مهدي المنتظر المجلد الثاني نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهدي المنتظر المجلد الثاني - نسخه متنی

حسین شاکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
المهدي المنتظر المجلد الثاني
المؤلف: حسين الشاكري
تفهرست الموضوعات
1فضائله ومناقبه
2تفضيله علي بعض الانبياء والصحابة
3المهدي خليفة الله
4المهدي صفوة الله
5هو من أمر الله وسره
6له بيت الحمد
7تشتاق اليه الجنة
8المهدي طاووس اهل الجنة
9المهدي من سادة اهل الجنة
10يختم به الدين وتؤلف القلوب
11لا مهدي ينتظر غيره
12جحوده جحود للنبوة
13المهدي رجل صالح
14المهدي يصلح أمر الامة
15قوته وأيده
16عطاؤه وعدله
17زهده
18تاييده بالمعارف والعلوم والمعاجز
19فضل الجهاد والشهادة بين يديه
20معجزاته وکراماته
21معجزاته في حال ولادته
22في ظهوره وغيبته في الحال
23طي الارض
24علمه بالبلايا والمنايا وبما يکون
25في استجابة دعائه
26علمه بالمغيبات
27معرفته بحديث النفس وما في الضمير
28آياته في الجمادات
29في علاج العاهات
30توقيعاته ورسائله
31الطهارة
32الصلاة
33الزکاة والخمس
34الصوم
35الحج
36الدعاء والزيارة
37قنوت مولانا الحجة بن الحسن عليه السلام
38دعاء ليلة الجمعة وأعمالها
39دعاء للشدة والخوف
40دعاء لشفاء الامراض
41التجارة
42الوقوف والصدقات
43النکاح
44القضاء والشهادات
45الاطعمة والاشربة
46توقيعه في أمر الخجندي
47توقيع له في شأن الشلمغاني
48توقيع خرج في من ارتاب فيه
49في معني التفويض
50في رد الغلاة
51اهل الجنة هل يتوالدون؟
52في علم الامام
53في تسميته
54تکذيبه جعفر بن علي في ادعائه الامامة
55توقيع له الي علي بن محمد السمري
56توقيع له في جواب مسائل اسحاق بن يعقوب
57کتاب له في جواب مسائل محمد بن جعفر الاسدي
58ومن کتاب له إلي الشيخ المفيد
59من تشرف برؤية الامام الحجة
60من فاز برؤية الامام الحجة قبل الغيبة الکبري
61ابراهيم بن ادريس
62ابراهيم بن عبدة النيسابوري وخادمته
63ابراهيم بن محمد بن احمد الانصاري
64ابراهيم بن محمد التبريزي
65ابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري
66ابراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي
67ابراهيم بن مهزيار
68ابن اخت أبي بکر العطار الصوفي
69ابن الاعجمي
70ابن باذشالة
71ابن الخال
72ابو الاديان
73ابوثابت
74ابوجعفر الاحول الهمداني
75ابوجعفر الرفاء
76ابوالحسن الحسني
77ابوالحسن الدينوري
78ابوالحسن العمري
79ابوالحسن بن کثير النوبختي
80ابوالحسين بن أبي البغل الکاتب
81ابو رجاء
82ابوطالب، خادم رجل من أهل مصر
83ابوعبدالله الجنيدي
84ابوعبدالله بن صالح
85ابوعبدالله بن فروخ
86ابوعبدالله الکندي
87ابوعلي بن مطهر
88ابوعلي النيلي
89ابوغانم الخادم
90ابوالقاسم الجليسي
91ابوالقاسم بن ابي حليس
92ابوالقاسم بن دبيس
93ابومحمد الثمالي
94ابومحمد الدعلي
95ابومحمد السروي
96ابومحمد بن هارون
97ابومحمد بن الوجناء
98ابونعيم الانصاري الزيدي
99ابو هارون
100ابوالهيثم الديناري
101احمد بن ابراهيم بن ادريس
102احمد بن ابراهيم بن مخلد
103احمد بن أبي روح
104احمد بن احمد بن محمد بن سليمان الزراري
105احمد بن اخية
106احمد بن اسحاق بن سعد الاشعري
107احمد بن الحسن بن أبي صالح الخجندي
108احمد بن الحسن بن احمد الکاتب
109احمد بن الحسن البغدادي
110احمد بن سورة
111احمد بن عبد الله
112احمد بن عبدالله الهاشمي
113احمد بن محمد بن بطة
114احمد بن محمد السراج الدينوري
115احمد بن هلال
(1) / (2) / (3) / (4)
******************
فضائله ومناقبه
ورد في مصادر العامة والخاصة أنّ مقام الامام المهدي (عليه السلام) مقام عظيم عند الله سبحانه، فهو طاووس أهل الجنّة، ومن سادتها، وأنّه سيّد في الدنيا والاخرة، وأنّ الله تعالي يجري علي يديه کرامات وآيات ومعجزات عديدة عند ظهوره.
ووردت في مصادر الشيعة کثير من الاحاديث المفصّلة في الامام القائم (عليه السلام)، فهو حجّة الله علي الخلق، والقائم بالحقّ، ونور الله في الارض، وخليفة الله في أرضه، ومعدن علم الله ومستودع سرّه، وشريک القرآن في وجوب الطاعة، وغيرها من الکرامات التي يطول شرحها، وقد تقدّم في الفصول السابقة من کتابنا هذا بيان الکثير منها.
ولقد کان الائمة(عليهم السلام) في طليعة المعبّرين عن فضل الامام المهدي (عليه السلام) ومقامه.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يعطف الهوي علي الهدي، إذا عطفوا الهدي علي الهوي، ويعطف الرأي علي القرآن إذا عطفوا القرآن علي الرأي... إلي أن قال: وتخرج له الارض أفاليذ أکبادها، وتلقي إليه سلماً مقاليدها، فيريکم کيف عدل السيرة، ويحيي ميّت الکتاب والسنّة.(1)
وقال (عليه السلام): قد لبس للحکمة جنّتها، وأخذ بجميع أدبها، من الاقبال عليها والتضرّع لها، فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها، وحاجته التي يسأل عنها، فهو مغترب إذا اغترب الاسلام، وضرب بعسيب ذنبه، وألصق الارض بجرانه... بقيّة من بقايا حجّته، خليفة من خلائف أنبيائه.(2)
وصرّح کثير من الاعلام ببيان فضائله وعظيم فضله (عليه السلام).
قال محمّد بن طلحة الشافعي: الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص بن علي المتوکّل بن (محمّد) القانع بن عليّ الرضا (عليهم السلام).
فهذا الخَلَف الحُجّة قد أيّده اللهُ
وأعلي في ذُري العَلياء بالتأييد مَرْقاهُ
تري الاخبار في المهديّ جاءَت بمسمّـاهُ
ويکفي قوله منّي لاشراق مُحَيّاهُ
ولن يبلُغَ ما اُوتيه أمثالٌ وأشباهُ هداه منهج الحقِّ وآتاه سَجاياهُ
وذو العِلم بما قال إذا أدرک مَعناهُ
وقد أبداه بالنِّسبة والوَصْفِ وسمّـاهُ
ومِن بَضْعَته الزهراء مجراه ومرساهُ
فإن قالوا هو المهديّ ما ماتوا بما فاهوا
قد وقع من النبوّة في أکنافِ عناصرها، ورضع من الرسالة أخلاف أواصرها، ونزَع من القرابة بسِجال معاصرها، وبرَع في صفات الشرف وعقدت عليه بخناصرها، واقتني من الانساب شرف نصابها، واعتلي عند الانتساب علي شرف أحسابها، واجتني جَنَي الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من وُلد الطُّهرِ البتول، المجزوم بکونها بَضعَة من الرسول، فالرسالة أصلُه، وإنّها لاشرف العناصر والاُصول.(3)
وقال عليّ بن عيسي الاربلي: مناقب المهدي (عليه السلام) ظاهرة النور، منيرة الظهور، سافرة الاشراق، مشرقة السفور، مسوّرة بالعلاء، عالية السور، آمرة بالعدل، عادلة في الاُمور، يکاد المداد أن يبيّض من إشراق ضيائها، وتذعن الثوابت لارتفاعها وعلائها، وتتضاءل الشموس للالائها.
نور الانوار، وسلالة الاخيار، وبقية الاطهار، وذخيرة الابرار، والثمرة المتخلّفة من الثمار، صاحب الزمان الغائب عن العيان، الموجود في کلّ الازمان، القويّ في ذات الله، الشديد علي أعداء الله، المؤيّد بنصر الله، المخصوص بعناية الله، القائم بأمر الله، المنصور بعون الله.
قد تعاضدت الاخبار علي ظهوره، وتظاهرت الروايات علي إشراق نوره، وستسفر ظلم الايام والليالي بسفوره، وتنجلي به الظلم انجلاء الصباح عن ديجوره، ويخرج من سرار الغيبة، فيملا القلوب بسروره، ويسير عدله في الافاق، فيکون أضوأ من البدر في مسيره، ويعيد الله به دينه، ويوضح منهاج الشرع وقانونه، ويصدع بالدلالة، ويقوم بتأييد الامامة والرسالة، ويردّ الايام حالية بعد عطلتها، وقويّة بعد ضعف قوّتها، ويجدّد الشريعة المحمّديّة بعد اندحاضها، ويبرم عقدها بعد انتقاضها، ويعيدها بعد ذهابها وانقراضها، ويبسطها بعد تجعّدها وانقباضها، ويجاهد في الله حقّ جهاده، ويطهّر من الادناس أقطار بلاده، ويصلح من الدين ما سعت الاعداء في إفساده، ويحيي بجدّه واجتهاده سنّة آبائه وأجداده، ويملا الدنيا عدلاً کما ملئت جوراً، ويخلق للظلم دوراً، ويجدّد للعدل دوراً.
يُردي الطغاة المارقين، ويبيد العتاة والمنافقين، ويکفّ عادية الاشرار والفاسقين، ويسوق الناس سياقة لم يرَ من قبله من أحد من السابقين، ولا تري بعده من اللاحقين، فزمانه حقّاً زمان المتّقين، وأصحابه هم المأمور بالکون معهم في قوله تعالي: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(4) خلصوا بتسليکه من الريب، وسلموا بتزيينه من العيب، وأخذوا بهداه وطريقه، واهتدوا من الحقّ إلي تحقيقه، ووفّقهم الله إلي الخيرات بتسديده وتوفيقه.
به ختمت الخلافة والامامة، وإليه انتهت الرياسة والزعامة، وهو الامام من لدن مات أبوه إلي يوم القيامة، فأوصافه زاد الرفاق، ومناقبه شائعة في الافاق، تهزم الجيوش باسمه، وينزل الدهر علي حکمه، فالويل في حربه، والسلامة في سلمه، يجدّد من الدين الرسوم الدارسة، ويشيد معالم السنن الطامسة، ويخفض منار الجور والعدوان، ويرفع شعار أهل الايمان، ويعطّل السبت والاحد، ويدعو إلي الواحد الاحد، المنزّه عن الصاحبة والولد، ويتقدّم في الصلاة علي السيّد المسيح، کما ورد في الخبر الصحيح، والحقّ الصريح، صلوات الله والسلام والتحيّة والاکرام، علي المأموم والامام.(5)
وممّـا تقدّم يتّضح أنّ فضائل الامام المهدي (عليه السلام) کثيرة، لکثرة وغزارة الاخبار والاحاديث الواردة فيه (عليه السلام)، وفي ما يلي نورد بعض ما صرّحت به الاخبار من فضائله وکراماته (عليه السلام).
تفضيله علي بعض الانبياء والصحابة
جاء في الاخبار أنّ المهدي (عليه السلام) يفضّل علي بعض الانبياء والصحابة، وأنّ الله تعالي يعطيه ما أعطي الانبياء (عليهم السلام) ويزيده ويفضّله.
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يعطيه الله عزّ وجلّ ما أعطي الانبياء ويزيده ويفضّله.(6)
وأخرج نعيم من طريق ضمرة، عن محمّد بن سيرين أنّه ذکر فتنة تکون فقال: إذا کان ذلک فاجلسوا في بيوتکم حتّي تسمعوا علي الناس بخير من أبي بکر وعمر. قيل: أفيأتي خير من أبي بکر وعمر؟ قال: قد کان يفضل علي بعض الانبياء (عليهم السلام).(7)
وروي ابن أبي شيبة عن عوف، عن محمّد بن سيرين، قال: يکون في هذه الاُمّة خليفة لا يفضل عليه أبو بکر ولا عمر.(8)
وقال الکنجي: قال: فإن سأل سائل وقال: مع صحّة هذه الاخبار، وهي أنّ عيسي بن مريم يصلّي خلف المهدي (عليه السلام) ويجاهد بين يديه، وأنّه يقتل الدجّال بين يديه، ورتبة التقدّم في الصلاة معروفة، وکذلک رتبة التقدّم للجهاد، وهذه الاخبار ممّـا ثبت طُرُقها وصحّتها عند السنّة، وکذلک ترويها الشيعة علي السواء، وهذا هو الاجماع من کافّة أهل الاسلام، إذ مَن عدا الشيعة والسنّة من الفِرَق فقوله ساقط مردود وحَشْو مُطّرح، فثبت أنّ هذا إجماعُ کافّة أهل الاسلام، ومع ثبوت الاجماع علي ذلک وصحّته، فأ يّهما أفضل الامام والمأموم في الصلاة والجهاد معاً؟
والجواب عن ذلک هو أن نقول: إنّهما قدوتان نبيّ وإمام، فإن کان أحدهما قدوة لصاحبه في حال اجتماعهما، وهو الامام، يکون الامام قدوة للنبيّ في تلک الحال، وليس فيهما (عليهما السلام) مَن تأخذه في الله لومة لائم، وهما أيضاً معصومان من ارتکاب القبائح کافة، والمداهنة، والرياء، والنفاق، ولا يدعو الداعي لاحدهما إلي فعلِ ما يکون خارجاً عن حکم الشريعة، ولا مخالفاً لمراد الله تعالي ورسوله (صلي الله عليه وآله وسلم)، فإذا کان الامر کذلک، فالامام أفضل من المأموم، لموضع ورود الشريعة المحمّدية بذلک، بدليل قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): (يؤمّ بالقوم أقرؤهم لکتاب الله، فإن استَوَوا فأعلَمهم، فإن استووا فأفقههم، فإن استووا فأقدمهم هجرةً، فإن استَوَوا فأصبحهم وجهاً).
فلو علم الامام أنّ عيسي أفضل منه لما جاز له أن يتقدّم عليه، لاحکامه علم الشريعة، ولموضع تنزيه الله تعالي له من ارتکاب کلّ مکروه.
وکذلک لو عَلِم عيسي أنّه أفضل منه، لما جاز له أن يقتدي به لموضع تنزيه الله تعالي له من الرياء، والنفاق، والمحاباة، بل ولما تحقّق الامام أنّه أعلم منه، جاز له أن يتقدّم عليه، وکذلک قد تحقّق عيسي (عليه السلام) أنّ الامام (عليه السلام) أعلم منه فلذلک قدّمه، وصلّي خلفه، ولولا ذلک لم يسعه الاقتداء بالامام، فهذه درجة الفضل في الصلاة.
ثمّ الجهاد هو بذل النفس بين يدي من يرغب إلي الله تعالي بذلک، ولولا ذلک لم يصحّ لاحد جهاد بين يدي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ولا بين يدي غيره، والدليل علي صحّة ما ذهبنا إليه قول الله سبحانه: (إنَّ اللهَ اشْتَرَي مِنَ المُؤْمِنِينَ أنفُسَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ بِأنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ)(9) الاية، ولانّ الامام نائب الرسول (صلي الله عليه وآله) في اُمّته، ولا يسوغ لعيسي (عليه السلام) أن يتقدّم علي الرسول، فکذلک علي نائبه.(10)
المهدي خليفة الله
عن ثوبان، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يُقتل عند کنزکم ثلاثة، کلّهم ابن خليفة، ثمّ لا يصيرُ إلي واحد منهم، ثمّ تجيء الرايات السود فيقتلونهم قتلاً لم يُقتله قومٌ، ثمّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه فإنّه خليفة الله المهدي.(11)
المهدي صفوة الله
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يخرج في المحرّم، ومناد ينادي من السماء: ألا إنّ صفوة الله من خلقه فلان - يعني المهدي (عليه السلام) - فاسمعوا له وأطيعوا.(12)
هو من أمر الله وسره
1 - أخرج ابن أبي شيبة، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: لا تمضي الايام والليالي حتّي يلي منّا أهل البيت فتيً لم تلبسه الفتن ولم يلبسها. قيل: يا بن عباس، يعجز عنها شيوخکم وينالها شبابکم؟! قال: هو أمر الله يؤتيه من يشاء.(13)
2 - وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): عليّ بن أبي طالب إمام اُمّتي وخليفتي عليهم بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملا الله عزّ وجلّ به الارض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحقّ بشيراً إنّ الثابتين علي القول به في زمان غيبته لاعزّ من الکبريت الاحمر.
فقام إليه جابر بن عبد الله الانصاري فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدک غيبة؟ فقال: إي وربّي وليمحصن الله الذين آمنوا ويمحق الکافرين. يا جابر، إنّ هذا لامر من أمر الله وسرّ من سرّ الله، مطويّ عن عباده، فإيّاک والشکّ في أمر الله فهو کفر.(14)
له بيت الحمد
وعن المفضّل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ لصاحب الامر بيتاً يقال له بيت الحمد، فيه سراج يزهر منذ يوم ولد إلي يوم يقوم بالسيف لا يطفأ.(15)
تشتاق اليه الجنة
عن کتاب الفردوس، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): الجنّة تشتاق إلي أربعة من أهلي قد أحبّهم الله وأمرني بحبّهم: عليّ بن أبي طالب، والحسن، والحسين، والمهدي الذي يصلّي خلفه عيسي بن مريم.(16)
المهدي طاووس اهل الجنة
روي ابن شيرويه الديلمي، في کتاب (الفردوس) في باب الالف واللام، بإسناده عن ابن عباس (رضي الله عنه)، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: المهدي طاووس أهل الجنّة.(17)
المهدي من سادة اهل الجنة
روي الثعلبي أبو اسحاق احمد بن محمّد بن إبراهيم، في کتاب (الکشف والبيان في تفسير القرآن)، بإسناده عن أنس بن مالک، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): نحن وُلد عبد المطّلب سادات أهل الجنّة: أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي.(18)
يختم به الدين وتؤلف القلوب
1 - روي أبو نعيم في الاربعين عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قلت: يا رسول الله، أمِنّا آل محمّد المهدي، أم من غيرنا؟ فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لا بل منّا، يختم الله به الدين کما فتح بنا، وبنا ينقذون من الفتن کما اُنقذوا من الشرک، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخواناً کما أ لّف بينهم بعد عداوة الشرک إخواناً في دينهم.(19)
2 - وفي الصواعق المحرقة، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله): قال: المهدي منّا، يختم الدين بنا کما فتح بنا.(20)
لا مهدي ينتظر غيره
وعن الاصبغ بن نباتة، قال: کنّا مع عليّ (عليه السلام) بالبصرة، وهو علي بغلة رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وقد اجتمع حوله أصحاب محمّد (صلي الله عليه وآله)، فقال: ألا اُخبرکم بأفضل خلق الله عند الله يوم يجمع الرسل؟
قلنا: بلي يا أمير المؤمنين.
قال: أفضل الرسل محمّد، وإن أفضل الخلق بعدهم الاوصياء، وأفضل الاوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والاوصياء الاسباط، وإن خير الاسباط سبطا نبيّکم - يعني الحسن والحسين - وإنّ أفضل الخلق بعد الاسباط الشهداء، وإنّ أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطّلب وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، مختصّان بکرامة خصّ الله عزّ وجلّ بها نبيّکم، والمهدي منّا في آخر الزمان، لم يکن في اُمّة من الاُمم مهديّاً ينتظر غيره(21).
جحوده جحود للنبوة
1 - عن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أقرّ بالائمة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي، کان کمن أقرّ بجميع الانبياء وجحد محمّداً (صلي الله عليه وآله).(22)
2 - وعن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): للقائم من ولدي اسمه اسمي، وکنيته کنيتي، وشمائله شمائلي، وسنّته سنّتي، يقيم الناس علي ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلي کتاب ربّي عزّ وجلّ، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنکره في غيبته فقد أنکرني، ومن کذبه فقد کذبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلي الله أشکو المکذّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لاُمّتي عن طريقته (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ)(23).(24)
3 - وعن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): من أنکر القائم من ولدي في زمان غيبته فمات، فقد مات ميتة جاهلية.(25)
المهدي رجل صالح
بإسناده عن أبي اُمامة، قال: خطبنا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وذکر الدجّال، قال: فتنفي المدينة الخَبَثَ کما ينفي الکِيرُ خَبَثَ الحديد، ويُدعي ذلک اليوم يوم الخلاص.
فقالت اُمّ شريک: فأين العرب يومئذ يا رسول الله؟ قال: يومئذ قليل وجُلّهم ببيت المقدس إمامهم المهدي، رجل صالح.(26)
المهدي يصلح أمر الامة
من کتاب (فضائل الصحابة) لابي المظفّر السمعاني، قال: بالاسناد عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري - في حديث - عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: أوحي الله تعالي إلي موسي (عليه السلام): إنّ اُمّة احمد سيصيبهم فتنةٌ عظيمة من بعده، حتّي يعبد بعضهم بعضاً، ويتبرّأ بعضهم من بعض، حتّي يصيبهم حال وحتّي يجحدوا ما أمرهم به نبيّهم، ثمّ يصلح الله أمرهم برجل من ذرّية احمد.
فقال موسي: يا ربّ اجعله من ذرّيتي. فقال: يا موسي، إنّه من ذرّية احمد وعترته، وقد جعلته في الکتاب السابق أنّه من ذرّية احمد وعترته، اُصلح به أمر الناس، وهو المهدي.(27)
قوته وأيده
عن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الامر؟ فقال: أنا صاحب هذا الامر، ولکنّي لست بالذي أملاها عدلاً کما ملئت جوراً، وکيف أکون ذاک علي ما تري من ضعف بدني؟ وإنّ القائم هو الذي إذا خرج کان في سنّ الشيوخ ومنظر الشباب، قوياً في بدنه حتّي لو مدّ يده إلي أعظم شجرة علي وجه الارض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدکدکت صخورها، ويکون معه عصا موسي وخاتم سليمان، ذاک الرابع من ولدي، يغيّبه الله في ستره ما شاء الله، ثمّ يظهره فيملا به الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً.(28)
الهوامش:
(1) نهج البلاغة: الخطبة 138.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 182.
(3) کشف الغمّة 3: 233، عن مطالب السؤول.
(4) التوبة: 119.
(5) کشف الغمّة / الاربلي 3: 357.
(6) بحار الانوار 52: 225 / 89.
(7) البرهان / المتّقي الهندي: 172 / 6، القول المختصر / ابن حجر: 109، عقد الدرر: 148 ـ 149.
(8) البرهان / المتّقي الهندي: 172.
(9) التوبة: 111.
(10) البيان في أخبار صاحب الزمان: 498.
(11) البيان في أخبار صاحب الزمان: 520، کشف الغمّة 2: 473 و488، بحار الانوار 51: 83.
(12) القول المختصر: 62 / 56، عقد الدرر: 65، الباب 4 عن أبي جعفر (عليه السلام).
(13) البرهان / المتّقي الهندي: 98 / 26.
(14) کمال الدين: 288 / 7، بحار الانوار 51: 73 / 18.
(15) بحار الانوار 52: 158 / 21.
(16) منتخب الاثر: 165 / 71.
(17) الفردوس 4: 222 / 6668، البيان في أخبار صاحب الزمان: 500.
(18) البيان في أخبار صاحب الزمان: 488، سنن ابن ماجة 2: 1368 / 4087، کشف الغمّة 2: 473، عن الاربعين لابي نعيم، بحار الانوار 51: 83 / 37.
(19) البرهان / المتّقي الهندي: 91 / 7 و8، بحار الانوار 51: 84 / 34 و93 عن کفاية الطالب.
(20) الصواعق المحرقة: 163.
(21) منتخب الاثر: 171 / 90، دلائل الامامة: 481 / 473.
(22) کمال الدين: 411 / 4.
(23) الشعراء: 227.
(24) کمال الدين: 411 / 6.
(25) کمال الدين: 412 / 12.
(26) کشف الغمّة 2: 470 عن الاربعين لابي نعيم، بحار الانوار 51: 81 / 37.
(27) إحقاق الحقّ 13: 125.
(28) بحار الانوار 52: 322 / 30، کمال الدين: 376 / 7.
******************
عطاؤه وعدله
1 - عن أبي سعيد الخدري أيضاً، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) في قصّة المهدي، قال: فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهديّ أعطِني، قال: فيَحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.(1)
2 - وعن أبي سعيد: قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بلا عدد.(2)
3 - وعن أبي سعيد الخُدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يکون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له المهدي، يکون عطاؤه هنيئاً.(3)
4 - وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يکون في اُمّتي المهدي، إن قصر فسَبع، وإلاّ فتسع، تنعم فيه اُمّتي نعمةً لم يتنعّموا مثلها قطّ، تؤتي الارض اُکلها ولا تدّخر منه شيئاً، والمالُ يومئذ کُدُوسٌ، فيقول الرجل: يا مهديّ أعطِني، فيقول: خذ.(4)
5 - وعن أبي نضرة، قال: کنّا عند جابر بن عبد الله، فقال: يوشک أهل العراق أن لا يُجبي لهم دينار. قلنا: من أين ذلک؟ قال: من قِبَل العجم، يمنعون ذلک.
ثمّ قال: يوشک أهل الشام أن لا يُجبي إليهم دينار، فقلنا: من أين ذلک؟ قال: من قِبَل الروم، ثمّ سکت هُنيّة، ثمّ قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يکون في آخر اُمّتي خليفة يحثي المال حثياً لا يعدّه عدّاً.(5)
6 - وعن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): من خلفائکم خليفةٌ يحثو المال حثواً لا يعدّه عدّاً.(6)
7 - وعن أبي سعيد، وجابر بن عبد الله، قالا: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يکون في آخر الزمان خليفةٌ يقسّم المال ولا يعدّه.(7)
وزاد احمد بن حنبل في حديثه: يأتيه الرجل فيسأله فيقول: خذ، فيبسط الرجل ثوبه فيحثي فيه - وبسط رسول الله (صلي الله عليه وآله) ملحفة غليظة کانت عليه، يحکي صنيع الرجل، ثمّ جمع أکنافها - قال: فيأخذه ثمّ ينطلق.(8)
8 - وعن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ليبعثنّ الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا أجلي الجبهة، يملا الارض عدلاً، يفيض المال فيضاً.(9)
9 - وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): اُبشّرکم بالمهدي، يُبعث في اُمّتي علي اختلاف من الناس وزلازل، فيملا الارض قسطاً وعدلاً کما مُلئت جوراً وظلماً، يرضي عنه ساکن السماء وساکن الارض، يقسّم المال صحاحاً. فقال رجل: ما معني صِحاحاً؟ قال: بالتسوية بين الناس.
قال: ويملا الله تعالي قلوب اُمّة محمّد (صلي الله عليه وآله وسلم) غنيً، ويسعهم عدله حتّي يأمر منادياً فينادي فيقول: مَن له في المال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلاّ رجلٌ واحد، فيقول له: ائتِ السادن - يعني الخازن - فقل له: إنّ المهدي يأمرک أن تعطيني مالاً. فيقول له: احثُ حتّي إذا جعله في حِجره وأبرزه ندم، فيقول: کنت أجشع اُمّة محمّد نفساً، کلّهم دعي إلي هذا المال فترکه غيري. قال: فيردّه ولا يقبل منه شيئاً، فيقول له: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه. فيکون کذلک سبع سنين ثمّ لا خير في العيش بعده - وقال: لا خير في الحياة بعده -.(10)
10 - وعن ابن حجر في القول المختصر: يبلغ ردّ المهدي المظالم حتّي لو کان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتّي يردّه.(11)
زهده
1 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّه قال: ما تستعجلون بخروج القائم؟ فوالله ما لباسه إلاّ الغليظ، ولا طعامه إلاّ الجشب، وما هو إلاّ السيف، والموت تحت ظلّ السيف.(12)
2 - وبطريق آخر عنه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا خرج القائم (عليه السلام) لم يکن بينه وبين العرب وقريش إلاّ السيف، وما يستعجلون بخروج القائم؟ والله ما طعامه إلاّ الشعير الجشب، ولا لباسه إلاّ الغليظ، وما هو إلاّ السيف، والموت تحت ظلّ السيف.(13)
3 - وعن معمر بن خلاّد، قال: ذُکِر القائم عند الرضا (عليه السلام) فقال: أنتم اليوم أرضي بالاً منکم يومئذ. قال: وکيف؟ قال: لو قد خرج قائمنا (عليه السلام) لم يکن إلاّ العلق والعرق، والقوم علي السروج، وما لباس القائم (عليه السلام) إلاّ الغليظ، وما طعامه إلاّ الجشب.(14)
4 - وعن معلّي بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّ عليّاً (عليه السلام) کان عندکم فأتي بني ديوان، فاشتري ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلي فوق الکعب، والازار إلي نصف الساق، والرداء من بين يديه إلي ثدييه، ومن خلفه إلي أليتيه، ثمّ رفع يده إلي السماء، فلم يزل يحمد الله علي ما کساه حتّي دخل منزله، ثمّ قال: هذا اللباس الذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه.
قال أبو عبد الله (عليه السلام): ولکن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم، ولو فعلنا لقالوا مجنون، ولقالوا مرائي، والله تعالي يقول: (وَثِيَابَکَ فَطَهِّـرْ)(15)، قال: وثيابک ارفعها ولا تجرّها، وإذا قام قائمنا کان علي هذا اللباس.(16)
5 - وعن حمّـاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: إنّ قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب عليّ (عليه السلام) وسار بسيرته.(17)
تاييده بالمعارف والعلوم والمعاجز
1 - عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إنّ العلم بکتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه (صلي الله عليه وآله) ينبت في قلب مهديّنا کما ينبت الزرع علي أحسن نباته، فمن بقي منکم حتّي يراه، فليقل حين يراه: السلام عليکم يا أهل بيت الرحمة والنبوّة، ومعدن العلم وموضع الرسالة.(18)
2 - وعن الحارث بن مغيرة النضري، قال: قلت لابي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام): بأيّ شيء نعرف المهدي؟ قال: بمعرفة الحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه ولا يحتاج إلي أحد.(19)
3 - وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث -، قال: من أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصي الله، فإنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي لامر خفي، يستخرج التوراة وسائر الکتب من غار بأنطاکية، فيحکم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الانجيل بالانجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل الفرقان بالفرقان.(20)
4 - وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال في صفة المهدي (عليه السلام): أوسعکم کهفاً، وأکثرکم علماً، وأوصلکم رحماً.(21)
5 - وعن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام القائم (عليه السلام) لم يقم بين يديه أحدٌ من خلق الرحمن إلاّ عرفه صالح هو أم طالح، ألا وفيه آية المتوسّمين، وهي السبيل المقيم.(22)
6 - وعن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّه إذا تناهت الاُمور إلي صاحب هذا الامر، رفع الله تبارک وتعالي له کلّ منخفض من الارض، وخفّض له کلّ مرتفع حتّي تکون الدنيا عنده بمنزلة راحته، فأ يّکم لو کانت في راحته شعره لم يبصرها.(23)
7 - وعن الامام الباقر (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا (عليه السلام) وضع يده علي رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وکملت بها أحلامهم.(24)
8 - وعن أبي بکر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أدرک قائم أهل بيتي من ذي عاهة برأ، ومن ذي ضعف قوي.(25)
9 - وعن عبد الملک بن أعين، قال: قمت من عند أبي جعفر (عليه السلام) فاعتمدت علي يدي فبکيت، وقلت: کنت أرجو أن اُدرک هذا الامر وبي قوّة. فقال: أما ترضون أنّ أعداءکم يقتل بعضهم بعضاً، وأنتم آمنون في بيوتکم، إنّه لو کان ذلک اُعطي الرجل منکم قوّة أربعين رجلاً، وجعل قلوبکم کزبر الحديد، لو قذفتم بها الجبال فلقتها، وأنتم قوّام الارض وخزّانها.(26)
10 - وعن أبي الصلت الهروي، عن الامام الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) - في حديث المعراج - قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): فقلت: يا ربّ هؤلاء أوصيائي بعدي؟ فنوديت: يا محمّد، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي، وحججي بعدک علي بريّتي، وهم أوصياؤک وخلفاؤک وخير خلقي بعدک، وعزّتي وجلالي لاُظهرنّ بهم ديني، ولاُعلينّ بهم کلمتي، ولاُطهرنّ الارض بآخرهم من أعدائي، ولاُملّکنه مشارق الارض ومغاربها، ولاُسخرنّ له الرياح، ولاُذلّلنّ له السحاب الصعاب، ولاُرقينّه في الاسباب، ولانصرنّه بجندي، ولامدّنه بملائکتي، حتّي يعلن دعوتي، ويجمع الخلق علي توحيدي، ثمّ لاُديمنّ ملکه، ولاُدوالنّ الايام بين أوليائي إلي يوم القيامة.(27)
11 - وعن الحسين بن خالد، عن عليّ بن موسي الرضا (عليه السلام)، قال: إذا خرج أشرقت الارض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً، وهو الذي تطوي له الارض، ولا يکون له ظلّ، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الارض بالدعاء إليه، يقول: ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنّ الحقّ معه وفيه، وهو قول الله تعالي: (إنْ نَشَأ نُـنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)(28).(29)
12 - وعن أبي الربيع الشامي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام مدّ الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتّي لا يکون بينهم وبين القائم بريد، يکلّمهم فيسمعون، وينظرون إليه وهو في مکانه.(30)
13 - وعن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: العلم سبعة وعشرون حرفاً، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتّي اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثّها في الناس، وضمّ إليها الحرفين، حتّي يبثّها سبعة وعشرين حرفاً.(31)
14 - وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يکون شيعتنا في دولة القائم (عليه السلام) سنام الارض وحکّامها، يعطي کلّ رجل منهم قوّة أربعين رجلاً.(32)
15 - وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: اُلقي الرعب في قلوب شيعتنا من عدوّنا، فإذا وقع أمرنا وخرج مهديّنا، کان أحدهم أجرأ من الليث، وأمضي من السنان، يطأ عدوّنا بقدميه، ويقتله بکفّيه.(33)
16 - وعن ابن مسکان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليري أخاه الذي في المغرب، وکذا الذي في المغرب يري أخاه الذي في المشرق.(34)
17 - وعن حريز، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (عليه السلام)، أنّه قال: إذا قام القائم أذهب الله عن کلّ مؤمن العاهة، وردّ إليه قوّته.(35)
18 - وعن جابر الجعفي، عن جابر الانصاري - في حديث ذي القرنين - قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إنّ الله عزّ وجلّ مکّن له في الارض، وآتاه من کلّ شيء سبباً، وبلغ المشرق والمغرب، وإنّ الله تبارک وتعالي سيجري سنّته في القائم من ولدي، ويبلّغه شرق الارض وغربها، حتّي لا يبقي سهل ولا موضع من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين إلاّ وطئه، ويظهر الله له کنوز الارض ومعادنها، وينصره بالرعب حتّي يملا الارض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً.(36)
19 - وعن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إذا خرج القائم (عليه السلام) من مکّة ينادي مناديه: ألا لا يَحمِلنّ أحد طعاماً ولا شراباً، وحمل معه حجر موسي بن عمران (عليه السلام)، وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلاً إلاّ انفجرت منه عيون، فمن کان جائعاً شبع، ومن کان ظمآناً روي، ورويت دوابّهم، حتّي ينزلوا النجف من ظهر الکوفة.(37)
20 - وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) - في حديث المعراج -: ناداني ربّي جلّ جلاله: وبالقائم منکم أعمر أرضي بتسبيحي وتقديسي وتهليلي وتکبيري وتمجيدي، وبه اُطهّر الارض من أعدائي، واُورثها أوليائي، وبه أجعل کلمة الذين کفروا بي السفلي، وکلمتي العليا، به اُحيي بلادي وعبادي بعلمي، وله اُظهر الکنوز والذخائر بمشيئتي، وإيّاه أظهر علي الاسرار والضمائر بإرادتي، وأمدّه بملائکتي لتؤيّده علي إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلک وليّي حقّاً، ومهدي عبادي صدقاً.(38)
21 - وعن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام): ما من معجزة من معجزات الانبياء والاوصياء إلاّ ويظهر الله تبارک وتعالي مثلها علي يد قائمنا لاتمام الحجّة علي الاعداء.(39)
22 - وعن عليّ بن الحسين (عليه السلام)، قال: إذا قام قائمنا أذهب الله عزّ وجلّ عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم کزبر الحديد، وجعل قوّة الرجل منهم قوّة أربعين رجلاً، ويکونون حکّام الارض وسنامها.(40)
23 - وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في خطبة طويلة - قال (عليه السلام): فيقول الحسني للمهدي: هل لک من آية فنبايعک؟ فيومئ المهدي إلي الطير فيسقط علي يده، ويغرس قضيباً في بقعة من الارض فيخضرّ ويورق.(41)
24 - وعن ابن حجر في (القول المختصر) قال: يرکز لواءه عند فتح القسطنطينية ليتوضّأ للفجر، فيتباعد الماء منه، فيتبعه حتّي يجوز من تلک الناحية، ثمّ يرکزه وينادي: أ يّها الناس، اعبروا فإنّ الله عزّ وجلّ فلق لکم البحر کما فلقه لبني إسرائيل، فيجوزون فيستقبلها فيکبرون فتنهدّ حيطانها، ثمّ يکبرون فتنهدّ، ثمّ يکبرون فتنهدّ، فيسقط منها ما بين اثني عشر برجاً.(42)
فضل الجهاد والشهادة بين يديه
وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أدرک قائمنا فقُتِل معه، کان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوّاً لنا، کان له أجر عشرين شهيداً.(43)
معجزاته وکراماته
لقد شاهد وکلاء الامام (عليه السلام) وسفرائه وثقات شيعته معاجز وکرامات عديدة حباها الله تعالي لوليّه المنتظر (عليه السلام) سواء في أيام أبيه (عليه السلام) وفي حال غيبته، وهي بمجموعها تحمل دلالة ساطعة علي إمامته (عليه السلام) وتأييد العناية الربّانية له.
