عن زيد بن وهب الجهنيّ، قال: لمّا طُعن الحسن بن عليّ عليهما السلام بالمدائن أتيتهُ وهو متوجّع، فقلت: ما تري يابن رسول اللَّه فإنّ الناس متحيّرون؟ فقال عليه السلام: أري واللَّه أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنّهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، واللَّه لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي واؤمن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي. واللَّه لو قاتلتُ معاوية لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سلماً! واللَّه لئن اُسالمه وأنا عزيز، خير من أن يقتلني وأنا أسير، أو يمنّ عليّ فيكون سنّة على بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميّت. قال: قلت: تترك يابن رسول اللَّه شيعتك كالغنم ليس لها راع؟ قال: وما أصنع يا أخا جهينة، إنّي واللَّهِ أعلم بأمر قد أدّي به إلى ثقاته، إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحاً: ياحسن أتفرح؟ كيف بك إذا رأيت أبك قتيلاً؟ كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اُميّة، وأميرها الرحب البلعوم، الواسع الاعفجاج، يكل ولا يشبع، يموت وليس له في السماء ناصر، ولا في الأرض عاذر، ثمّ يستولي على غربها وشرقها، يدين له العباد ويطول ملكه، يستنّ بسنن أهل البدع والضلال، ويُميت الحقّ وسنّة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، يقسّم المال في أهل ولايته، ويمنعه من هو أحقّ به، ويذلّ في ملكه المؤمن، ويقوي في سلطانه الفاسق، ويجعل المال بين أنصاره دولاً، ويتّخذ عباد اللَّه خولاً، يدرس في سلطانه الحقّ، ويظهر الباطل، ويقتل من ناواه على الحقّ، ويدين من والاه على الباطل، فكذلك حتّى يبعث اللَّه رجلاً في آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس، يؤيّده اللَّه بملائكته، ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويُظهره على أهل الأرض حتّى يدينوا طوعاً وكرهاً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقي كافر إلّا آمن به، ولا طالح إلّا صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتُخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقَين أربعين يوماً، فطوبي لمن أدرك أيّامه وسمع كلامه.(30) 1006 - روي أبو الفرج الإصبهانيّ بإسناده عن الشعبيّ، عن سفيان بن أبي ليلي، قال: أتيت الحسن بن عليّ حين بايع معاوية، فوجدته بفناء داره وعنده رهط، فقلت: السلام عليك يامذلّ المؤمنين، فقال: عليك السلام ياسفيان، انزل، فنزلت فعقلت راحلتي، ثمّ أتيته فجلست إليه، فقال: كيف قلتَ يا سفيان؟ فقلت: السلام عليك يا مذلّ المؤمنين! فقال: ما جرّ هذا منك إلينا؟ فقال: أنت واللَّه، بأبي أنت واُمّي، أذللتَ رقابنا حين أعطيتَ هذا الطاغية البيعة، وسلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن كلة الكباد، ومعك مائة ألف، كلّهم يموت دونك، وقد جمع اللَّه لك أمر الناس. فقال: ياسفيان، إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به، وإنّي سمعت عليّاً يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يجتمع أمر هذه الاُمّة على رجل واسع السُرم، ضخم البلعوم، يكل ولا يشبع، لا ينظر اللَّه إليه، ولا يموت حتّى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر، وانّه لمعاوية، وإنّي عرفت أنّ اللَّه بالغ أمره. ثمّ أذّن المؤذّن، فقمنا على حالبٍ يحلب ناقة، فتناول الإناء فشرب قائماً ثمّ سقاني، فخرجنا نمشي إلى المسجد، فقال لي: ما جاءنا بك ياسفيان؟ قلت: حبّكم والّذي بعث محمّداً بالهدي ودين الحقّ. قال: فأبشر ياسفيان، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: يرد عَلَيَّ الحوض أهل بيتي ومن أحبّهم من متى كهاتين - يعني السبّابتين - ولو شئت لقلت: هاتين يعني السبّابة والوسطي، إحداهما تفضل على الاُخري. فأبشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع البرّ والفاجر حتّى يبعث اللَّه إمام الحقّ من آل محمّد صلى الله عليه وآله.(31) 1007 - أخبر الإمام المهدي صلى الله عليه وآله عليّ بن زياد أنّه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له كفناً.(32) 1008 - عن بدر غلام أحمد بن الحسن، قال: لمّا مات يزيد بن عبدالملك أوصي إليّ أن أدفع الشهري والسمند والسيف والمنطقة إلى مولاه، فقوّمتها في نفسي بسبعمائة دينار، ولم أطّلع أحداً، فإذا الكتاب من العراق: وجّه بالسبعمائة دينار الّتي لنا قبلك عن الشهري والسمند والسيف والمنطقة.(33) 1009 - عن أبي القاسم، قال: حججتُ في السنة الّتي أمرت القرامطة فيها بردّ الحجر إلى مكانه، فكان كبر همّي مشاهدة مَن يضعه، فمرضت في الطريق، فاستنبت معروف بن هشام، وأعطيته رقعة أسأله فيها عن مدّة عمري. قال معروف: فكلّما وضعه شخص لم يستقرّ، فوضعه شاب أسمر فاستقرّ، وانصرف فتبعته اُخراه وهو يمشي ولم ألحقه، فالتفت إليّ وقال: هاتِ الرقعة، فناولته إيّاها فقال: - من غير أن ينظر فيها - لا عليه من هذه العلّة بأس، وسيكون ما لابدّ منه بعد ثلاثين سنة، فكان كما قال.(34) 1010 - قال أبو محمّد الدعجليّ: رأيتُه عليه السلام بالموقف، فقال: يوشك أن تذهب عينك هذه بعد أربعين يوماً، فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت.(35) 1011 - حمل أحمد بن إسحاق إلى العسكريّ عليه السلام جُراباً فيه صرر، فالتفت عليه السلام إلى ابنه وقال: هذه هدايا موالينا، فقال الغلام: لا تصلح لأنّ فيها حلالاً وحراماً، فأُخرجت، ففرّق بينها وأعلم بكميّة كلّ صرّة قبل فتحها.(36) 1012 - أخبر الإمام عليه السلام الاستراباديّ بأنّ معه خرقة خضرة فيها ثلاثون ديناراً منها واحد شامّي، فقال: هاتِها، فأخرجها فكانت كما قال.(37) 1013 - قال العمريّ: أنفذ إليّ رجل مالاً فردّه، وقال: أخرج حقّ ولد عمّك منه، وهو أربعمائة، فتعجّب الرجل، وحسب فوجد ذلك فيه، ثمّ قبله عليه السلام.(38) 1014 - وروي عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله: (عالِمُ الغَيب فلا يُظهِر على غَيبِه أَحَداً)(39) قال: يخبر اللَّه رسوله الّذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار، وما يكون بعده من أخبار القائم عليه السلام، والرجعة، والقيامة.(40) الهوامش: (1) الملك: 25. (2) كمال الدّين 317:1 ح 3. (3) الملك: 30. (4) كفاية الأثر 124-120؛ المحجّة 230-228. (5) المحجّة 230. (6) تفسير القمّيّ 379:2. (7) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 709-708 ح 15. (8) بحار الأنوار 52:51. (9) القلم: 15. (10) تأويل الآيات 2 : 772-771 ح 1. (11) المعارج: 3-1. (12) الغَيبة للنعمانيّ 272. (13) نفس المصدر. (14) تفسير القمّيّ 385:2. (15) المعارج: 26. (16) روضة الكافي 287. (17) المعارج: 44. (18) تأويل الآيات الظاهرة 726:2 ح 7. (19) الجنّ: 18. (20) تأويل الآيات الظاهرة 729:2 ح 7. (21) تفسير القمّيّ 390:2. (22) تأويل الآيات الظاهرة 729:2. (23) الجنّ: 24. (24) تفسير القمّيّ 391:2. (25) الجنّ: 26. (26) الجنّ: 19. (27) الجن: 27. (28) تفسير القمّيّ 391:2. (29) الغَيبة للطوسيّ 243-242. (30) الإحتجاج 290:2؛ بحار الأنوار 20:44؛ منن الرحمن 42:2. (31) مقاتل الطالبيّين 44-43؛ بحار الأنوار 59:44. (32) الصراط المستقيم 211:2. (33) نفس المصدر. (34) الصراط المستقيم 213:2. (35) الصراط المستقيم 213:2. (36) نفس المصدر. (37) نفس المصدر. (38) نفس المصدر. (39) الجنّ: 27. (40) تفسير القمّيّ 391:2؛ تفسير الصافي 238:5. ****************** سورة المدثر الآية الاولى قوله تعالى: (وثِيَابَك فَطَهِّر).(1) 1015 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن معلّي بن خنيس، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّ عليّاً عليه السلام كان عندكم فأتي بني ديوان فاشتري ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب، والأزار إلى نصف الساق، والرداء من بين يديه إلى ثدييه، ومن خلفه إلى إليتيه، ثمّ رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد اللَّه على ما كساه حتّى دخل المنزل. ثمّ قال: هذا اللباس والّذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه، قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: ولكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم، ولو فعلنا لقالوا مجنون، ولقالوا: مراء، واللَّه تعإلى يقول: (وثِيَابَك فَطَهِّر) قال: وثيابك ارفعها ولا تجرّها، وإذا قام قائمنا كان على هذا اللباس.(2) الآية الثانية قوله تعالى: (فإذا نُقِرَ في النَّاقور - فذلك يَومَئذٍ يَومٌ عَسِيرٌ - على الكافِرِين غَيرُ يَسير).(3) 1016 - محمّد بن يعقوب، بإسناده عن المفضّل بن عمر: عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (فإذا نُقِرَ في النَّاقور) قال: إنّ منّا إماماً مظفّراً مستتراً، فإذا أراد اللَّه عزّ وجلّ إظهار أمره، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر اللَّه تعالى.(4) 2 - الشيخ المفيد، عن محمّد بن يعقوب رحمه الله بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: انّه سئل عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (فإذا نُقِر في الناقور) قال: إنّ منّا إماماً يكون مستتراً، فإذا أراد اللَّه إظهار أمره، نكت في قلبه نكتة فنهض فقام بأمر اللَّه عزّ وجلّ. وفي حديث آخر عنه عليه السلام قال: إذا نُقر في اُذن القائم عليه السلام، اُذن له في القيام.(5) 3 - وروي بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قوله عزّ وجلّ: (فإذا نُقِرَ في النَّاقور) قال: الناقور هو النداء من السماء: ألا إنّ وليّكم اللَّه وفلان بن فلان القائم بالحقّ، ينادي به جبرئيل في ثلاث ساعات من ذلك اليوم (فذلك يَومٌ عَسِير على الكافِرِين غَيرُ يَسير) يعني بالكافرين المرجئة الّذين كفروا بنعمة اللَّه وبولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام.(6) 4 - الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: سألتُ أبا عبد اللَّه عليه السلام عن تفسير جابر؟ قال: لا تحدّث به السفلة فيذيعوه، أما تقرأ في كتاب اللَّه عزّ وجلّ: (فإذا نُقِر في النّاقور) إنّ منّا إماماً مستتراً، فإذا أراد اللَّه عزّ وجلّ إظهار أمره، نكت في قلبه نكتة فظهر وأمر بأمر اللَّه عزّ وجلّ.(7) الآية الثالثة قوله تعالى: (وما جَعَلنا أَصحَاب النَّارِ إلّا مَلَائِكةً وما جَعَلنا عِدَّتَهم إلّا فِتنَةً).(8) 1017 - شرف الدّين النجفيّ في الحديث السابق، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قوله تعالى: (وما جَعَلنا أَصحَاب النَّارِ إلّا مَلَائِكةً) قال: فالنار هو القائم عليه السلام الّذي قد أنار ضوئه وخروجه لأهل المشرق والمغرب، والملائكة هم الّذين يملكون علم آل محمّد صلوات اللَّه عليهم أجمعين. وقوله: (وما جَعَلنا عِدَّتَهم إلّا فِتنَةً للّذِين كفَروا) قال: يعني المرجئة. وقوله: (لِيَستَيقِنَ الَّذِين أُوتُوا الكتَابَ) قال عليه السلام: هم الشيعة وهم أهل الكتاب، وهم الّذين اُوتوا الكتاب والحكم والنبوّة. وقوله تعالى: (ويزدَادَ الّذِين آمَنوا إيماناً ولَا يَرتَابَ الّذِين اُوتُوا الكتَابَ) أي لا يشك الشيعة وهم أهل الكتاب في شيء من أمر القائم عليه السلام. وقوله: (ومَا هِيَ إلّا ذِكري للْبَشَر) (لِمَن شَاءَ مِنكم أَن يَتَقَدَّم أَو يَتَأَخَّر) قال: يعني اليوم قبل خروج القائم عليه السلام من شاء قبل الحق وتقدّم إليه، ومن شاء تأخّر عنه. وقوله: (وكنَّا نُكذّب بِيَومِ الدِّين) قال عليه السلام:يعني بيوم الدّين خروج القائم عليه السلام. ثمّ قال اللَّه تعالى: (كلَّا بَل لا يَخَافُون الآخِرَة) قال: هي دولة القائم عليه السلام... الحديث.(9) الآية الرابعة قوله تعالى: (وكنَّا نُكذّب بِيَومِ الدِّين حتّى أَتَانا اليَقِينُ).(10) 1018 - روي فرات الكوفيّ، عن أبي القاسم العلويّ معنعناً عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه تعالى: (كلُّ نَفسٍ بِمَا كسَبَت رَهِينَةٌ إلّا أصحَاب اليَمِين)(11) قال: نحن وشيعتنا، وقال أبو جعفر: همّ شيعتنا أهل البيت (في جَنّاتٍ يَتَساءَلُون عَنِ المُجرِمِين مَا سَلَككم في سَقَر قالُوا لَم نَك مِنَ الْمُصَلّين) يعني لم يكونوا من شيعة عليّ بن أبي طالب؛ (ولَم نَك نُطعِم المِسكينَ وكنّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضِين) فذك يوم القائم عليه السلام؛ وهو يوم الدّين. (وكنّا نُكذِّب بِيَومِ الدِّين حتّى أَتَانا اليَقينُ) يوم القائم (فَمَا تَنفَعُهُم شَفَاعَةُ الشَّافِعِين) فما ينفعهم شفاعة مخلوق ولن يشفع لهم رسول اللَّه يوم القيامة.(12) سورة الانسان الآية الاولى قوله تعالى: (وما تَشاؤون إلّا أَن يَشَاءَ اللَّهَ إن اللَّهَ كان عَلِيماً حَكيماً).(13) اشاءة الأئمة من إشاءة اللَّه 1019 - جاء كامل المدنيّ يسأل العسكريّ عن مقالة المفوّضة، قال: فلمّا وصلت قلت في نفسي: أري انّه لن يدخل الجنّة إلّا أهل المعرفة ممّن عرف معرفتي، فخرج فتي إلينا ابن أربع سنين ونحوها، فقال مبتدئاً باسمي: جئت تسأل عن أنّه هل يدخل الجنّة إلّا من قال بمقالتك؟ قلت: نعم، قال: إذاً يقلّ داخلُها، واللَّه ليدخلنّها قوم يقال لهم الحقّية يحلفون بحقّ عليّ ولا يعرفون حقّه، وجئت تسأل عن مقالة المفوّضة، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة اللَّه، قال: فنظر إليّ العسكريّ عليه السلام وقال: ما جلوسُك وقد أنبك بحاجتك الحجّة من بعدي. وأسند ذلك جعفر بن محمّد إلى محمّد بن أحمد الأنصاريّ، قال أبو نعيم: وحدّثني كامل بذلك، ورواه أيضاً أحمد بن عليّ برجاله إلى أبي نعيم.(14) 1020 - روي سعد بن عبد اللَّه بإسناده عن أبي الحسن الثالث عليه السلام، قال: انّ اللَّه تبارك وتعإلى جعل قلوب الأئمّة مورداً لإرادته، وإذا شاء شيئاً شاؤه وهو قوله: (وما تَشاؤون إلّا أَن يَشَاء اللَّه).(15) سورة النازعات الآية الاولى قوله تعالى: (يَسأَلُونَك عَنِ السَّاعَة أَيّانَ مُرساها).(16) 1021 - وبالإسناد عن المفضّل بن عمر، قال: سألت سيّدي الصادق عليه السلام: هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام من وقت مؤقت يعلمه الناس؟ فقال: حاش للَّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا. قلت: يا سيّدي ولِمَ ذك؟ قال: لأنّه هو الساعة الّتي قال اللَّه تعالى: (يَسأَلُونُك عَنِ السَّاعَة أَيّانَ مُرساها قُل إنّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجلِّيها لِوَقتِها إلّا هُوَ ثَقُلَت فِي السمواتِ والأرض)(17) الآية، وهو الساعة الّتي قال اللَّه تعالى: (يَسأَلونُك عَنِ الساعة أَيّان مُرساها) وقال: (عِندَه عِلمُ السّاعة)(18) ولم يقل أنّها عند أحد، وقال: (فَهَل يَنظُرُون إلّا الساعَةَ أَن تَأتِيَهُم بَغتةً فقد جاءَ أشراطُها)(19) وقال: (إقتَرَبَتِ السّاعَةُ وانشَقَّ القَمَرُ)(20) وقال: (ما يُدرِيك لعلَّ الساعةَ تَكونُ قَريباً)(21) (يَستعجِلُ بها الّذين لا يُؤمِنون بها والَّذين آمَنوا مُشفِقون مِنها ويَعلَمون أنّها الحقُّ - ألا إنّ الّذين يُمارُون في السّاعَةِ لَفِي ضَلال بَعيد).(22) قلت: فما معني يمارون؟ قال: يقولون متى ولد؟ ومن رأي؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك استعجالاً لأمر اللَّه، وشكاً في قضائه، ودخولاً في قدرته، اُولئك الّذين خسروا الدنيا، وإنّ للكافرين لشرّ مآب...(23) 1022 - النعمانيّ: عن الرضا عليه السلام، قيل له: متى يقوم القائم؟ قال: أمّا متى فإخبار عن الوقت، ولقد حدّثني أبي عن أبيه، عن آبائه عن، عليّ عليهم السلام: أنّ انبيّ صلى الله عليه وآله قيل له: متى يخرج القائم من ذرّيتك؟ فقال، مثله مثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلّا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلّا بغتة.(24) 1023 - المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة عليه السلام: محمّد بن العبّاس: بإسناده عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (هَل يَنظُرُون إلّا الساعةَ أن تأتيهم بَغتَةً)(25) قال: هي ساعة القائم عليه السلام تأتيهم بغتة.(26) 1024 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغَيبة، بإسناده عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليهما السلام: الليل إثنتا عشرة ساعة، والنهار إثنتا عشرة ساعة، والشهور إثنا عشر شهراً، والأئمّة إثنا عشر إماماً، والنقباء إثنا عشر نقيباً، وانّ عليّاً عليه السلام ساعة من اثني عشرة ساعة، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (بَل كذَّبوا بالسّاعَةِ وأَعتَدنا لِمَن كذَّبَ بالسّاعةِ سَعيراً).(27)،(28) سورة التكوير الآية الاولى قوله تعالى: (فلا اُقسِمُ بالخُنَّسِ - الجَوَارِ الكنَّس).(29) 1025 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن اُمّ هاني، قالت: لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فسألته عن هذه الآية: (فلا اُقسِمُ بالخُنَّس الجَوَارِ الكنَّس) فقال: امام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة ستّين ومائتين، ثمّ يبدو كالشهاب الوقّاد في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرّت عينك.(30) 1026 - وروي الكلينيّ أيضاً بإسناده عن محمّد بن إسحاق، عن اُمّ هاني، قالت: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (فلا اُقسِمُ بالخُنَّسِ - الجَوارِ الكنَّس) قالت، فقال: إمام يخنس سنة ستين ومائتين، ثمّ يظهر كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء، وإذا (فإن) أدركتَ زمانه قرّت عينك.(31) تفسير للمجلسي قال البيضاوي: (بالخنّس) بالكوكب الرواجع من خنس إذا تأخّر، وهي ما سوي التزيّن من السيارات، الجوار (الكنس) أي السيارات الّتي تختفي تحت ضوء الشمس، من كنس الوحش إذا دخل كناسته - انتهي.(32) 1027 - روي محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغَيبة، بإسناده عن اُمّ هاني، قالت: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام: ما معني قول اللَّه عزّ وجلّ: (فلا اُقسم بالخُنَّسِ) فقال لي: يااُمّ هاني، إمام يخنس نفسه حتّى ينقطع عن الناس عِلمه سنة ستّين ومائتين، ثمّ يبدو كالشهاب الثاقب الواقد في الليلة الظلماء، فان أدركتِ ذلك الزمان قرّت عينك.(33) قال مؤلّف هذا الكتاب: سنة ستّين ومائتين سنة وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ أبي القائم عليهما السلام. مولد المهدي برواية ابن حمزة 1028 - روي الفقيه عماد الدّين أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسي المعروف بابن حمزة، بإسناده عن حكيمة بنت محمّد عليه السلام في حديث طويل، قالت: دخلتُ على أبي محمّد صلوات اللَّه عليه، فلمّا أردت الإنصراف قال: بيّتي الليلة عندنا، فانّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللَّه عزّ وجلّ، الّذي يحيي اللَّه عزّ وجلّ به الأرض بعد موتها، قلت: ممّن ياسيّدي، ولست أري بنرجس شيئاً من الحبل؟ قال: من نرجس لا من غيرها. قالت: فقمت إليها فقلّبتها ظهراً وبطناً، فلم أر بها أثر حبل، فعدت إليه، فأخبرته بما فعلته، فتبسّم، ثمّ قال: إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل، لأنّ مثلها مثل اُمّ موسى لم يظهر بها الحبل، ولم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبلي في طلب موسي، وهذا نظير موسى صلوات اللَّه عليهما. قالت حكيمة: فعدت إليها وأخبرتها. قالت: وسألتها عن حالها، فقالت: يامولاتي، ما أري بي شيئاً من هذا. قالت حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر، وهي نائمة بين يدي تتقلّب جنباً إلى جنب، حتّى إذا كان آخر الليل، وقت طلوع الفجر، وثبت فزعة، فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها، فقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر بي الأمر الّذي أخبرك مولاي. فصاح أبو محمّد عليه السلام: اقرأي عليها: (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ وسلّم عليّ. قالت حكيمة: ففزعت لما سمعتُ، فصاح بي أبو محمّد صلوات اللَّه عليه: لا تعجبي من أمر اللَّه، إنّ اللَّه ينطقنا بالحكمة صِغاراً، ويجعلنا حُججاً في أرضه كباراً، فلم يستتمّ الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس، فلم أرها، كأ نّما ضُرب بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو أبي محمّد صلوات اللَّه عليه وأنا صارخة، فقال لي: ارجعي ياعمّة فإنّك ستجدينها في مكانها. قالت: فرجعت، فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني وبينها، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا بالصبي ساجد بوجهه، جاثٍ على ركبتيه، رافع سبّابتيه نحو السماء، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وأنّ أبي أمير المؤمنين، ثمّ عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه، ثمّ صلّي عليهم، ثمّ قال صلوات اللَّه عليه: اللهمّ أنجز لي ما ودعتني، وتمّم لي أمري، وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً، فصاح بي أبو محمّد وقال: ياعمّة تناوليه وهاتيه، فتناولته وأتيت به نحوه، فلمّا مثّلته بين يدي أبيه، وهو على يدي، سلّم على أبيه، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه - الحديث.(34) الهوامش: (1) المدثّر: 4. (2) تفسير البرهان 369:4 ح 2. (3) المدّثّر: 10-8. (4) الكافي 343:1. (5) تفسير البرهان 400:4 ح 2. (6) نفس المصدر 400:4 ح 3. (7) كمال الدّين 349:2. (8) المدّثّر: 31. (9) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 735 - 734 ح 6. (10) المدّثّر: 48. (11) المدّثّر: 38. (12) تفسير فرات الكوفي 514 ح 673. (13) المدّثّر: 30. (14) الصراط المستقيم 210:2. (15) تفسير البرهان 416:4 ح 1. (16) النازعات: 42. (17) الأعراف: 186. (18) لقمان: 34؛ الزخرف: 61. (19) سورة محمّد: 1. (20) القمر: 1. (21) الأحزاب: 63. (22) الشوري: 17 و18. (23) مرّ الحديث بتمامه في سورة الأعراف، الآية 186، فراجع. (24) كتاب النوادر للمولي محسن الكاشاني: 172. (25) الزخرف: 66. (26) تأويل الآيات الظاهرة 571:2 ح 46؛ المحجّة 101. (27) الفرقان: 11. (28) الغَيبة للنعمانيّ 84 ح 13. (29) التكوير: 15. (30) الكافي 341:1 ح 22. (31) تأويل الآيات الظاهرة 770:2 ح 16. (32) بحار الأنوار 51:51. (33) الغَيبة للنعمانيّ 75. (34) الثاقب في المناقب 201 ح 178. ****************** سورة الانشقاق الآية الاولى قوله تعالى: (لَتَركبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَق).(1) 1029 - الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها، فقلت له: ولِمَ ذك يابن رسول اللَّه؟ قال عليه السلام: لأنّ اللَّه عزّ وجلّ أبي إلّا أن يجري فيه سُنن الأنبياء عليهم السلام في غيباتهم وإنّه لابدّ له ياسدير من إستيفاء مدد غيباتهم، قال اللَّه عزّ وجلّ: (لَتَركبُنّ طَبَقاً عَن طَبَق) أي على سُنن من كان قبلكم.(2) 1030 - روي السيّد ابن طاووس رحمه الله عن نعيم بإسناده عن أبي هريرة، عن انبيّ صلى الله عليه وآله قال: ستأخذ متى أخذ الاُمم قبلها شبراً بشبر، فقال رجل: كما فعلت فارس والروم؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: وهل الناس إلّا اُولئك؟(3) 1031 - وروي أيضاً من كتاب الفتن للسليليّ، بإسناده عن أبي هريرة، أنّ انبيّ صلى الله عليه وآله قال: لا تقوم الساعة حتّى تأخذ متى مأخذ الاُمم والقرون الماضية قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع، فقال رجل: يا رسول اللَّه كما فعلت فارس والروم؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: وهل الناس إلّا اُولئك؟(4) 1032 - ورواه السليليّ بطريق آخر:أنّ انبيّ صلى الله عليه وآله قال: لتتبعنّ سُنن مَن كان قبلكم شِبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتّى لو دخلوا جُحر ضبّ لاتّبعتموهم... الحديث.(5) 1033 - روي السيّد ابن طاووس رحمه الله عن زكريّا بإسناده عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ليأتينّ على متى ما أتي على بني إسرائيل حَذوَ النعل بالنعل، حتّى لو كان من أتي اُمّه علانية لكان في متى من يصنع ذلك، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين فرقة، وإنّ متى ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلّهم في النار إلّا ملّة واحدة... الحديث.(6) 1034 - وروي السيّد ابن طاووس فيما ذكره زكريّا في كتاب الفتن، بإسناده عن كثير بن عبد اللَّه عن أبيه، عن جدّه قال: كنّا قعوداً حول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في مسجده بالمدينة، فقال: لتسلكنّ سُنن مَن كان قبلكم حذو النعل بالنعل، ولتأخذنّ بمثل أخذهم، إن شبراً فشبر، وإن ذراعاً فذراع، وإن باعاً فباع، حتّى لو دخلوا جُحر ضبّ دخلتم فيه.(7) 1035 - محمّد بن يعقوب: بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (لتركبنّ طبقاً عن طبق) قال: يا زرارة أولم تركب هذه الاُمّة بعد نبيّنا طبقاً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان؟(8) 1036 - الطبرسيّ في الاحتجاج: عن أمير المؤمنين عليه السلام، قوله: (لَتَركبُنّ طَبَقاً عَن طَبَق) أي لتسلكن سبيل مَن كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء.(9) سورة البروج الآية الاولى قوله تعالى: (والسَّماءِ ذَاتِ البُرُوج).(10) 1037 - المفيد في كتاب الإختصاص: بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت ابن عبّاس يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ذكر اللَّه عزّ وجلّ عبادة، وذِكري عبادة، وذِكر عليّ عبادة، وذِكر الأئمّة من ولده عبادة، والّذي بعثني بالنبوّة وجعلني خير البريّة، إنّ وصيّي لأفضل الأوصياء، وإنّه لحجّة اللَّه على عباده وخليفته على خلقه، ومِن ولده الأئمّة الهداة بعدي، بهم يحبس اللَّه العذاب عن أهل الأرض، وبهم يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبهم يُمسك الجبال أن تميد بهم، وبهم يَسقي خلقه الغيث، وبهم يُخرج النبات، اُولئك أولياء اللَّه حقّاً وخلفاؤه صدقاً، عدّتهم عدّة الشهور وهي إثنا عشر شهراً، وعِدّتهم عدّة نقباء موسى بن عمران، ثمّ تلا هذه الآية: (والسماءِ ذات البروج). ثمّ قال: أتقدر يابن عبّاس إنّ اللَّه يقسم بالسماء ذات البروج ويعني به السماء وبروجها؟ قلت: يا رسول اللَّه فما ذك؟ قال: فأمّا السماء فأنا، وأمّا البروج فالأئمّة بعدي، أوّلهم عليّ وآخرهم المهدي عليه السلام.(11) الآية الثانية قوله تعالى: (إنَّهُم يَكيدُون كيداً - وكيدُ كيداً - فَمَهِّلِ الكافِرِينَ أَمهِلهُم رُوَيداً).(12) 1038 - عليّ بن إبراهيم بإسناده عن ابن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير في قوله: (فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ ولا نَاصِر) قال عليه السلام: ما له قوّة يقوي بها على خالقه، ولا ناصر من اللَّه ينصره إن أراد به سوءاً. قلت: (إنّهم يَكيدُون كيداً وكيدُ كيداً)؟ قال: كادوا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وكادوا عليّاً عليه السلام، وكادوا فاطمة عليها السلام، فقال اللَّه يامحمّد: (إنّهم يَكيدُون كيداً وكيدُ كيداً فَمَهِّلِ الكافِرِينَ - يامحمّد - أَمهِلهُم رُوَيداً) لوقت بعث القائم عليه السلام، فينتقم له من الجبابرة والطواغيت من قريش وبني اُميّة وسائر الناس.(13) سورة الغاشيه الآية الاولى قوله تعالى: (هَل أَتَك حَديثُ الغَاشِيَة - وُجُوهٌ يَومَئِذٍ خَاشِعَةٌ - عامِلَةٌ نَاصِبة).(14) 1039 - محمّد بن يعقوب بإسناده عن سهل، عن محمّد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: قلت: (هَل أَتَك حَديثُ الغَاشِيَة)؟ قال عليه السلام: يغشاهم القائم عليه السلام بالسيف، قال: قلت: (وُجُوهٌ يَومَئِذٍ خَاشِعَة)؟ قال: خاشعة لا تطيق الإمتناع، قال: قلت: (عَامِلَةٌ)؟ قال: عملت بغير ما أنزل اللَّه، قال: قلت: (نَاصِبَة)؟ قال: نصبت غير ولاة الإمام، قال: قلت: (تَصلي نَاراً حَامِيَة)؟ قال: تصلي نار الحرب في الدنيا على عهد القائم عليه السلام، وفي الآخرة نار جهنّم.(15) سورة الفجر الآية الاولى قوله تعالى: (وَالفَجرِ - وَليَالٍ عَشرٍ - وَالشَّفعِ وَالوَترِ - وَاللَّيلِ إذا يَسرِ).(16) 1040 - شرف الدّين النجفيّ رحمه الله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: قوله عزّ وجلّ: (والفَجرِ) الفجر هو القائم عليه السلام، (ولَيَالٍ عَشرٍ) الأئمّة عليهم السلام من الحسن إلى الحسن، (والشَّفعِ) أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام، (والوَترِ) هو اللَّه وحده لا شريك له، (واللَّيلِ إذا يَسرِ) هي دولة حبتر، فهي تسري إلى دولة القائم عليه السلام.(17) الآية الثانية قوله سبحانه: (وَجَاءَ رَبُّك والملك صَفّاً صَفّاً).(18) 1041 - روي الثقة الصفّار خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام تسمّي المخزون، وجاء فيها: وتُخرج لهم الأرض كنوزها، ويقول القائم عليه السلام، كلوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيّام الخالية، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام، فيومئذ تأويل هذه الآية: (وَجَاءَ رَبُّك والملك صَفّاً صَفّاً).(19) سورة الشمس الآية الاولى قوله تعالى: (والنَّهارِ إذا جَلَّاها).(20) 1042 - روي شرف الدّين النجفيّ في حديث له بإسناده عن الحلبيّ، ورواه أيضاً عليّ بن الحكم، عن المفضّل أبي العبّاس، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: (والشَّمسِ وضُحَاها) الشمس أمير المؤمنين، (وضحاها) قيام القائم لأنّ اللَّه سبحانه قال: (وأَن يُحشَرَ النَّاسُ ضُحي).(21) (والقَمَرِ إذا تَلَاها) الحسن والحسين. (والنَّهارِ إذا جَلّاها) قال: هو قيام القائم... الحديث.(22) سورة الليل الآية الاولى قوله تعالى: (واللَّيل إذا يَغشي - والنَّهارِ إذا تَجَلّي).(23) 1043 - وبالإسناد عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه: (واللَّيل إذا يَغشي) قال: الليل في هذا الموضع: فلان، غشي أمير المؤمنين عليه السلام في دولته الّتي جرت له عليه، وأُمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يصبر في دولتهم حتّى تنقضي. قال: (والنَّهارِ إذا تَجَلّي) قال: النهار هو القائم منّا أهل البيت عليهم السلام، إذا قام غلب دولة الباطل، والقرآن ضُرب فيه الأمثال للناس، وخاطب نبيّه صلى الله عليه وآله به ونحن، فليس يعلمه غيرُنا.(24) الآية الثانية قوله تعالى: (فَأَنذَرتُكم ناراً تَلَظّي).(25) 1044 - روي شرف الدّين النجفيّ في معني السورة، قال: جاء مرفوعاً عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (واللَّيل إذا يَغشي) قال: دولة إبليس لعنه اللَّه إلى يوم القيامة، وهو يوم قيام القائم عليه السلام (والنَّهارِ إذا تَجَلّي) وهو القائم إذا قام. وقوله: (فأمّا مَن أَعطي واتَّقي) أعطي نفسه الحقّ واتّقي الباطل. (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسري) أي الجنّة. (وأَمّا مَن بَخِل واستَغني) يعني بنفسه عن الحقّ، واستغني بالباطل عن الحقّ. (وكذَّبَ بالحُسني) بولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة عليهم السلام من بعده. (فَسَنُيَسِّرُهُ للعُسري) يعني النار. وأمّا قوله: (إنّ عَلَينا لَلهُدي) يعني أنّ عليّاً عليه السلام هو الهدي. (وإنّ لَنَا لَلآخِرَة والاولى - فأنذرتُكم نَاراً تَلَظّي) قال: القائم عليه السلام إذا قام للغضب فيقتل من كلّ الف تسعمائة وتسع وتسعين. (لا يَصلَاها إلّا الأَشقي) قال: هو عدوّ آل محمّد عليهم السلام. (وسَيُجَنَّبُها الأَتقي) قال: ذك أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته.(26) سورة الضحي الآية الاولى قوله تعالى: (فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقهَر).(27) فضل تعليم الشيعة في غيبة الإمام المهدي 1045 - روي العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدس سره، بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبي الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار - وكانا من الشيعة الإماميّة - قالا: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام، قال: حدّثني أبي، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّه قال: أشدّ من يُتم اليتيم الّذي انقطع من اُمّه وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه، ولا يدري كيف حكمه فيما يُبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق (الرفيع) الأعلي. 1046 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليهما السلام قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: مَن كان من شيعتنا عالماً بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظُلمة جهلهم إلى نور العلم الّذي حبوناه به، جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضي ء لجميع أهل العرصات، وحلّة لا تقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها، ثمّ ينادي منادٍ: ياعباد اللَّه هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله، فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان، فيخرج كلّ من كان علمه في الدنيا خيراً، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلاً، أو أوضح له عن شبهة.(28) 1047 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام، قال: قال الحسن ابن عليّ عليهما السلام: فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه، الناشب في رتبة الجهل، يُخرجه من جهله ويوضّح له ما اشتبه عليه، على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه كفضل الشمس على السماء.(29) 1048 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام، قال: قال الحسين بن عليّ عليهما السلام: مَن كفل لنا يتيماً قطعته عنّا محنتنا باستتارنا، فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده وهداه، قال اللَّه عزّ وجلّ: أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه، أنا أولي بالكرم منك، اجعلوا له ياملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر، وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعيم.(30) 1049 - وبهذا الإسناد عنه عليه السلام، قال: قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام: العالم كمن معه شمعة تضيي ء للناس، فكلّ من أبصر بشمعته دعا بخير، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة، فكلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة، أو نجا بها من جهل، فهو من عتقائه من النار، واللَّه يعوّضه عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على الوجه الّذي أمر اللَّه عزّ وجلّ به، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها، لكن يعطيه اللَّه ما هو أفضل من مائة الف ركعة يصلّيها من بين يدي الكعبة.(31) 1050 - وبهذا الإسناد عنه عليه السلام، قال: قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام: علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته والنواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا، كان أفضل ممّن جاهد الروم والترك والخزر الف الف مرّة لأنّه يدفع عن أديان محبّينا وذلك يدفع عن أبدانهم.(32) 1051 - وعنه عليه السلام بالإسناد المتقدّم، قال: قال موسى بن جعفر عليهما السلام: فقيهٌ واحد يُنقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه، أشدّ على إبليس من ألف عابد (وفي نسخة: الف الف عابد) لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط، وهذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد اللَّه وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته، فلذلك هو أفضل عند اللَّه من ألف عابد وألف ألف عابدة.(33) 1052 - وعنه عليه السلام، قال: قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام: يُقال للعابد يوم القيامة: نِعمَ الرجل كنت همّتك ذات نفسك وكفيت مؤنتك فادخل الجنّة، ألا إنّ الفقيه مَن أفاض على الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم، ووفّر عليهم نعم جنان اللَّه تعالي، وحصّل لهم رضوان اللَّه تعالي، ويقال للفقيه: ياأيّها الكافل لأيتام آل محمّد، الهادي لضعفاء محبّيهم ومواليهم، قف حتّى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك، فيقف فيدخل الجنّة معه فئاماً وفئاماً وفئاماً - حتّى قال عشراً - وهم الّذين أخذوا عنه علومه، وأخذوا عمّن أخذ عنه، وعمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة، فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين.(34) 1053 - وعنه عليه السلام، قال: قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما السلام: من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم، المتحيّرين في جهلهم، الأساري في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا، فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم، وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودلائل أئمّتهم، ليحفظوا عهد اللَّه على العباد بأفضل الموانع، بكثر من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسيّ والحجب على السماء، وفضلهم على العباد كفضل القمر ليلة البدر على أخفي كوكب في السماء.(35) 1054 - وعنه عليه السلام، قال: قال عليّ بن محمّد عليهما السلام: لولا من يبقي بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج اللَّه، والمنقذين لضعفاء عباد اللَّه من شبك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين اللَّه، ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، اُولئك هم الأفضلون عند اللَّه عزّ وجلّ.(36) 1055 - وعن الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام قال: يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم، على رأس كلّ واحد منهم تاج بهاء، قد انبثّت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة، فشعاع تيجانهم ينبثّ فيها كلّها، فلا يبقي هنك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علّموه، ومن حيرة التيه أخرجوه إلّا تعلّق بشعبة من أنوارهم، فرفعتهم إلى العلوّ حتّى تحاذي بهم فوق الجنان، ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار اُستاديهم ومعلّميهم، وبحضرة أئمّتهم الّذين كانوا إليهم يدعون، ولا يبقي ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلّا عميت عينه وأصمّت اُذنه وأخرس لسانه وتحوّل عليه أشدّ من لهب النيران، فيحملهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعوّنهم إلى سواء الجحيم.(37) 1056 - وقال أيضاً أبو محمّد الحسن العسكريّ عليهما السلام: إنّ محبّي آل محمّد صلى الله عليه وآله مسكين، مواساتهم أفضل من مواساة مسكين الفقراء، وهم الّذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم من مقاتلة أعداء اللَّه الّذين يعيّرونهم بدينهم ويسفّهون أحلامهم، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم، ثمّ يسلّطهم على الأعداء الظاهرين النواصب، وعلي الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتّى يهزموهم عن دين اللَّه يذودوهم عن أولياء آل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، حوّل اللَّه تعإلى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم، قضي اللَّه تعإلى بذلك قضاءاً حقّاً على لسان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(38) 1057 - وقال أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: من قوّي مسكيناً في دينه ضعيفاً في معرفته، على ناصب مخالف فأفحمه، لقّنه اللَّه تعإلى يوم يُدلي في قبره أن يقول: اللَّه ربّي، ومحمّد نبيّي، وعليّ وليّي، والكعبة قبلتي، والقرآن بهجتي وعدَّتي، والمؤمنون إخواني. فيقول اللَّه: أدليت بالحجّة فوجبت لك أعإلى درجات الجنّة، فيتحوّل عليه قبره أنزه رياض الجنّة.(39) الهوامش: (1) الإنشقاق: 19. (2) كمال الدّين 480:2؛ بحار الأنوار 90:52. (3) التشريف بالمنن 201 ب 203. (4) التشريف بالمنن 262 ب 49. (5) نفس المصدر. (6) نفس المصدر 309 ب 7. (7) نفس المصدر 313 ب 13. (8) تفسير البرهان 444:4 ح 7. (9) نفس المصدر 444:4 ح 11. (10) البروج: 1. (11) الإختصاص 244. (12) البروج: 17-15. (13) تفسير القمّيّ 416:2. (14) الغاشية: 3-1. (15) تأويل الآيات الظاهرة 787:2 ح 3. (16) الفجر: 4-1. (17) تأويل الآيات الظاهرة 792:2 ح 1. (18) الفجر: 22. (19) تفسير البرهان 467:4 ح 11. (20) الشمس: 3. (21) طه: 59. (22) تأويل الآيات الظاهرة 803:2 ح 1. (23) الليل: 1 و2. (24) تفسير القمّيّ 425:2. (25) الليل: 14. (26) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 808-807 ح 1. (27) الضُحي: 9. (28) الإحتجاج 1 : 13-6. (29) الإحتجاج 1 : 13-6. (30) الإحتجاج 1 : 13-6. (31) الإحتجاج 1 : 13-6. (32) الإحتجاج 1 : 13-6. (33) الإحتجاج 1 : 13-6. (34) الإحتجاج 1 : 13-6. (35) الإحتجاج 1 : 13-6. (36) الإحتجاج 1 : 13-6. (37) الإحتجاج 1 : 13-6. (38) الإحتجاج 1 : 13-6. (39) الإحتجاج 1 : 13-6. ****************** 1058 - وقال أبو محمّد عليه السلام: قالت فاطمة عليها السلام وقد اختصم إليها امرأتان فتنازعتا في شيء من أمر الدّين، إحداهما معاندة والاُخري مؤمنة، ففتحت على المؤمنة حجّتها فاستظهرت على المعاندة، ففرحت فرحاً شديداً، فقالت فاطمة: إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ عليها من فرحك، وإنّ حزن الشيطان ومردته بحزنها عنك أشدّ من حزنها، وانّ اللَّه عزّ وجلّ قال للملائكة: أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا كنت أعددت لها، واجعلوا هذه سنّة في كلّ من يفتح على أسير مسكين فيغلب معانداً مثل ألف ألف ما كان له معدّاً من الجنان.(1) 1059 - وقال أبو محمّد عليهما السلام: قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد حَمل إليه رجل هدية فقال له: أيّما أحبّ إليك أن أردّ عليك بدلها عشرين ضعفاً - يعني عشرين ألف درهم - أو أفتح لك باباً من العلم تقهر فلاناً الناصبيّ في قريتك، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك؟ إن أحسنت الإختيار جمعتُ لك الأمرَين، وان أسأتَ الإختيار خيّرتُك لتأخذ أيّهما شئت. فقال: يابن رسول اللَّه فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لاُولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم؟ قال: بل كثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة. قال: يابن رسول اللَّه فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل، الكلمة الّتي أقهر بها عدوّ اللَّه وأذوده عن أوليائه. فقال الحسن بن عليّ عليهما السلام: قد أحسنتَ الإختيار، وعلّمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم، فذهب فأفحم الرجل، فاتّصل خبره به، فقال له حين حضر معه: ياعبد اللَّه ما ربح أحد مثل ربحك، ولا كتسب أحد من الأودّاء مثل ما كتسبت مودّة اللَّه أوّلاً ومودّة محمّد وعليّ ثانياً، ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثاً، ومودّة ملائكة اللَّه تعإلى المقرّبين رابعاً، ومودّة إخوانك المؤمنين خامساً، وكتسبت بعدد كلّ مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة، فهنيئاً لك هنيئاً.(2) 1060 - وقال أبو محمّد عليهما السلام: قال جعفر بن محمّد عليهما السلام: من كان همّه في كسر النواصب عن المسكين من شيعتنا الموالين حميّةً لنا أهل البيت، يكسرهم عنهم، ويكشف عن مخازيهم، ويبيّن عوارهم، ويفخّم أمر محمّد وآله، جعل اللَّه تعإلى همّة ملك الجنان في بناء قصوره ودوره، يستعمل بكلّ حرف من حروف حججه على أعداء اللَّه كثر من عدد أهل الدنيا ملكاً، قوّة كلّ واحد يفضل عن حمل السماوات والأرضين، فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها إلّا ربّ العالمين.(3) 1061 - وقال أبو محمّد عليهما السلام: قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام: أفضل ما يقدّمه العالم من محبّينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذلّه ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكيناً من محبّينا من يد ناصب عدوّ للَّه ولرسوله، يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محلّه من جنان اللَّه، فيحملونه على أجنحتهم يقولون له: مرحباً طوبك طوبك يادافع الكلاب عن الأبرار، وياأيّها المتعصّب للأئمّة الأخيار.(4) 1062 - وقال أبو محمّد عليهما السلام لبعض تلامذته - لمّا اجتمع إليه قوم من مواليه والمحبّين لآل محمّد رسول اللَّه بحضرته، وقالوا: يابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إنّ لنا جاراً من النصّاب يؤذينا ويحتجّ علينا في تفضيل الأوّل والثاني والثالث على أمير المؤمنين عليه السلام، ويورد علينا حججاً لا ندري كيف الجواب عنها والخروج منها. قال: مُرَّ بهؤلاء إذا كانوا مجتمعين يتكلّمون فتستمع عليهم، فسيستدعون منك الكلام، فتكلّم وأفحم صاحبهم وكسر عربه، وفلّ حدّه، ولا تبق له باقية. فذهب الرجل وحضر الموضع وحضروا وكلّم الرجل فأفحمه وصيّره لا يدري في السماء هو أو في الأرض. قالوا: ووقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلّا اللَّه تعالي، وعلي الرجل والمتعصّبين له من الغمّ والحزن مثل ما لحقنا من السرور. فلمّا رجعنا إلى الإمام، قال لنا: إنّ الّذين في السماوات لحقهم من الفرح والطرب بكسر هذا العدوّ للَّه كان كثر ممّا كان بحضرتكم، والّذي كان بحضرة إبليس وعتاة مردته من الشياطين من الحزن والغمّ أشدّ ممّا كان بحضرتهم، ولقد صلّي على هذا العبد الكاسر له ملائكة السماء والحجب والعرش والكرسي، وقابلها اللَّه تعإلى بالإجابة، فكرم إيابه وعظّم ثوابه، ولقد لعنت تلك الملك عدوّ اللَّه المكسورة، وقابلها اللَّه بالإجابة فشدّد حسابه وأطال عذابه.(5) سورة القدر الآية الاولى قوله تعالى: (إنّا أَنزَلنَاه في لَيلَةِ القَدر - ومَا أَدرَك ما لَيلَةُ القَدر - لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهر - تَنَزَّلُ الملائكةُ والرّوحُ فِيها بإذنِ رَبِّهم مِن كلِّ أَمرٍ - سَلامٌ هِيَ حتّى مَطلَعِ الْفَجر).(6) مقدرات السنة تتنزل على أئمة أهل البيت عليهم السلام 1063 - محمّد بن العبّاس رحمه الله بإسناده عن أبي يحيي الصنعانيّ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سمعته يقول: قال لي أبي محمّد عليه السلام: قرأ عليّ بن أبي طالب عليه السلام (إنّا أَنزَلنَاه فِي لَيلَةِ الْقَدر) وعنده الحسن والحسين عليهما السلام، فقال له الحسين: ياأبتاه كأنّ بها من فيك حلاوة، فقال له: يابن رسول اللَّه وابني، إنّي أعلم فيها ما لا تعلم، انّها لمّا اُنزلت بعث إليّ جدّك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقرأها عليّ، ثمّ ضرب على كتفي الأيمن وقال: ياأخي ووصيّي ووليّي على متى بعدي وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي ولولدك من بعدك، إنّ جبرئيل أخي عليه السلام من الملائكة أحدث إليّ أحداث متى في سنتها، واللَّه وإنّه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوّة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم عليه السلام.(7) 1064 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي جعفر الثاني، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام: أنّ أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول لأصحابه: آمنوا بليلة القدر، إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب وولده الأحد عشر من بعده.(8) 1065 - روي الثقة الصفّار رحمه الله بإسناده عن داود بن فرقد، قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجل: (إنّا أَنزَلنَاه في لَيلَةِ القَدرِ ومَا أَدرَك ما لَيلَةُ القَدر) قال: نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من موتٍ أو مولد، قلت له: إلى مَن؟ فقال: إلى من عسي أن يكون؟ إنّ الناس في تلك الليلة في صلاةٍ ودعاءٍ ومسئلة، وصاحب هذا الأمر في شغل تنزّل الملائكة اليه بأمور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها من كل أمر، سلامٌ هي له إلى أن يطلع الفجر.(9) 1066 - وروي بالإسناد عن عبد اللَّه بن سنان، قال: سألته من النصف من شعبان، فقال: ما عندي فيه شيء، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشر من شهر رمضان قَسَّم فيها الأرزاق، وكتب فيها الآجال، وخرج فيها صكك الحاجّ، واطلع اللَّه إلى عباده فغفر اللَّه لهم إلّا شارب الخمر، فإذا كانت ليلة ثلاثة وعشرين فيها يُرَق كل أمرٍ حكيم، ثم ينهي ذلك ويمضي. قال: قلت: إلى من؟ قال: إلى صاحبكم، ولولا ذلك لم يعلم.(10) 1067 - روي بالإسناد عن ابن أبي عمير، عمّن رواه عن هشام، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: قول اللَّه تعإلى في كتابه: (فِيهَا يُفرَق كلُّ أمرٍ حَكيم).(11) قال: تلك ليلة القدر يُكتب فيها وفد الحاجّ وما يكون فيها من طاعة أو معصية أو موت أو حياة، ويحدث اللَّه في الليل والنهار ما يشاء، ثمّ يُلقيه إلى صاحب الأرض. قال الحرث بن المغيرة البصري: قلت: ومَن صاحب الأرض. قال صاحبُكم.(12) 1068 - وروي بالإسناد عن أبي الهذيل، عن أبي جعفر عليه السلام، قال، قال: يا أبا الهذيل إنا لا يخفي علينا ليلة القدر، إنّ الملائكة يطوفون بنا فيها.(13) 1069 - وروي بإسناده عن بريدة، قال: كنت جالساً مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام معه، إذ قال: يا عليّ ألم أشهدك معي سبعَة مواطن: الموطن الخامس ليلة القدر خصّصنا ببركتها ليست لغيرنا.(14) 1070 - وروي بالإسناد عن الحسن بن العبّاس بن الحريش، قال: عرضت هذا الكتاب على أبي جعفر عليه السلام فأقرّ به قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: قال عليّ عليه السلام في صبح أوّل ليلة القدر الّتي كانت بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: سلوني فواللَّه لأخبرنَّكم بما يكون إلى ثلثمأة وستين يوماً، من الذرّ فما دونها فما فوقها، ثمّ لأخبرنّكم بشيء من ذلك لا بتكلّف ولا برأي ولا بادّعاء في علم إلّا من علم اللَّه وتعليمه، واللَّه لا يسألني أهل التوراة ولا أهل الانجيل ولا أهل الزبور ولا أهل الفرقان، إلّا فرّقت بين كلّ أهل كتاب بحكم ما في كتابهم. قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أرأيت ما تعلمونه في ليلة القدر، هل تمضي تلك السنة وبقي منه شيء لم تتكلّموا به؟ قال لا والّذي نفسي بيده، لو أنّه فيما عَلمنا في تلك السنة: أن أنصتوا لأعداءِكم، لنصتنا، فالنصت أشدّ من الكلام.(15) 1071 - وروي بالإسناد عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أرأيت مَن لم يقرّ بما يأتكم في ليلة القدر كما ذكر ولم يجحدهُ؟ قال: أما إذا قامت عليه الحجّة من يثق به في علمنا فلم يثق به، فهو كافر، وأمّا من لم يسمع ذلك، فهو في عذر حتي يسمع. ثمّ قال عليه السلام: يؤمن باللَّه ويؤمن للمؤمنين.(16) 1072 - وروي الثقة الصفّار رحمه الله بإسناده عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: لمّا قُبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الّذين كانوا يهبطون في ليلة القدر، قال: ففتح لأمير المؤمنين عليه السلام بصره، فرآهم في منتهي السماوات إلى الأرض يغسلون النّبي صلى الله عليه وآله معه ويصلّون معه عليه ويحفرون له، واللَّه ما حفر له غيرهم، حتّى إذا وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه، فتكلّم وفتح لأمير المؤمنين عليه السلام سمعه، فسمعه يوصيهم به فبكي، وسمعهم يقولون: لانألوه جهداً، وإنّما هو صاحبنا بعدك إلّا أنّه ليس يُعايننا ببصره بعد مرّتنا هذه. حتّى إذا مات أمير المؤمنين عليه السلام رأي الحسن والحسين مثل ذلك الّذي رأي، ورَأيا النّبيّ صلى الله عليه وآله أيضاً يُعين الملائكة مثل الّذي صنعوه بالنّبيّ، حتي إذا مات الحسن رأي منه الحسين مثل ذلك، ورأي انبيّ صلى الله عليه وآله وعلّياً عليه السلام يُعينان الملائكة، حتّى إذا مات الحسين رأي عليّ بن الحسين منه مثل ذلك، ورأي النّبيّ صلى الله عليه وآله وعليّاً والحسن يُعينون الملائكة، حتي إذا مات عليّ بن الحسين رأي محمّد بن عليّ عليه السلام مثل ذلك، ورأي جعفر مثل ذلك ورأي انبيّ صلى الله عليه وآله وعليّاً عليه السلام والحسن والحسين وعليّ بن الحسين يُعينون الملائكة، حتي إذا مات جعفر، رأي موسى منه مثل ذلك، هكذا يجري إلى آخرها.(17) 1073 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قال اللَّه عزّوجل في ليلة القدر: (فيها يُفرَقُ كلُّ أَمرٍ حَكيم) يقول: ينزل فيها كل أمرٍ حكيم، والمحكم ليس بشيئين، إنّما هو شيء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه مِن حكم اللَّه عزّوجل، ومَن حكم بأمرٍ فيه اختلاف فرأي أنّه مصيب، فقد حكم بحكم الطاغوت، إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوي ذلك كل يوم علم اللَّه عزّ وجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك السنة من الأمر، ثمّ قرأ: (وَلَو أنّ مَا في الأرضِ مِن شَجَرةٍ أقلام والبَحرُ يَمُدُّه مِن بَعدِه سَبعةُ أبحُرٍ ما نَفِدت كلِماتُ اللَّهِ إنّ اللَّهَ عَزيزٌ حكيم).(18) 1074 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي في قوله: (انّا أنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القَدرِ ومَا أدرك ما لَيلَةُ القَدر) قال: فهو القرآن اُنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جُملة واحدة، وعلي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في طول ثلاث وعشرين سنة. (وما أَدرَك مَا لَيلَةُ القَدرِ) ومعني ليلة القدر أنّ اللَّه يقدّر فيها الآجال والأرزاق وكلّ أمر يحدث من موت أو حياة أو خصب أو جدب أو خير أو شرّ، كما قال اللَّه: (فِيهَا يُفرَق كلُّ أَمرٍ حَكيم) إلى سنة. قوله: (تَنزَّلُ المَلائِكةُ والرُّوحُ فيها) قال: تنزّل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان ويدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الاُمور: قوله: (لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهر) قال: رأي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في نومه كأنّ قردة يصعدون منبره، فغمّه ذلك، فأنزل اللَّه، (إنّا أنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القدر - وما أَدرك ما لَيلةُ القَدر - ليلةُ القدرِ خَيرٌ مِن ألف شهر) تملكه بنو أُميّة ليس فيها ليلة القدر. قوله (من كلِّ أمرٍ سلامٌ) قال: تحيّة يُحيّي بها الإمام إلى أن يطلع الفجر. وقيل لأبي جعفر عليه السلام: تعرفون ليلة القدر؟ فقال: وكيف لا نعرف والملائكة تطوف بنا فيها.(19) 1075 - وروي القمّيّ بإسناده عن حمران، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عمّا يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدّر اللَّه فيها؟ قال: لا توصف قدرة اللَّه إلّا أنّه قال: (فيها يُفرَق كلُّ أَمرٍ حَكيم) فكيف يكون حكيماً إلّا ما فرق، ولا توصف قدرة اللَّه سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء، وأمّا قوله: (لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهر) يعني فاطمة عليها السلام. وقوله: (تنزّلُ الملائكةُ والروحُ فِيها) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون علم آل محمّد عليهم السلام: والروح روح القدس، وهو في فاطمة عليها السلام (مِن كلِّ أمرٍ سلامٌ) يعني من كلّ أمر مسلمة (حتّى مَطلَعِ الفَجر) يعني حتّى يقوم القائم عليه السلام.(20) 1076 - روي العلّامة البحرانيّ رحمه الله بالإسناد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: كان عليّ بن الحسين صلوات اللَّه عليه يقول: (إنّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القَدر) صدق اللَّه عزّ وجلّ أنزل القرآن في ليلة القدر (ومَا أدرك ما لَيلَةُ القَدر) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لا أدري، قال اللَّه عزّ وجلّ: (لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهر) ليس فيها ليلة القدر، قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله: وهل تدري لِمَ هي خير من ألف شهر؟ قال: لا، قال: لأنّها (تَنزَّل الملائكة والرّوحُ فيها بإذن رَبِّهم مِن كلِّ أَمرٍ) وإذا أذن اللَّه عزّ وجلّ بشيء فقد رضيه (سَلامٌ هِيَ حتّى مَطلَعِ الفَجر) يقول تسلّم عليك يامحمّد ملائكتي وروحي بسلامي من أوّل ما يهبطون إلى مطلع الفجر. ثمّ قال في بعض كتابه: (وَاتَّقُوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذِين ظَلَموا مِنكم خَاصَّةً)(21) في إنّا أنزلناه في ليلة القدر، وقال في بعض كتابه: (وما مُحمَّدٌ إلّا رَسُولٌ قد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أفإن مَاتَ أو قُتِلَ انقَلَبتُم على أعقابِكم ومَن يَنقَلِب على عَقِبَيه فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئاً وسَيَجزي اللَّهُ الشكرِين)(22) يقول في الآية الاولى: إنّ محمّداً حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر اللَّه عزّ وجلّ: مضت ليلة القدر مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فهذه فتنة أصابتهم خاصّة، وبها ارتدّوا على أعقابهم، لأنّهم إن قالوا لم تذهب، فلابدّ أن يكون للَّه عزّ وجلّ فيها أمر، وإذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحبٍ بُدَّ.(23) 1077 - وعن أبي جعفر عليه السلام، قال: لقد خلق اللَّه جلّ ذِكره ليلة القدر أوّل ما خلق الدنيا، ولقد خلق فيها أوّل نبيّ يكون وأوّل وصيّ يكون، ولقد قضي أن يكون في كلّ سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الاُمور إلى مثلها من السنة المقبلة، مَن جحد ذلك فقد ردّ على اللَّه عزّ وجلّ عِلمه لأنّه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدّثون إلّا أن يكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجّة الّتي يأتيهم بها جبرئيل. الهوامش: (1) الإحتجاج 1 : 13-6. (2) الإحتجاج 1 : 13-6. (3) الإحتجاج 1 : 13-6. (4) الإحتجاج 1 : 13-6. (5) الإحتجاج 1 : 13-6. (6) القدر: 5-1. (7) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 821-820 ح 9. (8) كمال الدّين 1: 281-280 ح 30. (9) بصائر الدرجات 240 ح 2. (10) نفس المصدر ح 3. (11) الدخان: 4. (12) بصائر الدرجات 241 ح 4. (13) بصائر الدرجات 241 ح 5. (14) نفس المصدر 242 ح 9. (15) نفس المصدر 243-242 ح 12. (16) بصائر الدرجات 244 ح 15. (17) نفس المصدر 245 ح 17. (18) الكافي 248:1 ح 3. (19) تفسير القمّيّ 2 : 432-431. (20) تفسير القمّيّ 431:2. (21) الأنفال: 25. (22) آل عمران: 144. (23) تفسير البرهان 488:4 ح 29. ****************** قلت: والمحدّثون أيضاً يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة؟ قال: أمّا الأنبياء والرسل صلّي اللَّه عليهم، فلا شك ولابدّ لمن سواهم مِن يوم خلقت الأرض فيه إلى آخر فناء الدنيا أن يكون على ظهر الأرض حجّة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى مَن أحبّ من عباده، وأيمُ اللَّه لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم، وأيم اللَّه ما مات آدم إلّا وله وصيّ، وكلّ من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها ووضع لوصيّه من بعده، وأيم اللَّه إن كان النّبي ليؤمَر فيما يأتيه من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمّد صلى الله عليه وآله أن أوصِ إلى فلان. ولقد قال اللَّه عزّ وجلّ في كتابه لولاة الأمر من بعد محمّد صلى الله عليه وآله خاصّة: (وَعَدَ اللَّهُ الّذين آمَنوا مِنكم وعَمِلوا الصالحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهم في الأرضِ كما استَخلَفَ الّذين مِن قبلِهم - إلى قوله - فاُولئك هُمُ الفاسقون).(1) يقول: أستخلفكم لعِلمي وديني وعبادتي بعد نبيّكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتّى يبعث النّبي الّذي يليه (يَعبُدُونَني لا يُشرِكون بي شيئاً)(2) يقول: يعبدونني بالايمان لا نبي بعد محمّد صلى الله عليه وآله، فمن قال غير ذلك (فاُولئك هُمُ الفَاسِقون)، فقد مكن ولاة الأمر بعد محمّد صلى الله عليه وآله بالعلم ونحن هم، فاسألونا فإن صدّقنكم فأقرّوا وما أنتم بفاعلين. أمّا علمنا فظاهر، وأمّا ابان أجلنا الّذي يظهر فيه الدّين منّا حتّى لا يكون بين الناس اختلاف، فإنّ له أجلاً من ممرّ الليإلى والأيّام، إذا أتي ظهر وكان الأمر واحداً. وأيم اللَّه لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمّد صلى الله عليه وآله علينا، ولنشهد على شيعتنا، وليشهد شيعتنا على الناس. أبي اللَّه عزّ وجلّ أن يكون في حكمه اختلاف، أو بين أهل علمه تناقض. ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام: فضل إيمان المؤمن بحمله إنّا أنزلناه وتفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهايم، وإنّ اللَّه عزّ وجلّ ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا نَكال عذاب الآخرة لمن علم أنّه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين على القاعدين، ولا أعلم أنّ في هذا الزمان جهاداً إلّا الحجّ والعمرة والجوار. قال: وقال رجل لأبي جعفر عليه السلام: يابن رسول اللَّه لا تغضب عليّ، قال: لماذا؟ قال: لما اُريد أن أسألك عنه، قال: قل، قال: ولا تغضب؟ قال: ولا أغضب. قال: أرأيت قولك في ليلة القدر وتنزّل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قد علمه، وقد علمت أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مات وليس من علمه شيء إلّا وعليّ عليه السلام له واعٍ. قال أبو جعفر عليه السلام: ما لي ولك أيّها الرجل ومَن أدخلك عليّ؟! قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدّين. قال: فافهم ما أقول لك: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا اُسري به ولم يهبط حتّى أعلمه اللَّه جلّ ذِكره عِلم ما قد كان وما سيكون، وكان كثيراً من علم ذلك جُملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام قد علم جُمل العلم ويأتي تفسيره في ليإلى القدر، كما كان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. قال السائل: أو ما كان في الجُمل تفسيره؟ قال: بلي، ولكنّه إنّما يأتي بالأمر من اللَّه تبارك وتعإلى في ليإلى القدر إلى النّبيّ صلى الله عليه وآله وإلى الأوصياء: افعل كذا وكذا، لأمر قد كانوا علموه اُمروا كيف يعملون فيه. قلت: فسّر لي هذا. قال: لم يمت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلّا حافظاً لجملة العلم وتفسيره. قلت: فالذي كان يأتيه في ليإلى القدر عِلم ما هو؟ قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم. قال السائل: فيما يحدث لهم في ليإلى القدر عِلم سوي ما علموا؟ قال: هذا مما اُمروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلّا اللَّه عزّ وجلّ. قال السائل: فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: لا، قال: وكيف يعلم وصيّ غير علم أوصي إليه؟ قال السائل: فهل يسعنا أن نقول أنّ أحداً من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا، لم يمت نبيّ إلّا وعلمه في جوف وصيّه، وإنّما تنزّل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الّذي يحكم به بين العباد. قال السائل: وما كانوا علموا بذلك الحكم؟ قال: بلي قد علموه، ولكنّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤمروا في ليإلى القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة. قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر عليه السلام: من أنكره فليس منّا! قال السائل: يا أبا جعفر، أرأيت النبيّ، هل كان يأتيه في ليإلى القدر شيء لم يكن علمه؟ قال: لا يحلّ لك أن تسأل عن هذا، أمّا علم ما كان وما يكون، فليس يموت نبيّ ولا وصيّ إلّا والوصيّ الّذي بعده يعلمه، أمّا هذا العلم الّذي تسأل عنه، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ أبي أن يطلع الأوصياء عليه إلّا أنفسهم. قال السائل: يابن رسول اللَّه، كيف أعرف أنّ ليلة القدر تكون في كلّ سنة؟ قال: إذا أتي شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كلّ ليلة مائة مرّة، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين، فانّك ناظر إلى تصديق الّذي سألت عنه. قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: لما ترون مَن بعثه اللَّه عزّ وجلّ للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأرواحهم كثر ممّا ترون مع خليفة اللَّه الّذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة. قيل: يا أبا جعفر، وكيف يكون شيء كثر من الملائكة؟ قال: كما يشاء اللَّه عزّ وجلّ. قال السائل: يا أبا جعفر، إنّي لو حدّثتُ بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه. قال: كيف ينكرونه؟ قال: يقولون: إنّ الملائكة كثر من الشياطين. قال: صدقت، إفهم عنّي ما أقول لك، إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا وجميع الجنّ والشياطين تزور أئمّة الضلالة، وتزور أئمّة الهدي عددهم من الملائكة، حتّى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر خلق اللَّه، أو قال: قَيّض اللَّه عزّ وجلّ من الشياطين بعددهم، ثمّ زاروا وليّ الضلالة فأتوه بالأفك والكذب، حتّى لعلّه يصبح فيقول: رأيت كذا وكذا، فلو سئل وليّ الأمر عن ذلك، لقال رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا، حتّى يفسّر له تفسيراً ويعلمه الضلالة الّتي هو عليها. وأيم اللَّه إنّ من صدّق بليلة القدر لَيعلم أنّها لنا خاصّة، لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام حين دنا موته: هذا وليّكم من بعدي، فإن أطعتموه رشدتم، ولكنّ من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، ومن آمن بليلة القدر ممّن على غير رأينا فإنّه لا يسعه في الصدق إلّا أن يقول انّها لنا، ومن لم يقل فإنّه كاذب، إنّ اللَّه عزّ وجلّ أعظم من أن ينزِّل الأمر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق، فإن قال إنّه ينزل إلى الخليفة الّذي هو عليها، فليس قولهم ذلك بشيء، وإن قالوا: إنّه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شيء إلى غير شيء، وان قالوا وسيقولون: ليس هذا بشيء، فقد ضلّوا ضلالاً بعيداً.(3) نزول الملائكة على الأئمة في كل عام 1078 - روي أبو القاسم عليّ بن محمّد الخزّاز القمّي الرازي من علماء القرن الرابع بإسناده من طريق العامّة، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن آبائه عليهم السلام: أنّ أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه قال لعبد اللَّه بن العبّاس: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه تتنزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فقال ابن عبّاس: من هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صُلبي أئمّة محدّثون.(4) 1079 - روي سعد بن عبد اللَّه، بإسناده عن أبي بصير، قال: كنت مع أبي عبد اللَّه عليه السلام فذكر شيئاً من أمر الإمام إذا ولد، فقال: استوجب زيادة الروح في ليلة القدر، فقلت له: جُعلت فدك، أليس الروح جبرئيل؟ فقال جبرئيل من الملائكة، والروح أعظم من الملائكة، أليس أنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: (تَنزَّلُ الملائِكةُ والرُّوحُ).(5) 1080 - وعن أبي جعفر عليه السلام، قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة (إنّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القدَر) تُفلجوا، فواللَّه إنّها لحجّة اللَّه تبارك وتعإلى على الخلق بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وإنّها لسيّدة دينكم، وإنّها لغاية علمنا، يا معاشر الشيعة خاصِموا ب (حم والكتابِ المُبين إنّا أنزَلنَاهُ في لَيلَةٍ مُبارَكةٍ إنّا كنّا مُنذِرِين)(6) فإنّها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول اللَّه. يا معشر الشيعة يقول اللَّه: (وَإن مِن أمّةٍ إلّا خَلَا فيها نَذيرٌ).(7) قيل: يا أبا جعفر عليه السلام نذيرها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله (محمّد؟(8) فقال: صدقت، فهل كان نذيراً وهو خلوّ (حيّ) من البعثة في أقطار الأرض، فقال السائل: لا، قال أبو جعفر: أرأيت بعيثه أليس نذيره كما ان رسول اللَّه في بعثته من اللَّه نذير؟ فقال: بلي، قال: فكذلك لم يمت محمّد إلّا وله بعيث نذير. قال: فإن قلت لا فقد ضيّع اللَّه من في أصلاب الرجال من أمته. قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلي، إن وجدوا له مفسِّراً. قال: وما فسّرَ رسول اللَّه؟ قال: بلي، قد فسّره لرجلٍ واحدٍ، وفسّر للأمة شأن ذلك الرجل هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام. قال السائل: يا أبا جعفر، كان هذا أمر خاصّ لا يحتمله العامّة؟ قال: أبي اللَّه أن يُعبدَ إلّا سرّاً حتّى يأتي أبان أجله الّذي يظهر فيه دينه، كما انّه كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مع خديجة عليها السلام مستتراً حتّى أمره بالاعلان. قال السائل: فينبغي لصاحب هذا الدّين أن يكتم؟ قال:أو ما كتم عليّ بن أبي طالب يوم أسلم مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حتّى أظهر أمره؟ قال: بلي، قال: فكذلك أمرنا حتّى يبلغ الكتاب أجله.(9) 1081 - وعنه بإسناده عن داود بن فرقد، قال: حدّثني يعقوب: قال: سمعت رجلاً يسأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟ فقال: أبو عبد اللَّه عليه السلام: لو رُفعت ليلة القدر لرفع القرآن.(10) 1082 - روي الكراجكيّ رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ) قال: هي ملك بني أميّة. قال: وقوله: (تَنَزَّل الملائكةُ والرُّوحُ فيها بِإذنِ رَبِّهم) أي من عند ربِّهم على محمّدٍ وآل محمّد (مِن كلِّ أمرٍ سَلامٌ).(11) 1083 - روي عليّ بن إبراهيم في معني: (إنّا أَنزَلنَاه في لَيلَةِ القَدر ومَا أدرك ما ليلة القدر) فهو القرآن أُنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جُملة واحدة، وعلي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في طول عشرين سنة، (وما أدرك ما لَيلَةُ القَدرِ) ومعني ليلة القدر أنّ اللَّه تعإلى يقدِّر فيها الآجال والأرزاق وكلّ أمرٍ يحدث من موت أو حيوة أو خصبٍ أو جدب أو خيرٍ أو شرٍّ كما قال اللَّه: (فِيها يُفْرَقُ كلُّ أَمرٍ حَكيم) إلى سنة. قوله: (تنزَّل المَلائِكةُ والرُّوحُ فيها) قال، قال: تنزَّل الملائكة وروح القُدس على إمام الزمان، ويدفعون اليه ما قد كتبوه من هذه الأمور.. إلى أن قال: وقيل لأبي جعفر عليه السلام: تعرفون ليلة القدر؟ فقال: وكيف لا نعرف والملائكة تطوف بنا فيها.(12) نتيجة وفائدة مهمة أولاً: اتّفق علماء القرآن والمفسِّرون قاطبة أنّ الآية: (لَيلَةُ القَدر خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ - تَنَزَّلُ المَلائِكةُ والرُّوحُ فِيها بإذنِ رَبِّهم مِن كلِّ أمرٍ) غير منسوخة، وأنّ حكمها جارٍ مع دوام القرآن إلى يوم القيامة. ثانياً: اتّفق علماء التفسير والمحدِّثون كافة في تفسير الآية: أنّ الملائكة والروح كانت تنزل على النبيّ صلى الله عليه وآله بمقدّرات العالم كلّه من خير أو شر، أو حياة وممات، أو يُسر وعسر، ومن كلّ أمرٍ في ليلة القدر من كلّ سنة، ولذا كان النبيّ صلى الله عليه وآله يأمر المسلمين باحياء ليإلى القدر بالصلاة والدعاء والتضرّع إلى اللَّه عزّ وجل. ثالثاً: تواترت الأخبار عن أئمّتنا الأطهار وخلفاء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الإثني عشر، في صحاحنا أنّ الملائكة والروح تتنزّل عليهم بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله في كلّ عام، فبعد النبيّ صلى الله عليه وآله تنزّلت على وصيّه وخليفته من بعده إمام الحقّ، وقائد الخلق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ومن بعده على وصيِّه بالحقّ الإمام الحسن بن عليّ السبط عليه السلام، ومن بعده على أخيه إمام الحقّ الحسين بن عليّ الشهيد عليه السلام، ومن بعده على وصيّه زين العابدين وسيِّد الساجدين إمام الحقّ عليّ بن الحسين عليه السلام، ومن بعده على وصيِّه إمام الحقّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، ومن بعده على وصيِّه إمام الحقّ عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ محمّد بن عليّ الجواد عليه السلام ومن بعده على وصيِّه إمام الحقّ عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام، ومن بعده على وصيِّه إمام الحقّ الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام، ومن بعده على وصيِّه الخلف الصالح الإمام المنتظر الحجّة بن الحسن المهدي صاحب الزمان عليه السلام أرواحنا له الفداء. إنّ ثبوت حكم ليلة القدر جار مع بقاء القرآن المجيد وأنّها غير منسوخة، وقد أخبر أئمّة أهل البيت الصادقون أنّ الملائكة والروح تتنزّل عليهم في كلّ عام منذ وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وحتّى الآن، ولم يزعم أحد من المخالفين مطلقاً بنزول الملائكة والروح عليه في ليلة القدر. الهوامش: (1) النور: 55. (2) النور: 55. (3) تفسير البرهان 4 : 485-484 ح 7. (4) كفاية الأثر 221. (5) تفسير البرهان 481:4 ح 1. (6) الدخان: 3. (7) فاطر: 24. (8) تفسير البرهان 484:4 ح 7. (9) تفسير البرهان 484:4 ح 7. (10) نفس المصدر 486:4 ح 14. (11) كنز الفوائد 475. (12) تفسير القمّيّ 431:2. ****************** سورة البينه الآية الاولى قوله تعالى: (وما أُمِرُوا إلَّا لِيَعبُدُوا اللَّه مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنفآءَ ويُقيمُوا الصَلوة ويُؤتُوا الزَّكوةَ وذلك دِينُ القَيِّمَة).(1) 1084 - روي ابن أسباط عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه في قوله عزّ وجلّ: (دِينُ القَيِّمَة) قال: إنّما هو ذلك دين القائم عليه السلام.(2) الآية الثانية قوله تعالى: (إنَّ الَّذين آمَنوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئك هُم خَيرُ البَرِيَّة).(3) 1085 - أسند عليّ بن محمّد الكرخيّ، قال: دخل موسى وهو غلام على الصادق عليه السلام فقبّله فقال: يا إبراهيم، إنّه لصاحبك من بعدي، فلعن اللَّه قاتله، يخرج اللَّه من صلبه خير أهل الأرض في زمانه تكملة إثني عشر إماماً اختصّهم اللَّه بكرامته، المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(4) 1086 - وروي الطبرسيّ: رفعه عن مقاتل بن سليمان، عن الضحّك، عن ابن عبّاس في قوله: (هُم خَيرُ البَرِيَّة) قال: نزلت في عليّ وأهل بيته.(5) 1087 - روي الشيخ المفيد رحمه الله بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليهم أجمعين، قال: واللَّه ما برأ اللَّه من بريّة أفضل من محمّد ومنّي ومن أهل بيتي، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطلبة العلم من شيعتنا.(6) سورة التكاثر الآية الاولى قوله سبحانه: (كلّا سَوفَ تَعلَمُون - ثُمَّ كلّا سَوفَ تَعلَمُون - كلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ - لَتَرَوُنّ الجَحيمِ - ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَينَ اليَقِين - ثُمَّ لَتُسأَلُنَّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعِيم).(7) 1088 - روي البرقيّ بإسناده عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (...لَو تَعلَمُونَ عِلمَ اليَقِينِ) قال: المعاينة.(8) المهدي هو النعيم الّذي يسأل عنه 1089 - روي الطبرسيّ عن العيّاشيّ بإسناده في حديث طويل، قال: سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام أبا حنيفة عن هذه الآية فقال له: ما النعيم عندك يانعمان؟ قال: القوت من الطعام والماء البارد، فقال: لئن أوقفك اللَّه يوم القيامة بين يَدَيه حتّى يسألك عن كلّ كلة كلتها أو شربة شربتها، ليطولنّ وقوفك بين يديه. قال: فما النعيم جُعلت فدك؟ فقال: نحن أهل البيت الّذي أنعم اللَّه بنا على العباد، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين، وبنا أ لّف اللَّه بين قلوبهم وجعلهم أُخواناً بعد أن كانوا أعداءً، وبنا هداهم اللَّه إلى الإسلام، وهي النعمة الّتي لا تنقطع، واللَّه سائلهم عن حقّ النعيم الّذي أنعم اللَّه به عليهم وهو النبيّ وعترته.(9) 1090 - الشيخ في أماليه بإسناده من طريق العامّة عن عمرو بن راشد أبي سليمان، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام في قوله: (ثُمَّ لَتُسئَلُنّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعِيم) قال: نحن النعيم. وفي قوله: (وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعاً)(10) قال: نحن الحبل.(11) 1091 - عليّ بن ابراهيم، بإسناده عن جميل، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال، قلت له: (لتسئلنّ يومئذٍ عن النعيم) قال: تُسئل هذه الاُمّة عمّا أنعم اللَّه عليها برسوله ثمّ بأهل بيته.(12) 1092 - محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة، قال: كنّا عند أبي عبد اللَّه عليه السلام جماعة، فدَعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا، وأتينا بتمرٍ ننظر فيه أوجهنا من صفاته وحسنه، فقال رجل: لتسئلنّ عن هذا النعيم الّذي تَنعَّمتُم به عند ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إنّ اللَّه عزّوجل كرم وأجلّ أن يُطعم طعاماً فيسوِّغكموه ثمّ يسئلكم عنه، إنّما يسئلكم عمّا أنعم عليكم بمحمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله.(13) 1093 - وفي حديث آخر عنه بنفس الإسناد، فقال عليه السلام: واللَّه لا تُسئَل عن هذا الطعام أبداً، ثمّ ضحك حتّى افترّ ضاحكاً، وقال: أتدري ما النعيم؟ قلت: لا، قال: نحن النعيم.(14) 1094 - روي محمّد بن العباس، بإسناده عن أبي حفص الصائغ، عن الإمام جعفر بن محمّد عليه السلام أنّه قال: (ثُمّ لَتُسئَلُنَّ يَومئذٍ عَنِ النَّعيم) واللَّهِ ما هو الطعام والشراب، ولكن ولايتنا أهل البيت.(15) 1095 - وعنه بإسناده عن عبد اللَّه بن بخيج اليماني، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ما معني قوله عزّ وجل: (ثُمّ لَتُسئَلُنَّ يَومئذٍ عَنِ النَّعيم) قال: النعيم الّذي أنعَمَ اللَّه به عليكم من ولايتنا وحبّ محمّد وآله.(16) 1096 - وعنه، بإسناده عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي الحسن موسى عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (ثُمّ لَتُسئَلُنَّ يَومئذٍ عَنِ النَّعيم) قال: نحن نعيم المؤمن وعلقم الكافر.(17) 1097 - وروي الشيخ المفيد رحمه الله بإسناده من طريق العامة عن الكلبيّ، قال: لَما قدم الصادق عليه السلام العراق ونزل الحيرة، فدخل عليه أبو حنيفة وسأله عن مسائل وكان ممّا سأله أن قال له: جُعلت فدك، ما الأمر بالمعروف؟ فقال عليه السلام: المعروف في أهل السماء المعروف في أهل الأرض ذك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: جُعلت فدك، فما المنكر؟ قال: اللّذان ظلماه حقّهُ وابتزّاه أمره وحملا الناس على كتفه. قال: ألا هو أن تري الرجل على معاصي اللَّه فتنهاه عنها؟ فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: ليس ذلك أمراً بالمعروف ولا نهياً عن المنكر، إنّما ذك خيرٌ قدّمه. قال أبو حنيفة: أخبرني جُعلتُ فدك عن قول اللَّه عز وجل: (ثُمّ لَتُسئَلُنَّ يَومئذٍ عَنِ النَّعيم)؟ قال: فما عندك يا أبا حنيفة؟ قال: الأمن في السرَب وصحّة البدن والقوت الحاضر. فقال: يا أبا حنيفة لئن أوقفك اللَّه يوم القيامة حتّى يسئلك عن كلة كلتها وشربة شربتها، ليطولن وقوفك! قال: فما النعيم جُعلت فدك؟ قال: النعيم نحن الّذي أنقذ الناس بنا عن الضلالة، وبصّرهم بنا من العمي، وعلّمهم بنا من الجهل. قال: جعلت فدك فكيف كان القرآن جديداً أبداً؟ قال: لأنّه لم يُجعل لزمانٍ دون زمان فتخلقه الأيام، ولو كان كذلك لفني القرآن قبل فناء العالم.(18) سورة العصر قوله تعالى: (وَالعَصرِ إنّ الإنسانَ لَفِي خُسرٍ).(19) 1098 - الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: سألت الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وَالعَصرِ إنّ الإنسانَ لَفِي خُسرٍ) قال: (العصر) عصر خروج القائم عليه السلام، (إنّ الإنسانَ لَفِي خُسرٍ) يعني أعداءنا، (إلّا الَّذين آمَنوا) بآياتنا، (وعَمِلوا الصالحاتِ) يعني بمواسات الاُخوان، (وتَوَاصَوا بِالحقِّ) يعني بالإمامة، (وتَوَاصَوا بالصَّبر) يعني في الفترة (العسرة).(20) سورة النصر قوله تعالى: (وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدخُلُون في دِين اللَّهِ أَفواجاً).(21) 1099 - روي السيّد ابن طاووس رحمه الله بإسناده عن الأوزاعي، قال: حدّثنا أبو عمّار، قال: حدّثني جار كان لجابر بن عبد اللَّه قال: قدمت من سفر فسلّم عليّ، فجعلت اُحدّثه عن افتراق الناس وما أحدثوا، فجعل جابر يبكي، ثمّ قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: إنّ الناس دخلوا في دين اللَّه أفواجاً، وسيخرجون منه أفواجاً.(22) 1100 - روي السيّد ابن طاووس أيضاً بإسناده عن سويد بن غفلة، قال: قال سلمان يوم القادسية - وأبصر كثرة الناس -: ترونهم يدخلون في دين اللَّه أفواجاً، والّذي نفسي بيده ليخرجنّ منه أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً.(23) الاهداء إلى ثأر اللَّه الأعظم.. والمنتقم لدماء الشهداء والمظلومين.. وأمل المستضعَفين في الأرض.. ومُنجي البشريّة من الظلم والجَور.. الإمام المهدي صاحب الزمان.. تقبّل جهدي المتواضع بقبولك الحسن الجميل.. عجّل اللَّه فَرَجك الشريف. وأنار بظهورك دَيجور الظلمات.. وبسط العدل في الشرق والغرب.. وأظهر دين الحقّ على الأديان كلّها ولو كرِه المشركون. الاعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام يمثّل الاعتقاد بالمهدي المنتظر أحد الأمور الّتي آمن بها المسلمون على اختلاف مذاهبهم وفرقهم، وفقاً للبشارة الّتي تناقلتها أجيالُهم الواحد تلو الآخر عن نبيّهم الكريم صلى الله عليه وآله بمجي ء رجل من ولد فاطمة عليها السلام، اسمه اسم رسول اللَّه، وكنيته ككنيته صلى الله عليه وآله، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً؛ وبنزول عيسي عليه السلام وصلاته خلف المهدي عليه السلام ومساعدته إيّاه في تنفيذ رسالته في قتل الدجّال وإرساء أسس العدل. وقد نقل علماء العامّة والخاصّة ومنذ بداية القرن الثالث الهجريّ، أحاديث المهدي في مؤلّفاتهم وموسوعاتهم الحديثيّة، وتعدّي البعض ذلك إلى تأليف مؤلّفات خاصّة في المهدي المنتظر، وصرّح كثير منهم بوجوب قتل مَن أنكر ظهور المهدي، إستناداً إلى ما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وآله مِن كفر مَن أنكر المهدي، وكفر مَن كذّب به.(24) ويشترك المسيحيّون مع المسلمين في الإيمان بفكرة المهدي المنتظَر من خلال اعتقادهم بنزول عيسي عليه السلام، وهو أمر متسالَم بينهم، لا يختلف فيه اثنان منهم. بل يشترك مع المسلمين في الإيمان بظهور مُصلح عالميّ أهلُ الأديان والشعوب الأخري على اختلاف أفكارهم وآرائهم، وإن اختلفوا معهم في مصداق ذلكم المصلح العالميّ. القرآن الكريم والاعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام ويمكن لمن يستقرئ القرآن الكريم أن يعثر على مجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة الكريمة تبشّر بغلبة هذا الدين الحنيف وظهوره التامّ على سواه من الأديان، وبأنّ اللَّه عزّ اسمه سيحفظ هذا الدين برغم كيد الكائدين؛ وأن يعثر أيضاً على مجموعة كبيرة من الآيات المفسَّرة بالمهدي، وتذكر خروجه ونزول عيسي عليه السلام، كما تذكر أشراط الظهور. السنة والاعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام أمّا السنّة الشريفة، فقد وردت فيها أحاديث كثيرة متواترة قطعيّة الصدور في البشارة بظهور المهدي المنتظر، وفي تعيين اسمه وسماته وسيرته، وفي علامات ظهوره. يدعم هذا الحشد الضخم من الروايات المتسالم عليها بين الفريقَين حشدٌ آخر في أنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة، وروايات في أنّ الارض لا تخلو من حجّة؛ وأنّ الدين لا يزال قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون اثناعشر خليفة، كلّهم من قريش. بَيْد أنّ مصداق المهدي المنتظر بقي لدي البعض يكتنفه شيء من الغموض، أمّا البعض الآخر - ومنهم الشيعة الإماميّة - فقد كان لديهم ذلك المصداق واضحاً جليّاً لا يساورهم فيه أدني ريب، وتناقلوا أحاديث تبيّن المقصود بالخلفاء الاثني عشر من قريش، وتذكر نصّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عليهم بأسمائهم، الواحد تلو الآخر، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم المهدي: محمّد بن الحسن العسكريّ عليهما السلام. ونقل الشيعة أحاديث كثيرة متواترة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وعن أئمّتهم أئمّة الهدي عليهم السلام في النصّ على المهدي عليه السلام، ونقلت تفاصيل ولادته وأسماء مَن شاهده، وذكرت نوّابه الخاصّين والتواقيع الّتي كانت تَرِد منه عليه السلام إلى النّاس، وتضمّنت علامات ظهوره وسيرته. شبهات حول المهدي ومن الطبيعيّ أن تتعرّض مسألة المهدي المنتظر - لأهمّيتها وحيويّتها - لتشكيك الأعداء والمعاندين، شأنها في ذلك شأن عقائد المسلمين الأخري؛ فقد سعي أعداء الأمّة الإسلاميّة الّذين شككوا في قرآنها الكريم، وطعنوا في نبيّها المرسل صلى الله عليه وآله، والّذين هزئوا دوماً بإيمان المسلمين بالغَيب، واستبعدوا حقيقة ظهور المعجزات على يدَي النّبيّ الكريم؛ سعوا إلى التشكيك في مسألة المهدي، وعدّوا انتظاره ممّا لا طائل بعده، وتجاوزوا ذلك إلى اعتبار أمره من الأساطير! مع أنّ علماءهم قد اعترفوا قبل ذلك - على مضض - بسموّ الحضارة الإسلاميّة بين حضارات العالم، وبكونها الحضارة الوحيدة المرشّحة لاحتلال دورٍ رياديّ في عالمنا المعاصر، وأقرّ أحدهم بأنّ الفكر الإسلاميّ الشيعيّ حيّ تبعاً للإيمان بفكرة الإمام الحيّ، يعني المهدي عليه السلام.(25) وقد سعي البعض الآخر من أعداء الأمّة إلى تكرار شبهات أثارها البعض في مراحل متقدّمة حول مسألة المهدي، مع أنّ علماء الفريقين قد ناقشوا تلك الشبهات وبيّنوا بُطلانها. من أمثال أنّ المهدي هو عيسي عليه السلام(26)؛ وأنّه من ولد الحسن عليه السلام(27)؛ وأنّ اسم أبيه كاسم أب النّبيّ عليه السلام.(28) وتساءل بعضهم - في تشكيك - عن عمره الطويل، وعن الحكمة في غيبته؛ بل أنكر بعضهم ولادته أصلاً، وقال: إنّ مسألة المهدي لا تعدو أن تكون أمراً تواطأ عليه علماء الشيعة في القرن الرابع الهجريّ لحفظ كيان الشّيعة وصونهم عن التفرّق والتمزّق!...(29) إلى سواها من التخرّصات الّتي لا تستند إلى حجّة ولا يعضدها دليل. وهذا الأثر الذي يقدّمه مجمع البحوث الإسلاميّة إلى القرّاء الأعزّاء اليوم إنّما هو مساهمة في ترسيخ هذا المعتقَد الأصيل من المعتقدات الإسلاميّة، كما نطق به القرآن الكريم والأحاديث التفسيريّة والأحاديث المبشِّرة بظهور الإمام المهدي عليه السلام وبقيام دولته العالميّة المرتقَبة: نسأل اللَّه عزّ وجلّ أن نفع به، وأن يوفّق المؤلّف الفاضل لِما يحبّه ويرضاه. اصل الإمامة في الإسلام يعتقد الشيعة - تبعاً لعقيدتهم في عدل اللَّه تعإلى وحكمته ولُطفه بعباده - أنّه قد نصب أولياء معصومين يمثّلون امتداداً طبيعيّاً لخطّ الرسالة، ويكونون أُمناء على وحي اللَّه سبحانه، وقدوةً لعباده، وأنّ الباري عزّ وجلّ لا يترك دونها حُجّة. وأنّ هؤلاء الأئمّة هم عباد اللَّه المخلَصون الّذين لم يُشرِكوا باللَّه تعإلى طرفة عين. ذلك أنّ الشرك ظُلم بنصّ القرآن الكريم(30)، واللَّه عزّ وجلّ لا ينال عهدُه ظالماً.(31) وأنّ الأئمّة في مرتبة من العِلم والفضل لا يرقي إليها أحد، فهم أصفياء اللَّه وخالصته مِن خلقه. وأنّ الباري أوجب على العباد الرجوع إلى هؤلاء الأئمّة والاستنارة بنور هديهم عليهم السلام، وهو أمر تحتّمه ضرره رجوع الجاهل إلى العالم: (أفمن يَهدي إلى الحقِّ أحقُّ أن يُتَّبع أمّن لا يَهدِّي إلّا أن يُهدي فما لكم كيف تحكمون).(32) ألا ترى كيف احتجّ إبراهيم عليه السلام على أبيه: (يا أبتِ إنّي قد جاءني من العِلم ما لم يأتك فاتَّبِعني أهدِك صراطاً سويّاً)؟(33) كما يعتقدون - بنصّ القرآن الكريم في آية التطهير - أنّ اللَّه قد أذهب الرجس عن أهل البيت وطهّرهم عن كلّ دنس وشَين، فأضحَوا معصومين بعصمة من اللَّه عزّ وجلّ. لا تخلو الأرض من حجة وقد روي المسلمون من طرق عدّة حديث: (إنّ الأرض لا تخلو من قائم للَّه بحجّة)(34)، وروي عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام (مازالت الأرض إلّا وللَّه فيها الحجّةُ، يُعرِّف الحلالَ والحرام، ويدعو النّاس إلى سبيل اللَّه)(35)، و(إنّ الحجّة لا تقوم للَّه عزّ وجلّ على خلقه إلّا بإمام حتّى يُعرَف)(36)، بل رووا عنهم عليهم السلام: (لو لم يبقَ في الأرض إلّا اثنان، لكان أحدهما الحجّة).(37) وقد روي الفريقان أحاديث متسالماً عليها في أنّ مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة.(38) ورووا عن النّبيّ الكريم صلى الله عليه وآله أحاديث متواترة من عدّة طرق أحاديث توصي الأمّة بالتمسّك بأهل البيت عليهم السلام وتصفهم بأنّهم الثقلان اللذان خلّفهما النّبيّ في أمّته؛ وبأنّهم كسفينة نوح: من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق؛ وأنّهم مثل حِطّة مَن دخله كان آمناً؛ ثمّ رووا أنّه صلى الله عليه وآله نصّ على خلفائه بأسمائهم، وأنّه أوصي إليهم الواحد تلو الآخر. الهوامش: (1) البيّنة: 5. (2) كنز جامع الفوائد 399؛ المحجّة 257. (3) البيّنة: 7. (4) الصراط المستقيم 228:2. (5) تفسير البرهان 492:4 ح 23. (6) الإختصاص 234. (7) التكاثر: 8-3. (8) تفسير البرهان 501:4 ح 1. (9) تفسير البرهان 503:4 ح 13. (10) آل عمران: 103. (11) أمإلى الطوسيّ 272 ح 511. (12) تفسير القمّيّ 440:2. (13) الكافي 280:6 خ 3. (14) تأويل الآيات الظاهرة 2: 852-851 ح 7. (15) نفس المصدر 850:2 ح 2. (16) تأويل الآيات الظاهرة 2: 851-850 ح 4. (17) نفس المصدر 851:2 ح 5. (18) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 853-852 ح 8؛ تفسير البرهان 503:4 ح 12. (19) العصر: 1. (20) كمال الدّين 656:2. (21) النصر: 2. (22) التشريف بالمنن 338. (23) نفس المصدر 265. (24) عقد الدرر 9 : 209؛ العرف الورديّ للسيوطيّ 83:2؛ فرائد السمطين 334:2، ح 585. وقد نقل الفريقان أحاديث الإمام المهدي عليه السلام، فوردت أحاديثه في الموسوعات الحديثيّة للعامّة، وتناقلتها من العامّة كتب الصحاح والمصنّفات الحديثيّة الضخمة، بل أفرد لها بعض علمائهم مؤلّفات مستقلّة، أو عقدوا له أبواباً ضمن مؤلّفاتهم، ابتداءً من عبد الرزّاق الصنعانيّ (ت 235 ه) في مصنّفه، ومروراً بابن سعد (ت230 ه) في طبقاته، وابن أبي شيبة (ت 235 ه) في مصنّفه، وأحمد بن حنبل (ت 241 ه) في مسنده، والبخاريّ (ت 256 ه) في صحيحه وتاريخه الكبير، ومسلم (ت 261 ه) في صحيحه، وابن ماجة (ت 273 ه) في سننه، وأبي داود (ت 275 ه) في سننه، والترمذي (ت 279 ه) في سننه، ونعيم بن حمّاد (ت 328 ه) في الفتن، والطبرانيّ (ت 360 ه) في معاجمه الثلاثة، والحكم النيسابوريّ (ت 405 ه) في مستدركه، وأبي نعيم الأصفهانيّ (ت 430 ه) في تاريخ اصبهان والأربعون حديثاً في المهدي وأبي عمرو الداني (ت 444 ه) في سنته، والديلميّ (ت 509 ه) في الفردوس... وكثيرين غيرهم ممّا لا يتّسع المجال لذكرهم. (25) الفيلسوف هنري كاربُن: (الشمس الساطعة) ص 70 ومحاورته مع العلّامة الطباطبائيّ صاحب تفسير الميزان. (26) اعتماداً على حديث رواه ابن ماجة بإسناده عن محمّد بن خالد الجنديّ، عن أبان بن أبي صالح، عن الحسن، عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وآله. وقد ذكر الحكم في (المستدرك على الصحيحين) (440:4) نقلاً عن صامت بن معاذ أ نّه طلب الحديث فوجده عن محمّد بن خالد الجنديّ، عن أبان بن أبي عيّاش (المعروف بوضع الحديث) وليس عن أبان بن أبي صالح. ثمّ قال الحكم: فذكرت ما انتهي إليّ من علّة هذا الحديث تعجّباً، لا محتجّاً به في (المستدرك على الشيخين). (27) بناءً على رواية يرويها أبو إسحاق السبيعيّ المدلّس عامل بني أميّة، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، على الرغم من انقطاعها، وعلي الرغم من أنّ أباإسحاق لم يرَ أمير المؤمنين عليه السلام، فقد كان عمره حين استُشهد عليه السلام لا يزيد على السنتين. انظر ترجمته في (التهذيب) 63:8 - 67، وغيره وقد روّج لهذه الرواية مويّدو مهدويّة محمّد بن عبد اللَّه بن الحسن المثنّي. (28) مستندين في ذلك إلى رواية مختلقة روّج لها العبّاسيون في بداية أمرهم لدعم مهدويّة المهدي العبّاسيّ فأخذوا بها على الرغم من أنّ مروّج هذه النّظريّة: المنصور العبّاسيّ قد اعترف حين توطّد ملكه بأنّ ابنه محمّد بن عبد اللَّه ليس هو المهدي الّذي جاءت بذكره الروايات، وأ نّه إنّما سمّاه المهدي تيمّناً. انظر (مقاتل الطّالبيّين) ص 166. (29) سيأتي الكلام في هذا الكتاب عن عمر الإمام المهدي عليه السلام والحكمة في غيبته، وعن ولادته والنّصّ عليه من النّبيّ صلى الله عليه وآله ومن أئمّة أهل البيت عليهم السلام. (30) قال تعالى: (إنّ الشرك لَظلمٌ عظيمٌ) لقمان: 13. (31) يونس: 35؛ (لا ينال عهدي الظالمين). (32) البقرة: 124. (33) مريم: 43. (34) نقل من العامّة: ابن قتيبة في (عيون الأخبار): 7؛ وابن عبد ربّه في العقد الفريد 265:1؛ والبيهقيّ في (المحاسن والمساوئ): 40؛ والخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد 479:6، ترجمة إسحاق النخعيّ؛ والخوارزميّ في (المناقب): 13؛ والرّازيّ في (مفاتيح الغيب) 192:2 (نقلاً عن (المهدي المنتظر في الفكر الإسلاميّ): 79). (35) اُصول الكافي 136:1، ح 3 باب (أنّ الأرض لا تخلو من حُجّة). (36) نفس المصدر 135:1 ح 1 و2، باب (أنّ الحجّة لا تقوم للَّه على خلقه إلّا بإمام). (37) نفس المصدر 137:1، ح 1، باب (أنّه لو لم يبقَ في الأرض إلّا رجلان، لكن أحدهما الحجّة). (38) وردت هذه الأحاديث بعبارات مختلفة ذات مضمون واحد. انظر: مسند أحمد 96:4؛ طبقات ابن سعد 144:5؛ المعجم الأوسط للطبرانيّ 175:1، ح 227؛ التاريخ الكبير للبخاريّ 445:6، رقم 2943؛ شرح النهج لابن أبي الحديد 147:9؛ المعجم الكبير للطبرانيّ 10: ح 10687. ****************** الامام المهدي خاتم الأئمّة ويمثّل الإمام المهدي عليه السلام الحلقة الأخيرة من سلسلة الإمامة، وعلي الرغم من أنّ البرهان العقليّ في مسألة اللطف الإلهيّ، وأنّ الأرض لا تخلو من حجّة، كافٍ في التدليل على أمره، الأمر الّذي أدركه حتّى أتباع المذاهب الأخري، بل الواقفون في صفّ أعداء شيعة أهل البيت عليهم السلام(1)؛ فإنّ البرهان النقلي قائم على وجوده من خلال الأحاديث المتعاضدة الّتي بلغت حدّ التواتر في البشارة به على لسان النّبيّ الكرم صلى الله عليه وآله؛ ناهيك عن الأخبار الواردة في ولادته وفيمن ورآه وكلّمه، وفي معجزاته وتوقيعاته ونوّابه. ونجد أنّ الإمامَين العسكريَّين عليهما السلام بعامّة، والإمام الحسن العسكريّ عليه السلام بخاصّة، قد بذلا جهوداً كبيرة في إعداد القواعد الشّيعيّة لغيبة الإمام المهدي حتّى قبل تحقّق ولادته، فنلحظ - على سبيل المثال - أنّهما يختاران وكلاءهما ويوثّقانهم بمختلف ألفاظ التوثيق، عالِمين بأنّهم سيكونون من النّواب الخاصيّن للإمام المهدي عليه السلام. كما نلحظ أنّ العسكريّين عليهما السلام يتّخذان - وبالتّدريج - أسلوب الاحتجاب عن الشيعة، ويتعاملون مع قواعدهم الشيعيّة من خلال الوكلاء، كما نري الروايات الكثيرة الّتي تحدّثت عن غيبة الإمام، وعن فضل الانتظار الّذي يُعدّ فيه الفرد المسلم نفسه ليكون مؤهّلاً لنُصرة الإمام عند ظهوره في تحقيق رسالته التّاريخيّة. مقدمة المؤلف الحمد للَّه حقّ حمده الّذي وجب، وصلّي اللَّه على محمّدٍ عبده المنتجب، ونبيّه المنعوت بالخُلق العظيم، والمبعوث إلى الثقلين بكتابه الكريم، وعلي إمام الأولياء أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب، صلوات اللَّه عليه وعلي أولاده الأئمّة الأصفياء، الّذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. والحمد للَّه الّذي ختم النبوّة والرسالة بمحمّدٍ المصطفى صلى الله عليه وآله، وشرّفنا بولاية وصيّه عليّ المرتضي، وأبنائه الطاهرين، ثمّ ختم الوصاية والولاية بنجله الصالح الإمام الثاني عشر المهدي، الحجّة القائم بالحقّ، عجّل اللَّه تعإلى فرجه، وسهّل مخرجه، وأهلك أعداءه، وجعلنا من شيعته وأنصاره واللائذين تحت لوائه والمستشهَدين بين يدَيه، إله الحقّ آمين. وبعد، فهذا كتابي يضمّ دُرراً من الأحاديث المتلألئة الأنوار، من معدن الوحي والتنزيل مستخرَجة، وفي سلك الإمامة والولاية منظومة، حيث استفاضت في البشارة بظهور إمامنا الغائب المنتظَر، وإشراق الدنيا بنوره، وسعادة العالمين في أيّامه الميمونة. وقد رتّبتها حسب الآيات القرآنية ودلالاتها عليه نصّاً أو إشارةً أو تأويلاً، مبتهلاً إلى اللَّه سبحانه وتعالي، راجياً من كرمه أن لا يحرمني جزيل ثوابه، وأن يجعل سعيي في نظمي هذه الدُرر وجمعي هذه الغُرر، خالصاً لوجهه الكريم، ويُثبّت ببركته لساني بالقَول الثابت في الحياة الدنيا، وقدمي على الصراط يوم تزلّ الأقدام. المؤلّف عبد آل محمّد سورة البقرة الآية الاولى قوله تعالى: (الم - ذلك الكتابُ لا رَيبَ فيه هُدَيً للمتَّقينَ - الّذينَ يُؤمِنونَ بالغَيبِ ويُقيمون الصلوةَ وممَا رزقناهم يُنفقون).(2) 1 - الشّيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن يحيي بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (الم ذلك الكتابُ لا ريبَ فيه هُدًي للمتَّقينَ الّذينَ يُؤمِنونَ بالغَيبِ) فقال: المتّقون شيعة عليّ عليه السلام، والغيب فهو الحجّة الغائب، وشاهد ذلك قوله تعالى: (ويقولون لَولا أُنزِل عليه آية من ربِّه فقُل إنّما الغَيبُ للَّه فانتظروا إنّي معكم من المنتَظِرين.(3)،(4) 2 - وروي الشّيخ الصدوق عن غير واحد من أصحابنا، عن داود بن كثير الرقيّ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (الّذينَ يُؤمِنونَ بالغَيب) قال: مَن آمن اَقَرّ بقَيام القائم أنّه حقّ.(5) 3 - وروي الشّيخ الصدوق أيضاً بإسناده عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في حديث يذكر فيه الأئمّةالاثني عشر ومنهم القائم عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: طُوبي للصابرين في غَيبته، طوبي للمقيمين على محبّتهم، اولئك مَن وَصَفهم اللَّه في كتابه فقال: (وَالّذينَ يُؤمِنونَ بالغَيب) ثمّ قال: (أولئك حِزبُ اللَّه ألا إنّ حزبَ اللَّه هُمُ المفلحون).(6)،(7) 4 - وقال أيضاً: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسي؛ قال: بإسناده عن يحيي بن أبي القاسم قال: سألت الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (الم ذلك الكتابُ لا رَيبَ فيه هُديً للمتّقين - الّذين يُؤمنون بالغَيب) فقال: المتّقون شيعة عليّ عليه السلام والغيب فهو الحجّة الغائب، وشاهد ذلك قول اللَّه عزّ وجلّ (ويقولون لولا أُنزل عليه آيةٌ من ربّه فقل إنّما الغيبُ للَّه فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين)(8) فأخبر عزّ وجلّ أ نّ الآية هي الغيب، والغيب هو الحجّة، وتصديق ذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (وجعلنا ابنَ مريمَ واُمَّه آية)(9) يعني حجّةً.(10) 5 - وقال؛: حدّثنا أبي؛ قال: حدّثنا سعد بن عبد اللَّه بإسناده عن عليّ ابن رباب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: في قول اللَّه عزّ وجلّ: (يومَ يأتي بعضُ آياتِ ربّك لا ينفعُ نَفساً إيمانُها لم تكن آمنَت مِن قَبل)(11) فقال: الآيات هم الأئمّة، والآية المنتظرة هو القائم عليه السلام، فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانُها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف، وإن آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهم السلام.(12) 6 - وروي الحافظ رجب البرسيّ عن عمّار، عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب الواحدة، في حديث طويل قد بيّن فيه مناقب نفسه القدسيّة، وجاء فيه قوله: (الّذين يؤمنون بالغَيب) قال: الغيب: هو الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم، وهي أيّام آل محمّد، وإليها الاشارة بقوله: (وذَكرهم بأيّامِ اللَّه) فالرجعة لهم، ويوم القيامة لهم، ويوم القائم لهم، وحكمه إليهم، ومعوّل للمؤمنين فيه عليهم.(13) كلام الشيخ الصدوق في الغيبة قال الشيخ الصدوق في المراد من الغَيبة قال: ولقد كلّمني رجل بمدينة السلام فقال لي: إنّ الغَيبة قد طالت، والحيرة قد اشتدّت، وقد رجع كثير عن القول بالإمامة لطول الأمد، فكيف هذا؟ فقلت له: إنّ سُنّة الأوّلين في هذه الاُمّة جارية حَذو النعل بالنعل، كما رُوي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في غير خبر، وأنّ موسى عليه السلام ذهب إلى ميقات ربِّه على أن يرجع إلى قومه بعد ثلاثين ليلة فأتمّها اللَّه عزّ وجلّ بعشرة، فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة، ولتأخّره عنهم فضل عشرة أيّام على ما واعدهم، استطالوا المدّة القصيرة وقست قلوبهم وفسقوا عن أمر ربهم عزّ وجلّ وعن أمر موسى عليه السلام، وعصوا خليفته هارون واستضعفوه وكادوا يقتلونه، وعبدوا عجلاً جسداً له خوار من دون اللَّه عزّ وجلّ، وقال السامريّ لهم: (هذا إلهكم وإله موسي)(14) وهارون يعظهم وينهاهم عن عبادة العجل ويقول: (يا قومِ إنّما فُتنتم به وإنّ ربَّكم الرحمنُ فاتّبعوني وأطيعوا أمري - قالوا لن نبرحَ عليه عكفينَ حتّى يرجع إلينا موسي)(15) (ولمّا رجع موسى إلى قومه غضبان أسِفاً قال بئسما خَلَفتُموني من بعدي أعجِلتم أمرَ ربّكم وألقي الألواحَ وأخذ برأسِ أخيه يجرّه إليه).(16) والقصّة في ذلك مشهورة، فليس بعجيب أن يستطيل الجهّال من هذه الاُمّة مدّة غيبة صاحب زمانناعليه السلام، ويرجع كثير منهم عمّا دخلوا فيه بغير أصل وبصيرة، ثمّ لا يعتبرون بقول اللَّه تعإلى ذِكره حيث يقول: (ألَمْ يأنِ للّذين آمَنوا أن تخشعَ قلوبُهم لذِكر اللَّه وما نزل من الحقّ ولا يكونوا كالّذين أُوتوا الكتابَ مِن قَبلُ فطال عليهم الأَمَدُ فَقَست قلوبُهم وكثير منهم فاسقون).(17) فقال (الرجل): وما أنزل اللَّه عزّ وجلّ في كتابه في هذا المعني؟ قلت: قوله عزّ وجلّ: (الم ذلك الكتاب لا رَيب فيه هُديً للمتّقين - الّذين يؤمنون بالغَيب) يعني بالقائم عليه السلام وغيبته... وقد كلّمني بعضُ المخالفين في هذه الآية فقال: معني قوله عزّ وجلّ: (الّذين يؤمنون بالغيب) أي بالبعث والنشور وأحوال القيامة؛ فقلت له: لقد جهلتَ في تأويلك وضللت في قولك، فإنّ اليهود والنصاري وكثيراً من فِرق المشركين والمخالفين لدين الإسلام يؤمنون بالبعث والنشور والحساب والثواب والعقاب، فلم يكن اللَّه تبارك وتعإلى ليمدح المؤمنين بمدحةٍ قد شركهم فيها فِرق الكفر والجُحود، بل وصفهم اللَّه عزّ وجلّ ومدحهم بما هو لهم خاصّة، لم يشركهم فيه أحد غيرهم. وجوب معرفة المهدي ولا يكون الإيمان صحيحاً من مؤمن إلّا من بعد علمه بحال مَن يؤمن به، كما قال اللَّه تبارك وتعإلى (إلّا مَن شَهِد بالحقّ وهم يَعلمون)(18) فلم يوجِب لهم صحّة ما يشهدون به إلّا مِن بعد علمهم، ثمّ كذلك لن ينفع إيمان مَن آمن بالمهدي القائم عليه السلام حتّى يكون عارفاً بشأنه في حال غيبته، وذلك انّ الائمة: قد أخبروا بغيبته، ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نُقل عنهم واستحفظ في الصحف، ودُوِّن في الكتب المؤلّفة من قبل أن تقع الغَيبة بمائتي سنة أو أقل أو كثر، فليس أحد من أتباع الائمّة عليهم السلام إلّا وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته، ودوَّنه في مصنفاته. وهي الكتب الّتي تُعرف بالأصول مدوَّنة عند شيعة آل محمّد عليهم السلام من قبل الغَيبة بما ذكرنا من السنين، وقد أخرجت ما حضرني من الأخبار المسندة في الغَيبة في هذا الكتاب في مواضعها، فلا يخلو حال هؤلاء الأتباع المؤلّفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغَيبة، فأ لّفوا ذلك في كتبهم ودوَّنوه في مصنّفاتهم من قبل كونها، وهذا محال عند أهل اللُبّ والتحصيل، أو أن يكونوا قد أسّسوا في كتبهم الكذب، فاتّفق الأمر لهم كما ذكروا، وتحقّق كما وضعوا من كذبه بهم على بُعد ديارهم واختلاف آرائهم وتباين أقطارهم ومحالهم، وهذا أيضاً محال كسبيل الوجه الأول، فلم يبق في ذلك إلّا أنّهم حفظوا عن أئمّتهم المستحفظين للوصيّة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله من ذِكر الغَيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات ما دوَّنوه في كتبهم وأ لّفوه في أصولهم، وبذلك وشِبهه فلج الحقّ وزهق الباطل، إنّ الباطل كان زهوقاً. وإنّ خصومنا ومخالفينا من أهل الأهواء المضلّة قَصدوا لدفع الحقّ وعناده بما وقع من غيبة صاحب زماننا القائم عليه السلام واحتجابه عن أبصار المشاهدين، ليُلبسوا بذلك على مَن لم تكن معرفته متقنة، ولا بصيرته مستحكمة. الهوامش: (1) قال ابن أبي الحديد في شرح عبارة (إنّ الأرض لا تخلو من حجّة): كي لا يخلو الزمان ممّن هو مُهيمن للَّه تعإلى على عباده ومسيطر عليهم. (شرح نهج البلاغة 351:18)، وقد فهم ابن حجر العسقلاني منه أ نّه إشارة إلى مهدي أهل البيت عليهم السلام، فقال ما نصّه: (وفي صلاة عيسي عليه السلام خلف رجل من هذه الأُمّة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال: أنّ الأرض لا تخلو من قائم للَّه بحجّة) (فتح الباري شرح صحيح البخاري 385:6). (نقلاً عن (المهدي المنتظر في الفكر الإسلاميّ) 79 و80). (2) البقرة: 3-1. (3) يونس: 20. (4) كمال الدّين وتمام النعمة 340:2؛ بحار الأنوار 52:51 و124. (5) نفس المصدر. (6) المجادلة: 22. (7) المحجّة فيما نزل في القائم (عليه السلام) 17، نقلاً عن الشيخ الصدوق. (8) يونس: 20. (9) المؤمنون: 50. (10) كمال الدّين وتمام النعمة 1 : 17 و18. (11) الأنعام: 53. (12) كمال الدّين 18:1. (13) مشارق أنوار اليقين للحافظ البرسي 159. (14) طه: 88. (15) طه: 90 و91. (16) الأعراف: 150. (17) الحديد: 16. (18) الزخرف: 86. ****************** اثبات الغيبة والحكمة فيها وأضاف الشيخ الصدوق قائلاً: إنّ الغَيبة الّتي وقعت لصاحب زماننا عليه السلام قد لزمت حكمتها، وبان حقّها، وفلجت حكمتها، للذي شاهدناه وعرفناه من آثار حكمة اللَّه عزّ وجلّ واستقامة تدبيره في حُججه المتقدّمة في الأعصار السالفة، مع أئمّة الضلال وتظاهر الطواغيت، واستعلاء الفراعنة في الحُقب الخالية، وما نحن بسبيله في زماننا هذا من تظاهر أئمّة الكفر بمعونة أهل الافك والعدوان والبهتان. وذلك أ نّ خصومنا طالبونا بوجود صاحب زمانن عليه السلام كوجود من تقدّمه من الأئمّة، فقالوا: إنّه قد مضي على قولكم من عصر وفاة نبيّنا أحد عشر إماماً، كلّ منهم كان موجوداً معروفاً باسمه وشخصه بين الخاصّ والعامّ، فإن لم يوجد كذلك، فقد فسد عليكم أمر من تقدّم من أئمّتكم كفساد أمر صاحب زمانكم هذا في عدمه وتعذّر وجوده. فأقول - وباللَّه التوفيق -: إنّ خصومنا قد جهلوا آثار حكمة اللَّه تعالي، وأغفلوا مواقع الحقّ ومناهج السبيل في مقامات حجج اللَّه تعالى مع أئمّة الضلال في دُوَل الباطل في كل عصر وزمان، إذ قد ثبت أ نّ ظهور حجج اللَّه تعالى في مقاماتهم في دول الباطل على سبيل الإمكان والتدبير لأهل الزمان، فإن كانت الحال ممكنة في استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجّة بين الخاصّ والعامّ، كان ظهور الحجّة كذلك، وإن كانت الحال غير ممكنة من استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجّة بين الخاصّ والعامّ، وكان استتاره ممّا توجبه الحكمة ويقتضيه التدبير، حَجَبَهُ اللَّه وسَتَره إلى وقت بلوغ الكتاب أجله، كما قد وجدنا من ذلك في حجج اللَّه المتقدّمة من عصر وفاة آدم عليه السلام إلى حين زماننا هذا، منهم المستخفون ومنهم المستعلنون، بذلك جاءت الآثار ونطق الكتاب.(1) 7 - روي الصدوق بالإسناد عن سُدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب، على مولانا أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام، فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب، مقصر الكمّين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلي، ذات الكبد الحري، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيّر في عارضيه، وأبلي الدموع محجريه، وهو يقول: سيّدي، غيبتُك نفت رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وأسرت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحسّ بدمعةٍ ترقي من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا، إلّا مثّل لعيني عن غوابر أعمّها وأفظعها، وبواقي أشدّها وأنكرها، ونوايب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك. قال سدير: فاستطارت عقولنا وَلَهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل، وظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلَّت به من الدهر بائقة. فقلنا: لا أبكي اللَّه - يا بن خير الوري - عينيك. من أيّ حادثة تستنزف دمعتك، وتستمطر عيونك؟ وأ يّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، واشتدّ منها خوفه، وقال: ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم؛ وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، الّذي خصّ اللَّه تقدّس اسمُه به محمّداً والأئمّة من بعده عليه وعليهم السلام، وتأمّلت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره، وبلوي المؤمنين به من بعده في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد كثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم،الّتي قال اللَّه تقدّس ذكره: (وَكلَّ إنسانٍ ألزمناه طائِرَه في عُنُقه)(2) يعني الولاية، فأخذتني الرّقة، واستولت عليّ الاحزان. فقلنا: يابن رسول اللَّه، كرِّمنا وشرِّفنا بإشركك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من عِلم ذلك. قال: إنّ اللَّه تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل: قدّر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسي عليه السلام، وقدّر إبطاءه تقدير ابطاء نوح عليه السلام، وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح، أعني الخضر دليلاً على عمره. فقلت: كشف لنا يابن رسول اللَّه عن وجوه هذه المعاني. قال: أمّا مولد موسي، فإنّ فِرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده، أمر باحضار الكهنة، فدلّوه على نسبه، وأنّه يكون من بني اسرائيل، ولم يزل يأمر اصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفاً وعشرين ألف مولود، وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ اللَّه تبارك وتعالى ايّاه. كذلك بنو أميّة وبنو العباس، لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم والأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا، ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وإبادة نسله، طمعاً منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام، ويأبي اللَّه أن يكشف أمره لواحدٍ من الظلمة إلى أن يتم نوره ولو كره المشركون. وأمّا غيبة عيسى عليه السلام، فإنّ اليهود والنصاري اتّفقت على أنّه قُتل، وكذّبهم اللَّه عزّ وجلّ بقوله: (وما قَتَلوه وما صَلَبوه ولكن شُبِّه لهم)(3) كذلك غيبة القائم عليه السلام فإنّ الاُمّة تُنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدي بأنّه لم يولد، وقائل يقول: إنّه وُلد ومات، وقائل يكفر بقوله انّ حادي عشرنا كان عقيماً، وقائل يمرق بقوله: إنّه يتعدّي إلى ثالث عشر فصاعداً، وقائل يعصي اللَّه عزّ وجلّ بقوله: إنّ روح القائم عليه السلام ينطق في هيكل غيره. وأمّا إبطاء نوح عليه السلام فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء، بعث اللَّه عزّ وجلّ جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال: يا نبيّ اللَّه، إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي، ولست أُبيدهم بصاعقة من الصواعق الّا بعد تكيد الدعوة وإلزام الحجّة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فأ نّي مُثيبك عليه، واغرس هذا النوي، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وادركها اذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشّر بذلك مَن تبعك من المؤمنين. فلمّا نبتت الاشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت، وزها الثمر عليها بعد زمن طويل، استنجز مِن اللَّه سبحانه وتعالى العدّة، فأمره اللَّه تبارك وتعالى أن يغرس من نوي تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجّة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به، فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل، وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقّاً، لما وقع في وعد ربه خُلف. ثمّ إنّ اللَّه تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة أن يغرسها تارةً بعد أخري، إلى أن غرسها سبع مرّات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة، إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلاً. فأوحي اللَّه عزّ وجلّ عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرّح الحق عن محضه، وصفي الأمر للايمان من الكدر بارتداد كلّ مَن كانت طينته خبيثة. فلو أنّي أهلكت الكفّار، وأبقيت مَن قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لمّا كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلَصُوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتّك، بأن أستخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم، وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم. وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا، وخبث طينتهم، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة، فلو أنّهم تسنّموا منّي من الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف اذا أهلكت أعداءهم، لنشقوا روائح صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، وتأبّد حبال ضلالة قلوبهم، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرّد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وايقاع الحروب كلّا: (فاصنع الفُلك بأعيننا ووَحيِنا).(4) قال الصادق عليه السلام: وكذلك القائم عليه السلام تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحق عن محضه، وليصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة، من الشيعة الّذين يخشي عليهم النفاق اذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه السلام. قال المفضل: فقلت: يا بن رسول اللَّه، إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ. قال: لا يهدي اللَّه قلوب الناصبة، متى كان الدّين الّذي ارتضاه اللَّه ورسوله متمكناً بانتشار الأمن في الأمّة، وذَهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد أحدٍ من هؤلاء وفي عهد عليّ عليه السلام، مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت تثور في أيامهم، والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم، ثمّ تلا الصادق عليه السلام: (حتّى إذا استيأسَ الرُسلُ وظَنّوا أنّهُم قد كذِبوا جاءَهم نصرُنا).(5) وأمّا العبد الصالح الخضر عليه السلام: فإنّ اللَّه تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّةٍ قدّرها له، ولا لكتاب ينزّله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة مَن كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له. بلي، إنّ اللَّه تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يُقدِّر من عمر القائم عليه السلام في أيّام غيبته ما يقدِّر، وعَلِمَ ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العَبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك، إلّا لعلّة الإستدلال به على عمر القائم عليه السلام، وليقطع بذلك حجّة المعاندين، لئلّا يكون للناس على اللَّه حجّة.(6) تحقيق للعلامة الكراجكي في الغيبة وسببها قال العلّامة أبو الفتح الشيخ محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ الطرابلسيّ: إن قال قائل: ما السبب الموجب لغَيبة صاحب الزمان عليه وعلي آبائه أفضل السلام؟ قيل له: لا يسأل عن هذا السؤال إلّا مَن قد أعطي صحّة وجود الإمام، وسلَّم ما ذكره من غيبته من الأنام. لأنّ النظر في سبب الغَيبة فرع عن كونها، فلا يجوز أن يسأل عن سببها مَن يقول أنّها لم تكن، وكذلك الغَيبة نفسها فرعٌ عن صحّة الوجود، إذ كان لا يصحّ غيبة مَن ليس بموجود. فمن جَحد وجود الامام فلا يصحّ كلامه فيما بعد ذلك من هذه الأحوال. فقد بان أنّه لا بُدّ من تسليم الوجود والإمامة والغَيبة، إمّا تسليم دين واعتقاد، ليكشف السائل عن السبب الموجب للاستتار، وامّا تسليم نظر واحتجاج، لينظر السائل عن السبب، إن كان كلامنا في الفرع ملائماً للأصل، وأنّه مستمرّ عليه من غير أن يضادّه وينافيه. فان قال السائل: أنا اسلّم لك ما ذكرتموه من الأصل لا عن نظر، إن كان ينتظم معه جوابكم عن الفرع، فما السبب الآن في غيبة الإمام عليه السلام؟ فقيل له: أوّل ما نقوله في هذا أنّه ليس يلزمنا معرفة هذا السبب، ولا يتعيّن علينا الكشف عنه، ولا يضرّنا عدم العلم به. والواجب علينا اللازم لنا، هو أن نعتقد أنّ الإمام الوافر المعصوم الكامل العلوم، لا يفعل إلّا ما هو موافق للصواب، وإن لم نعلم الأغراض في أفعاله والأسباب. فسواء ظهر أو استتر، قام أو قعد، كلّ ذلك يلزمه فرضه دوننا، ويتعيّن عليه فعل الواجب فيه سوانا، وليس يلزمنا عِلم جميع ما علم، كما لا يلزمنا فِعل جميع ما فعل. وتمسّكنا بالأصل من تصويبه في كلّ فعل، يغنينا في المعتقد عن العلم بأسباب ما فعل. فإن عرفنا أسباب أفعاله، كان حسناً، وإن لم نعلمها لم يقدح ذلك في مذهبنا، كما أنّه قد ثبت عندنا وعند مخالفينا إصابة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في جميع أقواله وأفعاله، والتسليم له والرضا بما يأتي منه، وإن لم نعرف سببه. ولو قيل لنا: لِم قاتلَ المشركين على كثرتهم يوم بدر، وهو في ثلاثمائة من أصحابه وثلاثة عشر، كثرهم رجالة، ومنهم من لا سلاح معه، ورجع عام الحديبية عن إتمام العُمرة، وهو في العدّة القوية، ومَن معه من المسلمين ثلاثة آلاف وستمائة، وأعطي سهيل بن عمر جميع مناه، ودخل تحت حكمه ورضاه، من محو بسم اللَّه الرحمن الرحيم من الكتاب، ومحو اسمه من النبوّة، وإجابته إلى أن يدفع عن المشركين ثلث ثمار المدينة، وأن يردّ من أتاه ليسلم على يده منهم، مع ما في هذا من المشقّة العظيمة والمخالفة في الظاهر للشريعة، لما ألزمنا الجواب عن ذلك كثر من أنّه أعرف بالمصلحة من الأمّة، وأنّه لا يفعل هذا إلّا لضرورة يختصّ بعلمها ملجئة، أو مصلحة تقتضيه، تكون له معلومة، وهو الوافر الكامل الّذي لا يفرّط فيما أمر به. وليس عدم علمنا بأسباب فعله ضارّاً لنا، ولا قادحاً فيما نحن عليه من اعتقادنا وأصلنا. فكذلك قولنا في سبب غيبة إمامنا وصاحب عصرنا وزماننا. ويشبه هذا أيضاً من أصول الشريعة عن السبب في ايلام الاطفال، وخلق الهوام والمسمومات من الحشائش والأحجار، ونحو ذلك مما لا يحيط أحد بمعرفة معناه، ولا يعلم السبب الّذي اقتضاه، فانّ الواجب أن نردّ ذلك إلى أصله، ونقول انّ جميعه فعل مَن ثبت الدليل على حكمته وعدله وتنزّهه عن العَيب في شيء من فعله. وليسَ عدم علمنا بأسباب هذه الأفعال مع اعتقادنا في الجملة أنّها مطابقة للحكمة والصلاح؛ بضارّ لنا، ولا قادح في صحّة أصولنا، لأنّا لم نُكلَّف كثر من العلم بالأصل، وفي هذا كفاية لمن كان له عقل. وهكذا أيضاً يجري الأمر في الجواب إن توجّه إلينا السؤال عن سبب قعود أمير المؤمنين عليه السلام عن محاربة أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يقعد عن محاربة من بعدهم من الفرق الثلاث. والأصل في هذا كلّه واحد، وما ذكرناه فيه كافٍ للمسترشد. فإن قال السائل لنا: جميع ما ذكرته، من أفعال اللَّه عزّ وجلّ فلا شبهة في أنّه أعرف بالمصالح فيها، وأنّ الخلق يعلمون جميع منافعهم ولا يهتدون إليها. وأمّا النبيّ عليه السلام وما جري من أمره عام الحديبية فإنّه علم المصلحة في ذلك بالوحي من اللَّه سبحانه. فمن أين لإمامكم عِلم المصلحة في ذلك وهو لا يُوحي إليه؟ قيل له: إن كان إمامنا عليه السلام إماماً، فهو معهود إليه، قد نصّ له على جميع ما يجب تعويله عليه، وأخذ ذلك وأمثاله عن آبائه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. ولنا مذهب في الإمام، وعندنا أنّ الإمام عليه السلام يصحّ أن يُلهَم من المصالح والأحكام ما يكون هو المخصوص به دون الأنام. ثمّ نتبرّع بعد ما ذكرناه بذِكر السبب الّذي تقدّم فيه السؤال، وإن كان غير لازم لنا في الجواب. فنقول: إنّ السبب في غَيبة الإمام عليه السلام إخافة الظالمين له، وطلبهم بسفك دمه، وإعلام اللَّه أنّه متى أبدي شخصه لهم قتلوه، ومتى قدروا عليه أهلكوه، فحصل ممنوعاً من التصرّف فيما جعل إليه من شرع الإسلام، وهذه الأمور الّتي هي مردودة إليه ومعوّل في تدبيرها عليه، فإنّما يلزمه القيام بها بشرط وجود التمكن والقدرة، وعدم المنع والحيلولة، وازالة المخافة على النفس والمهجة، فمتى لم يكن ذلك فالتقيّة واجبة، والغَيبة عند الأسباب الملجئة إليها لازمة، لأنّ التحرّز من المضارّ واجب عقلاً وسمعاً. وقد استتر النبيّ صلى الله عليه وآله في غار حراء، ولم يكن لذلك سبب غير المخافة من الأعداء. فإن قال السائل: إنّ استتار انبيّ صلى الله عليه وآله كان مقداراً يسيراً لم يمتدّ به الزمان، وغيبة صاحبكم قد تطاولت بها الأعوام. قيل له: ليس القصر والطول في الزمان يفرق في هذا المكان، لأنّ الغَيبتَين جميعاً سببهما واحد، وهي المخافة من الأعداء، فهما في الحكم سواء، وإنّما قِصر زمان أحداهما لقصر مدة المخافة فيها، وطول زمان الأخري لطول زمان المخافة. ولو ضادّت إحداهما الحكمة وأبطلت الاحتجاج، لكانت كذلك الأخري. فان قال: فالأظهر إبداء شخصه، واقام الحجّة على مخالفيه وإن ادّي إلى قتله. قيل لهم: إنّ الحجّة في تثبيت إمامته قائمة في الأمّة، والدلالة على إمامته موجودة ممكنة، والنصوص من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ومن الأئمّة على غيبته مأثورة متّصلة، فلم يبق بعد ذلك كثر من مطالبة الخصم لنا بظهوره ليُقتل. فهذا غير جائز، وقد قال اللَّه سبحانه: (ولا تُلقوا بأيديكم إلى التَهلُكة).(7) وقال موسى عليه السلام: (ففررتُ منكم لمّا خِفتُكم).(8) الهوامش: (1) كمال الدّين وتمام النعمة 1 : 16-21. (2) الإسراء: 13. (3) النساء: 157. (4) اقتباس من الآية 37 من سورة هود: (واصنع الفُلك بأعيننا ووحينا). (5) يوسف: 110. (6) كمال الدّين 2 : 353؛ بحار الأنوار 51 : 219. (7) البقرة: 165. (8) الشعراء: 21. ****************** فإن قال السائل: إنّ في ظهوره تكيداً لإقامة الحجّة، وكشفاً لما يعترض كثر الناس في أمره من الشبهة، فالأوجب ظهوره، وإن قُتل لهذه العلّة. قيل له: قد قلنا في النهي عن التغرير بالنفس بما فيه الكفاية، ونحن نأتي بعد ذلك بزيادة فنقول: إنّه ليس كلّما نري فيه تكيداً لإقامة الحجّة فإنّ فِعله واجب، ما لم يكن فيه لُطف ومصلحة. ألا ترى إن قائلاً قال: لِمَ لَمْ يعاجل اللَّه تعالى العصاة بالعقاب والنقمة، ويظهر آياته للناس في كلّ يوم وليلة، حتّى يكون ذلك كد في اقامته عليهم الحجّة، أليس كان جوابنا له مثل ما أجبنا في ظهور صاحب الغَيبة، من أنّ ذلك لا يلزم ما لم يفارق وجهاً معلوماً من المصلحة. وعندنا أنّ اللَّه سبحانه لم يمنعه من الظهور وإن قُتل إلّا وقد عَلِم أنّ مصلحة المكلّفين مقصورة على كونه إماماً لهم بعينه، وأن لا يقوم غيره فيها مقامه، فكذلك أمره بالاستتار في المدّة الّتي عَلِم أنّه متى ظهر فيها قتله الفجّار. فإن قال الخصم: هلّا أظهره اللَّه تعالي، وأرسل معه ملائكة تُبيد كلّ مَن أراده بسوء، وتهلك من قَصَده بمكروه؟ قيل له: قد سألت الملحدةُ مِن مثل هذا السؤال في إرسال الأنبياء عليهم السلام، فقالوا: لِمَ لم يبعث اللَّه تعالى معهم من الملك من يصدّ عنهم كلّ سوءٍ يقصدهم به العباد؟ فكان الجواب لهم: إنّ المصالح ليست واقعة بحسب تقدير الخلائق...، وإنّما هي بحسب المعلوم عند اللَّه عزّ وجلّ، وبعد فانّ اصطلام اللَّه تعالى للعاصين، ومعاجلته باهلك ساير الظالمين، قاطع لنظام التكليف، وربّما اقتضي ذلك عموم الجماعة بالهلك، كما كان في الأمم السابقة في الزمان. وهو أيضاً مانع للقادرين من النظر في زمان الغَيبة المؤدّي إلى المعرفة والاجابة، فقد يصحّ أن يكون فيهم ومنهم في هذه المدّة من ينظر فيعرف الحق ويعتقده، أو يكون فيهم معاندون مقرّون، قد علم اللَّه سبحانه أنّهم إن بقوا كان من نَسلِهِمْ ذريّة صالحة، فلا يجوز أن يحرمها الوجود بإعدامهم في مقتضي الحكمة، وليس العاصون في كلّ زمان هذا حكمهم، وربّما علم ضدّ ذلك منهم، فاقتضت الحكمة إهلكهم كما كان في زمن نوح عليه السلام، حيث قال: (ربِّ لا تَذَر على الأرضِ من الكافرين دَيّاراً - إنّك إن تَذَرهم يُضِلّوا عبادَك ولا يَلِدوا إلّا فاجراً كفّاراً).(1) فان قال السائل: إنّ آباءه عليهم السلام قد كانوا أيضاً في زمان مخافة وأوقات صعبة، فلِم لَم يَستَتِروا؟ وما الفرق بينهم وبينه في هذا الأمر؟ قيل له: إنّ خوف إمامن عليه السلام أعظم من خوف آبائه وكثر. والسبب في ذلك، انّه لم يُروَ عن أحدٍ من آبائه عليهم السلام أنّه يقوم بالسيف ويكسر تيجان الملوك، ولا يبقي لأحدٍ دولة سواه، ويجعل الدّين كلّه للَّه. فكان الخوف المتوجّه إليه بحسب ما يعتقد من ذلك فيه، وتطلّعت نفوس الأعداء إليه، وتتبَّعت الملوك أخباره الدالة عليه، ولم يُنسَب إلى أحد من آبائه شيء في هذه الأحوال. فهذا فرق واضح بين المخافتَين. ثمّ نقول بعد ذلك: إنّ مَن اطّلع في الأخبار وسَبَرَ السير والآثار، عَلِم أنّ مخافة صاحبن عليه السلام كانت منذ وقت مخافة أبيه عليه السلام، بل كان الخوف عليه قبل ذلك في حال حمله وولادته، ومن ذا الّذي خفي عليه من أهل العلم ما فعله سلطان ذلك الزمان مع أبيه وتتبعه لأخباره وطرحه العيون عليه، انتظاراً لما يكون من أمره، وخوفاً ممّا روت الشيعة أنّه يكون من نسله، إلى أن أخفي اللَّه تعالى الحَمل بالإمام عليه السلام، وستر أبوه عليه السلام ولادته إلّا عمّن اختصّه من الناس، ثمّ كان بعد موت أبيه، وخروجه للصلاة ومضيّ عمّه جعفر ساعياً إلى المعتمد ما كان، حتّى هجم على داره، وأخذ ما كان بها من أثاثه ورحله، واعتقل جميع نسائه وأهله، وسأل أُمه عنه فلم تعترف به، وأودعها عند قاضي الوقت المعروف بابن أبي الشوارب، ولم يزل الميراث معزولاً سنتَين، ثمّ كان بعد ذلك من الأمور المشهورة الّتي يعرفها مَن اطّلع في الأخبار المأثورة.(2) الآية الثانية قوله تعالى: (وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خَليفةً قالوا اَتجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها ويَسفِك الدماء ونحن نسبّح بحَمدِك ونُقدِّس لك قال إنّي أعلم ما لا تعلمون).(3) كلام الشيخ الصدوق في الآية الخليفة قبل الخليقة قال الشيخ الصدوق رحمه الله في مقدمة كتابه: أمّا بعد فان اللَّه تبارك وتعالى يقول في مُحكم كتابه: (وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة) فبدأ عزّ وجلّ بالخليفة قبل الخليقة، فدلّ ذلك على أنّ الحكمة في الخليفة أبلغ من الحكمة في الخليقة،، فلذلك ابتدأ به لأنّه سبحانه حكيم، والحكيم مَن يبدأ بالأهمّ دون الأعمّ، وذلك تصديق قول الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام حيث يقول: (الحجّة قبل الخلق ومع الخلق، وبعد الخلق) ولو خلق اللَّه عزّ وجلّ الخليقة خُلواً من الخليفة، لكان قد عرّضهم للتلف، ولم يردع السفيه عن سفهه بالنوع الّذي توجب حكمته من إقامة الحدود وتقويم المُفسِد، واللحظة الواحدة لا تسوِّغ الحكمة ضرب صفح عنها، إنّ الحكمة تعمُّ كما انّ الطاعة تعمّ، ومَن زعم أنّ الدنيا تخلو ساعة من إمام، لزمه أن يصحّح مذهب البراهمة في إبطالهم الرسالة، ولولا أنّ القرآن نزل بأنّ محمّداً صلى الله عليه وآله خاتم الأنبياء، لوجب كون رسول في كل وقت، فلمّا صح ذلك لارتفع معني كون الرسول بعده، وبقيت الصورة المستدعية للخليفة في العقل، وذلك أنّ اللَّه تَقَدس ذِكره لا يدعو إلى سبب إلّا بعد أن يصوِّر في العقول حقائقه، واذا لم يصوّر ذلك، لم تنسق الدعوة ولم تثبت الحجّة، وذلك أنّ الأشياء تألف أشكالها، وتنبو عن أضدادها. فلو كان في العقل إنكار الرسل، لما بعث اللَّه عزّ وجلّ نبيّاً قطّ. مثال ذلك الطبيب يعالج المريض بما يوافق طباعه، ولو عالجه بدواءٍ يخالف طباعه أدّي ذلك إلى تلفه، فثبت أنّ اللَّه أحكم الحكمين لا يدعو إلى سبب إلّا وله في العقول صورة ثابتة، وبالخليفة يُستدلّ على المستخلف كما جرت به العادة في العامّة والخاصّة، وفي المتعارف متى استخلف ملك ظالماً، استدلّ بظلم خليفته على ظلم مستخلفه، وإذا كان عادلاً استدلّ بعدله على عدل مستخلفه، فثبت أنّ خلافة اللَّه توجب العصمة، ولا يكون الخليفة إلّا معصوماً. وجوب طاعة الخليفة ولمّا استخلف اللَّه عزّ وجلّ آدم في الأرض، أوجب على أهل السماوات الطاعة؛ له فكيف الظنّ بأهل الأرض؟ ولمّا أوجب اللَّه عزّ وجلّ على الخلق الإيمان بملائكة اللَّه، وأوجب على الملائكة السجود لخليفة اللَّه، ثمّ لمّا امتنع ممتنع من الجنّ عن السجود له، أحلّ اللَّه به الذُلّ والصَغار والدمار، وأخزاه ولعنه إلى يوم القيامة، علمنا بذلك رتبة الإمام وفضله، وأنّ اللَّه تبارك وتعالى لمّا أعلم الملائكة أنّه جاعل في الأرض خليفة. أشهدهم على ذلك لأنّ العلم شهادة، فلزم مَن ادَّعي أنّ الخلق يختار الخليفة أن تشهد ملائكة اللَّه كلهم عن آخرهم عليه، والشهادة العظيمة تدل على الخطب العظيم كما جرت به العادة في الشاهد، فكيف وأنّي يَنجو صاحب الاختيار من عذاب اللَّه وقد شهدت عليه ملائكة اللَّه أوّلهم وآخرهم، وكيف وأنّي يعذّب صاحب النصِّ وقد شهدت له ملائكة اللَّه كلّهم. وله وجه آخر، وهو أنّ القضيّة في الخليفة باقية إلى يوم القيامة، ومَن زعم أنّ الخليفة أراد به النبوة، فقد أخطأ من وجه، وذلك أنّ اللَّه عزّ وجلّ وعد أن يستخلف من هذه الأمّة الفاضلة خلفاء راشدين كما قال جلّ وتقدّس: (وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا مِنكم وعَمِلوا الصالحاتِ لَيَستخلِفَنَّهم في الأرض كما استَخلَف الّذين مِن قبلهم وليُمَكننّ لهم دِينَهم الّذي ارتضي لهم ولَيُبدِّلنّهم مِن بعد خَوفهم أمناً يعبدونني لا يُشركون بي شيئاً)(4) ولو كانت قضيّة الخلافة قضيّة النبوّة، أوجب حكم الآية أن يبعث اللَّه عزّ وجلّ نبيّاً بعد محمّد صلى الله عليه وآله، وما صحّ قوله: (وخاتم النّبيين)(5) فثبت أنّ الوعد من اللَّه عزّ وجلّ ثابت من غير النبوّة، وثبت أنّ الخلافة تخالف النبوّة بوجهٍ، وقد يكون الخليفة غير نبيّ، ولا يكون النبيّ إلّا خليفة. وآخر: وهو أنّه عزّ وجلّ أراد أن يظهر استعباده الخَلق بالسجود لآدم عليه السلام نفاق المنافق وإخلاص المخلص، كما كشفت الأيّام والخبر عن قناعيهما، أعني ملائكة اللَّه والشيطان، ولو وكل ذلك المعني - من اختيار الإمام - إلى مَن أضمر سوءاً، لما كشفت الأيّام عنه بالتعرّض، وذلك أنّه يختار المنافق من سمحت نفسه بطاعته والسجود له، فكيف وأ نّي يوصل إلى ما في الضمائر من النفاق والإخلاص والحسد والداء الدفين. ووجه آخر: وهو أنّ الكلمة تتفاضل على أقدار المخاطِب والمخاطَب، فخطاب الرجل عبده يخالف خطاب سيّده، والمخاطِب كان اللَّه عزّ وجلّ، والمخاطَبون ملائكة اللَّه أوّلهم وآخرهم، والكلمة العموم لها مصلحة عموم، كما أنّ الكلمة الخصوص لها مصلحة خصوص، والمثوبة في العموم أجلّ من المثوبة في الخصوص، كالتوحيد الّذي هو عموم على عامّة خلق اللَّه يخالف الحجّ والزكاة وسائر أبواب الشرع الّذي هو خصوص، فقوله عزّ وجلّ: (وإذ قال ربُّك للملائكةِ إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة) دلّ على أنّ فيه معني من معاني التوحيد لما أخرجه مخرج العموم، والكلمة إذا جاورت الكلمة في معني، لزمها ما لزم أختها إذا جمعهما معني واحد، ووجه ذلك أنّ اللَّه سبحانه علم أنّ مِن خلقه مَن يوحّده ويَأتمر بأَمْرِهِ، وأنّ لهم أعداء يعيبونهم ويستبيحوا حريمهم، ولو أنّه عزّ وجلّ قصر الأيدي عنهم جبراً وقهراً، لبطلت الحكمة وثبت الاجبار رأساً، وبطل الثواب والعقاب والعبادات. ولمَّا استحال ذلك، وجَبَ أن يدفع عن أوليائه بضربٍ مِن الضروب لا تبطل به ومعه العبادات والمثوبات، فكان الوجه في ذلك إقامة الحدود كالقطع والصلب والقتل والحبس وتحصيل الحقوق، كما قيل: (ما يزع السلطان كثر مما يزع القرآن) وقد نطق بمثله قوله عزّ وجلّ: (لأنتم أشدّ رَهبةً في صُدورهم من اللَّه)(6) فوجب أن ينصب عزّ وجلّ خليفةً يقصر من أيدي أعدائه عن أوليائه ما تصحّ به ومعه الولاية، لأنّه لا ولاية مع مَن أغفل الحقوق وضيّع الواجبات ووجب خلعه في العقول. جلّ اللَّه تعالى عن ذلك. والخليفة اسم مشترك، لأنّه لو أنّ رجلاً بني مسجداً ولم يؤذِّن فيه ونصب فيه مؤذِّناً، كان مؤذنه، فأمّا إذا أ ذّن فيه أيّاماً ثمّ نصب فيه مؤذِّناً، كان خليفته، وكذلك الصورة في العقول والمعارف، متى قال البندار: هذا خليفتي، كان خليفته على البندرة لا على البريد والمظالم، فكذلك القول في صاحبَي البريد والمظالم، فثبت أنّ الخليفة من الأسماء المشتركة، فكان مَن صفة اللَّه تعالى ذِكره الانتصاف لأوليائه من أعدائه، فوكل من ذلك معني إلى خليفته. فلهذا الشأن استحقّ معني الخليفة دون معني أن يتّخذ شريكاً معبوداً مع اللَّه سبحانه، ولهذا من الشأن قال اللَّه تبارك وتعالى لابليس: (يا إبليس ما منعك أن تسُجد لما خلقتُ) ثمّ قال عزّ وجلّ (بيديَّ استكبرتَ)(7) وذلك أنّه يقطع العذر ولا يوهم أنّه خليفة شارك اللَّه في وحدته، فقال: بعد ما عرفتَ أنّه خَلق اللَّه، ما منعك تسجد، ثمّ قال: (بيديّ استكبرتَ) واليد في اللغة قد تكون بمعني النعمة، وقد كان للَّه عزّ وجلّ عليه نعمتان حَوَتا نعماً، كقوله عزّ وجلّ: (وأسبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنة)(8) وهما نعمتان حَوَتا نعماً لا تحصي. ثمّ غلّظ عليه القول بقوله عزّ وجلّ: (بيديَّ أستكبرتَ) كقول القائل: بسيفي تقاتلني، وبرمحي تُطاعنني، وهذا أبلغ في القبح وأشنع. فقوله عزّ وجلّ: (وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة) كانت كلمة متشابهة، أحد وجوهها أنّه يتصوّر عند الجاهل أنّ اللَّه عزّ وجلّ يستشير خلقه في معنيً التبس عليه، ويتصوّر عند المستدلّ إذا استدلّ على اللَّه عزّ وجلّ بأفعاله المحكمة وجلالته الجليلة أنّه جلّ عن أن يلتبس عليه معني أو يستعجم عليه حال، فإنّه لا يعجزه شيء في السماوات والأرض، والسبيل في هذه الآية المتشابهة كالسبيل في أخواتها من الآيات المتشابهات، أنّها ترد إلى المُحكمات ممّا يُقطَع به ومعه العذر للمتطرِّق إلى السَفَه والإلحاد. فقوله: (وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرضِ خليفة) يدلَّ على معني هدايتهم لطاعة جليلة مقترنة بالتوحيد، نافية عن اللَّه عزّ وجلّ الخلع والظلم وتضييع الحقوق وما تصحّ به ومعه الولاية، فتكمل معه الحجّة، ولا يبقي لأحدٍ عذر في إغفال حقٍّ. وأخري أنّه عزّ وجلّ إذا علم استقلالَ أحد من عباده لمعني من معاني الطاعات ندبه له حتّى تحصل له به عبادة ويستحقّ معها مثوبة على قدرها ما لو أغفل ذلك، جاز أن يغفل جميع معاني حقوق خلقه أوّلهم وآخرهم، جلّ اللَّه عن ذلك. فللقوَّام بحقوق اللَّه وحقوق خلقه مثوبة جليلة متى فكر فيها مفكر عرف أجزاءها، إذ لا وصول إلى كلّها لجلالتها وعظم قدرها. واحد معانيها وهو جزءٌ من أجزائها أنّه يسعد بالإمام العادل النملة والبعوضة والحيوان أوّلهم وآخرهم بدلالة قوله تعالى: (وما أرسلنك إلّا رحمةً للعالَمين).