الهوامش:
(1) مصابيح السنّة 3: 493 / 4213.
(2) الفردوس 5: 510 / 8918.
(3) عقد الدرر: 222، کشف الغمّة 2: 472، بحار الانوار 51: 82 / 37.
(4) البيان في أخبار صاحب الزمان: 493.
(5) صحيح مسلم 4: 2234 / 67، البيان في أخبار صاحب الزمان: 503.
(6) صحيح مسلم 4: 2235 / 68، البيان في أخبار صاحب الزمان: 504.
(7) صحيح مسلم 4: 2235 / 69، البيان في أخبار صاحب الزمان: 504.
(8) مسند احمد 3: 97.
(9) البرهان / المتّقي الهندي: 84 / 32.
(10) مسند احمد 3: 37 و52، البيان في أخبار صاحب الزمان: 505، البرهان / المتّقي الهندي: 80 / 21.
(11) القول المختصر: 104.
(12) بحار الانوار 52: 354 / 115.
(13) بحار الانوار 52: 355 / 116.
(14) بحار الانوار 52: 358 / 126.
(15) المدّثّر: 4.
(16) الکافي 6: 455 / 2.
(17) الکافي 1: 411 / 4.
(18) کمال الدين: 653 / 18، منتخب الاثر: 309 / 1.
(19) منتخب الاثر: 309 / 3.
(20) منتخب الاثر: 310 / 1.
(21) بحار الانوار 51: 115 / 14.
(22) بحار الانوار 52: 325 / 38 و389 / 208.
(23) بحار الانوار 52: 328 / 46.
(24) بحار الانوار 52: 328 / 47 و336 / 71، وفيه: وأکمل به أخلاقهم.
(25) بحار الانوار 52: 335 / 68.
(26) بحار الانوار 52: 335 / 69.
(27) بحار الانوار 52: 312 / 5، عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 262 ـ 264، وعلل الشرائع 1: 5 ـ 7.
(28) الشعراء: 4.
(29) کمال الدين: 372 / 5.
(30) بحار الانوار 52: 336 / 72.
(31) بحار الانوار 52: 336 / 73.
(32) بحار الانوار 52: 372 / 164.
(33) بحار الانوار 52: 372.
(34) بحار الانوار 52: 391 / 213.
(35) بحار الانوار 52: 364 / 138.
(36) بحار الانوار 52: 323 / 31.
(37) بحار الانوار 52: 324 / 37، و335 / 67 بطريق آخر.
(38) بحار الانوار 51: 66 / 3.
(39) منتخب الاثر: 313 / 3.
(40) بحار الانوار 52: 317 / 12.
(41) عقد الدرر: 135 / باب (4)، و186 / باب (6).
(42) القول المختصر: 109.
(43) بحار الانوار 52: 317 / 15.
******************
ولقد ذکرنا في هذا الفصل بعض کراماته ومعجزاته مرتّبةً ترتيباً موضوعيّاً ليسهل تناولها ومعرفتها، وکما يلي:
معجزاته في حال ولادته
1- روي السياري عن نسيم ومارية، قالتا: لمّـا خرج صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن اُمّه سقط جاثياً علي رکبتيه، رافعاً سبّابته نحو السماء، ثمّ عطس فقال: الحمد لله ربّ العالمين، وصلّي الله علي محمّد وآله، عبداً ذاکراً لله، غير مستنکف ولا مستکبر.
ثمّ قال: زعمت الظَلَمة أنّ حجّة الله داحضة، ولو اُذِن لنا في الکلام لزال الشکّ.(1)
2- وعن أبي علي الحسن الابي، قال: حدّثتني الجارية التي أهديتها لابي محمّد (عليه السلام)، قالت: لمّـا ولد السيّد (عليه السلام) رأيت نوراً ساطعاً قد ظهر منه وبلغ اُفق السماء، ورأيت طيوراً بيضاء تهبط من السماء، وتمسح أجنحتها علي رأسه ووجهه وسائر جسده ثمّ تطير، فأخبرنا أبا محمّد (عليه السلام) بذلک فضحک ثمّ قال: تلک ملائکة السماء نزلت لتتبرّک بهذا المولود، وهي أنصاره إذا خرج بأمر الله عزّ وجلّ.(2)
3- وروي محمّد بن جرير الطبري بالاسناد عن محمّد بن القاسم العلوي، قال: دخلنا جماعة من العلويّة علي حکيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسي (عليه السلام) فقالت: جئتم تسألونني عن ميلاد وليّ الله؟ قلنا: بلي والله، قالت: کان عندي البارحة، وأخبرني بذلک.(3)
4- روي الشيخ الطوسي في (کتاب الغيبة) قال: أخبرني ابن أبي جنيد، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الصفّار محمّد بن الحسن القمّي، عن أبي عبد الله المطهّري، عن حکيمة بنت محمّد بن عليّ الرضا (عليه السلام)، قالت: بعث إليّ أبو محمّد (عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال: يا عمّة اجعلي الليلة إفطارک عندي، فإنّ الله عزّ وجلّ سيسرّک بوليّه وحجّته علي خلقه، خليفتي من بعدي، قالت حکيمة: فتداخلني بذلک سرور شديد، وأخذت ثيابي وخرجت من ساعتي حتّي انتهيت إلي أبي محمّد (عليه السلام) وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله.
فقلت: جعلت فداک يا سيّدي الخلف ممّن هو؟ قال: من سوسن، فأدرت طرفي فيهنّ فلم أرَ جارية عليها أثر غير سوسن.
قالت حکيمة: فلمّـا صلّيت المغرب والعشاء الاخرة أتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن وبايتّها في بيت واحد، فغفوت غفوة ثمّ استيقظت فلم أزل متفکّرة فيما وعدني أبو محمّد (عليه السلام) في أمر وليّ الله، فقمت قبل الوقت الذي کنت أقوم في کلّ ليلة للصلاة، فصلّيت صلاة الليل حتّي بلغت إلي الوتر، فوثبت سوسن فزعة وخرجت وأسبغت الوضوء، ثمّ عادت فصلّت صلاة الليل وبلغت إلي الوتر، فوقع في قلبي أنّ الفجر قد قرب، فقمت لانظر فإذا بالفجر الاوّل قد طلع، فتداخل قلبي الشکّ من وعد أبي محمّد (عليه السلام) فناداني من حجرته: لا تشکّي فإنّک بالامر الساعة(4) قد رأيته إن شاء الله.
قالت حکيمة: فاستحييت من أبي محمّد (عليه السلام) وممّـا وقع في قلبي ورجعت إلي البيت وأنا خجلة فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة، فلقيتها علي باب البيت فقلت: بأبي أنت(5) هل تحسّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمّة إنّي لاجد أمراً شديداً، قلت: لا خوف عليک إن شاء الله.
فأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت فأجلستها عليها، وجلست منها حيث تجلس المرأة من المرأة للولادة، فقبضت علي کفّي وغمزت غمزاً (6) شديداً ثمّ أنّت أنّة وتشهّدت ونظرت تحتها، فإذا أنا بوليّ الله متلقّياً الارض ساجداً (7) فأخذت بکتفيه فأجلسته في حجري فإذا هو نظيف مفروغ منه فناداني أبو محمّد (عليه السلام): يا عمّة هلمّي فائتيني بابني فأتيته به، فتناوله وأخرج لسانه فمسحه علي عينيه ففتحهما، ثمّ أدخل يده في فيه فحنّکه، ثمّ أذّن في اُذنيه وأجلسه علي راحته اليسري فاستوي وليّ الله جالساً، فمسح يده علي رأسه وقال له: يا بني، إنطق بقدرة الله، فاستعاذ وليّ الله من الشيطان الرجيم واستفتح:
بسم الله الرحمن الرحيم (وَنُريدُ أنْ نَمُنَّ عَلي الَّذينَ اسْتُضْعِفوا في الارْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثينَ وَنُمَکِّنَ لَهُمْ في الارْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنودَهَما مِنْهُمْ ما کانوا يَحْذَرون)(8) وصلّي علي رسول الله وأمير المؤمنين والائمة (عليهم السلام) واحداً واحداً حتّي انتهي إلي أبيه، فناولنيه أبو محمّد (عليه السلام) وقال: يا عمّة، ردّيه إلي اُمّه کي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنّ وعد الله حقّ ولکنّ أکثر الناس لا يعلمون(9)، فرددته إلي اُمّه وقد انفجر الفجر الثاني فصلّيت الفريضة وعقّبت إلي أن طلعت الشمس ثمّ ودّعت أبا محمّد (عليه السلام) وانصرفت إلي منزلي.
فلمّـا کان بعد ثلاث اشتقت إلي وليّ الله فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي کانت سوسن فيها فلم أرَ أثراً ولا سمعت ذکراً، فکرهت أن أسأل فدخلت علي أبي محمّد (عليه السلام) فاستحييت أن أبدأه بالسؤال، فبدأني فقال: يا عمّة، هو في کنف الله وحرزه وستره وغيبه(10) حتّي يأذن الله، وإذا غيّب الله شخصي وتوفّاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقات منهم، وليکن عندک وعندهم مکتوماً، فإنّ وليّ الله يغيّبه الله عن خلقه(11) فلا يراه أحد حتّي يقدّم له جبرئيل (عليه السلام) فرسه ليقضي الله أمراً کان مفعولاً.(12)
5- وعن محمّد بن عثمان العمري قدّس الله روحه أنّه قال: ولد السيّد (عليه السلام) مختوناً، وسمعت حکيمة تقول: لم يرَ باُمّه دم في نفاسها، وهکذا سبيل اُمّهات الائمة صلوات الله عليهم.(13)
6- وعن محمّد بن عليّ ماجيلويه، واحمد بن محمّد بن يحيي العطّار، قالا: حدّثنا الحسن بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسي ابن جعفر (عليه السلام)، عن السيّاري، قال: حدّثتني نسيم ومارية قالتا: إنّه لمّـا سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن اُمّه سقط جاثياً علي رکبتيه، رافعاً سبّابته إلي السماء، ثمّ عطس فقال: الحمد لله ربّ العالمين، وصلّي الله علي محمّد وآله: زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة، ولو اُذن لنا في الکلام لزال الشکّ.(14)
7- وقال إبراهيم بن محمّد بن عبد الله: وحدّثتني نسيم خادم أبي محمّد (عليه السلام) قالت: قال لي صاحب الزمان (عليه السلام) وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة، فعطست عنده فقال لي: يرحمک الله، قالت نسيم: ففرحت بذلک، فقال (عليه السلام): ألا اُبشّرک في العطاس؟ قلت: بلي يا مولاي، قال: هو أمان من الموت ثلاثة أيام.(15)
في ظهوره وغيبته في الحال
8- روي الشيخ الصدوق عن المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي العمري قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثنا جعفر بن معروف، عن أبي عبد الله البلخي، عن محمّد بن صالح بن عليّ بن محمّد بن قنبر الکبير مولي الرضا (عليه السلام) قال: خرج صاحب الزمان (عليه السلام) علي جعفر الکذّاب من موضع لم يعلم به عندما نازع في الميراث، بعد مضيّ أبي محمّد (عليه السلام) فقال: يا جعفر ما لک تعرض في حقوقي؟ فتحيّر جعفر وبهت، ثمّ غاب عنه فطلبه جعفر بعد ذلک في الناس فلم يره، فلمّـا ماتت الجدّة اُمّ الحسن أمرت أن تدفن في الدار فنازعه وقال: هي داري ولا تدفن فيها، فخرج (عليه السلام) فقال له: يا جعفر أدارک هي؟ ثمّ غاب عنه فلم يره بعد ذلک.(16)
طي الارض
9- روي الشيخ قطب الدين الراوندي، قال: روي جماعة إنّا وجدنا بهمدان جماعة کلّهم مؤمنون، فسألناهم عن ذلک فقالوا: إنّ جدّنا قد حجّ ذات سنة، ورجع قبل القافلة بمدّة کثيرة، فقلنا: کأنّک انصرفت من العراق؟ قال: لا، إنّما قد حججت مع أهل بلدتنا وخرجنا، فلمّـا کان في بعض الليالي في البادية غلبتني عيناي فنمت، فما انتبهت إلاّ بعد أن طلع الفجر وقد خرجت القافلة، فآيست من الحياة، وکنت أمشي وأقعد يومين وثلاثة، فأصبحت يوماً فإذا أنا بقصر، فأسرعت إليه، ووجدت ببابه أسْود، فأدخلني القصر، فإذا أنا برجل حسن الوجه والهيئة، فأمر أن يطعموني ويسقوني.
فقلت له: من أنت جعلت فداک؟ قال: أنا الذي ينکرني قومک وأهل بلدتک.
فقلت: ومتي تخرج؟ قال: تري هذا السيف المعلّق ها هنا وهذه الراية؟ فمتي انسلّ السيف من غمده وانتشرت الراية بنفسها خرجت.
فلمّـا کان بعد وهن من الليل قال لي: تريد أن تخرج إلي بيتک؟ قلت: نعم، فقال لبعض غلمانه: خذ بيده وأوصله إلي منزله، فأخذ بيدي، فخرجت معه، وکأنّ الارض تطوي تحت أرجلنا، فلمّـا انفجر الفجر وإذا نحن بموضع أعرفه بالقرب من بلدتنا، فقال لي غلامه: هل تعرف الموضع؟ قلت: نعم أسد آباد، فانصرف.
قال: ودخلت همدان، ثمّ دخل بعد مدّة أهل بلدتنا ممّن حجّ معي، وحدّث الناس بانقطاعي منهم، فتعجّبوا من ذلک، واستبصرنا من ذلک جميعاً.(17)
10- وفي (منتخب الاثر) عن أربعين الخاتون آبادي - الحديث الثاني عشر - قال: قال الحسن بن حمزة العلوي الطبري في کتابه الموسوم (الغيبة): حدّثنا رجل صالح من أصحابنا، قال: خرجت سنة من السنين حاجّاً إلي بيت الله الحرام، وکانت سنة شديدة الحرّ کثيرة السموم، فانقطعت عن القافلة، وضللت الطريق، فغلب عليّ العطش حتّي سقطت، وأشرفت علي الموت، فسمعت صهيلاً، ففتحت عيني، فإذا بشابّ حسن الوجه، حسن الرائحة، راکب علي دابّة شهباء، فسقاني ماءً أبرد من الثلج، وأحلي من العسل، ونجّاني من الهلاک، فقال: يا سيّدي من أنت؟
قال: أنا حجّة الله علي عباده، وبقيّة الله في أرضه، أنا الذي أملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، أنا ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام).
ثمّ قال: اخفض عينيک، ثمّ قال: افتحهما، فرأيت نفسي في قدّام القافلة، ثمّ غاب عن نظري (صلوات الله عليه).(18)
علمه بالبلايا والمنايا وبما يکون
11- روي الشيخ حسين بن عبد الوهاب بالاسناد عن محمّد بن احمد، قال: شکوت بعض جيراني، ممّن کنت أتأذّي به، وأخاف شرّه، فورد التوقيع: إنّک ستکفي أمره قريباً. فمنّ الله بموته في اليوم الثاني.(19)
12- وروي الشيخ قطب الدين الراوندي عن أبي جعفر الاسود، قال: إنّ أبا جعفر العمري قد حفر لنفسه قبراً وسوّاه بالساج، فسألته عن ذلک فقال: اُمرت أن أجمع أمري، فمات بعد ذلک بشهرين.(20)
13- قال الحسين بن الفضل الهماني: کتب أبي بخطّه کتاباً فورد جوابه، ثمّ کتب بخطّي فورد جوابه، ثمّ کتب بخطّ رجل جليل من فقهاء أصحابنا، فلم يرد جوابه، فنظرنا فإذا ذلک الرجل قد تحوّل قرمطيّاً.(21)
14- وروي عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، قال: ولد لي ولد، فکتبتُ أستأذن في تطهيره يوم السبع، فورد: لا تفعل، فمات يوم السابع والثامن، ثمّ کتبتُ بموته، فورد: ستُخلَف غيره وغيره، فسمّ الاوّل احمد، ومن بعد احمد جعفراً، فجاء کما قال.
قال: وتهيّأتُ للحجّ، وودّعت الناس، وکنت علي الخروج، فورد: نحن لذلک کارهون، والامر إليک. فضاق صدري، واغتممت وکتبت: أنا مقيمٌ علي السمع والطاعة، غير أنّي مغتمّ بتخلّفي عن الحجّ، فوقّع: لا يضيقنّ صدرک. فإنّک ستحجّ قابلاً إن شاء الله.
قال: فلمّـا کان من قابل کتبت أستأذن، فورد الاذن، وکتبت: إنّي قد عادلت محمّد بن العباس، وأنا واثق بديانته وصيانته، فورد: الاسدي نعم العديل، فإن قدم فلا تختر عليه، فقدم الاسدي وعادلته.(22)
15- وعن الحسين بن محمّد الاشعري، قال: کان يرد کتاب أبي محمّد (عليه السلام) في الاجراء علي الجنيد - قاتل فارس بن حاتم بن ماهويه(23) - وأبي الحسن، وأخي، فلمّـا مضي أبو محمّد (عليه السلام) ورد استئناف من الصاحب (عليه السلام) بالاجراء لابي الحسن وصاحبه، ولم يرد في أمر الجنيد شيء، قال: فاغتممت لذلک، فورد نعي الجنيد بعد ذلک.(24)
16- وعن أبي عقيل عيسي بن نصر، قال: کتب عليّ بن زياد الصيمري يسأل کفناً، فکتب إليه: إنّک تحتاج إليه في سنة ثمانين، فمات في سنة ثمانين(25)، وبعث إليه بالکفن قبل موته.(26)
17- وعن عليّ بن محمّد، قال: خرج نهيٌ عن زيارة مقابر قريش(27) والحائر علي ساکينهما السلام، فلمّـا کان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي(28)، فقال له: ألقِ بني فرات والبرسيين(29) وقل لهم: لا تزوروا مقابر قريش، فقد أمر الخليفة أن يُتفقّد کلّ من زاره فيُقبض عليه.(30)
18- وروي الحضيني في هدايته، قال: ورد کتاب احمد بن اسحاق في السنة التي مات فيها بحلوان في حاجتين؟ فقضيت له واحدة، وقيل له في الثانية: إذا وافيت قم کتبنا إليک بما سألت، وکانت الحاجة أنّه کتب يستعفي من العمل، فإنّه قد شاخ ولا يتهيّأ له القيام به، فمات بحلوان.(31)
19- وفي رواية الطبري، قال: کان احمد بن اسحاق القمي الاشعري، الشيخ الصدوق، وکيل أبي محمّد (عليه السلام)، فلمّـا مضي أبو محمّد (عليه السلام) إلي کرامة الله عزّ وجلّ، أقام علي وکالته مع مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) تخرج إليه توقيعاته، ويحمل إليه الاموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا، فتسلّمها إلي أن استأذن في المصير إلي قم، فخرج الاذن بالمضيّ، وذکر أنّه لا يبلغ قم، وأنّه يمرض ويموت في الطريق، فمرض بحلوان، ومات ودفن بها (رحمه الله).(32)
20- وقال الشيخ حسين بن عبد الوهاب: کتب رجلان في حمل لهما، فخرج التوقيع بالدعاء لواحد منهما، وخرج للاخر: يا حمدان، آجرک الله، فأسقطت امرأته، وولد للاخر ولد.(33)
21- وعن الحصني، قال: خرج في احمد بن عبد العزيز توقيع: أنّه قد ارتدّ، فتبيّن ارتداده بعد التوقيع بأحد عشر يوماً.(34)
في استجابة دعائه
22- قال القاسم بن العلاء: ولد لي عدّة بنين، فکنت أکتب وأسأل الدعاء لهم، فلا يکتب إليّ بشيء من أمرهم، فماتوا کلّهم، فلمّـا ولد لي الحسين(35) ابني، کتبت أسأل الدعاء له، فاُجبت، فبقي والحمد لله.(36)
23- وعن أبي عبد الله بن صالح، قال: خرجت سنةً من السنين إلي بغداد، واستأذنت في الخروج فلم يؤذن لي، فأقمت اثنين وعشرين يوماً بعد خروج القافلة إلي النهروان، ثمّ اُذن لي بالخروج يوم الاربعاء، وقيل لي: اخرج فيه، فخرجت وأنا آيس من القافلة أن ألحقها، فوافيت النهروان والقافلة مقيمة، فما کان إلاّ أن علفت جملي حتّي رحلت القافلة فرحلت، وقد دُعي لي بالسلامة، فلم ألق سوءاً والحمد لله.(37)
24- وعن محمّد بن يوسف الشاشي، قال: خرج بي ناسور فأريته الاطباء، وأنفقت عليه مالاً عظيماً، فلم يصنع الدواء فيه شيئاً، فکتبت رقعةً أسأل الدعاء، فوقّع إليّ: ألبسک الله العافية، وجعلک معنا في الدنيا والاخرة، فما أتت عليّ جمعة حتّي عوفيت وصار الموضع مثل راحتي، فدعوت طبيباً من أصحابنا، وأريته إيّاه، فقال: ما عرفنا لهذا دواءً، وما جاء تلک العافية إلاّ من قبل الله بغير احتساب.(38)
25- وعن محمّد بن يعقوب، قال: قال القاسم بن العلاء: کتبت إلي صاحب الزمان (عليه السلام) ثلاثة کتب في حوائج لي، وأعلمته أنّني رجل قد کبر سنّي، وأنّه لا ولد لي، فأجابني عن الحوائج، ولم يجبني عن الولد بشيء.
قال: فکتبت إليه في الرابعة کتاباً، وسألته أن يدعو الله لي أن يرزقني ولداً، فأجابني وکتب بحوائجي، فکتب: (اللهمّ ارزقه ولداً ذکراً، تقرّ به عينه، واجعل هذا الحمل الذي له وارثاً)، فورد الکتاب وأنا لا أعلم أنّ لي حملاً، فدخلت إلي جاريتي فسألتها عن ذلک، فأخبرتني أنّ علّتها قد ارتفعت، فولدت غلاماً.(39)
26- روي الشيخ قطب الدين الراوندي قال: إنّ عليّ بن الحسين بن موسي ابن بابويه، کان تحته بنت عمّه ولم يرزق منها ولد، فکتب إلي الشيخ أبي القاسم بن روح أن يسأل الحضرة ليدعو الله أن يرزقه أولاداً فقهاء، فجاء الجواب: إنّک لا ترزق من هذه، وستملک جارية ديلميّة ترزق منها ولدين فقيهين. فرزق محمّداً والحسين فقيهين ماهرين، وکان لهما أخ أوسط مشتغل بالزهد لا فقه له.(40)
27- وروي الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي، بالاسناد عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الاسود (رضي الله عنه)، قال: سألني عليّ بن الحسين بن موسي بن بابويه (رضي الله عنه) بعد موت محمّد بن عثمان العمري أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) أن يدعو الله عزّ وجلّ أن يرزقه ولداً ذکراً.
قال: فسألته فأنهي ذلک، ثمّ أخبرني بعد ذلک بثلاثة أيام أنّه قد دعا لعليّ بن الحسين، وأنّه سيولد له ولد مبارک ينفع الله به، وبعده أولاد.
قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الاسود: وسألته في أمر نفسي أن يدعو الله لي أن اُرزق ولداً ذکراً، فلم يجبني إليه، وقال لي: ليس إلي هذا سبيل، قال: فولد لعليّ بن الحسين تلک السنة ابنه محمّد بن عليّ وبعد أولاد، ولم يولد لي شيء.
قال الشيخ الصدوق: کان أبو جعفر محمّد بن عليّ الاسود (رضي الله عنه) کثيراً ما يقول لي إذا رآني أختلف إلي مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن احمد بن الوليد (رضي الله عنه) وأرغب في کتب العلم وحفظه: ليس بعجب أن تکون لک هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء الامام (عليه السلام).(41)
28- وعن أبي القاسم بن أبي الحليس، قال: کتب رجلٌ من ربض حميد(42)، يسأل الدعاء في حمل له، فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الاربعة أشهر: وستلد اُنثى، فجاء کما قال (عليه السلام).(43)
29- قال: وکتب محمّد بن محمّد البصري، يسأل الدعاء في أن يکفي أمر بناته، وأن يرزق الحجّ، ويردّ عليه ماله، فورد عليه الجواب بما سأل، فحجّ من سنته، ومات من بناته أربع، وکان له ستّ، وردّ عليه ماله.(44)
الهوامش:
(1) الثاقب في المناقب: 583 / 532، کمال الدين: 430 / 5، إثبات الوصيّة: 221، غيبة الطوسي: 147، الخرائج والجرائح 1: 457 / 2.
(2) الثاقب في المناقب: 584 / 533، روضة الواعظين: 260.
(3) مدينة المعاجز 8: 96 / 2715.
(4) في البحار: وکأنّک بالامر الساعة.
(5) في البحار: بأبي أنت واُمّي.
(6) غمزه، جسّه وکبسه بيده.
(7) في البحار: متلقّياً الارض بمساجده.
(8) القصص: 5 ـ 6.
(9) اقتباس من الاية (13) في القصص.
(10) في البحار: وعينه.
(11) في البحار: يغيّبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده.
(12) غيبة الشيخ الطوسي: 140، ورواه عنه في البحار 51: 17 / 25، والبرهان 3: 218 / 4، وتبصرة الوليّ: 761 / 5، وقطعة منه في نور الثقلين 4: 7 / 16، وحلية الابرار 5: 175.
(13) کمال الدين: 433 / 14، بحار الانوار 51: 16 / 20، حلية الابرار 5: 184.
(14) کمال الدين: 430 / 5، بحار الانوار 51: 4 / 6، غيبة الطوسي: 147.
(15) حلية الابرار 5: 185.
(16) کمال الدين: 442 / 15، بحار الانوار 52: 42 / 31، حلية الابرار 5: 187.
(17) الخرائج والجرائح 2: 788 / 112، مدينة المعاجز 8: 163 / 2762.
(18) منتخب الاثر: 391 / 16.
(19) مدينة المعاجز 8: 138 / 2742، عن عيون المعجزات: 146.
(20) الخرائج والجرائح 3: 1120 / 36، کمال الدين: 502 / 29، بحار الانوار 51: 351 / 3.
(21) الارشاد 2: 359، کمال الدين: 443.
(22) الارشاد 2: 363، الکافي 1: 438 / 17، بحار الانوار 51: 308 / 24.
(23) کان فارسبن حاتم من أشدّ الغلاة، وکان يدعو الناس إلي البدعة والفتنة، قيل: إنّ الامام الهادي (عليه السلام) أمر الجنيد بقتله، وضمن له الجنّة، فقتله ورمي الساطور الذي قتله به من يديه، وأخذه الناس، ولم يجدوا هناک أثراً للسلاح. راجع رجال الکشّي 2: 807 / 1006.
(24) الارشاد 2: 365، الکافي 1: 439 / 24، بحار الانوار 51: 299 / 18.
(25) قال العلاّمة المجلسي (رحمه الله): أي في سنة ثمانين من عمره، وأراد الثمانين بعد المائتين من الهجرة. مرآة العقول 6: 199.
(26) الارشاد 2: 366، الکافي 1: 440 / 27، الخرائج والجرائح 1: 463 / 8.
(27) يريد مشهد الامام الکاظم والجواد (عليهما السلام).
(28) منسوب إلي باقطايا، ويقال لها: باقطيا، وهي من قري بغداد.
(29) لعلّ المراد ببني فرات من کان بحواليه، وقيل: هم قوم من رهط أبي الفتح الفضل بن جعفر ابن فرات من وزراء بني العباس، مشهورين بمحبّة أهل البيت، والبرس: بلدة بين الکوفة والحلّة.
(30) الارشاد 2: 367، الکافي 1: 441 / 31.
(31) مدينة المعاجز 8: 97 / 2716، عن الهداية الکبري: 91.
(32) مدينة المعاجز 8: 97 / 2717.
(33) مدينة المعاجز 8: 137 / 2741، عن عيون المعجزات: 145.
(34) مدينة المعاجز 8: 139 / 2745، عن عيون المعجزات: 146.
(35) في الکافي: الحسن.
(36) الارشاد 2: 356، الکافي 1: 435 / 9.
(37) الارشاد 2: 357، الکافي 1: 435 / 10، بحار الانوار 51: 297 / 13.
(38) الارشاد 2: 357، الکافي 1: 436 / 11، بحار الانوار 51: 297 / 14، الخرائج والجرائح 2: 695 / 9.
(39) دلائل الامامة: 524 / 496.
(40) الخرائج والجرائح 2: 790 / 113، فرج المهموم: 258.
(41) کمال الدين: 502 / 31، بحار الانوار 51: 335 / 61، مدينة المعاجز 8: 143 / 2752.
(42) اسم موضع.
(43) کمال الدين: 494.
(44) کمال الدين: 494.
******************
علمه بالمغيبات
30- روي محمّد بن حمويه، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، قال: شککت عند مضيّ أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام)، واجتمع عند أبي مال جليل فحمله، ورکبت السفينة معه مشيّعاً له، فوعک وعکاً شديداً فقال: يا بني، ردّني فهو الموت، وقال لي: اتّق الله في هذا المال، وأوصي إليّ ومات بعد ثلاثة أيام.
فقلت في نفسي: لم يکن أبي ليوصي بشيء غير صحيح، أحملُ هذا المال إلي العراق، وأکتري داراً علي الشطّ، ولا اُخبر أحداً بشيء، فإن وضح لي کوضوحه في أيام أبي محمّد (عليه السلام) أنفذته، وإلاّ أنفقته في ملاذّي وشهواتي.
فقدمت العراق، واکتريت داراً علي الشطّ وبقيت أياماً، فإذا أنا برقعة مع رسول، فيها: يا محمّد، معک کذا وکذا، حتّي قصّ عليّ جميع ما معي، وذکر في جملته شيئاً لم اُحط به علماً، فسلّمته إلي الرسول، وبقيت أياماً لا يرفع بي رأس، فاغتممت فخرج إليّ: قد أقمناک مقام أبيک، فاحمد الله.(1)
31- وروي محمّد بن أبي عبد الله السياري، قال: أوصلت أشياء للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهب، فقُبلت وردّ عليّ السوار، واُمرت بکسره فکسرته، فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس وصفر، فأخرجته وأنفذت الذهب بعد ذلک فقبل.(2)
32- وقال عليّ بن محمّد: أوصل رجل من أهل السواد مالاً، فرُدّ عليه وقيل له: أخرج حقّ ولد عمّک منه، وهو أربعمائة درهم، وکان الرجل في يده ضيعة لولد عمّه، فيها شرکة قد حبسها عنهم، فنظر فإذا الذي لولد عمّه من ذلک المال أربعمائة درهم، فأخرجها وأنفذ الباقي فقُبِل.(3)
33- وعن عليّ بن الحسين اليماني، قال: کنت ببغداد فتهيّأتْ قافلة لليمانيين، فأردت الخروج معهم، فکتبت التمس الاذن في ذلک، فخرج: لا تخرج معهم، فليس لک في الخروج معهم خيرة، وأقم الکوفة، قال: فأقمت، وخرجت القافلة، فخرجت عليهم بنو حنظلة فاجتاحتهم.
قال: وکتبت أستأذن في رکوب الماء، فلم يؤذن لي، فسألت عن المراکب التي خرجت تلک السنة في البحر، فعُرِّفتُ أنّه لم يسلم منها مرکب، خرج عليها قوم يقال لهم: البوراج، فقطعوا عليها.(4)
34- وعنه قال: وردت العسکر، فأتيت الدرب مع المغيب، ولم اُکلّم أحداً ولم أتعرّف إلي أحد، فأنا اُصلّي في المسجد بعد فراغي من الزيارة، فإذا بخادم قد جاءني فقال لي: قم، فقلت له: إلي أين؟ فقال: إلي المنزل، قلت: ومن أنا! لعلّک اُرسلت إلي غيري؟ فقال: لا، ما اُرسلت إلاّ إليک، أنت عليّ بن الحسين، وکان معه غلام فسارّه، فلم أدرِ ما قال حتّي أتاني بجميع ما أحتاج إليه، وجلستُ عنده ثلاثة أيام، واستأذنته في الزيارة من داخل الدار، فأذن لي فزرت ليلاً.(5)
35- وقال الحسين بن الفضل: وردت العراق وعملت علي ألاّ أخرج إلاّ عن بيّنة من أمري ونجاح من حوائجي، ولو احتجت أن اُقيم بها حتّي أتصدّق(6)، قال: وفي خلال ذلک يضيق صدري بالمقام، وأخاف أن يفوتني الحجّ.
قال: فجئت يوماً إلي محمّد بن احمد - وکان السفير يومئذ - أتقاضاه، فقال لي: صِر إلي مسجد کذا وکذا، فإنّه يلقاک رجل. قال: فصرت إليه، فدخل عليّ رجل، فلمّـا نظر إليّ ضحک، وقال لي: لا تغتمّ، فإنّک ستحجّ في هذه السنة، وتنصرف إلي أهلک وولدک سالماً، قال: فاطمأننت وسکن قلبي، وقلت: هذا مصداق ذلک.
قال: ثمّ وردت العسکر(7)، فخرجت إليّ صرّة فيها دنانير وثوب، فاغتممتُ وقلت في نفسي: جَدّي(8) عند القوم هذا؟ واستعملت الجهل فرددتها، ثمّ ندمت بعد ذلک ندامةً شديدةً وقلت في نفسي: کفرتُ بردّي علي مولاي، وکتبت رقعة أعتذر من فعلي وأبوء بالاثم، وأستغفر من زللي، فأنفذتها، وقمت أتطهّر للصلاة، وأنا إذ ذاک اُفکّر في نفسي وأقول: إن رُدّت عليّ الدنانير لم أحلل شدّها، ولم اُحدث فيها شيئاً حتّي أحملها إلي أبي، فإنّه أعلم منّي.
فخرج إلي الرسول الذي حمل الصرّة، وقال: قيل لي: أسأت إذ لم تُعلِم الرجل، إنّا ربما فعلنا ذلک بموالينا ابتداءً، وربما سألونا ذلک يتبرّکون به. وخرج إليّ: أخطأت في ردّک برّنا، فإذا استغفرت الله فالله يغفر لک، وإذا کانت عزيمتک وعقد نيّتک فيما حملناه إليک ألاّ تُحدِث فيه حدثاً إذا رددناه إليک، ولا تنتفع به في طريقک، فقد صرفناه عنک، فأمّا الثوب فخذه لتحرم فيه.
قال: وکتبت في معنيين، وأردت أن أکتب في الثالث فامتنعت منه، مخافة أن يکره ذلک، فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويت مفسّراً، والحمد لله.
قال: وکنت واقفت جعفر بن إبراهيم النيسابوري بنيسابور علي أن أرکب معه إلي الحجّ واُزامله، فلمّـا وافيتُ بغداد بدا لي وذهبت أطلب عديلاً، فلقيني ابن الوجناء(9)، وکنت قد صرت إليه وسألته أن يکتري لي، فوجدته کارهاً، فلمّـا لقيني قال لي: أنا في طلبک، وقد قيل لي: إنّه يصحبک فأحسِن عِشرته، واطلب له عديلاً واکترِ له.(10)
36- وعن عليّ بن محمّد، عن الحسن بن عبد الحميد، قال: شککت في أمر حاجز(11)، فجمعت شيئاً ثمّ صرت إلي العسکر، فخرج إليّ: ليس فينا شکّ، ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا، فرُدّ ما معک إلي حاجز بن يزيد.(12)
37- وعن عليّ بن محمّد، عن عدّة من أصحابنا، عن احمد بن الحسن والعلاء ابن رزق الله، عن بدر غلام احمد بن الحسن، قال: وردتُ الجبل وأنا لا أقول بالامامة، اُحبّهم جملةً، إلي أن مات يزيد بن عبد الله، فأوصي في علّته أن يُدْفَع الشهري السمند(13) وسيفه ومِنْطَقته إلي مولاه، فخفت إن لم أدفع الشهري إلي اذکوتکين(14) نالني منه استخفاف، فقوّمت الدابة والسيف والمِنطَقة سبعمائة دينار في نفسي، ولم اُطلع عليه أحداً، ودفعت الشهري إلي اذکوتکين، وإذا الکتاب قد ورد عليّ من العراق أن وجّه السبعمائة دينار التي لنا قبلک من ثمن الشهري والسيف والمنطقة.(15)
38- وعن عليّ بن محمّد، قال: حمل رجل من أهل آبة(16) شيئاً يوصله، ونسي سيفاً کان أراد حمله، فلمّـا وصل الشيء کتب إليه بوصوله، وقيل في الکتاب: ما خبر السيف الذي اُنسيته؟.(17)
39- وعن الحسن بن عيسي العُريضي، قال: لمّـا مضي أبو محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام)، ورد رجل من مصر بمال إلي مکّة لصاحب الامر، فاختُلف عليه، وقال بعض الناس: إنّ أبا محمّد قد مضي عن غير خلف، وقال آخرون: الخلف من بعده جعفر، وقال آخرون: الخلف من بعده ولده.
فبعث رجلاً يکنّي أبا طالب إلي العسکر، يبحث عن الامر وصحّته، ومعه کتاب، فصار الرجل إلي جعفر وسأله عن برهان، فقال له جعفر: لا يتهيّأ لي في هذا الوقت.
فصار الرجل إلي الباب، وأنفذ الکتاب إلي أصحابنا المرسومين بالسفارة، فخرج إليه: آجرک الله في صاحبک فقد مات، وأوصي بالمال الذي کان معه إلي ثقة يعمل فيه بما يجب، واُجيب عن کتابه، وکان الامر کما قيل له.(18)
40- وعن محمّد بن شاذان النيسابوري، قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص منها عشرون درهماً، فلم اُحبّ أن أنفذها ناقصة، فوزنت من عندي عشرين درهماً، وبعثت بها إلي الاسدي، ولم أکتب ما لي فيها، فورد الجواب: وصلت خمسمائة درهم، لک منها عشرون درهماً.(19)
41- وعن محمّد بن هارون بن عمران الهمداني، قال: کان للناحية(20) عليّ خمسمائة دينار، فضقت بها ذرعاً، ثمّ قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين ديناراً، قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار، ولم أنطق بذلک، فکتب إليّ محمّد بن جعفر: اقبض الحوانيت من محمّد بن هارون بالخمسائة دينار التي لنا عليه.(21)
42- وعن احمد بن أبي روح، قال: وجّهت إليّ امرأة من أهل دينور فأتيتها، فقالت: يا ابن أبي روح، أنت أوثق من في ناحيتنا ورعاً، وإنّي اُريد أن اُودعک أمانة وأجعلها في رقبتک تؤدّيها وتقوم بها.
فقلت: أفعل إن شاء الله.
فقالت: هذه دراهم في هذا الکيس المختوم، لا تحلّه ولا تنظر ما فيه حتّي تؤدّيه إلي من يخبرک بما فيه، وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير، وفيه ثلاثة لؤلؤات تساوي عشرة دنانير، ولي إلي صاحب الزمان (عليه السلام) حاجة اُريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها.
فقلت: وما الحاجة؟ قالت: عشرة دنانير استقرضتها اُمّي في عرسي، ولا أدري ممّن استقرضتها، ولا أدري إلي من أدفعها، فإن أخبرک بها، فادفعها إلي من يأمرک به.
قال: وکنت أقول بجعفر بن علي، فقلت: هذه المحنة بيني وبين جعفر.
فحملت المال وخرجت حتّي دخلت بغداد، فأتيت حاجز بن يزيد الوشّاء، فسلّمت عليه وجلست، فقال: ألک حاجة؟ فقلت: هذا مال دُفِع إليّ لادفعه إليک، أخبرني کم هو؟ ومن دفعه إليّ؟ فإن أخبرتني دفعته إليک.
قال: لم اُؤمر بأخذه، وهذه رقعة جاءتني بأمرک، فإذا فيها: لا تقبل من احمد ابن أبي روح، وتوجّه به إلينا إلي سرّ من رأي. فقلت: لا إله إلاّ الله، هذا أجلّ شيء أردته.
فخرجت به، ووافيت سرّ من رأي، فقلت: أبدأ بجعفر، ثمّ تفکّرت وقلت: أبدأ بهم، فإن کانت المحنة من عندهم وإلاّ مضيت إلي جعفر.
فدنوت من دار أبي محمّد (عليه السلام)، فخرج إليّ خادم فقال: أنت احمد بن أبي روح؟ قلت: نعم. قال: هذه الرقعة اقرأها، فقرأتها فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، يا ابن أبي روح، أودعتک حايل بنت الديراني کيساً فيه ألف درهم بزعمک، وهو خلاف ما تظنّ، وقد أدّيت فيه الامانة، ولم تفتح الکيس ولم تدرِ ما فيه، وإنّما فيه ألف درهم، وخمسون ديناراً صحاحاً، ومعک قرطان زعمت المرأة أنّها تساوي عشرة دنانير، وقد صدقت، مع الفصّين اللذين فيهما، وفيهما ثلاث حبّات لؤلؤ شراؤهما بعشرة دنانير، وهي تساوي أکثر، فادفعهما إلي جاريتنا فلانة، فإنّا قد وهبناهما لها، وصِر إلي بغداد، وادفع المال إلي حاجز، وخذ منه ما يعطيک لنفقتک إلي منزلک.
فأمّا العشرة دنانير التي زَعَمَت أنّ اُمّها استقرضتها في عرسها، وهي لا تدري مَن صاحبها، ولا تعلم لمن هي، هي لکلثوم بنت احمد، وهي ناصبيّة، فتحرّجت أن تعطيها، فإن أحبّت أن تقسمها في أخواتها فاستأذنتنا في ذلک، فلتفرّقها علي ضعفاء أخواتها، ولا تعودن يا ابن أبي روح إلي القول بجعفر والمحنة له، وارجع إلي منزلک، فإنّ عدوّک قد مات، وقد أورثک الله أهله وماله.
قال: فرجعت إلي بغداد، وناولت الکيس حاجزاً، فوزنه فإذا فيه ألف درهم صحاح وخمسون ديناراً، فناولني ثلاثين درهماً، وقال: اُمرنا بدفعها إليک لتنفقها.
فأخذتها وانصرفت إلي الموضع الذي نزلت فيه، فإذا أنا بفيج(22) قد جاءني من المنزل يخبرني بأنّ حموي قد مات، وأنّ أهلي أمروني بالانصراف إليهم، فرجعت فإذا هو قد مات، وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم.(23)
43- وعن نصر بن الصباح، قال: أنفذ رجلٌ من أهل بلخ خمسة دنانير إلي الصاحب (عليه السلام)، وکتب معها رقعة غيّر فيها اسمه، فأوصلها إلي الصاحب (عليه السلام)، فخرج الوصول باسمه ونسبه والدعاء له.(24)
44- وروي الشيخ الکليني بالاسناد عن احمد بن الحسن، قال: أوصي يزيد ابن عبد الله بدابّة وسيف ومال، وأنفذ ثمن الدابّة وغير ذلک ولم يبعث السيف، فورد: کان مع ما بعثتم سيف فلم يصل، وکما قال.(25)
45- وروي بالاسناد عن علي بن محمّد، قال: کان ابن العجمي جعل ثلثه للناحية، وکتب بذلک، وقد کان قبل إخراجه الثلث دفع مالاً لابنه أبي المقدام، ولم يطّلع عليه أحد، فکتب إليه: فأين المال الذي عزلته لابي المقدام.(26)
46- وروي بالاسناد عن الحسين بن الحسن العلوي، قال: کان رجل من ندماء روزحسني(27) وآخر معه، فقال له: هو ذا (28) يجبي الاموال وله وکلاء، وسمّوا جميع الوکلاء في النواحي، وأنهي ذلک إلي عبيد الله بن سليمان الوزير، فهمّ الوزير بالقبض عليهم.
فقال السلطان: اطلبوا أين هذا الرجل(29)، فإنّ هذا أمر غليظ.
فقال عبيد الله ابن سليمان: نقبض علي الوکلاء.
فقال السلطان: لا، ولکن دسّوا لهم قوماً لا يعرفون بالاموال، فمن قبض منهم شيئاً قبض عليه.
قال: فخرج(30): (بأن يتقدّم إلي جميع الوکلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئاً، وأن يمتنعوا من ذلک، ويتجاهلوا الامر).
فاندسّ لمحمّد بن احمد رجل لا يعرفه، وخلا به، فقال: معي مال اُريد أن اُوصله، فقال له محمّد: غلطت، أنا لا أعرف من هذا شيئاً، فلم يزل يتلطّفه ومحمّد يتجاهل عليه، وبثّوا الجواسيس، وامتنع الوکلاء کلّهم لما کان تقدّم إليهم.(31)
47- وروي الکشّي بالاسناد، قال: إنّ محمّد بن إبراهيم بن مهزيار لمّـا حضرت أباه الوفاة، دفع إليه مالاً وأعطاه علامةً، وقال: من أتاک بها فادفع إليه، ولم يعلم بالعلامة إلاّ الله، ثمّ جاءه شيخ فقال: أنا العمري، هات المال، وهو کذا وکذا، ومعه العلامة، فدفع إليه المال.(32)
48- وروي الشيخ حسين بن عبد الوهاب في (عيون المعجزات) بالاسناد عن محمّد بن جعفر، قال: خرج بعض إخواننا يريد العسکر في أمر من الاُمور، قال: فوافيت عُکبرا،(33) فبينما أنا قائم اُصلّي إذ أتاني رجل بصرّة مختومة، فوضعها بين يدي وأنا اُصلّي، فلمّـا انصرفت من صلاتي، فضضت خاتم الصرّة، وإذا فيها رقعة بشرح ما خرجت له، فانصرفت من عکبرا.(34)
49- وروي الحسن بن خفيف، عن أبيه، قال: حملت حرماً من المدينة إلي الناحية، ومعهم خادمان، فلمّـا وصلنا إلي الکوفة، شرب أحد الخدم مسکراً في السرّ، ولم نقف عليه، فورد التوقيع بردّ الخادم الذي شرب المسکر، فرددناه من الکوفة ولم نستخدمه.(35)
50- وروي الراوندي، عن أبي غالب الزراري، قال: تزوّجت بالکوفة امرأة من قوم يقال لهم بنو هلال خزّازون، وحصلت لها منزلة من قلبي، فجري بيننا کلام اقتضي خروجها عن بيتي غضباً، ورمت ردّها، فامتنعت عليّ، لأنّها کانت في أهلها في عزّ وعشيرة، فضاق لذلک صدري، وتجهّزت إلي السفر، فخرجت إلي بغداد أنا وشيخ من أهلها، فقدمناها وقضينا الحقّ في واجب الزيارة، وتوجّهنا إلي دار الشيخ أبي القاسم بن روح، وکان مستتراً من السلطان، فدخلنا وسلّمنا.
فقال: إن کان لک حاجة فاذکر اسمک ها هنا، وطرح إليّ مدرجة(36) کانت بين يديه، فکتبت فيها اسمي واسم أبي، وجلسنا قليلاً، ثمّ ودّعناه، وخرجت إلي سرّ من رأي للزيارة، فزرنا وعدنا، فأتينا دار الشيخ، فأخرج المدرجة التي کنت کتبت فيها اسمي، وجعل يطويها علي أشياء کانت مکتوبة فيها، إلي أن انتهي إلي موضع اسمي، فناولنيه فإذا تحته مکتوب بقلم دقيق: أمّا الزراري في حال الزوج والزوجة، فسيصلح الله بينهما.
وکنت عندما کتبت اسمي، أردت أن أسأله الدعاء لي بصلاح الحال مع الزوجة، ولم أذکره، بل کتبت اسمي وحده، فجاء الجواب کما کان في خاطري من غير أن أذکره، ثمّ ودّعنا الشيخ، وخرجنا من بغداد حتّي قدمنا الکوفة، فيوم قدومي ومن غده، أتاني إخوة المرأة، فسلّموا عليّ، واعتذروا إليّ ممّـا کان بيني وبينهم من الخلاف والکلام، وعادت الزوجة علي أحسن الوجوه إلي بيتي، ولم يجرِ بيني وبينها خلاف ولا کلام مدّة صحبتي لها، ولم تخرج من منزلي بعد ذلک إلاّ بإذني حتّي ماتت.(37)
51- وقال الشيخ سعيد بن عبد الله الراوندي: إنّ أبا محمّد الدعلجي(38)، کان له ولدان، وکان من خيار أصحابنا، وکان قد سمع الاحاديث، وکان أحد ولديه علي الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن، کان يغسّل الاموات، وولد آخر يسلک مسالک الاحداث في فعل الحرام، وکان قد دُفِع إلي أبي محمّد حجّة يحجّ بها عن صاحب الزمان (عليه السلام)، وکان ذلک عادة الشيعة وقتئذ، فدفع شيئاً منها إلي ابنه المذکور بالفساد، وخرج إلي الحجّ.
فلمّـا عاد حکي أنّه کان واقفاً بالموقف، فرأي إلي جانبه شابّاً حسن الوجه، أسمر اللون بذؤابتين، مقبلاً علي شأنه في الابتهال والدعاء والتضرّع وحسن العمل، فلمّـا قرب نَفر الناس التفت إليّ وقال: يا شيخ، أما تستحي؟ قلت: من أيّ شيء يا سيّدي؟
قال: يدفع إليک حجّة عمّن تعلم، فتدفع منها إلي فاسق يشرب الخمر، يوشک أن تذهب عينک هذه، وأومأ إلي عيني، وأنا من ذلک اليوم إلي الان علي وَجَل ومخافة.
الهوامش:
(1) الارشاد 2: 355، الکافي 1: 434 / 5، بحار الانوار 51: 311 / 32.
(2) الارشاد 2: 356، الکافي 1: 435 / 6، بحار الانوار 51: 297 / 12.
(3) الارشاد 2: 356، الکافي 1: 435 / 8، کمال الدين: 486 / 6، الثاقب في المناقب: 597 / 540، بحار الانوار 51: 326 / 45.
(4) الارشاد 2: 358، الکافي 1: 436 / 12، کمال الدين: 491 / 14، بحار الانوار 51: 330 / 53.
(5) الارشاد 2: 358، الکافي 1: 436، کمال الدين: 491، بحار الانوار 51: 330.
(6) أتصدّق هنا بمعني: أسأل من شدّة الحاجة.
(7) العسکر: مدينة سامراء.
(8) أي حظّي ونصيبي، مستصغراً ما جاءه.
(9) قال العلاّمة المجلسي: يظهر من کتب الغيبة أنّ ابن الوجناء هو أبو محمّد ابن الوجناء، وکان من نصيبين، ومن وقف علي معجزات القائم (عجّل الله فرجه)، مرآة العقول 6: 188.
(10) الارشاد 2: 360، الکافي 1: 436 / 13.
(11) وهو ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته، وکان من الوکلاء في بغداد، راجع کمال الدين: 442 / 16.
(12) الارشاد 2: 361، الکافي 1: 437 / 14.
(13) الشهري السمند: اسم فرس.
(14) اذکوتکين: قائد ترکي للعباسيين، وکان قد أغار علي الجبل.
(15) الارشاد 2: 363، الکافي 1: 438 / 16، بحار الانوار 51: 311 / 34.
(16) آبة: بلدة تقابل ساوة، وأهلها شيعة.
(17) الارشاد 2: 365، الکافي 1: 439 / 20، بحار الانوار 51: 299 / 17.
(18) الارشاد 2: 364، الکافي 1: 439 / 19، کمال الدين: 498، بحار الانوار 51: 299 / 16.
(19) الارشاد 2: 365، الکافي 1: 439 / 23، رجال الکشّي 2: 814 / 1017، کمال الدين: 485 / 5، الخرائج والجرائح 2: 697 / 14، بحار الانوار 51: 425 / 44.
(20) الناحية: کناية عن صاحب الزمان (عليه السلام)، ويقال له (عليه السلام): الجهة الفلانيّة، والجانب الفلاني.
(21) الارشاد 2: 367، الکافي 1: 440 / 28، الخرائج والجرائح 1: 472 / 16.
(22) الفيج: هو الذي يحمل الاخبار من بلد إلي بلد، وقيل: هو الذي يسعي بالکتب.
(23) الثاقب في المناقب: 594 / 537، الخرائج والجرائح 2: 699 / 17، فرج المهموم: 257.
(24) دلائل الامامة: 527 / 500.
(25) مدينة المعاجز 8: 91 / 2705، عن الکافي 1: 523 / 22.
(26) مدينة المعاجز 8: 93 / 2709، عن الکافي 1: 524 / 26.
(27) لعلّه کان والياً بالعسکر.
(28) أشار به إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).
(29) يعني الامام الحجّة (عليه السلام).
(30) أي التوقيع من الامام (عليه السلام).
(31) مدينة المعاجز 8: 95 / 2713، عن الکافي 1: 525 / 30، إعلام الوري: 449.
(32) مدينة المعاجز 8: 112 / 2730، عن رجال الکشّي: 531 / 1015.
(33) عکبرا: بليدة من نواحي الدجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ.
(34) مدينة المعاجز 8: 137 / 2740، عن عيون المعجزات: 145 ـ 146.
(35) مدينة المعاجز 8: 138 / 2744، عن عيون المعجزات: 146.
(36) المدرجة: الورقة التي تکتب فيها الرسالة، ويدرج فيها الکتاب.
(37) الخرائج والجرائح 1: 479 / 20، مدينة المعاجز 8: 157 / 2759.
(38) وهو أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن أبي محمّد عبد الله الحذّاء الدعلجي، منسوب إلي موضع خلف باب الکوفة ببغداد، يقال لاهله الدعالجة، وکان فقيهاً عارفاً، ذکره النجاشي في کتابه، وقال: وعليه تعلّمت المواريث، وله کتاب الحجّ. فرج المهموم: 256.
******************
وسمع أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ذلک، قال: فما مضي عليه أربعون يوماً بعد مورده حتّي خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت.(1)
52- وروي الشيخ قطب الدين الراوندي عن محمّد بن الحسين، قال: إنّ التميمي حدّثني عن رجل من أهل أسد آباد، قال: صرت إلي العسکر ومعي ثلاثون ديناراً في خرقة منها دينار شامي، فوافيت الباب، وإنّي لقاعد، إذ خرج إليّ غلام، فقال: هات ما معک. قلت: ما معي شيء. فدخل ثمّ خرج، وقال: معک ثلاثون ديناراً في خرقة خضراء، منها دينار شامي، ومعها خاتم کنت تمنّيته، فأوصلته ما کان معي وأخذت الخاتم.(2)
53- روي الشيخ الکليني بالاسناد عن الفضل الخزّاز المدائني مولي خديجة بنت محمّد أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إنّ قوماً من أهل المدينة من الطالبيين کانوا يقولون بالحقّ، فکانت الوظائف ترد عليهم في وقت معلوم، فلمّـا مضي أبو محمّد (عليه السلام) رجع قوم منهم عن القول بالولد، فوردت الوظائف علي من ثبت منهم علي القول بالولد، وقطع عن الباقين، فلا يذکرون في الذاکرين، والحمد لله ربّ العالمين.(3)
54- وقال الصدوق: حدّثنا الحسين بن علي بن محمّد القمي المعروف بأبي علي البغدادي، قال: کنت ببخارا فدفع إليّ المعروف بابن جاوشير عشرة سبائک ذهباً، وأمرني أن اُسلّمها بمدينة السلام إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدّس الله روحه)، فحملتها معي، فلمّـا بلغت أموية(4) ضاعت منّي سبيکة من تلک السبائک، ولم أعلم بذلک حتّي دخلت مدينة السلام، فأخرجت السبائک لاُسلّمها فوجدتها ناقصة واحدة منها، فاشتريت سبيکة مکانها بوزنها، وأضفتها إلي التسع سبائک، ثمّ دخلت علي الشيخ أبي القاسم الروحي (قدّس الله روحه) ووضعت السبائک بين يديه، فقال لي: خذ لک تلک السبيکة التي اشتريتها، وأشار إليها بيده، فإنّ السبيکة التي ضيّعتها قد وصلت إلينا وذا هي، ثمّ أخرج إليّ تلک السبيکة التي کانت ضاعت مني بأموية، فنظرت إليها وعرفتها.(5)
55- وقال الحسين بن علي بن محمّد المعروف بأبي علي البغدادي: ورأيت تلک السنة بمدينة السلام امرأة تسألني عن وکيل مولانا (عليه السلام) من هو؟ فأخبرها بعض القميين أنّه أبو القاسم الحسين بن روح، وأشار لها إليه، فدخلت عليه وأنا عنده فقالت له: أ يّها الشيخ، أيّ شيء معي؟
فقال: ما معک فالقيه في دجلة، ثمّ ائتيني حتّي اُخبرک.
قال: فذهبت المرأة، وحملت ما کان معها، فألقته في دجلة، ثمّ رجعت ودخلت إلي أبي القاسم الروحي (قدّس الله روحه)، فقال أبو القاسم (رضي الله عنه) لمملوکة له: أخرجي إليّ الحقة، فأخرجت إليه حقة. فقال للمرأة: هذه الحقة التي کانت معک ورميت بها في دجلة، اُخبرک بما فيها وتخبريني؟
فقالت له: بل أخبرني.
فقال: في هذه الحقة زوج سوار ذهب، وحلقة کبيرة فيها جوهر، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر، وخاتمان أحدهما فيروزج والاخر عقيق، وکان الامر کما ذکر لم يغادر منه شيئاً.
ثمّ فتح الحقة فعرض عليّ ما فيها، ونظرت المرأة إليه، فقالت: هذا الذي حملته بعينه، ورميت به في دجلة، فغشي عليّ وعلي المرأة فرحاً بما شاهدناه من صدق الدلالة.
قال الحسين بعد ذکره هذا الحديث: أشهد بالله تعالي، أنّ هذا الحديث کما ذکرته لم أزد فيه ولم أنقص منه، وحلف بالائمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم)، لقد صدق فيما حدّث به، ما زاد فيه ولا نقص منه.(6)
56- ذکر الشيخ الموثوق به عثمان بن سعيد العمري أنّ ابن أبي غانم القزويني قال: إنّ العسکري (عليه السلام) لا خلف له، فشاجرته الشيعة، وکتبوا إلي الناحية، وکانوا يکتبون لا بسواد، بل بالقلم الجاف، علي الکاغد الابيض ليکون علماً معجزاً.
فورد جواباً إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإيّاکم من الضلال والفتن، إنّه انتهي إلينا شکّ جماعة منکم في الدين وفي ولاية وليّ أمرهم، فغمّنا ذلک لکم لا لنا، لانّ الله معنا والحقّ معنا، فلا يوحشنا من بَعُدَ علينا، ونحن صنائع ربّنا والخلق صنائعنا، ما لکم في الريب تتردّدون؟ أما علمتم ما جاءت به الاثار من أئمتکم، أفرأيتم کيف جعل الله لکم معاقل تأوون إليها وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم إلي أن ظهر الماضي (عليه السلام)؟ کلّما غاب عَلَم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّـا قبضه الله إليه ظننتم أنّه أبطل دينه وقطع السبب بينه وبين خلقه؟ کلاّ ما کان ذلک ولا يکون حتّي تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم کارهون، فاتّقوا الله وسلّموا لنا، وردّوا الامر إلينا، فقد نصحت لکم، والله شاهد عليّ وعليکم.(7)
معرفته بحديث النفس وما في الضمير
57- روي الشيخ بإسناده عن محمّد بن احمد الانصاري قال: وجّه قوم من المفوّضة والمقصّرة کامل بن إبراهيم المدني إلي أبي محمّد (عليه السلام) ليناظره في أمرهم.
قال کامل: فقلت في نفسي أسأله لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتي، وقال بمقالتي، قال: فلمّـا دخلت علي سيّدي أبي محمّد (عليه السلام) نظرت إلي ثياب بيض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: وليّ الله وحجّته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان، وينهانا عن لبس مثله؟ فقال متبسّماً: يا کامل، وحسر ذراعيه فإذا مسح أسود خشن علي جلده، فقال: هذا لله وهذا لکم، فسلّمت وجلست إلي باب عليه ستر مرخي، فجاءت الريح فکشفت طرفه، فإذا أنا بفتي کأنّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين ومثلها، فقال لي: يا کامل بن إبراهيم، فاقشعررت من ذلک واُلهمت أن قلت: لبّيک يا سيّدي، فقال: جئت إلي وليّ الله وحجّته وبابه تسأله، هل يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتک، وقال بمقالتک؟ فقلت: إي والله، قال: إذن والله يقلّ داخلها، والله إنّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقّية، قلت: يا سيّدي، ومن هم؟ قال: قوم من حبّهم لعليّ يحلفون بحقّه، ولا يدرون ما حقّه وفضله.
ثمّ سکت (عليه السلام) عنّي ساعة، ثمّ قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوّضة، کذبوا، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله فإذا شاء شئنا، والله يقول: وما تشاؤون إلاّ أن يشاء الله.
ثمّ رجع الستر إلي حالته، فلم أستطع کشفه، فنظر إليّ أبو محمّد (عليه السلام) متبسّماً فقال: يا کامل، ما جلوسک وقد أنبأک بحاجتک الحجّة من بعدي، فقمت وخرجت ولم اُعاينه بعد ذلک.(8)
58- وفي (منتخب الاثر) عن أربعين الخاتون آبادي، قال الفضل بن شاذان: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري، قال: لمّـا همّ الوالي عمرو بن عوف بقتلي، وهو رجل شديد النصب، وکان مولعاً بقتل الشيعة، فاُخبرت بذلک، وغلب عليّ خوف عظيم، فودّعت أهلي وأحبّائي، وتوجّهت إلي دار أبي محمّد (عليه السلام) لاُودّعه، وکنت أردت الهرب، فلمّـا دخلت عليه، رأيت غلاماً جالساً في جنبه، وکان وجهه مضيئاً کالقمر ليلة البدر، فتحيّرت من نوره وضيائه، وکدت أنسي ما کنت فيه من الخوف والهرب. فقال: يا إبراهيم، لا تهرب، فإنّ الله تبارک وتعالي سيکفيک شرّه، فازدادت حيرتي، فقلت لابي محمّد (عليه السلام): يا سيّدي، جعلني الله فداک، من هو وقد أخبرني عمّـا کان في ضميري؟! فقال: هو ابني وخليفتي من بعدي، وهو الذي يغيب غيبة طويلة، ويظهر بعد امتلاء الارض جوراً وظلماً، فيملاها عدلاً وقسطاً. فسألته عن اسمه، قال: هو سميّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) وکنيّه، ولا يحلّ لاحد أن يسمّيه باسمه، ويکنّيه بکنيته إلي أن يظهر الله دولته وسلطنته، فاکتم يا إبراهيم ما رأيت وسمعت منّا اليوم إلاّ عن أهله، فصلّيت عليهما وآبائهما، وخرجت مستظهراً بفضل الله تعالي واثقاً بما سمعته من الصاحب (عليه السلام) فبشّرني عليّ بن فارس بأنّ المعتمد قد أرسل أبا احمد أخاه، وأمره بقتل عمرو بن عوف، فأخذه أبو احمد في ذلک اليوم، وقطّعه عضواً عضواً.(9)
آياته في الجمادات
59- روي الطبرسي عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم الطالقاني، عن أبي القاسم علي بن محمّد الخديجي الکوفي، قال: حدّثنا الاودي، قال:
بينا أنا في الطواف وقد طفت ستّاً واُريد السابع فإذا بحلقة عن يمين الکعبة وشابّ حسن الوجه، طيّب الرائحة، هيوب مع هيبته متقرّب إلي الناس يتکلّم فلم أرَ أحسن من کلامه ولا أعذب من منطقه في حسن جلوسه، فذهبت اُکلّمه فزبرني الناس فسألت بعضهم: من هذا؟
فقالوا: هذا ابن رسول الله يظهر للناس في کلّ سنة يوماً لخواصّه يحدّثهم.
فقلت: سيّدي مسترشداً أتاک فارشدني.
فناولني حصاة وکشفت يدي عنها فإذا بسبيکة ذهب فذهبت فإذا أنا به (عليه السلام) قد لحقني فقال لي: ثبتت عليک الحجّة، فظهر لک الحقّ، وذهب عنک العمي، أتعرفني؟
فقلت: لا.
فقال: أنا المهدي وأنا قائم الزمان، أنا الذي أملاها عدلاً کما ملئت جوراً، إنّ الارض لا تخلو من حجّة ولا تبقي الناس في فترة وهذه أمانة فحدّث بها إخوانک من أهل الحقّ.(10)
في علاج العاهات
60- قال أبو عبد الله بن سورة: سمعت سروراً وکان رجلاً عابداً مجتهداً لقيته بالاهواز غير أنّي نسيت نسبه، يقول: کنت أخرس لا أتکلّم فحملني أبي وعمّي في صباي، وسنّي إذ ذاک ثلاث عشرة وأربع عشرة، إلي الشيخ أبي القاسم بن روح (رضي الله عنه)، فسألاه أن يسأل الحضرة أن يفتح الله لساني، فذکر الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح أنّکم اُمرتم بالخروج إلي الحائر، قال سرور: فخرجنا أنا وأبي وعمّي إلي الحائر فاغتسلنا وزرنا، قال: فصاح بي أبي وعمّي: يا سرور، فقلت بلسان فصيح: لبّيک، فقالا لي: ويحک تکلّمت؟ فقلت: نعم، قال أبو عبد الله بن سورة: وکان سرور هذا رجلاً ليس بجهوري الصوت.(11)
والمعجزات الدالّة علي إمامته (عليه السلام) کثيرة قد لا يبلغها الاحصاء، وقد ذکرها الاصحاب في کتبهم المتخصّصة بذکر المعاجز والکرامات، ولو جمعناها کلّها لطال بنا المقام، وفيما أوردناه کفاية للغرض الذي نتوخّاه في کتابنا هذا، والله الهادي إلي سبيل الرشاد.
توقيعاته ورسائله
نطالع في هذا الفصل بعض ما ورد عن الامام الثاني عشر من عترة أهل البيت (عليهم السلام) علي أيدي السفراء والابواب من التوقيعات والرسائل، وهي تتضمّن في بعض منها أجوبة لمسائل وردت عليه من شيعته وأوليائه، وبعضها کتبها ابتداءً لبعض المخلصين من أوليائه وأعوانه، وهي تدلّ علي عمق اتّصاله (عليه السلام) بشيعته ووقوفه علي اُمورهم ورعايته لشؤونهم، والملاحظ أنّهم عبّروا عن الامام (عليه السلام) بالناحية والفقيه تقيّةً عليه.
وإذا کنّا في بعض الفصول المتقدّمة في صدد إثبات وجود الامام المهدي (عليه السلام) فإنّنا في هذا الفصل نقدّم دليلاً ملموساً علي وجوده (عليه السلام) يتمثّل بالتراث المنقول عنه في العقائد والشريعة وبيان أحوال الرجال، ورسائله إلي المشکّکين والمرتابين في إمامته، والمطالع لهذا التراث لا يلمس أدني فرق بينه وبين تراث الائمة المتقدّمين (عليهم السلام) ممّـا يدلّ علي صحّة صدوره وکونه من منبع واحد متّصل بجدّهم المصطفي (صلي الله عليه وآله).
وقد بذلنا الوسع في ترتيب ما ورد عن الامام صاحب العصر والزمان (عليه السلام) من الحديث والتواقيع والرسائل ترتيباً موضوعيّاً، يبدأ بالموضوعات الفقهيّة، ثمّ توقيعاته في شأن بعض الرجال، فضلاً عن بعض رسائله إلي أصحابه وثقاته المتضمّنة کثيراً من الاجوبة وفي مجالات مختلفة عقائدية وأخلاقية وشرعيّة.