(9) ويدلّ على صحّة ذلك قوله عزّ وجلّ في قصة نوح عليه السلام: (فقلت استغفِروا ربَّكم إنّه كان غفّاراً - يُرسل السماء عليكم مِدراراً)(10)، ثمّ من المدرار ما ينتفع به الإنسان وسائر الحيوان، وسبب ذلك الدُّعاة إلى دِين اللَّه والهداة إلى حق اللَّه، فمثوبته على أقداره، وعقوبته على مَن عانده بحسابه. ولهذا نقول: إنّ الإمام يُحتاج إليه لِبقاء العالَم على صلاحه. ليس لاحد أن يختار الخليفة الا الله وقول اللَّه عزّ وجلّ: (وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة): (جاعل) منوّن: صفة اللَّه الّتي وَصف بها نفسه، وميزانه قوله: (إنّي خالقٌ بَشَراً مِن طِين)(11) فنوّنه ووصف به نفسه، فمن ادّعي أنّه يختار الإمام، وجب أن يخلق بشراً من طين، فلمّا بطل هذا المعني، بطل الآخر، إذ هما في حيّز واحد. ووجه آخر: وهو أنّ الملائكة في فضلهم وعصمتهم لم يصلحوا لاختيار الإمام، حتّى تولي اللَّه ذلك بنفسه دونهم واحتجّ به على عامّة خلقه أنّه لا سبيل لهم إلى اختياره لمّا لم يكن للملائكة سَبيلٌ إليه مع صفائهم ووفائهم وعصمتهم، ومَدْح اللَّه إيّاهم في آيات كثيرة، مثل قوله سبحانه: (بَل عِباد مُكرَمون - لا يَسبقونه بالقَول وهم بأمره يعملون)(12)، وكقوله عزّ وجلّ: (لا يَعصُون اللَّهَ ما أَمَرَهم ويَفعلون ما يُؤمَرون).(13) ثمّ إنّ الإنسان بما فيه من السَفَهِ والجهل كيف وأ نّي يستتبُّ له ذلك، فهذا والأحكام دون الإمامة مثل الصلاة والزكاة والحجّ وغير ذلك لم يكل اللَّه عزّ وجلّ شيئاً من ذلك إلى خلقه، فكيف وكل اليهم الأهمّ الجامع للأحكام كلّها والحقائق بأسرها؟ وجوب وحدة الخليفة في كل عصر وفي قوله عزّ وجلّ (خليفة) أشارة إلى خليفة واحدة ثبت به ومعه إبطال قول مَن زعم أنّه يجوز أن تكون في وقتٍ واحد أئمّة كثيرة، وقد اقتصر اللَّه عزّ وجلّ على الواحد، ولو كانت الحكمة ما قالوه وعبّروا عنه، لم يقتصر اللَّه عزّ وجلّ على الواحد، ودعوانا محاذٍ لدعواهم، ثمّ إنّ القرآن يرجّح قولنا دون قولهم، والكلمتان إذا تقابلتا ثمّ رجح إحداهما على الأخري بالقرآن، كان الرجحان أولي. لزوم وجود الخليفة ولقوله عزّ وجلّ: (وإذ قال ربُّك للملائكة - الآية) في الخطاب الّذي خاطب اللَّه عزّ وجلّ به نبيَّه صلى الله عليه وآله لمّا قال: (ربُّك) من أَصَحّ الدليل على أنّه سبحانه يستعمل هذا المعني في أمّته إلى يوم القيامة، فإنّ الأرض لا تخلو من حجّةٍ له عليهم، ولولا ذلك لما كان لقوله: (ربّك) حكمة، وكان يجب أن يقول: (ربّهم). وحكمة اللَّه في السلف كحكمته في الخلف لا يختلف في مَرِّ الأيام وكرّ الأعوام، وذلك أنّه عزّ وجلّ عَدْل حكيم لا يجمعه أحداً من خلقه نسب، جلّ اللَّه عن ذلك. وجوب عصمة الامام ولقوله عزّ وجلّ: (وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة - الآية) معني، وهو أنّه عزّ وجلّ لايستخلف إلّا مَن له نقاء السريرة ليبعد عن الخيانة، لأنّه لو اختار مَن لا نقاء له في السريرة، كان قد خان خلقه، لأنّه لو أنّ دلّالاً قدم حمّالاً خائناً إلى تاجر، فحمل له حملاً فخان فيه، كان الدلال خائناً، فكيف تجوز الخيانة على اللَّه عزّ وجلّ وهو يقول - قوله الحق -: (إنّ اللَّه لا يهدي كيد الخائنين)(14) وادَّب محمّداً صلى الله عليه وآله بقوله عزّ وجلّ: (ولا تكن للخائنين خَصيما)(15) فكيف وأنّي يجوز ان يأتي ما ينهي عنه، وقد عَيَّر اليهود بسمة النفاق، وقال: (أتأمُرون الناس بالبِرّ وتنسون أنفسكم وأنتم تَتلون الكتابَ أفلا تعقلون).(16) وفي قول اللَّه عزّ وجلّ: (واذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة) حجّة قويّة في غَيبة الإمام عليه السلام، وذلك أنّه عزّ وجلّ لمّا قال: (إنّي جاعل في الأرض خليفة) أوجب بهذا اللفظ معني، وهو أن يعتقدوا طاعته، فاعتقد عدوّ اللَّه ابليس بهذه الكلمة نفاقاً وأضمره حتّى صار به منافقاً، وذلك أنّه أضمر أنّه يخالفه متى استعبد بالطاعة له، فكان نفاقه أنكر النفاق، لأنّه نفاق بظهر الغيب، ولهذا من الشأن صار أخزي المنافقين كلهم، ولما عرّف اللَّه عزّ وجلّ ملائكته ذلك أضمروا الطاعة له واشتاقوا إليه، فأضمروا نقيض ما أضمره الشيطان، فصار لهم من الرتبة عشرة أضعاف ما استحقّ عدوّ اللَّه من الخزي والخسار، فالطاعة والموالاة بظهر الغيب أبلغ في الثواب والمدح، لأنّه أبعد من الشبهة والمغالطة، ولهذا رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: (مَن دعا لأخيه بظَهر الغَيب ناداه ملك من السماء: ولك مِثلاه). وانّ اللَّه تبارك وتعالى كد دينه بالإيمان بالغيب فقال: (هُديً للمتّقين الّذين يُؤمنون بالغَيب)(17) فالايمان بالغيب أعظم مثوبة لصاحبه، لأنه خلو من كل عيبٍ وريبٍ، لأنّ بيعة الخليفة وقت المشاهدة قد يتوهّم على المبايع أنّه إنّما يطيع رغبةً في خير أو مال، أو رهبةً من قتل أو غير ذلك ممّا هو عادات أبناء الدنيا في طاعة ملوكهم، وإيمان الغَيب مأمون من ذلك كلّه، ومحروس من معايبه بأصله، يدلُّ على ذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (فلمّا رأَوا بأسَنا قالوا آمنّا باللَّهِ وحدَه وكفَرنا بما كنّا به مُشرِكين - فلم يَك يَنفعُهم إيمانُهم لمّا رأَوا بأسَنا)(18) ولمّا حصل للمتعبد ما حصل من الإيمان بالغيب، لم يحرم اللَّه عزّ وجلّ ذلك ملائكته، فقد جاء في الخبر أنّ اللَّه سبحانه قال هذه المقالة للملائكة قبل خلق آدم بسبعمائة عام. وكان يحصل في هذه المدّة الطاعة للملائكة على قدرها. ولو انكر مُنكر هذا الخبر والوقت والأعوام، لم يجد بدّاً من القول بالغَيبة ولو ساعة واحدة، والساعة الواحدة لا تتعرّي من حكمة ما، وما حصل من الحكمة في الساعة حصل في الساعَتين حكمتان وفي الساعات حكم، وما زاد في الوقت إلّا زاد في المثوبة، وما زاد في المثوبة إلّا كشف عن الرحمة، ودل على الجلالة، فصحّ الخبر أنّ فيه تأييد الحكمة وتبليغ الحجّة. وفي قول اللَّه عزّ وجلّ: (وإذ قال ربُّك للملائكةِ إنّي جاعلٌ في الأرض خَليفة) حجّة في غَيبة الإمام عليه السلام من أوجه كثيرة: أحدها أنّ الغَيبة قبل الوجود أبلغ الغيبات كلّها، وذلك أنّ الملائكة ما شاهدوا قبل ذلك خليفة قط، وأمّا نحن فقد شاهدنا خلفاء كثيرين غير واحد قد نطق به القرآن وتواترت به الأخبار حتّى صارت كالمشاهدة، والملائكة لم يشهدوا واحداً منهم، فكانت تلك الغَيبة أبلغ. وآخر: أنّها كانت غيبة من اللَّه عزّ وجلّ، وهذه الغَيبة الّتي للإمام عليه السلام هي من قِبل أعداء اللَّه تعالي، فإذا كان في الغَيبة الّتي هي من اللَّه عزّ وجلّ عبادة لملائكته، فما الظنّ بالغيبة الّتي هي مِن أعداء اللَّه. وفي غيبة الإمام عبادة مخلصة لم تكن في تلك الغَيبة، وذلك أنّ الإمام الغائب عليه السلام مقموع مقهور مزاحَم في حقه، قد غُلِب قهراً وجري على شيعته قسراً من أعداء اللَّه ما جري، من سفك الدماء ونَهب الأموال وإبطال الأحكام والجَور على الأيتام وتبديل الصدقات وغير ذلك ممّا لا خفاء به، ومَن اعتقد موالاته، شاركه في أجره وجهاده، وتبرّأ من أعدائه، وكان له في براءة مواليه من أعدائه أجر، وفي ولاية أوليائه أجر يربو على أجر ملائكة اللَّه عزّ وجلّ على الإيمان بالإمام المغيّب في العدم، وإنّما قصّ اللَّه عزّ وجلّ نبأه قبل وجوده توقيراً وتعظيماً له، لِيستعبد له الملائكة ويتشمّروا لطاعته. وإنّما مثال ذلك تقديم الملك فيما بيننا بكتاب أو رسول إلى أوليائه أنّه قادم عليهم، حتّى يتهيَّؤا الاستقباله وارتياد الهدايا له ما يقطع به ومعه عذرهم في تقصير إن قصَّروا في خدمته، كذلك بدأ اللَّه عزّ وجلّ بذكر نبئه إبانةً عن جلالته ورتبته، وكذلك قضيّته في السَلَف والخلف، فما قبض خليفة إلّا عرَّف خلقَه الخليفة الّذي يتلوه، وتصديق ذلك قوله عزّ وجلّ: (أفمن كان على بَيِّنةٍ مِن ربِّه ويتلوه شاهِدٌ منه - الآية)(19) والّذي على بيِّنةٍ من ربّه محمّد صلى الله عليه وآله، والشاهد الّذي يتلوه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، دلالته قوله عزّ وجلّ: (ومِن قَبله كتابُ موسى إماماً ورحمة)(20) والكلمة - من كتاب موسى المحاذية لهذا المعني حذو النعل بالنعل والقُذّة بالقذّة - قوله: (وواعَدنا موسى ثلاثين ليلةً وأتمَمناها بَعشرٍ فتَمَّ ميقاتُ ربِّه أربعينَ ليلةً وقال موسى لأخيه هرون اخلُفني في قَومي واصلح ولا تَتَّبِع سَبيلَ المُفسِدين).(21)،(22) الآية الثالثة قوله تعالى: (وإذ قُلنا للملائكةِ اسجُدوا لآدمَ فسَجَدوا إلّا إبليس أبي واستَكبَر وكان من الكافرين).(23) 8 - قال الشيخ الصدوق أعلا اللَّه مقامه في مقدّمة كتابه، تحت عنوان: (السرّ في أمره تعالى الملائكةَ بالسجود لآدم عليه السلام): واستعبَدَ اللَّه عزّ وجلّ الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً له لما غيّبه عن أبصارهم، وذلك أنّه عزّ وجلّ إنّما أمرهم بالسجود لآدم لما أودع صُلبه من أرواح حجج اللَّه تعالى ذكره، فكان ذلك السجود للَّه عزّ وجلّ عبوديّة، ولآدم طاعة، ولما في صُلبه تعظيماً، فأبي ابليس أن يسجد لآدم حسداً له، إذ جعل صلبه مستودع أرواح حجج اللَّه دون صلبه، فكفر بحسده وتَأَبّيه، وفسق عن أمر ربّه، وطُرد عن جواره، ولُعن وسمِّي رجيماً لأجل إنكاره للغيبة، لأنّه احتجّ في امتناعه من السجود لآدم بأن قال: (أنا خَيرٌ منه خَلَقتَني مِن نار وخَلَقتَه من طين)(24)، فجحد ما غيّب عن بصره ولم يوقع التصديق به، واحتجّ بالظاهر الّذي شاهده وهو جسد آدم عليه السلام، وأنكر أن يكون يعلم لما في صلبه وجوداً، ولم يؤمن بأنّ آدم إنّما جُعل قبلةً للملائكة وأُمروا بالسجود له لتعظيم ما في صلبه. فمثل مَن آمن بالقائم عليه السلام في غيبته مثل الملائكة الّذين أطاعوا اللَّه عزّ وجلّ في السجود لآدم، ومثلُ مَن أنكر القائم عليه السلام في غيبته مثل إبليس في امتناعه من السجود لآدم. الهوامش: (1) نوح: 26 و27. (2) كنز الفوائد 1 : 274- 368. (3) البقرة: 30. (4) النور: 55. (5) الأحزاب: 40. (6) الحشر: 13. (7) ص: 75. (8) لقمان: 20. (9) الأنبياء: 107. (10) نوح: 10 و11. (11) ص: 71. (12) الأنبياء: 26 و27. (13) التحريم: 6. (14) يوسف: 52. (15) النساء: 105. (16) البقرة: 44. (17) البقرة: 2. (18) المؤمن: 84. (19) هود: 17. (20) هود: 17. (21) الأعراف: 142. (22) كمال الدّين1 : 13-4. (23) البقرة: 34. (24) الأعراف: 12. ****************** 9 - روي بسند متّصل بأيمن بن محرز، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّ اللَّه تبارك وتعالى علّم آدم عليه السلام أسماء حجج اللَّه كلّها، ثمّ عرضهم، - وهم أرواح - على الملائكة، فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأ نّكم أحقّ بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم عليه السلام: (قالوا سُبحانك لاعِلم لنا إلّا ما عَلَّمتَنا إنّك أنت العَليمُ الحَكيم) قال اللَّه تبارك وتعالى: (يا آدمُ أنبِئهم بأسمائِهم فلمّا أنبأهم بأسمائهم) وقفوا على عظيم منزلتهم عند اللَّه تعالى ذِكره، فعلموا أنّهم أحقّ بأن يكونوا خلفاء اللَّه في أرضه وحججه على بريته، ثمّ غيّبهم عن أبصارهم واستعبَدَهمْ بولايتهم ومحبّتهم وقال لهم: (ألم أقل لكم إنّي أعلم غَيب السمواتِ والأرض وأعلم ما تُبدون وما كنتم تَكتُمون). وحدّثنا بذلك أحمد بن الحسن القطّان بإسناد يرفعه عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام. وهذا استعباد اللَّه عزّ وجلّ للملائكة بالغَيبة، والآية أوّلها في قصّة الخليفة، وإذا كان آخرها مثلها، كان للكلام نظم، وفي النظم حجّة، ومنه يؤخذ وجه الإجماع لأمّة محمّد صلى الله عليه وآله أوّلهم وآخرهم، وذلك أنّه سبحانه وتعالى إذا علَّم آدم الاسماء كلّها على ما قاله المخالفون، فلا محالة أنّ أسماء الأئمّة عليهم السلام داخلة في تلك الجملة، فصار ما قلناه في ذلك بإجماع الاُمّة، ومن أصحّ الدليل عليه أنّه لا محالة لما دلّ الملائكة على السجود لآدم، فأنّه حصل لهم عبادة، فلمّا حصل لهم عبادة، أوجب باب الحكمة أن يحصل لهم ما هو في حيّزه، سواء كان في وقتٍ أو في غير وقت، فإنّ الاوقات ما تغيّر الحكمة ولا تبدّل الحجّة، أوّلها كآخرها وآخرها كأوّلها، ولا يجوز في حكمة اللَّه أن يحرمهم معني من معاني المثوبة، ولا أن يبخل بفضلٍ من فضائل الأئمّة، لأنّهم كلّهم شرع واحد، دليل ذلك أنّ الرسل متى آمن مؤمن بواحد منهم أو بجماعة، وأنكروا واحداً منهم، لم يقبل منه إيمانه، كذلك القضية في الأئمّة عليهم السلام أوّلهم وآخرهم واحد. وقد قال الصادق عليه السلام: (المُنكر لآخرنا كالمُنكر لأوّلنا) وقال عليه السلام: (مَن أنكر واحداً من الأحياء فقد أنكر الأموات)؛ وسأخرج ذلك في الكتاب مسنداً في موضعه إن شاء اللَّه. فصحّ أنّ قوله عزّ وجلّ: (وعَلَّم آدمَ الأسماءَ كلّها) أراد به أسماء الأئمّة عليهم السلام. وللأسماء معانٍ كثيرة، وليس أحد معانيها بأولي من الآخر، وللأسماء أوصاف، وليس أحد الأوصاف بأولي من الآخر، فمعني الأسماء أنّه سبحانه علمّ آدم عليه السلام أوصاف الأئمّة كلّها، أوّلها وآخرها، ومن أوصافهم العِلم والحِلم والتقوي والشجاعة والعصمة والسخاء والوفاء. وقد نطق بمثله كتاب اللَّه عزّ وجلّ في أسماء الأنبياء: كقوله عزّ وجلّ: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنّه كان صدِّيقاً نبيّاً)(1)، (واذكر في الكتابِ إسماعيل إنّه كان صادقَ الوَعد وكان رَسولاً نَبياً - وكان يأمُر أهلَه بالصلوة والزكوة وكان عِند ربِّه مَرضيّاً - واذكر في الكتاب إدريسَ إنّه كان صِدِّيقاً نبيّاً - ورَفَعناه مَكاناً عليّاً).(2) وكقوله عزّ وجلّ: (واذكر في الكتاب موسى إنّه كان مُخلَصاً وكان رسولاً نبيّاً - وناديناه من جانب الطور الأيمن وقرّبناه نَجيّاً - ووَهَبنا له مِن رَحمتنا أخاه هارون نبيا).(3) فوصف الرسل عليهم السلام وحمدهم بما كان فيهم من الشيم المَرْضيّة والأخلاق الزكيّة، وكان ذلك أوصافهم وأسماءهم، كذلك علّم اللَّه عزّ وجلّ آدم الأسماء كلّها. و الحكمة في ذلك أيضاً: أنّه لا وصول إلى الأسماء ووجوه الاستعبادات إلّا من طريق السماع، والعقل غير متوجّه إلى ذلك، لأنّه لو أبصر عاقل شخصاً من بعيد أو قريب، لما توصّل إلى استخراج اسمه، ولا سبيل إليه إلّا من طريق السماع، فجعل اللَّه عزّ وجلّ العمدة في باب الخليفة السماع، ولمّا كان كذلك أبطل به باب الإختيار، إذ الإختيار من طريق الآراء، وقضية الخليفة موضوعة على الأسماء، والأسماء موضوعة على السماع، فصحّ به ومعه مذهبنا في الإمام أنّه يصح بالنصّ والإشارة، فأمّا باب الإشارة فمُضمَر في قوله عزّ وجلّ: (ثُمّ عَرَضَهم على الملائكة) فباب العرض مبنيّ على الشخص والإشارة وباب الإسم مبنيّ على السمع، فصحّ معني الإشارة والنص جميعاً. وللعرض الّذي قاله اللَّه عزّ وجلّ: (ثمّ عَرَضَهم على الملائكة) معنيان: أحدهما: عرض أشخاصهم وهيئاتهم، كما رويناه في باب أخبار أخذ الميثاق والذرّ. والوجه الآخر: أن يكون عزّ وجلّ عرضهم على الملائكة من طريق الصفة والنسبة كما يقوله قوم من مخالفينا، فمن كلا المعنيين يحصل استعباد اللَّه عزّ وجلّ الملائكة بالإيمان بالغَيبة. وفي قوله عزّ وجلّ: (أنبِئوني بأسماءِ هؤلاء إن كنتم صادقين) حِكم كثيرة: أحدها أنّ اللَّه عزّ وجلّ أهَّل آدم عليه السلام لتعليم الملائكة أسماء الأئمّة عن اللَّه تعالى ذِكره، وأهَّل الملائكة لتعلّم أسمائهم عن آدم عليه السلام، فاللَّه عزّ وجلّ علّم آدم، وآدم علّم الملائكة، فكان آدم في حيّز المعلِّم وكانوا في حيّز المتعلّمين، هذا ما نصّ عليه القرآن. وقول الملائكة: (سُبحانك لا عِلم لنا إلّا ما علّمتنا إنّك أنَتَ العَليمُ الحكيم) فيه أصحّ دليل وأبين حُجّةً لنا أنّه لايجوز لأحد أن يقول في اسماء الأئمّة وأوصافهم عليهم السلام إلّا عن تعليم اللَّه جلّ جلاله، ولو جاز لأحدٍ ذلك، كان للملائكة أجوز، ولمَّا سبحوا اللَّه، دلّ تسبيحهم على أنّ الشرع فيه ممّا ينافي التوحيد، وذلك أنّ التسبيح تنزيه اللَّه عزّ وجلّ، وباب التنزيه لا يوجد في القرآن إلّا عند قول جاحد أو ملحد أو متعرّض لإبطال التوحيد والقَدح فيه، فلم يستنكفوا إذ لم يعلموا أن يقولوا: (لا عِلمَ لنا) فمَن تكلّف عِلمَ ما لا يعلم، احتجّ اللَّهُ عليه بملائكته، وكانوا شهداء اللَّه في الدنيا والآخرة، وإنّما أهَّل اللَّه الملائكة لاعلامهم على لسان آدم عند اعترافهم بالعجز، وأنّهم لا يعلمون، فقال عزّ وجلّ: (يا آدمُ أنبِئهم بأسمائهم).(4) الآية الرابعة قوله تعالى: (فَتَلَقّى آدمُ مِنْ ربِّه كلماتٍ فتابَ عليه إنّه هو التَوّاب الرحيم).(5) المهدي كلمة من كلمات اللَّه 10 - روي الشّيخ الصدوق رحمه اللَّه بإسناده عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وإذ ابتلي ابراهيمَ ربُّه بكلماتٍ فأتمَّهُنّ) ما هذه الكلمات؟ قال عليه السلام: هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب اللَّه عليه، وهو أنّه قال: أسألك بحق محمدٍ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلا تبتَ عليَّ، فتابَ اللَّه عليه إنّه هو التوابُ الرحيم. فقلت له: يا ابن رسول اللَّه، فما يعني عزّ وجلّ بقوله: (فَأتمَّهُنّ)؟ قال: يعني فأتمّهنّ إلى القائم اثني عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين عليه السلام. قال المفضل: فقلت: يابن رسول اللَّه، فأخبرني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وجَعَلها كلِمةً باقية في عَقِبه)؟(6) قال: يعني بذلك الامامة جعلها اللَّه تعالى في عقب الحسين إلى يوم القيامة. قال: فقلت له: يا ابن رسول اللَّه، فكيف صارت الامامة في وُلد الحسين دون ولد الحسن عليهما السلام وهما جميعاً وَلَدا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنة؟ فقال عليه السلام: إنّ موسى وهارون كانا نبيّين مُرسلَين وأخوَين، فجعل اللَّه عزّ وجلّ النبوّة في صُلب هارون دون صُلب موسى عليهما السلام، ولم يكن لأحدٍ أن يقول لِم فَعَل اللَّه ذلك؟ وإنّ الإمامة خلافة اللَّه عزّ وجلّ في أرضه، وليس لأحدٍ أن يقول لِم جعله (جعلها) اللَّه في صُلب الحسين دون صُلب الحسن عليهما السلام، لأن اللَّه تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله، لا يُسْأل عمّا يفعل وهم يُسئلون.(7) الآية الخامسة قوله تعالى: (واذْ قُلتُم يا موسى لَن نؤمِنَ لَك حتّى نَري اللَّه جَهرةً فأخذَتكمُ الصاعقةُ وأنتم تَنظُرون).(8) 11 - قال عليّ بن ابراهيم: قوله تعالى: (وإذْ قُلتم يا موسى لَن نُؤمِنَ لك حتّى نري اللَّه جَهرةً) الآية، فهم السبعون الّذين اختارهم موسى ليَسمَعوا كلام اللَّه، فلمّا سمعوا الكلام قالوا: لن نؤمن لك يا موسى حتّى نري اللَّه جهرةً، فبعثَ اللَّه عليهم صاعقةً فاحترقوا، ثمّ أحياهم اللَّه بعد ذلك وبعثهم أنبياء، فهذا دليل على الرجعة في أمّة محمّد صلى الله عليه وآله، فإنّه قال صلى الله عليه وآله: لم يكن في بني اسرائيل شيء، إلّا وفي متى مثله.(9) الآية السادسة قوله تعالى: (وإذ استَسقي موسى لِقَومه فقُلنا اضرب بعصَك الحَجَرَ فانفَجَرَت منه اثنتا عشرة عَيناً قد عَلِم كلُّ أُناس مَشربَهم كلوا واشربوا مِن رِزق اللَّه ولا تَعَثوا في الأرض مُفسِدين).(10) مع المهدي حجر موسى 12 - روي الثقة الصفّار بإسناده عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادي مُناديه: ألاَ لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير، ولا ينزل منزلاً إلّا انبعث عينٌ منه، فمَن كان جائعاً شبع، ومَن كان ظمآن روي، فهو زادهم حتّى نزلوا النجف مِن ظهر الكوفة.(11) الآية السابعة قوله تعالى: (لَهُم في الدنيا خِزْيٌ ولَهم في الآخرة عَذابٌ عظيم).(12) الخزي لأعداء اللَّه في عهد المهدي 13 - روي الطبريّ بإسناده عن السدّي في قوله تعالى: (لَهم في الدنيا خزيٌ) أمّا خزيهم في الدنيا إذا قام المهدي وفُتحت القسطنطينية قَتَلهم، فذلك الخزي.(13) الآية الثامنة قوله تعالى: (وللَّه المَشرِقُ والمَغرِبُ فأَينما تولُّوا فَثمّ وَجهُ اللَّه - إنّ اللَّه واسعٌ عليم).(14) تاويل وجه اللَّه تعالى بالمهدي 14 - روي العلّامة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ مرسلاً، قال: جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وقال له:... لولا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلتُ في دينكم. فأجابه عليه السلام في حديثٍ طويل ذكر فيه الأئمّة اُولي الأمر عليهم السلام، فقال له السائل: ما ذك الأمر؟ قال عليّ عليه السلام: الّذي تنزّل فيه الملائكة في الليلة الّتي يُفرق فيها كل أمر حكيم: من خَلقٍ، ورزقٍ، وأجلٍ، وعمل، وعُمُرٍ، وحياة وموت، وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات الّتي لاتنبغي إلّا للَّه وأصفيائه والسَفَرة بينه وبين خلقه، وهم وجه اللَّه الّذي قال: (فأينما تولُّوا فثمَّ وجه اللَّه) هم بقية اللَّه، يعني المهدي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض قِسْطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.(15) الآية التاسعة قال تعالى: (وإذ ابتلي إبراهيمَ ربُّهُ بكلماتٍ فأتمَّهنَّ قالَ إنّي جاعِلُك للناسِ إماماً قال ومِن ذُرّيّتي قال لا ينالُ عَهْدي الظالمين).(16) 15 - روي الشّيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وإذ ابتلي إبراهيمَ ربُّه بكلماتٍ فأتمّهنّ) ما هذه الكلمات؟ قال عليه السلام: هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتابَ اللَّه عليه. الخ الحديث الّذي ذكرناه مفصّلاً في الآية37 من سورة البقرة فراجع. الآية العاشرة قوله تعالى: (أم كنتم شُهدَاءَ إذ حَضَرَ يعقوبَ المَوتُ إذ قال لِبَنيه ما تعبدونَ مِن بعدي قالوا نَعبُدُ إلهك وإلهَ آبائِك ابراهيمَ واسماعيلَ وإسْحقَ إلهاً واحداً ونحنُ له مسلمون).(17) 16 - روي العيّاشي بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن تفسير هذه الآية من قول اللَّه: (إذ قال لبَنيه ما تعبدون... إلهاً واحداً) قال: جَرَت في القائم عليه السلام.(18) الآية الحادية عشرة قوله تعالى: (ولكلٍّ وِجهة هو مولّيها فاستبِقوا الخيراتِ اينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّهُ جميعاً إنّ اللَّه على كلّ شيء قدير).(19) 17 - عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره، بإسناده عن أبي خالد الكابليّ قال: قال أبو جعفر عليه السلام واللَّهِ لكأنّي أنظر القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ ينشد اللَّه حقّه. ثم يقول: أيّها الناس مَن يحاجّني في اللَّه فأنا أولي باللَّه، أيّها الناس مَن يحاجّني في آدم فأنا أولي بآدم، أيّها الناس مَنْ يحاجّني في نوح فأنا أولي بنوح، أيّها الناس مَنْ يحاجّني في إبراهيم فأنا أولي بإبراهيم، أيّها الناس مَن يحاجّني في موسى فأنا أولي بموسي، أيّها الناس مَنْ يحاجّني في عيسي فأنا أولي بعيسي، أيّها الناس مَن يحاجّني في رسول اللَّه (محمّد) فأنا أولي برسول اللَّه (بمحمّد) صلى الله عليه وآله، أيّها الناس مَن يحاجّني في كتاب اللَّه فأنا أولي بكتاب اللَّه، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين وينشد اللَّه حقّه. ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هو واللَّه المضطرّ في كتاب اللَّه في قوله تعالى: (أمّن يُجيب المُضطرَّ إذا دَعاهُ ويكشف السوء ويجعلكم خُلفاء الأرض)(20) فيكون أوّل من يبايعه جبرئيل، ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً، فمن كان ابتلي بالمسير وافاه، ومن لم يبتل بالمسير فُقد مِن فراشه، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام: هُم المفقودون عن فرشهم، وذلك قول اللَّه: (فاسْتبقوا الخيرات أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) قال: الخيرات: الولاية.(21) 18 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن أبي خالد، عن أبي عبد اللَّه (وعن أبي جعفر عليهما السلام) في قول اللَّه عزّ وجلّ: (فاستبقوا الخيرات) قال: الولاية، وقوله تبارك وتعالى: (أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) يعني أصحاب القائم عليه السلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، قال: وهم واللَّه الأمّة المعدودة، قال: يجتمعون واللَّه في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف.(22) 19 - وروي محمّد بن إبراهيم المعروف بابن أبي زينب النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن أبي خالد الكابليّ، عن عليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ عليهما السلام أنّه قال: الفقداء قوم يفقدون مِن فرشهم فيُصبحون بمكة، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) وهم أصحاب القائم.(23) 20 - وعن النعمانيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إذا أُوذن الإمام، دَعا اللَّه عزّ وجلّ بإسمه العبرانيّ فأتيحت له أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر، قزع كقزع الخريف، فهم أصحاب ألألوية، منهم مَن يُفتَقد من فراشه ليلاً فيصبح بمكة، ومنهم يري يسير في السحاب نهاراً، يعرف بأسمه واسم أبيه وحِليته ونَسَبه. قلت: جُعلتُ فدك أيّهما أعظم ايماناً؟ قال: الّذي يسير في السحاب نهاراً، وهم المفقودون، وفيهم نزلت هذه الآية: (أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً).(24) الهوامش: (1) مريم: 41. (2) مريم: 58-55. (3) مريم: 52-50. (4) كمال الدّين 1 : 16- 13. (5) البقرة: 37. (6) الزخرف: 28. (7) كمال الدّين 2 : 358 ح 57؛ معاني الأخبار 126 ح 1؛ بحار الأنوار 11 : 177؛ و24 : 177. (8) البقرة: 55. (9) تفسير القمّي 1 : 47. (10) البقرة: 60. (11) بصائر الدرجات 188 ب 4 ح 54؛ الكافي 1 : 231 ح 3. (12) البقرة: 114. (13) تفسير الطبري 1 : 399؛ مجمع البيان 1 : 190. (14) البقرة: 115. (15) الاحتجاج 1 : 252-240؛ بحار الأنوار 93 : 118. (16) البقرة: 124. (17) البقرة: 133. (18) تفسير العيّاشي 1 : 61 ح 102. (19) البقرة: 148. (20) النمل: 62. (21) تفسير القمّي2 : 205. (22) روضة الكافي 313. (23) الغَيبة للنعمانيّ 168؛ بحار الأنوار52 : 368. (24) الغَيبة للنعمانيّ 168. ****************** 21 - وعن النعمانيّ أيضاً بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (فاستَبِقوا الخيراتِ أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) قال: نزلت في القائم عليه السلام وأصحابه، يجتمعون على غير ميعاد.(1) 22 - وروي النعمانيّ بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: قال أبو جعفر عليه السلام في حديث يذكر فيه علامات القائم عليه السلام إلى أن قال: فيجمع اللَّه له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويجمعهم اللَّه له على غير ميعاد قزع كقزع الخريف، وهم يا جابر الآية الّتي ذكرها اللَّه في كتابه: (أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّهُ جميعاً إنّ اللَّه على كلّ شيء قدير) فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقد توارثوه الأبناء عن الآباء.(2) 23 - وروي الشّيخ الصدوق بإسناده عن ضريس، عن أبي خالد الكابليّ، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدّة أهل بدر، فيصبحون بمكة، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) وهم أصحاب القائم عليه السلام.(3) 24 - وعن الشّيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: لقد نزلت هذه الآية في المفقودين من أصحاب القائم عليه السلام، قوله عزّ وجلّ: (أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) انّهم المفقودون عن فرشهم ليلاً فيصبحون بمكة، وبعضهم يسير في السحاب نهاراً، يعرف باسمه واسم ابيه وحِليته ونسبه، قال: فقلت: جعلت فدك أيُّهم أعظم ايماناً؟ قال: الّذي يسيرُ في السحاب نهاراً.(4) 25 - روي العيّاشي رحمه الله بإسناده عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر عليه السلام يقول: اِلزَم الأرض، لا تحركنّ يدَك ولا رِجلك أبداً حتّى تري علامات أذكرها لك في سنة، وتري منادياً ينادي بدمشق، وخسف بقرية مِن قراها، وتسقط طائفة من مسجدها...(حتّى يصل إلى قوله:) فيقوم القائم بين الرُكن والمقام فيصلّي وينصرف ومعه وزيره، فيقول: يا أيّها الناس، إنّا نستنصر اللَّه على مَن ظلمنا وسلب حقنا، مَن يُحاجّنا في اللَّه فأنا أولي باللَّه، ومَن يحاجّنا في آدم فأنا أولي الناس بآدم، ومَن حاجّنا في نوح فأنا أولي الناس بنوح، ومَن حاجّنا في ابراهيم فأنا أولي الناس بابراهيم، ومَنْ حاجّنا بمحمد فأنا أولي الناس بمحمد صلى الله عليه وآله، ومَن حاجّنا في النبيّين فأنا أولي الناس بالنبيّين، ومَنْ حاجّنا في كتاب اللَّه فنحن أولي الناس بكتاب اللَّه، إنّا نشهد وكل مسلم اليوم أنّا قد ظُلمنا وطُردنا وبُغي علينا وأُخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقُهرنا، ألا إنّا نستنصر اللَّه اليومَ وكلّ مسلم. ويجي ء واللَّه ثلثمائة وبضعة عشر رجلاً، فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضاً، وهي الآية الّتي قال اللَّه تعالى: (أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً إنّ اللَّه على كلّ شيء قدير)(5) - الحديث.(6) 26 - وعن العيّاشي، بإسناده عن أبي سمينة، عن مولي لأبي الحسن، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله: (أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) قال: وذلك واللَّه أن لو قد قام قائمنا يجمع اللَّه إليه شيعتنا من جميع البلدان.(7) 27 - الطبرسيّ بإسناده عن عبد العظيم الحسنيّ رضي الله عنه عنه قال: قلت لمحمّد بن عليّ بن موسى عليهما السلام: يا مولاي إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فقال عليه السلام: ما منا إلّا قائم بأمر اللَّه وهادٍ إلى دين اللَّه، ولكنّ القائم الّذي يطهّر اللَّه به الأرض من الكفر والجحود ويملأها قسطاً وعدلاً، هو الّذي يخفي على الناس ولادتُه، ويغيب عنهم شخصُه ويحرم عليهم تسميته، وهو سميّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وكنيّه، وهو الّذي تُطوي له الأرض، وتذلّ له كلّ صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (أينما تكونوا يأت بكم اللَّه جميعاً إنّ اللَّه على كلّ شيء قدير) فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الأرض أظهر اللَّه أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذنِ اللَّه، فلا يزال يقتل أعداء اللَّه حتّى يرضى اللَّه عزّ وجلّ. قال عبد العظيم: فقلت له: يا سيّدي وكيف يعلم أن اللَّه قد رضي؟ قال: يُلقي في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللّات والعزّي فأحرقهما.(8) 28 - وروي أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ: في مسند فاطمة عليها السلام، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: قلت جُعلت فدك، هل كان أمير المؤمنين عليه السلام يعلم أصحاب القائم عليه السلام كما كان يعلم عدّتهم؟ قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: حَدّثني أبي قال: واللَّهِ لقد كان يعرفهم بأَسمائهم وأَسماء قبائلهم وحلائلهم رَجُلاً فرجلاً، ومواضع منازلهم ومراتبهم، وكلّما عرفه أمير المؤمنين عليه السلام، فقد عرفه الحسن عليه السلام، وكلّما عرفه الحسن فقد عرفه الحسين عليه السلام، وكلّما عرفه الحسين فقد علمه عليّ بن الحسين عليه السلام، وكلّما علمه عليّ بن الحسين فقد صار علمه إلى محمّد بن عليّ عليه السلام، وكلّما قد علمه محمّد بن عليّ عليه السلام، فقد علمه وعرفه صاحبكم - يعني نفسه صلوات اللَّه عليه -. قال: فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام مكتوبٌ في كتاب محفوظٍ في القلب، مثبت في الذِكر لا ينسي، قال. قلت: جُعلت فدك: أخبرني بعددهم وبلدانهم ومواضعهم، قال: فقال: اذا كان يوم الجمعة بعد الصلاة فَأْتِني.... - إلى أن قال -: وإنّ أصحاب القائم عليه السلام يلقي بعضهم بعضاً كأنّهم بنو أب وأمّ وإن افترقوا، افترقوا عشيّاً والتَقَوا غدوة، وذلك تأويل هذه الآية: (فاستبقوا الخيراتِ أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً). قال ابو بصير: قلت جُعلت فدك، ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟ قال: بلي، ولكنّ هذه الّتي يخرج اللَّه فيها القائم عليه السلام، وهم النجباء والقضاة والحكام والفقهاء في الدّين، يمسح اللَّه بطونهم وظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم.(9) 29 - روي الفضل بن شاذان بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (لا يزال الناس ينقصون حتّى لا يُقال (اللَّه) فإذا كان ذلك، ضرب يعسوبُ الدّين بذنبه، فيبعث اللَّه قوماً من أطرافها يجيئون قزعاً كقزع الخريف، واللَّه إنّي لأَعرفهم وأعرف أسماءَهم وقبائلهم واسم أميرهم، وهم قومُ يحملهم اللَّه كيف شاء من القبيلة الرجل والرجُلَين، حتّى بلغ تسعة، فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدّة أهل بدر، وهو قول اللَّه: (أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً إنّ اللَّه على كلّ شيء قدير) حتّى إنّ الرجل ليَحبّني فلا يحل حبوته حتي يبلّغه اللَّه ذلك.(10) 30 - روي الفضل بن شاذان رحمه الله بإسناده: عن عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: المفقودون عن فُرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدّة أهل بدر، فيُصبحون بمكة، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) وهم أصحاب القائم عليه السلام.(11) 31 - روي الطوسيّ رحمه الله بإسناده عن طريق العامّة عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن العبّاس في قوله تعالى: (وفي السماء رِزقكم وما تُوعَدون- فوربِّ السماءِ والأرض إنّه لَحَقٌّ مِثل ما أنّكم تَنطِقون).(12) قال: قيام القائم عليه السلام، ومثله: (أينما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) قال: أصحاب القائم عليه السلام يجمعهم اللَّه في يوم واحد... الخ الحديث الّذي ذكرناه سابقاً.(13) 32 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: لقد نزلت هذه الآية في المفتقَدين من أصحاب القائم عليه السلام، قوله عزّ وجلّ: (أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) إنّهم ليُفتقدون عن فُرُشهم ليلاً فيصبحون بمكة، وبعضهم يسير في السحاب يُعرف باسمه واسم أبيه وحِليته ونسبه. قال: قلت: جُعلت فدك أيّهم اعظم ايماناً؟ قال: الّذي يسير في السحاب نهاراً.(14) 33 - روي العيّاشي عن عبد الأعلى الجبليّ (الحلبيّ) قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب، ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طوي - حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتَين انتهي المولي الّذي يكون بين يديه حتّى يلقي بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم هاهنا؟ فيقولون نحو من أربعين رجلاً، فيقول: كيف انتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: واللَّه لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه. ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول لهم: أشيروا إلى ذوي أسنانكم وأخياركم عشيرةً، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم، ويعدهم إلى الليلة الّتي تليها. ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام: واللَّهِ لكأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ ينشد اللَّه حقّه ثمّ يقول: يا أيّها الناس من يحاجّني في اللَّه فأنا أولي الناس باللَّه ومن يحاجّني في آدم فأنا أولي الناس بآدم. يا أيّها الناس من يُحاجّني في نوح فأنا اولي الناس بنوحٍ. يا أيّها الناس من يُحاجّني في إبراهيم فأنا أولي الناس بإبراهيم. يا أيّها الناس من يُحاجّني في موسى فأنا أولي الناس بموسي. يا أيّها الناس من يُحاجّني في عيسي فأنا أولي الناس بعيسي. يا أيّها الناس من يُحاجّني في محمّدٍ فأنا أولي الناس بمحمّد صلى الله عليه وآله. يا أيّها الناس من يُحاجّني في كتاب اللَّه فأنا أولي الناس بكتاب اللَّه، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين، ثمّ ينشد اللَّه حقّه. قال أبو جعفر عليه السلام: هو واللَّه المضطرّ في كتاب اللَّه، وهو قول اللَّه: (أمّن يجيب المُضطرَّ إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خُلَفاء الأرض)(15) وجبرئيل على الميزاب في صورة طاير أبيض، فيكون أوّل خلق اللَّه يبايعه جبرئيل، ويبايعه الثلثمائة والبضعة عشر رجلاً. قال: قال أبو جعفر عليه السلام: فمن ابتلي في المسير وافاه في تلك الساعة، ومن لم يبتل بالمسير فُقد عن فراشه، ثمّ قال: هو واللَّه قول عليّ بن أبي طالب عليه السلام: المفقودون عن فُرشهم، وهو قول اللَّه: (فاستَبِقوا الخيراتِ أينما تَكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً) أصحاب القائم الثلثمائة وبضعة عشر رجلاً. قال: هم واللَّهِ الأمّة المعدودة الّتي قال اللَّه في كتابه: (ولئن أخّرنا عنهم العَذابَ إلى أمّة معدودة)(16) قال: يُجمعون في ساعةٍ واحدٍ قزعاً كقزع الخريف، فيدعو الناس إلى كتاب اللَّه وسنّة نبيّه صلى الله عليه وآله، فيجيبه نفر يسير، ويستعمل على مكة، ثمّ يسير فيبلغه إن قد قُتل عامله، فيرجع اليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد على ذلك شيئاً - يعني السبي..الحديث.(17) الآية الثانية عشرة قوله عزّ وجلّ: (اولئك عليهم صَلَوات مِن ربّهم ورَحمة وأولئك هُمُ المُهتدون).(18) 34 - روي ثقة الإسلام الكليني قدس سره بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال أبي لجابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ: إنّ لي إليك حاجة، فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر: أيّ الأوقات أحببت، فخلا به في بعض الأيام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته في يد أمّي فاطمة عليها السلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به أمي أنّه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أُشهِدُ باللَّه أنّي دخلت على أمِّك فاطمة في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فهنَّيتها بولادة الحسين، ورأيت في يدها لوحاً أخضر، ظننت أنّه من زُمرّد، ورأيت فيه كتاباً ابيض، شبه لون الشمس، فقلت لها: بأبي وأمي يا بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوحٌ أهداه اللَّه إلى رسوله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بَعلي واسم ابنيَّ واسم الأوصياء من ولدي، وأعطانيه أبي ليبشّرني بذلك. قال: جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته. فقال له أبي: فهل لك يا جابر أن تعرضه عليَّ؟ قال: نعم، فمشي معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رقّ، فقال: يا جابر أنظُر في كتابك لأقرأ أنا عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفاً، فقال جابر: فأشهد باللَّه أنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً: هذا كتابٌ من اللَّه العزيز الحكيم لمحمّد نبيّه ونوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عِند رب العالمين، عظّم يا محمّد أسمائي واشكر نَعمائي ولا تَجْحَد آلائي، إنّي أنا اللَّه لا إله إلا أنا قاصم الجبارين ومُديل المظلومين وديّان الدّين، إنّي أنا اللَّه لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي، أو خاف غير فضلي، أو خاف غير عدلي، عذّبته عذاباً لا أُعذّب به أحداً من العالمين، فإيّاي فاعبُد، وعليَّ فتوكل، إنّي لم أبعث نبيّاً فكملت أيّامه وانقضت مدّته إلّا جعلت له وصيّاً، وإنّي فضّلتك على الأنبياء، وفضّلت وصيّك على الأوصياء، وكرمته بِشبلَيك وسِبطَيك حسن وحسين، فجعلت حسناً مَعدِن علمي، بعد انقضاء مدّة أبيه وجعلت حسيناً خازن وحيي، وكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد، وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتى التامّة معه، وحجّتي البالغة عنده، بعترته اُثيب وأعاقب، أوّلهم عليّ سيّد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنه شبه جدّه المحمود محمّد الباقر علمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الرادّ عليه كالرادّ عليَّ، حقّ القول منّي لكرمنّ مثوي جعفر، ولأسرّنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، وانتجبت بعده موسى واتيحت بعده فتنة عمياء حندس، لأنّ خيط فرضي لا ينقطع، وحجّتي لا تخفي، وإنّ أوليائي يسقون بالكأس الأوفي، مَن جحد واحداً منهم، فقد جحد نعمتي، ومَن غيّر آية من كتابي، فقد افتري عليَّ، ويلٌ للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في عليّ وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوّة وامتحنه بالاضطلاع بها، يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة الّتي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلقي، حقّ القول منّي لأسرّنه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده ووراث علمه، فهو معدن علمي وموضع سرّي وحجّتي على خلقي، لا يؤمن عبد به إلّا جعلت الجنّة مثواه، وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استَوجَبوا النار، واختم بالسَعادة لابنه عليّ وَليّي وناصري والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن، وكمل ذلك بابنه (م ح م د) رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسي وصبر أيّوب، فيذل أوليائي في زمانه وتتهادي رؤوسهم كما تتهادي رؤوس الترك والديلم، فيُقتلون ويحرقون ويكونون خائفين، مرعوبين، وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنّة في نسائهم، اولئك أوليائي حقّاً، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس، وبهم كشف الزلازل، وأدفع الآصار والأغلال، (اولئك عليهم صَلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلّا هذا الحديث لكفك، فصُنه إلّا عن أهله.(19) انتهي الآية الرابعة عشرة قوله سبحانه: (هل يَنظُرون إلّا أن يأتيهم اللَّهُ في ظُلَلٍ من الغَمام والملائكة وقُضي الأمر).(20) 35 - روي العيّاشي عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام في قول اللَّه تعالى: (في ظُللٍ من الغَمام والملائكة وقُضي الأمر) قال: ينزل في سبع قباب من نور، لا يُعلم أيّها هو حين ينزل في ظهر الكوفة، فهذا حين ينزل.(21) الآية الرابعة عشرة قوله عزّ وجلّ: (أم حَسِبتُم أن تدخلوا الجنّةَ ولمّا يأتِكم مَثَلُ الّذين خَلَو مِن قَبلِكم).(22) 36 - وبالإسناد عن محمّد بن سنان، عن خالد العاقوليّ في حديث له، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: فما تمدّون أعينكم؟ فما تستعجلون؟ ألستم آمنين؟ أليس الرجل منكم يخرج من بيته فيقضي حوائجه ثمّ يرجع لم يُختَطَف؟ إن كان مَن قبلكم على ما أنتم عليه ليؤخَذ الرجل منهم فتُقطع يداه ورجلاه، ويُصلب على جذوع النخل، ويُنشر بالمنشار ثمّ يعدو ذنب نفسه، ثمّ تلا هذه الآية: (أم حَسِبتم أن تَدخُلوا الجنّة ولمّا يأتِكم مَثَلُ الّذين خَلَوا مِن قبلكم مسّتهم البأساءُ والضرّاء وزُلزِلوا حتّى يقول الرسولُ والّذين آمنوا معه متى نَصرُ اللَّه ألا إنَّ نَصرَ اللَّه قريب).(23) الآية الخامسة عشرة قوله تعالى: (ألم تر إلى الّذين خَرَجوا من ديارهم وهم أُلوف حَذَرَ المَوت فقال لهم اللَّهُ موتوا ثمّ أحياهم إنّ اللَّه لذو فضلٍ على الناس ولكنّ كثر الناس لا يشكرون).(24) 37 - روي النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول (في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن روي فيه عن الإمام الصادق عليه السلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السلام عن آيات القرآن واحكامه، جاء فيه): وأمّا الردّ على مَن أنكر الرجعة، فقول اللَّه عزّ وجلّ: (ويومَ نَحشُر مِن كلّ أمّةٍ فوجاً ممّن يكذّب بآياتنا فهم يُوزَعون)(25) أي إلى الدنيا، وإنّ معني حشر الآخرة فقوله عزّ وجلّ: (وحَشَرناهم فلم نُغادِر منهم أحداً)(26)، وقوله تعالى: (وحَرامٌ على قَريةٍ أهلكناها أنّهم لا يَرجعون)(27) في الرجعة، فأمّا في القيامة، فهم يرجعون. ومثل قوله تعالى: (وإذ أخذ اللَّهُ ميثاقَ النبيّين لما آتيتكم من كتاب وحِكمةٍ ثمّ جاءكم رَسول مُصدِّق لِما معكم لتُؤمِنُنَّ به ولتنصُرنَّه)(28) وهذا لا يكون إلا في الرجعة. ومثله ما خاطب اللَّه به الأئمّة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: (وَعَدَ اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحاتِ لَيَستخلِفَنّهم في الأرض كما استَخلَفَ الّذين مِن قبلهم وليُمكنَنَّ لهم دينَهم الّذي ارتَضي لهم وليُبدلنّهم مِن بعد خَوفهم أمناً يَعبدونني لا يُشركون بي شيئاً)(29) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا. ومثل قوله تعالى: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونَجعَلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين)(30) وقوله سبحانه: (إنّ الّذي فَرَض عليك القُرآن لرادُّك إلى معاد)(31) أي رجعة الدنيا. ومثله قوله: (ألم تَرَ إلى الّذين خَرَجوا من ديارهم وهم أُلوفٌ حَذَر المَوت فقال لهم اللَّهُ مُوتوا ثمّ أحياهم) وقوله عزّ وجلّ: (واختار موسى قومَه سبعينَ رَجُلاً لميقاتنا)(32) فردّهم اللَّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا وشربوا ونكحوا، ومثل خبر العُزَير.(33) الآية السادسة عشرة قوله تعالى: (وقال لَهم نبيُّهم إنَّ اللَّه قد بعَثَ لكم طالوتَ ملكاً قَالوا أَ نّي يكونُ لَهُ الملك عَلَينا ونحنُ أحقُّ بالملك مِنْهُ ولمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ قال إنَّ اللَّهَ اصْطفيه عَلَيكم وَزادهُ بسطةً في العِلم والجسم واللَّه يُؤتي ملكهُ مَن يشآءُ واللَّهُ واسعٌ عَلِيم).(34) 38 - أسند الشّيخ الصدوق إلى الريّان بن الصلت قال: قلت للرضا عليه السلام: أنت صاحب هذا الأمر؟ قال: نعم، ولكنّي لستُ بالّذي أملأها عدلاً كما مُلئت جوراً، وكيف يكون ذلك على ما يري من ضعف بدني، وإنّ القائم قويّ في بدنه، لو مدّ يده إلى أعظم شجرة على الأرض لَقلعها، ولو صاح بين الجبال لَتدكدكت صخورُها، ذلك الرابع من ولدي يُغيّبه اللَّه ثمّ يظهره.(35) الآية السابعة عشرة قوله تعالى: (وقال لهم نبيُّهم إنّ آيةَ ملكه أن يأتيَكم التابوتُ فيه سَكينة من ربّكم وبقيّةٌ ممّا تَرك آلُ موسى وآلُ هارون تحمله الملائكة إنَّ في ذلك لَآيةً لكم إن كنتم مؤمنين).(36) الهوامش: (1) نفس المصدر 241؛ بحار الأنوار 51 : 58. (2) الغَيبة للنعماني 150. (3) كمال الدّين 654 ح 21. (4) نفس المصدر 2 : 672 ح 24. (5) البقرة: 148. (6) تفسير العيّاشي 1 : 65 ح 117. (7) نفس المصدر 1 : 66 ح 117. (هكذا في تفسير العيّاشي، وقد وقع خطأ في ترقيم الحديث). (8) الاحتجاج 2 : 249؛ بحار الأنوار 51 : 157. (9) دلائل الإمامة 307. (10) الأصول الستة عشر 64؛ بحار الأنوار 52 : 334. (11) كشف الحقّ (أربعون الخاتون آبادي) 158؛ كشف الأستار 222. (12) الذاريات: 23. (13) الغَيبة للطوسي 110؛ بحار الأنوار 51 : 53. (14) كمال الدّين 2 : 672 ح 24. (15) النمل: 62. (16) هود: 8. (17) تفسير العيّاشي 2 : 56 ح 49؛ بحار الأنوار 52 : 288. (18) البقرة: 157. (19) الكافي للكليني 1 : 527 ح 3؛ بحار الأنوار 52 : 143. (20) البقرة: 210. (21) تفسير العيّاشي 1 : 103 ح 301؛ تفسير البرهان 1 : 209 ح 6. (22) البقرة: 214. (23) تفسير العيّاشي 1 : 105 ح 310؛ بحار الأنوار 52 : 130. (24) البقرة: 243. (25) النحل: 83. (26) الكهف: 47. (27) الأنبياء: 95. (28) البقرة: 81. (29) النور: 55. (30) القصص: 15. (31) القصص: 85. (32) الأعراف: 155. (33) المحكم والمتشابه: 3 و57؛ بحار الأنوار 53 : 118. (34) البقرة: 247. (35) الصراط المستقيم 2 : 229. (36) البقرة: 248. ****************** المهدي يستخرج تابوت السَّكينة 39 - روي ابن حماد بإسناده عن سليمان بن عيسي، قال: بلغني أنّه على يَدَي المهدي يظهر تابوت السكينة من بحيرة الطبريّة، حتّى تحمل فتوضع بين يديه ببيت المقدس، فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إلّا قليلاً منهم.(1) 40 - روي السيّد ابن طاووس رحمه الله عن نعيم بإسناده عن كعب، قال: المهدي يبعث بعثاً لقتال الروم، يُعطي فِقه عشرة، يستخرج تابوت السكينة من غار أنطكية، فيها التوراة الّتي أنزل اللَّه على موسي، والإنجيل الّذي أنزل اللَّه على عيسي، يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الانجيل بانجيلهم.(2) 41 - وروي أيضاً عن كعب قال: إنّما سُمّي المهدي لأنّه يهدي لأمرٍ قد خفي، ويستخرج التوراة والانجيل من أرضٍ يقال لها أنطكية.(3) 42 - قال السيّد ابن طاووس رحمه الله: روي نعيم في حديث آخر: إنّ التوراة يخرجها غضّةً - يعني طريّة - من أنطكية.(4) 43 - قال: وروي نعيم بسنده عن كعب أيضاً: قال: إنّما سُمّي المهدي لأنّه يهدي إلى أسفارٍ من أسفار التوراة يستخرجها من جبال الشام، يدعو إليها اليهود، فيسلم على تلك الكتب جماعة كثيرة. ثمّ ذكر نحواً من ثلاثين ألفاً.(5) الآية الثانية عشرة قوله تعالى: (فلمَّا فَصَلَ طالوتُ بالجنود قال إنّ اللَّهَ مُبتليكم بنَهرٍ فمَن شَرِبَ منه فليسَ منّي ومن لم يَطعمهُ فإنّه منّي إلّا مَن اغتَرَف غَرفةً بيدِهِ فشربوا منه إلّا قليلاً منهم...).(6) 44 - روي محمّد بن إبراهيم النعمانيّ رحمه الله في كتاب الغَيبة بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّ أصحاب طالوت ابتُلوا بالنهر الّذي قال اللَّه تعالى: (مُبتليكم بنهرٍ) وإنّ أصحاب القائم عليه السلام يُبتلون بمثل ذلك.(7) الآية التاسعة عشرة قوله تعالى: (فَهَزمُوهُم بإذنِ اللَّهِ وَقتَل دَاوُدُ جالوتَ وَآتاه اللَّهُ الملك والحِكمة وعلَّمهُ ممَّا يشاءُ ولولا دَفعُ اللَّهِ النَّاس بعضهم ببعضٍ لفَسَدتِ الأرضُ ولكنّ اللَّه ذو فَضلٍ على العالَمين).(8) تشبيه غيبة المهدي بغيبة داود عليهما السلام 45 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن محمّد بن عمارة، قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: أخبرني بوفاة موسى بن عمران عليه السلام. فقال: إنّه لمّا أتاه أجله واستوفي مدته وانقطع كله، أتاه ملك الموت عليه السلام فقال له: السلام عليك يا كليم اللَّه، فقال موسي: وعليك السلام مَن أنت؟ فقال: أنا ملك الموت - إلى أن قال: - فقبض ملك الموت روحه مكانه، ودفنه في القبر وسوّي عليه التراب، وكان الّذي يحفر القبر ملك الموت في صورة آدميّ، وكان ذلك في التيه، فصاح صائح من السماء: مات موسى كليم اللَّه، وأيّ نفسٍ لا تموت، فحدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عليهما السلام إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سُئل عن قبر موسى أين هو؟ فقال: هو عند الطريق الأعظم عند الكثب الأحمر. ثمّ إنّ يوشع بن نون عليه السلام قام بالأمر بعد موسى عليه السلام صابراً من الطواغيت على اللأواء والضرّاء والجهد والبلاء، حتّى مضي منهم ثلاث طواغيت، فقوي بعدهم أمره، فخرج عليه رَجُلان من منافقي قوم موسى عليه السلام بصفراء بنت شعيب امرأة موسى عليه السلام في مائة ألف رجل، فقاتلوا يوشع بن نون عليه السلام، فقتلهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وهزم الباقين بإذن اللَّه تعالى ذِكره، وأسر صفراء بنت شعيب، وقال لها: قد عفوت عنك في الدنيا إلى أن ألقي نبيَّ اللَّه موسى عليه السلام فأشكو إليه ما لقيتُ منك ومن قومك. فقالت صفراء: واويلاه، واللَّهِ لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أري فيها رسول اللَّه وقد هتكت حجابه، وخرجت على وصيّه بعده، فاستتر الائمة بعد يوشع بن نون إلى زمان داود عليه السلام أربعمائة سنة وكانوا أحد عشر، وكان قوم كلّ واحد منهم يختلفون إليه في وقته ويأخذون عنه معالم دينهم، حتّى انتهي الأمر إلى آخرهم، فغاب عنهم، ثمّ ظهر لهم فبَشَّر بداود عليه السلام وأخبرهم أنّ داود عليه السلام هو الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، ويكون فرجهم في ظهوره، فكانوا ينتظرونه. فلمّا كان زمان داود عليه السلام كان له أربعة إخوة ولهم أب شيخ كبير، وكان داود عليه السلام من بينهم خامل الذكر، وكان أصغر إخوته لا يعلمون أنّه داود انبيّ المنتظر الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، وكانت الشيعة يعلمون أنّه قد وُلِدَ وبلغ أشدّه، وكانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أنّه هو. فخرج داود عليه السلام واخوته وأبوهم لمّا فصل طالوت بالجنود، وتخلف عنهم داود، وقال: ما يصنع بي في هذا الوجه، فاستهان به إخوته وأبوه، وأقام في غنم أبيه يرعاها، فاشتدّ الحرب واصاب الناس جهد، فرجع أبوه وقال لداود: احمل إلى إخوتك طعاماً يتقوّون به على العدو، وكان عليه السلام رجلاً قصيراً قليل الشعر طاهر القلب، أخلاقه نقيّة، فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع كلّ واحد منهم إلى مركزه. فمرّ داود عليه السلام على حجر فقال الحجر له بنداء رفيع: يا داود خُذني فاقتل بي جالوت، فإنّي إنّما خُلقت لقتله، فأخذه ووضعه في مخلاته الّتي كانت تكون فيها حجارته الّتي كان يرمي بها غنمه، فلمّا دخل العسكر سمعهم يعظّمون أمر جالوت، فقال لهم: ما تعظّمون من أمره، فو اللَّه لئن عاينته لأقتلنّه. فتحدّثوا بأمره حتّى اُدخل على طالوت فقال له: يا فتي ما عندك من القوة وما جرّبت من نفسك؟ قال: قد كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي فأدركه فآخذ برأسه وأفك لحييه عنها فآخذها مِن فِيه، وكان اللَّه تبارك وتعالى أوحي إلى طالوت أنّه لا يقتل جالوت إلّا من لبس درعك فملأها، فدعا بدرعه فلبسها داود عليه السلام فاستوت عليه، فراع طالوت ومن حضره من بني اسرائيل، فقال: عسي اللَّه أن يقتل به جالوت. فلمّا اصبحوا والتقي الناس، قال داود عليه السلام: أروني جالوت، فلمّا رآه أخذ الحجر فرماه به فصك به بين عينيه فدمغه وتنكس عن دابّته، فقال الناس: قتل داود جالوت، وملكه الناس حتّى لم يكن يُسمع لطالوت ذِكر، واجتمعت عليه بنو إسرائيل، وأنزل اللَّه تبارك وتعالى عليه الزبور، وعلّمه صنعة الحديد فليّنه له، وأمر الجبال والطير أن تسبّح معه، وأعطاه صوتاً لم يسمع بمثله حُسناً، وأعطاه قوّة في العبادة، وأقام في بني اسرائيل نبيّاً. وهكذا يكون سبيل القائم عليه السلام له عَلَم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العَلمَ من نفسه، وأنطقه اللَّه عزّ وجلّ فناداه: أُخرج يا وليّ اللَّه فاقتل أعداء اللَّه، وله سيف مُغمَد إذا كان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه اللَّه عزّ وجلّ، فناداه السيف: اُخرج يا ولي اللَّه فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللَّه، فيخرج عليه السلام ويقتل أعداء اللَّه حيث ثقفهم، ويقيم حدود اللَّه، ويحكم بحُكم اللَّه عزّ وجلّ.(9) الآية العشرون قوله تعالى: (تلك الرُّسُل فَضَّلنا بعضَهم على بعض مِنهم من كلَّم اللَّه ورفع بعضَهُم دَرَجاتٍ وآتينا عيسي ابن مَريَمَ البيِّناتِ وأيّدناهُ برُوحِ القُدُس...).(10) 46 - روي عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنّا مع عليّ بالبصرة، وهو على بغلة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقد اجتمع هو وأصحاب محمّد، فقال: (ألا أخبرنّكم بأفضل خلق اللَّه يوم يجمع الرُسُل؟ قلنا: بلي يا أمير المؤمنين، قال: أفضل الرسل محمّد، وإنّ أفضل الخلق بعدهم الأوصياء، وأفضل الأوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والأوصياء الأسباط، وإنّ خير الأسباط سبطا نبيّكم، يعني الحسن والحسين، وإنّ أفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء، وإنّ أفضل الشهداء حمزة بن عبدالمطّلب، قال ذلك النبيّ صلى الله عليه وآله، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، مُخضّبان، بكرامة خصّ اللَّه عزّ وجلّ بها نبيّكم، والمهدي منّا في آخرالزمان، لم يكن في أمةٍ من الأمم مهدي يُنتظر غيره).(11) 47 - وروي عبد اللَّه بن ميمون القداح، عن أبي جعفر، عن أبيه عليه السلام قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا سبعة خلقهم اللَّه عزّ وجلّ لم يخلق في الأرض مثلهم: منّا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، سيّد الأوّلين والآخرين وخاتم النبيّين، ووصيُّه خير الوصيين، وسبطاه خير الأسباط حَسناً وحُسيناً، وسيّد الشهداء حمزة عمّه، ومَن قد طاف مع الملائكة جعفر، والقائم عليه السلام.(12) 48 - روي العلامة محبّ الدّين الطبريّ في (ذخائر العقبي) بإسناده عن عليّ بن الهلالي، عن أبيه قال: دخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في الحالة الّتي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتّى ارتفع صوتها، فرفع صلى الله عليه وآله طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة ما الّذي يُبكيك؟ فقالت: أخشي الضيعةَ بعدك، فقال: يا حبيبتي أما علمتِ أنّ اللَّه اطّلع على أهل الأرض اطّلاعةً فاختار منها أبك فبعثه برسالته صلى الله عليه وآله، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بَعلَك، وأوحي إليَّ أن أنكحك إيّاه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا اللَّه سبع خصال لم تعط أحداً قبلنا ولا تعطي أحداً بعدنا، وأنا خاتم النبيّيين وكرمهم على اللَّه عزّ وجلّ، وأحب المخلوقين إلى اللَّه عزّ وجلّ، وأنا أبوك؛ ووصييّ خير الأوصياء وأحبهم إلى اللَّه عزّ وجلّ وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى اللَّه عزّ وجلّ وهو حمزة بن عبدالمطلب عمّ أبيك وعمّ بعلك، ومنّا من له جناحان أخضران يطير بهما في الجنّة حيث يشاء مع الملائكة وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك، ومنّا سبطا هذه الامة وهما ابنك الحسن والحسين، وهما سيّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما - والّذي بعثني بالحقّ - خير منهما، يا فاطمة والّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما مهدي هذه الامة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن وتقطّعت السُبل وأغار بعضُهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقّر كبيراً، فيبعث اللَّه عزّ وجلّ عند ذلك مَن يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قُمت به في أول الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً - أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمدانيّ في أربعين حديثاً في المهدي.(13) 49 - روي ابن عديّ في الكامل بإسناده عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وآله قال: - كما في ابن أبي شيبة -: يكون في آخر الزمان خليفة، لا يفضل عليه أبوبكر ولا عمر، أو: يكون في هذه الاُمّة.(14) 50 - عن محمّد بن سيرين: أنّه ذكر فتنة فقال: إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتّى تسمعوا على الناس بخير من أبي بكر وعمر، قيل: يا أبا بكر، خيرٌ من أبي بكر وعمر؟ قال: قد كان يفضل على بعض الأنبياء.(15) 51 - عن ابن سيرين قيل له: المهدي خير أو أبو بكر وعمر رضي اللَّه عنهما؟ قال: هو خيرٌ منهما ويعدل بنبيّ.(16) الآية الحادية والعشرون قوله سبحانه: (أو كالّذي مَرَّ على قَريةٍ وهي خاوية على عُروشها قالَ أنّي يُحيي هذه اللَّهُ بعد مَوتها فأماته اللَّهُ مائةَ عام ثمّ بَعَثَه قال كم لَبِثْتَ قالَ لَبِثتُ يَوماً أو بعضَ يومٍ قال بَل لبثتَ مائة عامٍ فانظُر إلى طعامِك وشرابك لَمْ يتسَنّه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آيةً للناس وانظر إلى العِظام كيفَ نُنشِزُها ثمّ نَكسوها لَحماً فلمَّا تَبيَّن له قال أعلَمُ أنَّ اللَّه على كلّ شيء قَدير).(17) مثَل المهدي مثَل العزير 52 - روي الشيخ الطوسيّ بإسناده عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: مثل أمرنا في كتاب اللَّه مثل صاحب الحمار أماته اللَّه مائة عام ثمّ بعثه.(18) 53 - وروي الطوسيّ بإسناده عن عليّ بن خطاب، عن مؤذّن مسجد الأحمر قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام: هل في كتاب اللَّه مَثَل للقائم عليه السلام، فقال: نعم، آية صاحب الحمار، أماته اللَّه مائة عام ثمّ بعثه.(19) الآية الثانية والعشرون قوله تعالى: (يُؤتي الحِكمة مَن يشاء ومَن يؤتَ الحكمةَ فقد اُوتي خَيراً كثيراً وما يَذَّكر إلّا اُولوا الألباب).(20) الحكمة هي معرفة القائم 54 - روي أنّ أبا بصير سأل الإمام الباقر عليه السلام عن قول اللَّه تعالى: (ومَن يؤت الحكمة فقد اُوتي خيراً كثيراً) ما عني بذلك؟ فقال: معرفة الإمام واجتناب الكبائر، ومَن مات وليس في رقبته بيعة لإمام، مات ميتة جاهليّة، ولا يُعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم، فمن مات وهو عارف بالإمامة، لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر، فكان كمن هو مع القائم في فُسطاطه، قال: ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال: لا بل كمن قاتل معه، ثمّ قال: لا بل - واللَّهِ - كمن استُشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(21) الآية الثالثة والعشرون قال تعالى: (آمَنَ الرَّسولُ بما أُنزِل إليه من ربّه والمُؤمِنونَ كلٌ آمن باللَّهِ وملائكته وكتُبهِ ورُسُله لا نُفرِّقُ بينَ أَحدٍ من رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنا وأَطعْنَا غُفْرَانَك رَبَّنَا وإِليك المَصير).(22) المهدي في ضحضاح من نور عن يمين العرش 55 - روي العلّامة الحموينيّ بإسناده عن أبي سلمي راعي إبل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: ليلة اُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله: (آمَنَ الرَّسولُ بما أُنزل إليه من ربّه) قلت: (والمؤمنون) قال: صدقت يا محمّد، مَن خَلّفتَ في اُمّتك؟ قلت: خيرها، قال: عليّ بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا ربّ. قال: يا محمّد إنّي اطّلعت على الأرض اطلاعة فاخترتُك منها، فشققت لك اسماً من أسمائي، فلا أُذكر إلّا ذُكرتَ معي، فأنا المحمود وأنت محمّد، ثمّ اطّلعتُ الثانية فاخترت منها عليّاً وشققت له اسماً من أسمائي، فأنا الأعلي وهو عليّ. يا محمّد، إنّي خلقتُك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من شبح نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومَن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمّد لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ، البإلى ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم. يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟ قلت: نعم يا ربّ. فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفتُّ فإذا أنا بعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسي بن جعفر، وعليّ بن موسي، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلّون، وهو في وسطهم - يعني المهدي - كأنّه كوكب دُرّيّ. وقال: يا محمّد هؤلاء الحُجج، وهو الثائر من عترتك، وعزّتي وجَلإلى إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي.(23) سورة آل عمران الآية الاولى قوله تعالى: (لا يتَّخِذِ المُؤمِنُونَ الكافِرينَ أولياءَ من دُونِ المُؤمنينَ ومَن يَفعل ذلك فليس مِن اللَّه في شيء إلّا أن تتّقوا منهم تُقيةً ويُحذِّرُكمُ اللَّهُ نفسَهُ وإلى اللَّهِ المصيرُ).(24) فضل التقية في عصر الغيبة 56 - المظفر العلويّ: بإسناده عن عمّار الساباطيّ قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل، أم العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال: يا عمّار الصدقة في السرّ - واللَّهِ - أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك عبادتكم في السّر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل، لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل وحال الهدنة، ممّن يعبد اللَّه في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحق، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ. اعلموا أنّ من صلّي منكم صلاة فريضة وحداناً مستتراً بها من عدوّه في وقتها، فأتّمها، كتب اللَّه عزّ وجلّ له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة، ومن صلّي منكم صلاة نافلة في وقتها فأتّمها، كتب اللَّه عزّ وجلّ له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب اللَّه بها عشرين حسنة، ويضاعف اللَّه تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان اللَّه بالتقيّة على دينه، وعلي إمامه وعلي نفسه، وأمسك من لسانه، أضعافاً مضاعفة كثيرة، إنّ اللَّه عزّ وجلّ كريم. قال: قلت: جُعلت فدك قد رغّبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكنّي أحبّ أن أعلم: كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ، ونحن وهم على دين واحد، وهو دين اللَّه عزّ وجلّ؟ فقال: انّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللَّه وإلى الصلاة والصوم والحجّ وإلى كلّ فِقه وخير، وإلى عبادة اللَّه سرّاً من عدوّكم مع الإمام المستتر، مطيعون له، صابرون معه، منتظرون لدولة الحق، خائفون على إمامكم وعلي أنفسكم من الملوك، تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقّكم في أيدي الظَلَمة، وقد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى جذب الدنيا وطلب المعاش، مع الصبر على دينكم، وعبادتكم وطاعة ربكم والخوف من عدوّكم، فبذلك ضاعف اللَّه أعملكم، فهنيئاً لكم هنيئاً. قال: فقلت: جُعلت فدك، فما نتمنّي إذاً أن نكون من أصحاب القائم عليه السلام في ظهور الحق؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالاً من أعمال أصحاب دولة الحق؟ فقال: سُبحان اللَّه، أما تحبّون أن يُظهر اللَّه عزّ وجلّ الحقّ والعدل في البلاد، ويحسن حال عامّة الناس، ويجمع اللَّه الكلمة، ويؤلّف بين القلوب المختلفة، ولا يُعصي اللَّه في أرضه، ويُقام حدود اللَّه في خلقه، ويردّ الحقّ إلى أهله، فيظهره حتّى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحدٍ من الخلق؟ أما واللَّهِ يا عمّار، لا يموت منكم ميِّت على الحال الّتي أنتم عليها، إلّا كان أفضل عند اللَّه عزّ وجلّ من كثير مِمَّن شهد بدراً واُحداً فأبشروا.(25) 57 - روي المفيد في الاختصاص بإسناده عن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن اُمية ابن عليّ، عن رجل قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ايُّما أفضل نحن أو أصحاب القائم عليه السلام؟ قال: فقال لي: أنتم أفضل من أصحاب القائم، وذلك أنّكم تُمسون وتُصبحون خائفين على إمامكم وعلي أنفسكم من أئمّة الجَور، إن صليتم فصلاتكم في تقيّة، وإن صُمتم فصيامكم في تقيّة، وإن حججتم فحجُّكم في تقيّة، وإن شهدتم لم تُقبل شهادتكم، وعدّد أشياء من نحو هذا مثل هذه، فقلت: فما تتمنّي القائم عليه السلام إذا كان على هذا؟ قال: فقال لي: سُبحان اللَّه، أما تحبّ أن يظهر العدل ويأمن السبل ويُنصف المظلوم؟!(26) الآية الثانية قوله تعالى: (فتقبَّلها ربُّها بِقَبولٍ حَسَنٍ وأَنبَتَها نَباتاً حَسَناً وكفَّلَها زَكريّا كلّما دَخَل عليها زكريّا المحرابَ وَجَدَ عِندها رِزقاً قال يا مَريَمُ أنّي لك هذا قالَت هُوَ مِن عِندِ اللَّه إنّ اللَّه يَرزُق مَنْ يَشاء بغَيرِ حِسابٍ).(27) ان الجفنة التي انزلت على فاطمة من مواريث المهدي 58 - روي العيّاشيّ بإسناده عن نجم، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: إنّ فاطمة عليها السلام ضمنت لعليّ عليه السلام عمل البيت والعجين والخبز وقَمَّ البيت، وضمن لها عليّ عليه السلام ما كان خلف الباب، من نقل الحطب، وأن يجيء بالطعام، فقال لها يوماً: يا فاطمة هل عندك شيء؟ قالت: لا والّذي عظّم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيّام شيء نُقريك به، قال: أفلا أخبرتيني؟ قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله نهاني أن اسألك شيئاً، فقال: لا تسإلى ابن عمك شيئاً، إن جاءك بشيء عفواً وإلّا فلا تسأليه، قال: فخرج الامام عليه السلام فلقي رجلاً فاستقرض منه ديناراً، ثمّ أقبل به وقد أمسي فلقي مقداد بن الأسود، فقال للمقداد، ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال: الجوع، والّذي عظّم حقك يا أمير المؤمنين. قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ورسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيَّ؟ قال: ورسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيّ، قال: فهو أخرجني فقد استقرضت ديناراً وسأوثرك به، فدفعه إليه. فأقبل فوجد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله جالساً وفاطمة تصلّي وبينهما شيء مغطّي، فلمّا فرغت أحضرت ذلك الشيء فإذا جُفنة من خُبز ولحم، قال: يا فاطمة أ نّي لك هذا؟ قالت: (هو مِن عند اللَّه إنّ اللَّه يرزق مَن يشاء بغير حسابٍ). فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ألا أحدّثك بمثلك ومثلها؟ قال: بلي. قال: مثل زكريّا إذا دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقاً، قال يا مريم أنّي لك هذا قالت هو من عند اللَّه، إنّ اللَّه يرزق من يشاء بغير حساب، فكلوا منها شهراً، وهي الجُفنة الّتي يكل منها القائم عليه السلام، وهي عندنا.(28) الآية الثالثة قوله سبحانه: (ويُكلِّم الناسَ في المَهد وكهلاً ومِن الصالحين).(29) الهوامش: (1) الفتن لابن عمّاد المروزي 100-99؛ عقد الدرر 147 ب 7. (2) التشريف بالمنن 142 ب 138. (3) التشريف بالمنن 142 ب 139. (4) نفس المصدر 142 ب 139. (5) التشريف بالمنن 145 ب 145. (6) البقرة: 249. (7) الغَيبة للنعمانيّ 316 ح 13؛ المحجّة 262. (8) البقرة: 251. (9) كمال الدّين 1 : 157-153. (10) البقرة: 253. (11) دلائل الإمامة 256؛ إثبات الهداة 3 : 574. (12) قرب الإسناد 14-13؛ بحار الأنوار 22 : 375. (13) ذخائر العقبي 135. (14) الكامل لابن عدي 6 : 2433؛ المصنّف لابن أبي شيبة 15 : 198 ح 19496. (15) الفتن لابن حمّاد 99؛ عقد الدرر 149-148 ب 7. (16) الفتن لابن حمّاد 98؛ عقد الدرر 148 ب 7. (17) البقرة: 259. (18) الغَيبة للطوسي 260. (19) نفس المصدر. (20) البقرة: 269. (21) إعلام الدّين 459؛ بحار الأنوار 27 : 126. (22) البقرة: 285. (23) فرائد السَمطين 2 : 319 ح 571. (24) آل عمران: 28. (25) الكافي 1 : 334؛ بحار الأنوار 52 : 127. (26) الإختصاص 20؛ بحار الأنوار 52 : 144. (27) آل عمران: 37. (28) تفسير العيّاشيّ 1 : 119 ح 41؛ بحار الأنوار 14 : 197. (29) آل عمران: 46. ****************** المهدي يكلم الناس في المهد 59 - روي الطبريّ في تفسيره عن ابن زيد يقول في قوله: (ويُكلِّم الناس في المَهد وكهلاً ومن الصالحين) قال: قد كلّمهم عيسي في المهد، وسيكلّمهم إذا قتل الدجّال وهو يومئذ كهل.(1) 60 - روي العلّامة البيّاضي رحمه الله قال: قالت حكيمة: قرأت على أمّه نرجس وقت ولادته التوحيد، والقدر، وآية الكرسي، فأجابني من بطنها بقراءتي، ثمّ وضعته ساجداً إلى القبلة فأخذه أبوه وقال: انطق بإذن اللَّه، فتعوّذ وسمّي وقرأ: (ونريد أن نمُنّ على الّذين استضعِفوا في الأرض ونجعلَهم أئمّةً ونَجعلَهُم الوارِثين - ونُمَكن لهم في الأرض ونُري فِرْعَونَ وهامانَ وجنُودَهما مِنهم ما كانوا يحذرون)(2) الآيتين، وصلّي على محمّد وعليّ وفاطمة والأئمّة واحداً واحداً باسمه إلى آخرهم، وكان مكتوباً على ذراعه الأيمن: (جاءَ الحقُّ وزَهَق الباطِلُ إنّ الباطلَ كان زَهوقاً) قالت حكيمة: دخلت بعد ولادته بأربعين يوماً فإذا هو يمشي، فلم أر أفصح من لغته.(3) 61 - نسيم ومارية قالتا: لمّا سقط من بطن أمّه، سقط جاثياً رافعاً سبّابته إلى السماء قائلاً كلّما يعطس: الحمد للَّه ربّ العالَمين وصلّي اللَّه على محمّد وآله، زعم الظالمون أنّ حُجّة اللَّه داحضة.(4) 62 - قال طريف عن نضر الخادم: دخل على الإمام وهو في المهد فقال: أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع اللَّه البلاء عن أهلي وشيعتي.(5) 63 - حمل أحمد بن اسحاق إلى العسكريّ عليه السلام جُراباً فيه صُرَر، فالتفت عليه السلام إلى ابنه وقال: هذه هدايا موالينا، فقال الغلام: لا تصلح، لأنّ فيها حلالاً وحراماً، فأُخرجت، ففرّق بينها وأعلم بكميّة كلّ صرّة قبل فتحها.(6) 64 - أسند العلّامة البيّاضي رحمه الله إلى أحمد بن اسحاق قال: دخلت على العسكريّ عليه السلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فابتدأني: إنّ اللَّه لا يُخلي الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ولا يُخليها إلى أن تقوم الساعة مِن حُجّة له على خلقه، قلت: ومن الخليفة بعدك؟ فأسرع ودخل البيت وخرج وعلي عاتقه غلام، وقال: لولا كرامتك على اللَّه وعلي حُججه ما عرضتُ عليك ابني هذا، إنّه سَميّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وكنِيُّهُ، مثله في هذه الاُمّة كالخضر وذي القرنين، ليغيبنّ غيبةً لا ينجو من الهَلَكة فيها إلّا مَن ثبّته اللَّه على القول بإمامته، ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه، ويرجع من هذا الأمر كثر القائلين به، هذا سرّ اللَّه فخُذ وكتُمه وكن من الشكرين، تكن معنا في علّيين. فقلت: هل من علامة؟ فنطق الغلام فقال: أنا بقيّة اللَّه في أرضه، والمنتقم من أعدائه.(7) 65 - وقال إسماعيل بن عليّ: دخلت على العسكريّ في المرض الّذي مات فيه، فقال لخادمه: ادخل البيت فإنّك تري صبيّاً ساجداً فائتني به، فدخلتُ فوجدته ساجداً رافعاً سبّابته إلى السماء، فسلّمت فأوجز في صلاته، فقلت: سيّدي يأمرك بالخروج، فجاءت أمّه فأخرجته إليه، فقال: أبشر أنت صاحب الزمان المهدي، حجّة اللَّه في أرضه، وأنت وصيّي، وأنت (م ح م د) وعدّ آباءه إلى عليّ عليه السلام ثمّ قال: أنت خاتم الأئمّة الطاهرين.(8) 66 - وذكر الشيخ البيّاضيّ قال: وأسند الشيخ أبو جعفر إلى محمّد بن عليّ، إلى محمّد بن عبد اللَّه المطهريّ قال: قصدت حكيمة أسألها عن الحجّة فقالت: لمّا حضرت نرجس الولادة، قال الحسن العسكريّ عليه السلام: اقرئي عليها: (إنّا أنزلناه) فقرأت، فجاوبني الجنين بمثل قراءتي، وسلّم عليَّ ففزعت، فقال أبو محمّد عليه السلام: لا تعجبين من أمر اللَّه، إنّه مُنطقنا بالحِكمة صغاراً، ويجعلنا حجّة في الأرض كباراً. (الحديث).(9) الآية الرابعة قوله تعالى: (إذ قال اللَّهُ يا عيسي إنّي متوفّيك ورافعك إليَّ ومُطهّرك مِن الّذين كفَروا وجاعل الّذين اتّبعوك فَوقَ الّذين كفَروا إلى يَوم القيامة ثمّ إليَّ مَرجِعُكم فأحْكمُ بَينكم فيما كنتم فيه تختلفون).(10) عيسي يصلي خلف المهدي 67 - روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّه قال: ينزل عيسي بن مريم عليه السلام عند انفجار الصبح ما بين مهرودين،وهما ثوبان أصفران من الزعفران، أبيض الجسم، أصهب الرأس، أفرق الشعر، كأنّ رأسه يقطر دُهناً، بيده حربة، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويهلك الدجال، ويقبض أموال القائم عليه السلام، ويمشي خلفه أهل الكهف، وهو الوزير الأيمن للقائم عليه السلام وحاجبه ونائبه، ويبسط في المغرب والمشرق الأَمن من كرامة الحجّة بن الحسن صلوات اللَّه عليهما، حتّى يرتع الأسد مع الغنم، والنمر مع البقر، والذئب والغنم، وتلعب الصبيان بالحيّات...الحديث.(11) 68 - المهدي الّذي ينزل عليه عيسي ابن مريم ويُصلّي خلفه عيسي عليه السلام.(12) 69 - روي عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: منّا الّذي يُصلّي عيسي ابن مريم خلفه.(13) 70 - روي الشافعيّ قال: أخبرنا نقيب النقباء فخر آل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أبو الحسن عليّ بن محمّد بن ابراهيم الحسنيّ، وبإسناده عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: فيلتفت المهدي وقد نزل عيسي عليه السلام كأنما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي: تقدّم صلّ بالناس، فيقول عيسي: إنّما أُقيمت الصلاة لك، فيصلّي عيسي خلف رجل من ولدي، فإذا صُلِّيت قام عيسي حتّى جلس في المقام فيبايعه، فيمكث أربعين سنة.(14) 71 - أتي يهوديّ النبيّ صلى الله عليه وآله، فقام بين يديه يحدّ النظر إليه، فقال: يا يهوديّ ما حاجتك؟ قال: أنت أفضل من موسى بن عمران انبيّ الّذي كلّمه اللَّه وأنزل عليه التوراة والعصا، وفلق له البحر، وأظَلَّه بالغمام؟ فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: إنّه يُكره للعبد أن يُزكيّ نفسه، ولكنّي أقول إنّ آدم عليه السلام، لمّا أصاب الخطيئة، كانت توبته أن قال: اللَّهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا غفرت لي، فغفرها اللَّه له، وإنّ نوحاً لمّا ركب في السفينة وخاف الغرق قال: اللَّهمّ إنّي أسألك بحق محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق، فنجّاه اللَّه عنه، وإنّ إبراهيم عليه السلام لمّا ألقي في النار قال: اللَّهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني منها، فجعلها اللَّه عليه بَرداً وسلاماً، وإنّ موسى عليه السلام لمّا ألقي عصاه وأوجس في نفسه خِيفة قال: اللَّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا آمنتني، فقال اللَّه جل جلاله: لا تخف إنّك أنت الأعلي، يا يهودي، إنّ موسى لو أدركني ثمّ لم يؤمن بي وبنبوّتي، ما نفعه إيمانه شيئاً، ولا نفعته النبوّة، يا يهوديّ ومِن ذرّيتي المهدي، إذا خرج نزل عيسي ابن مريم لنُصرته فقدَّمه وصلّي خلفه.(15) 72 - النعمانيّ بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال في حديث طويل: (ومِن نسل عليّ القائم المهدي الّذي يبدّل الأرض غير الأرض، وبه يَحتجّ عيسي ابن مريم على نصاري الروم والصين، إنّ القائم المهدي من نسل عليّ أشبه الناس بعيسي ابن مريم خَلقاً وخُلقاً وسَمتاً وهيبةً، يعطيه اللَّه جلّ وعزّ ما أعطي الأنبياء ويزيده ويفضّله، إنّ القائم من ولد عليّ عليه السلام له غيبة كغيبة يوسف، ورجعة كرجعة عيسي ابن مريم، ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر، وخراب الزوراء وهي الريّ، وخسف المزوّرة وهي بغداد، وخروج السفياني، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان، تلك حرب يُقتل فيها اُلوف وألوف، كلّ يقبض على سيف مُحلّي تخفق عليه رايات سود، تلك حرب يشوبها الموت الأحمر والطاعون الأغبر.(16) 73 - روي ابن حماد بإسناده عن المشايخ، عن كعب قال: - ولم يسنده إلى النبيّ صلى الله عليه وآله - لمّا رأي عيسي بن مريم قلّة من معه، شكي إلى اللَّه تعالي، فقال اللَّه (إنّي رافعُك إليَّ ومتوفّيك) وليس مَن رفعتُ عندي يموت، وإنّي باعثك على الأعور الدجّال فتقتله، ثمّ تعيش بعد ذلك أربعة وعشرين سنة، ثمّ اَتوَفَّك ميتة الحقّ.(17) 74 - روي من طريق العامّة في كتاب الرائق من أزهار الحدائق، بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ، عن جابر بن عبد اللَّه الانصاري، عن أمير المؤمنين عليه السلام في خُطبة له طويلة جداً فيها علامات آخر الزمان، وإخبار بمغيّبات كثيرة. منها دولة بني أميّة وبني العباس وأحوال الدجّال والسفيانيّ، إلى أن قال: المهدي من ذرّيّتي، يظهر بين الركن والمقام، وعليه قميص إبراهيم، وحلّة اسماعيل، وفي رجله نعل شيث، والدليل عليه قول النبيّ صلى الله عليه وآله: عيسي ابن مريم ينزل من السماء، ويكون مع المهدي من ذُريّتي، فإذا ظهر فاعرفوه، فإنّه مربوع القامة، حلك سواد الشعر، ينظر من عين ملك الموت، يقف على باب الحرم فيصيح بأصحابه صيحة، فيجمع اللَّه تعالى عسكره في ليلة واحدة، وهم ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، ثمّ ذكر تفصيلهم وأمكنهم وبلادهم، إلى أن قال: فيتقدّم المهدي من ذرّيّتي، فيصلّي إلى قبلة جدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ويسيرون جميعاً إلى أن يأتوا بيت المقدس، ثمّ ذكر الحرب بينه وبين الدجّال، وذكر أنّهم يقتلون عسكر الدجال من أوّله إلى آخره، وتبقي الدنيا عامرة، ويقوم بالقسط والعدل، إلى أن قال: ثمّ يموت عيسي، ويبقي المنتظر المهدي من آل محمّد صلى الله عليه وآله، فيسير في الدنيا وسيفه على عاتقه، ويقتل اليهود والنصاري وأهل البدع.(18) 75 - روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام - مرسَلاً - في قصة الدجّال قال: ألا وإنّ كثر أتباعه أولاد الزنا، لابسو التيجان، ألا وهم اليهود عليهم لعنة اللَّه، يكل ويشرب، له حمار أحمر، طوله ستّون خطوة مدّ بصره، أعور اليمين، وإنّ ربّكم عزّ وجلّ ليس بأعور، صمد لا يُطعَم، فيشمل البلاد البلاء، ويقيم الدجّال أربعين يوماً. أوّل يوم كسنة، والثاني كأقلّ، فلا تزال تصغر وتقصر، حتّى تكون آخر أيامه كليلةِ يوم من أيّامكم هذه، يطأ الأرض كلّها إلّا مكة والمدينة وبيت المقدس. ويدخل المهدي عليه السلام بيت المقدس، ويصلّي بالناس إماماً، فإذا كان يوم الجمعة وقد أقيمت الصلاة، نزل عيسي ابن مريم عليه السلام، بثوبَين مشرقين حمر، كأنّما يقطر رأسه الدهن، رجل الشعر، صبيح الوجه، أشبه خلق اللَّه عزّ وجلّ بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، فيلتفت المهدي، فينظر عيسي عليه السلام، فيقول لعيسي: يابن البتول، صلّ بالناس، فيقول: لك اُقيمت الصلاة، فيتقدّم المهدي عليه السلام فيصلّي بالناس، ويصلّي عيسي عليه السلام خلفه ويبايعه.(19) 76 - روي أبان، عن سُليم بن قيس قال: أقبلنا من صفّين مع أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه، فنزل العسكر قريباً من دير نصرانيّ، إذ خرج علينا من الدير شيخ كبير جميل حسن الوجه، حسن الهيئة والسمت، ومعه كتاب في يده، حتّى أتي أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه، فسلّم عليه بالخلافة، فقال له عليّ عليه السلام: مرحباً يا أخي شمعون بن حمون، كيف حالك رحمك اللَّه، فقال: بخير يا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ووصيّ رسول ربّ العالمين، إنّي من نسل حواري أخيك عيسي ابن مريم عليه السلام، وفي رواية أخري: أنا من نسل حواري أخيك عيسي ابن مريم صلوات اللَّه عليه - من نسل شمعون بن يوحنا، وكان أفضل حواري عيسي ابن مريم الإثني عشر وأحبّهم إليه وآثرهم عنده، وإليه اوصي عيسي، وإليه دفع كتبه وعلمه وحكمته، فلم يزل أهل بيته على دينه متمسّكين بملّته لم يكفروا ولم يُبدّلوا ولم يُغيّروا، وتلك الكتب عندي إملاء عيسي ابن مريم، وخط أبينا بيده، وفيه كلّ شيء يفعل الناس من بعده، ملك ملك وما يملك، وما يكون في زمان كلّ ملك منهم، حتّى يبعث اللَّه رجلاً من العرب ومن ولد اسماعيل بن إبراهيم خليل اللَّه من أرضٍ تدعي تهامة، من قرية يقال لها مكة، يقال له أحمد الأنَجل العينَين المقرون الحاجبَين، صاحب الناقة والحمار والقضيب والتاج - يعني العمامة - له اثنا عشر اسماً، ثمّ ذكر مبعثه ومولده وهجرته، ومن يقاتله ومَن ينصره ومَن يعاديه وكم يعيش، وما تلقي أمّته بعده إلى أن ينزل عيسي ابن مريم من السماء، فذكر في الكتاب ثلاثة عشر رجلاً من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل اللَّه صلّي اللَّه عليهم، هم خير من خلق اللَّه، وأحبّ من خلق اللَّه إلى اللَّه، وانّ اللَّه وليّ من والاهم، وعدوّ من عاداهم، من أطاعهم اهتدي. ومن عصاهم ضلّ، طاعتهم للَّه طاعة، ومعصيتهم للَّه معصية، مكتوبة فيه أسماؤهم وأنسابهم ونعتهم، وكم يعيش كل رجل منهم، واحداً بعد واحد، وكم رجل منهم يستتر بدينه ويكتمه من قومه، ومن يظهر حتّى ينزل اللَّه عيسي صلى الله عليه على آخرهم، فيصلّي عيسي خلفه ويقول: إنّكم أئمّة لا ينبغي لأحدٍ أن يتقدّمكم، فيتقدّم فيصلّي بالناس وعيسي خلفه إلى الصفّ الأوّل، أوّلهم وافضلهم وخيرهم، له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدي بهداهم. وفي النسخة الأولي: وتسعة من ولد أصغرهما وهو الحسين واحداً بعد واحد، آخرهم الّذي يُصلّي عيسي بن مريم خلفه، فيه تسمية كلّ من يملك منهم، ومن يستتر بدينه ومن يظهر، فأوّل من يظهر منهم يملأ جميع بلاد اللَّه قسطاً وعدلاً، ويملك ما بين المشرق والمغرب حتّى يظهره اللَّه على الأديان كلّها.(20) 77 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي سعيد عقيصا، قال: لمّا صالح الحسن بن عليّ عليهما السلام معاوية بن أبي سفيان، دخل عليه الناس، فلامه بعضهم على بيعته، فقال عليه السلام: ويحكم ما تدرون ما عملتُ، واللَّهِ الّذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت، ألا تعلمون أ نّني إمامكم مُفترَض الطاعة عليكم، وأحد سيديّ شباب أهل الجنة بنصٍّ من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عليّ؟ قالوا: بلي. قال: أما علمتم أنّ الخضر عليه السلام لمّا خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام، كان ذلك سخطاً لموسي بن عمران إذ خفي عليه وجهُ الحكمة في ذلك، وكان ذلك عند اللَّه تعالى ذِكره حكمة وصواباً؟ أما علمتم أنّه ما منّا أحد إلّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلّا القائم الّذي يُصلّي روح اللَّه عيسي ابن مريم خلفه؟ فإنّ اللَّه عزّ وجلّ يُخفي ولادته، ويُغيّب شخصه لئلّا يكون لأحد في عُنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيّدة الاماء، يُطيل اللَّه عمره في غيبته، ثمّ يظهره بقُدرته في صورة شابّ دون أربعين سنة، وذلك ليعلم أنّ اللَّه على كلّ شيء قدير.(21) 78 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: إنّ سُنَن الأنبياء عليهم السلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، قال أبو بصير: يا ابن رسول اللَّه، ومن القائم منكم أهل البيت؟ فقال: يا أبا بصير، هو الخامس من ولد ابني موسي، ذلك ابن سيّدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المُبطلون، ثمّ يظهره اللَّه عزّ وجلّ، فيفتح اللَّه على يده مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح اللَّه عيسي ابن مريم عليه السلام فيصلّي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربّها، ولا تبقي في الأرض بقعة عبد فيها غير اللَّه عزّ وجلّ إلا عُبِدَ اللَّه فيها، ويكون الدّين كلّه للَّه ولو كره المشركون.(22) 79 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي أيّوب المخزوميّ، قال: ذكر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام سير الخلفاء الإثني عشر الراشدين (صلوات اللَّه عليهم)، فلمّا بلغ آخرهم قال: الثاني عشر الّذي يُصلّي عيسي ابن مريم عليه السلام خلفه، عليك بسُنّته والقرآن الكريم.(23) 80 - روي فرات الكوفي معنعناً عن أبي جعفر عليه السلام، قال - في حديث له: - يا خيثمة سيأتي على الناس زمان، لا يعرفون اللَّه ما هو التوحيد، حتّى يكون خروج الدجال، وحتّى ينزل عيسي ابن مريم من السماء، ويقتل اللَّه الدجّال على يده، ويصلّي بهم رجل منّا أهل البيت، ألا ترى أنّ عيسي يصلي خلفنا وهو نبيّ ألَا ونحن أفضل منه.(24) الآية الخامسة قوله تعالى: (إنّ أولَي الناس بإبراهيم للّذين اتّبعوه وهذا النبيُّ والّذين آمَنوا واللَّه وليّ المؤمنين).(25) 81 - روي العيّاشيّ عن عبد الأعلي الجبليّ (الحلبيّ - خ) قال: قال أبو جعفر عليه السلام: - في حديث له -: واللَّهِ لكأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ يُنشد اللَّه حقّه ثمّ يقول: يا أيّها الناس من يُحاجّني في اللَّه، فأنا أولي الناس باللَّه، ومن يُحاجّني في آدم فأنا أولي الناس بآدم، يا أيّها الناس من يُحاجّني في نوح، فأنا أولي الناس بنوح،ياأيّها الناس من يُحاجّني في ابراهيم، فأنا أولي الناس بإبراهيم.(26) الآية السادسة قوله تعالى: (وإذ اخذ اللَّهُ ميثاقَ النَبيّين لما آتيتُكم من كتابٍ وحِكمةٍ ثمّ جاءكم رَسول مُصدّقٌ لِما معكم لَتُؤمِننَّ به ولتنصُرنَّه قال ءَأَقرَرتُم وأَخَذتُم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهَدوا وأنا معكم من الشاهدين).(27) الرجعة في زمن المهدي 82 - روي النعمانيّ بإسناده عن اسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول: (في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روي فيه مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السلام عن آيات القرآن وأحكامه وجوابه عليها، جاء فيها). وأمّا الردّ على مَن أنكر الرجعة، فيقول اللَّه عزّ وجلّ: (ويومَ نَحشُر من كلّ أمّةٍ فَوجاً مِمَّن يُكذّب بآياتنا فهم يُوزَعون) أي إلى الدنيا وأمّا حشر الآخرة فقوله عزّ وجلّ: (وحَشَرناهم فلم نُغادر منهم أحداً) وقوله سبحانه: (وحَرامٌ على قرية أهلكناها أنّهم لا يَرجِعون) ومثل قوله تعالى: (وإذ أخذ اللَّهُ ميثاق النَبيّين لما آتيتكم من كتابٍ وحِكمةٍ ثمّ جاءكم رَسولٌ مُصدِّق لِما معكم لتُؤمننّ به ولتَنصرنّه) وهذا لا يكون إلا في الرجعة. ومثله ما خاطب اللَّه تعالى به الأئمّة ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم، فقال سبحانه: (وَعدَ اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات) - إلى قوله - (لا يُشركون بي شيئاً) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا. ومثل قوله تعالى: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرضِ ونَجعلهم أئمّة ونَجعلهم الوارثين) وقوله سبحانه: (إنّ الّذي فَرَضَ عَلَيك القُرآن لَرَادّك إلى معاد) أي رجعة الدنيا. ومثله قوله: (ألم تر إلى الّذين خَرَجوا من ديارهم وهم أُلوف حَذَرَ المَوت فقال لَهُمُ اللَّهُ موتوا ثمّ أحياهم). وقوله عزّ وجلّ: (واختارَ موسى قومَه سَبعين رَجُلاً لميقاتِنا) فردّهم اللَّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا.(28) الآية السابعة قوله تعالى: (أفغَيرَ دِينِ اللَّه يَبغون وله أسلمَ مَن في السموات والأرض طَوعاً وكرهاً وإليه يُرجَعون).(29) الهوامش: (1) تفسير الطبريّ 3 : 188. (2) القصص: 5 و6. (3) الصراط المستقيم 2 : 210-209. (4) الصراط المسقيم 2 : 210. (5) الصراط المستقيم. (6) نفس المصدر2 : 213. (7) نفس المصدر 2 : 232-231. (8) الصراط المسقيم 2 : 322. (9) نفس المصدر 2 : 234. (10) آل عمران: 55. (11) حلية الأبرار 2 : 620 ب 34؛ غاية المرام 697 ب 141 ح 380. (12) الفتن لابن حمّاد 103؛ عقد الدرر 230 ب 10؛ تفسير البرهان 160 ح 7 و8. (13) البيان للشافعيّ 500 ب 7؛ عقد الدرر 25 ب 1. (14) البيان 497 ب 7؛ عقدالدرر 17 ب 1. (15) أمإلى الصدوق 181 المجلس 39 ح 4؛ بحار الأنوار 14 : 349. (16) الغَيبة للنعمانيّ 146؛ بحار الأنوار 52 : 225. (17) الفتن لابن حمّاد 163. (18) المجموع الرائق؛ وعنه: إثبات الهداة 857:3 ح 804. (19) عقدالدرر 274 و275 ب 12 ف 2. (20) سُليم بن قيس 154-152؛ الغَيبة للنعمانيّ 74 ب 4 ح 9. (21) كمال الدّين 1 : 315 ح 2. (22) كمال الدّين 2 : 345 ح 31. (23) نفس المصدر 1 : 331 ح 17. (24) تفسير فرات 44؛ بحار الأنوار 14 : 348. (25) آل عمران: 68. (26) تفسير العيّاشيّ 2 : 56 ح 49. (27) آل عمران: 81. (28) المحكم والمتشابه 3. (29) آل عمران: 83. ****************** الاسلام يعم الأرض في زمان المهدي 83 - روي العيّاشيّ رحمه الله بإسناده عن رفاعة بن موسي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: (وله أسلم من في السموات والأرض طَوعاً وكرهاً) قال: إذا قام القائم عليه السلام لا تبقي أرض إلّا نُودي فيها بشهادة أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(1) 84 - وروي العيّاشيّ أيضاً بإسناده عن ابن بكير قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله: (وله أسلَم مَن في السموات والأرض طَوعاً وكرهاً) قال: أُنزلت في القائم عليه السلام، إذا خرج باليهود والنصاري والصابئين والزنادقة وأهل الردّة والكفار في شرق الأرض وغربها فعرض عليهم الإسلام، فمن أسلم طوعاً أمره بالصلاة والزكاة وما يُؤمَر به المسلم ويجب للَّه عليه، ومَن لم يُسلم ضرب عنقه، حتّى لا يبقي في المشارق والمغرب أحد إلّا وحّد اللَّه، قلت: جعلت فدك إنّ الخلق كثر من ذلك، فقال: إنّ اللَّه إذا أراد أمراً قلّل الكثير وكثّر القليل.(2) 85 - وعنه بإسناده عن عبدالأعلي الحلبيّ، عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليه السلام إذا خرج)، قال: ولا تبقي (أرض) في الأرض قرية إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأنّ محمّداً رسول اللَّه وهو قوله تعالى: (وله أسلم مَن في السموات والأرض طَوعاً وكرهاً وإليه يُرجَعون) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وهو قول اللَّه: (وقاتِلوهم حتّى لا تكون فِتنة ويكون الدّين كلّه للَّه). الحديث.(3) 86 - روي عليّ بن عقبة، عن أبيه قال: (مُرسلاً): إذا قام القائم عليه السلام حكم بالعدل، وارتفع في أيّامه الجَور، وأَمِنَت به السُبُل، وأخرجت الأرض بركاتها، وردّ كلّ حقّ إلى أهله، ولم يبق أهل دينٍ حتّى يُظهروا الإسلام ويعترفوا بالايمان. أما سمعت اللَّه سبحانه يقول: (وله أسلَم مَن في السموات والأرض طَوعاً وكرهاً وإليه يُرجعون)، وحكم بين الناس بحكم داود، وحكم محمّد صلى الله عليه وآله، فحينئذٍ تُظهر الأرض كنوزها، وتبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعاً لصَدَقته ولِبرِّه، لشمول الغِني جميع المؤمنين. ثمّ قال: إنّ دولتنا آخر الدول ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء، وهو قول اللَّه تعالى: (والعاقبة للمتّقين).(4) الآية الثامنة قوله تعالى:(فيه آياتٌ بيّنات مقامُ إبراهيمَ ومَن دَخَله كان آمِنا).(5) ولاية المهدي هي الحرم الآمن 87 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي زهير بن شبيب بن أنس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في حديث عن محاجته عليه السلام أبا حنيفة، جاء فيه: فقال أبوبكر الحضرميّ: جُعلت فدك الجواب في المسألتين الأوّلتين؟ فقال عليه السلام: يا أبا بكر: سيروا فيها ليإلى وأياماً آمنين، فقال: مع قائمنا أهل البيت، وأما قوله: (ومَن دَخَلَه كان آمناً) فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد اصحابه كان آمناً. (الحديث).(6) الآية التاسعة قوله تعالى: (واذكروا نِعمتَ اللَّه عليكم إذ كنتم أعداء فألَّف بين قُلوبكم فأصبحتم بنِعمته إخواناً وكنتم على شَفا حُفرة من النار فأنقذَكم منها كذلك يُبيِّن اللَّه لكم آياتِه لعلّكم تَهتدون).(7) يولف اللَّه بين القلوب بالمهدي 88 - روي عليّ بن حوشب، قال: سمع مكحولاً يحدّث عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قلت يا رسول اللَّه، المهدي منّا أئمّة الهُدي أم من غيرنا؟ قال: بل منّا، بنا يختم الدّين كما بنا فتح، وبنا يُسَتَنقَذون من ضلالة الفتنة كما استُنقذوا من ضلالة الشرك، وبنا يؤلّف اللَّه بين قلوبهم في الدّين بعد عداوة الفتنة، كما ألّف اللَّه بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك.(8) قوله تعالى: (ولقد نصركم اللَّه ببدر وأنتم أذلّة فاتّقوا اللَّه لعلّكم تشكرون).(9) اصحاب المهدي بعدد أصحاب النبي ببدر 89 - روي النعمانيّ بإسناده عن الحارث الأعور الهمدانيّ، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر: إذا هلك الخاطب، وزاغ صاحب العصر، وبقيت قلوب تتقلّب فمن مُخصب ومجدب، وقليل ما يكونون، ثلاثمائة أو يزيدون، تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوم بدر لم تقتل ولم تمت.(10) 90 - روي الحكم بإسناده من طريق العامّة عن أبي الطفيل، عن محمّد بن الحنفيّة، قال: كنّا عند عليّ رضي الله عنه، فسأله رجل عن المهدي، فقال عليّ رضي الله عنه: هيهات، ثمّ عقد بيده سبعاً - فقال: ذك يخرج في آخر الزمان، إذا قال الرجل اللَّه اللَّه قُتل، فيجمع اللَّه تعالى له قوماً قزع كقزع السحاب، يؤلّف اللَّه بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم، على عدَّة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يُدركهم الآخرون، وعلي عدد أصحاب طالوت الّذين جاوزوا معه النهر.(11) 91 - روي في عقد الدرر مرسلاً عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: تختلف ثلاث رايات، راية بالمغرب، ويل لمصر ومايحلّ بها منهم، وراية بالجزيرة، وراية بالشام، تدوم الفتنة بينهم سنة. إلى أن قال عليه السلام: فيجمع اللَّه عزّ وجلّ أصحابه على عدد أهل بدر، وعلي عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، كأنّهم ليوث خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زُبُر الحديد، لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها، الزيّ واحد، واللباس واحد، كأنما آباؤهم أب واحد.(12) 92 - روي الطوسيّ بإسناده عن أبي الجارود قال: عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته متى يقوم قائمكم؟ قال: يا أبا الجارود لا تُدركون، فقلت: أهل زمانه. فقال: ولن تدرك أهل زمانه، يقوم قائمنا بالحقّ بعد اياسٍ من الشيعة، يدعو الناس ثلاثاً فلا يُجيبه احد، فإذا كان يوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة، فقال: يا ربِّ انصرني، ودعوته لا تسقط، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الّذين نصروا رسول اللَّه يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم فيُبايعونه، ثمّ يُبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضي اللَّه عزّ وجلّ، فيقتل الفاً وخمسمائة قُرشيّ ليس فيهم إلّا فرخ زنية. ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض، ثمّ يُخرج الأزرق وزريق لعنهما اللَّه غضَّين طريّين يكلمهما فيُجيبانه، فيرتاب عند ذلك المُبطِلون، فيقولون: يكلّم الموتي، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد، ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليحرقا به علياً وفاطمة والحسن والحسين، وذلك الحطب عندنا نتوارثه، ويهدم قصر المدينة، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفاً من البتريّة شكين في السلاح، قُرّاء القرآن، فقهاء في الدّين، قد قَرّحوا جباههم وسمروا ساماتهم وعمّهم النفاق، وكلّهم يقولون: يابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك، فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء، فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل، ولا يُصاب من اصحابه أحدٌ، دماؤهم قربان إلى اللَّه. ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مُقاتليها حتّى يرضي اللَّه. قال: فلم أعقل المعني، فمكثت قليلاً ثمّ قلت: جُعلت فدك وما يُدريه - جُعلت فدك - متى يرضي اللَّه عز وجل؟ قال: يا أبا الجارود، إنّ اللَّه أوحي إلى أمّ موسي، وهو خيرٌ من أم موسي، وأوحي اللَّه إلى النحل، وهو خير من النحل، فعقلت المذهب، فقال لي: أعقلت المذهب؟ قلت: نعم، فقال: إنّ القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويفتح اللَّه عليه شرق الأرض وغربها، يقتل الناس حتّى لا يُري إلّا دين محمّد صلى الله عليه وآله، يسير بسيرة سليمان بن داود، يدعو الشمس والقمر فيُجيبانه، وتُطوي له الأرض، فيوحي اللَّه إليه فيعمل بأمر اللَّه.(13) 93 - روي الطوسي؛ بإسناده عن جابر الجعفّي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيّف، عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء اللَّه أن يقيم.(14) 94 - روي العلّامة المجلسيّ رحمه الله بإسناد يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ القائم ينتظر من يوم ذي طوي في عدّة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، حتّى يُسند ظهره إلى الحجر، ويهزّ الراية المغلبة.(15) 95 - روي ابن حماد - من طريق العامة - بسنده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثمّ يظهر المهدي بمكة عند العشاء، ومعه راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وقميصه وسيفه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلّي العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أذكركم اللَّه أيّها الناس، ومقامكم بين يَدي ربّكم، فقد اتّخذ الحجّة، وبعث الانبياء، وأنزل الكتاب، وأمركم أن لا تُشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله، وأن تُحيوا ما أحيا القرآن، وتُميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهُدي، ووزراً على التقوي، فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها، وآذنت بالوداع، فإنّي أدعوكم إلى اللَّه ورسوله، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سنّته. فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر، على غير ميعاد، قزعاً كقزع الخريف، رهبان بالليل، اُسد بالنهار، فيفتح اللَّه للمهدي أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فتبعث بالبيعة للمهدي، فيبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح اللَّه على يده القسطنطينيّة.(16) الآية العاشرة قوله تعالى: (بلي إن تَصبروا وتَتّقوا ويأتوكم من فَورهم هذا يُمدِدكم ربُّكم بخمسةِ آلافٍ من الملائكةِ مَسَوِّمين).(17) ملائكة بدر ينصرون المهدي 96 - روي العيّاشيّ بإسناده عن ضريس بن عبد الملك، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ الملائكة الّذين نصروا محمّداً صلى الله عليه وآله يوم بدر في الأرض، ما صعدوا بعد، ولا يصعدون حتّى ينصروا صاحب هذا الامر، وهم خمسة آلاف.(18) 97 - روي النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ليس منّا أهل البيت أحد يدفع ضيماً ولا يدعو إلى حق إلّا صرعته البليّة، حتّى تقوم عصابة شهدت بدراً، ولا يُواري قتيلها ولا يُداوي جريحها، قلت: مَن عني (أبو جعفر عليه السلام) بذلك؟ قال: الملائكة.(19) 98 - روي النعمانيّ بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا ثابت كأنّي بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا - وأومأ بيده إلى ناحية الكوفة - فإذا أشرف على نجفكم، نشر راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فإذا هو نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر. قلت: وما راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله؟ قال: عمودها من عمد عرش اللَّه ورحمته، وسايرها من نصر اللَّه، لا يهوي بها إلى شيء إلّا أهلكه اللَّه. قلت: فمخبوءة عندكم حتّى يقوم القائم عليه السلام أم يؤتي بها؟ قال: لا بل يؤتي بها، قلت: من يأتيه بها؟ قال: جبرئيل عليه السلام.(20) 99 - روي الشيخ المفيد بإسناده عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر عليه السلام: كأنّي بالقائم على نجف الكوفةقد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرّق الجنود في البلاد.(21) الآية الحادية عشرة قوله تعالى: (وتِلك الأيّامُ نُداوِلُها بَينَ الناس).(22) دولة القائم دولة اللَّه 100 - العيّاشيّ: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (وتلك الأيّام نداولها بين الناس) قال: مازال منذ خلق اللَّه آدم دولة للَّه ودولة لابليس، فأين دولة اللَّه، إنّما هو قائم واحد.(23) الآية الثانية عشرة قوله عزّ وجلّ: (وليُمحِّص اللَّهُ الّذين آمَنوا ويَمْحَق الكافِرِين).(24) 101 - روي عن سعيد بن جبير رحمه الله، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: عليّ بن أبي طالب عليه السلام إمام متى وخليفتي عليهم بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الّذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً، والّذي بعثني بالحقّ بشيراً، إنّ الثابتين على القول في زمان غيبته لَأعزّ من الكبريت الأحمر. فقام إليه جابر بن عبد اللَّه الانصاريّ فقال: يا رسول اللَّه وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال: اي وربّي: (وليُمحِّص اللَّه الّذين آمنوا ويَمحَقَ الكافرين) يا جابر إنّ هذا الامر من أمر اللَّه وسرّ من سر اللَّه، مطويّ عن عباده، فإيّك والشك في أمر اللَّه فهو كفر.(25) 102 - عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب قال: كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس اللَّه روحه، فحضرته قبل وفاته بإيّام، فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته: يا عليّ بن محمّد السمريّ أعظم اللَّه أجر إخوانك فيك، فإنك ميّت ما بينك وبين ستة ايام، فاجمَع أمرك ولا تُوصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغَيبة التامة، فلا ظهور إلّا بعد إذن اللَّه تعالى ذِكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جَوراً، وسيأتي شيعتي مَن يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السفياني فهو كذّاب مُفتَر، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم. قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلمّا كان اليوم السادس عُدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيّك من بعدك؟ فقال: للَّه أمر هو بالغه، وقضي، فهذا آخر كلام سمع منه رضي اللَّه عنه وأرضاه.(26) 103 - روي الطوسيّ مرسلاً عن جابر الجعفيّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يكون فرجكم؟ فقال: هيهات هيهات يكون فرجنا حتّى تُغربَلوا ثمّ تغربلوا ثمّ تغربلوا، يقولها ثلاثاً، حتّى يذهب اللَّه تعالى الكدر ويُبقي الصفو.(27) 104 - روي النعمانيّ بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام يقول: واللَّه لتُميّزن، واللَّه لتُمحصّن، واللَّه لتُغربلنّ كما يُغربل الزوان من القمح.(28) 105 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن منصور الصيقل، عن أبيه قال: كنت أنا والحارث بن المغيرةوجماعة من أصحابنا جلوساً وأبو عبد اللَّه عليه السلام يسمع كلامنا، فقال لنا: في أيّ شيء أنتم؟ هيهات هيهات، لا واللَّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تُغربلوا، لا واللَّه لا يكون ما تمدّون إليه اعينكم حتّى تُمحَّصوا، لا واللَّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا، لا واللَّه ما يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس، لا واللَّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقي مَن يشقي ويَسعد مَن يَسعد.(29) الآية الثالثة عشرة قوله تعالى: (أم حَسِبتم أن تَدخُلوا الجَنَّة ولَمّا يَعلمِ اللَّهُ الّذين جاهَدوا منكم ويَعلمَ الصابِرين).(30) 106 - الحِميريّ، عن الرضا عليه السلام قال: وكان جعفر عليه السلام يقول: واللَّهِ لا يكون الّذي تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزوا وتمحّصوا، ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء، ولا يبقي منكم إلّا الأندر، ثمّ تلا هذه الآية: (أم حَسِبتم أن تَدخُلوا الجنّةَ ولمّا يعلم اللَّه الّذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).(31) الآية الرابعة عشرة قوله تعالى: (وما مُحمّدٌ إلّا رَسولٌ قد خَلَت مِن قبله الرُّسُل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ومَن ينقلب على عَقِبَيه فلَن يضرّ اللَّه شيئاً وسيَجزي اللَّه الشكرين).(32) 107 - روي العيّاشيّ عن زرارة قال: كرهت أن اسأل أبا جعفر عليه السلام في الرجعة، فأقبلت مسألة لطيفة أبلغ منها حاجتي، فقلت: جُعلت فدك أخبِرني عمّن قُتل مات؟ فقال عليه السلام: لا، الموت موت والقتل قتل. قال: فقلت له: ما أحد يُقتَل إلّا مات. قال فقال: يا زرارة قول اللَّه أصدق من قولك، قد فرّق بينهما في القرآن: (أفإن مات أو قُتل) وقال: (ولئن مُتُّم أو قُتلتم لإلى اللَّه تُحشرون) ليس كما قلت يا زرارة، الموت موت، والقتل قتل، وقد قال اللَّه: (إنّ اللَّه اشتري مِن المؤمنين أنفُسَهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة) الآية. قال: فقلت له: إنّ اللَّه يقول: (كلُّ نفسٍ ذائقة الموت) افرأيت مَن قُتل لم يمت؟ قال: فقال: ليس مَن قتل بالسيف كمن مات على فراشه، إنّ مَن قُتل لابد أن يرجع إلى الدنيا حتّى يذوق الموت.(33) الآية الخامسة عشرة قوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمَنوا اصبروا وصابِروا ورابِطوا واتَّقوا اللَّه لعلّكم تُفلِحون).(34) المرابطة في انتظار الإمام المهدي 108 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغَيبة، بإسناده عن بريد بن معاوية العجليّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (يا أيّها الّذين آمَنوا اصبِروا وصابِروا ورابِطوا) فقال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوّكم، ورابطوا إمامكم المنتظر.(35) 109 - روي العيّاشيّ عن يعقوب السّراج، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: تبقي الأرض يوماً بغير عالمٍ منكم يفزع الناس إليه؟ قال: فقال لي: إذاً لا يُعبد اللَّه يا أبا يوسف، لا تخلو الأرض من عالمٍ منّا ظاهر يفزع الناس في حلالهم وحرامهم، وإنّ ذلك لمُبيّن في كتاب اللَّه، قال اللَّه: (يا أيّها الّذين آمنوا اصبِروا) - على دينكم - (وصابِروا) - عدوّكم فمن يخالفكم - (ورابِطوا) - إمامكم - (واتَّقوا اللَّه) - فيما أمركم به وافترض عليكم.(36) الهوامش: (1) تفسير العيّاشيّ1 : 183 ح 81؛ المحجّة 50. (2) تفسير العيّاشيّ 1 : 183 ح 82؛ بحار الأنوار 52 : 340. (3) تفسير العيّاشيّ 2 : 60-56 ح 49. (4) الإرشاد 364؛ روضة الواعظين 2 : 265. (5) آل عمران: 97. (6) علل الشرايع 89 ب 81؛ بحار الأنوار 2 : 292. (7) آل عمران: 103. (8) الفتن لابن حمّاد 102؛ المعجم الأوسط للطبرانيّ 136:1 ح 157 باختلاف يسير. (9) آل عمران: 123. (10) الغَيبة للنعمانيّ 195 ب 11؛ بحار الأنوار 137:52. (11) المستدرك على الصحيحَين 554:4؛ البرهان للمتّقي 144 ب 6 ح 8. (12) عقد الدرر 90 ب 4 ف 2. (13) الغَيبة للطوسيّ 283؛ بحار الأنوار 291:52. (14) الغَيبة للطوسيّ 284؛ بحار الأنوار 334:52. (15) بحار الأنوار 306:52. (16) الفتن لابن حمّاد 90؛ عقدالدرر 145 ب 7؛ البرهان 141 ح 3. (17) آل عمران: 125. (18) تفسير العيّاشيّ 197:1 ح 138؛ بحار الأنوار 284:19. (19) الغَيبة للنعمانيّ 195 ح 3. (20) نفس المصدر 308 ح 3؛ بحار الأنوار 326:52. (21) الإرشاد 362؛ بحار الأنوار 52: 337-336. (22) آل عمران: 140. (23) تفسير العيّاشيّ 199:1 ح 145؛ بحار الأنوار 54:51. (24) آل عمران: 141. (25) فرائد السمطَين 335:2 ح 559؛ بحار الأنوار 73:51. (26) بحار الأنوار 361:51. (27) الغَيبة للطوسيّ 206؛ بحار الأنوار 113:52. (28) الغيبة للنعمانيّ 205 ح 8؛ بحار الأنوار 114:52. (29) الكافي 370:1 ب 141 ح 6؛ بحار الأنوار 111:52. (30) آل عمران: 142. (31) قرب الإسناد 162؛ بحار الأنوار 113:52. (32) آل عمران: 144. (33) تفسير العيّاشيّ 112:2 ح 139؛ بحار الأنوار 65:53. (34) آل عمران: 200. (35) الغَيبة للنعمانيّ 199 ح 13؛ بحار الأنوار 219:44. (36) تفسير العيّاشيّ 212:1 ح 181؛ بحار الأنوار 217:24. ****************** سورة النساء الآية السادسة عشرة قوله تعالى: (يا أيّها الّذين اُوتوا الكتاب آمِنوا بما نَزَّلنا مصدِّقاً لما معكم من قبلِ أن نَطمِس وُجوهاً فنرُدَّها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنّا أصحابَ السَّبتِ وكان أمرُ اللَّه مفعولاً).(1) 110 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغَيبة، بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام وجابر بن يزيد الجعفيّ، قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام: يا جابر الزم الأرض فلا تحرّك يداً ولا رِجلاً حتّى تري علامات أذكرها لك إن أدركتَها: أوّلها اختلاف ولد فلان (بني العباس) وما أرك تُدرك ذلك، ولكن حدِّث به بعدي، ومنادٍ ينادي من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح، وتخسف قرية من قري الشام تسمي الجابية، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من ناحيه الترك، فيعقبها هرج الروم، ويستقبل اخوان الترك حتّى ينزلوا الجزيرة، وتستقبل مارقة الروم حتّى ينزلوا الرملة، فتلك السنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كلّ أرض من ناحية المغرب، فأوّل ارض تخرب أرض الشام، ثمّ يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السُفيانيّ، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون، فيقتله السفياني ومن مَعَه، ثمّ يقتل الأصهب، ثمّ لا يكون له هِمّة إلّا الإقبال نحو العراق، ويمرّ جيشه بقرقيسا فيقتتلون بها، فيقتل من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدّتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسَبْياً، فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو خراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم عليه السلام، ويخرج رجل من موإلى أهل الكوفة في صنعاء، فيقتله أمير جيش السفيانيّ بين الحيرة والكوفة، ويبعث السفيانيّ بَعثاً إلى المدينة، فينفر المهدي عليه السلام منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني بأنّ المهدي عليه السلام، قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشاً على اثره فلا يدرك حتّى يدخل مكة خائفاً يترقّب على سنّة موسى بن عمران عليه السلام. قال: وينزل أمير جيش السفيانيّ البيداء، فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء أبيدي القوم، فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلّا ثلاثة نفر يُحوّل اللَّه وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية: (يا أيّها الّذين اُوتوا الكتاب آمِنوا بما نزّلنا مُصدّقاً لما معكم مِن قبل أن نَطمِس وُجوهاً فنردَّها على أدبارها).. الآية، قال: والقائم عليه السلام يومئذٍ بمكة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به فينادي: يا أيّها الناس إنّا نستنصر اللَّه، فمن اجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد، ونحن أولي الناس باللَّه وبمحمّد صلى الله عليه وآله، فمن حاجّني في آدم فأنا أولي الناس بآدم عليه السلام، ومن حاجّني في نوح فأنا أولي الناس بنوح عليه السلام، ومن حاجّني في إبراهيم فأنا أولي الناس بإبراهيم عليه السلام، ومن حاجّني في محمّد فأنا أولي الناس بمحمّد صلى الله عليه وآله، ومن حاجّني في النبيّين فأنا أولي الناس بالنبيّين...الحديث.(2) الآية السابعة عشرة قوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه واطيعوا الرسولَ وأولي الأمر مِنكم فإن تَنازعتُم في شيء فرُدّوهُ إلى اللَّه والرسُول إن كنتُم تُؤمِنُونَ باللَّهِ واليَومِ الآخِر ذلك خَيرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).(3) 111 - الشّيخ الصدوق، بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ يقول: لمّا أنزل اللَّه عزّ وجلّ على نبيّه محمّد صلى الله عليه وآله: (يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول واُولي الأمر منكم) قلت: يا رسول اللَّه عرفنا اللَّه ورسوله، فمن أُولوا الأمر الّذين قرن اللَّه طاعتهم بطاعتك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هم خلفائي يا جابر وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر، ستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسي، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميّيّ وكنيّي حجّة اللَّه في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ، ذك الّذي يفتح اللَّه تعالى ذِكره (به) مشارق الأرض ومغاربها على يديه، ذك الّذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن اللَّهُ قلبَه للايمان. قال جابر: فقلت له: يا رسول اللَّه فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أي والّذي بعثني بالنبوة، إنّهم يستضيئون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن يجللها سَحاب، يا جابر، هذا مِن مكنون سر اللَّه ومخزون علمه، فكتُمه إلّا من أهله.(4) 112 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي خالد الكابليّ، قال: دخلت على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام فقلت له: يا ابن رسول اللَّه أخبرني بالّذين فرض اللَّه عزّ وجلّ طاعتهم ومودّتهم، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله؟ فقال لي: يا كابليّ إنّ أُولي الامر الّذين جعلهم اللَّه عزّ وجلّ أئمّة الناس وأوجب عليهم طاعتهم؛ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ الحسن عمّي، ثمّ الحسين أبي، ثمّ انتهي الأمر إلينا، ثمّ سكت. فقلت له: يا سيّدي رُوي لنا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّ الأرض لا تَخلو من حجّة للَّه تعالى على عباده، فمن الحجّة والإمام بعدك؟ قال: ابني محمّد، واسمه في صُحف الأولين باقر، يبقر العلم بقراً، هو الحجّة والإمام بعدي، ومِن بعد محمّد ابنه جعفر، واسمه عند أهل السماء الصادق. قلت: يا سيدي فكيف صار اسمه الصادق وكلهم صادقون؟ قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: إذا وُلد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، فسمّوه الصادق، فإنّ الخامس من ولده الّذي اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراءً على اللَّه وكذباً عليه، فهو عند اللَّه (جعفر الكذّاب) المفتري على اللَّه تعالي، والمُدّعي لما ليس له بأهلٍ، المخالف لأبيه والحاسد لاخيه، وذلك الّذي يروم كشف ستر اللَّه عزّ وجلّ عند غيبة وليّ اللَّه، ثمّ بكي عليّ بن الحسين عليه السلام بكاءً شديداً، ثمّ قال: كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ اللَّه، والمغيَّب في حفظ اللَّه. والتوكيل بحرم ابيه جهلاً منه برُتبته، وحرصاً منه على قتله ان ظفر به، وطمعاً في ميراث أخيه حتّى يأخذه بغير حقٍّ. فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول اللَّه وإنّ ذلك لكائن؟ فقال: اي وربيّ إنّ ذلك مكتوب عندنا في الصحيفة الّتي فيها ذِكر المحن الّتي تجري علينا بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول اللَّه ثمّ يكون ماذا؟ قال: تمتدّ الغَيبة بوليّ اللَّه الثاني عشر من أوصياء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والائمّة بعده، يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، فإنّ اللَّه تبارك وتعالى أعطاهم من العُقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغَيبة عندهم بمنزلة المُشاهَدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالسيف، اولئك المُخلصون حقّاً وشيعتنا صدقاً، والدُعاة إلى دِين اللَّه عز وجل سرّاً وجَهراً. وقال عليه السلام: انتظار الفرج مِن أعظم الفرج.(5) 113 - روي أبان عن سُليم بن قيس، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبيّ صلى الله عليه وآله، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعتُ منهم، ورأيتُ في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله تُخالف الّذي سمعته منكم، وانتم تزعمون أنّ ذلك باطل، أفتري يكذبون على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله متعمّدين ويفسّرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل عليّ عليه السلام فقال لي: يا سُليم قد سألتَ فافهم الجواب، إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً، وصِدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وخاصّاً وعامّاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله على عهده حتّى قام خطيباً فقال: أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذّابة، فمن كذب عليَّ متعمداً، فليتبوّأ مقعده من النار، ثمّ كذب عليه مِن بعده حين توفّي، رحمة اللَّه على نبيّ الرحمة، وصلى الله عليه وآله..الحديث (حتّى يصل إلى قوله) فقلت له ذات يوم: يا نبيّ اللَّه إنّك منذ يوم دعوت اللَّه لي بما دعوت، لم أنسَ شيئاً ممّا علّمتني، فلِمَ تُمليه عليَّ وتأمرني بكتابته، أتَتخوَّف عليّ النسيان؟ فقال: يا أخي لست أتخوّفُ عليك النِّسيان ولا الجهل، وقد أخبرني اللَّه أنّه قد استجاب لي فيك، وفي شركائك الّذين يكونون من بعدك. قلت: يا نبي اللَّه ومَن شركائي؟ قال: الّذين قرنهم اللَّه بنفسه وبي معه، الّذين قال في حقّهم: (يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول واُولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فرُدّوه إلى اللَّه والرسول). قلت: يا نبيّ اللَّه ومن هم؟ قال: الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليّ حوضي، كلّهم هاد مهتدٍ، لا يضرّهم كيدُ مَن كادهم، ولا خذلان مَن خذلهم، هم مع القرآن، والقرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم ينصر اللَّه أمّتي، وبهم يُمطرون ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم. فقلت: يا رسول اللَّه سَمِّهم لي. فقال: ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن - ثمّ ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين، ثمّ ابن ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين - ثمّ ابن له على اسمي اسمه محمّد، باقر علمي وخازن وحي اللَّه، وسيُولد عليّ في حياتك يا أخي، فاقرأه منّي السلام، ثمّ أقبل على الحسين فقال: سيُولد لك محمّد بن عليّ في حياتك، فاقرأه منّي السلام، ثمّ تكملة الإثني عشر إماماً من ولدك يا أخي. فقلت: يا نبي اللَّه سمِّهم لي. فسمّاهم لي رجلاً رجلاً، منهم واللَّه - يا أخا بني هلال - مهدي هذه الامة الّذي يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجَوراً. واللَّه إنّي لأعرف جميع مَن يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم.(6) 114 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم) قال: الائمّة من وُلد عليّ وفاطمة عليهما السلام إلى أن تقوم الساعة.(7) 115 - روي العيّاشيّ بإسناده عن أبان، أنّه دخل عليّ أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: فسألته عن قول اللَّه: (يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فقال: ذلك عليّ بن أبي طالب عليه السلام ثمّ سكت، قال: فلمّا طال سكوته قلت: ثمّ مَن؟ قال: ثمّ الحسن، ثمّ سكت، فلمّا طال سكوته، قلت: ثمّ مَن؟ قال: الحسين، قلت: ثمّ مَن؟ قال: ثمّ عليّ بن الحسين وسكت، فلم يزل يسكت عند كلّ واحدٍ، حتّى أعيد المسألة، فيقول حتّى سمّاهم إلى آخرهم عليهم السلام.(8) 116 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام: لأيّ شيء يُحتاج إلى النبيّ والإمام؟ فقال عليه السلام: لبقاء العالم على صلاحه، وذلك أنّ اللَّه عزّ وجلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام، قال اللَّه عزّ وجلّ: (وما كان اللَّه لِيُعذّبهم وأنتَ فيهم) وقال النبيّ صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمانٌ لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم، أتي أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهلُ بيتي، أتي أهل الأرض ما يكرهون، يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن اللَّه عزّ وجلّ طاعتهم بطاعته فقال: (يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). وهم المعصومون المُطهّرون الّذين لا يذنبون ولا يعصون، وهم المؤيَّدون الموفَّقون المسُدّدون، بهم يرزق اللَّه عباده، وبهم يعمر بلاده، وبهم يُنزل القَطر من السماء، وبهم يُخرج بركات الأرض، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يُعجل عليهم بالعقوبة والعذاب، لا يُفارقهم روح القدس ولا يُفارقونه، ولا يُفارقون القرآن ولا يُفارقهم، صلوات اللَّه عليهم أجمعين.(9) 117 - روي العيّاشيّ بإسناده عن بُريد بن معاوية قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فسألته عن قول اللَّه: (أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فكان جوابه أن قال عليه السلام: (اَلم ترَ إلى الّذين اُوتوا نَصيباً من الكتاب يُؤمنون بالجِبت والطاغوت) - فلان وفلان - (ويقولون للّذين كفَروا هؤلاءِ أهدي مِن الّذين آمنوا سَبيلاً) (ويقول) الائمّة الضالّة والدُعاة إلى النار هؤلاء أهدي من آل محمّد وأوليائهم سبيلاً (أولئك الّذين لَعَنهم اللَّه ومَن يلعن اللَّهُ فلن تَجِد له نَصيراً - أم لهم نَصيبٌ من الملك) - يعني الامامة والخلافة - (فإذاً لايُؤتون الناس نَقيراً) نحن الناس الّذي عني اللَّه، والنقير النقطة الّتي رأيت في وسط النواة. (أم يحسدون الناسَ على ما آتيهم اللَّه مِن فَضله) فنحن المحسودون على ما آتانا اللَّه من الإمامة دون خلق اللَّه جميعاً (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحِكمة وآتيناهم ملكاً كبيراً) يقول: فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمّة، فكيف يقرّون بذلك في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمّد صلى الله عليه وآله؟ (فمنهم من آمن به ومنهم مَن صَدّ عنه وكفي بجهنّم سعيراً) - إلى قوله - (ونُدخلهم ظِلّاً ظَليلاً). قال: قلت: قوله في آل إبراهيم: (وآتيناهم ملكاً عظيماً) ما الملك العظيم؟ قال: أنْ جَعَلَ منهم أئمّة، مَن اَطاعَهُم اَطاع اللَّه، ومَن عَصاهُم عَصَي اللَّه، فهو الملك العظيم. قال: ثمّ قال: (إنّ اللَّه يأمركم أن تؤدّوا الأماناتِ إلى أهلها)، إلي: (سَميعاً بصيراً)، قال: إيّانا عني، أن يؤدّي الأول منا إلى الإمام الّذي بعده الكتب والعِلم والسلاح. (وإذا حَكمتم بَينَ الناس أن تَحكموا بالعَدل)، الّذي في أيديكم، ثمّ قال للناس: (يا أيّها الّذين آمَنوا)، فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة (أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، إيّانا عني خاصة - الحديث.(10) 118 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن عيسي بن السري، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: حدِّثني عما بُنيت عليه دعائم الإسلام، إذا أنا اخذت بها زكي عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده. فقال عليه السلام: شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، والإقرار بما جاء به مِن عند اللَّه، وحقّ في الأموال من الزكاة، والولاية الّتي أمر اللَّه عزّ وجلّ بها ولاية آل محمّد صلى الله عليه وآله، فإنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: مَن مات ولا يعرف إمامه، مات ميتة جاهلية، قال اللَّه عزّ وجلّ: (أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم) فكان عليّ عليه السلام، ثمّ صار من بعده حسن، ثمّ من بعده حسين، ثمّ من بعده عليّ بن الحسين، ثمّ من بعده محمّد بن عليّ، ثمّ هكذا يكون الأمر، إنّ الأرض لا تصلح إلا بإمام، ومَن مات لا يعرف إمامه، مات ميتة جاهلية، وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهُنا - قال: وأهوي بيده إلى صدره - يقول حينئذٍ: لقد كنت على أمرٍ حسن.(11) 119 - روي العلّامة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمريّ قدس سره قال: تشاجر القزوينيّ وجماعة من الشيعة في الخلف، فذكر ابن أبي غانم، أنّ أبا محمّد عليه السلام مضي ولا خلف له، ثمّ أنّهم كتبوا في ذلك كتاباً وأنفذوه إلى الناحية، وأعلموه بما تشاجروا فيه. فورد جواب كتابهم بخطّه صلى الله عليه وعلي آبائه: عافانا اللَّه وإيّكم من الفِتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين، وأجارنا وإيّكم من سوء المنقلَب، انّه أُنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدّين، وما دخلهم من الشك والحيرة في وُلاة أمرهم، فغمّنا ذلك لكم لا لنا، وساءنا فيكم لا فينا، لأنّ اللَّه معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، والحقّ معنا فلن يوحشنا مَن قعد عنا، ونحن صنايع ربّنا والخلق بَعدُ صنايعنا. يا هؤلاء ما لكم في الريب تتردّدون، وفي الحيرة تتمسّكون، أوما سمعتم اللَّه يقول: (يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسولَ وأُولي الأمر منكم) أوما علمتم ما جاءت به الآثار مِمّا يكون ويحدث في أئمّتكم، على الماضين والباقين منهم السلام؟ أوما رأيتم كيف جعل اللَّه لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها، من لَدُن آدم عليه السلام إلى أن ظهر الماضي عليه السلام، كلّما غاب عَلَم بدا عَلَم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّا قبضه اللَّه إليه ظننتم أنّ اللَّه أبطل دِينه، وقطع السبب بينه وبين خلقه، كلّا ما كان ذلك ولا يكون، حتّى تقوم الساعة ويظهر أمر اللَّه وهم كارهون، وإنّ الماضي عليه السلام مضي سعيداً فقيداً على منهاج آبائه عليهم السلام (حذو النعل بالنعل) وفينا وصيّته وعلمه، ومنه خلفه ومَن يسدّ مسدّه، ولا يُنازعنا موضعه إلّا ظالم آثمّ، ولا يدّعيه دوننا إلّا كافر جاحد، ولولا أنّ أمر اللَّه لا يُغلَب، وسرّه لا يظهر ولا يعلن، لظهر لكم مِن حقّنا ما تبتز منه عقولكم، ويزيل شكوككم، ولكنّه ما شاء اللَّه كان، ولكلّ أَجَل كتاب، فاتّقوا اللَّه وسلّموا لنا وردّوا الأمر إلينا، فعلينا الاصدار كما كان منا الايراد، ولا تحاولوا كشف ما غطّي عنكم، ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة على السُنّة الواضحة؟فقد نصحت لكم، واللَّه شاهد عليّ وعليكم، ولولا ما عندنا من محبّة صاحبكم ورحمتكم، والاشفاق عليكم، لكنّا عن مخاطبتكم في شُغل ممّا قد امتحنّا به من منازعة الظالم العُتلّ، الضالّ المتتابع في غيّه، المضادّ لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد حقّ مَن افترض اللَّه طاعته، الظالم الغاصب، وفي ابنة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وعليها إليّ اُسوة حسنة، وسيتردّي الجاهل رداء عمله، وسيعلم الكافر لمن عُقبي الدار. الهوامش: (1) النساء: 47. (2) الغَيبة للنعمانيّ 149؛ الإختصاص 255. (3) النساء: 59. (4) كمال الدّين 253:1 ح 3؛ بحار الأنوار 289:23. (5) كمال الدّين 319:1 ج 2؛ بحار الأنوار 286:36. (6) سُليم بن قيس 108-103؛ بحار الأنوار 273:36. (7) كمال الدّين 222:1 ح 8. (8) تفسير العيّاشيّ 251:1 ح 171؛ بحار الأنوار 292:23. (9) علل الشرايع 123 ح 1؛ بحار الأنوار 19:23. (10) تفسير العيّاشيّ 246:1 ح 153؛ بحار الأنوار 289:23. (11) الكافي 21:2 ح 9؛ بحار الأنوار 289:23. ****************** عصمنا اللَّه وإيّكم من المهالك والأسواء، والآفات والعاهات كلّها برحمته، إنّه ولي ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم وليّاً وحافظاً، والسلام على جميع الأوصياء والأولياء والمؤمنين ورحمة اللَّه وبركاته، وصلّي اللَّه على النبيّ محمّد وآله وسلّم تسليماً.(1) 120 - وروي الطبرسيّ رحمه الله بإسناده عن الشيخ الصدوق، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ قدس سره: أنّه جاء بعض أصحابنا يُعلمه أنّ جعفر بن عليّ كتب إليه كتاباً يعرّفه نفسه، ويُعلمه أنّه القيم بعد اخيه، وأنّ عنده من عِلم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، وغير ذلك من العلوم كلّها. قال أحمد بن اسحاق: فلمّا قرأتُ الكتابُ كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام وصيّرت كتاب جعفر في درجه، فخرج إليّ الجواب في ذلك: أتاني كتابك أبقك اللَّه والكتاب الّذي أنفذت درجه، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه، على اختلاف ألفاظه وتكرر الخطأ فيه، ولو تدبّرتَه لوقفتَ على بعض ما وقفتُ عليه منه، والحمد للَّه رب العالمين حمداً لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا، أبي اللَّه عزّ وجلّ للحقّ إلا إتماماً، وللباطل إلّا زهوقاً، وهو شاهد عليّ بما أذكره، ولي عليكم بما أقوله، إذا اجتمعنا اليوم الّذي لا ريب فيه، ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون. وإنّه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه، ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمّة، وسأُبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء اللَّه. يا هذا يرحمك اللَّه، إنّ اللَّه تعالى لم يخلق الخَلق عبثاً، ولا أهملهم سُديً، بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً واُلباً، ثمّ بعث النبيّين عليهم السلام مُبشّرين ومُنذِرين، يأمرونهم بطاعته، وينهونهم عن معصيته، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتاباً، وبعث اليهم ملائكة، وباين بينهم وبَين من بعثهم إليهم بالفضل الّذي جعله لهم عليهم، وما آتاهم اللَّه من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة، والآيات الغالبة، فمنهم: مَن جعل النار عليه برداً وسلاماً واتّخذه خليلاً، ومنهم: من كلّمه تكليماً وجعل عصاه ثعباناً مُبيناً، ومنهم: من أحيي الموتي بإذن اللَّه وأبرأ الكمه والأبرص بإذن اللَّه، ومنهم: من علّمه منطق الطير واُوتي من كلّ شيء. ثمّ بعث محمّداً صلى الله عليه وآله رحمةً للعالمين وتمم به نعمته،وختم به أنبياءه، وأرسله إلى الناس كافّة، وأظهر من صِدقه ما أظهر، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن، ثمّ قبضه صلى الله عليه وآله حميداً فقيداً سعيداً، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن عمّه ووصيّه ووارثه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ إلى الأوصياء من ولده واحداً بعد واحدٍ، أحيا بهم دينه، وأتمّ بهم نوره، وجعل بينهم وبين اخوتهم وبني عمّهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقاً بيّناً، تُعرَف به الحجّة من المحجوج، والإمام من المأموم، بأن عصمهم من الذنوب، وبرّأهم من العيوب، وطهّرهم من الدنس، ونزّههم من اللبس، وجعلهم خُزّان علمه، ومستودع حِكمته، وموضع سرّه، أَيّدهم بالدلائل ولولا ذلك لكان الناس على سواه، ولادّعي أمر اللَّه عزّ وجلّ كلُّ أحد، ولما عُرف الحق من الباطل، ولا العِلم من الجهل. وقد ادّعي هذا المُبطِل المدّعي على اللَّه الكذب بما ادّعاه، فلا أدري بأيّة حالةٍ هي له، رجا أن يتمّ دعواه، بفقهٍ في دين اللَّه؟! فو اللَّه ما يعرف حلالاً من حرام، ولا يُفرّق بين خطأٍ وصواب. أم بعلمٍ؟! فما يعلم حقّاً من باطل، ولا مُحكماً من متشابه، ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها. أم بورع؟! فاللَّه شهيد على تركه الصلاة الفرض (أربعين يوماً) يزعم ذلك لطلب الشعوذة، ولعلّ خبره تأدّي اليكم، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة، وآثار عصيانه للَّه عزّ وجلّ مشهورة قائمة. أم بآيةٍ؟! فليَأتِ بها. أم بحجّة؟! فليُقِمها. أم بدلالة؟! فليذكرها. قال اللَّه عزّ وجلّ في كتابه: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم حم تنزيلُ الكتابِ من اللَّه العَزيز الحكيم - ما خَلَقنا السمواتِ والأرضَ وما بينهما إلّا بالحقِّ وأَجَلٍ مُسمّي والّذين كفَروا عمّا اُنذروا مُعرِضون- قُل أرأيتم ما تَدعون من دون اللَّه أَروني ماذا خَلَقوا من الأرض أم لهم شِرك في السموات ائتوني بكتاب مِن قَبلِ هذا أو أثارةٍ من عِلمٍ إن كنتم صادِقين - ومن أضلّ ممّن يدعو مِن دون اللَّه مَن لا يستجيبُ له إلى يومِ القِيامة وهم عن دُعائهم غافلون- وإذا حُشِرَ الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين).(2) فالتمس - تولّي اللَّه توفيقك - من هذا الظالم ما ذكرتُ لك، وامتحنه واسأله عن آية من كتاب اللَّه يفسّرها، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لك عواره ونقصانه واللَّه حسيبه. حفظ اللَّه الحقّ على أهله، وأقرّه في مستقره، وأبي اللَّه عزّ وجلّ أن تكون الإمامة في الأخوَين إلّا في الحسن والحسين، وإذا أذن اللَّه لنا في القول ظهر الحق واضمحلّ الباطل، وانحسر عنكم، وإلى اللَّه أرغب في الكفاية، وجميل الصنع والولاية، وحسبُنا اللَّه ونعم الوكيل، وصلّي اللَّه على محمّد وآل محمّد.(3) 121 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن ابن بهلول، قال: حدّثني عبد اللَّه ابن أبي الهُذيل - وسألته عن الامامة فيمن تجب وما علامة من تجب له الامامة؟ - فقال: إنّ الدليل على ذلك والحجّة على المؤمنين والقائم باُمور المسلمين والناطق بالقرآن والعالم بالأحكام أخو نبيّ اللَّه، وخليفته على أمّته، ووصيّه عليهم، ووليّه الّذي كان منه بمنزلة هارون من موسي، المفروض الطاعة بقول اللَّه عزّ وجلّ: (يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسولَ وأُولي الأمر منكم) الموصوف بقوله عزّ وجلّ: (إنّما وليُّكم اللَّه ورسولُه والّذين آمنوا الّذين يُقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم ركعون)(4) المدعو إليه بالولاية، المثبت له الإمامة يوم غدير خمّ بقول الرسول صلى الله عليه وآله عن اللَّه عزّ وجلّ: ألستُ أولي بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلي، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللَّهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصُر مَن نصره، واخذُل مَن خذله، وأعِن من أعانه، وأعزّ من أطاعه، ذلك، عليّ بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغُرّ المحجلين، وأفضل الوصيّين، وخير الخلق أجمعين بعد رسول اللَّه عليه السلام. وبعده الحسن بن عليّ، ثمّ الحسين عليهما السلام سبطا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وابنا خيرة النسوان أجمعين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسي، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ محمّد بن الحسن عليهم السلام إلى يومنا هذا، واحداً بعد واحد، وهم عترة الرسول صلى الله عليه وآله المعروفون بالوصية والإمامة، لا تخلو الأرض من حُجّة منهم في كلّ عصر وزمان، وفي كلّ وقت وأوان، وإنّهم العُروة الوثقي وأئمّة الهدي، والحُجّة على أهل الدنيا، إلى أن يرث اللَّهُ الأرض ومَن عليها، وكلّ من خالفهم ضالٌّ مُضِلٌّ، تارك للحق والهُدي، وهم المعبِّرون عن القرآن، والناطقون عن الرسول صلى الله عليه وآله، مَن مات ولا يعرفهم، مات ميتة الجاهلية، ودينهم الوَرَع والعِفّة والصدق والصلاح والاجتهاد، وأداء الامانة إلى البَرّ والفاجر، وطول السجود، وقيام الليل، واجتناب المحارم، وانتظار الفرج بالصبر، وحسن الصُحبة، وحُسن الجوار. ثمّ قال تميم بن بهلول: حدّثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد عليه السلام في الإمامة مثله سواء.(5) 122 - روي عن ابن أبي عُمَير، عن هشام بن سالم، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام إذ دخل عليه معاوية بن عمار وعبدالملك بن أعين، وذكر حديثاً للامام الصادق عليه السلام حول الرؤية، ثمّ قال: عليه السلام: إنّ أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الربّ والإقرار له بالعبوديّة، وحَدُّ المعرفة أن يعرف أنّه لا إله غيره ولا شبيه له ولا نظير له، وأن يعرف أنّه قديم مثبت، موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه، ولا مثيل له، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وبعده معرفة الرسول صلى الله عليه وآله، والشهادة له بالنبوّة، وأدني معرفة الرسول الاقرار بنبوّته، وأنّ ما أتي به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك من اللَّه عزّ وجلّ. وبعده معرفة الإمام الّذي يأتمّ بنعته وصفته واسمه في حال العُسر واليُسر، وأدني معرفة الإمام أنّه عِدْل النبيّ - إلّا درجة النبوّة - ووارثه، وأنّ طاعته طاعة اللَّه وطاعة رسول اللَّه، والتسليم له في كلّ أمر، والرّد إليه، والأخذ بقوله، ويعلم أنّ الإمام بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عليّ بن أبي طالب، وبعده الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ أنا، ثمّ بعدي موسى ابني، وبعده عليّ ابنه، وبعد عليّ محمّد ابنه، وبعد محمّد عليّ ابنه، وبعد عليّ الحسن ابنه، والحجّة من ولد الحسن. ثمّ قال: يا معاوية جعلت لك أصلاً في هذا، فاعمل عليه... الحديث.(6) الآية الثامنة عشرة قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ والرَّسولَ فأولئك مع الّذين أنعَمَ اللَّهُ عليهم مِن النبيِّينَ والصِدّيقين والشهداءِ والصالِحِين وحَسُنَ أولئك رفيقاً). 123 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب للصادق عليه السلام قال: قال: النبيّين: رسول اللَّه، والصدّيقين: عليّ عليه السلام، والشهداء: الحسن والحسين عليهما السلام، والصالحين: الأئمّة وحُسن اولئك رفيقاً: القائم من آل محمّد عليهم الصلاة والسلام.(7) 124 - روي الحافظ الحكم الحسكانيّ أيضاً، قال أخبرنا أبو العباس الفرغانيّ بإسناده عن سعد بن حذيفة، عن أبيه حذيفة بن اليمان قال: دخلتُ على النبيّ صلى الله عليه وآله ذاتَ يوم وقد نزلت عليه هذه الآية: (فأولئك مع الّذين أنعمَ اللَّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداءِ والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً) فأقرأنيها صلى الله عليه وآله فقلت: يا نبيّ اللَّه فِدك أبي وأمي، من هؤلاء إنّي أجدُ اللَّه بهم حفيّاً، قال: يا حذيفة أنا من النبيّين الّذين أنعمَ اللَّه عليهم، أنا أوّلهم في النبوّة، وآخرهم في البعث، ومن الصدّيقين عليّ بن أبي طالب، ولمّا بعثني اللَّه عزّ وجلّ برسالته، كان أوّل من صدّق بي، ثمّ من الشهداء حمزة وجعفر، ومن الصالحين الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وحَسُنَ أولئك رفيقاً: المهدي في زمانه.(8) 125 - روي الحافظ الحكم الحسكانيّ أيضاً قال: أخبرنا أبو سعد محمّد بن عليّ الحبريّ وأبوبكر محمّد بن عبدالعزيز الجوديّ، قالا: بإسنادهما عن أبي أحمد داود بن سليمان قال: حدّثني عليّ بن موسى الرضا، قال: أخبرني أبي، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في هذه الآية: (فَاولئك الّذين أنعمَ اللَّه عليهم) قال: من النبيّين محمّد ومن الصدّيقين عليّ بن أبي طالب ومن الشهداء حمزة ومن الصالحين الحسن والحسين (وحسن اولئك رفيقاً) قال: القائم من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.(9) 126 - روي الحافظ الحكم الحسكانيّ، قال: بإسناده عن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن عبّاس، في قوله تعالى: (ومَن يُطِع اللَّه) يعني في فرائضه، ومن (الصالحين) الحسن والحسين (وحَسُنَ اولئك رفيقاً) فهو المهدي في زمانه.(10) 127 - روي في كفاية الأثر بالإسناد عن أمّ سلمة، قالت: سألتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن قول اللَّه سبحانه: (أولئك الّذين انعمَ اللَّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً). قال صلى الله عليه وآله: (الّذين أنعمَ اللَّه عليهم من النبيّين): أنا، (والصديقين) عليّ بن أبي طالب، (والشهداء): الحسن والحسين وحمزة، (وحَسُنَ أولئك رفيقاً): الأئمّة الإثني عشر بعدي.(11) 128 - روي فرات الكوفي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: إنّي اُريد أن أذكر حديثاً، فقال عمار بن ياسر فذكره، قال: إنّي اُريد أن أذكر حديثاً، قال أبو أيوب الأنصاريّ: فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تذكره؟ فقال: ما قلتُ هذا إلّا وأنا اُريد أن أذكره، ثمّ قال: إذا جمع اللَّه الأوّلين والآخرين، كان أفضلهم سبعة منّا بني عبد المطلب، الأنبياء كرم الخلق على اللَّه، ونبيّنا كرم الأنبياء، ثمّ الأوصياء أفضل الامم بعد الأنبياء، ووصيّه أفضل الأوصياء، ثمّ الشهداء أفضل الأمم بعد الأنبياء والأوصياء، وحمزة سيد الشهداء، وجعفر ذو الجناحين يطيرُ مع الملائكة لم يُنحله شهيد قطّ قبله، وإنّما ذلك شيء كرم اللَّه به وجه محمّد صلى الله عليه وآله. ثمّ قال: (أولئك الّذين أنعمَ اللَّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ اولئك رفيقاً - ذلك الفَضلُ من اللَّه وكفي باللَّه عليماً). والسبطان حسن وحسين، والمهدي عليهم السلام جعله اللَّه ممّن يشاء من أهل البيت.(12) قوله تعالى: (ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفّوا أيديَكم وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة فلمّا كتب عليهم القتالُ إذا فريقٌ منهم يخشَون الناسَ كخَشية اللَّه أو أشدّ خَشيةً وقالوا ربَّنا لِمَ كتبتَ علينا القِتالَ لولا أخّرتَنا إلى أَجَل قريب قُل مَتاع الدنيا قليل والآخرة خيرٌ لمن اتّقي ولا تُظلَمون فَتيلاً).(13) 129 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ رحمه الله بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: واللَّهِ للذي صنعه الحسنُ بن عليّ عليهما السلام كان خيراً لهذه الامة ممّا طلعت عليه الشمس، فو اللَّه لقد نزلت هذه الآية: (ألم تَر إلى الّذين قيل لهم كفُّوا أيديكم وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة) إنّما هي طاعة الإمام، وطلبوا القتال (فلمّا كتب عليهم القتال) مع الحسين عليه السلام (قالوا ربّنا لِمَ كتبتَ علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجلٍ قريب) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السلام.(14) 130 - وروي العيّاشيّ رحمه الله بإسناده عن ادريس مولي لعبد اللَّه بن جعفر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في تفسير هذه الآية: (ألم تَرَ إلى الّذين قيل لهم كفُّوا ايديكم) مع الحسن (وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة فلمّا كتِب عليهم القتال) مع الحسين (قالوا ربّنا لم كتبتَ علينا القِتال لولا أخّرتنا إلى أجل قريبٍ) إلى خروج القائم عليه السلام، فإنّ معهم النصر والظفر، قال اللَّه: (قُل متاع الدنيا قليل والآخرة خيرٌ لمن اتّقي... الآية).(15) 131 - روي العيّاشيّ أيضاً بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: واللَّهِ للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليهما السلام كان خيراً لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس، واللَّه لفيه نزلت هذه الآية: (ألم ترَ إلى الّذين قيلَ لهم كفُّوا أيديكم وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة) إنّما هي طاعة الامام، فطلبوا القتال: (فلمّا كتب عليهم القتال) مع الحسين (قالوا ربّنا لِمَ كتبتَ علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجل قريب) وقوله: (ربّنا اَخِّرنا إلى أجلٍ قريب نُجِب دعوتك ونتّبع الرُسل) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السلام.(16) الآية التاسعة عشرة قوله تعالى: (مَن يُطِع الرسولَ فقد أطاع اللَّه ومَن تولّي فما أرسلنك عليهم حفيظاً).(17) 132 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: القائم من وُلدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسُنّته سُنّتي، يُقيم الناس على مِلّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربّي عزّ وجلّ، من أطاعه فقد اطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد انكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلى اللَّه أشكو المكذّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لمتى عن طريقته، وسَيعلم الّذين ظلموا أيّ مُنقَلب ينقلبون.(18) الآية العشرون قوله سبحانه: (وان يتفرّقا يُغنِ اللَّه كلاًّ مِن سَعَتِه وكان اللَّه واسعاً عليماً).(19) 133 - ومن خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمّي المخزون جاء فيها: ويسير الصدّيق الكبر براية الهُدي والسيف ذي الفقار والمِخصرة حتّى ينزل أرض الهجرة مرّتين وهي الكوفة، فيهدم مسجدها ويبنيه على بنائه الأوّل، ويهدم ما دونه من دور الجبابرة، ويسير إلى البصرة حتّى يشرف على بحرها ومعه التابوت وعصا موسي، فيعزم عليه، فيزفرُ زفرة بالبصرة، فتصير بحراً لُجيّاً، فيغرقها لا يبقي فيها غير مسجدها كجؤجؤ سفينة على ظهر الماء، ثمّ يسير إلى حروراء ثمّ يُحرقها، ويسير من باب بني أسد حتّى يزفر زفرةً في ثقيف وهم زرع فرعون، ثمّ يسير إلى مصر، فيعلو منبره ويخطب الناس، فتستبشر الأرض بالعدل، وتعطي السماء قطرها، والشجر ثمرها، والأرض نباتها، وتتزيّن لأهلها، وتأمن الوحوش حتّى ترتعي في طرف الأرض كأنعامهم، ويُقذف في قلوب المؤمنين العِلم فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم، فيومئذٍ تأويل هذه الآية: (يُغنِ اللَّه كلاًّ من سعته). (الحديث).(20) الآية الحادية والعشرون قوله تعالى: (وقَولِهِمْ إِنَّا قَتلْنا المَسيحَ عِيسي ابنَ مريَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكن شُبّه لَهُمْ وانَّ الّذين اختلفوا فيه لَفي شك مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ من عِلمٍ إلَّا اتّباع الظَّنّ وما قَتلُوهُ يَقيناً - بل رَفَعهُ اللَّهُ إلَيه وكان اللَّهُ عَزيزاً حكيماً).(21) تشبيه غيبة المهدي بغيبات عيسى 134 - روي العلّامة البيّاضي رحمه الله قال: أسند الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ، إلى سُدير الصيرفيّ، قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبان بن تغلب على الصادق عليه السلام فقال: إنّ اللَّه تعالى إذا آن لقائمنا، قدّر ثلاثة لثلاثة: قدّر مولده بمولد موسي، وغيبته بغيبة عيسي، وإبطاءه بإبطاء نوح، وجعل له بعد ذلك عمر العبد الصالح - يعني الخضر - دَليلاً على عمره. ثمّ قال بعد ذلك: وأمّا غيبة عيسي، فإنّ الكتابيين اتّفقوا على قتله، فكذّبهم اللَّه بقوله: (وما قتلوه) وغيبة القائم تنكرها الأمّة لطولها، فمِن قائل لم يُولد، وقائل وُلد ومات، وقائل إنّ حادي عشرنا كان عقيماً، وقائل يتعدّي الأمر عن اثني عشر، وقائل: إنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره.(22) 135 - وروي الصدوق بإسناده عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: كان بين عيسي وبين محمّد صلى الله عليه وآله خمسمائة عام منها مائتان وخمسون عاماً ليس فيها نبيٌّ ولا عالِمٌ ظاهر، قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا متمسّكين بدين عيسي عليه السلام، قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا مؤمنين، ثمّ قال عليه السلام: ولا يكون الأرض إلّا وفيها عالِم. وكان ممّن ضرب في الأرض لطلب الحجّة سلمان الفارسيّ رضي الله عنه فلم يزل ينتقل من عالم إلى عالم، ومن فقيه إلى فقيه، ويبحث عن الأسرار ويستدلّ بالاخبار منتظراً لقيام القائم سيّد الأوّلين والآخرين محمّد صلى الله عليه وآله أربعمائة سنة حتّى بُشّر بولادته، فلمّا أيقن بالفرج، خرج يريد تهامة فسُبي.(23) الآية الثانية والعشرون قوله تعالى: (وإن مِن أهل الكتاب إلّا ليُؤمننّ به قبلَ مَوته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً).(24) 136 - عليّ بن إبراهيم القميّ رحمه الله بإسناده عن شهر بن حوشب قال: قال لي الحجّاج: يا شهر آية في كتاب اللَّه قد أعيتني، فقلت: أيّها الأمير أيّة آية هي؟ فقال: قوله: (وإن مِن أهل الكتاب إلّا ليؤمننّ به قبل مَوته) واللَّهَ إنّي لأمرّ باليهوديّ والنصرانيّ، فيضرب عنقه، ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد، فقلت: أصلح اللَّه الأمير ليس على ما تأوّلتَ، قال: كيف هي؟ قلت: إنّ عيسي ينزل قيل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقي أهل ملّة يهوديّ ولا غيره (نصرانيّ) إلّا آمن به قبل موته، ويُصلّي خلف المهدي. قال: ويَحك.. أ نّي لك هذا ومن أين جئت به؟ فقلت: حدّثني به محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام. فقال: جئتَ بها - واللَّه - من عين صافية.(25) 137 - روي الطبريّ بإسناده عن ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (وإن مِن أهل الكتاب إلّا ليؤمننّ به قبل مَوته) قال: إذا نزل عيسي ابن مريم فقتل الدجّال، لم يبقَ يهوديّ في الأرض إلّا آمن به. قال: وذلك حين لا ينفعهم الإيمان.(26) قال العلّامة البيّاضيّ رحمه الله في رجعة عيسي عليه السلام في زمان المهدي عليه السلام: ثمّ نرجع ونقول: عيسي أيضاً حيٌّ إلى الآن، قال الضحّك وجماعة أيضاً من مفسّري المخالف في قوله تعالى: (إنّي متوفّيك ورافِعُك إليَّ)(27) أي بعد إنزالك من السماء، وقال الكلبيّ والحسن وابن جريح: رافعك من الدنيا إليّ من غير موت. ويؤكد ذلك ما رواه الفرّاء في كتابه (شرح السنّة) وأخرجه البخاريّ ومسلم في صحيحهما، عن أبي هريرة، قول انبيّ صلى الله عليه وآله: كيف أنتم إذا نزل ابنُ مريم فيكم وإمامكم منكم؟ وفي تفسير: (وإن مِن أهل الكتاب إلّا ليُؤمننّ به قبل مَوته) قال ابن المرتضي: قال قومٌ: الهاء في (موته) كناية عن عيسي، أي قبل موت عيسي عند نزوله من السماء في آخر الزمان، فلا يبقي أحد إلّا آمن به، حتّى يكون به الملّة واحدة ملة الإسلام، ويقع الأمنة في الناس، حتّى ترتع الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، وتلعب الصبيان مع الحيّات.(28) الآية الثالثة والعشرون قوله عزّ وجلّ: (ورُسُلاً قد قَصَصناهم عَليك مِن قَبلُ ورُسُلاً نَقصُصهم عليك وكلّمَ اللَّه موسى تكليماً).(29) 138 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبد الحميد بن ابي الديلم قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: يا عبد الحميد إنّ للَّه رسلاً مستعلنين ورُسلاً مستخفين، فإذا سألته بحقّ المستعلنين فَسَلْهُ بحقّ المستخفين. وتصديق ذلك من الكتاب قوله: (ورُسلاً قد قَصَصناهم عليك مِن قبل ورُسلاً لم نقصصهم عليك وكلّم اللَّه موسى تكليماً) فكانت رسل اللَّه تعالى كذلك من وقت وفاة آدم عليه السلام إلى وقت ظهور إبراهيم عليه السلام أوصياء مستعلنين ومستخفين، فلمّا كان وقت كون إبراهيم عليه السلام، ستر اللَّه شخصه وأخفي ولادته، لأنّ الامكان في ظهور الحجّة كان متعذّراً في زمانه، وكان إبراهيم عليه السلام في سلطان نمرود مستتراً لأمره، وكان غير مظهر نفسه، ونمرود يقتل أولاد رعيّته وأهل مملكته في طلبه، إلى أن دلّهم إبراهيم عليه السلام على نفسه، وأظهر لهم أمره بعد أن بلغت الغَيبة أمدها، ووجب إظهار ما أظهره للذي أراده اللَّه في إثبات حجّته وكمال دينه، فلمّا كان وقت وفاة إبراهيم عليه السلام، كان له أوصياء حُججاً للَّه عزّ وجلّ في أرضه يتوارثون الوصيّة، كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت كون موسى عليه السلام، فكان فِرعون يقتل أولاد بني اسرائيل في طلب موسى عليه السلام الّذي قد شاع من ذِكره وخبر كونه، فستر اللَّه ولادته، ثمّ قذفت به أمّه في اليمّ كما أخبر اللَّه عزّ وجلّ: (فالتَقَطه آلُ فِرعَون)(30) وكان موسى عليه السلام في حِجر فرعون يربّيه وهو لا يعرفه، وفرعون يقتل أولاد بني اسرائيل في طلبه، ثمّ كان من أمره بعد أن أظهر دعوته ودلّهم على نفسه ما قد قصّه اللَّه عزّ وجلّ في كتابه، فلمّا كان وقت وفاة موسى عليه السلام كان له أوصياء حُججاً للَّه كذلك مستعلنين ومُستخفين إلى وقت ظهور عيسي عليه السلام. فظهر عيسي عليه السلام في ولادته، مُعلناً لدلالته، مُظهراً لشخصه، شاهراً لبراهينه غير مُخفٍ لنفسه، لأنّ زمانه كان زمان إمكان ظهور الحجّة كذلك. ثمّ كان له من بعده أوصياء حُججاً للَّه عزّ وجلّ كذلك مُستعلنين ومُستخفين إلى وقت ظهور نبيّنا صلى الله عليه وآله، فقال اللَّه عزّ وجلّ له في الكتاب: (ما يُقال لَك إلّا ما قد قيل للرُّسُل مِن قبلك)(31) ثمّ قال عزّ وجلّ: (سُنّةَ من قد أرسَلنا قبلك مِن رُسلنا)(32)، فكان ممّا قيل له ولزم من سُنته على ايجاب سُنن من تقدّمه من الرسل، اقامة الاوصياء له كإقامة مَن تقدّمه لاوصيائهم، فأقام رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أوصياء كذلك، وأخبر بكون المهدي خاتم الائمة عليهم السلام، وأنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً، ونقلت الامة ذلك بأجمعها عنه. وأنّ عيسي عليه السلام ينزل في وقت ظهوره فيصلّي خلفه، فحفظت ولادات الأوصياء ومقاماتهم في مقام بعد مقام، إلى وقت ولادة صاحب زماننا عليه السلام المنتظر للقسط والعدل، كما أوجبت الحكمة باستقامة التدبير غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدّمة بالوجود. وذلك أنّ المعروف المتسالَم بين الخاصّ والعامّ من أهل هذه الملّة أنّ الحسن بن عليّ والد صاحب زماننا عليهم السلام قد كان وكل به طاغية زمانه إلى وقت وفاته، فلمّا توفي عليه السلام وكل بحاشيته وأهله، وحُبست جواريه وطُلب مولوده هذا أشدّ الطلب، وكان احد المتولّين عليه عمّه جعفر أخو الحسن بن عليّ بما ادّعاه لنفسه من الإمامة، ورجا أن يتمّ له ذلك بوجود ابن اخيه صاحب الزمان عليه السلام، فَجَرَت السُنّة في غَيبته بما جري من سُنن غيبة مَن ذكرنا من الحجج المتقدمة، ولزم من حكمة غيبته عليه السلام ما لزم من حكمة غيبتهم.(33) الهوامش: (1) الاحتجاج للطبرسيّ 280-278: 2. (2) الأحقاف: 6-1. (3) الاحتجاج 2 : 281-279. (4) المائدة: 55. (5) كمال الدّين 194-193: 2؛ بحار الأنوار 396:36. (6) كفاية الأثر 35؛ بحار الأنوار 408-406: 36. (7) تفسير القمّي142:1. (8) شواهد التنزيل 198:1 ح 209. (9) نفس المصدر 197:1 ج 207. (10) نفس المصدر 198:1 ح 208. (11) كفاية الأثر 182؛ بحار الأنوار 336:23. (12) تفسير فرات 35؛ بحار الأنوار 32:24 و273:32. (13) النساء: 77. (14) روضة الكافي 330؛ بحار الأنوار 25:44. (15) تفسير العيّاشيّ 257:1 ح 195؛ بحار الأنوار 217:44. (16) تفسير العيّاشيّ 258:1 ح 196؛ بحار الأنوار 132:52. (17) النساء: 80. (18) كمال الدّين 411:2 ح 6؛ بحار الأنوار 73:51. (19) النساء: 130. (20) مختصر بصائر الدرجات 519. (21) النساء: 157 و158. (22) الصراط المستقيم 227:2. (23) كمال الدّين 161:1. (24) النساء: 159. (25) تفسير القمّيّ 158:1؛ بحار الأنوار 34914. (26) تفسير الطبريّ 14:6. (27) آل عمران: 55. (28) الصراط المستقيم 222:2. (29) النساء: 164. (30) القصص: 7. (31) فصّلت: 43. (32) الإسراء: 77. (33) كمال الدّين 21:1. ****************** سورة المائدة الآية الاولى قوله تعالى: (اليومَ يئس الّذين كفَروا من دِينكم فلا تخشَوهُم واخْشَونِ اليومَ كملتُ لكم دِينَكم وأتمَمتُ عليكم نِعمتى ورَضيت لكم الإسلامَ دِيناً).(1) 139 - روي العيّاشيّ عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية: (اليوم يئس الّذين كفروا من دينكم فلا تَخشَوهم واخشَونِ) يوم يقوم القائم عليه السلام يئس بنو أميّة، فهم الّذين كفروا يَئسوا من آل محمّد صلى الله عليه وآله.(2) الآية الثانية قوله تعالى: (ولقد أَخَذ اللَّهُ ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنَي عشرَ نقيباً).(3) 140 - روي جابر بن يزيد الجعفيّ، عن محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام، قال: قال الحسن بن عليّ عليهم السلام: (الأئمّة عدد نقباء بني اسرائيل، ومنّا مهدي هذه الأمّة).(4) 141 - روي عن عبد الغفار بن قاسم قال: دخلتُ على مولاي الباقر عليه السلام وعنده اُناس من أصحابه فجري ذكر الإسلام، فقلت: يا سيدي فأيّ الإسلام أفضل؟ قال: مَن سلم المؤمنون من لسانه ويده، قلت: فما أفضل الاخلاق؟ قال: الصَبر والسماحة، قلت: فأيّ المؤمنين كمل ايماناً؟ قال: أحسنهم خُلُقاً، قلت: فأيّ الجهاد أفضل؟ قال: مَن عُقِر جواده وأهريق دمه، قلت: فأيُّ الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت، قلت: فأيُّ الصَدَقة أفضل؟ قال: أن تهجر ما حرّم اللَّه عزّ وجلّ عليك، قلت: يا سيّدي فما تقول في الدخول على السلطان؟ قال: لا أري لك ذلك، قلت: فإنّي ربّما سافرت إلى الشام فأدخل على إبراهيم بن الوليد، قال: يا عبد الغفّار، إنّ دخولك على السلطان يدعو إلى ثلاثة اشياء، محبة الدنيا، ونسيان الموت، وقلّة الرضا بما قسم اللَّه، قلت: يا ابن رسول اللَّه فإنّي ذو عيلة وأتّجر إلى ذلك المكان لجرّ المنفعة، فما تري في ذلك؟ قال: يا عبد اللَّه إنّي لستُ آمرك بترك الدنيا، بل آمرك بترك الذنوب، فترك الدنيا فضيلة، وترك الذنوب فريضة، وأنت إلى إقامة الفريضة أحوج إليك منك إلى كتساب الفضيلة. قال: فقبّلت يده ورجله وقلت: بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول اللَّه فما نجد العلم الصحيح إلّا عندكم، وإنّي قد كبِرت سني ودقّ عظمي ولا أري فيكم ما أسرّه، أركم مقتّلين مشرّدين خائفين، وإنّي أقمت على قائمكم منذ حين أقول: يخرج اليوم أو غداً. قال: يا عبد الغفار، إنّ قائمنا عليه السلام هو السابع من ولدي، وليس هو أوان ظهوره، ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إنّ الائمّة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل، تسعة من صُلب الحسين، والتاسع قائمهم، يخرج في آخر الزمان فيملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً. قلت: فإن كان هذا كائن يا ابن رسول اللَّه، فإلى من بعدك؟ قال: إلى جعفر وهو سيّد أولادي وأبو الائمّة، صادق في قوله وفِعله، ولقد سألت عظيماً يا عبدالغفار، وإنّك لاَهْلَّ للاجابة، ثمّ قال عليه السلام: ألا إنّ مفاتيح العلم السؤال وانشأ يقول: شفاءُ العمي طولُ السؤال وإنّما تمام العمي طولُ السكوت على الجهلِ(5) 142 - روي عن يحي بن يعمر قال: كنتُ عند الحسين عليه السلام إذ دخل عليه رجل من العرب متلثّماً أسمر شديد السمرة، فسلّم فردّ الحسين عليه السلام فقال: يابن رسول اللَّه مسألة، قال: هاتِ، قال: كم بين الإيمان واليقين؟ قال: أربع أصابع، قال: كيف؟ قال: الإيمان ما سمعناه، واليقين ما رأيناه، وبين السمع والبصر أربع أصابع، قال: فكم بين السماء والأرض؟ قال: دعوة مستجابة، قال: فكم بين المشرق والمغرب؟ قال: مسيرة يوم للشمس قال: فما عزّ المرء؟ قال: استغناؤه عن الناس، قال: فما أقبح شيء؟ قال: الفسق في الشيخ قبيح، والحدّة في السلطان قبيحة، والكذب في ذي الحسب قبيح، والبُخل في ذي الغِنا، والحرص في العالم. قال: صدقت يابن رسول اللَّه، فأخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله؟ قال: اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل. قال: فسمِّهم لي. قال: فأطرق الحسين عليه السلام مليّاً ثمّ رفع رأسه فقال: نعم أخبرك يا أخا العرب، إنّ الإمام والخليفة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، والحسن، وأنا وتسعة من ولدي منهم عليّ ابني، وبعده محمّد ابنه، وبعده جعفر ابنه، وبعده موسى ابنه، وبعده عليّ ابنه، وبعده محمّد ابنه، وبعده عليّ ابنه وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي، يقوم الدّين في آخر الزمان. قال: فقام الاعرابي وهو يقول: مسحَ انبيّ جبينَهُ فله بريق في الخُدودِ أبواه من على قريش وجدّهُ خير الجُدُودِ(6) 143 - روي ابن شاذان بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة، عن ابن عبّاس، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: معاشر الناس اعلموا أنّ اللَّه تعالى جعل لكم باباً مَن دخله أمِنَ من النار ومن الفزع الكبر. فقام إليه أبو سعيد الخدريّ فقال: يا رسول اللَّه اهدِنا إلى هذا الباب حتّى نعرفه. قال: هو عليّ بن أبي طالب، سيّد الوصيّين، وأمير المؤمنين، وأخو رسول ربّ العالمين، وخليفة اللَّه على الناس أجمعين. معاشر الناس من أحبّ أن يتمسّك بالعُروة الوثقي الّتي لا انفصام لها، فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب، فإنّ ولايته ولايتي، وطاعته طاعتي. معاشر الناس من أحبّ أن يعرف الحجّة بعدي، فليعرف عليّ بن أبي طالب. معاشر الناس من أراد أن يتولي اللَّه ورسوله، فليقتد بعليّ بن أبي طالب بعدي والأئمّة من ذرّيتي، فإنّهم خُزّان علمي. فقام جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ فقال: يا رسول اللَّه وما عدّة الأئمّة؟ فقال: يا جابر سألتني رحمك اللَّه عن الإسلام بأجمعه، عدّتهم عدّة الشهور عند اللَّه اثنا عشر شهراً في كتاب اللَّه يوم خلق السموات والأرض، وعدّتهم عدّة العيون الّتي انفجرت لموسي بن عمران عليه السلام حين ضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وعدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل، قال اللَّه تعالى: (وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً) فالائمّة يا جابر اثنا عشر إماماً، أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وآخرهم القائم المهدي صلوات اللَّه عليهم.(7) 144 - روي بالإسناد عن سلمان، قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إنّ اللَّه تعالى لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً، إلّا جعل له اثني عشر نقيباً. فقلت: يا رسول اللَّه لقد عرفت هذا من أهل الكتابين، فقال: هل علمت مَن نقبائي الاثني عشر الّذين اختارهم للامّة من بعدي؟ فقلت: اللَّه ورسوله أعلم، فقال: يا سلمان، خلقني اللَّه مِن صفوة نوره ودعاني فأطعته، وخلق من نوري عليّاً ودعاه فأطاعه، وخلق من نور عليّ فاطمة ودعاها فأطاعتهُ، وخلق مني ومن عليّ وفاطمة الحسن ودعاه فأطاعه، وخلق منّي ومن عليّ وفاطمة الحسين ودعاه فأطاعه، ثمّ سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه، فاللَّه المحمود وأنا محمّد، واللَّه العليّ وهذا عليّ، واللَّه الفاطر وهذه فاطمة، واللَّه ذو الاحسان وهذا الحسن، واللَّه المحسن وهذا الحسين. ثمّ خلق منا ومن نور الحسين تسعة أئمّة ودعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق سماءً مبنّية وأرضاً مدحيّة ولا ملكاً ولا بشراً، وكنّا نوراً نسبّح اللَّه ثمّ نسمع له ونُطيع. فقلت: يا رسول اللَّه بأبي أنت وامي، فلمن عرف هؤلاء؟ فقال: مَن عرفهم حقّ معرفتهم واقتدي بهم ووإلى وليّهم وعادي عدوّهم، فهو واللَّه منا يردُ حيث نرد، ويسكن حيث نسكن. فقلت: يا رسول اللَّه وهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟ فقال: لا. فقلت: يا رسول اللَّه فأنّي لي بهم، وقد عرفت إلى الحسين؟ قال: ثمّ سيّد العابدين عليّ بن الحسين، ثمّ ابنه محمّد الباقر علم الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين، ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان اللَّه الصادق، ثمّ ابنه موسى بن جعفر الكاظم الغيظ صبراً في اللَّه، ثمّ ابنه عليّ بن موسى الرضا لأمر اللَّه، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ المختار لأمر اللَّه، ثمّ ابنه عليّ بن محمّد الهادي إلى اللَّه، ثمّ ابنه الحسن بن عليّ الصامت الأمين لسرِّ اللَّه، ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهدي القائم بأمر اللَّه. ثمّ قال: يا سلمان إنّك تدركه، ومن كان مثلك، ومن تولّاه هذه المعرفة، فشكرت اللَّه وقلت: وإنّي مؤجّل إلى عهده؟ فقرأ قوله تعالى: (فإذا جاءَ وَعدُ أوليهما بَعَثنا عليكم عِباداً لنا اُولي بأسٍ شديد فجاسوا خِلال الديار وكان وَعداً مفعولاً - ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمدَدنكم بأموالٍ وبنين وجَعَلنكم كثرَ نَفيراً). قال سلمان: فاشتدّ بكائي وشوقي، وقلت: يا رسول اللَّه أبعهدٍ منك؟ فقال: اي واللَّهِ الّذي أرسلني بالحقّ، منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة وكلّ من هو منا ومعنا ومضامٌ فينا، اي واللَّه ليحضرنّ إبليس له وجنوده، وكلّ من مُحض الإيمان محضاً، ومحض الكفر محضاً، حتّى يؤخذ له بالقصاص والأوتار ولا يظلم ربّك احداً، وذلك تأويل هذه الآية: (ونُريد أن نمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين - ونُمكنَ لهم في الأرض ونُرِيَ فِرعَون وهامان وجُنودهما منهم ما كانوا يحذَرون). قال: فقمت من بين يديه، وما اُبإلى لقيتُ الموت أو لقيني.(8) الآية الثالثة قوله تعالى: (ومِن الّذين قالوا إنّا نصاري أخذنا ميثاقهم فنَسُوا حظّاً ممّا ذُكروا به فأغرَينا بينهمُ العَداوةَ والبَغضاء إلى يومِ القيامة وسوف يُنبّئهم اللَّه بما كانوا يَصنعون).(9) 145 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن أبي ربيع الشاميّ. قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السلام: لا تَشتر مِن السودان احداً، فان كان فلابدّ، فمن النوبة، فإنّهم من الّذين قال اللَّه عزّ وجلّ: (ومِن الّذين قالوا إنّا نصاري أخذنا ميثاقهم فنسوا حَظاً مما ذكروا به) أما إنّهم سيذكرون ذلك الحظّ، وسيخرج مع القائم عليه السلام منّا عصابة منهم...الحديث.(10) الآية الرابعة قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقَومه يا قومِ اذكروا نِعمة اللَّه عليكم إذ جَعَل فيكم أنبياءَ وجعلكم مُلوكاً وآتكم ما لم يُؤتِ أحداً من العالَمين).(11) 146 - وبالإسناد عن محمّد بن سليمان الديلميّ، عن أبيه قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وجعل فيكم أنبياء وجعلكم مُلوكاً) فقال: الأنبياء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وإبراهيم وإسماعيل وذرّيته، والملوك الأئمّة عليهم السلام، قال: فقلت: وأيّ ملك أعطيتم؟ فقال: ملك الجنة، وملك الكرّة.(12) الآية الخامسة قوله تعالى: (قال فإنّها مُحرَّمة عليهم أربعينَ سنة يَتيهون في الأرض فلا تأسَ على القوم الفاسقين).(13) تيه المسلمين في غيبة المهدي كتيه بني إسرائيل 147 - روي مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: خطب الناس أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة، فحمد اللَّه وأثني عليه ثمّ قال: أنا سيد الشيب وفيّ سُنّة من أيّوب، وسيجمع اللَّه لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله، وذلك إذا استدار الفلك وقُلتم ضلّ أو هلك، ألا فاستشعروا قبلها بالصبر، وبُوؤا إلى اللَّه بالذنب، فقد نبذتم قدسكم، وأطفأتم مصابيحكم، وقلّدتم هدايتكم مَن لا يملك لنفسه ولا لكم سمعاً ولا بصراً، ضعف واللَّهِ الطالب والمطلوب. هذا، ولم تتوكلوا أمركم، ولم تتخاذلوا عن نُصرة الحق بينكم، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم، ولم يقوَ مَن قوي عليكم، وعلي هضم الطاعة وازوائها عن أهلها فيكم. تهتم كما تاهت بنو اسرائيل على عهد موسي، وبحقٍّ أقول لَيُضَعَّفنَّ عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو اسرائيل، فلو قد استكملتم نهلاً، وامتلأتم عللاً عن سلطان الشجرة الملعونة في القرآن، لقد اجتمعتم على ناعق ضلال ولأجَبتم الباطل ركضاً ثمّ لغادرتم داعي الحق، وقطعتم الأدني من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب، ألا ولو ذاب ما في أيديهم، لقد دني التمحيص للجزاء، وكشف الغطاء، وانقضت المدّة، وأزف الوعد، وبدا لكم النجم من قبل المشرق، وأشرق لكم قمركم كملء شهره وكليلة تمَّ، فإذا استبان ذلك، فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة واعلموا أنّكم إن أطعتم طالع المشرق، سلك بكم منهاج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فتداويتم من الصمم، واستشفيتم من البكم، وكفيتم مؤنة التعسُّف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، فلا يبعد اللَّه إلّا من أبي الرحمة وفارق العصمة، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون.(14) 148 - وبالإسناد عن عليّ بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام أنّه قال: كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعي فلا يجدونه، قلت له: ولم ذلك يا ابن رسول اللَّه؟ قال: لأنّ إمامهم يغيب عنهم، فقلت: ولِمَ؟ قال: لئلّا يكون في عُنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف.(15) 149 - النعمانيّ بإسناده عن عبد اللَّه الشاعر، يعني ابن أبي عقب، قال: سمعتُ عليّاً عليه السلام يقول: كأنّي بكم تجولون جَوَلان الإبل تبتغون مرعي ولا تجدونها معشر الشيعة.(16) 150 - ابن ادريس: بإسناده عن يزيد الضخم، قال: سمعت أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه يقول: كأنّي بكم تجولون جَوَلان النعم تطلبون المرعي فلا تجدونه.(17) 151 - ابن الوليد بإسناده عن ابن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه ذكر القائم عليه السلام فقال: أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل: ماللَّه في آل محمّد حاجة.(18) 152 - الشيبانيّ بإسناده عن عبد العظيم الحسنيّ، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: للقائم منّا غيبة امدها طويل، كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعي فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه لم يقسُ قلبه لطول أمد غيبة إمامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة. ثمّ قال عليه السلام: إنّ القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفي ولادته ويغيب شخصه.(19) 153 - وبالاسناد عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال للحسين عليه السلام: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين الباسط للعدل، قال الحسين عليه السلام: فقلت: يا أمير المؤمنين وإنّ ذلك لكائن؟ فقال عليه السلام: اي والّذي بعث محمّداً بالنبوّة، واصطفاه على جميع البَريّة، ولكن بعد غيبة وحيرة لا تثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الّذين أخذ اللَّه ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الأيمان، وأيّدهم بروح منه.(20) 154 - وعن عباية الأسديّ، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هُدي ولا علم يري، يبرأ بعضكم من بعض.(21) 155 - أحمد بن محمّد الكوفيّ بإسناده عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام، فحمد اللَّه واثني عليه، وصلّي على انبيّ وآله ثمّ قال: أمّا بعد فإنّ اللَّه تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهرٍ إلّا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر كسر عظم من الأمم إلّا بعد أزل وبلاء. أيّها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر، وما كلّ ذي قلب بلبيب، ولا كلّ ذي سمع بسميع، ولا كلّ ذي ناظر عين ببصير. عباد اللَّه أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه، ثمّ انظروا إلى عرصات من قد أقاده اللَّه بعلمه، كانوا على سُنّة من آل فرعون، أهل جناتِ وعيون، وزروع ومقام كريم، ثمّ انظروا بما ختم اللَّه لهم بعد النضرة والسرور، والأمر والنهي، ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان واللَّه مخلّدون، وللَّه عاقبة الامور. فياعجباً وما لي لا أعجب من خطاء هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتفون أثرَ نبي، ولا يعتدّون بعمل وصيّ، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، وكلّ امري ءٍ منهم إمام نفسه، آخذ منها فيما يري، بعُري وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور، ولن يزدادوا إلّا خطأ، لا ينالون تقرّباً، ولن يزدادوا إلّا بُعداً من اللَّه عزّ وجلّ، أنس بعضهم ببعض، وتصديق بعضهم لبعض، كلّ ذلك وحشة ممّا ورّث النبيّ صلى الله عليه وآله، ونفوراً مما أدّي إليهم من أخبار فاطر السموات والأرض. أهل حَسَرات، وكهوف شُبهات، وأهل عشوات، وضلالة وريبة، مَن وكلّه اللَّه إلى نفسه ورأيه، فهو مأمون عند من يجهله، غير المتهم عند من لا يعرفه، فما اشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رُعاؤها. ووا أسفاً من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودّتها اليوم، كيف يستذلُّ بعدي بعضها بعضاً، وكيف يقتل بعضها بعضاً؟ المتشتتة غداً عن الاصل، النازلة بالفرع، المؤمّلة الفتح من غير جهته، كلّ حزب منهم آخذ منه بغصن، أينما مال الغصن مال معه، مع أنّ اللَّه وله الحمد سيجمع هؤلاء، لشرّ يوم لبني أميّة، كما يجمع قزع الخريف، يؤلّف اللَّه بينهم، ثمّ يجعلهم رُكاماً كرُكام السحاب، ثمّ يفتح لهم أبواباً، يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين سيل العرم حيث نقَبَ عليه فارة فلم تثبت عليه كمة، ولم يردّ سننه رصّ طود، يذعذهم في بطون أودية، ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكن بهم قوماً في ديار قوم تشريداً لبني أمّية، ولكي لا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع اللَّه بهم ركناً، وينقض بهم طيّ الجنادل من ارم، ويملأ منهم بطنان الزيتون. فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليكوننّ ذلك، وكأنّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم، وأيم اللَّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العُلوّ والتمكين في البلاد كما تذوب الألية على النار، من مات منهم مات ضالّاً، وإلى اللَّه عزّ وجلّ يفضي منهم من درج، ويتوب اللَّه عزّ وجلّ على من تاب، ولعلّ اللَّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء، وليس لأحدٍ على اللَّه عزّ ذكره الخيرة، بل للَّه الخيرة والأمر جميعاً. أيّها الناس، أنّ المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير، ولو لم تتخاذلوا عن مرِّ الحقّ، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم، ولم يقوَ مَن قوي عليكم، وعلي هضم الطاعة وإزوائها عن اهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى عليه السلام. ولعمري ليضاعفنّ عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو اسرائيل، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدّة سلطان بني أميّة، لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة، وأحييتم الباطل، وأخلفتم الحق وراء ظهوركم، وقطعتم الأدني من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله. ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم، لدنا التمحيص للجزاء، وقرب الوعد، وانقضت المدَّة، وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق، ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة، واعلموا أ نّكم إن اتّبعتم طالع المشرق، سَلك بكم منهاج الرسول صلى الله عليه وآله، فتداويتم من العمي والصمم والبكم، وكفيتم مؤنة الطلب والتعسُّف، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، ولا يبعد اللَّه إلّا من أبي وظلم واعتسف، وأخذ ما ليس له (وسَيَعلم الّذين ظَلَموا أيَّ مُنقَلَب ينقلبون).(22) الهوامش: (1) المائدة: 3. (2) تفسير العيّاشيّ 292:1 ح 19؛ بحار الأنوار 55:51. (3) المائدة: 12. (4) كفاية الأثر 224؛ بحار الأنوار 383:36. (5) كفاية الأثر 250. (6) كفاية الأثر 232؛ بحار الأنوار 384:36. (7) مائة منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام لابن شاذان 71 المنقبة 41؛ بحار الأنوار 263:36. (8) دلائل الإمامة 237؛ بحار الأنوار 6:25، و142:53. (9) المائدة: 14. (10) الكافي 352:5 ح 2 تفسير البرهان 544:1. (11) المائدة: 20. (12) مختصر بصائر الدرجات 28؛ بحار الأنوار 45:53. (13) المائدة: 26. (14) بحار الأنوار 112:51. (15) نفس المصدر 152:51. (16) نفس المصدر 114:51. (17) نفس المصدر 119:51. (18) نفس المصدر 119:51. (19) بحار الأنوار 109:51. (20) نفس المصدر 110:51. (21) نفس المصدر 111:51. (22) روضة الكافي 63؛ بحار الأنوار 124-122 :51. ****************** 156 - وبالإسناد عن الحارث الاعور الهمدانيّ، قال أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر: إذا هلك الخاطب، وزاغ صاحب العصر، وبقيت قلوب تتقلّب من مخصبٍ ومجدب، هلك المتمنون، واضمحلّ المضمحلّون، وبقي المؤمنون، وقليل ما يكونون، ثلاث مائة أو يزيدون، تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوم بدر، لم تقتل ولم تمت.(1) بيان: قول أمير المؤمنين عليه السلام: (وزاغ صاحب العصر) أراد صاحب هذا الزمان الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق لتدبير اللَّه الواقع. ثمّ قال: (وبقيت قلوب تتقلب فمن مخصب ومجدب) وهي قلوب الشيعة المتقلّبة عند هذه الغَيبة والحيرة، فمن ثابت منها على الحق مخصب، ومن عادل عنها إلى الضلال، وزخرف المحال مجدب. ثمّ قال: (هللك المتمنّون) ذمّاً لهم، وهم الّذين يستعجلون أمر اللَّه، ولا يسلِّمون له، ويستطيلون الأمد، فيهلكون قبل أن يروا فَرَجاً، ويُبقي اللَّه من يشاء أن يُبقيه من أهل الصبر والتسليم حتّى يلحقه بمرتبته، وهم المؤمنون وهم المخلصون القليلون، الّذين ذكر أنّهم ثلاثمائة أو يزيدون ممّن يؤهله اللَّه لقوّة إيمانه، وصحّة يقينه، لنصرة وليّه، وجهاد عدوّه، وهم - كما جاءت الرواية - عُمّاله وحُكامه في الأرض، عند استقرار الدار، ووضع الحرب اوزارها. ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السلام: (يجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوم بدر، لم تقتل ولم تمت) يريد أنّ اللَّه عزّ وجلّ يُؤيّد أصحاب القائم عليه السلام هؤلاء الثلاثمائة والنّيف الخُلّص بملائكة بدر وهم أعدادهم، جعلنا اللَّه ممّن يؤهّله لنصرة دينه مع وليّه عليه السلام، وفعل بنا في ذلك ما هو أهله.(2) الآية السادسة قوله تعالى: (يا أيّها الرسول لا يَحزُنك الَّذين يُسارعون في الكفر من الَّذين قَالُوا ءَامنَّا بِأَفواههم ولم تُؤمن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الّذين هادوا سمّاعُون للكذب سمَّاعون لِقَومٍ ءَاخرىن لم يأتُوك يُحرِّفُونَ الكلِمَ مِن بعد مواضعه يقولون إن أُوتيتُم هذا فخُذوه وإن لم تُؤتَوه فاحذروا ومن يُرِدِ اللَّهُ فِتنتهُ فلن تَملك لَهُ مِنَ اللَّهِ شيئاً اُولئك الّذين لم يُرِدِ اللَّهُ أن يُطهِّر قُلُوبَهُم لهم في الدنيا خِزيٌ ولهم في الآخرة عَذاب عظيم).(3) خزي الكفار على يد المهدي 157 - روي الشيخ الطوسيّ رحمه الله، عن السدّيّ في قوله تعالى: (لهم في الدنيا خِزيٌ ولهم في الآخرة عَذاب عظيم) قال: خزيهم في الدنيا أنّه إذا قام المهدي وفُتحت قسطنطينية، قتلهم.(4) الآية السابعة قوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمَنوا من يَرتَدّ مِنكم عن دِينه فسوف يأتي اللَّهُ بقَوم يُحبُّهم ويُحبُّونه أذِلّةٍ على المؤمنين أعزّةٍ على الكافرين يُجاهدون في سَبيل اللَّه ولا يَخافون لَومةَ لائمٍ ذلك فَضلُ اللَّه يُؤتيه مَن يَشاء واللَّهُ واسع عليم).(5) 158 - روي النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن سليمان بن هارون العجليّ، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: إنّ صاحب هذا الامر محفوظ له اصحابه، ولو ذهب الناس جميعاً، أتي اللَّه باصحابه، وهم الّذين قال عزّ وجلّ: (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين)(6) وهم الّذين قال اللَّه عزّ وجلّ: (فسوف يَأتي اللَّهُ بقَومٍ يُحبُّهم ويُحِبُّونه أذِلّة على المؤمنين أعِزّة على الكافرين).(7) 159 - روي العيّاشيّ بإسناده عن سليمان بن هارون، قال: قلت له: إنّ بعض هؤلاء العجليّة يقول: إنّ سيف رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عند عبد اللَّه بن الحسن! فقال: واللَّه ما رآه ولا أبوه بواحدة من عينيه، إلّا أن يكون رآه أبوه عند الحسين عليه السلام، وإنّ صاحب هذا الأمر محفوظ له، فلا تذهبنّ يميناً ولا شمالاً، فإنّ الأمر واللَّه واضح، واللَّه لو أنّ أهل السماء أوالأرض اجتمعوا على أن يُحوّلوا هذا الأمر من موضعه الّذي وضعه اللَّه فيه ما استطاعوا. ولو أنّ الناس كفروا جميعاً حتّى لايبقي احد، لجاء اللَّه لهذا الامر بأهل يكونون مِن أهله، ثمّ قال: أما تسمع اللَّه يقول: (يا أيّها الّذين آمنوا مَن يرتدّ مِنكم عن دِينه فسوف يَأتي اللَّه بقَوم يُحبُّهم ويُحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين) حتّى فرغ من الآية، وقال في آية اخرى: (فإن يَكفُر بها هؤلاء فقد وَكلنا بها قَوماً لَيسوا بها بكافرين)(8) ثمّ قال: إنّ أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية.(9) الآية الثامنة قوله تعالى: (يا أيّها الّذين ءَامنُوا لا تَسألوا عن أشياءَ إن تُبدَ لكم تَسؤكم وإن تسألوا عنها حين يُنزّلُ القرآنُ تُبدَ لكم عفا اللَّه عنها واللَّه غفورٌ حليم).(10) 160 - الكلينيّ عن اسحاق بن يعقوب، أنّه ورد عليه من الناحية المقدسة على يد محمّد بن عثمان، (وأمّا علّة ما وقع من الغَيبة، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: (يا أيّها الّذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبدَ لكم تَسؤكم) إنّه لم يكن أحد من آبائي إلّا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعةَ لأحد من الطواغيت في عنقي. وأمّا وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب، وإنّي لأمانٌ لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم، ولا تتكلّفوا على ما قد كفيتم، وكثِروا الدعاء بتعجيل الفَرَج، فإنّ ذلك فرجكم، والسلام عليك يا اسحاق بن يعقوب، وعلي مَن اتّبع الهدي).(11) الآية التاسعة قوله تعالى: (إن تُعذِّبْهم فإنّهم عِبادُك وإن تَغفِر لهم فإنّك أنتَ العَزيز الحَكيم).(12) رجوع النصاري للتوحيد عند ظهور المهدي 161 - روي العلّامة الحافظ السيوطيّ، قال: وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: (إن تعذّبهم فإنّهم عبادك) يقول: عبيدك قد استوجبوا العذاب بمقالتهم، (وإن تغفر لهم): أي مَن تركت منهم، ومدّ في عمره حتّى أهبط من السماء إلى الأرض بقتل الدجّال، فنزلوا عن مقالتهم، ووحّدوك وأقرّوا إنّا عبيد، (وإن تغفر لهم) حيث رجعوا عن مقالتهم، (فإنّك أنت العزيز الحكيم).(13) سورة الانعام الآية الاولى قوله تعالى: (هُو الّذي خَلَقَكم مِن طِين ثُمّ قَضي أجَلاً وأجلٌ مُسمّيً عنده ثمّ أنتم تَمتَرون).(14) خروج السفياني من المحتوم 162 - روي النعمانيّ بإسناده عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام في قوله تعالى: (ثمّ قضي أجلاً وأجل مُسمّي عنده) قال عليه السلام: إنّهما اَجلان: أجل محتوم، وأجل موقوف، فقال له حمران: ما المحتوم؟ قال: الّذي لا يكون غيره. قال: وما الموقوف؟ قال: هو الّذي للَّه فيه المشيئة، قال حمران: إنّي لأرجو أن يكون أجل السفيانيّ من الموقوف، قال أبو جعفر عليه السلام: لا واللَّه إنّه لمن المحتوم.(15) الآية الثانية قوله تعالى: (وقالوا لَولا نُزّل عليه آيةٌ من ربّه قُل إنّ اللَّهَ قادِر على أن يُنزّل آيةً ولكن كثرَهم لا يَعلمون).(16) آية طلوع الشمس من مغربها عند ظهور المهدي 163 - روي القمّيّ في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (إنّ اللَّهَ قادر على أن يُنزِّل آية) وسيُريكم في آخر الزمان آيات: منها دابّة الأرض، والدّجّال، ونزول عيسي ابن مريم عليه السلام، وطلوع الشمس من مغربها.(17) الآية الثالثة قوله تعالى: (فلمّا نَسُوا ما ذُكروا به فَتَحنا عليهم أبوابَ كلّ شيء حتّى إذا فَرِحوا بما اُوتوا أخذناهم بَغتةً فإذا هم مُبلِسون - فقُطع دَابرُ القَوم الّذين ظَلَموا والحمدُ للَّه ربّ العالمين).(18) 164 - روي عليّ بن إبراهيم القمّيّ بإسناده عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه تعالى: (فلمّا نَسُوا ما ذُكروا به فَتَحنا عليهم أبوابَ كلّ شيء) قال: أمّا قوله: (فلمّا نَسُوا ما ذُكروا به) يعني فلمّا تركوا ولاية عليّ أمير المؤمنين عليه السلام، وقد اُمروا بها (فَتَحنا عليهم أبوابَ كلّ شيء) يعني دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها، وأمّا قوله: (حتّى إذا فَرِحوا بما اُوتوا أخَذناهم بَغتة فإذا هم مُبلِسون) يعني بذلك قيام القائم، حتّى كأنّهم لم يكن لهم سلطان قط، فذلك قوله: (بغتة) فنزل آخر هذه الآية على محمّد صلى الله عليه وآله: (فَقُطِع دابرُ القَوم الّذين ظَلَموا والحمدُ للَّه ربّ العالمين).(19) 165 - وروي محمّد بن الحسن الصفّار رحمه الله بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمّا قوله: (فلمّا نسوا ما ذُكروا به) يعني فلمّا تركوا ولاية عليّ عليه السلام وقد اُمروا بها، فتَحنا عليهم أبواب كلّ شيء، يعني مع دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها، وأمّا قوله: (حتّى إذا فَرِحوا بما اُوتوا أخذناهم بُغتة فإذا هم مُبلِسون) يعني قيام القائم عليه السلام.(20) 166 - وبالإسناد عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه قال: نزلت في بني فلان ثلاث آيات، قوله عزّ وجلّ: (حتّى إذا أخَذت الأرضُ زخرُفَها وازَّينَت وظَنَّ أهلُها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرُنا لَيلاً أو نَهاراً) يعني القائم بالسيف، (فجَعلناها حَصيداً كأن لم تَغن بالأمس)(21) وقوله عزّ وجلّ: (فَتَحنا عليهم أبوابَ كلّ شيء حتّى إذا فَرِحوا بما اُوتوا أخذناهم بَغتة فإذا هم مُبلِسون - فقُطع دَابرُ القوم الّذين ظَلَموا والحمدُ للَّه ربّ العالمين). قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: السيف، وقوله عزّ وجلّ: (فلمّا رأوا بأسَنا إذا هم منها يَركضون - لا تَركضوا وارجِعوا إلى ما اُترِفتم فيه ومَسكنِكم لعلّكم تُسئَلون)(22) يعني القائم، يسأل بني فلان كنوز بني أميّة.(23) الآية الرابعة قوله سبحانه: (قُل هو القادِر على أن يَبعثَ عَليكم عَذاباً من فَوقِكم أو مِن تَحت أرجُلِكم أو يَلبسكم شِيَعاً ويُذيقَ بعضَكم بَأسَ بَعضٍ انظُر كيف نُصَرِّف الآياتِ لعلّهم يَفقَهون).(24) وقوع الفتن قبل ظهور المهدي 167 - روي عليّ بن إبراهيم قال: وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (وهو القادِر على أن يَبعثَ عليكم عَذاباً مِن فَوقِكم) قال: هو الدُخان والصيحة، (أو من تَحت أرجُلِكم) وهو الخَسف (أو يَلبِسكم شِيَعاً) وهو اختلافٌ في الدّين وطعن بعضكم على بعض، وهو أن يقتل بعضكم بعضاً، وكلّ هذا في أهل القِبلة.(25) قوله تعالى: (اولئك الّذين آتَيناهُم الكتاب والحُكم والنُبوَّة فإن يَكفُر بها هؤلاء فقد وَكلنا بها قَوماً ليسوا بها بكافرين).(26) سبق ذكر هذه الآية ضمن تفسير الآية 54 من سورة المائدة، وهي قوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمَنوا مَن يَرتَدّ مِنكم عَن دِينه فسَوفَ يَأتي اللَّه بقَوم يُحبُّهم ويُحبُّونه) الآية، فراجع. الآية الخامسة قوله تعالى: (هَل يَنظُرون إلّا أن تَأتِيَهُم الملائكةُ أو يَأتي ربُّك أو يأتي بعضُ آياتِ ربّك يَومَ يأتي بَعضُ آياتِ ربِّك لا يَنفَعُ نَفساً إيمانُها لم تكن آمَنَت مِن قَبلُ أو كسَبَت في إيمانها خَيراً قُل انتظِروا إنّا مُنتظرون).(27) آيات قبل ظهور المهدي القسم الأول من الآية: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً). 168 - روي الشّيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: في قول اللَّه عزّ وجلّ: (يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل) قال: الآيات هم الأئمّة، والآية المنتظرة القائم عليه السلام، فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف، وان آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهم السلام.(28) 169 - روي الشّيخ الصدوق أيضاً بإسناده عن أبي بصير، قال: قال جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (يَومَ يأتي بعضُ آياتِ ربّك لا يَنفَع نَفساً إيمانُها لم تَكن آمَنَت مِن قَبْلُ أو كسبَت في ايمانها خَيراً) يعني خروج القائم عليه السلام المنتظر منا، ثمّ قال: يا أبا بصير طوبي لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره، اولئك أولياء اللَّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.(29) 170 - روي بالإسناد عن أبي هريرة، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ثلاث إذا خرجنَ (لا ينفع نَفساً إيمانُها لم تكن آمَنَت مِن قَبْلُ): طلوع الشمس من مغربها والدجّال، والدابّة).(30) 171 - روي ابن حمّاد بإسناده عن زيد بن أبي عتاب، سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: خمساً لا أدري أيتهُنّ أوّل الآيات، وأيتهُنّ إذا جاءت لم (ينفع نَفساً إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسَبَت في إيمانها خَيراً): طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ويأجوج ومأجوج، والدخان، والدابّة.(31) 172 - روي فرات الكوفيّ عن جعفر بن محمّد الفزاريّ، معنعناً عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (يَومَ يأتي بعضُ آياتِ ربّك لا ينفع نَفساً إيمانُها لم تكن آمَنَت مِن قَبْلُ أو كسَبَت في إيمانِها خَيراً) قال: يعني صفوتنا ونصرتنا، قلت، إنّما قدر اللَّه عنه باللسان واليدين والقلب. قال: يا خيثمة ألم تكن نُصرتنا باللسان كنُصرتنا بالسيف، ونُصرتنا باليَدين أفضل والقيام فيها. يا خيثمة إنّ القرآن نزل أثلاثاً، فثلث فينا، وثلث في عدوّنا، وثلث فرائض وأحكام، ولو أنّ آية نزلت في قوم، ثمّ ماتوا اولئك، ماتت الآية، إذا ما بقي من القرآن شيء. إنّ القرآن عربيّ من أوّله إلى آخره، وآخره إلى أوّله، ما قامت السماوات والأرض، فلكلّ قوم آية يتلونها. يا خيثمة إنّ الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً فطوبي للغرباء، وهذا في أيدي الناس فكلّ على هذا. يا خيثمة سيأتي على الناس زمان لا يعرفون اللَّه وماهو التوحيد، حتّى يكون خروج الدجال، وحتّى ينزل عيسي ابن مريم من السماء، ويقتل اللَّه الدجّال على يده، ويُصلّي بهم رجلٌ منّا أهل البيت، ألا ترى أنّ عيسي يُصلّي خلفنا وهو نبيٌّ، ألا ونحن أفضل منه.(32) 173 - روي القمّيّ بإسناده عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سأل رجل عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام وكان السائل من محبّينا، فقال أبو جعفر عليه السلام: بعث اللَّه محمّداً صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تُغمد إلى أن تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم، فيومئذ: (لا ينفع نَفساً إيمانُها لم تكن آمَنَت مِن قَبْلُ أو كسَبَت في إيمانها خَيراً) وسيف منها ملفوف، وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا وحُكمهُ إلينا...(33) 174 - روي العيّاشيّ بإسناده عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السلام في قوله: (يَومَ يأتي بعضُ آياتِ ربّك لا يَنفع نَفساً إيمانُها) قال: طلوع الشمس من المغرب، وخروج الدابّة والدجّال، والرجل يكون مُصرّاً ولم يعمل على إلايمان ثمّ تَجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه.(34) 175 - روي البرقي بإسناده عن عبد اللَّه بن سليمان العامريّ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: مازالت الأرض وللَّه فيها حجّة يعرف الحلال والحرام، ويدعو إلى سبيل اللَّه، ولا ينقطع الحجّة من الأرض إلّا أربعين يوماً قبل يوم القيامة، فإذا رُفعت الحجّة اُغلق باب التوبة ولم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجّة، واولئك شرار من خلق اللَّه، وهم الّذين تقوم عليهم القيامة.(35) الهوامش: (1) بحار الأنوار 137:52. (2) بحار الأنوار 137:52. (3) المائدة: 41. (4) تفسير التبيان للطوسيّ 420:1. (5) المائدة: 54. (6) الأنعام: 89. (7) الغَيبة للنعمانيّ 316 ح 12. (8) الأنعام: 89. (9) تفسير العيّاشيّ 326:1 ح 135. (10) المائدة: 101. (11) بحار الأنوار 92:52. (12) المائدة: 118. (13) تفسير الدرّ المنثور 350:2. (14) الأنعام: 2. (15) الغَيبة للنعمانيّ 301 ح 6-4؛ بحار الأنوار 249:52. (16) الأنعام: 37. (17) تفسير القمّيّ 198:1؛ تفسير الصافي 118:2. (18) الأنعام: 44 و45. (19) تفسير القمّيّ 200:1. (20) بصائر الدرجات للصفّار 78 ح 5؛ بحار الأنوار 371:35. (21) يونس: 24. (22) الأنبياء: 12 و13. (23) دلائل الإمامة 250؛ المحجّة 98. (24) الأنعام: 65. (25) تفسير القمّيّ 204:2؛ بحار الأنوار 181:25. (26) الأنعام: 89. (27) الأنعام: 158. (28) كمال الدّين 336:2؛ نور الثقلين للحويزيّ 781:1 ح 356. (29) كمال الدّين 357:2؛ بحار الأنوار 149:52. (30) سنن الترمذيّ 264:5 ح 3072؛ مصابيح السنّة للبغويّ 496:3 ح 4221. (31) الفتن لابن حمّاد 183؛ المستدرك على الصحيحَين 545:4. (32) تفسير فرات 139 ح 166؛ بحار الأنوار 328:24. (33) تفسير القمّيّ 320:2؛ بحار الأنوار 166:78. (34) تفسير العيّاشيّ 384:1 ح 128؛ تفسير الصافي 173:2. (35) المحاسن للبرقيّ 236 ح 202؛ بحار الأنوار 41:23. ****************** انتظار الفرج عبادة القسم الثاني من الآية: قوله عزّ وجلّ: (قُل انتظروا إنّا مُنتظرون).(1) 176 - النعمانيّ بالإسناد عن البزنطيّ، قال: قلت للرضا عليه السلام: جُعلت فدك إنّ أصحابنا رَوَوا عن شهاب، عن جدّك عليه السلام أنّه قال: أبي اللَّه تبارك وتعالى أن يُملك أحداً ما ملك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ثلاثاً وعشرين سنة، قال: إن كان أبو عبد اللَّه عليه السلام قاله، جاء كما قال. فقلت له: جُعلت فِدك فأيّ شيء تقول أنت؟ فقال: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعتَ قول العبد الصالح (وارتَقِبوا إنّي معكم رقيب)(2) و(فانتظِروا إنّي مَعَكم مِن المُنتظِرين)(3) فعليكم بالصبر، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس، وقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم. وقد قال أبو جعفر عليه السلام: هي واللَّه السنن القذّة بالقذّة، ومشكاة بمشكاة، ولابدّ أن يكون فيكم ما كان في الّذين من قبلكم، ولو كنتم على أمر واحد، كنتم على غير سُنة الّذين من قبلكم، ولو أنّ العلماء وجدوا من يُحدِّثونهم ويكتم سرّهم، لحدّثوا ولَبثُّوا الحكمة، ولكن قد ابتلاهم اللَّه عزّ وجلّ بالإذاعة، وأنتم قوم تحبّونا بقلوبكم ويخالف ذلك فعلكم، واللَّه ما يستوي اختلاف أصحابك، ولهذا أسر على صاحبكم ليُقال مختلفين. ما لكم لا تملكون أنفسكم وتصبرون حتّى يجيئ اللَّه تبارك وتعالى بالذي تريدون؟ إنّ هذا الامر ليس يجيء على ما تريد الناس، إنّما هو أمر اللَّه تبارك وتعالى وقضاؤه بالصَبر، وإنّما يُعجل مَن يخاف الفوت.. الحديث.(4) 177 - المظفر العلويّ، بإسناده عن محمّد الواسطيّ، عن أبي الحسن، عن آبائه عليهم السلام، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: أفضل أعمال متى انتظار الفَرَج من اللَّه عزّ وجل.(5) 178 - وبالإسناد عن محمّد بن الفُضيل، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن شيء من الفرج، فقال: أليس انتظار الفَرج من الفرج؟ إنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: (فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين).(6) 179 - وعن العيّاشيّ، بإسناده عن البزنطيّ، قال: قال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول اللَّه تعالى: (فارتقبوا إنّي معكم رقيب) وقوله عزّ وجلّ: (وانتظروا إنّي معكم من المنتظرين) فعليكم بالصبر فإنّه إنّما يجيءُ الفَرَج على اليأس، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم.(7) 180 - ابن عقدة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، أنّه قال ذات يوم: ألا أخبركم بما لا يقبل اللَّه عزّ وجلّ من العباد عملاً إلّا به؟ فقلت: بلي، فقال: شهادة أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، والإقرار بما أمر اللَّه، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا، يعني أئمّة خاصّة والتسليم لهم، والورع والاجتهاد، والطمأنينة والانتظار للقائم، ثمّ قال: إنّ لنا دولة يجيء اللَّه بها إذا شاء. ثمّ قال: مَن سرّه أن يكون من أصحاب القائم، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا هنيئاً لكم أيّتها العصابة المرحومة.(8) 181 - الكلينيّ: بإسناده عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: جُعلت فدك متى الفرج؟ فقال: يا أبا بصير أنت ممّن يريد الدنيا؟ مَن عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره.(9) 182 - وبالاسناد عن ابن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: كفُّوا ألسنتكم والزموا بيوتكم، فإنّه يُصيبكم أمر تخصّون به أبداً، ولا يُصيب العامّة، ولا تزال الزيديّة وقاءً لكم.(10) 183 - ابن عقدة بإسناده عن أبي المرهف، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: هلكت المحاضير، قلت: وما المحاضير؟ قال: المستعجلون، ونجا المقرّبون، وثبت الحصن على أوتادها، كونوا أحلاس بيوتكم، فإنّ الفتنة على مَن أثارها، وإنّهم لا يُريدونكم بحاجةٍ إلّا أتاهم اللَّه بشاغل لأمر يعرض لهم.(11) 184 - ابن عقدة، بإسناده عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أوصني فقال: أوصيك بتقوي اللَّه وان تلزم بيتك، وتقعد في دهماء هؤلاء الناس، وإيّك والخوارج منّا، فإنّهم ليسوا على شيء ولا إلى شيء. واعلم أنّ لبني أميّة ملكاً لا يستطيع الناس أن تردعه، وأنّ لأهل الحق دولة إذا جاءت، ولّاها اللَّه لمن يشاء منّا أهل البيت، مَن أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلي، وإن قبضه اللَّه قبل ذلك خارَ له. واعلم أنّه لا تقوم عصابة تدفع ضيماً أو تعزّ ديناً، إلّا صرعتهم البليّة، حتّى تقوم عصابة شهدوا بدراً مع رسول اللَّه، لا يواري قتيلهم، ولا يُرفع صريعهم، ولا يُداوي جريحهم، قلت: مَن هم؟ قال: الملائكة.(12) 185 - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال في حديث له: واللَّه لا ترون الّذي تنتظرون حتّى لا تدعون اللَّه إلّا اشارة بأيديكم، وإيماضاً بحواجبكم، وحتّى لا تملكون من الأرض إلّا مواضع أقدامكم، وحتّى لا يكون موضع سلاحكم على ظهورركم، فيومئذ لا ينصرني إلّا اللَّه بملائكته، ومن كتب على قلبه الإيمان. والّذي نفس عليّ بيده، لا تقوم عصابة تطلب لي أو لغيري حقاً، أو تدفع عنّا ضيماً إلّا صرعتهم البليّة، حتّى تقوم عصابة شهدت مع محمّد صلى الله عليه وآله بدراً، لا يؤدّي قتيلهم، ولا يداوي جريحهم، ولا ينعش صريعهم.(13) 186 - ابن عقدة، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: قال لي أبي عليه السلام: لابدّلنا من آذربيجان لا يقوم لها شيء، وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم، والبدوا ما لبدنا، فإذا تحرّك متحرّكنا فاسعوا إليه ولو حَبواً، واللَّه لكأنّي أنظر إليه بين الركن والمقام يُبايع الناس على كتاب جديد، على العرب شديد، وقال: ويل لطُغاة العرب من شرٍّ قد اقترب.(14) 187 - محمّد بن همام، بإسناده يرفعه إلى أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: يأتي على الناس زمان يُصيبهم فيها سبطة، يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها، فبيناهم كذلك إذ طلع عليهم نجم، قلت: فما السبطة؟ قال: الفترة، قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ قال: كونوا على ما أنتم عليه، حتّى يطلع اللَّه لكم نجمكم.(15) 188 - النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سمعه يقول: لا تزالون تنتظرون حتّى تكونوا كالمعز المهزولة الّتي لا يُبإلى الجازر أين يضع يده منها، ليس لكم شرف تشرفونه، ولا سند تسندون إليه اُموركم.(16) 189 - الكلينيّ بإسناده عن إبراهيم بن مهزم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: ذكرنا عنده ملوك بني فلان، فقال: إنّما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر، إنّ اللَّه لا يعجل لعجلة العباد، إنّ لهذا الأمر غاية ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا.(17) 190 - دعوات الراونديّ: قال انبيّ صلى الله عليه وآله: انتظار الفرج والصبر عبادة.(18) 191 - في خبر الأعمش، قال الصادق عليه السلام: من دِين الائمّة الورع والعفّة والصلاح - إلى قوله: وانتظار الفرج بالصبر.(19) 192 - بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: أفضل أعمال متى انتظار فرج اللَّه عزّ وجلّ.(20) 193 - وبالإسناد عن سعيد بن مسلم، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: من رضي عن اللَّه بالقليل من الرزق، رضي اللَّه عنه بالقليل من العمل، وانتظار الفرج عبادة.(21) 194 - عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي خالد الكابليّ، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: تمتدُّ الغَيبة بوليّ اللَّه، الثاني عشر من أوصياء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والأئمّة بعده، يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته، القائلون بإمامته، المنتظرون لظهوره أفضل أهل كلّ زمان، لأنّ اللَّه تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة، ما صارت به الغَيبة عندهم بمنزلة المُشاهَدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يَدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالسيف، اولئك المخلصون حقّاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دِين اللَّه سرّاً وجهراً. وقال عليه السلام: انتظار الفرج من أعظم الفرج.(22) 195 - المفيد، بإسناده عن جابر قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام ونحن جماعة بعدما قضينا نُسْكنا فودّعناه، وقلنا له: أوْصِنا ياابن رسول اللَّه. فقال: ليُعِن قويُّكم ضعيفكم، وليعطف غنيّكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، وكتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا. وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فان وجدتموه في القرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه، وان اشتبه الأمر عليكم فقِفوا عنده، وردُّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصينكم ولم تعدوا إلى غيره، فمات منكم ميّت قبل أن يخرج قائمنا، كان شهيداً، ومن أدرك قائمنا فقُتل معه، كان له أجر شهيدَين، ومن قَتل بين يديه عدوّاً لنا، كان له أجر عشرين شهيداً. 196 - وبالإسناد عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: أفضل العبادة انتظار الفرج. 197 - الأربعمائة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح اللَّه، فإنّ أحبّ الأعمال إلى اللَّه عزّ وجلّ انتظار الفرج.(23) وقال عليه السلام: مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة ملك مؤجل، واستعينوا باللَّه واصبروا، إنّ الأرض للَّه يُورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين، لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا، ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم.(24) وقال عليه السلام: الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللَّه.(25) 198 - وبالإسناد عن حمّاد بن عمرو، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: يا عليّ، واعلم أنّ أعظم الناس يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبيّ وحُجب عنهم الحجّة، فآمَنوا بسوادٍ في بياض.(26) 199 - الهمدانيّ، بإسناده عن عمرو بن ثابت قال: قال سيّد العابدين عليه السلام: مَن ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا، أعطاه اللَّه أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واُحد. دعوات الراونديّ: مثله، وفيه: مَن مات على موالاتنا.(27) 200 - بالإسناد عن السنديّ، عن جدّه قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظراً له؟ قال: هو بمنزلة مَن كان مع القائم في فسطاطه، ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال: هو كمن كان مع رسول اللَّه عليه السلام.(28) 201 - المحاسن: بإسناده عن علاء بن سيابة، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: مَن مات منكم على هذا الأمر منتظراً له، كان كمن كان في فُسطاط القائم عليه السلام.(29) 202 - وبالإسناد عن أبي الجارود، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: (اللَّهم لقّني إخواني) مرّتَين، فقال مَن حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول اللَّه؟ فقال: لا، إنّكم أصحابي، وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا ولم يروني، لقد عرّفنيهم اللَّه بأسمائهم وأسماء آبائهم، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمّهاتهم، لأحدهم أشدّ بقيّة على دينه من خَرط القتاد في الليلة الظلماء، أو كالقابض على جَمر الغضا، اولئك مصابيح الدجي، يُنجيهم اللَّه من كل فتنة غبراء مظلمة.(30) 203 - المحاسن: بالإسناد عن عبد الحميد الواسطيّ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك اللَّه، واللَّهِ لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر، حتّى أوشك الرجل منا يسأل في يَدَيه. فقال: يا عبدالحميد، أتري مَن حبس نفسه على اللَّه لا يجعل اللَّه له مخرجاً، بلي واللَّه ليجعلنّ اللَّه له مخرجاً، رحم اللَّه عبداً حبس نفسه علينا، رحم اللَّه عبداً أحيا أمرنا. قال: قلت: فإن مِتُّ قبل أن أدرك القائم؟ فقال: القائل منكم: إن ادركت القائم من آل محمّد نصرتُه، كالمقارع معه بسيفه، والشهيد معه له شهادتان.(31) 204 - المحاسن: بإسناده عن ملك بن أعين، قال: قال أبوعبد اللَّه عليه السلام: إنّ الميّت على هذا الأمر بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللَّه.(32) 205 - المحاسن: بإسناده عن الفيض بن المختار قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: مَن مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر، كمن هو مع القائم في فُسطاطه، قال: ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه، ثمّ قال: لا واللَّهِ إلَّا كمن استشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(33) 206 - وبالإسناد عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: لمّا دخل سلمان رضي الله عنه الكوفة، ونظر إليها، ذكر ما يكون من بَلائها، حتّى ذكر ملك بني أميّة والّذين من بعدهم، ثمّ قال: فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر بن الطاهر المطهّر ذو الغَيبة الشريد الطريد.(34) 207 - الفضل، بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان،عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: سيأتي قومٌ من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم، قالوا: يا رسول اللَّه نحن كنا معك ببدر واُحد وحُنين ونزل فينا القرآن، فقال: إنّكم لو تُحملّوا لِما حُمِّلوا، لم تصبروا صبرهم.(35) 208 - المحاسن: بإسناده عن الحكم بن عيينة قال: لمّا قَتل أمير المؤمنين عليه السلام الخوارج يوم النهروان، قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين طوبي لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف، وقتلنا معك هؤلاء الخوارج، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والّذي فلق الحبة وبَرءَ النسمة، لقد شَهَدَنا في هذا الموقف اُناس لم يخلق اللَّه آباءهم ولا أجدادهم بعدُ، فقال الرجل: وكيف يشهدنا قومٌ لم يُخلَقوا؟ قال: بلي، قوم يكونون في آخرالزمان يشركوننا فيما نحن فيه، ويُسلِّمون لنا، فاولئك شُركاؤنا فيما كنّا فيه حقّاً حقّاً.(36) 209 - المحاسن: عن السكونيّ، عن أبي عبد اللَّه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليهم قال: أفضل عبادة المؤمن انتظار الفرج.(37) 210 - ابن عقدة، بإسناده عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: يكون فترة لا يعرف المسلمون امامهم فيها؟ فقال: يقال ذلك، قلت: فكيف نصنع؟ قال: إذا كان ذلك، فتمسّكوا بالأمر الأوّل حتّى يَتبيّن لكم الآخر.(38) 211 - وبهذا الاسناد عن منصور الصيقل، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إذا أصبحت وأمسيت يوماً لا تري فيه اماماً من آل محمّد، فأحبّ مَن كنت تحبّ وأبغض مَن كنت تبغض، ووالِ مَن كنت توالي، وانتظر الفرج صباحاً ومساءً.(39) 212 - النعمانيّ، بإسناده في كتاب القرآن قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن حقيق على اللَّه أن يدخل أهل الضلال الجنّة، وإنّما عني بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان، المستور عن الأعيان، فهم بإمامته مقرّون، وبعروته مستمسكون، ولخروجه منتظرون، موقنون غير شكين، صابرون مسلِّمون، وإنّما ضَلّوا عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه، يدلّ على ذلك أنّ اللَّه تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس الّتي جعلها دليلاً على أوقات الصلاة، فموسَّع عليهم تأخير الموقّت ليتبين لهم الوقت بظهورها، ويستيقنوا أنّها قد زالت، فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه السلام، المتمسِّك بإمامته مُوَسَّع عليه جميع فرائض اللَّه الواجبة عليه، مقبولة منه بحدودها، غير خارج عن معني ما فرض عليه، فهو صابر محتسب لا تضرَّه غيبة إمامة.(40) الهوامش: (1) الانعام: 158. (2) هود: 93. (3) الأعراف: 71؛ يونس: 20؛ يونس: 102. (4) بحار الأنوار 110:52. (5) نفس المصدر 128:52. (6) تفسير العيّاشيّ 159:2 ح 62؛ بحار الأنوار 128:52. (7) تفسير العيّاشيّ 20:2 ح 52؛ بحار الأنوار 129:52. (8) بحار الأنوار 140:52. (9) نفس المصدر، 142. (10) نفس المصدر 139. (11) نفس المصدر 138. (12) بحار الأنوار 136:52. (13) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 133:2. (14) الغَيبة للنعمانيّ 102؛ بحار الأنوار 135:52. (15) الغَيبة للنعمانيّ 83-80؛ الكافي 340:1. (16) الغَيبة للنعمانيّ 101؛ بحار الأنوار 110:52. (17) الكافي 369:1؛ بحار الأنوار 118:53. (18) بحار الأنوار 145:52. (19) بحار الأنوار 122:52. (20) نفس المصدر. (21) نفس المصدر. (22) كمال الدّين 319:1 ح 2. (23) بحار الأنوار 152:52 ح 11. (24) الخصال للصدوق 2 : 622-616 ح 10. (25) بحار الأنوار 123:52. (26) الكافي 405:1. (27) بحار الأنوار 125:52. (28) المحاسن للبرقي 174-172؛ بحار الأنوار 125:52. (29) بحار الأنوار 125:52. (30) نفس المصدر 123:52. (31) نفس المصدر 126:52. (32) بحار الأنوار 126:52. (33) نفس المصدر 126:52. (34) نفس المصدر 126:52. (35) نفس المصدر 130:52. (36) المحاسن للبرقي 262؛ بحار الأنوار 131:52. (37) بحار الأنوار 131:52. (38) نفس المصدر. (39) الكافي 342:1؛ بحار الأنوار 132:52. (40) بحار الأنوار 52 : 144-143. ****************** سورة الاعراف الآية الاولى قوله تعالى: (يا بَني آدمَ لا يَفتِننّكم الشَّيطانُ كما أَخرجَ أَبوَيكم من الجَنةِ يَنزعُ عنهما لِباسَهُما لِيُريَهُما سَوءاتِهما إنَّه يَركم هو وقَبيلُهُ مِن حيث لا تَرَونَهم إنَّا جَعَلنا الشياطينَ أولياءَ للّذين لا يُؤمنون).(1) 213 - روي الشيخ الصدوق رحمه اللَّه، بإسناده عن عبد السلام صالح الهرويّ، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام قال: قال النبيّ صلى الله عليه وآله: وَالّذي بعَثَنَي بالحَقّ بَشيراً، لَيَغيبَنَ القائم مِنْ ولدي، بعهَد معهود إليه منّي، حتّى يقول كثر الناس: ماللَّه في آل محمّد حاجة، ويَشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زَمانه فليتمسّك بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلاً بشكه، فيزيله عن ملّتي، ويخرجه عن ديني، فقد أخرج أبوَيكم من الجنة من قبل، واِنّ اللَّه عزّ وجلّ جَعَلَ الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون.(2) الآية الثانية قوله تعالى: (ولكلّ أمّةٍ أَجَل فإذا جاءَ أجَلُهم لا يَستَأخِرون سَاعَةً ولا يَستَقدِمون).(3) 214 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن حمران، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام وذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال: إنّي سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه وهو على فَرَس، وبين يديه خيل، ومن خلفه خيل، وأنا على حمار إلى جانبه، فقال لي: يا أبا عبد اللَّه قد كان ينبغي لك انْ تفرَح بما أعطانا اللَّه من القوّة وفتَحَ لنا من العِزْ، ولا تُخبر الناس أ نّك أحَقّ بهذا الأمر منّا وأهل بيتك، فتغرينا بك وبهم، قال: فقلت: ومَن رفع هذا إليك عنّي فقد كذب. فقال لي: أتحلف على ما تقول؟ قال: فقلت: إنّ الناس سَحَرة، يعني يحبّون أن يفسدوا قلبك عليَّ، فلا تمكنهم من سمعك، فإنّا إليك أحوج منك إلينا. فقال لي: تذكر يوم سألتك هل لنا ملك؟ فقلت: نعم، طويل عريض شديد، فلا تَزالُون في مهلةٍ من أمركم وفسحة من دنيكم، حتّى تُصيبُوا منا دماً حراماً في شهر حرام في بلد حرام، فعرفت أنّه قد حفظ الحديث، فقلت: لعلّ اللَّه عزّ وجلّ أن يكفيك فإنّي لم أخصّك بهذا، وإنّما هو حديث رويته، ثمّ لعلّ غيرك من أهل بيتك يتولّي ذلك، فسكت عني، فلّما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال: جُعلت فدك، واللَّه لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس، وقد أشرف عليك يكلّمك كأنّك تحته، فقلت بيني وبين نفسي: هذا حجّة اللَّه على الخلق وصاحب هذا الأمر الّذي يُقتدي به، وهذا الآخر يعمل بالجور ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحبّ اللَّه، وهو في موكبه وأنت على حمار، فدخلني من ذلك شك حتّى خفت على دِيني ونفسي. قال فقلت: لو رأيتَ مَن كان حولي وبين يديَّ ومن خلفي وعن يَميني وعن شمإلى من الملائكة، لاحتقرتَه واحتقرتَ ما هو فيه، فقال: الآن سكن قلبي. ثمّ قال: إلى متى هؤلاء يملكون، أو متى الراحة منهم؟ فقلت: أليَس تعلَم أنّ لكلّ شيء مدّة؟ قال: بلي. فقلت: هل ينفعك علمك أنّ هذا الامر إذا جاءَ كان أسرعُ من طَرفة العين؟ إنّك لو تعلم حالهم عند اللَّه عزّ وجلّ وكيف هي، كنت لهم أشد بغضاً، ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشدّ ممّا هم فيه من الاثمّ لم يقدروا، فلا يستفزنّك الشيطان فإنّ العزّة للَّه ولرسوله وللمؤمنين، ولكنّ المنافقين لا يعلمون، ألا تعلم أنّ مَن انتظر أمرنا وصبر على ما يري من الأذي والخوف، هو غداً في زمرتنا؟ فإذا رأيتَ الحق قد مات وذهب أهلهُ، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ماليس فيه ووُجّه على الأهواء، ورأيت الدّين قد انكفأ كما ينكفي ء الماء، ورأيت أهل الباطل قد استُعملوا على أهل الحقّ، ورأيت الشرّ ظاهراً لا يُنهي عنه ويعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، وكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتاً لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يكذب ولا يُردّ عليه كذبه وفِريتهُ، ورأيت الصغير يستحقر (ب) الكبير، ورأيت الأرحام قد تقطّعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يُردّ عليه قوله، ورأيت الغلام يُعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوجْنَ النساء، ورأيت الغناء قد كثر، ورأيت الرجل يُنفق المال في غير طاعة اللَّه فلا ينهي ولا يُؤخذ على يَديه، ورأيت الناظر يتعوَّذ باللَّه مما يري المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحاً لما يري في المؤمن، مرحاً لما يري في الأرض من الفساد، ورأيت الخمور تُشرب علانيةً ويجتمع عليها مَن لا يخاف اللَّه عزّ وجلّ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلاً، ورأيت الفاسق فيما لا يحبّ اللَّه قوّياً محموداً، ورأيت أصحاب الآيات يُحتقَرون ويحتقرُ من يحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً وسبيل الشر مسلوكاً، ورأيت بيت اللَّه قد عُطّل ويُؤمر بتركه، ورأيت الرجل يقول مالا يفعله، ورأيت الرجال يتسمَّنون للرجال، والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دُبره، ومعيشة المرأة من فَرجها، ورأيت النساء يتّخذن المجالس كما يتّخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب وامتشطوا كما تتمشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن، وكان الربا ظاهراً لا يُغَيَّر، وكان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت كثر الناس وخير بيت مَن يساعد النساء على فسقهن، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدّون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يُحلَّل، ورأيت الحلال يُحرّم، ورأيت الدّين بالرأي، وعُطّل الكتاب وأحكامه، ورأيت الليل لا يُستخفي به من الجرأة على اللَّه، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن يذكر إلّا بقلبه، ورأيت العظيم من المال يُنفَق في سخط اللَّه عزّ وجلّ، ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالةً لمن زاد، ورأيت ذوات الأرحام يُنكحَن ويُكتفي بهنَّ، ورأيت الرجل يُقتل على التهمة وعلي الظِنَّة، ويتغاير على الرجل الذَّكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يُعيِّر على إتيان النساء، ورأيت الرجل يكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك ويُقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يُكري امرأته وجاريتهُ ويرضي بالدنيّ من الطعام والشراب، ورأيت الأيمان باللَّه عزّ وجلّ كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهراً ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرُّ بها لا يمنعها أحدٌ أحداً ولا يجترئ أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذلّه الّذي يُخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يُزوَّر ولا تُقبَل شهادته، ورأيت الزور من القول يُتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه وخفّ على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يُكرم الجار خوفاً من لسانه، ورأيت الحدود قد عُطّلت وعُمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زُخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المُفتري الكذب، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغَيبة تُستملح ويُبشّر بها الناس بعضهم بعضاً، ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير اللَّه، ورأيت السُلطان يذلّ للكافر المؤمن، ورأيت الخراب قد اُديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدماء يُستخفّ بها، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان ليُتَّقي وتسند إليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثمّ لم يُزَكه منذ ملكهُ، ورأيت الميت يُنبش من قبره ويؤذي وتباع كفانه، ورأيت الهرج قد كثر، ورأيت الرجل يُمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتمّ بما الناس فيه، ورأيت البهائم تُنكح، ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلَّاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذِكر عليهم، ورأيت السُحت قد ظهر يُتنافَس فيه، ورأيت المصلّي إنّما يصلّي لِيَراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدّين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يُذَمّ ويُعيَّر، وطالب الحرام يُمدَح ويُعَظَّم، ورأيت الحرمَين يُعمَل فيهما بما لا يحبّ اللَّه، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمَين، ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه، فيقول هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لايسلكه احد، ورأيت الميّت يُهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت كلّ عام يحدث فيه من الشرّ والبدعة كثر مما كان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطي على الضحك به ويرحم لغير وجه اللَّه، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكراً تخوّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة اللَّه ويمنع اليسير في طاعة اللَّه، ورأيت العقوق قد ظهر، واستخف بالوالدَين وكانا من أسوء الناس حالاً عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كلّ أمريؤتي إلّا مالهن فيه هوي، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكرٍ كئيباً حزيناً يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربي تُقسّم في الزور ويُتَقامَر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يُتداوي بها وتوصف للمريض ويُستشفي بها، ورأيت الناس قد استوَوا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة، ورياح أهل الحق لا تحرّك، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف اللَّه، مجتمعون فيها للغيبة وكل لحوم أهل الحقّ، ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يُشان بالسكر، وإذا سكر كرم وأتّقي وخيف وترك لا يعاقب ويُعذَر بسكره، ورأيت مَن كل اموال اليتامي يُحمَد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر اللَّه، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على اللَّه يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوي ولا يعمل القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استُخفّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه اللَّه وتعطي لطلب الناس، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما كلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحقّ قد دُرست، فكن على حذر واطلب إلى اللَّه عزّ وجلّ النجاة، واعلم أنّ الناس في سخط اللَّه عزّ وجلّ وإنّما يُمهلهم لأمر يُراد بهم، فكن مترقّباً واجتهد ليرك اللَّه عزّ وجلّ في خلاف ما هم عليه، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت إلى رحمة اللَّه، وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على اللَّه عزّ وجلّ، واعلم أنّ اللَّه لا يُضيع أجر المحسنين، وأنّ رحمة اللَّه قريبٌ من المحسنين.(4) الآية الثالثة قوله تعالى: (هَل يَنظُرون إلّا تَأويلَه يَومَ يأتي تأويلُه يقولُ الَّذين نَسُوهُ مِن قَبلُ قد جَاءَت رُسُلُ رَبِّنا بالحقِّ فهل لنا مِن شُفَعَاءَ فَيَشفَعُوا لَنا أو نُرَدُّ فَنَعمَلَ غَيرَ الَّذي كنَّا نَعْمَلُ قد خَسِرُوا أنفسَهم وضَلَّ عنهم ما كانوا يَفتَرون).(5) 215 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام قال: فهو من الآيات الّتي تأويلها بعد تنزيلها، قال: ذلك يوم القائم عليه السلام ويوم القيامة (يقول الّذين نَسُوهُ مِن قَبلُ) أي تركوه: (قد جَآءت رُسُلُ ربِّنا بالحقِّ فهَل لَنا مِن شُفَعاءَ فَيشفَعوا لنا) قال: قال هذا يوم القيامة (أو نُرَدُّ فنَعمل غَيرَ الّذي كنّا نعمل قد خَسِروا أنفسَهم وضَلَّ عنهم) أي بطل عنهم (ما كانوا يَفتَرون).(6) الآية الرابعة قوله تعالى: (وإلى ثَمودَ أخاهُم صالِحاً قال يا قَومِ اعبُدوا اللَّهَ ملكم مِن إله غَيره..).(7) وجه الشبه بين غيبة صالح وغيبة المهدي 216 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّ صالحاً عليه السلام غاب عن قومه زماناً، وكان يوم غاب عنهم كهلاً مبدوح البطن حسن الجسم، وافر اللحية، خميص البطن، خفيف العارضين مجتمعاً، ربعة من الرجال، فلمّا رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته، فرجع اليهم وهم على ثلاث طبقات: طبقة جاحدة لا ترجع أبداً، واخرى شكة فيه، واخرى على يقين. فبدأ عليه السلام حين رجع بالطبقة الشكة فقال لهم: أنا صالح، فكذّبوه وشتموه وزجروه، وقالوا: بري اللَّه منك، إنّ صالحاً كان في غير صورتك، قال: فأتي الجحَّاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشدّ النفور، ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم: أنا صالح: فقالوا أخبرنا خبراً لا نشك فيك معه أ نّك صالح، فإنّا لا نمتري أنّ اللَّه تبارك وتعالى الخالق، ينقل ويحوّل في أيّ صورة شاء، وقد أخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء، وإنّما يصحّ عندنا إذا أتي الخبر من السماء. فقال لهم صالح: أنا صالح الّذي أتيتكم بالنّاقة، قالوا: صدقتَ وهي الّتي نتدارس، فما علامتها؟ فقال: لها شربٌ ولكم شربُ يومٍ معلوم، قالوا: آمنّا باللَّه وبما جئتنا به، فعند ذلك قال اللَّه تبارك وتعالى: (أنّ صالحاً مُرسَلٌ مِن ربّه) فقال أهل اليقين: (إنّا بما أُرسِل به مُؤمِنون - قال الّدين استكبَروا (وهم الشكك والجحّاد) إنّا بالّذي آمَنتم به كافِرون).(8) قلت: هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟ قال: اللَّه أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم يدلّ على اللَّه عزّ وجلّ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام على فترة لا يعرفون اماماً، غير أنّهم على ما في ايديهم من دين اللَّه عزّ وجلّ كلمتهم واحدة، فلمّا ظهر صالح عليه السلام اجتمعوا عليه، وإنّما مثل القائم عليه السلام مثل صالح.(9) الآية الخامسة قوله تعالى: (قال موسى لقَومه استَعينوا باللَّه واصبِروا إنّ الأرضَ للَّه يُورِثها من يَشاء مِن عِباده والعاقِبةُ للمتّقين).(10) 217 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن أبي خالد الكابليّ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب عليّ صلوات اللَّه عليه في قوله تعالى: (إنّ الأرضَ للَّهِ يُورِثها مَن يَشاء مِن عِباده والعَاقِبة للمُتّقين) أنا وأهل بيتي الّذين أورثنا اللَّهُ الأرض، ونحن المتّقون والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فليعمرها، وليؤدِّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما كل منها، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده، فعمرها وأحياها، فهو أحقّ بها من الّذي تركها، يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما يكل منها حتّى يظهر القائم عليه السلام من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها منهم ويخرجهم كما حواها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ومنعها، إلّا ما كان في أيدي شيعتنا، يقاطعهم على مافي أيديهم، ويترك الأرض في أيديهم.(11) قوله تعالى: (فألقى عصاه فإذا هي ثُعبان مبين).(12) عصا موسى من مواريث المهدي 218 - روي النعمانيّ بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: عصا موسى قضيب آس من غرس الجنة أتاه بها جبرئيل عليه السلام لمّا توجه تلقاء مدين، وهي وتابوت آدم في بحيرة طبرية، ولن يبليا ولن يتغيّرا حتّى يخرجهما القائم عليه السلام إذا قام.(13) 219 - روي الصفّار بإسناده عن محمّد بن الفيض، عن محمّد بن عليّ عليه السلام قال: كانت عصي موسى لآدم، فصارت إلى شعيب، ثمّ صارت إلى موسى بن عمران، وإنّها لعندنا، وإنّ عهدي بها آنفاً، وهي خضراء كهيئتها حين انتُزعت من شجرها، وإنّها لتنطق إذا استُنطقت، اُعِدَّت لقائمنا ليصنع كما كان موسى يصنع بها، إنّها لتروع وتلقف. قال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا أراد أن يقبضه أورث علياً علمه وسلاحه وما هنك، ثمّ صار إلى الحسن والحسين، ثمّ حين قُتل الحسين استودعه أمّ سلمة، ثمّ قبض بعد ذلك منها. قال: فقلت: ثمّ صار إلى عليّ بن الحسين (ثمّ صار إلى أبيك) ثمّ انتهي إليك؟ قال: نعم.(14) 220 - وبالإسناد عن عبد اللَّه بن أبي يعفور قال: قال أبو عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام: ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء إلّا ويظهر اللَّه تبارك وتعالى مثلها في يد قائمنا، لإتمام الحجّة على الأعداء.(15) ان دولة آل محمّد آخر الدول 221 - روي الطوسيّ رحمه الله بإسناده عن أبي صادق، عن أبي جعفر عليه السلام قال: دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا، لئلّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ (والعاقبة للمتّقين).(16) 222 - روي العيّاشيّ، بإسناده عن عمّار الساباطيّ، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: (إنّ الأرضَ يُورِثُها مَن يَشاء مِن عِباده) قال: فما كان للَّه فهو لرسوله، وما كان لرسول اللَّه فهو للإمام بعد رسول اللَّه عليهما السلام.(17) الآية السابعة قوله تعالى (ووَاعَدنا موسى ثَلاثينَ لَيلَةً وأَتمَمناها بعَشرٍ فتمّ مِيقاتُ رَبِّه أربَعينَ لَيلَةً وقالَ موسى لِأخيه هرون اخلُفني في قَومي وأصلِح ولا تَتَّبِع سَبيلَ المُفسِدين).(18) الشبه بين غيبة المهدي وغيبة موسى 223 - الكلينيّ: بإسناده عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إنّ لهذا الأمر وقتاً؟ فقال: كذب الوقّاتون، إنّ موسى عليه السلام لمّا خرج وافداً إلى ربّه وواعدهم ثلاثين يوماً، فلمّا زاده اللَّه تعالى الثلاثين عشراً، قال له قومه: قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا، قال: فإذا حدّثنكم بحديث فجاء على ما حدّثنكم به فقولوا: صدق اللَّه، وإذا حدّثنكم بحديث فجاء على خلاف ما حدّثنكم به، فقولوا: صدق اللَّه، تؤجَروا مرتين.(19) 224 - الفضل بن شاذان، عن محمّد بن الحنفيّة، في حديث اختصرنا منه موضع الحاجّة أنّه قال: إنّ لبني فلان ملكاً مؤجّلاً، حتّى إذا أمنوا واطمأنّوا، وظنّوا أنّ ملكهم لا يزول، صيح فيهم صيحة، فلم يبق لهم راعٍ يجمعهم ولا داعٍ يسمعهم، وذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (حتّى إذا أخذت الأرضُ زُخرُفَها وازَّيَنَت وظَنَّ أهلُها أنّهم قادِرون عَليها أتاها أمرُنا لَيلاً أو نَهاراً فجعلناها حَصيداً كأن لم تَغْنَ بالأمسِ كذلك نُفصِّل الآيات لِقَوم يَتَفكرون). قلت: جُعلت فدك، هل لذلك وقت؟قال: لا، لأنّ علم اللَّه غَلَب علم المؤقّتين، إنّ اللَّه وعد موسى ثلاثين ليلة وأتمّها بعشر لم يعلمها موسي، ولم يعلمها بنو إسرائيل، فلمّا جاز الوقت قالوا: غرَّنا موسي، فعبدوا العجل، ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة، وأنكر في الناس بعضهم بعضاً، فعند ذلك توقّعوا أمر اللَّه صباحاً ومساءً.(20) الآية الثامنة قوله تعالى: (واختارَ موسى قَومَه سَبعينَ رَجُلاً لمِيقاتِنا فلمّا أَخَذَتهُم الرَّجفَةُ قال رَبِّ لو شِئتَ أَهْلَكتَهُم مِن قَبْلُ وإِيّايَ أَتُهلِكنا بما فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إن هي إلَّا فِتنتُك تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وتَهدي مَن تَشَاءُ أنتَ ولِيُّنا فاغفِر لَنا وارحَمنا وأنتَ خَير الغافرين).(21) الهوامش: (1) الأعراف: 27. (2) كمال الدّين 51:1؛ منتخب الأثر 262 ف 2 ب 27 ح 17. (3) الأعراف: 34. (4) الكافي 37:8 ح 7؛ بشارة الإسلام 130-125 ب 7. (5) الأعراف: 53. (6) تفسير القمّيّ 1 : 234-233؛ تفسير العيّاشيّ 235:1. (7) الأعراف: 73. (8) الأعراف: 74 و75. (9) كمال الدّين 136:1. (10) الأعراف: 128. (11) الكافي 407:1 ح 1؛ تأويل الآيات الظاهرة 177:1 ح 15. (12) الأعراف: 107. (13) الغَيبة للنعمانيّ 238 ح 27؛ بحار الأنوار 351:52. (14) بصائر الدرجات 183 ب 4 ح 36؛ بحار الأنوار 318:52. (15) إثبات الهداة 700:3 ح 137؛ أربعين الخاتون آبادي 67 ح 13. (16) الغَيبة للطوسيّ 282؛ بحار الأنوار 332:52. (17) تفسير العيّاشيّ 25:2 ح 65؛ بحار الأنوار 58:100. (18) الأعراف: 142. (19) الكافي 369:1؛ بحار الأنوار 118:52. (20) الغَيبة للنعمانيّ 156 و278؛ بحار الأنوار 104:52. (21) الأعراف: 155. ****************** دلالة الآية على الرجعة 225 - روي أبو عبد اللَّه محمّد بن إبراهيم بن حفص النعمانيّ في كتابه في تفسير القرآن، بإسناده عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول (في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن، روي فيه الإمام الصادق عليه السلام مجموعة أسئلة يجيب عنها أمير المؤمنين عليه السلام عن آيات القرآن وأحكامه، جاء فيها): وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة، فقول اللَّه عزّ وجلّ: (ويَومَ نَحشُر مِن كلِّ أُمّةٍ فَوجاً مِمّن يُكذّب بآياتِنا فهم يُوزَعون)(1) أي إلى الدنيا، وأمّا معني حشر الآخرة، فقوله عزّ وجلّ: (وحَشَرناهم فَلَم نُغادِر مِنهم أحَداً).(2) وقوله سبحانه: (وحَرامٌ على قَريةٍ أهلكناها أنّهم لا يَرجِعون)(3) في الرجعة، فأمّا في القيامة فهم يرجعون. ومثل قوله تعالى: (وإذ أخَذَ اللَّهُ ميثاقَ النبيّين لما آتيتكم مِن كتابٍ وحِكمة ثمّ جاءَكم رَسولٌ مصدّقٌ لما معكم لَتُؤمننَّ به ولَتنصرنَّه)(4) وهذا لا يكون إلّا في الرجعة. ومثله ما خاطب اللَّه به الائمة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم، فقال سبحانه: (وعد اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعملوا الصالحات - إلى قوله - لا يُشركون بي شيئاً)(5) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا. ومثل قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونَجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين).(6) وقوله سبحانه: (إنّ الّذي فَرَضَ عَلَيك القُرآن لَرادُّك إلى معادٍ)(7) أي رجعة الدنيا. ومثل قوله: (ألم تَرَ إلى الّذين خَرَجُوا مِن دِيارهم وهُم أُلوفٌ حَذَرَ المَوت فقال لَهم اللَّهُ موتوا ثُمّ أحياهم).(8) وقوله عزّ وجلّ: (واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا) فردّهم اللَّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا.(9) الآية التاسعة قوله تعالى: (الّذين يَتّبِعون الرَّسولَ النبيَّ الأُمّيّ الّذي يَجِدونه مَكتوباً عِندهم في التَّوراة والإنجيل يَأمُرهمُ بالمَعروف ويَنهاهم عن المُنكر ويُحِلُّ لهم الطيِّباتِ ويُحَرِّم عليهم الخَبائثَ ويَضَعُ عَنهم إصرَهم والأغلالَ الَّتي كانت عليهم فالَّذين آمَنوا به وعَزَّروه ونَصَرُوهُ واتَّبعوا النُّور الّذي أُنزل معهُ أُولئك هُمُ المُفلحون).(10) المهدي يضع الأغلال والآصار عن المؤمنين 226 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ رحمه الله، بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول الناس، قال: وتلا هذه الآية: (ولا يزالون مختلفين إلّا مَن رحم ربُّك ولذلك خَلقَهم)(11) يا أبا عبيدة، الناس مختلفون في إصابة القول، وكلّهم هالك. قال: قلت: قوله: (إلّا مَن رَحِم ربُّك) قال عليه السلام: هم شيعتنا، ولرحمته خلقهم وهو قوله: (ولذلك خَلَقَهم) يقول عزّ وجلّ لطاعة الإمام الرحمة الّتي يقول: (ورَحمتى وَسِعت كلَّ شيء) يقول: علم الامام ووسع علمه الّذي هو من علمه: (كلّ شيء) هو شيعتنا، ثمّ قال: (فسكتبها للّذين يتّقون) يعني ولاية الامام وطاعته، ثمّ قال: (يَجِدونه مَكتوباً عِندهم في التوراة والإنجيل) يعني النبيّ صلى الله عليه وآله، والوصيّ، والقائم عليهما السلام: (يَأمُرُهم بالمَعروف) إذا قام و(يَنهاهم عن المُنكر) والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده، (ويُحلّ لهم الطَّيِّبات) أخذ العلم من أهله (ويُحَرّم عليهم الخَبائث) والخبائث قول من خالف، (ويَضَع عنهم إصرهم) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (والأغلالَ الّتي كانت عليهم) والأغلال ما كانوا يقولون مِمّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام، فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم، والإصر: الذنب وهي الآصار. ثمّ نسبهم فقال: (فالّذين آمَنوا به) يعني بالامام (وعَزّروه ونَصَروه واتّبعوا النورَ الّذي أُنزل معه أُولئك هم المُفلِحون) يعني الّذين اجتنبوا الجِبت والطاغوت أن يعبدوها، والجبت والطاغوت: فُلان وفلان، والعبادة: طاعة الناس لهم، ثمّ قال: وأنيبُوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل، ثمّ جزاهم، فقال: (لَهُم البُشري في الحيوة الدُّنيا وفي الآخرة) والامام يبشّرهم بقيام القائم عليه السلام وبظهوره وبقتل اعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على محمّد صلى الله عليه وآله والصادقين على الحوض.(12) الآية العاشرة قوله تعالى: (ومِن قَومِ موسى أُمّةٌ يَهدُون بالحقِّ وبه يَعدِلون).(13) 227 - روي أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في كتابه، بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إذا ظهر القائم عليه السلام من ظهر هذا البيت، بعث اللَّه معه سبعة وعشرين رجلاً، منهم أربعة عشر رجلاً من قوم موسي، وهم الّذين قال اللَّه تعالى: (ومِن قَوم موسى أمّة يَهدُون بالحقِّ وبه يَعدِلون) وأصحاب الكهف سبعة، والمقداد، وجابر الانصاري، ومؤمن آل فرعون، ويوشع بن نون وصيّ موسي.(14) 228 - وروي ابن الفارسيّ في كتابه: قال: قال الصادق عليه السلام: يخرج للقائم عليه السلام من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى الّذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبو دجانة الأنصاريّ، والمقداد بن الأسود، وملك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً.(15) 229 - والّذي رواه العيّاشيّ في تفسيره: بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: إذا قام قائم آل محمّد عليه السلام إستخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصيّ موسي، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسيّ، وأبا دجانة الأنصاريّ، وملك الأشتر.(16) الآية الحادية عشر قوله تعالى (وإذ أخذ ربُّك مِن بَني آدَمَ مِن ظُهُورِهم ذُرّيَّتهم وأَشهَدَهم على أنفُسِهم ألَستُ بربّكم قالُوا بَلي شَهِدنا أن تَقولوا يَومَ القِيامة إنّا كنّا عَن هذا غافِلين).(17) 230 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن بكير بن أعين، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام: لأيّ علّة وضع الحجر في الركن الّذي هو فيه ولم يوضع في غيره، ولايّ علّة يُقبَّل، ولايّ علّة أخرج من الجنّة؟ ولأيّ علّة وضع الميثاق والعهد فيه ولم يوضع في غيره؟ وكيف السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني اللَّه فدك، فإنّ تفكري فيه لعجب. قال: فقال: سألت وأعضلت في المسألة واستقصيت فافهم الجواب، وفرّغ قلبك وأصغِ سمعك، أخبرك إن شاء اللَّه. إنّ اللَّه تبارك وتعالى وضع الحجر الاسود، وهي جوهرة أخرجت من الجنّة إلى آدم عليه السلام، فوضعت في ذلك الركن لعلّة الميثاق، وذلك انّه لمّا أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم حين أخذ اللَّه عليهم الميثاق في ذلك المكان، وفي ذلك المكان تراءي لهم، ومن ذلك المكان يهبط الطير على القائم عليه السلام، فأوّل من يبايعه ذلك الطائر، وهو واللَّه جبرئيل عليه السلام، وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره، وهو الحجّة والدليل على القائم، وهو الشاهد لمن وافاه في ذلك المكان، والشاهد على من أدّي الميثاق والعهد الّذي أخذ اللَّه عزّ وجلّ على العباد.(18) الآية الثانية عشرة قوله تعالى: (ومِمّن خَلَقنا أمّة يَهدُون بالحقّ وبه يَعدِلون).(19) المهدي هو الهادي إلى الحق والشاهد على الناس 231 - روي ابن شهرآشوب عن عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (ومِمّن خَلَقنا أمّة يَهدُون بالحقّ وبه يَعدِلون) قال: هم الأئمّة، وإنّ اللَّه تعالى جعل على عهدة الأمّة شهداء قال: وكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم، وقال في النبيّ: (ليكون الرسول شهيداً عليكم)، وفي عليّ عليه السلام: (ويتلوه شاهدٌ منه)، وفي الأئمّة: وتكونوا شهداء، آل محمدٍ يكونون شهداء على الناس بعد النبيّ صلى الله عليه وآله.(20) الآية الثالثة عشرة قوله تعالى: (يَسئلُونَك عَن السَّاعةِ أَيَّانَ مُرسيها قُل إنَّما عِلمُها عِندَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوقتها إِلَّا هُوَ ثَقُلَت في السموات والأرض لا تأتيكم إِلَّا بَغتةً يَسئلُونك كأ نَّك حَفيٌّ عَنها قُل إِنَّما عِلمُها عند اللَّهِ ولكنَّ كثرَ النَّاسِ لايَعْلَمون).(21) مثَل القائم كمثل الساعة 232 - روي الشيخ الصدوق أعلا اللَّه مقامه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ، قال: سمعت دعبل بن عليّ الخزاعيّ يقول: أنشدتُ مولاي الرضا عليّ بن موسى عليهما السلام قصيدتي الّتي أوّلها: مدارسُ آياتٍ خلت من تلاوةٍ ومنزل وحيٍ مُقفر العرصاتِ فلمّا انتهيت إلى قوله: خروج إمامٍ لا محالةَ خارج يقوم على اسم اللَّه بالبركاتِ يميّز فينا كلَّ حقٍ وباطلٍ ويجزي على النعماء والنقماتِ بكي الرضا عليه السلام بكاءً شديداً، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال ليّ: ياخزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتَين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟... (إلى أن قال): وأمّا متى فإخبارٌ عن الوقت، فقد حدّثني أبي، عن آبائه عليهم السلام، أنّ انبيّ صلى الله عليه وآله قيل له: يا رسول اللَّه، متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال صلى الله عليه وآله: مثله مثل الساعة الّتي (لا يُجلّيها لِوَقتها إلّا هو ثَقُلَت في السموات والأرضِ لا تأتيكم إلّا بَغتة).(22) 233 - روي أبو المفضل الشيبانيّ، بإسناده عن الكميت بن أبي المستهلّ، قال: دخلت على سيّدي أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام فقلت: يا ابن رسول اللَّه، إنّي قد قلت فيكم ابياتاً، أفتاذن لي في انشادها؟ فقال: إنّها أيّام البيض، قلت: فهو فيكم خاصّة، قال: هات، فأنشأت اقول: أضحكني الدهر وأبكاني والدهرُ ذو صَرف وألوانِ لتسعةٍ بالطفِّ قد غودروا صاروا جميعاً رهنَ كفانِ فبكي عليه السلام وبكي أبو عبد اللَّه عليه السلام، وسمعتُ جارية تبكي من وراء الخباء، فلمّا بلغت إلى قوله: وستّة لايتجازي بهم بنو عقيل خيرُ فرسانِ ثمّ عليّ الخير مولاهُمُ ذِكرهُمُ هيّج أحزاني فبكي ثمّ قال عليه السلام: ما مِن رجل ذكرنا أو ذُكرنا عنده يخرج من عينيه ماء ولو مثل جناح البعوضة، إلّا بني اللَّه له بيتاً في الجنة، وجعل ذلك الدمع حجاباً بينه وبين النار، فلمّا بلغت إلى قوله: مَن كان مسروراً بما مسّكم أو شامتاً يوماً من الآنِ؟ فقد ذللتم بعد عزٍّ فما أدفع ضيماً حين يغشاني أخذ بيدي ثمّ قال: اللَّهم اغفر للكميت ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فلمّا بلغت إلى قوله: متى يقوم الحقّ فيكم متى يقوم مهديكم الثاني؟ قال: سريعاً إن شاء اللَّه سريعاً، ثمّ قال: يا أبا المستهلّ إنّ قائمنا هو التاسع من ولد الحسين عليه السلام لأنّ الأئمّة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إثنا عشر، الثاني عشر هو القائم عليه السلام. قلت: يا سيّدي فمن هؤلاء الاثنا عشر؟ قال: أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وبعده الحسن والحسين عليهما السلام، وبعد الحسين عليّ بن الحسين عليه السلام وأنا، ثمّ بعدي هذا - ووضع يده على كتف جعفر... قلت: فمن بعد هذا؟ قال: ابنه موسي، وبعد موسى ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه محمّد، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وهو أبو القائم الّذي يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويشفي صدور شيعتنا. قلت: فمتى يخرج يا ابن رسول اللَّه؟ قال: لقد سُئل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن ذلك، فقال:إنّما مثله كمثل الساعة (لاتأتيكم إلّا بَغتة).(23) 234 - روي بالإسناد عن أحمد بن محمّد بن المنذر بن الجيفر، قال: قال الحسن بن عليّ صلوات اللَّه عليهما: سألت جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن الأئمّة بعده، فقال صلى الله عليه وآله الائمّة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل: اثنا عشر، أعطاهم اللَّه عِلمي وفهمي، وأنت منهم يا حسن. قلت: يا رسول اللَّه فمتى يخرج قائمنا أهل البيت؟ قال: إنّما مثله كمثل الساعة (ثَقُلَت في السموات والأرضِ لا تأتيكم إلّا بَغتة).(24) النهي عن التوقيت 235 - روي النعمانيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: يا محمّد، مَن أخبرك عنا توقيتاً فلا تَهابنّ أن تكذّبه، فإنّا لا نوقّت لأحدٍ وقتاً.(25) 236 - روي الفضل بن شاذان بإسناده عن منذر الجوّاز، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: كذب الموقّتون، ما وقَّتنا فيما مضي، ولا نوقّت فيما يستقبل.(26) 237 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن القائم عليه السلام فقال: كذب الوقّاتون، إنّا أهل بيت لا نوقّت.(27) 238 - وروي ثقة الإسلام بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام، إذ دخل عليه مهزم فقال له: جُعلت فدك، أخبِرني عن هذا الأمر الّذي ننتظر، متى هذا؟ فقال: يا مهزم كذب الوقّاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلّمون.(28) سورة الانفال الآية الاولى قوله تعالى: (ويُريد اللَّهُ أن يُحِقَّ الحقَّ بكلِماته ويَقطَع دَابِرَ الكافِرين).(29) 239 - العيّاشيّ: عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تفسير هذه الآية في قول اللَّه عزّ وجلّ (ويُريد اللَّهُ أن يُحِقَّ الحقَّ بكلِماته ويَقطَع دَابِرَ الكافِرين): قال أبو جعفر عليه السلام تفسيرها في الباطن يريد اللَّه، فإنّه شيء يريده ولم يفعله بعد، وأمّا قوله: (يحقّ الحقّ بكلماته) فإنّه يعني يحقّ حقّ آل محمّد، وأمّا قوله: (بكلماته) قال: كلماته في الباطن، عليّ هو كلمة اللَّه في الباطن، وأمّا قوله: (ويَقطَع دابِر الكافرين) فهم بنو أميّة، هم الكافرون يقطع اللَّه دابرهم، وأمّا قوله: (لِيُحِقّ الحقّ) فإنّه يعني ليحقّ حقّ آل محمّد عليهم السلام حين يقوم القائم عليه السلام، وأمّا قوله: (ويُبطِل الباطل) يعني القائم عليه السلام، فإذا قام يبطل باطل بني أميّة، وذلك قوله: (لِيُحقّ الحقَّ ويُبطِل الباطل ولو كرِهَ المجرمون).(30) الآية الثانية قوله تعالى (وما كان اللَّه لِيُعذّبهم وأنتَ فيهم وما كان اللَّه مُعذّبهم وهم يَستغفرون).(31) الهوامش: (1) النمل: 83. (2) الكهف: 47. (3) الأنبياء: 95. (4) آل عمران: 81. (5) النور: 55. (6) القصص: 5. (7) القصص: 85. (8) البقرة: 243. (9) المحكم والمتشابه 3، والمتن في ص 112 و113. (10) الأعراف: 157. (11) هود: 119. (12) الكافي 429:1 ح 83؛ وسائل الشيعة 45:18 ب 7 ح 16. (13) الأعراف: 159. (14) دلائل الإمامة 247؛ المحجّة 20 ،76 و77. (15) روضة الواعظين 228. (16) تفسير العيّاشيّ 32:2 خ 90؛ إعلام الوري 433. (17) الأعراف: 172. (18) الكافي 184:4 ح 3؛ علل الشرايع 492 ب 164 ح 1. (19) الأعراف: 181. (20) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 400:4. (21) الأعراف: 187. (22) عيون أخبار الرضا 265:2 ح 35؛ كمال الدّين 372:2 ح 6. (23) كفاية الأثر 250-248. (24) كفاية الأثر 22 و23؛ بحار الأنوار 341:36. (25) الغَيبة للنعمانيّ 289 ح 3. (26) بشارة الإسلام 282؛ بحار الأنوار 103:52. (27) الكافي 368:1 ح 3؛ بحار الأنوار 117:52. (28) الكافي 368:1 ح 2؛ الإمامة والتبصرة 95 ب 23 ح 87. (29) الأنفال: 7. (30) تفسير العيّاشيّ 50:2 ح 24؛ نورالثقلَين 136:2 ح 28. (31) الأنفال: 33. ****************** المهدي أمان لاهل الأرض والسماء 240 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهم السلام لأيّ شيء يُحتاج إلى النبيّ والإمام؟ فقال عليه السلام: لبقاء العالم على صلاحه،وذلك أنّ اللَّه عزّ وجلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام، قال اللَّه عزّ وجلّ: (وما كان اللَّه لِيُعذّبهم وأنتَ فيهم). وقال النبيّ صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السموات، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتي أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهل بيتي أتي أهلَ الأرض ما يكرهون. يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن اللَّه عزّ وجلّ طاعتهم بطاعته فقال: (ياأيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرَّسولَ وأُولي الأمر منكم).(1) وهم المعصومون المطهَّرون الّذين لا يُذنبون ولا يعصون، وهم المؤيَّدون الموفّقون المسدّدون، بهم يرزق اللَّه عباده، وبهم تعمر بلاده، وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم يخرج بركات الأرض، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا تعجل عليهم بالعقوبة والعذاب، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم، صلوات اللَّه عليهم أجمعين.(2) كلام للشيخ الصدوق قال الشيخ الصدوق رضي الله عنه: وتصديق قولنا إنّ الإمام يُحتاج إليه لبقاء العالم على صلاحه أنّه ما عذب اللَّه عزّ وجلّ أمّة إلّا وأمر نبيّها بالخروج من بين أظهرهم، كما قال اللَّه عزّ وجلّ في قصة نوح عليه السلام: (حتّى إذا جاءَ أمرُنا وفارَ التنوّرُ قُلنا احمِل فيها مِن كلٍّ زَوجَين اثنَين وأهلَك إلّا مَن سَبَقَ عليه القَولُ).(3) وأمره اللَّه عزّ وجلّ أن يعتزل عنهم مع أهل الإيمان به ولا يبقي مختلطاً بهم، وقال عزّ وجلّ: (ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون).(4) وكذلك قال عزّ وجلّ في قصّة لوط عليه السلام: (فأسر بأهلِك بقِطْعٍ من الليل ولا يَلتَفِتْ مِنكم أحَدٌ إلّا امرأتك إنّه مُصيبُها ما أصابهم).(5) فأمره اللَّه عزّ وجلّ بالخروج من بين أظهرهم قبل أن يَنزل العذاب بهم، لأنّه لم يكن جلّ وعزّ لينزل عليهم ونبيّه لوط عليه السلام بين أظهرهم، وهكذا أمر اللَّه عزّ وجلّ كلّ نبيّ أراد هلك أمّته أن يعتزلها، كما قال إبراهيم عليه السلام مخوّفاً بذلك قومه: (وأعتزلكم وما تدعون من دون اللَّه وأَدعُوا رَبِّي عَسي ألّا كون بِدُعاء ربّي شَقيّاً - فلمّا اعتَزَلهم وما يَعبُدون مِن دُون اللَّه).(6) أهلك اللَّه عزّ وجلّ الّذين كانوا آذوه وعنتوه وألقوه في الجحيم، وجعلهم الأسفلين، ونجّاه ولوطاً كما قال اللَّه تعالى: (وَنَجَّيناه ولُوطاً إلى الأرضِ الّتي بَارَكنا فيها للعالَمين).(7) ووهب اللَّه جلّت عظمته لابراهيم إسحاق ويعقوب، كما قال عزّ وجلّ: (وَوَهَبنا له إسحقَ ويَعقوبَ نافِلة وكلاً جَعَلنا صالِحِين)(8) وقال اللَّه عزّ وجلّ لنبيّه محمّد صلى الله عليه وآله: (وما كان اللَّه لِيُعذّبهم وأنت فيهم).(9) وفي حديث هشام مع عمرو بن عبيد حجّة في الانتفاع بالحجة الغائب عليه السلام، وذلك انّ القلب غائب عن سائر الجوارح لا يُري بالعين ولا يشم بالأنف ولا يذاق بالفم ولا يلمس باليد، وهو مدّبر لهذه الجوارح مع غيبته عنها وبقاؤها على صلاحها، ولو لم يكن القلب لانفسد تدبير الجوارح ولم تستقم أمورها فاحتيج إلى القلب لبقاء الجوارح على صلاحها كما احتيج إلى الإمام لبقاء العالم على صلاحه، ولا قوّة إلّا باللَّه. وكما يعلم مكان القلب من الجسد بالخبر، فكذلك يعلم مكان الحجّة الغائب عليه السلام بالخبر، وهو ما ورد عن الأئمّة عليهم السلام من الاخبار في كونه بمكة وخروجه منها في وقت ظهوره، ولسنا نعني بالقلب المضغة الّتي من اللحم، لأنّ بها لا يقع الانتفاع للجوارح، وإنّما نعني بالقلب اللطيفة الّتي جعلها اللَّه عزّ وجلّ في هذه المضغة لا تدرك بالبصر وان كشف عن تلك المضغة، ولا تلمس ولا تذاق ولا توجد إلّا بالعلم بها لحصول التمييز واستقامة التدبير من الجوارح، والحجّة بتلك اللطيفة على الجوارح قائمة ماوجدت، والتكليف لها لازم مابقيت، فإذا عدمت تلك اللطيفة انفسد تدبير الجوارح. فكما يجوز أن يحتجّ اللَّه عزّ وجلّ بهذه اللطيفة الغائبة عن الحواس، على الجوارح، فكذلك جائز أن يحتجّ عزّ وجلّ على جميع الخلق بحجّة غائب عنهم، وبه يدفع عنهم، وبه يرزقهم، وبه ينزل عليهم الغيث، ولا قوة إلّا باللَّه.(10) الآية الثالثة قوله تعالى: (وقاتِلوهم حتّى لا تكون فِتنة ويَكون الدّين كلُّه للَّه فإن انتَهَوا فإنّ اللَّه بما يَعملون بَصير).(11) 241 - قال المفضّل (في حديث طويل له عن الامام الصادق عليه السلام:) يا مولاي فما تأويل قوله تعالى: (لِيُظهِرَه على الدّين كلّه ولو كرِه المشركون)؟(12) قال عليه السلام هو قوله تعالى: (وقاتِلوهم حتّى لا تكون فِتنة ويكون الدِّين كلُّه للَّه)، فو اللَّه يا مفضل ليرفع عن الملل والاديان الاختلاف، ويكون الدّين كلّه واحداً كما قال جلّ ذكره: (إنّ الدّينَ عِند اللَّهِ الإسلامُ).(13) وقال اللَّه: (ومَن يَبتَغِ غَيرَ الإسلام دِيناً فلن يُقبَلَ مِنه وهو في الآخرةِ من الخاسِرين).(14) وفي الحديث نفسه: قال المفضل: يامولاي فقوله: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلّه) ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ظهر على الدّين كلّه؟ قال: يا مفضل لو كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ظهر على الدّين كلّه، ما كانت مجوسيّة ولا يهوديّة ولا صابئيّة ولا نصرانيّة، ولا فُرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك ولا عبدة أصنام، ولا أوثان، ولا اللّات والعزّي، ولا عبدة الشمس والقمر، ولا النجوم، ولا النار ولا الحجارة، وإنّما قوله: (لِيُظهِره على الدِّين كلّه) في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة، وهو قوله: (وقاتِلوهم حتّى لاتكون فِتنة ويكون الدِّين كلّه للَّه). فقال المفضل: أشهد أ نّكم مِن علم اللَّه علمتم، وبسلطانه وبقدرته قدرتم، وبحكمه نطقتم، وبأمره تعملون... الحديث.(15) 242 - روي الشيخ هاشم بن سليمان في كتاب (المحجّة) قال: روي محمّد بن مسلم قال: قلت للباقر صلى الله عليه وآله: تأويل قوله تعالى في الأنفال: (وقاتِلوهم حتّى لا تكونَ فِتنة ويكون الدِّين كلّه للَّه). قال: لم يجيء تأويل هذه الآية، فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتّى يوحّدوا اللَّه عزّ وجلّ، وحتّى لا يكون شرك، وذلك في قيام قائمنا.(16) 243 - محمّد بن يعقوب: عن محمّد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قوله اللَّه عزّ وجلّ: (وقاتِلوهم حتّى لا تكون فِتنة ويكون الدِّين كلّه للَّه) فقال: لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه، فلو جاء تأويلها لم يقبل منهم، ولكنّهم يقتلون حتّى يوحّدوا اللَّه عزّ وجلّ، وحتّى لا يكون شرك.(17) 244 - العيّاشيّ بإسناده عن زرارة: قال: قال أبو جعفر عليه السلام سئل عن قوله تعالى: (وقاتِلوا المُشرِكين كافّة كما يُقاتِلونكم كافّة)(18)، (حتّى لا تكون فِتنة ويكون الدِّين كلُّه للَّه) فقال: إنّه لم يجي تأويل هذه الآية، ولو قدم قام قائمنا عليه السلام بعد، سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّد ما بلغ الليل، حتّى لا يكونن شرك على ظهر الأرض كما قال اللَّه.(19) 245 - الطبرسيّ في مجمع البيان في قوله تعالى (وقاتِلوهم حتّى لا تكون فِتنة ويكون الدِّين كلّه للَّه) قال: روي زرارة وغيره عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: لم يجي تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد، سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، ليبلغنّ دين محمّد صلى الله عليه وآله ما بلغ الليل حتّى لا يكون مشرك على وجه الأرض.(20) 246 - العيّاشيّ بإسناده عن عبد الأعلي الحلبيّ، قال: قال: أبو جعفر عليه السلام: يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب، ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طوي، حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتَين انتهي المولي الّذي يكون بين يدَيه حتّى يلقي بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم هاهنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلاً، فيقول: كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: واللَّه لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه، ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول لهم: أشيروا إلى ذوي أسنانكم وأخياركم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم، ويعدهم إلى الليلة الّتي تليها. ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام: واللَّه لكأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ ينشد اللَّه حقّه، ثمّ يقول: يا أيّها الناس من يحاجّني في اللَّه فأنا أولي الناس باللَّه، ومن يحاجّني في آدم فأنا أولي بآدم عليه السلام، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح، فأنا أولي الناس بنوح عليه السلام، يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولي الناس بموسي عليه السلام، يا أيّها الناس من يُحاجّني في عيسي،فأنا أولي الناس بعيسي عليه السلام، يا أيّها الناس من يحاجّني في محمّد، فأنا أولي الناس بمحمّد صلى الله عليه وآله، يا أيّها الناس من يحاجّني في كتاب اللَّه فأنا أولي الناس بكتاب اللَّه. ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين ثمّ ينشد اللَّه حَقَّهُ. قال أبو جعفر عليه السلام: هو واللَّه المضطّر في كتاب اللَّه، وهو قول اللَّه: (أمّن يُجيب المُضطرّ إذا دَعاه ويَكشف السوء ويَجعلكم خُلفاء الأرض)(21) وجبرئيل على الميزاب في صورة طائر أبيض، فيكون أوّل خلق اللَّه يبايعه جبرئيل، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً...(الحديث وفي نهايته): ثمّ يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً إلى الآفاق كلّها، فيمسح بين كتافهم وعلي صدورهم فلا يتعايون في قضاء، ولا تبقي في الأرض قرية إلّا نودي فيها شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له وأنّ محمّداً رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وهو قوله: (وله أسلّم مَن في السموات والأرض طَوعاً وكرهاً وإليه تُرجَعون) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وهو قول اللَّه: (وقاتِلوهم حتّى لاتكون فِتنة ويكون الدِّين كلُّه للَّه). قال أبو جعفر عليه السلام: يقاتلون واللَّهِ حتّى يوحّد اللَّه ولا يشرك به شيئاً، وحتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد، ويُخرج اللَّه من الأرض بذرها، وينزل من السماء قطرها، ويخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهدي عليه السلام، ويوسّع اللَّه على شيعتنا، ولولا ما ينجز لهم من السعادة لبغوا فتنة، فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام، يتكلّم ببعض السنن، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه، فيقول لأصحابه انطلقوا فتلحقوا بهم في التمارين، فيأتون بهم أسري ليأمر بهم فيُذبحون، وهو آخر خارجة تخرج على قائم آل محمّد عليه السلام.(22) الآية الرابعة قوله تعالى: (والّذين آمَنوا مِن بَعدُ وهَاجَروا وجَاهَدوا معكم فأولئك مِنكم وأُولوا الأرحامِ بعضُهم أَولي ببَعضٍ في كتابِ اللَّه إنّ اللَّه بِكلّ شيء عليم).(23) المهدي أولى في كتاب اللَّه 247 - روي محمّد بن عبد اللَّه بن المطّلب الشيبانيّ بإسناده عن اسماعيل بن عبد اللَّه قال: قال الحسين بن عليّ عليه السلام: لمّا أنزل اللَّه تبارك وتعالى هذه الآية: (وأُولوا الأرحام بعضهم أولي بِبَعضٍ في كتاب اللَّه) سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن تأويلها، فقال: واللَّه ما عني بها غيركم، وأنتم اولوا الأرحام، فإذا متُّ فأبوك عليّ أولي بي وبمكاني، فإذا مضي أبوك فأخوك الحسن أولى به، فإذا مضي الحسن فأنت أولي به. قلت: يا رسول اللَّه فمن بعدي أولي بي؟ فقال: ابنك عليّ أولي بك من بعدك، فإذا مضي، فابنه محمّد أولي به من بعده، فإذا مضي محمّد، فابنه جعفر أولي به بمكانه من بعده، فإذا مضي جعفر، فابنه موسى أولي به من بعده، فإذا مضي موسي، فابنه عليّ أولي به من بعده، فإذا مضي عليّ، فابنه محمّد أولي به من بعده، فإذا مضي محمّد، فابنه عليّ أولي به من بعده، فإذا مضي عليّ، فابنه الحسن أولي به من بعده، فإذا مضي الحسن وقعت الغَيبة في التاسع من ولدك، فهذه الأئمّة التسعة من صُلبك، أعطاهم اللَّه عِلمي وفهمي، طينتهم من طينتي، ما لقومٍ يؤذونني فيهم؟ لا أنالهم اللَّه شفاعتي.(24) سورة التوبة الآية الاولى قوله تعالى: (وأذانٌ مِن اللَّه ورَسوله إلى الناس يَومَ الحَجَّ الكبرِ أنّ اللَّه بَرِيءٌ مِن المُشرِكين ورَسولُه فإن تُبتُم فهو خَيرٌ لكم وإِن تولَّيتُم فَاعلَمُوا أَنَّكم غَيرُ مُعجِزي اللَّهِ وبَشِّر الّذين كفَروا بعَذابٍ أليم).(25) 248 - العيّاشيّ عن جابر، عن جعفر بن محمّد وأبي جعفر عليهم السلام في قوله عزّ وجلّ: (وأذانٌ مِن اللَّه ورَسوله إلى الناس يَومَ الحَجَّ الكبرِ) قال: خروج القائم عليه السلام، و(أذان) دعوته إلى نفسه.(26) الآية الثانية قوله تعالى: (أم حَسِبتُم أن تُترَكوا ولَمّا يَعلَمِ اللَّه الّذين جَاهَدوا مِنكم ولم يتّخذوا مِن دُون اللَّه ولا رَسولِه ولا المؤمنينَ وَلِيجةً واللَّهُ خَبير بما تَعمَلُون).(27) الهوامش: (1) النساء: 59. (2) علل الشرايع 123 ب 103 ح 1؛ بحار الأنوار 19:23. (3) هود: 43. (4) هود: 40. (5) هود: 84. (6) مريم: 50 و51. (7) الأنبياء: 72. (8) الأنبياء: 72. (9) الأنفال: 33. (10) كمال الدّين 1 : 210-209. (11) الأنفال: 39. (12) التوبة: 33؛ الصفّ: 9. (13) آل عمران: 19. (14) آل عمران: 35. (15) الهداية الكبري 82-74؛ مختصر بصائر الدرجات 179-178. (16) المحجّة 78. (17) روضة الكافي 201؛ المحجّة 78. (18) التوبة: 36. (19) تفسيرالعيّاشيّ 56:2 ح 48؛ بحار الأنوار 55:51. (20) تفسير مجمع البيان 543:4، ذيل الآية. (21) النمل: 62. (22) تفسير العيّاشيّ 61-56: 2 ح 49؛ الغَيبة للنعمانيّ 181 ح 30. (23) الأنفال: 75. (24) كفاية الأثر 23 و24. (25) التوبة: 3. (26) تفسير العيّاشيّ 76:2 ح 15؛ بحار الأنوار 55:51. (27) التوبة: 16. ****************** حتمية التمحيص 249 - محمّد الحِميريّ بإسناده عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: لتمخضنّ يا معشر الشيعة شيعة آل محمّد كمخيض الكحل في العين، لأنّ صاحب الكحل يعلم متى يقع في العَين، ولا يعلم متى يذهب، فيصبح أحدكم وهو يري أنّه على شريعةٍ من أمرنا، فيمسي وقد خرج منها، ويمسي وهو على شريعة من أمرنا، فيصبح وقد خرج منها.(1) 250 - محمّد الحميريّ بإسناده عن الربيع بن محمّد المسلّي، قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السلام: واللَّه لتكسرنّ كسر الزجاج وإنّ الزجاج يُعاد فيعود كما كان، واللَّه لتكسرنّ كسر الفخّار، وإنّ الفخّار لا يعود كما كان، واللَّه لتمحصنّ، واللَّه لتغربلنّ كما يغربل الزؤان من القمح.(2) 251 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبيه، عن منصور، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: يا منصور إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس، لا واللَّه حتّى تميّزوا، لا واللَّه حتّى تمحّصوا، لا واللَّه حتّى يشقي من يشقي، ويسعد من يسعد.(3) 252 - عن عبد الرحمان بن سيابة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدي ولا علم، يبرأ بعضكم من بعض، فعند ذلك تميّزون وتمحّصون وتغربلون، وعند ذلك اختلاف السنين وأمارة من أوّل النهار، وقتل وقطع في آخر النهار.(4) 253 - عن محمّد بن منصور، عن أبيه قال: كنّا عند أبي عبد اللَّه جماعة نتحدّث، فالتفت إلينا فقال: في أيّ شيء أنتم؟ أيهات أيهات، لا واللَّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تُغربلوا، لا واللَّه لا يكون ما تمُدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا،واللَّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس، لا واللَّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقي من شقي، ويسعد من سعد. وروي عن محمّد بن منصور الصيقل عن أبيه، عن الباقر عليه السلام مثله.(5) 254 - وعن ابن شاذان، عن البزنطيّ، قال: قال أبو الحسن عليه السلام: أمَا واللَّه لا يكون الّذي تمدّون إليه أعينكم حتّى تُميّزوا وتُمحّصوا، وحتّى لا يبقي منكم إلا الأندر ثمّ تلا: (أم حَسِبتم أن تُترَكوا ولمّا يَعلَمِ اللَّهُ الّذين جاهَدوا مِنكم ويَعلَم الصابرين). وفي رواية ابن عيسي، عن البزنطي مثله وزاد فيه: وتُمحّصوا ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء ولا يبقي.(6) 255 - سعد بن عبد اللَّه، بإسناده عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: إذا فُقد الخامس من ولد السابع، فاللَّه اللَّه في أديانكم، لا يزلّنّكم عنها شيء، يا بني إنّه لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من اللَّه امتحن اللَّه بها خلقه.(7) 256 - روي عن جابر الجعفيّ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يكون فَرَجُكم؟ فقال: هيهاتَ هيهات، لا يكون فرجنا حتّى تُغرَبلوا ثمّ تُغربلوا ثمّ تغربلوا، قالها ثلاثاً، حتّى يذهب الكدر ويبقي الصفو.(8) 257 - وبالإسناد عن إبراهيم بن هليل قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: جُعلت فدك، مات أبي على هذا الأمر، وقد بلغت من السنين ما قد تري أموت ولا تخبرني بشيء؟! فقال: يا أبا اسحاق أنت تعجل! فقلت: إي واللَّه أعجل، ومإلى لا أعجل وقد بلغت من السنّ ما تري؟ فقال: أما واللَّه يا أبا اسحاق ما يكون ذلك حتّى تميزوا وتمحّصوا، وحتّى لا يبقي منكم إلّا الأقلّ، ثمّ صعّر كفه.(9) معني صعّر كفه: أي أمالها تهاوناً بالناس. 258 - وبالإسناد عن صفوان بن يحيي قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: واللَّهِ ما يكون ما تمدّون أعينكم إليه حتّى تُمحّصوا وتميّزوا، وحتّى لا يبقي منكم إلّا الأندر فالأندر.(10) 259 - وعن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه سمعه يقول: ويلٌ لطغاة العرب، من شرّ قد اقترب، قلت: جُعلت فدك، كم مع القائم من العرب؟ قال: شيء يسير، فقلت: واللَّه إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير. فقال: لابدّ للناس من أن يُمحّصوا ويُميّزوا، ويُغربلوا ويخرج في الغربال خلق كثير.(11) 260 - وعن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام يقول: واللَّهِ لتُميّزنّ، واللَّه لتمحّصنّ، واللَّه لتغربلنّ، كما يغربل الزؤان من القمح.(12) 261 - ابن عقدة بإسناده عن عميرة بنت نفيل، قالت: سمعت الحسن بن عليّ عليه السلام يقول: لا يكون الأمر الّذي تنتظرون حتّى يبرأ بعضُكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتّى يلعن بعضكم بعضاً، وحتّى يسمّي بعضكم بعضاً كذّابين.(13) الآية الثالثة قوله تعالى: (قاتِلوا الّذين لا يُؤمِنون باللَّه ولا باليَوم الآخر ولا يُحَرِّمون ما حَرَّم اللَّهُ ورسُولُه ولا يَدينون دِينَ الحقِّ من الّذين أُوتوا الكتابَ حتّى يُعطوا الجِزيةَ عَن يَدٍ وهم صاغِرون).(14) النواصب يعطون الجزية في زمان المهدي 262 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن سلام بن المستنير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدّث: إذا قام القائم عرض الإيمان على كلّ ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة وإلّا ضرب عنقه أو يؤدّي الجزية كما يؤدّيها اليوم أهل الذمّة، ويشدّ على وسطه الهِمْيان، ويخرجهم من الأمصار إلى السواد.(15) الآية الرابعة قوله تعالى: (يُريدون أن يُطفِئوا نُورَ اللَّه بأفواهِهم ويأبي اللَّهُ إلّا أنْ يُتِمّ نُورَه ولو كرِه الكافرون).(16) المهدي نور اللَّه في الأرض 263 - روي العلّامة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ رحمه الله بإسناده عن علقمة بن محمّد الحضرميّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام أنّه قال: حجّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله من المدينة... (في حديث طويل في خطبة الغدير قال فيها): معاشر الناس، النور من اللَّه عزّ وجلّ فيّ مسلوك، ثمّ في عليّ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهدي الّذي يأخذ بحقّ اللَّه وبكلّ حقّ هو لنا، لأنّ اللَّه عزّ وجلّ قد جعلنا حجّة على المقصّرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين، ألا إنّ خاتم الائمّة منّا القائم المهدي، ألا إنّه الظاهر على الدّين. ألا إنّه المنتقم من الظالمين. ألا إنّه فاتح الحصون وهادمها. ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك. ألا إنّه مدرك بكلّ ثار لأولياء اللَّه. ألا إنّه الناصر لدين اللَّه. ألا إنّه الغرّاف في بحر عميق. ألا إنّه يسمّ كلّ ذي فضل بفضله، وكلّ ذي جهل بجهله. ألا إنّه خيرة اللَّه ومختاره. ألا إنّه وارث كلّ عِلم والمحيط به. ألا إنّه المخبر عن ربّه عزّ وجلّ والمنبّه بأمر إيمانه. ألا إنّه الرشيد السديد. ألا إنّه المفوّض إليه. ألا إنّه قد بَشّر به مَن سلف بين يديه. ألا إنّه الباقي حجّة ولا حجّة بعده، ولا حقّ إلّا معه، ولا نور إلّا عنده. ألا إنّه لا غالب له ولا منصور عليه. ألا وإنّه وليّ اللَّه في أرضه، وحكمه في خلقه، وأمينه في سرّه وعلانيته. ألا إنّ الحلال والحرام كثر من أن أُحصيها وأعرفهما، فآمر بالحلال وأنهي عن الحرام في مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن اللَّه عزّ وجلّ في عليّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده، الّذين هم منّي ومنه، أئمّة قائمة منهم المهدي إلى يوم القيامة الّذي يقضي بالحقّ.(17) الآية الخامسة قوله تعالى: (هُو الّذي أرسَل رَسُولَه بالهُدي ودِينِ الحقِّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِه المشركون).(18) ظهور الإسلام على الأديان كلها في زمن المهدي 264 - الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: في قوله اللَّه عزّ وجلّ: (هو الّذي أرسل رسولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِره على الدِّين كلِّه ولو كرِه المشركون) فقال: واللَّه ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم عليه السلام، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر باللَّه العظيم ولا مشرك بالإمامة إلّا كره خروجه، حتّى لو أنّ كافراً أو مشركاً كان في بطن صخرة، لقالت: يامؤمن في بطني كافر فكسرني واقتُله.(19) 265 - العيّاشيّ: بإسناده عن سماعة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: (هو الّذي أرسل رسولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلّه ولو كرِه المشركون) قال: إذا خرج القائم عليه السلام لم يبق مشرك باللَّه العظيم ولا كافر إلّا كره خروجه.(20) 266 - محمّد بن العباس عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام، عن قول اللَّه عزّ وجلّ في كتابه: (هو الّذي أرسَل رسولَه بالهُدي ودين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلّه ولو كرِه المشركون)، فقال: واللَّهِ ما نزل تأويلها بعد، قلت: جُعلت فدك، ومتى ينزل تأويلها؟ قال: حتّى يقوم القائم عليه السلام، ان شاء اللَّه تعالي، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يَبق كافر ولا مشرك إلّا كره خروجه، حتّى لو أنّ كافراً أو مشركاً في بطن صخرة، لقالت الصخرة: يامؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله، فيجيئه فيقتله.