الطهارة
1- عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان(عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن المسح علي الرجلين بأ يّهما يبدأ باليمين ويمسح عليهما جميعاً معاً؟
فأجاب (عليه السلام): يمسح عليهما جميعاً معاً، فإن بدأ بإحداهما قبل الاُخري، فلا يبدأ إلاّ باليمين.(12)
2- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) قال: کتبت إليه أسأله عن طين القبر يوضع مع الميّت في قبره، هل يجوز ذلک أم لا؟
فأجاب: يوضع مع الميّت في قبره، ويخلط بحنوطه إن شاء الله.(13)
3- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه: قد روي لنا عن الصادق (عليه السلام) أنّه کتب علي إزار إسماعيل ابنه:
إسماعيل يشهد أن لا إله إلاّ الله، فهل يجوز لنا أن نکتب مثل ذلک بطين القبر أم غيره؟
فأجاب: يجوز ذلک والحمد لله.(14)
4- وممّـا خرج عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام): إلي محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري حيث کتب إليه: روي لنا عن العالم (عليه السلام) أنّه سئل عن إمام قوم صلّي بهم بعض صلاتهم، وحدثت عليه حادثة، کيف يعمل من خلفه؟
فقال: يؤخّر ويتقدّم بعضهم ويتمّ صلاتهم ويغتسل من مسّه؟
التوقيع: ليس علي من نحّاه إلاّ غسل اليد، وإذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة، تمّم صلاته مع القوم.(15)
5- وکتب أيضاً: روي عن العالم (عليه السلام) أنّ من مسّ ميّتاً بحرارته غسّل يده، ومن مسّه وقد برد فعليه الغسل، وهذا الامام في هذه الحالة لا يکون مسّه إلاّ بحرارته والعمل من ذلک علي ما هو، ولعلّه ينحيّه بثيابه ولا يمسّه، فکيف يجب عليه الغسل؟
التوقيع: إذا مسّه علي هذه الحال، لم يکن عليه إلاّ غسل يده.(16)
6- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام): عندنا حاکة مجوس يأکلون الميتة، ولا يغتسلون من الجنابة، وينسجون لنا ثياباً، فهل تجوز الصلاه فيها من قبل أن تغسل؟
فکتب إليه في الجواب: لا بأس بالصلاة فيها.(17)
7- وعن محمّد بن عبد لله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن رجل يکون في محمله، والثلج کثير بقامة رجل، فيتخوّف إن نزل الغوص فيه، وربما يسقط الثلج وهو علي تلک الحال، ولا يستوي له أن يلبّد(18) شيئاً منه لکثرته وتهافته، هل يجوز أن يصلّي في المحمل الفريضة؟ فقد فعلنا ذلک أياماً، فهل علينا فيه إعادة أم لا؟
فأجاب (عليه السلام): لا بأس به عند الضرورة والشدّة.(19)
8- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه: قد سأل بعض العلماء عن معني قول الصادق (عليه السلام): لا تصلّ في الثعلب، ولا في الارنب، ولا في الثوب الذي يليه؟
فقال (عليه السلام): إنّما عني الجلود دون غيرها.(20)
9- وعن محمّد بن عبد الله الحميري عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه: روي لنا عن صاحب العسکر (عليه السلام) أنّه سئل عن الصلاة في الخزّ الذي يُغَشّ بوبر الارانب، فوقّع: يجوز. وروي عنه أيضاً: أنّه لا يجوز، فبأيّ الخبرين نعمل؟
فأجاب (عليه السلام): إنّما حرّم في هذه الاوبار والجلود، فأمّا الاوبار وحدها فکلّ حلال.(21)
10- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه: يتخّذ بإصفهان ثياب فيها عتابية علي عمل الوشي من قزّ وإبريسم، هل تجوز الصلاة فيها أم لا؟
فأجاب (عليه السلام): لا تجوز الصلاه إلاّ في ثوب سداه ولحمته قطن وکتّان.(22)
11- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن الفصّ الخماهن(23) هل تجوز فيه الصلاة إذا کان في إصبعه؟
فکتب الجواب: فيه کراهية أن تصلّي فيه، وفيه أيضاً إطلاق، والعمل على الکراهية.
وسأله عن الرجل يصلّي وفي کمّه وسراويله سکّين ومفتاح حديد، هل يجوز ذلک؟
فکتب في الجواب: جائز.(24)
12- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله: هل يجوز للرجل أن يصلّي وفي رجليه بطيط (25) ا يغطّي الکعبين، أم لا يجوز؟
فکتب في الجواب: جائز.
وسأله عن لبس النعل المعطون(26)، فإنّ بعض أصحابنا يذکر أنّ لبسه کريه؟
فکتب في الجواب: جائز لا بأس به.(27)
13- وروي الشيخ قطب الدين الراوندي عن احمد بن أبي روح، قال: خرجت إلي بغداد في مال لابي الحسن الخضر بن محمّد لاُوصله، وأمرني أن أدفعه إلي أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري، وأمرني أن لا أدفعه إلي غيره، وأمرني أن أسأله الدعاء للعلّة التي هو فيها، وأسأله عن الوبر يحلّ لبسه؟ قال: فدخلت بغداد وصرت إلي العمري، فأبي أن يأخذ المال، وقال: صِر إلي أبي جعفر محمّد بن احمد، وادفع إليه، فإنّه أمره بأخذه، وقد خرج الذي طلبت، فجئت إلي أبي جعفر فأوصلته إليه، فأخرج إليّ رقعة، فإذا فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم، سألت الدعاء عن العلّة التي تجدها، وهب الله لک العافية، ودفع عنک الافات، وصرف عنک بعض ما تجده من الحرارة، وعافاک وصحّ لک جسمک، وسألت ما يحلّ أن يصلّي فيه من الوبر والسمور والسنجاب والفنک والدلق والحواصل؟
فأمّا السمّور والثعالب فحرام عليک وعلي غيرک الصلاة فيه، ويحلّ لک جلود المأکول من اللحم إذا لم يکن لک غيره، فإن لم يکن لک بدّ فصلّ فيه، والحواصل جائز لک أن تصلّي فيه، والفراء متاع الغنم ما لم يذبح بأرمينية، يذبحه النصاري علي الصليب، فجائز لک أن تلبسه إذا ذبحه أخ لک ومخالف تثق به.(28)
الهوامش:
(1) الخرائج والجرائح 1: 480 / 21، فرج المهموم: 256، بحار الانوار 52: 59 / 42.
(2) الخرائج والجرائح 1: 696 / 11، بحار الانوار 51: 294 / 6، مدينة المعاجز 8: 168 / 2766.
(3) مدينة المعاجز 8: 79 / 2689، عن الکافي 1: 518 / 7.
(4) ويقال لها آمل البط، وهي مدينة في غربي جيحون في طريق بخاري من مرو، خرّبها التتر.
(5) الانوار البهيّة: 291.
(6) الانوار البهيّة: 292.
(7) الانوار البهيّة: 293.
(8) الانوار البهيّة: 289.
(9) منتخب الاثر: 353 / 3.
(10) إعلام الوري: 450.
(11) الانوار البهيّة: 293.
(12) الوسائل 1: 450 / 1185.
(13) الاحتجاج: 489.
(14) الوسائل 3: 53 / 3005.
(15) الوسائل 3: 296 / 3694.
(16) بحار الانوار 53: 152.
(17) الوسائل 3: 520 / 4347.
(18) التلبيد: کبس الشيء المتفرّق الاجزاء کي يجتمع ويتماسک.
(19) الوسائل 4: 328 / 5294.
(20) الوسائل 4: 358 / 5386.
(21) الوسائل 4: 367 / 5409.
(22) الوسائل 4: 375 / 5438.
(23) الخماهن: حجر صلب في غاية الصلابة، أغبر يضرب إلي الحمرة، وقيل: إنّه نوع من الحديد يسمّي (الحجر الحديدي) و(الصندل الحديدي)، وقيل: حجر أبلق تصنع منه الفصوص.
(24) الوسائل 4: 420 / 5591.
(25) البطيط: رأس الخفّ بلا ساق.
(26) الجلد المعطون: المنتن المتمزّق الشعر.
(27) الوسائل 4: 427 / 5614.
(28) الخرائج والجرائح 2: 702 / 18، بحار الانوار 53: 197 / 23، مستدرک الوسائل 3: 197 / 1، مدينة المعاجز 8: 173 / 2771.
******************
الصلاة
14- عن محمّد بن عبد الله الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه سأله عن الرجل يزور قبور الائمة (عليهم السلام) هل يجوز أن يسجد علي القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلّي عند بعض قبورهم (عليهم السلام) أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة، ويقوم عند رأسه ورجليه؟ وهل يجوز أن يتقدّم القبر ويصلّي ويجعل القبر خلفه أم لا؟
فأجاب (عليه السلام): أمّا السجود علي القبر، فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيادة، والذي عليه العمل أن يضع خدّه الايمن علي القبر، وأمّا الصلاة فإنّها خلفه، ويجعل القبر أمامه، ولا يجوز أن يصلّي بين يديه، ولا عن يمينه، ولا عن يساره، لانّ الامام لا يتقدّم ولا يساوي.(1)
15- وعن أبي الحسين محمّد بن جعفر الاسدي فيما ورد عليه من محمّد بن عثمان العمري عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) في جواب مسائله: وأمّا ما سألت عنه من أمر المصلّي والنار والصورة والسراج بين يديه، وأنّ الناس قد اختلفوا في ذلک قِبَلَک، فإنّه جائز لمن لم يکن من أولاد عبدة الاصنام والنيران.(2)
16- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن السجدة علي لوح من طين القبر، هل فيه فضل؟
فأجاب (عليه السلام): يجوز ذلک وفيه الفضل.
قال: وسأله: هل يجوز للرجل إذا صلّي الفريضة والنافلة وبيده السبحة أن يديرها وهو في الصلاة؟
فأجاب (عليه السلام): يجوز ذلک إذا خاف السهو والغلط.
وسأله: هل يجوز أن يدير السبحة باليد اليسار إذا سبّح ولا يجوز؟
فأجاب (عليه السلام): يجوز ذلک والحمد لله.(3)
17- وعن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن التوجّه للصلاة أيقول: (علي ملّة إبراهيم، ودين محمّد)؟ فإنّ بعض أصحابنا ذکر أنّه إذا قال: (علي دين محمّد) فقد أبدع، لأنّا لم نجده في شيء من کتب الصلاة خلا حديثاً في کتاب القاسم بن محمّد عن جدّه الحسن بن راشد أنّ الصادق (عليه السلام) قال للحسن: کيف تتوجّه؟ قال: أقول (لبّيک وسعديک)؟ فقال له الصادق (عليه السلام): ليس عن هذا أسألک، کيف تقول: وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفاً مسلماً؟ قال الحسن: أقوله.
فقال له الصادق (عليه السلام): إذا قلت ذلک فقل (علي ملّة إبراهيم، ودين محمّد، ومنهاج عليّ بن أبي طالب، والائتمام بآل محمّد حنيفاً مسلماً وما أنا من المشرکين).
فأجاب (عليه السلام): التوجّه کلّه ليس بفريضة، والسنّة المؤکّدة فيه التي هي کالاجماع الذي لا خلاف فيه: وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفاً مسلماً علي ملّة إبراهيم، ودين محمّد، وهدي أمير المؤمنين، وما أنا من المشرکين. إنّ صلاتي ونسکي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا شريک له، وبذلک اُمرت وأنا من المسلمين، اللهمّ اجعلني من المسلمين، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثمّ يقرأ الحمد.
قال الفقيه الذي لا يشکّ في علمه: (الدين لمحمّد، والهداية لعلي أمير المؤمنين، لأنّها له، وفي عقبه باقية إلي يوم القيامة، فمن کان کذلک فهو من المهتدين، ومن شکّ فلا دين له) ونعوذ بالله في ذلک من الضلالة بعد الهدي.(4)
18- وعن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عمّـا روي في ثواب القرآن في الفرائض وغيره أنّ العالم (عليه السلام) قال: عجباً لمن لم يقرأ في صلاته (إنّا أنزلناه في ليلة القدر)، کيف تقبل صلاته، وروي: ما زکت صلاة لم يقرأ فيها بقل هو الله أحد. وروي أنّ من قرأ في فرائضه الهُمزَة اُعطي من الدنيا، فهل يجوز أن يقرأ الهُمزَة، ويدع هذه السور التي ذکرناها؟ مع ما قد روي أنّه لا تقبل الصلاة ولا تزکو إلاّ بهما؟
التوقيع: الثواب في السور علي ما قد روي، وإذا ترک سورة ممّـا فيها الثواب، وقرأ قل هو الله أحد، وإنّا أنزلناه لفضلهما، اُعطي ثواب ما قرأ وثواب السورة التي ترک، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين، وتکون صلاته تامّة، ولکن يکون قد ترک الفضل.(5)
- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن الرکعتين الاخيرتين، قد کثرت فيهما الروايات، فبعض يري أنّ قراءة الحمد وحدها أفضل، وبعض يري أنّ التسبيح فيهما أفضل، فالفضل لا يّهما لنستعمله؟
فأجاب (عليه السلام): قد نسخ قراءة اُمّ الکتاب في هاتين الرکعتين التسبيح، والذي نسخ التسبيح قول العالم (عليه السلام): کلّ صلاة لا قراءة فيها فهي خداج(6) إلاّ للعليل، ومن يکثر عليه السهو، فيتخوّف بطلان الصلاة عليه.(7)
19- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن القنوت في الفريضة، إذا فرغ من دعائه أن يردّ يديه علي وجهه وصدره للحديث الذي روي أنّ الله جلّ جلاله أجلّ من أن يردّ يدي عبد صفراً، بل يملؤهما من رحمته، أم لا يجوز فإنّ بعض أصحابنا ذکر أنّه عمل في الصلاة؟
فأجاب (عليه السلام): ردّ اليدين من القنوت علي الرأس والوجه غير جائز في الفرائض، والذي عليه العمل فيه إذا رجع يده في قنوت الفريضة، وفرغ من الدعاء أن يردّ بطن راحتيه مع صدره تلقاء رکبتيه علي تمهّل ويکبّر ويرکع، والخبر صحيح، وهو في نوافل النهار والليل دون الفرائض، والعمل به فيها أفضل.(8)
20- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن المصلِّي يکون في صلاة الليل في ظلمة، فإذا سجد يغلط بالسجّادة، ويضع جبهته علي مسح ونطع(9)، فإذا رفع رأسه وجد السجّادة، هل يعتدّ بهذه السجدة، أم لا يعتدّ بها؟
فکتب إليه في الجواب: ما لم يستوِ جالساً فلا شيء عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة.(10)
21- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه: فرأيک أدام الله عزّک في تأمّل رقعتي، والتفضّل بما يسهل لاُضيفه إلي سائر أياديک عليّ، واحتجت أدام الله عزّک أن تسأل لي بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التشهّد الاوّل للرکعة الثالثة، هل يجب عليه أن يکبّر؟ فإنّ بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التکبير، ويجزيه أن يقول: بحول الله وقوّته أقوم وأقعد؟
الجواب: قال إنّ فيه حديثين: أمّا أحدهما فإنّه إذا انتقل من حالة إلي حالة اُخري فعليه تکبير، وأمّا الاخر فإنّه روي أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فکبّر ثمّ جلس، ثمّ قام، فليس عليه للقيام بعد القعود تکبير، وکذلک التشهّد الاوّل، يجري هذا المجري، وبأ يّهما أخذت من جهة التسليم کان صواباً.(11)
22- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله: هل يجوز أن يسبّح الرجل بطين القبر، وهل فيه فضل؟
فأجاب (عليه السلام): يسبّح به، فما من شيء من التسبيح أفضل منه، ومن فضله أنّ الرجل ينسي التسبيح، ويدير السبحة، فيکتب له التسبيح.
وسأل عن السجدة علي لوح من طين القبر، وهل فيه فضل؟
فأجاب (عليه السلام): يجوز ذلک، وفيه الفضل.(12)
23- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله: عن تسبيح فاطمة (عليها السلام) من سها فجاز التکبير أکثر من أربع وثلاثين، هل يرجع إلي أربع وثلاثين، ويستأنف؟ وإذا سبّح تمام سبعة وستّين، هل يرجع إلي ستّة وستّين ويستأنف؟ وما الذي يجب في ذلک؟
فأجاب (عليه السلام): إذا سها في التکبير حتّي تجاوز أربع وثلاثين، عاد إلي ثلاث وثلاثين ويبني عليها، وإذا سها في التسبيح فتجاوز سبعاً وستّين تسبيحة، عاد إلي ستّ وستّين، وبني عليها، فإذا جاوز التحميد مائة، فلا شيء عليه.(13)
24- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن سجدة الشکر بعد الفريضة، فإنّ بعض أصحابنا ذکر أنّها بدعة، فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة، وإن جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة وبعد الاربع رکعات النافلة؟
فأجاب (عليه السلام): سجدة الشکر من ألزم السنن وأوجبها، ولم يقل إنّ هذه السجدة بدعة إلاّ من أراد أن يحدث في دين الله بدعة، فأمّا الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب، والاختلاف في أنّها بعد الثلاث وبعد الاربع، فإنّ فضل الدعاء والتسبيح بعد الفرائض علي الدعاء بعد النوافل، کفضل الفرائض علي النوافل، والسجدة دعاء وتسبيح، فالافضل أن يکون بعد الفرض، وإن جعلت بعد النوافل أيضاً جاز.(14)
25- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن صلاة جعفر بن أبي طالب في أيّ أوقاتها أفضل أن تُصلّي فيه، وهل فيها قنوت، وإن کان ففي أيّ رکعة منها؟
فأجاب (عليه السلام): أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة، ثمّ في أيّ الايام شئت، وأيّ وقت صلّيتها من ليل ونهار فهو جائز، والقنوت فيها مرّتين: في الثانية قبل الرکوع، وفي الرابعة بعد الرکوع.
وسأله عن صلاة جعفر في السفر، هل يجوز أن تصلّي أم لا؟
فأجاب: يجوز ذلک.(15)
26- وعن احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، في کتاب (الاحتجاج) قال: ممّـا ورد من الامام صاحب الزمان (عليه السلام) إلي محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري في جواب مسائله، حيث سأله عن صلاة جعفر إذا سها في التسبيح في قيام وقعود ورکوع وسجود، وذکره في حالة اُخري قد صار فيها من هذه الصلاة، هل يعيد ما فاته من ذلک التسبيح في الحالة التي ذکره، أم يتجاوز في صلاته؟
التوقيع: إذا سها في حالة عن ذلک ثمّ ذکره في حالة اُخري، قضي ما فاته في الحالة التي ذکره.(16)
27- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن الرجل تعرض له الحاجة ممّـا لا يدري أن يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين، فيکتب في أحدهما نعم أفعل، وفي الاخر لا تفعل، فيستخير الله مراراً، ثمّ يري فيهما فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج، فهل يجوز ذلک أم لا؟ والعامل به والتارک له أهو مثل الاستخارة أم هو سوي ذلک؟
فأجاب (عليه السلام): الذي سنّه العالم (عليه السلام) في هذه الاستخارة بالرقاع والصلاة.(17)
28- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن رجل صلّي الظهر ودخل في صلاة العصر، فلمّـا صلّي من صلاة العصر رکعتين، استيقن أنّه صلّي الظهر رکعتين، کيف يصنع؟
فأجاب (عليه السلام): إن کان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة، أعاد الصلاتين، وإن لم يکن أحدث حادثة، جعل الرکعتين الاخيرتين تتمّة لصلاة الظهر، وصلّي العصر بعد ذلک.(18)
29- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن الرجل يلحق الامام وهو راکع، فيرکع معه، ويحتسب بتلک الرکعة، فإنّ بعض أصحابنا قال: إن لم يسمع تکبيرة الرکوع، فليس له أن يعتدّ بتلک الرکعة؟
فأجاب (عليه السلام): إذا لحق مع الامام من تسبيح الرکوع تسبيحة واحدة اعتدّ بتلک الرکعة، وإن لم يسمع تکبيرة الرکوع.(19)
30- وعن احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) عن محمّد ابن يعقوب الکليني رفعه عن الزهري أنّه طلب من العمري أن يوصله إلي صاحب الزمان (عليه السلام) فأوصله، وذکر أنّه سأله فأجابه عن کلّ ما أراد، ثمّ قام ودخل الدار، فذهبت لاسأل، فلم يستمع وما کلّمني بأکثر من أن قال: ملعون ملعون من أخّر العشاء إلي أن تشتبک النجوم، ملعون ملعون من أخّر الغداة إلي أن تنقضي النجوم، ودخل الدار.(20)
الزکاة والخمس
31- عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن الرجل ينوي إخراج شيء من ماله وأن يدفعه إلي رجل من إخوانه، ثمّ يجد في أقربائه محتاجاً، أيصرف ذلک عمّن نواه له إلي قرابته؟
فأجاب (عليه السلام): يصرفه إلي أدناهما وأقربهما من مذهبه، فإن ذهب إلي قول العالم (عليه السلام): لا يقبل الله الصدقة وذو رحم محتاج، فليقسم بين القرابة وبين الذي نوي، حتّي يکون قد أخذ بالفضل کلّه.(21)
32- وروي عليّ بن محمّد، عن محمّد بن صالح، قال: لمّـا مات أبي وصار الامر إليّ، کان لابي علي الناس سفاتج(22) من مال الغريم(23) - يعني صاحب الامر (عليه السلام) - قال: فکتبت إليه اُعلمه (عليه السلام)، فکتب إليّ: (طالبهم، واستقصِ عليهم) الحديث.(24)
33- وروي الشيخ الصدوق والطبرسي، عن أبي علي بن أبي الحسين الاسدي، عن أبيه، قال: ورد عليّ توقيع من الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري (قدّس الله روحه) ابتداءً لم يتقدّمه سؤال عنه، نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، لعنة الله والملائکة والناس أجمعين علي من استحلّ من أموالنا درهماً.
قال أبو الحسين الاسدي (رضي الله عنه): فوقع في نفسي أنّ ذلک فيمن استحلّ من مال الناحية درهماً دون من أکل منه غير مستحلّ، وقلت في نفسي: إنّ ذلک في جميع من استحلّ محرماً، فأيّ فضل في ذلک للحجّة (عليه السلام) علي غيره!
قال: فوالذي بعث محمّداً (صلي الله عليه وآله) بالحقّ بشيراً ونذيراً، لقد نظرت بعد ذلک في التوقيع، فوجدته قد انقلب إلي ما کان في نفسي: بسم الله الرحمن الرحيم، لعنة الله والملائکة والناس أجمعين علي من أکل من مالنا درهماً حراماً.
قال أبو جعفر محمّد بن محمّد الخزاعي (رحمه الله): أخرج إلينا أبو علي بن أبي الحسين الاسدي هذا التوقيع حتّي نظرنا فيه وقرأناه.(25)
الصوم
35- احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) عن مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إلي محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري في جواب مسائله، حيث سأله عن وداع شهر رمضان متي يکون، فقد اختلف فيه أصحابنا، فبعضهم يقول: يقرأ في آخر ليلة منه، وبعضهم يقول هو في آخر يوم منه إذا رؤي هلال شوّال.
التوقيع: العمل في شهر رمضان في لياليه، والوداع يقع في آخر ليلة منه، فإن خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين.(26)
36- وکتب إليه (عليه السلام) محمّد بن عبد الله الحميري: بسم الله الرحمن الرحيم، أطال الله بقاءک، وأدام عزّک وکرامتک، وسعادتک وسلامتک، وأتمّ نعمته عليک، وزاد في إحسانه إليک، وجميل مواهبه لديک، وفضله عليک، وجزيل قسمه لک، وجعلني من السوء کلّه فداک، وقدّمني قبلک، إن قِبَلنا مشايخ وعجائز يصومون رجباً منذ ثلاثين سنة وأکثر، ويصلون شعبان بشهر رمضان، وروي لهم بعض أصحابنا أنّ صومه معصية؟
فأجاب: قال الفقيه(27): يصوم منه أياماً إلي خمسة عشر يوماً، ثمّ يقطعه، إلاّ أن يصومه عن الثلاثة الايام الفائتة للحديث: إنّ نعم شهر القضاء رجب.(28)
الهوامش:
(1) الاحتجاج: 490.
(2) الوسائل 5: 168 / 6239.
(3) الوسائل 5: 366 / 6807.
(4) بحار الانوار 53: 159.
(5) بحار الانوار 53: 152.
(6) الخداج: النقصان.
(7) الوسائل 6: 127 / 7522.
(8) الوسائل 6: 293 / 8007.
(9) المسح: البساط يقعد عليه، والنطع: البساط من أدم.
(10) الوسائل 6: 355 / 8169. والخمرة: حصيرة صغيرة تعمل من سعف النخيل يسجد عليها.
(11) غيبة الطوسي: 232.
(12) بحار الانوار 53: 165.
(13) بحار الانوار 53: 170.
(14) الوسائل 6: 490 / 8514.
(15) الوسائل 8: 56 / 10080.
(16) الوسائل 6: 61 / 10092.
(17) الوسائل 8: 73 / 10111.
(18) الوسائل 8: 222 / 10478.
(19) الوسائل 8: 383 / 10966.
(20) الوسائل 4: 201 / 4919.
(21) الوسائل 9: 413 / 12360.
(22) السفتجة: وهي أن تعطي مالاً لاخر له مال في بلد آخر، وتأخذ منه ورقة، فتأخذ مالک من ماله في البلد الاخر، فتستفيد أمن الطريق، وهي تشبه الحوالة في عصرنا الحالي.
(23) قال الشيخ المفيد (رحمه الله): هذا رمز کانت الشيعة تعرفه قديماً بينها، ويکون خطابها عليه للتقيّة.
(24) الارشاد 2: 362، الکافي 1: 437 / 15.
(25) الاحتجاج: 480، مدينة المعاجز 8: 28 / 2794، کمال الدين: 522 / 51، بحار الانوار 53: 183.
(26) الوسائل 10: 364 / 13616.
(27) القائل هو أبو القاسم بن روح النوبختي، وکيل الناحية وسفيرها، ومراده بالفقيه هو الامام القائم (عليه السلام).
(28) الوسائل 10: 480 / 13892، بحار الانوار 53: 162.
******************
الحج
37- عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن الرجل يکون مع بعض هؤلاء، ويکون متّصلاً بهم، يحجّ ويأخذ عن الجادّة، ولا يحرم هؤلاء من المسلخ، فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخّر إحرامه إلي ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة، أم لا يجوز إلاّ أن يحرم من المسلخ؟
فکتب إليه في الجواب: يحرم من ميقاته، ثمّ يلبس الثياب ويلبّي في نفسه، فإذا بلغ إلي ميقاتهم أظهره.(1)
38- وعن احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام): هل يجوز للرجل أن يحرم في کساء خزّ أم لا؟
فکتب إليه في الجواب: لا بأس بذلک، وقد فعله قوم صالحون.(2)
39- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن المحرم، هل يجوز له أن يصير علي إبطيه المرتک والتوتيا لريح العرق أم لا يجوز؟
فأجاب (عليه السلام): يجوز ذلک وبالله التوفيق.(3)
40- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن المحرم يرفع الظلال، هل يرفع خشب العمارية والکنيسة ويرفع الجناحين أم لا؟
فکتب إليه: لا شيء عليه في ترکه رفع الخشب.(4)
41- وعن سعيد بن هبة الله الراوندي في (الخرائج والجرائح) في معجزات الامام صاحب الزمان (عليه السلام) عن جعفر بن حمدان، عن الحسن بن الحسين الاسترآبادي، قال: کنت أطوف، فشککت فيما بيني وبين نفسي في الطواف، فإذا شابّ قد استقبلني حسن الوجه، فقال: طف اُسبوعاً آخر.(5)
42- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن رجل اشتري هدياً لرجل غائب عنه، وسأله أن ينحر عنه هدياً بمني، فلمّـا أراد نحر الهدي نسي اسم الرجل ونحر الهدي، ثمّ ذکره بعد ذلک، أيجزي عن الرجل أم لا؟
الجواب: لا بأس بذلک، قد أجزأ عن صاحبه.(6)
43- وسأله عن المحرم يجوز أن يشدّ المئزر من خلفه إلي عنقه بالطول، ويرفع طرفيه إلي حقويه، ويجمعهما في خاصرته ويعقدهما، ويخرج الطرفين الاخرين من بين رجليه ويرفعهما إلي خاصرته، ويشدّ طرفيه إلي ورکيه، فيکون مثل السراويل يستر ما هناک، فإنّ المئزر الاوّل کنّا نتّزر به إذا رکب الرجل جمله يکشف ما هناک وهذا أستر.
فأجاب (عليه السلام): جائز أن يتّزر الانسان کيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثاً بمقراض ولا اُبرة يخرجه به عن حدّ المئزر، وغرزه غرزاً، ولم يعقده ولم يشدّ بعضه ببعض، إذا غطّي سرّته ورکبتيه کلاهما، فإنّ السنّة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرّة والرکبتين، والاحبّ إلينا والافضل لکلّ أحد شدّه علي السبيل المعروفة للناس جميعاً إن شاء الله.
وسأله (رحمه الله): هل يجوز أن يشدّ عليه مکان العقد تکّة؟
فأجاب (عليه السلام): لا يجوز شدّ المئزر بشيء سواه من تکّة ولا غيرها.(7)
الدعاء والزيارة
44- سأله محمّد بن عبد الله الحميري الدعاء له، فخرج الجواب: جاد الله عليه بما هو أهله إيجابنا لحقّه ورعايتنا لابيه (رحمه الله)، وقرّبه منّا بما علّمناه من جميل نيّته، ووقفنا عليه من مخالطته المقرِّبة له من الله التي ترضي الله عزّ وجلّ ورسوله وأولياءه (عليهم السلام) بما بدأنا نسأل الله بمسألته ما أمّله من کلّ خير عاجل وآجل، وأن يصلح له من أمر دينه ودنياه ما يحبّ صلاحه إنّه وليّ قدير.(8)
45- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه قال: خرج توقيع من الناحية المقدّسة، حرسها الله تعالي، بعد المسائل:
بسم الله الرحمن الرحيم، لا لامر الله تعقلون، ولا من أوليائه تقبلون، (حِکْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْني النُّذُرُ عَنْ قَوْم لا يُؤْمِنون) السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين.
إذا أردتم التوجّه بنا إلي الله تعالي وإلينا، فقولوا کما قال الله تعالي: (سَلامٌ علي آلِ ياسين) السلام عليک يا داعي الله، وربّاني آياته، السلام عليک يا باب الله وديّان دينه، السلام عليک يا خليفة الله وناصر حقّه.
السلام عليک يا حجّة الله ودليل إرادته، السلام عليک يا تالي کتاب الله وترجمانه، السلام عليک في آناء ليلک وأطراف نهارک، السلام عليک يا بقيّة الله في أرضه، السلام عليک يا ميثاق الله الذي أخذه ووکّده، السلام عليک يا وعد الله الذي ضمنه.
السلام عليک أيّها العَلم المنصوب، والعِلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة، وعد غير مکذوب، السلام عليک حين تقوم، السلام عليک حين تقعد، السلام عليک حين تقرأ وتبيّن.
السلام عليک حين تصلّي وتقنت، السلام عليک حين ترکع وتسجد، السلام عليک حين تحمد وتستغفر، السلام عليک حين تهلّل وتکبّر، السلام عليک حين تصبح وتمسي، السلام عليک في الليل إذا يغشي والنهار إذا تجلّي.
السلام عليک أ يّها الامام المأمون، السلام عليک أيّها المقدّم المأمول، السلام عليک بجوامع السلام.
اُشهد مواليّ أنّي اُشهدک يا مولاي أنّي أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريک له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، لا حبيب إلاّ هو وأهله، واُشهدک أنّ أمير المؤمنين حجّته، والحسن حجّته، والحسين حجّته، وعليّ بن الحسين حجّته، ومحمّد بن عليّ حجّته، وجعفر بن محمّد حجّته، وموسي بن جعفر حجّته، وعليّ بن موسي حجّته، ومحمّد بن عليّ حجّته، وعليّ بن محمّد حجّته، والحسن بن عليّ حجّته.
وأشهد أنّک حجّة الله، أنتم الاوّل والاخر، وأنّ رجعتکم حقٌّ لا ريب فيها، يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تکن آمنت من قبل وکسبت في إيمانها خيراً، وأنّ الموت حقٌّ، وأنّ ناکراً ونکيراً حقّ.
إلي أن قال:
اللهمّ صلّ علي وليّک وابن أوليائک، الذين فرضت طاعتهم، وأوجبت حقّهم، وأذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً.
اللهمّ انصره وانتصر به لدينک، وانصر به أولياءک وأولياءه وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم.
اللهمّ أعذه من شرّ کلّ باغ وطاغ، ومن شرّ جميع خلقک، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، واحرسه وامنعه من أن يوصل إليه بسوء واحفظ فيه رسولک وآل رسولک، وأظهر به العدل، وأيّده بالنصر، وانصر ناصريه واخذل خاذليه، واقصم به جبابرة الکفر، واقتل به الکفّار والمنافقين، وجميع الملحدين، حيث کانوا من مشارق الارض ومغاربها برّها وبحرها، واملا به الارض عدلاً، وأظهر به دين نبيّک محمّد، واجعلني اللهمّ من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته، وأرني في آل محمّد (عليهم السلام) ما يأملون، وفي عدوّهم ما يحذرون، إله الحقّ آمين، يا ذا الجلال والاکرام يا أرحم الراحمين.(9)
46- وقال العلاّمة المجلسي: في کتاب (المزار الکبير) قال أبو عليّ الحسن بن أشناس: أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد الدعجلي، عن حمزة بن محمّد بن الحسن ابن شبيب، عن احمد بن إبراهيم، قال: شکوت إلي أبي جعفر محمّد بن عثمان شوقي إلي رؤية مولانا (عليه السلام)، فقال لي: مع الشوق تشتهي أن تراه؟ فقلت له: نعم. فقال لي: شکر الله لک شوقک، وأراک وجهه في يسر وعافية، لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه، فإنّ أيّام الغيبة يشتاق إليه، ولا يسأل الاجتماع معه، إنّه عزائم الله، والتسليم لها أولي، ولکن توجّه إليه بالزيارة.
فأمّا کيف يعمل وما أملاه عند محمّد بن عليّ فانسخوه من عنده، وهو التوجّه إلي الصاحب بالزيارة بعد صلاة اثنتي عشرة رکعة تقرأ (قل هو الله أحد)، في جميعها رکعتين رکعتين، ثمّ تصلّي علي محمّد وآله، وتقول قول الله جلّ اسمه: (سَلامٌ علي آلِ ياسين)، ذلک هو الفضل المبين من عند الله، والله ذو الفضل العظيم، إمامه من يهديه صراطه المستقيم، قد آتاکم الله خلافته يا آل ياسين.(10)
47- وعن أبي محمّد الحسن بن احمد المکتب، قال: حدّثنا أبو علي بن همام بهذا الدعاء، وذکر أنّ الشيخ العمري قدّس الله روحه أملاه عليه، وأمره أن يدعو به، وهو الدعاء في غيبة القائم (عليه السلام):
اللهمّ عرّفني نفسک، فإنّک إن لم تعرّفني نفسک لم أعرف رسولک، اللهمّ عرّفني رسولک، فإنّک إن لم تعرّفني رسولک لم أعرف حجّتک، اللهمّ عرّفني حجّتک، فإنّک إن لم تعرّفني حجّتک ضللت عن ديني.
اللهمّ لا تمتني ميتة جاهليّة، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، اللهمّ فکما هديتني بولاية من فرضت طاعته عليّ من ولاة أمرک بعد رسولک، صلواتک عليه وآله، حتّي واليت ولاة أمرک: أمير المؤمنين، والحسن والحسين، وعليّاً ومحمّداً وجعفراً وموسي وعليّاً ومحمّداً وعليّاً والحسن والحجّة القائم المهدي صلواتک عليهم أجمعين، اللهمّ فثبّتني علي دينک، واستعملني بطاعتک.
إلي أن قال:
اللهمّ إنّي أسألک أن تريني وليّ أمرک ظاهراً نافذاً لامرک، مع علمي بأنّ لک السلطان، والقدرة والبرهان، والحجّة والمشيّة، والارادة والحول والقوّة، فافعل ذلک بي وبجميع المؤمنين حتّي ننظر إلي وليّک ظاهر المقالة، واضح الدلالة، هادياً من الضلالة.
إلي أن قال:
اللهمّ أعذه من شرّ جميع ما خلقت وبرأت وذرأت وأنشأت وصوّرت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، بحفظک الذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولک ووصيّ رسولک.
إلي أن قال:
اللهمّ عجّل فرجه، وأيّده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، ودمدم علي من نصب له وکذّب به، وأظهر به الحقّ وأمت به الجور، واستنقذ به عبادک المؤمنين من الذلّ، وأنعش به البلاد، واقتل به الجبابرة الکفرة، واقصم به رؤوس الضلالة.
إلي أن قال:
اللهمّ إنّا نشکو إليک فقد نبيّنا، وغيبة وليّنا، وشدّة الزمان علينا، ووقوع الفتن بنا، وتظاهر الاعداء، وکثرة عدوّنا، وقلّة عددنا.
اللهمّ فافرج ذلک بفتح منک تعجّله، وبنصر منک تيسّره، وإمام عدل تظهره إله الحقّ ربّ العالمين.
اللهمّ إنّا نسألک أن تأذن لوليّک في إظهار عدلک في عبادک، وقتل أعدائک في بلادک حتّي لا تدع للجور دعامة إلاّ قصمتها، ولا بنيّة(11) إلاّ أفنيتها، ولا قوّة إلاّ أوهنتها، ولا رکناً إلاّ هددته، ولا حدّاً إلاّ فللته، ولا سلاحاً إلاّ کللته، ولا رايةً إلاّ نکستها، ولا شجاعاً إلاّ قتلته، ولا حيّاً (12) إلاّ خذلته.
إلي أن قال:
اللهمّ صلّ علي محمّد وآل محمّد، واجعلني بهم فائزاً عندک في الدنيا والاخرة ومن المقرّبين.(13)
قنوت مولانا الحجة بن الحسن عليه السلام
48- اللهمّ صلّ علي محمّد وآل محمّد، وأکرم أولياءک بإنجاز وعدک، وبلّغهم درک ما يأملون من نصرک، واکفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليک، وتمرّد بمنعک علي رکوب مخالفتک، واستعان برفدک علي فلّ حدّک، وقصد لکيدک بأيدک، ووسعته حلماً لتأخذه علي جهرة، وتستأصله علي غرّة، فإنّک اللهمّ قلت وقولک الحقّ (حَتَّي إذا أخَذَتِ الارْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أهْلُها أنّهمْ قادِرونَ عَلَيْها أتاها أمْرُنا لَيْلاً أوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصيداً کَأنْ لَمْ تَغْنَ بِالامْسِ کَذلِکَ نُفَصِّلُ الاياتِ لِقَوْم يَتَفَکَّرون).
إلي قوله (عليه السلام): اللهمّ فأذن بذلک، وافتح طرقاته، وسهّل خروجه، ووطّئ مسالکه، واشرع شرائعه، وأيّد جنوده وأعوانه، وبادر بأسک القوم الظالمين، وابسط سيف نقمتک علي أعدائک المعاندين، وخذ بالثأر، إنّک جواد مکّار.(14)
و دعا في قنوته:
49- اللهمّ مالک الملک، تؤتي الملک من تشاء، وتنزع الملک ممّن تشاء، وتعزّ من تشاء، وتذلّ من تشاء، بيدک الخير إنّک علي کلّ شيء قدير.
يا ماجد يا جواد، يا ذا الجلال والاکرام، يا بطّاش، يا ذا البطش الشديد، يا فعّالاً لما يريد، يا ذا القوّة المتين، يا رؤوف يا رحيم، يا لطيف يا حيّ حين لا حيّ.
إلي أن قال:
يا من لا تغيّره الايام والليالي، ولا تتشابه عليه الاصوات، ولا تخفي عليه اللغات، ولا يبرمه إلحاح الملحّين، أسألک أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد خيرتک من خلقک. فصلّ عليهم بأفضل صلواتک، وصلّ علي جميع النبيّين والمرسلين الذين بلّغوا عنک الهدي، وعقدوا لک المواثيق بالطاعة، وصلّ علي عبادک الصالحين.
يا من لا يخلف الميعاد، أنجز لي ما وعدتني، واجمع لي أصحابي، وصبّرهم، وانصرني علي أعدائک وأعداء رسولک، ولا تخيّب دعوتي، فإنّي عبدک ابن عبدک، ابن أمتک، أسير بين يديک.
سيّدي أنت الذي مننت عليّ بهذا المقام، وتفضّلت به عليّ دون کثير من خلقک، أسألک أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد، وأن تنجز لي ما وعدتني، إنّک أنت الصادق ولا تخلف الميعاد، وأنت علي کلّ شيء قدير.(15)
دعاء ليلة الجمعة وأعمالها
50- قال السيّد ابن طاووس (رحمه الله): رأيت في کتاب (کنوز النجاح) تأليف الفقيه أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (رحمه الله) عن مولانا الحجّة عجّل الله فرجه، ما هذا لفظه:
روي احمد بن الدربي، عن خزامة، عن أبي عبد الله الحسين بن محمّد البزوفري، قال: خرج عن الناحية المقدّسة: من کانت له إلي الله تعالي حاجة فليغتسل ليلة الجمعة بعد نصف الليل، ويأتي مصلاّه ويصلّي رکعتين يقرأ في الرکعة الاُولي الحمد، فإذا بلغ (إيَّاکَ نَعْبُدُ وَإيَّاکَ نَسْتَعين) يکرّرها مائة مرّة، ويتمّم في المائة إلي آخر السورة، ويقرأ سورة التوحيد مرّة واحدة، ويسبّح فيهما سبعة سبعة، ويصلّي الرکعة الثانية علي هيئة الاُولي، ويدعو بهذا الدعاء، فإنّ الله تعالي يقضي حاجته البتّة کائناً ما کان إلاّ أن يکون في قطيعة رحم.
والدعاء:
اللهمّ إن أطعتک فالمحمدة لک، وإن عصيتک فالحجّة لک، منک الروح ومنک الفرج، سبحان من أنعم وشکر، سبحان من قدّر وغفر، اللهمّ إن کنت قد عصيتک فإنّي قد أطعتک في أحبّ الاشياء إليک، وهو الايمان بک، لم أتّخذ لک ولداً، ولم أدع لک شريکاً منّاً منک به عليّ لا منّاً منّي به عليک، وقد عصيتک يا إلهي علي غير وجه المکابرة، ولا الخروج عن عبوديّتک، ولا الجحود لربوبيّتک، ولکن أطعت هواي وأزلّني الشيطان، فلک الحجّة عليّ والبيان، فإن تعذّبني فبذنوبي غير ظالم، وإن تغفر لي وترحمني فإنّک جواد کريم يا کريم يا کريم... حتّي ينقطع النفس.
ثمّ يقول: يا آمناً من کلّ شيء، وکلّ شيء منک خائف حذر، أسألک بأمنک من کلّ شيء وخوف کلّ شيء منک ; أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد، وأن تعطيني أماناً لنفسي وأهلي وولدي وساير ما أنعمت به عليّ، حتّي لا أخاف أحداً ولا أحذر من شيء أبداً، إنّک علي کلّ شيء قدير، وحسبنا الله ونعم الوکيل.
يا کافي إبراهيم نمرود، ويا کافي موسي فرعون، ويا کافي محمّد (صلي الله عليه وآله) الاحزاب، أسألک أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد وأن تکفيني شرّ فلان بن فلان... فيستکفي شرّ من يخاف شرّه، فإنّه يکفي شرّه إن شاء الله تعالي.
ثمّ يسجد ويسأل حاجته، ويتضرّع إلي الله تعالي، فإنّه ما من مؤمن ولا مؤمنة صلّي هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء إلاّ فتحت له أبواب السماء للاجابة، ويجاب في وقته وليلته کائناً ما کان، وذلک من فضل الله علينا وعلي الناس.(16)
دعاء للشدة والخوف
51- نقل الشيخ النوري (رحمه الله) عن الشيخ الجليل أمين الاسلام الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب التفسير في کتاب (کنوز النجاح) قال: دعاء علّمه صاحب الزمان عليه سلام الله الملک المنّان، أبا الحسن محمّد بن احمد بن أبي الليث رحمه الله تعالي في بلدة بغداد، في مقابر قريش، وکان أبو الحسن قد هرب إلي مقابر قريش والتجأ إليه من خوف القتل فنجّي منه ببرکة هذا الدعاء.
قال أبو الحسن المذکور: إنّه علّمني أن أقول: (اللهمّ عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانقطع الرجاء، وانکشف الغطاء، وضاقت الارض، ومنعت السماء، وإليک يا ربّ المشتکي، وعليک المعوّل في الشدّة والرخاء، اللهمّ فصلّ علي محمّد وآل محمّد اُولي الامر الذين فرضت علينا طاعتهم، فعرّفتنا بذلک منزلتهم، ففرّج عنّا بحقّهم فرجاً عاجلاً کلمح البصر، وهو أقرب، يا محمّد يا عليّ اکفياني فإنّکما کافياي وانصراني فإنّکما ناصراي، يا مولاي يا صاحب الزمان الغوث الغوث الغوث، أدرکني أدرکني أدرکني).
قال الراوي: إنّه (عليه السلام) عند قوله: (يا صاحب الزمان) کان يشير إلي صدره الشريف.(17)
دعاء لشفاء الامراض
52- عن الشيخ إبراهيم الکفعمي في کتاب (البلد الامين) عن الامام المهدي (عليه السلام): من کتب هذا الدعاء في إناء جديد، بتربة الحسين (عليه السلام) وغسله وشربه، شفي من علّته.
بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله دواء، والحمد لله شفاء، ولا إله إلاّ الله کفاء، هو الشافي شفاء، وهو الکافي کفاء، أذهب البأس بربّ الناس، شفاء لا يغادره سقم، وصلّي الله علي محمّد وآله النجباء.(18)
الهوامش:
(1) الوسائل 11: 313 / 14895.
(2) الوسائل 12: 365 / 16524، والقوم الصالحون: الائمة المعصومون (سلام الله عليهم).
(3) الوسائل 12: 463 / 16787. والمرتک: مرهم لعلاج ريح الابط، والتوتيا: حجر يکتحل به، ويعالج به الابط لأنّه يسدّ سيلان العرق.
(4) الوسائل 12: 525 / 16980. والکنيسة: شبه هودج، يغرز في المحمل قضبان ويلقي عليه ثوب يستظلّ به الراکب ويستتر به.
(5) الوسائل 13: 362 / 17956. والمراد بالاُسبوع سبع مرّات.
(6) الوسائل 14: 139 / 18813.
(7) بحار الانوار 53: 159.
(8) بحار الانوار 53: 162.
(9) الاحتجاج: 492، بحار الانوار 53: 171.
(10) بحار الانوار 53: 174.
(11) في نسخة: ولا بقيّة.
(12) في نسخة: ولا جيشاً.
(13) کمال الدين: 512 / 43، بحار الانوار 53: 187 / 18، و95: 327 / 3، جمال الاُسبوع: 521 ـ 529.
(14) مهج الدعوات: 67، بحار الانوار 85: 233.
(15) البلد الامين: 551 ـ 556، بحار الانوار 85: 234.
(16) مهج الدعوات: 293، بحار الانوار 89: 323 / 30.
(17) جنّة المأوي: 275 / الحکاية (40).
(18) جنّة المأوي: 226 / 6.
******************
التجارة
53- عن محمّد بن عصام الکليني، عن محمّد بن يعقوب الکليني، عن اسحاق ابن يعقوب، في التوقيعات التي وردت عليه من محمّد بن عثمان العمري بخطّ الامام صاحب الزمان (عليه السلام): أمّا ما سألت عنه أرشدک الله وثبّتک من أمر المنکرين لي - إلي أن قال -: وأمّا ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب وطهر، وثمن المغنّية حرام.(1)
54- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن الرجل من وکلاء الوقف مستحلّ لما في يده، لا يرعَ عن أخذ ماله، ربما نزلت في قريته وهو فيها، وأدخل منزله، وقد حضر طعامه، فيدعوني إليه، فإن لم آکل من طعامه عاداني عليه، فهل يجوز لي أن آکل من طعامه وأتصدّق بصدقة، وکم مقدار الصدقة، وأن أهدي هذا الوکيل هديّة إلي رجل آخر فيدعوني إلي أن أنال منها، وأنا أعلم أنّ الوکيل لا يتورّع عن أخذ ما في يده، فهل عليّ فيه شيء إن أنا نلت منها؟
الجواب: إن کان لهذا الرجل مال ومعاش غير ما في يده، فکل طعامه، واقبل برّه، وإلاّ فلا.(2)
55- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّ بعض أصحابنا له ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب للسلطان فيها حصّة، وأکرته(3) ربما زرعوا، وتنازعوا في حدودها، وتؤذيهم عمّـال السلطان، وتتعرّض في الکلّ من غلات ضيعته، وليس لها قيمة لخرابها، وإنّما هي بائرة منذ عشرين سنة، وهو يتحرّج من شرائها، لأنّه يقال: إنّ هذه الحصّة من هذه الضيعة کانت قبضت من الوقف قديماً للسلطان، فإن جاز شراؤها من السلطان، کان ذلک صوناً وصلاحاً له وعمارة لضيعته، وإنّه يزرع هذه الحصّة من القرية البائرة بفضل ماء ضيعته العامرة، وينحسم عن طمع أولياء السلطان، وإن لم يجز ذلک عمل بما تأمره به إن شاء الله.
فأجابه (عليه السلام): الضيعة لا يجوز ابتياعها إلاّ من مالکها وبأمره ورضيً منه.(4)
الوقوف والصدقات
56- عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الاسدي فيما ورد عليه من جواب مسائله عن محمّد بن عثمان العمري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام): وأمّا ما سألت عنه من الوقف علي ناحيتنا وما يجعل لنا ثمّ يحتاج إليه صاحبه، فکلّ ما لم يسلّم فصاحبه فيه بالخيار، وکلّ ما سلّم فلا خيار فيه لصاحبه احتاج ولم يحتج، افتقر إليه واستغني عنه.
إلي أن قال: وأمّا ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة، ويسلّمها من قيّم يقوم فيها ويعمرها، ويؤدّي من دخلها خراجها ومؤونتها، ويجعل ما بقي من الدخل لناحيتنا، فإنّ ذلک جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيّماً عليها إنّما لا يجوز ذلک لغيره.(5)
57- وعن محمّد بن علي بن الحسين في کتاب (کمال الدين) عن الحسين بن إسماعيل الکندي، عن أبي طاهر البلالي، قال: کتب جعفر بن حمدان: استحللت بجارية، إلي أن قال: ولي ضيعة قد کنت قبل أن تصير إلي هذه المرأة، سبّلتها علي وصاياي، وعلي سائر ولدي، علي أنّ الامر في الزيادة والنقصان منه إلي أيام حياتي، وقد أتت بهذا الولد، فلم اُلحقه في الوقف المتقدّم المؤبّد، وأوصيت إن حدث بي حدث الموت أن يجري عليه ما دام صغيراً، فإن کبر اُعطي من هذه الضيعة حملة مائتي دينار غير مؤبّد، ولا تکون له ولا لعقبه بعد إعطائه ذلک في الوقف شيء، فرأيک أعزّک الله.
فورد جوابها - يعني من صاحب الزمان (عليه السلام) -: أمّا الرجل الذي استحلّ بالجارية - إلي أن قال -: وأمّا إعطاؤه المائتي دينار وإخراجه من الوقف، فالمال ماله فعل فيه ما أراد.(6)
58- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه: روي عن الصادق (عليه السلام) خبر مأثور: إذا کان الوقف علي قوم بأعيانهم وأعقابهم، فاجتمع أهل الوقف علي بيعه، وکان ذلک أصلح لهم أن يبيعوه. فهل يجوز أن يشتري من بعضهم إن لم يجتمعوا کلّهم علي البيع، أم لا يجوز إلاّ أن يجتمعوا کلّهم علي ذلک؟ وعن الوقف الذي لا يجوز بيعه.
فأجاب (عليه السلام): إذا کان الوقف علي إمام المسلمين فلا يجوز بيعه، وإذا کان علي قوم من المسلمين، فليبع کلّ قوم ما يقدرون علي بيعه مجتمعين ومتفرّقين إن شاء الله.(7)
النکاح
59- وعن محمّد بن علي النوفلي، عن احمد بن عيسي الوشّاء، عن احمد بن طاهر القمي، عن محمّد بن بحر الشيباني، عن احمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) - في حديث - أنّه سأله عن الفاحشة المبيّنة التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدّتها جاز للزوج أن يخرجها من بيته.
فقال (عليه السلام): الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزنا، فإنّ المرأة إذا زنت واُقيم عليها الحدّ، ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلک من التزويج بها لاجل الحدّ، وإذا سحقت وجب عليها الرجم، والرجم خزي، ومن أمر الله برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، ومن أبعده فليس لاحد أن يقربه.(8)
60- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه: هل يجوز للرجل أن يتزوّج بنت امرأته؟
فأجاب (عليه السلام): إن کانت ربّيت في حجره فلا يجوز، وإن لم تکن ربّيت في حجره، وکانت اُمّها في غير حباله(9)، فقد روي أنّه جائز.
وکتب إليه: هل يجوز أن يتزوّج بنت ابنة امرأة ثمّ يتزوّج جدّتها بعد ذلک؟ أم لا يجوز؟
فأجاب (عليه السلام): قد نهي عن ذلک.(10)
61- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه کتب إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن الرجل ممّن يقول بالحقّ، ويري المتعة، ويقول بالرجعة إلاّ أنّ له أهلاً موافقة له في جميع اُموره، وقد عاهدها أن لا يتزوّج عليها، ولا يتمتّع ولا يتسرّي، وقد فعل هذا منذ تسع عشرة سنة، وفي بقوله، فربما غاب عن منزله الاشهر فلا يتمتّع ولا تتحرّک نفسه أيضاً لذلک، ويري أنّ وقوف من معه من أخ وولد وغلام ووکيل وحاشية ممّـا يقلّله في أعينهم، ويحبّ المقام علي ما هو عليه محبّةً لاهله وميلاً إليها وصيانةً لها ولنفسه، لا لتحريم المتعة، بل يدين الله بها، فهل عليه في ترک ذلک مأثم أم لا؟
الجواب: يستحبّ له أن يطيع الله تعالي بالمتعة ليزول عنه الحلف في المعصية ولو مرّة واحدة.(11)
62- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه في رجل تزوّج امرأة بشيء معلوم إلي وقت معلوم، وبقي له عليها وقت فجعلها في حلّ ممّـا بقي له عليها، وقد کانت طمثت قبل أن يجعلها في حلّ من أيامها بثلاثة أيام، أيجوز أن يتزوّجها رجل آخر بشيء معلوم إلي وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة؟ ويستقبل بها حيضة اُخري؟
فأجاب (عليه السلام): يستقبل بها حيضة غير تلک الحيضة، لانّ أقلّ العدّة حيضة وطهارة تامّة.(12)
63- وعن الحسين بن إسماعيل الکندي، عن أبي طاهر البلالي، قال: کتب جعفر بن حمدان، فخرجت إليه هذه المسائل: استحللت بجارية، وشرطت عليها أن لا أطلب ولدها، ولم اُلزمها منزلي، فلمّـا أتي لذلک مدّة قالت لي: قد حبلت، ثمّ أتت بولد فلم اُنکره.
إلي أن قال: فخرج جوابها - يعني من الامام صاحب الزمان (عليه السلام) -: وأمّا الرجل الذي استحلّ بالجارية وشرط عليها أن لا يطلب ولدها، فسبحان من لا شريک له في قدرته، شرطه علي الجارية شرط علي الله، هذا ما لا يؤمن أن يکون، وحيث عرض له في هذا الشکّ وليس يعرف الوقت الذي أتاها، فليس ذلک بموجب للبراءة من ولده.(13)
64- وممّـا ورد من الامام صاحب الزمان (عليه السلام) إلي محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري في جواب مسائله، حيث سأله عن المرأة يموت زوجها، هل يجوز لها أن تخرج في جنازته أم لا؟
التوقيع: تخرج في جنازته.
وهل يجوز لها وهي في عدّتها أن تزور قبر زوجها أم لا؟
التوقيع: تزور قبر زوجها، ولا تبيت عن بيتها.
وهل يجوز لها أن تخرج في قضاء حقّ يلزمها، أم لا تخرج من بيتها وهي في عدّتها؟
التوقيع: إذا کان حقّ خرجت فيه وقضته، وإن کان لها حاجة، ولم يکن لها من ينظر فيها، خرجت لها حتّي تقضيها ولا تبيت إلاّ في منزلها.(14)
65- وعن محمّد بن علي بن الحسين في کتاب (إکمال الدين) بالاسناد عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الاسدي، فيما ورد عليه من التوقيع عن محمّد بن عثمان العمري، في جواب مسائله عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) قال: وأمّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي تنبت غلفته بعدما يختن هل يختن مرّة اُخري، فإنّه يجب أن تقطع غلفته، فإنّ الارض تضجّ إلي الله عزّ وجلّ من بول الاغلف أربعين صباحاً.(15)
66- وسأل محمّد بن عبد الله الحميري عن رجل استحلّ بامرأة من حجابها، وکان يتحرّز من أن يقع ولد فجاءت بابن، فتحرّج الرجل أن لا يقبله فقبله وهو شاکّ فيه، ليس يخلطه بنفسه، فإن کان ممّن يجب أن يخلطه بنفسه، ويجعله کسائر وِلده فعل ذلک، وإن جاز أن يجعل له شيئاً من ماله دون حقّه فعل.
فأجاب (عليه السلام): الاستحلال بالمرأة يقع علي وجوه، والجواب يختلف فيها، فليذکر الوجه الذي وقع الاستحلال به مشروحاً ليعرف الجواب فيما يسأل عنه من أمر الولد إن شاء الله.(16)
67- وسأله فقال: قد اختلف أصحابنا في مهر المرأة فقال بعضهم: إذا دخل بها سقط المهر، ولا شيء لها، وقال بعضهم: هو لازم في الدنيا والاخرة، فکيف ذلک؟ وما الذي يجب فيه؟
فأجاب (عليه السلام): إن کان عليه بالمهر کتاب فيه دين، فهو لازم له في الدنيا والاخرة، وإن کان عليه کتاب فيه ذکر الصدقات سقط إذا دخل بها، وإن لم يکن عليه کتاب فإذا دخل بها سقط باقي الصداق.(17)
القضاء والشهادات
68- عن اسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي کتاباً، قد سألت فيه عن مسائل أشکلت عليّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): أمّا ما سألت عنه أرشدک الله وثبّتک - إلي أن قال -: وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليکم، وأنا حجّة الله، وأمّا محمّد بن عثمان العمري فرضي الله عنه وعن أبيه من قبل، فإنّه ثقتي، وکتابه کتابي.(18)
69- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن صالح الهمداني، قال: کتبت إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام): أنّ أهل بيتي يقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائک (عليهم السلام) أنّهم قالوا: خدّامنا وقوّامنا شرار خلق الله؟
فکتب: ويحکم ما تقرأون ما قال الله تعالي: (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُري الَّتي بارَکْنا فيها قُريً ظاهِرَة)(19)، فنحن والله القري التي بارک الله، وأنتم القري الظاهرة.(20)
70- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن رجل ادّعي عليه رجل ألف درهم وأقام به البيّنة العادلة، وادّعي عليه خمسمائة درهم في صکّ آخر، وله بذلک کلّه بيّنة عادلة، وادّعي أيضاً عليه ثلاثمائة درهم في صکّ آخر، ومائتي درهم في صکّ آخر، وله بذلک کلّه بيّنة عادلة، ويزعم المدّعي عليه أنّ هذه الصکاک کلّها قد دخلت في الصکّ الذي بألف درهم، والمدّعي منکر أن يکون کما زعم، فهل تجب عليه الالف درهم مرّة واحدة، أم تجب عليه کلّ ما يقيم البيّنة به، وليس في الصکاک استثناء، إنّما هي صکاک علي وجهها؟
فأجاب (عليه السلام): يؤخذ من المدّعي عليه ألف درهم مرّة واحدة، وهي التي لا شبهة فيها، وتردّ اليمين في الالف الباقي علي المدّعي، فإن نکل فلا حقّ له.(21)
71- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن الرجل يوقف ضيعة ودابّة، ويشهد علي نفسه باسم بعض وکلاء الوقف، ثمّ يموت هذا الوکيل ويتغيّر أمره ويتولّي غيره، هل يجوز أن يشهد الشاهد لهذا الذي اُقيم مقامه، إذا کان أصل الوقف لرجل واحد، أم لا يجوز؟
فأجاب (عليه السلام): لا يجوز غير ذلک، لانّ الشهادة لم تقم للوکيل، وإنّما قامت للمالک، وقد قال الله تعالي: (وَأقيموا الشَّهادَةَ للهِ).(22)
72- وعن احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) عن محمّد بن عبد الله الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن الابرص والمجذوم وصاحب الفالج، هل تقبل شهادتهم؟ فقد روي لنا أنّهم لا يؤمّون الاصحّاء.
فکتب: إن کان ما بهم حادثاً جازت شهادتهم، وما کان ولادة لم تجز.(23)
73- وعن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام) أنّه کتب إليه يسأله عن الضرير إذا شهد في حال صحّته علي شهادة، ثمّ کفّ بصره ولا يري خطّه فيعرفه، هل تجوز شهادته أم لا؟ وإن ذکر هذا الضرير الشهادة هل يجوز أن يشهد علي شهادته أم لا يجوز؟
فأجاب (عليه السلام): إذا حفظ الشهادة وحفظ الوقت جازت شهادته.(24)
الاطعمة والاشربة
74- سأل محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري فقال: يتّخذ عندنا ربّ الجوز لوجع الحلق والبحبحة، يؤخذ الجوز الرطب من قبل أن ينعقد، ويدقّ دقّاً ناعماً، ويعصر ماؤه، ويصفّي ويطبخ علي النصف، ويترک يوماً وليلة، ثمّ ينصب علي النار، ويلقي علي کلّ ستّة أرطال منه رطل عسل، ويغلي وتنزع رغوته، ويسحق من النوشادر والشبّ اليماني من کلّ واحد نصف مثقال، ويداف(25) بذلک الماء، ويلقي فيه درهم زعفران مسحوق ويغلي ويؤخذ رغوته، ويطبخ حتّي يصير مثل العسل ثخيناً ثمّ ينزل عن النار، ويبرد ويشرب منه، فهل يجوز شربه أم لا؟
فأجاب (عليه السلام): إذا کان کثيره يسکر ويغيّر فقليله وکثيره حرام، وإن کان لا يسکر فهو حلال.(26)
75- وفي کتاب (کمال الدين) عن محمّد بن محمّد بن عصام، عن محمّد بن يعقوب، عن اسحاق بن يعقوب، فيما ورد عليه من توقيعات الامام صاحب الزمان (عليه السلام) بخطّه: أمّا ما سألت عنه أرشدک الله وثبّتک من أمر المنکرين - إلي أن قال -: وأمّا الفقّاع فحرام، ولا بأس بالسلمان.(27)
توقيعه في أمر الخجندي
76- روي الشيخ الطوسي عن جماعة، عن الصدوق، عن عمّـار بن الحسين ابن اسحاق، عن احمد بن الحسن بن أبي صالح الخجندي، وکان قد ألحّ في الفحص والطلب، وسار في البلاد، وکتب علي يد الشيخ أبي القاسم بن روح قدّس الله روحه إلي الصاحب (عليه السلام) يشکو تعلّق قلبه، واشتغاله بالفحص والطلب، ويسأل الجواب بما تسکن إليه نفسه ويکشف له عمّـا يعمل عليه، قال: فخرج إليّ توقيع نسخته:
(من بحث فقد طلب، ومن طلب فقد دلّ، ومن دلّ فقد أشاط، ومن أشاط فقد أشرک).(28)
قال: فکففت عن الطلب، وسکنت نفسي، وعدت إلي وطني مسروراً والحمد لله.(29)
توقيع له في شأن الشلمغاني
77- ذکر الشيخ في ترجمة أبي جعفر محمّد بن علي الشلمغاني (لعنه الله) بعد ذکر جملة من بدعه وعقائده الفاسدة، ثمّ ظهر التوقيع من صاحب الزمان (عليه السلام) بلعن أبي جعفر محمّد بن علي والبراءة منه وممّن تابعه وشايعه ورضي بقوله، وأقام علي تولّيه بعد المعرفة بهذا التوقيع.
وقال الشيخ (رحمه الله): إنّ الشيخ أبا القاسم بن روح (رحمه الله) أظهر لعنه، واشتهر أمره، وتبرّأ منه وأمر جميع الشيعة بذلک، إلي أن قال: نسخة التوقيع: أخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون بن موسي، قال: حدّثنا محمّد بن همام، قال: خرج علي يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح في محمّد بن علي الشلمغاني:
(اعرف - أطال الله بقاءک، وعرّفک الخير کلّه، وختم به عملک في من تثق بدينه وتسکن إلي نيّته من إخواننا أدام الله سعادتهم - بأنّ محمّد بن علي المعروف بالشلمغاني - عجّل الله له النقمة ولا أمهله - قد ارتدّ عن الاسلام وفارقه، وألحد في دين الله، وادّعي ما کفر معه بالخالق - جلّ وتعالي - وافتري کذباً وزوراً، وقال بهتاناً وإثماً عظيماً، کذب العادلون بالله وضلّوا ضلالاً بعيداً، وخسروا خسراناً مبيناً.
وإنّا برئنا إلي الله تعالي وإلي رسوله - صلوات الله عليه وسلامه ورحمته وبرکاته - منه ولعنّاه، عليه لعائن الله تتري في الظاهر منّا والباطن في السرّ والجهر، وفي کلّ وقت وعلي کلّ حال، وعلي من شايعه وتابعه وبلغه هذا القول منّا فأقام علي تولّيه بعده.
واُعلمکم - تولاّکم الله - أنّنا في التوقّي والمحاذرة منه علي مثل ما کنّا عليه ممّن تقدّمه من نظرائه من الشريعيّ والنميريّ والهلاليّ والبلاليّ وغيرهم. وعادة الله - جلّ ثناؤه - مع ذلک قبله وبعده عندنا جميلة وبه نثق، وإيّاه نستعين، وهو حسبنا في کلّ اُمورنا ونعم الوکيل).(30)
الهوامش:
(1) الوسائل 17: 123 / 22151.
(2) الوسائل 17: 217 / 22370.
(3) الاکرة: جمع أکار، وهو الحرّاث الحفّار.
(4) الوسائل 17: 337 / 22699.
(5) الوسائل 19: 182 / 24399.
(6) الوسائل 19: 184 / 24403.
(7) الوسائل 19: 191 / 24413.
(8) الوسائل 20: 437 / 26032، و22: 221 / 28436.
(9) أي لم تکن تحته.
(10) الوسائل 20: 460 / 26093.
(11) الوسائل 21: 17 / 26405.
(12) الوسائل 21: 53 / 26515.
(13) الوسائل 21: 385 / 27368.
(14) الوسائل 22: 245 / 28503.
(15) الوسائل 21: 442 / 27534.
(16) بحار الانوار 53: 162.
(17) بحار الانوار 53: 169، وظاهر هذا الحديث أنّ ذلک حين المنازعة وطرح الدعوي علي الزوج لا أنّ الدخول يسقط المهر، فإنّ ثبوته مفروغ عنه مسلّم بالضرورة من الدين ولم يکن ليسأل عنه أحد.
ووجه الحديث أنّه قد کانت العادة في تلک الازمان طبقاً لقوله تعالي: (وَآتوا النِّساءَ صَدقاتهنّ نِحْلَة)، وقوله: (وَآتَيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) وتبعاً لسنّة رسوله (صلي الله عليه وآله)، حيث کان يبعث بالمهر إليهن قبل الدخول، أن يدفع الازواج مهورهنّ حين الزواج قبل الدخول، وکان هذه السيرة ظاهر حالهم.
فلو ادّعت بعد الدخول أنّ المهر تمامه وبعضه باق علي ذمّة الزوج، ولم يکن لها صکّ وبيّنة، أسقط الحاکم ادّعاءها المهر، حيث إنّ الدخول يشعر بظاهر الحال والسيرة الجارية عند المسلمين حتّي الان علي أنّ الزوج قد دفع إليها المهر.
(18) الوسائل 27: 140 / 33424.
(19) سبأ: 18.
(20) الوسائل 27: 151 / 33461.
(21) الوسائل 27: 273 / 33757.
(22) الوسائل 27: 321 / 33838.
(23) الوسائل 27: 379 / 34001.
(24) الوسائل 27: 400 / 34058.
(25) الربّ: المطبوخ من الفواکه، والبحبحة: البحّة، ولعلّه: البححة، کذبحة ـ داء في الحنجرة يورث خشونة وغلظة في الصوت ـ، والشبّ ـ بالفتح والتشديد ـ حجارة بيض، ومنها زرق، وکلّها من الزاج، وأجوده اليماني، والدوف: الخلط، وکثيراً ما يستعمل في معالجة الادوية.
(26) بحار الانوار 53: 168.
(27) الوسائل 25: 364 / 32135.
(28) أشاط دمه وبدمه: أذهبه، وعمل في هلاکه، وعرّضه للقتل.
(29) غيبة الطوسي: 196، بحار الانوار 53: 196.
(30) معادن الحکمة 2: 285 / 200.
******************
توقيع خرج في من ارتاب فيه
78- عن الشيخ الموثّق أبي عمر العامري رحمة الله عليه قال: تشاجر ابن أبي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في الخلف فذکر ابن أبي غانم أنّ أبا محمّد (عليه السلام) مضي ولا خلف له ثمّ إنّهم کتبوا في ذلک کتاباً وأنفذوه إلي الناحية، وأعلموا بما تشاجروا فيه، فورد جواب کتابهم بخطّه صلّي الله عليه وعلي آبائه:
بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإيّاکم من الفتن، ووهب لنا ولکم روح اليقين، وأجارنا وإيّاکم من سوء المنقلب، إنّه اُنهي إليّ ارتياب جماعة منکم في الدين، وما دخلهم من الشکّ والحيرة في ولاة أمرهم، فغمّنا ذلک لکم لا لنا وسأونا (1) فيکم لا فينا، لانّ الله معنا فلا فاقة بنا إلي غيره، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنّا، ونحن صنائع ربّنا، والخلق بعد صنائعنا.
يا هؤلاء، ما لکم في الريب تتردّدون، وفي الحيرة تنعکسون(2)، وما سمعتم الله عزّ وجلّ يقول: (يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ وَاُولي الامْرِ مِنْکُمْ)(3)؟ أوَ ما علمتم ما جاءت به الاثار ممّـا يکون ويحدث في أئمّتکم علي الماضين والباقين منهم (عليهم السلام)؟ أوَ ما رأيتم کيف جعل الله لکم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم إلي أن ظهر الماضي (عليه السلام)، کلّما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّـا قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله أبطل دينه، وقطع السبب بينه وبين خلقه، کلاّ ما کان ذلک ولا يکون، حتّي تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم کارهون.
وإنّ الماضي (عليه السلام) مضي سعيداً فقيداً علي منهاج آبائه (عليهم السلام) حذو النعل بالنعل وفينا وصيّته وعلمه، ومن هو خلفه، ومن يسدّ مسدّه، ولا ينازعنا موضعه إلاّ ظالم آثم، ولا يدّعيه دوننا إلاّ جاحد کافر، ولولا أنّ أمر الله لا يغلب، وسرّه لا يظهر ولا يعلن، لظهر لکم من حقّنا ما تبهر منه عقولکم، ويزيل شکوککم، لکنّه ما شاء الله کان، ولکلّ أجل کتاب.