(21) 267 - محمّد بن العباس بإسناده عن عباية بن ربعي: أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (هو الّذي أرسَل رسولَه بالهُدي ودين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلّه ولو كرِه المشركون) أظهر ذلك بعد؟ كلّا والّذي نفسي بيده، حتّى لا تبقي قرية إلّا ونودي فيها بشهادة أن لا إله الّا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بُكرة وعشيّاً.(22) 268 - عنه، بإسناده عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ: (ليُظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون) قال: لا يكون ذلك حتّى لا يبقي يهوديّ ولا نصرانيّ ولا صاحب ملّة إلّا صار إلى الإسلام، حتّى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحّية، وحتّى لا تقرض الفأرة جراباً، وحتّى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، وهو قوله تعالى: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِه المشركون) وذلك يكون عند قيام القائم عليه السلام.(23) 269 - محمّد بن يعقوب، بإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، قلت: (هو الّذي أرسلَ رَسولَه بالهُدي ودِين الحقِّ) قال: هو أمر اللَّه ورسوله بالولاية لوصيّهِ، والولاية هي دين الحقّ، قلت: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلّه)؟ قال: يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام.(24) 270 - أبو عليّ الطبرسيّ: قال أبو جعفر عليه السلام: إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمّد صلوات اللَّه عليه، فلا يبقي أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلى الله عليه وآله.(25) 271 - روي الثقة الصدوق الفضل بن شاذان في كتاب إثبات الرجعة، بإسناده عن محمّد بن حمران، عن الصادق عليه السلام قال: إنّ القائم منّا منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تُطوي له الأرض، وتظهر له الكنوز كلّها، ويظهر اللَّه به دينه على الدّين كلّه ولو كره المشركون، ثمّ ذكر جُملة من علاماته ثمّ قال: - فعند ذلك خروج قائمنا.(26) 272 - عليّ بن إبراهيم في تفسيره في الآية: إنّها نزلت في القائم من آل محمّد عليه السلام، وهو الّذي ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله، وهو الإمام الّذي يُظهره اللَّه على الدّين كلّه، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً.(27) 273 - العيّاشيّ بإسناده عن أبي المقدام، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله اللَّه: (لِيُظهرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِه المُشركون): يكون أن لا يبقي أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلى الله عليه وآله.(28) 274 - ويؤيّده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب، بإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، قال: سألته عن هذه الآية، قلت: (واللَّه مُتِمّ نورهِ) قال: (يُريدون لِيُطفِئوا نُورَ اللَّهِ بأفواهِهم): ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (واللَّه مُتِمّ نُورهِ)(29) الإمامة، لقوله عزّ وجلّ: (الّذين آمَنوا باللَّهِ ورسوله والنورِ الّذي أنزلنا).(30) والنور هو الامام. قلت له: (هو الّذي أرسَل رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقّ) قال: هو الّذي أمر اللَّه رسوله بالولاية لوصيّه، والولاية هي دين الحقّ. قلت: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه) قال: على جميع الأديان عند قيام القائم، لقول اللَّه تعالى: (واللَّه متمّ نوره) بولاية القائم عليه السلام، (ولو كرِه الكافرون) بولاية عليّ عليه السلام.(31) 275 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمه الله عن احتجاجه عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل قال فيه: كلّ ذلك لتتمّ النظرة الّتي أوحاها اللَّه تعالى لعدوّه إبليس، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحقّ القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحق، الّذي بيَّنه في كتابه بقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الّذين آمَنوا مِنكم وعَمِلوا الصالحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم في الأرضِ كما استَخلَفَ الّذين مِن قبلهم) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه، ومن القرآن ألّا رسمه، وغاب صاحب الأمر بايضاح الغدر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتّى يكون أقرب الناس إليه أشدّهم عداوة له، وعند ذلك يؤيّده اللَّه بجنودٍ لم تروها، ويظهر دين نبيّه صلى الله عليه وآله على يديه (علي الدِّين كلّه ولو كرِه المُشركون).(32) 276 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط قال: قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا اثنا عشر مهدياً، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقّ، يُحيي اللَّه به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون. له غيبة يرتدّ فيها أقوام ويثبت فيها على الدّين آخرون، فيؤذون ويقال لهم: متى هذا الوعد ان كنتم صادقين، أما إنّ الصابرين في غيبته على الأذي والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يَدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(33) 277 - عن المفضّل بن عمر، قال: سألت سيّدي أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام - في ضمن حديث طويل - إلى إن قال: قلت: قوله: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلّه) ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ظهر على الدّين؟ قال: يا مفضل لو كان ظهر على الدّين كلّه ما كان مجوسيّة ولا نصرانيّة ولا يهوديّة ولا صابئة ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شِرك ولا عبدة أصنام ولا أوثان ولا اللّات ولا العزّي ولا عبدة الشمس ولا القمر ولا النجوم ولا النار ولا الحجارة، وإنّما قوله (ليظهره على الدّين كلّه) في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة، وهو قوله: (وقاتِلوهم حتّى لا تكون فِتنة ويكون الدِّين كلّه للَّه).(34)،(35) 278 - روي الحافظ السيوطيّ قال: وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ، عن أبي هريرة في قوله (ليظهره على الدّين كلّه) قال: حين خروج عيسي ابن مريم.(36) 279 - روي البيهقيّ بإسناده عن مجاهد، في قوله: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِه المشركون) قال: إذا نزل عيسي ابن مريم، لم يكن في الأرض إلّا الإسلام، ليظهره على الدّين كلّه.(37) 280 - قال عليّ بن إبراهيم رحمه الله في قوله: (هو الّذي أرسلَ رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقِّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِه المشركون): فإنّها نزلت في القائم من آل محمّد، وهو الّذي ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله.(38) 281 - عن سعيد بن جبير مرسلاً، في تفسير قوله عزّ وجلّ: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِه المشركون) أنّه قال: هو المهدي من عِترة فاطمة عليها السلام، وقال الشافعي: وأمّا مَن قال أنّه عيسي عليه السلام، فلا تنافي بين القولين، إذ هو مساعد للإمام كما تقدّم.(39) 282 - روي عن أبي هريرة أنّه قال: هذا وعد من اللَّه بأنّه تعالى يجعل الإسلام عالياً على جميع الأديان. ثمّ قال الراوي: وتمام هذا إنّما يحصل عند خروج عيسي. وقال السدّي: ذلك عند خروج المهدي، لا يبقي أحد إلّا دخل في الإسلام، أو أدّي الخراج.(40) الآية السادسة قوله تعالى: (والّذين يَكنِزُون الذَّهَب والفِضَّة ولا يُنفِقونها في سَبيل اللَّه فبشِّرْهُم بِعَذابٍ أليم).(41) الهوامش: (1) الغَيبة للطوسيّ 221؛ الغَيبة للنعمانيّ 110. (2) بحار الأنوار 101:52. (3) نفس المصدر 111:52. (4) نفس المصدر 112:52. (5) الغَيبة للطوسيّ 218؛ الغَيبة للنعمانيّ 111. (6) بحار الأنوار 25:52. (7) نفس المصدر 113:52. (8) نفس المصدر 113:52. (9) نفس المصدر 113:52. (10) نفس المصدر 114:52. (11) نفس المصدر 114:52. (12) نفس المصدر 114:52. (13) نفس المصدر 114:52. (14) التوبة: 29. (15) الكافي 227:8 ح 288؛ بحار الأنوار 375:52. (16) التوبة: 32. (17) الإحتجاج 61:1؛ الصراط المستقيم 302:1 ب 9. (18) التوبة: 33. (19) كمال الدّين 670:2؛ بحار الأنوار 4:53. (20) تفسير العيّاشيّ 87:2 ح 52؛ بحار الأنوار 324:52. (21) تأويل الآيات الظاهرة 668:2 ح 7؛ بحار الأنوار 58:51. (22) تأويل الآيات 689:2 ح 8؛ بحار الأنوار 60:51. (23) تأويل الآيات 689:2 ح 9؛ بحار الأنوار 61:51. (24) الكافي 432:1. (25) تفسير مجمع البيان 25:3، ذيل الآية. (26) إثبات الهداة 570:3 ح 646؛ كشف الأستار 222. (27) تفسير القمّيّ 289:1؛ بحار الأنوار 50:51. (28) تفسير العيّاشيّ 87:2 ح 50. (29) الصفّ: 8. (30) التغابن: 10. (31) الكافي 432:1 ح 91؛ ينابيع المودّة 423 ب 71. (32) كمال الدّين 317:1 ح 3. (33) كمال الدّين317:1 ح 3. (34) الأنفال: 39. (35) الهداية الكبري82-74؛ بحار الأنوار 1:53. (36) الدرّ المنثور 241:3. (37) السنن الكبري للبيهقي 18:9. (38) تفسير القمّيّ 289:1؛ بحار الأنوار 50:51. (39) البيان للشافعي 528 ب 25. (40) التفسير الكبير للفخر الرازي 40:16. (41) التوبة: 34. ****************** استخراج كنوز الأرض في زمان المهدي 283 - محمّد بن يعقوب بإسناده عن معاذ بن كثير، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: موسّع على شيعتنا أن يُنفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا عليه السلام حرّم على كلّ ذي كنز كنزه حتّى يأتيه به فيستعين به على عدوّه، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ في كتابه: (والّذين يَكنِزُون الذَّهَب والفِضَّة ولا يُنفِقونها في سَبيل اللَّه فبشِّرْهُم بِعَذابٍ أليم).(1) 284 - العيّاشيّ في تفسيره، بإسناده عن معاذ بن كثير صاحب الكيسة، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: موسّع على شيعتنا - وذكر الحديث إلى آخره.(2) 285 - عنه، بإسناده عن الحسين بن علوان، عن من ذكره، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: إنَّ المؤمن إذا كان عنده من ذلك شيء ينفقه على عياله ما شاء، ثمّ إذا قام القائم عليه السلام فيحمل إليه ما عنده ممّا بقي من ذلك يستعين به على أمره، فقد أدّي ما يجب عليه.(3) الآية السابعة قوله تعالى: (إنّ عِدَّة الشُّهور عِند اللَّه اثنا عَشَرَ شَهراً في كتاب اللَّه يَومَ خَلَقَ السَّماوات والأرضَ مِنها أربَعَةٌ حُرُمٌ ذلك الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِمُوا فيهنَّ أنفُسَكم وقاتِلوا المُشركين كآفَّةً كما يُقاتِلُونَكم كآفَّةً واعلَمُوا أنَّ اللَّهَ مع المُتَّقين).(4) 286 - النعمانيّ بإسناده عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه، قال: أتي جبرئيل النبيّ صلى الله عليه وآله فقال: يا محمّد إنّ اللَّه عزّ وجلّ يأمرك أن تزوّج فاطمة من عليّ أخيك، فأرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى عليّ عليه السلام فقال له: (يا عليّ إنّي مزوّجك فاطمة ابنتي سيّدة نساء العالمين، وأحبّهن إليّ بعدك، وكائن منكما سيّدا شباب أهل الجنة، والشهداء المضرّجون المقهورون في الأرض من بعدي، والنجباء الزهر الّذين يطفي اللَّه بهم الظُلَم، ويحيي بهم الحقّ، ويُميت بهم الباطل، عدّتهم عدّة أشهر السنة، آخرهم يصلّي عيسي ابن مريم عليه السلام خلفه).(5) 287 - كتاب مقتضب الأثر في النصّ على الإثني عشر، بإسناده عن وهب بن منبّه قال: إنّ موسى عليه السلام نظر ليلة الخطاب إلى كلّ شجرة في الطور، وكلّ حجر ونبات تنطق بذكر محمّد واثني عشر وصيّاً له من بعده. فقال موسي: إلهي لا أري شيئاً خلقته إلّا وهو ناطق بذكر محمّد وأوصيائه الإثني عشر، فما منزلة هؤلاء عندك؟ قال: يا ابن عمران! إنّي خلقتهم قبل خلق الأنوار، وجعلتهم في خزانة قُدسي يرتعون في رياض مشيتي، ويتنسّمون من روح جبروتي، ويشاهدون أقطار ملكوتي، حتّى إذا شئت مشيتي أنفذت قضائي وقدري. يا ابن عمران، إنّي سبقت بهم استباقي، حتّى أزخرف بهم جناني. يا ابن عمران: تمسّك بذِكرهم فإنّهم خزنة علمي وعيبة حكمتي، ومعدن نوري. قال حسين بن علوان: فذكرت ذلك لجعفر بن محمّد عليه السلام فقال: حقّ ذلك، هم اثنا عشر من آل محمّد عليهم السلام عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ ومَن شاء اللَّه. قلت: جُعلت فدك إنّما أسالك لتفتيني بالحقّ. قال: أنا وابني هذا، وأومأ إلى ابنه موسي، والخامس من ولده يغيب شخصه ولا يحلّ ذِكره.(6) 288 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغَيبة، بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ قال: كنت عند أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ذات يوم، فلمّا تفرّق مَن كان عنده قال لي: يا أبا حمزة، من المحتوم الّذي لا تبديل له عند اللَّه قيام قائمنا عليه السلام، فمن شك فيما أقول لقي اللَّه وهو به كافر وهو له جاحد، ثمّ قال: بأبي أنت وأمّي المسمّي باسمي، والمكنّي بكنيتي، السابع من بعدي، بأبي مَن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ثمّ قال: يا أبا حمزة. من أدركه فلم يسلّم له ما سلّم لمحمّد وعليّ صلوات اللَّه عليهما، فقد حرّم اللَّه عليه الجنة، ومأواه النار وبئس مثوي الظالمين، وأوضح من هذا بحمد اللَّه وأنور وأبين وأزهر (أظهر) لمن هداه اللَّه وأحسن إليه، قوله عزّ وجلّ في مُحكم كتابه: (إنّ عِدّة الشُّهور عِند اللَّه اثنا عَشَرَ شَهراً في كتاب اللَّه يوم خَلَق السمواتِ والأرضَ، مِنها أربعةٌ حُرُم ذلك الدِّين القَيِّم فلا تَظلِموا فيهنّ أنفسَكم). ومعرفة الشهور: المحرّم وصفر وربيع وما بعده، والحُرُم منها رجب وذو القعدة وذوالحجّة والمحرّم، وذلك لا يكون ديناً قيماً لأنّ اليهود والنصاري والمجوس وساير الملل والناس جميعاً من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدّونها بأسمائها، وإنّما هم الأئمّة والقوّامون بدين اللَّه عزّ وجلّ، والمحرّم منها أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، الّذي اشتقّ اللَّه تعالى له اسماً من اسمه العليّ، كما اشتقّ لرسوله صلى الله عليه وآله اسماً من اسمه المحمود، وثلاثة من ولده أسماؤهم عليّ بن الحسن وعليّ بن موسى وعليّ بن محمّد، فصار لهذا الاسم المشتقّ من اسم اللَّه جلّ وعزّ حُرمة به (يعني أمير المؤمنين عليه السلام) وصلوات اللَّه على محمّد وآله المكرّمين المحترمين.(7) 289 - عنه، بإسناده عن داود بن كثير الرّقي، قال: دخلت على أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليهما السلام بالمدينة، فقال لي: ما الّذي أبطأ بك عنّا ياداود؟ فقلت: حاجة عرضت بالكوفة، فقال: من خلّفت بها؟ فقلت: جُعلت فدك خلّفت بها عمّك زيداً، تركته ركباً على فرس متقلّداً سيفاً ينادي بأعلي صوته: سَلوني قبل أن تفقدوني، فبين جوانحي علم جمّ، قد عرفت الناسخ من المنسوخ، والمثاني والقرآن العظيم، وإنّي العلم بين اللَّه وبينكم! فقال عليه السلام لي: يا داود لقد ذهبت بك المذاهب، ثمّ نادي: يا سماعة بن مهران، ايتني بسلّة الرطب، فتناول منها رطبة فكلّها واستخرج النواة من فيه، فغرسها في الأرض، ففلقت وأنبتت وأطلعت وأعذقت، فضرب بيده إلى بسرة من عذق فشقّها واستخرج منها رقّاً أبيض، ففضّه ودفعه إليّ وقال: اقرأه. فقرأته، فإذا فيه سطران: الاول: لا إله إلّا اللَّه محمّد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. والثاني: (إنّ عِدّة الشُّهور عِند اللَّه اثنا عَشَرَ شَهراً في كتاب اللَّه يوم خَلَق السمواتِ والأرضَ، مِنها أربعةٌ حُرُم ذلك الدِّين القَيِّم) أمير المؤمنين عليّ بن طالب، الحسن بن عليّ، والحسين بن عليّ، محمّد بن عليّ، جعفر بن محمّد، موسى بن جعفر، عليّ بن موسي، محمّد بن عليّ، عليّ بن محمّد، الحسن بن عليّ، الخلف الحجّة. ثمّ قال: يا داود، أتدري متى كتب هذا في هذا؟ قلت: اللَّه أعلم ورسوله وأنتم. قال: قبل أن يخلق اللَّه آدم بألفي عام.(8) 290 - وعنه بإسناده عن زياد القندي قال: سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام يقول: إنّ اللَّه عزّ وجلّ خلق بيتاً من نور وجعل قوائمه أربعة أركان، (عليه) أربعة أسماء: سُبحان اللَّه والحمد للَّه، ثمّ خلق من الأربعة أربعة، ومن الأربعة: تبارك وسبحان والحمد للَّه، ثمّ خلق أربعة من أربعة، ومن أربعة أربعة، ثمّ قال عزّ وجلّ: (إنّ عدّة الشهور عند اللَّه اثنا عشر شهراً).(9) 291 - روي الشيخ الطوسيّ في الغَيبة: بحذف الإسناد عن جابر الجعفيّ، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تأويل قول اللَّه عزّ وجلّ: (إنّ عِدّة الشُّهور عِند اللَّه اثنا عَشَرَ شَهراً في كتاب اللَّه يوم خَلَق السمواتِ والأرضَ، مِنها أربعةٌ حُرُم ذلك الدِّين القَيِّم فلا تَظلِموا فيهنّ أنفسَكم). فقال: فتنفّس سيّدي الصعداء ثمّ قال: يا جابر: أمّا السنة فهو جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وشهورها اثنا عشر شهراً، فهو أمير المؤمنين عليه السلام، إليّ وإلي ابني جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّد وابنه عليّ وإلي ابنه الحسن وإلي ابنه محمّد الهادي المهدي عليه السلام، اثنا عشر إماماً حجج اللَّه على خلقه، وأمناؤه على وحيه وعلمه، والأربعة الحرم الّذين هم الدّين القيّم، أربعة منهم يخرجون باسم واحد، عليّ أمير المؤمنين، وأبي عليّ بن الحسين، وعليّ بن موسي، وعليّ بن محمّد عليهم السلام، فالإقرار بهؤلاء هوالدّين القيّم (فلا تَظلِموا فِيهنّ أنفسكم) أي قولوا بهنّ جميعاً تهتدوا.(10) 292 - الشيخ شرف الدّين النجفيّ في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة: عن المقلّد بن غالب الحسنيّ قدس سره عن رجاله، بإسناد متّصل إلى عبد اللَّه بن سنان الأسديّ، عن جعفر بن محمّد عليه السلام قال: قال أبي - يعني محمّداً الباقر عليه السلام - لجابر بن عبد اللَّه: لي اليك حاجة أخلو فيها، فلمّا خلا به قال: يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيتَه عند أمّي فاطمة الزهراء عليها السلام. فقال جابر: أشهد باللَّه لقد دخلت على سيّدتي فاطمة الزهراء لأُهنيها بولدها الحسين عليه السلام، فإذا بيدها لوح أخضر من زمرّدة خضراء فيه كتابة أنور من الشمس وأطيب رائحة من المسك الاذفر، فقلت: ما هذا اللوح يا بنت رسول اللَّه؟ فقال: هذا لوح أنزله اللَّه تعالى على أبي وقال لي احفظيه، ففعلت، فإذا فيه اسم أبي وبَعلي واسم ابني والأوصياء من بعد ولدي الحسين، فسألتها أن تدفعه إليّ لأنسخه، ففعلَت. فقال له أبي عليه السلام: ما فعلتَ بنسخك. فقال: هي عندي، فقال: فهل لك أن تعارضني عليها؟ قال: فمضي جابر إلى منزله فأتاه بقطعة جلد أحمر، فقال له: انظر في صحيفتك حتّى أقرأها عليك، فكان في صحيفته: هذا كتاب من اللَّه العزيز الحكيم (العليم) أنزله الروح الامين على محمّد خاتم النبيين يا محمّد (إنّ عِدّة الشُّهور عِند اللَّه اثنا عَشَرَ شَهراً في كتاب اللَّه يوم خَلَق السمواتِ والأرضَ، مِنها أربعةٌ حُرُم ذلك الدِّين القَيِّم فلا تَظلِموا فيهنّ أنفسَكم). يا محمّد عظّم أسمائي واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، ولا ترجَ سواي، ولا تخشَ غيري، فإنّه مَن يرجو سوائي ويخشي غيري أعذّبه عذاباً لا أعذّ به أحداً من العالمين، يا محمّد إنّي اصطفيتك على الأنبياء، واصطفيت وصيّك (عليّاً) على الأوصياء، وجعلت الحسن عيبة علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، والحسين خير أولاد الأوّلين والآخرين فيه تثبت الإمامة، ومنه العقب، وعليّ بن الحسين زين العابدين، والباقر العلم الداعي إلى سبيلي على منهاج الحقّ، وجعفر الصادق في القول والعمل، تلبس من بعده فتنة صمّاء، فالويل كلّ الويل لمن كذّب عِترة نبييّ وخيرة خلقي، وموسي الكاظم الغيظ، وعليّ الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة الّتي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلق اللَّه، ومحمّد الهادي شبيه جدّه الميمون، وعليّ الهادي (الداعي) إلى سبيلي والذابّ عن حرمي، والقائم في رعيتي، والحسن الأغرّ يخرج منه ذو الاسمين خلف محمّد، يخرج في آخر الزمان وعلي رأسه غمامة بيضاء تظلّه عن الشمس، وينادي مناد بلسان فصيح يسمعه الثقلان ومن بين الخافقين: (هذا المهدي من آل محمّد) فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً.(11) قوله تعالى: (وقاتِلوا المُشرِكين كافَّةً كما يُقاتلونكم كافّة).(12) 293 - العيّاشيّ بإسناده عن زرارة، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (قاتِلوا المشركين كافّةً كما يُقاتلونكم كافّة)؛ (حتّى لا تكون فتنة ويكون الدّين كلّه للَّه).(13) فقال: لا لم يجيء تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد، سيري مَن يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّد ما بلغ الليل، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال اللَّه.(14) الآية الثامنة قوله تعالى: (كلِمَة اللَّهِ هِيَ العُليا).(15) 294 - روي العلّامة البيّاضي قدس سره قال: أخرج أبو نعيم في كتاب الفتن قول أبي جعفر عليه السلام: ويظهر المهدي بمكة عند العشاء ومعه راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وقميصه، وسيفه، وعلامات، ونور، وبيان، وينادي من السماء: إنّ الحقّ في آل محمّد، وآخر من الأرض: إنّ الحقّ في آل عيسي. قال أبو عبد اللَّه: إذا سمعتم ذلك فاعلَموا أنّ كلمة اللَّه هي العليا، وكلمة الشيطان هي السفلي. قال: فهذه كتبهم تشهد بأنّ قول مَن يقول: المهدي هو المسيح قول الشيطان.(16) الآية التاسعة قوله تعالى: (قُل هَلْ تَرَبَّصُون بِنَا إلّا إحدي الحُسنَيَين ونحن نَتربَّصُ بِكم أن يُصِيبَكم اللَّهُ بِعذابٍ مِن عِنده أو بأيدينا فَتَربَّصُوا إنَّا مَعكم مُتربّصون).(17) 295 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ رضي الله عنه بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم، فقال: الكفُّ عنهم أجمل، ثمّ قال: واللَّه يا أبا حمزة إنّ الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا، قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال لي: يا أبا حمزة كتاب اللَّه المنزل يدلّ عليه، إنّ اللَّه تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاماً ثلاثة في جميع الفيء، ثمّ قال عزّ وجلّ: (واعلَمُوا أنّما غَنِمتُم مِن شيء فأنّ للَّه خُمُسَه وللرَّسول ولِذِي القُربي واليَتَامي والمَسكين وابن السَّبيل).(18) فنحن أصحاب الخمس والفيء، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا. واللَّه يا أبا حمزة ما من أرض تُفتح ولا خمس يُخَمّس فيضرب على شيء منه إلّا كان حراماً على مَن يصيبه فَرجاً كان أو مالاً، ولو قد ظهر الحقّ لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد، حتّى إنّ الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك، ولقد أخرجونا وشيعتنا من حقّنا ذلك بلا عذر ولا حقّ ولا حجّة. قلت: قوله عزّ وجلّ: (هل تربّصون بنا إلّا إحدي الحُسنَيَين)؟ قال: أمّا موت في طاعة اللَّه، أو إدرك ظهور إمام، ونحن نتربّص بهم مع ما نحن فيه من الشدّة أن يصيبهم اللَّه بعذاب من عنده، قال: هو المسخ، أو بأيدينا وهو القتل، قال اللَّه عزّ وجلّ لنبيه صلى الله عليه وآله: (تَرَبَّصُوا إنّا معكم مُتَربِّصون) والتربّص: انتظار وقوع البلاء بأعدائهم.(19) قوله تعالى: (يَا أيّها الذينَ آمَنوا اتَّقُوا اللَّهَ وكونوا مع الصادِقِين).(20) المهدي من الصادقين 296 - روي سُليم بن قيس الهلاليّ في حديث المناشدة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: فأنشدتكم اللَّه أتعلمون أنّ اللَّه أنزل: (يَا أيّها الذينَ آمَنوا اتَّقُوا اللَّهَ وكونوا مع الصادِقِين)، فقال سلمان: يا رسول اللَّه أعامّة هي أم خاصّة؟ قال: المأمورون فالعامّة من المؤمنين أمروا بذلك وأمّا (الصادقين) فخاصّة لأخي عليّ والأوصياء من بعده إلى يوم القيامة، قالوا: اللَّهم نعم.(21) الهوامش: (1) الكافي 61:4 ح 4؛المحجّة 23. (2) تفسير العيّاشيّ 87:2 ح 54. (3) نفس المصدر. (4) التوبة: 36. (5) الغَيبة للنعمانيّ 57 ح 1؛ بحار الأنوار 272:36. (6) بحار الأنوار 149:51، عن مقتضب الأثر. (7) الغَيبة للنعمانيّ 41؛ بحار الأنوار 139:51. (8) الغَيبة للنعمانيّ 42؛ تأويل الآيات 204-203: 1 ح 12. (9) الغَيبة للنعمانيّ 96. (10) الغَيبة للنعمانيّ 96؛ بحار الأنوار 240:24. (11) تأويل الآيات الظاهرة 206-204: 1 ح 13. (12) التوبة: 36. (13) الأنفال: 39. (14) تفسير العيّاشيّ 56:2 ح 48؛ بحار الأنوار 55:51. (15) التوبة: 40. (16) الصراط المستقيم 225:2. (17) التوبة: 52. (18) الأنفال: 41. (19) روضة الكافي 285 و287؛ بحار الأنوار 311:24. (20) التوبة: 119. (21) سُليم بن قيس 189؛ تفسير البرهان 170:2 ح 7. ****************** سورة يونس الآية الاولى قوله تعالى: (ويَقُولون لَولا أُنزِل عَلَيه آيةٌ مِن ربّه - فقُل إنّما الغَيب للَّه فَانتظِروا إنّي معكم من المُنتظِرِين).(1) 297 - ابن بابويه عن يحيي بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (الم ذلك الكتابُ لا رَيب فيه هُديً للمتّقين - الّذين يُؤمِنون بالغَيب)(2)، فقال: المتّقون شيعة عليّ عليه السلام، والغيب فهو الحجّة القائم الغائب؛ وشاهد ذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (ويَقُولون لَولا أُنزِل عَلَيه آيةٌ مِن ربّه فقُل إنّما الغَيب للَّه فَانتظِروا إنّي معكم من المُنتظِرِين).(3) 298 - الشّيخ الصدوق، بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي النصر، قال: قال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول اللَّه عزّ وجلّ: (وارتقبوا إنّي معكم رَقيب)(4) (فانتظِروا إنّي معكم مِن المُنتظرين) فعليكم الصبر، فإنّه إنّما يجي الفرج على اليأس، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم.(5) 299 - وعنه، بإسناده عن محمّد بن الفضل، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: سألته عن الفرج قال: إنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: (انتظروا إنّي مَعكم من المُنتظرِين).(6) 300 - وبالإسناد عن عبد العظيم الحسنيّ، قال: دخلت على سيّدي محمّد بن عليّ عليهما السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم، أهو المهدي أو غيره؟ فابتدأني فقال: يا أبا القاسم، إنّ القائم منّا هو المهدي الّذي يجب أن يُنتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والّذي بعث محمّداً بالنبوّة وخصّنا بالإمامة، إنّه لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، وإنّ اللَّه تبارك وتعالى يُصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السلام، (ذهب) ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبيّ، ثمّ قال عليه السلام: أفضل اعمال شيعتنا انتظار الفَرَج.(7) 301 - عن الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليه السلام يقول: الإمام بعدي ابني عليّ، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والامام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثمّ سكت، فقال له: يا بن رسول اللَّه فمن الامام بعد الحسن؟ فبكي عليه السلام بكاءً شديداً ثمّ قال: ان من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر، فقلت له: يا ابن رسول اللَّه ولم سمّي القائم؟ قال: لأنّه يقوم بعد موت ذِكره وارتداد كثر القائلين بإمامته، فقلت له: ولم سمّي المنتظر؟ قال: إنّ له غيبة يكثر أيّامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، ويُنكره المرتابون، ويستهزئ به الجاحدون، ويكذّب فيها الوقّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلّمون.(8) 302 - وبالإسناد عن ابن أبي عمير، عمّن سمع أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: لكلّ أُناس دولةٌ يرقبونها ودولتنا في آخر الدهر تظهرُ(9) 303 - روي الترمذيّ بإسناده عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: سَلوا اللَّه من فضله، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ يحبّ أن يُسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج.(10) 304 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عليّ بن هاشم، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ما ضرّ من مات منتظراً لأمرنا ألّا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره.(11) 305 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد اللَّه بن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخلنا عليه جماعة فقلنا: يا ابن رسول اللَّه إنّا نريد العراق فأوصِنا. فقال أبو جعفر عليه السلام: ليقوّ شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبثّوا سرّنا، ولا تُذيعوا أمرنا، وإذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدَين من كتاب اللَّه فخُذوا به، وإلّا فقِفوا عنده ثمّ رُدُّوه إلينا حتّى يستبين لكم، واعلموا أنّ المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم، ومن أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدونا، كان له مثل أجر عشرين شهيداً، ومَن قُتل مع قائمنا، كان له مثل أجر خمسة وعشرين شهيداً.(12) 306 - روي الشيخ الطوسيّ بإسناده عن يحيي بن العلاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلّ مؤمن شهيد، وإن مات على فراشه فهو شهيد، وهو كمن مات في عسكر القائم، قال أيحبس نفسه على اللَّه ثمّ لا يدخله الجنة؟(13) 307 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ أقرب الناس إلى اللَّه عزّ وجلّ وأعلمهم به وأرأفهم بالناس، محمّد صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام، فادخلوا أين دخلوا، وفارقوا من فارقوا - أعني بذلك حسيناً وولده عليهم السلام - فإنّ الحقّ فيهم، وهم الاوصياء، ومنهم الائمّة، فأينما رأيتموهم فاتبعوهم، فان أصبحتم يوماً لا ترون منهم أحداً، فاستعينوا باللَّه عزّ وجلّ، وانظروا السُنَّة الّتي كنتم عليها واتبعوها، وأحبّوا مَن كنتم تحبون، وأبغضوا مَن كنتم تُبغضون، فما أسرع ما يأتيكم الفرج.(14) 308 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي الجارود، قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام يابن رسول اللَّه هل تعرف مودّتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاتي إيّكم؟ قال: فقال: نعم، قال: فقُلتُ: فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها، فإنّي مكفوف البصر قليل المشي ولا أستطيع زيارتكم كلّ حين، قال: هات حاجتك، قلت: أخبرني بدينك الّذي تدين اللَّه عزّ وجلّ به أنت وأهل بيتك لأدين اللَّه عزّ وجلّ به. قال عليه السلام: إن كنت أقصرت الخُطبة، فقد أعظمت المسألة، واللَّهِ لأعطينّك ديني ودين آبائي الّذي ندين اللَّه عزّ وجلّ به، شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والإقرار بما جاء من عند اللَّه، والولاية لوليّنا، والبراءة من عدونا، والتسليم لأمرنا، وانتظار قائمنا، والاجتهاد والورع.(15) 309 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن الحكيم بن عتيبة، قال: بينا أنا مع أبي جعفر عليه السلام والبيت غاصّ بأهله، إذ أقبل شيخ يتوكأ على عَنَزة له حتّى وقف على باب البيت، فقال: السلام عليك يا ابن رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، ثمّ سكت، فقال أبو جعفر عليه السلام: وعليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته، ثمّ أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال: السلام عليكم، ثمّ سكت حتّى أجابه القوم جميعاً وردّوا عليه السلام، ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السلام، ثمّ قال: يا ابن رسول اللَّه أدنيني منك جعلني اللَّه فدك، فواللَّهِ إنّي ما أحبّكم وأحبّ مَن يحبّكم لطمع في دُنياً، واللَّهِ إنّي لأبغض عدوّكم وأبرأ منه، وواللَّهِ ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه، واللَّهِ إنّي لأحلّ حلالكم وأحرّم حرامكم وأنتظر أمركم، فهل ترجو لي جعلني اللَّه فدك؟ فقال أبو جعفر: إليّ إليّ، حتّى أقعده إلى جنبه، ثمّ قال: أيّها الشيخ، إنّ أبي عليّ بن الحسين عليه السلام أتاه رجل فسأله عن مثل الّذي سألتني عنه، فقال له أبي عليه السلام: إن تَمُت، ترد على رسول اللَّه عليه السلام وعلي عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين، ويثلج قلبك ويبرد فؤادك وتقرّ عينك وتُستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسك هاهنا - وأهوي بيده إلى حلقه - وإن تعش، تَرَ ما يقرّ اللَّه به عينك، وتكون معنا في السنام الأعلي. فقال الشيخ: كيف قُلتَ يا أبا جعفر عليه السلام؟ فأعاد عليه الكلام. فقال الشيخ: اللَّه كبر يا أبا جعفر، إن أنا متّ أرد على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وعلي عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين عليهم السلام وتقرّ عيني ويثلج قلبي ويبرد فؤادي وأُستقبل بالرَّوح والريحان مع الكرام والكاتبين لو قد بلغت نفسي إلى هاهنا، وإن أعش أر ما يقرّ اللَّه به عيني فكون معكم في السنام الاعلي؟! ثمّ أقبل الشيخ ينتحب، ينشج هاهاها حتّى لصق بالأرض، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرون من حال الشيخ. وأقبل أبو جعفر عليه السلام يمسح بأصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفضها، ثمّ رفع الشيخ رأسه، فقال لأبي جعفر عليه السلام: يا ابن رسول اللَّه ناولني يدك جعلني اللَّه فدك، فناوله يده فقبّلها ووضعها على عينيه وخدّه، ثمّ حسر عن بطنه وصدره، فوضع يده على بطنه وصدره، ثمّ قام فقال: السلام عليكم، وأقبل أبو جعفر عليه السلام ينظر في قفاه وهو مُدبر، ثمّ أقبل بوجهه على القوم فقال: مَن أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة، فلينظر إلى هذا. فقال الحكم بن عتيبة: لم أر مأتماً قطّ يشبه ذلك المجلس.(16) 310 - روي الكافي رحمه الله بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك اللَّه ولقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه فقال: يا عبد الحميد أتري مَن حبس نفسه على اللَّه لا يجعل اللَّه له مخرجاً؟ بلي واللَّه ليجعلنّ اللَّه له مخرجاً، رحم اللَّه عبداً حبس نفسه علينا، رحم اللَّه عبداً أحيي امرنا، قال: فقلت: فإن متّ قبل أن أدرك القائم؟ فقال: القائل منكم إن أدركت القائم من آل محمدٍ نصرتُه، كالمقارع معه بسيفه، والشهيد معه له شهادتان.(17) 311 - وروي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن اسماعيل الجعفيّ، قال: دخل رجل على أبي جعفر عليه السلام ومعه صحيفة، فقال له أبو جعفر عليه السلام: هذه صحيفة مخاصمٍ يسأل عن الدّين الّذي يقبل فيه العمل. فقال: رحمك اللَّه هذا الّذي أريد. فقال أبو جعفر عليه السلام: شهادة أن لا اله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، وتقرّ بما جاء من عند اللَّه، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدوّنا، والورع والتواضع، وانتظار قائمنا، فإنّ لنا دولة إذا شاء اللَّه جاء بها.(18) الآية الثانية قوله تعالى: (إنَّما مَثلُ الحَيوةِ الدُّنيا كمَاءٍ أَنزلْنهُ من السَّمَاءِ فاختَلَط به نَباتُ الأرض ممَّا يكلُ النَّاسُ والأَنعامُ حتّى إذا أخَذَتِ الأرضُ زُخْرُفَهَا وازَّيَّنتْ وظَنّ أَهْلُها أنّهم قدِرُونَ عَلَيها أَتاها أَمرُنا لَيلًا أو نَهاراً فجعلنها حَصيداً كأَن لَّمْ تَغْنَ بالأَمس كذلك نُفصِّلُ الآياتِ لقومٍ يتفكرون).(19) 312 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله حديثاً طويلاً لابن مهزيار في من شاهد القائم عليه السلام جاء فيه: فما كان إلّا هنيئة، فخرج إليّ وهو يقول: طوبي لك قد أُعطيت سؤالك، قال: فدخلت عليه صلوات اللَّه عليه وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متّكئ على مسورة أديم، فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام، ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالبزق، ولا بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبَين، أدعج العينَين، أقني الأنف، سهل الخدَّين، على خدّه الأيمن خال. فلمّا أن بصرت به، حار عقلي في نعته وصفته، فقال لي: يا ابن مهزيار كيف خلّفت إخوانك في العراق؟ قلت: في ضنك عيش وهناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان، فقال: قاتلهم اللَّه أنّي يؤفَكون، كأنّي بالقوم قد قُتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربّهم ليلاً ونهاراً. فقلت: متى يكون ذلك يا ابن رسول اللَّه؟ قال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم واللَّه ورسوله منهم براء، وظهرت الحمرة في السماء ثلاثاً فيها اعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نوراً، ويخرج الشروسيّ من أرمينية وآذربيجان يريد وراء الريّ الجبل الاسود المتلاحم بالجبل الأحمر، لزيق جبل طالقان، فيكون بينه وبين المروزيّ وقعة صيلمانيّة، يشيب فيها الصغير، ويهرم منها الكبير، ويظهر القتل بينهما، فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء، فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات، ثمّ يوافي واسط العراق، فيقيم بها سنة أو دونها، ثمّ يخرج إلى كوفان، فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغريّ، وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتَين، وعلي اللَّه حصاد الباقين. ثمّ تلا قوله تعالى: (بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم أتاها أمُرنا لَيلاً أو نَهاراً فجَعَلْنَاها حَصِيداً كأن لَم تَغْنَ بالأمسِ) فقلت: سيدي يا ابن رسول اللَّه ما الأمر؟ قال: نحن أمر اللَّه وجنوده. قلت: سيّدي يا ابن رسول اللَّه حان الوقت؟ قال: (اقتَرَبَت السَّاعَةُ وانشقَّ القَمَرُ).(20)،(21) 313 - الفضل بن شاذان بإسناده عن محمّد بن الحنفيّة، (في حديث اختصرنا منه موضع الحاجة)، أنّه قال: إنّ لبني فلان ملكاً مؤجّلاً حتّى إذا أمنوا واطمأنّوا، وظنّوا أنّ مُلكهم لا يزول، صيح فيهم صيحة، فلم يبق لهم راعٍ يجمعهم، ولا داع يسمعهم، وذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (حتّى إذا أخذت الأرض زُخرفها وازّينت وظنّ أهلُها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرُنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغنَ بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكرون). قلت: جُعلت فدك: هل لذلك وقت؟ قال: لا، لأنّ علم اللَّه غلب علم الموقّتين، إنّ اللَّه وعد موسى ثلاثين ليلة وأتَمَّها بعشر لم يعلمها موسي، ولم يعلمها بنو اسرائيل، فلمّا جاز الوقت قالوا: غرّنا موسى فعبدوا العجل، ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة، وأنكر في الناس بعضهم بعضاً، فعند ذلك توقّعوا أمر اللَّه صباحاً ومساءً.(22) 314 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ، بإسناده عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: نزلت في بني فلان ثلاث آيات: قوله عزّ وجلّ: (حتّى إذا أخذت الأرضُ زُخرُفَها وازّيّنت وظنّ أهلُها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرُنا لَيلاً أو نَهاراً) يعني القائم بالسيف (فجَعَلْناها حَصِيداً كأن لم تَغْنَ بالأمسِ). وقوله عزّ وجلّ: (فَتَحنا عَلَيهم أبواب كلِّ شيء حتّى إذا فَرِحوا بما أُوتوا أخذناهم بَغتةً فإذا هم مُبلِسون - فقُطِع دابِرُ القَوم الّذين ظَلَموا والحمدُ للَّهِ ربِّ العالَمين)(23) قال أبو عبد اللَّه عليه السلام بالسيف. وقوله تعالى: (فلمّا أَحَسُّوا بأسَنا إذا هُم منها يَركضون - لا تَركضوا وارجِعوا إلى ما أُترِفتُم فيه ومَسَكنِكم لعلّكم تُسألون) يعني القائم عليه السلام، يسأل بني فلان عن كنوز بني أمّية.(24) الآية الثالثة قوله تعالى: (قل هل مِن شركائكم مَن يهدي إلى الحقّ قُل اللَّهُ يهدي للحقِّ أَفمَن يَهْدِي إلى الحقِّ أَحَقّ أَن يُتَّبع أمَّن لا يهدِّي إلَّا أَن يُهدي فما لكم كيف تَحكمُون).(25) 315 - محمّد بن يعقوب: بإسناده عن عبد الرحمن بن مسلمة الحريريّ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام يوبّخونا ويكذبونا أنّا نقول: إنّ صيحتَين تكونان، يقولون من أين تُعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟ قال: فماذا تردُّون عليهم؟ قلت: ما نردّ عليهم شيئاً. قال: قولوا: يصدّق بها إذا كانت مَن كان يؤمن بها من قبل، ان اللَّه عزّ وجلّ يقول: (أفمَن يَهدي إلى الحقِّ أحقُّ أن يُتَّبع أمّن لا يَهِدّي إلّا أن يُهدي فمالَكم كيف تَحكمُون).(26) 316 - محمّد بن يعقوب: بإسناده عن داود بن فرقد، قال: سمع رجل من العجليّة هذا الحديث: قوله (ينادي منادٍ ألا إنّ فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون أوّل النهار، وينادي منادٍ آخر النهار ألا إنّ عثمان وشيعته هم الفائزون)، فقال الرجل: فما يدرينا أيّما الصادق من الكاذب؟ فقال: يصدق عليها مَن كان يؤمن بها قبل أن ينادي، إنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: (أفمَن يَهدي إلى الحقِّ أحقُّ أن يُتّبع أمَّن لا يهِدّي إلّا أن يُهدي فمالَكم كيف تَحكمُون).(27) 317 - الشّيخ الصدوق، بإسناده عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام (أبي جعفر عليه السلام) في فسطاطه، فرفع جانب الفسطاط فقال: إنّ أمرنا - لو قد كان - لكان أبين من هذه الشمس المضيئة، ثمّ قال: يُنادي منادٍ من السماء: فلان بن فلان هو الإمام باسمه، وينادي إبليس لعنه اللَّه من الأرض كما نادي برسول اللَّه صلى الله عليه وآله ليلة العقبة.(28) 318 - عنه، بإسناده عن زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: ينادي منادٍ من السماء باسم القائم عليه السلام، قلت: خاصّ أو عامّ؟ قال: عامّ يسمع كلّ قوم بلسانهم، قلت: فمن يخالف القائم عليه السلام وقد نودي باسمه؟ قال: لايدعهم إبليس حتّى ينادي في آخر الليل ويشكك الناس.(29) 319 - وعنه، بإسناده عن المعلّي بن خُنيس، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: صوت جبرئيل من السماء، وصوت إبليس من الأرض، فاتّبعوا الصوت الأوّل، وإيّكم والأخير أن تفتتنوا به.(30) 320 - وروي القمّي في تفسيره عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (أفمَن يَهدي إلى الحقِّ أحقُّ أن يُتّبع أمَّن لا يهِدّي إلّا أن يُهدي فمالَكم كيف تَحكمُون) فأمّا مَن يهدي إلى الحقّ، فهم محمّد وآل محمّد من بعده، وأمّا من لايهدي إلّا أن يُهدي، فهو مَن خالف من قريش وغيرهم أهل بيته من بعده.(31) 321 - روي الطبريّ في (دلائل الإمامة) بالإسناد عن أنس بن مالك، قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذات يوم فرأي عليّاً، فوضع يده بين كتفَيه ثمّ قال: يا عليّ، لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك يقال له المهدي، يهدي إلى اللَّه عزّ وجلّ ويهتدي به العرب، كما هديت أنت الكفار والمشركين من الضلالة، ثمّ قال: ومكتوب على راحتيه، بايعوه فإنّ البيعة للَّه عزّ وجلّ.(32) 322 - وروي عن محمّد بن عليّ السلميّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ: قال: (إنّما سمّي المهدي مهدياً لأنّه يهدي لأمر خفيّ، يهدي مافي صدور الناس، ويبعث إلى الرجل فيقتله لا يدري في أيّ شيء قتله، ويبعث ثلاثة ركب - قال هي بلغة غطفان ركبان - أمّا ركب فيأخذ مافي أيدي أهل الذمّة من رقيق المسلمين فيعتقهم، وأمّا ركب فيظهر البراءة منهما، من يغوث ويعوق في أرض العرب، وركب يخرج التوراة من مغارة بأنطكية، ويعطي حكم سليمان).(33) 323 - وروي النعمانيّ بإسناده عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: دخل رجل على أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال له: عافك اللَّه، اقبض منّي هذه الخمسمائة درهم، فإنّها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر عليه السلام: خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام والمسكين من إخوانك المؤمنين، ثمّ قال: إذا قام قائم أهل البيت، قسّم بالسوية وعدل في الرعيّة، فمن أطاعه فقد أطاع اللَّه، ومن عصاه فقد عصي اللَّه، وإنّما سُميّ المهدي مهدياً لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ، ويستخرج التوراة وسائر كتب اللَّه عزّ وجلّ من غار بأنطكية، ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل القرآن بالقرآن، وتجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم فيه ما حرّم اللَّه عزّ وجلّ، فيُعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً كما مُلئت ظلماً وجوراً وشرّاً.(34) الآية الرابعة قوله تعالى: (بل كذَّبوا بما لم يُحِيطوا بعِلمه ولما يأتِهِم تأويلُهُ كذلك كذَّب الَّذين مِن قبلهم فانظُر كيف كان عاقبةُ الظالِمين).(35) 324 - بالإسناد عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها؟ فقال: إنّ هذا الّذي تسألون عنه لم يجيء أوانه، وقد قال اللَّه عزّ وجلّ: (بِل كذَّبوا بما لم يُحيطوا بعِلمه ولمّا يأتِهم تأويلُه).(36) 325 - وقال عليّ بن إبراهيم في قوله: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعِلمه ولمّا يأتِهم تأويلُه) أي لم يأتهم تأويله (كذلك كذَّب الّذين مِن قَبلِهم) قال: نزلت في الرجعة، كذّبوا بها، أي أنّها لا تكون، ثمّ قال: (ومِنهم مَن يُؤمن به ومنهم من لايؤمن به وربُّك أعلَم بالمُفسِدين). وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (ومنهم من لا يؤمن به) فهم أعداء محمّد وآل محمّد من بعده (وربُّك أعلَمُ بالمُفسِدين) والفساد المعصية للَّه ولرسوله.(37) الآية الخامسة قوله تعالى: (وإمّا نُرِيَنَّك بعضَ الّذي نَعِدُهم أو نَتَوفَّيَنَّك فإلَينا مَرجِعُهم ثُمّ اللَّه شَهيدٌ على ما يَفعلون - ولكلِّ أُمّةٍ رسُولٌ فإذا جاء رسُولُهُم قُضِيَ بينهم بالقِسطِ وهم لا يُظلَمون - ويقولون متى هذا الوَعدُ إن كنتم صادقين - قُل لا أملك لنفسي ضرّاً ولا نَفعاً إلَّا ما شاء اللَّه لكلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إذا جاء أَجلُهُم فلا يَستَئخِرُون سَاعةً ولا يَستَقدِمُون - قُل أَرَأَيْتُم إن أتكم عَذابُهُ بَياتاً أو نَهاراً ماذا يَستعجِلُ منه المُجرِمون - أَثمّ إذا ما وَقَع آمَنتُم به ءَآلئَنَ وقد كنتُم بهِ تَستعجِلُون).(38) الهوامش: (1) يونس: 20. (2) البقرة: 1 و2. (3) كمال الدّين 340:2؛ المحجّة 97. (4) هود: 93. (5) تفسير البرهان 181:2 ح 2. (6) تفسير البرهان 181:2 ح 3. (7) بحار الأنوار 156:51. (8) نفس المصدر 158:51. (9) نفس المصدر 142:51. (10) سنن الترمذيّ 565:5 ح 3571. (11) الكافي 372:1 ح 6. (12) الكافي 222:2 ح 4؛ بحار الأنوار 122:52. (13) أمالي الطوسيّ 288:2؛ بحار الأنوار 144:52. (14) كمال الدّين 328:2؛ بحار الأنوار 136:51 ح 8. (15) الكافي 21:2 ح 10؛ بحار الأنوار 13:69. (16) الكافي 76:8 ح 30؛ بحار الأنوار 362-361: 46. (17) الكافي 80:8 ح 37؛ بحار الأنوار 126:52. (18) الكافي 23:2 ح 13؛ بحار الأنوار 2:69. (19) يونس: 24. (20) القمر: 1. (21) بحار الأنوار 45:52؛ تفسير نور الثقلَين 299:2 ح 41. (22) بحار الأنوار 104:52. (23) الأنعام: 44 و45. (24) دلائل الإمامة 250؛ المحجّة 98. (25) يونس: 35. (26) روضة الكافي 208؛ بحار الأنوار 296:52. (27) روضة الكافي 209؛ نورالثقلين 303:2 ح 58. (28) كمال الدّين 650:2. (29) نفس المصدر 652:2. (30) نفس المصدر 652:2. (31) تفسير القمّيّ 312:1. (32) دلائل الإمامة 250؛ إثبات الهداة 574:3 ح 716. (33) دلائل الإمامة 249؛ الخرائج 836:2 ح 78. (34) الغَيبة للنعمانيّ 237 ح 26؛ حلية الأبرار 556:2 ب 14. (35) يونس: 39. (36) بحار الأنوار 40:53. (37) تفسير القمّيّ 312:1؛ تفسير العيّاشيّ 122:2 ح 20. (38) يونس: 51-46. ****************** 326 - قال عليّ بن إبراهيم في قوله: (وإن كَذَّبُوك فَقُل لي عَمَلي ولكم عَملكُم - إلى قوله - ما كانوا مُهتَدين) فإنّه محكم. ثمّ قال: (وإمّا نُرِيَنَّك) يا محمّد (بَعضَ الّذي نَعِدُهُم) من الرجعة وقيام القائم (أو نَتَوَفَّيَنَّك) قبل ذلك (فإلَينا مَرجِعُهُم ثمّ اللَّه شَهيد على ما يَفعلون). وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (قل أرأيتم إن أتكم عَذابُه بَياتاً) يعني ليلاً (أو نَهاراً ماذا يَستعجِل منه المُجرِمون) فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة يجحدون نزول العذاب عليهم.(1) الآية السادسة قوله تعالى: (ويَقولون متى هذا الوَعدُ إن كنتم صَادِقين).(2) المهدي هو الوعد الحق 327 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط، قال: قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا اثنا عشر مهدياً، أَوّلهم أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقّ، يُحيي اللَّه به الأرض بعد موتها، ويُظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون. له غيبة يرتدُّ فيها أقوام، ويثبت فيها على الدّين آخرون، فيؤذون ويقال لهم: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) أما إنّ الصابر في غيبته على الاذي والتكذيب، بمنزلة المجاهد بالسيف بين يَدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(3) الآية السابعة قوله تعالى: (ألا إنّ أَولياءَ اللَّه لا خَوفٌ عَلَيهم ولا هم يَحزَنون).(4) 328 - روي الشيخ الصدوق، بإسناده عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: يا أبا بصير طوبي لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره، اولئك أولياء اللَّه الّذين لا خَوف عليهم ولا هم يحزنون.(5) الآية الثامنة قوله تعالى: (الّذين آمَنوا وكانوا يَتَّقُون - لهم البشري في الحَياة الدُّنيا وفي الآخرة لا تَبدِيلَ لكلماتِ اللَّهِ ذلك هو الفَوز العَظيم).(6) 329 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء، قال: سألت ابا جعفر عليه السلام، عن الاستطاعة وقول الناس، فقال: وتلا هذه الآية: (ولا يَزالُون مُختلِفين - إلّا مَن رَحِم رَبُّك ولذلك خَلَقَهم).(7) يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول، وكلهم هالك، قال: قلت: قوله: (إلّا مَن رَحِم ربك) قال: هم شيعتنا، ولرحمته خلقهم، وهو قوله: (ولِذلك خَلَقَهم) يقول: لطاعة الامام الرحمة الّتي يقول: (ورَحمتى وَسِعَت كلَّ شيء) يقول: علم الإمام، ووسع علمه الّذي هو من علمه كلّ شيء، هم شيعتنا، ثمّ قال: (فسكتُبها للّذين يَتّقون) يعني ولاية غير الإمام وطاعته، ثمّ قال: (يَجِدُونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل) يعني النبيّ صلى الله عليه وآله والوصيّ والقائم (يأمرهم بالمعروف) إذا قام (ويَنهاهم عن المُنكر) والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده (ويُحِلّ لهم الطَيِّبات) أخذ العلم من أهله: (ويَحرِّم عليهم الخَبَائِثَ) والخبائث قول من خالف (ويَضَع عنهم إصرَهم) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (والأغلالَ الّتي كانت عَلَيهم) والأغلال: ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أُمروا به من ترك فضل الإمام، فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم، والإصر الذنب، وهي الآصار، ثمّ نسبهم فقال: (الّذين آمنوا) يعني بالامام (وعَزَّرُوه ونَصَرُوه واتّبعوا النُّورَ الّذي أُنزل معه أُولئك هم المُفلِحون)(8) يعني الّذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها، والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان، والعبادة: طاعة الناس لهم، ثمّ قال: (أنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له)(9) ثمّ جزاهم فقال: (لهم البُشري في الحيوة الدنيا وفي الآخرة) والإمام يبشّرهم بقيام القائم وبظهوره، وبقتل اعدائهم وبالنجاة في الآخرة، والورود على محمّد صلى الله عليه وآله وآله الصادقين على الحوض.(10) الآية التاسعة قوله تعالى: (فلَولا كانَت قَريةٌ آمنَت فَنَفَعها إيمانُها إلّا قَوم يُونُس لمّا آمَنوا كشَفنا عَنهم عَذابَ الخِزي في الحَياة الدُّنيا ومتّعناهم إلى حِين).(11) المسخ لأعداء اللَّه قبل ظهور المهدي 330 - روي النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: قول اللَّه عزّ وجلّ: (عَذَابَ الخِزي في الحَياة الدُّنيا وفي الآخِرَةِ) ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال عليه السلام: وأيّ خزي أخزي يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وحجاله وعلي إخوانه وسط عياله، إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا، فيقول الناس ما هذا؟ فقال: مُسخ فلان الساعة، فقلت: قبل قيام القائم عليه السلام أو بعده؟ قال: لا بل قبله.(12) سورة هود الآية الاولى قوله تعالى: (ولئن أخَّرنا عَنهُم العَذابَ إلى أمّةٍ مَعدُودة لَيَقُولُنّ ما يَحبِسه أَلا يَومَ يأتِيهم لَيْسَ مَصرُوفاً عنهم وحَاقَ بهم ما كانوا به يَستَهزِؤن).(13) 331 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ، قال: بإسناده عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (ولَئِن أخَّرنا عَنهُم العَذابَ إلى أمّةٍ مَعدُودة) قال: العذاب خروج القائم عليه السلام(14)، والأمّة المعدودة عدّة أهل بدر وأصحابه.(15) 332 - محمّد بن يعقوب، بإسناده عن أبي خالد، عن أبي عبد اللَّه أو أبي جعفر عليهما السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (فاستَبِقوا الخَيرات أيْنما تَكونوا يأتِ بكم اللَّهُ جميعاً)(16) قال: الخيرات الولاية، وقوله تبارك وتعالى: (أينَما تكونوا يأتِ بكم اللَّهُ جَميعاً) يعني أصحاب القائم عليه السلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، قال: وهم - واللَّهِ - الأمّة المعدودة، قال: يجتمعون واللَّهِ في ساعة واحدة، قزع كقزع الخريف.(17) 333 - عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن هشام بن عمّار، عن أبيه، وكان من أصحاب عليّ عليه السلام، عن عليّ صلوات اللَّه عليه، في قوله تعالى: (ولئن أخَّرنا عنهم العَذاب إلى أمّةٍ معدودةٍ لَيقولُنّ ما يَحبِسُه) قال: الأمّة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر.(18) 334 - عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن أبي خالد الكابليّ، في قوله تعالى (ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّةٍ معدودة) قال: هم أصحاب القائم عليه السلام يجتمعون واللَّهِ إليه في ساعة واحدة، فإذا جاء إلى البيداء، يخرج إليه جيش السفياني، فيأمر اللَّه الأرض فتأخذ أقدامهم، وهو قوله: (ولو تَري إذ فزعوا فلا فَوتَ وأُخذوا مِن مَكانٍ قَريب - وقالوا آمنّا به) يعني بالقائم من آل محمّد عليهم السلام (وأنّى لهم التَّناوُشُ مِن مَكانٍ بَعيد) إلى قوله: (وحِيلَ بَينهم وبَين ما يَشتَهون)(19) يعني ألا يعذبوا (كما فُعل بأشياعهم من قبل) يعني مَن كان قبلهم من المكذّبين هلكوا.(20) 335 - العيّاشيّ، بإسناده عن ابان بن مسافر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه: (ولئن أخّرنا عنهم العَذابَ إلى أمّةٍ مَعدودة) يعني عدّة كعدّة بدر (لَيقولُنّ ما يَحبسه ألا يوم يأتيهم لَيس مَصرُوفاً عنهم) قال: العذاب.(21) 336 - وعنه بإسناده عن عبد الأعلي الحلبيّ، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أصحاب القائم عليه السلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً هم واللَّه الأمّة المعدودة الّتي قال في كتابه: (ولَئِن أخّرنا عنهم العَذابَ إلى أمّةٍ مَعدودة) قال: يجتمعون له في ساعة واحدة، قزعاً كقزع الخريف.(22) 337 - وعنه بإسناده عن الحسين، عن الخزّاز، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: (ولئن أخّرنا عنهم العذابَ إلى أمّة معدودة) قال: هو القائم وأصحابه.(23) 338 - أبو عليّ الطبرسيّ في (مجمع البيان): قيل أنّ الأمّة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كعدّة أهل بدر، يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف، قال: وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السلام.(24) 339 - قال شرف الدّين النجفيّ: ويؤيّده ما رواه محمّد بن جمهور، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز، قال: روي بعض أصحابنا عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله تعالى: (ولئن أخّرنا عنهم العَذاب إلى أمّة معدودة) قال: العذاب هو القائم عليه السلام، وهو عذاب على أعدائه، والأمّة المعدودة هم الّذين يقومون معه بعدد أهل بدر.(25) 340 - عليّ بن إبراهيم: في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام، في قوله تعالى: (ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّة معدودة) قال: قال إن متّعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم عليه السلام، فنردّهم ونعذّبهم (ليقولُنّ ما يَحبِسه) أن يقولوا: لِمَ لا يقوم القائم عليه السلام ولا يخرج، على حدّ الاستهزاء، فقال اللَّه: (ألا يَومَ يأتِيهم لَيسَ مَصرُوفاً عَنهم وحاقَ بهم ما كانوا به يَستهزِؤنَ).(26) الآية الثانية قوله تعالى: (ألا لَعنةُ اللَّهِ على الظالِمين).(27) من علامات الظهور النداء من السماء 341 - روي الحميريّ بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لابدّ من فتنة صماء صيلم تظهر فيها كلّ بطانة ووليجة، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض، ثمّ قال من بعد كلامٍ طويل: كأ نّي بهم شرّ ما كانوا وقد نودوا ثلاثة أصوات: الصوت الاول أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني: (ألا لعنة اللَّه على الظالمين)، والثالث: بدنٌ يظهر فيري في قرن الشمس يقول: إنّ اللَّه قد بعث فلاناً فاسمعوا وأطيعوا.(28) الآية الثالثة قوله تعالى: (ولقد أرسَلْنا نُوحاً إلى قومه إنّي لكم نذيرٌ مبين).(29) شبه غيبة المهدي بغيبة نوح 342 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله، بإسناده عن عبد اللَّه بن الفضل الهاشميّ، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: لمّا أظهر اللَّه تبارك وتعالى نبوّة نوح عليه السلام وأيقن الشيعة بالفرج، اشتدّت البلوي وعظمت الفرية إلى أن آل الأمر إلى شدّة شديدة نالت الشيعة والوثوب على نوح بالضرب المبرّح، حتّى مكث عليه السلام في بعض الأوقات مغشيّاً عليه ثلاثة أيّام يجري الدم من أذنه ثمّ أفاق، وذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه، وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلاً ونهاراً فيهربون، ويدعوهم سرّاً فلا يجيبون، ويدعوهم علانية فيولّون، فَهمَّ بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء، فهبط إليه وفد من السماء السابعة، وهم ثلاثة ملك فسلّموا عليه، ثمّ قالوا له: يا نبيّ اللَّه لنا حاجة، قال: وما هي؟ قالوا: تؤخّر الدعاء على قومك، فإنّها أوّل سطوةٍ للَّه عزّ وجلّ في الأرض، قال: قد أخّرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخرى، وعاد إليهم فصنع ما كان يصنع، ويفعلون ما كانوا يفعلون، حتّى إذا انقضت ثلاثمائة سنة اخرى ويئس من إيمانهم، جلس في وقت ضحي النهار للدعاء، فهبط عليه وفدٌ من السماء السادسة وهم ثلاثة ملك، فسلّموا عليه، وقالوا: نحن وفد من السماء السادسة، خرجنا بكرة وجئنك ضحوة، ثمّ سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة، فأجابهم إلى مثل ما أجاب اولئك إليه، وعاد عليه السلام إلى قومه يدعوهم، فلايزيدهم دعاؤه إلّا فراراً، حتّى انقضت ثلاثمائة سنة تتمّة تسعمائة سنة، فصارت إليه الشيعة وشكوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج، فأجابهم إلى ذلك وصلّي ودعا، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له: إنّ اللَّه تبارك وتعالى أجاب دعوتك، فقل للشيعة: يكلوا التمر ويغرسوا النوي ويراعوه حتّى يثمر، فإذا أثمر فرّجت عنهم، فحمد اللَّه وأثني عليه وعرّفهم ذلك، فاستبشروا به، فكلوا التمر وغرسوا النوي وراعوه حتّى أثمر، ثمّ صاروا إلى نوح عليه السلام بالتمر، وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل اللَّه عزّ وجلّ في ذلك، فأوحي اللَّه إليه: قل لهم: كلوا هذا التمر واغرسوا النوي، فإذا أثمر فرّجت عنكم! فلمّا ظنّوا أن الخُلف قد وقع عليهم، ارتدّ منهم الثُلث وثبت الثلثان، فكلوا التمر وغرسوا النوي، حتّى إذا أثمر أتوا به نوحاً عليه السلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل اللَّه عزّ وجلّ في ذلك، فأوحي اللَّه إليه: قُل لهم: كلوا هذا التمر واغرسوا النوي، فارتدَّ الثلث الآخر وبقي الثلث، فكلوا التمر وغرسوا النوي، فلمّا أثمر أتوا به نوحاً عليه السلام ثمّ قالوا له: لم يَبقَ منَّا إلّا القليل ونحن نتخوَّف على أنفسنا بتأخّر الفرج أن نهلك، فصلّي نوح عليه السلام ثمّ قال: ياربِّ لم يبق من أصحابي إلّا هذه العصابة، وإنّي أخاف عليهم الهلك إن تأخّر عنهم الفرج، فأوحي اللَّه عزّ وجلّ إليه: قد أجبت دعاءك فاصنع الفُلك، وكان بين إجابة الدعاء وبين الطوفان خمسون سنة.(30) الآية الرابعة قوله تعالى: (لَو أنّ لي بِكم قُوَّةً أو آوي إلى رُكنٍ شَديد). 343 - العيّاشيّ، بإسناده عن صالح بن سعيد، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، في قول اللَّه: (لو أنّ لي بكم قُوّة أو آوي إلى رُكنٍ شَديد)(31) قال: قوة: القائم عليه السلام، والركن الشديد: الثلثمائة وثلاثة عشر أصحابه.(32) 344 - الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: ما كان قول لوط عليه السلام لقومه: (لو أنّ لي بكم قوّة أو آوي إلى رُكن شَديد) إلّا تمنّياً لقوّة القائم عليه السلام، ولا الركن ذكر إلّا شدّة أصحابه، فإنّ الرجل منهم ليُعطي قوّة أربعين رجلاً، وإنّ قلبه لأشدّ من زُبر الحديد، ولو مرّوا بجبال الحديد لتدكدكت، ولا يكفّون سيوفهم حتّى يرضي اللَّه عزّ وجلّ.(33) 345 - عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن صالح، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: في قوله: (قوّة) قال: القوّة القائم عليه السلام، والركن الشديد ثلاثمائة وثلاثة عشر. قال عليّ بن إبراهيم: فقال جبرئيل، لو علم ما له من القوة؟! فقال: من أنتم؟ فقال جبرئيل: أنا جبرئيل، فقال لوط: بماذا أُمرت؟ قال: بهلكهم، فسأله: الساعة؟ قال: (مَوعِدهم الصُّبح أليس الصبحُ بِقَريب) فكسروا الباب ودخلوا البيت، فضرب جبرئيل بجناحه على وجوههم فطمسها، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (ولقد رَاوَدُوه عن ضَيفه فطَمَسنا أعينهم فذوقوا عَذابي ونُذُر).(34) الآية الخامسة قول اللَّه عزّ وجلّ: (بقيّةُ اللَّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين).(35) الهوامش: (1) تفسير القمّيّ 312:1؛ تفسير الصافي 405:2. (2) يونس: 48. (3) كمال الدين 317:2 ح 3؛ إعلام الوري 384. (4) يونس: 62. (5) كمال الدّين 357:2 ح 54؛ المحجّة 69. (6) يونس: 63 و64. (7) هود: 117 و118. (8) الأعراف: 156 و157. (فقرات من الآيتين). (9) الزمر: 54. (10) الكافي 1: 430- 429 ح 83؛ بحار الأنوار 353:24. (11) يونس: 98. (12) الغَيبة للنعمانيّ 269 ح 41؛ بحار الأنوار 241:52. (13) هود: 8. (14) العذاب في الآية هو العذاب النازل بأعداء اللَّه تعالي، المكذّبين لنبيّه وأوليائه. وقد وردت أحاديث وآثار جمّة بأنّ خُلق المهدي عليه السلام أشبه بخُلق رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وأنّه رحيم بالمسكين، وأنّ الجميع راضون في ولايته وحكمه حتّى الطير في السماء. (15) الغيبة للنعمانيّ 241 ح 36؛ بحار الأنوار 58:51. (16) البقرة: 148. (17) روضة الكافي 313. (18) عنه: تفسير الصافي 433:2؛ المحجّة 102. (19) سبأ: 54-51. (20) تفسير القمّي 205:2. (21) تفسير العيّاشيّ 140:2 ح 7. (22) تفسير العيّاشيّ 140:2 ح 8. (23) تفسير العيّاشيّ 140:2 ح 9؛ بحار الأنوار 55:51. (24) تفسير مجمع البيان 144:5، ذيل الآية. (25) تأويل الآيات الظاهرة 223:1 ح 3؛ بحار الأنوار 58:51. (26) تفسير القمّي 332:1؛ بحار الأنوار 44:51. (27) هود: 18. (28) إثبات الوصيّة 227؛ الغَيبة للنعمانيّ 180 ح 28. (29) هود: 25. (30) كمال الدّين 133:1 و134 ح 2. (31) هود: 80. (32) تفسير العيّاشيّ 256:2 ح 55؛ بحار الأنوار 158:12. (33) كمال الدّين 673:2 ح 26. (34) تفسير القمّيّ 336:1. (35) هود: 86. ****************** المهدي بقية اللَّه في الأرض 346 - روي الشيخ الصدوق على اللَّه مقامه، بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفيّ، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام يقول: القائم منا منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوي له الأرض، وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر اللَّه عزّ وجلّ به دينه على الدّين كلّه ولو كره المشركون، فلا يبقي في الأرض خراب إلّا قد عمر، وينزل روح اللَّه عيسي ابن مريم عليه السلام فيصلّي خلفه، قال: قلت: يا ابن رسول اللَّه متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقُبلت شهادات الزور، ورُدَّت شهادات العدول، واستخفّ الناس بالدماء وارتكاب الزنا وكل الربا، واتُّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخروج السفيانيّ من الشام، واليمانيّ من اليمن، وخسف بالبَيداء، وقتل غلام من آل محمّد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام، اسمه محمّد ابن الحسن النفس الزكيّة، وجاءت صَيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا. فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وأوّل ما ينطق به هذه الآية: (بقيّة اللَّه خير لكم إن كنتم مؤمنين) ثمّ يقول: أنا بقيّة اللَّه في أرضه، وخليفته وحجّته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلّم إلّا قال: السلام عليك يا بقيّة اللَّه في أرضه. فإذا اجتمع إليه العقد، وهو عشرة آلاف رجل، خرج، فلا يبقي في الأرض معبود دون اللَّه عزّ وجلّ من صنم ووثن وغيره إلّا وقعت فيه نارٌ فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم اللَّه من يطيعه بالغيب ويؤمن به.(1) 347 - روي فرات الكوفي معنعناً عن عمر بن ذاهب، قال: قال رجل لجعفر بن محمّد عليه السلام: نسلّم على القائم بإمرة المؤمنين؟ قال: لا، ذلك اسم سمّاه اللَّه به أمير المؤمنين، لا يسمّي به أحد قبله ولا بعده إلّا كافر، قال: كيف نسلّم عليه؟ قال: تقول: السلام عليك يا بقيّة اللَّه، قال: ثمّ قرأ جعفر: (بقيّةُ اللَّه خَير لكم إن كنتم مُؤمِنين).(2) 348 - وروي الصدوق رحمه الله، بإسناده إلى أحمد بن اسحاق قال: دخلت على العسكري عليه السلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فابتدأني: إنّ اللَّه لا يُخلي الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ولا يخلها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه. قلت: ومن الخليفة بعدك؟ فأسرع ودخل البيت، وخرج وعلي عاتقه غلام وقال: لولا كرامتك على اللَّه وعلي حُججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنّه سمّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وكنيّه، مثله في هذه الأمّة كالخضر وذي القرنَين، ليغيبنّ غيبة لا ينجو مِن الهلكة فيها إلّا مَن ثبّته اللَّه على القول بإمامته، ووفّقه الدعاء بتعجيل فرجه، ويرجع من هذا الأمر كثر القائلين به، هذا سرّ اللَّه فخُذ وكتُمه، وكن من الشكرين، تكن معنا في علّيين. فقلت: هل مِن علامة؟ فنطق الغلام فقال: أنا بقية اللَّه في أرضه والمنتقم من أعدائه.(3) 349 - وروي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن الصقر بن أبي دلف، قال: لمّا حمل المتوكل سيّدنا أبا الحسن عليه السلام، جئت لأسال عن خبره، قال: فنظر إليّ حاجب المتوكل، فأمر أن أدخل إليه، فأُدخلت إليه، فقال: يا صَقر ما شأنك؟ قلت: خير أيّها الأستاذ، فقال: اقعد، قال صقر: فأخذني ما تقدّم وما تأخّر، وقلت: أخطأتُ في المجيء، قال: فوحي الناس عنده ثمّ قال: ما شأنك وفيم جئت؟ قلت: لخبر ما، قال: لعلّك جئت تسأل عن خبر مولك؟ فقلت له: ومَن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين، فقال: اسكت، مولك هو الحقّ، لا تحتشمني فإنّي على مذهبك، فقلت: الحمد للَّه، فقال: اُتحبّ أن تراه؟ فقلت: نعم، فقال: اجلس حتّى يخرج صاحب البريد، قال: فجلست، فلمّا خرج، قال لغلام له: خذ بيد الصقر، فأدخله إلى الحجرة الّتي فيها العلويّ المحبوس وخلِّ بينه وبينه. قال: فأدخلني الحجرة وأومأ إلى بيت، فدخلت فإذا هو عليه السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلّمت، فرد عليّ السلام، ثمّ أمرني بالجلوس فجلست، ثمّ قال لي: يا صقر ما أتي بك؟ قلت: يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك. قال: ثمّ نظرت إلى القبر وبكيت، فنظر إليّ وقال: يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء، فقلت: الحمد للَّه، ثمّ قلت: يا سيّدي حديث يُروي عن النبيّ صلى الله عليه وآله لا أعرف معناه قال: فما هو؟ قلت: قوله صلى الله عليه وآله: لا تعادوا الأيّام فتعاديكم، ما معناه؟ فقال: نعم، الأيّام نحن، بنا قامت السموات والأرض، فالسبت: اسم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، والأحد أمير المؤمنين، والاثنين الحسن والحسين، والثلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ الباقر وجعفر بن محمّد الصادق، والأربعاء موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا، والخميس ابني الحسن، والجمعة ابن ابني، وإليه تجتمع عصابة الحقّ، وهو الّذي يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، فهذا معني الأيّام. ولا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة، ثمّ قال عليه السلام ودِّع واخرُج فلا آمن عليك.(4) وفي رواية - إثبات الوصية - والجمعة ابنه، وعليه تجتمع هذه الأمّة، ثمّ قرأ:بسم اللَّه الرحمن الرحيم (بقيّة اللَّه خير لكم إن كنتم مؤمنين) ثمّ قال: نحن بقيّة اللَّه.(5) الآية السادسة قوله تعالى: (وارتقبوا إنّي معكم رقيب).(6) 350 - روي العيّاشيّ بإسناده عن البزنطيّ، قال: قال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول اللَّه تعالى: (فارتقبوا إنّي معكم رقيب) وقوله عزّ وجلّ: (فانتظِروا إنّي معكم من المنتظرين)(7) فعليكم بالصبر، فإنّه إنّما يجي الفرج على اليأس، فقد كان الّذين من قبلكم أصبرَ منكم.(8) 351 - نهج البلاغة: من كلام لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم، وهوي ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله اللَّه لكم، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه، وحقّ رسوله وأهل بيته، مات شهيداً أوقع أجره على اللَّه واستوجب ثواب ما نوي من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته بسيفه، فانّ لكلّ شيء مدّة وأجلاً.(9) 352 - روي العيّاشيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن انتظار الفرج فقال: أوليس تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ ثمّ قال: إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول: (وارتقبوا إنّي معكم رقيب).(10) الآية السابعة قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختُلف فيه ولولا كلمة سبقت من رَّبِّك لَقُضي بَينهُم وإِنَّهُم لَفِي شَك مِنهُ مُريب).(11) 353 - محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختُلف فيه) قال: اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب، وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم عليه السلام الّذي يأتيهم به، حتّى ينكره ناس كثير، فيقّدمهم فيضرب أعناقهم.(12) سورة يوسف الآية الاولى قوله تعالى: (يا بَنيَّ اذهَبوا فتَحَسَّسوا من يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تيأَسوا من رَوحِ اللَّه إنَّه لا يَيْئسُ من رَوح اللَّه إلّا القَومُ الكافرون).(13) فضل انتظار ظهور المهدي 354 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه، جاء فيها: انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح اللَّه، فإنّ أحبّ الأعمال إلى اللَّه عزّ وجلّ انتظار الفرج ما دام عليه العبد المؤمن، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللَّه.(14) الآية الثانية قوله تعالى: (قالَ هَل عَلِمتُم ما فَعَلتُم بيُوسُفَ وأخيه إذ أَنتم جاهلون - قالوا اَءِنَّك لأَنتَ يُوسُفُ قال أَنا يُوسُفُ وهذا أَخي قد مَنَّ اللَّهُ عَلَينا إنَّه مَن يَتَّقِ ويَصبِر فإنّ اللَّه لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنين).(15) شبه غيبة المهدي بيوسف 355 - وبالإسناد عن سُدير، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: إنّ في القائم سُنّة من يوسف، قلت: كأ نّك تذكر حَيرة أو غيبة. قال لي: وما تُنكر من هذا هذه الأمّةُ أشباه الخنازير؟! إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطاً أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وخاطبوه وهم أخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتّى قال لهم يوسف عليه السلام: أنا يوسف، فما تُنكر هذه الأمّة الملعونة أن يكون اللَّه عزّ وجلّ في وقت من الاوقات يريد أن يستر حجّته، لقد كان يوسف إليه مُلك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماً، فلو أراد اللَّه عزّ وجلّ أن يُعرِّف مكانه لقدر على ذلك، واللَّهِ لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر، وما تنكر هذه الأمّة أن يكون اللَّه يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتّى يأذن اللَّه عزّ وجلّ أن يعرّفهم نفسه، كما أذن ليوسف حين قال: (هَل عَلِمتُم ما فَعَلتُم بيُوسُف وأخيه إذ أنتم جَاهِلون - قالوا اَءِنَّك لأنتَ يُوسُفُ قال أنا يُوسُف وهذا أخي).(16) 356 - وبالإسناد عن محمّد بن مسلم، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلى الله عليه وآله، فقال لي مبتدئاً: يا محمّد بن مسلم، إنّ في القائم من آل محمّد صلى الله عليه وآله شبهاً من خمسة من الرسل: يُونُس بن متي، ويوسف بن يعقوب، وموسي، وعيسي، ومحمّد صلوات اللَّه عليهم. فأمّا شبهه من يونس، فرجوعه من غيبته وهو شابّ بعد كبر السن. وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب، فالغيبة من خاصّته وعامّته واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليه السلام مع قُرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته. وأمّا شبهه من موسي، فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده بما لقوا من الأذي والهوان إلى أن أذن اللَّه عزّ وجلّ في ظهوره ونصره، وأيّده على عدوّه. وأمّا شبهه من عيسي فاختلاف من اختلف فيه، حتّى قالت طائفة منهم: ما ولد، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قتل وصلب. وأمّا شبهه من جدّه المصطفي صلى الله عليه وآله، فخروجه بالسيف وقتله أعداء اللَّه وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله والجبّارين والطواغيت، وأنّه يُنصَر بالسيف والرعب، وأنّه لا تُردّ له راية، وأنّ من علامات خروجه خروج السفيانيّ من الشام، وخروج اليمانيّ، وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادٍ ينادي باسمه واسم أبيه.(17) 357 - وبالإسناد عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب الأمر سُنّة من موسى وسُنّة من عيسي وسُنّة من يوسف وسنّة من محمّد صلى الله عليه وآله؛ فأمّا من موسى فخائف يترقّب، وأمّا من عيسي فيُقال فيه ما قيل في عيسي، وأمّا من يوسف فالسجن والتقيّة، وأمّا من محمّد صلى الله عليه وآله فالقيام بسيرته وتبيين آثاره، ثمّ يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر، ولا يزال يقتل أعداء اللَّه حتّى يرضي اللَّه، قلت: وكيف يعلم أنّ اللَّه عزّ وجلّ قد رضي؟ قال: يلقي اللَّه عزّ وجلّ في قلبه الرحمة.(18) 358 - وبالإسناد عن ضريس الكناسيّ، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنّ صاحب هذا الأمر فيه سُنّة من يوسف: ابن أمة سوداء، يصلح اللَّه أمره في ليلة واحدة.(19) 359 - وعن عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سمعته يقول: في القائم سنّة من موسى بن عمران عليه السلام، فقلت: وما سنّة موسى بن عمران؟ قال: خَفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: كم غاب موسى عن أهله وقومه؟ قال: ثماني وعشرين سنة.(20) 360 - وبالإسناد عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الأمر أربع سُنن من أربعة أنبياء: سنّة من موسي، وسنّة من عيسي، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد صلى الله عليه وآله. فأمّا مِن موسى فخائف يترقّب، وأمّا من يوسف فالسجن، وأمّا من عيسي فيُقال: إنّه مات، ولم يمت، وأمّا من محمّد صلى الله عليه وآله فالسيف.(21) 361 - وبالإسناد عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام يقول: في القائم منّا سُنن من سنن الأنبياء عليهم السلام: سنّة من آدم، وسنّة من نوح، وسنّة من إبراهيم، وسنّة من موسي، وسنّة من عيسي، وسنّة من أيّوب، وسنّة من محمّد صلى الله عليه وآله؛ فأمّا من آدم ومن نوح فطول العمر، وأمّا من إبراهيم فخَفاء الولادة واعتزال الناس، وأمّا من موسى فالخوف والغَيبة، وأمّا من عيسي فاختلاف الناس فيه، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوي، وأمّا من محمَّد صلى الله عليه وآله فالخروج بالسيف.(22) 362 - أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في القائم شِبه من يوسف، قلت وما هو؟ قال: الحَيرة والغَيبة.(23) 363 - النعمانيّ بإسناده عن يزيد الكناسيّ، قال: سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول: إنّ صاحب هذا الأمر فيه شِبه من يوسف، ابنُ أمة سوداء، يصلح اللَّه له أمره في ليلة.(24) 364 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: قدم أعرأبيّ على يوسف ليشتري منه طعاماً فباعه، فلمّا فرغ قال له يوسف: أين منزلك؟ قال له: بموضع كذا وكذا، قال: فقال له: فإذا مررت بوادي كذا وكذا، فقف فناد: يا يعقوب! يا يعقوب! فإنّه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم وسيم، فقل له: لقيتُ رجلاً بمصر وهو يقرئك السلام ويقول لك: إنّ وديعتَك عند اللَّه عزّ وجلّ لن تضيع، قال: فمضي الأعرأبي حتّى انتهي إلى الموضع، فقال لغلمانه: احفظوا عليَّ الإبل، ثمّ نادي: يا يعقوب يا يعقوب! فخرج إليه رجل أعمي طويل جسيم جميل يتّقي الحائط بيده، حتّى أقبل فقال له الرجل: أنت يعقوب؟ قال: نعم، فأبلغه ما قال له يوسف، قال: فسقط مغشيّاً عليه، ثمّ أفاق فقال: يا أعرأبي ألك حاجة إلى اللَّه عزّ وجلّ؟ فقال له: نعم إنّي رجل كثير المال ولي ابنة عمّ ليس يولد لي منها، واحب أن تدعو اللَّه أن يرزقني ولداً، قال: فتوضّأ يعقوب وصلّي ركعتين ثمّ دعا اللَّه عزّ وجلّ، فرزق أربعة أبطن، أو قال: ستّة أبطن، في كلّ بطن اثنان. فكان يعقوب عليه السلام يعلم أنّ يوسف عليه السلام حيّ لم يمت، وأنّ اللَّه تعالى ذِكره سيظهره له بعد غيبته، وكان يقول لبنيه: (إنّي أعلَم مِن اللَّهِ ما لا تَعلَمون). وكان أهله وأقرباؤه يفنّدونه على ذِكره ليوسف، حتّى أنّه لمّا وجد ريح يوسف قال: (إنّي لأجدُ رِيحَ يُوسُفَ لولا أن تُفنِّدون - قالوا تاللَّهِ إنّك لَفي ضَلالِك القديم - فلمّا أن جاءَه البَشيرُ (وهو يهودا ابنه) وألقي قميص يوسف على وجهه فارتدّ بصيراً - قال ألم أقل لكم إنّي أعلم من اللَّه مالا تعلمون).(25) الآية الثالثة قوله عزّ وجلّ: (إنّي لَأجد ريحَ يُوسُفَ لولا أن تُفَنِّدون).(26) 365 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سمعته يقول: أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام؟ قال: قلت لا. قال: إنّ إبراهيم عليه السلام لمّا أوقدت له النار، أتاه جبرئيل عليه السلام بثوب من ثياب الجنّة فألبسه إيّاه، فلم يضرّه حرّ ولا برد، فلمّا حضر إبراهيم الموت، جعله في تميمة وعلّقه على إسحاق، وعلّقه إسحاق على يعقوب، فلمّا ولد يوسف علّقه عليه وكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان، فلمّا أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب عليه السلام ريحه، وهو قوله تعالي حِكاية عنه: (إنّي لأجدُ ريح يوسف لولا أن تفنّدون). فهو ذلك القميص الّذي أنزل من الجنّة. قلت: جُعلت فدك فإلي مَن صار هذا القميص؟ قال: إلى أهله، وهو مع قائمنا إذا خرج، ثمّ قال: كلّ نبيّ ورث علماً أو غيره فقد انتهي إلى محمّد صلى الله عليه وآله.(27) 366 - ذكر العلّامة البيّاضيّ في صفة المهدي عليه السلام قال: وفي رواية المفضّل: يخرج وعليه قميص يوسف، فيشمّ المؤمنون رائحته شرقاً وغرباً، وهو الّذي شمّ رائحته يعقوب في قوله: (إنّي لأجد رِيحَ يُوسُفَ).(28) الآية الرابعة قوله تعالى: (حتّى إذا استيأسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنّهم قد كذِبوا جاءَهم نَصرُنا فنُجّيَ مَن نَشاءُ ولا يُردّ بأسُنا عن القوم المُجرِمين).(29) الهوامش: (1) كمال الدّين 331:1 ح 16؛ بحار الأنوار 191:52. (2) تفسير فرات 63؛ بحار الأنوار 211:24. (3) الصراط المستقيم 232-231: 2. (4) كمال الدّين 382:2 ح 9. (5) هود: 93. (6) هود: 93. (7) الأعراف: 71؛ يونس 20 و102. (8) تفسير العيّاشيّ 20:2 ح 52؛ بحار الأنوار 129:52. (9) بحار الأنوار 144:52. (10) تفسير العيّاشيّ 159:2 ح 62؛ بحار الأنوار 379:12. (11) هود: 110. (12) تأويل الآيات الظاهرة 51:2 ح 13؛ تفسير الصافي 474:2. (13) يوسف: 87. (14) كمال الدّين 645:2 ح 6؛ بحار الأنوار 123:52. (15) يوسف: 89 و90. (16) كمال الدّين 144:1 ح 11؛ بحار الأنوار 142:51. (17) بحار الأنوار 217:51. (18) بحار الأنوار 218:51. (19) بحار الأنوار 218:51. (20) بحار الأنوار 216:51. (21) الإمامة والتبصرة لعليّ بن بابوبه 94-93 ب 23 ح 84. (22) بحار الأنوار 217:51. (23) الغَيبة للطوسيّ 103. (24) الغَيبة للنعمانيّ 163 ح 3؛ بحار الأنوار 41:51. (25) كمال الدّين 142-141:1. (26) يوسف: 94. (27) كمال الدّين 1 : 143-142 ح 10. (28) الصراط المستقيم253:2. (29) يوسف: 110. ****************** ظهور المهدي بعد اليأس 367 - وبالإسناد عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين فشكا إليه طول دولة الجور، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: واللَّه ما تأملون حتّى يهلك المبطلون، ويضمحلّ الجاهلون ويأمن المتّقون وقليل ما يكون حتّى يكون لأحدكم موضع قدمه، وحتّى يكونوا علي الناس أهون من الميْتَة عند صاحبها. فبينا انتم كذلك، إذ جاء نصر اللَّه والفتح، وهو قوله عزّ وجلّ في كتابه: (حتّى إذا استيأسَ الرُّسُل وظَنُّوا أنّهم قد كذِبوا جاءَهم نَصرُنا).(1) سورة الرعد الآية الاولى قوله تعالى: (ويَقولُ الّذين كفَروا لَولا أُنزِلَ عَلَيه آيةٌ مِن ربّه إِنّما أنت مُنذرٌ ولكلّ قَومٍ هَادٍ).(2) 368 - روي العيّاشيّ بإسناده عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سمعته يقول في قول اللَّه تبارك وتعالى: (إنّما أنت منذر ولكلّ قومٍ هادٍ) فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: أنا المنذر وعليّ الهادي، وكلّ إمامٍ هاد للقرن الّذي هو فيه.(3) 369 - روي الصفّار رحمه الله من كتاب لخطب أمير المؤمنين عليه السلام، ثمّ ذكر الخطبة بطولها، جاء فيها: أيّها الناس سَلوني قبل أن تفقدوني، لأنا أعرف بطُرُق السماء أعلم من العالم بطرق الأرض، أنا يعسوب المؤمنين وغاية السابقين ولسان المتّقين وخاتم الوصيّين ووارث النبيّين وخليفة ربّ العالمين، أنا قسيم النار وخازن الجنان صاحب الحوض وصاحب الأعراف، فليس منّا أهل البيت إمام إلّا وهو عارف بجميع أهل ولايته، ذلك قول اللَّه تبارك وتعالى: (إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ).(4) 370 - روي القميّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال: المنذر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، والهادي أمير المؤمنين عليه السلام، وبعده الائمّة عليهم السلام وهو قوله: (ولكلّ قومٍ هادٍ) أي في كلّ زمان إمامٌ هادٍ مبين.(5) الآية الثانية قوله تعالى: (وهُوَ شَديد المِحال).(6) 371 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغَيبة، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت عليّاً عليه السلام يقول: إنّ بين يَدَي القائم عليه السلام سنين خدّاعة، يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويقرب فيها الماحل، وفي حديث: وينطق فيها الرويبضة، فقلت: وما الرويبضة وما الماحل؟ قال: أو ما تقرؤن القرآن قوله: (وهو شَديد المِحال) قال:يريد المكر، فقلت: وما الماحل؟ قال: يريد المكار.(7) الآية الثالثة قوله تعالى: (الّذين آمَنوا وعَمِلوا الصالحاتِ طُوبي لهم وحُسن مَآب).(8) طوبي للمؤمنين بالمهدي في غيبته 372 - الشّيخ الصدوق، بإسناده عن أبي بصير، قال: قال الصادق عليه السلام: طوبي لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا، فلم يزغ قلبه بعد الهداية، فقلت له: جُعلت فدك، وما طوبي؟ قال: شجرة في الجنة، أصلها في دار عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن من أغصانها،وذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (طُوبي لهم وحُسن مَآب).(9) 373 - عن رفاعة ابن موسي، ومعاوية بن وهب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: طوبي لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به قبل قيامه، يتولّي وليه، ويتبرّأ من عدوّه، ويتولّي الأئمّة الهادية من قبله، اولئك رفقائي وذوو ودّي ومودَّتي، وكرم متى عليّ، قال رفاعة: وكرم خلق اللَّه عليّ.(10) 374 - وبالإسناد عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: يأتي علي الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فياطوبي للثابتين علي أمرنا في ذلك الزمان، إنّ أدني ما يكون لهم من الثواب أن يناديهم الباري عزّ وجلّ: عبادي آمنتم بسرّي، وصدّقتم بغيبي، فأبشروا بحسن الثواب منّي، فأنتم عبادي وإمائي حقّاً، منكم أتقبّل، وعنكم أعفو، ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث، وأدفع عنهم البلاء، ولولكم لأنزلت عليهم عذأبي. قال جابر: فقلت: يا ابن رسول اللَّه فما افضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان ولزوم البيت!(11) 375 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: طوبي لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتمّ به في غيبته قبل قيامه، ويتولّي أولياءه ويعادي أعداءه، ذلك من رفقائي وذوي مودّتي، وكرم متى عَلَيَّ يوم القيامة.(12) 376 - روي النعمانيّ بإسناده عن عبيد اللَّه بن العلاء، عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليهما السلام، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام حدّث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم، فقال الحسين عليه السلام: يا أمير المؤمنين متى يطهّر اللَّه الأرض من الظالمين؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يطهّر اللَّه الأرض من الظالمين حتّى يُسفك الدم الحرام - ثمّ ذكر أمر بني أميّة وبني العباس في حديث طويل - ثمّ قال: إذا قام القائم بخراسان، وغلب علي أرض كوفان وملتان، وجاز جزيرة بني كوان، وقام منّا قائم بجيلان وأجابته الآبرُ والديلمان، وظهرت لولدي رايات الترك متفرّقات في الأقطار والجنبات، وكانوا بين هنات وهنات، إذا خربت البصرة، وقام أمير الأمرة بمصر - فحكي عليه السلام حكاية طويلة - ثمّ قال: إذا جهزّت الألوف وصُفَّت الصفوف وقُتِلَ الكبش الخروف، هنك يقوم الآخر، ويثور الثائر، ويهلك الكافر، ثمّ يقوم القائم المأمول، والإمام المجهول،له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين، لا ابن مثله يظهر بين الركنين، في دريسين باليين، يظهر علي الثقلين، ولا يترك في الأرض دمين، طوبي لمن أدرك زمانه ولحق أوانه، وشهد أيّامه.(13) 377 - روي النوري قال: وأخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابوريّ المتوفّي في حياة أبي محمّد العسكريّ والد الحجّةعليهما السلام في كتابه في الغَيبة، بإسناده عن الحسن بن رئاب، قال: حدّثنا أبو عبد اللَّه عليه السلام حديثاً طويلاً عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال في آخره: ثمّ يقع التدابر في الاختلاف بين أمراء العرب والعجم، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد أبي سفيان - إلى أن قال عليه السلام - ثمّ يظهر أمير الأمرة وقاتل الكفرة، السلطان المأمول، الّذي تحير في غيبته العقول، وهو التاسع من ولدك يا حسين، يظهر بين الركنين، يظهر علي الثقلين، ولا يترك في الأرض الأدنين، طوبي للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه ولحقوا أوانه، وشهدوا أيّامه، ولاقوا أقوامه.(14) 378 - روي الشيخ الطوسيّ، بإسناده عن الأصبغ بن نُباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له حتّى انتهي إلى مسجد الكوفة، وكان مبنيّاً بخزف ودنان وطين، فقال: وَيل لمن هدمك، وويل لمن سهّل هدمك، وويل لبانيك بالمطبوخ، المغيّر قبلة نوح، طوبي لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي، اولئك خيار الأمّة مع أبرار العِترة.(15) 379 - روي الطوسي بإسناده عن الحسن بن زيد بن عليّ، قال: سألت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام عن سنّ جدّنا عليّ بن الحسين عليه السلام فقال: أخبرني أبي، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السلام قال: كنت امشي خلف عمّي الحسن وأبي الحسين عليهما السلام في بعض طرقات المدينة في العامّ الّذي قُبض فيه عمّي الحسن عليه السلام، وأنا يومئذ غلام لم أراهق أو كدت، فلقيهما جابر بن عبد اللَّه وأنس بن ملك الأنصاريّان في جماعة من قريش والأنصار، فما تملك جابر بن عبد اللَّه حتّى كبّ علي أيديهما وأرجلهما يقبّلهما، فقال رجل من قريش كان نسيباً لمروان: أتصنع هذا يا أبا عبد اللَّه وأنت في سنّك هذا وموضعك من صحبة رسول اللَّه، وكان جابر قد شهد بدراً، فقال له: إليك عنّي، فلو علمتَ يا أخا قريش من فضلهما ومكانهما ما أعلمُ لقبّلتَ ما تحت أقدامهما من التراب. ثمّ أقبل جابر علي أنس بن ملك فقال: يا أبا حمزة، أخبرني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فيهما بأمر ما ظننته أنّه يكون في بشر، قال له أنس: وبماذا أخبرك يا أبا عبد اللَّه؟ قال عليّ بن الحسين: فانطلق الحسن والحسين عليهم السلام ووقفتُ أنا أسمع محاورة القوم، فأنشأ جابر يحدّث، قال: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذات يوم في المسجد وقد حفّ من حوله، إذ قال لي: يا جابر ادعُ لي حسناً وحسيناً، وكان شديد الكلَف بهما، فانطلقت فدعوتهما وأقبلتُ أحمل هذا مرّةً وهذا اخرى حتّى جئته بهما، فقال لي وأنا اعرف السرور في وجهه لمّا رأي من محبّتي لهما وتكريمي إيّاهما: أتحبّهما يا جابر؟ فقلت: وما يمنعني من ذلك فِدك أبي وأمّي وأنا أعرف مكانهما منك؟ قال: أفلا أخبرك عن فضلهما؟ قلت: بلي بأبي أنتَ وأمّي. قال: إنّ اللَّه تعالى لمّا أحب أن يخلقني، خلقني نُطفة بيضاء فأودعها صلب أبي آدم عليه السلام، فلم يزل ينقلها من صُلب طاهر إلى رحم طاهر، إلى نوح وإبراهيم عليهم السلام، ثمّ كذلك إلى عبد المطّلب، فلم يصبني من دنس الجاهليّة، ثمّ افترقت تلك النطفة شطرَين إلى عبد اللَّه وأبي طالب، فولدني أبي فختم اللَّه بي النبوّة، (وولد أبو طالب عليّاً) فختمت به الوصيّة، ثمّ اجتمعت النطفتان منّي ومن عليّ، فولدتا الجهر والجهير الحسنان، فخَتم بهما أسباط النبوّة وجعل ذرّيّتي منهما، وأمرني بفتح مدينة - أو قال مدائن - الكفر. ومن ذّرّية هذا - وأشار إلى الحسين عليه السلام - رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، فهما طاهران مطهّران، وهما سيّدا شباب أهل الجنة، طوبي لمن أحبّهما وأباهما وأمّهما، وويل لمن حاربهم وأبغضهم.(16) 380 - روي النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير، عن كامل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ قائمنا إذا قام، دعا الناس إلى امر جديد، كما دعا إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وإنّ الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبي للغرباء.(17) كلام للشيخ الصدوق في معني الحديث قال الشيخ الصدوق رحمه الله: حال النبيّ صلى الله عليه وآله قبل النبوّة حال قائمنا وصاحب زماننا عليه السلام في وقتنا هذا، وذلك أنّه لم يعرف خبر النبيّ صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت إلّا الأحبار والرهبان والّذين قد انتهي إليهم العلم به، فكان الإسلام غريباً فيهم، وكان الواحد منهم إذا سأل اللَّه تبارك وتعالى بتعجيل فرج نبيّه وإظهار أمره، سخر منه أهل الجهل والضلال وقالوا له: متى يخرج هذا النبيّ الّذي تزعمون أنّه نبيّ السيف، وأنّ دعوته تبلغ المشرق والمغرب، وأنّه ينقاد له ملوك الأرض كما يقول الجهّال في وقتنا هذا: متى يخرج هذا المهدي الّذي تزعمون أنّه لابدّ من خروجه وظهوره، وينكره قوم ويقرّ به آخرون، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله: إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدء، فطوبي للغرباء، فقد عادَ الإسلام كما قال عليه السلام غريباً في هذا الزمان كما بدأ وسيقوي بظهور وليّ اللَّه وحجّته كما قوي بظهور نبي اللَّه ورسوله، وتقرّ بذلك أعين المنتظرين له والقائلين بإمامته كما قرّت أعين المنتظرين لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله والعارفين به بعد ظهوره، وان اللَّه عزّ وجلّ لينجز لأوليائه ما وعدهم، ويُعلي كلمته ويتمّ نوره ولو كره المشركون.(18) سورة ابراهيم الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (ولقد أرسَلنا موسى بآياتنا أن أَخرِج قَومَك من الظُّلُماتِ إلى النُّور وذكرهم بأيَّام اللَّهِ إنّ في ذلك لآياتٍ لكلِّ صَبَّارٍ شَكور).(19) 381 - الشّيخ الصدوق بإسناده عن مثنّي الحنّاط، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أيّام اللَّه عزّ وجلّ ثلاثة: يوم يقوم القائم عليه السلام، ويوم الكرّة، ويوم القيامة.(20) 382 - وعنه بإسناده عن مثنّي الحناط، عن جعفر بن محمّد، عن ابيه عليهما السلام مثله. سعد ابن عبد اللَّه، بإسناده عن مثنّي الحناط، عن الصادق عليه السلام أيضاً مثله.(21) 383 - وروي الحافظ رجب البرسيّ عن عمّار، عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب الواحدة، في حديث طويل قد بيّن فيه مناقب نفسه القدسيّة، وجاء فيه قوله: (الّذين يُؤمِنون بالغَيب) قال: الغيب: هو الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي أيّام آل محمّد، وإليها الاشارة بقوله: (وذكرهم بأيّام اللَّه) فالرجعة لهم، ويوم القيامة لهم، ويوم القائم لهم، وحكمه اليهم، ومعوّل للمؤمنين فيه عليهم.(22) 384 - روي القمّيّ في قوله: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرِج قَومَك من الظُلُمات إلى النُّورِ وذكرهم بأيّامِ اللَّه) قال: أيّام اللَّه ثلاثة: يوم القائم، يوم الموت، ويوم القيامة.(23) الآية الثانية قوله تعالى: (يُثَبِّت اللَّهُ الّذين آمَنوا بالقَول الثابتِ في الحيوةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ ويُضلُّ اللَّهُ الظَّالمينَ ويفعلُ اللَّهُ ما يشاء).(24) 385 - روي عن مسعدة قال: كنت عند الصادق عليه السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحني متّكئاً علي عصاه، فسلّم، فرد أبو عبد اللَّه عليه السلام الجواب، ثمّ قال: يا ابن رسول اللَّه ناولني يدك أقبّلها، فأعطاه يده، فقبّلها ثمّ بكي، فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: وما يُبكيك يا شيخ؟ قال: جُعلت فدك أقمتُ علي قائمكم منذ مائة سنة أقول هذا الشهر وهذه السنة، وقد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي ولا أري ما أحبّ، أركم مُعتّلين مقتّلين مشرّدين، وأري عدوّكم يطيرون بالأجنحة، فكيف لا أبكي؟ فدمعت عينا أبي عبد اللَّه عليه السلام، ثمّ قال: يا شيخ إن أبقك اللَّه حتّى تري قائمنا، كنت معنا في السنام الاعلي، وإن حلّت بك المنيّة، جئتَ يوم القيامة مع ثقل محمّد صلى الله عليه وآله ونحن ثقله، فقال عليه السلام: إنّي مخلّف فيكم الثقلين، فتمسكوا بهما لن تضلوا: كتاب اللَّه وعِترتي أهل بيتي. فقال الشيخ: لا أُبإلى بعد ما سمعت هذا الخبر. قال: يا شيخ، إنّ قائمنا يخرج من صُلب الحسن (العسكريّ)، والحسن يخرج من صُلب عليّ، وعليّ يخرج من صُلب محمّد، ومحمّد يخرج من صُلب عليّ، وعليّ يخرج من صُلب ابني هذا - وأشار إلى موسى عليه السلام - وهذا خرج من صلبي، نحن اثنا عشر كلنا معصومون، مطهّرون. فقال الشيخ: يا سيّدي بعضكم أفضل من بعض؟ قال: لا، نحن في الفضل سواء، ولكنّ بعضنا أعلم من بعض، ثمّ قال: يا شيخ، واللَّه لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا أهل البيت. ألا وإنّ شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في غيبته، هنك يثبّت اللَّه علي هداه المخلصين، اللَّهمّ أعنهم علي ذلك.(25) 386 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: أقرب ما يكون العبد من اللَّه جلّ ذِكره وأرضي ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة اللَّه جَلَّ وعزّ ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه، وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة اللَّه جلّ ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقّعوا الفرج صباحاً ومساءً، فإنّ أشدّ ما يكون غضب اللَّه علي أعدائه إذا افتقدوا حجّته ولم يظهر لكم، وقد علم أنّ أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيَّب حجّته عنهم طرفة عين، ولا يكون ذلك إلّا علي رأس شرار الناس.(26) الآية الثالثة قوله تعالى: (ألم تَرَ إلى الّذين بَدَّلوا نِعمَت اللَّه كفراً وأحلُّوا قَومَهم دارَ البَوَار).(27) المهدي من نعم اللَّه تعالى 387 - روي ابن شهرآشوب عن الصادق والباقر عليهما السلام في قوله تعالى: (ألم تَرَ إلى الّذين بَدَّلوا نِعمَت اللَّه كفراً): نعمة اللَّه: رسوله إذ يخبر أمّته بمن يرشدهم من الأئمّة، فأحلّوهم دار البوار، ذلك معني قول انبيّ صلى الله عليه وآله لا ترجعنّ بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.(28) الآية الرابعة قوله تعالى: (وأنذِر الناسَ يَومَ يأتيهم العَذابُ فيقول الّذين ظَلَموا رَبّنا أَخِّرنا إلى أَجَلٍ قريب نُجِب دَعوَتَك ونتّبع الرُّسُل).(29) 388 - محمّد بن يعقوب، بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: واللَّهِ للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليه السلام كان خيراً لهذه الأمّة مما طلعت عليه الشمس، فو اللَّه لقد نزلت هذه الآية: (ألم تَرَ إلى الّذين قِيل لهم كفّوا أيدِيَكم وأقيموا الصلوة وآتُوا الزَّكوة)(30) إنّما هي طاعة الإمام، وطلبوا القتال، فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين عليه السلام قالوا: (رَبَّنا لِمَ كتبتَ علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أَجَل قريب نُجب دَعْوَتَك ونتّبع الرُّسُل) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السلام.(31) الآية الخامسة قوله تعالى: (وسَكنتُم في مَسكنِ الّذين ظَلَموا أنفُسَهم وتبيَّن لكم كيفَ فَعَلنا بهم وضَرَبنا لكم الأمثال).(32) 389 - العيّاشيّ: بإسناده عن سعد بن عمر، عن غير واحدٍ ممّن حضر أبا عبد اللَّه، ورجل يقول قد ثبت دار صالح ودار عيسي بن عليّ ذكر دور العباسيين، فقال رجل: أراناها اللَّه خراباً أو خرّبها بأيدينا، فقال له أبو عبد اللَّه عليه السلام: لا تقل هكذا، بل يكون مسكن القائم وأصحابه، اما سمعت اللَّه عزّ وجلّ يقول: (وسَكنتم في مَسكن الّذين ظَلَموا أنفُسَهم).(33) الآية السادسة قوله تعالى: (وقد مَكروا مَكرهم وعند اللَّه مَكرُهُم وان كان مَكرُهُم لِتَزولَ مِنه الجِبال).(34) 390 - العيّاشيّ، بإسناده عن جميل بن درّاج، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: (وإن كان مَكرُهم لِتَزول منه الجِبال) وإنّ مكر بني العبّاس بالقائم عليه السلام لتزول منه قلوب الرجال.(35) 391 - الشيخ في مجالسه، بإسناده عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: اتّقوا اللَّه وعليكم بالطاعة لأئمّتكم، قولوا ما يقولون، واصمتوا عمّا صمتوا، فإنّكم في سلطان مَن قال اللَّه تعالى: (وإن كان مَكرُهُم لتَزول منه الجِبال) فاتّقوا اللَّه فإنّكم في هُدنة، صلّوا في عشايرهم واشهَدوا جنايزهم، وأدّوا الأمانة إليهم، وعليكم بحجّ هذا البيت فأدمنوه، فإنّ في إدمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم، وأهوال يوم القيامة.(36) سورة الحجر الآية الاولى قوله تعالى: (ولقد جَعَلنا في السَّماءِ بُرُوجاً وزَيَّناها للناظِرين - وحَفظناها مِن كلّ شَيطان رَجيم).(37) رجم الشيطان في عهد المهدي 392 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبد العظيم بن عبد اللَّه الحسنيّ، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهم السلام يقول: معني الرجيم أنّه مرجوم باللعن، مطرود من مواضع الخير، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه، وإنّ في علم اللَّه السابق أنّه إذا خرج القائم عليه السلام لا يبقي مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة، كما كان قبل ذلك مرجوماً باللعن.(38) الآية الثانية قوله تعالى: (قال فإنّك من المُنظَرِين - إلى يَوم الوَقت المَعلوم).(39) الهوامش: (1) دلائل الإمامة 251؛ المحجّة 107. (2) الرعد: 7. (3) تفسير العيّاشيّ 204:2 ح 7؛ بحار الأنوار 3:23. (4) مختصر بصائر الدرجات 198؛ تفسير الصافي 59:3. (5) تفسير القمّي 359:1 تفسير البرهان 281:2. (6) الرعد: 13. (7) تفسير النعمانيّ 278 ح 62؛ بحار الأنوار 245:52. (8) الرعد: 29. (9) كمال الدّين 358:2 ح 55؛ معاني الأخبار 112 ح 1. (10) كمال الدّين 358:2 ح 55. (11) نفس المصدر 330:1 ح 15؛ بحار الأنوار 145:52. (12) نفس المصدر 286:1 ح 2 و3. (13) الغَيبة للنعمانيّ 274ح 55؛ بحار الأنوار 235:52. (14) الغَيبة لابن شاذان؛ وعنه: كشف الأستار للنوري 221. (15) الغَيبة للطوسيّ 283؛ بحار الأنوار 332:52. (16) أمإلى الطوسيّ 2 : 114-113؛ بحار الأنوار 22 : 112-110. (17) الغَيبة للنعمانيّ 320 ح 1؛ بحار الأنوار 366:52. (18) كمال الدّين 200:1. (19) إبراهيم: 5. (20) معاني الأخبار 365؛ الخصال 108. (21) تأويل الآيات الظاهرة 576:2 ح 3؛ بحار الأنوار 63:53. (22) مشارق أنوار اليقين159. (23) تفسير القمّيّ 367:1؛ بحار الأنوار 63:53. (24) إبراهيم: 27. (25) كفاية الأثر 160؛ إرشاد القلوب 405؛ بحار الأنوار 408:26. (26) الكافي 333:1 ح 1؛ بحار الأنوار 94:52 و95. (27) إبراهيم: 28. (28) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 284:4. (29) إبراهيم: 44. (30) النساء: 77. (31) المحجّة 109. (32) إبراهيم: 45. (33) تفسير العيّاشيّ 235:2 ح 49؛ بحار الأنوار 347:52. (34) إبراهيم: 46. (35) تفسير العيّاشيّ 235:2 ح 50؛ المحجّة 111. (36) أمإلى الطوسيّ 280:2؛ تفسير البرهان 321:2 ح 4. (37) الحجر: 16 و17. (38) معاني الأخبار 139 ح 1؛ بحار الأنوار 242:63. (39) الحجر: 37 و38. ****************** الوقت المعلوم يوم قيام القائم 393 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ، بإسناده عن وهب بن جميع مولي اسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن ابليس، قوله: (ربِّ فأنظرني إلى يَوم يُبعَثُون - قال فإنّك من المُنظَرين - إلى يوم الوَقتِ المعلوم) أيّ يوم هو؟ قال: يا وهب، أتحسب أنّه يوم يبعث اللَّه تعالى الناس؟ لا، ولكنّ اللَّه عزّ وجلّ أنظره إلى يوم يبعث اللَّه عزّ وجلّ قائمنا، فإذا بعث اللَّه عزّ وجلّ قائمنا، فيأخذ بناصيته ويضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم.(1) 394 - وروي اسحاق بن عمار قال: سألته - يعني زين العابدين عليه السلام - عن إنظار اللَّه تعالى ابليس وقتاً معلوماً ذكره في كتابه، قال: (فإنّك مِن المنظَرِين - إلى يَومِ الوَقتِ المَعلوم) قال عليه السلام: الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليه السلام، فإذا بعثه اللَّه كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتّى يجثو على ركبتيه، فيقول: يا ويلاه مِن هذا اليوم، فيأخذ بناصيته فيضرب عُنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم منتهي أجله.(2) 395 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد قال: قال عليّ بن موسى الرضا عليه السلام: لا دين لمن لاوَرَع له، ولا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّ كرمكم عند اللَّه أعملكم بالتقيّة، فقيل له: يا ابن رسول اللَّه إلى متي؟ قال: (إلي يَوم الوَقت المَعلوم) وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا، فقيل له: يا ابن رسول اللَّه، ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال: الرابع من ولدي، ابن سيّدة الإماء، يطهّر اللَّه به الأرض من كلّ جور، ويقدّسها من كلّ ظلم، وهو الّذي يشك الناس في ولادته، وهو صاحب الغَيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد احداً، وهو الّذي تُطوي له الأرض ولا يكون له ظلّ، وهو الّذي ينادي منادٍ من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول: ألا إنّ حُجّة اللَّه قد ظهر عند بيت اللَّه فاتّبعوه، فإنّ الحقّ معه وفيه. وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (إن نَشَأ نُنَزل عَليهم من السَّماءِ آيةً فَضَلَّت أعناقُهم لها خاضعين).(3) الآية الثالثة قوله تعالى: (إنّ في ذلك لآياتٍ للمتوسِّمِين - وإنّها لَبِسَبيلٍ مُقيم).(4) المهدي من المتوسمين 396 - روي ابن شاذان، بإسناده من طريق العامّة عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: يا عليّ أنا نذير أمّتي، وأنت هاديها، والحسن قائدها، والحسين سائقها، وعليّ بن الحسين جامعها، ومحمّد بن عليّ عارفها، وجعفر بن محمّد كاتبها،وموسي بن جعفر مُحصيها، وعليّ بن موسى معبّرها ومُنجيها وطارد مبغضيها ومُدني مؤمنيها، ومحمّد بن عليّ قائمها وسائقها، وعليّ بن محمّد سائرها وعالمها، والحسن بن عليّ مناديها ومعطيها، والقائم الخلف ساقيها ومناشدها: (ان في ذلك لَآيات للمتوسّمين) يا عبد اللَّه.(5) 397 - روي جابر عن الباقر عليه السلام قال: كأ نّي أنظر إلى القائم عليه السلام وأصحابه في نجف الكوفة كأنّ على رؤوسهم الطير، فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم (منتكبين قسيّهم) قد أثّر السجود بجباههم، لُيوث بالنهار، ورُهبان بالليل، كأنّ قلوبهم زُبر الحديد، يُعطي الرجل منهم قوّة أربعين رجلاً، (ويعطيهم صاحبهم التوسّم) لا يقتل أحد منهم إلّا كافراً أو منافقاً، فقد وصفهم اللَّه بالتوسّم في كتابه: (إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين).(6) 398 - روي ابن شهرآشوب مرسلاً، عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى: (إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين): فذلك السبيل المقيم الوصيّ بعد النبيّ.(7) 399 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إذا قام القائم، لم يقم بين يديه أحدٌ من خلق الرحمن إلّا عرفه صالح هو أم طالح، لأن فيه آية للمتوسّمين، وهي بسبيل مقيمٍ.(8) 400 - روي الشيخ المفيد بإسناده عن عبد اللَّه بن عجلان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إذا قام قائم آل محمّد صلى الله عليه وآله، حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام، لا يحتاج إلى بيّنة، يُلهمه اللَّه تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كلّ قومٍ بما استبطنوه، ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم، قال اللَّه سبحانه: (إنّ في ذلك لآياتٍ للمتوسِّمين - وإنّها لَبِسَبيل مُقيم).(9) سورة النحل الآية الاولى قوله تعالى: (أتي أمرُ اللَّه فلا تَستعجِلوه سُبحانه وتَعالي عمّا يُشرِكون).(10) امر اللَّه هو ظهور المهدي 401 - الشّيخ الصدوق، بإسناده عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إنّ أوّل مَن يبايع القائم عليه السلام جبرئيل عليه السلام، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه، ثمّ يضع رِجلاً على بيت اللَّه الحرام ورِجلاً على بيت المقدس، ثمّ ينادي بصوت ذلق طلق يسمع الخلائق: (أتي أمرُ اللَّه فلا تَستعجِلوه).(11) 402 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغَيبة، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (أتي أمرُ اللَّه فلا تَستعجِلوه) قال: هو أمرنا أمر اللَّه عزّ وجلّ فلا يستعجل به، ويؤيّده بثلاثة أجناد: بالملائكة وبالمؤمنين وبالرعب، وخروجه كخروج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وذلك قوله عزّ وجلّ: (كما أخرَجَك ربُّك مِن بَيتِك بالحقِّ وإنّ فَريقاً من المؤمنين لَكارِهون).(12)،(13) 403 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ، بإسناده عن أبان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: إذا اراد اللَّه قيام القائم عليه السلام، بعث جبرئيل في صورة طاير أبيض، فيضع إحدي رِجليه على الكعبة والأخري على بيت المقدس، ثمّ ينادي بأعلي صوته: (أتي أمر اللَّه فلا تستعجلون) قال: فيحضر القائم عليه السلام فيصلّي عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين، ثمّ ينصرف وحواليه أصحابه، وهم ثلاثمائة عشر رجلاً، إنّ فيهم لَمَن يسري من فراشه ليلاً، فيخرج ومعه الحجر فيلقيه فتعشب الأرض.(14) 404 - عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه (أتي أمر اللَّه فلا تستعجلوه) قال: هو أمرنا أمر اللَّه يستعجل به، يؤيّده ثلاثة أجناد: الملائكة والمؤمنون والرعب، وخروجه عليه السلام كخروج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وذلك قوله تعالى: (كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ).(15) 405 - العيّاشيّ، بإسناده عن هشام بن سالم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن قوله تعالي (أتي أمر اللَّه فلا تستعجلوه) حتّى يأتي ذلك الوقت، وقال: إنّ اللَّه إذا أخبر أنّ شيئاً كائن، فكأنّه قد كان.(16) 406 - وبالإسناد عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام قال: مثل مَن خرج منّا أهل البيت قبل قيام القائم عليه السلام، مثل فرخ طار ووقع في كوةٍ فتلاعبت به الصبيان.(17) 407 - النعمانيّ، بالإسناد عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: اسكنوا ما سكنت السماوات والأرض، أي لاتخرجوا على أحد فإنّ أمركم ليس به خفاء، ألا إنّها آية من اللَّه عزّ وجلّ ليست من الناس، ألا إنّها أضوء من الشمس لا يخفي على برّ ولا فاجر، أتعرفون الصبح؟ فإنّه كالصبح ليس به خفاء.(18) 408 - وبالإسناد عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال ذات يوم: ألا أخبركم بما لا يقبل اللَّه عزّ وجلّ من العباد عملاً إلّا به؟ فقلت: بلي، فقال: شهادة أن إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، والإقرار بما أمر اللَّه والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا يعني أئمّة خاصّة والتسليم لهم، والورع والاجتهاد، والطمأنينة والانتظار للقائم. ثمّ قال: إنّ لنا دولة يجيء اللَّه بها إذا شاء. ثمّ قال: مَن سرّه أن يكون من أصحاب القائم، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيّتها العصابة المرحومة.(19) 409 - الكلينيّ بإسناده عن زرارة، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: اعرف امامك، فإنّك إذا عرفته، لم يضرّك تقدم هذا الأمر أو تأخّر.(20) 410 - ابن أبي الخطّاب، عن البزنطيّ، قال: سألت الرضا عليه السلام عن مسألة للرؤيا، فأمسك ثمّ قال: إنّا لو أعطينكم ما تريدون، لكان شرّاً لكم، وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر قال: وقال: وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أُمهل لهم،فعليكم بتقوي اللَّه ولا تغرّنّكم الدنيا، ولا تغتّروا بمن أمهل له فكأنّ الأمر قد وصل إليكم.(21) 411 - الكلينيّ، عن إسحاق بن يعقوب: أنّه خرج إليه على يَد محمّد بن عثمان العمريّ: أمّا ظهور الفرج، فإنّه إلى اللَّه، وكذب الوقّاتون.(22) 412 - روي الكلينيّ عن عليّ بن يقطين، قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: يا عليّ إنّ الشيعة تربّي بالأماني منذ مائتي سنة. وقال يقطين لابنه عليّ: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن، فقال له عليّ: إنّ الّذي قيل لكم ولنا من مخرج واحد، غير انّ أمركم حضركم فأعطيتم محضه، وكان كما قيل لكم، وانّ أمرنا لم يحضر، فعللنا بالأماني، ولو قيل لنا: إنّ هذا لا يكون إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة، لقست القلوب، ولرجعت عامة الناس عن الإسلام، ولكن قالوا، ما أسرعه وما أقربه؟! تألّفاً لقلوب الناس وتقريباً للفرج.(23) 413 - عن عبد الرحمن بن كثير، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام إذ دخل عليه مهزم الأسديّ، فقال: أخبرني - جُعلت فدك - متى هذا الأمر الّذي تنتظرونه فقد طال، فقال: يا مهزم كذّب الوقّاتون، وهلك المستعجلون ونجا المسلّمون، وإلينا يصيرون.(24) 414 - الكلينيّ، بإسناده عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (يوم ندعوا كلّ أُناس بإمامهم).(25) فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فإنّك إذا عرفتَ إمامك، لم يضرّك تقدَّمَ هذا الأمر أو تأخّر، ومَن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة مَن كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة مَن كان قاعداً تحت لوائه، قال: ورواه بعض أصحابنا: بمنزلة من استُشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(26) 415 - الكلينيّ، بإسناده عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام جُعلت فدك متى الفرج؟ فقال: يا ابا بصير. أنت ممّن يريد الدنيا؟! مَن عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره.(27) 416 - تفسير النعمانيّ: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن حقيق على اللَّه أن يدخل أهل الضلال الجنة، وإنّما عني بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان، المستور عن الأعيان، فهم بإمامته مُقِرَّون، وبعروته مستمسكون ولخروجه منتظرون، موقنون غير شكين، صابرون مسلّمون، وإنّما ضلّوا عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه. يدّل على ذلك: أنّ اللَّه تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس الّتي جعلها دليلاً على أوقات الصلاة، فموسّع عليهم تأخير المؤقّت ليتبيّن لهم الوقت بظهورها، ويستيقنوا أنّها قد زالت، فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه السلام، المتمسّك بإمامته مُوسَّع عليه جميع فرائض اللَّه الواجبة عليه، مقبولة منه بحدودها، غير خارج عن معني ما فرض عليه، فهو صابر محتسب لا تضرّه غيبة امامه.(28) 417 - نهج البلاغة: ومن كلام لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم، وهوي ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله اللَّه لكم، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه، وحقّ رسوله وأهل بيته، مات شهيداً أوقع أجره على اللَّه، واستوجب ثواب ما نوي من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته السيف، فانّ لكلّ شيء مدّة وأجلاً.(29) 418 - وعن يحيي ابن العلاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلّ مؤمن شهيد، وإن مات على فراشه فهو شهيد، وهو كمن مات في عسكر القائم عليه السلام، ثمّ قال: أيحبس نفسه على اللَّه ثمّ لا يدخل الجنة؟!(30) الآية الثانية قوله تعالى: (وعَلاماتٍ وبالنَّجم هُم يَهتَدُون).(31) 419 - روي النعمانيّ بإسناده عن الخشّاب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: (مثل أهل بيتي مثل نجوم السماء، كلّما غاب نجم طلع نجم، حتّى إذا طلع نجم منها، طلع فرمقتموه بالأعين وأشرتم إليه بالأصابع أتاه ملك الموت فذهب به، ثمّ لبثتم في ذلك سبتاً من دهركم، واستوت بنو عبد المطلب ولم يدر أيّ من أيّ، فعند ذلك يبدو نجمكم، فاحمدوا اللَّه واقبلوه).(32) 420 - الكلينيّ بإسناده عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّما نجومكم كنجوم السماء، كلّما غاب نجم طلع نجم، حتّى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بحواجبكم، غيّب اللَّه عنكم نجمكم، واستوت بنو عبد المطّلب، فلم يعرف أيّ من أيّ، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربَّكم.(33) 421 - وعن معروف بن خرّبوذ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أخبرني عنكم، قال: نحن بمنزلة النجوم إذا خفي نجم بدا نجم، مأمنٌ وأمان، وسلم وإسلام، وفاتح ومفتاح، حتّى إذا استوي بنو عبد المطّلب فلم يدر أيّ من أيّ أظهر اللَّه عزّ وجلّ صاحبكم، فاحمدوا اللَّه عزّ وجلّ، وهو يخيّر الصعب على الذلول، فقلت: جُعلت فدك فأيّهما يختار؟ قال: يختار الصعب على الذلول.(34) 422 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي الصباح، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: إنّ اللَّه تبارك وتعالى لم يدع الأرض إلّا فيها عالم يعلم الزيادة والنقصان، فإذا زاد المؤمنون شيئاً ردّهم، وإذا نقصوا شيئاً كمله لهم، ولولا ذلك لا لتبست على المؤمنين أمورهم.(35) 423 - روي بالإسناد عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إنّ اللَّه عزّ وجلّ لم يدع الأرض بغير عالم، ولولا ذلك لما عرف الحقّ من الباطل.(36) 424 - وروي بالإسناد عن عبد الأعلي بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ما ترك اللَّه الأرض بغير عالم ينقص ما زادوا، ويزيد ما نقصوا، ولولا ذلك لاختلط على الناس أمورهم.(37) 425 - روي النعمانيّ بإسناد يرفعه إلى أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم، قلت: فما السبطة؟ قال: الفترة، قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال: كونوا على ما أنتم عليه حتّى يطلع اللَّه لكم نجمكم.(38) 426 - ومن خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال فيها: الحمد للَّه الناشر في الخلق فضله، والباسط (فيها) بالجود يده؛ نحمده في جميع أموره، ونستعينه على رعاية حقوقه، ونشهد أن لا إله غيره، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بأمره صادعاً، وبذِكره ناطقاً، فأدّي أميناً، ومضي رشيداً، وخلَّف فينا راية الحقّ، من تقدّمها مرق، ومن تخلّف عنها زهق، ومن لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام، بطي القيام، سريعٌ إذا قام، فإذا أنتم ألنتم له رقابكم، وأشرتم إليه بأصابعكم، جاءه الموت فذهب به، فلبثتم بعده ما شاء اللَّه حتّى يطلع اللَّه لكم مَن يجمعكم ويضمّ نشركم، فلا تطمعوا في غير مقبل، ولا تيأسوا من مُدبر، فإنّ المدبر عسي أن تَزِلَّ به إحدي قائمتيه وتثبت الأخري، فترجعا حتّى تثبتا جميعاً. ألا إنّ مثل آل محمّد صلى الله عليه وآله كمثل نجوم السماء، إذا خوي نجم طلع نجم، فكأنّكم قد تكامَلَت من اللَّه فيكم الصنائع، وأركم ما كنتم تأملون.(39) الآية الثالثة (إلهكم إلهٌ واحدٌ فالّذين لا يُؤمِنون بالآخرةِ قلوبُهم مُنكرة وهم مُستَكبِرون).(40) الهوامش: (1) دلائل الإمامة 440؛ بحار الأنوار 221:63. (2) بحار الأنوار 376:52؛ منتخب الأنوار المضيئة 203 ف 12. (3) كمال الدّين 371:1 ح 5؛ بحار الأنوار 321:52. (4) الحجر: 75 و76. (5) مائة منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام لابن شاذان 24 المنقبة 6؛ بحار الأنوار 270:36. (6) إثبات الهداة 585:3 ح 791؛ بحار الأنوار 386:52. (7) مناقب آل أبي طالب 284:4؛ بحار الأنوار 127:24. (8) كمال الدّين 671:2 ح 20؛ بحار الأنوار 325:52. (9) الإرشاد للمفيد 365؛ كشف الغمّة 256:3. (10) النحل: 1. (11) كمال الدّين 671:2 ح 18؛ بحار الأنوار 285:52. (12) الأنفال: 5. (13) الغَيبة للنعامنيّ 198 ح 9؛ حلية الأبرار 626:2. (14) دلائل الإمامة 252. (15) بحار الأنوار 139:52. (16) تفسير العيّاشيّ 254:2 ح 2. (17) بحار الأنوار 139:52. (18) الغَيبة للنعمانيّ 200 ح 17؛ بحار الأنوار 150:52. (19) بحار الأنوار 140:52. (20) نفس المصدر 141:52. (21) نفس المصدر 110:52. (22) نفس المصدر 111:52. (23) الكافي 369:1. (24) بحار الأنوار 103:52. (25) الإسراء: 73. (26) بحار الأنوار 142:52. (27) نفس المصدر. (28) بحار الأنوار 144:52. (29) نفس المصدر. (30) نفس المصدر. (31) النحل: 16. (32) الغَيبة للنعمانيّ 155 ح 15؛ بحار الأنوار 22:51. (33) الكافي 338:1 ح 8؛ دلائل الإمامة 292. (34) كمال الدّين 329:1 ح 13. (35) نفس المصدر 203:1. (36) نفس المصدر 203:1. (37) نفس المصدر 204:1. (38) الغَيبة للنعمانيّ 159 ح 6؛ كمال الدّين 349:2 ح 41. (39) نهج البلاغه (صبحي الصالح) 146-145، الخطبة 100. (40) النحل: 22. ****************** وجوب الايمان بالرجعة 427 - روي القمي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول في قوله تعالى: (فالّذين لا يؤمنون بالآخرة) قال: يعني أنّهم لا يؤمنون بالرجعة أنها حقّ.(1) الآية الرابعة قوله تعالى: (هل يَنظُرُون إلّا أن تَأتِيَهُم الملائكةُ أو يأتي أمرُ ربِّك كذلك فَعَلَ الّذين مِن قَبلِهم وما ظَلَمَهُم اللَّهُ ولكن كانوا أنفسَهم يَظلِمون - فأصابهم سيّئاتُ ما عَمِلوا وحَاقَ بِهم ما كانوا به يَستهزؤن).(2) خروج المهدي هو أمر اللَّه 428 - روي القمّيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام (بعد أن أورد تفسير عدّة آيات من سورة النحل) قال عليه السلام: وقوله: (هل ينظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربّك) من العذاب والموت وخروج القائم (كذلك فعل الّذين مِن قبلِهم وما ظَلَمَهم اللَّه ولكن كانوا أنفسَهم يَظلِمون) وقوله: (فأصابهم سيّئاتُ ما عَمِلوا وحَاقَ بِهم ما كانوا به يَستهزون) من العذاب في الرجعة.(3) الآية الخامسة قوله تعالى: (وأقسَموا باللَّه جَهدَ أَيمانِهم لا يَبعَث اللَّه مَن يَموت بَلي وَعداً عليه حَقّاً ولكنّ كثرَ الناس لايعلمون).(4) في رجعة الشيعة مع المهدي 429 - محمّد بن يعقوب، بإسناده عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: قوله تبارك وتعالي: (وأقسموا باللَّه جهد أيمانهم لا يَبعث اللَّه مَن يَموت بَلي وَعداً عليه حقّاً ولكنّ كثر الناس لا يعلمون) قال: فقال لي: يا أبا بصير، ما تقول في هذه الآية؟ قال، قلت: إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّ اللَّه لا يبعث الموتي. قال: فقال: تبّاً لمن قال هذا، سَلهم هل كان المشركون يحلفون باللَّه أم باللات والعزي؟ قال: قلت: جُعلت فدك فاوجدنيه. قال: فقال: يا أبا بصير، لو قد قام قائمنا بعث اللَّه إليه قوماً من شيعتنا قباع سيوفهم على عواتقهم، فيبلغ ذلك قوماً من شيعتنا لم يموتوا، فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم عليه السلام، فيبلغ ذلك قوماً من عدوّنا، فيقولون: يا معشر الشيعة ما كذبكم؟ هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا واللَّه ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة، قال: فحكي اللَّه قولهم فقال: (وأقسموا باللَّه جَهد أيمانهم لا يَبعثُ اللَّه مَن يموت).(5) 430 - العيّاشيّ، بإسناده عن سيرين، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام إذ قال: ما يقول الناس في هذه الآية: (وأقسموا باللَّهِ جَهد أيمانهم لا يبعث اللَّه من يموت)؟ قال: يقولون: لا قيامة ولا بعث ولا نشور. فقال: كذبوا واللَّهِ إنّما ذلك إذا قام القائم عليه السلام وكرّ معه المكرُّون، فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة، وهذا مِن كذبكم تقولون رجع فلان وفلان وفلان، لا واللَّه لا يبعث اللَّه من يموت، ألا ترى أنّهم قالوا: (وأقسَموا باللَّه جَهد أيمانهم) كان المشركون أشدّ تعظيماً باللات والعزي من أن يقسموا بغيرها، فقال اللَّه عزّ وجلّ: (بلي وَعداً عليه حقّاً ولكنّ كثر الناس لا يعلمون - ليبينّ لهم الّذي يختلفون فيه وليعلم الّذين كفروا أنّهم كانوا كاذبين - إنّما قولُنا لشيء إذا أردناه أن نقوله له كن فيكون).(6) 431 - روي عليّ بن إبراهيم عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: ما تقول الناس فيها؟ قال: يقولون نزلت في الكفار، فقال: إنّ الكفار كانوا لا يحلفون باللَّه، وإنّما نزلت في قوم من أمّة محمّد صلى الله عليه وآله قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيامة، فيحلفون أنّهم لا يرجعون، فردَّ اللَّه عليهم: (ليُبيّن لهم الّذي يَختلفون فيه ولِيَعلم الّذين كفَروا أنّهم كانوا كاذبين) يعني في الرجعة يردّهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم.(7) الآية السادسة قوله تعالى: (أفأَمِنَ الّذين مَكروا السيّئات أن يَخسِف اللَّهُ بِهم الأرضَ أو يأتيهم العَذابُ مِن حيثُ لا يَشعُرون - أو يأخذهم في تَقلُّبهم فما هم بمُعجِزين).(8) 432 - العيّاشيّ، عن إبراهيم بن عمر، عمّن سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: إنّ عهد نبيّ اللَّه صار عند عليّ بن الحسين عليه السلام، ثمّ صار عند محمّد بن عليّ، ثمّ يفعل اللَّه ما يشاء، فالزم هؤلاء فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة رجل ومعه راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عامداً إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء فيقول: هذا مكان القوم الّذين خسف بهم، وهي الآية الّتي قال اللَّه: (أفأَمِنَ الّذين مَكروا السيّئات أن يَخسِف اللَّهُ بِهم الأرضَ أو يأتيهم العَذابُ مِن حيثُ لا يَشعُرون أو يأخذهم في تَقلُّبهم فما هم بمُعجِزين).(9) 433 - العيّاشيّ: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، سُئل عن قول اللَّه: (أفأَ مِنَ الّذين مَكروا السيّئات أن يَخسِف اللَّهُ بِهم الأرض) قال: هم أعداء اللَّه، وهم يُمسخون ويُقذَفون ويسيحون في الأرض.(10) 434 - عنه: بإسناده عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل، قال له: وإيّك وشذّاذاً من آل محمّد عليهم السلام فإنّ لآل محمّد على راية، ولغيرهم على راية، فالزم هؤلاء أبداً، وإيّك ومَن ذكرت لك، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ومعه راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عامداً إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء، حتّى يقول هذا مكان القوم الّذين خسف بهم، وهي الآية الّتي قال اللَّه عزّ وجلّ: (أفأَمِنَ الّذين مَكروا السيّئات أن يَخسِف اللَّهُ بِهم الأرضَ أو يأتيهم العَذابُ مِن حيثُ لا يَشعُرون أو يأخذهم في تَقلُّبهم فما هم بمُعجِزين).(11) الآية السابعة قوله تعالى: (وأوحي ربُّك إلى النَّحلِ أن اتّخِذي من الجِبال بُيوتاً ومن الشَّجَر وممّا يَعرِشون).(12) المهدي يوحي إليه كما أوحى إلى مريم 435 - وعن أبي الجارود، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: جُعلت فدك أخبرني عن صاحب هذا الأمر قال: يُمسي من اخوف الناس ويُصبح من آمن الناس، يُوحي إليه هذا الأمر ليله ونهاره، قال: قلت يوحي إليه يا أبا جعفر؟ قال: يا أبا جارود، إنّه ليس وحي النبوّة، ولكنّه يوحي إليه كوحيه إلى مريم بنت عمران، وإلي أمّ موسي، وإلي النحل، يا ابا الجارود، إنّ قائم آل محمّد لكرم عند اللَّه من مريم بنت عمران وأمّ موسى والنحل!(13) 436 - وعن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته متى يقوم قائمكم؟ قال: يا أبا الجارود لا تدركون، فقلت: أهل زمانه؟ فقال: ولن تدرك أهل زمانه، يقوم قائمنا بالحقّ بعد أياس من الشيعة، يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد، فإذا كان اليوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة فقال: ياربِّ انصرني، ودعوته لا تسقط، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الّذين نصروا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم، فيبايعونه، ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضي اللَّه عزّ وجلّ، فيقتل الفاً وخمسائة قرشيّ ليس فيهم إلّا فرخ زنية! ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض، ثمّ يخرج الأزرق وزريق لعنهما اللَّه غضيّن طريّين يكلّمهما فيُجيبانه، فيرتاب عند ذلك المبطلون، فيقولون، يكلّم الموتي، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد، ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليُحرقا به عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، وذلك الحطب عندنا نتوارثه! ويهدم قصر المدينة، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستّة عشر ألفاً من البتريّة شكين في السلاح، قرّاء القرآن، فقهاء في الدّين، قد قرحوا جباههم وسمّروا ساماتهم، وعمّهم النفاق، وكلّهم يقولون، يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك، فيضع السيف فيهم على ظهر عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء، فيقتلهم أسرع من جزر جزورفلا يفوت منهم رجل، ولا يصاب من أصحابه أحد، دماؤهم قربان إلى اللَّه، ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضي اللَّه. قال: فلم أعقل المعني، فمكثت قليلاً ثمّ قلت: جُعلت فدك وما يدريه - جعلت فدك - متى يرضي اللَّه عزّ وجلّ؟ قال: يا أبا الجارود، إنّ اللَّه أوحي إلى أمّ موسي، وهو خير من أم موسي، وأوحي اللَّه إلى النحل، وهو خير من النحل! فعقلت المذهب؟ فقال لي: أعقلت المذهب؟ قلت: نعم. فقال: إنّ القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويفتح اللَّه عليه شرق الأرض وغربها، يقتل الناس حتّى لا يري إلّا دين محمّد صلى الله عليه وآله، يسير بسيرة سليمان بن داود، يدعو الشمس والقمر فيُجيبانه، وتطوي له الأرض، فيوحي اللَّه إليه فيعمل بأمر اللَّه.(14) سورة الاسراء الآية الاولى قوله تعالى: (سُبحان الّذي أَسري بعَبدهِ لَيلاً من المَسجِد الحَرامِ إلى المَسجِد الأقصا الّذي باركنا حولَهُ لِنُرِيهُ من آياتنا إنَّه هو السَّميع البصير).(15) النص على المهدي في إسراء النبي 437 - روي العيّاشيّ بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: من قرأ سورة بني اسرائيل في كلّ ليلة جمعة، لم يمت حتّى يدرك القائم ويكون من أصحابه.(16) 438 - روي هشام الدستوائيّ نقلاً عن ابن شمر، عن جابر الجُعفيّ، عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، أنّه كان يحدّث أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام بمكة عند الحجر، ويقول: سمعت أبي يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: إنّ اللَّه عزّ وجلّ أوحي إليّ ليلة أسري بي، قال: يا محمّد أتحبّ أن تري أسماء الأئمّة من أهل بيتك؟ قلت: نعم، قال: تقدّم أمامك، فتقدّمت فإذا: عليّ، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسي بن جعفر، وعليّ بن موسي، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والحجّة القائم كأنّه كوكب درّيّ في وسطهم، فقلت: ياربّ من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الأئمّة...الحديث.(17) 439 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ، عن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ما خلق اللَّه خلقاً أفضل منّي ولا كرم عليه منّي. قال عليّ عليه السلام: فقلت، يا رسول اللَّه فأنت أفضَل أم جبرئيل؟ فقال عليه السلام يا عليّ إنّ اللَّه تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المُرسَلين على الملائكة المقرّبين، وفضّلني على جميع النبيّين والمُرسلين، والفضل بعدي لك يا عليّ وللائمّة من بعدك، فإنّ الملائكة لَخدّامنا وخدّام محبّينا، يا عليّ الّذين يحملون العرش ومَن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا. يا عليّ لولا نحن ما خلق اللَّه آدم ولاحوّاء، ولا الجنّة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربّنا عزّ وجلّ وتسبيحه وتقديسه وتهليله، لأنّ أوّل ما خلق اللَّه عزّ وجلّ أرواحنا، فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثمّ خلق الملائكة، فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمورنا، فسبّحنا لتعلم الملائكة أ نّا خلق مخلوقون، وأنّه منزّه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكة لتسبيحنا، ونزّهته عن صفاتنا. فلمّا شاهدوا عظم شأننا، هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلّا اللَّه، وأ نّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نُعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلّا اللَّه. فلمّا شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا اللَّه لتعلم الملائكة أنّ اللَّه كبر من أن يُنال، وأنّه عظيم المحل. فلمّا شاهدوا ما جعل اللَّه لنا من العزّة والقوة، قلنا: لا حَولَ ولا قوة إلّا باللَّه العليّ العظيم، لتعلم الملائكة أن لا حَول ولا قوّة إلّا باللَّه، فقالت الملائكة: لاحول ولا قوّة إلّا باللَّه. فلمّا شاهدوا ما أنعم اللَّه به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة، قلنا: الحمد للَّه، لتعلم الملائكة ما يحقّ اللَّه تعالى ذِكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة: الحمد للَّه، فبِنا اهتدوا إلى معرفة (توحيد) اللَّه تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده. ثمّ أنّ اللَّه تعالى خلق آدم عليه السلام وأودعنا صُلبه، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وكراماً، وكان سجودهم للَّه عزّ وجلّ عبوديّةً ولآدم كراماً وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون. وإنّه لمّا عُرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثني مثني، وأقام مثني مثني، ثمّ قال: تقدم يا محمّد، فقلت: يا جبرئيل أتقدّم عليك؟ فقال: نعم، لأنّ اللَّه تبارك وتعالى اسمه فضَّل أنبياءه على ملائكته أجمعين، وفضّلك خاصّة، فتقدّمت وصلّيت بهم ولا فخر. فلمّا انتهينا إلى حُجب النور، قال لي جبرئيل عليه السلام: تقدّم يا محمّد، وتخلّف عني، فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال: يا محمّد إنّ هذا انتهاء حدّي الّذي وضعه اللَّه عزّ وجلّ لي في هذا المكان، فإن تجاوزتُه احترقت أجنحتي لتعدّي حدود ربّي جلّ جلاله، فزُخَّ بي زخّة في النور حيث انتهيت إلى حيث ما شاء اللَّه عزّ وجلّ من ملكوته، فنوديت: يا محمّد، فقلت: لبّيك ربّي وسَعديك، تباركت وتعاليت. فنوديت: يا محمّد أنت عبدي وأ نّا ربّك فايّاي فاعبد، وعليّ فتوكل، فإنّك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجّتي في بريّتي، لمن تبعك خلقت جنّتي، ولمن خالفك خلقت ناري، ولأوصيائك أوجبتُ كرامتي، ولشيعتك أوجبت ثوابي. فقلت: ياربّ ومَن أوصيائي؟ فنوديت: يا محمّد، إنّ اوصياءك المكتوبون على ساق العرش، فنظرت وأنا بين يَدي ربّي إلى ساق العرش، فرأيت اثني عشر نوراً، في كلّ نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كلّ وصيّ من أوصيائي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم مهدي أمّتي. فقلت: ياربّ أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت: يا محمّد، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحُججي بعدك على بريّتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزّتي وجَلالي لأظهرنّ بهم ديني، ولأُعلينّ بهم كلمتي، ولأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأملّكنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرنّ له الرياح، ولأذللنّ له الرقاب الصعاب، ولأرقينّه في الأسباب، ولأنصرنّه بجُندي، ولأمدّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي، ويجمع الخلق على توحيدي، ثمّ لأديمنّ مُلكه، ولأداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة، والحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة على نبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين وسلّم تسليماً.(18) 440 - روي العلّامة الحمويني - من علماء العامّة - بسنده عن أبي سلمي راعي إبل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربّه) قلت: (والمؤمنون) قال: صدقت يا محمّد، مَن خلّفت في أمّتك؟ قلت: خيرها، قال: عليّ بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا ربّ. قال: يا محمّد، إنّي اطّلعت على الأرض اطّلاعة فاخترتُك منها، فشققت لك اسماً من أسمائي، فلا أُذكر إلّا ذُكرتَ معي، فأنا المحمود وأنت محمّد، ثمّ اطّلعت الثانية، فاخترت منها عليّاً وشققتُ له اسماً من أسمائي، فأنا الأعلي وهو عليّ. يا محمّد إنّي خلقتُك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والائمّة من ولده من شبح نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السموات والأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمّد لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي، ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم، يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟ قلت: نعم، يا ربّ. فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفتُّ فإذا أنا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسي بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلّون، وهو في وسطهم يعني المهدي، كأنّه كوكب درّيّ. وقال: يا محمّد هؤلاء الحُجج، وهو الثائر من عِترتك، وعزّتي وجلالي، إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي.(19) 441 - روي الشيخ الصدوق على اللَّه مكانه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد اللَّه بن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لمّا عُرج بي إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهي، ومن السدرة إلى حُجب النور، ناداني ربّي جلّ جلاله: يا محمّد أنت عبدي وأنا ربّك، فلي فاخضع، وإيّاي فاعبُد، وعليّ فتوكل، وبي فثق، فإنّي قد رضيتُ بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبيّاً، وبأخيك عليّ خليفة وباباً، فهو حُجّتي على عبادي، وإمام لخلقي، به يعرف أوليائي من أعدائي، وبه يميّز حزب الشيطان من حزبي، وبه يقام ديني وتُحفظ حدودي وتنفّذ أحكامي، وبك وبه وبالأئمّة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم أعمُر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الّذين كفروا بي السفلي وكلمتى العليا، وبه أُحيي عبادي وبلادي بعلمي، وله (به) أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإيّاه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمدّه بملائكتي لنؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليّي حقاً ومهدي عبادي صدقاً.(20) 442 - روي الشيخ المفيد بالإسناد عن علقمة ابن قيس قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة، فقال فيما قال في آخرها: نعم إنّه لَعهدٌ عهده إليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماماً، تسعة من صُلب الحسين، ولقد قال انبيّ صلى الله عليه وآله: لمّا عُرج بي إلى السماء، نظرت إلى ساق العرض فإذا مكتوب عليه: لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه، أيّدتُه بعليّ ونصرتُه بعليّ، ورأيت اثني عشر نوراً، فقلت: يا ربّ أنوار مَن هذه؟ فنوديت: يا محمّد، هذه الأنوار الأئمّة من ذرّيتك، قلت: يا رسول اللَّه أفلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم، أنت الإمام والخليفة بعدي، تقضي ديني وتنجز عدايي، وبعدك ابنك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعي الباقر، وبعد محمّد ابنه جعفر يدعي بالصادق، وبعد جعفر موسى يدعي بالكاظم، وبعد موسى ابنه عليّ يدعي بالرضا، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعي بالزكي، وبعد محمّد ابنه عليّ يدعي بالنقيّ، وبعده ابنه الحسن يدعي بالأمين، والقائم من ولد الحسن سميّي وأشبه الناس بي، يملؤها قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً.(21) 443 - روي العيّاشيّ بإسناده عن أبي ثابت مولي أبي ذر، عن أم سلمة، قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لمّا أسري بي إلى السماء، نظرت فإذا مكتوب على العَرش: لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه، أيّدته بعليّ ونصرتُه بعليّ، رأيت أنوار عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأنوار عليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسي بن جعفر، وعليّ بن موسي، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، ورأيت نور الحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّيّ. فقلت: يا ربّ من هذا ومن هؤلاء؟ فنوديت: يا محمّد، هذا نور عليّ وفاطمة، وهذا نور سِبطَيك الحسن والحسين، وهذه أنوار الأئمّة بعدك من ولد الحسين، مطهّرون معصومون، وهذا الحجّة الّذي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً.(22) الآية الثانية قوله تعالى: (وقَضَينا إلى بَني إسرائيلَ في الكتاب لَتُفسِدُنّ في الأرض مرّتَين ولَتعلُنّ عُلوّاً كبيراً - فإذا جاءَ وَعْدُ أُوليهُمَا بَعَثْنَا عليكم عِباداً لَّنا أُولي بَأسٍ شَديدٍ فجاسُوا خِلال الدِّيار وكانَ وَعداً مَّفعُولاً - ثمّ رَدَدْنَا لكم الكرَّة عليهم وأمدَدنكم بأَموال وبَنينَ وجَعَلنكم كثرَ نَفيراً - إن أحسنتُم أحسَنتُم لأَنفُسِكم وإن أَسَأتُم فَلَها فإذا جَاءَ وَعدُ الآخرةِ ليُسوؤُا وُجُوهَكمْ وليدخُلُوا المَسجِدَ كما دَخلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا ما عَلَوا تَتبيراً).(23) العباد المبعوثون في زمان المهدي في الكرة 444 - العيّاشيّ بإسناده عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان يقول: (بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد) ثمّ قال: هو القائم وأصحابه أولي بأس شديد.(24) 445 - أبو جعفر محمّد بن جعفر الطبريّ، في مسند فاطمة عليها السلام، قال: روي أبو عبد اللَّه محمّد بن سهل الجلوديّ، بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي، قال: خرجت في بعض السنين حاجّاً، إذ دخلت المدينة وأقمت بها اياماً أسأل واستبحث عن صاحب الزمان عليه السلام، فما عرفت له خبراً ولا وقعت لي عليه عَين، فاغتممت غمّاً شديداً وخشيت أن يفوتني ما أمَّلتُه من طلب صاحب الزمان عليه السلام، فخرجت حتّى أتيت مكة، فقضيت حجّتي وأقمت بها أُسبوعاً، كل ذلك أطلب، فبينا أنا أفكر إذ انكشف لي باب الكعبة، فإذا أنا بانسان كأنّه غصنُ بان مُتّزر ببردة مُتَّشح بأخري، قد كشف عطف بُردته على عاتقه، فارتاح قلبي وبادرت لقصده، فانثني عليّ وقال: من اين الرجل؟ قلت: من العراق، قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الأهواز، فقال: أتعرف ابن الخصيب؟ قلت: نعم، قال: رحمه اللَّه، فما كان أطول ليلته وكثر تبتّله وأغزر دمعته، قال: فأين المهزيار؟ قلت: أنا هو، قال: حيّك اللَّه بالسلام أبا الحسن، ثمّ صافحني وعانقني وقال: يا أبا الحسن، ما فعلت العلامة الّتي بينك وبين الماضي أبي محمّد نضّر اللَّه وجهه؟ قلت: معي، وأدخلت يدي إلى جيبي وأخرجت خاتماً عليه محمّد وعليّ، فلمّا قرأه استعبر حتّى بَلَّ طمره الّذي كان على يده، وقال: يرحمك اللَّه أبا محمّد إنّك زين الأمّة شرّفك اللَّه بالإمامة وتوَّجك بتاج العِلم والمعرفة، فإنَّا اليكم صائرون،ثمّ صافحني وعانقني، ثمّ قال: ما الّذي تريد يا أبا الحسن؟ الهوامش: (1) تفسير القمّي 383:1؛ بحار الأنوار 118:53. (2) النحل: 33 و34. (3) تفسير القمّي 384:1؛ تفسير الصافي 134:2. (4) النحل: 38. (5) روضة الكافي 50 ح 14؛ سعد السعود 116. (6) تفسير العيّاشيّ 259:2 ح 28؛ بحار الأنوار 71:53. (7) تفسير القمّيّ 385:1؛ تفسير الصافي 135:3. (8) النحل: 45. (9) تفسير العيّاشيّ 261:2 ح 34؛ تفسير البرهان 372:2. (10) تفسير العيّاشي 261:2 ح 35. (11) تفسير العيّاشيّ 261:2 ح 34 باختلاف أوّله. (12) النحل: 68. (13) إثبات الهداة 585:3 ح 798؛ بحار الأنوار 389:52. (14) دلائل الإمامة 241؛ بحار الأنوار 291:52. (15) الإسراء: 1. (16) تفسير العيّاشيّ 276:2 ح 1؛ تفسير الصافي 229:3. (17) الغَيبة للنعمانيّ 108. (18) كمال الدّين 1 : 256-254ح 1. (19) فرائد السمطين 77:2 ح 571. (20) أمالي الصدوق 504؛ بحار الأنوار 341:18. (21) كفاية الأثر 214-213؛ بحار الأنوار 354:36. (22) كفاية الأثر 25؛ بحار الأنوار 217:36. (23) الإسراء: 7-4. (24) تفسير العيّاشيّ 281:2 ح 21؛ بحار الأنوار 56:51. ****************** قلت: الإمام المحجوب عن العالم. قال: وما هو محجوب عنكم، ولكن حجبه سوءُ أعمالكم، قُم صر إلى رحلك وكن على أهبة من لقائه، فإذا انحطّت الجوزاء وأزهرت نجوم السماء، فها أنا لك بين الركن والصفا، فطابت نفسي وتيقّنت أنّ اللَّه فضّلني. فما زلت أرقب الوقت حتّى حان، وخرجت إلى مطيتي واستويت على ظهرها، فإذا أنا بصاحبي ينادي: إليّ يا أبا الحسن، فخرجت فلحقت به، فحيّاني بالسلام وقال: سِر بنا يا أخ، فما زال يهبط وادياً ويرقي في ذروة جبل، إلى أن علقنا على الطائف، فقال: يا أبا الحسن، انزل بنا نصلّي باقي صلاة الليل، فنزل فصلّي بنا الفجر ركعتَين، قلت: فالركعتين الاوليين؟ قال: هما من صلاة الليل واوتر فيهما والقنوت، وكلّ صلاة جائزة، وقال: سر بنا يا أخ. فلم يزل يهبط وادياً ويرقي ذروة جبل، حتّى أشرفنا على وادٍ عظيم مثل الكافور، فامد عيني، فإذا بيت من الشَّعر يتوقّد نوراً. قال: المح هل تري شيئاً؟ قلت: أري بيتاً من الشعر. فقال: الأمل والحظّ في الوادي، واتبعت الأثر حتّى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته وخلّاها ونزلت من مَطيّتي وقال لي دَعها، قلت: فإن تاهت؟ فقال: إنّ هذا وادٍ لا يدخله إلّا مؤمن، ولا يخرج منه إلّا مؤمن، ثمّ سبقني ودخل الخبا، وخرج إليّ مسرعاً وقال: أبشر فقد أذن لك بالدخول. فدخلت، فإذا البيت يسطع من جانبه النور، فسلّمت عليه بالامامة. فقال: يا أبا الحسن كنّا نتوقّعك ليلاً ونهاراً، فما الّذي أبطأ بك علينا؟ قلت: يا سيّدي لم أجد من يدلّني إلى الآن. قال لي: لم تجد أحداً يدلّك، ثمّ نكت باصبعه في الأرض ثمّ قال: لا ولكنّكم كثّرتم الأموال، وتجبَّرتم على ضعفاء المؤمنين، وقطعتم الرحم الّذي بينكم، فأيّ عذر لكم الآن. قلت: التوبة التوبة، الإقالة الإقالة. ثمّ قال: يا ابن المهزيار، لولا استغفار بعضكم لبعض، لهلك مَن عليها إلّا خواصّ الشيعة الّتي تشبه أقوالُهم أفعالهم، ثمّ قال: يا ابن المهزيار: ومَدَّ يده، ألا أنبئك بالخبر، إنّه إذا قعد الصبيّ وتحرَّك المغربيّ وسار العمانيّ وبويع السفيانيّ، يُؤذن لوليّ اللَّه، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً سواء، فأجي إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأوّل، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة، وأحجّ بالناس حجّة الإسلام، وأجيء إلى يثرب، فاُهدم الحجرة وأخرج مَن بها وهما طرّيان، فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يُصلبان عليهما فتورق من تحتهما، فيفتنن الناس بهما أشدّ من الفتنة الاولي، فينادي منادٍ من السماء، يا سماء أبيدي ويا أرض خُذي، فيومئذٍ لا يبقي على وجه الأرض إلّا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان. قلت: يا سيّدي، ما يكون بعد ذلك؟ قال: الكرّة الكرّة، الرجعة الرجعة، ثمّ تلا هذه الآية: (ثمّ رَدَدنا لَكم الكرّة عَلَيهم وأمَدَدنكم بأموالٍ وبَنين وجعلنكم كثرَ نَفيراً).(1) 446 - روي عليّ بن إبراهيم رحمه الله في تفسيره قوله تعالى: (وقَضَينا إلى بَني إسرائيل في الكتاب) أي أعلمناهم، ثمّ انقطعت مخاطبة بني اسرائيل، وخاطب أمّة محمّد صلى الله عليه وآله (لَتُفسِدُنّ في الأرض مرّتَين) يعني فلاناً وفلاناً وأصحابهما ونقضهم العهد (ولتعلُنّ علوّاً كبيراً) يعني ما ادّعوه من الخلافة (فإذا جاء وعد أوليهما) يعني يوم الجمل (بَعَثنا عليكم عِباداً لنا أُولي بَأس شديد) يعني أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه وأصحابه (فجاسُوا خِلالَ الديار) أي طلبوكم وقتلوكم (وكان وعداً مفعولاً) يعني يتمّ ويكون (ثمّ رَدَدنا لكم الكرَّة عليهم) يعني لبني أمّية على آل محمّد (وأمدَدنكم بأموالٍ وبَنين وجعلنكم كثرَ نفيراً) من الحسين بن عليّ عليه السلام وأصحابه وسبوا نساء آل محمّد (إن أحسَنتُم أحسَنتُم لأنفُسِكم وإن أسَأتُم فَلَهَا فإذا جاءَ وَعدُ الآخرة) يعني القائم صلوات اللَّه عليه وأصحابه (لِيَسُوؤا وجوهكم) يعني تسودّ وجوهكم (وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرّة) يعني رسول اللَّه وأصحابه (ولِيُتَبَّرُوا ما علوا تتبيراً) أي يعلو عليكم فيقتلوكم، ثمّ عطف على آل محمّد عليه وعليهم السلام فقال: (عَسي ربُّكم أن يرحمَكم) أي ينصركم على عدوّكم، ثمّ خاطب بني أميّة فقال: (وإن عُدتُم عُدنا) يعني إن عدتم بالسفيانيّ، عُدنا بالقائم من آل محمّد صلوات اللَّه عليه.(2) 447 - العيّاشيّ: بإسناده عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن ابيه، عن جدّه عليهم السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته: يا أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جوانحي علماً جماً، فسلوني قبل أن تبقر برجلها فتنة شرقيّة تطأ في خطامها، ملعون ناعقها ومولاها وقائدها وسائقها والمتحرّز فيها، فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دخله أو حولها لا مأوي يكنّها، ولا أحد يرحمها، فإذا استدار الفلك قُلتم مات أو هلك، وأيّ وادٍ سلك، فعندها توقّعوا الفرج، وهو تأويل الآية: (ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددنكم بأموالٍ وبنين وجعلنكم كثر نفيراً). والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، ليعيش إذ ذك ملوك ناعمين، ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتّى يولد لصُلبه ألف ذَكر، آمنين من كلّ بدعة وآفة والتنزيل عاملين بكتاب اللَّه وسنة رسوله قد اضمحلّت عنهم الآيات والشبهات.(3) سلمان من أنصار المهدي في الكرة 448 - روي الطبريّ بإسناده من طريق العامّة عن زاذان، عن سلمان، قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إنّ اللَّه تعالى لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلّا جعل له اثني عشر نقيباً - إلى أن ذكر أسماء النقباء الإثني عشر - فقال: ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهدي القائم بأمر اللَّه. ثمّ قال: يا سلمان إنّك مدركه، ومن كان مثلك ومن تولّاه هذه المعرفة، فشكرت اللَّه وقلت: وإنّي مؤجّل إلى عهده؟ فقرأ قوله تعالى: (فإذا جاءَ وعدُ أوليهما بَعَثنا عليكم عِباداً لنا اُولي بَأس شديد فجاسُوا خِلالَ الديارِ وكان وَعداً مَفعولاً ثمّ رَدَدنا لكم الكرَّة عليهم وأمدَدنكم بأموالٍ وبَنينَ وجعلنكم كثرَ نَفيراً). قال سلمان: فاشتد بكائي وشوقي، وقلت: يا رسول اللَّه أبعهد منك؟ فقال: اي واللَّه الّذي أرسلني بالحقّ، منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة، وكلّ من هو منّا ومعنا ومضام فينا، اي واللَّه وليحضرنّ إبليس له وجنوده، وكلّ مَن مُحض الإيمان محضاً، ومحض الكفر محضاً، حتّى يؤخذ له بالقصاص والأوتار ولا يظلم ربّك أحداً، وذلك تأويل هذه الآية: (ونُريدُ أن نَمُنَّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين- ونُمَكن لهم في الأرض ونُرِيَ فِرعَون وهامان وجُنودَهما منهم ما كانوا يحذرون).(4) قال: فقمت من بين يديه وما أُبالي لقيت الموت أو لقيني.(5) 449 - روي القمّيّ في قوله تعالى: (إن أحسَنتُم أحسَنتُم لأنفُسِكم وإن أسَأتم فَلَها فإذا جاء وَعدُ الآخرة) يعني القائم صلوات اللَّه عليه وأصحابه.(6) 450 - عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام، قال: (عسي ربُّكم أن يرحمَكم) أي ينصركم على عدوّكم، ثمّ خاطب بني أميّة، فقال: (وإن عُدتُم عُدنا) يعني عدتم (بالسفيانيّ، عدنا بالقائم من آل محمّد عليه السلام: (وجَعَلنا جَهنّم للكافِرين حَصيراً) أي حبساً يحصرون فيها.(7) الآية الثالثة قوله تعالى: (وكلَّ إنسانٍ ألزَمَناه طائِرَه في عُنُقه ونُخرِجُ لهُ يَومَ القِيَامة كتاباً يَلقاهُ مَنشوراً).(8) 451 - وروي الصدوق بالإسناد عن سُدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب، على مولانا أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّدعليه السلام، فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب، مقصر الكمّين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلي، ذات الكبد الحري، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيّر في عارضيه، وأبلي الدموع محجريه، وهو يقول: سيّدي، غيبتُك نفت رقادي، وضيقت عليّ مهادي، وأسرت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحسّ بدمعةٍ ترقي من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا، إلّا مثّل لعيني عن غوابر أعمّها وأفظعها، وبواقي أشدّها وأنكرها، ونوايب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك. قال سدير: فاستطارت عقولنا وَلَهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل، وظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلَّت به من الدهر بائقة. فقلنا: لا أبكي اللَّه - يا بن خير الوري - عينيك. من أيّ حادثة تستنزف دمعتك، وتستمطر عيونك؟ وأ يّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، واشتدّ منها خوفه، وقال: ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم؛ وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، الّذي خصّ اللَّه تقدّس اسمُه به محمّداً والائمّة من بعده عليه وعليهم السلام، وتأمّلت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره، وبلوي المؤمنين به من بعده في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد كثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم، الّتي قال اللَّه تقدّس ذكره: (وَكلَّ إنسانٍ ألزمناه طائِرَه في عُنُقه)(9) يعني الولاية، فأخذتني الرّقة، واستولت عليّ الاحزان. فقلنا: يابن رسول اللَّه، كرِّمنا وشرِّفنا بإشركك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من عِلم ذلك. قال: إنّ اللَّه تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل: قدّر مولده تقدير مولد موسيعليه السلام، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام، وقدّر إبطاءه تقدير ابطاء نوح عليه السلام، وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح، أعني الخضر دليلاً على عمره. فقلت: كشف لنا يابن رسول اللَّه عن وجوه هذا المعاني. قال: أمّا مولد موسي، فإنّ فِرعون لمّا وقف على أنّ زوال مُلكه على يده، أمر باحضار الكهنة، فدلّوه على نسبه، وأنّه يكون من بني اسرائيل، ولم يزل يأمر اصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفاً وعشرين ألف مولود، وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ اللَّه تبارك وتعالى ايّاه. كذلك بنو أميّة وبنو العباس، لمّا وقفوا على أنّ زوال مُلكهم والأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا، ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وإبادة نسله، طمعاً منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام، ويأبي اللَّه أن يكشف أمره لواحدٍ من الظلمة إلى أن يتم نوره ولو كره المشركون. وأمّا غيبة عيسي عليه السلام، فإنّ اليهود والنصاري اتّفقت على أنّه قُتل، وكذّبهم اللَّه عزّ وجلّ بقوله: (وما قَتَلوه وما صَلَبوه ولكن شُبِّه لهم)(10) كذلك غيبة القائم عليه السلام فإنّ الاُمّة تُنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدي بأنّه لم يولد، وقائل يقول: إنّه وُلد ومات، وقائل يكفر بقوله انّ حادي عشرنا كان عقيماً، وقائل يمرق بقوله: إنّه يتعدّي إلى ثالث عشر فصاعداً، وقائل يعصي اللَّه عزّ وجلّ بقوله: إنّ روح القائم عليه السلام ينطق في هيكل غيره. وأمّا إبطاء نوح عليه السلام فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء، بعث اللَّه عزّ وجلّ جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال: يا نبيّ اللَّه، إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي، ولست أُبيدهم بصاعقة من الصواعق الّا بعد تكيد الدعوة وإلزام الحجّة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فأ نّي مُثيبك عليه، واغرس هذا النوي، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وادركها اذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشّر بذلك مَن تبعك من المؤمنين. فلمّا نبتت الاشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت، وزها الثمر عليها بعد زمن طويل، استنجز مِن اللَّه سبحانه وتعالي العدّة، فأمره اللَّه تبارك وتعالى أن يغرس من نوي تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجّة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به، فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل، وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقّاً، لما وقع في وعد ربه خُلف. ثمّ إنّ اللَّه تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة أن يغرسها تارةً بعد أخري، إلى أن غرسها سبع مرّات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة، إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلاً. فأوحي اللَّه عزّ وجلّ عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرّح الحق عن محضه، وصفي الأمر للايمان من الكدر بارتداد كلّ مَن كانت طينته خبيثة. فلو أ نّي أهلكت الكفار، وأبقيت مَن قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لمّا كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلَصُوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتّك، بأن أستخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم، وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم. وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا، وخبث طينتهم، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة، فلو أنّهم تسنّموا منّي من المُلك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف اذا أهلكت أعداءهم، لنشقوا روائح صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، وتأبّد حبال ضلالة قلوبهم، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرّد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وايقاع الحروب كلّا: (فاصنع الفُلك بأعيننا ووَحيِنا).(11) قال الصادق عليه السلام: وكذلك القائم عليه السلام تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحق عن محضه، وليصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة، من الشيعة الّذين يخشي عليهم النفاق اذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه السلام. قال المفضل: فقلت: يا بن رسول اللَّه، إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ. قال: لا يهدي اللَّه قلوب الناصبة، متى كان الدّين الّذي ارتضاه اللَّه ورسوله متمكناً بانتشار الأمن في الأمّة، وذَهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد أحدٍ من هؤلاء وفي عهد عليّ عليه السلام، مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت تثور في أيامهم، والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم، ثمّ تلا الصادق عليه السلام: (حتّى إذا استيأسَ الرُسلُ وظَنّوا أنّهُم قد كذِبوا جاءَهم نصرُنا).(12) وأمّا العبد الصالح الخضرعليه السلام: فإنّ اللَّه تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّةٍ قدّرها له، ولا لكتاب ينزّله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة مَن كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له. بلي، إنّ اللَّه تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يُقدِّر من عمر القائم عليه السلام في أيّام غيبته ما يقدِّر، وعَلِمَ ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العَبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك، إلّا لعلّة الإستدلال به على عمر القائم عليه السلام، وليقطع بذلك حجّة المعاندين، لئلّا يكون للناس على اللَّه حجّة.(13) الآية الرابعة قوله تعالي (ولا تَقتُلوا النَّفسَ الّتي حَرَّم اللَّه إلّا بالحقِّ ومَن قُتل مَظلُوماً فقد جَعَلنا لِوَلِيِّه سُلطاناً فلا يُسرِف في القَتل إنّه كان مَنصوراً).(14) المهدي هو ولي دم الحسين المظلوم 452 - أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات، بإسناده عن محمّد بن سنان، عن رجل، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قوله تعالى: (ومَن قُتل مَظلوماً فقد جَعَلنا لِوَلِيَّه سُلطاناً فلا يُسرِف في القتل إنّه كان مُنصوراً). قال: ذلك قائم آل بيت محمّد صلى الله عليه وآله، يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مُسرِفاً، وقوله: (فلا يُسرف في القَتل) أي لم يكن ليصنع شيئاً فيكون مسرفاً، ثمّ قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: يقتل واللَّهِ ذراري قَتَلة الحسين عليه السلام لفِعال آبائهم.(15) 453 - الشّيخ الصدوق، بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ، قال: قلت لأبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام: يابن رسول اللَّه، ما تقول في حديثٍ رُوي عن الصادق عليه السلام أنّه قال: إذا قام القائم عليه السلام قَتَل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم، فقال عليه السلام: هو كذلك، فقلت: فقول اللَّه عزّ وجلّ: (ولا تَزِرُ وَازرةٌ وِزرَ أُخري)(16) فما معناه؟ قال: صدق اللَّه في جميع أقواله، ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفِعال آبائهم ويفتخرون بها، ومَن رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو أنّ رجلاً قُتل في المشرق فرضي بقتله رجلٌ في المغرب، لكان الراضي عند اللَّه عزّ وجلّ شريك القاتل، فإنّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. قال: فقلت له: بأيّ شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال: يبدأ ببني شَيبة، فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللَّه عزّ وجلّ.(17) 454 - العيّاشيّ، بإسناده عن سلام بن المستنير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (ومَن قُتل مَظلُوماً فقد جَعَلنا لِوَلِيِّه سُلطاناً فلا يُسرِف في القَتل إنّه كان مَنصوراً) قال: هو الحسين بن عليّ عليهما السلام، قُتل مظلوماً ونحن أولياؤه، والقائم عليه السلام منّا إذا قام طلب بثأر الحسين عليه السلام، فيقتل حتّى يقال قد اسرف في القتل، قال: المقتول الحسين عليه السلام، ووليّه القائم عليه السلام والاسراف في القتل أن يقتل غير قاتليه: (إنّه كان منصوراً) فإنّه لا يذهب من الدنيا حتّى ينتصر رجل من آل الرسول صلى الله عليه وآله، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً.(18) 455 - وعنه، بإسناده عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: يابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله زعم ولد الحسن عليه السلام أنّ القائم منهم وأنّهم أصحاب الأمر،ويزعم ولد ابن الحنفيّة مثل ذلك، فقال، رحم اللَّه عمّي الحسن عليه السلام، لقد غمد أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين عليه السلام، وأسلمها إلى معاوية، ومحمّد بن عليّ سبعين ألف سيف قاتله، ولو خطر عليهم خطر، ما خرجوا منها حتّى يموتوا جميعاً، وخرج الحسين صلوات اللَّه فعرض نفسه على اللَّه في سبعين رجلاً، مَن أحقّ بدمه منّا، نحن واللَّه أصحاب الأمر، وفينا القائم عليه السلام، ومنّا السفّاح والمنصور، وقد قال اللَّه: (ومَن قُتِلَ مَظلُوماً فقد جَعَلنا لِوَلِيِّه سُلطاناً) نحن أولياء الحسين بن عليّ عليهما السلام وعلي دينه.(19) 456 - شرف الدّين النجفيّ، قال: روي بعض الثقات بإسناده عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (ومَن قُتِلَ مَظلُوماً فقد جَعَلنا لِوَلِيِّه سُلطاناً) قال: نزلت في الحسين عليه السلام، ولو قتل وليّه أهل الأرض به ما كان مُسرفاً، ووليّه القائم عليه السلام.(20) 457 - روي فرات الكوفيّ عن جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعناً عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (ومَن قُتل مَظلوماً فقد جَعَلنا لوليّه سُلطاناً) قال: الحسين: (فلا يُسرِف في القَتل إنّه كان مَنصوراً) قال: سمّي اللَّه المهدي المنصور كما سمّي أحمد محمّداً، وكما سمّي عيسي المسيح عليه السلام.(21) 458 - وروي الطوسيّ بإسناده عن الفُضيل بن الزبير، قال: سمعت زيد بن عليّ عليه السلام يقول: هذا المنتظر من ولد الحسين بن عليّ في ذريّة الحسين وفي عقب الحسين عليه السلام، وهو المظلوم الّذي قال اللَّه تعالى: (ومَن قُتِلَ مَظلوماً فقد جعلنا لوليّه سُلطاناً) قال: وليّه رجل من ذرّيّته من عقبه، ثمّ قرأ (وجَعَلها كلِمَةً باقيةً في عَقبِهِ).(22) الهوامش: (1) دلائل الإمامة 296؛ المحجّة 123؛ بحار الأنوار 12:52. (2) تفسير القمّيّ 14:2؛ بحار الأنوار 45:51. (3) تفسير العيّاشيّ 282:2 ح 22؛ بحار الأنوار 57:51. (4) القصص: 5. (5) دلائل الإمامة 237؛ بحار الأنوار 6:25. (6) تفسير القمّيّ 14:2. (7) تفسير القمّيّ 14:2؛ المحجّة 126. (8) الإسراء: 13. (9) الإسراء: 13. (10) النساء: 157. (11) اقتباس من الآية 37 من سورة هود: (واصنع الفُلك بأعيننا ووحينا). (12) يوسف: 110. (13) كمال الدّين 353:2؛ بحار الأنوار 219:51. (14) الإسراء: 33. (15) كامل الزيارات 63 ح 5؛ بحار الأنوار 298:45. (16) الأنعام: 164. (17) عيون أخبار الرضا 151:2. (18) تفسير العيّاشيّ 290:2 ح 67؛ بحار الأنوار 218:44. (19) تفسير العيّاشي 291:2 ح 69. (20) تأويل الآيات الظاهرة 280:1 ح 10. (21) تفسير فرات 122؛ بحار الأنوار 30:51. (22) الزخرف: 28. ****************** (سُلطاناً فلا يُسرِف في القتل) قال: سلطانه حجّته على جميع من خلق اللَّه تعالي، حتّى يكون له الحجّة على الناس، ولا يكون لأحد عليه حجّة.(1) الآية الخامسة قوله تعالى: (يَومَ نَدعُوا كلَّ أُناسٍ بإمامِهم فمَن أُوتِيَ كتابَهُ بيَمينهِ فأُولئك يَقرؤون كتابَهم ولا يُظلَمون فَتِيلاً).(2) 459 - الكلينيّ، بإسناده عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (يوم ندعوا كلّ أُناس بإمامهم) فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فإنّك إذا عرفتَ إمامك لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة مَن كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة من كان قاعداً تحت لوائه. قال: رواه بعض أصحابنا: بمنزلة من استُشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(3) 460 - الكلينيّ، بإسناده عن عمرو بن أبان، قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: اعرف العلامة، فإذا عرفتَ، لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أم تأخّر، إنّ اللَّه تعالى يقول: (يَومَ نَدعُوا كلَّ أُناس بإمامهم) فمن عرف إمامه، كان كمن كان في فسطاط المنتظر.(4) 461 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: (يَومَ نَدعوا كلَّ أُناسٍ بإمامهم) قال: إمامهم الّذي بين أظهرهم، وهو قائم أهل زمانه. 462 - الكلينيّ، بإسناده عن زرارة، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: اعرف إمامك، فإنّك إذا عرفتَه، لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر.(5) 463 - الكلينيّ، بإسناده عن اسماعيل بن محمّد الخزاعيّ، قال: سأل أبو بصير أبا عبد اللَّه عليه السلام وأنا أسمع فقال: أتراني أدرك القائم عليه السلام؟ فقال: يا أبا بصير لست تعرف إمامك؟ فقال: بلي واللَّه، وأنت هو، فتناول يده وقال: واللَّهِ ما تبالي يا أبا بصير أن لا تكون مُحتبياً بسيفك في ظلّ رواق القائم عليه السلام.(6) 464 - الكلينيّ، بإسناده عن الفُضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: مَن مات وليس له إمام، مات ميتة جاهليّة، ومن مات وهو عارف لإمامه، لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر، ومن مات وهو عارف لإمامه، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه.(7) 465 - وروي النعمانيّ بإسناده عن حمران بن أعين، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام مثله، وفيه: اعرف إمامك وفي آخره: كان في فسطاط القائم عليه السلام.(8) الآية السادسة قوله تعالى: (وقُل جَاءَ الحقُّ وزَهَقَ البَاطِلُ إنّ الباطلَ كان زَهوقاً).(9) 466 - محمّد بن يعقوب رحمه الله بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (وقُل جَاءَ الحقُّ وزَهَقَ البَاطِلُ إنّ الباطلَ كان زَهوقاً) قال: إذا قام القائم عليه السلام ذهبت دولة الباطل.(10) 467 - وبهذا الإسناد عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (قُل ما أسألكم عليه مِن أَجرٍ وما أنا من المُتَكلِّفين - إن هُوَ إلّا ذِكر للعالَمين) قال: هو أمير المؤمنين عليه السلام، (ولتعلمُنَّ نبأَه بعد حين)(11) قال: عند خروج القائم عليه السلام. وفي قوله عزّ وجلّ (ولقد آتينا موسى الكتابَ فاختُلف فيه).(12) قال: اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب، وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به، حتّى ينكره ناس كثير، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم. وأمّا قوله تعالى: (ولولا كلمة الفصل لقُضي بينهم وإنّ الظالِمين لهم عَذاب أليم).(13) قال: لولا ما تقدّم فيهم من اللَّه عزّ ذِكره، ما أبقي القائم منهم واحداً. وفي قوله عزّ وجلّ: (والّذين يُصدِّقون بِيَوم الدِّين).(14) قال: بخروج القائم، وقوله عزّ وجلّ: (واللَّه ربِّنا ما كنّا مشركين).(15) قال: يعنون بولاية عليّ عليه السلام. وقوله عزّ وجلّ: (وقُل جاء الحقُّ وزَهَق الباطِلُ) قال: إذا قام القائم عليه السلام ذَهبت دولة الباطل.(16) بيان للمجلسيّ: قوله تعالى: (قُل ما أسألكم) أي على القرآن، أو على تبليغ الوحي. قوله تعالى: (وما أنا من المتكلّفين) أي من المتصنّعين بما لست من أهله على ما عرفتم من حالي، فأنتحل النبوّة وأتقوّل القرآن وعلي تفسيره، فأقول في أمير المؤمنين عليه السلام مالم يوح إليّ: (إن هُو) أي القرآن، وعلي ما فسّره عليه السلام: أمير المؤمنين عليه السلام، أو ما نزل من القرآن فيه صلوات اللَّه عليه (إلّا ذِكر) أي مذكر وموعظة (للعالَمين) أي للثقلين (ولتعلمُنّ نَبَأه) أي نبأ القرآن، وهو ما فيه من الوعد والوعيد، أو صدقه أو نبأ الرسول صلى الله عليه وآله وصدقه فيما أتي به، وعلي تفسيره عليه السلام: نبأ أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه وصدقه وعلوّ شأنه، أو نبأ القرآن وصدقه فيما أخبر به من فضله عليه السلام وجلاله شأنه (بَعدَ حِين) أي بعد الموت أو يوم القيامة، أو عند ظهور الإسلام، وعلي تفسيره عليه السلام عند خروج القائم صلوات اللَّه عليه. قوله تعالى: (ولَولا كلِمَة الفَصل) قال البيضاوي: القضاء السابق بتأجيل الجزاء، أو العدّة بأنّ الفصل يكون يوم القيامة (لُقُضِيَ بينهم) بين الكافرين والمؤمنين أو المشركين وشركائهم. قوله عليه السلام: لولا ما تقدّم فيهم، أي بأنّه سيجزيهم يوم القيامة، أو يولد منهم أولاد مؤمنون، لقَتَلَهم القائم عليه السلام أجمعين. ويحتمل أن يكون ما أبقي القائم عليه السلام بياناً لما تقدّم فيهم، أي لولا أن قدَّر اللَّه أن يكون قتلهم على يد القائم، لأهلكهم اللَّه وعذّبهم قبل ذلك ولم يُمهلهم، ولكن لا يخلو من بُعد. قوله عليه السلام: بخروج القائم عليه السلام، اعلم أنّ كثر الآيات الواردة في القيامة الكبري دالّة بباطنها على الرجعة الصغري، ولمّا كان في زمن القائم عليه السلام يردّ بعض المشركين والمخالفين والمنافقين ويُجازَون ببعض أعمالهم، فلذلك سمّي بيوم الدّين، وقد يُطلق اليوم على مقدار من الزمان وإن كانت أيّاماً كثيرة، ويحتمل أن يكون المراد يوم رجعتهم. قوله عليه السلام: ذهبت دولة الباطل، فعلي تفسيره التعبير بصيغة الماضي لتكيد وقوعه وبيان أنّه لا ريب فيه، فكأنّه قد وقع.(17) سورة الكهف الآية الاولى قوله تعالى: (أم حَسِبتَ أنّ أصحابَ الكهف والرَّقيم كانوا مِن آياتنا عَجَباً).(18) 468 - روي الحافظ السيوطيّ في تفسيره قال: وأخرج ابن مردويه، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أصحاب الكهف أعوان المهدي.(19) 469 - روي الفقيه ابن المغازليّ الشافعيّ، قال: أخبرنا أبو طاهر محمّد بن عليّ البغداديّ قدم إلينا واسطاً، بإسناده عن عبد الرزّاق بن همام الصنعانيّ، حدّثنا معمّر، عن أبان، عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله بساط من بهندف، فقال لي: يا انَس ابسطه فبسطته ثمّ قال: ادع العشرة، فدعوتهم، فلمّا دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط، ثمّ دعا عليّاً فناجاه طويلاً، ثمّ رجع عليّ فجلس على البساط ثمّ قال: يا ريح احملينا، فحملتنا الريح، قال: فإذا البساط يدفّ بنا دفّاً، ثمّ قال: يا ريح ضَعينا، ثمّ قال: تدرون في أيّ مكان أنتم؟ قلنا: لا، قال: هذا موضع أصحاب الكهف والرقيم، قوموا فسلّموا على إخوانكم، قال: فقمنا رجلاً رجلاً فسلّمنا عليهم فلم يردّوا علينا، فقام عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال: السلام عليكم معاشر الصدّيقين والشهداء! قال: فقالوا: عليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته. قال: فقلت: ما بالهم ردّوا عليك ولم يردّوا علينا؟ فقال لهم عليّ عليه السلام: ما بالكم لم تردّوا على إخواني؟ فقالوا: إنّا معاشر الصدّيقين والشهداء لا نكلّم بعد الموت إلّا نبيّاً أو وصيّاً. ثمّ قال: يا ريح احملينا، فحملتنا تدفّ دفّاً، ثمّ قال: يا ريح ضعينا، فوضعتهم فإذا نحن بالحرَّة، قال: فقال عليّ: ندرك النبيّ صلى الله عليه وآله في آخر ركعة، فطوينا وأتينا وإذا النبيّ صلى الله عليه وآله يقرأ في آخر ركعة: (أم حَسِبتَ أنّ أصحابَ الكهف والرَّقيمِ كانوا من آياتنا عَجَباً).(20) الآية الثانية قوله تعالى: (إذ أَوي الفِتيةُ إلى الكهف).(21) 470 - ذكر الثعلبيّ في تفسيره في قوله تعالى: (إذ أَوي الفِتيةُ إلى الكهف) قال: وأخذوا مضاجعهم فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي عليه السلام، يقال أنّ المهدي يسلّم عليهم فيُحييهم اللَّه عزّ وجلّ له، ثمّ يرجعون إلى رقدتهم، فلا يقومون إلى يوم القيامة.(22) الآية الثالثة قوله تعالى: (ولَبِثوا في كهفِهِم ثلاثَ مائةٍ سِنِينَ وازدَادُوا تِسعاً).(23) 471 - روي عن الباقر عليه السلام، قال: يملك القائم ثلاثمائة سنة، ويزداد تسعاً كما لبث أهل الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، فيفتح اللَّه له شرق الأرض وغربها، ويقتل الناس حتّى لا يبقي إلّا دين محمّد، ويسير بسيرة سليمان بن داود... الحديث.(24) الآية الرابعة قوله تعالى: (ويومَ نُسَيِّرُ الجِبالَ وتَري الأرضَ بارِزَةً وحَشَرناهم فلم نُغادِر منهم أَحَداً).(25) دلالة الآية على الرجعة في زمن المهدي 472 - روي النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول (في حديث طويل له عن انواع آيات القرآن روي فيه الامام الصادق عليه السلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السلام عن آيات القرآن وأحكامه، جاء فيها): قال أمير المؤمنين عليه السلام: وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة، فقول اللَّه عزّ وجلّ: (ويوم نَحشُر مِن كلِّ أمّةٍ فوجاً مِمَّن يُكذِّب بآياتنا فهم يُوزَعون)(26) أي إلى الدنيا، وأمّا معني حشر الآخرة، فقوله عزّ وجلّ: (وحَشَرناهم فلم نُغادِر منهم أحَداً) وقوله تعالى: (وحَرامٌ على قَريَةٍ أهلَكناها أنّهم لا يَرجِعون)(27) في الرجعة، فأمّا في القيامة فإنّهم يرجعون. ومثل قوله تعالى: (وإذ أَخَذ اللَّهُ مِيثاقَ النّبيين لما آتيتكم من كتابٍ وحِكمةٍ ثمّ جاءَكم رَسولٌ مُصدِّق لِما معكم لتُؤمِنُنّ به ولتَنصُرنَّه)(28) وهذا لا يكون إلّا في الرجعة. ومثله ما خاطب اللَّه تعالى به الأئمّة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم، فقال سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلفنّهم في الأرضِ كما استَخلَفَ الّذين مِن قَبلِهم وليُمكنَنّ لهم دِينهم الّذي ارتَضي لهم ولَيُبدِّلَنَّهم من بعدِ خَوفِهم أمناً يَعبُدونني لا يُشركون بي شيئاً)(29) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا. ومثل قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين)(30) وقوله سبحانه: (إنّ الّذي فَرَض عليك القرآن لرادُّك إلى معادٍ)(31) أي رجعة الدنيا. ومثل قوله: (ألم تر إلى الّذين خَرَجوا من دِيارِهم وهم أُلوفٌ حَذَرَ المَوت فقال لهم اللَّه مُوتوا ثمّ أحياهم)(32) وقوله عزّ وجلّ: (واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا)(33) فردّهم اللَّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا.(34) 473 - روي القمّيّ بإسناده عن حمّاد، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: ما يقول الناس في هذه الآية: (ويوم نحشر من كلّ أمّة فوجاً)؟(35) قلت: إنّها في القيامة. قال: ليس كما يقولون، إنّ ذلك في الرجعة، أيحشر اللَّه في القيامة من كلّ أمّةٍ فوجاً ويَدَع الباقين، إنّما آية القيامة قوله: (وحَشَرناهم فلم نُغادِر منهم أحداً).(36) الآية الخامسة قوله تعالى: (فوجدا عَبداً من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا وعلّمناه من لدنّا علماً).(37) شبه غيبة المهدي بغيبة الخضر 474 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبد اللَّه بن فضل الهاشميّ، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة لابدّ منها، يرتاب فيها كلّ مُبطل، فقلت: ولِمَ جُعلت فدك؟ قال: لأمر لم يؤذَن لنا في كشفه لكم. قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجهُ الحكمة في غيبات من تقدّمه من حُجج اللَّه تعالى ذِكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما آتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة، وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسي عليه السلام إلى وقت افتراقهما. يا ابن الفضل، إنّ هذا الأمر أمر من أمر اللَّه، وسرّ من سرّ اللَّه، وغيب من غيب اللَّه، ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم، صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف.(38) الآية السادسة قوله تعالى: (ويسئلونك عن ذي القرنَين قل سأتلوا عليكم منه ذِكراً).(39) ان المهدي مثل ذي القرنين يظهر بعد غيبة 475 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: (إنّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً جعله اللَّه عزّ وجلّ حجّة على عباده، فدعا قومه إلى اللَّه وأمرهم بتقواه، فضربوه على قَرنه، فغاب عنهم زماناً حتّى قيل، مات أو هلك بأيّ وادٍ سلك؟ ثمّ ظهر ورجع إلى قومه، فضربوه على قَرنه الآخر، وفيكم مَن هو على سنّته، وإنّ اللَّه عزّ وجلّ مكن لذي القرنَين في الأرض، وجعل له من كل شيء سبباً، وبلغ المغرب والمشرق، وإنّ اللَّه تبارك وتعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي، فيبلغه شرق الأرض وغربها، حتّى لا يبقي منهلاً ولا موضعاً ولا جبل وطئه ذو القرنَين إلّا وطئه، ويظهر اللَّه عزّ وجلّ له كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب، فيملأ الأرض به عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً.(40) 476 - روي عن الباقر عليه السلام مرسلاً: إنّ ذا القرنَين كان عبداً صالحاً ناصح اللَّه سبحانه، فناصحه وسخّر له السحاب، وطويت له الأرض وبسط له في النور، فكان يُبصر بالليل كما يبصر بالنهار، وإنّ أئمّة الحق كلّهم قد سخّر اللَّه تعالى لهم السحاب، وكان يحملهم إلى المشرق والمغرب لصالح المسلمين، ولإصلاح ذات البَين، وعلي هذا حال المهدي عليه السلام، ولذلك يسمّي: (صاحب المَرئي والمسمع) فله نور يري به الاشياء من بعيد كما يري من قريب، ويسمع من بعيد كما يسمع من قريب، وإنّه يسيح في الدنيا كلّها على السحاب مرّة، وعلي الريح أخري، وتُطوي له الأرض مرّة، فيدفع البلايا عن العباد والبلاد شرقاً وغرباً.(41) الآية السابعة قوله تعالى: (قال هذا رَحمة مِن ربّي فإذا جاء وَعدُ رَبِّي جَعَلَه دَكاءَ وكان وَعدُ ربِّي حَقّاً).(42) 477 - روي العيّاشيّ بإسناده عن المفضّل، قال: وسألته عن قوله: (فإذا جاء وعد ربّي جعله دكاءَ) قال الإمام الصادق عليه السلام: رفع التقيّة عند الكشف، فينتقم من أعداء اللَّه.(43) الهوامش: (1) الغَيبة للطوسي 115؛ بحار الأنوار 35:51. (2) الإسراء: 71. (3) الكافي371:1 ح 2؛ بحار الأنوار 141:52. (4) الكافي 372:1 ح 7. (5) بحار الأنوار 141:52. (6) الكافي 371:1 ح 4؛ بحار الأنوار 142:52. (7) الكافي 371:1 ح 5؛ بحار الأنوار 142:52. (8) بحار الأنوار 142:52. (9) الإسراء: 81. (10) روضة الكافي 287؛ المحجّة 130. (11) ص: 88-86. (12) هود: 110. (13) الشوري: 21. (14) المعارج: 26. (15) الأنعام: 23. (16) روضة الكافي 287؛ بحار الأنوار 313:24. (17) بحار الأنوار 313:24. (18) الكهف: 9. (19) تفسير الدّر المنثور 215:4؛ تفسير البرهان 150 ح 15. (20) مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام لابن المغازليّ 232 ح 280. (21) الكهف: 10. (22) بحار الأنوار 367:36، عن تفسير الثعلبيّ. (23) الكهف: 25. (24) بحار الأنوار 390:52؛ إثبات الهداة 584:3. (25) الكهف: 47. (26) النمل: 83. (27) الأنبياء: 95. (28) آل عمران: 81. (29) النور: 55. (30) القصص: 5. (31) القصص: 85. (32) البقرة: 243. (33) الأعراف: 155. (34) المحكم والمتشابه 3، والمتن في ص 57. (35) النمل: 83. (36) تفسير القمّيّ 24:1. (37) الكهف: 65. (38) كمال الدّين 481:2؛ بحار الأنوار 91:52. (39) الكهف: 83. (40) كمال الدّين 394:2. (41) الخرائج والجرائح للرواندي 930:2. (42) الكهف: 98. (43) تفسير العيّاشيّ 351:2 ح 86؛ بحار الأنوار 207:12. ****************** سورة المريم الآية الاولى قوله تعالى: (وآتَيناهُ الحُكمَ صَبيّاً).(1) دلالة الآية على إمامة الحجة وهو صبي 478 - روي الصفّار؛ بإسناده عن عليّ بن أسباط، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام قد خرج عليّ، فأحددت النظر إليه وإلي رأسه وإلي رجله لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فخرّ ساجداً وقال: إنّ اللَّه إحتجّ في الإمامة بِمثلِ ما إحتجّ في النبوّة، قال اللَّه تعالى: (وآتيناه الحُكم صَبيّاً) وقال اللَّه: (حتّى اَذا بَلَغ أَشُدَّه وبلغ أربعين سنة)(2) فقد يجوز أن يؤتي الحكمة وهو صبيّ، ويجوز أن يؤتي وهو ابن أربعين سنة.(3) 479 - روي العيّاشي بإسناده عن عليّ بن أسباط، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، قال: قلت: جُعِلت فدك، إنّهم يقولون في الحداثة، قال: وأيّ شيء يقولون؟ إنّ اللَّه تعالى يقول: (قُل هذه سَبيلي أدعوا إلى اللَّه على بَصيرة أنا ومَن اتّبعني)(4)، فواللَّه ما كان اتَّبعه إلّا عليّ عليه السلام وهو ابن سبع سنين، ومضي أبي وأنا ابن تسع سنين، فما عسي أن يقولوا، إنّ اللَّه يقول: (فلا وربِّك لا يُؤمنون حتّى يُحَكموك) إلى قوله: (ويُسلّموا تسليماً).(5)،(6) 480 - روي العيّاشيّ أيضاً بإسناده عن عليّ بن أسباط، قال: قدمتُ المدينة وأنا اُريد مصر، فدخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهما السلام وهو إذ ذك خُماسيّ، فجعلت أتأمّله لأصفه لأصحابنا بمصر، فنظر إليّ وقال: ياعليّ، إنّ اللَّه أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوّة، فقال سبحانه عن يوسف: (ولمّا بَلَغ أشُدّه واستوي آتيناه حُكماً وعلماً)(7) وقال عن يحيي: (وآتيناه الحُكم صَبيّاً).(8) 481 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن صفوان، قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنّا نسألك قبل أن يهب اللَّه لك أبا جعفر عليه السلام، فكنت تقول: يهبُ اللَّه لي غلاماً، فقد وهب اللَّه لك، فقرّ عيوننا فلا أرانا اللَّه يومك، فإن كان كون فإلي مَن؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه. فقلت: جُعلت فدك هذا ابن ثلاث سنين! قال: وما يضرّه من ذلك شيء، قد قام عيسي عليه السلام بالحُجّة وهو ابن ثلاث سنين.(9) 482 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال أبو بصير: دخلت إليه ومعي غلام خماسيّ لم يبلغ، فقال: كيف أنتم إذا احتجّ عليكم بمثل سِنّه.(10) 483 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عليّ بن مهزيار، عن ابن بزيع، قال: سألتُه - يعني أبا جعفر عليه السلام - عن شيء من أمر الإمام، فقلت: يكون الإمام ابن أقل من سبع سنين؟ فقال: نعم، وأقلّ من خمس سنين.(11) الآية الثانية قوله تعالى: (كيف نُكلِّم من كان في المَهدِ صَبيّاً - قال إنّي عَبدُ اللَّه آتانِيَ الكتاب).(12) ذكر من شاهد القائم ورآه وكلّمه وهو طفل 484 - روي الصدوق؛ بإسناده عن الحسن بن المنذر، عن حمزة بن أبي الفتح، قال: جاءني يوماً فقال لي: البشارة، وُلد البارحة في الدار مولود لأبي محمّد عليه السلام وأمر بكتمانه، قلت: وما اسمه؟ قال: سُمّي بمحمّد وكنّي بأبي جعفر.(13) 485 - روي الصدوق؛ بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللَّه بن موسى بن جعفر عليهما السلام، عن السّياريّ قال: حدّثتني نسيم ومارية قالتا: إنّه لمّا سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن اُمّه جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابتيه إلى السماء، ثمّ عطس فقال: الحمد للَّه ربّ العالمين وصلّي اللَّه على محمّد وآله، زَعَمت الظَلَمة أنّ حُجّة اللَّه داحضة، لو اُذن لنا في الكلام لزال الشك. قال إبراهيم بن محمّد بن عبد اللَّه: وحدّثتني نسيم خادم أبي محمّد عليه السلام قالت: قال لي صاحب الزمان عليه السلام وقد دخلتُ عليه بعد مولده بليلة، فعطستُ عنده فقال لي: يرحمك اللَّه، قالت نسيم: ففرحت بذلك، فقال لي عليه السلام: ألا اُبشّرك في العطاس؟ فقلت: بلي يامولاي، فقال: هو أمانٌ من الموت ثلاثة أيّام.(14) 486 - وروي الصدوق؛ بإسناده عن غياث بن اُسيد، قال: شهدت محمّد بن عثمان العمريّ قدّس اللَّه روحه يقول: لمّا ولد الخلف المهدي عليه السلام سطع نورٌ من فوق رأسه إلى أعنان السماء، ثمّ سقط لوجهه ساجداً لربّه تعالي ذِكره، ثمّ رفع رأسه وهو يقول: (شَهِدَ اللَّهُ أنّه لا إله إلّا هُو والملائكةُ واُولوا العِلم قائماً بالقِسط لا إله إلّا هو العَزيز الحكيم إنّ الدِّين عِنداللَّهِ الإسلامُ).(15) قال: وكان مولده يوم الجمعة.(16) 487 - وروي الصدوق؛ بإسناده عن يعقوب بن منقوش، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام وهو جالس على دُكان في الدار وعن يمينه بيت وعليه سِتر مُسبَل، فقلت له: يا سيّدي مَن صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعتُه فخرج إلينا غلام خُماسيّ له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، درّي المُقلتَين، شثن الكفَّين، معطوف الركبتَين، في خدّه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمّد عليه السلام، ثمّ قال لي: هذا هو صاحبكم، ثمّ وثب فقال له: يابُنيّ اُدخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال لي: يايعقوب اُنظر إلى مَن في البيت؟ فدخلت فمارأيت أحداً.(17) 488 - وروي بالإسناد عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّي، قال: لمّا وُلد الخلف الصالح عليه السلام، ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده عليه السلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه، وفيه: (وُلِد لنا مولود، فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً، فإنّا لم نُظهر عليه إلّا الأقرب لقرابته، والوليّ لولايته، أحببنا إعلامك ليسرّك اللَّه به مثل ما سرّنا به، والسلام).(18) 489 - وروي بالإسناد عن أبي الفضل الحسن بن الحسين العلويّ، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام بُسرّ من رأي فهنّأته بولادة إبنه القائم عليه السلام.(19) 490 - روي الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي الصدوق قدس سره بإسناده عن أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد اللَّه القمّي، قال: كنت امرءاً لهجاً بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها، كلِفاً باستظهار ما يصحّ لي من حقائقها، مُغَرماً بحفظ مشتبهها ومغلقها، شحّيحاً على ما أظفر به من مُعضلاتها ومشكلاتها، متعصّباً لمذهب الإماميّة، راغباً عن الأمن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدّي إلى التباغض والتشاتم، معيباً للفِرق ذوي الخلاف، كاشفاً عن مثالب أئمّتهم، هتّكاً لحجب قادتهم، إلى أن بُليت بأشدّ النواصب منازعة، وأطولهم مخاصمة، وكثرهم جدلاً، وأشنعهم سؤالاً، وأثبتهم على الباطل قدماً. فقال ذات يوم - وأنا اُناظره -: تبّاً لك ولأصحابك ياسعد، إنّكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما، وتجحدون من رسول اللَّه ولايتهما وإمامتهما، هذا الصدِّيق الّذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته، أما علمتم أنّ رسول اللَّه ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلّا علماً منه أنّ الخلافة له من بعده، وأنّه هو المقلّد لأمر التأويل والمُلقي إليه أزمة الاُمّة، وعليه المعوّل في شعب الصدع، ولمِّ الشعث، وسدّ الخلل، وإقامة الحدود، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك، وكما أشفق على نبوَّته أشفق على خلافته، إذ ليس من حكم الإستتار والتواري، أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة إلى مكان يستخفي فيه، ولمّا رأينا انبيّ متوجّهاً إلى الانجحار، ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد، استبان لنا قصد رسول اللَّه بأبي بكر للغار للعلّة الّتي شرحناها، وإنّما أبات عليّاً على فراشه لما لم يكن يكترث به، ولم يحفل به لاستثقاله! ولعلمه بأنّه إن قُتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها. قال سعد: فأوردت عليه أجوبة شتّي، فما زال يعقّب كلّ واحدٍ منها بالنقض والردّ عليّ، ثمّ قال: ياسعد ودونكها اُخري بمثلها تخطم اُنوف الروافض!! ألستم تزعمون أنّ الصدِّيق المبرّأ من دنس الشكوك، والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يُسِرَّان النفاق، واستدللتم بليلة العقبة، أخبرني عن الصدّيق والفاروق أسلما طوعاً أو كرهاً؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عنّي خوفاً من الإلزام، وحذراً من أنّي إن أقررت له بطوعهما للإسلام، إحتجّ بأنّ بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون إلّا عند هبوب روائح القهر والغلبة، وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على مَن ليس ينقاد إليه قلبه، نحو قول اللَّه تعالى: (فلمّا رَأَوا بأسَنا قالوا آمنّا باللَّه وَحده وكفَرنا بما كنّا به مُشرِكين فلم يَك ينفَعُهم إيمانُهم لمّا رَأَوا بأسَنا)(20)، وإن قلت: أسلما كرهاً، كان يقصدني بالطعن، إذ لم تكن ثمّة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس. قال سعد: فصدرت عنه مزوّراً قد انتفخت أحشائي من الغضب، وتقطّع كبدي من الكرب، وكنت قد إتّخذت طوماراً وأثبت فيه نيّفاً وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيباً، على أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمّد عليه السلام، فارتحلت خلفه، وقد كان خرج قاصداً نحو مولانا بسرّ من رأي، فلحقته في بعض المنازل، فلمّا تصافحنا قال: بخير لحاقك بي، قلت: الشوق ثمّ العادة في الأسولة. قال: قد تكافينا على هذه الخطّة الواحدة، فقد برح بي الَقَرم (شدّة الشوق) إلى لقاء مولانا أبي محمّد عليه السلام وأنا اُريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشكل في التنزيل فدونكها الصحبة المباركة فانّها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه، ولا تفني غرائبه، وهو إمامنا. فوردنا (سرّ من رأي) فانتهينا منها إلى باب سيّدنا، فاستأذنّا، فخرج علينا الإذن بالدخول عليه، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساءٍ طبريّ فيه مائة وستّون صُرّةً من الدنانير والدراهم، على كلّ صرّة منها ختم صاحبها. قال سعد: فما شبّهت وجه مولانا أبي محمّد عليه السلام حين غشينا نور وجهه إلّا ببدر قد استوفي من لياليه أربعاً بعد عشر، وعلي فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخِلقة والمنظر، على رأسه فرق بين وفرتَين كأنّه ألف بين واوَين، وبين يَدي مولانا رمّانة ذهبيّة تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئاً قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا يدحرج الرّمانة بين يَديه ويشغله بردّها كيلا يصدّه عن كتابة ما أراد. فسلّمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا في الجلوس، فلمّا فرغ من كتبة البياض الّذي كان بيده، أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طيّ كسائه فوضعه بين يديه، فنظر الهادي عليه السلام إلى الغلام وقال له: يابني فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك. فقال: يامولاي، أيجوز أن أمدّ يداً طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شِيَب أحلّها بأحرمها؟ فقال مولاي: يا ابن إسحاق، استخرِجْ ما في الجراب ليميّز ما بين الحلال والحرام منها. فأوّل صُرّة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام: (هذه لفلان بن فلان، من محلّة كذا بقمّ، يشتمل على إثنين وستّين ديناراً، فيها من ثمن حُجيرة باعها صاحبها وكانت إرثاً له عن أبيه خمسة وأربعون ديناراً، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر ديناراً، وفيها من اُجرة الحوانيت ثلاثة دنانير). فقال مولانا: صدقت يابني، دُلَّ الرجل على الحرام منها. فقال عليه السلام: (فتّش عن دينار رازيّ السكة، تاريخه سنة كذا، قد انطمس من نصف إحدي صفحتيه نقشه، وقراضة آمليّة وزنها ربع دينار، والعِلّة في تحريمها أنّ صاحب هذه الصرّة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منّاً وربع مَنّ، فأتت على ذلك مدّة، وفي انتهائها قيَّض لذلك الغزل سارق، فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه واستردّ منه بدل ذلك منّاً ونصف من غزلاً أدقّ ممّا كان دفعه إليه، واتّخذ من ذلك ثوباً، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه، فلمّا فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة. ثمّ أخرج صرّة اُخري، فقال الغلام: (هذه لفُلان بن فلان، من محلّة كذا بقم تشتمل على خمسين ديناراً لا يحلّ لنا لمسها) قال: وكيف ذك؟ قال: (لأنّها من ثمن حنطة حافَ صاحبُها على كاره في المقاسمة، وذلك أنّه قبض حصّته منها بكيل وافٍ، وكان ما حَصّ الكار بكيل بخس). فقال مولانا: صدقت يابُنيّ. ثمّ قال: ياأحمد بن إسحاق، احملها بأجمعها لتردّها أو توصي بردّها على أربابها، فلا حاجة لنا في شيء منها، وائتنا بثوب العجوز، قال أحمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيتُه. فلمّا إنصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب، نظر إليّ مولانا أبو محمّد عليه السلام فقال: ما جاء بك ياسعد؟ فقلت: شوّقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا، قال: والمسائل الّتي أردت أن تسأل عنها؟ قلت: على حالها يامولاي. قال: فسَل قُرّة عيني - وأومأ إلى الغلام، فقال لي الغلام: سل عمّا بدا لك منها. فقلت له: مولانا وابن مولانا، إنّا روينا عنكم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السلام حتّى أرسل يوم الجمل إلى عائشة: إنّك قد أرهجتِ على الإسلام وأهله بفتنتك، وأوردت بنيك حياض الهلك بجهلك، فإن كففت عنّي غربك وإلّا طلّقتك، ونساء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قد كان طلاقهنّ وفاته، قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل، قال: فإذا كان طلاقهنّ وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قد خلّيت لهنّ السبيل، فلِمَ لا يحلّ لهنّ الأزواج؟ قلت: لأنّ اللَّه تبارك وتعالى حرّم الأزواج عليهنّ، قال: كيف وقد خلّي الموت سبيلهنَّ؟ قلت: فأخبرني يا ابن مولاي عن معني الطلاق الّذي فوّض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حكمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: إنّ اللَّه تقدّس إسمه عظّم شأن نساء انبيّ صلى الله عليه وآله، فخصّهنّ بشرف الاُمّهات، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ياأبا الحسن إنّ هذا الشرف باقٍ لهنّ ما دُمن للَّه على الطاعة، فأيتّهنّ عصت اللَّه بعدي بالخروج عليك، فأطلِقْ لها في الأزواج، وأسقِطْها من شرف اُمومة المؤمنين. قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبيّنة الّتي إذا أتت المرأة بها في عدّتها، حلّ للزوج أن يُخرجها من بيته؟ قال: الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزنا، فإنّ المرأة إذا زنت واُقيم عليها الحدّ، ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوّج بها لأجل الحدّ، وإذا سحقت وجب عليها الرجم، والرجم خزي، ومن قد أمر اللَّه برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه. قلت: فأخبرني يابن رسول اللَّه عن أمر اللَّه لنبيّه موسى عليه السلام (فاخلع نعليك إنّك بالواد المقدّس طُوي)(21) فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة. فقال عليه السلام: من قال ذلك فقد افتري على موسى واستجهله في نبوّته، لأنّه ما خلا الأمر فيها من خطيئتَين: إمّا أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاته جائزة، جاز له لبسهما في تلك البقعة، وان كانت مقدّسة مطهّرة، فليست بأقدس وأطهر من الصلاة، وان كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنّه لم يعرف الحلال من الحرام، وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز، وهذا كفر. قلت: فأخبرني يامولاي عن التأويل فيهما. قال: إنّ موسى ناجي ربّه بالواد المقدّس فقال: يا ربِّ إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي، وغسلتُ قلبي عمّا سوك - وكان شديد الحبّ لأهله - فقال اللَّه تعالى: (اخلع نعلَيك) أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولاً. قلت: فأخبرني يابن رسول اللَّه عن تأويل (كهيعص).(22) قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع اللَّه عليها عبده زكريّا، ثمّ قصّها على محمّد صلى الله عليه وآله، وذلك أنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إيّاها، فكان زكريا إذا ذَكر محمّداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين سري عنه همّه، وانجلي كربُه، وإذا ذكر الحسين خنقته العَبرة، ووقعت عليه البَهرة، فقال ذات يوم: ياإلهي، ما بالي إذا ذكرتُ أربعاً منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فَأَنبأه اللَّه تعالى عن قصّته. وقال: (كهيعص) (فالكاف) اسم كربلاء و(الهاء) هلك العترة، و(الياء) يزيد وهو ظالم الحسين عليه السلام، و(العين) عطشه، و(الصاد) صبره. فلمّا سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكانت ندبته: (إلهي أتفجع خيرَ خلقِك بولده، إلهي أتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه، إلهي أتلبس عليّاً وفاطمة ثياب هذه المصيبة، إلهي أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟). ثمّ كان يقول: (اللهمّ ارزقني ولداً تقرّ به عيني على الكبر، واجعله وارثاً وصيّاً، واجعل محلّه منّي محلّ الحسين، فإذا رزقتَنيه فافتِنّي بحبّه، ثمّ فجّعني به كما تفجِّع محمّداً حبيبك بولده) فرزقه اللَّه يحيي وفجَّعه به، وكان حمل يحيي ستّة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك، وله قصّة طويلة. قلت: فأخبِرني يامولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم. قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح. قال: فهل يجوز أنّ تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحدٌ ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلي، قال: فهي العلّة، وأوردها لك ببرهان ينقاد لها عقلك، أخبرني عن الرسل الّذين إصطفاهم اللَّه تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيّدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الاُمم وأهدي إلى الإختيار منهم مثل موسى وعيسي عليهما السلام، هل يجوز - مع وفور عقلهما وكمال علمهما - إذا همّا بالإختيار أن يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنّان أنّه مؤمن؟ قلت: لا. فقال: هذا موسى كليم اللَّه مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلاً ممّن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال اللَّه تعالى: (واختار موسى قومَه سبعينَ رَجُلاً لميقاتِنا (23) - لَن نُؤمن لَك حتّى نَري اللَّه جَهرةً (24) - فأخذتهم الصاعِقة بِظُلمِهم)(25)، فلمّا وجدنا اختيار مَن قد إصطفاه اللَّه للنبوّة واقعاً على الأفسد دون الأصلح وهو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن لا اختيار إلّا لمن يعلم ما تخفي الصدور وما تُكنّ الضمائر وتتصرّف عليه السرائر، وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل الصلاح. الهوامش: (1) مريم: 12. (2) الأحقاف: 14. (3) بصائر الدرجات 65؛ الكافي 384:1؛ بحار الأنوار 100:25. (4) يوسف: 108. (5) النساء: 65. (6) تفسير العيّاشي 200:2 ح 100؛ بحار الأنوار 101:25. (7) القصص: 14. (8) بحار الأنوار 102:25. (9) الكافي 383:1؛ بحار الأنوار 102:25. (10) الكافي 383:1؛ بحار الأنوار 103:25. (11) الكافي 383:1 و384؛ بحار الأنوار 103:25. (12) مريم: 29 و30. (13) كمال الدّين 432:2 ح 11. (14) نفس المصدر 433:2. (15) آل عمران: 18 و19. (16) كمال الدّين 433:2 ح 13. (17) نفس المصدر 437:2 ح 5. (18) نفس المصدر 433:2 ح 16. (19) نفس المصدر 434:2 ح 1. (20) غافر: 85. (21) طه: 12. (22) مريم: 1. (23) الأعراف: 155. (24) البقرة: 55. (25) النساء: 153. ****************** ثمّ قال مولانا: ياسعد، وحين ادّعي خصمك أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا أخرج مع نفسه مختار هذه الاُمّة إلى الغار إلّا علماً منه أنّ الخلافة له من بعده، وأنّه هو المقلّد اُمور التأويل، والملقي إليه أزمّة الاُمّة، وعليه المعوّل في لمّ الشعث وسدّ الخلل وإقامة الحدود، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر، فكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته، إذ لم يكن من حكم الإستتار والتواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه، وإنّما أبات عليّاً على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إيّاه، وعلمه أنّه إن قُتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها. فهلّا نقضت عليه دعواه بقولك: أليس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: الخلافةُ بعدي ثلاثون سنة؟ فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الّذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم، فكان لا يجد بُدّاً من قوله لك: بلي، قلت: فكيف تقول حينئذ: أليس كما عَلِم رسول اللَّه أنّ الخلافة من بعده لأبي بكر، عَلِم أنّها من بعد أبي بكر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعليّ؟ فكان أيضاً لا يجد بُدّاً من قوله لك: نعم، ثمّ كنت تقول له: فكان الواجب على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يخرجهم جميعاً (علي الترتيب) إلى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر، ولا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم. ولمّا قال: أخبرني عن الصدّيق والفاروق أسلما طوعاً أو كرهاً؟ لِمَ لم تقل له: بل أسلما طمعاً، وذلك بأنّهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عمّا كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصّة محمّد صلى الله عليه وآله ومن عواقب أمره، فكانت اليهود تذكر أنّ محمّداً يسلّط على العرب كما كان بختنصّر سلّط على بني إسرائيل، ولابدّ له من الظفر بالعرب كما ظفر بختنصّر ببني إسرائيل، غير أنّه كاذب في دعواه أنّه نبيٌّ، فأَتَيا محمّداً فساعداه على شهادة ألّا إله إلّا اللَّه، وبايعاه طمعاً في أن ينال كلّ واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت اموره، واستتبّت أحواله، فلمّا آيسا من ذلك تلثّما وصعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه، فدفع اللَّه تعالى كيدهم وردّهم بغيظهم لم ينالوا خيراً، كما أتي طلحة والزبير عليّاً عليه السلام فبايعاه وطمع كلّ واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد، فلمّا آيسانكثا بيعته وخرجا عليه، فضرع اللَّه واحد منهما مصرع أشباههما من النكثين. قال سعد: ثمّ قام مولانا الحسن بن عليّ الهادي عليه السلام للصلاة مع الغلام، فانصرفت عنهما، وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني بكياً، فقلت: ما أبطك وأبكك؟ قال: قد فقدت الثوب الّذي سألني مولاي إحضاره، قلت: لا عليك فأخبره، فدخل عليه مسرعاً وانصرف من عنده متبسّماً وهو يصلّي على محمّد وآل محمّد، فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدتُ الثوب مبسوطاً تحت قدمَي مولانا يصلّي عليه. قال سعد: فحمدنا اللَّه تعالى على ذلك، وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أيّاماً، فلا نري الغلام بين يديه، فلمّا كان يوم الوداع دخلتُ أنا وأحمد ابن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائماً وقال: ياابن رسول اللَّه قد دنت الرحلة واشتدّ المحنة، فنحن نسأل اللَّه تعالى أن يُصلّي على المصطفي جدّك، وعلي المرتضي أبيك، وعلي سيّدة النساء اُمّك، وعلي سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك وأبيك، وعلي الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك، وأن يصلّي عليك وعلي ولدك، ونرغب إلى اللَّه أن يُعلي كعبك ويكبت عدوّك، ولا جعل اللَّه هذا آخر عهدنا من لقائك. قال: فلمّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتّى استهلّت دموعه وتقاطرت عبراته، ثمّ قال: ياابن إسحاق، لا تكلّف في دعائك شططاً، فإنّك ملاق اللَّه تعالى في صدرك هذا. فخرّ أحمد مغشيّاً عليه، فلمّا أفاق قال: سألتُك باللَّه وبحُرمة جدّك إلّا شرّفتَني بخرقة أجعلها كفناً، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهماً فقال: خذها ولا تُنفق على نفسك غيرها، فانّك لن تعدم ما سألت، وإنّ اللَّه تبارك وتعالى لن يضيّع أجر من أحسن عملاً. قال سعد: فلمّا إنصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حُلوان على ثلاثة فراسخ، حُمَّ أحمد بن إسحاق وثارت به علّة صعبة أيس من حياته فيها، فلمّا وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجلٍ من أهل بلده كان قاطناً بها، ثمّ قال: تفرّقوا عنّي هذه الليلة واتركوني وحدي. فانصرفنا عنه ورجع كلّ واحد منّا إلى مرقده. قال سعد: فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة، ففتحت عيني، فإذا أنا بكافور الخادم (خادم مولانا أبي محمّد عليه السلام) وهو يقول: أحسن اللَّه بالخير عزكم، وجبر بالمحبوب رزيّتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه، فقوموا لدفنه، فانّه من كرمكم محلاً عند سيّدكم. ثمّ غاب عن أعيننا، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتّى قضينا حقّه، وفرغنا من أمره رحمه الله. (انتهي).(1) الآية الثالثة قوله تعالى: (فاختلفَ الأحزابُ مِن بَينِهم فوَيلٌ للّذين كفَروا مِن مشهدِ يَومٍ عظيم).(2) 491 - العيّاشي: بإسناده عن جابر الجُعفيّ، عن أبي جعفر عليه السلام يقول: إلزم الأرض لا تحرّك يدك ولا رجلك أبداً حتّى تري علامات أذكرها لك في سنة، وتري منادياً ينادي بدمشق، وخسف بقرية من قراها، وتسقط طائفة من مسجدها، فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة، وأقبلت الروم حتّى نزلت الرملة، وهي سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب، وإنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات، الأصهب، والأبقع، والسفيانيّ، مع بني ذنب الحمار مضر، ومع السفياني أخواله من كلب، فيظهر السفيانيّ ومَن معه على بني ذنب الحمار حتّى يقتلوا قتلاً لم يقتله شيء قطّ، ويحضر رجل بدمشق فيقتل هو ومَن معه قتلاً لم يقتله شيء قطّ، وهو من بني ذنب الحمار، وهي الآية الّتي يقول اللَّه تبارك وتعالي: (فاختَلَفَ الأحزابُ مِن بَينهم فوَيلٌ للّذين كفَروا مِن مَشهد يَومٍ عظيم).. الحديث.(3) 492 - روي النعماني؛ بإسناده عن داود الدجاجيّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام، قال: سُئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى: (فاختَلَف الأحزابُ مِن بَينهم) فقال: (انتظروا الفرج من ثلاث، فقيل يا أمير المؤمنين وما هُنَّ؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان. فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: أو ما سمعتم قول اللَّه عزّ وجلّ في القرآن: (إنْ نَشَأ نُنزّل عليهم من السماءِ آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضعين)(4) هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان).(5) 493 - روي العيّاشي رحمه الله بإسناده عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر عليه السلام قال في حديث له: وإنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك عن ثلاث رايات: الأصهب، والأبقع، والسفيانيّ مع بني ذنب الحمار، حتّى يقتلوا قتلاً لم يقتله شيء قطّ. ويحضر رجل بدمشق، فيقتل هو ومن معه قتلاً لم يقتله شيء قطّ. وهو من بني ذنب الحمار، وهي الآيات الّتي يقول اللَّه تبارك وتعالي: (فاختَلَفَ الأحزابُ مِن بَينهم فوَيلٌ للّذين كفَروا مِن مَشهد يَومٍ عَظيم) ويظهر السفياني ومن معه. - وقد تقدّم الحديث بكامله مع مصادره في البقرة - 148. الآية الرابعة قوله عزّ وجلّ: (وأعتزِلُكم وما تَدعُون مِن دُون اللَّه وأدعوا رَبّي عَسي ألّا كونَ بدُعاءِ رَبّي شَقِيّاً - فلمّا اعتزَلَهم وما يَعبُدُون مِن دون اللَّه وَهَبنا له إسحاقَ ويعقوبَ وكلاًّ جَعَلنا نَبيّاً - ووَهبنا لهم مِن رَحمتنا وجَعَلنا لهم لِسانَ صِدقٍ عَليّاً).(6) شبه غيبة المهدي بغيبة إبراهيم في اعتزاله 494 - روي الصدوق بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: كان أبو إبراهيم عليه السلام منجّماً لنَمرود بن كنعان، وكان نمرود لا يصدُر إلّا عن رأيه، فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال: لقد رأيت في ليلتي هذه عجباً، فقال له نمرود: وما هو؟ فقال: رأيت مولوداً يولد في أرضنا هذه فيكون هلكنا على يديه، ولا يلبث إلّا قليلاً حتّى يحمل به، فعجب من ذلك نمرود وقال له: هل حملت به النساء؟ فقال: لا، وكان فيما اُوتي به من العلم أنّه سيُحرق بالنار، ولم يكن اُوتي أنّ اللَّه تعالى سيُنجّيه. قال: فحَجَب النساءَ عن الرجال، فلم يترك امرأة إلّا جعلت بالمدينة حتّى لا يخلص إليهنّ الرجال، قال: ووقع أبو إبراهيم على امرأته فحملت به وظنّ أنّه صاحبه، فأرسل إلى نساءٍ من القوابل لا يكون في البطن شيء إلّا عَلِمنَ به، فنظرن إلى اُمّ إبراهيم، فألزم اللَّه تعالى ذِكره ما في الرحم الظهر، فقلن: ما نري شيئاً في بطنها، فلمّا وضعت اُمّ إبراهيم به، أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتّى يأتي عليه أجله ولا يكون أنت تقتل ابنك، فقال لها: فاذهبي به، فذهبت به إلى غار، ثمّ أرضعته، ثمّ جعلَت على باب الغار صخرة، ثمّ إنصرفَت عنه، فجعل اللَّه عزّ وجلّ رِزقه في إبهامه، فجعل يمصّها فيشرب لبناً، وجعل يشبّ في اليوم كما يشبّ غيره في الجمعة ويشبّ في الجمعة، كما يشبّ غيره في الشهر، ويشبّ في الشهر كما يشبّ غيره في السنة، فمكث ما شاء اللَّه أن يمكث. ثمّ إنّ اُمّه قالت لأبيه: لو أذِنَت لي حتّى أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فَعَلتَ، قال: فافعلي، فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم عليه السلام، وإذا عيناه تزهران كأنّهما سراجان، فأخذته وضمّته إلى صدرها وأرضعته ثمّ إنصرفت عنه، فسألها أبوه عن الصبي، فقالت له: قد واريتُه في التراب، فمكثت تعتلّ وتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم عليه السلام فتضمّه إليها وترضعه ثمّ تنصرف، فلمّا تحرّك أتته اُمّه كما كانت تأتيه، وصنعت كما كانت تصنع، فلمّا أرادت الإنصراف أخذ بثوبها فقالت له: ما لك؟ فقال لها: اذهَبي بي معك، فقالت له: حتّى أستأمر أبك.(7) كلام الشيخ الصدوق قال الشيخ الصدوق: وأمّا غيبة إبراهيم خليل الرحمن صلوات اللَّه عليه، فانّها تشبه غيبة قائمنا صلوات اللَّه عليه، بل هي أعجب منها، لأنّ اللَّه عزّ وجلّ غَيَّبَ أثر إبراهيم عليه السلام وهو في بطن اُمّه، حتّى حوّله عزّ وجلّ بقدرته من بطنها إلى ظهرها، ثمّ أخفي أمر ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله. فلم يَزَل إبراهيم عليه السلام في الغَيبة مخفياً لشخصه، كاتماً لأمره، حتّى ظهر فصدع بأمراللَّه تعالى ذِكره وأظهر اللَّه قدرته فيه. ثمّ غاب عليه السلام الغَيبة الثانية، وذلك حين نفاه الطاغوت عن مصر، فقال: (وأَعتَزِلُكم وما تَدعُون مِن دُونِ اللَّه وأَدعوا ربّي عَسي ألّا كونَ بِدُعاء رَبّي شَقيّاً) قال اللَّه عزّ وجلّ: (فلمّا اعتَزَلَهم وما يَعبُدون مِن دُون اللَّه وَهَبنا له إسحاقَ ويَعقوبَ وكلاًّ جَعَلنا نَبيّاً - ووَهَبنا لهم مِن رَحمتنا وجَعَلنا لهم لِسانَ صِدقٍ عَليّاً) يعني به عليّ بن أبي طالب عليه السلام، لأنّ إبراهيم قد كان دعا اللَّه عزّ وجلّ أن يجعل له لِسان صِدق في الآخرين، فجعل اللَّه تبارك وتعالى له ولإسحاق ويعقوب لسان صدق عليّاً، فأخبر عليّ عليه السلام بأنّ القائم هو الحادي عشر من ولده وأنّه المهدي الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، وأنّه تكون له غيبة وحيرة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، وأنّ هذا كائن كما أنّه مخلوق. وأخبر عليه السلام في حديث كميل بن زياد النَخَعيّ: (إنّ الأرض لا تخلو من قائم بحجَّة، امّا ظاهر مشهور أو خافٍ مغمور، لئلّا تبطل حُجج اللَّه وبيّناته، ولإبراهيم عليه السلام غيبة اُخري سار فيها في البلاد وحده للإعتبار.(8) الآية الخامسة قوله تعالى: (حتّى إذا رَأَوا ما يُوعَدون إمّا العَذابَ وإمّا الساعة).(9) 495 - روي محمّد بن يعقوب؛ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (وإذا تُتلي عليهم آياتنا بَيِّنات قال الّذين كفَروا للذّين آمَنوا أيُّ الفريقَين خَيرُ مقاماً وأحسنُ نَدِيّاً)(10) قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله دعا قريشاً إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا: (فقال الّذين كفروا) من قريش (للذين آمنوا) والّذين أقرّوا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت (أيّ الفريقَين خير مقاماً وأحسن نديّاً) تعييراً منهم. فقال اللَّه عزّ وجلّ ردّاً عليهم: (وكم أهلكنا قَبلَهم مِن قَرن) من الاُمم السالفة (هُم أحسَنُ أثاثاً ورِئياً).(11) قلت: قوله: (مَن كانَ في الضلالة فليَمدُد له الرحمن مدّاً)(12) قال: كلّهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا، فكانوا ضالّين مُضِلّين، فيمدّ لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتّى يموتوا، فيصيّرهم اللَّه شرّاً مكاناً وأضعف جنداً. قلت: قوله: (حتّى إذا رأوا ما يوعدون) قال: فهو خروج القائم عليه السلام، وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من اللَّه على يدي وليّه، فذلك قوله: (من هو شرّ مكاناً) يعني عند القائم - (وأضعف جُنداً). قلت: قوله: (ويَزيد اللَّهُ الّذين اهتَدَوا هُديً)؟. قال: يزيدهم ذلك اليوم هديً على هديً باتّباعهم القائم عليه السلام حيث لا يجحدونه ولا يُنكرونه... الحديث.(13) 496 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في حديث له قال فيه، قلت: قوله: (حتّى إذا رأوا ما يُوعَدون إمّا العذابَ وإمّا الساعة فسيَعلَمون مَن هو شَرٌّ مَكاناً وأضعفُ جُنداً). قال: امّا قوله: (حتّى إذا رَأَوا ما يُوعَدون) فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من اللَّه على يدي القائم، فذلك قوله: (مَن هو شرَّ مكاناً) يعني عند القائم (وأضعَف جُنداً).. الحديث.(14) الآية السادسة قوله تعالى: (ويَزيدُ اللَّه الّذين اهتَدَوا هُديً).(15) 497 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في حديث له، قال: قلت: (ويَزيد اللَّه الّذين اهتَدوا هُديً) قال: يزيدهم ذلك اليوم هديً على هدي باتّباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا يُنكرونه.. الحديث.(16) 498 - وروي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن الفُضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، قال: في حديث طويل جاء فيه: قلت: (حتّى إذا رَأَوا ما يُوعَدون فسيَعلَمون مَن أضعفُ ناصراً وأقلّ عَدَداً)(17) قال: يعني بذلك القائم وأنصاره.(18) سورة طه قوله تعالى: (إذْ أوحَينا إلى اُمّك ما يُوحي - أنِ اقذِفيه في التابوتِ فاقذِفيه في اليَمِّ فليُلقِه اليَمُّ بالسَّاحل يأخُذْهُ عدُوٌّ لي وعدُوّ له وألقيتُ عليك محبَّة مَنّي ولِتُصنعَ على عَيني).(19) شباهة مولد الحجة بخفاء مولد موسى 499 - روي الفقيه أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسيّ المعروف بابن حمزة بإسناده عن حكيمة بنت محمّد عليه السلام - في حديث طويل - قالت: دخلتُ على أبي محمّد صلوات اللَّه عليه، فلمّا أردت الإنصراف، قال: بيّتي الليلة عندنا، فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللَّه عزّ وجلّ، الّذي يُحيي اللَّه عزّ وجلّ به الأرض بعد موتها، قلت: ممّن ياسيّدي، ولست أري بنرجس شيئاً من الحمل؟ قال: من نرجس، لا مِن غيرها. قالت: فقمت إليها، فقلّبتُها ظهراً وبطناً، فلم أرَ بها أثر حبل، فعُدت إليه، فأخبرته بما فعلته، فتبسّم، ثمّ قال: إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل، لأنّ مثلها مثل اُمّ موسى لم يظهر بها الحبل، ولم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالي في طلب موسي، وهذا نظير موسى صلوات اللَّه عليهما. قالت حكيمة: فعُدت إليها وأخبرتُها، قالت: وسألتها عن حالها، فقالت: يامولاتي، ما أري بي شيئاً من هذا. قالت حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر، وهي نائمة بين يدي تتقلّب جنباً إلى جنب، حتّى إذا كان آخر الليل، وقت طلوع الفجر، وثَبَت فزعة، فضممتُها إلى صدري، وسميّت عليها، فقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر لي الأمر الّذي أخبرك مولاي. فصاح أبو محمّد عليه السلام: اقرأي عليها (إنّا أنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القَدر) فأقبلتُ أقرأ عليها، كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ، وسلّم عليّ. قالت حكيمة: ففزعت لمّا سمعت، فصاح بي أبو محمّد صلوات اللَّه عليه: لا تعجبي من أمر اللَّه، إنّ اللَّه يُنطقنا بالحِكمة صغاراً، ويجعلنا حُججاً في أرضه كباراً، فلم يستتمّ الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس، فلم أرها، كأنّما ضُرِب بيني وبينها حجاب، فعدوتُ نحو أبي محمّد صلوات اللَّه عليه وأنا صارخة، فقال لي: ارجعي ياعمّة فإنّك ستجدينها في مكانها. قالت: فرجعت، فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني وبينها، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا بالصبي ساجد بوجهه، جاثٍ على ركبتيه، رافع سبّابَتيه نحو السماء وهو يقول: (أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأنّ أبي أمير المؤمنين) ثمّ عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه، ثمّ صلّي عليهم، ثمّ قال صلوات اللَّه عليه: (اللهمّ أنجِز لي ما وعدتَني، وتمِّم لي أمري، وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً) فصاح بي: ياعمّة تناوليه وهاتيه، فتناولته وأتيت به نحوه، فلمّا مثلته بين يدي أبيه، وهو على يدي، سلّم على أبيه، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه.(20) - إلى هنا الرواية من الثاقب في المناقب والتكملة من كمال الدّين: - وناوله لسانه فشرب منه، ثمّ قال: امض به إلى اُمّه لترضعه وردّيه إليّ، قالت: فتناولته اُمّه فأرضعته، فرددته إلى أبي محمّد عليه السلام والطير ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها فقال له: احمله واحفظه ورُدّه إلينا في كلّ أربعين يوماً، فتناوله الطير وطار به في جوّ السماء واتّبعه سائر الطير، فسمعت أبا محمّد عليه السلام يقول: (أستودعك اللَّه الّذي أودعته اُمّ موسى موسي) فبكت نرجس فقال لها: اسكني، فإنّ الرضاع محرّم عليه إلّا من ثديك، وسيعاد إليك كما ردّ موسى إلى اُمّه، وذلك قول اللَّه عزّ وجلّ: (فَرَدَدناهُ إلى اُمِّه كي تَقَرّ عَينُها ولا تَحزَن).(21) قالت حكيمة: فقلت: وما هذا الطير؟ قالت: هذا روح القدس الموكل بالأئمّةعليهم السلام، يوفقّهم ويسدّدهم ويربّيهم بالعلم. قالت حكيمة: فلمّا كان بعد أربعين يوماً رُدّ الغلام ووجّه إليّ ابن أخي عليه السلام فدعاني، فدخلت عليه، فإذا أنا بالصبي متحرّك يمشي بين يديه، فقلت: ياسيدي هذا ابن سنتين؟ فتبسّم عليه السلام ثمّ قال: إنّ أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمّة ينشؤون بخلاف ما ينشؤ غيرهم، وإنّ الصبي منّا إذا كان أتي عليه شهر، كان كمن أتي عليه سنة، وانّ الصبي منّا ليتكلّم في بطن اُمّه ويقرأ القرآن ويعبد ربّه عزّ وجلّ، وعند الرضاع تُطيعه الملائكة وتنزل عليه صباحاً ومساءً. الهوامش: (1) كمال الدّين 465-454: 2، ح 21. (2) مريم: 37. (3) تفسير العيّاشي 64:1؛ المحجة 131. (4) الشعراء: 4. (5) الغيبة النعمانيّ 251 ح 8؛ عقدالدرر 104 ب 14 ف 3. (6) مريم: 51-49. (7) كمال الدّين 1 : 139-138. وتتمِة الحديث في الكافي 558:8. (8) كمال الدّين 139:1. (9) مريم: 75. (10) مريم: 73. (11) مريم: 74. (12) مريم: 75. (13) الكافي 431:1؛ بحار الأنوار 332:24. (14) الكافي 431:1؛ تفسير البرهان 20:3. (15) مريم: 76. (16) بحار الأنوار 333:24؛ تفسير البرهان 21:3. (17) الجنّ: 24. (18) الكافي 432:1 ح 91؛ تفسير الصافي 238:5. (19) طه: 39. (20) الثاقب في المناقب 203-201 ح 178. (21) القصص: 13. ****************** قالت حكيمة: فلم أزل أري ذلك الصبي في كلّ أربعين يوماً، إلى أن رأيته رجلاً قبل مضي أبي محمّد عليه السلام، بأيّام قلائل فلم أعرفه، فقلت لابن أخي عليه السلام: مَن هذا الّذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال لي: هذا ابن نرجس وهذا خليفتي من بعدي، وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي. قالت حكيمة: فمضي أبو محمّد عليه السلام بعد ذلك بأيّام قلائل، وافترق الناس كما تري، وواللَّه إنّي لأراه صباحاً ومساءً، وإنّه لينبّئني عمّا تسألون عنه فاُخبركم، وواللَّه إنّي لاُريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به، وانّه ليرد عليّ الأمر فيخرج إليّ منه جوابه من ساعته من غير مسألتي وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ وأمرني أن اُخبرك بالحقّ. قال محمّد بن عبد اللَّه: فواللَّه لقد أخبَرتني حكيمة بأشياء لم يطّلع عليها أحد إلّا اللَّه عزّ وجلّ، فعلمتُ أنّ ذلك صدق وعدل من اللَّه عزّ وجلّ، لأنّ اللَّه عزّ وجلّ قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحداً من خلقه. أقول: وللحديث مقدّمة طويلة تركها صاحب المناقب.(1) 500 - وعن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: ما خرج موسى حتّى خرج قبله خمسون كذّاباً من بني إسرائيل كلّهم يدّعي أنّه موسى بن عمران. فبلغ فرعون أنّهم يُرجفون به ويطلبون هذا الغلام، وقال له كهنته وسحرته: إنّ هلك دينك وقومك على يَدي هذا الغلام الّذي يُولد العامّ من بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء وقال: لا يُولد العامّ ولد إلّا ذُبح، ووضع على اُمّ موسى قابلة، فلمّا رأي ذلك بنو إسرائيل قالوا: إذا ذبح الغلمان واستحيي النساء هلكنا فلم نبق، فتعالوا لا نقرب النساء، فقال عمران أبو موسى عليه السلام: بل باشروهنّ، فإنّ أمر اللَّه واقع ولو كره المشركون، اللهمّ مَن حرّمه فإنّي لا اُحرّمه، ومَن تركه فإنّي لا أتركه، ووقع على اُمّ موسى فحملت، فوضع على اُمّ موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت، وإذا قعدت قعدت، فلمّا حملته اُمّه وقعت عليها المحبّة وكذلك حجج اللَّه على خلقه، فقالت لها القابلة: ما لك يابنيّة تصفرّين وتذوبين؟ قالت: لا تلوميني فإنّي إذا ولدت اُخِذَ ولدي فذبح، قالت: لا تحزني فإنّي سوف كتم عليك، فلم تصدّقها، فلمّا أن ولدت التفتت إليها وهي مقبلة، فقالت: ما شاء اللَّه، فقالت لها: ألم أقل إنّي سوف كتم عليك. ثمّ حملته فأدخلته المخدع وأصلحت أمره، ثمّ خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا - وكانوا على الباب - فإنّما خرج دم منقطع، فانصرفوا، فأرضعته فلمّا خافت عليه الصوت، أوحي اللَّه إليها أن اعملي التابوت، ثمّ اجعليه فيه، ثمّ أخرجيه ليلاً فاطرحيه في نيل مصر؛ فوضعته في التابوت، ثمّ دفعته في اليمّ، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر، وإنّ الريح ضربته فانطلقت به، فلمّا رأته قد ذهب به الماء، همّت أن تصيح فربط على قلبها. قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بني إسرائيل، قالت لفرعون: إنّها أيّام الربيع فأخرِجْني واضربْ لي قبّة على شطّ النيل حتّى أتنزّه هذه الأيّام، فضُربت لها قبّة على شطّ النيل، إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أري على الماء؟ قالوا: إي واللَّه ياسيّدتنا إنّا لنري شيئاً، فلمّا دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها، وكاد الماء يغمرها حتّى تصايحوا عليها، فجذبته وأخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل الناس وأسترهم، فوقعت عليها منه محبّةً، فوضعته في حجرها وقالت: هذا إبني، فقالوا: إي واللَّه ياسيّدتنا، واللَّه ما لك ولد ولا للملك. فاتّخذي هذا ولداً. فقامت إلى فرعون وقالت: إنّي أصبت غلاماً طيّباً حلواً نتّخذه ولداً فيكون قرّة عين لي ولك فلا تقتله، قال: ومن أين هذا الغلام؟ قالت: واللَّه ما أدري إلّا أنّ الماء جاء به، فلم تزل به حتّى رضي، فلمّا سمع الناس أنّ الملك قد تبنّي إبناً لم يبق أحد من رؤوس مَن كان مع فرعون إلّا بعث إليه امرأته لتكون له ظئراً أو تحضنه، فأبي أن يأخذ من امرأة منهنّ ثدياً، قالت امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئراً ولا تحقّروا أحداً، فجعل لا يقبل من امرأة منهنّ. فقالت اُمّ موسى لاُخته قُصيّه: اُنظري أترَين له أثراً، فانطلقت حتّى أتت باب الملك، فقالت: قد بلغني أنّكم تطلبون ظئراً، وهاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم، فقالت: أدخلوها، فلمّا دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممّن أنتِ؟ قالت: من بني إسرائيل، قالت: اذهبي يابنيّة فليس لنا فيك حاجة، فقلن لها النساء: اُنظري - عافك اللَّه - يقبل أو لا يقبل، فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل، هل يرضي فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل والمرأة من بني إسرائيل - يعني الظئر - فلا يرضي، قلن: فانظري يقبل أو لا يقبل، قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها، فجاءت إلى اُمّها وقالت: إنّ امرأة الملك تدعوك، فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها، ثمّ ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه، فلمّا رأت امرأة فرعون أنّ ابنها قد قبل، قامت إلى فرعون فقالت: إنّي قد أصبت لابني ظئراً وقد قبل منها، فقال: ممّن هي؟ قالت: من بني إسرائيل، قال فرعون: هذا ممّا لا يكون أبداً، الغلام من بني إسرائيل والظئر من بني إسرائيل، فلم تزل تكلّمه فيه وتقول: ما تخاف من هذا الغلام؟ إنّما هو ابنك ينشؤ في حجرك حتّى قلبته عن رأيه ورضي. فنشأ موسى عليه السلام في آل فرعون، وكتمت اُمّه خبره واُخته والقابلة، حتّى هلكت اُمّه والقابلة الّتي قبلته، فنشأ عليه السلام لا يعلم به بنو إسرائيل... (الحديث، وفي نهايته:) ثمّ أرسله اللَّه عزّ وجلّ إلى فرعون وملائه بآيتَين: بيده والعصا. فروي عن الصادق عليه السلام أنّه قال لبعض أصحابه: كن لما ترجو أرجي منك لما ترجو، فإنّ موسى بن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لأهله ناراً، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ، فأصلح اللَّه تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى عليه السلام في ليلة، وهكذا يفعل اللَّه تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمّةعليهم السلام، يُصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليه السلام، ويُخرجه من الحيرة والغَيبة إلى نور الفرج والظهور.(2) 501 - وروي الشيخ الصدوق؛ بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سمعته يقول: في القائم عليه السلام سُنّة من موسى بن عمران عليه السلام، فقلت: وما سُنّته من موسى بن عمران؟ قال: خَفاء مولده، وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال: ثماني وعشرين سنة.(3) 502 - وروي بالإسناد عن محمّد بن الحنفية، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: المهدي منّا أهل البيت، يصلح اللَّه له أمره في ليلة. وفي رواية اُخري: يصلحه اللَّه في ليلة.(4) 503 - وروي بالإسناد عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الأمر أربع سُنن من أربعة أنبياء: سُنّة من موسي، وسنّة من عيسي، وسنّة من يوسُف، وسنّة من محمّد صلوات اللَّه عليهم أجمعين، فأمّا من موسى فخائف يترقّب، وأمّا من يوسف فالسجن، وأمّا من عيسي فيُقال له: إنّه مات ولم يمت، وأمّا من محمّد صلى الله عليه وآله فالسيف.(5) الآية الثانية قوله تعالى: (يَعلَمُ ما بَين أيدِيهم ومَا خَلفَهم ولا يُحِيطون به عِلماً).(6) 504 - عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام، قال، قال: (ما بَين أيديهم) ما مضي من أخبار الأنبياء (وما خَلفهم) من أخبار القائم عليه السلام.(7) قوله تعالى: (وكذلك أنزَلنَاه قُرآناً عَرَبيّاً وصَرَّفنا فيه مِن الوَعِيد لَعَلَّهم يَتَّقُون أو يُحدِث لهم ذِكراً).(8) 505 - عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام: وأمّا قوله: (أو يُحدث لهم ذِكراً) يعني ما يحدث من أمر القائم عليه السلام والسفيانيّ.(9) الآية الثالثة قوله تعالى: (ولقد عَهِدنا إلى آدمَ مِن قبلُ فنَسِيَ ولم نَجِد له عَزماً).(10) اخذ ميثاق الأنبياء على الإقرار بالمهدي 506 - وعنه بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (ولقد عَهِدنا إلى آدمَ مِن قبلُ فنَسِيَ ولم نَجِد له عَزماً)، قال: عهدنا إليه في محمّد والأئمّة من بعده: فترك ولم يكن له عزم أنّهم هكذا، وإنّما سمّي اُولوالعزم اُولي العزم، لأنّه عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده عليهم السلام، والمهدي وسيرته، وأجمع عزمهم على ذلك كذلك والإقرار به.(11) 507 - الشيخ المفيد بإسناده عن حمران بن أعين، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: أخذ اللَّه الميثاق على النبيّين وقال: ألستُ بربّكم؟ قالوا: بلي؛ وأنّ هذا محمّداً رسولي وأنّ عليّاً أمير المؤمنين والأوصياء من بعده عليهم السلام وُلاة أمري وخزّان علمي، وأنّ المهدي عليه السلام أنتصر به لديني واُظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واُعبَد به طوعاً وكرهاً، قالوا: أقررنا ربّنا وشهدنا، ولم يجحد آدم ولم يقرّ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي عليه السلام، ولم يكن لآدم عزيمة على الإقرار، وهو قول اللَّه تبارك وتعالي: (ولقد عَهِدنا إلى آدمَ مِن قبلُ فنَسِيَ ولم نَجِد له عَزماً).(12) 508 - روي الثقة الصفّار رحمه الله بسنده عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث له قال فيه: ثمّ أخذ الميثاق على النبيّين، فقال: ألست بربّكم؟ ثمّ قال: وأنّ هذا محمّد رسول اللَّه، وأنّ هذا عليّ أمير المؤمنين؟ قالوا: بلي؛ فثبتت بهم النبوّة، وأخذ الميثاق على أُولي العزم، ألا إنّي ربّكم، ومحمّد رسولي، وعليّ أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده وُلاة أمري وخُزّان علمي، وأنّ المهدي أنتصرُ به لديني واُظهر به دولتي، وأنتقم به من أعدائي، واُعبد به طوعاً وكرهاً. قالوا: أقررنا وشهدنا ياربّ؛ ولم يجحد آدم ولم يقرّ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به؛ وهو قوله عزّ وجلّ: (ولقد عَهِدنا إلى آدمَ مِن قبلُ فنَسِيَ ولم نَجِد له عَزماً) قال: إنّما يعني فترك، ثمّ أمر ناراً فاُجّجت، فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها. وقال لأصحاب اليمين: اُدخلوها، فدخلوها فكانت عليهم برداً وسلاماً، فقال أصحاب الشمال: ياربّ أقِلنا، فقال: قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها، فهابوها، فثمّ ثبتت الطاعة والمعصية والولاية.(13) الآية الرابعة قوله تعالى: (فمَن اتّبع هُداي فلا يضلّ ولا يشقي).(14) 509 - روي المحدّث الثقة الصفّار؛ عن أحمد بن محمّد السياريّ، عن عليّ بن عبد اللَّه، قال: سأله رجل عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (فَمَنِ اتَّبَع هُدَاي فلا يَضِلُّ ولا يَشقي) قال عليه السلام: مَن قال بالأئمّة واتّبع أمرهم ولم يجز طاعتهم.(15) قوله سبحانه: (ومَن أَعَرضَ عن ذِكري فإنّ له مَعيشةً ضَنكاً ونَحشُرُه يَومَ القِيامة أَعمي).(16) خزي النصاب في الرجعة 510 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي؛ بسنده عن معاوية بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه: (فإنّ له معيشةً ضنكاً) قال: هي واللَّه للنصّاب، قال: جُعلت فدك قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا. قال: ذلك - واللَّه - في الرجعة يكلون العذرة.(17) الآية السادسة قوله تعالى: (فَستعلَمون مَن أصحابُ الصِّراطِ السَّويّ ومَنِ اهتدي).(18) 511 - محمّد بن العبّاس بن الماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم السلام، قال: بإسناده عن عيسي بن داود النجّار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: سألت أبي عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (فستعلمون مَن أصحاب الصراط السويّ ومَن اهتدي) قال: الصراط السويّ هو القائم عليه السلام، والهدي مَن اهتدي إلى طاعته، ومثلها في كتاب اللَّه عزّ وجلّ: (وإنّي لَغفّار لِمَن تابَ وآمنَ وعَمِل صالحاً ثمّ اهتدي) قال: إلى ولايتنا.(19) سورة الانبياء الآية الاولى قوله تعالى: (وكم قَصَمنا مِن قَريَةٍ كانت ظالمة وأنشأنا بَعدَها قَوماً آخرين- فلمّا أحسُّوا بأسَنا إذا هم منها يَركضون - لا تَركضُوا وارجِعُوا إلى ما أُترِفْتُمْ فيه ومَسكنكم لَعلَّكم تُسئَلُونَ - قالُوا ياوَيلَنا إنّا كنَّا ظالمِينَ- فمازالت تلك دَعواهُم حتّى جَعَلناهُم حَصيداً خامِدين).(20) 512 - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن بدر بن خليل الأسدي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول اللَّه عزّ وجلّ: (فلمّا أحسُّوا بأسَنا إذا هم منها يركضون - لا تَركضوا وارجِعوا إلى ما أُترِفتم فيه ومسكنِكم لعلّكم تُسئَلونَ) قال: إذا قام القائم عليه السلام وبعث إلى بني اُميّة بالشام، هربوا إلى الروم، فيقول لهم الروم لا ندخلنّكم حتّى تنتصّروا، فيعلّقون في أعناقهم الصُلبان فيُدخلونهم، فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم عليه السلام، طلبوا الأمان والصلح، فيقول أصحاب القائم: لا نفعل حتّى تدفعوا إلينا من قبلكم منّا، قال: فيدفعونهم إليهم، فذلك قوله: (لا تَركضوا وارجِعوا إلى ما أُترِفتم فيه ومسكنِكم لعلّكم تُسئَلون) قال: يسألونهم الكنوز وهم أعلم بها، قال: فيقولون: (ياويلَنا إنّا كنّا ظالِمين - فمازالت تِلك دَعواهم حتّى جعلناهم حَصيداً خامدين) بالسيف.(21) 513 - محمّد بن العبّاس، قال: بإسناده عن جابر، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (فلمّا أحسُّوا بأسَنا إذا هم منها يركضون) قال: ذلك عند قيام القائم عليه السلام.(22) 514 - عنه، بإسناده عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (فلمّا أحسُّوا بأسَنا) قال: خروج القائم عليه السلام، (إذا هم منها يَركضون) قال: الكنوز الّتي كانوا يكنزون، (قالوا ياوَيلَنا انّا كنّا ظالِمين - فما زالَت تلك دَعواهُم حتّى جعلناهم حَصيداً) (بالسيف) (خامِدين) لا يبقي منهم عين تطرف.(23) 515 - العيّاشي، بإسناده عن عبدالأعلي الحلبّي، قال: قال أبو جعفر عليه السلام في حديث يذكر فيه خروج القائم عليه السلام قال فيه: لكأنّي أنظر إليهم - يعني القائم عليه السلام وأصحابه - مُصعِدين من نجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، كأنّ في قلوبهم زبر الحديد، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهراً وخلفه شهراً، أمدّه اللَّه بخمسة آلاف من الملائكة مُسوِّمين. حتّى إذا صعد النجف قال لأصحابه: تعبّدوا ليلتكم هذه، فيبيتون بين ركع وساجد يتضرّعون إلى اللَّه، حتّى إذا أصبح قال: خذوا بنا طريق النُّخيلة، وعلي الكوفة خندق مخندق (جند مجنّد). قلت: خندق مخندق (جند مجنّد)؟ قال: اي واللَّه، حتّى ينتهي إلى مسجد إبراهيم عليه السلام بالنُخيلة فيصلّي ركعتين، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السفياني، فيقول لأصحابه: استطردوا لهم، ثمّ يقول: كرّوا عليهم. قال أبو جعفر عليه السلام: ولا يجوز - واللَّه - الخندق منهم مُخبِر، ثمّ يدخل الكوفة ولا يبقي مؤمن إلّا كان فيها أو حنّ إليها، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام، ثمّ يقول لأصحابه: سيروا إلى هذا الطاغية، فيدعوه إلى كتاب اللَّه وسُنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام، فيعطيه السفياني من البيعة مسلماً، فيقول له كلب وهم أخواله: ما هذا ما صنعت؟ واللَّه ما نبايعك على هذا أبداً، فيقول: ما أصنع؟ فيقولون: استقبله، فيستقبله، ثمّ يقول له القائم عليه السلام: خُذ حذرك فإنّني أدّيت إليك وأنا مقاتلك، فيصبح فيقاتلهم، فيمنحه اللَّه كتافهم، ويأتي السفيانيّ أسيراً فينطلق به ويذبحه بيده. ثمّ يرسل جريدة خيل إلى الروم، فيستحذرون بقيّة بني اُميّة، فإذا انتهوا إلى الروم قالوا: أَخرِجوا إلينا أهل ملّتنا عندكم، فيأبون ويقولون: واللَّه لا نفعل، فتقول الجريدة: واللَّه لو أُمرنا لقاتلنكم، ثمّ ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه، فيقول: انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم فإنّ هؤلاء قد أتوا بسلطانٍ عظيم، وهو قول اللَّه: (فلمّا أحسّوا بأسنا إذا هم منها يركضون - لا تركضوا وارجعوا إلى ما أُترفتم فيه ومسكنكم لعلّكم تسألون) قال: يعني الكنوز الّتي كنتم تكنزون (قالوا ياويلنا إنّا كنّا ظالمين - فما زالت تلك دعواهم حتّى جعلناهم حصيداً خامدين) لا يبقي منهم مُخبر.(24) 516 - عليّ بن إبراهيم: روي بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (فلمّا أحسُّوا بأسَنا) يعني بني اُميّة إذا أحسّوا بالقائم من آل محمّد عليهم السلام (إذا هم منها يركضون - لا تركضوا وارجِعوا إلى ما أُترِفتم فيه ومسكنِكم لعلّكم تُسئَلون) يعني الكنوز الّتي كنزوها. قال عليه السلام: فيدخل بنو اُميّة إلى الروم إذا طلبهم القائم عليه السلام، ثمّ يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز الّتي كنزوها. 517 - روي عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: (فلمّا رأوا بأسَنا إذا هم منها يركضون - لا تركضوا وارجِعوا إلى ما أُترفتم فيه ومسكنِكم لعلّكم تُسئَلون) يعني القائم يسأل بني فلان كنوز بني اُميّة.(25) 518 - روي الصفّاررحمه الله، قال: ووقفت على كتاب خُطب لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وعليه خطّ السيّد رضي اللَّه عليّ بن طاووس، وقد روي فيه بسنده عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد عليه السلام، وفيه خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمّي المخزون، ثمّ ذكر الخطبة بطولها جاء فيها: قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته: ثمّ يخرج عن الكوفة مائة ألف مشرك ومنافق حتّى يضربوا دمشق لا يصدّهم عنها صادّ، وهي إرم ذات العماد، وتُقبل رايات شرق الأرض ليست بقطن ولا كتّان ولا حرير، مختّمة في رؤوس القنا بخاتم السيّد الكبر، يسوقها رجل من آل محمّد صلى الله عليه وآله، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر، يسير الرعب أمامها شهراً. إلي أن قال: ويخلف من بني الأشهب الزاجر اللحظ في اُناس من غير أبيه هرّاباً حتّى يأتوا سَبطري عوذاً بالشجر، فيومئذ تأويل هذه الآية: (فلمّا أحسُّوا بأسَنا إذا هم منها يركضون - لا تركضوا وارجِعوا إلى ما أُترِفتم فيه ومسكنِكم لعلّكم تُسئَلون) ومسكنهم الكنوز الّتي غلبوا عليها من أموال المسلمين.(26) الآية الثانية قوله عزّ وجلّ: (ويقولون متى هذا الوَعدُ إن كنتم صادِقين).(27) 519 - روي الشيخ الصدوق؛ بإسناده عن طريق العامّة عن عبدالرحمن بن سليط، قال: قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا إثنا عشر مهدياً، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقّ، يُحيي اللَّه به الأرض بعد موتها، ويُظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون، له غيبة يرتدّ فيها أقوام ويثبت فيها على الدّين آخرون، فيؤذَون ويُقال لهم: (متى هذا الوَعد إن كنتم صادِقين) أما إنّ الصابر في غيبته على الأذي والتكذيب، بمنزلة المجاهد بالسيف بين يَدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(28) الآية الثالثة قوله عزّ وجلّ: (وجَعَلناهم أَئمّةً يَهدُون بأمرِنا وأوحينا إليهم فِعلَ الخَيراتِ وإقامَ الصلوة وإيتاءَ الزَّكوة وكانُوا لنا عابِدين).(29) روي محمّد بن العباس بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ (وجَعَلناهم أئمّةً يَهدُون بأمرِنا) قال أبو جعفر عليه السلام: يعني الأئمّة من ولد فاطمة عليها السلام يوحي إليهم بالروح في صدورهم.(30) الهوامش: (1) كمال الدّين 2 : 428-426 ح 2؛ الغَيبة للطوسي 140. (2) كمال الدّين 1: 152-147 ح 13. (3) نفس المصدر 152:1 ح 14. (4) نفس المصدر 153:1 ح 15. (5) نفس المصدر 153:1 ح 16. (6) طه: 110. (7) تفسير القمّي 62:2؛ المحجة 134. (8) طه: 113. (9) تفسير القمّي 65:2؛ بحار الأنوار 46:51. (10) طه: 115. (11) تفسير القمّي 65:2؛ الكافي 416:1. (12) تأويل الآيات الظاهرة 1 : 320-319 ح 18. (13) بصائر الدرجات 70 ب 7 ح 2؛ و71 ب 7 ح 3. (14) طه: 123. (15) بصائر الدرجات 14 ح 2؛ الكافي 414:1 ح 10؛ تأويل الآيات الظاهرة 321:1 ح 20. (16) طه: 124. (17) تفسير القمّي 65:2. (18) طه: 135. (19) تأويل الآيات الظاهرة 323:1 ح 26؛ بحار الأنوار 150:24. (20) الأنبياء: 15-11. (21) روضة الكافي 51؛ تفسير القمّي 68:2. (22) تأويل الآيات الظاهرة 326:1 ح 6؛ المحجة 139. (23) نفس المصدر 326:1 ح 7؛ المحجة 139. (24) تفسير العيّاشي 56:2 ح 49. (25) دلائل الإمامة 250. (26) مختصر بصائر الدرجات 200-195؛ بحار الأنوار 83:53. (27) الأنبياء: 38. (28) كمال الدّين 317:1 ح 3؛ بحار الأنوار 133:51. (29) الأنبياء: 73. (30) تأويل الآيات 328:1 ح 12؛ بحار الأنوار 158:24. ****************** 520 - روي الخزّاز بالإسناد عن زيد بن عليّ عليه السلام، قال: كنت عند أبي عليّ بن الحسين عليه السلام إذ دخل عليه جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ، فبينما هو يحدّثه إذ خرج أخي محمّد من بعض الحجر، فأشخص جابر ببصره نحوه، ثمّ قام إليه فقال: ياغلام أقبِل، فأقبل. ثمّ قال: أدبِر فأدبر، فقال: شمائل كشمائل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ما اسمك ياغلام؟ قال: محمّد، قال: ابنُ مَن؟ قال: ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قال: أنتَ - إذاً - الباقر، قال: فانكبّ عليه وقبّل رأسه ويديه ثمّ قال: يامحمّد، إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقرئك السلام، قال: على رسول اللَّه أفضلُ السلام وعليك ياجابر بما أبلغت السلام. ثمّ عاد إلى مصلّاه، فأقبل يحدّث أبي ويقول: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال لي يوماً: ياجابر إذا أدركت ولدي الباقر فاقرأه منّي السلام، فانّه سميّي وأشبه الناس بي، عِلمه علمي وحكمه حكمي، سبعة من ولده اُمناء معصومون أئمّة أبرار، والسابع مهديهم الّذي يملأ الدنيا قِسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً. ثمّ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: (وجَعَلناهم أئمّةً يَهدُون بأمرِنا وأوحَيْنا إليهم فِعلَ الخَيرات وإقامَ الصلوة وإيتاءَ الزكوة وكانوا لنا عابِدين).(1) 521 - ابن إدريس رحمه الله، بإسناده عن صفوان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، أنّه قال: من أقرّ بجميع الأئمّة عليهم السلام وجحد المهدي، كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّد صلى الله عليه وآله نبوّته. فقيل له: يابن رسول اللَّه، فمن المهدي؟ من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه ولا يحلّ لكم تسميتُه.(2) 522 - روي قاضي القضاة، عن كافي الكفاة إسماعيل بن عبّاد رحمه الله بإسناد متّصل بعلي عليه السلام، أنّه ذكر المهدي وقال: إنّه من ولد الحسين عليه السلام؛ وذَكر حِليته فقال: رجل أجلي الجبين، أقني الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، أفلج الثنايا، بفخذه اليمني شامة. وذكر هذا الحديث بعينه عبد اللَّه بن قتيبة في كتاب (غريب الحديث) انتهي. أقول: في ديوان أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه المنسوب إليه: بُنَيَّ إذا ما جاشتِ التُّرك فانتظرْ وذلّ ملوك الأرض من آل هاشمٍ صبيّ من الصبيان لا رأيَ عندَهُ فثَمّ يقوم القائم الحقّ منكمُ سَمِيّ نبيّ اللَّه نفسي فداؤهُ ولايةَ مهديٍ يقوم فيعدلُ وبويع منهم مَن يلذّ ويهزلُ ولا عنده جِدّ ولا هو يعقلُ وبالحقّ يأتيكم وبالحقّ يعملُ فلا تخذلوه يابنيّ وعجّلوا (3) 523 - وروي الكلينيّ بالإسناد عن ابن نُباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فوجدته مفكراً ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين ما لي أرك مفكراً تنكت في الأرض، أرغبة فيها؟ قال: لا واللَّه ما رغبتُ فيها ولا في الدنيا يوماً قطّ، ولكنّي فكرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي يملأها عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، تكون له حيرة وغَيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. فقلت: يا أمير المؤمنين وإنّ هذا لكائن؟ فقال: نعم، كما إنّه مخلوق، وأ نّي لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ، اُولئك خيار هذه الاُمّة مع أبرار هذه العترة. قلت: وما يكون بعد ذلك؟ قال: ثمّ يفعل اللَّه ما يشاء، فإنّ له إرادات وغايات ونهايات.(4) 524 - وبالإسناد عن سُليمان بن هلال، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن عليّ: قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين نبّئنا بمهديكم هذا؟ فقال: إذا درج الدارجون، وقلّ المؤمنون، وذهب المجلبون، فهنك. فقال: يا أمير المؤمنين عليك السلام، فمن الرجل؟ فقال: مِن بني هاشم، من ذروة طود العرب وبحر مغيضها إذا وردت، ومجفوّ أهلها إذا أتت، ومعدن صفوتها إذا كتدرت، لا يجبن إذا المنايا هلعت، ولا يحور إذا المؤمنون كتنفت، ولا ينكل إذا الكماة إصطرعت، مشمّر مغلولب ظفر ضرغامة حصد مخدش ذكر، سيف من سيوف اللَّه، رأس قثم نشق رأسه في باذخ السؤدد، وغارز مجده في كرم المحتد، فلا يصرفنّك عن تبعته صارف عارض، ينوص إلى الفتنة كلّ مناص، إن قال فشرٌّ قائل، وإن سكت فذو دعاير. ثمّ رجع إلى صفة المهدي عليه السلام، فقال: أوسعكم كهفاً، وكثركم علماً وأوصلكم رحماً، اللهمّ فاجعل بيعته خروجاً من الغمّة، واجمع به شَمل الاُمّة، فإن خار اللَّه لك فاعزم، ولا تنثن عنه إن وفّقت له، ولا تجيزن عنه إن هديت إليه، هاه - وأومأ بيده إلى صدره - شوقاً إلى رؤيته.(5) 525 - ابن إدريس، بإسناده عن الفضل، قال: قال الصادق عليه السلام: إنّ اللَّه تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نوراً قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام، فهي أرواحنا، فقيل له: يابن رسول اللَّه ومن الأربعة عشر؟ فقال: محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين عليهم السلام، آخرهم القائم الّذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجّال ويطهّر الأرض من كلّ جَور وظلم.(6) 526 - وبالإسناد عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سمعتُه يقول: منّا إثنا عشر مهدياً، مضي ستة وبقي ستّة، يضع اللَّه في السادس ما أحبّ.(7) 527 - وعن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد اللَّه الصادق عليه السلام: مَن أقرّ بالأئمّة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي، كان كمن أقرّ بجميع الأنبياءعليهم السلام وجحد محمّدصلى الله عليه وآله نبوّته، فقلت: سيّدي، ومَن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصُه ولا يحلّ لكم تسميته.(8) 528 - وعن صفوان الجمّال، قال: قال الصادق عليه السلام: أما واللَّه ليغيبنّ عنكم مهديَكم حتّى يقول الجاهل منكم: ما للَّه في آل محمّد حاجة، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقِسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.(9) 529 - عن السيّد بن محمّد الحميري في حديث طويل يقول فيه: قلت للصادق جعفر بن محمّدعليه السلام: يابن رسول اللَّه، قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغَيبة وصحّة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال عليه السلام: ستقع بالسادس من ولدي، والثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم القائم بالحقّ، بقيّة اللَّه في أرضه، صاحب الزمان وخليفة الرحمان، واللَّهِ لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه، لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.(10) 530 - روي النعمانيّ بإسناده عن عبد خير، قال: سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه يقول: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: (يا عليّ، الأئمّة الراشدون المهتدون المعصومون من ولدك أحد عشر إماماً، وأنت أوّلهم، وآخرهم اسمه اسمي، يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يأتيه الرجل والمال كدس، فيقول: يامهدي أعطني، فيقول: خذ).(11) 531 - روي الصدوق؛ بإسناده عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قلت لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله: أخبرني بعدد الأئمّة بعدك. فقال: ياعليّ هم إثنا عشر، أوّلهم أنت وآخرهم القائم.(12) 532 - روي محمّد بن سنان الزهريّ، عن سيّدنا أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه الحسين، عن عمّه الحسن، عن أمير المؤمنين عليهم السلام، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّه قال: (إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي، محمّد وعليّ والحسن، فرابعها هو القائم المأمول المنتظر).(13) 533 - روي الصدوق؛ بإسناده عن ثابت بن دينار، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين، عن سيّد الشهداء الحسين بن عليّ، عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: (الأئمّة بعدي اثنا عشر: أوّلهم أنت يا عليّ، وآخرهم القائم الّذي يفتح اللَّه عزّ وجلّ على يَدَيه مشارق الأرض ومغاربها).(14) 534 - روي الخزّاز في (كفاية الأثر) بسنده عن الأصبغ، قال: سمعت الحسن بن عليّ عليهما السلام يقول: (الأئمّة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إثنا عشر، تسعة من صلب أخي الحسين، ومنهم مهدي هذه الاُمّة).(15) 535 - وروي عن سعد بن عبد اللَّه، بسنده عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في خطبة له، قال: اللهمّ لابدّ لأرضك من حُجّة على خلقك، يهديهم إلى دينك، ويعلّمهم علمك، لئلّا تبطل حجّتك، ولا يضلّ أتباع أوليائك، بعد إذ هديتهم، ظاهراً وليس بالمطاع، أو مُكتِّماً مترقِّباً إن غاب عن الناس شخصُه في حال هدنة، لم يغب عنهم، مثبوتُ عِلمه فآدابه في قلوب المؤمنين مُثبَتة فهم به عاملون.(16) 536 - روي الثقة الصفّار رحمه الله بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: واللَّه ما ترك الأرض منذ قبض اللَّه آدم إلّا وفيها إمام يُهتدي به إلى اللَّه، وهو حُجّة اللَّه على عباده، ولا تبقي الأرض بغير إمام حجّة اللَّه على عباده.(17) 537 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن أبي بصير، عن أحمد بن عمر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام وأتاه رجل فقال له: انّكم أهل بيت رحمة اختّصكم اللَّه تبارك وتعالى بها، فقال له: كذلك نحن والحمد للَّه، لا نُدخل أحداً في ضلالة، ولا نُخرجه من هديً، إنّ الدنيا لا تذهب حتّى يبعث اللَّه عزّ وجلّ رجلاً منّا أهل البيت يعمل بكتاب اللَّه، لا يري فيكم منكراً إلّا أنكره.(18) 538 - روي الشيخ الصدوق بسنده عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد العلويّ، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، قال: كان يقول صلوات اللَّه عليه: ادعوا لي ابني الباقر، وقلتُ لابني الباقر، يابني الباقر - يعني محمّداً - فقلتُ له: ياأبة ولم سمّيته الباقر؟ قال: فتبسّم وما رأيته يتبسّم قبل ذلك، ثمّ سجد للَّه تعالي طويلاً، فسمعته يقول في سجوده: اللهمّ لك الحمد سيّدي على ما أنعمتَ به علينا أهل البيت، يُعيد ذلك مراراً. ثمّ قال: يابني، إنّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا عليه السلام فيملؤها قسطاً وعدلاً، وانّه الإمام أبو الأئمّة، معدن الحِلم وموضع العلم يبقره بقراً، واللَّه لهو أشبه الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وآله. قلت: فكم الأئمّة بعده؟ قال: سبعة، ومنهم المهدي الّذي يقوم بالدين في آخر الزمان.(19) 539 - روي الشيخ الصدوق عن صالح بن عقبة، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: أتي يهوديٌّ أمير المؤمنين عليه السلام وسأله عن مسائل، فكان فيما سأله: أخبِرني كم لهذه الاُمّة من إمام هديً لا يضرّهم من خذلهم؟ قال: إثنا عشر إماماً، قال: صدقت واللَّه، انّه لبخطّ هارون وإملاء موسي.. الخبر.(20) 540 - روي الخزّاز، بإسناده عن علقمة بن محمّد الحضرميّ، عن الصادق عليه السلام، قال: الأئمّة إثنا عشر، قلت: يابن رسول اللَّه، فسمّهم لي. قال عليه السلام: من الماضين عليّ بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ ثمّ أنا. قلت: فمن بعدك يابن رسول اللَّه؟ فقال: إنّي أوصيتُ إلى ولدي موسى وهو الإمام بعدي. قلت: فمن بعد موسي؟ قال: عليّ ابنه يُدعي الرضا، يُدفن في أرض الغربة من خراسان، ثمّ بعد عليّ إبنه محمّد، وبعد محمّد عليّ ابنه، وبعد عليّ الحسن ابنه، والمهدي من ولد الحسن عليه السلام. ثمّ قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ياعليّ، إنّ قائمنا إذا خرج يجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدد رجال بدر، فإذا حان وقت خروجه يكون له سيف مغمود، ناداه السيف: قُم يا وليّ اللَّه فاقتُل أعداء اللَّه.(21) هل يمكن للأمّة اختيار الإمام المعصوم 541 - روي الشيخ الصدوق؛ بإسناده عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنّا في أيّام عليّ ابن موسى الرضا عليه السلام بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة من بدء مَقدَمِنا، فأداروا أمر الإمام وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيِّدي عليه السلام فأعلمته خوضان الناس، فتبسم عليه السلام ثمّ قال: يا عبد العزيز بن مسلم، جهل القوم وخُدعوا عن أديانهم، إنّ اللَّه عزّ وجلّ لم يقبض نبيّه صلى الله عليه وآله حتّى كمل له الدّين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كلّ شيء، بيَّن فيه الحلال والحرام، والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج اليه الناس كملاً، فقال عزّوجل: (ما فرَّطنا في الكتاب مِنْ شيء)(22)، وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره صلى الله عليه وآله: (اليومَ كملتُ لكم دِينكم وأتممتُ عليكم نِعْمتى ورضيتُ لكم الإسلام ديناً)(23)، فأمرُ الإمامة مِن تمام الدّين، ولم يمض عليه السلام حتي بيَّن لاُمّته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد الحق، وأقام لهم عليّاً عليه السلام عَلَماً وإماماً، وما ترك شيئاً تحتاج اليه الأمّة إلّا بيَّنه، فمَن زعم أنّ اللَّه عزّ وجلّ لم يُكمل دينه، فقد ردَّ كتاب اللَّه العزيز، ومَن ردَّ كتاب اللَّه عزّ وجلّ فهو كافر، هل تعرفون قدر الإمامة ومحلَّها من الاُمّة فيجوز فيها اختيارهم؟! إنّ الإمامة أجلُّ قدراً، وأعظم شأناً، وأعلي مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غَوراً، من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يُقيموا إماماً باختيارهم، إنّ الإمامة خصَّ اللَّه عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرَّفه بها وأشاد بها ذِكره، فقال عزّ وجلّ: (إني جاعلُك للناس إماماً)(24) فقال الخليل عليه السلام سروراً بها (ومِن ذُرِّيَّتي)؟ قال اللَّه تبارك وتعالى (لا ينالُ عَهدي الظالِمين)، فأبطلت هذه الآيةُ إمامةَ كلِّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة، ثمّ كرمها اللَّه عزّ وجلّ بأن جعلها في ذرِّيته أهل الصفوة والطهارة، فقال عزّ وجلّ (ووَهبنا له إسحقَ ويعقوبَ نافِلةً وكلاًّ جعلنا صالِحين - وَجَعَلناهم أئمّةً يهدُونَ بأمرِنا وأَوحَينا اليهم فِعل الخيرات وإقامَ الصلوة وإيتاءَ الزكوة وكانوا لنا عابِدين).(25) فلم يزل في ذُرِّيته يرثها بعض عن بعضٍ قرناً فقرناً، حتّى ورثها انبيّ صلى الله عليه وآله، فقال اللَّه عزّ وجلّ: (إنّ أَولي الناس بإبراهيمَ لَلَّذين اتّبعوه وهذا النبيُّ والذّين آمَنوا واللَّه وليُّ المؤمنين)(26)، فكانت له خاصَّةً، فقلّدها صلى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام بأمر اللَّه عز وجل على رسم ما فرضها اللَّه عزّ وجلّ، فصارت في ذُرِّيته الأصفياء الّذين آتاهم اللَّه العِلمَ والإيمان لقوله عزّ وجلّ (وقال الّذين اُوتوا العِلمَ والإيمانَ لقد لَبِثتم في كتاب اللَّه إلى يَومِ البَعث فهذا يَومُ البعثِ ولكنّكم كنتم لا تَعلَمون)(27) فهي في ولد عليّ عليه السلام خاصّة إلى يوم القيامة إذْ لا نبيَّ بعد محمّد صلى الله عليه وآله، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟ الهوامش: (1) كفاية الأثر 297؛ بحار الأنوار 360:36. (2) بحار الأنوار 143:51. (3) بحار الأنوار 131:51. (4) الكافي 338:1؛ بحار الأنوار 118:52. (5) بحار الأنوار 115:51. (6) نفس المصدر 145:51. (7) نفس المصدر. (8) نفس المصدر. (9) بحار الأنوار 145:51. (10) نفس المصدر. (11) الغَيبة للنعمانيّ 92 ح 23؛ بحار الأنوار 259:36. (12) أمالي الصدوق 502 المجلس 91. (13) دلائل الإمامة 336. (14) كمال الدّين 282:1 ح 35؛ بحار الأنوار 226:36. (15) كفايةالأثر 223؛ بحار الأنوار 283:36. (16) إثبات الوصيّة 225. (17) بصائر الدرجات 485 ح 4؛بحار الأنوار 22:23. (18) الكافي 396:8 ح 597؛ بحار الأنوار 378:52. (19) كفاية الأثر 337؛ الإنصاف 254 ح 237. (20) كمال الدّين 300:1 و301 ح 8؛ بحار الأنوار 374:36. (21) كفاية الأثر 36؛ بحار الأنوار 409:36. (22) الأنعام: 38. (23) المائدة: 5. (24) البقرة 124. (25) الأنبياء: 73 و74. (26) آل عمران: 68. (27) الروم: 56. ****************** إنَّ الإمامةَ هي منزلة الأنبياء وإرث الاوصياء. إنّ الإمامة خلافة اللَّه تعالى وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله، ومقام أمير المؤمنين، وميراث الحسن والحسين عليهم السلام. إنّ الإمامة زِمام الدّين، ونِظام المسلمين، وصَلاح الدنيا، وعِزّ المؤمنين. إنّ الإمامة أُسّ الإسلام النامي، وفرعه السامي، بالإمام تَمامُ الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد وتوفير الفَي والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف. الإمام: يُحلُّ حلال اللَّه، ويحرِّمُ حَرام اللَّه، ويُقيم حدود اللَّه، ويَذبُّ عن دين اللَّه، ويدعو إلى سبيل ربِّهِ بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة. الإمام: كالشمس الطالعة للعالم وهي في الأُفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار. الإمام: البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدُجي، والبلد القفار، ولُجج البحار. الإمام: الماء العذب على الظماء، والدالُّ على الهدي، والمُنجي من الرَّدي. الإمام: النار على اليَفاع، الحارُّ لمن اصطلي به، والدليل في المهالك، مَن فارقه فهالك. الإمام: السَحاب الماطر، والغَيث الهاطل، والشمس المضيئة والسماء الظليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والرَوضة. الإمام: الأمين الرفيق، والوالد الشقيق، والأخ الشفيق، ومَفزَع العباد في الداهية. الإمام: أمين اللَّه عزّ وجلّ في خلقه، وحُجّته على عباده، وخليفته في بلاده، والداعي إلى اللَّه عزّ وجلّ، والذابّ عن حرم اللَّه عزّ وجلّ. الإمام: هو المُطهَّر من الذنوب، المُبرَّأ من العيوب، مخصوص بالعلم، موسوم بالحلم، نظام الدّين، وعزّ المسلمين، وغَيظ المنافقين، وبَوَار الكافرين. الإمام: واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدلٌ، ولا له مِثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه ولا كتساب، بل اختصاص من المفضّل الوهّاب، فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟! هيهات هيهات، ضلّت العقول، وتاهت الحُلوم، وحارت الألباب، وحسرت العيون، وتصاغرت العظماء، وتحيّرت الحكماء، وحصرت الخطباء، وتقاصرت الحلماء، وجهلت الألبّاء، وكلّت الشعراء، وعجزت الأُدباء، وعييت البلغاء عن وصف شأنٌ من شأنه، أو فضيلة من فضائله، فأقرَّت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف، أو ينعت بكنهه، أو يفهم شيء من أمره، أو يقوم أحد مقامه، أو يغني غناه، لا وكيف وأنيّ وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين، ووصف الواصفين. فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟ ظنُّوا أنّ ذلك يوجد في غير آل الرسول صلى الله عليه وآله، كذَّبتهم واللَّه أنفسهم ومنَّتهم الباطل، فارتقوا مرتقاً صعباً دحضاً تزلّ عنه إلى الحضيض أقدامهم، وراموا إقامة الإمام بعقولٍ حائرة ناقصة وآراء مضلّةٍ، فلم يزدادوا منه إلّا بُعداً، قاتلهم اللَّه أ نّي يُؤفَكون. لقد راموا صعباً، وقالوا إفكاً، وضلّوا ضلالاً بعيداً، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة، وزيَّن لهم الشيطانُ أعمالهم فصدَّهم عن السبيل وكانوا مستبصرين، رغبوا عن اختيار اللَّه واختيار رسوله إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: (وربُّك يَخلُق ما يَشاء ويَختار ما كان لهم الخِيَرةُ سُبحان اللَّهِ وتَعالي عمّا يُشرِكون).(1) وقال عزّ وجلّ: (وما كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضي اللَّه ورسولُه أمراً أن يكون لهم الخِيَرة مِن أمرِهم).(2) وقال عزّ وجلّ: (ما لَكم كيف تَحكمون - أم لكم كتابٌ فيه تَدرُسون - إنّ لكم فيه لما تَخَيَّرون - أم لَكم أيمان علينا بالغة إلى يَوم القِيامة إنّ لكم لَمَا تَحكمون - سَلهُم أيُّهم بذلك زَعيم - أم لهم شركاءُ فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين).(3) وقال عزّ وجلّ: (أفلا يتدَبَّرون القرآن أم على قُلُوبٍ أقفالها)(4) أم (طَبَع اللَّه على قُلُوبهم فهم لا يَفقَهون).(5) أم (قالوا سَمِعنا وهم لا يَسمَعون - إنّ شرّ الدوابّ عند اللَّه الصُمُّ البُكمُ الّذين لا يَعقِلون - ولو عَلِم اللَّه فيهم خَيراً لَأَسمعهم ولو أسمَعهم لتولَّوا وهم مُعرِضون).(6) أم (قالوا سَمِعنا وعَصينا)(7) بل هو بفضل اللَّه يؤتيه مَن يشاء، واللَّه ذو الفضل العظيم. فكيف لهم باختيار الإمام، والإمام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدِن القدس والطهارة. والنُسك والزَهادة، والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرَّسول، وهو نسل المطهّرة البتول، لا مَغَمز فيه في نَسَب، ولا يُدانيه دَنَس، له المنزلة الأعلي لا يبلغها ذو حسب، في البيت من قريش، والذروة من هاشم، والعترة من آل الرَّسول، والرّضي من اللَّه عزّ وجلّ، شرف الأشراف، والفرع من آل عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مُضطَلِع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر اللَّه، ناصح لعباد اللَّه، حافظ لدين اللَّه عزّ وجلّ. إنّ الأنبياء والأئمّة عليهم السلام يوفّقهم اللَّه ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمته ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون عِلمُهم فوق علم أهل زمانهم في قوله عزّ وجلّ: (أفمَن يَهدي إلى الحقِّ أحقُّ أن يُتَّبع أمّن لا يَهِدِّي إلّا أن يُهدي فما لَكم كيف تَحكمون).(8) وقوله عزّ وجلّ: (وَمَنْ يُؤتَ الحِكمةَ فقد أوتي خَيراً كثيراً وما يَذَّكر إلّا أُولوا الألباب).(9) وقوله عزّ وجلّ في طالوت: (إنّ اللَّه اصطفيه عليكم وزادَه بَسطةً في العِلم والجِسم واللَّه يؤتي مُلكه مَن يشاء واللَّه واسِعٌ عَليم).(10) وقال لنبيِّه صلى الله عليه وآله: (وكان فَضلُ اللَّه عَلَيك عظيماً).(11) وقال عزّ وجلّ في الأئمّة من أهل بيته وعِترته وذرِّيته صلوات اللَّه عليهم أجمعين (أم يَحْسُدُون الناسَ على ما آتاهم اللَّه من فَضله فقد آتينا آلَ ابراهيمَ الكتاب والحِكمة وآتيناهم مُلكاً عظيماً - فمنهم مَن آمن به ومنهم مَن صدّ عنه وكفي بجهنّم سعيراً).(12) إنّ العبد إذا اختاره اللَّه تعالى لأمور عباده يشرح لذلك صدره، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاماً، فلم يعيَ بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد، موفَّق، مسدَّد، قد أمِنَ الخطأ والزلل والعثار، يخصّه اللَّه تعالى بذلك ليكون حُجّته البالغة على عباده، وشاهده على خلقه، (ذلك فَضل اللَّه يُؤتيه مَن يشاء واللَّه ذو الفَضل العظيم).(13) فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه؟ أو يكون خيارهم بهذه الصفة فيقدّموه؟ تعَدَّوا وبيتِ اللَّه الحقَّ، ونَبَذوا كتابَ اللَّه وراءَ ظهورهم كأنّهم لا يعلمون، وفي كتاب اللَّه الهدي والشفاء فنبذوه واتّبعوا أهواءَهم، فذَّمهم اللَّه ومقتهم وأتعسهم. فقال عزّ وجلّ: (وَمَنْ أضلُّ مِمّن اتّبع هَويه بغَير هُديً مَن اللَّه إنّ اللَّه لا يَهدي القومَ الظالمين).(14) وقال عزّ وجلّ: (فتَعساً لهم وأضلَّ أعمالَهم).(15) وقال: (كبُرَ مَقتاً عند اللَّه وعند الّذين آمنوا كذلك يَطبع اللَّهُ على كلِّ قَلبِ متكبِّرٍ جبَّار).(16) الآية الرابعة قوله تعالى: (فاستَجَبنا له فكشَفنا ما به من ضُرٍّ وآتيناه أهلَه ومثلهم مَعَهم رَحمةً مِن عندِنا وذِكري للعابِدين).(17) في المهدي سنة من أيوب 542 - روي مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: خطب الناس أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة، فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: (أنا سيّد الشيب وفيّ سنّة من أيّوب، وسيجمع اللَّه لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله، وذلك إذا استدار الفلك، وقُلتم ضلّ أو هلك، ألا فاستشعروا قبلها بالصبر، وبوؤا إلى اللَّه بالذنب، فقد نبذتم قدسكم، وأطفأتم مصابيحكم، وقلّدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه ولا لكم سمعاً ولا بصراً، ضَعُف - واللَّهِ - الطالبُ والمطلوب، هذا، ولو لم تتوكلوا أمركم، ولم تتخاذلوا عن نصرة الحقّ بينكم، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليكم مَن ليس مثلكم، ولم يقوَ مَن قوي عليكم، وعلي هضم الطاعة وإذوائها عن أهلها فيكم، تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسي، وبحقٍّ أقول: ليضعفنّ عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو إسرائيل، فلو قد استكملتم نهلاً، وامتلأتم عللاً عن سلطان الشجرة الملعونة في القرآن، لقد اجتمعتم على ناعق ضلال، ولأجبتم الباطل ركضاً، ثمّ لغادرتم داعي الحقّ، وقطعتم الأدني من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب، ألا ولو ذاب ما في أيديهم، لقد دني التمحيص للجزاء وكشف الغطاء، وانقضت المدّة، وأزف الوعد، وبدا لكم النجم من قبل المشرق، وأشرق لكم قمركم كمل ء شهره وكليلةِ تمّ، فإذا استبان ذلك فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة، وأعلموا أنّكم إن أطعتم طالع المشرق، سلك بكم منهاج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فتداريتم من الصمم، واستشفيتم من البُكم، وكفيتم مؤنة التعسّف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، فلا يبعد اللَّه إلّا مَن أبي الرحمة وفارق العصمة، وسيعلم الّذين ظَلَموا أيّ مُنقَلَب ينقلبون.(18) الآية الخامسة قوله عزّ وجلّ: (وحَرامٌ على قَريةٍ أهلَكناها أنّهم لا يَرجِعون).(19) اثبات الرجعة في عهد المهدي 543 - روي النعمانيّ رحمه الله بالإسناد عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه جعفر ابن محمّد الصادق عليه السلام (في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روي فيه الإمام الصادق عليه السلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السلام عن آيات القرآن وأحكامه، جاء فيه) قال أمير المؤمنين عليه السلام: وأمّا الردّ على مَن أنكر الرجعة، فقول اللَّه عزّ وجلّ: (ويَومَ نَحشُر مِن كلّ اُمّةٍ فَوجاً مِمَّن يُكذّب بآياتنا فهُم يُوزَعون) أي إلى الدنيا، وأمّا معني حشر الآخرة، فقوله عزّ وجلّ: (وحَشَرناهم فلم نُغادِر منهم أَحداً) وقوله سبحانه: (وحَرَام على قَرية أهلَكناها أنَّهم لا يَرجِعون) في الرجعة، فأمّا في القيامة فإنّهم يرجعون. ومثله ما خاطب اللَّه به الأئمّة، ووعدهم من النصر والإنتقام من أعدائهم، فقال سبحانه: (وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا مِنكم وعَمِلوا الصّالِحات لنيستخلِفَنَّهم في الأرض كما استَخلَف الّذين مِن قَبلِهم ولَيُمكننّ لَهُمْ دِينهم الّذي ارتضي لهم ولَيُبدّلنّهم من بعدِ خَوفهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِكون بي شَيئاً)(20) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا. ومثل قوله تعالى: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونَجعلهم أئمّة ونَجعلهم الوارِثين)(21) وقوله تعالى: (إنّ الّذي فَرَض عليك القُرآن لَرادُّك إلى مَعاد)(22) أي رجعة الدنيا. ومثله قوله: (ألم تَرَ إلى الّذين خَرَجوا مِن دِيارهم وهُم اُلُوف حَذَرَ المَوت فقال لَهُمُ اللَّه مُوتوا ثُمّ أحياهم)(23) وقوله عزّ وجلّ: (واختارَ موسى قَومَه سَبعينَ رَجُلاً لِميقاتنا)(24) فردّهم اللَّه بعد الموت إلى الدنيا.(25) الآية السادسة قوله تعالى: (ولقد كتَبنا في الزَّبور مِن بَعد الذِّكر أَنّ الأرضَ يَرِثُها عِبَادِيَ الصالحون).