فاتّقوا الله، وسلّموا لنا، وردّوا الامر إلينا، فعلينا الاصدار، کما کان منّا الايراد، ولا تحاولوا کشف ما غُطّي عنکم، ولا تميلوا عن اليمين، وتعدلوا إلي اليسار، واجعلوا قصدکم إلينا بالمودّة علي السنّة الواضحة، فقد نصحت لکم والله شاهد عليّ وعليکم.
ولولا ما عندنا من محبّة صلاحکم ورحمتکم، والاشفاق عليکم، لکنّا عن مخاطبتکم في شغل ممّـا قد امتحنّا من منازعة الظالم العتل(4) الضالّ المتابع في غيّه، المضادّ لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد حقّ من افترض الله طاعته، الظالم الغاصب.
وفي ابنة رسول الله (صلي الله عليه وآله) لي اُسوة حسنة، وسيُردي الجاهل رداءة عمله وسيعلم الکافر لمن عقبي الدار، عصمنا الله وإيّاکم من المهالک والاسواء، والافات والعاهات کلّها برحمته فإنّه وليّ ذلک، والقادر علي ما يشاء، وکان لنا ولکم وليّاً وحافظاً، والسلام علي جميع الاوصياء والاولياء والمؤمنين، ورحمة الله وبرکاته، وصلّي الله علي محمّد النبيّ وسلّم تسليماً.(5)
79- وله (عليه السلام) توقيع إلي مرتاب آخر رواه الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن ابن الوليد، عن سعد، عن علاّن، عن محمّد بن جبرئيل، عن إبراهيم ومحمّد ابني الفرج، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار أنّه ورد العراق شاکّاً مرتاداً فخرج إليه: قل للمهزيار قد فهمنا ما حکيته عن موالينا بناحيتکم، فقل لهم: أما سمعتم الله عزّ وجلّ يقول: (يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ وَاُولي الامْرِ مِنْکُمْ)(6)، هل أمر إلاّ بما هو کائن إلي يوم القيامة، أوَ لم تروا أنّ الله عزّ وجلّ جعل لهم معاقل يأوون إليها وأعلاماً يهتدون بها من لدن آدم إلي أن ظهر الماضي صلوات الله عليه کلّما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّـا قبضه الله عزّ وجلّ إليه، ظننتم أنّ الله قد قطع السبب بينه وبين خلقه، کلاّ ما کان ذلک، ولا يکون حتّي تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم کارهون.
يا محمّد بن إبراهيم، لا يدخلک الشکّ فيما قدمت له، فإنّ الله لا يخلي الارض من حجّة، أليس قال لک أبوک قبل وفاته: أحضر الساعة من يعيّر هذه الدناير التي عندي، فلمّـا أبطأ ذلک عليه، وخاف الشيخ علي نفسه الوحا (7) قال لک: عيّرها علي نفسک، وأخرج إليک کيساً کبيراً وعندک بالحضرة ثلاثة أکياس، وصرّة فيها دنانير مختلفة النقد، فعيّرتها وختم الشيخ عليها بخاتمه، وقال لک اختم مع خاتمي فإن أعش فأنا أحقّ بها، وإن أمت فاتّق الله في نفسک أوّلاً ثمّ فيّ فخلّصني، وکن عند ظنّي بک.
أخرج رحمک الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا، وهي بضعة عشر ديناراً، واستردّ من قبلک، فإنّ الزمان أصعب ما کان، وحسبنا الله ونعم الوکيل.(8)
80- وفي توقيع منه (عليه السلام) آخر بهذا المعني، کان خرج إلي العمري وابنه (رضي الله عنهما)، رواه سعد بن عبد الله، قال الشيخ أبو جعفر (رضي الله عنه): وجدته مثبتاً بخطّ سعد بن عبد الله (رضي الله عنه).
وفّقکما الله لطاعته، وثبّتکما علي دينه، وأسعدکما بمرضاته، انتهي إلينا ما ذکرتما أنّ الميثمي أخبرکما عن المختار، ومناظرته من لقي، واحتجاجه بأن لا خلف غير جعفر بن علي، وتصديقه إيّاه، وفهمت جميع ما کتبتما به ممّـا قال أصحابکما عنه، وأنا أعوذ بالله من العمي بعد الجلاء، ومن الضلالة بعد الهدي، ومن موبقات الاعمال، ومرديات الفتن، فإنّه عزّ وجلّ يقول: (ألم أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَکوا أنْ يَقولوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنون).(9)
کيف يتساقطون في الفتنة، ويتردّدون في الحيرة، ويأخذون يميناً وشمالاً، فارقوا دينهم أم ارتابوا، أم عاندوا الحقّ أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والاخبار الصحيحة، وعلموا ذلک فتناسوا، أما تعلمون أنّ الارض لا تخلو من حجّة إمّا ظاهراً، وإمّا مغموراً، أوَ لم يعلموا انتظام أئمّتهم بعد نبيّهم (صلي الله عليه وآله) واحداً بعد واحد إلي أن أفضي الامر بأمر الله عزّ وجلّ إلي الماضي - يعني الحسن بن علي - صلوات الله عليه، فقام مقام آبائه (عليهم السلام) يهدي إلي الحقّ وإلي طريق مستقيم.
کان نوراً ساطعاً وقمراً زاهراً، اختار الله عزّ وجلّ له ما عنده، فمضي علي منهاج آبائه (عليهم السلام) حذو النعل بالنعل، علي عهد عهده، ووصيّة أوصي بها إلي وصيّ ستره الله عزّ وجلّ بأمره إلي غاية، وأخفي مکانه بمشيّته، للقضاء السابق والقدر النافذ، وفينا موضعه، ولنا فضله، ولو قد أذن الله عزّ وجلّ فيما قد منعه وأزال عنه ما قد جري به من حکمه، لاراهم الحقّ ظاهراً بأحسن حلية، وأبين دلالة، وأوضح علامة، ولابان عن نفسه، وقام بحجّته، ولکن أقدار الله عزّ وجلّ لا تغالب، وإرادته لا تردّ، وتوفيقه لا يسبق.
فليدعو عنهم اتّباع الهوي، وليقيموا علي أصلهم الذي کانوا عليه، ولا يبحثوا عمّـا ستر عنهم فيأثموا، ولا يکشفوا ستر الله عزّ وجلّ فيندموا، وليعلموا أنّ الحقّ معنا وفينا، لا يقول ذلک سوانا إلاّ کذّاب مفتر، ولا يدّعيه غيرنا إلاّ ضالّ غويّ، فليقتصروا منّا علي هذه الجملة دون التفسير، ويقنعوا من ذلک بالتعريض دون التصريح، إن شاء الله.(10)
في معنى التفويض
81- عن أبي الحسن عليّ بن احمد الدلاّل القمي، قال: اختلف جماعة من الشيعة في أنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلي الائمة - صلوات الله عليهم - أن يخلقوا ويرزقوا، فقال قوم: هذا محال لا يجوز علي الله تعالي، لانّ الاجسام لا يقدر علي خلقها غير الله عزّ وجلّ.
وقال آخرون: بل الله عزّ وجلّ، أقدر الائمة علي ذلک وفوّض إليهم فخلقوا ورزقوا، وتنازعوا في ذلک تنازعاً شديداً، فقال قائل: ما بالکم لا ترجعون إلي أبي جعفر محمّد بن عثمان، فتسألونه عن ذلک ليوضح لکم الحقّ فيه، فإنّه الطريق إلي صاحب الامر؟! فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلّمت وأجابت إلي قوله، فکتبوا المسألة وأنفذوها إليه.
فخرج إليهم من جهته توقيع، نسخته:
(إنّ الله تعالي هو الذي خلق الاجسام وقسّم الارزاق، لأنّه ليس بجسم ولا حالّ في جسم، ليس کمثله شيء وهو السميع البصير، فأمّا الائمة (عليهم السلام) فإنّهم يسألون الله تعالي فيخلق، ويسألونه فيرزق، إيجاباً لمسألتهم، وإعظاماً لحقّهم).(11)
في رد الغلاة
82- ممّـا خرج عن صاحب الزمان (عليه السلام) ردّاً علي الغلاة من التوقيع جواباً لکتاب کتبه إليه محمّد بن عليّ بن هلال الکرخي:
(يا محمّد بن عليّ، تعالي الله عمّـا يصفون، سبحانه وبحمده، ليس نحن شرکاءه في علمه ولا في قدرته، بل لا يعلم الغيب غيره کما قال في محکم کتابه - تبارکت أسماؤه -: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ في السَّماواتِ وَالارْض الغَيْبَ إلاّ الله) وأنا وجميع آبائي من الاوّلين آدم ونوح وإبراهيم وموسي وعيسي وغيرهم من النبيّين ومن الاخرين محمّد رسول الله وعليّ بن أبي طالب وغيرهم ممّن مضي من الائمّة - صلوات الله عليهم أجمعين - إلي مبلغ أيامي ومنتهي عمري عبيد الله عزّ وجلّ.
يقول الله: (وَمَنْ أعْرَضَ عَنْ ذرکْري فَإنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنْکاً ، وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمي ، قالَ لِمَ حَشَرْتَني أعْمي وَقَدْ کُنْتُ بَصيراً ، قالَ کَذلِکَ أتَتْکَ آياتُنا فَنَسيتَها وَکَذلِکَ اليَوْمَ تُنْسي).(12)
يا محمّد بن عليّ، قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ومن دينه جناح البعوضة أرجح منه! فاُشهد الله الذي لا إله إلاّ هو - وکفي بالله شهيداً - ورسوله محمّداً (صلي الله عليه وآله وسلم) وملائکته وأنبياءه وأولياءه (عليهم السلام) واُشهدک واُشهد کلّ من سمع کتابي هذا أنّي بريء إلي الله وإلي رسوله ممّن يقول: إنّا نعلم الغيب ونشارک الله في ملکه، ويحلّنا محلاًّ سوي المحلّ الذي نصبه الله لنا وخلقنا له، ويتعدّي بنا عمّـا قد فسّرته لک، وبيّنته في صدر کتابي، واُشهدکم أنّ کلّ من نبرأ منه فإنّ الله يبرأ منه وملائکته ورسوله وأولياؤه.
وجعلت هذا التوقيع الذي في هذا الکتاب أمانةً في عنقک وعنق من سمعه ألاّ يکتمه من أحد من مواليّ وشيعتي حتّي يظهر علي هذا التوقيع لکلّ من الموالي لعلّ الله عزّ وجلّ يتلافاهم فيرجعون إلي دين الله الحقّ، وينتهون عمّـا لا يعلمون منتهي أمره، ولا يبلغ منتهاه، إلي أن قال: فأومأ بيده إلي صدره وقال: عِلْمُ الکتاب والله کلّه عندنا، عِلْمُ الکتاب والله کلّه عندنا.(13)
اهل الجنة هل يتوالدون؟
83- وسأله محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أهل الجنّة، هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟
فأجاب (عليه السلام): إنّ الجنّة لا حمل فيها للنساء، ولا ولادة، ولا طمث، ولا نفاس، ولا شقاء بالطفوليّة، وفيها ما تشتهي الانفس، وتلذّ الاعين، کما قال سبحانه، فإذا اشتهي المؤمن ولداً خلقه الله عزّ وجلّ بغير حمل ولا ولادة علي الصورة التي يريد کما خلق آدم (عليه السلام) عبرة.(14)
في علم الامام
84- قال علي بن محمّد السمري: کتبتُ إليه (عليه السلام) أسأله عمّـا عندک من العلوم، فوقّع: (علمنا علي ثلاثة أوجه: ماض، وغابر، وحادث، أمّا الماضي فتفسير، وأمّا الغابر فموقوف، وأمّا الحادث فقذف في القلوب، ونقر في الاسماع، وهو أفضل علمنا، ولا نبيّ بعد نبيّنا (صلي الله عليه وآله)).(15)
في تسميته
85- روي الشيخ الصدوق عن المظفّر العلوي، عن ابن العياشي وحيدر بن محمّد، عن العياشي، عن آدم بن محمّد البلخي، عن عليّ بن الحسين الدقّاق، وإبراهيم بن محمّد معاً، عن عليّ بن عاصم الکوفي، قال: خرج في توقيعات صاحب الزمان (عليه السلام): ملعون ملعون من سمّـاني في محفل من الناس.(16)
86- وعن محمّد بن إبراهيم بن اسحاق، قال: سمعت أبا علي محمّد بن همام يقول: سمعت محمّد بن عثمان العمري قدّس الله روحه يقول: خرج توقيع بخطّه أعرفه: من سمّـاني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله.
وکتبت أسأله عن ظهور الفرج فخرج في التوقيع: کذب الوقّاتون.(17)
تکذيبه جعفر بن علي في ادعائه الامامة
87- روي الشيخ الطوسي عن جماعة، عن التلعکبري، عن احمد بن علي، عن الاسدي، عن سعد، عن احمد بن اسحاق رحمة الله عليه أنّه جاءه بعض أصحابنا يعلمه أنّ جعفر بن عليّ کتب إليه کتاباً يعرّفه فيه نفسه ويعلمه أنّه القيّم بعد أبيه، وأنّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه وغير ذلک من العلوم کلّها.
قال احمد بن اسحاق: فلمّـا قرأت الکتاب کتبت إلي صاحب الزمان (عليه السلام) وصيّرت کتاب جعفر في درجه، فخرج الجواب إليّ في ذلک:
بسم الله الرحمن الرحيم، أتاني کتابک أبقاک الله، والکتاب الذي أنفذته درجه، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه علي اختلاف ألفاظه، وتکرّر الخطأ فيه، ولو تدبّرته لوقفت علي بعض ما وقفت عليه منه، والحمد لله ربّ العالمين حمداً لا شريک له علي إحسانه إلينا وفضله علينا، أبي الله عزّ وجلّ للحقّ إلاّ إتماماً وللباطل إلاّ زهوقاً، وهو شاهد عليّ بما أذکره، وليّ عليکم بما أقوله، إذا اجتمعنا ليوم لا ريب فيه، ويسألنا عمّـا نحن فيه مختلفون، إنّه لم يجعل لصاحب الکتاب علي المکتوب إليه، ولا عليک ولا علي أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمّة، وساُبيّن لکم ذمّة تکتفون بها إن شاء الله.
إلي أن قال:
وقد ادّعي هذا المبطل المفتري علي الله الکذب بما ادّعاه، فلا أدري بأيّة حالة هي له رجاء أن يتمّ دعواه، أبفقه في دين الله؟ فوالله ما يعرف حلالاً من حرام ولا يفرّق بين خطأ وصواب، أم بعلم فما يعلم حقّاً من باطل، ولا محکماً من متشابه، ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها، أم بورع فالله شهيد علي ترکه الصلاة الفرض أربعين يوماً يزعم ذلک لطلب الشعوذة، ولعلّ خبره قد تأدّي إليکم، وهاتيک ظروف مسکره منصوبة، وآثار عصيانه لله عزّ وجلّ مشهورة قائمة، أم بآية فليأت بها، أم بحجّة فليقمها، أم بدلالة فليذکرها.
قال الله عزّ وجلّ في کتابه: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم ، حم ، تَنْزيلُ الکِتابِ مِنَ اللهِ العَزيزِ الحَکيم ، ما خَلَقْنا السَّماوات وَالارْضَ وَما بَيْنَهُما إلاّ بِالحَقِّ وَأجَل مُسَمَّيً وَالَّذينَ کَفَروا عَمَّـا اُنْذِروا مُعْرِضون ، قُلْ أرَأيْتُمْ ما تَدْعونَ مِنْ دونِ اللهِ أروني ماذا خَلَقوا مِنَ الارْضِ أمْ لَهُمْ شِرْکٌ في السَّماواتِ ائْتوني بِکِتاب مِنْ قَبْلِ هذا أوْ أثارَة مِنْ عِلْم إنْ کُنْتُمْ صادِقين ، وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنْ يَدْعو مِنْ دونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجيب لَهُ إلي يَوْمِ القِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلون ، وَإذا حُشِرَ النَّاسُ کانوا لَهُمْ أعْداءً وَکانوا بِعِبادَتِهِمْ کافِرين).(18)
فالتمس تولّي الله توفيقک من هذا الظالم، ما ذکرت لک، وامتحنه وسله عن آية من کتاب الله يفسّرها وصلاة فريضة يبيّن حدودها، وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لک عواره ونقصانه، والله حسيبه.
حفظ الله الحقّ علي أهله، وأقرّه في مستقرّه، وقد أبي الله عزّ وجلّ أن تکون الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام)، وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحقّ، واضمحلّ الباطل، وانحسر عنکم، وإلي الله أرغب في الکفاية وجميل الصنع والولاية، وحسبنا الله ونعم الوکيل، وصلّي الله علي محمّد وآل محمّد.(19)
توقيع له الي علي بن محمد السمري
88- وممّـا خرج إلي الشيخ أبي الحسن السمري (رضي الله عنه) نسخته:
(بسم الله الرحمن الرحيم، يا عليّ بن محمّد السمري، اسمع - عظّم الله أجر إخوانک فيک - فإنّک ميّت ما بينک وبين ستّة أيام، فاجمع أمرک، ولا توصِ إلي أحد يقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلاّ بعد إذن الله - تعالي ذکره - وذلک بعد طول الامد، وقسوة القلوب، وامتلاء الارض جوراً. وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو کذّاب مفتر، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم).(20)
توقيع له في جواب مسائل اسحاق بن يعقوب
89- محمّد بن يعقوب الکليني، عن اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمّد بن عثمان العمري (رحمه الله) أن يوصل لي کتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشکلت عليّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان (عليه السلام):
أمّا ما سألت عنه أرشدک الله وثبّتک من أمر المنکرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا، فاعلم أنّه ليس بين الله عزّ وجلّ وبين أحد قرابة، من أنکرني فليس منّي وسبيله سبيل ابن نوح.
وأمّا سبيل عمّي جعفر وولده، فسبيل إخوة يوسف (عليه السلام)، وأمّا الفقّاع فشربه حرام ولا بأس بالشلماب(21)، وأمّا أموالکم فما نقبلها إلاّ لتطهروا فمن شاء فليصل، ومن شاء فليقطع فما آتانا الله خير ممّـا آتاکم.
وأمّا ظهور الفرج فإنّه إلي الله، وکذب الوقّاتون.
وأمّا قول من زعم أنّ الحسين (عليه السلام) لم يقتل، فکفر وتکذيب وضلال.
وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليکم وأنا حجّة الله عليهم.
وأمّا محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن أبيه من قبل فإنّه ثقتي وکتابه کتابي.
وأمّا محمّد بن عليّ بن مهزيار الاهوازي فسيصلح الله قلبه، ويزيل عنه شکّه.
وأمّا ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب وطهر، وثمن المغنّية حرام.
وأمّا محمّد بن شاذان بن نعيم فإنّه رجل من شيعتنا أهل البيت.
وأمّا أبو الخطّاب محمّد بن أبي زينب الاجدع فإنّه ملعون وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم فإنّي منهم بريء وآبائي (عليهم السلام) منهم براء.
وأمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ شيئاً منها فأکله فإنّما يأکل النيران.
وأمّا الخمس فقد اُبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حلّ إلي وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث.
وأمّا ندامة قوم شکّوا في دين الله علي ما وصلونا به، فقد أقلنا من استقال ولا حاجة لنا إلي صلة الشاکّين.
وأمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: (يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا لا تَسْألوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَکُمْ تَسُؤْکُمْ)(22)، إنّه لم يکن أحد من آبائي إلاّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي.
وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فکالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الابصار السحاب، وإنّي لامان لاهل الارض کما أنّ النجوم أمان لاهل السماء، فاغلقوا أبواب السؤال عمّـا لا يعنيکم، ولا تتکلّفوا علم ما قد کفيتم، وأکثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلک فرجکم، والسلام عليک يا اسحاق بن يعقوب وعلي من اتّبع الهدي.(23)
کتاب له في جواب مسائل محمد بن جعفر الاسدي
90- عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الاسدي قال: کان فيما ورد عليّ من الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري قدّس الله روحه في جواب مسائلي إلي صاحب الزمان (عليه السلام):
أمّا ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، فلئن کان کما يقولون إنّ الشمس تطلع من بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان، فما أرغم أنف الشيطان بشيء مثل الصلاة، فصلّها وارغم أنف الشيطان.
وأمّا ما سألت عنه من أمر الوقف علي ناحيتنا وما يجعل لنا ثمّ يحتاج إليه صاحبه، فکلّ ما لم يسلّم فصاحبه فيه بالخيار، وکلّما سلّم فلا خيار لصاحبه فيه احتاج ولم يحتج، افتقر إليه واستغني عنه.
وأمّا ما سألت عنه من أمر من يستحلّ ما في يده من أموالنا ويتصرّف فيه تصرّفه في ماله من غير أمرنا، فمن فعل ذلک فهو ملعون ونحن خصماؤه يوم القيامة وقد قال النبيّ (صلي الله عليه وآله): المستحلّ من عترتي ما حرّم الله ملعون علي لساني ولسان کلّ نبيّ مجاب، فمن ظلمنا کان في جملة الظالمين لنا وکانت لعنة الله عليه، لقوله عزّ وجلّ: (ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلي الظَّالِمين).(24)
وأمّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي نبتت قلفته بعدما يختن، هل يختن مرّة اُخري؟ فإنّه يجب أن تقطع قلفته مرّة اُخري، فإنّ الارض تضجّ إلي الله عزّ وجلّ من بول الاغلف أربعين يوماً.
وأمّا ما سألت عنه من أمر المصلّي، والنار والصورة والسراج بين يديه، هل تجوز صلاته، وإنّ الناس اختلفوا في ذلک قبلک؟ فإنّه جائز لمن لم يکن من أولاد عبدة الاوثان والنيران، يصلّي والصورة والسراج بين يديه، ولا يجوز ذلک لمن کان من أولاد عبدة الاوثان والنيران.
وأمّا ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا، هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها، وصرف ما يفضل من دخلها إلي الناحية، احتساباً للاجر، وتقرّباً إليکم، فلا يحلّ لاحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه، فکيف يحلّ ذلک في مالنا، من فعل شيئاً من ذلک بغير أمرنا فقد استحلّ منّا ما حرّم عليه، ومن أکل من أموالنا شيئاً فإنّما يأکل في بطنه ناراً وسيصلي سعيراً.
وأمّا ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة، ويسلّمها من قيّم يقوم بها ويعمرها، ويؤدّي من دخلها خراجها ومؤونتها، ويجعل ما يبقي من الدخل لناحيتنا، فإنّ ذلک جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيّماً عليها إنّما لا يجوز ذلک لغيره.
وأمّا ما سألت عنه من الثمار من أموالنا يمرّ به المارّ، فيتناول منه ويأکل هل يحلّ له ذلک؟ فإنّه يحلّ له أکله، ويحرم عليه حمله.(25)
ومن کتاب له إلي الشيخ المفيد
91- قال العلاّمة الطبرسي: ذکر کتاب ورد من الناحية المقدّسة حرسها الله ورعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشر وأربعمائة علي الشيخ أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان قدّس الله روحه ونوّر ضريحه، ذکر موصله أنّه تحمّله من ناحية متّصلة بالحجاز، نسخته:
للاخ السديد، والوليّ الرشيد، الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله إعزازه من مستودع العهد المأخوذ علي العباد.
بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد، سلام عليک أيّها المولي المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين، فإنّا نحمد إليک الله الذي لا إله إلاّ هو، ونسأله الصلاة علي سيّدنا ومولانا نبيّنا محمّد وآله الطاهرين ونعلمک - أدام الله توفيقک لنصرة الحقّ، وأجزل مثوبتک علي نطقک عنّا بالصدق - أنّه قد اُذن لنا في تشريفک بالمکاتبة وتکليفک ما تؤدّيه عنّا إلي موالينا قبلک، أعزّهم الله بطاعتک، وکفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته.
فقف أمدّک الله بعونه علي أعدائه المارقين من دينه، علي ما نذکره، واعمل في تأديته إلي من تسکن إليه بما نرسمه إن شاء الله، نحن وإن کنّا ثاوين بمکاننا النائي عن مساکن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالي لنا من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلک، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنّا يحيط علمنا بأنبائکم، ولا يعزب عنّا شيء من أخبارکم، ومعرفتنا بالزلل الذي أصابکم، مذ جنح کثير منکم إلي ما کان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم کأنّهم لا يعلمون.
الهوامش:
(1) مصدر بمعني السوء علي القلب المکاني، يقال: سأوت فلاناً، أي سؤته.
(2) کذا ولعلّها: تنتکسون.
(3) النساء: 59.
(4) الظالم العتلّ: قد يراد به جعفر الکذّاب، ويحتمل خليفة ذلک الزمان.
(5) الاحتجاج: 496، بحار الانوار 53: 178.
(6) النساء: 59.
(7) الوحا: السرعة والبدار، يعني أنّه خاف علي نفسه الموت سريعاً.
(8) کمال الدين: 486 / 8، بحار الانوار 53: 185 / 16.
(9) العنکبوت: 2.
(10) کمال الدين: 510 / 42، بحار الانوار 53: 190 / 19.
(11) معادن الحکمة 2: 282 / 198.
(12) طه: 123 ـ 125.
(13) معادن الحکمة 2: 282 / 199.
(14) بحار الانوار 53: 163.
(15) دلائل الامامة: 524 / 495.
(16) کمال الدين: 482 / 1، بحار الانوار 53: 184 / 13.
(17) کمال الدين: 483 / 3، بحار الانوار 53: 184 / 14.
(18) الاحقاف: 1 ـ 6.
(19) غيبة الطوسي: 174، بحار الانوار 53: 193.
(20) معادن الحکمة 2: 88 / 201، وسيأتي بيان المراد بقوله (عليه السلام): (ألا فمن ادّعي المشاهدة) في الفصل الثاني عشر.
(21) قيل هو الشلجم يطبخ ويعصر. وفي نسخة: السلمک، وهو نبت.
(22) المائدة: 101.
(23) کمال الدين: 483، غيبة الطوسي: 176، الاحتجاج: 469، بحار الانوار 53: 180.
(24) هود: 18.
(25) کمال الدين: 520 / 49، الاحتجاج: 479، بحار الانوار 53: 182.
******************
إنّا غير مهملين لمراعاتکم، ولا ناسين لذکرکم، ولولا ذلک لنزل بکم اللاواء واصطلمکم الاعداء، فاتّقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا علي انتياشکم(1) من فتنة قد أنافت عليکم، يهلک فيها من حمّ(2) أجله، ويحمي عليه من أدرک أمله، وهي أمارة لاُزوف حرکتنا، ومباثّتکم بأمرنا ونهينا، والله متمّ نوره ولو کره المشرکون.
اعتصموا بالتقيّة من شبّ نار الجاهليّة، يحششها (3) عصب اُموية تهول بها فرقة مهديّة، أنا زعيم بنجاة من لم يرم منها المواطن الخفيّة، وسلک في الطعن منها السبل الرضيّة، إذا حلّ جمادي الاُولي من سنتکم هذه.
فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتکم لما يکون من الذي يليه، ستظهر لکم من السماء آية جليّة، ومن الارض مثلها بالسويّة، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد علي العراق طوائف عن الاسلام مرّاق، يضيق بسوء فعالهم علي أهله الارزاق.
ثمّ تتفرّج الغمّة من بعده، ببوار طاغوت من الاشرار، يسرّ بهلاکه المتّقون الاخيار، ويتّفق لمريدي الحجّ من الافاق، ما يأملونه علي توفير غلبة منهم واتّفاق، ولنا في تيسير حجّهم علي الاختيار منهم والوفاق، شأنٌ يظهر علي نظام واتّساق.
فيعمل کلّ امرئ منکم ما يقرب به من محبّتنا، وليتجنّب ما يدنيه من کراهيتنا، وسخطنا، فإنّ امرءاً يبغته فجأة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم علي حوبة، والله يلهمک الرشد، ويلطف لکم بالتوفيق برحمته.
نسخة التوقيع باليد العليا علي صاحبها السلام:
هذا کتابنا إليک أ يّها الاخ الوليّ، والمخلص في ودّنا الصفيّ، والناصر لنا الوفيّ، حرسک الله بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به ولا تظهر علي خطّنا الذي سطّرناه بماله ضمنّاه أحداً، وأدِّ ما فيه إلي من تسکن إليه، وأوصِ جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله، وصلّي الله علي محمّد وآله الطاهرين.(4)
92- وورد عليه (رحمه الله) کتاب آخر من قبله صلوات الله عليه يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجّة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة نسخته:
من عبد الله المرابط في سبيله إلي ملهم الحقّ ودليله.
بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليک أ يّها الناصر للحقّ الداعي إلي کلمة الصدق، فإنّا نحمد الله إليک الذي لا إله إلاّ هو، إلهنا وإله آبائنا الاوّلين، ونسأله الصلاة علي نبيّنا وسيّدنا ومولانا محمّد خاتم النبيّين وعلي أهل بيته الطيّبين الطاهرين.
وبعد: فقد کنّا نظرنا مناجاتک عصمک الله بالسبب الذي وهبه لک من أوليائه وحرسک من کيد أعدائه، وشفّعنا ذلک الان من مستقرّ لنا، ينصب في شمراخ(5) من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأ إليه السباريت(6) من الايمان، ويوشک أن يکون هبوطنا منه إلي صحصح من غير بعد من الدهر، ولا تطاول من الزمان، ويأتيک نبأ منّا بما يتجدّد لنا من حال، فتعرف بذلک ما تعتمده من الزلفة إلينا بالاعمال، والله موفّقک لذلک برحمته.
فلتکن حرسک الله بعينه التي لا تنام أن تقابل بذلک، ففيه تبسل نفوس قوم حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين وتبتهج لدمارها المؤمنون، ويحزن لذلک المجرمون.
وآية حرکتنا من هذه اللوثة(7) حادثة بالحرم المعظّم، من رجس منافق مذمّم، مستحلّ للدم المحرّم، يعمد بکيده أهل الايمان، ولا يبلغ بذلک غرضه من الظلم لهم والعدوان، لأنّنا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملک الارض والسماء، فليطمئنّ بذلک من أوليائنا القلوب وليثقوا بالکفاية منه، وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة لجميل صنع الله سبحانه تکون حميدة لهم، ما اجتنبوا المنهيّ عنه من الذنوب.
ونحن نعهد إليک أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظالمين، أيّدک الله بنصره الذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنّه من اتّقي ربّه من إخوانک في الدين وخرج عليه بما هو مستحقّه(8) کان آمناً من الفتنة المظلّة(9)، ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته، علي من أمره بصلته، فإنّه يکون خاسراً بذلک لاُولاه وآخرته.
ولو أنّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته، علي اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا، علي حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتّصل بنا ممّـا نکرهه، ولا نؤثره منهم، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوکيل، وصلواته علي سيّدنا البشير النذير، محمّد وآله الطاهرين وسلّم، وکتب في غرّة شوّال من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله علي صاحبها: هذا کتابنا إليک أيّها الوليّ الملهم للحقّ العليّ بإملائنا وخطّ ثقتنا، فأخفه عن کلّ أحد، واطوه، واجعل له نسخة يطّلع عليها من تسکن إلي أمانته من أوليائنا، شملهم الله ببرکتنا ودعائنا إن شاء الله، والحمد لله والصلاة علي سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.(10)
إلي هنا انتهي ما أردنا إيراده من توقيعاته (عليه السلام)، ولو استقصيناها جميعاً لخرجنا عن غرض الکتاب، نرجو من فضله تعالي أن يجعلنا من أنصار حجّته، والقائمين بدينه، ومن أعوانه، والشهداء تحت لوائه، وأن يقرّ عيوننا بطلعته الرشيدة، فإنّه المرجوّ لکلّ خير وفضل.
من تشرف برؤية الامام الحجة
لقد اتّفق أعلام الامامية علي وقوع رؤية الامام صاحب الزمان (عليه السلام) في حياة أبيه الامام العسکري (عليه السلام) وبعد ذلک حتّي نهاية الغيبة الصغري، أي في الفترة الواقعة بين سنة 255 هـ وهي السنة التي ولد فيها الامام الحجّة (عليه السلام) وبين سنة 329 هـ وهي السنة التي مات فيها أبو الحسن علي بن محمّد السمري آخر السفراء، وبعدها حلّت الغيبة الکبري.
ونقل المشايخ المتقدّمون أحاديث کثيرة سمّوا فيها الاشخاص الذين تشرّفوا برؤية الامام المهدي (عليه السلام) خلال الفترة الواقعة قبل الغيبة الکبري، ومن جملة هؤلاء المشايخ الشيخ الکليني المتوفّي 329 هـ والذي أدرک الغيبة الصغري بتمامها تقريباً، والشيخ الصدوق المتوفّي سنة 381 هـ وقد أدرک نحو عشرين عاماً من الغيبة الصغري، والشيخ المفيد المتوفّي سنة 413 هـ، والشيخ الطوسي المتوفّي سنة 460 هـ وغيرهم.
وقد تحقّق من مجمل رواياتهم أنّ الامام العسکري (عليه السلام) قد مکّن خلّص أصحابه من رؤية ولده الامام المهدي (عليه السلام) وحذّرهم من الاختلاف بعده، ففي مرّة واحدة تقدّم إليه جماعة من أصحابه وفيهم علي بن بلال ومحمّد بن معاوية بن حکيم والحسن بن أيوب بن نوح وعثمان بن سعيد العمري وغيرهم نحو أربعين رجلاً، فسألوه عن الامام بعده، فأخرج الامام الحجّة (عليه السلام) إليهم، وقال لهم: هذا إمامکم من بعدي وخليفتي عليکم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي فتهلکوا في أديانکم.(11)
ورآه يوم وفاة أبيه (عليه السلام) احمد بن عبد الله الهاشمي، وهو من ولد العباس، مع تسعة وثلاثين رجلاً منهم إبراهيم بن محمّد التبريزي.(12)
ورآه جماعة من الشيعة بمکّة عند المستجار وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً منهم محمّد بن القاسم العلوي العقيقي والمحمودي وعلاّن الکليني وأبو الهيثم الديناري وأبو جعفر الاحول الهمداني وغيرهم.(13)
ورآه وفد قم والجبال وکان فيهم أبو العباس محمّد بن جعفر القمي الحميري، وشاهدوا معاجزه ووقفوا علي دلائله.(14)
وعدّد الشيخ الصدوق في حديث واحد ثمانية وستين رجلاً ممّن رأوه ووقفوا علي معجزاته من الوکلاء وغيرهم مع ذکر بلدانهم(15)، والملاحظ من خلال بيانه لبلدانهم أنّ رؤية الامام الحجّة (عليه السلام) لم تقتصر علي الاصحاب الذين في سامراء وبغداد والمناطق القريبة منهما، بل شملت مختلف أطراف وديار الاسلام، ولا ريب أنّ الامام العسکري (عليه السلام) قد عمد إلي بيان ذلک علي يد الخلّص من أصحابه کي تتمّ الحجّة علي الناس في مختلف بلدان الاسلام، ولا يخفي أنّ الانکار والمکابرة بعد بيان الحجّة والمشاهدة العينيّة هما طريقان يؤدّيان إلي الضلال والخسران والموت علي سنن الجاهليّة.
ومن البلدان التي ذکرها الشيخ الصدوق في روايته المتقدّمة: بغداد، والکوفة، والاهواز، وقم، والري، وآذربيجان، ونيسابور، وهمدان، والدينور، وإصفهان، والصيمرة، وقزوين، وفاقتر (قابس - وقائين)، وشهرزور، وفارس، ومرو، واليمن، ومصر، ونصيبين.
وعدّد صاحب (منتخب الاثر) ثلاثمائة وأربعة رجال ممّن رأوا الامام الحجّة (عليه السلام) واطّلعوا علي معجزاته وتشرّفوا بحضوره.(16)
وأفرد السيّد هاشم البحراني (رحمه الله) کتاباً في ذلک أسماه (تبصرة الولي فيمن رأي القائم المهدي) وذکر فيه جماعة کثيرة ممّن فاز برؤية الامام صاحب الزمان (عليه السلام) في حياة أبيه وفي الغيبة الصغري.
وعليه فإنّ رؤية الامام صاحب الزمان (عليه السلام) متحقّقة خلال الفترة الواقعة بين سنة (255) و(329 هـ) أي ما قبل الغيبة الکبري.
أمّا في الغيبة الکبري فقد اختلفت الاقوال والروايات الدالّة علي الرؤية والمانعة منها، فقد روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يفقد الناس إمامهم، فيشهد الموسم، فيراهم ولا يرونه.(17)
وروي النعماني بالاسناد عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ للقائم غيبتين، يرجع في أحدهما، والاُخري لا يدري أين هو، يشهد المواسم، يري الناس ولا يرونه.(18)
فهذان الحديثان يدلاّن علي عدم إمکان تحقّق الرؤية في زمان الغيبة الکبري، وهي الفترة الواقعة بين سنة 329 هـ إلي وقتنا الحاضر، ويعزّزهما حديث آخر رواه أبو الفضل الطبرسي في (إعلام الوري) وأبو منصور الطبرسي في (الاحتجاج) عن أبي محمّد الحسن بن احمد المکتب أنّه قال: کنت بمدينة السلام في السنة التي توفّي فيها علي بن محمّد السمري، فحضرته قبل وفاته بأيام، فخرج وأخرج إلي الناس توقيعاً نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، يا عليّ بن محمّد السمري، أعظم الله أجر إخوانک فيک، فإنّک ميّت ما بينک وبين ستّة أيام، فاجمع أمرک، ولا توصي إلي أحد يقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلاّ أن يأذن الله تعالي ذکره، وذلک بعد طول الامد وقسوة القلوب، وامتلاء الارض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن يدّعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو کذّاب مفتر، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.(19)
قال المحدّث النوري (رحمه الله): إنّه خبر واحد مرسل غير موجب علماً، فلا يعارض تلک الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها، بل ومن بعضها المتضمّن لکرامات ومفاخر لا يمکن صدورها من غيره (عليه السلام)، فکيف يجوز الاعراض عنها لوجود خبر ضعيف.(20)
وقد تأوّل العلاّمة المجلسي المشاهدة الواردة في التوقيع بقوله: لعلّه محمول علي من يدّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الاخبار من جانبه (عليه السلام) إلي الشيعة، علي مثال السفراء، لئلاّ ينافي الاخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه (عليه السلام) والله يعلم.(21)
ويمکن أن يراد من الحديثين المتقدّمين أنّ عامّة الناس لا يرونه وهو (عليه السلام) يراهم، أمّا الخاصّة من الموالين والمخلصين فإنّه يراهم ويرونه، والله العالم بحقائق الاحوال.
وهناک طائفة من الاخبار تدلّ علي إمکان تحقّق الرؤية دون المعرفة، منها ما رواه الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) أنّه قال: والله إنّ صاحب هذا الامر ليحضر الموسم کلّ سنة فيري الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه.(22)
ويمکن الجمع بين الاخبار في هذا الباب بحمل عدم المعرفة علي عامّة الناس کما تقدّم، أمّا خاصّة مواليه في دينه وخلّص شيعته فإنّهم يرونه ويعرفونه، ويدلّ عليه ما رواه الشيخ النعماني والکليني بالاسناد عن ابن محبوب، عن اسحاق بن عمّـار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): للقائم غيبتان، إحداهما قصيرة، والاُخري طويلة، الاُولي لا يعلم بمکانه فيها إلاّ خاصّة شيعته، والاُخري لا يعلم بمکانه فيها إلاّ خاصّة مواليه في دينه.(23)
فواضح من هذا الحديث أنّ الرؤية في الغيبة الکبري خاصّة للموالين في الدين، کما أنّ الرؤية في الغيبة الصغري کانت مقصورة علي خاصّة شيعته، من السفراء والوکلاء وغيرهم ممّن سنذکرهم في هذا الفصل.
وقد أيّد رؤيته (عليه السلام) في زمان الغيبة الکبري طائفة من الاعلام المعروفين من صلحاء هذه الطائفة.
قال الشيخ المفيد (رحمه الله): قد کانت الاخبار عمّن تقدّم من أئمة آل محمّد (عليهم السلام) متناصرة بأنّه لا بدّ للقائم المنتظر من غيبتين، إحداهما أطول من الاُخري، يعرِف خبره الخاصّ في القصري، ولا يعرف العامّ له مستقرّاً في الطولي، إلاّ من تولّي خدمته من ثقات أوليائه، ولم ينقطع عنه إلي الاشتغال بغيره.(24)
وقال الطبري في (الدلائل): وأقام مولانا (صلوات الله عليه) بعد مضيّ احمد بن اسحاق الاشعري بسرّ من رأي مدّة، ثمّ غاب لما روي في الغيبة من الاخبار عن السادة (عليهم السلام) مع أنّه مشاهد في المواطن الشريفة الکريمة العالية، والمقامات العظيمة، وقد دلّت الاثار علي صحّة مشاهدته (عليه السلام).(25)
وقال السيّد تاج الدين بن علي بن احمد الحسيني العاملي في (التتمّة): وقد اختلف في رؤيته بعد الغيبة الثانية، فذهب بعضٌ إلي أنّه لا يُري، ونقل عنه (عليه السلام) أنّه قال: (من يراني بعد غيبتي هذه فقد کذب)، ونقل عن کثير من الصلحاء والاخيار أنّهم رأوه وسمعوا منه.(26)
وذکر العلاّمة المجلسي (رحمه الله) بعض الحکايات الدالّة علي هذا المعني سمعها عمّن قرب من زمانه وعاصره(27)، وعقد صاحب منتخب الاثر باباً تحت عنوان (في من رآه في الغيبة الکبري) أورد فيه (13) حکاية(28)، وذکر الاربلي قصّتين قرب عهدهما من زمانه، حدّثه بهما جماعة من ثقات إخوانه حسب تعبيره.(29)
ونقل السيّد تاج الدين الحسيني حکايةً تدلّ علي هذا المعني عن بعض من يثق بهم من معاصريه.(30)
وأفرد المحدّث النوري کتاباً في ذلک أسماه (جنّة المأوي في ذکر من فاز بلقاء الحجّة (عليه السلام) في الغيبة الکبرى)(31) وأورد فيه (59) حکاية تدلّ علي هذا المعني.
وسنأتي في المبحث الثاني من هذا الفصل علي ذکر جماعة ممّن ادّعوا المشاهدة في الغيبة الکبري، وستري أنّ فيهم طائفةً من وجوه وثقات الاماميّة الموالين والمشهورين.
وجعلنا هذا الفصل في مبحثين:
المبحث الاوّل: من فاز برؤية الامام الحجّة (عليه السلام) قبل الغيبة الکبري (255 - 329 هـ).
المبحث الثاني: من فاز برؤية الامام الحجّة (عليه السلام) خلال الغيبة الکبري بعد سنة (329 هـ إلي وقتنا الحاضر).
وننبّه هنا إلي أنّنا قد ذکرنا قسماً ممّـا يدلّ علي هذا المعني في الفصل الاوّل (ملامح من شخصيّته (عليه السلام)) وفي الفصل الرابع الخاصّ بالنصّ عليه (عليه السلام) والفصل الثامن الخاصّ بالغيبة الصغري والکبري، والفصل العاشر الخاصّ بمعاجزه (عليه السلام) والفصل الحادي عشر الخاصّ بالتوقيعات الصادرة عنه وفي ذکر وکلائه وسفرائه (عليه السلام).
وشيء آخر هو أنّه ليس غرضنا في هذا الفصل استيفاء جميع ما روي في هذا المعني، سيّما في مجال المبحث الثاني، حيث إنّنا اختصرنا بعض الحکايات وأضربنا عن ذکرها لطولها مرشدين القارئ إلي مصادرها، ذلک لانّ الروايات والاخبار والحکايات في ذلک ممّـا يطول بذکر جميعها الکتاب، غير أنّنا سنذکر نتفاً من ذلک ليکون برهاناً ساطعاً ودليلاً قاطعاً علي إثبات وجود إمام الزمان (عليه السلام)، وقد قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة)، فليس طريق العناد واللجاج إلاّ إلي الضلال والخسران والعياذ بالله.
من فاز برؤية الامام الحجة قبل الغيبة الکبري
في ما يلي نذکر بعض من تشرّف بلقاء الامام صاحب العصر والزمان (عليه السلام) في حياة أبيه وفي خلال غيبته الصغري، وقد رتّبنا الاسماء حسب تسلسل الحروف الهجائيّة کما يلي:
ابراهيم بن ادريس
روي الشيخ الکليني والمفيد بالاسناد عن احمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه، أنّه قال: رأيته (عليه السلام) بعد مضيّ أبي محمّد (عليه السلام) حين أيفع(32) وقبّلت يده ورأسه.(33)
ابراهيم بن عبدة النيسابوري وخادمته
روي الشيخ الکليني والمفيد بالاسناد عن محمّد بن شاذان بن نعيم، عن خادمة لابراهيم بن عبدة النيسابوري - وکانت من الصالحات - أنّها قالت: کنت واقفة مع إبراهيم علي الصفا، فجاء صاحب الامر (عليه السلام) حتّي وقف معه، وقبض علي کتاب مناسکه، وحدّثه بأشياء.(34)
ابراهيم بن محمد بن احمد الانصاري
روي الطبري بالاسناد عن إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، قال: کنت حاضراً عند المستجار بمکّة وجماعة يطوفون، وهم زهاء ثلاثين رجلاً، لم يکن فيهم مخلص غير محمّد بن القاسم العلوي، فبينما نحن کذلک في اليوم السادس من ذي الحجّة(35)، إذ خرج علينا شابّ من الطواف عليه إزار محرم فيه، فلمّـا رأيناه قمنا هيبةً له، فلم يبقَ منّا أحدٌ إلاّ قام وسلّم عليه، وجلس منبسطاً ونحن حوله، ثمّ التفت يميناً وشمالاً، فقال: أتدرون ما کان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول في دعاء الالحاح؟ فقلنا: وما کان يقول؟ قال: کان (عليه السلام) يقول... فعلّمهم الدعاء.
ثمّ قال (عليه السلام): أتدرون ما کان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في الدعاء بعد صلاة الفريضة؟
قلنا: وما کان يقول؟ قال: کان (عليه السلام) يقول... فعلّمهم الدعاء.
قال: ثمّ نظر يميناً وشمالاً بعد هذا الدعاء، فقال: أتدرون ما کان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في سجدة الشکر؟ قلنا: وما کان يقول؟ قال: کان (عليه السلام) يقول... فعلّمهم الدعاء.(36)
قال: ثمّ نظر يميناً وشمالاً، ونظر إلي محمّد بن القاسم من بيننا، فقال: يا محمّد ابن القاسم، أنت علي خير إن شاء الله تعالي، وکان محمّد بن القاسم يقول بهذا الامر.
قال: فقام ودخل الطواف، فما بقي أحد إلاّ وقد اُلهم ما ذکر من الدعاء، فقال بعضنا: يا قوم، أتعرفون هذا؟
فقال محمّد بن القاسم: هذا والله هو صاحب الزمان، هو والله صاحب زمانکم. فقلنا: کيف يا أبا علي؟ فذکر أنّه مکث سبع سنين، وکان يدعو ربّه ويسأله معاينة صاحب الزمان (عليه السلام)، قال: فبينا نحن عشيّة عرفة، فإذا أنا بالرجل بعينه يدعو بدعاء، فجئته وسألته ممّن هو، فقال: من الناس. فقلت: من أيّ الناس، أمن عربها، ومن مواليها؟ قال: من عربها. قلت: من أيّ عربها؟ قال: من أشرافها. قلت: ومن هم؟ قال: بنو هاشم. قلت: من أيّ بني هاشم؟ قال: من أعلاها ذُروة وأسناها.
فقلت: ممّن؟ قال: مَن فَلَق الهام، وأطعم الطعام، وصلّي بالليل والناس نيام، فعلمت أنّه علوي، فأحببته علي العلويّة، ثمّ فقدته من بين يدي، ولم أدرِ کيف مضي، فسألت القوم الذين کانوا حولي: أتعرفون هذا العلوي؟ فقالوا: نعم، يحجّ معنا کلّ سنة ماشياً، فقلت: سبحان الله! والله ما أدري به أثر مشي! ثمّ انصرفت إلي المزدلفة کئيباً حزيناً علي فراقه، ونمت ليلتي، فإذا أنا بسيّدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال لي: يا محمّد، رأيت طلبتک؟ قلت: ومن ذلک يا سيّدي؟ قال: الذي رأيته في عشيّتک هو صاحب زمانک.(37)
ورواه الشيخ الصدوق في (کمال الدين) عن أبي نعيم الانصاري الزيدي بطريقين(38)، ورواه أيضـاً بالاسناد عـن أبي جعـفر محمّد بن علي المنقذي الحسني.(39)
الهوامش:
(1) الانتياش: التناول.
(2) حمّ: قُدّر.
(3) حشّ النار: أوقدها.
(4) الاحتجاج: 495، بحار الانوار 53: 176.
(5) الشمراخ: رأس الجبل، وقوله (من مستقرٍّ لنا) أي مخيّم ينصب لنا في رأس جبل.
(6) الغماليل: جمع الغملول ـ بالضمّ ـ وهو الوادي والشجر وکلّ مجتمع أظلم وتراکم من شجر وغمام وظلمة، والسباريت: جمع السبروت ـ بالضم ـ، وهو القفر لا نبات فيه، والفقير ولعلّ الاخير أنسب، وأبسلت فلاناً: أسلمته للهلکة.
(7) اللُّوثة: الاسترخاء، وتأتي بمعني الشرّ والدنس، وفي بعض النسخ: اللوبة، وهي الحرّة من الارض ذات الحجارة السود کاللابة، وفي بعضها: اللزبة: وهي الشدّة والقحط.
(8) وفي نسخة: (وخرج ممّـا عليه إلي مستحقّيه).
(9) ويحتمل أن تکون بالمهلمة (المطلة)، وکلاهما بمعني المشرفة.
(10) الاحتجاج: 498، بحار الانوار 53: 176.
(11) غيبة الطوسي: 217، کمال الدين: 435 2، بحار الانوار 52: 25 / 19.
(12) غيبة الشيخ الطوسي: 155 ـ 156.
(13) غيبة الشيخ الطوسي: 156، کمال الدين: 470 / 24.
(14) کمال الدين: 476 / 26.
(15) کمال الدين: 442 / 16.
(16) منتخب الاثر: 378 ـ 381.
(17) کمال الدين: 440 / 7، بحار الانوار 52: 151 / 2.
(18) بحار الانوار 52: 156 / 16.
(19) إعلام الوري: 445، الاحتجاج: 478، بحار الانوار 52: 151 / 1.
(20) جنّة المأوي: 318، وقد أجاب المحدّث النوري عن هذا الحديث بستّة وجوه، فراجع.
(21) بحار الانوار 52: 151.
(22) کمال الدين: 440، بحار الانوار 52: 152 / 4.
(23) بحار الانوار 52: 155 / 11.
(24) الفصول العشرة في الغيبة: 82.
(25) دلائل الامامة: 503.
(26) التتمّة في تواريخ الائمة (عليهم السلام): 150.
(27) بحار الانوار 52: 174.
(28) منتخب الاثر: 13.
(29) کشف الغمّة 3: 296.
(30) التتمّة: 150.
(31) مطبوع في آخر الجزء (53) من (بحار الانوار) للعلاّمة المجلسي.
(32) أيفع الصبيّ: صار شابّاً.
(33) الارشاد 2: 353، الکافي 1: 267 / 58.
(34) الارشاد 2: 352، الکافي 1: 266 / 6.
(35) في کمال الدين: سنة 293 هـ.
(36) راجع الادعية المذکورة جميعاً في دلائل الامامة: 543 ـ 544.
(37) دلائل الامامة: 542 / 523.
(38) کمال الدين: 470 / 24 و473، وفي غيبة الطوسي: 156: أبو نعيم محمّد بن احمد الانصاري.
(39) کمال الدين: 473.
******************
ابراهيم بن محمد التبريزي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في ابتداء الباب السابع، في ذکره لجماعة اطّلعوا علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره، وفاز برؤيته، وقال: رآه مع تسعة وثلاثين نفراً.(1)
وفي غيبة الطوسي عن أبي عبد الله الهمداني، قال: لقيت بالمراغة رجلاً من أهل تبريز يعرف بإبراهيم بن محمّد التبريزي، فحدّثني بمثل حديث الهاشمي لم يخرم منه شيء.(2)
وحديث الهاشمي سيأتي في احمد بن عبد الله الهاشمي، وفيه أنّهم شاهدوا الامام الحجّة (عليه السلام)، وکانوا تسعة وثلاثين رجلاً، وقد أدّي الصلاة علي جنازة أبيه (عليه السلام).
ابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(3)
ابراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي
ذکره المحدثّ النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(4)
ابراهيم بن مهزيار
روي الشيخ الصدوق في (کمال الدين) بالاسناد عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: قدمت مدينة الرسول (صلي الله عليه وآله) فبحثت عن أخبار آل أبي محمّد الحسن بن علي الاخير (عليه السلام) فلم أقع علي شيء منها، فرحلت منها إلي مکّة مستبحثاً عن ذلک، فبينما أنا في الطواف إذ تراءي لي فتيً أسمر اللون، رائع الحسن، جميل المخيلة، يطيل التوسّم فيّ، فعدت إليه مؤمّلاً منه عرفان ما قصدت له، فلمّـا قربت منه سلّمت، فأحسن الاجابة، ثمّ قال: من أيّ البلاد أنت؟ قلت: رجل من أهل العراق. قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الاهواز، فقال: مرحباً بلقائک، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصيني؟ قلت: دعي فأجاب. قال: رحمة الله عليه، ما کان أطول ليله، وأجزل نيله، هل تعرف إبراهيم بن مهزيار؟ قلت: أنا إبراهيم بن مهزيار، فعانقني مليّاً، ثمّ قال: مرحباً بک، يا أبا اسحاق ما فعلت بالعلامة التي وشجت بينک وبين أبي محمّد (عليه السلام)؟
فقلت: لعلّک تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيّب أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام)؟
فقال: ما أردت سواه، فأخرجته إليه، فلمّـا نظر إليه استعبر وقبّله، ثمّ قرأ کتابته فکانت: يا الله، يا محمّد، يا علي. ثمّ قال: بأبي يداً (5) طالما جُلتَ فيها.
قال: وتراض بنا فنون الاحاديث - إلي أن قال لي -: يا أبا اسحاق، أخبرني عن عظيم ما توخّيت بعد الحجّ؟ قلت: وأبيک ما توخّيت إلاّ ما سأستعلمک مکنونه.
قال: سل عمّـا شئت، فإنّي شارحٌ لک إن شاء الله، قلت: هل تعرف من أخبار آل أبي محمّد الحسن (عليه السلام) شيئاً، - إلي أن قال إبراهيم -:
فخرج إليّ محمّد بن الحسن (عليه السلام) وهو غلام أمرد ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخدّين، أقني الانف، أشمّ أروع، کأنّه غضّ بان، وکأنّ صفحة غرّته کوکب درّي، بخدّه الايمن خال، کأنّه فتات مسک علي بياض الفضّة، وإذا برأسه وفرة سحماء(6) سبطة تطالع شحمة اُذنه، له سمت ما رأت العيون أقصد منه، ولا أعرف حسناً وسکينةً وحياءً، إلي آخر الحديث، وهو طويل.(7)
ابن اخت أبي بکر العطار الصوفي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(8)
ابن الاعجمي
ذکره الشيخ الصدوق في (کمال الدين) في حديث رواه بالاسناد عن محمّد ابن أبي عبد الله الکوفي، أنّه ذکر عدد من انتهي إليه ممّن وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه... إلي أن قال: ومن اليمن:... ابن الاعجمي.(9)
ابن باذشالة
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه، قال: ومن إصفهان: ابن باذشالة.(10)
ابن الخال
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من أهل شهرزور.(11)
ابو الاديان
قال الشيخ الصدوق: حدّث أبو الاديان، قال: کنت أخدم الحسن بن علي ابن محمّد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأحمل کتبه إلي الامصار، فدخلت عليه في علّته التي توفّي فيها (صلوات الله عليه) فکتب معي کتباً، وقال: امضِ بها إلي المدائن، فإنّک ستغيب خمسة عشر يوماً، وتدخل إلي سرّ من رأي يوم الخامس عشر، وتسمع الواعية في داري، وتجدني علي المغتسل.
قال أبو الاديان: فقلت: يا سيّدي، فإذا کان ذلک فمن؟ قال: من طالبک بجوابات کتبي فهو القائم من بعدي؟ فقلت: زدني. فقال: من يصلّي عليّ فهو القائم بعدي. فقلت: زدني، فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي، ثمّ منعتني هيبته أن أسأله عمّـا في الهميان.
قال: وخرجت بالکتب إلي المدائن، وأخذت جواباتها، ودخلت سرّ من رأي يوم الخامس عشر کما ذکر لي (عليه السلام)، فإذا أنا بالواعية في داره، وإذا به علي المغتسل، وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزّونه ويهنّونه. فقلت في نفسي: إن يکن هذا الامام فقد بطلت الامامة، لأنّي کنت أعرفه يشرب النبيذ، ويقامر في الجوسق، ويلعب بالطنبور، فتقدّمت فعزّيت وهنّيت، فلم يسألني عن شيء، ثمّ خرج عقيد فقال: يا سيّدي، قد کفّن أخوک، فقم وصلّ عليه، فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمّـان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة.
فلمّـا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن عليّ (صلوات الله عليه) علي نعشه مکفّناً، فتقدّم جعفر بن عليّ ليصلّي علي أخيه، فلمّـا همّ بالتکبير خرج صبيّ بوجهه سمرة، شعره قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ برداء جعفر بن عليّ، وقال: تأخّر يا عمّ، فأنا أحقّ بالصلاة علي أبي، فتأخّر جعفر، وقد اربدّ(12) وجهه واصفرّ.
فتقدّم الصبيّ وصلّي عليه، ودفن إلي جانب قبر أبيه (عليه السلام)، ثمّ قال: يا بصري، هات جوابات الکتب التي معک، فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بيّنتان، بقي الهميان، ثمّ خرجت إلي جعفر بن علي وهو يزفر، فقال له حاجز الوشّاء: يا سيّدي، من الصبي لنقيم الحجّة عليه؟ فقال: والله ما رأيته قطّ ولا أعرفه.
فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم، فسألوا عن الحسن بن علي (عليه السلام) فعرفوا موته، فقالوا: فمن نعزّي؟ فأشار الناس إلي جعفر بن علي، فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه، وقالوا: إنّ معنا کتباً ومالاً، فتقول: ممّن الکتب، وکم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول: تريدون منّا أن نعلم الغيب!
قال: فخرج الخادم، فقال:معکم کتب فلان وفلان وفلان، وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير منها مطليّة، فدفعوا إليه الکتب والمال وقالوا: الذي وجّه بک لاخذ ذلک هو الامام، الحديث.(13)
ابوثابت
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من أهل مرو.(14)
ابوجعفر الاحول الهمداني
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي نعيم الانصاري الزيدي وغيره، قال: کنت بمکّة عند المستجار وجماعة من المقصّرة(15)، وفيهم المحمودي وعلاّن الکليني، وأبو الهيثم الديناري، وأبو جعفر الاحول الهمداني، وکانوا زهاء ثلاثين رجلا (16)، وذکر الحديث الذي ذکرناه في ما تقدّم عن الطبري في إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، وفيه أنّهم جميعاً رأوا صاحب الامر (عليه السلام) في مکّة.
ابوجعفر الرفاء
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من أهل مرو.(17)
ابوالحسن الحسني
ذکره المحدّث النوري (رحمه الله) في ابتداء الباب السابع من (النجم الثاقب) ممّن اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(18)
ابوالحسن الدينوري
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من أهل مرو.(19)
ابوالحسن العمري
عدّه المحدّث النوري في (النجم الثاقب) ممّن اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(20)
ابوالحسن بن کثير النوبختي
عدّه المحدّث النوري في (النجم الثاقب) ممّن اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(21)
ابوالحسين بن أبي البغل الکاتب
روي الطبري بالاسناد عن أبي الحسين بن أبي البغل الکاتب، قال: تقلّدت عملاً من أبي منصور بن الصالحان، وجري بيني وبينه ما أوجب استتاري، فطلبني وأخافني، فمکثت مستتراً خائفاً، ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدت المبيت هناک للدعاء والمسألة، وکانت ليلة ريح ومطر، فسألت ابن جعفر القيّم أن يغلق الابواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع، لاخلو بما اُريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان ممّـا لم آمنه، وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الابواب وانتصف الليل، وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومکثت أدعو وأزور واُصلّي.
فبينما أنا کذلک إذ سمعت وطأة عند مولانا موسي (عليه السلام) وإذا رجل يزور، فسلّم علي آدم واُولي العزم (عليهم السلام) ثمّ الائمة واحداً واحداً إلي أن انتهي إلي صاحب الزمان (عليه السلام) فلم يذکره. فعجبت من ذلک وقلت: لعلّه سنّي، ولم يعرف، وهذا مذهب لهذا الرجل.
فلمّـا فرغ من زيارته صلّي رکعتين، وأقبل إلي عند مولانا أبي جعفر (عليه السلام)، فزار مثل الزيارة، وذلک السلام، وصلّي رکعتين، وأنا خائف منه، إذ لم أعرفه، ورأيته شابّاً تامّاً من الرجال، عليه ثياب بيض، وعمامة محنّک بها بذؤابة، ورداء علي کتفه مسبل، فقال لي: يا أبا الحسين بن أبي البغل، أين أنت عن دعاء الفرج؟
فقلت: وما هو يا سيّدي؟
فقال: تصلّي رکعتين وتقول: (يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتک الستر، يا عظيم المنّ، يا کريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهي کلّ نجوي، يا غاية کلّ شکوي، يا عون کلّ مستعين، يا مبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّاه - عشر مرّات - يا سيّداه - عشر مرّات - يا مولياه - عشر مرّات - يا غايتاه - عشر مرّات - يا منتهي رغبتاه - عشر مرّات - أسألک بحقّ هذه الاسماء، وبحقّ محمّد وآله الطاهرين (عليهم السلام) إلاّ ما کشفت کربي، ونفّست همّي، وفرّجت عنّي، وأصلحت حالي).
وتدعو بعد ذلک بما شئت وتسأل حاجتک.
ثمّ تضع خدّک الايمن علي الارض، وتقول مائة مرّة في سجودک: يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، أکفياني فإنّکما کافياي، وانصراني فإنّکما ناصراي).
وتضع خدّک الايسر علي الارض، وتقول مائة مرّة: (أدرکني)، وتکرّرها کثيراً، وتقول: (الغوث الغوث) حتّي ينقطع نفسک، وترفع رأسک، فإنّ الله بکرمه يقضي حاجتک إن شاء الله تعالي.
فلمّـا شغلت بالصلاة والدعاء خرج، فلمّـا فرغت خرجت لابن جعفر لاسأله عن الرجل وکيف دخل؟ فرأيت الابواب علي حالها مغلقة مقفلة، فعجبت من ذلک وقلت: لعلّه بات ها هنا ولم أعلم، فأنبهت ابن جعفر القيّم، فخرج إليّ من بيت الزيت، فسألته عن الرجل ودخوله، فقال: الابواب مقفلة کما تري ما فتحتها، فحدّثته بالحديث، فقال: هذا مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه)، وقد شاهدته دفعات في مثل هذه الليلة عند خلوّها من الناس.
قال: فتأسّفت علي ما فاتني منه، وخرجت عند قرب الفجر، وقصدت الکرخ إلي الموضع الذي کنت مستتراً فيه، فما أضحي النهار إلاّ وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي، ويسألون عن أصدقائي، ومعهم أمان من الوزير، ورقعة بخطّه فيها کلّ جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائي عنده، فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه، وقال: انتهت بک الحال إلي أن تشکو إلي صاحب الزمان (صلوات الله عليه).
فقلت: قد کان منّي دعاء ومسألة.
فقال: ويحک، رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان (صلوات الله عليه) في النوم - يعني ليلة الجمعة - وهو يأمرني بکلّ جميل، ويجفو عليّ في ذلک جفوة خفتها.
فقلت: لا إله إلاّ الله، أشهد أنّهم الحقّ ومنتهي الصدق، رأيت البارحة مولانا (عليه السلام) في اليقظة، وقال لي کذا وکذا، وشرحت ما رأيته في المشهد، فعجب من ذلک، وجرت منه اُمور عظام حسان في هذا المعني، وبلغت منه غاية ما لم أظنّه ببرکة مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه).(22)
ابو رجاء
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من مصر.(23)
ابوطالب، خادم رجل من أهل مصر
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(24)
ابوعبدالله الجنيدي
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من غير الوکلاء من أهل بغداد.(25)
ابوعبدالله بن صالح
روي الشيخ الکليني والمفيد بالاسناد عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم، عن أبي عبد الله بن صالح، أنّه رآه (عليه السلام) بحذاء الحَجر، والناس يتجاذبون عليه، وهو يقول: ما بهذا اُمروا.(26)
ابوعبدالله بن فروخ
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من غير الوکلاء من أهل بغداد.(27)
ابوعبدالله الکندي
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من غير الوکلاء من أهل بغداد.(28)
ابوعلي بن مطهر
روي الشيخ الکليني والمفيد بالاسناد عن عليّ بن محمّد، عن فتح مولي الزراري، قال: سمعت أبا علي بن مطهّر يذکر أنّه رآه، ووصف له قدّه.(29)
ابوعلي النيلي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(30)
ابوغانم الخادم
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن احمد العلوي، عن أبي غانم الخادم، قال: ولد لابي محمّد (عليه السلام) ولد، فسمّـاه محمّداً، فعرضه علي أصحابه يوم الثالث، وقال: هذا صاحبکم من بعدي وخليفتي عليکم...(31) الحديث.
ابوالقاسم الجليسي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(32)
ابوالقاسم بن ابي حليس
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من غير الوکلاء من أهل بغداد.(33)
ابوالقاسم بن دبيس
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من غير الوکلاء من أهل بغداد.(34)
ابومحمد الثمالي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(35)
ابومحمد الدعلي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(36)
ابومحمد السروي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من اطّلع علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته.(37)
ابومحمد بن هارون
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من أهل الري.(38)
ابومحمد بن الوجناء
ذکره الشيخ الصدوق في روايته عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، في من وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من أهل نصيبين.(39)
ابونعيم الانصاري الزيدي
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي نعيم الانصاري الزيدي، قال: کنت بمکّة عند المستجار وجماعة... وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً (40) وذکر الحديث الذي ذکرناه في ما تقدّم عن الطبري في إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، وفيه أنّهم جميعاً رأوا صاحب الامر (عليه السلام) في مکّة.(41)
ابو هارون
روي الشيخ الطوسي بالاسناد عن محمّد بن حسن الکرخي، قال: سمعت أبا هارون - رجلاً من أصحابنا - يقول: رأيت صاحب الزمان ووجهه يضيء کأنّه القمر ليلة البدر.(42)
الهوامش:
(1) منتخب الاثر: 379.
(2) غيبة الطوسي: 156.
(3) منتخب الاثر: 379.
(4) منتخب الاثر: 380.
(5) يريد يد أبي محمّد العسکري (عليه السلام).
(6) أي سوداء.
(7) کمال الدين: 445 / 19.
(8) منتخب الاثر: 381.
(9) کمال الدين: 443.
(10) کمال الدين: 443.
(11) کمال الدين: 443.
(12) اربدّ وجهه: أي تغيّر إلي الغُبرة.
(13) کمال الدين: 475.
(14) کمال الدين: 443.
(15) يعني التقصير في الحجّ.
(16) کمال الدين: 470.
(17) کمال الدين: 443.
(18) منتخب الاثر: 380.
(19) کمال الدين: 443.
(20) منتخب الاثر: 380.
(21) منتخب الاثر: 381.
(22) دلائل الامامة: 551 / 525، فرج المهموم: 245، بحار الانوار 95: 20 / 33.
(23) کمال الدين: 443.
(24) منتخب الاثر: 380.
(25) کمال الدين: 442.
(26) الکافي 1: 264 / 2، الارشاد 2: 353، بحار الانوار 52: 60 / 48.
(27) کمال الدين: 442.
(28) کمال الدين: 442.
(29) الکافي 2: 352، الارشاد 2: 352، بحار الانوار 52: 60.
(30) منتخب الاثر: 381.
(31) کمال الدين: 431 / 8.
(32) منتخب الاثر: 380.
(33) کمال الدين: 442.
(34) کمال الدين: 442.
(35) منتخب الاثر: 380.
(36) منتخب الاثر: 380.
(37) منتخب الاثر: 381.
(38) کمال الدين: 443.
(39) کمال الدين: 443.
(40) کمال الدين: 470.
(41) غيبة الطوسي: 156.
(42) غيبة الطوسي: 151.
******************
ابوالهيثم الديناري
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي نعيم الانصاري الزيدي، قال: کنت بمکّة عند المستجار وجماعة فيهم أبو الهيثم الديناري... وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً،(1) وذکر الحديث الذي قدّمناه في إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، وفيه أنّهم رأوا الامام صاحب الامر (عليه السلام).
احمد بن ابراهيم بن ادريس
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(2)
احمد بن ابراهيم بن مخلد
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(3)
احمد بن أبي روح
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(4)
احمد بن احمد بن محمد بن سليمان الزراري
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(5)
احمد بن اخية
ذکره الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من شاهد الامام الحجّة (عليه السلام) من أهل الدينور.(6)
احمد بن اسحاق بن سعد الاشعري
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل قم، وکان وکيلاً.(7)
وروي الصدوق حديثاً مسنداً عن احمد بن الحسن بن اسحاق القمّي، وفيه أنّه لمّـا ولد الخلف الصالح (عليه السلام) ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) علي جدّي احمد بن اسحاق کتابٌ... وفيه: وُلِد لنا مولود، فليکن عندک مستوراً، وعن جميع الناس مکتوماً، فإنّا لم نظهر عليه إلاّ الاقرب لقرابته والوليّ لولايته...(8).
احمد بن الحسن بن أبي صالح الخجندي
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(9)
احمد بن الحسن بن احمد الکاتب
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(10)
احمد بن الحسن البغدادي
ذکره الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام) من غير الوکلاء من أهل بغداد.(11)
احمد بن سورة
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(12)
احمد بن عبد الله
هو ممّن بعث بهم المعتضد إلي دار الامام العسکري (عليه السلام) فرأوا الامام الحجّة (عليه السلام) لکنّهم لم يقدروا عليه بتأييد الله سبحانه وحفظه.(13)
احمد بن عبدالله الهاشمي
هو من ولد العباس، روي الشيخ الطوسي بالاسناد عن احمد بن عبد الله الهاشمي، قال: حضرت دار أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) بسرّ من رأي يوم توفّي، واُخرجت جنازته ووضعت ونحن 39 رجلاً قعود ننتظر، حتّي خرج إلينا غلام عشاري حاف عليه رداء قد تقنّع به، فلمّـا أن خرج قمنا هيبةً له من غير أن نعرفه فتقدّم وقام الناس فاصطفّوا خلفه، فصلّي عليه، ودخل بيتاً غير الذي خرج منه.(14)
احمد بن محمد بن بطة
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(15)
احمد بن محمد السراج الدينوري
ذکره المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام).(16)
احمد بن هلال
روي الشيخ الطوسي بالاسناد عن جعفر بن مالک الفزاري البزّاز، عن جماعة من الشيعة منهم عليّ بن بلال، واحمد بن هلال، ومحمّد بن معاوية بن حکيم، والحسن بن أيوب بن نوح - في خير طويل مشهور - قالوا جميعاً: اجتمعنا إلي أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) نسأله عن الحجّة من بعده، وفي مجلسه (عليه السلام) أربعون رجلاً، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري، فقال له: يا بن رسول الله، اُريد أن أسألک عن أمر أنت أعلم به منّي؟
فقال له: اجلس يا عثمان، فقام مغضباً ليخرج، فقال: لا يخرجنّ أحد، فلم يخرج منّا أحد إلي أن کان بعد ساعة، فصاح (عليه السلام) بعثمان، فقام علي قدميه، فقال: اُخبرکم بما جئتم؟ قالوا: نعم يا بن رسول الله.