(26) المهدي وأصحابه يرثون الأرض 544 - عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام في معني الآية، قال، قال: الكتب كلّها ذِكر اللَّه، (أنّ الأرضَ يرِثُها عِبَادِيَ الصالحون) قال: القائم عليه السلام وأصحابه.(27) 545 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن الحسين بن محمّد بن عبد اللَّه بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قوله عزّ وجلّ: (أنّ الأرض يَرِثُها عِبَادِيَ الصالحون) هم أصحاب المهدي عليه السلام آخر الزمان.(28) 546 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي؛ في قوله: (ولقد آتَينا داود - إلى قوله: مُبين) قال: أعطي داود وسليمان ما لم يُعطِ أحداً من أنبياء اللَّه من الآيات، علّمهما منطق الطير، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار، وجعلت الجبال يسبّحن مع داود، وأنزل اللَّه عليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء وأخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين عليه السلام، والأئمّة عليهم السلام، من ذرّيتهما عليهما السلام، وأخبار الرجعة، والقائم عليه السلام لقوله: (ولقد كتَبنا في الزَّبور مِن بَعدِ الذِّكر أنّ الأرضَ يَرِثُها عِبَادِيَ الصالحون).(29) الهوامش: (1) القصص: 68. (2) الأحزاب: 36. (3) القلم: 42-37. (4) محمّد: 24. (5) التوبة: 93. (6) الأنفال: 23-21. (7) البقرة: 93. (8) يونس: 35. (9) البقرة: 269. (10) البقرة: 247. (11) النساء: 113. (12) النساء: 53 و54. (13) الحديد: 21؛ الجمعة: 4. (14) القصص: 50. (15) محمّد: 8. (16) غافر: 35. (17) الأنبياء: 84. (18) بحار الأنوار 111:51. (19) الأنبياء: 95. (20) النور: 55. (21) القصص: 5. (22) القصص: 85. (23) البقرة: 243. (24) الأعراف: 155. (25) تفسير النعمانيّ (المحكم والمتشابه) 3، والمتن في ص 112. (26) الأنبياء: 105. (27) تفسير القمّي 77:2؛ بحار الأنوار 47:51. (28) تأويل الآيات الظاهرة 332:1 ح 22. (29) تفسير القمّي 126:2؛ تفسير نور الثقلين 464:3 ح 190. ****************** سورة الحج الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (هَذان خَصمانَ اختصموا في رَبّهم فالّذين كفَروا قُطّعت لَهم ثِيابٌ من نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوق رُءُوسِهِم الحَميم).(1) 547 - وبالإسناد عن الحكم بن سالم، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتَين تعادينا في اللَّه، قلنا: َصَدق اللَّه، وقالوا: كذب اللَّه. قاتل أبو سفيان رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله، وقاتل معاويةُ عليَّ بن أبي طالب عليه السلام، وقاتل يزيدُ بن معاوية الحسينَ بن عليّ عليه السلام، والسفيانيُّ يقاتل القائم عليه السلام.(2) الآية الثانية قوله تعالى: (اُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنّهم ظُلِموا وإنّ اللَّهَ على نَصرِهم لَقدير).(3) 548 - محمّد بن العبّاس، بإسناده عن عبد اللَّه بن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام، في قول اللَّه عزّ وجلّ: (اُذِن للذين يُقاتَلون بأنّهم ظُلِموا وإنّ اللَّه على نَصرِهم لَقَدير) قال: في القائم عليه السلام وأصحابه.(4) 549 - عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثني أبي، عن ابن أبي عُمَير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، في قوله: (اُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنّهم ظُلِموا وإنّ اللَّه على نَصرهم لَقَدير) قال: إنّ العامّة يقولون: نزلت في رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا أخرجته قريش من مكة، وإنّما هو القائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام، وهو قوله: نحن أولياؤكم في الدم وطلب الديّة.(5) 550 - روي ابن شهر آشوب؛ عن مقاتل، عن زين العابدين، عن أبيه عليهما السلام، قال: إنّ امرأة ملك بني إسرائيل كبرت وأرادت أن تزوّج بنتها منه للملك، فاستشار الملك يحيي بن زكريّا فنهاه عن ذلك، فعرفت المرأة ذلك وزيّنت بنتها وبعثتها إلى الملك، فذهبت ولعبت بين يديه، فقال لها الملك: ما حاجتك؟ قالت: رأس يحيي بن زكريا، فقال الملك: يابنيّة حاجة غير هذه، قالت: ما اُريد غيره. وكان الملك إذا كذب فيهم عُزل من ملكه، فخيّر بين ملكه وبين قتل يحيي فقتله، ثمّ بعث برأسه إليها في طشت من ذهب، فأُمِرت الأرض فأخذتها، وسلّط اللَّه عليهم بخت نصّر فجعل يرمي عليهم بالمناجيق ولا تعمل شيئاً، فخرجت عليه عجوز من المدينة، فقالت: أيّها الملك إنّ هذه مدينة الأنبياء لا تنفتح إلّا بما أدلّك عليه، قال: لك ما سألت، قالت: إرمها بالخبث والعَذَرة، ففعل فتقطّعت فدخلها، فقال: عليّ بالعجوز، فقال لها: ما حاجتُك؟ قالت: في المدينة دم يغلي، فاقتُل عليه حتّى يسكن، فقتل عليه سبعين ألفاً حتّى سكن. ياولدي، يا عليّ، واللَّهِ لا يسكن دمي حتّى يبعث اللَّه المهدي، فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفَسَقة سبعين ألفاً.(6) 551 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثماليّ، قال: سألتُ أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام: يابن رسول اللَّه لِمَ سمّي عليّ أمير المؤمنين وهو اسم ما سُمّي به أحدٌ قبله ولا يحل لأحد بعده؟ قال: لأنّه ميرة العلم يُمتارُ منه ولا يمتارُ من أحد غيره، قال: فقلت: يابن رسول اللَّه فلِمَ سمّي سيفَه ذا الفقار؟ فقال عليه السلام: لأنّه ما ضرب به أحداً من خلق اللَّه إلّا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده، وأفقره في الآخرة من الجنّة. قال: فقلت: يابن رسول اللَّه، فلستم كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال: بلي، قلت: فلِمَ سمّي القائم قائماً؟ قال: لمّا قتل جدّي الحسين عليه السلام، ضجّت عليه الملائكة إلى اللَّه تعالى بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيّدنا، أتغفل عمّن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك؟ فأوحي اللَّه عزّ وجلّ إليهم: قرّوا ملائكتي، فوعزّتي وجلالي لأنتقمّن منهم ولو بعد حين. ثمّ كشف اللَّه عزّ وجلّ عن الأئمّة من ولد الحسين عليه السلام للملائكة، فسرّت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يصلّي، فقال اللَّه عزّ وجلّ: بذلك القائم أنتقم منهم.(7) 552 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن رزين، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: لمّا ضرب الحسين بن عليّ عليهما السلام، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه، نادي منادٍ من بطنان العرش: ألا أيّتها الاُمّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها، لا وفّقكم اللَّه لأضحي ولا لفِطر. قال: ثمّ قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: فلا جَرَم - واللَّه - ما وُفّقوا ولا يوفّقون حتّى يثأر ثائر الحسين عليه السلام.(8) 553 - روي بالإسناد عن الحلبيّ، قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السلام: لمّا قتل الحسين عليه السلام سمع أهلنا قائلاً يقول بالمدينة: اليوم نزل البلاء على هذه الاُمّة، فلا ترون فرحاً حتّى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم ويقتل عدوّكم وينال بالوتر أوتاراً.(9) 554 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن محمّد بن حمران، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: لمّا كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، ضجّت الملائكة إلى اللَّه بالبكاء وقالت: يُفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك؟ قال: فأقام اللَّه لهم ظلّ القائم عليه السلام وقال: بهذا أنتقم لهذا.(10) 555 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد اللَّه بن عبدالرحمن الأصمّ، عن كرام، قال: حلفتُ فيما بيني وبين نفسي ألّا كل طعاماً بنهارٍ أبداً حتّى يقوم قائم آل محمّد، فدخلت على أبي عبد اللَّه عليه السلام؛ قال: فقلت له: رجلٌ من شيعتكم جعل اللَّه عليه ألّا يكل طعاماً بنهار أبداً حتّى يقوم قائم آل محمّد، قال عليه السلام: فصُمّ - إذاً - يكرام ولا تَصُم العيدَين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنتَ مسافراً ولا مريضاً، فإنّ الحسين عليه السلام لمّا قُتل عجّت السماوات والأرض ومَن عليهما والملائكة، فقالوا: ياربّنا إئذن لنا في هلك الخلق حتي نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حُرمتك وقتلوا صفوتك، فأوحي اللَّه إليهم: يا ملائكتي وياسماواتي وياأرضي اسكنوا، ثمّ كشف حجاباً من الحجب فإذا خلفه محمّد صلى الله عليه وآله وإثنا عشر وصيّاً له عليهم السلام، وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: ياملائكتي وياسماواتي وياأرضي، بهذا أنتصر لهذا - قالها ثلاث مرّات -.(11) الآية الثالثة قوله تعالى: (الّذين إن مَكناهم في الأرضِ أقاموا الصلوة وآتَوُا الزكوة وأَمَروا بالمَعروف ونَهَوا عن المُنكر وللَّهِ عاقبةُ الأُمور).(12) 556 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (الّذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلوةَ وآتَوا الزكوةَ وأمَروا بالمعروف ونَهَوا عن المُنكر وللَّه عاقبةُ الاُمور) قال: هذه لآل محمّد، المهدي عليه السلام وأصحابه يملّكهم اللَّه مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدّين، ويُميت اللَّه عزّ وجلّ به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحقّ، حتّى لا يُري أثر من الظلم، (ويأمُرون بالمعروف ويَنهَون عن المُنكر وللَّه عاقبة الاُمور).(13) 557 - روي الحكم الحسكانيّ في (شواهد التنزيل) بإسناده عن زيد بن عليّ، قال: إذا قام القائم من آل محمّد، يقول: يا أيّها الناس نحن الّذين وعدكم اللَّه في كتابه: (الّذين إن مَكناهم في الأرض)(14) الآية. الآية الرابعة قوله عزّ وجلّ: (وبئرٍ مُعطَّلةٍ وقَصرٍ مَشيد).(15) 558 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي؛ في قوله تعالى: (وبئر مُعطَّلةٍ وقَصرٍ مَشيد)، قال: هو مثل لآل محمّد صلى الله عليه وآله، قوله: (بئر معطّلة) هي الّتي لا يُستسقي منها، وهو الإمام الّذي قد غاب فلا يُقتبس منه العِلم، (والقصر المشيد) هو المرتفع، وهو مثل لأمير المؤمنين عليه السلام والأئمّة وفضائلهم المشرّفة على الدنيا، وهو قوله: (لِيُظِهَره على الدِّين كلّه). وقال الشاعر في ذلك: بئر معطّلة وقصر مشرف فالقصر مجدهمُ الّذي لايُرتقي مَثَل لآل محمّد مستطرفُ والبئر عِلمهم الّذي لا يُنزفُ(16) الآية الخامسة قوله تعالى: (ذلك ومَن عَاقَب بمِثل ما عُوقِب به ثمّ بُغِيَ عليه لَينصُرنّه اللَّه).(17) 559 - في تفسير عليّ بن إبراهيم رحمه الله في قوله تعالى: (ومَن عاقب) يعني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، (بمثل ما عوقب به) يعني حين أرادوا أن يقتلوه، (ثمّ بُغِيَ عليه لَيَنصُرنّه اللَّه) بالقائم من ولده عليه السلام.(18) 560 - قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره: فهو رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا أخرجته قريش من مكة وهرب منهم إلى الغار، وطلبوه ليقتلوه فعاقبهم اللَّه يوم بدر فقُتل عتبة وشيبة والوليد وأبا جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم، فلمّا قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله طُلب بدمائهم، فقتل الحسين عليه السلام وآل محمّد بغياً وعدواناً، وهو قول يزيد حين تمثّل بهذا الشعر: ليتَ أشياخي ببدر شهدوا لأهلّوا واستهلّوا فَرَحاً لستُ من خندف إن لم أنتقم قد قتلنا القَرمَ مِن ساداتهم جَزَع الخزرج من وقع الأَسَلْ ثمّ قالوا يايزيد لا تُشلْ من بني أحمد ما كان فعلْ وعدلناه ببدرٍ فاعتدلْ وقال الشاعر في مثل ذلك: وكذك الشيخ أوصاني به فاتّبعت الشيخ فيما قد سألْ وقال يزيد أيضاً: يقول والرأس مطروح يقلّبهُ: ياليت أشياخنا الماضين بالحضرِ حتّى يقيسوا قياساً لا يقاس بهِ أيّام بدر لكان الوزن بالقدرِ(19) الآية السادسة قوله تعالى: (ويُمسِك السماءَ أن تقع على الأرض إلّا بإذنِه إنّ اللَّهَ بالناس لَرَؤوفٌ رَحيم).(20) المهدي أمان لأهل الأرض 561 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن سليمان بن مهران الأعمش، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السلام، قال: نحن أئمّة المسلمين، وحُجج اللَّه على العالَمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغرّ المحجّلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الّذين بنا يُمسك اللَّه السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبنا يُمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة، وتخرج بركات الأرض، ولولا في الأرض لساخت بأهلها. ثمّ قال: ولم تخلُ الأرض منذ خلق اللَّه آدمَ من حجّة اللَّه فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حُجّة اللَّه فيها، ولولا ذلك لم يُعبَد اللَّه. قال سليمان: فقلت للصادق عليه السلام: فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب.(21) سورة المؤمنون الآية الاولى قوله تعالى: (فإذا نُفِخ في الصُّور فَلا أَنسابَ بينهم يَومَئذ ولا يَتَساءلون).(22) 562 - روي أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن جهم بن أبي جهمة، قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول: إنّ اللَّه تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفَي عام، ثمّ خلق الأبدان بعد ذلك، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض، وما تنكر منها في السماء تنكر في الأرض، فإذا قام القائم عليه السلام ورّث الأخ في الدّين ولم يورّث الأخ في الولادة، وذلك قول اللَّه عزّ وجلّ في كتابه: (قد أَفلَح المُؤمنون) (فإذا نُفِخ في الصُّور فلا أَنسابَ بينهم يَومئذ ولا يتساءلون).(23) سورة النور الآية الاولى قوله تعالى: (اللَّهُ نُور السمواتِ والأرض مَثَل نُوره كمِشكاةٍ فيها مِصباحٌ المصباحُ في زُجاجةٍ الزُّجاجةُ كأنّها كوكبٌ دُرّيٌّ يُوقَدُ من شَجَرةٍ مُبارَكةٍ زَيتُونَةٍ لا شَرقيّة ولا غَربيّة يَكاد زيتُها يُضيءُ ولو لَم تَمسَسهُ نارٌ نُورٌ على نُورٍ يَهدي اللَّه لنُوره مَن يشاء).(24) 563 - روي عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ، قال: دخلت إلى مسجد الكوفة وأمير المؤمنين صلوات اللَّه وسلامه عليه يكتب باصبعه ويتبسّم، فقلت له: يا أمير المؤمنين ما الّذي يُضحكك؟ فقال: عجبت لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حقّ معرفتها. فقلت له: وأيّ آية يا أمير المؤمنين؟ فقال: قوله تعالى: (اللَّه نور السموات والأرض مَثَلُ نوره كمِشكاة) المشكاة محمّد صلى الله عليه وآله، (فيها مِصباح) أنا المصباح، (في زُجاجة) الزجاجة الحسن والحسين، (كأنّها كوكب دُرّيّ) وهو عليّ بن الحسين، (يُوقَد مِن شجرة مباركة) محمّد بن عليّ، (زَيتُونة) جعفر بن محمّد (لا شَرقيّة) موسى بن جعفر (ولا غَربيّة) عليّ بن موسى الرضا (يَكاد زيتها يُضي) محمّد بن عليّ (ولو لم تَمسَسه نار) عليّ بن محمّد، (نُورٌ على نورٍ) الحسن بن عليّ (يَهدي اللَّه لنُوره مَن يشاء) القائم المهدي عليه السلام، (ويَضرِب اللَّهُ الأمثالَ للناس واللَّهُ بكلّ شيء عليم).(25) 564 - الصدوق بإسناد متّصل إلى عيسي بن راشد، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله (كمِشكاة فيها مصباح)، قال: المشكاة نور العِلم في صدر النبيّ صلى الله عليه وآله، (المِصباحُ في زُجاجة) والزجاجة صدر عليّ عليه السلام، صار علم انبيّ صلى الله عليه وآله إلى صدر عليّ عليه السلام، علّم انبيّ علياً صلوات اللَّه عليهما عِلمه (يوقَد مِن شَجَرة مُبارَكة) قال: نور (لا شرقيّة ولا غربيّة) لا يهوديّة ولا نصرانيّة (يَكاد زَيتُها يُضي ولو لم تَمسَسه نار)، قال: يكاد العالم من آل محمّد يتكلّم بالعلم قبل أن يُسئل (نُورٌ على نور) يعني إماماً مؤيّداً بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمّد، وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة. فهؤلاء الأوصياء الّذين جعلهم اللَّه خلفاءه في أرضه وحججه على خلقه، لا تخلو الأرض في كلّ عصر من واحد منهم.(26) 565 - روي النعمانيّ رحمه الله في كتابه في تفسير القرآن بإسناده عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن روي فيه عليه السلام مجموعة أجوبة لأمير المؤمنين عليه السلام عن آيات القرآن وأحكامه، وسألوه صلوات اللَّه عليه عن أقسام النور في القرآن، فقال عليه السلام: النور: القرآن، والنور اسم من أسماء اللَّه تعالي، والنور التوراة، والنور ضوء القمر، والنور ضوء المؤمن وهو الموالاة الّتي يلبس بها نوراً يوم القيامة، والنور في مواضع من التوراة والإنجيل والقرآن حجّة اللَّه على عباده، وهو المعصوم... فقال تعالى: (واتّبعوا النورَ الّذي اُنزل مَعه اُولئك هُمُ المُفلِحون)(27) فالنور في هذا الموضع هو القرآن، ومثله في سورة التغابن قوله تعالى: (فآمنوا باللَّه ورسوله والنور الّذي أنزلنا)(28) يعني سبحانه (بالنور) القرآن وجميع الأوصياء المعصومين من حملة كتاب اللَّه تعالى وخزّانه وتراجمته، الّذين نعتهم اللَّه في كتابه فقال: (وما يعلم تأويله إلّا اللَّه والراسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ مِن عند ربّنا)(29) فهم المنعوتون الّذين أنار اللَّه بهم البلاد، وهدي بهم العباد، قال اللَّه تعالى في سورة النور: (اللَّه نور السموات والأرض مَثَل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زُجاجة الزجاجة كأنّها كوكب دُرّيّ...) إلى آخر الآية، فالمشكاة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والمصباح الوصيّ والأوصياء عليهم السلام، والزجاجة فاطمة، والشجرة المباركة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، والكوكب الدُرّيّ القائم المنتظر عليه السلام الّذي يملأ الأرض عدلاً.(30) الآية الثانية قوله سبحانه: (وأقسموا باللَّه جَهد أَيمانِهم لَئِن أمرتَهم لَيَخرُجنّ قُل لا تُقسِموا طاعةٌ مَعروفة إنّ اللَّه خَبيرٌ بما تَعمَلون).(31) 566 - روي الشيخ الصدوق؛ بإسناده عن عبد اللَّه بن عجلان، قال: ذكرنا خروج القائم عليه السلام عند أبي عبد اللَّه عليه السلام، فقلت له: كيف لنا أن نعلم ذلك؟ فقال عليه السلام: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة.(32) الآية الثالثة قوله تعالى: (وَعَد اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعمِلوا الصالحات لَيَستَخلِفَنَّهم في الأرض كما استخلَف الّذين مِن قَبلِهم ولَيُمَكنَنَّ لهم دِينهم الّذي ارتَضي لهم وليُبدِلَنَّهُم مِن بعد خَوفِهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِكون بي شَيئاً ومَن كفَر بعد ذلك فاُولئك هُمُ الفاسقون).(33) الهوامش: (1) الحجّ: 19. (2) بحار الأنوار 190:52. (3) الحجّ: 39. (4) تأويل الآيات الظاهرة 338:1 ح 16؛ بحار الأنوار 58:51. (5) تفسير القمّي 84:2؛ بحار الأنوار 47:51. (6) مناقب آل آبي طالب 85:4؛ بحار الأنوار 299:45. (7) علل الشرايع 160 ح 1؛ بحار الأنوار 294:37. (8) الكافي 170:4 ح 3؛ بحار الأنوار 134:91. (9) كامل الزيارات 336 ح 14؛ بحار الأنوار 172:45. (10) الكافي 465:1 ح 6؛ أمالي الطوسي 33:2. (11) الكافي 534:1 ح 19؛ بحار الأنوار 402:36. (12) الحجّ: 41. (13) تأويل الآيات الظاهرة 343:1 ح 25؛ بحار الأنوار 165:24. (14) شواهد التنزيل 400:1؛ بحار الأنوار 373:52. (15) الحجّ: 45. (16) تفسير القمّي 85:2؛ بحار الأنوار 101:24. (17) الحجّ: 60. (18) تفسير القمّي 87:2؛ تفسير الصافي 388:3. (19) تفسير القمّي 87:2؛ المحجّة 144. (20) الحجّ: 65. (21) كمال الدّين 207:1 ح 22؛ بحار الأنوار 5:23. (22) المؤمنون: 101. (23) دلائل الإمامة 260؛ تفسير البرهان 120:3 ح 6. (24) النور: 35. (25) المحجّة 147. (26) التوحيد 158 ح 4؛ تفسير نورالثّقلين 604:3 ح 174. (27) الأعراف: 157. (28) التغابن: 8. (29) آل عمران: 7. (30) تفسير النعمانيّ (المحكم والمتشابه) 4، والمتن في ص 20 و21. (31) النور: 53. (32) كمال الدّين 654:2 ح 22؛ بحار الأنوار 305:52. (33) النور: 55. ****************** ائمة أهل البيت هم المستَضعفون في الأرض 567 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغَيبة: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، في معني قوله: (وَعَد اللَّه الّذين آمَنو منكم وعمِلوا الصالحات ليَستخلِفَنَّهم في الأرض كما استخلف الّذين مِن قبلهم وليُمكننّ لهم دينهم الّذي ارتضي لهم وليُبدِلَنَّهم مِن بعد خَوفهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِكون بي شيئاً) قال: نزلت في القائم وأصحابه.(1) 568 - محمّد بن العبّاس، بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وَعَد اللَّه الّذين آمَنو منكم وعمِلوا الصالحات ليَستخلِفَنَّهم في الأرض كما استخلف الّذين مِن قَبلهم) قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ولده عليهم السلام، (وليُمكننّ لهم دينهم الّذي ارتضي لهم وليُبدِلَنَّهم مِن بعد خَوفهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِكون) قال: عني به ظهور القائم عليه السلام.(2) 569 - عنه، بإسناده عن إسحاق بن عبد اللَّه، عن عليّ بن الحسين عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (فوربِّ السماءِ والأرض إنّه لَحقٌّ مِثلما أنّكم تنطقون): قال: قوله: (إنّه لَحقّ) قيام القائم عليه السلام وفيه نزلت هذه الآية (وَعَد اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعمِلوا الصالحات لَيَستخلفنّهم في الأرض كما استخلَف الّذين مِن قبلهم وليُمكننّ لهم دِينهم الذي إرتضي لهم ولَيُبدِلنّهم من بعد خَوفهم أمناً) قال: نزلت في المهدي عليه السلام.(3) 570 - الخزّاز القمّي، بإسناده عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري، قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول اللَّه أخبرني عمّا ليس للَّه، وعمّا ليس عند اللَّه، وعمّا لا يعلمه اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: أمّا ما ليس للَّه، فليس للَّه شريك، وأمّا ما ليس عند اللَّه، فليس عند اللَّه ظلم للعباد، وأمّا ما لا يعلمه اللَّه، فذلك قولكم يامعشر اليهود أنّ عزير ابن اللَّه، واللَّه لا يَعلم له ولداً. فقال جندل: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأ نّك محمّد رسول اللَّه حقّاً، ثمّ قال: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عِمران عليه السلام، فقال لي: ياجندل أسلِم على يد محمّد واستمسك بالأوصياء من بعده، فقلت: أسلمت، ورزقني اللَّه ذلك، فأخبرني عن الأوصياء بعدك لأتمسّك بهم؟ فقال: ياجندل أوصيائي من بعدي بعدد نُقباء بني إسرائيل. فقال: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، إنّهم كانوا إثني عشر، هكذا وجدناهم في التوراة. قال: نعم، الأئمّة بعدي إثنا عشر. فقال: يا رسول اللَّه كلُّهم في زمن واحد؟ قال: لا، ولكن خلف بعد خلف، وإنّك لن تدرك منهم إلّا ثلاثة: أوّلهم سيّد الأوصياء بعدي أبو الأئمّة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ إبناه الحسن والحسين عليهما السلام، فاستمسك بهم من بعدي ولا يغرنّك جهل الجاهلين، فإذا أوقت ولادة إبنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليه السلام يقضي اللَّه عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه. فقال: يا رسول اللَّه هكذا وجدتُ في التوراة: إليانقطوا (4) شبّراً وشبيراً، فلم أعرف أسماءهم، فكم بعد الحسين من الأوصياء، وما أسماءهم؟ فقال: تسعة من صُلب الحسين، والمهدي منهم، فاذا انقضت مدّة الحسين عليه السلام قام بالأمر من بعده عليّ ابنه، ويُلقّب زين العابدين عليه السلام، فإذا انقضت مدّة على قام بالأمر من بعده محمّد ابنه يُدعي بالباقر عليه السلام، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه جعفر يُدعي بالصادق عليه السلام، فإذا انقضت مدّة جعفر قام بالأمر ابنه موسى ويُدعي بالكاظم عليه السلام، ثمّ إذا انقضت مدّة موسى قام بالأمر من بعده عليّ ابنه يُدعي بالرضا عليه السلام، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر بعده محمّد ابنه يُدعي بالزكيّ عليه السلام، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه عليّ يُدعي بالنقي عليه السلام، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر من بعده ابنه الحسن يُدعي بالأمين عليه السلام، ثمّ يغيب عنهم إمامهم. قال: يا رسول اللَّه هو الحسن يغيب عنهم؟ قال: لا، ولكن ابنه. قال: يا رسول اللَّه فما اسمه؟ قال: لا يُسمّي حتّى يظهر. فقال جندل: يا رسول اللَّه وجدنا ذِكرهم في التوراة، وقد بشّرنا موسى بن عمران عليه السلام بك وبالأوصياء من ذُرّيّتك. ثمّ تلا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: (وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين مِن قبلهم وليُمكننّ لهم دِينهم الّذي ارتضي لهم ولَيُبدلنّهم من بعد خَوفهم أمناً). فقال جندل: يا رسول اللَّه فما خوفهم؟ قال: ياجندل في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه، فإذا عجّل اللَّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، ثمّ قال صلى الله عليه وآله: طوبي للصابرين في غيبته، طوبي للمقيمين على محبّتهم، اُولئك مَن وصفهم اللَّه في كتابه فقال: (الّذين يُؤمِنون بالغَيب) ثمّ قال: (اُولئك حِزبُ اللَّه ألا إنّ حِزبَ اللَّه هُمُ المفلحون). قال ابن الأصقع: ثمّ عاش جندل إلى أيّام الحسين بن عليّ عليه السلام ثمّ خرج إلى الطائف، فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال: دخلتُ عليه بالطائف وهو عليل، ثمّ دعا بشربة من لبن، فقال: هكذا عهد لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثمّ مات ودُفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورا رحمه الله.(5) 571 - أبو عليّ الطبرسيّ في تفسير الآية، قال: المرويّ عن أهل البيت عليهم السلام أنّها في المهدي من آل محمّد عليهم السلام.(6) 572 - وروي العيّاشيّ بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، أنّه قرأ الآية وقال: هُم واللَّهِ شيعتنا أهل البيت، يفعل اللَّه ذلك بهم على يَدَي رجل منّا، وهو مهدي هذه الاُمّة، وهو الّذي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لو لم يبقَ مِن الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يأتي رجل من عِترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.(7) ورُوي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السلام.(8) 573 - قال السيّد شرف الدّين: فعلي هذا يكون المراد ب (الّذين آمنوا وعملوا الصالحات) النبيّ وأهل بيته صلوات اللَّه عليهم، وتضمنّت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام القائم المهدي عليه السلام منهم، ويكون المراد بقوله تعالى: (كما استخلف الّذين مِن قَبلهم) هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة، مثل آدم وإبراهيم وداود وسليمان وموسي وعيسي صلوات اللَّه عليهم أجمعين، تبقي دائمة في كلّ آن وكلّ حين.(9) 574 - من كتاب الواحدة: روي عن محمّد بن الحسن بن عبد اللَّه الأطروش، عن جعفر بن محمّد البجليّ، عن البرقيّ، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ اللَّه تبارك وتعالى أحدٌ واحد، تفرّد في وحدانيته، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نوراً، ثمّ خلق من ذلك النور محمّداً صلى الله عليه وآله، وخلقني وذرّيّتي، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحاً، فأسكنه اللَّه في ذلك النور، وأسكنه في أبداننا، فنحن روح اللَّه وكلماته، فبِنا احتجّ على خلقه، فما زلنا في ظلّة خضراء، حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار، ولا عين تطرف، نعبده ونقدّسه ونسبّحه، وذلك قبل أن يخلق الخلق، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنُصرة لنا، وذلك قوله عزّ وجلّ: (وإذ أَخَذَ اللَّه مِيثاقَ النبيّين لَما آتيتُكم مِن كتاب وحِكمة ثُمّ جاءكم رَسولٌ مُصدِّق لِما معكم لتُؤمِنُنَّ به ولتنصُرُنَّه)(10)، يعني لتؤمننّ بمحمّد صلى الله عليه وآله ولتنصرنّ وصيّه وسينصرونه جميعاً. وإنّ اللَّه أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد صلى الله عليه وآله بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمّداً وجاهدت بين يدَيه، وقتلت عدوّه، ووفيت للَّه بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد، والنصرة لمحمّد صلى الله عليه وآله.... إلى أن يصل إلى قوله: أنا أمين اللَّه وخازنه، وعيبة سِرّه وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه، وأنا الحاشر إلى اللَّه، وأنا كلمة اللَّه الّتي يجمع بها المفترق ويفرّق بها المجتمع. وأنا أسماء اللَّه الحسني، وأمثاله العليا، وآياته الكبري، وأنا صاحب الجنّة والنار، اُسكن أهل الجنّة الجنّة، واُسكن أهل النار النار، وإليّ تزويج أهل الجنّة، وإليّ عذاب أهل النار، وإليّ إياب الخلق، وأنا الإياب الّذي يؤوب إليه كلّ شيء بعد القضاء، وإليّ حساب الخلق جميعاً، وأنا صاحب الهبات، وأنا المؤذّن على الأعراف، وأنا بارز الشمس، أنا دابة الأرض، وأنا قسيم النار، وأنا خازن الجنان وصاحب الأعراف. وأنا أمير المؤمنين، ويعسوب المتّقين، وآية السابقين، ولسان الناطقين، وخاتم الوصيين، ووارث النبيين، وخليفة ربّ العالمين، وصراط ربّي المستقيم، وفسطاطه والحُجّة على أهل السماوات والأرضين، وما فيهما وما بينهما، وأنا الّذي احتجّ اللَّه به عليكم في ابتداء خلقكم، وأنا الشاهد يوم الدّين، وأنا الّذي علمت علم المنايا والبلايا والقضايا، وفصل الخطاب والأنساب، واستحفظت آيات النبيين المستخفين المستحفظين. وأنا صاحب العصا والميسم، وأنا الّذي سخّرت لي السحاب والرعد والبرق والظُلَم والأنوار، والرياح والجبال والبحار، والنجوم والشمس والقمر، أنا القرن الحديد، وأنا فاروق الاُمّة، وأنا الهادي، وأنا الّذي أحصيتُ كلّ شيء عَدداً بعِلم اللَّه الّذي أودعنيه، وبسِرّه الّذي أسرّه إلى محمّد صلى الله عليه وآله وأسرّه انبيّ صلى الله عليه وآله إليّ، وأنا الّذي أنحلني ربّي اسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه. يامعشر الناس، اسألوني قبل أن تفقدوني، اللهمّ إنّي اُشهدك وأستعديك عليهم، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العلي العظيم، والحمد للَّه متّبعين أمره.(11) 575 - روي الحكم الحسكانيّ في (شواهد التنزيل) بإسناده عن أبي صادق، عن حنش: أنّ علياً عليه السلام قال: إنّي اُقسم بالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة وأنزل الكتاب على محمّد صدقاً وعدلاً، ليعطفنّ عليكم هذه الآية: (وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا وَعمِلوا الصالحات لَيَستَخلِفَنَّهم في الأرض) الآية.(12) 576 - وروي فرات بن إبراهيم بإسناده عن السدّي، عن ابن عبّاس في قوله: (وعد اللَّه الّذين آمنوا) إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمّد صلى الله عليه وآله.(13) 577 - وروي فرات بإسناده عن القاسم بن عوف، قال: سمعت عبد اللَّه بن محمّد يقول: (وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا وعَمِلوا الصالحات) الآية: قال: هي لنا أهل البيت.(14) 578 - وروي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، قال: سألتُ أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه جلّ جلاله: (وَعَد اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنَّهم في الأرض كما استَخلَف الّذين مِن قبلهم) قال عليه السلام: هم الأئمّة عليهم السلام.(15) 579 - وعنه بإسناده عن سدير الصيرفي، قال: دخلتُ أنا والمفضّل بن عمر، وأبو بصير، وأبان بن تغلب، على مولانا أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام، فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبري مطوّق بلاجيب، مقصّر الكمَّين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلي ذات الكبد الحرّاء، قد بان الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضَيه، وأبلي الدموعُ محجَريه وهو يقول: سيّدي غيبتك نفت رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتك وصلت مصابي بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحسّ بدمعة ترقي من عيني، وأنين يفتر من صدري، من دوارج الرزايا، وسوالف البلايا، إلّا ما لقيني عن غوائل أعظمها وأقطعها، وبواقي أشدّها وأنكرها، ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك. قال سدير: فاستطارت عقولنا وَلَهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً، من الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننّا انّه أسمت لمكروهة قارعة، أو حلّت من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكي اللَّه - يابن خير الوري - عينيك، من أيّ حادثة تسترقي دمعتك، وتستمطر عبرتك، وأيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرةً انتفخ منها جوفه، واشتدّ منها خوفه، وقال: وَيلَكم نظرتُ في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الكتاب المشتمل على عِلم المنايا والبلايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، الّذي خصّ اللَّه به محمّداً والأئمّة من بعده عليهم السلام، وتأمّلت فيه مولد غائبنا وغيبته، وابطاءه وطول عمره، وبلوي المؤمنين في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد كثرهم عن دينهم، وخلعهم من ربقة الإسلام عن أعناقهم، الّذي قال اللَّه جلّ ذكره: (وكلَّ إنسان ألزَمناه طائِرَه في عُنُقه)(16) يعني الولاية، فأخذتني الرقة واستولت عليّ الأحزان. فقلنا: يابن رسول اللَّه كرِّمنا وفضِّلنا بإشركك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من عِلم ذلك. قال: إنّ اللَّه تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل، قدّر مولده تقدير مولد موسي، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسي، وقدّم إبطاءَه بتقدير إبطاء نوح عليهم السلام، وجعل له من بعد ذلك عُمر العبد الصالح الخضر عليه السلام دليلاً على عمره. فقلنا: كشف لنا يابن رسول اللَّه عن وجوه هذه المعاني. قال عليه السلام: أمّا مولد موسى عليه السلام، فإنّ فرعون لمّا وقف على أن زوال ملكه على يده، أمر بإحضار الكهنة، فدلّوه على نسبه، وأنّه يكون من بني إسرائيل، ولم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل، حتّى قتل في طلبه نيّفاً وعشرين ألفاً مولوداً، وتعذّر إليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ اللَّه تبارك وتعالى إيّاه، كذلك بنو اُميّة وبنو العبّاس، لمّا وقفوا على أنّ زوال ملك الاُمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا، ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإبادة نسله طلباً (طمعاً خ) منهم في الوصول إلى قتل القائم، ويأبي اللَّه عزّ وجلّ أن يكشف أمره لواحد من الظلمة، إلّا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون. وأمّا غيبة عيسي عليه السلام، فإنّ اليهود والنصاري اتّفقت على أنّه قُتل، فكذّبهم اللَّه عزّ ذكره، يقول عزّ وجلّ: (وما قَتَلوه وما صَلَبوه ولكن شُبِّه لهم)(17) كذلك غيبة القائم عليه السلام فإنّ الاُمّة ستنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدي بأنّه لم يُولَد، وقائل يقول انّه وُلد ومات، وقائل يكفر بقوله أنّ حادي عشرنا كان عقيماً، وقائل يمرق بقوله أنّه يتعدّي إلى ثالث عشر، وما عدا، وقائل يعصي اللَّه عزّ وجلّ بقوله أنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره. وأمّا إبطاء نوح عليه السلام، فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء، بعث اللَّه تبارك وتعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع نوايات، فقال: يانبيّ اللَّه، إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي، لست أُبيدهم بصاعقة من صواعقي إلّا بعد تكيد الدعوة وإلزام الحجّة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فإنّي مُثيبك عليه، واغرس هذا النوي، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وإدركها إذا أثمرت الفرج والخلاص؛ فبشّر بذلك من اتّبعك من المؤمنين. فلمّا نبتت الأشجار وتأزّرت وتشرفّت (وتشوّقت خ) واعتصبت، وزهر الثمر عليها بعد زمن طويل، استنجز من اللَّه سبحانه وتعالي العِدة، فأمره اللَّه تبارك وتعالى أن يغرس نوي تلك الأشجار ويعاود الصبر والإجتهاد، ويؤكد الحجّة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به، فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل، وقالوا: لو كان ما يدّعيه نوح حقّاً، لما وقع في وعد ربّه خُلف، ثمّ إنّ اللَّه تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها مرّةً بعد اُخري، إلى أن غرسها سبع مرّات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة بعد طائفة، إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلاً، فأوحي اللَّه تبارك وتعالى عند ذلك إليه، وقال: يانوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك، حين صرّح الحقّ عن محضه، وصفي من الكدر بارتداد مَن كانت طينته خبيثة فلو أ نّي أهلكت الكفّار وأبقيتُ مَن قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك، لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوّتك، فإنّي أستخلفهم في الأرض وأُمكن لهم دينهم، واُبدّل خوفهم بالأمن، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبذل الأمن منّي لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا وخُبث طينتهم وسوء سرائرهم الّتي كانت نتايج النفاق وشيوخ الضلالة، فلو أنّهم تنسّموا من الملك الّذي اُوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعدائهم، لنشقوا روائح صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، وتأبّد خبالة ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا اخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرياسة، والتفرّد بالأمر والنهي، وكيف يمكن التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب، كلّا فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا. قال الصادق عليه السلام: وكذلك القائم عليه السلام، فإنّه يمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشي عليهم النفاق إذا أحسّوا بالإستخلاف والتمكين والأمر المنتشر في عهد القائم عليه السلام. قال المفضّل: فقلت: يابن رسول اللَّه، فإنّ هذه النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ عليه السلام. فقال: لا يهدي اللَّه قلوب الناصبة، متى كان الدّين الّذي ارتضاه اللَّه ورسوله متمكناً بانتشار الأمر في الاُمّة وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء وفي عهد عليّ عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت من الكفّار. ثمّ تلا الصادق عليه السلام: (حتّى إذا استَيْأَس الرُّسُل وظَنُّو أَنّهم قد كذِبُوا جاءَهم نَصرُنا).(18) وأمّا العبد الصالح الخضر عليه السلام، فإنّ اللَّه تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدرها له، ولا لكتاب ينزل عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة مَن كان قبله مِن الأنبياء، ولا لأمّة يلزمهم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلي إنّ اللَّه تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السلام في أيّام غيبته ما يقدّر، علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك، إلّا لعلّة الإستدلال به على عمر القائم عليه السلام، ولينقطع بذلك حجّة المعاندين، لئلّا يكون للناس على اللَّه حجّة.(19) 580 - روي الطبرسيّ في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام يذكر فيه من تقدّم عليه، فقال عليه السلام: مثل ما أتوه من الإستيلاء على أمر الاُمّة كلّ ذلك ليتمّ النظرة الّتي أوجبها اللَّه تبارك وتعالى لعدوّه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحقّ القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحقّ الّذي بينه اللَّه في كتابه بقوله: (وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنّهم في الأرض كما استخلَف الّذين مِن قبلهم) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا إسمه، ومن القرآن إلّا رسمه، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتّى يكون أقرب الناس اليه أشدّ عداوة له، وعند ذلك يؤيّده اللَّه بجنود لم يروها، ويظهر دين نبيّه صلى الله عليه وآله على يديه على الدّين كلّه ولو كره المشركون.(20) 581 - روي العلّامة المجلسيّ رضوان اللَّه عليه، قال: روي الصفوانيّ في كتابه عن صفوان: أنّه لمّا طلب المنصور أبا عبد اللَّه عليه السلام، توضّأ وصلّي ركعتين ثمّ سجد سجدة الشكر وقال: اللهمّ إنّك وَعَدتَنا على لسان نبيّك محمّد صلى الله عليه وآله ووعدك الحقّ، أنّك تبدلنا من بعد خوفنا أمناً، اللهمّ فأنجز لنا ما وعدتَنا إنّك لا تُخلف الميعاد. قال: قلت له: يا سيّدي فأين وعد اللَّه لكم؟ فقال عليه السلام: قول اللَّه عزّ وجلّ: (وَعَد اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنَّهم) الآية. وروي أنّه تلي بحضرته عليه السلام: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا)(21) الآية، فهملتا عيناه عليه السلام وقال: نحن واللَّهِ المستَضعَفون.(22) 582 - روي النعمانيّ؛ عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالي ملِكاً إلى السماء الدنيا، فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور، ونصب لمحمّد وعليّ والحسن والحسين: منابر من نور، فيصعدون عليها وتُجمع لهم الملائكة والنبيّون والمؤمنون، وتُفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ياربّ ميعادك الّذي وعدت به في كتابك، وهو هذه الآية: (وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنّهم في الأرض كما استخلَف الّذين مِن قبلهم وليُمكننّ لَهم دينهم الّذي ارتضي لهم وليُبدِلَنّهم مِن بعد خَوفهم أمناً) ثمّ يقول الملائكة والنبيّون مثل ذلك، ثمّ يخرّ محمّد وعليّ والحسن والحسين سُجّداً، ثمّ يقولون: ياربّ اغضَب، فإنّه قد هُتِك حريمك، وقُتِل أصفياؤك، واُذلّ عبادك الصالحون، فيفعل اللَّه ما يشاء، وذلك يوم معلوم.(23) 583 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمة اللَّه عليه، عن زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، أنّه قال: لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قام قائمنا بعد، سيري مَن يُدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّد صلى الله عليه وآله ما بلغ الليل، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض، كما قال اللَّه تعالى: (يَعبُدونني لا يُشرِكون بي شَيئاً).(24) 584 - روي الطوسيّ رحمه الله بإسناده عن إسحاق بن عبد اللَّه بن عليّ بن الحسين، في هذه الآية: (فوربِّ السماء والأرضِ إنّه لَحَقٌ مِثل ما أَنّكم تَنطِقون)(25) قال: قيام القائم عليه السلام من آل محمّد صلى الله عليه وآله؛ قال: وفيه نزلت: (وَعدَ اللَّه الّذين آمَنوا منكم وعَمِلوا الصالحات لَيستخلِفَنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليُمكننّ لهم دِينَهم الّذي ارتضي لهم وليُبدِلنّهم من بعد خَوفهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِكون بي شَيئاً) قال: نزلت في المهدي عليه السلام.(26) 585 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره لهذه الآية، قال: نزلت في القائم من آل محمّد صلى الله عليه وآله.(27) الهوامش: (1) الغَيبة للنعمانيّ 126؛ بحار الأنوار 58:51. (2) تأويل الآيات الظاهرة 369:1 ح 21. (3) تأويل الآيات الظاهرة 369:1 ح 22؛ بحار الأنوار 54:51. (4) بقطو (خ ه). (5) كفاية الأثر 61-56؛ تفسير البرهان 146:3. (6) تفسير مجمع البيان 152:7؛ تفسير البرهان 146:3. (7) تفسير العيّاشي 136:2. (8) تفسير مجمع البيان 152:7. (9) تأويل الآيات الظاهرة 1 : 370-369. (10) آل عمران: 81. (11) تفسير البرهان 150:3 ح 9؛ بحار الأنوار (والمتن منه) 46:53. (12) شواهد التنزيل 412:1. (13) تفسير فرات 289 ح 390. (14) نفس المصدر 289 ح 391. (15) الكافي 193:1 ح 4؛ تفسير الصافي 443:3. (16) الإسراء: 13. (17) النساء: 157. (18) يوسف: 110. (19) تفسير البرهان 149-147: 3 ح 8. (20) الإحتجاج 382:1. (21) القصص: 5. (22) بحار الأنوار 64:51. (23) الغَيبة للنعماني 276 ح 56؛بحار الأنوار 297:52. (24) تفسير مجمع البيان 43:2. (25) الذاريات: 23. (26) الغَيبة للطوسيّ 110؛ بحار الأنوار 53:51. (27) تفسير القمّي 14:1؛ تفسير الصافي 444:3. ****************** سورة الفرقان الآية الاولى قوله تعالى: (بل كذَّبوا بالساعة وأَعتَدنا لِمَن كذَّب بالساعة سَعيراً).(1) 586 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ، في كتاب الغَيبة بإسناده عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام: الليل إثنتا عشرة ساعة، والنهار إثنتا عشرة ساعة، والشهور إثنا عشر شهراً، والأئمّة إثنا عشر إماماً، والنقباء إثنا عشر نقيباً، وانّ علياً عليه السلام ساعة من إثني عشرة ساعة، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (بل كذَّبوا بالساعة وأَعتَدنا لِمَن كذَّب بالساعة سَعيراً).(2) 587 - عنه، بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ما معني قول اللَّه عزّ وجلّ: (بل كذَّبوا بالساعة وأَعتَدنا لِمَن كذَّب بالساعة سَعيراً). فقال لي: إنّ اللَّه خلق السنة إثني عشر شهراً، وجعل الليل إثنتي عشرة ساعة، وجعل النهار إثني عشرة ساعة، ومنّا إثني عشر محدّثاً، وكان أمير المؤمنين عليه السلام ساعة من تلك الساعات.(3) 588 - عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إنّ الليل والنهار إثنتا عشرة ساعة، وانّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أشرف ساعة من إثنتي عشرة ساعة، وهو قول اللَّه تعالى: (بل كذَّبوا بالساعة وأَعتَدنا لِمَن كذَّب بالساعة سَعيراً).(4) أقول: ينصّ الحديث الشريف على أنّ الإمام المهدي عليه السلام هو أحد الساعات، وأنّ المكذّب به سيصلي سعيراً حسب الوعد الإلهيّ الّذي لا يتخلّف. الآية الثانية قوله تعالى: (المُلك يَومَئِذٍ الحَقُّ للرحمن وكانَ يوماًعلي الكافِرين عَسيراً).(5) 589 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن عليّ بن أسباط، قال: روي أصحابنا في قول اللَّه عزّ وجلّ: (المُلك يَومئذٍ الحَقَّ للرحمن) قال: إنّ الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم، ولكن إذا قام القائم عليه السلام، لم يُعبد إلّا اللَّه عزّ وجلّ.(6) الآية الثالثة قوله سبحانه: (وهو الّذي خَلَق مِن الماءِ بَشَراً فجَعَلَه نَسَباً وصِهراً وكان ربُّك قَديراً).(7) 590 - روي ابن شهر آشوب؛ عن ابن عبّاس، وابن مسعود، وجابر والبراء، وأنس، واُم سلمة، والسدي، وابن سيرين، في قوله تعالى: (وهو الّذي خَلَق مِن الماءِ بَشَراً فجَعَلَه نَسَباً وصِهراً) قالوا: قال الإمام الباقر عليه السلام: هو محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، (وكان ربُّك قديراً) القائم في آخر الزمان، لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة والقرابة إلّا له، فلأجل ذلك استحقّ الميراث بالنسب والسبب.(8) الآية الرابعة قوله سبحانه: (وعِبادُ الرحمن الّذين يَمشُون على الأرضِ هَوناً وإذا خَاطَبَهُمُ الجاهِلون قالوا سَلاماً - والَّذين يَبيتُون لِرِبِّهم سُجَّداً وقِياماً - والَّذين يَقولون ربَّنا اصرِف عنَّا عذابَ جَهنَّم إنَّ عذابَها كان غَراماً - إنَّها ساءَت مُستَقَرّاً ومُقاماً).(9) 591 - روي فرات بن إبراهيم الكوفيّ، عن محمّد بن القاسم بن عبيد معنعناً، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله تبارك وتعالي: (الّذين يَمشُون على الأرض هَوناً - إلى قوله: - حَسُنت مُستقَرّاً ومُقاماً) ثلاث عشرة آية، قال: هم الأوصياء يمشون على الأرض هَوناً، فإذا قام القائم عرفوا كلّ نصب عليه، فإن أقرّ بالإسلام وهي الولاية، وإلّا ضربت عنقه، أو أقرّ بالجزية فأدّاها كما يؤدّي أهل الذمّة.(10) سورة الشعراء الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (إن نشأ نُنَزِّل عليهم مِن السماء آيةً فَظَلَّت أَعناقُهُم لها خَاضِعين).(11) بعض علامات الظهور 592 - وأسند إلى أبي جعفر عليه السلام: آيتان تكونان قبل القائم كسوف الشمس في نصف الشهر، والقمر في آخره، فتعجّب السامع، فقال: أنا أعلم بما قلت، إنّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام.(12) 593 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسيره، بإسناده عن هشام، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: تخضع رقابهم، يعني بني اُميّة، وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر عليه السلام.(13) 594 - روي النعمانيّ بإسناده عن داود الدُّجاجيّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام قال: سُئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى: (فَاختَلَف الأحزابُ مِن بَينهم)(14) فقال: انتظروا الفرج من ثلاث، فقيل: يا أمير المؤمنين وما هنّ؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان، فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: أوما سمعتم قول اللَّه عزّ وجلّ في القرآن: (إن نَشَأ ننزّل عليهم مِن السماءِ آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضِعين) هي آية تُخرج الفتاة من خِدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان.(15) 595 - محمّد بن يعقوب، بإسناده عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: خمس علامات قبل قيام القائم عليه السلام: الصيحة، والسفيانيّ، والخسف، وقَتل النفس الزكيّة، واليمانيّ، فقلت: جُعلت فدك، فإن خرج أحد أهل بيتك قبل هذه العلامات، أنخرج معه؟ قال: لا، قال: فلمّا كان من الغد، تلوت هذه الآية: (إن نشأ ننزّل عليهم من السماءِ آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضِعين) فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: أما لو كانت، خضعت أعناق أعداء اللَّه عزّ وجلّ.(16) 596 - محمّد بن ابراهيم النعمانيّ بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام، فسمعت رجلاً من همدان يقول: إنّ العامّة يعيّرونا ويقولون لنا: انّكم تزعمون أنّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر، وكان متكياً فغضب وجلس، ثمّ قال: لا ترووه عنّي وارووه عن أبي ولا حَرَج عليكم في ذلك، أشهد أنّي قد سمعت أبي عليه السلام يقول: واللَّه إنّ ذلك في كتاب اللَّه عزّ وجلّ لبيّن، حيث يقول: (إن نَشأ ننزّل عليهم مِن السماءِ آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضِعين) ولا يبقي في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب وشيعته، فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتواري عن أهل الأرض، ثمّ ينادي: ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته فإنّه قُتل مظلوماً، فاطلبوا بدمه، قال: (يُثبِّتُ اللَّهُ الّذين آمَنوا بالقَول الثابت)(17) على الحقّ وهو النداء الأوّل، ويرتاب يومئذ الّذين في قلوبهم مرض، والمرض - واللَّه - عداوتنا، فعند ذلك يتبرّأون منّا ويتناولونا، فيقولون: إنّ المنادي الأوّل سحرٌ من سحر أهل هذا البيت، ثمّ تلا أبو عبد اللَّه عليه السلام: (وإن يَرَوا آيةً يُعرِضوا ويَقولُوا سِحرٌ مُستمِرّ).(18) وعنه بإسناده عن عبدالصمد بن بشير مثله سواء بلفظه.(19) 597 - وروي نعيم بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ينادي مُنادٍ من السماء: ألا إنّ الحقّ في آل محمّد صلى الله عليه وآله، وينادي منادٍ من الأرض: ألا إنّ الحقّ في آل عيسي - أو قال: العبّاس، أنا أشك فيه - وإنّما الصوت الأسفل من الشيطان يلبّس على الناس.(20) 598 - وروي النعمانيّ بإسناده عن فضيل بن محمّد مولي محمّد بن راشد الحلبي، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: أما إنّ النداء من السماء بإسم القائم في كتاب اللَّه لبيّن، فقلت: وأين هو أصلحك اللَّه؟ فقال: في (طسم تِلك آياتُ الكتاب المُبين) قوله: (إن نشأ نُنزّل عليهم مِن السماء آيةً فظلّت أعناقُهم لَها خاضعين) قال: إذا اصبحوا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنّما على رؤوسهم الطير.(21) 599 - وروي السيّد ابن طاووس عن نعيم بإسناده عن عليّ عليه السلام قال: بعد الخسف ينادي منادٍ من السماء: إنّ الحقّ في آل محمّد، في أوّل النهار، ثمّ ينادي منادٍ في آخر النهار: إنّ الحقّ في ولد عيسي، وذلك نخوة من الشيطان.(22) 600 - محمّد بن العبّاس بإسناده عن طريق العامة، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ: (إن نَشأ نُنزّل عليهم من السماءِ آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضعين) قال: هي نزلت فينا وفي بني اُميّة، يكون لنا دولة تذلّ أعناقهم لنا بعد صعوبة، وهَوان بعد عِزّ.(23) 601 - وعنه، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألتُه عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (إن نَشَأ ننزّل عليهم مِن السماء آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضِعِين) قال: نزلت في قائم آل محمّد صلى الله عليه وآله يُنادي باسمه من السماء.(24) 602 - وروي بالإسناد عن أبي الورد، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (إن نَشَأ ننزّل عليهم مِن السماءِ آيةً) قال: النداء من السماء باسم رجل وأبيه.(25) 603 - روي الشيخ المفيد؛ بإسناده عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قوله تعالي شأنه: (إن نَشَأ ننزّل عليهم مِن السماء آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضِعِين) قال: سيفعل اللَّه ذلك لهم، قلت: ومَن هم؟ قال: بنو اُميّة وشيعتهم، قلت: وما الآية؟ قال: ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر، وخروج صدر الرجُل ووجه في عين الشمس يُعرَف بحَسَبه ونَسَبه، وذلك في زمان السفياني، وعندها يكون بواره وبوار قومه.(26) 604 - روي الطوسي؛ بإسناده عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: سمعت أبا عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول: إنّ القائم لا يقوم حتّى ينادي منادٍ من السماء يُسمع الفتاة في خِدرها ويُسمع أهل المشرق والمغرب، وفيه نزلت هذه الآية: (إن نَشَأ ننزّل عليهم مِن السماء آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضِعِين).(27) 605 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد، قال: قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام: لا دِين لمن لا وَرَع له، ولا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّ كرمكم عند اللَّه أعملكم بالتقيّة، فقيل له: ياابن رسول اللَّه إلى متي؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا. فقيل له: يابن رسول اللَّه ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال: الرابع من ولدي، ابن سيّدة الإماء، يطهّر اللَّه به الأرض من كلّ جور، ويقدّسها من كلّ ظلم. (وهو) الّذي يشك الناس في ولادته، وهو صاحب الغَيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحدٌ أحداً. وهو الّذي تطوي له الأرض، ولا يكون له ظلّ. وهو الّذي يُنادي منادٍ من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول: ألا إنّ حجّة اللَّه قد ظهر عند بيت اللَّه فاتّبعوه، فانّ الحقّ معه وفيه. وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (إن نشأ ننزّل عليهم مِن السماءِ آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضعين).(28) 606 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمه الله عن أبي حمزة الثمالي في هذه الآية: أنّها صوت يُسمَع من السماء في النصف من شهر رمضان وتخرج له العوائق من البيوت.(29) 607 - روي السيّد ابن طاووس رحمه الله عن ابن مسعود، عن انبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: إذا كانت صيحة في رمضان، فانّها تكون معمعة في شوّال، وتميّز القبائل في ذي القعدة، وتسفك الدماء في ذي الحجّة، والمحرّم وما المحرّم؟ يقولها ثلاثاً، هيهات هيهات، يقتل الناس فيها هرجاً هرجاً. قلنا: وما الصيحة يا رسول اللَّه؟ قال: هَدَّة في النصف من رمضان يوم جمعة ضحي، وذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة، فتكون هدّة توقظ النائم، وتُقعد القائم، وتُخرج العواتق من خدورهنّ في ليلة جمعة، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة، فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم، وسدّوا كوكم، ودثّروا أنفسكم، وسدّوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة، فخرّوا للَّه سُجّداً وقولوا: (سُبحان القُدّوس ربّنا القدّوس) فإنّه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك.(30) 608 - وروي السيّد ابن طاووس؛ عن شهر بن حوشب، قال: بلغني أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: يكون في رمضان صوت، وشوال مهمهة (معمعة)، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل، وفي ذي الحجّة يُنتَهَب الحاج، وفي المحرّم ينادي مناد من السماء: ألا إنّ صفوة اللَّه من خلقه فلان، فاسمعوا له وأطيعوا.(31) 609 - وروي السيّد عن نُعيم في كتاب الفتن بسنده عن كثير بن مرّة الحضرمي، قال: آية الحدثان في رمضان علامة في السماء يكون بعدها اختلاف الناس، فإن أدركتَها فكثر من الطعام ما استطعت.(32) 610 - وروي السيّد عن نعيم بسنده عن سعيد بن المسيّب، قال: تكون بالشام فتنة كلّما سكنت من جانب، طمّت من جانب، فلا تتناهي حتّى ينادي منادٍ من السماء: إنّ أميركم فلان.(33) 611 - وروي السيّد رحمه الله عن نعيم بسنده عن عليّ عليه السلام، قال: إذا نادي منادٍ من السماء إنّ الحقّ في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبّه، فلا يكون لهم ذِكر غيره.(34) 612 - وروي السيّد ابن طاووس عن نعيم، بسنده عن سلمة بن أبي سلمة، عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: (في المحرم ينادي منادٍ من السماء: ألا إنّ صفوة اللَّه من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا، في سنة الصوت والمعمعة).(35) 613 - وروي بإسناده عن الزهري، قال: إذا التقي السفيانيّ والمهدي للقتال يومئذ يسمع صوت من السماء: ألا إنّ أولياء اللَّه أصحاب فلان، يعني: المهدي. قال الزهري: قالت أسماء بنت عميس: إنّ أمارة ذلك أنّ كفّاً من السماء مدلّاة ينظر إليها الناس.(36) 614 - وروي بإسناده عن الزهريّ، قال: يخرج المهدي من مكة بعد الخسف في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً عدّة أهل بدر، فيلتقي هو وصاحب جيش السفيانيّ، وأصحاب المهدي يومئذ جُنّتهم البراذع، وقال: إنّه يُسمَع يومئذ صوت من السماء، منادياً ينادي: ألا إنّ أولياء اللَّه أصحاب فلان - يعني المهدي - فتكون الدبرة على أصحاب السفيانيّ فيُقتَلون، لا يبقي منهم إلّا الشريد، فيهربون إلى السفيانيّ فيُخبرونه، ويخرج المهدي إلى الشام، ويتلقّي السفيانيّ المهدي ببيعته، ويتسارع الناس إليه من كلّ وجه، ويملأ الأرض عدلاً.(37) الآية الثانية قوله عزّ وجلّ: (فَفَررتُ مِنكم لَمّا خِفتُكم فَوَهَب لي رَبّي حُكماً وجَعَلَني مِنَ المُرسَلين).(38) 615 - روي النعمانيّ بإسناده عن المفضّل، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة يقول فيها: (فَفَررتُ مِنكم لَمّا خِفتُكم فَوَهَب لي رَبّي حُكماً وجَعَلَني مِنَ المُرسَلين).(39) الآية الثالثة قوله تعالى: (أفرأيتَ إن مَتّعناهم سِنين - ثمّ جاءَهم ما كانوا يُوعَدون - ما أغني عنهم ما كانوا يُمَتَّعون).(40) 616 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن معلّي بن خنيس، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (أفرأيت إن متّعناهم سِنين - ثُمّ جاءَهم ما كانوا يُوعَدون) قال: خروج القائم عليه السلام، (مَا أغني عنهم ما كانوا يُمَتَّعون) قال: هم بنو اُميّة الّذين متّعوا في دنياهم.(41) الآية الرابعة قوله تعالى: (وَسَيَعلَمُ الذَّين ظَلَموا أيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبون).(42) 617 - الشيخ الصدوق، بإسناده عن الحسين بن خالد، عن عليّ بن موسى الرضاعليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: من أحبّ أن يتمسّك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي، فليقتدي بعليّ بن أبي طالب عليه السلام، وليُعاد عدوّه، وليوال وليه، فإنّه (خليفتي) ووصيّي، وخليفتي على متى في حياتي وبعد وفاتي، وهو أمير (إمام) كلّ مسلم، وأمير كلّ مؤمن بعدي، قوله قولي، وأمرُهُ أمري، ونهيه نهيي، وتابعه تابعي، وناصره ناصري، وخاذله خاذلي. ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: مَن فارق عليّاً بعدي، لم يرَنَي ولم أره يوم القيامة، ومن خالَفَ عليّاً حرّم اللَّه عليه الجنّة وجعل مأواه النار وبئس المصير، ومَن خذل عليّاً خذَلَه اللَّه يوم يُعرَض عليه، ومَن نصر عليّاً نَصَرهُ اللَّه يوم يلقاه، ولَقَّنهُ حجته عند المنازلة (المسائلة). ثمّ قال صلوات اللَّه عليه وآله: والحسن والحسين إماما متى بعد أبيهما، وسيِّدا شباب أهل الجنّة، وأمّهما سيِّدة نساء العالمين، وأبوهما سيِّد الوصيِّين، ومن ولد الحسين تسعة أئمّة، تاسعهم القائم عليه السلام من ولدي، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، إلى اللَّه أشكو المنكرين لفضلهم، والمضيِّعين لحِقّهم (لحرمتهم) بعدي، وكفي باللَّه وليّاً، وكفي باللَّه نصيراً (وناصراً) لعترتي وأئمّة أمّتي، ومنتقماً من الجاحدين لحقّهم (وسَيَعلَمُ الّذين ظَلَمُوا أيَّ مُنقَلبٍ ينقلبون).(43) 618 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدِّه عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: القائم من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنَّته سنتي، يُقيم الناس على مِلّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربّي عزّ وجلّ، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلى اللَّه أشكو المكذّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لمتى عن طريقته، (وسَيَعلَمُ الّذين ظَلَمُوا أيَّ مُنقَلبٍ ينقلبون).(44) الهوامش: (1) الفرقان: 11. (2) الغَيبة للنعمانيّ 40؛ المحجّة 153. (3) الغَيبة للنعماني 40. (4) تفسير القمّي 112:2. (5) الفرقان: 26. (6) تأويل الآيات الظاهرة 372:2، ح 4. (7) الفرقان: 54. (8) مناقب آل أبي طالب 181:2. (9) الفرقان: 66-63. (10) تفسير فرات 293-292 ح 395. (11) الشعراء: 4. (12) الإرشاد 359 باختصار بعض ألفاظه. (13) نفس المصدر. (14) مريم: 37. (15) الغَيبة للنعمانيّ 251 ح 8. (16) روضة الكافي 310. (17) ابراهيم: 27. (18) القمر: 2. (19) الغَيبة للنعمانيّ 261-260 ح 19. (20) الفتن لابن حماد 92؛ التشريف بالمنن 130 ب 117 ح 140. (21) الغَيبة للنعماني 263 ح 23. (22) التشريف بالمنن 133 ب 123 ح 148. (23) تأويل الآيات الظاهرة 386:1 ح 1. (24) تأويل الآيات الظاهرة 386:1 ح 2. (25) المحجّة 160. (26) الإرشاد 359؛ إعلام الوري 428. (27) الغَيبة للطوسيّ 110؛ بحار الأنوار 285:52. (28) كمال الدّين 371 ح 5. (29) تفسير مجمع البيان 184:4؛ عقد الدرر 101 ب 4 ف 3. (30) الملاحم والفتن 100 ب 60 ح 72. (31) التشريف بالمنن 106 ب 68. (32) التشريف بالمنن 106 ب 70. (33) نفس المصدر 110، ب 77. (34) نفس المصدر 129، ب 113. (35) نفس المصدر 132 ب 120. (36) نفس المصدر 133 ب 125. (37) التشريف بالمنن 140 ب 136. (38) الشعراء: 21. (39) الغَيبة للنعمانيّ 175-174 ح 11 و12. (40) الشعراء: 207-205. (41) تأويل الآيات الظاهرة 1 : 393-392 ح 18. (42) الشعراء: 277. (43) كمال الدّين 260:1؛ المحجّة 162. (44) نفس المصدر 411:2 ح 6. ****************** سورة النمل الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (ولقد آتَينا داودَ وسُلَيمان عِلماً وقالا الحمدُ للَّه الّذي فَضَّلَنا على كَثير مِن عِباده المؤمنين).(1) 619 - روي العلّامة عليّ بن إبراهيم القمّي؛ في الآية الكريمة، قال: اُطيَ داود وسليمان ما لم يعط أحداً من انبياء اللَّه من الآيات، علّمهما منطِق الطير، وألان لهما الحديد والصِفر من غير نار، وجُعلت الجبال يسبّحن مع داود، وأنزل اللَّه عليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء وأخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين عليه السلام، والأئمّة عليهم السلام، من ذرّيتهما عليهما السلام، وأخبار الرجعة، والقائم عليه السلام، لقوله: (ولقد كتَبنا في الزَّبور مِن بعد الذِكر أنّ الأرض يَرِثُها عِبادِيَ الصالحون).(2)،(3) الآية الثانية قوله عزّ وجلّ: (قُل الحَمدُ للَّه وسَلامٌ على عِباده الّذين اصطفي ءَاللَّه خيرٌ أمّا يُشرِكون).(4) 620 - روي العلّامة ابن شهر آشوب؛ عن ابن عبّاس في قوله: (الحَمدُ للَّه وسَلامٌ على عِباده الّذين اصطفى) قال: هم أهل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: عليّ بن أبي طالب وفاطمة، والحسن والحسين عليهم السلام وأولادهم إلى يوم القيامة، هم صفوة اللَّه وخيرته من خلقه.(5) الآية الثالثة قوله عزّ وجلّ: (أمَّن يُجيب المُضطَرّ إذا دَعاه ويَكشِف السُّوءَ ويَجعلكم خُلَفاء الأرض ءَإلهٌ مع اللَّه قليلاً ما تَذَكرون).(6) 621 - روي النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، في قوله تعالى: (أمّن يُجِيب المُضطَرَّ إذا دَعَاه)، قال: نزلت في القائم عليه السلام، وكان جبرئيل عليه السلام على الميزاب في صورة طير أبيض، فيكون أوّل خلق اللَّه مبايعة له - أعني جبرئيل - ويبايعه الناس الثلاثمائة وثلاثة عشر، فمن كان ابتلي بالمسير، وافي تلك الساعة، ومَن (لم يُبتل بالمسير) فُقِدَ من فراشه، وهو قول أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: (المفقودون من فُرشهم) وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (فاستَبِقوا الخيرات أين ما تكونوا يأتِ بكم اللَّه جميعاً)(7) قال: الخيرات الولاية لنا أهل البيت.(8) 622 - وروي محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم في كتاب (علل الأشياء) في قوله تعالى: (أمَّن يُجيب المُضطَرّ إذا دَعاه ويَكشِف السُّوءَ ويَجعلكم خُلَفاء الأرض)، قال، قال الصادق عليه السلام: هو واللَّه القائم إذا قام في الكعبة وصلّي ركعتين ودعا اللَّه، فهذا ممّا لم يكن بعد، وسيكون إن شاء اللَّه.(9) 623 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن إبراهيم بن عبدالحميد، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّ القائم إذا خرج، دخل المسجد الحرام فيستقبل الكعبة ويجعل ظهره إلى المقام ثمّ يصلّي ركعتين، ثمّ يقوم فيقول: ياأيّها الناس أنا أولي الناس بآدم، ياأيّها الناس أنا أولي الناس بإبراهيم، ياأيّها الناس أنا أولي الناس بإسماعيل، ياأيّها الناس أنا أولي الناس بمحمّد صلى الله عليه وآله، ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرّع حتّى يقع على وجهه، وهو قوله عزّ وجلّ: (أمَّن يُجيب المُضطَرّ إذا دَعاه ويَكشِف السُّوءَ ويَجعلكم خُلَفاء الأرض ءإلهٌ مع اللَّه قليلاً ما تَذَكرون).(10) 624 - وبالإسناد عن ابن عبدالحميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (أمّن يُجيب المُضطَرّ إذا دعاه)، قال: هذا نزلت في القائم عليه السلام إذا خرج تعمّم وصلّي عند المقام وتضرّع إلى ربّه، فلا تُرَدّ له راية أبداً.(11) 625 - وفي تفسير عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى: (أمَّن يُجيب المُضطَرّ إذا دَعاه ويَكشِف السُّوءَ ويَجعلكم خُلَفاء الأرض) روي بإسناده عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: نزلت في القائم عليه السلام، هو واللَّه المضطرّ إذا صلّي في المقام ركعتين ودعا اللَّه فأجابه، ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض.(12) 626 - روي محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام، أنّه قال: يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب - وأومي بيده إلى ناحية ذي طوي - حتّى إذا كان قبل خروجه، انتهي المولي الّذي معه حتّى يلقي بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم هاهنا؟ فيقولون: نحواً من أربعين رجلاً، فيقول: كيف أنتم إذا رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: واللَّهِ لو ناوي الجبال لناويناها معه، ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول: أشيروا إلى رؤسائكم وأخياركم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتّى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة الّتي تليها. ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام: واللَّه لكأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر، فينشد اللَّه حقّه، ثمّ يقول: ياأيّها الناس من يحاجّني في اللَّه فأنا أولي الناس باللَّه، أيّها الناس من يحاجّني في آدم فأنا أولي الناس بآدم، أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولي الناس بنوح، أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولي الناس بإبراهيم، أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولي الناس بموسي، أيّها الناس من يحاجّني بعيسي فأنا أولي الناس بعيسي، أيّها الناس من يحاجّني بمحمّد صلى الله عليه وآله فأنا أولي الناس بمحمّد صلى الله عليه وآله، أيّها الناس مَن يحاجّني بكتاب اللَّه فأنا أولي الناس بكتاب اللَّه، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين وينشد اللَّه حقّه. ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام: وهو واللَّه المضطرّ الّذي يقول: (أمَّن يُجيب المُضطَرّ إذا دَعاه ويَكشِف السُّوءَ ويَجعلكم خُلَفاء الأرض) فيه نزلت.(13) 627 - روي عليّ بن إبراهيم بإسناده عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: نزلت في القائم من آل محمّد عليهم السلام، هو واللَّه المضطرّ إذا صلّي في المقام ركعتَين ودعا اللَّه فأجابه، ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض.(14) 628 - عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي خالد الكابليّ، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: واللَّهِ لكأنّي انظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ ينشد اللَّه حقّه، ثمّ يقول: يا أيّها الناس من يحاجّني في اللَّه فأنا أولي باللَّه، أيّها الناس من يُحاجّني في آدم فأنا أولي بآدم عليه السلام، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولي بنوح عليه السلام، أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولي بإبراهيم عليه السلام، يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولي بموسيعليه السلام، أيّها الناس من يحاجّني في عيسي فأنا أولي بعيسي عليه السلام، أيّها الناس من يُحاجّني في رسول اللَّه (محمّد) فأنا أولي برسول اللَّه (بمحمّد) صلى الله عليه وآله وسلم، أيّها الناس من يحاجّني في كتاب اللَّه فأنا أولي بكتاب اللَّه. ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتَين وينشد اللَّه حقه. ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام: هو - واللَّهِ - المضطرّ في كتاب اللَّه في قوله: (أمّن يُجيب المُضطرّ إذا دعاه ويَكشِف السُّوءَ ويجعلكم خُلَفاء الأرض) فيكون أوّل من يبايعه جبريل، ثمّ الثلثمائة والثلاثة عشر رجلاً، فمن كان ابتُلي بالمسير وافي، ومن لم يُبتل بالمسير فُقِد من فراشه، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام: (هم المفقودون من فرشهم) وذلك قول اللَّه: (فَاستَبِقوا الخَيراتِ أَينَما تَكونوا يأتِ بِكمُ اللَّه جَميعاً)(15) قال: الخيرات الولاية.(16) الآية الرابعة قوله عزّ وجلّ: (وإذا وَقَع القَول عَلَيهم أَخرَجنا لهم دَابّةً مِن الأرض تُكلِّمُهم أنّ النَّاسَ كانُوا بآياتنا لا يُوقِنون).(17) خروج دابة الأرض في آخر الزمان 629 - روي القمّيّ في تفسيره، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: قال رجل لعمّار بن ياسر: ياأبا اليقظان آية في كتاب اللَّه قد أفسدت قلبي وشككتني، قال عمّار: وأيّ آية هي؟ قال: قول اللَّه: (وإذا وَقَع القَول عَلَيهم أَخرَجنا لهم دَابّةً مِن الأرض) الآية، فأيّ دابّة هي؟ قال عمّار: واللَّه ما أجلس ولا كل ولا أشرب حتّى اُريكها، فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يكل تمراً وزبداً، فقال له: ياأبا اليقظان هلّم، فجلس عمّار وأقبل يكل معه، فتعجّب الرجل منه، فلمّا قام عمّار قال له الرجل: سُبحان اللَّه ياأبا اليقظان، حلفتَ أ نّك لا تكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها؟ قال عمّار: قد أريتكها إن كنت تعقل!(18) 630 - عن تأويل ما نزل من القرآن في انبيّ وآله صلى الله عليه وآله لمحمّد بن العبّاس، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يكل خبزاً وخلّاً وزيتاً، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال اللَّه عزّ وجلّ: (وإذا وَقَع القَول عَلَيهم أَخرَجنا لهم دَابّةً مِن الأرض تُكلِّمُهم أنّ الناسَ كانوا بآياتنا لا يُوقِنون) فما هذه الدابّة؟ قال: هي دابّة تكل خُبزاً وخَلّاً وزيتاً.(19) 631 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره للآية، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: انتهي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد، قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحرّكه برجله ثمّ قال له: قم يا دابّة اللَّه، فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللَّه أيسمّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم؟ قال: لا واللَّه، ما هو إلّا له خاصة، وهو الدابة الّتي ذكر اللَّه في كتابه: (وإذا وَقَع القَول عليهم أخرَجنا لهم دابّةً مِن الأرض تُكلِّمُهم أنّ الناسَ كانوا بآياتنا لا يُوقِنون). ثمّ قال: ياعليّ، إذا كان آخر الزمان أخرجك اللَّه في أحسن صورة، ومعك ميسم تَسِمُ به أعداءك. فقال رجل لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّ الناس يقولون هذه الدابّة إنّما تَكلِمُهم؟ فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: كلمهم اللَّه في نار جهنّم، إنّما هو يكلّمهم من الكلام. والدليل على أنّ هذا في الرجعة قوله: (ويَوم نَحشُر مِن كلّ اُمّةٍ فَوجاً مِمَّن يُكذِّب بآياتنا فَهُم يُوزَعون - حتّى إذا جَاؤوا قال كذَّبتم بآياتي ولم تُحيطوا بها عِلماً أمّاذا كنتم تعملون)(20) قال: الآيات أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام. فقال الرجل لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّ العامّة تزعم أنّ قوله: (ويَومَ نَحشُر مِن كلّ اُمّة فَوجاً)، عني يوم القيامة. فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: أفيحشر اللَّه من كلّ اُمّة فوجاً ويدع الباقين؟ لا ولكنّه في الرجعة، وأمّا آية القيامة فهي: (وحَشَرناهم فلم نُغادِر منهم أَحَداً.(21)،(22) 632 - روي الصفّار رحمه الله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال لي معاوية: يامعشر الشيعة، تزعمون أنّ علياً دابّة الأرض؟ فقلت: نحن نقول اليهود تقوله، قال: فأرسل إلى رأس الجالوت، فقال: ويحك تجدون دابّة الأرض عندكم؟ فقال: نعم، فقال: وما هي؟ فقال: رَجُل، فقال: أتدري ما اسمه؟ قال: نعم، اسمه ايليا، قال: فالتفت إليّ فقال: ويحك يا أصبغ، ما أقرب ايليا من عليّاً!(23) 633 - روي السيّد ابن طاووس؛ عن نعيم، بسنده عن عبد اللَّه عن انبيّ صلى الله عليه وآله، قال: خروج الدابّة بعد طلوع الشمس، فإذا خرجت قتلت الدابّة إبليس وهو ساجد، ويتمتّع المؤمنون في الأرض بعد ذلك أربعين سنة، لا يتمنّون شيئاً إلّا أعطوه ووجدوه، فلا جور ولا ظلم، وقد أسلم الأشياء لربّ العالمين طوعاً وكرهاً، والمؤمنون طوعاً والكفّار كرهاً، والسبع والطير كرهاً، حتّى أنّ السبع لا يؤذي دابّة ولا طيراً، ويلد المؤمن فلا يموت حتّى يتمّ أربعين سنة بعد خروج دابة الأرض، ثمّ يعود فيهم الموت، فيمكثون بذلك ما شاء اللَّه، ثمّ يسرع الموت في المؤمنين، فلا يبقي مؤمن، فيقول الكافر: قد كنّا مرعوبين من المؤمنين، فلم يبق منهم أحد، وليس يقبل منّا توبة، فما لنا لا نتهارج، فيتهارجون في الطريق تهارج البهائم، ثمّ يقوم أحدهم باُمّه واُخته وابنته، فينكح في وسط الطريق، يقوم عنها واحد وينزل عليها آخر لا ينكر ولا يغيّر، فأفضلهم يومئذ من يقول: لو تنحّيتم عن الطريق كان أحسن، فيكونون كذلك حتّى لا يبقي أحد من أولاد النكاح، ويكون جميع أهل الأرض أولاد السفاح، فيمكثون بذلك ما شاء اللَّه، ثمّ يعقم اللَّه أرحام النساء ثلاثين سنة فلا تلد امرأة، ولا يكون في الأرض طفل، يكونون كلّهم أولاد الزنا، شرار الناس، وعليهم تقوم الساعة.(24) 634 - وروي السيّد ابن طاووس؛ عن نعيم في حديث عن انبيّ صلى الله عليه وآله، قال: تخرج الدابّة معها عصا موسى وخاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمن بالعصا، وتخطم أنف الكافر بالخاتم.(25) 635 - روي الثقة الصفّار بإسناده عن أبي الصامت الحلوانيّ، عن أبي جعفر عليه السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل جاء فيه: أنا قسيم الجنّة والنار، لا يدخلها داخل إلّا على أحد قسمَين، ولقد اُعطيت الستّ: عِلم المنايا والبلايا، والوصايا، والأنساب، وفَصل الخِطاب، وانّي لصاحب الكرّات ودولة الدول، وانّي لصاحب العصا والميسم، والدابّة الّتي تكلّم الناس.(26) 636 - روي ابن حمّاد عن ابن شوذب، قال: قال عمر: لا تخرج الدابّة حتّى لا يبقي في الأرض مؤمن، واقرأوا إن شئتم: (وإذا وَقَع القَول عَلَيهم أخرجنا لهم دَابّةً مِن الأرض...).(27) 637 - روي الحافظ الديلميّ بإسناده عن حلس بن المعتمر، عن سلمان مرفوعاً: (مثل متى ومثل الدابة الّتي تخرج كمثل حيّزٍ بُني ورُفعت حيطانه وسدّت أبوابه، وطرح فيه من الوحوش كلّها، ثمّ جي بالأسد فطرح وسطها، فانذعرت وأقبلت إلى النفق تلمسه من كلّ جانب، كذلك متى عند خروج الدابّة، لا يفرّ منها أحد إلّا مثّلت بين عينيه، ولها سلطان من ربّنا عظيم).(28) 638 - روي الحافظ الطيالسيّ بإسناده عن أبي سريحة، قال: ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الدابّة فقال: (لها ثلاث خرجات من الدهر، فتخرج في أقصي البادية، ولا يدخل ذِكرها القرية يعني مكة، ثمّ تكمن زماناً طويلاً، ثمّ تخرج خرجة اُخري دون ذلك، فيعلو ذِكرها أهل البادية، ويدخل ذكرها القرية يعني مكة. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ثمّ بينما الناس في أعظم المساجد على اللَّه حرمةً وخيرها وكرمها المسجد الحرام، لم يرعهم إلّا وهي وترغو بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب، فارفض الناس معها شتّي وقعاً، وثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنّهم لن يعجزوا اللَّه، فبدأت بهم فجلت وجوههم حتّى تجعلها كأنّها الكوكب الدرّيّ، ووَلّت في الأرض لا يُدركها طالب، ولا ينجو منها هارب، حتّى أنّ الرجل ليتعوّذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول: يافلان يافلان الآن تصلّي؟ فيُقبل عليها فتسمه في وجهه ثمّ تنطلق. ويشترك الناس في الأموال، ويصطحبون في الأمصار، يُعَرف المؤمن من الكافر، حتّى أنّ المؤمن يقول: يكافر إقضني حقّي، وحتّى أنّ الكافر يقول: يامؤمن إقضني حقّي.(29) 639 - روي ابن أبي شيبة، عن أبي الطفيل، عن حذيفة، قال: تخرج الدابّة مرّتين قبل يوم القيامة، حتّى يضرب فيها رجال، ثمّ تخرج الثالثة عند أعظم مساجدكم، فتأتي القوم وهم مجتمعون عند رجل، فتقول ما يجمعكم عند عدوّ اللَّه، فيبتدرون، فتَسِم الكافر، حتّى أنّ الرجلين ليتبايعان فيقول هذا: خُذ يامؤمن، ويقول هذا: خذ يكافر.(30) 640 - روي الطيالسيّ بإسناده عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: تخرج الدابّة ومعها خاتم سليمان عليه السلام فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم أنف الكافر بالخاتم، حتّى أنّ أهل الخوان ليجتمعون، فيقول هذا: يامؤمن وهذا: يكافر.(31) 641 - وروي الداني عن عبد اللَّه بن خالد بن معان، قال - ولم يسنده إلى انبيّ صلى الله عليه وآله: لتخرجنّ الدابة حتّى تدخل على الناس في بيوتهم، فتخبرهم بأعمالهم، حتّى تقول أنت من أهل الجنّة وأنت من أهل النار، في وجوههم.(32) 642 - وروي الداني أيضاً بإسناده عن ابن جريح قال: حدّثت عن أنس بن مالك قال في دابة الأرض - ولم يسنده إلى انبيّ صلى الله عليه وآله: إنّ فيها من كلّ اُمّة سيماء، وإنّ سيماها من هذه الاُمّة أنّها تتكلّم بلسان عربيّ مُبين.(33) 643 - روي ابن حمّاد بإسناده عن ابن عمر - ولم يسنده إلى النبيّ صلى الله عليه وآله - قال: تخرج الدابّة ليلة جمع، يسيرون إلى جمع، فتخرج الدابّة فلا تدع منافقاً إلّا خَطَمته.(34) 644 - وروي أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي اُمامة، يرفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وآله قال: تخرج الدابّة فتَسِم الناس على خراطيمهم، ثمّ يعمّرون فيكم حتّى يشتري الرجل البعير، فيقول ممّن اشتريته؟ فيقول: اشتريته من أحد المخطمين.(35) 645 - وروي الداني بإسناده عن العلاء بن زياد، أنّ عبد اللَّه بن عمرو قال - ولم يسنده إلى النبيّ صلى الله عليه وآله -: لا تقوم الساعة حتّى يجتمع أهل البيت على الاناء الواحد، فيعرفوا مؤمنيهم من كافريهم، قالوا: كيف ذلك؟ قال: إنّ الدابّة تخرج حين تخرج - وهي دابّة الأرض - فتمسح كلّ إنسان على مسجده، فأمّا المؤمن فتكون نكتة بيضاء فتفشو في وجهه حتّى يبيض لها وجهه، وأمّا الكافر فتكون نكتة سوداء فتفشوا في وجهه حتّى يسودّ لها وجهه، حتّى أنّهم يتبايعون في أسواقهم، يقول هذا: كيف تبيع هذا يامؤمن؟ ويقول هذا: كيف تأخذ هذا يكافر؟ فما يردّ بعضهم على بعض.(36) بيان: يظهر من أحاديث الشيعة الواردة في تفسير قوله تعالى: (أخرجنا لهم دابّة من الأرض تُكلِّمهم) أنّ ذلك يكون بعد المهدي عليه السلام في الرجعة، وتذكر بعض الروايات أنّ الدابة الموعودة بالآية هي عليّ عليه السلام، وأنّه يخرج بأحسن صورة خلافاً للروايات المتقدّمة من مصادر إخواننا السنّة، الّتي يصرّح بعضها بأنّ الدابّة تتكلّم بلسان عربيّ مُبين، وبعضها ينفي أن يكون عليّاً هو الدابّة الموعودة، وبعضها يقول أنّه عليه السلام صاحب الدابّة وإليك نماذج منها: 646 - روي العلّامة عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: انتهي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد، قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحرّكه برجله، ثمّ قال: قم يادابة الأرض، فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللَّه، أيسمّي بعضنا بعضاً بهذا الإسم؟ فقال: لا واللَّه ما هو إلّا له خاصّة، وهو الدابّة الّتي ذَكر اللَّه في كتابه (وإذا وَقَع القَول عليهم أَخرَجنا لهم دَابّة مِن الأرض تُكلِّمُهم أنّ الناسَ كانوا بآياتِنا لايُوقِنون). ثمّ قال: ياعليّ، إذا كان آخر الزمان أخرجك اللَّه في أحسن صورة ومعك ميسمٌ تسم به أعداءك.(37) الآية الخامسة قوله عزّ وجلّ: (ويَومَ نَحشُر مِن كلّ اُمّةٍ فَوجاً مِمَّن يُكذِّب بآياتِنا فهم يُوزَعون).(38) 647 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن حمّاد،عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: ما يقول الناس في هذه الآية: (ويَومَ نَحشُر مِن كلّ اُمّةٍ فَوجاً)؟ قلت: يقولون أنّها في القيامة، قال: ليس كما يقولون، إنّ ذلك في الرجعة، أيحشر اللَّه في القيامة من كلّ اُمّة فوجاً ويدع الباقين؟ إنّما آية القيامة قوله:(وحَشَرناهم فلم نُغادِر منهم أحداً).(39) 648 - وروي القمّي بإسناده عن المفضّل، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، في قوله تعالى: (ويوم نحشر من كلّ اُمّة فوجاً) قال: ليس أحد من المؤمنين قُتِل إلّا يرجع حتّى يموت، ولا يرجع إلّا مَن محض الإيمان محضاً ومَن محض الكفر محضاً.(40) 649 - روي سعد بإسناده عن محمّد بن الطيار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (ويوم نَحشُر مِن كلّ اُمّة فَوجاً) فقال: ليس أحد من المؤمنين قُتل إلّا سيرجع حتّى يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلّا سيرجع حتّى يُقتَل.(41) 650 - سعد، بإسناده عن أبي بصير، قال: قال لي أبي جعفر عليه السلام: ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت: نعم، قال: أما يقرؤن القرآن: (ويوم نَحشُر مِن كلّ اُمّة فَوجاً).(42) الآية السادسة قوله عزّ وجلّ: (وقُلِ الحَمدُ للَّه سيُريكم آياتِه فتَعرِفُونها وما ربّك بِغافِلٍ عمّا تَعمَلون).(43) 651 - روي القمّي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (إنّ اللَّه قادر على أن ينزّل آية)(44): وسيريكم في آخر الزمان آيات، منها دابّة في الأرض، والدجّال ونزول عيسي بن مريم عليه السلام وطلوع الشمس من مغربها.(45) الهوامش: (1) النمل: 59. (2) الأنبياء: 105. (3) تفسير القمّي 126:2. (4) النمل: 59. (5) مناقب آل أبي طالب 380:3. (6) النمل: 62. (7) البقرة: 148. (8) الغَيبة للنعمانيّ 314 ح 6؛ بحار الأنوار 369:52. (9) إثبات الهداة 576:3 ح 730. (10) تأويل اللآيات الظاهرة 1 : 403-402 ح 5. (11) نفس المصدر 403:1 ح 6. (12) تفسير القمّي 129:2. (13) الغَيبة للنعمانيّ 95؛ تفسير العيّاشي 56:2 ح 49. (14) تفسير القمّي 129:2. (15) البقرة: 148. (16) تفسير القمّي 129:2. (17) النمل: 82. (18) تفسير القمّي 131:2. (19) تأويل الآيات الظاهرة 404:1 ح 9. (20) النمل: 83 و84. (21) الكهف: 47. (22) تفسير القمّيّ 130:2؛ بحار الأنوار 243:39. (23) مختصر بصائر الدرجات 208 و209. (24) التشريف بالمنن 212 ب 212؛ وأخرجه الحكم في المستدرك 4 : 522-521. (25) التشريف بالمنن 210 ب 209. (26) بصائر الدرجات 199 ح 1. (27) الفتن لابن حمّاد 187 (نقلاً عن معجم أحاديث المهدي). (28) الفردوس 130:4 ح 6404. (29) مسند الطيالسي 144 ح 1069. (30) مصنّف ابن أبي شيبة 66:15 ح 19132. (31) مسند الطيالسي 334 ح 2564. (32) سنن الداني 145 (نقلاً عن معجم أحاديث المهدي). (33) نفس المصدر. (34) الفتن لابن حمّاد 187. (35) مسند أحمد بن حنبل 268:5. (36) سنن الداني 145. (37) تفسير القمّي 130:2. (38) النمل: 83. (39) تفسير القمّيّ 24:1. (40) تفسير القمّيّ 131:2. (41) بحار الأنوار 40:53. (42) نفس المصدر 40:53. (43) النمل: 93. (44) الأنعام: 37. (45) تفسير القمّيّ 198:1. ****************** سورة القصص الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرضِ ونجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارِثين ونُمَكنَ لَهُمْ فِي الأَرضِ ونُري فِرعونَ وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).(1) 652 - روي من طريق العامة عن زاذان، عن سلمان قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إنّ اللَّه تعالى لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلّا جعل له إثني عشر نقيباً (ثمّ ذكر أسماء الأئمّة، إلى أن قال) ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهدي القائم بأمر اللَّه ثمّ قال: ياسلمان... وذلك تأويل هذه الآية: (ونُريد أن نمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين ونُمكن لهم في الأرض ونُرِيَ فِرعَون وهامان وجُنودَهما منهم ما كانوا يَحذَرون) قال: فقمت من بين يديه وما اُبالي لقيتُ الموت أو لقيني.(2) 653 - روي الشيخ الطوسيّ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليه السلام في قوله تعالى: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين) قال: هم آل محمّد، يبعث اللَّه مهديهم بعد جهدهم، فيعزّهم ويذلّ عدوّهم.(3) 654 - روي السيّد عليّ بن عبد الحميد في كتاب الأنوار المضيئة، بإسناده عن محمّد بن أحمد الأَيادي، يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، قال: المستضعَفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم اللَّه أئمّة: نحن أهل البيت، يبعث اللَّه مهديهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم.(4) 655 - الشيباني: روي عن الباقر والصادق عليهما السلام أنّ فِرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش، يُحييهما اللَّه تعالى عند قيام القائم من آل محمّد عليه السلام في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا.(5) 656 - عليّ بن إبراهيم بعد قوله: (إنّ فِرعَون عَلا في الأرض وجَعَل أهلَها شِيَعاً - إلى قوله - إنّه كان من المُفسِدين) قال: فأخبر اللَّه نبيّه صلى الله عليه وآله بما لقي موسى وأصحابه من فرعون من القتل والظلم ليكون تعزيةً له فيما يصيبه في أهل بيته من اُمّته، ثمّ بشّره بعد تعزيته أنّه يتفضّل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خُلفاء في الأرض وأئمّة على اُمّته، ويردّهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتّى ينتصفوا منهم.(6) 657 - وروي الشيخ الصدوق؛ بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله نظر إلى عليّ والحسن والحسين عليهم السلام فبكي وقال: أنتم المستضعَفون بعدي، قال المفضّل: فقلت له: ما معني ذلك يابن رسول اللَّه؟ قال: معناه أنّكم الأئمّة بعدي، إنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارِثين) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة.(7) 658 - محمّد بن العبّاس، بإسناده عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت عليّاً في هذه الآية وقرأها، قوله عزّ وجلّ: (ونُريدُ أن نمنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض) وقال: لتعطفنّ هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف الضروس على ولدها.(8) 659 - وقال: بإسناده عن أبي صالح، عن عليّ عليه السلام، كذا قال في قوله عزّ وجلّ: (ونريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرضِ ونَجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين) والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لتعطفنّ علينا هذه الدنيا كما تعطف الضروس على ولدها. والضروس الناقة يموت ولدها أو يذبح ويُحشي جلده، فتدنو منه فتعطف عليه.(9) 660 - الشيباني في كشف نهج البيان، روي في أخبارنا عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السلام أنّ هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الّذي يظهر في آخر الزمان ويُبيد الجبابرة والفراعنة، ويملك الأرض شرقاً وغرباً، فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً.(10) 661 - روي أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة عليها السلام بإسناده عن زاذان، عن سلمان، قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إن اللَّه تبارك وتعالى لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلّا جعل له اثني عشر نقيباً، فقلت: يا رسول اللَّه لقد عرفتُ هذا من أهل الكتابَين، فقال: يا سلمان هل علمتَ من نقبائي ومن الإثنا عشر الذّين اختارهم اللَّه للأمّة من بعدي؟ فقلت: اللَّه ورسوله أعلم. فقال: يا سلمان، خلقني اللَّه من صفوة نوره ودعاني فأطعته، وخلق من نوري عليّاً عليه السلام ودعاه فأطاعه، وخلق منّي ومن نور عليّ فاطمة عليها السلام فدعاها فأطاعته، وخلق مني ومن عليّ وفاطمة الحسن عليه السلام فدعاه فأطاعه وخلق منّي ومن عليّ وفاطمة الحسين عليه السلام فدعاه فأطاعه. ثمّ سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه، فاللَّه المحمود وأنا محمّد، واللَّه العليّ فهذا عليّ، واللَّه الفاطر فهذه فاطمة، واللَّه ذو الاحسان وهذا الحسن، واللَّه المحسن وهذا الحسين، ثمّ خلق منّا ومن نور الحسين تسعة أئمّة، فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق اللَّه سماءً مبنيّة ولا أرضاً مدحيّة ولا ملكاً ولا بشراً دوننا نوراً، وكنّا نسبِّح اللَّه ونسمع له ونطيع. قال سلمان: فقلت: يا رسول اللَّه بأبي أنت وأمّي، فمالمن عرف هؤلاء؟ فقال: يا سلمان، مَن عرفهم حق معرفتهم واقتدي بهم ووالي وليّهم وتبرّأ من عدوّهم، فهو واللَّهِ منّا، يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن. فقلت: يا رسول اللَّه فهل يمكن إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وانسابهم؟ فقال: لا يا سلمان، فقلت: يا رسول اللَّه فأنّي لي بهم وقد عرفت إلى الحسين عليه السلام؟ قال: ثمّ سيِّد العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليه السلام باقر علم الأوّلين والآخرين، من النبيّين والمرسلين، ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان اللَّه الصادق عليه السلام، ثمّ ابنه موسى بن جعفر عليه السلام الكاظِم غيظه في سبيل اللَّه عزّ وجلّ، ثمّ ابنه عليّ بن موسى الرضا لأمر اللَّه عليه السلام، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليه السلام المختار من خلق اللَّه، ثمّ ابنه عليّ بن محمّد الهادي إلى اللَّه، ثمّ الحسن بن عليّ عليه السلام الصامت الأمين لسرِّ اللَّه، ثمّ ابنه محمّد بن الحسن الهادي المهدي عليه السلام الناطق القائم بحقّ اللَّه (بأمر اللَّه). ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا سلمان إنّك مدركه ومن كان مثلك ومن تولّاه بحقيقة المعرفة. قال سلمان: فشكرتُ اللَّه كثيراً، ثمّ قلت: يا رسول اللَّه وإني مؤَجَّل إلى عهده؟ قال: يا سلمان اقرأ، فقرأ قوله تعالى: (فإذا جاءَ وَعدُ أوليهما بَعَثنا عليكم عِباداً لنا أُولي بأسٍ شديد فجَاسُوا خِلالَ الديار وكان وَعداً مَفعولاً - ثمّ رَدَدنا لكم الكرّة عليهم وأمدَدنكم بأموالٍ وَبنينَ وجَعَلنكم كثرَ نَفيراً).(11) قال سلمان: فاشتدّ بكائي وشوقي، ثمّ قلت: يا رسول اللَّه أبعهدٍ منك؟ فقال: اي واللَّه الّذي أرسل محمّداً بالحقّ منّي ومن عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة، وكلّ من هو منا ومعنا ومضام فينا، أي واللَّه يا سلمان، ليحضرنّ إبليس له وجنوده وكلّ مَن محض الإيمان محضاً ومحض الكفر محضاً، حتي يؤخذ بالقصاص والأوتار ولا يظلم ربّك أحداً، ويحقّ تأويل هذه الآية: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّةً ونَجعلهم الوارِثين - ونُمكن لهم في الأرض ونُري فِرعونَ وهامان وجُنودَهما منهم ما كانوا يحذرون). قال سلمان: فقمت من بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وما يبالي سلمان متى لقي الموت أو الموت لقاه.(12) الامام المهدي يقرأ الآية عند مولده الشريف 662 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قالت: بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام، فقال: ياعمّة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا، فإنّها ليلة النصف من شعبان، فإنّ اللَّه تبارك وتعالى سيُظهر في هذه الليلة الحجّة، وهو حجّته في أرضه. قالت: فقلت له: ومن اُمّه؟ قال لي: نرجس، قلت له: جعلني اللَّه فِدك ما بها أثر! فقال: هو ما أقول لك. قالت: فجئت فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خُفّي وقالت لي: ياسيّدتي وسيّدة أهلي كيف أمسيتِ؟ فقلت: بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي، قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا ياعمّة؟ قالت: فقلت لها: يابنيّة إنّ اللَّه تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة، قالت: فخجلت واستحيت. فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة، أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمّا أن كان في جوف الليل قمتُ إلى الصلاة، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقّبة، ثمّ اضطجعت ثمّ انتبَهتُ فزعة وهي راقدة، ثمّ قامت فصلّت ونامت. قالت حكيمة: وخرجت أتفقّد الفجر، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان، وهي نائمة، فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام من المجلس، فقال: لا تعجلي ياعمّة فهك - الأمر قد قرب، قالت: فجلست وقرأت الم السجدة ويس، فبينما أنا كذلك، إذ إنتبَهت فزعة، فوثبتُ إليها فقلت: اسم اللَّه عليك، ثمّ قلت لها: أتحسّين شيئاً؟ قالت: نعم ياعمّة، فقلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلتُ لك، قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحسّ سيّدي، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السلام ساجداً يتلقّي الأرض بمساجده، فضممته إليّ، فإذا أنا به نظيف متنظّف، فصاح بي أبو محمّدعليه السلام: هلمّي إليّ ابني ياعمّة، فجئت به إليه، فوضع يديه تحت إليتَيه وظهره، ووضع قدمه على صدره، ثمّ أدلي بلسانه في فيه وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال: تكلّم يابُنيّ. فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ثمّ صلّي على أمير المؤمنين عليه السلام وعلي الأئمّةعليهم السلام إلى أن وقف على أبيه، ثمّ أحجم. ثمّ قال أبو محمّد عليه السلام: ياعمّة اذهبي به إلى اُمّه ليسلّم عليها وائتني به، فذهبت به فسلّم عليها، ورددته فوضعته في المجلس، ثمّ قال: ياعمّة إذا كان يوم السابع فأتينا. قالت حكيمة: فلمّا أصبحت جئت لاُسلّم على أبي محمّد عليه السلام وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي، فلم أره، فقلت: جعلت فدك ما فعل سيّدي؟ فقال: ياعمّة استودعناه الّذي استودعته أُمّ موسي، موسى عليه السلام. قالت حكيمة: فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلستُ، فقال: هلمّي إليّ ابني، فجئت سيّدي عليه السلام وهو في الخرقة ففعل به كفعلته الاُولي، ثمّ أدلي لسانه في فيه كأنّه يغذّيه لبناً أو عسلاً، ثمّ قال: تكلّم يابُنيّ. فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وثّني بالصلاة على محمّد وعلي أمير المؤمنين وعلي الأئمّة الطاهرين صلوات اللَّه عليهم أجمعين، حتّى وقف على أبيه عليه السلام، ثمّ تلا هذه الآية: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارِثين - ونُمَكن لهم في الأرضِ ونُري فِرعونَ وهامان وجُنودَهما منهم ما كانوا يَحذَرون) قال موسى - راوي الحديث -: فسألت عقبة الخادم عن هذه، فقالت: صدقت حكيمة.(13) 663 - روي العلّامة البيّاضي؛ قال: قالت حكيمة: قرأت على اُمّه نرجس وقت ولادته التوحيد، والقدر، وآية الكرسي، فأجابني من بطنها بقراءتي، ثمّ وضعته ساجداً إلى القبلة، فأخذه أبوه وقال: اُنطق بإذن اللَّه، فتعوّذ وسمّي وقرأ: (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض) الآيتين، وصلّي على محمّد وعليّ وفاطمة والأئمّة واحداً واحداً باسمه إلى آخرهم، وكان مكتوباً على ذراعه الأيمن: (جاءَ الحقُّ وزَهَقَ الباطلُ إنّ الباطلَ كان زَهوقاً)...(14) الحديث.(15) صورة ثانية لحديث المولد الشريف 664 - روي المحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب من علماء القرن الخامس قال: وقرأت في كتاب الوصايا وغيره بأنّ جماعة من الشيوخ العلماء، منهم: علال الكلابيّ وموسي بن أحمد الفزاريّ وأحمد بن جعفر ومحمّد رووا بأسانيدهم، أنّ حكيمة بنت أبي جعفر عمّة أبي محمّد عليه السلام قالت: وكنت أدعو اللَّه له أن يرزقه ولداً فدعوت له كما كنت أدعو، فقال عليه السلام: ياعمّة أما أنّه يولد في هذه الليلة - وكانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين - المولود الّذي كنّا نتوقّعه، فاجعلي إفطارك عندنا، وكانت ليلة الجمعة. قالت حكيمة: ممّن يكون هذا المولود يا سيّدي؟ فقال عليه السلام: من نرجس، قالت: ولم يكن في الجواري أحبّ إليّ منها ولا أخفّ على قلبي، وكنت إذا دخلت الدار تتلقّاني وتقبّل يدي وتنزع خفّي بيدها، فلمّا دخلت عليها فعَلت بي ما كانتُ تفعل، فانكببت على يدها فقبّلتها ومنعتها ممّا كانت تفعله، فخاطبتني بالسيادة، فخاطبتها بمثلها فأنكرَت ذلك، فقلت لها: لا تنكري ما فعلتُ، فإنّ اللَّه تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة، فاستحيت. قالت حكيمة: فتعجّبتُ وقلت لأبي محمّد عليه السلام: لست أري بها أثر الحمل، فتبسّم عليه السلام وقال لي: إنّا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون، ولكنّا نحمل في الجنوب، وفي هذه الليلة مع الفجر يولد المولود الكريم على اللَّه إن شاء اللَّه تعالي. قالت حكيمة: ونمت بالقرب من الجارية، وبات أبو محمّد عليه السلام في صفّ، فلمّا كان وقت الليل، قُمت إلى الصلاة والجارية نائمة ما بها أثر ولادة، وأخذت في صلاتي ثمّ أوترت وأنا في الوتر، فوقع في نفسي أنّ الفجر قد ظهر، ودخل في قلبي شيء، فصاح أبو محمّد عليه السلام من الصف: لم يطلع الفجر ياعمّة، فأسرعت الصلاة، وتحرّكت الجارية فدنوت منها وضممتها إليّ وسمّيت عليها، ثمّ قلت لها: هل تحسّين؟ قالت: نعم، فوقع عليّ سبات لم أتمالك معه أن نمت، ووقع على الجارية مثل ذلك فنامت وهي قاعدة، فلم تنتبه إلّا ويحسّ مولاي وسيّدي تحتها، وإذا بصوت أبي محمّد عليه السلام وهو يقول: ياعمّتاه هاتي ابني إليّ، فكشفت عن مولاي عليه السلام وإذا هو ساجد وعلي ذراعه الأيمن مكتوب: (جاءَ الحقُّ وزَهَق الباطلُ إنّ الباطلَ كان زَهوقاً) فضممته إليّ فوجدته مفروغاً منه مطهّر الختانة، فحملته إلى أبي محمّد عليه السلام فأقعده على راحته اليسري، وجعل يده اليمني على ظهره، ثمّ أدخل السبّابة في فيه، وأمرّ يده على عينيه وسمعه (صاهره) ثمّ قال: تكلّم يابني. فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه، وأنّ أمير المؤمنين عليّاً ولي اللَّه، ثمّ لم يزل يعدّ السادة الأوصياء إلى أن بلغ إلى نفسه، ودعا لأوليائه على يديه بالفرج ثمّ صمت عليه السلام، فقال أبو محمّد عليه السلام: اذهبي به إلى امِّه ليسلّم عليها ورُدّيه إليّ، فمضيت به، وسلّم عليها ورددته، ووقع بيني وبينه شيء كالحجاب، فلم أر سيّدي ومولاي. فقلت لأبي محمّد عليه السلام: يا سيّدي أين مولانا؟ فقال: أخذه من هو أحقّ به منك ومنّا، فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلست. فقال أبو محمّد عليه السلام: ائتني إليّ بابني، فجيء بسيّدي وهو في ثياب صفر، ففعل به كفعاله الاُولي، ثمّ قال له: تكلّم يابني. فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأثني بالصلاة على محمّد وأمير المؤمنين والأئمّة: ووقف عليه السلام على أبيه، ثمّ قرأ: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم - ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارِثين - ونُمَكن لهم في الأرض ونُرِيَ فِرعَون وهامان وجُنودَهما منهم ما كانوا يَحذَرون) فخرجت من عندهم، ثمّ غدوت فافتقدته فلم أره، فقلت لأبي محمّد عليه السلام: يا سيّدي ما فعلت بمولانا عليه السلام؟ فقال: ياعمّة استودعناه الّذي استودعته اُمّ موسي.(16) الآية الثانية قوله تعالى: (فأصبَح في المَدينة خائفاً يَترقَّبُ)؛ (فخرج منها خائِفاً يترقَّب).(17) 665 - روي الشيخ الصدوق على اللَّه مقامه بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان، قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام وأنا اُريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلى الله عليه وعليهم، فقال لي مبتدءاً: يامحمّد بن مسلم، إنّ في القائم من آل محمّد صلى الله عليه وآله شبهاً من خمسة من الرسل: يونس بن متى ويوسف بن يعقوب وموسي وعيسي ومحمّد صلوات اللَّه عليهم. فأمّا شبهه من يونس بن متّي، فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السنّ. وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب عليهما السلام، فالغيبة عن خاصّته وعامّته، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليه السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته. وأمّا شبهه من موسى عليه السلام، فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذي والهوان، إلى أن أذِنَ اللَّه عزّ وجلّ في ظهوره ونصره وأيّده على عدوّه. وأمّا شبهه من عيسي عليه السلام، فإختلاف من اختلف فيه، حتّى قالت طائفة منهم: ما ولد، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قُتل وصُلب. وأمّا شبهه من جدّه المصطفي صلى الله عليه وآله، فخروجه بالسيف وقتله أعداء اللَّه وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله، والجبّارين والطواغيت، وأنّه ينصر بالسيف والرعب، وأنّه لا تُرَدّ له راية. وإنّ من علامات خروجه: خروج السفيانيّ من الشام، وخروج اليمانيّ (من اليمن) وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادياً ينادي من السماء باسمه واسم أبيه.(18) 666 - روي النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء: سنّة من موسي، وسنّة من عيسي، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد صلوات اللَّه عليهم أجمعين، فقلت: ما سنّة موسي؟ قال: خائف يترقّب، قلت: وما سنّة عيسي؟ فقال: يُقال فيه ما قيل في عيسي، قلت: فما سنّة يوسف؟ قال: السجن والغَيبة. قلت: وما سنّة محمّد صلى الله عليه وآله؟ قال: إذا قام، سار بسيرة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلّا أنّه يبيّن آثار محمّد، ويضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجاً هرجاً، حتّى يرضي اللَّه، قلت: فكيف يعلم رضا اللَّه؟ قال: يلقي اللَّه في قلبه الرحمة.(19) 667 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول: في القائم منّا سنن من الأنبياء، سنّة من أبينا آدم عليه السلام، وسنّة من نوح، وسنّة من إبراهيم وسنّة من موسي، وسنّة من عيسي، وسنّة من أيّوب، وسنّة من محمّد صلوات اللَّه عليهم. فأمّا مِن آدم ونوح فطول العمر، وأمّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأمّا من موسى فالخوف والغَيبة، وأمّا من عيسي فاختلاف الناس فيه، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوي، وأمّا من محمّد صلى الله عليه وآله فالخروج بالسيف.(20) 668 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبدالرحمن بن الحجّاج، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السلام قال: قال الحسين بن عليّ عليهما السلام: في التاسع من ولدي سُنّة عن يوسف وسنّة من موسى بن عمران عليهما السلام، وهو قائمنا أهل البيت يصلح اللَّه تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة.(21) 669 - روي السيّد عليّ بن عبدالحميد؛ بسندٍ يرفعه إلى سماعة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: كأنّي بالقائم بين ذي طوي قائماً على رجليه خائفاً يترقّب على سنّة موسى حتّى يأتي المقام فيدعو.(22) 670 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سمعته يقول: في القائم عليه السلام سنّة من موسى بن عمران عليه السلام، فقلت: وما سنّته من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال: ثماني وعشرين سنة.(23) 671 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إنّ في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء عليهم السلام، سنّة من موسى بن عمران، وسنّة من عيسي، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد صلوات اللَّه عليهم، فأمّا سنّة من موسى بن عمران فخائف يترقّب وأمّا سنّة من عيسي فيقال فيه ما قيل في عيسي، وأمّا سنّة من يوسف فالستر، يجعل اللَّه بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه، وأمّا سنّة من محمّد صلى الله عليه وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته.(24) 672 - وفيه مرسلاً عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: في القائم سنّة من موسي، وسنّة من يوسف، وسنّة من عيسي، وسنّة من محمّد صلى الله عليه وآله، فأمّا سنّة موسى فخائف يترقّب، وأمّا سنّة يوسف فإنّ إخوانه كانوا يبايعونه ويخاطبونه ولا يعرفونه، وأمّا سنّة عيسي فالسياحة، وأمّا سنّة محمّد صلى الله عليه وآله فالسيف.(25) 673 - روي الطبريّ بإسناده عن أبي بصير، عن الصادق عليه السلام قال: يكون في متى - يعني القائم - سُنّة من أربعة أنبياء: سنّة من موسى خائف يترقّب، وسنّة من يوسف يعرفهم وهم له منكرون، وسنّة من عيسي وما قتلوه وما صلبوه، وسنّة من محمّد يقوم بالسيف.(26) 674 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله مرسلاً عن الصادق عليه السلام أنّه قال: كن لِما لا ترجو أرجي منك لما ترجو، فإنّ موسى بن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لأهله ناراً، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ، فأصلح اللَّه تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى عليه السلام في ليلة، وهكذا يفعل اللَّه تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السلام، يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليه السلام، ويخرجه من الحيرة والغَيبة إلى نور الفَرَج والظهور.(27) الآية الثالثة قوله تعالى: (ودَخَلَ المَدِينةَ على حِين غَفَلةٍ مِن أهلِها فَوَجَد فيها رَجُلَين يَقتتِلانِ هذا مِن شِيعَتِه وهذا مِن عَدُوّه فَاستَغاثَه الّذي مِن شِيعَته على الّذي مِن عَدُوّه).(28) الهوامش: (1) القصص: 5 و6. (2) دلائل الإمامة 237. (3) بحار الأنوار 54:51. (4) نفس المصدر 63:51. (5) تفسير البرهان 220:3 ح 1. (6) تفسير البرهان 220:3 ح 2. (7) معاني الأخبار 79 ح 1؛ بحار الأنوار 168:24. (8) تأويل الآيات الظاهرة 414-413: 1 ح 1. (9) تأويل الآيات الظاهرة 414:1 ح 2. (10) تفسير البرهان 220:3 ح 12؛ المحجّة 168. (11) الإسراء: 5 و6. (12) دلائل الإمامة 237. (13) كمال الدّين 2 : 426-424 ح 1. (14) الإسراء: 81. (15) الصراط المستقيم 2 : 210-209. (16) عيون المعجزات 144-142؛ ورواه المؤرّخ المسعودي في إثبات الوصيّة 220-219. (17) القصص: 18 و21. (18) كمال الدّين 327:1 ح 7؛ بحار الأنوار 217:51. (19) الغَيبة للنعمانيّ 164 ح 5. (20) كمال الدّين 321:1 ح 5-3؛ كشف الغمّة 312:3. (21) كمال الدّين 317:1 ح 1؛ العدد القويّة 71 ح 112. (22) منتخب الأنوار المضيئة 189؛ بحار الأنوار 385:52. (23) كمال الدّين 152:1 ح 14. (24) كمال الدّين 351-350: 2 ح 46. (25) نفس المصدر 28:2. (26) دلائل الإقامة 251. (27) كمال الدّين 1 : 152-151 ح 13؛ بحار الأنوار 42:13. (28) القصص: 15. ****************** كلام للمحدث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب قال: عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه أخبر الاُمّة بخروج المهدي خاتم الأئمّة عليه السلام الّذي يملأ الأرض قسطاً وعَدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وأنّ عيسي عليه السلام ينزل عليه في وقت خروجه وظهوره ويصلّي خلفه، وهذا خبر قد اتّفقت عليه الشيعة والعلماء وغير العلماء والسنّة والخاصّ والعامّ والشيوخ والاطفال، لشهرة هذا الخبر، نعم ووجوب الحكمة من اللَّه في غيبة صاحب الزمان كوجوب الحكمة من اللَّه بوجوب الغَيبة من الحجج المتقدمة واستتارهم، وما هذا الجحود الظاهر منه إلّا لقلّة تمييزهم وفهمهم وعلمهم بالشرايع المتقدمة، وقد ألزمنا اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم الإقرار بالقائم المنتظر المهدي عليه السلام. قال اللَّه تعالى: (أفلا يَتَدبَّرُون القُرآن أم على قُلُوبٍ أقفالُها)(1) إنّ اللَّه سبحانه قد أخبر في قصّة موسى عليه السلام أنّه قد كانت له شيعة بأمره عارفون، وبولايته متمسِّكون، ولدعوته منتظرون، حيث يقول جلّ وعّز: (ودَخَل المَدينةَ على حِين غَفلةٍ من أهلِها فَوَجَد فيها رَجُلَين يَقتتِلانِ هذا مِن شِيعَتِه وهذا من عَدُوِّه فَاستغاثَه الّذي مِن شِيعته على الّذي مِن عدوّه). ولمّا أخبر اللَّه تعالى في كتابه أنّه قد كان لموسي عليه السلام شيعة من قبل أن تظهر دعوته، وكانوا بأمره متمسِّكين وإن لم يكونوا شاهدوا شخصه، عَلِمنا أنّ الحكمة من اللَّه سبحانه، واتفقت السنّة أهلُ العلم أنّ موسى عليه السلام أظهر دعوته بعد رجوعه من عند شعيب عليه السلام حين سار بأهله من بعد السنين الّتي كان يرعي فيها أغنام شُعيب عليه السلام، وكان دخوله المدينة حين وَجَدَ فيها الرجلين يقتتلان قبل مصيره إلى شُعيب، وكان القائل به وبنبوّته لم يكن يعرف شخصه، وكان يفترض على نفسه طاعته وانتظار دعوته، ولولا أنّ الحجج الّذين تقدّموا شريعة موسى عليه السلام أخبروا بما يكون من ظهور موسى عليه السلام وقتله الفراعنة والجبابرة، لما كان فرعون يقتل أولاد بني اسرائيل من طلب موسى عليه السلام وهو في حجره يربِّيه ولا يعرفه، ولو لم يكن في إخبارهم ما يكون من موسى عليه السلام من الحكمة التامّة، لأمسكوا من ذلك حتّى يظهر عليه السلام، وقد جاءت الروايات الكثيرة في حجج اللَّه تعالى المتقدِّمة في عصر آدم إلى زماننا هذا بأنّهم كان منهم المستخفون ومنهم المستعلنون، ومن قبل كانت قصة ابراهيم عليه السلام مع النمرود كقصة موسى عليه السلام، فإنّه بثّ أصحابه إلى طلبه ليقتله وهو كان في حال غيبته، وكان له عليه السلام شيعة ينتظرون ظهوره، وإذا جاز في حكمة اللَّه تعالى غيبة حجّة شهراً فقد جازت الغَيبة سنة، واذا جازت سنة واحدة، جازت سنين كثيرة على ما أوجبته حكمة اللَّه تعالى واستقامة تدبيره. ومن المخالفين مَن يقولون بظهور المهدي عليه السلام، إلّا انّهم يقولون إنّ الريب واقع عليهم لزعمهم بقاءه من وقت وفاة أبيه الحسن الأخير عليه السلام إلى هذا الوقت، فإنّهم لم يشاهدوا مَن عمره كثر من مائة سنة إلّا وقد خرف وبطل وأشرف على الموت، وما ذلك منهم الّا لقلّة فهمهم وقلّة إيمانهم بقدرة اللَّه تعالي، وجهلهم بما قصَّه اللَّه تعالى في محكم كتابه من قصة نوح عليه السلام وأنّه لبث في قومه الف سنة إلّا خمسين عاماً، فكذلك جائز في حكمته وقدرته أن يُعمِّر الخلف الصالح الهادي المهدي حجّته البالغة وكلمته التامّة ورايته الباقيةعليه السلام ما شاء وأراد على ما توجبه حكمتُه واستقامة أمره،إلي أن يظهر امره ويتمّ به ما وعده اللَّه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.(2) الآية الرابعة قوله تعالى: (يَخلُق اللَّه ما يَشاء ويَختار ما كان لهم الخِيَرة).(3) 675 - روي عن هارون بن مسعدة بإسناده عن العالِم عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إن اللَّه اختار من الأيّام يوم الجمعة، ومن الليالي ليلة القدر، ومن الشهور شهر رمضان، واختارني وعليّاً، واختار من عليّ الحسن والحسين، واختار منهما تسعة، تاسعهم قائمهم، وهو ظاهرهم وهو باطنهم.(4) 676 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام عن آبائه صلوات اللَّه عليهم، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إن اللَّه عزّ وجلّ اختار من الأيّام الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، واختارني على جميع الأنبياء، واختار منّي عليّاً وفضّله على جميع الأوصياء، واختار من عليّ الحسن والحسين، واختار من الحسين الأوصياء من وُلده، ينفون عن التنزيل وتحريف الغالين وانتحال المُبطلين وتأويل المضلّين، تاسعهم قائمهم، وهو ظاهرهم وهو باطنهم.(5) 677 - روي أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي الشيخ الصدوق قدس سره بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول: كنت جالساً بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في مرضه الّتي قبض فيها، فدخلت فاطمة عليها السلام، فلمّا رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتّى جرت دموعها على خدّيها، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ما يُبكيك يافاطمة؟ قالت: يا رسول اللَّه أخشي على نفسي وولدي الضَيعة بعدك. فاغرورقت عينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالبكاء، ثمّ قال: يافاطمة أما علمتِ إنّا أهل بيت اختار اللَّه عزّ وجلّ لنا الآخرة على الدنيا، وأنّه حتّم الفناء على جميع خلقه، وأنّ اللَّه تبارك وتعالى أطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبيّاً، ثمّ أطّلع إلى الأرض ثانية فاختار منها زوجك، وأوحي إليّ أن اُزوّجك إيّاه واتّخذه وليّاً ووزيراً، وأن أجعله خليفتي في اُمّتي، فأبوك خير أنبياء اللَّه ورسله، وبعلُك خير الأوصياء، وأنت أوّل مَن يلحق بي من أهلي، ثمّ أطلع إلى الأرض اطّلاعة ثالثة فاختارك وولَديك، فأنت سيّدة نساء أهل الجنّة، وابنك حسن وحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلّهم هادون مهديون، وأوّل الأوصياء بعدي أخي عليّ، ثمّ حسن، ثمّ حسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في الجنّة درجة أقرب إلى اللَّه من درجتي ودرجة أبي إبراهيم، أما تعلمين يابنيّة أنّ من كرامة اللَّه إيّك أنّ زوجك خير اُمّتي، وخير أهل بيتي، أقدمهم سلماً، وأعظمهم حلماً وكثرهم علماً. فاستبشرت فاطمة عليها السلام وفرحت بما قال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. ثمّ قال: يا بُنيّة، إنّ لبعلك مناقب: إيمانه باللَّه ورسوله قبل كلّ أحد، فلم يسبقه إلى ذلك أحد من اُمّتي، وعِلمه بكتاب اللَّه عزّ وجلّ وسنّتي، وليس أحد من متى يعلم جميع علمي غير عليّ عليه السلام، وانّ اللَّه جلّ وعزّ علّمني علماً لا يعلمه غيري، وعلّم ملائكته ورسله علماً، فكلّ ما علّمه ملائكته ورسوله فأنا أعلمه، وأمرني اللَّه أن اُعلّمه إيّاه ففعلت، فليس أحد من متى يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتى غيره، وإنّك يابنيّة زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا اُمّتي، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإنّ اللَّه جلّ وعزّ آتاه الحكمة وفصل الخطاب. يابنيّة، إنّا أهل بيت أعطانا اللَّه عزّ وجلّ ستّ خصال لم يُعطها أحداً من الأوّلين كان قبلكم، ولم يعطها أحداً من الآخرين غيرنا، نبيّنا سيّد الأنبياء والمرسلين وهو أبوك، ووصيّنا سيّد الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا سيّد الشهداء وهو حمزة بن عبدالمطّلب عمّ أبيك. قالت: يا رسول اللَّه هو سيّد الشهداء الّذين قتلوا معه؟ قال: لا بل سيّد شهداء الأوّلين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء، وجعفر ابن أبي طالب ذو الجناحين الطيّار في الجنّة مع الملائكة، وابنك حسن وحسين سبطا متى وسيّدا شباب أهل الجنّة، ومنّا والّذي نفسي بيده مهدي هذه الاُمّة الّذي يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. قالت: وأي هؤلاء الّذين سمّيتهم أفضل؟ قال: عليّ بعدي أفضل اُمّتي، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد عليّ وبعدك وبعد ابنيّ وسبطيّ حسن وحسين، وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا - وأشار إلى الحسين - منهم المهدي؛ إنّا أهل بيت اختار اللَّه لنا الآخرة على الدنيا. ثمّ نظر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إليها وإلي بعلها وإلي إبنيها، فقال: ياسلمان، أُشهد اللَّه أ نّي سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، أما إنّهم معي في الجنّة. ثمّ أقبل على عليّ عليه السلام، فقال: ياأخي أنت ستبقي بعدي، وستلقي من قريش شدّة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدتَ عليهم أعواناً فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعواناً فاصبر، وكفّ يدك ولا تُلق بها إلى التهلكة، فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسي، ولك بهارون اُسوة حسنة إذا استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إيّك وتظاهرهم عليك، فإنّك بمنزلة هارون ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه. ياعليّ إنّ اللَّه تبارك وتعالى قد قضي الفُرقة والإختلاف على هذه الاُمّة، ولو شاء اللَّه لجمعهم على الهدي حتّى لا يختلف اثنان من هذه الاُمّة ولا ينازع في شيء من أمره ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله، ولو شاء لعجّل النقمة وكان منه التغيير حتّى يكذّب الظالم ويعلم الحقّ أين مصيره، ولكنّه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار (لِيَجزِيَ الّذين أَساؤوا بِمَا عَمِلوا ويَجزِيَ الّذين أَحسَنوا بالحُسني). فقال عليّ عليه السلام: الحمد للَّه شكراً على نعمائه وصبراً على بلائه.(6) قوله تعالى: (إنّ الّذي فَرَضَ عَلَيك القُرآنَ لَرادُّك إلى مَعاد قل رَبّي أعلَمُ مَن جَاء بالهُدي ومَن هُوَ في ضَلال مُبين).(7) 678 - روي النعماني بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام في حديث له يرويه عن أمير المؤمنين عليه السلام جاء فيه: وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة، فقول اللَّه عزّ وجلّ: (إنّ الّذي فَرَضَ عليك القرآن لَرَادُّك إلى مَعادٍ) أي رجعة الدنيا... الحديث.(8) سورة العنكبوت الآية الاولى قوله تعالى: (الم أَحَسِب النَاسُ أن يُترَكوا أن يَقولوا آمَنّا وهم لا يُفتَنون).(9) 679 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن معمّر بن خلّاد، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: (الم أحسبِ الناسُ أن يُترَكوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفتَنون) ثمّ قال لي: ما الفتنة؟ فقلت: جُعِلت فدك، الّذي عندنا أنّ الفتنة في الدّين، ثمّ قال: يُفتَنون كما يُفتن الذهب، ثمّ قال: يخلصون كما يخلص الذهب.(10) 680 - وروي النعمانيّ بإسناده عن ابن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه قال: كونوا كالنحل في الطير، ليس شيء من الطير إلّا وهو يستضعفها، ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة، لم يفعل بها ذلك، خالطوا الناس بألسنتكم وأبدانكم وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم، فوالّذي نفسي بيده ما ترون ما تحبّون حتّى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتّى يسمّي بعضكم بعضاً كذّابين، وحتّى لا يبقي منكم - أو قال: من شيعتي - كالكحل في العين والملح في الطعام، وسأضرب لكم مثلاً، وهو مثل رجل كان له طعام فنّقاه وطيّبه، ثمّ أدخله بيتاً وتركه فيه ما شاء اللَّه، ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس فأخرجه ونقّاه وطيّبه ثمّ أعاده إلى البيت فتركه ما شاء اللَّه، ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصاب طائفةً منه السوس، فأخرجه ونقّاه وطيّبه وأعاده، ولم يزل كذلك حتّى بقيت منه رِزمة كرزمة الأندر لا يضرّه السوس شيئاً، وكذلك أنتم تُميَّزون حتّى لا يبقي منكم إلّا عصابة لا تضرّها الفتنة شيئاً.(11) بيان للمجلسي قوله عليه السلام (كالنحل في الطير) أمر بالتقيّة، أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحقّ، كما أنّ النحل لا يظهر ما في بطنها على الطيور وإلّا لأفنوها. و(الرّزمة) - بالكسر - ما شدّ في ثوب واحد، (والأندر) البيدر.(12) 681 - روي الشيخ المفيد قدس سره بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لا يكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتّى تُميَّزا وتُمحَّصوا، فلا يبقي منكم إلّا القليل، ثمّ قرأ: (الم أَحَسِب الناس أن يُترَكوا أن يَقولوا آمنّا وهم لا يُفتَنون) ثمّ قال: إنّ من علامات الفرج حدثاً بين المسجدَين، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً من العرب.(13) الآية الثانية قوله تعالى: (ومِن الناسِ مَن يقولُ آمنا باللَّه فإذا اُوذِيَ في اللَّه جَعَلَ فِتنَة الناس كعَذابِ اللَّه ولَئِن جَاء نَصرٌ مِن ربّك لَيقُولُنَّ إنَّا كنَّا معكمْ أولَيسَ اللَّهُ بِأعلَم بما في صُدُورِ العالَمين).(14) 682 - قال عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى: (ومن الناس مَن يقول آمنّا باللَّه فإذا اُوذِيَ في اللَّه جَعَلَ فِتنة الناس كعذابِ اللَّه) قال: إذا آذاه إنسان أو أصابه ضرّ أو فاقة أو خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم، فرأي أنّ ما يفعلونه هو مثل عذاب اللَّه الّذي لا ينقطع (ولئن جاءَ نَصرٌ مِن ربّك) يعني القائم (لَيقولنّ إنّا كنّا معكم أَوَلَيسَ اللَّه بأعلَم بما في صُدُور العالَمين).(15) الآية الثالثة قوله سبحانه: (بَل هُوَ آياتٌ بيّناتٌ في صُدُور الّذين اُوتو العِلم وما يَجحَدُ بآياتنا إلّا الظالِمون).(16) 683 - روي محمّد بن العبّاس رحمة اللَّه عليه بإسناده عن عليّ بن أسباط، قال: سأل رجل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن هذه الآية: (بَل هُو آياتٌ بيّنات في صُدُور الّذين اُوتوا العِلم) قال: نحن هم، فقال الرجل: جعلت فدك متى يقوم القائم؟ فقال: كلّنا قائم بأمر اللَّه واحد بعد واحد حتّى يجئ صاحب السيف، فإذا جاء كان الأمر غير هذا.(17) 684 - وروي العلّامة شرف الدّين النجفي بإسناده عن عبد العزيز العبديّ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (بَل هو آياتٌ بيّنات في صُدُور الّذين اُوتوا العِلم) قال: هم الأئمّة من آل محمّد صلوات اللَّه عليهم أجمعين باقية دائمة في كلّ حين.(18) 685 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام انه قرأ هذه الآية: (بَل هو آيات بَيّنات في صُدُور الّذين اُوتوا العِلم) قال: يا محمّد، واللَّهِ ما قال بين دفّتي المصحف، قلت: من هم جُعلت فدك؟ قال: من عسي أن يكونوا غيرنا.(19) 686 - وعن أبي الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: (بَل هو آياتٌ بيّنات في صُدُور الّذين اُوتوا العِلم) قال: نحن وإيّانا عني.(20) 687 - وعنه، بإسناده عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سمعتُه يقول: (بل هو آياتٌ بيّنات في صُدُور الّذين اُوتوا العِلم) قال: هم الأئمّة عليهم السلام خاصّة، وما يعقلها إلّا العالمون، فزعم أنّ من عرف الامام والآيات يعقل ذلك.(21) 688 - عليّ بن ابراهيم في قوله تعالى: (وما يَجحد بآياتِنا) يعني ما يجحد بأمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام (إلّا الظالِمون).(22) سورة الروم الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (الم - غُلِبَت الرُّومُ - في أدني الأرض وهُم من بعد غلبهم سَيغلِبون - في بِضعَ سِنين للَّهِ الأمرُ مِنْ قَبلُ ومِن بَعدُ ويَومئذٍ يفرحُ المؤمنون - بِنَصرِ اللَّه يَنصُرُ مَن يشاء وهو العَزيز الرَّحيم).(23) 689 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن عباية، عن عليّ عليه السلام، قال: قوله عزّ وجلّ (آلم - غُلبت الروم) هي فينا وفي بني أميّة.(24) 690 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة، بإسناده عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللَّه الصادق عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (يَومئذٍ يَفرَحُ المؤمنون بِنَصرِ اللَّهِ) قال: في قبورهم بقيام القائم عليه السلام.(25) سورة لقمان الآية الاولى قوله تعالى: (وأسبَغَ عَلَيكم نِعَمَهُ ظاهِرةً وباطِنة).(26) الامام الغائب هو نعمة اللَه الباطنة 691 - روي الشيخ الصدوق؛ بإسناده عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزديّ، قال: سألت سيّدي موسى بن جعفر عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وأسبَغَ عَليكم نِعَمه ظاهِرَةً وبَاطِنة)، فقال عليه السلام: النعمة الظاهرة الإمام الظاهر، والباطنة الإمام الغائب. فقلت له: ويكون في الأئمّة مَن يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصُه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذِكره، وهو الثاني عشر منّا، يسهّل اللَّه له كلّ عسير، ويذلّل له كلّ صعب، ويُظهر له كنوز الأرض، ويُقرّب له كلّ بعيد، ويبير به كلّ جبّار عنيد، ويُهلك على يده كلّ شيطان مريد. ذلك ابن سيّدة الإماء، الّذي تخفي على الناس ولادتُه، ولا يحلّ لهم تسميته، حتّى يُظهره اللَّه عزّ وجلّ فيملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.(27) الآية الثانية قوله تعالى: (إنّ اللَّه عِندهُ عِلمُ السّاعةِ ويُنزّلُ الغَيثَ ويَعلَم ما في الأرحام وما تَدري نفسٌ ماذا تَكسِب غَداً وما تَدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تَموت إنّ اللَّه عَليمٌ خَبير).(28) الهوامش: (1) محمّد: 24. (2) عيون المعجزات 143-141. (3) القصص: 68. (4) إثبات الوصيّة 225. (5) كمال الدّين 281:1 ح 32. (6) كمال الدّين 262:1 ح 10. (7) القصص: 85. (8) تفسير النعمانيّ (المحكم والمتشابه) 3، والمتن في 113-112. (9) العنكبوت: 2 و3. (10) بحار الأنوار 115:52. (11) الغَيبة للنعمانيّ 209 و210 ح 17؛ بحار الأنوار 115:52. (12) بحار الأنوار 116:52. (13) الإرشاد للمفيد 360. (14) العنكبوت: 10. (15) تفسير القمّيّ 149:2. (16) العنكبوت: 49. (17) تأويل الآيات الظاهرة 432:1 ح 13؛ بحار الأنوار 189:23. (18) تأويل الآيات الظاهرة 432:1 ح 14. (19) تفسير البرهان 255:3 ح 7. (20) نفس المصدر 255:3 ح 9. (21) نفس المصدر 255:3 ح 12. (22) تفسير القمّيّ 151:2. (23) الروم: 5-1. (24) تأويل الآيات الظاهرة 434:1 ح 1. (25) دلائل الإمامة 248. (26) لقمان: 20. (27) كمال الدّين 368:2 ح 6؛ بحار الأنوار 32:51. (28) لقمان: 34. ****************** الامام المهدي يخبِر بالغيب 692 - روي الشيخ الطوسيّ بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن أحمد الدلّال القمّي، قال: دخلتُ على أبي جعفر محمّد بن عثمان رضي الله عنه يوماً لاُسلّم عليه، فوجدته وبين يديه ساجة ونقّاش ينقش عليها ويكتب آياً من القرآن وأسماء الأئمّة عليهم السلام على حواشيها، فقلت له: يا سيّدي ما هذه الساجة؟ فقال: هذه لقبري تكون فيه أُوضع عليها (أو قال: أسند إليها) وقد عرفت منه، وأنا في كلّ يوم أنزل فيه فأقرأ جزءاً من القرآن فأصعد، وأظنّه قال: فأخذ بيدي وأرانيه - فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا، صِرت إلى اللَّه عزّ وجلّ ودُفنت فيه وهذه الساجة معي. فلمّا خرجت من عنده أثبتُّ ما ذكره، ولم أزل مترقّباً به ذلك، فما تأخّر الأمر حتّى أعتل أبوجعفر فمات في اليوم الّذي ذكره من الشهر الّذي قاله من السنة الّتي ذكرها ودُفن فيه.(1) 693 - قال أبو نصر هبة اللَّه: وقد سمعت هذا الحديث من غير أبي عليّ وحدّثتني به أيضاً أُمّ كلثوم بنت أبي جعفر رضي اللَّه عنها، وأخبرني جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين، قال: حدّثني محمّد بن عليّ بن الأسود القمّيّ: أنّ أبا جعفر العمريّ قدّس اللَّه روحه حفر لنفسه قبراً وسوّاه بالساج، فسألته عن ذلك فقال: للناس أسباب، ثمّ سألته عن ذلك، فقال: قد اُمرت أن أجمع أمري، فمات بعد ذلك بشهرين رضي اللَّه عنه وأرضاه.(2) 694 - وروي محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب قال: كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس اللَّه روحه، فحضرته قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم - ياعليّ بن محمّد السمريّ أعظم اللَّه أجر اخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فأجمع أمرك، ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغَيبة التامّة فلا ظهور إلّا بعد إذن اللَّه تعالى ذِكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي مَن يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مُفتر، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم). قال: فنسخنا هذ التوقيع وخرجنا من عنده، فلمّا كان اليوم السادس عُدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: مَن وصيّك من بعدك؟ فقال: للَّه أمرٌ هو بالغه، وقضي، فهذا آخر كلام سمع منه رضي اللَّه عنه وأرضاه.(3) 695 - وكتب محمّد بن زياد الصيمريّ يسأل صاحب الزمان كفناً، فورَدَ: (إنّه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدي وثمانين) فمات رحمه الله في الوقت الّذي حدّه وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر.(4) 696 - روي المفيد والغضائريّ، عن محمّد بن أحمد الصفوانيّ، قال: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة سنة، منها ثمانين سنة صحيح العينين، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمّد العسكريّين عليهما السلام، وحجب بعد الثمانين ورُدّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام، وذلك أنّي كنت مقيماً عنده بمدينة الران من أرض آذربيجان وكان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السلام على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدّس اللَّه أرواحهما، فإنقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين فقلق رحمه الله لذلك. فبينا نحن عنده نكل، إذ دخل البوّاب مستبشراً فقال له: فيج العراق - لا يسمّي بغيره - فاستبشر القاسم وحوّل وجهه إلى القبلة فسجد، ودخل كهل قصير يري أثر الفيوج عليه، وعليه جبّة مضرّبة، وفي رجله نعل محامليّ، وعلي كتفه مِخلاة. فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه، ودعا بطست وماء فغسّل يده وأجلسه إلى جانبه، فكلنا وغسّلنا أيدينا، فقام الرجل فأخرج كتاباً أفضل من النصف المدرج فناوله القاسم، فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له يُقال له: ابن أبي سلمة، فأخذه أبو عبد اللَّه ففضّه وقرأه حتّى أحَسَّ القاسم بنكاية، فقال: يابا عبد اللَّه خير، فقال: خير، فقال: ويحك خرج فيّ شيء؟ فقال أبو عبد اللَّه: ما تكره فلا، قال القاسم: فما هو؟ قال: نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوماً وقد حمل إليه سبعة أثواب، فقال القاسم: في سلامةٍ من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك، فضحك؛ فقال: ما اُؤمّل بعد هذا العمر؟ فقال الرجل الوارد، فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعِمامة وثوبَين ومنديلاً، فأخذه القاسم، وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبوالحسن عليه السلام، وكان له صديق يقال له عبدالرحمن بن محمّد السنيزيّ، وكان شديد النصب، وكان بينه وبين القاسم نضّر اللَّه وجهه مودّة في اُمور الدنيا شديدة، وكان القاسم يودّه، وقد كان عبدالرحمن وافي إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمدانيّ وبين ختنه ابن القاسم. فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه، أحدهما يقال له: أبو حامد عمران بن المفلّس والآخر أبو عليّ بن جحدر: أن إقرئا هذا الكتاب عبدالرحمن بن محمّد فإنّي اُحبّ هدايته، وأرجو أن يهديه اللَّه بقراءة هذا الكتاب، فقالا له: اللَّه اللَّه اللَّه فإنّ هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلقٌ من الشيعة، فكيف عبدالرحمن بن محمّد؟ فقال: أنا أعلم أنّي مفشٍ لسرّ لا يجوز لي إعلانه، لكن من محبّتي لعبدالرحمن بن محمّد وشهوتي أن يهديه اللَّه عزّ وجلّ لهذا الأمر هو ذا أقرئه الكتاب. فلمّا مرّ ذلك اليوم - وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب - دخل عبدالرحمن بن محمّد وسلّم عليه، فأخرج القاسم الكتاب فقال له: إقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك، فقرأ عبدالرحمن الكتاب، فلمّا بلغ إلى موضع النعي رمي الكتاب عن يده، وقال للقاسم: ياأبا محمّد، إتّق اللَّه فإنّك رجل فاضل في دينك، متمكن من عقلك، واللَّه عزّ وجلّ يقول: (وما تَدري نَفسٌ ماذا تَكسِب غَداً وما تَدري نَفس بأيِّ أرضِ تَموت)(5) وقال: (عالِمُ الغَيب فلا يُظهِر على غَيبِه أحداً).(6) فضحك القاسم وقال له: اُتمّ الآية: (إلّا مَن ارتضي مِن رسول) ومولاي هو المرتضي من الرسول، وقال: قد علمتُ أنّك تقول هذا، ولكن أرّخ اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرَّخ في هذا الكتاب، فاعلم أنّي لستُ على شيء، وإن أنا متّ فانظر لنفسك! فورّخ عبدالرحمن اليوم وافترقوا، وختم القاسم يوم السابع من ورود الكتاب، واشتدّت به في ذلك اليوم العلّة، واستند في فراشه إلى الحائط، وكان ابنه الحسن بن القاسم مُدمناً على شرب الخمر، وكان متزوّجاً إلى أبي جعفر بن حمدون الهمدانيّ، وكان جالساً ورداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية، وأبو عليّ بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي، إذا اتّكأ القاسم على يديه إلى خلف، وجعل يقول: يامحمّد ياعليّ ياحسن ياحسين يامواليّ كونوا شفعائي إلى اللَّه عزّ وجلّ، وقالها الثانية. وقالها الثالثة، فلمّا بلغ في الثالثة: ياموسي ياعليّ، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانتفخت حدقته، وجعل يمسح بكمّه عينيه، وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم، ثمّ مدّ طرفه إلى ابنه فقال: ياحسن إليّ يابا حامد إليّ يابا عليّ، فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتَين صحيحتين، فقال له أبو حامد: تراني، وجعل يده على كلّ واحد منّا. وشاع الخبر في الناس والعامّة وأتاه الناس من العوام ينظرون إليه. وركب القاضي إليه، وهو أبو السائب عتبة بن عبيداللَّه المسعوديّ، وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه، فقال له: ياأبا محمّد ما هذا الّذي بيدي، وأراه خاتماً فصّه فيروزج فقرّبه منه، فقال: عليه ثلاثة أسطر، فتناوله القاسم رحمه الله فلم يمكنه قراءته، فخرج الناس متعجّبين يتحدّثون بخبره. إلي أن قال: فلمّا كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر، مات القاسم؛، فوافاه عبدالرحمن يعدو في الأسواق حافياً حاسراً وهو يصيح: واسيّداه، فاستعظم الناس ذلك منه، وجعل الناس يقولون: ما الّذي تفعل بذلك؟ فقال: اسكتوا، فقد رأيت ما لم تروه، وتشيّع ورجع عمّا كان عليه، ووقّف الكثير من ضياعه.(7) سورة السجده الآية الاولى قوله سبحانه: (ولَنُذيقنّهم مِن العَذاب الأدني دُونَ العَذاب الكبرِ لعلّهم يَرجِعون).(8) 697 - روي العلّامة البحرانيّ رحمه الله عن محمّد بن الحسن الشيباني في (كشف البيان) قال: روي عن جعفر الصادق عليه السلام في معني الآية: إنّ الأدني القحط والجدب، والكبر: خروج القائم المهدي عليه السلام بالسيف في آخر الزمان.(9) 698 - روي عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه الله في قوله تعالى: (ولَنُذيقنّهم مِن العَذاب الأدني دُونَ العَذاب الكبر) الآية، قال: العذاب الأدني عذاب الرجعة بالسيف، ومعني قوله: (لَعلَّهم يَرجِعون) يعني فإنّهم يرجعون في الرجعة حتّى يُعذَّبوا.(10) 699 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن مفضّل بن عمر، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (ولَنُذيقَنّهم من العذاب الأدني دُونَ العَذاب الكبرِ) قال: الأدني غلاء السعر، والكبر المهدي بالسيف.(11) الآية الثانية قوله تعالى: (أَوَلم يَرَوا أنّا نَسوق الماءَ إلى الأرضِ الجُرُزِ فنُخرِجُ به زَرعاً تكلُ منه أنعامُهم وأنفسُهم أفلا يُبصِرون).(12) 700 - روي عليّ بن إبراهيم القمّيّ في قوله: (أَوَلم يَرَو أنّا نَسوق الماءَ إلى الأرضِ الجُرُز) قال: الأرض الخراب، وهو مثل ضربه اللَّه في الرجعة والقائم عليه السلام، فلمّا أخبرهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بخبر الرجعة قالوا: (متى هذا الفَتحُ إن كنتم صادِقين).(13)،(14) قوله سبحانه: (ويَقُولونَ متى هذا الفتحُ إن كنتم صادِقين - قُل يَومَ الفَتح لا يَنفَع الّذين كفَروا إيمانُهم ولا هُم يُنظَرون).(15) 701 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن ابن درّاج، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول في قول اللَّه عزّ وجلّ: (قُل يَومَ الفَتح لا يَنفَع الّذين كفَروا إيمانُهم ولا هُم يُنظَرون): يوم الفتح يوم تفتح الدنيا على القائم لا ينفع أحداً تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمناً وبهذا الفتح موقناً، فذلك الّذي ينفعه إيمانه، ويعظم عند اللَّه قدره وشأنه، وتزخرف له يوم البعث جنانه، وتحجب عنه نيرانه، وهذا أجر الموالين لأمير المؤمنين ولذرّيته الطيّبين صلوات اللَّه عليهم أجمعين.(16) 702 - روي الثقة الصفّاررحمه الله خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمّي المخزون، جاء فيها: وتخرج لهم الأرض كنوزها، ويقول القائم عليه السلام كلوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيّام الخالية، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذِن لهم في الكلام، فيومئذ تأويل هذه الآية: (وجاءَ ربُّك والمَلَك صَفّاً صفّاً)(17) فلا يقبل اللَّه يومئذ إلّا دينه الحقّ، ألا للَّه الدّين الخالص، فيومئذ تأويل هذه الآية: (أو لم يَرَوا أنّا نسوق الماءَ إلى الأرض الجُرُز فنُخرِج به زَرعاً تكل منه أنعامُهم وأنفُسهم أفلا يُبصِرون - ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادِقين - قل يوم الفتح لا ينفع الّذين كفروا إيمانُهم ولا هم يُنظَرون - فأَعرِض عنهم وانتِظر إنّهم مُنتِظرون).(18) سورة الاحزاب الآية الاولى قوله تعالى: (النبيُّ أَولي بالمؤمنينَ من أنفُسِهم وأزواجُهُ أُمَّهاتُهُم وأُولُوا الأرحام بَعضُهُم أولي ببعضٍ في كتاب اللَّهِ من المؤمنين والمُهاجِرِين إلّا أن تَفعلُوا إلى أوليائكم معروفاً كانَ ذلك في الكتابِ مَسطُوراً).(19) المهدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم 703 - وبالإسناد عن الثماليّ، عن الكابليّ، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهم السلام، قال: دخلتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهو متفكر مغموم، فقلت: يا رسول اللَّه ما لي أرك متفكراً! فقال: يابني إنّ الروح الأمين قد أتاني فقال: يا رسول اللَّه، العليّ الأعلي يقرؤك السلام ويقول لك: إنّك قد قضيت نبوّتك واستكملتَ أيّامك، فاجعل الاسم الكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة عند عليّ بن أبي طالب، فإنّي لا أترك الأرض إلّا وفيها عالم تُعرَف به طاعتي وتعرف به ولايتي، فإنّي لم أقطع علم النبوّة من الغيب من ذرّيّتك، كما لم أقطعها من ذرّيات الأنبياء الّذين كانوا بينك وبين أبيك آدم، قلت: يا رسول اللَّه فمن يملك هذا الأمر بعدك؟ قال: أبوك عليّ بن أبي طالب أخي وخليفتي، ويملك بعد عليّ الحسن، ثمّ تملكه أنت وتسعة من صلبك، يملكه إثنا عشر إماماً، ثمّ يقوم قائمنا يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يشفي صدور قوم مؤمنين من شيعته.(20) 704 - روي بالإسناد عن سهل بن سعد الأنصاريّ، قال: سألت فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول لعليّ عليه السلام: ياعليّ أنت الإمام والخليفة بعدي، وأنت أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضيتَ فابنك الحسن أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي الحسن فالحسين أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي الحسين فابنه عليّ بن الحسين أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي محمّد فابنه جعفر أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي جعفر فابنه موسى أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي موسى فابنه عليّ أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي موسى فابنه عليّ أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي عليّ فابنه محمّد أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي محمّد فابنه عليّ أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي عليّ فابنه الحسن أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي الحسن فالقائم المهدي أولي بالمؤمنين من أنفسهم، يفتح اللَّه به مشارق الأرض ومغاربها، فهم أئمّة الحقّ وألسنة الصدق، منصور من نصرهم، مخذول من خذلهم.(21) 705 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن ثابت الثماليّ، عن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: فينا نزلت هذه الآية: (واُولوا الأرحامِ بعضُهم أَولي ببعضٍ في كتابِ اللَّه) وفينا نزلت هذه الآية: (وجَعَلَها كلِمَةً باقيةً في عَقِبِه) والإمامة في عقب الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام إلى يوم القيامة، وانّ للقائم منّا غيبتَين إحداهما أطول من الاُخري. أمّا الاولى فستّة أيّام، أو ستّة أشهر، أو ستّ سنين، وأه مّا الاُخري فيطول أمدها حتّى يرجع عن هذا الأمر كثر مَن يقول به، فلا يثبت عليه إلّا من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجاً ممّا قضينا، وسلّم لنا أهل البيت.(22) الآية الثانية قوله تعالى: (هُنالِك ابتُليَ المؤمنون وزُلزِلوا زِلزالاً شَديداً).(23) ابتلاء المؤمنين في غيبة المهدي 706 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمه الله قال: جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وقال له: لولا ما في القرآن من الإختلاف والتناقض لدخلتُ في دينكم، فقال له عليه السلام في حديث طويل جاء فيه: أما إنّه سيأتي على الناس زمان يكون الحقّ فيه مستوراً، والباطل ظاهراً مشهوراً، وذلك إذا كان أولي الناس بهم أعداهم له، واقترب الوعد الحقّ، وعظم الإلحاد وظهر الفساد، (هنالك ابتُلي المؤمنون وزُلزلوا زِلزالاً شديداً)، ونحلهم الكفّار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه، ثمّ يتيح الفرج لأوليائه، ويظهر صاحب الأمر على أعدائه.(24) قوله تعالى: (إنّما يُريدُ اللَّه لِيُذهبَ عنكمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكم تطهيراً).(25) 707 - روي أبو القاسم عليّ بن محمّد الخزّاز القمي الرازيّ من علماء القرن الرابع بإسناده عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ، قال: كنت عند النبيّ صلى الله عليه وآله في بيت أم سلمة، فأنزل اللَّه هذه الآية (إنّما يُريد اللَّه لِيُذهِب عنكم الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويطهِّركم تَطهيراً) فدعا النبيّ عليه السلام بالحسن والحسين وفاطمة وأجلسهم بين يديه، فدعا عليّاً فأجلسه خلف ظهره وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً. فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول اللَّه؟ فقال لها: إنّك إلى خير. فقلت: يا رسول اللَّه لقد كرم اللَّه هذه العترة الطاهرة والذرِّية المباركة بذهاب الرجس عنهم. قال: يا جابر لأنّهم عِترتي من لحمي ودمي، فأخي سيِّد الأوصياء، وابنيّ خير الاسباط، وابنتي سيِّدة النسوان، ومنا المهدي. قلت: يا رسول اللَّه ومَن المهدي؟ قال: تسعة من صُلب الحسين أئمّة أبرار، والتاسع قائمهم، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً، يُقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل.(26) الهوامش: (1) الغَيبة للطوسيّ 222. (2) نفس المصدر 223 - 222. (3) كمال الدّين 516:2 ح 44. (4) كمال الدّين 501:2 ح 26. (5) لقمان: 34. (6) الجنّ: 37. (7) بحار الأنوار 51 : 316-313. (8) السجدة: 21. (9) المحجّة 173؛ تفسير البرهان 288:3. (10) تفسير القمّميّ 170:2؛ بحار الأنوار 56:53. (11) تأويل الآيات الظاهرة 444:2 ح 6. (12) السجدة: 27. (13) السجدة: 28. (14) تفسير القمّيّ 171:2؛ تفسير الصافي 160:4. (15) السجدة: 28 و29. (16) تأويل الآيات الظاهرة 445:2 ح 9. (17) الفجر: 22. (18) مختصر بصائر الدرجات 195. (19) الأحزاب: 6. (20) كفاية الأثر 24. (21) كفاية الأثر 26. (22) كمال الدّين 323:1 ح 8. (23) الأحزاب: 11. (24) الإحتجاج 240:1. (25) الأحزاب: 33. (26) كفاية الأثر 66-65. ****************** المهدي من أهل البيت عليهم السلام 708 - روي الحافظ أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، قال: ثمّ يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي، يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً.(1) 709 - وروي أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد اللَّه، عن النبيّ صلى الله عليه وآله، قال: لا تقوم الساعة حتّى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه إسمي.(2) 710 - روي الشيخ الطوسيّ قدس سره بإسناده عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لا تذهب الدنيا حتّى يلي متى رجل من أهل بيتي يقال له المهدي.(3) 711 - روي أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، أجلي أقني، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت قبله ظلماً يكون سبع سنين.(4) 712 - روي الإمام أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: تُملأ الأرض ظلماً وجوراً، ثمّ يخرج رجل من عِترتي، يملك سبعاً أو تسعاً، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً.(5) 713 - روي الحافظ أبو نعيم بإسناده عن أبي الصدّيق، عن أبي سعيد رضي اللَّه تعالى عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لتملأنّ الأرض ظلماً وعدواناً، ثمّ ليخرجنّ من أهل بيتي - أو قال: من عِترتي - مَن يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً.(6) 714 - روي العلّامة سبط ابن الجوزي مرسلاً عن عبدالعزيز بن محمود بن البزّاز، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.(7) 715 - روي الداني بالإسناد عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: يقوم في آخر الزمان رجل من عِترتي شابّ حسن الوجه أجلي الجبين أقنا الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويملك - كذا - سبع سنين.(8) 716 - روي الشيخ الطوسيّ على اللَّه مقامه بإسناده من طريق العامّة عن عمارة بن جوين العبديّ، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول على المنبر: إنّ المهدي من عِترتي، من أهل بيتي، يخرج في آخر الزمان، ينزل اللَّه له من السماء قطرها، ويخرج له من الأرض بذرها، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملأها القوم ظلماً وجوراً.(9) 717 - روي الشيخ الطوسيّ رحمه الله بإسناده من طريق العامة عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: المهدي يخرج في آخر الزمان.(10) 718 - روي الإمام أحمد بن حنبل بإسناده عن زر بن حبيش، عن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لا تنقضي الأيّام ولا يذهب الدهر حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي، اسمه يواطيء اسمي.(11) 719 - روي ابن أبي شيبة بإسناده من طريق العامّة، عن أبي الطفيل، عن عليّ عليه السلام، عن النبيّ صلى الله عليه وآله قال: لو لم يبقَ من الدهر إلّا يوم، لبعث اللَّه رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً.(12) 720 - روي ابن حبّان بإسناده عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لو لم يبقَ من الدنيا إلّا ليلة، لملك فيها رجل من أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله.(13) 721 - روي ابن حمّاد، بإسناده عن أبي الصدّيق، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وآله، قال: المهدي منّي أجلي الجبهة، أقني الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً يملك سبع سنين.(14) 722 - روي الديلميّ بإسناده عن حذيفة، عن النبيّ صلى الله عليه وآله: المهدي رجل من ولدي، وجهه كالقمر الدرّي، اللون لون عربيّ، والجسم جسم إسرائيليّ، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، يرضي بخلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في الهواء، يملك عشرين سنة.(15) 723 - روي الإمام أبو عمرو الداني في سُننه بإسناده عن الحسن بن مرثد السعديّ، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: يخرج رجل من متى يعمل بسنّتي، ينزل اللَّه له البركة من السماء، وتُخرج له الأرض بركتها، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً، يعمل سبع سنين على هذه الاُمّة، وينزل بيت المقدّس.(16) 724 - روي البخاريّ بإسناده عن اُمّ سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه وآله، عن النبيّ صلى الله عليه وآله، أنّه قال: المهدي حقّ وهو من ولد فاطمة.(17) 725 - روي الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي عليه السلام، قال: وعن حذيفة قال: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فذكرنا رسول اللَّه بما هو كائن، ثمّ قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه عزّ وجلّ ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان رضي الله عنه فقال: يا رسول اللَّه من أيّ ولدك؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين عليه السلام.(18) 726 - روي أبو الفرج الاصبهانيّ بإسناده عن الوليد بن محمّد الموقّريّ، قال: كنت مع الزهريّ بالرصافة، فسمع أصوات لعّابين فقال لي: ياوليد اُنظر ما هذا؟ فأشرفت من كوّة في بيته فقلت: هذا رأس زيد بن عليّ، فاستوي جالساً ثمّ قال: أَهلَك أهلَ هذا البيت العجلةُ، فقلت: أو يملكون؟ قال: حدّثني عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن فاطمة، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال لها: المهدي من ولدك.(19) 727 - روي ابن أبي شيبة باسناده عن عليّ عليه السلام، عن النّبيّ صلى الله عليه وآله قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: المهدي منّا أهل البيت، يصلحه اللَّه في ليلة.(20) 728 - روي الشيخ الصدوق على اللَّه مقامه وبإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه محمّد، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: المهدي منّا أهل البيت، يصلح اللَّه له أمره في ليلة. وفي رواية اُخري: (يصلحه اللَّه في ليلة)، فروي عن الصادق عليه السلام أنّه قال لبعض أصحابه: كن لما لا ترجو أرجي منك لما ترجو، فإنّ موسى بن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لأهله ناراً، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ، فأصلح اللَّه تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى عليه السلام في ليلة، وهكذا يفعل اللَّه تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السلام، يصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليه السلام، ويخرجه من الحيرة والغَيبة إلى نور الفرج والظهور.(21) 729 - روي الحافظ ابن ماجة، بإسناده عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم، لطوّله اللَّه عزّ وجلّ حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يملك جبل الديلم والقسطنطينيّة.(22) 730 - روي النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن أبان بن عثمان، قال: قال أبو عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليهما السلام: بينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذات يوم في البقيع حتّى أقبل عليّ عليه السلام فسأل عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقيل إنّه بالبقيع، فأتاه عليّ عليه السلام فسلّم عليه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: اجلس، فأجلسه عن يمينه، ثمّ جاء جعفر بن أبي طالب فسأل عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فقيل له هو بالبقيع، فأتاه فسلّم عليه، فأجلسه عن يساره، ثمّ جاء العبّاس فسأل عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقيل له هو بالبقيع، فأتاه فسلّم عليه فأجلسه أمامه، ثمّ التفت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى عليّ عليه السلام فقال: ألا اُبشّرك؟ ألا اُخبرك ياعليّ؟ فقال: بلي يا رسول اللَّه. فقال: كان جبرئيل عليه السلام عندي آنفاً، وأخبرني أنّ القائم الّذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً من ذرّيتك من ولد الحسين عليه السلام. فقال عليّ عليه السلام: يا رسول اللَّه ما أصابنا خير قطّ مِن اللَّه إلّا على يديك. ثمّ التفت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى جعفر بن أبي طالب فقال: ياجعفر ألا اُبشّرك؟ ألا اُخبرك؟ قال: بلي يا رسول اللَّه. فقال: كان جبرئيل عندي آنفاً، فأخبرني أنّ الّذي يدفعها إلى القائم من ذرّيتك، أتدري من هو؟ قال: لا، قال: ذك الّذي وجهه كالدينار، وأسنانه كالمنشار، وسيفه كحريق النار، يدخل الجند ذليلاً، ويخرج منه عزيزاً، يكتنفه جبرئيل وميكائيل. ثمّ التفت إلى العبّاس فقال: ياعمّ انبيّ ألا اُخبرك بما أخبرني به جبرئيل عليه السلام؟ فقال: بلي يا رسول اللَّه، قال لي جبرئيل: ويل لذرّيتك من ولد العبّاس! فقال: يا رسول اللَّه أفلا أجتنب النساء؟ فقال له: (قد) فرغ اللَّه ممّا هو كائن.(23) 731 - روي يحيي بن عبدالحميد بإسناده عن أبي أيّوب الأنصاريّ، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السلام: إنّا أهل بيت اُعطينا سبع خصال لم يُعطَها أحد من الأوّلين قبلنا، ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا: نبيّنا خير الأنبياء، وهو أبوك، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمّك، ومن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر بن أبي طالب ابن عمّك، ومنّا سبطا هذه الاُمّة، ومهديهم ولدك.(24) 732 - روي الحافظ ابن ماجة بإسناده عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: نحن ولد عبدالمطّلب سادة أهل الجنّة: أنا وحمزة وعليّ وجعفر والحسن والحسين والمهدي.(25) 733 - روي ثقة الإسلام الكليني رحمه الله بإسناده عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: خرج النبيّ صلى الله عليه وآله ذات يوم وهو مستبشر يضحك سروراً، فقال له الناس: أضحك اللَّه سنّك يا رسول اللَّه وزادك سروراً، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: انّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا ولي فيها تحفة من اللَّه، ألا وإنّ ربّي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضي، إنّ جبرئيل أتاني فأقرأني من ربّي السلام وقال: يامحمّد إنّ اللَّه عزّ وجلّ اختار من بني هاشم سبعة، لم يخلق مثلهم فيمن مضي ولا يخلق مثلهم فيمن بقي، أنت يا رسول اللَّه سيّد النبيّين، وعليّ بن أبي طالب وصيّك سيّد الوصيّين، والحسن والحسين سبطك سيّدا الأسباط، وحمزة عمّك سيّد الشهداء، وجعفر ابن عمّك الطيّار في الجنّة يطير مع الملائكة حيث يشاء، ومنكم القائم يصلّي عيسي بن مريم خلفه إذا أهبطه اللَّه إلى الأرض من ذرّية عليّ وفاطمة، من ولد الحسين.(26) 734 - روي الحافظ الطبرانيّ بإسناده عن سفيان بن عيينة، عن عليّ بن عليّ المكيّ الهلاليّ، عن أبيه قال: قال: دخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في شكاته الّتي قُبض فيها، فإذا فاطمة رضي اللَّه عنها عند رأسه، قال: فبكت حتّى ارتفع صوتها، فرفع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟ فقالت أخشي الضيعة من بعدك. فقال: ياحبيبتي أما علمتِ أنّ اللَّه عزّ وجلّ اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أبك فبعثه برسالته، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلك وأوحي إليّ أن أنكحك إيّاه، يافاطمة: ونحن أهل بيت قد أعطانا اللَّه سبع خصال لم يُعط أحد قبلنا، ولا يُعطي أحد بعدنا: أنا خاتم النبيّين وكرم النبيّين على اللَّه، وأحبّ المخلوقين إلى اللَّه عزّ وجلّ وأنا أبوك، ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى اللَّه وهو بعلُك، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى اللَّه وهو عمّك حمزة بن عبدالمطّلب، وهو عمّ أبيك وعمّ بعلك، ومنّا من له جناحان أخضران يطير في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك، ومنّا سبطا هذه الاُمّة وهما ابنك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما - والّذي بعثني بالحقّ - خير منهما. يافاطمة، والّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما مهدي هذه الاُمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقّر كبيراً، فيبعث اللَّه عزّ وجلّ عند ذلك منهما من يفتتح حصون الضلالة وقلوباً غُلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الدنيا عدلاً كما مُلئت جوراً... الحديث.(27) 735 - روي ابن حمّاد بإسناده عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيّب: المهدي حقّ هو؟ قال: حقّ قال: قلت: ممّن هو؟ قال: من قريش، قلت: من أيّ قريش؟ قال: من بني هاشم، قلت: من أيّ بني هاشم؟ قال: من بني عبد المطّلب، قلت: من أيّ عبدالمطّلب؟ قال: من ولد فاطمة.(28) 736 - روي الطبريّ بإسناده عن محمّد بن سنان الزهريّ، عن سيّدنا أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه الحسين، عن عمّه الحسن، عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، أنّه قال: إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي، محمّد وعليّ والحسن، فرابعها هو القائم المأمول المنتظر.(29) 737 - روي مرسلاً عن أبي هريرة مرفوعاً: فلو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يأتيهم رجل من أهل بيتي، تكون الملائكة بين يديه ويظهر الإسلام.(30) 738 - روي الشيخ الصدوق؛ بإسناده عن عبد اللَّه بن عمر، قال: سمعت الحسين بن عليّ عليهما السلام يقول: كذلك سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه عزّ وجلّ ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً.(31) 739 - روي عبدالرزاق بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ، قال: عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: المهدي منّا أهل البيت، أشمّ الأنف أقني، أجلي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يعيش هكذا - وبسط يساره واصبعين من يمينه: المسبّحة والإبهام، وعقد ثلاثة.(32) 740 - روي أبو يعلي، بإسناده عن أبي هريرة، قال: حدّثني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وآله قال: لا تقوم الساعة حتّى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتّى يرجعوا إلى الحقّ، قال قلت: وكم يكون؟ قال: خمس وإثنين، قال قلت: ما خمس وإثنين؟ قال: لا أدري.(33) 741 - روي ابن حبّان بإسناده عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن عبد اللَّه، قال: قال انبيّ صلى الله عليه وآله: يخرج رجل من متى يواطئ اسمه اسمي وخُلُقُه خُلُقي، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.(34) 742 - روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله مرسلاً، أنّه قال: المهدي من ولدي ابن أربعين سنة، كأنّ وجهه كوكب درّي في خدّه الأيمن خال أسود، عليه عباءتان قطوانيتان، كأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك.(35) 743 - روي الطبريّ بإسناده عن أبان، عن أنس بن مالك، قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذات يوم فرأي عليّاً عليه السلام فوضع يده بين كتفيه، ثمّ قال: ياعليّ، لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك يقال له المهدي، يهدي إلى اللَّه عزّ وجلّ ويهتدي به العرب، كما هديت أنت الكفّار والمشركين من الضلالة، ثمّ قال: ومكتوب على راحتَيه، بايعوه فإنّ البيعة للَّه عزّ وجلّ.(36) 744 - روي ابن حمّاد بإسناده عن أبي معبد، عن ابن عبّاس، قال: المهدي شابّ منّا أهل البيت.(37) 745 - وروي ابن حمّاد عن أبي سعيد الخدريّ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله قال: وهو رجل من عِترتي - أو قال: من أهل بيتي.(38) 746 - روي ابن أبي شيبة بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه، عن عليّ عليه السلام، عن النبيّ صلى الله عليه وآله: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: المهدي منّا أهل البيت، يصلحه اللَّه في ليلة.(39) 747 - روي ابن حمّاد بإسناده عن علقمة، عن عبد اللَّه رضي الله عنه، قال: بينما نحن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، إذ جاء فتية من بني هاشم، فتغيّر لونه، فقلنا: يا رسول اللَّه نري في وجهك شيئاً نكرهه، فقال: إنّا أهل بيت إختار اللَّه لنا الآخرة على الدنيا، وانّ أهل بيتي هؤلاء سيَقتَلون (سيلقون) بعدي بلاءً وتطريداً وتشريداً، حتّى يأتي قوم من هاهنا، من نحو المشرق، أصحاب رايات سود، يسألون الحقّ فلا يُعطَونه، مرّتين أو ثلاثاً، فيقاتلون فَينصَرون، فيُعطون ما سألوا فلا يقبلوه، حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها عدلاً كما ملؤوها ظلماً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبواً على الثلج فإنّه المهدي.(40) الهوامش: (1) مسند أحمد بن حنبل 36:3؛ المستدرك 557:4. (2) مسند أحمد 376:1؛ سنن الترمذي505:4 ح 2231. (3) الغَيبة للطوسيّ 113. (4) مسند أحمد 17:3. (5) مسند أحمد 28:2؛ المستدرك 558:4. (6) حلية الأولياء 101:3. (7) تذكرة الخواصّ 363. (8) سنن الداني 94؛ عقد الدرر 39 ب 3. (9) الغَيبة للطوسي 111؛ بحار الأنوار 74:51. (10) الغَيبة للطوسي 111؛ بحار الأنوار 73:51. (11) مسند أحمد 376:1 و377. (12) مصنّف ابن أبي شيبة 198:15 خ 19494. (13) صحيح ابن حبّان 576:7 ح 5922. (14) الفتن لابن حمّاد 100 و103. (15) الفردوس 221:4 ح 6667. (16) سنن الداني 101-100. (17) التاريخ الكبير للبخاريّ 346:3. (18) عقد الدرر 24 ب 1. (19) مقاتل الطالبيين 97:1. (20) مصنف ابن أبي شيبة 197:15 ح 19490 و19491. (21) كمال الدّين 152:1 ح 15. (22) سنن ابن ماجة 928:2 ح 2779. (23) الغَيبة للنعمانيّ 247 ح 1 و2. (24) المسترشد 150؛ بحار الأنوار 48:37. (25) سنن ابن ماجة 1368:2 ح 4087. (26) الكافي 49:8 ح 10. (27) المعجم الكبير للطبرانيّ 52:3 ح 2675. (28) الفتن لابن حماد 101؛ عقد الدرر 23 ب 1. (29) دلائل الإمامة 236. (30) التذكرة للقرطبيّ 700. (31) كمال الدّين 317:1 ح 4. (32) مصنّف عبدالرازق 372:11 ح 20773. (33) مسند أبي يعلي الموصليّ 19:12 ح 6665. (34) صحيح ابن حبّان 291:8 ح 2786. (35) القول المختصر 9 ب 1 ح 45؛ البرهان للمتّقي الهنديّ 99 ب 3 ح 2. (36) دلائل الإمامة 250. (37) الفتن لابن حمّاد 102. (38) نفس المصدر 102 و103. (39) مصنّف ابن أبي شيبة 197:15 ح 19490 و19491. (40) الفتن لابن حمّاد 84؛ سنن ابن ماجة 1366:2 ح 4082. ****************** مولد الإمام المهدي طاهراً مطهراً 748 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن محمّد بن عثمان العمريّ قدّس اللَّه روحه، أنّه قال: ولد السيّد عليه السلام مختوناً، وسمعت حكيمة تقول: لم ير باُمّه دم في نفاسها، وهكذا سبيل اُمّهات الأئمّة عليهم السلام.(1) 749 - روي الصدوق رحمه الله عن محمّد بن الحسن الكرخيّ، قال: سمعت أبا هارون رجلاً من أصحابنا يقول: رأيت صاحب الزمان عليه السلام ووجهه يضي كأنّه القمر ليلة البدر، ورأيت على سُرّته شعراً يجري كالخطّ، وكشفت الثوب عنه فوجدته مختوناً، فسألت أبا محمّد عليه السلام عن ذلك فقال: هكذا ولد، وهكذا ولدنا، ولكنّا سنمرّ الموسي عليه لإصابة السُنّة.(2) 750 - وروي الصدوق رحمه الله بإسناده عن الحسن بن الحسين العلويّ، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام بسُرّ من رأي فهنّأته بولادة ابنه القائم عليه السلام.(3) 751 - وروي الصدوق؛ بإسناده عن غياث بن أسيد، قال: شهدت محمّد بن عثمان العمري قدّس اللَّه روحه يقول: لمّا وُلد الخلف المهدي عليه السلام سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء، ثمّ سقط لوجهه ساجداً لربّه تعالي ذِكره، ثمّ رفع رأسه وهو يقول: (شَهِد اللَّهُ أنّه لا إله إلّا هُوَ والملائكةُ واُولوا العِلم قائِماً بالقِسط لا إله إلّا هُو ا لعَزيز الحكيم إنّ الَّدينَ عِندَاللَّه الإسلامُ) قال: وكان مولده يوم الجمعة.(4) 752 - وروي الصدوق رحمه الله بإسناده عن حمزة بن أبي الفتح، قال: جاءني يوماً فقال لي: البشارة ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمّد عليه السلام وأمر بكتمانه، قلت: وما اسمه؟ قال: سمّي بمحمّد وكنّي بجعفر.(5) 753 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّيّ، قال: لمّا ولد الخلف الصالح عليه السلام ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده عليه السلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه، وفيه: وُلد لنا مولود، فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً، فإنّا لم نُظهر عليه إلّا الأقرب لقرابته، والوليّ لولايته، أحببنا إعلامك ليسرّك اللَّه به مثل ما سرّنا به، والسلام.(6) 754 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن نسيم ومارية، قالتا: انّه لمّا سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن اُمّه جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابتيه إلى السماء، ثمّ عطس فقال: الحمد للَّه ربّ العالمين وصلّي اللَّه على محمّد وآله، زعمتِ الظَلَمة أنّ حجّة اللَّه داحضة، لو أذن لنا في الكلام لزال الشك. قال إبراهيم بن محمّد بن عبد اللَّه بن موسى بن جعفر عليه السلام - راوي الحديث - وحدّثتني نسيم خادم أبي محمّد عليه السلام، قالت: قال لي صاحب الزمان عليه السلام وقد دخلتُ عليه بعد مولده بليلة، فعطست عنده فقال لي: يرحمك اللَّه، قالت: نسيم ففرحت بذلك، فقال لي عليه السلام: ألا اُبشّرك في العطاس؟ فقلت: بلي يامولاي، فقال: هو أمان من الموت ثلاثة أيّام.(7) الآية الثالثة قوله سبحانه: (مَلعُونِينَ أينما ثُقِفوا اُخِذوا وقُتّلوا تَقتيلاً - سُنّةَ اللَّه في الّذين خَلَوا مِن قَبلُ ولَن تَجِدَ لِسنّةِ اللَّه تَبديلاً).(8) 755 - روي العلّامة ابن أبي الحديد المعتزلي مرسلاً، قال: وهذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السير وهي متداولة منقولة مستفيضة، خطب بها عليّ عليه السلام بعد انقضاء أمر النهروان، وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي؛، ومنها: فانظروا أهل بيت نبيّكم، فإن لبدوا فالبدوا، وان استنصروكم فانصروهم، فليفرّجنّ اللَّه الفتنة برجل منّا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء، لا يُعطيهم إلّا السيف هرجاً هرجاً، موضوعاً على عاتقه ثمانية أشهر، حتّى تقول قريش: لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه اللَّه ببني اُميّة حتّى يجعلهم حطاماً ورفاتاً، (مَلعُونِينَ أينما ثُقِفوا اُخِذوا وقُتّلوا تَقتيلاً - سُنّةَ اللَّه في الّذين خَلَوا مِن قَبلُ ولَن تَجِدَ لِسنّةِ اللَّه تَبديلاً).(9) الآية الرابعة قوله تعالى: (وما يُدرِيك لَعلَّ السّاعة تَكونُ قَريباً).(10) 756 - في حديث للمفضّل بن عمررحمه الله، قال: سألت الصادق عليه السلام: هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام مِن وقت موقّت يعلمه الناس؟ فقال: حاش للَّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا. قلت: يا سيّدي ولِمَ ذك؟ قال: لأنّه هو الساعة الّتي قال اللَّه تعالى: (ويَسأَلُونَك عن الساعةِ أيّانَ مُرساها قُل إنّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجلِّيها لِوَقتِها إلّا هُو ثَقُلَت في السمواتِ والأرضِ)(11) الآية، وهو الساعة الّتي قال اللَّه تعالى: (يَسأَلُونك عَنِ الساعةِ أَيّان مُرساها)(12) وقال: (عِنَده عِلمُ الساعةِ)(13) ولم يقل أنّها عند أحد، وقال: (فَهَل يَنظُرون إلّا الساعةَ أن تأتِيَهم بَغتةً فقد جاءَ أشراطُها)(14)، وقال: (اقتَرَبتِ الساعةُ وانشقَّ القَمَر)(15)، وقال: (ما يُدرِيك لعلَّ الساعة تَكون قَريباً)، (يَستعجِلُ بها الّذين لا يُؤمِنون بها والَّذين آمَنوا مُشفِقون منها ويَعلَمون أنّها الحقُّ ألا إنّ الّذين يُمارُون في الساعةِ لَفي ضَلال بَعيد).(16) قلت: فما معني يمارون؟ قال: يقولون متى ولد؟ ومَن رأي؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك إستعجالاً لأمر اللَّه، وشكاً في قضائه، ودخولاً في قدرته، اُولئك الّذين خسروا الدنيا وإنّ للكافرين لشرّ مآب. قلت: أفلا يوقّت له وقت؟ فقال: يامفضّل لا اُوقّت له وقتاً ولا يوقّت له وقت، إنّ مَن وقّت لمهدينا وقتاً فقد شارك اللَّه تعالى في علمه، وادّعي أنّه ظهر على سرّه، وما للَّه من سرّ إلّا وقد وقع إلى هذا الخلق المعكوس الضالّ عن اللَّه الراغب عن أولياء اللَّه، وما للَّه من خبر إلّا وهم أخصّ به لسرّه، وهو عندهم وإنّما ألقي اللَّه اليهم ليكون حجّة عليهم...الخ (الحديث طويل وقد أخذنا منه موضع الحاجة).(17) سورة سبأ الآية الاولى قوله سبحانه: (وجَعَلنا بَينهم وبَين القُري الّتي بَارَكنا فيها قُريً ظَاهرةً وقدّرنا فيها السَّير سِيروا فيها لَيَالِيَ وأيّاماً آمِنين).(18) 757 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي زهير بن شبيب بن أنس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام إذ دخل عليه من كندة فاستفتاه في مسألة فأفتاه فيها، فعرفت الغلام والمسألة، فقدمت الكوفة، فدخلت على أبي حنيفة فإذا ذك الغلام بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها، فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد اللَّه عليه السلام، فقمت اليه فقلت: ويلك يا أبا حنيفة إنّي كنتُ العامّ حاجّاً، فأتيت أبا عبد اللَّه عليه السلام مسلِّماً عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها، فأفتاه بخلاف ما أفتيته! فقال: وما يعلم جعفر بن محمّد؟! أنا أعلم منه، أنا لقيتُ الرجال وسمعت من أفواهم، وجعفر بن محمّد صحفيّ أخذ العلم من الكتب!! فقلت في نفسي: واللَّه لاحجَّنَّ ولو حَبواً. قال: فكنت في طلب حجّة، فجاءَتني حجّة فحججت. فأتيت أبا عبد اللَّه عليه السلام فحكيت له الكلام، فضحك ثمّ قال: أمّا في قوله أنّي رجل صحفيّ فقد صدق! قرأت صُحف آبائي ابراهيم وموسي، فقلت: ومن له بمثل تلك الصحف. قال: فما لبثت أن طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه، فقال الغلام: انظر من ذا، فرجع الغلام فقال: أبو حنيفة، قال: أدخله، فدخل فسَلَّمَ على أبي عبد اللَّه عليه السلام فردَّ عليه ثمّ قال: أصلحك اللَّه، أتأذن لي في القعود؟ فأقبل عليه السلام على أصحابه يُحدِّثهم ولم يلتفت اليه، ثمّ قال الثانية والثالثة فلم يلتفت اليه، فجلس ابو حنيفة من غير اذنه، فلمّا علم أنّه قد جلس التفت اليه فقال: أين أبو حنيفة؟ فقيل: هو ذا أصلحك اللَّه. فقال: أنت فقيه أهل العراق؟ قال: نعم، قال: فبما تفتيهم؟ قال: بكتاب اللَّه وسنّة نبيِّه صلى الله عليه وآله. قال: يا أبا حنيفة، تعرف كتاب اللَّه حقّ معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: نعم. قال: يا أبا حنيفة لقد أدَّعيت عِلماً، ويلك ما جعل اللَّه ذلك إلّا عند أهل الكتاب الّذين أنزل عليهم، ويلك ولا هو إلّا عند الخاصّ من ذرِّية نبيّنا صلى الله عليه وآله ما ورّثك اللَّه من كتابه حرفاً، فإن كنتَ كما تقول - ولست كما تقول - فأخبرني عن قول اللَّه عزّوجل: (سِيرُوا فيها لَيَالِيَ وأيّاماً آمِنين) أين ذلك من الأرض؟ قال: أحسبه ما بين مكة والمدينة. فالتفت أبو عبد اللَّه عليه السلام إلى أصحابه فقال: تعلمون أنّ الناس يَقطَع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون؟ قالوا: نعم. قال: فسكت أبو حنيفة. فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن قول اللَّه عزّوجل: (ومَن دَخَلَه كان آمِناً)(19) أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة. قال: أفتعلم أنّ الحجّاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمناً فيها؟ قال: فسكت، ثمّ قال له: يا أبا حنيفة، إذا ورد عليك شيء ليس في كتاب اللَّه ولم تأتِ به الآثار والسُنَّة كيف تصنع؟ فقال: أصلحك اللَّه أقيس وأعلم فيه برأيي، قال: يا أبا حنيفة، إن أوّل من قاس ابليس الملعون، قاس على ربّنا تبارك وتعالى فقال: (أنا خَيرٌ منه خَلَقتَني مِن نار وخَلَقتَه مِن طِين)(20) فسكت أبو حنيفة. فقال: يا أبا حنيفة، أيُّما أرجس، البول أو الجنابة؟ فقال: البول، فقال: فما بالُ الناس يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول؟ فسكت. فقال: يا أبا حنيفة، أيّما أفضل الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فما بالُ الحايض تقضي صومها ولا تقضي صلاتها؟ فسكت. فقال: يا أبا حنيفة، أخبرني عن رجلٍ كانت له أمّ ولد وله منها ابنة، وكانت له حرّة لا تلد فزارت الصبيّة بنت أمّ الولد أباها، فقام الرجل بعد فراغه من صلاة الفجر، فواقع أهله الّتي لا تلد وخرج إلى الحمّام فأرادت الحُرّة أن تكيد أمّ الولد وابنتها عند الرجل، فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت عليها وهي نائمة، فعالجتها كما يعالج الرجل المرأة، فعلقت، أيّ شيء عندك فيها؟ قال: لا واللَّه ما عندي فيها شيء. فقال: يا أباحنيفة، أخبرني عن رجل كانت له جارية، فزوّجها من مملوك له وغاب المملوك، فولد له من أهله مولود، وولد للمملوك مولد من أمّ ولدٍ له، فسقط البيت على الجاريتَين ومات المولي، من الوارث؟ فقال: جُعِلتُ فدك، لا واللَّهِ ما عندي فيها شيء. فقال أبو حنيفة أصلحك اللَّه أنَّ عندنا قوماً بالكوفة يزعمون أ نّك تأمرهم بالبراءة من فلان وفلان وفلان! فقال: ويلك يا أبا حنيفة لم يكن هذا، معاذ اللَّه. فقال: أصلحك اللَّه إنّهم يعظمون الأمر فيهما، قال: فما تأمرني؟ قال: تكتب اليهم، قال: بماذا؟ قال: تسألهم الكفّ عنهما، قال: لا يطيعوني، قال: بلي أصلحك اللَّه إذا كنت أنت الكاتب وأنا الرّسول أطاعوني. قال: يا أبا حنيفة أبيت إلّا جهلاً، كم بيني وبين الكوفة من الفراسخ؟ قال: أصلحك اللَّه ما لا يُحصي، فقال: كم بيني وبينك؟ قال: لا شيء، قال: أنت دخلت عليّ في منزلي فاستأذنت في الجلوس ثلاث مرات فلم آذن لك، فجلست بغير إذني خلافاً عليّ، كيف يطيعوني أولئك وهم هنك وأنا هاهنا؟! قال: فقبّل رأسه وخرج وهو يقول: أعلم الناس ولم نره عند عالم. فقال أبو بكر الحضرميّ: جُعلت فدك الجواب في المسألتين الأَوليَّين. فقال: يا أبا بكر (سِيرُوا فيها لَيَالِيَ وأيّاماً آمِنين) فقال: مع قايمنا أهل البيت، وأما قوله: (وَمَن دَخَلَه كان آمِناً)(21) فمن بايعه ودخل معه ومَسَحَ على يده ودَخَلَ في عقد أصحابه كان آمناً.(22) الآية الثانية قوله سبحانه: (ويَقولُون متى هذا الوَعدُ إن كنتم صادِقين).(23) 758 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبدالرحمن بن سليط، قال: قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا إثنا عشر مهدياً، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقّ، يُحيي اللَّه به الأرض بعد موتها، ويُظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون. له غيبة يرتدّ فيها أقوام، ويثبت فيها على الدّين آخرون، فُيؤذَون ويُقال لهم: (متى هذا الوَعدُ إن كنتم صادِقين)، أما إنّ الصابر في غيبته على الأذي والتكذيب، بمنزلة المجاهد بالسيف بين يَدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(24) الآية الثالثة قوله عزّ وجلّ: (ولَو تَري إذ فَزِعُو فَلا فَوتَ واُخِذوا مِن مَكانٍ قَريب).(25) الخسف بجيش السفياني 759 - روي الطبريّ في تفسيره بإسناده عن ربعي بن حراش، قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله - وذكر فتنة بين أهل المشرق والمغرب - فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك، حتّى ينزل دمشق، فيبعث جيشَين: جيشاً إلى المشرق وجيشاً إلى المدينة حتّى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة، فيقتلون كثر من ثلاثة آلاف ويبقرون بها كثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العبّاس. ثمّ ينحدرون إلى الكوفة، فيخربون ما حولها، ثمّ يخرجون متوجّهين إلى الشام، فتخرج راية هديً من الكوفة، فتلحق ذلك الجيش منها على الفئتَين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم. ويخلي جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيّام ولياليها، ثمّ يخرجون متوجّهين إلى مكة، حتّى إذا كانوا بالبيداء، بعث اللَّه سبحانه جبرئيل فيقول ياجبرائيل اذهب فأبِدْهُم، فيضربها برجله ضربة يخسف اللَّه بهم، فذلك قوله عزّ وجلّ في سورة سبأ: (ولَو تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوتَ) الآية، فلا ينفلت منهم إلّا رجلان أحدهما بشير والآخر نذير، وهما من جُهينة، فلذلك جاء القول: فعند جُهينة الخبر اليقين.(26) 760 - روي العلّامة السيّد ابن طاووس رضوان اللَّه عليه عن عليّ عليه السلام قال: إذا نزل جيش في طلب الّذين خرجوا إلى مكة، فنزلوا البيداء خُسف بهم ويباد بهم، وهو قوله عزّ وجلّ: (ولَو تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوتَ واُخِذوا مِن مَكانٍ قَريب) من تحت أقدامهم، ويخرج رجل من الجيش في طلب ناقةٍ له، ثمّ يرجع إلى الناس، فلا يجد منهم أحداً، ولا يحسّ بهم، وهو الّذي يحدّث الناس بخبرهم.(27) 761 - وروي الصفّاررحمه الله خطبة لمولانا أمير المؤمنين تسمّي المخزون جاء فيها: وخروج السفيانيّ براية خضراء وصليب من ذهب، أميرها رجل من كلب وإثني عشر ألف عنان من خيل يحمل السفياني متوجّهاً إلى مكة، والمدينة أميرها أحد من بني اُميّة يقال له خزيمة، أطمس العين الشمال، على عينه طرفة تميل بالدنيا فلا تردّ له راية حتّى ينزل المدينة، فيجمع رجالاً ونساءً من آل محمّد صلى الله عليه وآله فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها دار أبي الحسن الأمويّ، ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمّد صلى الله عليه وآله قد اجتمع إليه رجال من المستضعَفين بمكة أميرهم رجل من غطفان، حتّى إذا توسّطوا الصفايح البيض بالبيداء يُخسف بهم فلا ينجو منهم أحد إلّا رجل واحد يحوّل اللَّه وجهه في قفاه لينذرهم وليكون آية لمن خلفه فيومئذ تأويل هذه الآية: (ولو تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوتَ واُخِذوا مِن مَكانٍ قَريب).(28) 762 - روي سُليم بن قيس الكوفيّ رحمه الله في كتابه في حديث طويل لأمير المؤمنين عليه السلام جاء فيه: يامعاوية إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قد أخبرني أنّ بني اُميّة سيخضبون لحيتي من دم رأسي، وأ نّي مُستشهد، وستلي الاُمّة من بعدي! وأ نّك ستقتل ابني الحسن غدراً بالسمّ! وأنّ ابنك يزيد سيقتل ابني الحسين! يلي ذلك منه ابن زانية. وأنّ الاُمّة سيليها من بعدك سبعة من ولد أبي العاص وولد مروان بن الحكم، وخمسة من ولده، تكملة إثني عشر إماماً، قد رآهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يتواثبون على منبره تواثب القردة، يردّون اُمّته عن دين اللَّه، على أدبارهم القهقري، وأنّهم أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة، وأنّ اللَّه سيخرج الخلافة منهم برايات سود تقبل من الشرق يذلّهم اللَّه بهم، ويقتلهم تحت كلّ حجر. وأنّ رجلاً من ولدك مشوم ملعون، جلف جاف، منكوس القلب، فظّ غليظ، قد نزع اللَّه من قلبه الرأفة والرحمة، أخواله من كلب، كأنّي أنظر إليه، ولو شئت لسمّيته ووصفته، وابنُ كم هو، فيبعث جيشاً إلى المدينة فيدخلونها، فيُسرفون فيها في القتل والفواحش، ويهرب منهم رجل من ولدي، زكيّ تقيّ، الّذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وإنّي لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته، وهو من ولد ابني الحسين الّذي يقتله ابنك يزيد، وهو الثائر بدم أبيه فيهرب إلى مكة. ويقتل صاحب ذلك الجيش رجلاً من ولدي زكيّاً بريّاً عند أحجار الزيت، ثمّ يسير ذلك الجيش إلى مكة، وإنّي لأعلم اسم أميرهم وأسمائهم وسمات خيولهم، فإذا دخلوا البيداء واستوت بهم الأرض خسف اللَّه بهم. قال اللَّه عزّ وجلّ: (ولَو تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوتَ واُخِذوا مِن مَكانٍ قَريب) قال: من تحت أقدامهم، فلا يبقي من ذلك الجيش أحد غير رجل واحد، يقلب اللَّه وجهه من قبل قفاه. ويبعث اللَّه للمهدي أقواماً يجمعون من الأرض قزعاً كقزع الخريف، واللَّه انّي لأعرف أسماءهم واسم أميرهم ومناخ ركابهم، فيدخل المهدي الكعبة ويبكي ويتضرّع... الحديث.(29) 763 - وفي خبر روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في ذكر الفتن في الشام، قال عليه السلام: فإذا كان ذلك، خرج ابن كلة الكباد على أثره ليستولي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك، فانتظروا خروج المهدي.(30) 764 - روي العلّامة محمّد بن العبّاس رحمه الله بإسناده عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد الكابليّ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يخرج القائم عليه السلام فيسير حتّى يمرّ بمرّ، فيبلغه أنّ عامله قد قُتل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، ولا يزيد على ذلك شيئاً ثمّ ينطلق فيدعو الناس حتّى ينتهي إلى البيداء، فيخرج جيشان للسفيانيّ، فيأمر اللَّه عزّ وجلّ الأرض أن تأخذ بأقدامهم، وهو قوله عزّ وجلّ: (ولَو تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوتَ واُخِذوا مِن مَكانٍ قريبٍ وقالُوا آمَنّا به - يعني بقيام القائم - وقد كفَروا به مِن قَبلُ - يعني بقيام قائم ال محمّد عليهم السلام - ويَقذِفون بالغَيب مِن مَكانٍ بَعيد - وحِيلَ بَينَهم وبَينَ ما يَشتَهون كما فُعِل بأَشياعِهم مِن قَبلُ إنّهم كانوا في شَك مُريب).(31) 765 - روي العلّامة الطبريّ بإسناده عن سعيد، في قوله: (ولو تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوتَ) - ولم يسنده إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، قال: هم الجيش الّذي يُخسف بهم بالبَيداء، يبقي منهم رجل يُخبر الناس بما لقي أصحابه.(32) 766 - روي النعمانيّ بإسناده عن الحارث الهمدانيّ، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: المهدي أقبل(33)، جعد، بخدّه خال، يكون مبدؤه من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفيانيّ فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلّا طوائف من المقيمين على الحقّ، يعصمهم اللَّه من الخروج معه. ويأتي المدينة بجيش جرّار، حتّى إذا انتهي إلى بَيداء المدينة خسف اللَّه به وذلك قول اللَّه عزّ وجلّ في كتابه: (ولو تَري إذ فَزِعوا فلا فَوتَ واُخِذوا مِن مَكان قَريب).(34) 767 - روي العيّاشيّ بإسناده عن عبد الأعلي الحلبيّ، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يكون لصاحب هذا الأمر غَيبة، وذكر حديثاً طويلاً يتضمّن غيبة صاحب الأمر عليه السلام وظهوره إلى أن قال عليه السلام: فيدعو الناس إلى كتاب اللَّه وسُنّة نبيّه عليه وآله السلام والولاية لعليّ بن أبي طالب عليه السلام والبرائة من عدوّه، ولا يسمّي أحداً حتّى ينتهي إلى البيداء، فيخرج إليه جيش السفيانيّ فيأمر اللَّه الأرض فتأخذهم من تحت أقدامه، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (ولو تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوتَ واُخِذوا مِن مَكانٍ قَريب وقالوا آمنّا به) يعني بقائم آل محمّد، إلى آخر السورة، فلا يبقي منهم إلّا رجلان يقال لهما وتر ووتير من مراد، وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقهري فيُخبران الناس بما فعل بأصحابهما.(35) الهوامش: (1) كمال الدّين 433:2 ح 14. (2) كمال الدّين 435:2 ح 1. (3) نفس المصدر 434:2 ح 1. (4) نفس المصدر 433:2 ح 13. (5) نفس المصدر 432:2 ح 11. (6) كمال الدّين 433:2 ح 13. (7) نفس المصدر 430:2 ح 5. (8) الأحزاب: 61 و62. (9) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 58:7. (10) الأحزاب: 63. (11) الأعراف: 186. (12) النازعات: 42. (13) لقمان: 34؛ والزخرف: 61. (14) سورة محمّد: 18. (15) القمر: 1. (16) الشوري: 18. (17) بحار الأنوار 2:53. (18) سبأ: 18. (19) آل عمران: 97. (20) الأعراف: 12. (21) آل عمران: 97. (22) علل الشرايع 91-89 ح 5. (23) سبأ: 29. (24) كمال الدّين 317:1 ح 30. (25) سبأ: 51. (26) تفسير الطبريّ 72:22؛ تفسير مجمع البيان 398:4. (27) الملاحم والفتن 75 ب 165. (28) مختصر بصائر الدرجات 199. (29) سُليم بن قيس 197. (30) البدء والتاريخ 177:2. (31) تأويل الآيات الظاهرة 478:2 ح 12. (32) تفسير الطبريّ 72:22؛ تفسير الدرّ المنثور 241:5. (33) القَبَل: إقبال سواد العين على الأنف. (34) الغَيبة للنعمانيّ 305-304 ح 14. (35) تفسير العيّاشيّ 56:2. ****************** سورة فاطر الآية الاولى قوله تعالى: (ثمّ أورَثنا الكتابَ الّذينَ اصطَفَينا مِن عِبادِنا فمِنهم ظالمٌ لِنَفسهِ ومِنهم مُقتَصِدٌ ومِنهم سابقُ بِالخَيرات بإذنِ اللَّه ذلك هو الفَضل الكبيرُ).(1) 768 - روي بالإسناد عن يونس بن ظبيان، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمّدعليه السلام فقلت: يابن رسول اللَّه انّي دخلت على مالك وأصحابه وعنده جماعة يتكلّمون في اللَّه، فسمعت بعضهم يقول: إنّ للَّه وجهاً كالوجوه، وبعضهم يقول: له يدان، واحتجّوا لذلك بقول اللَّه تبارك وتعالي: (بِيَدَيّ اَستَكبَرتَ)(2)، بعضهم يقول: هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة! فما عندك في هذا يابن رسول اللَّه؟ وكان متّكئاً، فاستوي جالساً وقال: اللهمّ عفوك عفوك، ثمّ قال: يايونس، مَن زعم أنّ للَّه وجهاً كالوجوه فقد أشرك، ومَن زعم أنّ للَّه جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر باللَّه ولا تقبلوا شهادته ولا تكلوا ذبيحته، تعالي اللَّه عمّا يصفه المشبّهون بصفة المخلوقين، فوجه اللَّه أنبياؤه وأولياؤه. وقوله: (خَلَقتُ بِيَدَيّ اَستَكبَرتَ) فاليد القدرة كقوله تعالى: (وأَيَّدَكم بِنَصره)(3) فمن زعم أنّ اللَّه في شيء أو على شيء، أو يحول من شيء إلى شيء، أو يخلق منه شيء، أو يشغل به شيء، فقد وصفه بصفة المخلوقين، واللَّه خالق كلّ شيء، لا يُقاس بالقياس، ولا يُشبّه بالناس، لا يخلو منه مكان، ولا يشغل به مكان، قريب في بُعده بعيدٌ في قُربه، ذلك ربّنا لا إله غيره، فمن أراد اللَّه وأحبّه ووصفه بهذه الصفة، فهو من الموحّدين، ومن أحبّه ووصفه بغير هذه الصفة فاللَّه منه بري ونحن منه براء. ثمّ قال عليه السلام: إنّ اُولي الألباب، الّذين عملوا بالفكرة حتّى ورثوا منه حبّ اللَّه، فإنّ حبّ اللَّه إذا ورثه القلب وإستضاء به أسرع إليه اللطف، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة، فإذا تكلّم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة، فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في فكره بلطف وحكمة وبيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبّته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبري فعاين ربّه في قلبه وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء، وورث العلم بغير ما ورثه العلماء، وورث الصدق بغير ما ورثه الصدّيقون، إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت، وإنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب، وإنّ الصدّيقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة، فمن أخذه بهذه السيرة إمّا أن يسفل وإمّا أن يرفع، وكثرهم الّذي يسفل ولا يرفع، إذ لم يرع حقّ اللَّه ولم يعمل بما أُمر به، فهذه صفة مَن لم يعرف اللَّه حقّ معرفته ولم يحبّه حقّ محبته، فلا يغرنّك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم، فانّهم حُمُر مُستنفرة. ثمّ قال: يايونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فإنّا ورثناه وأُوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب. فقلت: ياابن رسول اللَّه وكلّ مَن كان مِن أهل البيت وَرث كما ورثتم من كان من ولد عليّ وفاطمةعليهما السلام؟ فقال: ما ورثه إلّا الأئمّة الإثنا عشر. قلت: سمّهم لي ياابن رسول اللَّه. قال: أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده الحسن والحسين، وبعده عليّ بن الحسين، وبعده محمّد بن عليّ الباقر، ثمّ أنا، وبعدي موسى ولدي، وبعد موسى عليّ ابنه، وبعد عليّ ابنه محمّد، وبعد محمّد عليّ ابنه، وبعد عليّ الحسن إبنه، وبعد الحسن الحجّة صلوات اللَّه عليهم، إصطفانا اللَّه وطهّرنا واُوتينا ما لم يؤتِ أحداً من العالمين... الحديث.(4) 769 - وعنه بإسناده عن ابراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام، قال: قلت له: جعلت فدك أخبرني عن النبيّ صلى الله عليه وآله ورث النبيِّين كلّهم؟ قال: نعم: قلت: من لدن آدم حتّى انتهي إلى نفسه؟! قال: ما بعث اللَّه نبيّاً إلّا ومحمّد صلى الله عليه وآله أعلم منه. قال: قلت: وإنّ عيسي ابن مريم كان يُحيي الموتي بإذن اللَّه تعالي؟ قال: صدقت، وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقدر على هذه المنازل. قال: فقال: إنّ سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره فقال: (مَا لِيَ لَا أَري الهُدهُدَ أم كانَ مِن الغائِبين)(5) حين فقده وغضب عليه فقال: (لَأُعِذّبَنّه عَذاباً شديداً أو لَأَذبَحَنّه أَو لَيأتِيَنّي بسُلطان مُبين)(6) وإنما غضب لأنّه كان يدلّه على الماء، فهذا وهو طائر قد أُعطي ما لم يُعطَ سليمان، وكانت الريح والنمل والجن والأنس والشياطين والمردة له طائعين، ولم يكن يُعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه، وإنّ اللَّه يقول في كتابه: (ولو أنّ قُرآناً سُيِّرت به الجِبالُ أو قُطِّعَت به الأرضُ أو كلِّم به المَوتي)(7) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الّذي فيه ما تسيّر به الجبال وتُقطع به البلدان ويُحيي به الموتي، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وإنّ في كتاب اللَّه لآيات ما يُراد بها أمر إلّا أن يأذن اللَّه به مع ما قد يأذن اللَّه ممّا كتبه الماضون وجعله لنا في أمّ الكتاب، إنّ اللَّه يقول: (ومَا مِن غائبةٍ في السماءِ والأرض إلّا في كتابٍ مُبين)(8) ثمّ قال: (ثمّ أَورَثنا الكتابَ الّذينَ اصطَفَينا مِن عِبادنا)(9) فنحن الّذين اصطفانا اللَّه عزّوجل ثمّ أورثنا هذا الّذي فيه تبيان كلّ شيء.(10) 770 - روي الثقة الصفّار؛ بإسناده عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: في هذه الآية: (ثمّ أَورَثنا الكتابَ الذين اصطَفَينا مِن عِبادِنا) إلى آخر الآية، قال: السابق بالخيرات الإمام، فهي في ولد عليّ وفاطمة.(11) 771 - روي محمّد بن العباس؛ بإسناده عن أبي اسحاق السبيعيّ، قال: خرجت حاجّاً فلقيت محمّد بن عليّ عليه السلام، فسألته عن هذه الآية (ثمّ أورَثنا الكتابَ الّذين اصطَفَينا مِن عِبادِنا) فقال: ما يقول فيها قومك يا أبا اسحاق يعني أهل الكوفة؟ قال، قلت: يقولون إنّها لهم. قال: فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنّة؟ قلت: فما تقول أنت جُعلت فدك؟ قال: هي لنا خاصّة يا أبا اسحاق، أما السابقون بالخيرات فعليّ والحسن والحسين عليهم السلام والإمام منّا، والمقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل، والظالم لنفسه ففيه ما في الناس فهو مغفور له، يا أبا اسحاق بنا يفك اللَّه رقابكم، ويحل اللَّه رياق الذلّ من أعناقكم، وبنا يغفر اللَّه ذنوبكم، وبنا يفتح وبنا يختم، ونحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف، ونحن سفينتكم كسفينة نوح، ونحن باب حطّتكم كباب حطّة بني اسرائيل.(12) الآية الثانية قوله تعالى: (إنّ اللَّهَ يُمسِك السمواتِ والأرضَ أن تَزُولا ولَئِن زالتا إن أَمسَكهُما مِن أَحَدٍ مِن بَعده إنَّهُ كان حَلِيماً غفُوراً).(13) المهدي أمان لأهل السماء والأرض 772 - روي الشيخ الخزّاز بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: حدّثني جبرئيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال: من علم أن لا إله إلّا أنا وحدي، وأنّ محمّداً عبدي ورسولي، وأنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، وأنّ الأئمّة من ولده حُججي، أُدخله الجنّة برحمتي، ونجّيته من النار بعفوي، وأبحت له جواري، وأوجبت له كرامتي، وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصّتي وخالصتي، إن ناداني لبّيته، وإن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وإن سكت ابتدأته، وإن أساء رحمته، وإن فرّ منّي دعوته، وإن رجع إليّ قبلته، وإن قرع بابي فتحته. ومن لم يشهد أن لا إله إلّا أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ محمّداً عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ الأئمّة من ولده حُججي، فقد جحد نعمتي، وصغّر عظمتي، وكفر بآياتي وكتبي، إن قصدني حجبتُه، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيّبته، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلّام للعبيد. فقام جابر بن عبد اللَّه الأنصاريّ، فقال: يا رسول اللَّه ومن الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب؟ قال: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين، ثمّ الباقر محمّد بن عليّ وستدركه ياجابر، فإذا أدركتَه فاقرئه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر، ثمّ الرضا عليّ بن موسي، ثمّ التقي محمّد بن عليّ، ثمّ النقي عليّ بن محمّد، ثمّ الزكيّ الحسن بن عليّ، ثمّ إبنه القائم بالحقّ مهدي متى الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، هؤلاء ياجابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعِترتي، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، بهم يمسك اللَّه عزّ وجلّ السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبهم يحفظ اللَّه الأرض أن تميد بأهلها.(14) 773 - روي الشيخ الصدوق على اللَّه مقامه بإسناده عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضا عليه السلام: نحن حجج اللَّه في خلقه، وخلفاؤه في عباده واُمناؤه على سرّه، ونحن كلمة التقوي، والعروة الوثقي، ونحن شهداء اللَّه وأعلامه في بريّته، بنا يمسك اللَّه السموات والأرض أن تزولا، وبنا ينزّل الغيث وينشر الرحمة، ولا تخلو الأرض من قائم منّا ظاهرٍ أو خاف، ولو خلت يوماً بغير حجّة، لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.(15) 774 - روي الصدوق رضوان اللَّه عليه بإسناده عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ذِكر اللَّه عزّ وجلّ عبادة، وذِكري عبادة، وذِكر عليّ عبادة، وذِكر الأئمّة من ولده عبادة، والّذي بعثني بالنبوّة وجعلني خير البريّة إنّ وصيي لأفضل الأوصياء، وإنّه لحجّة اللَّه على عباده وخليفته على خلقه، ومن ولده الأئمّة الهداة بعدي، بهم يحبس اللَّه العذاب عن أهل الأرض، وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم، وبهم يسقي خلقه الغيث، وبهم يخرج النبات، اُولئك أولياء اللَّه حقّاً وخلفائي صدقاً، عدّتهم عدّة الشهور وهي إثنا عشر شهراً، وعدّتهم عدّة نقباء موسى بن عمران، ثمّ تلا صلى الله عليه وآله هذه الآية: (والسماءِ ذاتِ البُروجِ)(16) ثمّ قال: أتقدّر يابن عبّاس أنّ اللَّه يقسم بالسماء ذات البروج ويعني به السماء وبروجها؟ قلت: يا رسول اللَّه فما ذك؟ قال: أمّا السماء فأنا، وأمّا البروج فالأئمّة بعدي، أوّلهم عليّ وآخرهم المهدي، صلوات اللَّه عليهم أجمعين.(17) سورة يس الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (ياحَسرَةً على العبادَ ما يَأتِيهم مِن رسولٍ إلّا كانُوا به يَستَهزِؤن).(18) 775 - روي النعمانيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: خبر تدريه خير من عشر ترويه؛ إنّ لكلّ حقّ حقيقة، ولكلّ صواب نوراً، ثمّ قال: إنّا واللَّه لا نعدّ الرجل من شيعتنا فقيهاً حتّى يُلحَنَ له فيعرف اللحن، إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال على منبر الكوفة: إنّ من ورائكم فتناً مظلمة عمياء منكسفة لا ينجو منها إلّا النُوَّمة. قيل: يا أمير المؤمنين وما النومة؟ قال: الّذي يعرف الناس ولا يعرفونه. واعلموا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة اللَّه عزّ وجلّ، ولكنّ اللَّه سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجّة اللَّه لساخت بأهلها، ولكن الحجّة يعرف الناس ولا يعرفونه، كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون، ثمّ تلا: (ياحَسرةً على العِباد ما يَأتيهم مِن رسولٍ إلّا كانوا به يَستهزئون).(19) الآية الثانية قوله سبحانه: (وآيَةٌ لهم الأرضُ المَيتةُ أَحييناها وأَخرجنا منها حَبّاً فمِنه يكلون).(20) 776 - روي السيّد عليّ بن عبدالحميد بإسناده عن الكابليّ، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: يقتل القائم عليه السلام من أهل المدينة حتّى ينتهي إلى الأجفر ويصيبهم مجاعة شديدة، قال: فيضجّون وقد نبتت لهم ثمرة يكلون منها ويتزودّون منها، وهو قوله تعالي شأنه: (وآيةٌ لهم الأرضُ المَيتة أَحييناها وأَخرَجنا منها حَبّاً فمنه يكلون) ثمّ يسير حتّى ينتهي إلى القادسيّة وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني.(21) سورة الصافات الآية الاولى قوله تعالى: (إلَّا مَن خَطِفَ الخَطفةَ فأتبَعَهُ شِهابٌ ثاقِب).(22) 777 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن صفوان بن مهران الجمّال، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: أما واللَّه ليغيبنّ عنكم مهديكم حتّى يقول الجاهل منكم: ما للَّه في آل محمّد حاجة، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب فيَملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.(23) الآية الثانية قوله تعالى: (وإنّ مِن شِيعَتِه لَإبراهيمَ).(24) 778 - روي العلّامة الشيخ محمّد بن العبّاس؛ بإسناده عن أبي بصير يحيي بن أبي القاسم، قال: سأل جابرُ بن يزيد الجعفيّ جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام عن تفسير هذه الآية: (وإنّ مِن شِيعَتِهِ لَإبراهيمَ) فقال عليه السلام: إنّ اللَّه سبحانه لمّا خلق إبراهيم عليه السلام كشف له عن بصره فنظر فرأي نوراً إلى جنب العرش، فقال: إلهي، ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمّد صفوتي من خلقي، ورأي نوراً إلى جنبه، فقال: إلهي، وما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور عليّ بن أبي طالب ناصر ديني. ورأي إلى جنبهم ثلاثة أنوار فقال: إلهي، ما هذه الأنوار؟ فقيل له: هذا نور فاطمة فطمت محبّيها من النار، ونور ولدَيها الحسن والحسين، ورأي تسعة أنوار قد حفّوا بهم، فقال: إلهي، وما هذه الأنوار التسعة؟ قيل: ياإبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولد عليّ وفاطمة. فقال إبراهيم: إلهي، بحقّ هؤلاء الخمسة إلّا عرّفتني من التسعة؟ قيل: ياإبراهيم، أوّلهم عليّ بن الحسين وابنه محمّد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّد وابنه الحسن والحجّة القائم ابنه. فقال إبراهيم: إلهي وسيّدي أري أنواراً قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلّا أنت، قيل: ياإبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. فقال إبراهيم: وبم تعرف شيعته؟ قال: بصلاة إحدي وخمسين، والجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع، والتختّم في اليمين، فعند ذلك قال إبراهيم: اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين، قال: فأخبر اللَّه في كتابه، فقال: (وإنّ مِن شِيعَتِه لَإبراهيمَ).(25) الهوامش: (1) فاطر: 32. (2) ص: 75. (3) الأنفال: 26. (4) تفسير البرهان 365-362 ح 4. (5) النمل: 20. (6) النمل: 21. (7) الرعد: 31. (8) النمل: 75. (9) فاطر: 32. (10) تفسير البرهان 3 : 365-362 ح 6. (11) تفسير البرهان 3 : 365-362 ح 11. (12) تأويل الآيات الظاهرة 481:2 ح 7. (13) فاطر: 41. (14) كفاية الأثر 19؛ بحار الأنوار 251:36. (15) كمال الدّين 202:1 ح 6. (16) البروج: 1. (17) بحار الأنوار 34:36. (18) يس: 30. (19) الغَيبة للنعمانيّ 141 ح 2. (20) يس: 33. (21) إثبات الهداة 585:3 ح 793. (22) الصافّات: 10. (23) كمال الدّين 341:2 ح 22. (24) الصافّات: 83. (25) تأويل الآيات الظاهرة 496:2 ح 9؛ بحار الأنوار 151:36. ****************** سورة ص الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (اصبِر على ما يَقُولُون واذكر عَبدَنا داوَد ذا الأيدِ إنّه أوّابٌ).(1) 779 - روي عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: فاصبر على ما يقولون يامحمّد من تكذيبهم إيّك، فإنّي منتقم منهم برجل منك، وهو قائمي الّذي سلّطته على دماء الظلمة، واذكر عبدنا داود... الحديث.(2) 780 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن سلام بن المستنير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدّث: إذا قام القائم عرض الإيمان على كلّ ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة وإلّا ضرب عنقه أو يؤدّي الجزية كما يؤدّيها اليوم أهل الذمّة، ويشدّ على وسطه الهميان، ويخرجهم من الأمصار إلى السواد.(3) 781 - روي الطبريّ بإسناده عن الحسن بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته متى يقوم قائمكم؟ قال عليه السلام: ياأبا الجارود لا تدركون. فقلت: أهل زمانه، فقال: ولن تدرك أهل زمانه، يقوم قائمنا بالحقّ بعد أياس من الشيعة، يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد، فإذا كان يوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة، فقال: ياربّ انصرني، ودعوته لا تسقط، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الّذين نصروا رسول اللَّه يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم، ولم يضعوا أسلحتهم، فيبايعونه، ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضي اللَّه عزّ وجلّ، فيقتل ألفاً وخمسمائة قرشي ليس فيهم إلّا فرخ زنية، ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض، ثمّ يخرج الأزرق وزريق لعنهما اللَّه غضّين طريّين يكلّمهما فيجيبانه، ويرتاب عند ذلك المبطلون، فيقولون: يكلّم الموتي، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليحرقا به عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، وذلك الحطب عندنا نتوارثه، ويهدم قصر المدينة، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستّة عشر ألفاً من البترية شكين في السلاح، قرّاء القرآن، فقهاء في الدّين، قد قرحوا جباههم وسمّروا ساماتهم، وعمّهم النفاق، وكلّهم يقولون: يابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك! فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشيّة الإثنين من العصر إلى العشاء فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل، ولا يصاب من أصحابه أحد، دماؤهم قربان إلى اللَّه. ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضي اللَّه. قال: فلم أعقل المعني، فمكثت قليلاً ثمّ قلت: جُعلت فدك وما يدريه متى يرضي اللَّه؟ قال: ياأبا الجارود إنّ اللَّه أوحي إلى اُمّ موسى وهو خير من اُمّ موسي، وأوحي اللَّه إلى النحل وهو خير من النحل، فعقلت المذهب، فقال لي: أعقلت المذهب؟ قلت: نعم. فقال: إنّ القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويفتح اللَّه عليه شرق الأرض وغربها. يقتل الناس حتّى لا يري إلّا دين محمّد صلى الله عليه وآله، يسير بسيرة سليمان بن داود، يدعو الشمس والقمر فيجيبانه، وتطوي له الأرض، فيوحي اللَّه إليه فيعمل بأمر اللَّه.(4) 782 - روي النعمانيّ بإسناده عن بشير بن أبي أركة النبّال - ولفظ الحديث على رواية ابن عقدة - قال: لمّا قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقرعليه السلام، فإذا أنا ببغلته مسرجة بالباب، فجلست حيال الدار، فخرج فسلّمت عليه فنزل عن البغلة وأقبل نحوي فقال: ممّن الرجل؟ فقلت: من أهل العراق، قال: من أيّها؟ قلت: من أهل الكوفة، فقال: من صحبك في هذا الطريق؟ قلت: قوم من المحدثة، فقال: وما المحدثة؟ قلت: المرجئة، فقال: ويح هذه المرجئة، إلى من يلجأون غداً إذا قام قائمنا؟ قلت: إنّهم يقولون: لو قد كان ذلك كنّا وأنتم في العدل سواء، فقال: مَن تاب تاب اللَّه عليه، ومن أسرّ نفاقاً فلا يبعد اللَّه غيره، ومن أظهر شيئاً أهرق اللَّه دمه، ثمّ قال: يذبحهم والّذي نفسي بيده كما يذبح القصّاب شاته - وأومأ بيده إلى حلقه - قلت: انّهم يقولون: إنّه إذا كان ذلك استقامت له الاُمور فلا يهريق محجمة دم، فقال: كلّا والّذي نفسي بيده حتّى نمسح وأنتم العرق والعلق - وأومأ بيده إلى جبهته.(5) 783 - روي العلّامة النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن سُدير الصيرفيّ، عن رجل من أهل الجزيرة كان قد جعل على نفسه نذراً في جارية وجاء بها إلى مكة، قال: فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها وجعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلّا قال لي: جئني بها وقد وفي اللَّه نذرك. فدخلني من ذلك وحشة شديدة، فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكة، فقال لي: تأخذ عنّي؟ فقلت: نعم، فقال: اُنظر الرجل الّذي يجلس بحذاء الحجر الأسود وحوله الناس وهو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام، فأْتِهِ فأخبره بهذا الأمر فانظر ما يقول لك فاعمل به، قال: فأتيتُه فقلت: رحمك اللَّه إنّي رجل من أهل الجزيرة ومعي جارية جعلتها عليّ نذراً لبيت اللَّه يمينٍ كانت عليّ، وقد أتيت بها وذكرت ذلك للحجبة وأقبلت لا ألقي أحداً إلّا قال جئني بها وقد وفي اللَّه نذرك، فدخلني من ذلك وحشة شديدة. فقال: يعبد اللَّه إنّ البيت لا يكل ولا يشرب، فِبع جاريتك واستقصِ وانظر أهل بلادك ممّن حجّ هذا البيت، فمَن عجز منهم عن نفقته فأعطه حتّى يقوي على العود إلى بلادهم. ففعلت ذلك ثمّ أقبلت لا ألقي أحداً من الحجبة إلّا قال ما فعلتَ بالجارية؟ فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفر عليه السلام، فيقولون: هو كذّاب جاهل لا يدري ما يقول، فذكرت مقالتهم لأبي جعفر عليه السلام، فقال: قد بلغتني فبلّغ عنّي؟ فقلت: نعم. فقال: قل لهم: قال لكم أبو جعفر: كيف بكم لو قد قطّعت أيديكم وأرجلكم وعلّقت في الكعبة، ثمّ يُقال لكم: نادوا نحن سرّاق الكعبة، فلمّا ذهبت لأقوم قال: إنّي لست أنا أفعل ذلك، وإنّما يفعله رجل منّي.(6) 784 - روي النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: صالح من الصالحين سمّه لي اُريد القائم عليه السلام، فقال: اسمه اسمي، قلت: أيسير بسيرة محمّد صلى الله عليه وآله؟ قال: هيهات هيهات يازرارة ما يسير بسيرته. قلت: جعلت فدك لِمَ؟ قال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سار في اُمّته بالمنّ، كان يتأ لّف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذك اُمر في الكتاب الّذي معه أن يسير بالقتل، ولا يستتيب أحداً، ويل لمن ناواه.(7) 785 - روي العلّامة ابن شهر آشوب؛ عن الحسن بن ظريف، قال: إختلج في صدري أن كتب إلى أبي محمّد عليه السلام أنّ القائم إذا قام بِمَ يقضي؟ وأين مجلسه للقضاء؟ وأن أسأله عن شيء لحمّي الربع، فأغفلت عنها، فجاء الجواب: (سألتَ عن القائم إذا قام بالناس بِمَ يقضي؟ يقضي بعلمه كقضاء داود لا يسأل عن بيّنة، وأردت أن تسأل عن حمّي الربع، فكتب في ورقة وعلّقها على المحموم: (يانار كوني بَرداً وسلاماً على إبراهيم).(8)،(9) الآية الثانية قوله عزّ وجلّ: (ما كانَ لِيَ مِن عِلمٍ بالمَلأ الأعلي إذ يَختَصِمُون).(10) 786 - وروي الشيخ الصدوق بإسناده عن وهب بن منبّه رفعه عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إنّه لمّا عرج بي ربّي جلّ جلاله، أتاني النداء: يامحمّد، قلت: لبّيك ربّ العظمة لبّيك، فأوحي إليّ: يامحمّد، فيم اختصم الملأ الأعلي؟ قلت: إلهي لا علم لي، فقال لي: يامحمّد هل اتّخذت من الآدميّين وزيراً وأخاً ووصيّاً من بعدك؟ فقلت: إلهي ومن اتّخذ؟ تخيّر أنت لي ياإلهي. فأوحي إليّ: يامحمّد، قد إخترت لك من الآدميين عليّ بن أبي طالب. فقلت: إلهي، ابن عمّي؟ فأوحي إليّ: يامحمّد، إنّ عليّاً وارثك ووارث العلم من بعدك، وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة، وصاحب حوضك، يسقي مَن ورد عليه مِن مؤمني اُمّتي. ثمّ أوحي إليّ: إنّي قد أقسمت على نفسي قسماً حقّاً لا يشرب من ذلك الحوض مبغضٌ لك ولأهل بيتك وذرّيتك الطيّبين، حقّاً حقّاً أقول يامحمّد، لاُدخلنّ الجنّة جميع اُمّتك إلّا من أبي. فقلت: إلهي وأَحَدٌ يأبي دخول الجنّة؟ فأوحي إليّ: بلي يأبي. قلت: وكيف يأبي؟ فأوحي إليّ: يامحمّد، قد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيّاً من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدك، وألقيت محبّته في قلبك، وجعلته أباً لولدك، فحقّه بعدك على اُمّتك، كحقّك عليهم في حياتك، فمن جحد حقّه جحد حقّك، ومن أبي أن يواليه فقد أبي أن يدخل الجنّة. فخررت للَّه عزّ وجلّ ساجداً شكراً لما أنعم عليّ، فإذا منادٍ ينادي: يامحمّد ارفع رأسك، سلني أُعطك. فقلت: إلهي اجمع متى من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب، ليردوا عليّ حوضي يوم القيامة. فأوحي إليّ: يامحمّد، إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماضٍ فيهم، لاُهلك به من أشاء، وأهدي به من أشاء، وقد آتيته علمك من بعدك، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك واُمّتك، عزيمة منّي: لا يدخل الجنّة مَن أبغضه وعاداه وأنكر ولايته من بعدك، فمن أبغضه أبغضك، ومن أبغضك أبغضني، ومن عاداه فقد عادك، ومن عادك فقد عاداني، ومن أحبّه فقد أحبّك، ومن أحبّك فقد أحبّني. وقد جعلت له هذه الفضيلة، وأعطيتك أن أُخرج من صلبه أحد عشر مهدياً كلّهم من ذرّيتك، من البكر البتول، آخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسي ابن مريم، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، اُنجي به من الهلكة، واُهدي به من الضلالة، واُبرئ به الأعمي، واُشفي به المريض. قلت: إلهي فمتى يكون ذلك؟ فأوحي إليّ عزّ وجلّ: يكون ذلك إذا رُفع العِلم، وظهر الجهل، وكثر القرّاء، وقلّ العمل، وكثر الفتك، وقلّ الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة الخَوَنة، وكثر الشعراء، واتّخذ اُمّتك قبورهم مساجد، وحُلّيت المصاحف، وزُخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر، وأمر اُمّتك به، ونهوا عن المعروف، وكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصارت الاُمراء كفرة، وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذوو الرأي منهم فسقة. وعند ذلك ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يَدي رجل من ذرّيتك يتبعه الزنوج، وخروج ولد من ولد الحسين بن عليّ عليهما السلام وظهور الدجّال يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفيانيّ. فقلت: إلهي وما يكون بعدي من الفتن؟ فأوحي إليّ وأخبرني ببلاء بني اُميّة، وفتنة ولد عمّي، وما هو كائن إلى يوم القيامة، فَأَوصَيت بذلك ابن عمّي حين هبطت إلى الأرض، وأدّيت الرسالة، فللّه الحمد على ذلك كما حمده النبيّون وكما حمده كلّ شيء قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة.(11) الآية الثالثة قوله عزّ وجلّ: (قال فَاخرُج مِنها فإنّك رَجيمٌ).(12) 787 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن عبدالعظيم بن عبد اللَّه الحسنيّ، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهما السلام يقول: معني الرجيم أنّه مرجوم باللعن، مطرود من مواضع الخير، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه، وإنّ في علم اللَّه السابق أنّه إذا خرج القائم عليه السلام لا يبقي مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوماً باللعن.(13) الآية الرابعة قوله تعالى: (ولَتعلَمُنّ نَبَأَه بَعدَ حينٍ).(14) 788 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (قُل ما أسألُكم عَلَيه مِن أجرٍ ومَا أنا مِنَ المُتَكلِّفِينَ - إن هُوَ إلّا ذِكرٌ للعالَمين) قال: هو أمير المؤمنين عليه السلام (ولَتعلَمُنّ نَبَأه بعدَ حِينٍ) قال: عند خروج القائم عليه السلام.(15) سورة الزمر الآية الاولى قوله تعالى: (فَبشِّر عِبادِ الّذين يَستَمِعُونَ القَوْلَ فيتّبعون أحسَنَهُ).(16) 789 - روي ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب قدس سره بإسناده عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الإستطاعة وقول الناس، فقال: وتلا هذه الآية: (ولا يَزالون مُختَلِفين إلّا مَن رَحِم ربُّك ولذلك خَلَقَهم) - يابا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلّهم هالك، قال: قلت: (إلّا مَن رَحِمَ ربُّك) قال: هم شيعتنا ولرحمته خلقهم، وهو قوله: (ولذلك خَلَقَهم) يقول: لطاعة الإمام، والرحمة الّتي يقول: (ورَحمتى وَسِعَت كلَّ شيء) هو شيعتنا، قال: (فسكتُبها للّذين يَتَّقون) يعني ولاية غير الإمام، ثمّ قال: (يَجِدُونه مَكتُوباً عِندَهم في التوراةِ والإنجيل)(17) يعني انبيّ والوصي والقائم يأمرهم بالمعروف إذا قام وينهاهم عن المنكر والمنكر، من أنكر فضل الإمام وجحده. (ويُحِلّ لهم الطَّيّبات) أخذ العلم من أهله، (ويُحرِّم عليهم الخَبائثَ) قول من خالف (ويَضع عنهم إصرَهُم) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (والأغلالَ) الّتي كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام وضع عنهم إصرهم، والإصر الذنب وهي الآصار. ثمّ نسبهم فقال للذين آمنوا بالإمام (وعَزَّروه ونَصَرُوه واتَّبَعوا النورَ الّذي اُنزِل معه اُولئك هُمُ المُفلِحون)(18) يعني الّذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها، والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان، والعبادة طاعة الناس لهم، ثمّ قال: (وأَنيبوا إلى ربِّكم وأَسلِمُوا له). ثمّ جزاهم فقال: (لهُمُ البُشري في الحَياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ) والإمام يبشّرهم بقيام القائم وظهوره وقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة، والورود على محمّد صلى الله عليه وآله وآله الصادقين على الحوض.(19) الآية الثانية قوله تعالى: (وأشرقتِ الأرضُ بِنورِ ربِّها ووُضِعَ الكتابُ وجيء بالنَّبيينَ والشُهداءِ وقُضِيَ بينَهم بالحقِّ وهُمْ لا يُظلَمُون).(20) 790 - عليّ بن إبراهيم رحمه الله بإسناده عن صباح المدايني، قال: حدّثنا المفضّل ابن عمر أنّه سمع أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول في قوله: (وأشرَقَتِ الأرضُ بنُورِ ربّها) قال: ربّ الأرض يعني إمام الأرض، قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام.(21) 791 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن المفضّل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها واستغني العباد عن ضوء الشمس وصار الليل والنهار واحداً، وذهبت الظلمة، وعاش الرجل في زمانه ألف سنة، يولد له في كلّ سنة غلام لا يولد له جارية، يكسوه الثوب فيطول عليه كلّما طال، ويكون (يتلوَّن) عليه أيّ لون شاء.(22) الآية الثالثة قوله تعالى: (وقالوا الحمدُ للَّهِ الّذي صَدَقَنا وَعدَه وأَورَثَنا الأرضَ نَتَبوَّأُ مِن الجَنَّةِ حَيثُ نشاءُ فَنِعمَ أَجرُ العامِلِين).(23) 792 - روي العلّامة المجلسي بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: سألت سيّدي الصادق عليه السلام: هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام من وقت مؤقّت يعلم الناس؟ فقال: حاش للَّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا - والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة - إلى أن قال: قال المفضّل: يا سيّدي فمن أين يظهر وكيف يظهر؟ قال: يامفضّل يظهر وحده، ويأتي البيت وحده، ويلج الكعبة وحده، ويجنّ عليه الليل وحده، فإذا نامت العيون وغسق الليل، نزل إليه جبرئيل وميكائيل عليهما السلام، والملائكة صفوفاً، فيقول له جبرئيل: يا سيّدي قولك مقبول، وأمرك جائز، فيمسح عليه السلام يده على وجهه ويقول: (الحمدُ للَّه الّذي صَدَقَنا وَعدَه وأَورَثَنا الأرضَ نتبوّأ مِن الجنّةِ حيثُ نَشاءُ فنِعمَ أجرُ العامِلِين). ويقف بين الركن والمقام...الخ الحديث.(24) سورة غافر الآية الاولى قوله تعالى: (إنّا لَنَنصُرُ رُسُلَنا والّذين آمَنوا في الحيوةِ الدُّنيا ويومَ يقومُ الأشهادُ).(25) 793 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمه الله عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ رحمه الله، قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ، قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مع جماعة منهم عليّ بن عيسي القصريّ، فقام إليه رجل فقال له:اُريد أن أسألك عن شيء، فقال له:سل عمّا بدا لك. فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن عليّ عليه السلام أهو وليّ اللَّه؟ قال: نعم. قال: أخبرني عن قاتله لعنه اللَّه أهو عدوّ اللَّه؟ قال: نعم. قال الرجل: فهل يجوز أن يُسلّط اللَّه عزّ وجلّ عدوّه على وليّه؟! فقال أبو القاسم قدّس اللَّه روحه: إفهم عنّي ما أقول لك، اعلم أنّ اللَّه تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنّه - جلّت عظمته - يبعث إليهم من أجناسهم وأصنافهم بشراً مثلهم، ولو بعث إليهم رسلاً من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم، ولم يقبلوا منهم، فلمّا جاؤوهم وكانوا من جنسهم يكلون الطعام ويمشون في الأسواق، قالوا لهم: أنتم بشر مثلنا لا نقبل منكم حتّى تأتونا بشيء نعجز من أن نأتي بمثله، فنعلم انّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل اللَّه عزّ وجلّ لهم المعجزات الّتي يعجز الخلق عنها. فمنهم: من جاء بالطوفان بعدالإعذار والإنذار، فغرق جميع مَن طغي وتمرّد. ومنهم: من اُلقي في النار فكانت برداً وسلاماً. ومنهم: من أخرج من الحجر الصلب الناقة، وأجري من ضرعها لبناً. ومنهم: من فلق له البحر وفجَّر له من العيون، وجعل له العصا اليابسة ثعباناً تلقف ما يأفكون. ومنهم: من أبرأ الكمه والأبرص وأحيي الموتي بإذن اللَّه، وأنبأهم بما يكلون وما يدّخرون في بيوتهم. ومنهم: من انشقّ له القمر وكلَّمته البهائم، مثل البعير والذئب وغير ذلك. فلمّا أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من اُممهم عن أن يأتوا بِمثله، كان من تقدير اللَّه جلّ جلاله ولطفه بعباده وحكمته، أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين واُخري مغلوبين، وفي حال قاهرين واُخري مقهورين، ولو جعلهم اللَّه في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم، لأتّخذهم الناس آلهةً من دون اللَّه عزّ وجلّ، ولما عُرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والإختبار، ولكنّه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوي صابرين، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبّرين، وليعلم العباد أنّ لهم عليهم السلام إلهاً هو خالقهم ومدبّرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله، وتكون حجّة اللَّه ثابتة على من تجاوز الحدّ فيهم، وادّعي لهم الربوبية، أو عاند وخالف، وعصي وجحد، بما أَتَت به الأنبياء والرسل، وليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيي من حَيّ عن بيّنة. قال محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله: فعُدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين ابن روح رحمه الله في الغد وأنا أقول في نفسي: أتراه ذكر لنا ما ذكر يوم أمس من عند نفسه؟ فابتدأني وقال: يامحمّد بن إبراهيم لئن أخّر من السماء فتختطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين اللَّه برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، ومسموع من الحجّة صلوات اللَّه عليه وسلامه.(26) 794 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن جميل، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: قلت: قول اللَّه تبارك وتعالي: (إنّا لَنَنصُرُ رُسُلَنا والّذين آمَنوا في الحيوةِ الدُّنيا ويومَ يَقومُ الأشهادُ) قال: ذلك واللَّه في الرجعة، أما علمت أنّ أنبياء كثيرة لم يُنصَروا في الدنيا وقُتلوا، والأئمّة بعدهم قتلوا ولم ينصروا، ذلك في الرجعة.(27) الهوامش: (1) ص: 17. (2) تأويل الآيات الظاهرة 503:2 ح 1. (3) الكافي 227:8 ح 288. (4) دلائل الإمامة 241؛ بحار الأنوار 291:52. (5) الغَيبة للنعمانيّ 283 ح 1. (6) الغَيبة للنعمانيّ 236 ح 25. (7) نفس المصدر 231 ح 14. (8) الأنبياء: 69. (9) مناقب آل أبي طالب 431:4. (10) ص: 69. (11) كمال الدّين 1 : 525-250 ح 1. (12) ص: 77. (13) معاني الأخبار 139 ح 1. (14) ص: 88. (15) الكافي 287:8 ح 432؛ ينابيع المودّة 427 ب 71. (16) الزمر: 17. (17) الأعراف: 157. (18) الأعراف: 157. (19) الكافي 429:1 ح 83؛ بحار الأنوار 353:24. (20) الزمر: 69. (21) تفسير القمّيّ 253:2. (22) دلائل الإمامة 241 و260؛ روضة الواعظين 264:2. (23) الزمر: 74. (24) بحار الأنوار 7:53. (25) غافر: 51. (26) الإحتجاج للطبرسيّ 2 : 289-284. (27) تفسير القمّيّ 258:2؛ بحار الأنوار 27:11. ****************** سورة فصلت الآية الاولى قوله تعالى: (لِنُذِيقَهم عَذابَ الخِزيِ في الحيوةِ الدُّنيا).(1) 795 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ رحمه الله في الغَيبة بإسناده عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: قول اللَّه عزّ وجلّ: (عَذابَ الخِزيِ في الحيوةِ الدنيا) ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال: وأيّ خزيٍ أخزي ياأبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وحجاله على اُخوانه وسط عياله، أن شقّ أهله الجيوب عليه وصرخوا، فيقول الناس ما هذا؟ فيقال مُسخ فلان الساعة، فقلت: قبل قيام القائم عليه السلام أو بعده؟ فقال: لا، بل قبله.(2) الآية الثانية قوله عزّ وجلّ: (إنّ الّذين قالُوا ربُّنا اللَّه ثمّ استَقامُوا تتنزّل عَليهمُ الملائكةُ ألّا تَخافوا ولا تَحزَنوا وأَبشِرُوا بالجَنّة الّتي كنتم تُوعَدون).(3) الشيعة الثابتون على القول بالامامة 796 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (الّذين قالُوا ربُّنا اللَّه ثمّ استقاموا) فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: إستقاموا على الأئمّة واحداً بعد واحد، تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون.(4) 797 - سعد بن عبد اللَّه القمّيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليهم السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (إن الّذين قالوا ربُّنا اللَّه ثمّ استَقاموا تتنزّلُ عليهِمُ الملائكةُ ألّا تَخافوا ولا تَحزَنوا) قال: هم الأئمّة عليهم السلام تجري فيمن استقام مِن شيعتنا وسلّم لأمرنا وكتم حديثنا عند عدوِّنا، وتستقبلهم الملائكة بالبشري من اللَّه بالجنّة، وقد - واللَّه - مضي أقوام على مثل ما أنتم عليه من الّذين استقاموا لأمرنا وكتموا حديثنا ولم يُذيعوه عند عدوّنا ولم يشكوا فيه كما شككتم، واستقبلهم الملائكة بالبشري من اللَّه بالجنّة.(5) 798 - محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (إنّ الّذين قالوا ربُّنا اللَّه ثمّ استَقاموا) يقول: استكملوا طاعة اللَّه وطاعة رسوله وولاية آل محمّد عليهم السلام (ثمّ استقاموا تتنزّل عليهِمُ الملائكةُ) يوم القيامة (ألّا تَخافُوا ولا تَحزَنوا وأبشِروا بالجنّة الّتي كنتم تُوعَدون) فاولئك الّذين اذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون، فتلقتهم الملائكة ويقولون لهم: لا تخافوا ولا تحزنوا نحن كنّا معكم في الحياة الدنيا لا نفارقكم حتّى تدخلوا الجنة (وأبشِرُوا بالجنّة الّتي كنتُم تُوعَدون).(6) 799 - عنه، بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّوجل: (إنّ الّذين قالوا ربُّنا اللَّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهمُ الملائكةُ) الآية، قال: استقاموا على الأئمّة واحداً بعد واحد.(7) الآية الثالثة قوله تعالى: (ولا تَستَوي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئة ادفَع بالّتي هِيَ أحسَنُ فإذا الّذي بَينَك وبَينه عَدَاوةٌ كأنّه وَلِيٌّ حَميم).(8) 800 - روي محمّد بن العبّاس رحمه الله بإسناده عن سورة بن كليب، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله (إدفَع بالّتي هِيَ أحسَنُ فإذا الّذي بَينَك وبينَه عَداوةٌ كأنّه وَليّ حَميم) فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: اُمرت بالتقيّة، فسار بها عشراً حتّى اُمر أن يصدع بما أُمر. ثمّ اُمر بها عليّ، فسار بها حتّى أمر أن يصدع بها، ثمّ أمر الأئمّة بعضهم بعضاً فساروا بها، فإذا قام قائمنا سقطت التقيّة وجرّد السيف ولم يأخذ من الناس ولم يعطهم إلّا السيف.(9) الآية الرابعة قوله عزّ وجلّ: (ولَقَد آتَينا موسى الكتابَ فَاختُلِف فيه ولَولا كلِمَةٌ سَبَقَت مِن ربّك لَقُضِي بينَهم وإنّهم لَفِي شَك مِنه مُريب).(10) 801 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عاصم بن حميد، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (ولقد آتَينا موسى الكتابَ فاختُلِف فيه) قال: اختلفوا كما اختلفت هذه الاُمّة في الكتاب، وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم.(11) الآية الخامسة قوله تعالى: (سنُريهم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفُسِهم حتّى يتبيّنَ لَهُم أنّه الحقُّ أَوَلم يَكفِ بربِّك أنّه على كلّ شيء شَهيد).(12) 802 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ والنعمانيّ بإسنادهما عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (سَنُريهم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفُسِهم حتّى يَتبيّن لهم أنّه الحقُّ) قال: يريهم في أنفسهم المسخ، ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم، فيرون قدرة اللَّه عزّ وجلّ في أنفسهم وفي الآفاق. قلت له: حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ، قال: خروج القائم، هو الحقّ من عند اللَّه عزّ وجلّ، يراه الخلق لابدّ منه.(13) 803 - روي المفيدرحمه الله بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن موسى عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (سنُريهِم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفُسِهم حتّى يتبيّنَ لَهم أنّه الحقُّ) قال: الفتن في الآفاق، والمسخ في أعداء الحقّ.(14) سورة الشورى الآية الاولى قوله تعالى: (حم - عسق).(15) 804 - روي عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه الله بإسناده عن يحيي بن ميسرة الخثعميّ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: (حم - عسق) عدد سنّي القائم، قال: و(ق) جبل محيط بالدنيا من زمرّد أخضر، وخضرة السماء من ذلك الجبل، وعلم كلّ شيء في (عسق).(16) 805 - وروي محمّد بن العبّاس بإسناده عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: (حم) اسم من أسماء اللَّه عزّ وجلّ، و(عسق) علم على تفسير كلّ جماعة ونفاق كلّ فرقة.(17) 806 - تأويل آخر بحذف الإسناد عن السكونيّ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: حم: حتم، وعين، عذاب، وسين: سنون كسنيّ يوسف عليه السلام، وقاف: قذف ومسخ يكون في آخرالزمان منه بالسفيانيّ وأصحابه وناس من كلب، ثلاثون ألف يخرجون معه، وذلك حين يخرج القائم عليه السلام بمكة وهو مهدي هذه الاُمّة.(18) الآية الثانية قوله تعالى: (وما يُدرِيك لَعَلَّ الساعةَ قَريب - يَستعجِل بها الّذين لا يُؤمِنون بها والّذين آمَنوا مُشفِقون مِنها ويَعلَمون أنّها الحقُّ ألا إنّ الّذين يُمارُون في الساعةِ لَفي ضَلال بَعيد).(19) 807 - روي بالإسناد عن المفضّل بن عمر، قال: قال أبوعبد اللَّه الصادق عليه السلام: يامفضّل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية: (يَستعجِل بها الّذين لا يُؤمِنون بها والّذين آمَنوا مُشفِقون مِنها ويَعلَمون أنّها الحقُّ). فقلت: يقرأون: (يَستعجِل بها الّذين لا يؤمنون والّذين آمَنوا مُشفِقون منها ويَعلَمون أنّها الحقّ) فقال: ويحك أتدري ما هي؟ فقلت: اللَّه ورسوله وابن رسوله أعلم. فقال: ما هي واللَّه إلّا قيام القائم.(20) 808 - وفي رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليه السلام قال: سألت سيّدي الصادق عليه السلام: هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقّت يعلمه الناس؟ فقال: حاش للَّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا. قلت: يا سيّدي ولِمَ ذك؟ قال: لأنّه هو الساعة الّتي قال اللَّه تعالى: (وما يُدريك لعلّ الساعةَ تكون قريباً)(21) (يَستعجِل بها الّذين لا يُؤمِنون بها والّذين آمَنوا مُشفِقون منها ويَعلَمون أنّها الحقّ ألا إنّ الّذين يُمارُون في الساعةِ لَفي ضَلال بعيد) قلت: فما معني يمارون؟ قال: يقولون: متى ولد؟ ومن رأي؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك إستعجالاً لأمر اللَّه وشكاً في قضائه، ودخولاً في قدرته.(22) الآية الثالثة قوله تعالى: (مَن كان يُرِيد حَرثَ الآخرةِ نَزِد له في حَرثِه ومَن كان يُريد حَرثَ الدُّنيا نُؤتِهِ منها ومَا لَه في الآخرة مِن نَصيب).(23) 809 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (مَن كان يُريدُ حَرثَ الآخِرَة) قال: معرفة أمير المؤمنين عليه السلام والأئمّة عليهم السلام، (نَزِد لَه في حَرثه) قال: نزيده منها، قال: يستوفي نصيبه من دولتهم. (ومَن كان يُريدَ حَرثَ الدُّنيا نُؤتِه منها وما لَه في الآخرةِ مِن نَصيب) قال: ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب.(24) الآية الرابعة قوله تعالى: (ولَولا كلِمَةُ الفَصل لَقُضِيَ بَينهم وإنّ الظالِمين لَهم عَذابٌ أليم).(25) 810 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: أمّا قوله: (ولَولا كلِمَةُ الفَصل لَقُضِيَ بَينهم وإنّ الظالِمين لَهم عَذابٌ أليم) قال: لولا ما تقدّم فيهم من أمر اللَّه عزّ وجلّ ما أبقي القائم منهم واحداً.(26) الآية الخامسة قوله تعالى: (قُل لا أسأَلُكم عَلَيه أجراً إلّا المَوَدَّةَ في القُربي).(27) المهدي ممن نزلت فيه آية المودة 811 - روي العلّامة البيّاضيّ قال: وأسند الثعلبيّ في تفسير: (قُل لا أسألُكم عَلَيه أَجراً إلّا المَوَدَّة في القُربي) إلى أنس قول انبيّ صلى الله عليه وآله: نحن ولد عبدالمطّلب سادة أهل الجنّة، وذكر نفسه وخمسة سمّاهم من أهل بيته.(28) 812 - وروي محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد اللَّه بن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (قُل لا أسألُكم عَلَيه أَجراً إلّا المَوَدَّة في القُربي) قال: هم الأئمّة عليهم السلام.(29) 813 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن الحسن بن زيد، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، قال: خطب الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام حين قُتل عليّ عليه السلام ثمّ قال: وأنا من أهل بيت من افترض اللَّه مودّتهم على كلّ مسلم، حيث يقول: (قُل لا أسألُكم عَلَيه أَجراً إلّا المَوَدَّة في القُربي ومَن يَقتَرِف حَسَنَةً نَزِد له فيها حُسناً) فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.(30) 814 - وعنه بإسناده عن عبدالملك بن عمير، عن الحسين بن عليّ صلوات اللَّه عليهما في قوله عزّ وجلّ: (قُل لا أسألُكم عَلَيه أَجراً إلّا المَوَدَّة في القُربي) قال: وأمّا القرابة الّتي أمراللَّه بصلتها، وعظّم مِن حقّها، وجعل الخير فيها، قرابتنا أهل البيت الّذي أوجب اللَّه حقّنا على كلّ مسلم.(31) 815 - روي أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ بإسناده عن عبد اللَّه بن عجلان، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه: (قُل لا أسألُكم عليه أَجراً إلّا المَوَدَّة في القُربي) قال: هم الأئمّة الّذين لا يكلون الصدقة ولا تحلّ لهم.(32) 816 - قال: وروي زاذان عن عليّ عليه السلام، قال: فينا نزل آية، لا يحفظ مودّتنا إلّا كلّ مؤمن، ثمّ قرأ هذه الآية.(33) 817 - ومن صحيح البخاريّ في الجزء السادس في تفسير الآية، روي بإسناده عن عبدالملك بن ميسرة، قال: سمعت طاوساً، عن ابن عبّاس أنّه سأل عن قوله (إلّا المَوَدَّة في القُربي) قال سعيد بن جبير: قربي آل محمّد صلوات اللَّه عليهم.(34) 818 - روي الثعلبيّ بإسناده عن أبي الديلم، قال: لمّا جيء بعليّ بن الحسين صلوات اللَّه عليه أسيراً قائماً على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمدللَّه الّذي قتلكم واستأصل شأفتكم وقطع قرن الفتنة! فقال له عليّ بن الحسين صلوات اللَّه عليه: أقرأت القرآن؟ قال: قال: نعم، قال: أقرأت آل حم؟ قال: قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم، قال: قرأت: (قُل لا أسألُكم عليه أَجراً إلّا المَوَدَّةَ في القُربي) قال: لأنتم هم؟ قال: نعم.(35) 819 - روي مسلم في صحيحه في الجزء الخامس في تفسير قوله تعالى: (قُل لا أسألُكم عليه أَجراً إلّا المَوَدَّة في القُربي) قال: وسئل ابن عبّاس عن هذه الآية، فقال: قربي آل محمّد صلى الله عليه وآله.(36) الهوامش: (1) فصّلت: 16. (2) الغَيبة للنعمانيّ 143. (3) فصّلت: 30. (4) الكافي 420:1 ح 40. (5) تفسير البرهان 110:4 ح 8. (6) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 537-536 ح 8. (7) نفس المصدر 537:2 ح 9. (8) فصّلت: 34. (9) تأويل الآيات الظاهرة 540-539: 2 ح 13. (10) فصّلت: 45. (11) الكافي 287:8 ح 432؛ بحار الأنوار 3131:24. (12) فصّلت: 53. (13) الكافي 381:8 ح 5757؛ الغَيبة للنعمانيّ 269 ح 40. (14) الإرشاد للمفيد 359؛ بحار الأنوار 221:52. (15) الشوري: 1. (16) تفسير القمّي 267:2. (17) تأويل الآيات الظاهرة 542:2 ح 2. (18) نفس المصدر 542:2 ح 3. (19) الشوري: 17 و18. (20) المحجّة 191؛ بحار الأنوار 2:53. (21) الأحزاب: 63. (22) بحار الأنوار 2:53؛ الصراط المسقيم 258:2. (23) الشوري:20. (24) الكافي 435:1؛ بحار الأنوار 349:24. (25) الشوري: 22. (26) روضة الكافي 287؛ بحار الأنوار 313:24. (27) الشوري: 23. (28) الصراط المستقيم 242:2. (29) تفسير البرهان 121:4 ح 1. (30) تأويل الآيات الظاهرة 545:2 ح 8. (31) نفس المصدر 545:2 ح 9. (32) تفسير البرهان 124:4 ح 13. (33) نفس المصدر 125:4 ح 22. (34) صحيح البخاري 37:6. (35) عنه: العمدة 51 ف 9 ح 46. (36) عنه: العمدة 49 ف 9 ح 40. ****************** 820 - روي موفّق بن أحمد الخوارزميّ، عن مقاتل والكعبيّ: لمّا نزلت هذه الآية (قل لا أسألُكم عليه أَجراً إلّا المَوَدَّة في القُربي) قالوا: هل رأيتم أعجب من هذا، يسفّه أحلامنا ويشتم آلهتنا ويري قتلنا ويطمع أن نحبّه؟! فنزل: (قُل ما سألتُكم مِن أَجرٍ فَهُوَ لكم)(1) أي ليس لي من ذلك أجر، لأنّ منفعة المودّة تعود إليكم، وهو ثواب اللَّه تعالى ورضاه.(2) قوله تعالى: (ومَن يَقتَرِف حَسَنَةً نَزِد له فيها حُسناً).(3) 821 - روي ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب رحمه الله بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه تبارك وتعالي: (ومَن يَقتَرِف حَسَنَةً نَزِد له فيها حُسناً) قال: الإقتراف التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا.(4) 822 - روي سعد بن عبد اللَّه بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الآية، قال: الاقتراف للحسنة هو التسليم لنا والصدق علينا.(5) 823 - روي الشيخ في أماليه بإسناده، عن الحسن عليه السلام في خطبة له، قال: فيما أنزل اللَّه على محمّد صلى الله عليه وآله: (قُل لا أسألُكم عليه أَجراً إلّا المَوَدّة في القُربي ومَن يَقترِف حَسَنة) واقتراف الحسنة مودّتنا.(6) الآية السادسة قوله تعالى: (أَم يَقولُون افتَري على اللَّه كذِباً فإن يَشَأ اللَّه يَختِم على قَلبِك ويَمحُ اللَّه الباطلَ ويُحقّ الحَقَّ بِكلِمَاته).(7) 824 - روي العلّامة البحرانيّ قدس سره بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (ومَن يَقترِف حَسَنةً نَزِد له فيها حُسناً) قال: من توالي الأوصياء من آل محمّد واتّبع آثارهم، فذك يزيده ولاية من مضي من النبيّين والمؤمنين الأوّلين حتّى ولايتهم إلى آدم عليه السلام، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (مَن جاءَ بالحَسَنة فله خَيرٌ منها)(8) يدخله الجنّة وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (قل ما سألتُكم مِن أجرٍ فَهُوَ لكم)(9) يقول: أجر المودّة الّذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة، وقل لأعداء اللَّه أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار (قُل ما أسألُكم عليه مِن أجرٍ وما أَنَا من المُتكلِّفين)(10) يقول متكلّفاً أن أسألكم ما لستم بأهله، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمّداً أن يكون قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا، ولئن قتل محمّد أو مات لننزعنّها من أهل بيته لا نعيدها فيهم أبداً، وأراد اللَّه عزّ ذكره أن يعلم نبيّه صلى الله عليه وآله الّذي أخفوا في صدورهم وأسرّوا به، فقال في كتابه عزّ وجلّ: (أم يَقُولُون افتَري على اللَّه كذِباً فإن يَشَأ اللَّه يَختِم على قَلبِك) يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلّم بفضل أهل بيتك ولا بمودّتهم، وقد قال اللَّه عزّ وجلّ: (ويَمحُ اللَّه الباطل ويُحقّ الحقّ بكلماته)(11) يقول الحقّ لأهل بيتك الولاية انّه عليم بذات الصدور، ويقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: (وأَسَرُّو النَّجوي الّذينَ ظَلَمُوا هَل هذا إلّا بَشَر مثلُكم أفتَأتُون السِّحرَ وأنتم تُبصِرون)(12) ... الخ الحديث.(13) 825 - روي القمّي بإسناده عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في قول اللَّه عزّ وجلّ: (قُل لا أسألُكم عليه أجراً إلّا المَوَدَّةَ في القُربي) يعني في أهل بيته، قال: جاءت الأنصار إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقالوا: انّا قد آوينا ونصرنا، فخذ طائفة من أموالنا استعن بها على ما أنابك، فأنزل اللَّه: (قُل لا أسألُكم عليه أجراً - يعني على النبوّة - إلّا المَوَدّة في القُربي) أي في أهل بيته، ثمّ قال: ألا ترى أنّ الرجل يكون له صديق وفي ذلك شيء على أهل بيته فلم يسلم صدره، فأراد اللَّه أن لا يكون في نفس رسول اللَّه صلى الله عليه وآله شيء على اُمّته ففرض عليهم المودّة، فإن أخذوا أخذوا مفروضاً، وان تركوا تركوا مفروضاً، قال: فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول: أعرضنا عليه أموالنا فقال: قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي، وقال: طائفة ما قال هذا رسول اللَّه من اللَّه وجحدوا وقالوا كما حكي اللَّه تعالى: (أم يقولون افتَري على اللَّه كذِباً) فقال اللَّه (فإن يَشَأ اللَّهُ يَختِم على قَلبِك) قال: لو افتريت؛ ويمحو اللَّه الباطل يعني يبطله (ويُحِقّ الحقَّ بكلماته) يعني بالأئمّة والقائم من آل محمّد (إنّه عليمٌ بذات الصُّدور).(14) الآية السابعة قوله تعالى: (ولَمَنِ انتَصَر بَعدَ ظُلمِهِ فاُولئك ما عَلَيهم مِن سَبيل).(15) 826 - روي محمّد بن العبّاس رحمه الله بإسناده عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (وَلَمَنِ انتَصَر بَعدَ ظُلمِهِ فاُولئك ما عَلَيهم مِن سَبيل) قال: ذلك القائم عليه السلام إذا قام انتصر من بني اُميّة ومن المكذّبين والنصاب.(16) الآية الثامنة قوله تعالى: (وتَرَاهم يُعرَضُون عَلَيها خَاشِعِين مَن الذُّلّ يَنظُرون مِن طَرْفٍ خَفِيّ).(17) 827 - روي محمّد بن العبّاس رحمه الله بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قوله عزّ وجلّ: (خاشعين من الذلّ ينظرون من طرف خفي) يعني إلى القائم عليه السلام.(18) 828 - وروي عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سمعته يقول: (ولَمَن انتَصَر بَعدَ ظُلمِه) يعني القائم وأصحابه (فاُولئك ما عَلَيهم مِن سَبيل) والقائم إذا قام انتصر من بني اُميّة ومن المكذّبين والنصّاب هو وأصحابه، وهو قول اللَّه تبارك وتعالي: (إنّما السَّبيلُ على الّذين يَظلِمون الناسَ ويَبغُون في الأرضِ بغير الحقّ اُولئك لهم عَذابٌ أليم).(19) سوره زخرف الآية الاولى قوله تعالى: (وجَعَلَها كلِمةً باقيةً في عَقِبِه).(20) 829 - روي العلّامة المجلسي رحمه الله بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: ياابن رسول اللَّه، إنّ قوماً يقولون: إنّ اللَّه تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسن والحسين. قال: كذبوا واللَّه، أو لم يسمعوا اللَّه تعالى ذكره يقول: (وجَعَلَها كلِمةً باقيةً في عَقِبِه) فهل جعلها إلّا في عقب الحسين عليه السلام؟ ثمّ قال: ياجابر إنّ الأئمّة هم الّذين نصّ عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالإمامة، وهم الّذين قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا اُسري بي إلى السماء وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش بالنور إثني عشر إسماً، منهم عليّ وسبطاه، وعليّ ومحمّد وجعفر وموسي وعليّ ومحمّد وعليّ والحسن والحجّة القائم، فهذه الأئمّة من أهل بيت الصفوة والطهارة، واللَّه لا يدّعيه أحد غيرنا إلّا حشره اللَّه تبارك وتعالى مع إبليس وجنوده. ثمّ تنفّس عليه السلام الصعداء وقال: لا رعي اللَّه حقّ هذه الاُمّة فإنّها لم ترع حقّ نبيّها، أما واللَّه لو تركوا الحقّ على أهله لما اختلف في اللَّه تعالى إثنان. ثمّ أنشأ عليه السلام يقول: إنّ اليهود لحبّهم لنبيّهم والمؤمنون بحبّ آل محمّد أمنوا بوائق حادث الأزمانِ يُرمَون في الآفاق بالنيرانِ قلت: يا سيّدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال: نعم. قلت: فلِمَ قعدتم عن حقّكم ودعوكم، وقد قال اللَّه تبارك وتعالي: (وجَاهِدوا في اللَّه حَقَّ جِهادِه هو اجتَبَكم)(21)، قال: فما بال أمير المؤمنين عليه السلام قعد عن حقّه حيث لم يجد ناصراً؟ أو لم تسمع اللَّه تعالى يقول في قصّة لوط: (قَالَ لَو أَنّ لي بِكم قُوَّةً أو آوي إلى رُكنٍ شَديد)(22)، ويقول في حكاية عن نوح: (فَدَعا رَبَّه أنّي مَغلُوبٌ فَانتَصِر)(23)، ويقول في قصّة موسي: (رَبِّ إنّي لا أَملِك إلّا نَفسي وأَخي فَافرُق بَينَنا وبَينَ القَوم الفاسِقين)(24)، فإذا كان النبيّ هكذا فالوصيّ أعذر. ياجابر مثل الإمام مثل الكعبة إذ يؤتي ولا يأتي.(25) 830 - الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وجَعَلها كلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِه) قال: هي الإمامة جعلها اللَّه عزّ وجلّ في عقب الحسين عليه السلام باقية إلى يوم القيامة.(26) 831 - الشيخ الصدوق بإسناده من طريق العامّة عن أبي هريرة، قال: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن قوله عزّ وجلّ: (وجَعَلها كلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِه) قال: جعل الأئمّة في عقب الحسين، يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة ومنهم مهدي هذه الاُمّة. ثمّ قال: لو أنّ رجلاً ظعن بين الركن والمقام ثمّ لقي اللَّه مبغضاً لأهل بيتي دخل النار.(27) 832 - وعنه رفعه إلى هشام بن سالم، قال: قلت للصادق عليه السلام: الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال: الحسن أفضل من الحسين. قلت: وكيف صارت من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: انّ اللَّه تبارك وتعالى أحبّ أن يجعل سنّة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما السلام، ألا ترى أنّهما كانا شريكين في النبوّة كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة، جعل النبوّة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان كان موسى أفضل من هارون. قلت: فهل يكون إمامان في وقت واحد؟ قال: لا إلّا أن يكون أحدهما صامتاً مأموماً لصاحبه، والآخر ناطقاً إماماً لصاحبه، فإمّا أن يكونا إمامَين ناطقَين فلا. قال: قلت: فهل تكون الإمامة في أخوَين بعد الحسن والحسين؟ قال: لا، إنّما هي جارية في عقب الحسين، كما قال اللَّه عزّ وجلّ: (وجَعَلها كلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِه) ثمّ هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة.(28) 833 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضلّ بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وإذِ ابتَلي إبراهيمَ رَبُّه بكلِماتٍ فأتمّهنّ) ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب اللَّه عليه، وهو أنّه قال: (أسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ) فتاب اللَّه عليه إنّه هو التوّاب الرحيم. فقلت له: يابن رسول اللَّه، فما يعني عزّ وجلّ بقوله (فأتمّهنّ)؟ قال: فأتمّهنّ إلى القائم إثني عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين عليه السلام. قال المفضّل فقلت: يابن رسول اللَّه فأخبرني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (وجَعَلَها كلِمَةً باقية في عَقِبِه) قال: يعني بذلك الإمامة جعلها اللَّه تعالى في عقب الحسين إلى يوم القيامة. قال: فقلت له: يابن رسول اللَّه فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السلام وهما جميعاً ولدا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟ فقال عليه السلام: إنّ موسى وهارون كانا نبيّين مرسلَين وأخوَين، فجعل اللَّه عزّ وجلّ النبوّة في صلب هارون دون صُلب موسى عليهما السلام، ولم يكن لأحد أن يقول لِمَ فعل اللَّه ذلك؟ وإنّ الإمامة خلافة اللَّه عزّ وجلّ في أرضه، وليس لأحد أن يقول لِمَ جعلها اللَّه في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما السلام، لأنّ اللَّه تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله لا يُسأل عمّا يفعل وهم يسألون.(29) الآية الثانية قوله تعالى: (وإنّه لعِلم للسَّاعةِ فلا تَمتَرُنّ بِها واتَّبِعون هذا صِراطٌ مُستقيم).(30) نزول عيسى 834 - روي الإمام أحمد بإسناده عن أبي يحيي مولي ابن عقيل الأنصاريّ، قال: قال ابن عبّاس قال: لقد علمت آيةً من القرآن ما سألني عنها رجل قطّ، فما أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها، أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها، ثمّ طفق يحدّثنا، فلمّا قام تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها، فقلت: أنا لها إذا راح غداً، فلمّا راح الغد قلت: ياابن عبّاس، ذكرت أمس أنّ آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قطّ، فلا تدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها أم لم يفطنوا لها، فقلت أخبرني عنها، وعن اللاتي قرأت قبلها. قال: نعم، إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال لقريش: يامعشر قريش، إنّه ليس أحد يُعبَد مِن دون اللَّه فيه خير، وقد علمت قريش أنّ النصاري تعبد عيسي ابن مريم وما تقول في محمّد، فقالوا: يامحمّد، ألست تزعم أنّ عيسي كان نبيّاً وعبداً من عباد اللَّه صالحاً، فلئن كنت صادقاً فإنّ آلهتهم لكما تقولون. قال: فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: (ولمّا ضُرِب ابنُ مَريَمَ مَثَلاً إذا قومُك منه يَصِدُّون)(31)، قال: قلت: ما يَصِدّون؟ قال: يضجّون (وإنّه لعِلم للسَّاعَة) قال: هو خروج عيسي ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة.(32) 835 - مقاتل بن سليمان: هو المهدي عليه السلام يكون في آخر الزمان، وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأماراتها.(33) 836 - روي ابن عبّاس والضحّك وغيره في الآية انّها آية الساعة، وقال: يعني نزول عيسي ابن مريم قبل يوم القيامة.(34) 837 - روي العلّامة القندوزيّ، قال: قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسّرين في قوله تعالى: (وإنّه لعِلم للسَّاعة) انّها نزلت في المهدي عليه السلام.(35) 838 - روي العلّامة السيوطيّ في ذيل تفسير الآية قال: وأخرج الفريابيّ وسعيد بن منصور ومسعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبرانيّ من طرق عن ابن عبّاس رضي اللَّه عنهما في قوله: (وإنّه لعِلم للسَّاعة) قال: خروج عيسي قبل يوم القيامة.(36) 839 - روي العلّامة ابن الصباغ المالكيّ في الفصل الثاني عشر قال فيه: وأمّا بقاء المهدي فقد جاء في الكتاب والسنّة، أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِه المُشرِكون)(37) قال: هو المهدي من ولد فاطمة عليها السلام، وأمّا من قال إنّه عيسي فلا تنافي بين القولَين، إذ هو مساعد للمهدي على ما تقدّم، وقد قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسّرين في قوله تعالى: (وإنّه لعِلم للسَّاعة) قال: هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون امارات ودلالات للساعة وقيامها، انتهي واللَّه تعالى أعلم بذلك.(38) 840 - ورواه العلّامة الشبلنجيّ، قال: وقد قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسّرين في تفسير قوله تعالى: (وإنّه لعِلم للسَّاعة) قال: هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه تكون امارات الساعة وقيامها.(39) 841 - روي العلّامة القندوزيّ الحنفيّ عن زرارة بن أعين، قال: سألت الباقر عليه السلام عن هذه الآية قال: هي ساعة القائم عليه السلام تأتيهم بغتةً.(40) كلام العلّامة أحمد بن حجر الهيثميّ المكيّ في قوله تعالى: (وإنّه لعِلم للسَّاعة)، قال: قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في المهدي، وستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبويّ، وحينئذ ففي الآية دلالة على البركة في نسل فاطمة وعليّ رضي اللَّه عنهما، وأنّ اللَّه ليخرج منهما طيّباً وأن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الستر. وسرّ ذلك أنّه صلى الله عليه وآله أعاذها وذرّيتها من الشيطان الرجيم. ودعا لعليّ بمثل ذلك وشرح ذلك يعلم بسياق الأحاديث الدالّة عليه. وأخرج النسائيّ بسند صحيح: أنّ نفراً من الأنصار قالوا لعليّ رضي الله عنه لو كانت عندك فاطمة، فدخل على النبيّ صلى الله عليه وآله يعني ليخطبها، فسلّم عليه، فقال له: ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال: فذكرت فاطمة، فقال صلى الله عليه وآله: مرحباً وأهلاً (ثمّ ذكر قصّة زواجهما عليهما السلام، ثمّ قال:) فلمّا حضر عليّ تبسّم صلى الله عليه وآله وقال له: إنّ اللَّه أمرني أن اُزوّجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضّة، أرضيت بذلك فقال: قد رضيتها يا رسول اللَّه، ثمّ خرّ ساجداً للَّه شكراً، فلمّا رفع رأسه قال له صلى الله عليه وآله: بارك اللَّه لكما وبارك فيكما وأعزّ جدّكما وأخرج منكم الكثير الطيّب. قال أنس: واللَّه لقد أخرج اللَّه منهما الكثير الطيّب. وأخرج كثره أبو الخير القزوينيّ الحكميّ. ثمّ قال: وأخرج أحمد وأبوحاتم نحوه وقد ظهرت بركة دعائه صلى الله عليه وآله في نسلهما فكان منه من مضي ومن يأتي، ولو لم يكن في الآتين إلّا الإمام المهدي لكفي. 842 - وأخرج الطبرانيّ مرفوعاً: يلتفت المهدي وقد نزل عيسي ابن مريم عليه السلام كأ نّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي تقدّم فصلّ بالناس، فيقول عيسي إنّما اُقيمت الصلاة لك، فيصلّي خلف رجل من ولدي الحديث؛ وفي صحيح ابن حبان في إمامة المهدي نحوه. 843 - وصحّ مرفوعاً: ينزل عيسي ابن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صلّ بنا، فيقول: لا إنّ بعضكم أئمّة على بعض تكرمة اللَّه هذه الاُمّة.(41) الآية الثالثة قوله تعالى: (فَاختَلَف الأحزابُ مِن بَينهم فوَيلٌ للّذين ظَلَموا مِن عَذابِ يَومٍ أَليم).(42) 844 - روي العيّاشيّ رحمه الله بسنده عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر عليه السلام يقول: الزم الأرض لا تحرّكن يدك ولا رجلك أبداً حتّى تري علامات أذكرها لك في سنة، وتري منادياً ينادي بدمشق، وخسف بقرية من قراها، ويسقط طائفة ما مسجدها، فإذا رأيت الترك جازوها، فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة، وأقبلت الروم حتّى نزلت الرملة، وهي سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب. وإنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك ثلاث رايات: الأصهب والأبقع والسفيانيّ، مع بني ذنب الحمار مضر، ومع السفيانيّ أخواله من كلب، فيظهر السفيانيّ ومن معه على بني ذنب الحمار، حتّى يقتلوا قتلاً لم يقتله شيء قطّ. ويحضر رجل بدمشق، فيقتل هو ومن معه قتلاً لم يقتله شيء قطّ، وهو من بني ذنب الحمار، وهي الآية الّتي يقول اللَّه تبارك وتعالي: (فَاختَلَف الأحزابُ مِن بَينِهم فوَيلٌ للّذين كفَروا مِن مَشهد يوم عظيم).(43) قوله تعالى: (هل يَنظُرون إلّا الساعةَ أن تأتيهم بَغتةً وهُم لا يَشعُرون).(44) 845 - روي العلّامة البحرانيّ قدس سره في (المحجّة) عن محمّد بن العبّاس بإسناده عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (هَل يَنظُرون إلّا الساعةَ أن تَأتِيَهُم بَغتةً) قال هي ساعة القائم عليه السلام تأتيهم بغتة.(45) الهوامش: (1) سبأ: 47. (2) المناقب للخوارزميّ 275 ح 255. (3) الشوري: 23. (4) تفسير البرهان 122:4 ح 7. (5) نفس المصدر 122:4 ح 7. (6) أمالي الطوسي 270-269 خ 501. (7) الشوري: 24. (8) القصص: 84. (9) سبأ: 47. (10) ص: 86. (11) الشوري: 24. (12) الأنبياء: 3. (13) تفسير البرهان:122:4 ح 5. (14) تفسير القمّيّ 275:2؛ بحار الأنوار 237:23. (15) الشوري: 41. (16) تأويل الآيات الظاهرة 2: 550-549 ح 18. (17) الشوري: 45. (18) تأويل الآيات الظاهرة 550:2 ح 20. (19) تفسير البرهان 129:4 ح 4. (20) الزخرف: 28. (21) الحجّ: 78. (22) هود: 80. (23) القمر: 10. (24) المائدة: 25. (25) بحار الأنوار 36 : 358-357؛ تفسير البرهان 4 : 140-139. (26) تفسير البرهان 138:4 ح 1. (27) تفسير البرهان 140:4 ح 9. (28) تفسير البرهان 138:4 ح 4. (29) كمال الدّين 358:2 ح 57. (30) الزخرف: 61. (31) الزخرف: 57. (32) مسند أحمد 317:1. (33) البيان في أخبار صاحب الزمان 528 ب 25. (34) تفسير مجاهد 583:2 (عن معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام)). (35) ينابيع المودّة 470. (36) تفسير الدرّ المنثور 20:2. (37) التوبة: 33. (38) الفصول المهمّة 300. (39) نورالأبصار 383. (40) ينابيع المودّة 428 ب 71. (41) الصواعق المحرقة 169-162 الآية الثانية عشرة. (42) الزخرف: 65. (43) تفسير العيّاشيّ 64:1 ح 117. (44) الزخرف: 66. (45) المحجّة 201. ****************** سوره دخان الآية الاولى قوله سبحانه وتعالي: (إنّا أنزَلناه في لَيلَةٍ مَبارَكة إنّا كنّا مُنذِرِين - فيها يُفرَق كلُّ أَمرٍ حَكيم).(1) 846 - عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى: (حم والكتابِ المُبين إنّا أَنزلناه) يعني القرآن في ليلة مباركة إنّا كنّا منذرين، وهي ليلة القدر. وأنزل اللَّه القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثمّ نزل من البيت المعمور على النبيّ صلى الله عليه وآله في طول عشرين سنة، فيها يفرق كلّ أمر حكيم يعني في ليلة القدر كلّ أمر حكيم، أي يقدّر اللَّه كلّ أمر من الحقّ والباطل وما يكون في تلك السنة وله فيه البداء والمشيّة، يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأمراض ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول اللَّه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمّة عليهم السلام، حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عليه السلام ويشترط له ما فيه البداء والمشيّة والتقديم والتأخير. ثمّ قال عليّ بن إبراهيم: حدّثني بذلك أبي بإسناده عن عبد اللَّه مسكان، عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه وأبي الحسن عليهم السلام.(2) 847 - روي شرف الدّين النجفيّ بإسناده عن حمران، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عمّا يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدّر سبحانه وتعالي فيها؟ قال: لا توصف قدرة اللَّه تعالى إلّا أنّه قال: (فيها يُفرَقُ كلُّ أَمرٍ حَكيمٍ) فكيف يكون حكيماً إلّا ما فرق، ولا توصف قدرة اللَّه سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء، وأمّا قوله: (خَيرٌ مِن ألفِ شَهر) يعني فاطمة في قوله تعالى: (تَنزّل الملائكةُ والرُّوحُ فيها) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون عِلم آل محمّد عليهم السلام، والروح روح القدس وهي فاطمة عليها السلام، (مِن كلِّ أمرٍ سَلامٌ) يقول: كلّ أمر سلّمه حتّى يطلع الفجر - يعني حتّى يقوم القائم عليه السلام.(3) 848 - روي العلّامة البحرانيّ قدس سره عن أبي جعفر عليه السلام، قال: يامعشر الشيعة خاصموا بسورة إنّا أنزلناه في ليلة القدر تفلجوا، فواللَّه إنّها لحجّة اللَّه تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وإنّها لسيّدة دينكم، وإنّها لغاية علمنا. يامعاشر الشيعة، خاصموا ب (حم والكتابِ المُبين إنّا أنزَلْناه في لَيلَةٍ مُبارَكة إنّا كنّا مُنذِرِين) فإنّها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول اللَّه. يامعاشر الشيعة، يقول اللَّه تبارك وتعالي: (وإن مِن اُمّةٍ إلّا خَلا فيها نَذِيرٌ)(4) قيل: ياأبا جعفر عليه السلام نذيرها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله (محمّد)، فقال: صدقت فهل كان نذيراً وهو خلو (حيّ) من البعثة في أقطار الأرض؟ فقال السائل: لا. قال أبو جعفر عليه السلام: أرأيت بعيثه أليس نذيره كما أنّ رسول اللَّه في بعثته من اللَّه نذير؟ فقال: بلي. قال: فكذلك لم يمت محمّد إلّا وله بَعيثٌ نذير، قال: فإن قلت لا، فقد ضيّع رسول اللَّه مَن في الأصلاب من اُمّته. قال: وما يكفيهم القرآن؟! قال: بلي، إن وجدوا له مفسّراً. قال: وما فسّر رسول اللَّه؟ قال: بلي قد فسّره لرجل واحد وفسّر للاُمّة شأن ذلك الرجل هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام. قال السائل: ياأبا جعفر كأنّ هذا أمر خاص لا يحتمله العامة؟ قال: أبي اللَّه أن يُعبد إلّا سرّاً حتّى يأتي أبان أجله الّذي يظهر فيه دينه، كما أنّه كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مع خديجة عليها السلام مستتراً حتّى أمره بالإعلان، قال السائل: فينبغي لصاحب هذا الدّين أن يكتم؟ قال: أو ما كتم عليّ بن أبي طالب يوم أسلم مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حتّى أظهر أمره؟ قال: بلي، قال: فكذلك أمرنا حتّى يبلغ الكتاب أجله.(5) دلالة الآية على وجوب وجود إمام العصر وحياته 849 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن الحسن بن عبّاس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: بينا أبي عليه السلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر، قد قيّض له فقطع عليه اسبوعه، حتّى أدخله إلى دار جنب الصفا، فأرسل إليّ وكنّا ثلاثة فقال: مرحباً بك يابن رسول اللَّه، ثمّ وضع يده على رأسي وقال: بارك اللَّه فيك ياأمين اللَّه بعد آبائه أبا جعفر، إن شئت فأخبرني وان شئت أخبرتك، وإن شئت سألتني وإن شئت سألتك، وإن شئت فأصدقني وإن شئت صدقتك. فقال أبو جعفر عليه السلام: كلّ ذلك أشاء. قال: فإيّك أن ينطلق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره. قال: إنّما يفعل ذلك مَن في قلبه عِلمان يخالف أحدهما صاحبه، وإنّ اللَّه عزّ وجلّ أبي أن يكون له علم فيه اختلاف. قال هذه مسألتي وقد فسّرت طرفاً منها، أخبرني عن هذا العلم الّذي ليس فيه إختلاف مَن يعلمه؟ قال: أمّا جملة العلم فعند اللَّه جلّ ذكره، وأمّا ما لابدّ للعباد منه فعند الأوصياء. قال: ففتح الرجل عجيرته واستوي جالساً وتهلّل وجهه، وقال: هذه أردت ولها أتيت، زعمت أنّ علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فكيف يعلمونه؟ قال: كما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يعلمه، إلّا أنّهم لا يرون ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يري، لأنّه كان نبيّاً وهم مُحَدَّثون، وأنّه كان يفد إلى اللَّه جلّ جلاله فيسمع الوحي وهم لا يسمعون. قال: فقال: صدقت يابن رسول اللَّه سأسئَلُك مسألة صعبة، أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله؟ قال: فضحك أبي عليه السلام وقال: أبي اللَّه أن يُطلع على عِلمه إلّا ممتَحَناً للإيمان به، كما قضي على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يصبر على أذي قومه، ولا يجاهدهم إلّا بأمره، فكم من كتتام قد كتتم به، حتّى قيل له (اصدَعْ بِما تُؤمَر وأَعرِض عَنِ المُشرِكين)(6) وأيم اللَّه أن لو صدع قبل ذلك لكان آمناً، ولكنّه إنّما نظر في الطاعة وخاف الخلاف فلذلك كفّ، فوددت أن يكون عينك مع مهدي هذه الاُمّة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذّب أرواح الكفرة من الأموات وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء، ثمّ أخرج سيفاً ثمّ قال: ها إنّ هذا منها. قال: فقال أبي: إي والّذي اصطفي محمّداً على البشر. قال: فردّ الرجل قال: أنا إلياس ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة: غير أ نّي أحببت أن يكون هذا الحديث قوّة لأصحابك، وساُخبرك بآية أنت تعرفها أن خصموا بها فَلَجُوا. قال: فقال لي أبي: إن شئت أخبرتك بها؟ قال: قد شئت. قال: إنّ شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا: إنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول لرسوله صلى الله عليه وآله: (انّا أنزلناه في ليلة القدر) إلى آخرها، فهل كان رسول اللَّه يعلم من العلم شيئاً لا يعلمه في تلك الليلة، أو يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غيرها؟ فانّه سيقولون لا، فقل لهم: فهل كان لما علم بدّ من أن يظهر؟ فيقولون لا، فقل لهم: كان فيما أظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله من علم اللَّه عزّ ذكره اختلاف؟ فان قالوا لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم اللَّه (كذا) فيه اختلاف فهل خالف رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فيقولون نعم، فإن قالوا: لا فقل قد نقضوا أوّل كلامهم، فقل لهم: (ما يعلم تأويله إلّا اللَّه والراسخون في العلم) فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل مَن لا يختلف في علمه، فإن قالوا: فمن هو ذك؟ فقل: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله صاحب ذلك فهل بلغ أو لا؟ فإن قالوا: قد بلَّغ، فقل: فهل مات رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علماً ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا لا، فقل: إنّ خليفة رسول اللَّه مؤيّد ولا يستخلف رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلّا من يحكم بحكمه، وإلّا مَن يكون مثله إلّا النبوّة، وان كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لم يستخلف في علمه أحداً فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده، فإن قالوا لك: فإنّ علم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان من القرآن، فقل: (حم والكتابِ المُبين إنّا أنزَلناه في لَيلَةٍ مُباركة إنّا كنّا مُنذِرِين فيها يُفرَق كلُّ أَمرٍ حَكيم أَمراً مِن عِندِنا إنّا كنّا مُرسِلين). فإن قالوا لك: لا يرسل اللَّه عزّ وجلّ إلّا إلى نبيّ، فقل: هذا الأمر الحكيم الّذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح، الّتي تنزل من سماء إلى سماء، أو من سماء إلى أرض، فإن قالوا من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعته إلى معصيته، فإن قالوا من سماء إلى أرض وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل: فهل لهم بدّ من سيّد يتحكمون إليه؟ فإن قالوا: فإنّ الخليفة هو حكمهم، فقل: (اللَّهُ وَلِيُّ الّذين آمَنوا يُخرِجُهم مِنَ الظُّلُماتَ إلى النُّور والَّذين كفَروا أولِياؤُهُم الطّاغُوتُ يُخرِجُونَهم مِن النُّور إلى الظُّلُمات أولئك أصحابُ النّار هُم فيها خَالِدون).(7) لعمري ما في الأرض ولا في السماء ولي للَّه عزّ وجلّ إلّا وهو مؤيّد، ومن اُيّد لم يُخطِ، وما في الأرض عدوّ للَّه عزّ ذكره إلّا وهو مخذول، ومن خُذِل لم يصب، كما أنّ الأمر لابدّ من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك ولابدّ من وال، فإن قالوا: لا نعرف هذا، فقل لهم: قولوا ما أحببتم أبي اللَّه بعد محمّد صلى الله عليه وآله أن يترك العباد ولا حجّة له عليهم. قال أبو عبد اللَّه عليه السلام ثمّ وقف، فقال: هاهنا يابن رسول اللَّه باب غامض، أرأيت ان قالوا حجّة اللَّه القرآن؟ قال: إذاً قل لهم: إنّ القرآن ليس بناطق يأمر وينهي، ولكنّ للقرآن أهل يأمرون وينهون، وأقول قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنّة والحكم الّذي ليس فيه اختلاف، وليست في القرآن، أبي اللَّه في علمه (لعلمه) بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض وليس في حكمه رادّ لها ومفرّج عن أهلها. فقال: هاهنا تفلجون يابن رسول اللَّه، أشهد أنّ اللَّه عزّ وجلّ ذِكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدّين أو غيره، فوضع القرآن دليلاً. قال، فقال الرجل: هل تدري يابن رسول اللَّه القرآن دليل ما هو؟ قال أبو جعفر عليه السلام: نعم وفيه جمل الحدود وتفسيرها عند الحكم، فقد أبي اللَّه أن يصيب عبداً بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ليس في أرضه من حكمه قاضٍ بالصواب في تلك المصيبة. قال: فقال الرجل: أمّا في هذا الباب فقد فلجتم بحجّة، إلّا أن يفتري خصمكم على اللَّه فيقول: ليس للَّه عزّ ذكره حجّة، ولكن أخبرني عن تفسير: (لِكيلا تَأسَوا على ما فَاتَكم) ممّا خصّ به عليّ عليه السلام (ولا تَفرَحُوا بِما آتكم)؟(8) قال: في أبي فلان وأصحابه، واحدة مقدّمة وواحدة مؤخّرة، لا تأسوا على ما فاتكم ممّا خصّ به عليّ، ولا تفرحوا بما آتكم من الفتنة الّتي عرضت لكم بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. فقال الرجل: أشهد أ نّكم أصحاب الحكم الّذي لا اختلاف فيه. ثمّ قام الرجل وذهب فلم أره.(9) الامام المهدي صاحب ليلة القدر في عَصرنا هذا 850 - روي العلّامة البحرانيّ قدس سره في (المحجّة) عن عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن عبد اللَّه بن مسكان، عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه وأبي الحسن عليهم السلام: (حم والكتابِ المُبِين إنّا أنزَلناه) يعني القرآن (في لَيلَةٍ مُبارَكة إنّا كنّا مُنذِرِين) وهي ليلة القدر أنزل اللَّه القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثمّ نزل من البيت المعمور على النبيّ صلى الله عليه وآله في طول ثلاث وعشرين سنة (فيها يُفرَق كلُّ أمرٍ حَكيم) يعني في ليلة القدر (كلُّ أمرٍ حَكيم) أي يقدّر اللَّه كلّ أمر من الحقّ ومن الباطل وما يكون في تلك السنة، وله فيها البداء والمشيئة يقدم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء. ويلقيه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمّة عليهم السلام حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عليه السلام، ويشرط له ما فيه البداء والمشيئة والتقديم والتأخير.(10) 851 - عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن أبي المهاجر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ياأبا المهاجر لا تخفي علينا ليلة القدر، إنّ الملائكة يطوفون بنا فيها.(11) 852 - روي الطبرسيّ رحمه الله في (الإحتجاج) عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له، قال عليه السلام: وإنّما أراد اللَّه بالحقّ إظهار قدرته وإبداء سلطانه وتبيين براهين حكمته، فخلق ما شاء كما شاء، وأجري فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفي من اُمنائه، فكان فعلهم فعله وأمرهم أمره، كما قال: (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أطاعَ اللَّه).(12) وجعل السماء والأرض وعاءً لمن يشاء من خلقه ليميز الخبيث من الطيّب مع سابق علمه بالفريقين من أهلهما، وليجعل ذلك مثالاً لأوليائه واُمنائه، وعرّف الخليقة فضل منزلة أوليائه، وفرض عليهم من طاعتهم مثل الّذي فرضه منه لنفسه، وألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطاباً يدلّ على انفراده وتوحيده، وأبان لهم أولياء أجري أفعالهم وأحكامهم مجري فعله، فهم العباد المكرّمون الّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، هم الّذين أيّدهم بروح منه وعرّف الخلق اقتدارهم بقوله: (عَالِم الغَيب فَلا يُظهِر على غَيبِه أَحَداً إلّا مَنِ ارتَضي مِن رَسولٍ). وهم النعيم الّذي يسأل عنه، إنّ اللَّه تبارك وتعالى أنعم بهم على من اتّبعهم من أوليائهم. قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول اللَّه ومن حلّ محلّه من أصفياء اللَّه، قرنهم اللَّه بنفسه وبرسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الّذي فرض عليهم منها لنفسه. وهم ولاة أمر الدّين الّذين قال اللَّه فيهم: (أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطيعُوا الرَّسولَ واُولي الأمرِ مِنكم).(13) وقال اللَّه فيهم: (ولو رَدُّوه الى الرَّسولِ وإلى اُولي الأمرِ مِنهم لَعَلِمَه الّذين يَستَنبِطُونَه مِنهم).(14) قال السائل: ما ذلك الأمر؟ قال عليه السلام: الّذي به تنزّل الملائكة في الليلة الّتي يفرق فيه كلّ أمر حكيم، من خلق ورزق وأجل وعمل وحياة وموت وعلم غيب السموات والأرض، والمعجزات الّتي لا تنبغي إلّا للَّه وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه. وهم وجه اللَّه الّذي قال: (فَأَينَما تُولُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللَّه).(15) هم بقيّة اللَّه يعني المهدي عليه السلام الّذي يأتي عند إنقضاء هذه النظرة فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ومن آياته الغيب والكتتام عند عموم الطغيان وحلول الإنتقام. ولو كان هذا الأمر الّذي عرّفتك نبأه للنبيّ صلى الله عليه وآله دون غيره، لكان الخطاب يدلّ على فعل ماضٍ غير دائم ولا مستقبل، ولقال: نزلت الملائكة وفرق كلّ أمر حكيم، ولم يقل: (تَنَزَّل الملائكةُ) و(يُفَرَقُ كلُّ أمرٍ حَكيم) - إلى آخر الحديث.(16) 853 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال اللَّه عزّ وجلّ في ليلة القدر: (فيها يُفرَقُ كلُّ أمرٍ حَكيم) يقول فيها كلّ أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم اللَّه عزّ وجلّ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأي أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، إنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الاُمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوي ذلك كلّ يوم من عِلم اللَّه عزّ ذِكره الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر، ثمّ قرأ: (ولَو أنّ ما في الأرضِ مِن شَجرةٍ أَقلام والبَحرُ يَمدّه مِن بَعدهِ سَبعةُ أَبحُرٍ ما نَفِدَت كلماتُ اللَّه إنّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيم.(17)،(18) الآية الثانية قوله تعالى: (يَومَ تَأتي السْماءُ بدُخانٍ مُبينٍ).(19) 854 - وروي عليّ بن إبراهيم في حديث له أنّ ذلك من علامات الساعة ويكون في الرجعة، فقد روي بإسناده عن أبي المهاجر، عن أبي جعفر عليه السلام قوله: (فارتقب) أي اصبر (يوم تأتي السماءُ بِدُخانٍ مُبين) قال: قال ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر.(20) الهوامش: (1) الدخان: 3 و4. (2) تفسير القمّيّ 290:2. (3) تفسير البرهان 487:4 ح 24. (4) فاطر: 24. (5) تفسير البرهان 4 : 484-384 ح 2. (6) الحجر: 94. (7) البقرة: 257. (8) الحديد: 23. (9) رواه في البرهان 4 : 484-384 ح 2. (10) المحجّة 203. (11) تفسير القمّيّ 290:2. (12) النساء: 80. (13) النساء: 59. (14) النساء: 83. (15) البقرة: 115. (16) تفسير البرهان 159:4 ح 5. (17) لقمان: 27. (18) عنه: تفسير البرهان 483:4 ح 4. (19) الدخان: 10. (20) تفسير القمّيّ 290:2. ****************** قصة الدجال وخروجه عند العامة روي الشيخ الصدوق من طريق العامّة قصّة ابن الصيّاد الّذي اختلف العامّة في أنّه الدجّال أو غيره ثمّ قال: إنّ أهل العناد والجحود يصدِّقون بمثل هذا الخبر، ويروونه في الدجال وغيبته وطول بقائه المدّة الطويلة، وبخروجه في آخر الزمان، ولا يصدِّقون بأمر القائم عليه السلام وأنّه يغيب مدّة طويلة ثمّ يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً بنصّ النبيّ والأئمّة بعده صلوات اللَّه عليهم وعليه باسمه وعينه ونسبه، وبإخبارهم بطول غيبته، إرادةً لاطفاء نوراللَّه، وإبطالاً لأمر وليّ اللَّه، ويأبي اللَّه الا أن يُتمّ نوره ولو كره المشركون. وكثر ما يحتجّون به في دفعهم لأمر الحجّة عليه السلام أنّهم يقولون: لم نروِ هذه الأخبار الّتي تروونها في شأنه ولا نعرفها، وكذا يقول من يجحد نبيّنا صلى الله عليه وآله من الملحدين، والبراهمة واليهود والنصاري: إنّه ما صح عندنا شيء مما تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها، فنعتقد بطلان أمره لهذه الجهة، ومتى لزمنا ما يقولون، لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهو كثر عدداً منهم! ويقولون أيضاً: ليس في موجب عقولنا أن يعمّر أحد في زماننا هذا عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان، فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل الزمان. فنقول لهم: أتصدِّقون على أنّ الدجّال في الغَيبة يجوز أن يعمِّر عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان وكذلك إبليس، ولا تصدِّقون بمثل ذلك لقائم آل محمّد صلى الله عليه وآله؟ مع النصوص الواردة فيه في الغَيبة، وطول العمر، والظهور بعد ذلك للقيام بأمر اللَّه عز وجل، وما روي في ذلك من الأخبار الّتي قد ذكرتها في هذا الكتاب، ومع ما صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: كلّ ما كان في الأمم السالفة يكون في هذه الاُمّة مثله، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، وقد كان فيمن مضي من أنبياء اللَّه عزّ وجلّ وحُججه عليهم السلام معمِّرون. أمّا نوح عليه السلام فإنّه عاش ألفَي سنة وخمسمائة سنة، ونطق القرآن بأنّه لَبثَ في قَومِهِ ألفَ سَنة إلّا خمسينَ عاماً؛ وقد روي في الخبر الّذي قد أسندته في هذا الكتاب أنّ في القائم سُنّةً من نوح، وهي طول العمر، فكيف يدفع أمره ولا يدفع ما يشبهه من الأمور الّتي ليس شيء منها في موجب العقول، بل لزم الاقرار بها لأنّها رويت عن النبيّ صلى الله عليه وآله. وهكذا يلزم الاقرار بالقائم عليه السلام من طريق السمع. وفي موجب أيّ عقل من العقول أنّه يجوز أن يلبث اصحاب الكهف ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً؟ هل وقع التصديق بذلك إلّا من طريق السمع، فلم لا يقع التصديق بأمر القائم عليه السلام أيضاً من طريق السمع؟! وكيف يصدِّقون بما يرد من الأخبار عن وهب بن منبّه وعن كعب الأحبار في الحالات الّتي لا يصحّ منها شيء في قول الرسول، ولا في موجب العقول، ولا يُصدِّقون بما يرد عن النبيّ والأئمّة عليهم السلام في القائم وغيبته، وظهوره بعد شك كثر الناس في أمره، وارتدادهم عن القول به، كما تنطق به الآثار الصحيحة عنهم عليهم السلام، هل هذا إلّا مكابرة في دفع الحقِّ وجحوده؟ وكيف لا يقولون: إنّه لمّا كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سنّة الأوّلين بالتعمير في أشهر الاجناس تصديقاً لقول صاحب الشريعة عليه السلام، ولا جنس أشهر من جنس القائم عليه السلام لأنّه مذكور في الشرق والغرب على ألسنة المقرِّين وألسنة المنكرين له، ومتى بطل وقوع الغَيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السلام مع الروايات الصحيحة عن النبيّ أنّه صلى الله عليه وآله أخبر بوقوعها به عليه السلام بطلت نبوّته، لأنّه يكون قد أخبر بوقوع الغَيبة بما لم يقع به، ومتى صحّ كذبه في شيء لم يكن نبيّاً. وكيف يصدق في أمر عمّار أنّه تقتله الفئة الباغية، وفي أمير المؤمنين عليه السلام أنّه تخضب لحيته من دم رأسه، وفي الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّه مقتول بالسّم، وفي الحسين بن عليّ عليهما السلام أنّه مقتول بالسيف، ولا يصدق فيما أخبر به من أمر القائم ووقوع الغَيبة به، والنصّ عليه باسمه ونسبه؟ بل هو صلى الله عليه وآله صادق في جميع أقواله مصيب في جميع أحواله، ولا يصح إيمان عبدٍ حتّى لا يجد في نفسه حرجاً مما قضي ويُسلِّم له في جميع الأمور تسليماً لا يخالطه شك ولا ارتياب، وهذا هو الإسلام، والإسلام هو الاستسلام والانقياد (ومَن يَبتغِ غَيرَ الإسلام دِيناً فلن يُقبَل مِنه وهو في الآخرة مِن الخاسِرين).(1) ومن أعجب العجب أنّ مخالفينا يروون انّ عيسي ابن مريم عليه السلام مرَّ بأرض كربلاء فرأي عدّة من الظباء هنك مجتمعة فأقبلت اليه وهي تبكي، وأنّه جلس وجلس الحواريون، فبكي وبكي الحواريون، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكي؟ فقالوا: يا روح اللَّه وكلمته ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا: لا، قال: هذه أرض يُقتل فيها فرخ الرسول أحمد، وفرخ الحرّة الطاهرة البتول شبيه أمّي ويلحد فيها، هي أطيب من المسك لأنّها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء، وهذه الظباء تكلّمني وتقول إنّها ترعي في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ المستشهد المبارك وزعمت أنّها آمنة في هذه الأرض. ثمّ ضرب بيده إلى بعر تلك الظباء فشمَّها وقال: اللهم أبقها أبداً حتّى يشمّها أبوه فتكون له عزاءً وسلوة، وأنّها بقيت إلى أيّام أمير المؤمنين عليه السلام حتّى شمَّها وبكي وأبكي، وأخبر بقصتها لما مرّ بكربلاء. فيصدِّقون بأنّ بعر تلك الظباء تبقي زيادة على خمسمائة سنة لم تغيِّرها الأمطار والرياح، ومرور الأيام والليالي والسنين عليها، ولا يصدِّقون بأنّ القائم من آل محمّد عليهم السلام يبقي حتّى يخرج بالسيف فيبير أعداء اللَّه ويظهر دين اللَّه، مع الأخبار الواردة عن النبيّ والأئمّة صلوات اللَّه عليهم بالنصِّ عليه باسمه ونسبه وغيبته المدّة الطويلة، وجري سنن الأوّلين فيه بالتعمير، هل هذا إلاَّ عناد وجحود للحق؟(2) سورة الجاثيه الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (قُل لِلَّذين آمَنوا يَغفِرُوا للّذين لَا يَرجُون أيّامَ اللَّه).(3) 855 - روي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: أيّام اللَّه المرجوّة ثلاثة: يوم قيام القائم عليه السلام، ويوم الكرّة، ويوم القيامة.(4) آل محمد هم أيام اللَّه 856 - روي أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ الصدوق طاب ثراه بإسناده عن الصقر بن أبي دلف، قال: لمّا حمل المتوكل سيّدنا أبي الحسن عليه السلام جئت لأسأل عن خبره، قال: فنظر إليّ حاجب المتوكل فأمر أن اُدخل إليه فاُدخلت إليه، فقال: ياصقر ما شأنك؟ فقلت: خير أيّها الاُستاذ، فقال: اقعد، قال الصقر: فأخذني ما تقدّم وما تأخّر وقلت: أخطأت في المجيء، قال: فوَحَي الناس عنه، ثمّ قال: ما شأنك وفيم جئت؟ قلت: لخبر ما، قال: لعلّك جئت تسأل عن خبر مولك؟ فقلت: ومن مولاي؟! مولاي أمير المؤمنين. فقال: اسكت، مولك هو الحقّ، لا تتحشّمني فإنّي على مذهبك. فقلت: الحمد للَّه. فقال: أتحبّ أن تراه؟ فقلت: نعم. فقال: اجلس حتّى يخرج صاحب البريد، قال: فجلست، فلمّا خرج قال لغلام له: خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة الّتي فيها العلوي المحبوس وخلّ بينه وبينه. قال: فأدخلني الحجرة، وأومأ إلى بيت، فدخلت فإذا هو عليه السلام جالس على صدر حصير وبحذاء قبر محفور، قال: فسلّمت فردّ عليّ السلام ثمّ أمرني بالجلوس فجلست، ثمّ قال لي: ياصقر ما أتي بك؟ قلت: يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك قال: ثمّ نظرت إلى القبر وبكيت، فنظر إليّ وقال: ياصقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء، فقلت: الحمد للَّه. ثمّ قلت: يا سيّدي حديث يروي عن انبيّ صلى الله عليه وآله لا أعرف معناه. قال: فما هو؟ قلت: قوله صلى الله عليه وآله: (لا تعادوا الأيّام فتعاديكم) ما معناه؟ فقال: نعم، الأيّام نحن، بنا قامت السماوات والأرض، فالسبت: اسم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، والأحد أمير المؤمنين، والإثنين الحسن والحسين، والثلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ الباقر وجعفر بن محمّد الصادق، والأربعاء موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا، والخميس ابني الحسن، والجمعة ابن ابني، وإليه تجتمع عصابة الحقّ، وهو الّذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً فهذا معني الأيّام، ولا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة. ثمّ قال عليه السلام: ودّع واخرج فلا آمن عليك.(5) سورة الاحقاف الآية الاولى قوله تعالى: (حم - تنزيلُ الكتابِ مِن اللَّهِ العَزيزِ الحكيم - ما خَلَقنا السمواتِ والأرضَ وما بَيَنهما إلَّا بالحقِّ وأجَلٍ مُسمَّي والَّذين كفَروا عمّا أُنذِروا مُعرِضُون - قُل أرءيتُم ما تَدعُون مِن دُون اللَّه أَرُوني ماذا خَلَقُوا من الأرض أم لَهُم شِرك في السَّمواتِ ائتُوني بكتابٍ مِن قَبلِ هذا أو أَثارةِ من عِلمٍ إن كنتم صادقين- ومن أضلُّ ممَّن يدعوا مِن دونِ اللَّه مَن لا يستجيبُ لَهُ إلى يوم القيامة وهُم عن دُعآئهم غَافِلون - وإذا حُشِرَ الناسُ كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين).(6) 857 - روي العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدس سره عن سعد بن عبد اللَّه الأشعريّ، عن الشيخ الصدوق، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ رحمه الله: أنّه جاء بعض أصحابنا يعلم أنّ جعفر بن عليّ كتب إليه كتاباً يعرّفه نفسه، ويعلمه أنّه القيّم بعد أخيه، وأنّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، وغير ذلك من العلوم كلّها. قال أحمد بن إسحاق: فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام وصيّرت كتاب جعفر درجه، فخرج إليّ الجواب في ذلك: بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم أتاني كتابك أبقك اللَّه والكتاب الّذي أنفذت درجه، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه على اختلاف ألفاظه، وتكرّر الخطأ فيه، ولو تدبّرتَه لوقفتَ على بعض ما وقفتُ عليه منه، والحمد للَّه ربّ العالمين حمداً لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا، أبي اللَّه عزّ وجلّ للحقّ إلّا إتماماً، وللباطل إلّا زهوقاً، وهو شاهد عليّ بما أذكره، ولي عليكم بما أقوله، إذا اجتمعنا اليومَ الّذي لا ريب فيه، ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون. وإنّه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمّة، وساُبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء اللَّه. يا هذا يرحمك اللَّه، إنّ اللَّه تعالى لم يخلق الخلق عبثاً، ولا أهملهم سُديً، بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً وألباً، ثمّ بعث النبيّين عليهم السلام مبشّرين ومنذرين، يأمرونهم بطاعته وينهَونهم عن معصيته، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتاباً وبعث إليهم ملائكة، وباين بينهم وبين مَن بعثهم إليهم بالفضل الّذي جعله لهم عليهم، وما آتاهم اللَّه من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة، والآيات الغالبة، فمنهم: من جعل النار عليه برداً وسلاماً واتّخذه خليلاً،ومنهم:من كلّمه تكليماً وجعل عصاه ثعباناً مبيناً،ومنهم:من أحيي الموتي بإذن اللَّه وأبرأ الكمه والأبرص بإذن اللَّه، ومنهم من علّمه منطق الطير واُوتي من كلّ شيء. ثمّ بعث محمّدصلى الله عليه وآله رحمةً للعالمين وتمّم به نعمته، وختم به أنبياءه، وأرسله إلى الناس كافّة، وأظهر من صدقه ما أظهره، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن، ثمّ قبضه صلى الله عليه وآله حميداً فقيداً سعيداً، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن عمّه ووصيّه ووارثه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ إلى الأوصياء من ولده واحداً بعد واحد، أحيي بهم دينه، وأتمّ بهم نوره، وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمّهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقاً بيّناً، تعرف به الحُجّة من المحجوج، والإمام من المأموم، بأن عصمهم من الذنوب، وبرّأهم من العيوب، وطهّرهم من الدنس، ونزّههم من اللبس، وجعلهم خزّان علمه، ومستودع حكمته، وموضع سرّه، وأيّدهم بالدلائل، ولولا ذلك لكان الناس على سواء، ولأدّعي أمر اللَّه عزّ وجلّ كلّ أحد، ولما عرف الحقّ من الباطل، ولا العلم من الجاهل. وقد ادّعي هذا المبطل المدّعي على اللَّه الكذب بما ادّعاه، فلا أدري بأيّة حالة هي له، رجا أن يتمّ دعواه، بفقهٍ في دين اللَّه؟ فواللَّه ما يعرف حلالاً من حرام ولا يفرّق بين خطأ وصواب، أم بعلمٍ؟! فما يعلم حقّاً من باطل، ولا مُحكماً من متشابه، ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها، أم بورعٍ؟! فاللَّه شهيد على تركه الصلاة الفرض (أربعين يوماً) يزعم ذلك لطلب الشعوذة، ولعلّ خبره تأدّي إليكم، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة، وآثار عصيانه للَّه عزّ وجلّ مشهورة قائمة، أم بآيةٍ فليأت بها، أم بحجّة؟ فليُقمها، أم بدلالة؟ فليذكرها. قال اللَّه عزّ وجلّ في كتابه: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم حم تنزيلُ الكتابِ مِن اللَّه العَزيزِ الحكيم - ما خَلَقنَا السمواتِ والأرضَ وما بَينَهما إلّا بالحقِّ وأَجَلٍ مُسمّي والّذين كفَروا عَمّا اُنذِروا مُعرِضون - قُل أرأيتم ما تَدعُون مِن دُون اللَّه أرُوني ماذا خَلَقوا من الأرضِ أم لهم شِرك في السموات ائتُوني بِكتابٍ مِن قَبل هذا أو أثارَةٍ مِن عِلم إن كنتُم صادقين - ومَن أضلُّ مِمَّن يدعو مِن دُون اللَّه مَن لا يستجيبُ لَه إلى يومِ القِيامة وهُم عن دُعائهم غافلون - وإذا حُشِر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين). فالتمس تولّي اللَّه توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك، وامتحنه واسأله عن آية من كتاب اللَّه يفسّرها، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لك عواره ونقصانه، واللَّه حسيبه. حفظ اللَّه الحقّ على أهله، وأقرّه في مستقرّه، وأبي اللَّه عزّ وجلّ أن يكون الإمامة في الأخوَين إلّا في الحسن والحسين، وإذا أذِنَ اللَّه لنا في القول ظهر الحقّ واضمحلّ الباطل، وانحسر عنكم، وإلي اللَّه أرغب في الكفاية، وجميل الصنع والولاية، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل، وصلّي اللَّه على محمّد وآل محمّد.(7) قوله عزّ وجلّ: (إنّ الّذين قالوا ربُّنا اللَّه ثمّ استَقاموا فلا خَوفٌ عليهم ولا هُم يَحزَنون).(8) 858 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (الّذين قالوا ربّنا اللَّه ثمّ استقاموا) فقال عليه السلام: استقاموا على الأئمّة واحداً بعد واحد تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون.(9) سورة محمد الآية الاولى قوله سبحانه: (والّذين اهتَدوا زادَهم هديً وآتاهم تَقواهُم).(10) 859 - روي شرف الدّين مرفوعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسي، عن محمّد الحلبي، قال: قرأ أبو عبد اللَّه عليه السلام: (فهل عَسَيتم إن تولّيتم) وسلطتم وملكتم (أن تُفسِدُوا في الأرض وتُقَطّعوا أرحامَكم)(11) ثمّ قال: نزلت هذه الآية في بني عمّنا بني عبّاس وبني اُميّة. ثمّ قرأ: (اُولئك الّذين لَعَنَهم اللَّهُ فأصَمَّهم وأعمي أَبصارَهم) عن الوحي، ثمّ قرأ: (إنّ الّذين ارتَدّوا على أدبارِهم) بعد ولاية عليّ (مِن بعد ما تبيّن لهم الهُدي الشّيطانُ سَوَّلَ لَهُم وأَملي لهم). ثمّ قرأ: (والّذين اهتَدَوا) بولاية عليّ عليه السلام (زادَهم هُديً) حيث عرَّفهم الأئمّة من بعده والقائم عليه السلام من بعده (وآتاهم تقواهم) أماناً من النار.(12) الآية الثانية قوله تعالى: (فهل يَنظُرُونَ إلّا الساعةَ أن تَأتِيَهم بَغتةً فقد جاءَ أشراطُها).(13) الهوامش: (1) آل عمران: 85. (2) كمال الدّين 2 : 532-529. (3) الجاثية: 14. (4) تفسير البرهان 168:4 ح 2. (5) كمال الدّين 382:2 ح 2. (6) الاحقاف: 6-1. (7) الإحتجاج 2 : 469-468. (8) الأحقاف: 13. (9) الكافي 420:1 ح 40. (10) محمّد: 17. (11) محمّد: 22. (12) تأويل الآيات 585:2؛ بحار الأنوار 320:24. (13) محمّد: 18. ****************** اشراط الساعة 860 - روي عليّ بن إبراهيم بإسناده من طريق العامّة، عن عطاء بن أبي رياح، عن عبد اللَّه بن عبّاس، قال: حججنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حجّة الوداع، فأخذ بحلقة باب الكعبة، ثمّ أقبل بوجهه فقال: ألا أُخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدني الناس يومئذ سلمان رحمة اللَّه عليه، فقالوا: بلي يا رسول اللَّه، فقال: من أشراط الساعة إضاعة الصلاة واتّباع الشهوات والميل إلى الأهواء وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدّين بالدنيا، فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح بالماء ممّا يري من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره. قال: قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، إنّ عنده أُمراء جورة، ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة، واُمناء خونة، فقال سلمان: وإنّ ذلك لكائن يا رسول اللَّه؟ فقال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، إنّ عندها يكون المنكر معروفاً والمعروف منكراً ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين ويُصدَّق الكاذب ويُكذَّب الصادق. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده، فعندها يكون امارة النساء ومشاورة الإماء وقعود الصبيان على المنابر، ويكون الكذب ظرفاً (طرفاً - خ)، والزكاة مغرماً، والفيئ مغنماً، ويجفو الرجل والديه، ويبرّ صديقه، ويطلع الكوكب المذنّب، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قيظاً، وتغيظ الكرام غيظاً، ويحتقر الرجل المعسر، فعندها لا تقارب الأسواق إلّا إذا قال هذا لم أبع شيئاً، وقال هذا: لم أربح، فلا تري إلّا ذامّاً للَّه. فقال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، فعندها تليهم أقوام إن تكلّموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوهم، ليستأثرون بفيئهم، وليطؤن حرمتهم، وليسفكنّ دمائهم، ولتملأنّ قلوبهم دغلاً ورعباً، فلا تراهم إلّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، إنّ عندها يؤتي بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون اُمّتي، فالويل لضعفاء متى منهم، فالويل لهم من اللَّه، لا يرحمون صغيراً ولا يوقّرون كبيراً ولا يتجاوزون عن مسيئ، جثّتهم جثّة الآدميّين، وقلوبهم قلوب الشياطين. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وعندها يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، ويركبن ذوات الفروج السروج، فعليهنّ من متى لعنة اللَّه. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، إنّ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البِيَعُ والكنائس، وتحلّي المصاحف، وتطوّل المنارات، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وإنّ عندها تحلّي ذكور متى بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج، ويتّخذون جلود النمور صفاقاً. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وعندها يظهر الربا، ويتعاملون بالعينة والرشا، ويوضع الدّين وترفع الدنيا. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وعندها يكثر الطلاق، فلا يُقام للَّه حدّ، ولن يضرّ اللَّه شيء. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: أي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وعندها تظهر القينات والمعازف، ويَليهم شرار اُمّتي. قال سلمان: وانّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وعندها تحجّ أغنياء متى للنزهة، وتحجّ أوساطها للتجارة، وتحجّ فقراؤها للرياء والسمعة، فعندها يكون أقوام يتعلّمون القرآن لغيراللَّه، فيتّخذونه مزامير، ويكون أقوام يتفقّهون لغير اللَّه، وتكثر أولاد الزنا، يتغنّون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، ذلك إذا انتهكت المحارم وكتسبت المآثم، وتسلّط الأشرار على الأخيار، ويفشو الكذب، وتظهر اللجاجة، ويغشي العاقل (وفي نسخة: ويفشو الفاقة) ويتباهون في اللباس، ويُمطرون في غير أوان المطر، ويستحسنون الكوبة والمعازف، وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلّ من الاُمّة، ويظهر قرّائهم وعبّادهم فيما بينهم التلاوم، فاُولئك يُدعَون في ملكوت السماوات الأرجاس الأنجاس. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، فعندها لا يخشي الغنيّ إلّا الفقر، حتّى إنّ السائل يسأل فيما بين الجمعتَين لا يصيب أحداً يضع في كفّه شيئاً. قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول اللَّه؟ قال: اي والّذي نفسي بيده ياسلمان، وعندها يتكلّم الرويبضة. قال سلمان: وما الرويبضة يا رسول اللَّه؟ فِدك أبي واُمّي. قال: يتكلّم في أمر العامة مَن لم يكن يتكلّم، فلم يلبثوا إلّا قليلاً حتّى تخور الأرض، فلا يظنّ كلّ قوم إلّا أنّها خارت في ناحيتهم، فيمكثون ما شاء اللَّه، ثمّ يمكثون في مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها، قال: ذهب وفضّة، ثمّ أومي بيده إلى الأساطين فقال: مثل هذا، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة، وهذا معني قوله: (فَقَد جاءَ أشراطُها).(1) 861 - روي النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهُردي(2) العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهم السلام إن شاء اللَّه عزّ وجلّ، إنّ اللَّه عزيز حكيم. ثمّ قال: الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان شهر اللَّه، وهي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق. ثمّ قال: ينادي منادٍ من السماء باسم القائم عليه السلام، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقي راقد إلّا استيقظ، ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم اللَّه مَن اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين. وقال عليه السلام: الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي: ألا انّ فلاناً قُتل مظلوماً، ليشكك الناس ويفتنهم، فكم ذلك اليوم من شك متحيّر قد هوي في النار. وإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا أنّه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في خدرها فتحرّض أباها وأخاها على الخروج. وقال عليه السلام: لابدّ من هذين الصوتَين قبل خروج القائم عليه السلام: صوت من السماء وهو صوت جبرئيل، وصوت من الأرض فهو صوت إبليس اللعين، ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوماً يريد الفتنة، فاتّبعوا الصوت الأوّل، وإيّكم والأخير أن تفتتنوا به. وقال عليه السلام: لا يقوم القائم إلّا على خوف شديد من الناس، وزلازل، وفتنة، وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد بين الناس، وتشتيت في دينهم، وتغيير في حالهم، حتّى يتمنّي المتمنّي الموت صباحاً ومساءً، من عِظم ما يري من كلَب الناس وكل بعضهم بعضاً. فخروجه عليه السلام إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجاً، فيا طوبي لمن أدركه وكان من أنصاره، والويل لمن ناواه وخالفه، وخالف أمره، وكان من أعدائه. وقال عليه السلام: يقوم بأمر جديد، وكتاب جديد، وسنّة جديدة، وقضاء جديد، على العرب شديد، وليس شأنه إلّا القتل، لا يستبقي أحداً، ولا يأخذه في اللَّه لومة لائم. ثمّ قال عليه السلام: إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم، فعند ذلك فانتظروا الفرج، وليس فرجكم إلّا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا فتوقّعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم؛ إنّ اللَّه يفعل ما يشاء، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبّون حتّى يختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة وخرج السفياني. وقال: لابدّ لبني فلان أن يملكوا، فإذا ملكوا ثمّ اختلفوا تفرّق ملكهم وتشتّت أمرهم حتّى يخرج عليهم الخراسانيّ والسفيانيّ، هذا من المشرق وهذا المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسَي رهان: هذا من هنا، وهذا من هنا، حتّى يكون هلك بني فلان على أيديهما، أما إنّهما لا يبقون منهم أحداً. ثمّ قال عليه السلام: خروج السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، ونظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون اليأس من كلّ وجه، ويل لمن ناواهم. وليس في الرايات أهدي من راية اليمانيّ هي راية هدي لأنّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرّم بيع السلاح على الناس وكلّ مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فانّ رايته راية هدي، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل فهو من أهل النار، لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلي طريق مستقيم. ثمّ قال لي: إنّ ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار، وكرجل كانت في يده فخارة وهو يمشي إذ سقطت من يده وهو ساهٍ عنها فانكسرت، فقال حين سقطت: هاه - شبه الفزع، فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه. وقال أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة: إنّ اللَّه عزّ وجلّ ذِكره قدّر فيما قدّر وقضي بأنّه كائن لابدّ منه، أخذ بني اُميّة بالسيف جهرةً، وأن أخذ بني فلان بغتة. وقال عليه السلام: لابدّ من رحي تطحن، فإذا قامت على قطبها وثبتت على ساقها، بعث اللَّه عليها عبداً عسفاً خاملاً أصله، يكون النصر معه، أصحابه الطويلة شعورهم، أصحاب السِبال، سود ثيابهم، أصحاب رايات سود، ويل لمن ناواهم يقتلونهم هرجاً. واللَّهِ لكأ نّي أنظر إليهم وإلي أفعالهم، وما يلقي من الفجّار منهم والأعراب الجفاة يسلّطهم اللَّه عليهم بلا رحمة، فيقتلونهم هرجاً على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية والبحرية جزاءً بما عملوا، وما ربّك بظلّام للعبيد.(3) 862 - روي الطيالسيّ بإسناده عن قتادة، عن أنس قال: حديثاً سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لا يحدّثكموه أحد سمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بعدي، سمعته يقول: إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا، ويقلّ الرجال ويكثر النساء، حتّى يكون في خمسين امرأة القيّم الواحد.(4) 863 - روي العلّامة ابن ميثم البحرانيّ مرسلاً عن عليّ عليه السلام من خطبة خطبها عليه السلام في البصرة بعد ما فتحها، روي أنّه لما فرغ من حرب الجمل أمر منادياً ينادي في أهل البصرة أنّ الصلاة جامعة لثلاثة أيّام من غدٍ إن شاء اللَّه، ولا عذر لمن تخلّف إلّا من حجّة أو علّة، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً، فلمّا كان في اليوم الّذي اجتمعوا فيه، خرج فصلّي في الناس الغداة في المسجد الجامع، فلمّا قضي صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلّي فخطب الناس، فحمد اللَّه وأثني عليه بما هو أهله وصلّي على انبيّ صلى الله عليه وآله واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، ثمّ قال: يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثاً وعلي اللَّه تمام الرابعة. ياجُند المرأة وأعوان البهيمة، رغا فأجبتم، وعُقر فهربتم (فانهزمتم)، أخلاقكم دقاق، وماؤكم زعاق، بلادكم أنتن بلاد اللَّه تربة، وأبعدها من السماء، بها تسعة أعشار الشرّ، المحتبس فيها بذنبه، والخارج منها بعفو اللَّه، كأ نّي أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبّقها الماء حتّى ما يُري منها إلّا شُرَف المسجد كأنّه جؤجؤ طير في لجّة بحر. فقام إليه الأحنف بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك؟ قال: ياأبا بحر، إنّك لن تدرك ذلك الزمان، وإنّ بينك وبينه لقروناً، ولكن ليبلّغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلّغوا إخوانهم إذا هم بلغوا البصرة قد تحوّلت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً، فالهرب الهرب فانّه لا بصيرة لكم يومئذ. ثمّ التفت عن يمينه فقال: كم بينكم وبين الأبلة؟ فقال له المنذر بن الجارود: فدك أبي واُمّي أربعة فراسخ. قال له: صدقت، فوالّذي بعث محمّداً وكرمه بالنبوّة وخَصَّهُ بالرسالة وعجّل بروحه إلى الجنّة، لقد سمعت منه كما تسمعون منّي أن قال: ياعليّ هل علمت أنّ بين الّتي تسمّي البصرة والّتي تسمّي الأبلة أربعة فراسخ، وقد يكون في الّتي تسمّي الأبلة موضع أصحاب العشور، يقتل في ذلك الموضع من متى سبعون ألفاً، شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر. فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فدك أبي واُمّي؟ قال: يقتلهم إخوان الجنّ، وهم جيل كأنّهم الشياطين سود ألوانهم، منتنة أرواحهم، شديد كلَبهم، قليل سلبهم، طوبي لمن قتلهم وطوبي لمن قتلوه، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم فهم أذلّة عند المتكبّرين من أهل ذلك الزمان، مجهولون في الأرض، معروفون في السماء، تبكي السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها، ثمّ هملت عيناه بالبكاء ثمّ قال: ويحك يابصرة من جيش لا هرج له ولا حسّ. قال له المنذر: يا أمير المؤمنين وما الّذي يصيبهم من قبل الغرق ممّا ذكرت، وما الويح، وما الويل؟ فقال: هما بابان، فالويح باب الرحمة، والويل باب العذاب، يابن الجارود نعم، ثارات عظيمة، منها عصبة يقتل بعضها بعضاً، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهك أموال، وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحاً، ياويل أمرهنّ، حديث عجب، منها أن يستحلّ بها الدجّال الكبر الأعور الممسوح العين اليمني والاُخري كأنّها ممزوجة بالدم، لكأنّها في الحمرة علقة، ناتي ء الحدقة كهيئة حبّة العنب الطافية على الماء، فيتبعه من أهلها عدّة من قتل بالأبلة من الشهداء، أناجيلهم في صدورهم، يقتل من يقتل، ويهرب من يهرب، ثمّ رجف، ثمّ قذف، ثمّ خسف، ثمّ مسخ، ثمّ الجوع الأغبر، ثمّ الموت الأحمر وهو الغرق. يامنذر، إنّ للبصرة ثلاثة أسماء سوي البصرة في الزبر الأوّل لا يعلمها إلّا العلماء، منها الخريبة، ومنها تدمر، ومنها المؤتفكة. يامنذر، والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة، ومتى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة، وانّ عندي من ذلك علماً جمّاً، وان تسألوني تجدوني به عالماً لا اُخطئ منه علماً.(5) 864 - وروي السيّد ابن طاووس رحمه الله من كتاب ثواب الأعمال، بالإسناد عن حذيفة بن اليمان، عن جابر الأنصاريّ، عن انبيّ صلى الله عليه وآله: أنّه كان ذات يوم جالساً بين أصحابه إذ هبط عليه جبرئيل عليه السلام، فقال له: السلام يقرئك السلام، ويخصّك بالتحيّة والكرام بالإسلام. فقال له انبيّ صلى الله عليه وآله: ياأخي جبرئيل وما الإسلام؟ قال: هي الخمسة الأنهر: سيحون وجيحون والفراتان ونيل مصر، وقد جعلت هذه الخمسة الأنهر لك ولأهل بيتك وشيعتك، ويقول: وعزّتي وجلالي كلّ من شرب منها قطرة واحدة، وقام الخلائق للحساب يوم الحساب لن اُدخل الجنّة أحداً إلّا من رضيت عنه وجعلته من مائها في حلٍ، فعند ذلك تهلّل وجه انبيّ صلى الله عليه وآله وقال: ياأخي لوجه ربّي الحمد والشكر. فقال له جبرئيل: اُبشّرك يا رسول اللَّه بالقائم من ولدك، لا يظهر حتّى يملك الكفّار الخمسة الأنهر، فعند ذلك ينصر اللَّه أهل بيتك على أهل الضلال، ولم يرفع لهم راية أبداً إلى يوم القيامة، فسجد انبيّ صلى الله عليه وآله شكراً للَّه، وأخبر المسلمين، وقال لهم: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ. فسُئل عن ذلك فقال: هي الخمسة الأنهر الّتي جعلها اللَّه لنا أهل البيت، وهي: سيحون وجيحون والفراتان ونيل مصر، إذا ملكت الكفّار الخمسة الأنهر، ملك الإسلام شرقاً وغرباً، وذلك الوقت ينصر اللَّه أهل بيتي على أهل الضلال، ولم يرفع اللَّه لهم راية أبداً إلى يوم القيامة.(6) 865 - روي في إرشاد القلوب مرسلاً، قال: صلّي بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله من غلس، فنادي رجل: متى الساعة يا رسول اللَّه؟ فزجره، حتّى إذا أسفرنا رفع طرفه إلى السماء فقال: تبارك خالقها وواضعها وممهّدها ومحلّيها بالنبات، ثمّ قال: أيّها السائل عن الساعة، تكون عند خُبث الاُمراء، ومداهنة القرّاء، ونفاق العلماء، وإذا صدّقت متى بالنجوم وكذّبت بالقدر، ذلك حين يتّخذون الأمانة مغنماً، والصدقة مغرماً، والفاحشة إباحة، والعبادة تكبّراً وإستطالة على الناس.(7) 866 - رواه الطبرانيّ بإسناده عن عوف بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: كيف أنت ياعوف إذا افترقت هذه الاُمّة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنّة وسائرهنّ في النار. قلت: ومتى ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: إذا كثرت الشرط وغلبت الإماء، وقعدت الحملان على المنابر، واتُّخذ القرآن مزامير، وزُخرفت المساجد ورفعت المنابر، واتّخذ الفي ء دولاً، والزكاة مغرماً، والأمانة مغنماً، وتُفقّه في الدّين لغير اللَّه، وأطاع الرجل امرأته وعقّ اُمّه وأقصي أباه، ولعن آخر هذه الاُمّة أوّلها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وكرم الرجل اتّقاء شرّه، فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس يومئذ إلى الشام يعصمهم من عدوّهم. قلت: وهل يفتح الشام؟ قال: نعم وشيكاً، ثمّ تقع الفتن بعد فتحها، ثمّ تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثمّ يتبع الفتن بعضها بعضاً، حتّى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي، فإن أدركته فاتّبعه وكن من الشكرين.(8) 867 - روي الطيالسيّ بإسناده عن حذيفة بن أسيد الغفاري من أهل الصفّة، قال: اطّلع علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ونحن نتذكر الساعة، فقال: انّ الساعة لا تقوم حتّى يكون عشر آيات: الدخان والدجّال والدابّة وطلوع الشمس من مغربها، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونزول عيسي ابن مريم، وفتح يأجوج ومأجوج، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر. 868 - روي عنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: بُعثت أنا والساعة كهاتين.(9) 869 - روي الحافظ جلال الدّين السيوطيّ في الآية الكريمة، قال: أخرج عبد ابن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: (فَقَد جاءَ أشراطُها) قال: دنت الساعة.(10) 870 - قال: وأخرج البخاريّ عن سهل بن مسعود رضي الله عنه، قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: باصبَعيه هكذا، الوسطي والّتي تليها: بُعثت أنا والساعة كهاتَين.(11) 871 - وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاريّ ومسلم وابن مردَويه عن أنس، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: إنّ من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويظهر الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا ويقلّ الرجال ويكثر النساء حتّى يكون على خمسين امرأة قيّم واحد.(12) 872 - وأخرج البخاري عن أبي هريرة: أنّ أعرابياً سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال: متى الساعة؟ فقال: إذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: يا رسول اللَّه وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.(13) 873 - وأخرج ابن مردَويه عن أبي هريرة، قال: أتي رجل فقال: يا رسول اللَّه متى الساعة؟ قال: ما السائل بأعلم من المسؤول. قال: فلو علمتنا أشراطها. قال: تقارب الأسواق، قلت: وما تقارب الأسواق؟ قال: أن يشكو الناس بعضهم إلى بعض قلّة أصابتهم، ويكثر ولد البغي وتفشو الغَيبة، ويعظم ربّ المال، وترتفع أصوات الفسّاق في المساجد، ويظهر أهل المنكر، ويظهر البناء.(14) 874 - وأخرج ابن مردويه والديلميّ عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: من أشراط الساعة سوء الجوار وقطيعة الأرحام، وأن يعطّل السيف من الجهاد، وأن ينتحل الدنيا بالدين.(15) 875 - وأخرج أحمد عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: لن تذهب الدنيا حتّى تصير للكع بن لكع.(16) 876 - وأخرج أحمد والبخاريّ وابن ماجة عن عمرو بن تغلب، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: إنّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر، وانّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً عراض الوجوه كأنّ وجوههم المجان المطرقة.(17) 877 - وأخرج أحمد والبخاريّ ومسلم وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: يكون بين يَديّ أيّام فيرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج.(18) 878 - وأخرج عبدالرزاق في المصنّف عن عبد اللَّه بن ربيب الجنديّ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ياأبا الوليد، ياعبادة بن الصامت إذا رأيت الصدقة كتمت وغلت، واستؤجر في الغزو وعمر الخراب، وخرب العامر، والرجل يتمرّس بأمانته كما يتمرّس البعير بالشجرة فانّك والساعة كهاتين، وأشار باصبعه السبابة والّتي تليها.(19) 879 - وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أنس، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: لا تقوم الساعة حتّى يتباهي الناس في المساجد.(20) 880 - وأخرج أحمد والترمذيّ عن أنس: أنّ انبيّ صلى الله عليه وآله قال: لا تقوم الساعة حتّى يتقارب الزمان فيكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالضرمة بالنار.(21) الهوامش: (1) تفسير القمّيّ 2 : 307-302؛ تفسير البرهان 183:4 ح 1. (2) الهُرديّ: المصبوغ بالهُرد وهو الكركم الأصفر وطين أحمر؛ يعني ناراً تشبه الهرديّ من حيث لونها الأصفر أو الأحمر. (3) الغَيبة للنعمانيّ 257-253 ح 13؛ بحار الأنوار 230-52. (4) مسند الطيالسيّ 266 ح 1984. (5) شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحرانيّ 1 : 290-289 الخطبة 13. (6) التشريف بالمنن 368. (7) إرشاد القلوب 67:1. (8) المعجم الكبير للطبرانيّ 51:18 ح 91. (9) مسند أحمد 3 : 124-123. (10) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (11) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (12) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (13) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (14) تفسير الدرّ المنثور 6: 51-50. (15) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (16) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (17) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (18) تفسير الدرّ المنثور 6 : 51-50. (19) تفسير الدرّ المنثور 51:6. (20) تفسير الدرّ المنثور 51:6. (21) تفسير الدرّ المنثور 51:6. ****************** 913 - روي البرسيّ بالإسناد عن علقمة بن قيس، قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها: وإنّي ظاعنٌ عن قريب، ومنطلقٌ إلى المغيب، فارتقبوا الفتنة الاُمويّة، والمملكة الكسرويّة، وإماتة ما أحياه اللَّه، وإحياء ما أماته اللَّه، واتّخذوا صوامعكم بيوتكم، وعضّوا على مثل جمر الغضا، واذكروا اللَّه كثيراً، فذِكره كبر لو كنتم تعلمون. ثمّ قال: وتُبني مدينة يقال لها الزوراء، بين دجلة ودجيل والفرات، فلو رأيتموها مشيّدة بالجصّ والآجر، مزخرفة بالذهب والفضّة، واللازورد والمرمر والرخام، وأبواب العاج، والخيم، والقباب، والستارات، وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر والشب، وشيّدت بالقصور، وتوالت عليها ملك بني شيصبان أربعة وعشرون ملكاً، فيهم السفّاح، والمقلاص، والجموح، والخدوع، والمظفّر، والمؤنّث، والنظار، والكبش، والمهتور، والعثار، والمصطلم، والمستصعب، والعلّام، والرهبانيّ، والخليع، والسيار، والمترف، والكديد، والكثب، والمسرف، والكلب، والوسيم، والصيلام، والعينوق. وتعمل القبّة الغبراء، ذات الفلاة الحمراء، وفي عقبها قائم الحقّ يسفر عن وجهه بين الأقاليم، كالقمر المضيئ بين الكوكب الدِّريَّة. ألا وإنّ لخروجه علامات عشرة: أوّلها طلوع الكوكب ذي الذنب، ويقارب من الحادي، ويقع فيه هرج ومرج وشغب، وتلك علامات الخصب. ومن العلامة إلى العلامة عجب، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذك، ظهر القمر الأزهر، وتمّت كلمة الإخلاص للَّه على التوحيد.(1) 914 - روي في التهذيب عن سالم أبي خديجة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سأله رجل وأنا أسمع فقال: إنّي اُصلّي الفجر ثمّ أذكر اللَّه بكلّما اُريد أن أذكره ممّا يجب عليّ، فاُريد أن أضع جَنبي فأنام قبل طلوع الشمس فكره ذلك، قال: ولِمَ؟ قال: كره أن تطلع الشمس من غير مطلعها، قال: ليس بذلك خفاء، اُنظر من حيث يطلع الفجر، فمن ثمّ تطلع الشمس، ليس عليك مِن حرج أن تنام إذا كنت قد ذكرتَ اللَّه.(2) 915 - وروي في كتاب سرور أهل الإيمان عن السيّد عليّ بن عبدالحميد، بإسناده عن جابر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: الزم الأرض ولا تحرّك يداً ولا رجلاً حتّى تري علامات أذكرها لك، وما أرك تُدرك ذلك: اختلاف بين العباد، ومنادٍ ينادي من السماء، وخسف في قرية من قري الشام بالجابية، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة، واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام ويكون سبب ذلك اجتماع ثلاث رايات فيه: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفيانيّ.(3) سوره الفتح الآية الاولى قوله تعالى: (إنّ الّذين يُبايِعونَك إنّما يُبَايِعُون اللَّهَ يَدُاللَّهِ فَوقَ أَيدِيهم).(4) البيعة للقائم 916 - روي المفضّل بن عمر في حديث ظهور الإمام الحجّة عليه السلام، قال الصادق عليه السلام: يامفضّل يسند القائم عليه السلام ظهره إلى الحرم، ويمدّ يده فتُري بيضاء من غير سوء، ويقول: هذه يد اللَّه، وعن اللَّه، وبأمر اللَّه، ثمّ يتلو هذه الآية: (إنّ الّذين يُبايِعُونَك إنّما يُبَايِعُون اللَّهَ يدُاللَّهِ فَوقَ أيديهم فَمَن نَكثَ فإنّما يَنكثُ على نَفسِه) الآية. فيكون أوّل من يقبّل يده جبرئيل عليه السلام، ثمّ يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجنّ، ثمّ النقباء، ويصبح الناس بمكة فيقولون: مَن هذا الرجل الّذي بجانب الكعبة؟ وما هذ الخلق الّذين معه؟ وما هذه الآية رأيناها الليلة ولم تُر مثلها؟ - الحديث.(5) 917 - أسند المفيد في إرشاده إلى الصادق عليه السلام: ينادي باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشورا يوم السبت بين الركن والمقام، جبرئيل عن يمينه ينادي: (البيعة للَّه تعالي) فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تُطوي لهم طيّاً حتّى يبايعوه فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً.(6) 918 - روي النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: يقوم القائم عليه السلام في وتر من السنين، تسع، واحدة، ثلاث، خمس - إلى أن قال عليه السلام: - واختلف أهل الشرق وأهل الغرب نعم وأهل القبلة، ويلقي الناس جهد شديد ممّا يمرّ بهم من الخوف - فلا يزالون بتلك الحالة حتّى ينادي منادٍ من السماء، فإذا نادي فالنفر النفر. فواللَّه لكأ نّي أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس...الحديث.(7) 919 - روي السيّد الجليل ابن طاووس أعلا اللَّه مقامه فيما ذكره نعيم بإسناده عن نوف البكاليّ، قال: في راية المهدي مكتوب: البيعة للَّه.(8) 920 - روي السيّد ابن طاووس رحمه الله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطب أمير المؤمنين عليّ عليه السلام خطبة، فذكر المهدي وخروج مَن يخرج معه وأسمائهم، فقال له أبو خالد الكابليّ: صِفه لنا يا أمير المؤمنين. فقال عليّ عليه السلام: ألا إنّه أشبه الناس خلقاً وخُلقاً وحسناً برسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ألا أدلّكم على رجاله وعددهم؟ قلنا: بلي يا رسول اللَّه. قال عليه السلام: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: أوّلهم من البصرة، وآخرهم من اليمامة؛ وجعل عليّ عليه السلام يعدّد رجال المهدي، والناس يكتبون، فقال: رجلان من البصرة.. في حديث طويل في آخره: ورجل من اليمامة. قال عليه الصلاة والسلام: أحصاهم لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أصحاب بدر يجمعهم اللَّه من مشرقها إلى مغربها في أقلّ ممّا يتمّ الرجل عشاءه عند بيت اللَّه الحرام، فبينا أهل مكة كذلك فيقولون أهل مكة: قد كبسنا السفيانيّ، فيشرفون أهل مكة. فينظرون إلى قوم حول بيت اللَّه الحرام، وقد انجلي عنهم الظلام ولاح لهم الصبح وصاح بعضهم ببعض النجاح، وأشرف الناس ينظرون وقرّاؤهم يفكرون. قال أمير المؤمنين عليه السلام: كأ نّي أنظر إليهم والزيّ واحد، والقدّ واحد، والحسن واحد، والجمال واحد، واللباس واحد، كأنّما يطلبون شيئاً ضاع منهم، فهم متحيّرون في أمرهم، حتّى يخرج إليهم من تحت ستارة الكعبة في آخرها رجل أشبه الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وآله خلقاً وحسناً وجمالاً، فيقولون: أنت المهدي؟ فيخرجهم ويقول: أنا المهدي، فيقول: بايعوا على أربعين خصلة واشترطوا عشر خصال. قال الأحنف: بأبينا وما تلك الخصال؟ فقال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: يبايعون على أن لا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا، ولا ينتهكوا حريماً، ولا يشتموا مسلماً، ولا يهجموا منزلاً، ولا يضربوا أحداً إلّا بالحقّ، ولا يركبوا الخيل الهماليج، ولا يتمنطقوا بالذهب، ولا يلبسوا الخزّ، ولا يلبسوا الحرير، ولا يلبسوا النعال الصرارة، ولا يخرّبوا مسجداً، ولا يقطعوا طريقاً، ولا يظلموا يتيماً، ولا يُخيفوا سبيلاً، ولا يحبسوا بكراً، ولا يكلوا مال اليتيم، ولا يفسقوا بغلام، ولا يشربوا الخمر، ولا يَخُونوا أمانةً، ولا يُخلِفوا العهد، ولا يكبسوا طعام من بُرّ أو شعير، ولا يقتلوا مستأمِناً، ولا يتّبعوا منهزماً، ولا يسفكوا دماً، ولا يُجهزوا على جريح، ويلبسون الخشن من الثياب، ويوسّدون التراب على الخدود، ويكلون الشعير، ويرضون بالقليل، ويجاهدون في اللَّه حقّ جهاده، ويشمّون الطيب، ويكرهون النجاسة؛ ويشرط لهم على نفسه: أن لا يتّخذ حاجباً، ويمشي حيث يمشون، ويكون من حيث يريدون، ويرضي بالقليل، ويملأ الأرض بعون اللَّه عدلاً كما ملئت جوراً، يعبد اللَّه حقّ عبادته، يفتح له خراسان، ويطيعه أهل اليمن، وتقبل الجيوش أمامه من اليمن فرسان همدان وخولان، وجدّه يمدّه بالأوس والخزرج، ويشدّ عضده بسليمان، على مقدّمته عقيل، وعلي ساقته الحارث، ويكثر اللَّه جمعه بهم، ويشدّ ظهره بمضر، يسيرون أمامه الفتن، وتحالفه بجيلة وثقيف ونخع وعلاف،... الحديث.(9) الآية الثانية قوله تعالى: (لَو تَزَيّلوا لَعَذَّبنا الّذين كفَروا مِنهم عَذاباً أليماً).(10) 921 - الشيخ الصدوق بإسناده عن محمّد بن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قلت له: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل فلاناً وفلاناً؟ قال: لآية في كتاب اللَّه عزّ وجلّ: (لَو تَزَيّلوا لَعَذَّبنا الّذين كفَروا مِنهم عَذاباً أليماً). قال: قلت: وما يعني بتزايلهم؟ قال: ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين، وكذلك القائم عليه السلام لن يظهر أبداً حتّى تخرج ودائع اللَّه عزّ وجلّ، فإذا خرجت ظهر على مَن ظهر من أعداء اللَّه فقتلهم.(11) 922 - عنه بإسناده عن إبراهيم الكرخيّ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام وقال له رجل: أصلحك اللَّه ألم يكن عليّ عليه السلام قويّاً في دين اللَّه؟ قال: بلي، قال: فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم، وما منعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب اللَّه عزّ وجلّ منعته. قال: قلت: وأيّة آية؟ قال قوله: (لَو تَزَيّلوا لَعَذَّبنا الّذين كفَروا مِنهم عَذاباً أليماً) إنّه كان للَّه عزّ وجلّ ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن عليّ عليه السلام ليقتل الآباء حتّى يخرج الودائع، فلمّا خرج الودائع ظهر على مَن ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبداً حتّى تظهر ودائع اللَّه عزّ وجلّ، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله.(12) 923 - وروي عليّ بن إبراهيم بإسناده عن الكرخيّ، قال: قال رجل لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ألم يكن عليّ قويّاً في بدنه قويّاً بأمر اللَّه؟ قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: بلي. قال: فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟ قال: سألت فافهم الجواب، منع عليّاً من ذلك آية من كتاب اللَّه، فقال: وأيّ آية؟ فقرأ: (لَو تَزَيّلوا لَعَذَّبنا الّذين كفَروا مِنهم عَذاباً أليماً) إنّه كان للَّه ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن عليّ عليه السلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع، فلمّا خرج ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبداً حتّى تخرج ودائع اللَّه، فإذا خرجت ظهر على من ظهر فقتله.(13) الآية الثالثة قوله تعالى: (هُو الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بِالهُدي ودِينِ الحقِّ لِيُظهِرَهُ على الدِّينِ كلِّه).(14) 924 - عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام، قال: هو الإمام الّذي يظهره على الدّين كلّه، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وهذا ممّا ذكرنا أنّ تأويله بعد تنزيله.(15) 925 - وروي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، قال: قلت: (هُو الّذي أَرسلَ رَسولَه بالهُدي ودِين الحقِّ) قال: هو الّذي أمر رسوله بالوصيّة، والولاية هي دين الحقّ. قلت: (لِيُظهرَهُ على الدِّين كلِّه) قال: يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم، يقول اللَّه: (واللَّهُ مُتِمُّ ولاية القائم ولو كرِهَ الكافِرون) بولاية عليّ عليه السلام.(16) سورة ق الآية الاولى قوله عزّ وجلّ: (يَومَ يَسمَعُون الصيحةَ بالحَقِّ ذلك يَومُ الخُرُوج).(17) 926 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام، قال: قال: ينادي المنادي صيحة القائم واسم أبيه عليهما السلام، قوله: (يَومَ يَسمَعُون الصيحةَ بالحَقِّ ذلك يَومُ الخُرُوج) قال: باسم القائم عليه السلام من السماء، وذلك يوم الخروج.(18) 927 - وعن عليّ بن إبراهيم: قوله: (يَومَ يَسمَعُون الصيحةَ بالحَقِّ ذلك يَومُ الخُرُوج) قال: صيحة القائم من السماء، وذلك يوم الخروج.(19) 928 - ثمّ قال عليّ بن إبراهيم بإسناده عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله: (يَومَ يَسمَعُون الصيحةَ بالحَقِّ ذلك يَومُ الخُرُوج) قال: هي الرجعة. (يَومَ تَشَقَّقُ الأرضُ عَنهم سِرَاعاً)(20) قال، قال: في الرجعة. قلت: (واستَمِع يَومَ يُنادِي المُنادِ مِن مَكانٍ قَريب - يَومَ يَسمَعون الصَيحةَ بالحقّ ذلك يَومُ الخُرُوج) قال: هي الرجعة.(21) 929 - روي الشيخ النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام أنّه قال: إذا رأيتم ناراً من قبل المشرق شبه الهرديّ العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام، فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهم السلام إن شاء اللَّه عزّ وجلّ إنّ اللَّه عزيز حكيم. ثمّ قال: الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان شهر اللَّه، الصيحة فيه هي صيحة جبرئيل عليه السلام إلى هذا الخلق. ثمّ قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السلام، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقي راقد إلّا استيقظ، ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم اللَّه من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين عليه السلام. ثمّ قال عليه السلام: يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، لا تشكوا في ذلك، واسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس ينادي: ألا إنّ فلاناً قُتل مظلوماً، ليشكك الناس ويفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شك متحيّر قد هوي في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا فيه أنّه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في خدرها، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج. وقال: لابدّ من هذين الصوتَين قبل خروج القائم عليه السلام: صوت من السماء وهو صوت جبرئيل باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه، والصوت الثاني من الأرض، وهو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوماً، يريد بذلك الفتنة، فاتّبعوا الصوت الأوّل، وإيّكم والأخير أن تُفتنوا به.. الحديث.(22) سورة الذاريات الآية الاولى قوله تعالى: (وفِي السَّماءِ رِزقُكم وما تُوعَدون).(23) 930 - غيبة الشيخ: روي بالإسناد عن ابن عبّاس في قول اللَّه: (وفي السَّماءِ رِزقُكم وما تُوعَدُون فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ إنّه لَحَقٌّ مِثل ما أَنَّكم تَنطِقُون) قال: قيام القائم عليه السلام، ومثله: (أَينَما تَكونوا يأتِ بِكمُ جَميعاً)(24) قال: أصحاب القائم يجمعهم اللَّه في يوم واحد.(25) 931 - غيبة الشيخ: روي بالإسناد عن إسحاق بن عبد اللَّه بن عليّ بن الحسين في هذه الآية: (فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأرضِ إنّه لَحَقٌ مِثلَ ما أنّكم تَنطِقون) قال: قيام القائم من آل محمّد، وفيه نزلت: (وَعَدَ اللَّهُ الّذين آمَنوا مِنكم وعَمِلوا الصالحاتِ لَيَستخلِفَنَّهم في الأرضِ كما استَخلَفَ الّذين مِن قَبلِهم وليُمَكننَّ لهم دِينَهُمُ الّذي ارتضي لهم ولَيُبدِّلَنَّهم مِن بَعد خَوفِهِم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِكون بي شيئاً)(26) قال: نزلت في المهدي.(27) 932 - غيبة الشيخ: روي بالإسناد عن الكلبيّ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى: (وفِي السَّماءِ رِزقُكم وما تُوعَدُون) قال: هو خروج المهدي.(28) 933 - روي السيّد عليّ بن عبدالحميد في كتاب (الأنوار المضيئة) بإسناده عن محمّد بن أحمد الأياديّ يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، قال: المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم اللَّه أئمّة نحن أهل البيت يبعث اللَّه مهديهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم. وبالإسناد يرفعه إلى ابن عبّاس في قوله تعالى: (وفِي السَّماءِ رِزقُكم وما تُوعَدون) قال: هو خروج المهدي.(29) الهوامش: (1) مشارق أنوار اليقين 166-164. (2) التهذيب 227:1. (3) بحار الأنوار 629:52. (4) الفتح: 10. (5) بحار الأنوار 8:53. (6) الإرشاد للمفيد 361 و362. (7) الغَيبة للنعماني 263-262 خ 22. (8) التشريف بالمنن 171. (9) التشريف بالمنن 295-294. (10) الفتح: 25. (11) تفسير البرهان 198:4 ح 1. (12) تفسير البرهان 198:4 ح 2. (13) تفسير القمّي 2 : 317-316. (14) الفتح: 28. (15) تفسير القمّي 317:2. (16) تفسير البرهان 200:4 ح 3. (17) سورة ق: 42. (18) تفسير القمّي 327:2. (19) نفس المصدر. (20) سورة ق: 44. (21) نفس المصدر. (22) الغَيبة للنعمانيّ 253 ح 13. (23) الذاريات: 22. (24) البقرة: 148. (25) الغَيبة للطوسيّ 110. (26) النور: 55. (27) الغَيبة للطوسي 110. (28) نفس المصدر. (29) بحار الأنوار 63:51. ****************** سورة الطور الآية الاولى قوله تعالى: (والطُّور - وكتابٍ مَسطُور - في رَقٍّ مَنْشُور).(1) عهد من اللَه ورسوله وأمير المؤمنين للمهدي 934 - روي أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: الليلة الّتي يقوم فيها قائم آل محمّد عليه السلام ينزل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وجبرائيل عليه السلام على حراء فيقول له جبرائيل: أجب، فيخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله رقّاً من حجزة ازاره فيدفعه إلى عليّ عليه السلام، فيقول له: كتب: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم - هذا عهد من اللَّه ومن رسوله ومن عليّ بن أبي طالب لفلان بن فلان باسمه واسم أبيه) وذلك قوله عزّ وجلّ في كتابه: (والطورِ - وكتابٍ مَسطورٍ - في رَقٍّ مَنشور) وهو الكتاب الّذي أخرجه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله من حجزة أزاره. قلت: (والبيتِ المَعمُور) وهو رسول اللَّه صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم المملي رسول اللَّه والكاتب عليّ عليه السلام.(2) سورة القمر الآية الاولى قوله تعالى: (اقتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانشَقَّ القَمَرُ).(3) 935 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللَّه بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: وجدت في كتاب أبي رضي الله عنه بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار في حديث طويل في تشرّفه بخدمة صاحب الزمان عليه السلام في غيبته، جاء فيه قوله عليه السلام: يابن مهزيار كيف خلّفت اخوانك في العراق؟ قلت: في ضنك عيش وهناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان. فقال: قاتلهم اللَّه أ نّي يؤفكون، كأ نّي بالقوم قد قُتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربّهم ليلاً ونهاراً. فقلت: متى يكون ذلك يابن رسول اللَّه؟ قال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم واللَّه ورسوله منهم براء، وظهرت الحمرة في السماء ثلاثاً، فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نوراً، ويخرج السروسي من أرمنية وآذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر، لزيق جبل طالقان، فيكون بينه وبين المروزيّ وقعة صيلمانيّة يشيب فيها الصغير، ويهرم منها الكبير، ويظهر القتل بينهما، فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء، فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات، ثمّ يوافي واسط العراق، فيقيم بها سنة أو دونها، ثمّ يخرج إلى كوفان، فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغريّ، وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتَين، وعلي اللَّه حصاد الباقين. ثمّ تلا قوله تعالى: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم... اَتاها أمرُنا لَيلاً أو نَهاراً فجَعَلنَاها حَصِيداً كأن لَم تَغنَ بالأمسِ).(4) فقلت: سيّدي ياابن رسول اللَّه، ما الأمر؟ قال: نحن أمر اللَّه وجنوده. قلت: سيّدي ياابن رسول اللَّه، حان الوقت؟ قال: (اقتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانشَقَّ القَمَرُ).(5) 936 - وروي عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسير قوله تعالى: (إقتَرَبتِ السَّاعَةُ) قال: خروج القائم عليه السلام.(6) 937 - وفي رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليه السلام، قال: سألت سيّدي أبا عبد اللَّه الصادق عليه السلام: هل للمأمول المنتظر المهدي عليه السلام وقت مؤقّت تعلمه الناس؟ فقال: حاش للَّه أن يوقّت له وقتاً. قال: قلت مولاي ولِمَ ذلك؟ قال: لأنّه الساعة الّتي قال اللَّه تعالى: (ويسأَلُونَك عن السَّاعةِ أيّانَ مُرساها قُل إنّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجلِّيها لِوَقتِها إلّا هو ثَقُلت في السَّموات والأرض لا تَأتيكم إلّا بَغتَةً يَسأَلونك كأ نّك حَفِيّ عَنها قُل إنّما عِلمُها عِندَاللَّه ولكنَّ كثَر النَّاس لا يَعلَمون).(7) قوله: (وعِندَه عِلمُ السّاعة) ولم يقل انّها عند أحد دونه. وقوله: (وما يُدرِيك لعلّ السّاعةَ قَريب - يَستعجِل بها الّذين لا يُؤمِنون بها والّذين آمَنوا مُشفِقون مِنها ويَعلمون أَنّها الحَقّ ألا إنّ الّذين يُمارُون في السّاعة لَفِي ضَلال بَعيد). قلت: يامولاي ما معني يمارون؟ قال: يقولون: متى ولد؟ ومن رآه؟ وأين هو؟ ومتى يظهر؟ كلّ ذلك استعجالاً لأمره وشكاً في قضائه وقدرته، اُولئك الّذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة، وإنّ للكافرين لشرّ مآب - الحديث -.(8) الآية الثانية قوله تعالى: (وإن يَرَوا آيةً يُعرِضوا ويَقُولوا سِحرٌ مُستمر).(9) 938 - روي النعمانيّ بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام فسمعت رجلاً من همدان يقول: إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا ويقولون لنا: انّكم تزعمون أنّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر. وكان عليه السلام متّكياً فغضب وجلس، ثمّ قال: لا ترووه عنّي وارووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أ نّي قد سمعت أبي عليه السلام يقول: واللَّهِ إنّ ذلك في كتاب اللَّه عزّ وجلّ لبيّن، حيث يقول: (إن نَشَأ ننزّل عليهم مِن السماءِ آيةً فظلّت أعناقُهم لها خاضِعين)(10) فلايبقي في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: (ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب وشيعته). قال: فإذا كان من الغد، صعد إبليس في الهواء حتّى يتواري عن أهل الأرض ثمّ ينادي: ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته فإنّه قتل مظلوماً، فاطلبوا بدمه، قال عليه السلام: فيثبّت اللَّه الّذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ وهو النداء الأوّل ويرتاب الّذين في قلوبهم مرض والمرض واللَّه عداوتنا، فعند ذلك يتبرّأون منّا ويتناولونا ويقولون إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت. ثمّ تلا أبو عبد اللَّه عليه السلام قول اللَّه عزّ وجلّ: (وإن يَرَوا آية يُعرِضوا ويَقُولوا سِحرٌ مُستمر).(11) سورة الرحمن الآية الاولى قوله تعالى: (يُعرَف المُجرِمون بسيماهم فيُؤخَذ بالنَّواصي والأقدام).(12) 939 - روي الشيخ المفيد بإسناده عن معاوية بن عمّار الدهني، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه تعالى: (يُعرَف المُجرِمون بسيماهم فيُؤخَذ بالنَّواصي والأقدام) فقال: يامعاوية ما يقولون في هذا؟ قلت: يزعمون إنّ اللَّه تبارك وتعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة، فيأمر بهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم فيُلقَون في النار. فقال لي: وكيف يحتاج الجبّار تبارك وتعالى إلى معرفة الخلق بسيماهم وهو خَلَقَهم؟ قلت: فما ذك، جُعلت فدك؟ فقال: ذلك لو قام قائمنا أعطاه اللَّه السيماء، فيأمر بالكافر فيؤخذ بالنواصي والأقدام ثمّ يُخبَط بالسيف خبطاً.(13) 940 - وروي المفيد بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق.(14) 941 - وروي المفيد أيضاً بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إنّ اللَّه أخذ ميثاق شيعتنا من صلب آدم فنحن نعرف بذلك حبّ المحبّ وإن أظهر خلاف ذلك بلسانه، ونعرف بُغض المبغض وإن أظهر حبَّنا أهل البيت.(15) 942 - وروي النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله تعالى: (يُعرَف المُجرِمون بِسيماهم) قال: اللَّه يعرفهم ولكن اُنزلت في القائم عليه السلام، يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطاً.(16) الآية الثانية قوله تعالى: (وأَصحابُ الشِّمالِ ما أَصحابُ الشِّمال - في سَمُوم وحَميم).(17) 943 - روي النعمانيّ رحمه الله بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال: إذا كان يوم القيامة حُشر الخلق على أربعة أصناف: صنف ركبان، وصنف على أقدامهم يمشون، وصنف مكبّون، وصنف على وجوههم، صُمّ بُكم عُمي فهم لا يعقلون، ولا يُكلّمون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون، اُولئك الّذين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون. فقيل له: يكعب من هؤلاء الّذين يحشرون على وجوههم وهذه الحالة حالهم؟ فقال كعب: اُولئك كانوا في الضلال والارتداد والنكث، فبئس ما قدّمت لهم أنفسهم إذا لقوا اللَّه بحرب خليفتهم، ووصي نبيّهم، وعالمهم وفاضلهم وحامل اللواء، ووليّ الحوض، والمرتجي والرجا دون هذا العالم، وهو العلم الّذي لا يجهل، والحجّة الّتي مَن زال عنها عطب، وفي النار هوي. ذك عليّ وربّ الكعبة أعلمهم علماً، وأقدمهم سلماً، وأوفرهم حلماً. عجب كعب ممّن قدّم على عليّ غيره، ومن يشك في القائم المهدي الّذي يبدّل الأرض غير الأرض، وبه عيسي ابن مريم يحتجّ على نصاري الروم والصين، إنّ القائم المهدي مِن نسل عليّ أشبه الناس بعيسي ابن مريم خلقاً وخُلقاً وسيماءً وهيئة، يعطيه اللَّه جلّ وعزّ ما أعطي الأنبياء، ويزيده ويفضّله. إنّ القائم من ولد عليّ له غَيبة كغيبة يوسف، ورجعة كرجعة عيسي ابن مريم، ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر وخراب الزوراء - وهي الريّ - وخسف المزوّرة - وهي بغداد - وخروج السفيانيّ، وحرب ولد العبّاس مع فتيان أرمنيّة وآذربيجان. تلك حرب يقتل فيها اُلوف واُلوف، كلّ يقبض على سيفه محلّي تخفق عليه رايات سود، تلك حرب يستبشر فيها الموت الأحمر والطاعون الكبر.(18) سورة الحديد الآية الاولى قوله سبحانه: (ولا تَكونوا كالَّذين اُوتوا الكتابَ مِن قَبلُ فَطالَ عليهم الأَمَدُ فَقَسَت قُلوبُهم وكثيرٌ مِنهم فاسقون).(19) 944 - روي محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن رجل من أصحاب أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: سمعته يقول: نزلت هذه الآية في سورة الحديد (ولا تَكونوا كالّذين اُوتوا الكتابَ من قَبلُ فطالَ عليهم الأَمَدُ فَقَسَت قلوبُهم وكثيرٌ منهم فاسقون) من أهل زمان الغَيبة. ثمّ قال: (اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرض بعد موتها قد بيّنا لكم الآيات لعلّكم تعقلون) وقال: إنّ الأمد أمد الغَيبة.(20) 945 - الشيخ الصدوق، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: نزلت هذه الآية في القائم.(21) 946 - الشيخ المفيد بإسناده عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: نزلت هذه الآية: (ولا تكونوا كالَّذين اُوتوا الكتابَ مِن قبلُ فطالَ عليهم الأَمَدُ) فتأويل هذه الآية جارٍ في زمان الغَيبة وأيّامها دون غيرهم، والأمد أمد الغَيبة.(22) الآية الثانية قوله عزّ وجلّ: (اعلموا أنّ اللَّهَ يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتِها قد بيَّنَّا لَكمُ الآياتِ لعلَّكم تَعقِلُون).(23) 947 - روي العلّامة البحرانيّ قدس سره عن محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد الحلبي أنّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتِها) قال عليه السلام: العدل بعد الجَور.(24) 948 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (اعلموا أنّ اللَّهَ يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتها) قال: يُحييها اللَّه عزّ وجلّ بالقائم بعد موتها، يعني بموتها كفر أهلها، والكافر ميّت.(25) 949 - روي محمّد بن العبّاس، بإسناده عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: (اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرضَ بعد مَوتها) كفر أهلها والكافر ميّت، يحييها اللَّه بالقائم عليه السلام فيعدل فيها، فيحيي الأرض ويحيي أهلها بعد موتهم.(26) 950 - روي الشيخ الطوسيّ بإسناده من طريق العامّة عن أبي صالح، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: (اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرضَ بعد مَوتها) يعني يصلح الأرض بقائم آل محمّد عليهم السلام (بَعدَ مَوتها) يعني من بعد جور أهل مملكتها (قد بيَّنَّا لكمُ الآيات) بقائم آل محمّد عليهم السلام (لعلّكم تَعقِلون).(27) 951 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبدالرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (يُحيي الأرضَ بعد مَوتها) قال: ليس يُحييها بالقطر، ولكن يبعث اللَّه عزّ وجلّ رجالاً فيحيون العدل، فتحيي الأرض لإحياء العدل، ولإقامة الحدّ فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحاً.(28) الآية الثالثة قوله تعالى: (والّذين آمَنوا باللَّه ورُسُله اُولئك هم الصّدِّيقُونَ والشُّهداء عِند ربّهم لهم أَجرُهم ونورُهم).(29) 952 - روي شرف الدّين النجفيّ رحمه الله بإسناده عن الحسين بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: جُعِلت فدك قد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي، وقد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت. قال: فقال لي: ياأبا حمزة أو تري الشهيد إلّا مَن قتل؟ قلت: نعم جُعلت فدك. فقال لي: ياأبا حمزة مَن آمن بنا وصدّق حديثنا وانتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم، بل واللَّه تحت راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(30) 953 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمه الله برواية العيّاشيّ عن الحرث بن المغيرة، قال: كنّا عند أبي جعفر عليه السلام فقال: العارف منكم هذا الأمر، المنتظر له، المحتسب فيه الخير، كمن جاهد واللَّه مع قائم آل محمّد عليهم السلام بسيفه. ثمّ قال الثالثة: بل واللَّه كمن استشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في فسطاطه. وفيكم آية من كتاب اللَّه، قلت: وأيّ آية جعلت فدك؟ قال: قول اللَّه عزّ وجلّ: (والّذين آمَنوا باللَّهِ ورُسُلِه اُولئك هم الصّدِّيقون والشّهداء عِندَ ربّهم) ثمّ قال: صِرتم واللَّه صادقين شهداء عند ربّكم.(31) 954 - ومن كتاب فضائل الشيعة: روي العلّامة البرقيّ رحمه الله بإسناده عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن عليّ عليهما السلام قال: ما من شيعتنا إلّا صدّيق شهيد، قال: قلت: جُعلت فدك أ نّي يكون ذلك وعامّتهم يموتون على فراشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب اللَّه في الحديد: (والّذين آمَنوا باللَّهِ ورُسُلِه اُولئك هم الصّدِّيقون والشّهداء عِندَ ربّهم). قال: فقلت: كأنّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب اللَّه عزّ وجلّ قطّ، قال: لو كان الشهداء ليس إلّا كما تقول، لكان الشهداء قليلاً.(32) 955 - وعنه بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال، قال لي: ياأبا محمّد إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد. قلت: وإن مات على فراشه؟! قال: اي واللَّه وإن مات على فراشه، حيّ عند ربّه يرزق.(33) 956 - وعنه بإسناده عن منهال القصّاب، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: اُدع اللَّه لي بالشهادة، فقال: المؤمن لشهيد حيث مات، أو ما سمعت قول اللَّه في كتابه: (والّذين آمَنوا باللَّهِ ورُسُلِه اُولئك هم الصّدِّيقون والشّهداء عِندَ ربّهم).(34) 957 - عن أبان بن تغلب، قال: كان أبو عبد اللَّه عليه السلام إذا ذُكر هؤلاء الّذين يقتلون في الثغور يقول: ويلهم ما يصنعون بهذا؟ يتعجّلون قتلةً في الدنيا وقتلةً في الآخرة! واللَّه ما الشهداء إلّا شيعتنا وإن ماتوا على فراشهم.(35) 958 - وعنه بإسناده عن مالك الجهنيّ، قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السلام: يامالك إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب في سبيل اللَّه. وقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: ما يضرّ رجلاً من شيعتنا أيّة ميتة مات: كله السبع، أو أُحرق بالنار أو غرق، أو قتل، هو واللَّه شهيد.(36) 959 - وعنه بإسناده عن مالك بن أعين، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: مَن مات منكم على أمرنا هذا كان كمن استشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(37) 960 - وعنه بإسناده عن العلاء بن سيابة، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: من مات منكم على أمرنا هذا فهو بمنزلة مَن ضرب فسطاطه إلى رواق القائم عليه السلام، بل بمنزلة من يضرب معه بسيفه، بل بمنزلة من استشهد معه، بل بمنزلة من استشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(38) الهوامش: (1) الطور: 3-1. (2) دلائل الإمامة 256. (3) القمر: 1. (4) يونس: 24. (5) كمال الدّين 465:2 ح 23. (6) تفسير القمّيّ 340:2 بحار الأنوار 351:17. (7) الأعراف: 187. (8) المحجّة 205-204؛ بحار الأنوار 2:53. (9) القمر: 2. (10) الشعراء: 4. (11) الغَيبة للنعمانيّ 261-260 ح 19. (12) الرحمن: 41. (13) الإختصاص للمفيد 304. (14) الإختصاص 278. (15) الإختصاص 278. (16) الغَيبة للنعمانيّ 127. (17) الواقعة: 41. (18) الغَيبة للنعمانيّ 74؛ بحار الأنوار 225:52. (19) الحديد: 16. (20) عنه: المحجّة 219. (21) كمال الدّين 668:2. (22) المحجّة 220. (23) الحديد: 17. (24) المحجّة 222. (25) كمال الدّين 668:2. (26) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 663-662 ح 14. (27) الغَيبة للطوسيّ 110. (28) الكافي 174:7. (29) الحديد: 19. (30) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 666-665 ح 21. (31) تفسير مجمع البيان 238:9. (32) المحاسن للبرقي 164-163 ب 32. (33) المحاسن للبرقي 164-163 ب 32. (34) نفس المصدر 164 ب 32. (35) نفس المصدر. (36) نفس المصدر. (37) نفس المصدر 174-172. (38) نفس المصدر. ****************** 961 - روي الصدوق رحمه الله: في حديث لأبي عبد اللَّه عليه السلام قال فيه: يامالك مَن مات منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللَّه.(1) 962 - عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم، وهوي ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله اللَّه لكم، فانّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه، وحقّ رسوله وأهل بيته، مات شهيداً أُوقع أجره على اللَّه، واستوجب ثواب ما نوي من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته بسيفه، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلاً.(2) 963 - روي الصدوق رحمه الله في (كمال الدّين) بإسناده عن عمّار الساباطي، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل، أم العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال: يا عمّار، الصدقة في السرّ واللَّهِ أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل، لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل وحال الهدنة، ممّن يعبد اللَّه في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحقّ، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ. إعلموا أنّ من صلّي منكم صلاة فريضة وحداناً مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمّها، كتب اللَّه عزّ وجلّ له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلّي منكم صلاة نافلة في وقتها فأتّمها، كتب اللَّه عزّ وجلّ له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب اللَّه له بها عشرين حسنة، ويضاعف اللَّه تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان اللَّه بالتقيّة على دينه، وعلي إمامه وعلي نفسه، وأمسك من لسانه، أضعافاً مضاعفة كثيرة، إنّ اللَّه عزّ وجلّ كريم. قال: فقلت: جُعلت فدك قد رغّبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكنّي اُحبّ أن أعلم: كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ ونحن وهم على دين واحد، وهو دين اللَّه عزّ وجلّ؟ فقال: إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللَّه وإلي الصلاة والصوم والحجّ وإلي كلّ فقهٍ وخير، وإلي عبادة اللَّه سرّاً من عدوّكم مع الإمام المستتر، مطيعون له، صابرون معه، منتظرون لدولة الحقّ، خائفون على إمامكم وعلي أنفسكم من الملوك، تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقّكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى جذب الدنيا وطلب المعاش، مع الصبر على دينكم، وعبادتكم وطاعة ربّكم، والخوف من عدوّكم، فبذلك ضاعف اللَّه أعمالكم، فهنيئاً لكم هنيئاً. قال: فقلت: جُعلت فدك، فما نتمنّي إذاً أن نكون من أصحاب القائم عليه السلام في ظهور الحقّ؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالاً من أعمال أصحاب دولة الحقّ؟ فقال: سبحان اللَّه، أما تحبّون أن يظهر اللَّه عزّ وجلّ الحقّ والعدل في البلاد ويحسن حال عامّة الناس، ويجمع اللَّه الكلمة ويؤلّف بين القلوب المختلفة، ولا يُعصي اللَّه في أرضه، ويقام حدود اللَّه في خلقه، ويردّ الحقّ إلى أهله، ويظهروه حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق؟ أما واللَّه يا عمّار، لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها، إلّا كان أفضل عند اللَّه عزّ وجلّ من كثير ممّن شهد بدراً واُحداً، فأبشروا.(3) 964 - روي بالإسناد عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه وقلنا له: أوصنا يابن رسول اللَّه، فقال: ليعن قويّكم ضعيفكم، وليعطف غنيّكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه النصيحة لأمرنا، وكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، وإذا كنتم كما أوصينكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك منكم قائمنا فقُتل معه كان له أجر شهيدَين، ومن قَتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً.(4) 965 - كمال الدّين بإسناده عن سيّد العابدين عليه السلام أنّه قال: من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا عليه السلام أعطاه اللَّه أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واُحد.(5) 966 - روي الصدوق بإسناده عن مالك الجهنيّ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: يامالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤدّوا الزكاة، وتكفّوا أيديكم وتدخلوا الجنّة؟ ثمّ قال: يامالك، إنّه ليس من قوم ائتمّوا بإمام في دار الدنيا، إلّا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلّا أنتم، ومن كان بمثل حالكم. ثمّ قال: يامالك إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللَّه. قال: وقال مالك: بينما أنا عنده ذات يوم جالس وأنا اُحدّث نفسي بشيء من فضلهم، فقال لي وأنتم واللَّه شيعتنا، لا تظنّن أ نّك مفرّط في أمرنا. يامالك انّه لا يقدر على صفة اللَّه، فكما لا يقدر على صفة اللَّه كذلك لا يقدر على صفة الرسول صلى الله عليه وآله، وكما لا يقدر على صفة الرسول فكذلك لا يقدر على صفتنا، وكما لا يقدر على صفتنا فكذلك لا يقدر على صفة المؤمن. يامالك: انّ المؤمن ليلقي أخاه فيصافحه، فلا يزال اللَّه ينظر إليهما والذنوب تتحاتّ عن وجوههما حتّى يتفرّقا، وإنّه لن يقدر على صفة من هو هكذا. وقال: إنّ أبي عليه السلام كان يقول: لن تطعم النار من يصف هذا الأمر.(6) سورة المجادله الآية الاولى قوله تعالى: (وأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِنه).(7) الروح القدس مع الحجة والأئمة الطاهرين 967 - روي العلّامة البيّاضيّ رحمه الله في حديث ولادة الإمام الحجّة عليه السلام الّذي ترويه حكيمة وبالإسناد عن محمّد بن عبد اللَّه المطهّريّ، قال: قصدت حكيمة أسألها عن الحجّة فقالت: لمّا حضرت نرجس الولادة قال الحسن العسكريّ عليه السلام: اقرئي عليها (إنّا أنزلناه) فقرأت فجاوبني الجنين بمثل قراءتي، وسلّم عليّ ففزعت، فقال أبو محمّد: لا تعجبين من أمر اللَّه إنّه مُنطقنا بالحكمة صغاراً ويجعلنا حجّة في الأرض كباراً. فغيّبت عنّي نرجس، فصرخت إليه فقال: ارجعي فستجدينها، فرجعت فإذا بها عليها نور غشيني، فإذا الصبيّ ساجداً لوجهه، رافعاً إلى السماء سبّابته، ناطقاً بتوحيد ربّه، ورسالة نبيّه وإمامة آبائه، إلى أن بلغ إلى نفسه، وقال: اللهمّ أنجز لي وعدي، وأتمم لي أمري، ثمّ سلّم على أبيه فتناوله، والطير يرفرف على رأسه فصاح طيراً منها، فقال: احمله واحفظه ورُدّه إلينا بعد أربعين يوماً، فطار به، فبكت نرجس، فقال: سيعود إليك كما عاد موسى إلى اُمّه. قالت حكيمة: فما هذا الطير؟ قال: روح القدس الموكل بالأئمّة، يعلّمهم فيربّيهم. فبعد الأربعين ردّ الغلام، فدخلت عليه فتعجّبت، فقال أبوه: أولاد الأنبياء والأوصياء ينشأون بخلاف غيرهم، وإنّ الصبي منّا إذا أتي عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة. قالت: فما زلت أراه بعد كلّ أربعين إلى أن رأيته رجلاً قبل موت أبيه، فقال لي: هذا خليفتي بعدي، وعن قليل تفقدوني، فاسمعي له وأطيعي، فمضي عليه السلام وافترق الناس كما تري، فواللَّه انّي لأراه وأسأله فيجيبني عن مسائلي ابتداءً، وقد أخبرني البارحة بمجيئك، وأمرني أن اُخبرك بالحقّ. قال محمّد بن عبد اللَّه: فواللَّه لقد أخبرتني بما لم يطّلع عليه إلّا اللَّه، فحكمت على كلامها بصدقها، وعلمت أنّ اللَّه أطلعهم على ما لم يطلع عليه أحداً من خلقه. وهذا الحديث رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي عن حكيمة بطريقين من رجاله وفيه مغايرة قليلة أحدهما منتهياً إلى حنظلة بن زكريا، والاُخري إلى مارية ونسيم خادم الحسن عليه السلام.(8) 968 - وأسند أبو جعفر بن بابويه إلى الحسن محمّد بن صالح البزاز أنّه سمع العسكريّ عليه السلام يقول: إنّ ابني هو القائم من بعدي تجري فيه سنن الأنبياء من التعمير والغَيبة، حتّى تقسو قلوب الناس لطول الأمد، فلا يثبت على القول بها إلّا من كتب اللَّه في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه.(9) 969 - عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: (اُولئك كتَب فِي قُلُوبِهِمُ الإيمانَ) وهم الأئمّة عليهم السلام (وأيَّدَهُ برُوحٍ منه) قال: قال: الروح ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمّة عليهم السلام.(10) 970 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن الحسين بن خالد، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام أنّه قال: التاسع من ولدك ياحسين هو القائم بالحقّ، المظهر للدين، والباسط للعدل، قال الحسن عليه السلام: فقلت له: يا أمير المؤمنين وانّ ذلك لكائن؟ فقال عليه السلام: اي والّذي بعث محمّداً صلى الله عليه وآله بالنبوّة، واصطفاه على جميع البريّة، ولكن بعد غيبة وحيرة، فلا يثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الّذين أخذ اللَّه عزّ وجلّ ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروح منه.(11) سورة الممتحنه الآية الاولى قوله تعالى: (ياأيّها الَّذين آمَنوا لا تَتَوَلَّوا قوماً غَضِبَ اللَّهُ عليهم قد يَئِسوا مِن الآخرة كما يَئِسَ الكفَّارُ من أَصحابِ القُبُور).(12) 971 - روي محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن من سمع عليّاًعليه السلام يقول: العجب كلّ العجب بين جمادي ورجب، فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الّذي لا تزال تعجب منه؟ قال: ثكلتك اُمّك، وأي عجب أعجب من أموات يضربون كلّ عدوّ للَّه ولرسوله ولأهل بيته؟... وذلك تأويل هذه الآية: (ياأيّها الَّذين آمَنوا لا تَتَوَلَّوا قوماً غَضِبَ اللَّهُ عليهم قد يَئِسوا مِن الآخرة كما يَئِسَ الكفَّارُ من أَصحابِ القُبُور) فإذا اشتدّ القتل قلتم: مات وهلك، وأي وادٍ سلك، وذلك تأويل هذه الآية: (ثُمَّ رَدَدنا لَكمُ الكرَّةَ عليهم وأَمدَدنكم بأموالٍ وبنينَ وجَعَلنكم كثرَ نَفيراً).(13) سورة الصف الآية الاولى قوله تعالى: (يُريدون لِيُطفِئوا نُورَ اللَّه بأفواهِهِم واللَّهُ مُتمُّ نُورِه ولو كرِه الكافرون).(14) 972 - روي العلّامة الكراجكيّ في الكنز في قوله تعالى: (يُريدون لِيُطفِئوا نُورَ اللَّه بأفواهِهِم) تأويله ما روي عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: لو تركتم هذا الأمر ما تركه اللَّه. ويؤيّده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب، بإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، قال: سألته عن هذه الآية قلت: (واللَّهُ مُتِمُّ نُوره) قال: (يُريدون لِيُطفِئوا نُورَ اللَّه بأفواهِهِم): ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، (واللَّهُ مُتِمُّ نُوره) الإمامة لقوله عزّ وجلّ: (فآمنوا باللَّه ورَسُولِه والنّورِ الّذي أَنزَلنا)(15) والنور هو الإمام. قلت له: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بالهُدي ودِينِ الحقّ) قال: هو الّذي أمر اللَّه رسوله بالولاية لوصيّه والولاية هي دين الحقّ. قلت: (لِيُظهِرَهُ على الدِّين كلِّه) قال: على جميع الأديان عند قيام القائم، لقول اللَّه تعالى: (واللَّهُ مُتِمُّ نُوره) بولاية القائم (ولو كرِهَ الكافرون) بولاية عليّ... الحديث.(16) 973 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: (يُرِيدُون لِيُطفِئوا نُورَ اللَّهِ بأفواهِهِم واللَّه مُتِمُّ نُورِه) قال: بالقائم من آل محمّد صلوات اللَّه عليهم إذا خرج ليظهره على الدّين كلّه حتّى لا يعبد غير اللَّه، وهو قوله: يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.(17) قوله سبحانه: (هو الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكون).(18) 974 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكون) فقال: واللَّه ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم عليه السلام. فإذا خرج القائم لم يبق كافر باللَّه العظيم ولا مشرك بالإمام إلّا كره خروجه، حتّى لو أنّ كافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت: يامؤمن في بطني كافر، فكسرني واقتله.(19) 975 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال: (يُرِيدُون لِيُطفِئوا نُورَ اللَّه بأفواهِهِم واللَّه مُتِمُّ نوره) قال: القائم من آل محمّد عليهم السلام إذا خرج يظهره اللَّه على الدّين كلّه حتّى لا يُعبَد غير اللَّه، وهو قوله صلى الله عليه وآله: يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً.(20) 976 - روي العلّامة البحرانيّ رحمه الله بإسناده عن عباية بن ربعيّ، أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكون) أظهر ذلك بعد كلّا فلا والّذي نفسي بيده حتّى لا تبقي قرية إلّا ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه، بكرةً وعشيّاً.(21) 977 - وعنه بإسناده من طريق العامّة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولَو كرِهَ المُشرِكون) قال: لا يكون ذلك حتّى لا يبقي يهوديّ ولا نصرانيّ ولا صاحب ملّة إلّا صار إلى الإسلام، حتّى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحيّة، حتّى لا تقرض فأرة جراباً، وحتّى توضع الجزية ويُكسر الصليب ويُقتل الخنزير، وهو قوله تعالى: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكون) وذلك يكون عند قيام القائم عليه السلام.(22) 978 - محمّد بن يعقوب وبإسناده عن أبي الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، قلت: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه) قال: هو أمر اللَّه ورسوله بالولاية لوصيّه والولاية هي دين الحقّ، قلت: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه) قال: يُظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام.(23) 979 - روي محمّد بن العبّاس، بإسناده عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ في كتابه: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكون). فقال عليه السلام: واللَّه ما نزل تأويلها بعد، قلت: جعلت فدك ومتى ينزل تأويلها؟ قال: حتّى يقوم القائم عليه السلام إن شاء اللَّه تعالي، فإذا خرج القائم لم يبق كافر ولا مشرك إلّا كره خروجه، حتّى لو أنّ كافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت الصخرة: يامؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله، فيجيئه فيقتله.(24) 980 - روي في المحجّة عن الحسين بن حمدان الحضينيّ وبإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليه السلام، قال المفضّل: يامولاي فكيف بدو ظهوره عليه السلام؟ قال: يامفضّل يظهر في سنة الستّين أمره، ويعلو ذكره، ويُنادي باسمه وكنيته ونسبه، ويكثر ذِكره في أفواه المحقّين والمبطلين ليلزمهم الحجّة بمعرفتهم به، على أ نّا قصصنا ذلك ودللنا عليه ونسبناه وسمّيناه وكنّيناه وقلنا سميّ جدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وكنيّه لئلّا تقول الناس ما عرفنا اسماً ولا كنية ولا نسباً، فواللَّه ليحقّن الإفصاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتّى ليسمّيه بعضهم لبعض، كلّ ذلك للزوم الحجّة عليهم، ويظهره كما وعده جدّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في قول اللَّه عزّ وجلّ: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسُولَه بالهُدي ودِين الحقّ لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكون) قال: هو قوله: (وقَاتِلوهم حتّى لا تكونَ فِتنةٌ ويكون الدِّين كلُّه للَّه).(25) فواللَّه يامفضّل ليفقدنّ الملل والأديان والآراء والإختلاف ويكون الدّين كلّه للَّه كما قال تعالى: (إنّ الدِّينَ عِندَ اللَّه الإسلام)(26) (ومَن يبتغِ غيرَ الإسلام دِيناً فَلَن يُقبَلَ منه وهو في الآخرةِ مِن الخاسرين).(27) ،(28) 981 - ورواه المجلسيّ في البحار وأضاف: قال المفضّل: يامولاي فقوله: (ليظهره على الدّين كلّه) ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ظهر على الدّين كلّه؟ قال: يامفضّل لو كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ظهر على الدّين كلّه ما كانت مجوسيّة ولا يهوديّة ولا صابئية ولا نصرانية، ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك، ولا عبدة أصنام ولا أوثان، ولا اللّات والعزّي، ولا عبدة الشمس والقمر، ولا النجوم، ولا النار ولا الحجارة، وإنّما قوله: (لِيُظهِرَه على الدِّين كلِّه) في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة، وهو قوله: (وقَاتِلوهم حتّى لا تكونَ فِتنةٌ ويكون الدِّين كلُّه للَّه)...(29) الحديث.(30) الآية الثانية قوله تعالى: (واُخري تُحِبُّونها نَصرٌ من اللَّهِ وفَتحٌ قَريب).(31) 982 - روي القمّي في تفسير قوله تعالى: (واُخري تُحِبُّونها نَصرٌ من اللَّهِ وفَتحٌ قَريب): يعني في الدنيا بفتح القائم عليه السلام.(32) الهوامش: (1) فضائل الشيعة 28 ح 37. (2) شرح نهج البلاغة 13 : 11-110؛ بحار الأنوار 144:52. (3) كمال الدّين 2 : 358-357. (4) بشارة المصطفي 113. (5) كمال الدّين 323:1 ح 7. (6) بحار الأنوار 68:68. (7) المجادلة: 22. (8) الصراط المستقيم 234:2. (9) نفس المصدر 238:2. (10) تفسير القمّيّ 358:2. (11) كمال الدّين 304:1 ح 16؛ بحار الأنوار 110:51. (12) الممتحنه: 13. (13) تأويل الآيات الظاهرة 684:2 ح 2. (14) الصّف: 8. (15) التغابن: 8. (16) بحار الأنوار 60:51. (17) تفسير القمّيّ 365:2. (18) الصفّ: 9. (19) كمال الدّين 670:2 ح 16. (20) تفسير القمّيّ 365:2. (21) تفسير البرهان 329:4 ح 1؛ المحجّة 226. (22) تفسير البرهان 329:4 ح 2. (23) نفس المصدر 329:4 ح 3. (24) تأويل الآيات الظاهرة 688:2 ح 7. (25) البقرة: 193. (26) آل عمران: 19. (27) آل عمران: 85. (28) المحجّة 226. (29) البقره: 193، الأنفال: 38. (30) بحار الأنوار ج 53:، والإضافة في ص 33. (31) الصفّ: 13. (32) تفسير القمّيّ 366:2. ****************** سورة التغابن الآية الاولى قوله تعالى: (زَعَم الّذين كفَروا أن لن يُبعَثوا قُل بَلي ورَبِّي لَتُبعَثُنَّ ثُمّ لَتُنَبَّؤُنّ بِما عَمِلتُم وذلك على اللَّهِ يَسير).(1) 983 - روي السيّد ابن طاووس رحمه الله قال: ذكر أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ صاحب التأريخ، وهو من علماء الجمهور، بإسناده: أنّ معاوية أقبل يوماً على بني هاشم، فقال: أ نّكم تريدون أن تستحقّوا الخلافة بما استحققتم به النبوّة ولم تجتمعا لأحد، ولعمري إنّ حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، إنّكم تقولون: نحن أهل بيت اللَّه، فما بال محلّها ونبوّته في غيرنا، وهذه شبهة لها تمويه، وإنّما سمّيت الشبهة شبهة، لأنّها تشبه الحقّ حتّى تعرف؛ وإنّما الخلافة تتقلّب في أحياء قريش برضي العامّة وشوري الخاصّة، فلم يقل الناس: ليت بني هاشم ولونا، ولو أنّ بني هاشم ولونا لكان خيراً لنا في ديننا ودنيانا، فلا هم اجتمعوا عليكم، ولا هم إذا اجتمعوا على غيركم يمنعوكم، ولو زهدتم فيها أمس لم تقاتلونا عليها اليوم، وقد زعمتم أنّ لكم ملكاً هاشميّاً ومهدياً قائماً، والمهدي عيسي ابن مريم، وهذا الأمر في أيدينا حتّى نسلّمه إليه، ولعمري لئن ملكتم ما ريح عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم، ثمّ سكت!! فقام فيهم عبد اللَّه بن عبّاس، فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا قولك: إنّا لا نستحقّ الخلافة بالنبوّة، فإذا لم نستحقّ الخلافة بالنبوّة، فبم نستحق؟ وأمّا قولك: إنّ النبوّة والخلافة لم تجتمعا لأحد، فأين قول اللَّه عزّ وجلّ: (فَقَد آتينا آلَ إبراهيمَ الكتابَ والحِكمةَ وآتيناهم مُلكاً عَظيماً)(2)، فالكتاب: النبوّة، والحكمة: السنّة، والملك: الخلافة، نحن آل إبراهيم، أمر اللَّه فينا وفيهم واحد، والسنّة فينا وفيهم جارية. وامّا قولك: إنّ حجّتنا مشتبهة فهي واللَّه أضوأ من الشمس، وأنور من القمر، وإنّك لتعلم ذلك، ولكن ثني عطفك، وصعّر خدّك، قتلْنا أخك وجدّك وعمّك وخالك!! فلا تبك على عظام حائلة وأرواح زائلة في الهاوية! ولا تغضبنّ لدماء أحلّها الشرك ووضعها الإسلام. فأمّا ترك الناس أن يجتمعوا علينا، فما حُرموا منّا أعظم ممّا حُرمنا منهم، وكلّ أمر إذا حصل حاصلُه ثبت حقّه وزال باطله. وأمّا قولك: (إنّا زعمنا أنّ لنا ملكاً مهدياً)، فالزعم في كتاب اللَّه شك، قال اللَّه سبحانه وتعالي: (زَعَم الَّذين كفَروا أن لن يُبعَثوا قُل بَلي وربِّي لتُبعَثُنّ)(3) فكلّ يشهد أنّ لنا ملكاً لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ملّكه اللَّه فيه. وأنّ لنا مهدياً لو لم يبق إلّا يوم واحد، بعثه لأمره يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، لا يملكون يوماً إلّا مَلَكنا يومين، ولا شهراً إلّا ملكنا شهرين، ولا حولاً إلّا ملكنا حولَين. وأمّا قولك: إنّ المهدي عيسي ابن مريم، فإنّما ينزل عيسي على الدجّال، فإذا رآه ذاب كما تذوب الشحمة، والإمام رجل منّا يصلّي عيسي خلفه لو شئت سمّيته. وأمّا ريح عاد وصاعقة ثمود، فإنّها كانتا عذاباً، ومُلكنا رحمة. وأضاف السيّد ابن طاووس قائلاً: ولم يذكر أنّ معاوية أقدم على ردّ عبد اللَّه ابن عبّاس عن هذا الجواب.(4) 984 - وروي السيّد ابن طاووس رحمه الله قال: فيما نذكره أيضاً من كتاب محمّد بن جرير الطبريّ، الّذي سمّاه عيون أخبار بني هاشم، ومناظرة عبد اللَّه بن عبّاس لمعاوية في إثبات أمر المهدي. فقال ابن عبّاس لمعاوية ما لفظه: أقول: إنّه ليس حيّ من قريش يفخرون بأمر، إلّا وإلي جانبهم من يشركهم فيه، إلّا بني هاشم، فانّهم يفخرون بالنبوّة الّتي لا يشاركون فيها ولا يساوون فيها ولا يدافعون عنها، وأشهد أنّ اللَّه تعالى لم يجعل من قريش محمّداً إلّا وقريش خير البريّة، ولم يجعله من بني هاشم إلّا وهاشم خير قريش، ولم يجعله من بني عبدالمطّلب إلّا وهم خير بني هاشم، ولسنا نفخر عليكم إلّا بما تفخرون به على العرب، وهذه اُمّة مرحومة، فمنها نبيّها ومهديها ومهدي آخرها من أوّلها، لأنّ بنا فتح الأمر وبنا يختم، ولكم ملك مُعجَّل ولنا مُلك مؤجل، فإن يكن ملككم قبل ملكنا، فليس بعد مُلكنا ملك، لأ نّا أهل العاقبة، والعاقبة للمتقين.(5) الآية الثانية قوله تعالى: (وأَطيعُوا اللَّهَ وأَطيعُوا الرسولَ فإن تَوَلَّيتم فإنّما على رَسولِنا البَلاغُ المُبين).(6) 985 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن الحسين بن نعيم الصحّاف، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن قوله: (وأَطيعُوا اللَّهَ وأَطيعُوا الرسولَ فإن تَوَلَّيتم فإنّما على رَسولِنا البَلاغُ المُبين) فقال: أما واللَّه ما هلك مَن كان قبلكم وما هلك من هلك حتّى يقوم قائمنا عليه السلام إلّا في ترك ولايتنا وجحود حقّنا، وما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله من الدنيا حتّى الزم رقاب هذه الاُمّة حقّنا، واللَّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.(7) سورة الطلاق الآية الاولى قوله سبحانه: (ومَن يَتّقِ اللَّهَ يجعَل له مَخرَجاً ويَرزُقه مِن حيثُ لا يَحتَسِب - ومَن يَتَوكل على اللَّه فَهُوَ حَسْبُه إنَّ اللَّهَ بالِغُ أمرِه قَد جَعَلَ اللَّهِ لِكلِّ شيء قَدراً).(8) 986 - روي العلّامة البرقيّ رحمه الله بإسناده عن عبدالحميد الواسطيّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك اللَّه واللَّه لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر، حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه، فقال: يا عبد الحميد، أتري مَن حَبَس نفسه على اللَّه لا يجعل له مخرجاً؟ بلي واللَّه ليجعلنّ اللَّه له مخرجاً، رحم اللَّه عبداً حبس نفسه علينا، رحم اللَّه عبداً أحيي أمرنا. قال: فقلت: فان متُّ قبل أن أدرك القائم؟ فقال: القائل منكم: إذا أدركتُ القائم من آل محمّد نصرتُه كالمقارع معه بسيفه، والشهيد معه له شهادتان.(9) انتظار الفرج 1101 - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن عبدالسلام بن صالح الهرويّ، وبروايته عن طريق العامّة، عن عبدالرحمن بن سليط، قال: قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا إثنا عشر مهدياً، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقّ، يُحيي اللَّه به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون. له غيبة يرتدّ فيها أقوام ويثبت فيها على الدّين آخرون، فيؤذَون ويقال لهم: (متى هذا الوَعدُ إن كنتُم صادِقِين)(10) أما إنّ الصابر في غيبته على الأذي والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(11) 1102 - روي العلّامة البرقيّ رحمه الله بإسناده عن عبدالحميد الواسطيّ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك اللَّه، واللَّهِ لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه، فقال: يا عبد الحميد، أتري مَن حبس نفسه على اللَّه لا يجعل له مخرجاً؟ بلي واللَّهِ ليجعلنّ اللَّه له مخرجاً، رحم اللَّه عبداً حبس نفسه علينا، رحم اللَّه عبداً أحيي أمرنا. قال: فقلت: فإن متُّ قبل أن أدرك القائم؟ فقال: القائل منكم: إذا أدركتُ القائم من آل محمّد نصرتُه كالمقارع معه بسيفه، والشهيد معه له شهادتان.(12) 1103 - روي شرف الدّين النجفيّ رحمه الله بإسناده عن الحسين بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام جُعلت فدك قد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي، وقد خفت أن يُدركني قبل هذا الأمر الموت. قال: فقال لي: ياأبا حمزة أو تري الشهيد إلّا مَن قتل؟ قلت: نعم جُعلت فدك. فقال لي: ياأبا حمزة مَن آمن بنا وصدّق حديثنا وانتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم، بل واللَّه تحت راية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(13) 1104 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمه الله برواية العيّاشيّ عن الحرث بن المغيرة، قال: كنّا عند أبي جعفر عليه السلام فقال: العارف منكم هذا الأمر، المنتظر له، المحتسب فيه الخير، كمن جاهد واللَّه مع قائم آل محمّد عليهم السلام بسيفه. ثمّ قال الثالثة: بل واللَّه كمن استشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في فسطاطه. وفيكم آية من كتاب اللَّه، قلت: وأيّ آية جعلت فدك؟ قال: قول اللَّه عزّ وجلّ: (والّذين آمَنوا باللَّه ورُسُله اُولئك هُمُ الصِّدِّيقُون والشُّهداء عِندَ رَبّهم)(14) ثمّ قال: صرتم واللَّه صادقين شهداء عند ربّكم.(15) 1105 - ومن كتاب فضائل الشيعة: روي العلّامة البرقيّ رحمه الله بإسناده عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن عليّ عليهما السلام، قال: ما من شيعتنا إلّا صدّيق شهيد، قال: قلت: جُعلت فدك أ نّي يكون ذلك وعامّتهم يموتون على فراشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب اللَّه في الحديد: (والّذين آمَنوا باللَّه ورُسُله اُولئك هُمُ الصِّدِّيقُون والشُّهداء عِندَ رَبّهم). قال: فقلت: كأ نّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب اللَّه عزّ وجلّ قطّ، قال: لو كان الشهداء ليس إلّا كما تقول، لكان الشهداء قليلاً.(16) 1106 - وعنه بإسناده عن منهال القصّاب، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: اُدع اللَّه لي بالشهادة، فقال: المؤمن لشهيد حيث مات، أو ما سمعت قول اللَّه في كتابه: (والّذين آمَنوا باللَّه ورُسُله اُولئك هُمُ الصِّدِّيقُون والشُّهداء عِندَ رَبّهم).(17) عن أبان بن تغلب، قال: كان أبو عبد اللَّه عليه السلام إذا ذُكر هؤلاء الّذين يقتلون في الثغور يقول: ويلهم ما يصنعون بهذا؟ يتعجّلون قتلةً في الدنيا وقتلةً في الآخرة! واللَّه ما الشهداء إلّا شيعتنا وان ماتوا على فراشهم.(18) 1107 - وعنه بإسناده عن مالك الجهني، قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السلام: يامالك، إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب في سبيل اللَّه. وقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: ما يضرّ رجلاً من شيعتنا أيّة ميتة مات: كله السبع، أو أُحرق بالنار أو غرق، أو قتل، هو واللَّه شهيد.(19) 1108 - وعنه بإسناده عن السندي، عن جدّه، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظراً له؟ قال: هو بمنزلة مَن كان مع القائم عليه السلام في فسطاطه، ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال: هو كمن كان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(20) 1109 - عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم، وهوي ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله اللَّه لكم، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه، وحقّ رسوله وأهل بيته، مات شهيداً أُوقع أجره على اللَّه، واستوجب ثواب ما نوي من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته بسيفه، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلاً.(21) 1110 - روي الصدوق رحمه الله في (كمال الدّين) بإسناده عن عمّار الساباطيّ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل، أم العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال: يا عمّار، الصدقة في السرّ واللَّهِ أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل، لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل وحال الهدنة، ممّن يعبد اللَّه في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحقّ، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ. إعلموا أنّ من صلّي منكم صلاة فريضة وحداناً مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمّها، كتب اللَّه عزّ وجلّ له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة، ومن صلّي منكم صلاة نافلة في وقتها فأتّمها، كتب اللَّه عزّ وجلّ له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب اللَّه له بها عشرين حسنة، ويضاعف اللَّه تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان اللَّه بالتقيّة على دينه، وعلي إمامه وعلي نفسه، وأمسك من لسانه، أضعافاً مضاعفة كثيرة، إنّ اللَّه عزّ وجلّ كريم. قال: فقلت: جُعلت فدك قد رغّبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكنّي اُحبّ أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ، ونحن وهم على دين واحد، وهو دين اللَّه عزّ وجلّ؟ فقال: إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللَّه، وإلي الصلاة والصوم والحجّ وإلي كلّ فقهٍ وخير، وإلي عبادة اللَّه سرّاً من عدوّكم مع الإمام المستتر، مطيعون له، صابرون معه، منتظرون لدولة الحقّ، خائفون على إمامكم وعلي أنفسكم من الملوك، تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقّكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى جذب الدنيا وطلب المعاش، مع الصبر على دينكم، وعبادتكم وطاعة ربّكم، والخوف من عدوّكم، فبذلك ضاعف اللَّه أعمالكم، فهنيئاً لكم هنيئاً. قال: فقلت: جُعلت فدك، فما نتمنّي إذاً أن نكون من أصحاب القائم عليه السلام في ظهور الحقّ؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالاً من أعمال أصحاب دولة الحقّ؟ فقال: سبحان اللَّه! أما تحبّون أن يُظهر اللَّه عزّ وجلّ الحقّ والعدل في البلاد ويحسن حال عامّة الناس، ويجمع اللَّه الكلمة، ويؤلّف بين القلوب المختلفة، ولا يُعصي اللَّه في أرضه، ويُقام حدود اللَّه في خلقه، ويردّ الحقّ إلى أهله، ويظهروه حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق؟ أما واللَّه يا عمّار، لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها، إلّا كان أفضل عند اللَّه عزّ وجلّ من كثير ممّن شهد بدراً واُحداً، فأبشروا.(22) 1111 - روي بالإسناد عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه وقلنا له: أوصنا يابن رسول اللَّه، فقال: ليُعن قويّكم ضعيفكم، وليعطف غنيّكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه النصيحة لأمرنا، وكتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وان لم تجدوه موافقاً فردّوه، وان اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا، حتّى نشرح لكم من ذلك ما شُرح لنا، وإذا كنتم كما أوصينكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك منكم قائمنا فقُتل معه كان له 1112 - أجر شهيدَين، ومن قَتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً.(23) كمال الدّين بإسناده عن سيّد العابدين عليه السلام أنّه قال: من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا عليه السلام أعطاه اللَّه أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واُحد.(24) 1113 - غيبة الطوسيّ: عن الصادق عليه السلام أنّه قال: من عرف هذا الأمر ثمّ مات قبل أن يقوم القائم عليه السلام، كان له مثل أجر من قتل معه.(25) 1114 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن زيد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليه السلام، عن أبيه الحسين بن عليّ عليه السلام، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال في حديث له: المؤمن على أيّ الحالات مات، وفي أيّ يوم وساعة قُبض فهو صدّيق شهيد، ولقد سمعت حبيبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: لو أنّ المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض، لكان الموت كفّارة لتلك الذنوب... الحديث.(26) 1115 - روي الشيخ المفيد رحمه الله عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: نحن الشهداء على شيعتنا، وشيعتنا شهداء على الناس، وبشهادة شيعتنا يجزون ويعاقبون.(27) 1116 - روي عبد اللَّه بن مغيرة، قال: قال محمّد بن عبد اللَّه للرضا عليه السلام وأنا أسمع: حدّثني أبي عن أهل بيته، عن آبائه، أنّه قال بعضهم: إنّ في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، وعدوّاً يقال له الديلم، فهل من جهاد، أو هل من رباط؟ فقال الرضا عليه السلام: عليكم بهذا البيت فحجّوه. فأعاد عليه الحديث فقال: عليكم بهذا البيت فحجّوه، أما يرضي أحدكم أن يكون في بيته ويُنفق على عياله مِن طَوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه، كان كمن شهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بدراً، وإن مات منتظراً لأمرنا، كان كمن كان مع قائمنا صلوات اللَّه عليه... الحديث.(28) 1117 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: (الّذين قَالُوا رَبُّنا اللَّه ثمّ استَقَاموا)(29) فقال عليه السلام: استقاموا على الأئمّة واحداً بعد واحد، تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون.(30) أقول: مرّت أحاديث كثيرة في فضل الانتظار، فراجع. علي العالم أن يظهر علمه 1118 - روي العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدس سره، بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبي الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار - وكانا من الشيعة الإماميّة - قالا: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام، قال: حدّثني أبي، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّه قال: أشدّ من يُتم اليتيم الّذي انقطع من اُمّه وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما يُبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حِجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق (الرفيع) الأعلي.(31) 1119 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليهما السلام، قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: من كان من شيعتنا عالماً بشريعتنا، فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الّذي حبوناه به، جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضي ء لجميع أهل العرصات، وحلّة لا تقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها، ثمّ ينادي منادٍ: ياعباد اللَّه هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان، فيخرج كلّ من كان علمه في الدنيا خيراً، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلاً، أو أوضح له عن شبهة.(32) 1120 - وبهذا الاسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام قال، قال الحسن بن عليّ عليهما السلام: فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه، الناشب في رتبة الجهل، يُخرجه من جهله ويوضّح له ما اشتبه عليه، على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه كفضل الشمس على السماء.(33) 1121 - وبهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام، قال: قال الحسين بن عليّ عليهما السلام: من كفل لنا يتيماً قطعته عنّا محنتنا باستتارنا، فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده وهداه، قال اللَّه عزّ وجلّ: أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه، أنا أولي بالكرم منك، اجعلوا له ياملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر، وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعيم.(34) 1122 - وبهذا الإسناد عنه عليه السلام، قال: قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام: العالم كمن معه شمعة تضيي ء للناس، فكلّ من أبصر بشمعته دعا بخير، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة، فكلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل، فهو من عتقائه من النار، واللَّه يعوّضه عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على الوجه الّذي أمر اللَّه عزّ وجلّ به، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها، لكن يعطيه اللَّه ما هو أفضل من مائة ألف ركعة يصلّيها من بين يَدَي الكعبة.(35) 1123 - وبهذا الإسناد عنه عليه السلام، قال: قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام: علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته والنواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا، كان أفضل ممّن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرّة، لأنّه يدفع عن أديان محبّينا، وذلك يدفع عن أبدانهم.(36) 1124 - وعنه عليه السلام بالإسناد المتقدّم قال: قال موسى بن جعفر عليهما السلام: فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه، أشدّ على إبليس من ألف عابد (وفي نسخة: الف الف عابد) لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط، وهذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد اللَّه وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته، فلذلك هو أفضل عند اللَّه من ألف عابد وألف ألف عابدة.(37) 1125 - وعنه عليه السلام، قال: قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام: يُقال للعابد يوم القيامة: نِعمَ الرجل كنتَ همّتك ذات نفسك وكفيت مؤنتك فادخل الجنّة، ألا إنّ الفقيه من أفاض على الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم، ووفّر عليهم نعم جنان اللَّه تعالي، وحصّل لهم رضوان اللَّه تعالي، ويُقال للفقيه: ياأيّها الكافل لأيتام آل محمّد، الهادي لضعفاء محبّيهم ومواليهم: قف حتّى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك، فيقف فيدخل الجنّة معه فئاماً وفئاماً وفئاماً - حتّى قال عشراً - وهم الّذين أخذوا عنه علومه وأخذوا عمّن أخذ عنه وعمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة، فانظروا كم صرف ما بين المنزلتَين.(38) 1126 - وعنه عليه السلام قال: قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما السلام: من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم، المتحيّرين في جهلهم، الأساري في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا، فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم، وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودلائل أئمّتهم، ليحفظوا عهد اللَّه على العباد بأفضل الموانع، بكثر من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسيّ والحجب على السماء، وفضلهم على العباد كفضل القمر ليلة البدر على أخفي كوكب في السماء.(39) 1127 - وعنه عليه السلام، قال: قال عليّ بن محمّد عليهما السلام: لولا من يبقي بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج اللَّه، والمنقذين لضعفاء عباد اللَّه من شبك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين اللَّه، ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، اُولئك هم الأفضلون عند اللَّه عزّ وجلّ.(40) 1128 - وعن الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام قال: يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم، على رأس كلّ واحد منهم تاج بهاء، قد انبثّت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة، فشعاع تيجانهم ينبثّ فيها كلّها، فلا يبقي هنك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علّموه، ومن حيرة التيه أخرجوه، إلّا تعلّق بشعبة من أنوارهم، فرفعتهم إلى العلوّ حتّى تحاذي بهم فوق الجنان، ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار اُستاديهم ومعلّميهم، وبحضرة أئمّتهم الّذين كانوا إليهم يدعون، ولا يبقي ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلّا عميت عينه وأصمّت اُذنه وأخرس لسانه وتحوّل عليه أشدّ من لهب النيران، فيحملهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعوّنهم إلى سواء الجحيم.(41) 1129 - وقال أيضاً أبو محمّد الحسن العسكريّ عليهما السلام: إنّ محبّي آل محمّد صلى الله عليه وآله مسكين مواساتهم أفضل من مواساة مسكين الفقراء، وهم الّذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم من مقاتلة أعداء اللَّه الّذين يعيّرونهم بدينهم ويسفّهون أحلامهم، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم ثمّ يسلّطهم على الأعداء الظاهرين النواصب، وعلي الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتّى يهزموهم عن دين اللَّه يذودوهم عن أولياء آل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، حوّل اللَّه تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم، قضي اللَّه تعالى بذلك قضاءاً حقّاً على لسان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.(42) الهوامش: (1) التغابن: 7. (2) النساء: 54. (3) التغابن: 7. (4) الملاحم والفتن 117-115 ب 27؛ عن فتن السليليّ. (5) التشريف بالمنن 241-240 ب 28. (6) التغابن: 12. (7) تأويل الآيات 161:1 ح 20؛ تفسير البرهان 343:4 ح 1، والمتن مأخوذ منه. (8) الطلاق: 2 و3. (9) المحاسن للبرقي 173 ح 148. (10) يونس: 48. (11) كمال الدّين 317:1 ح 3. (12) المحاسن للبرقي 173 ح 148. (13) تأويل الآيات الظاهرة 2 : 666-665 ح 21. (14) الحديد: 19. (15) تفسير مجمع البيان 238:9. (16) المحاسن للبرقي 164 - 163 ب 32. (17) المحاسن للبرقي 164 - 163 ب 32. (18) المحاسن للبرقي 164 - 163 ب 32. (19) المحاسن للبرقي 164-163 ب 32. (20) المحاسن للبرقي 164-163 ب 32. (21) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13 : 111-110؛ بحار الأنوار 144:52. (22) كمال الدّين 2 : 647-646 ح 7. (23) بشارة المصطفي 113 ح 1. (24) كمال الدّين 322:1 ح 7. (25) الغَيبة للطوسيّ 277. (26) المواعط 115-113. (27) بحار الأنوار 143:68. (28) وسائل الشيعة ج 11 ب 2 من الجهاد ح 5. (29) فصّلت: 30؛ الأحقاف: 13. (30) الكافي 420:1 ج 40. (31) الإحتجاج 6:1. (32) الإحتجاج 1 : 13-6. (33) الإحتجاج 1 : 13-6. (34) الإحتجاج 1 : 13-6. (35) الإحتجاج 1 : 13-6. (36) الإحتجاج 1 : 13-6. (37) الإحتجاج 1 : 13-6. (38) الإحتجاج 1 : 13-6. (39) الإحتجاج 1 : 13-6. (40) الإحتجاج 1 : 13-6. (41) الإحتجاج 1 : 13-6. (42) الإحتجاج 1 : 13-6. ****************** 1130 - روي ثقة الإسلام الكلينيّ قدس سره بإسناده عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من قرأ المسبّحات كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يدرك القائم، وإن مات كان في جوار محمّد النبيّ صلى الله عليه وآله.(1) الدعاء لتعجيل الفرج من أدعية تعجيل الفَرَج: 1- دعاء الصلوات 2- دعاء القنوت 3- دعاء النُدبة 4- دعاء الفرج 5- دعاء العشرات 1131 - روي السيد ابن طاووس قدس سره بإسناده عن محمّد بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام حديثاً في فضل قراءة دعاء العشرات الّذي جاء فيه: ... وأشهد أنّ عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسي بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والخلف الصالح الحجّة المنتظر صلواتك ياربّ عليه وعليهم أجمعين، هم الأئمّة الهداة المهتدون، غير الضالّين ولا المضلّين، وانّهم أولياؤك المصطفون، وحزبك الغالبون وصفوتك من خلقك، وخيرتك من بريتك، ونجباؤك الّذين انتجبتهم لولايتك، واختصصتهم من خلقك، واصطفيتهم على عبادك، وجعلتهم حجّة على العالمين، صلواتك عليهم والسلام ورحمة اللَّه وبركاته...(2) زيارته صلوات الله عليه 1132 - خرج التوقيع من الناحية المقدّسة حرسها اللَّه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون. السلام علينا وعلي عباد اللَّه الصالحين. إذا أردتم التوجّه إلى اللَّه وإلينا، فقولوا كما قال اللَّه تعالى: (سَلام على آل ياسين).(3) السلام عليك ياداعي اللَّه وربّاني آياته، السلام عليك ياباب اللَّه وديّان دينه، السلام عليك ياخليفة اللَّه وناصر خلقه، السلام عليك يا حُجّة اللَّه ودليل إرادته، السلام عليك ياتالي كتاب اللَّه وتَرجُمانه، السلام عليك يابقيّة اللَّه في أرضه، السلام عليك ياميثاق اللَّه الّذي أخذه ووكده، السلام عليك ياوَعد اللَّه الّذي ضمنه، السلام عليك أيّها العَلَم المنصوب، والعِلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة وعداً غير مكذوب. السلام عليك حين تقعد، السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقرأ وتبيّن، السلام عليك حين تصلّي وتقنت، السلام عليك حين تركع وتسجد، السلام عليك حين تكبّر وتهلّل، السلام عليك حين تحمد وتستغفر، السلام عليك حين تُمسي وتُصبح، السلام عليك في الليل إذا يغشي والنهار إذا تجلّي، السلام عليك أيّها الإمام المأمون، السلام عليك أيّها المقدّم المأمول، السلام عليك بجوامع السلام. اُشهدك يامولاي أ نّي أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله لا حبيب إلّا هو وأهله. وأشهد أنّ أمير المؤمنين حجّته، والحسن حجّته، والحسين حجّته، وعليّ بن الحسين حجّته، ومحمّد بن عليّ حجّته، وجعفر بن محمّد حجّته، وموسي بن جعفر حجّته، وعليّ بن موسى حجّته، ومحمّد بن عليّ حجّته، وعليّ بن محمّد حجّته، والحسن بن عليّ حجّته، وأشهد أنّك حجّة اللَّه. أنتم الأوّل والآخر، وأنّ رجعتكم حقّ لا شك فيها، يومَ لا ينفع نفساً إيمانُها لم تكن آمنت من قبلُ أو كسبت في إيمانها خيراً، وأنّ الموت حقّ، وأنّ نكراً ونكيراً حقّ، وأشهد أنّ النشر والبعث حقّ، وأنّ الصراط والمرصاد حقّ، والميزان والحساب حقّ، والجنّة والنار حقّ، والوعد والوعيد بهما حقّ. يامولاي شقي من خالفكم، وسعد من أطاعكم. فأشهد على ما أشهدتُك عليه، وأنا وليّ للَّه بري من عدوّك، فالحقّ ما رضيتموه والباطل ما سخطتموه، والمعروف ما أمرتم به، والمنكر ما نهيتم عنه، فنفسي مؤمنة باللَّه وحده لا شريك له، وبرسوله، وبأمير المؤمنين، وبأئمّة المؤمنين وبكم يامولاي، أوّلكم وآخركم، ونصرتي معدّةً لكم، فمودّتي خالصة لكم. آمين آمين. الدعاء عقَيب هذا القول بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم اللهمّ إنّي أسألك أن تصلّي على محمّد نبيّ رحمتك، وكلمة نورك، وأن تملأ قلبي نور اليقين، وصدري نور الإيمان، وفكري نور الثبات، وعزمي نور العلم، وقوّتي نور العمل، ولساني نور الصدق، ودِيني نور البصائر من عندك، وبصري نور الضياء، وسمعي نور وعي الحكمة، ومودّتي نور الموالاة لمحمّد وآله عليهم السلام، حتّى ألقك وقد وفيتُ بعهدك وميثاقك، فلتسعني رحمتك ياولي ياحميد. اللهمّ صلّ على حجّتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، والداعي إلى سبيلك، والقائم بقسطك، والثائر بأمرك، ولي المؤمنين وبوار الكافرين، ومجلي الظلمة، ومنير الحقّ، والساطع بالحكمة والصدق، وكلمتك التامّة في أرضك، المرتقب الخائف، والوليّ الناصح، سفينة النجاة، وعلم الهدي، ونور أبصار الوري، وخير من تقمّص وارتدي، ومجلي العمي، الّذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، إنّك على كلّ شيء قدير. اللهمّ صلّ على وليّك وابن أوليائك الّذين فرضت طاعتهم، وأوجبت حقّهم وأذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً. اللهمّ انصره وانصر به أولياءك وأولياءه، وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم. اللهمّ أعِذه من كلّ باغٍ وطاغ، ومن شرِّ جميع خلقك، واحفَظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، واحرسه وامنعه من أن يُوصَل إليه بسوء، واحفظ فيه رسولك وآل رسولك، وأظهر به العدل وأيّده بالنصر، وانصُر ناصريه، واخذُل خاذليه، واقصم به جبابرة الكفرة، واقتل به الكفّار والمنافقين، وجميع الملحدين حيث كانوا في مشارق الأرض ومغاربها، برّها وبحرها، واملأ به الأرض عدلاً، وأَظهرِ به دين نبيّك، واجعلني اللهمّ مِن أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته، وأرني في آل محمّد ما يأملون وفي عدوّهم ما يحذرون، إله الحقّ آمين، ياذا الجلال والكرام، ياأرحم الراحمين.(4) زيارة الحجّة يوميّا بعد فريضة الصبح اللهمّ بلِّغ مولاي صاحب الزمان صلوات اللَّه عليه عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها وبرّها وبحرها وسهلها وجبلها، حيّهم وميّتهم، وعن والديّ وولدي وعنّي من الصلوات والتحيّات زِنة عرش اللَّه ومِداد كلماته ومُنتهي رضاه وَعدَدَ ما أحصاه كتابه وأحاط به عِلمه، اللهمّ إنّي اُجدّد له في هذا اليوم وفي كلّ يوم عَهداً وعَقداً وبَيعة في رقبتي. اللهمّ كما شرّفتني بهذا التشريف وفضّلتني بهذه الفضيلة وخصصتني بهذه النعمة، فصلّ على مولاي وسيّدي صاحب الزمان، واجعلني من أنصاره وأشياعه والذابّين عنه، واجعلني من المُستَشهَدين بين يديه طائعاً غير مُكرَه، في الصفّ الّذي نَعَتَّ أهلَه في كتابك فقلت صفّاً كأنّهم بُنيانٌ مرصوص، على طاعتك وطاعة رسولك وآله عليهم السلام، اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة.(5) الاستغاثة بالحجة صاحب العصر قال السيّد على خان في الكلم الطيّب: هذه استغاثة بالحجّة صاحب العصر صلوات اللَّه عليه، صلّ أينما كنتَ ركعَتين بالحمد وما شئتَ من السور، ثمّ قف مستقبل القبلة تحت السماء وقل: سلامُ اللَّه الكامل التامّ الشامل العامّ، وصلواته الدائمة وبركاته القائمة التامّة، على حجّة اللَّه ووليّه في أرضه وبلاده، وخليفته على خلقه وعباده، وسلالة النبوّة وبقيّة العترة والصفوة، صاحب الزمان، ومُظهر الإيمان، وملقّن أحكام القرآن، ومطهّر الأرض، وناشر العدل في الطول والعرض، والحجّة القائم المهدي الإمام المنتظر المرضيّ، وابن الأئمّة الطاهرين، اَلوَصيّ بن الأوصياء المرضيّين، الهادي المعصوم ابن الأئمّة الهداة المعصومين، السلام عليك يامعزّ المؤمنين المستضعفين، السلام عليك يامذلّ الكافرين المتكبّرين الظالمين، السلام عليك يامولاي ياصاحب الزمان، السلام عليك يابن رسول اللَّه، السلام عليك يابن أمير المؤمنين، السلام عليك يابن فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين، السلام عليك يابن الأئمّة الحجج المعصومين، والإمام على الخلق أجمعين، السلام عليك يامولاي سلام مخلص لك في الولاية، أشهد أ نّك الإمام المهدي قولاً وفعلاً، وأنت الّذي تملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً، فعجّل اللَّه فَرَجك، وسهّل مخرجك، وقرّب زمانك، وكثّر أنصارك وأعوانك، وأنجز لك ما وعدك، فهو أصدق القائلين (ونُريد أن نَمُنّ على الّذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارِثين)(6) يامولاي ياصاحب الزمان يابن رسول اللَّه حاجتي - كذا وكذا - فاشفع لي في نجاحها فقد توجّهت إليك بحاجتي لعِلمي أنّ لك عند اللَّه شفاعة مقبولة ومقاماً محموداً، فبحقّ من إختّصكم بأمره وارتضكم لسرّه، وبالشأن الّذي لكم عند اللَّه بينكم وبينه، سلِ اللَّه تعالى في نجح طلبتي وإجابة دعوتي وكشف كربتي. وسل ما تريد فإنّه يُقضي إن شاء اللَّه. أقول: الأحسن أن يقرأ بعد الحمد في الركعة الاولى من هذه الصلوات سورة إنّا فتحنا، وفي الثانية (إذا جاء نصر اللَّه والفتح).(7) مناجاة للتشرف برؤيا النبي أو الإمام الحجة في المنام من أراد أن يري سيّد البريّات في المنام، فليصلّ ركعتين بعد صلاة العشاء بأيّ سورة أراد، ثمّ يقرأ هذا الدعاء مائة مرّة: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم يانور النور، يامدبّر الاُمور، بلّغ عنّي روح محمّد وأرواح آل محمّد تحيّة وسلاماً).(8) 1133 - عن النبيّ صلى الله عليه وآله قال: من تطهّر ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر ولبس ثوبَين نظيفين ثمّ خرج إلى مصلّاه وصلّي العشاء الآخرة، ثمّ صلّي بعدها ركعَتين، يقرأ في أوّل ركعة الحمد وثلاث آيات من أوّل البقرة، وآية الكرسي وثلاث آيات من آخرها، وفي الثانية الحمد مرّة وقل أعوذ بربّ الناس سبع مرّات والفَلَق سبع مرّات والتوحيد سبع مرّات، ثمّ يسلّم ويصلّي بعدها أربع ركعات يقرأ في أوّل ركعة يس، وفي الثاني حم الدخان، وفي الثالث الم السجدة، وفي الرابعة تبارك، ثمّ يصلّي بعدها مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والتوحيد عشر مرّات، قضي اللَّه تعالى له ثلاث حوائج، إمّا في عاجل الدنيا أو في آجل الآخرة، ثمّ إن سأل اللَّه أن يراني من ليلته رآني.(9) 1134 - وعن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، قال: مَن كانت له إلى اللَّه حاجة وأراد أن يرانا وأن يعرف موضعه من اللَّه، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنّه يرانا ويغفر له بنا ولا يخفي عليه موضعه...(10) تهذيب النفس وتزكيتها للتشرف بلقاء الإمام 1135 - ومن كتاب لمولانا صاحب الزمان عليه السلام للشيخ المفيد ورد عليه سنة إثنتي عشرة وأربعمائة، جاء فيه: بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم ... ونحن نعهد إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظالمين، أيّدك اللَّه بنصره الّذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنّه من اتّقي ربّه من إخوانك في الدّين، وأخرج ممّا عليه إلى مستحقّيه، كان آمناً من الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المظلّة، ومَن بخل منهم بما أعاده اللَّه من نعمته على مَن أمره بصلته، فإنّه يكون خاسراً بذلك لاُولاه وآخرته، ولو أنّ أشياعنا وفّقهم اللَّه لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة وصدقها منهم بها، فما يحبسنا عنهم إلّا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم، واللَّه المستعان وهو حسبنا ونِعم الوكيل، وصلاته على سيّدنا البشير النذير محمّد وآله الطاهرين وسلّم.(11) بشارة الإمام المهدي لشيعته ومواليه 1136 - ومن كتاب ورد من الناحية المقدّسة حرسها اللَّه تعالى إلى الشيخ المفيد أيضاً وفيه: بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم ... نحن وإن كنّا ناوين بمكاننا النائي عن مسكن الظالمين، حسب الّذي أراناه اللَّه تعالى لنا من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت الدنيا للفاسقين، فإنّا نحيط عِلماً بأنبائكم، ولا يعزُب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذلّ الّذي أصابكم منذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون. إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذِكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء، أو اصطلمكم الأعداء، فاتّقوا اللَّه جلّ جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها مَن حمّ أجله، ويحمي عنها من أدرك أمله، وهي امارة لاُزوف حركتنا، ومباثتكم بأمرنا ونهينا، واللَّه متمّ نوره ولو كره المشركون. اعتصموا بالتقيّة من شبّ نار الجاهلية، يحشّشها عُصب اُموية، يهول بها فرقة مهدية، أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن، وسلك في الطعن منها السبل المرضيّة، إذا حلّ جمادي الاولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الّذي يليه. ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها بالسويّة، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مرّاق، تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق، ثمّ تنفرج الغمّة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار، ثمّ يسرّ بهلكه المتّقون الأخيار، ويتّفق لمريدي الحجّ من الآفاق ما يؤمّلونه منه على توفير عليه منهم واتّفاق، ولنا في تيسير حجّهم على الإختيار منهم والوفاق شأن يظهر على نظام واتّساق. فليعمل كلّ امري ءٍ منكم بما يقرب به من محبّتنا، ويتجنّب ما يُدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإنّ أمرنا بغتةً فجاءَة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حَوبة.(12) كلمة أخيرة أقول: ورد في كتاب (مكيال المكارم) كلام في تكاليف عصر الغَيبة، ونُشير إلى بعض ما جاء فيها لفائدته: 1- انتظار الفرج. 2- تهذيب النفس. 3- العزم على التوبة النصوح، وإعادة الحقوق إلى أصحابها. 4- تكذيب مدّعي النيابة الخاصّة في عصر الغَيبة الكبري. 5- عدم التوقيت. 6- الاقتداء بالإمام والتأسّي بأخلاقه وسيرته. 7- الاستعانة باللَّه تعالى للتعرّف على الإمام (دعاء: اللهمّ عرّفني نفسك...)(13) 8- العزم القلبيّ على نُصرة الإمام، والتهيّؤ لذلك. 9- رعاية الأدب عند ذِكره. 10- محبّته عليه السلام وتحبيبه إلى الناس. 11- ذِكر فضائله ومناقبه عليه السلام. 12- زيارته والتسليم عليه عليه السلام. 13- تجديد البيعة له عند الفرائض وأيّام الجمعة. 14- رعاية حقوقه عليه السلام. 15- الصبر على الأذي والتكذيب. 16- الاهتمام بأداء حقوق الإخوة في الإيمان. 17- التصدّق عن الإمام عليه السلام والحجّ نيابة عنه. 18- التوسّل إلى اللَّه تعالى به عليه السلام. 19- تجليل الأمكن الّتي تشرّفت بحضوره عليه السلام. 20- احترام المقرّبين إليه والمنسوبين له. 21- زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام والبكاء في مصابه. 22- التبرّي ء من قَتَلَة الحسين عليه السلام ومن أعداء أهل البيت وظالميهم. 23- حضور مجالس ذِكر فضائل الإمام المنتظر عليه السلام. نسأله - عزّ من مسؤول - أن يمنّ علينا بمتابعته عليه السلام، وأن يُعيننا على تهذيب أنفسنا وتزكيتها، لنكون من اللائقين بالتشرّف بلقائه ونُصرته عليه السلام، وأن يُعجّل فرجه وظهوره، فيملأ به الأرض قِسطاً وعدلاً، ويُحقّق به وعده الّذي لا يُخلَف في إظهار الدّين ونصره، إنّه أرحم الراحمين، وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالَمين. الهوامش: (1) الكافي 620:2 ح 3؛ ثواب الأعمال 146 ح 2. (2) بحار الأنوار 73:90؛ البلد الأمين 26-24. (3) الصافّات: 130؛ وهذه قراءة منسوبة للإمام الرضا (عليه السلام)؛ انظر (ينابيع المودّة) المقدّمة. وقد نُسبت أيضاً إلى زيد بن عليّ، نافع، ابن عامر، يعقوب، رويس، الأعرج، شيبة، وعبد اللَّه. انظر (معجم القراءات القرآنيّة) 246:5. (4) الإحتجاج 2 : 495-494. (5) مفاتيح الجنان المعرّب للمحدّث القمّي 539-538. (6) القصص: 5. (7) مفاتيح الجنان المعرب 117. (8) دار السلام 12:3. (9) دار السلام 21:3. (10) نفس المصدر 8:2. (11) الإحتجاج 2 : 498-497. (12) الإحتجاج 322:2. (13) رقم الآية.