قال: جئتم تسألوني عن الحجّة من بعدي، قالوا: نعم، فإذا غلام کأنّه قطعة قمر أشبه الناس بأبي محمّد (عليه السلام) فقال: هذا إمامکم من بعدي وخليفتي عليکم أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي فتهلکوا في أديانکم، ألا وإنّکم لا ترونه من بعد يومکم هذا حتّي يتمّ له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلي أمره، فهو خليفة إمامکم والامر إليه، والحديث طويل.(17)
الازدي
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي القاسم علي بن احمد الخديجي الکوفي، قال: حدّثنا الازدي، قال: بينما أنا في الطواف قد طفت ستّاً وأنا اُريد أن أطوف السابع، فإذا أنا بحلقة عن يمين الکعبة وشابّ حسن الوجه طيّب الرائحة هيوب، ومع هيبته متقرّب إلي الناس يتکلّم، فلم أرَ أحسن من کلامه، ولا أعذب من نطقه وحسن جلوسه، فذهبت اُکلّمه، فزبرني الناس، فسألت بعضهم: من هذا؟ فقالوا: هذا ابن رسول الله يظهر في کلّ سنة يوماً لخواصّه يحدّثهم، فقلت: يا سيّدي، مسترشداً أتيتک، فأرشدني هداک الله. فناولني (عليه السلام) حصاة، وکشفت عنها فإذا أنا بسبيکة ذهب، فذهبت فإذا أنا به (عليه السلام) قد لحقني، فقال لي: ثبتت عليک الحجّة، وظهر لک الحقّ، وذهب عنک العمي، أتعرفني؟ فقلت: لا. فقال (عليه السلام): أنا المهدي، أنا قائم الزمان، أنا الذي أملاها عدلاً کما ملئت جوراً...(18).
اسحاق الکاتب من بني نيبخت
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام) من غير الوکلاء من أهل بغداد.(19)
الاسدي
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام) من أهل الري، وکان وکيلاً.(20)
اسماعيل بن علي النوبختي
روي الشيخ الطوسي بالاسناد عن أبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي، قال: دخلت علي أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) في المرضة التي مات فيها، وأنا عنده، إذ قال لخادمه عقيد - وکان الخادم أسود نوبيّاً، قد خدم من قبله علي بن محمّد، وهو ربيّ الحسن (عليه السلام) - فقال: يا عقيد، اغلِ لي ماءً بمصطکي، فأغلي له، ثمّ جاءت به صقيل الجارية اُمّ الخلف (عليه السلام)، فلمّـا صار القدح في يديه وهمّ بشربه، فجعلت يده ترتعد حتّي ضرب القدح ثنايا الحسن (عليه السلام) فترکه من يده، وقال لعقيد: اُدخل البيت، فإنّک تري صبيّاً ساجداً فأتني به.
قال أبو سهل: قال عقيد: فدخلت أتحرّي، فإذا أنا بصبي ساجد، رافع سبّابته نحو السماء، فسلّمت عليه، فأوجز في صلاته، فقلت: إنّ سيّدي يأمرک بالخروج إليه، إذ جاءت اُمّه صقيل، فأخذت بيده وأخرجته إلي أبيه الحسن (عليه السلام).
قال أبو سهل: فلمّـا مثل الصبيّ بين يديه سلّم، وإذا هو درّي اللون، وفي شعر رأسه قطط، مفلج الاسنان، فلمّـا رآه الحسن (عليه السلام) بکي، وقال: يا سيّد أهل بيته، أسقني الماء فإنّي ذاهب إلي ربّي، وأخذ الصبيّ القدح المغلي بالمصطکي بيده، ثمّ حرّک شفتيه ثمّ سقاه، فلمّـا شربه قال: هيّئوني للصلاة، فطرح في حجره منديل فوضّأه الصبيّ واحدة واحدة، ومسح علي رأسه وقدميه.
فقال له أبو محمّد (عليه السلام): أبشر يا بني، فأنت صاحب الزمان، وأنت المهدي، وأنت حجّة الله علي أرضه، وأنت ولدي ووصيّي، وأنا ولدتک، وأنت محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، ولدک رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وأنت خاتم الائمة الطاهرين، وبشّر بک رسول الله (صلي الله عليه وآله) وسمّـاک وکنّاک بذلک، عهد إلي أبي عن آبائک الطاهرين (صلّي الله علي أهل البيت) ربّنا إنّک حميد مجيد، ومات الحسن بن عليّ من وقته (صلوات الله عليهم أجمعين).(21)
ام کلثوم بنت محمد بن عثمان العمري
عدّها المحدّث النوري في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) واطّلع علي معجزاته.(22)
بدر الخادم
عدّه المحدّث النوري في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) واطّلع علي معجزاته.(23)
البزاز القمي
عدّه المحدّث النوري في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) واطّلع علي معجزاته.(24)
البسامي
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) من أهل الريّ، وکان وکيلاً.(25)
بعض أهل المدائن
روي الشيخ الکليني بالاسناد عن أبي احمد بن راشد، عن بعض أهل المدائن، قال: کنت حاجّاً مع رفيق لي، فوافينا إلي الموقف، فإذا شابّ قاعد عليه إزار ورداء، وفي رجليه نعل صفراء، قوّمت الازار والرداء بمائة وخمسين ديناراً، وليس عليه أثر السفر، فدنا منّا سائل فرددناه، فدنا من الشابّ فسأله، فحمل شيئاً من الارض وناوله، فدعا له السائل، واجتهد في الدعاء وأطال، فقام الشابّ وغاب عنّا، فدنونا من السائل فقلنا له: ويحک ما أعطاک؟ فأرانا حصاة ذهب مضرّسة، قدّرناها عشرين مثقالاً، فقلت لصاحبي: مولانا عندنا ونحن لا ندري.
قال: ثمّ ذهبنا في طلبه، فدرنا الموقف کلّه فلم نقدر عليه، فسألنا کلّ من کان حوله من أهل مکّة والمدينة، فقالوا: شابّ علويّ يحجّ في کلّ سنة ماشياً.(26)
البلالي
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من الوکلاء ببغداد.(27)
جد أبي الحسن بن الوجناء
روي أبو الحسين الحسن بن الوجناء، عن أبيه، عن جدّه، أنّه کان في دار الحسن بن علي (عليه السلام)، قال: فکبستنا الخيل، وفيهم جعفر - بن عليّ بن محمّد - الکذّاب، واشتغلوا بالنهب والغارة، وکانت همّتي في مولاي القائم (عليه السلام)، قال: فإذا به قد أقبل وخرج عليهم من الباب وأنا أنظر إليه، وهو (عليه السلام) ابن ستّ سنين، فلم يره أحد حتّي غاب.(28)
جعفر بن حمدان
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من همدان.(29)
جعفر بن عمر
عدّه المحدّث النوري في (النجم الثاقب) في من رأي الامام الحجّة (عليه السلام) ووقف علي معجزاته.(30)
جعفر الکذاب
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن صالح بن علي بن محمّد بن قنبر الکبير مولي الرضا (عليه السلام)، قال: خرج صاحب الزمان (عليه السلام) علي جعفر الکذّاب من موضع لم يعلم به عندما نازع في الميراث بعد مضيّ أبي محمّد (عليه السلام) فقال له: يا جعفر ما لک تعرض في حقوقي؟ فتحيّر جعفر وبهت، ثمّ غاب عنه، فطلبه جعفر بعد ذلک في الناس فلم يره، فلمّـا ماتت الجدّة اُمّ الحسن أمرت أن تدفن في الدار، فنازعهم وقال: هي داري لا تدفن فيها، فخرج (عليه السلام) فقال: يا جعفر، أدارک هي؟ ثمّ غاب عنه فلم يره بعد ذلک.(31)
وتقدّم عن الشيخ الصدوق في حديث أبي الاديان أنّ جعفراً الکذّاب تقدّم ليصلّي علي أخيه، فلمّـا همّ بالتکبير خرج صبيّ بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ برداء جعفر بن علي، وقال: تأخّر يا عم، فأنا أحقّ بالصلاة علي أبي، فتأخّر جعفر...(32) الحديث.
وعن احمد بن النضر عن القنبري، قال: جري حديث جعفر بن علي فذمّه، فقلت: فليس غيره؟ فذکر الحجّة، فقلت: هل رأيته؟ قال: قد رآه جعفر مرّتين.(33)
الجعفري
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل اليمن.(34)
حاجز الوشاء
تقدّم في حديث أبي الاديان أنّ حاجز الوشّاء ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) وهو يصلّي علي أبيه (عليه السلام) في وفاته.
وعدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من الوکلاء ببغداد.(35)
الحسن بن أيوب بن نوح
وهو من الجماعة الذين سألوا الامام الحسن العسکري (عليه السلام) عن الحجّة بعده، فعرضه عليهم، وقال: هذا إمامکم من بعدي، وخليفتي عليکم(36)، وتقدّم حديثه في احمد بن هلال، عن الشيخ الطوسي، ويأتي عن الشيخ الصدوق أنّه محمّد بن أيوب ابن نوح.
الحسن بن جعفر القزويني
عدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته.(37)
الحسن بن عبدالله التميمي الزيدي
روي الشيخ الطوسي بالاسناد عن احمد بن علي الرازي، عن أبي ذرّ احمد بن أبي سورة - وهو محمّد بن الحسن بن عبد الله التميمي، وکان زيدياً - قال: سمعت هذه الحکاية عن جماعة يروونها عن أبي (رحمه الله) أنّه خرج إلي الحير، قال: فلمّـا صرت إلي الحير، إذا شابّ حسن الوجه يصلّي، ثمّ إنّه ودّع وودّعت وخرجنا، فجئنا إلي المشرعة فقال لي: يا أبا سورة، أين تريد؟ فقلت: الکوفة. فقال لي: مع من؟ قلت: مع الناس. قال لي: لا نريد، نحن جميعاً نمضي. قلت: ومن معنا؟ فقال: ليس نريد معنا أحداً.
قال: فمشينا فإذا نحن علي مقابر مسجد السهلة، فقال لي: هو ذا منزلک، فإن شئت فامضِ، ثمّ قال لي: تمرّ إلي ابن الزراري علي بن يحيي فتقول له يعطيک المال الذي عنده، فقلت له: لا يدفعه إليّ، فقال لي: قل له بعلامة أنّه کذا وکذا ديناراً، وکذا وکذا درهماً، وهو في موضع کذا وکذا، وعليه کذا وکذا مغطّي، فقلت له: ومن أنت؟ قال: أنا محمّد بن الحسن. قلت: فإن لم يقبل منّي وطولبت بالدلالة؟ فقال: أنا وراک.
قال: فجئت إلي ابن الزراري. فقلت له: فدفعني. فقلت له: قد قال لي أنا وراک. فقال: ليس بعد هذا شيء، وقال: لم يعلم بهذا إلاّ الله تعالي، ودفع إليّ المال.
وفي حديث آخر عنه وزاد فيه: قال أبو سورة: فسألني الرجل عن حالي، فأخبرته بضيقي وبعيلتي، فلم يزل يماشيني حتّي انتهينا إلي النواريس في السحر فجلسنا، ثمّ حفر بيده فإذا الماء قد خرج فتوضّأ ثمّ صلّي ثلاث عشرة رکعة، ثمّ قال لي: امضِ إلي أبي الحسن علي بن يحيي فاقرأ عليه السلام، وقل له: يقول لک الرجل: ادفع إلي أبي سورة من السبعمائة دينار التي مدفونة في موضع کذا وکذا مائة دينار، وإنّي مضيت من ساعتي إلي منزله، فدققت الباب، فقالت جارية: من هذا؟ فقلت: قولي لابي الحسن: هذا أبو سورة، فسمعته يقول: ما لي ولابي سورة! ثمّ خرج إليّ فسلّمت عليه وقصصت عليه الخبر، فدخل وأخرج إليّ مائة دينار فقبضتها، فقال لي: صافحته؟ فقلت: نعم، فأخذ بيدي، فوضعها علي عينيه، ومسح بها وجهه.
قال احمد بن علي: وقد روي هذا الخبر عن محمّد بن علي الجعفري وعبد الله ابن الحسن بن بشر الخرّاز وغيرهما، وهو مشهور عندهم.(38)
الحسن بن الفضل بن يزيد
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل اليمن.(39)
الحسن بن النضر
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من قم.(40)
الحسن بن الوجناء
روي الشيخ الصدوق (رحمه الله) بالاسناد عن أبي جعفر محمّد بن علي المنقذي الحسني، قال: کنت جالساً بالمستجار وجماعة من المقصّرة، وفيهم المحمودي، وأبو الهيثم الديناري، والحسن بن وجناء، وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً،(41) وذکر الحديث الذي قدّمناه في إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، وفيه أنّهم رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام).
والظاهر أنّه أبو محمّد بن الوجناء المتقدّم، والذي عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل نصيبين.
وروي الشيخ الصدوق بالاسناد عن سليمان بن إبراهيم الرقّي، عن الحسن ابن الوجناء النصيبي، قال: کنت ساجداً تحت الميزاب في رابع أربع وخمسين حجّة بعد العتمة، وأنا أتضرّع في الدعاء إذ حرّکني محرّک، فقال: قم يا حسن بن وجناء، قال: فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن، أقول: إنّها من أبناء أربعين فما فوقها، فمشت بين يدي، وأنا لا أسألها عن شيء حتّي أتت بي دار خديجة (صلوات الله عليها) وفيها بيت بابه في وسط الحائط، وله درجة ساج يرتقي إليه، فصعدت الجارية وجاءني النداء: اصعد يا حسن، فصعدت فوقفت بالباب، وقال لي صاحب الزمان (عليه السلام): يا حسن، أتراک خفيت عليّ؟ والله ما من وقت في حجّک إلاّ وأنا معک فيه، ثمّ جعل يعدّ عليّ أوقاتي، فوقعت علي وجهي، فحسست بيده قد وقعت عليّ، فقمت.
فقال لي: يا حسن، الزم بالمدينة دار جعفر بن محمّد، ولا يهمّنک طعامک وشرابک، ولا ما يستر عورتک ; ثمّ دفع إليّ دفتراً فيه دعاء الفرج وصلاة عليه، فقال: فبهذا فادعُ، وهکذا صلّ عليّ، ولا تعطه إلاّ محقّي أوليائي، فإنّ الله جلّ جلاله موفّقک.
فقلت: مولاي لا أراک بعدها؟ فقال: يا حسن إذا شاء الله.
قال: فانصرفت من حجّتي، ولزمت دار جعفر بن محمّد (عليه السلام) فأنا أخرج منها فلا أعود إليه إلاّ لثلاث خصال: لتجديد وضوء، ولنوم، ولوقت الافطار، فأدخل بيتي وقت الافطار، فاُصيب رباعيّاً مملوءاً ماءً، ورغيفاً علي رأسه، عليه ما تشتهي نفسي بالنهار، فآکل ذلک، فهو کفاية لي، وکسوة الشتاء في وقت الشتاء، وکسوة الصيف في وقت الصيف، وإنّي لادخل الماء بالنهار فأرشّ البيت، وأدع الکوز فارغاً، واُوتي بالطعام ولا حاجة لي إليه، فأصّدّق به ليلاً لئلاّ يعلم بي من معي.(42)
الهوامش:
(1) کمال الدين: 470.
(2) منتخب الاثر: 379.
(3) منتخب الاثر: 380.
(4) منتخب الاثر: 380.
(5) منتخب الاثر: 380.
(6) کمال الدين: 443.
(7) کمال الدين: 442.
(8) کمال الدين: 433 / 16.
(9) منتخب الاثر: 381.
(10) منتخب الاثر: 380.
(11) کمال الدين: 442.
(12) منتخب الاثر: 380.
(13) الغيبة للطوسي: 150.
(14) غيبة الطوسي: 155.
(15) منتخب الاثر: 381.
(16) منتخب الاثر: 380.
(17) غيبة الطوسي: 217.
(18) کمال الدين: 444 / 18، غيبة الطوسي: 152، وفيها: الاودي، بدل الازدي.
(19) کمال الدين: 442.
(20) کمال الدين: 442.
(21) غيبة الطوسي: 165.
(22) منتخب الاثر: 380.
(23) منتخب الاثر: 379.
(24) منتخب الاثر: 380.
(25) کمال الدين: 442.
(26) مدينة المعاجز 8: 71 / 2684، عن الکافي 1: 332 / 15.
(27) کمال الدين: 442.
(28) کمال الدين: 473 / 25، بحار الانوار 52: 47 / 33.
(29) کمال الدين: 443.
(30) منتخب الاثر: 381.
(31) کمال الدين: 442 / 15.
(32) کمال الدين: 475.
(33) إعلام الوري: 422.
(34) کمال الدين: 443.
(35) الغيبة للطوسي: 217.
(36) کمال الدين: 442.
(37) منتخب الاثر: 380.
(38) غيبة الطوسي: 163.
(39) کمال الدين: 443.
(40) کمال الدين: 443.
(41) کمال الدين: 473.
(42) بحار الانوار 52: 32 / 27.
******************
الحسن بن وطاة الصيدلاني
عدّه المحدّث النوري في (النجم الثاقب) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته.(1)
الحسن بن هارون
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل الدينور.(2)
الحسن بن يعقوب
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل قم.(3)
الحسين بن الحسن العلوي
رأي الامام الحجّة (عليه السلام) وهنّأ أباه العسکري عند ولادته.(4)
الحسين بن حمدان ناصر الدولة
عدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته.(5)
الحسين بن روح النوبختي
وهو السفير الثالث للامام صاحب الزمان (عليه السلام) وعدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته(6)، وخرجت علي يديه تواقيعه وکتبه ورسائله إلي شيعته.
الحسين بن علي بن محمد المعروف بالبغدادي
عدّه المحدّث النوري في (النجم الثاقب) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته.(7)
الحسين بن محمد الاشعري
عدّه المحدّث النوري في (النجم الثاقب) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته.(8)
الحصيني
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من الاهواز.(9)
حکيمة بنت الامام الجواد عليه السلام
وهي عمّة الامام العسکري (عليه السلام).
وقد تقدّم في الفصل الاوّل أنّها ممّن حضر ولادة الامام صاحب الزمان (عليه السلام) وکانت قابلة اُمّه حين الولادة.(10)
وروي الشيخ الصدوق والکليني والمفيد بالاسناد عن موسي بن محمّد بن القاسم، قال: حدّثتني حکيمة بنت محمّد بن علي - وهي عمّة الحسن (عليه السلام) - أنّها رأت القائم (عليه السلام) ليلة مولده وبعد ذلک.(11)
خضر بن محمد، أبو الحسن
عدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام).(12)
رجل من أهل فارس
روي الشيخ الکليني والطوسي بالاسناد عن ضوء بن علي العجلي، عن رجل من أهل فارس سمّـاه، قال: أتيت سامراء، ولزمت باب أبي محمّد (عليه السلام) فدعاني، فدخلت عليه وسلّمت، فقال: ما الذي أقدمک؟ قال: قلت: رغبة في خدمتک. قال: فقال لي: فالزم الباب، قال: فکنت في الدار مع الخدم، ثمّ صرت أشتري لهم الحوائج من السوق، وکنت أدخل عليهم من غير إذن إذا کان في الدار رجال.
قال: فدخلت عليه يوماً وهو في دار الرجال، فسمعت حرکة في البيت فناداني: مکانک لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج، فخرجت عليّ جارية معها شيء مغطّي، ثمّ ناداني: ادخل، فدخلت ونادي الجارية فرجعت إليه، فقال لها: اکشفي عمّـا معک، فکشفت عن غلام أبيض حسن الوجه، وکشف عن بطنه فإذا شعرنابت من لبّته إلي سرّته، فقال: هذا صاحبکم، ثمّ أمرها فحملته، فما رأيته بعد ذلک حتّي مضي أبو محمّد (عليه السلام).(13)
رشيق صاحب المادراي
وهو ممّن بعث بهم المعتضد إلي دار الامام العسکري (عليه السلام) فرأوا الامام الحجّة (عليه السلام) ولم يقدروا عليه بتأييد الله سبحانه.(14)
الزهري
روي الشيخ الطوسي بالاسناد عنه، قال: طلبت هذا الامر طلباً شاقّاً حين ذهب لي فيه مال صالح، فوقعت إلي العمري وخدمته، ولزمته وسألته بعد ذلک عن صاحب الزمان، فقال لي: ليس إلي ذلک وصول، فخضعت فقال لي: بکّر بالغداة، فوافيت فاستقبلني ومعه شابّ من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة بهيئة التجّار، وفي کمّه شيء کهيئة التجّار، فلمّـا نظرت إليه دنوت من العمري، فأومأ إليّ، فعدلت إليه وسألته، فأجابني عن کلّ ما أردت(15)، الخبر.
زيدان
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل الصيمرة.(16)
سعد بن عبدالله الاشعري القمي
روي بالاسناد عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف الاشعري - في حديث طويل - قال: مضيتُ إلي سرّ من رأي مع احمد بن اسحاق لازور أبا محمّد (عليه السلام)، وأسأله عن مسائل أشکلت عليّ، فلمّـا وصلنا إليها، ووردنا باب أبي محمّد (عليه السلام) استأذنّا فخرج الاذن بالدخول، وکان علي عاتق احمد بن اسحاق جراب غطّاه بکساء طبري، فيه مائة وستّون صرّة من الدنانير والدراهم، علي کلّ صرّة منها ختم صاحبه.
قال سعد: فما شبهت أبا محمّد (عليه السلام) حين غشينا نور وجهه إلاّ ببدر قد استوت لياليه أربعاً بعد عشرة، وعلي فخذه الايمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، علي رأسه فَرْقٌ بين وفرة، کأنّه ألف بين واوين...(17) الحديث.
سنان الموصلي
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن عليّ بن سنان الموصلي، عن أبيه، خبر وفد قم والجبال الذين شاهدوا الامام القائم (عليه السلام) ووصفوه بأنّه قاعد علي سرير کأنّه فلقة القمر، وعليه ثياب خضر، ووقفوا علي بعض معجزاته.(18)
الشمشاطي
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام المهدي (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل اليمن.(19)
صاحب الالف دينار
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام المهدي (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل مرو.(20)
صاحب الحصاة
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام المهدي (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل الري.(21)
صاحب الصرة الهمداني
شاهد الامام (عليه السلام) وأعطاه صرّة فيها أربعون وخمسون ديناراً، وله قصّة ذکرها الشيخ الصدوق في (کمال الدين).(22)
صاحب الصرة المختومة
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من غير الوکلاء ببغداد.(23)
صاحب المال المصري
وقد رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) بمکّة.(24)
صاحب المال والرقعة البيضاء
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام المهدي (عليه السلام) من أهل مرو.(25)
صاحب المولودين
عدّه الشيخ الصدوق (عليه السلام) ممّن رأي الامام المهدي (عليه السلام) من أهل مصر.(26)
صاحب النواء
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام المهدي (عليه السلام) من غير الوکلاء ببغداد.(27)
طريف الخادم
وهو أبو نصر، روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن إبراهيم بن محمّد العلوي، عن طريف أبي نصر، قال: دخلت علي صاحب الزمان (عليه السلام) فقال: عليّ بالصندل الاحمر، فأتيته به، ثمّ قال: أتعرفني؟ قلت: نعم. فقال: من أنا؟ فقلت: أنت سيّدي وابن سيّدي. فقال: ليس عن هذا سألتک.
قال طريف: فقلت: جعلني الله فداک فبيّن لي. قال: أنا خاتم الاوصياء، وبي يدفع الله عزّ وجلّ البلاء عن أهلي وشيعتي.(28)
العاصمي
وهو ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل الکوفة، وکان وکيلاً.(29)
عبد الله السفياني
عدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته.(30)
عبد الله السوري
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن جعفر بن معروف، قال: کتب إليّ أبو عبد الله البلخي، حدّثني عبد الله السوري، قال: صرت إلي بستان بني عامر، فرأيت غلماناً يلعبون في غدير ماء وفتيً جالساً علي مصلّي واضعاً کمّه علي فيه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: محمّد بن الحسن (عليه السلام). وکان في صورة أبيه (عليه السلام).(31)
عثمان بن سعيد العمري
وهو السفير الاوّل لمولانا صاحب الزمان (عليه السلام) والذي کانت تظهر علي يديه توقيعات الامام وأجوبته ورسائله إلي شيعته وأصحابه، وتولّي بعده ابنه محمّد بن عثمان شؤون سفارة الناحية المقدّسة.
العجوز المربية لاحمد بن بلال بن داود الکاتب
عدّها المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان ووقفوا علي معجزاته.(32)
العطار
وهو ممّن شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من الوکلاء ببغداد.(33)
عقيد الخادم
روي الشيخ الصدوق حديثاً مسنداً عنه في تأريخ ولادة الامام الحجّة (عليه السلام)(34)، وقد ذکرناه في الفصل الاوّل، وحضر الامام العسکري (عليه السلام) في احتضاره فشاهد الامام الحجّة (عليه السلام)، وقد تقدّم الحديث في إسماعيل بن علي النوبختي، ورأي الامام الحجّة (عليه السلام) أيضاً حين صلّي علي جنازة أبيه (عليه السلام)، وقد تقدّم الحديث في أبي الاديان.
علان الکليني
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي نعيم الانصاري الزيدي، قال: کنت بمکّة عند المستجار وجماعة من المقصّرة، وفيهم المحمودي وعلاّن الکليني... وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً،(35) وذکر الحديث الذي قدّمناه في إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، وفيه أنّهم جميعاً رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام).
علي بن ابراهيم بن مهزيار
وممّن تشرّف برؤيته (عليه السلام) عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الاهوازي، ففي خبر له طويل اختصرناه، قال: خرجت في بعض السنين حاجّاً إذ دخلت المدينة وأقمت بها أياماً، أسأل وأتبحث عن صاحب الزمان (عليه السلام) فما عرفت له خبراً، فخرجت حتّي أتيت مکّة، فقضيت حجّتي واعتمرت بها اُسبوعاً، کلّ ذلک أطلب، فبينا أنا اُفکّر إذ انکشف لي باب الکعبة، فإذا أنا بإنسان کأنّه غصن بان، متّزر ببردة متّشح باُخري، فارتاح قلبي وبادرت لقصده، فانثني إليّ، وتعرّفني، ثمّ صافحني وعانقني وقال: يا أبا الحسن، ما فعلت العلامة التي بينک وبين الماضي أبي محمّد نضّر الله وجهه؟
قلت: معي، فأدخلت يدي إلي جيبي، وأخرجت خاتماً عليه (محمّد وعلي)، فلمّـا قرأه استعبر حتّي بلّ طمره(36) الذي کان علي يده، وقال: يرحمک الله يا أبا محمّد، فإنّک زين الاُمّة، شرّفک الله بالامامة، وتوّجک بتاج العلم والمعرفة، فإنّا إليکم صائرون، ثمّ صافحني وعانقني، وقال: ما الذي تريد يا أبا الحسن؟
قلت: الامام المحجوب عن العالم.
قال: ما هو محجوب عنکم، ولکن حجبه سوء أعمالکم، قم إلي رحلک، وکن علي اُهبة من لقائه، إذا انحطّت الجوزاء، وأزهرت نجوم السماء، فها أنا لک بين الرکن والصفا.
قال: فطابت نفسي وتيقّنت أنّ الله فضّلني، فلمّـا حان الوقت جاءه واصطحبه إلي صاحب الامر (عليه السلام)، فسلّمت عليه بالامامة، فقال لي: يا أبا الحسن، قد کنّا نتوقّعک ليلاً ونهاراً، فما الذي أبطأ بک علينا؟
قلت: يا سيّدي، لم أجد من يدلّني إلي الان.
ثمّ قال لي: لم تجد أحداً يدلّک، ثمّ نکث بإصبعه في الارض، وقال: لا، ولکنّکم کثّرتم الاموال، وتجبّرتم علي ضعفاء المؤمنين، وقطعتم الرحم الذي بينکم، فأيّ عذر لکم الان؟
فقلت: التوبة، التوبة، الاقالة، الاقالة.
ثمّ قال: يا ابن مهزيار، لولا استغفار بعضکم لبعض لهلک مَن عليها إلاّ خواصّ الشيعة الذين تشبه أقوالهم أفعالهم. ثمّ أخبره بفتن آخر الزمان وخبر خروجه (عليه السلام).(37)
الهوامش:
(1) منتخب الاثر: 380.
(2) کمال الدين: 443.
(3) کمال الدين: 442.
(4) غيبة الطوسي: 138 و151.
(5) منتخب الاثر: 380.
(6) منتخب الاثر: 379.
(7) منتخب الاثر: 380.
(8) منتخب الاثر: 380.
(9) کمال الدين: 443.
(10) راجع غيبة الطوسي: 143.
(11) الارشاد 2: 351، الکافي 1: 266 / 3، کمال الدين: 424 / 1.
(12) منتخب الاثر: 380.
(13) مدينة المعاجز 8: 70 / 2683، عن الکافي 1: 329 / 6، و514 / 2، غيبة الطوسي: 140.
(14) راجع غيبة الطوسي: 149.
(15) غيبة الطوسي: 164.
(16) کمال الدين: 443.
(17) الثاقب في المناقب: 585 / 534، کمال الدين: 454 / 21، الخرائج والجرائح 1: 481 / 22، الاحتجاج: 268، ينابيع المودّة: 459.
(18) بحار الانوار 52: 47 / 34.
(19) کمال الدين: 443.
(20) کمال الدين: 443.
(21) کمال الدين: 443.
(22) کمال الدين: 453.
(23) کمال الدين: 442.
(24) کمال الدين: 443.
(25) کمال الدين: 443.
(26) کمال الدين: 443.
(27) کمال الدين: 442.
(28) کمال الدين: 441 / 12، غيبة الطوسي: 148، وفيها: ظريف.
(29) کمال الدين: 443.
(30) منتخب الاثر: 380.
(31) کمال الدين: 441 / 13.
(32) منتخب الاثر: 379.
(33) کمال الدين: 442.
(34) راجع کمال الدين: 474، بعد الحديث (25).
(35) کمال الدين: 470 / 24.
(36) الطمر: الکساء البالي.
(37) دلائل الامامة: 539 / 522، المحجّة للبحراني: 123، ونحوه في کمال الدين: 465 / 23، وغيبة الطوسي: 159.
******************
علي بن احمد القزويني
عدّه الشيخ الصدوق ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل قزوين.(1)
علي بن بلال
وهو من الجماعة الذين سألوا الامام الحسن العسکري (عليه السلام) عن الحجّة بعده، فعرضه عليهم، وقال: هذا إمامکم من بعدي، وخليفتي عليکم(2)، وقد تقدّم الحديث في احمد بن هلال.
علي بن الحسن اليماني
عدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) واطّلع علي معجزاته.(3)
علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي
عدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) واطّلع علي معجزاته.(4)
علي بن محمد
عدّه الشيخ الصدوق ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل الري.(5)
علي بن محمد السمري
وهو السفير الرابع والاخير من سفراء مولانا الحجّة صاحب الزمان (عليه السلام).(6)
علي بن يحيي الزراري
عدّه المحدّث النوري ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) واطّلع علي معجزاته.(7)
عمرو الاهوازي
روي الشيخ الکليني والمفيد بالاسناد عن جعفر المکفوف، عن عمرو الاهوازي، قال: أرانيه أبو محمّد (عليه السلام) وقال: هذا صاحبکم.(8)
عيسي بن مهدي الجوهري
وهو ممّن رأي الامام المهدي (عليه السلام) قبل الغيبة الکبري، وبالتحديد سنة 268 هـ، کما رواه الخصيبي في (الهداية) مسنداً.(9)
غانم بن سعيد الهندي
وهو أبو سعيد، شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته، ورمي إليه الامام (عليه السلام) بصُرّة، وقال له: اجعل هذه في نفقتک.(10)
الفضل بن يزيد
عدّه الشيخ الصدوق ممّن شاهد الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل اليمن.(11)
القاسم بن العلاء
عدّه الشيخ الصدوق من الوکلاء الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل آذربيجان.(12)
القاسم بن موسى
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل الري.(13)
کامل بن إبراهيم المدني
وجّهه قوم من المفوّضة إلي الامام العسکري (عليه السلام) فرأي الامام الحجّة (عليه السلام) ووصفه بقوله: فإذا أنا بفتيً کأنّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين ومثلها...(14) الحديث.
مارية الخادمة
حضرت ولادة الامام الحجّة (عليه السلام) وقالت: لمّـا خرج صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن اُمّه سقط جاثياً علي رکبتيه رافعاً سبّابته نحو السماء.(15)
المحروج
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته من أهل فارس.(16)
محمد بن ابراهيم بن مهزيار
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الوکلاء الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل الاهواز.(17)
محمد بن احمد الانصاري
رأي الامام الحجّة (عليه السلام) في مکّة عند المستجار مع جماعة وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً،(18) وقد تقدّم ذکره في أبي نعيم الانصاري الزيدي.
محمد بن احمد بن جعفر القطان
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(19)
محمد بن احمد، ابوجعفر
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(20)
محمد بن احمد المحمودي
روي الطبري في (الدلائل) بالاسناد عن أبي علي محمّد بن احمد المحمودي، قال: حججت نيّفاً وعشرين سنة کنت في جميعها أتعلّق بأستار الکعبة، وأقف علي الحطيم والحجر الاسود ومقام إبراهيم، واُديم الدعاء في هذه المواضع، وأقف بالموقف، وأجعل جلّ دعائي أن يريني مولاي صاحب الزمان (صلوات الله عليه) فإنّني في بعض السنين قد وقفت بمکّة علي أن أبتاع حاجة، ومعي غلام في يده مشربة حليج(21) ملمّعة، فدفعت إلي الغلام الثمن، وأخذت المشربة من يده، وتشاغل الغلام بمماکسة البيع(22)، وأنا واقف أترقّب، إذ جذب ردائي جاذب، فحوّلت وجهي إليه، فرأيت رجلاً أذعرت حين نظرت إليه، هيبةً له، فقال لي: تبيع المشربة؟ فلم أستطع ردّ الجواب، وغاب عن عيني، فلم يلحقه بصري، فظننته مولاي.
وأقمت علي رجائي ويقيني، ومضت مدّة وأنا أحتجّ، واُديم الدعاء في الموقف، فإنّني في آخر سنة جالس في ظهر الکعبة ومعي يمان بن الفتح بن دينار، ومحمّد بن القاسم العلوي، وعلاّن الکليني، ونحن نتحدّث إذا أنا برجل في الطواف، فأشرت بالنظر إليه، وقمت أسعي لاتبعه، فطاف حتّي إذا بلغ إلي الحجر رأي سائلاً واقفاً علي الحجر، ويستحلف ويسأل الناس بالله عزّ وجلّ أن يتصدّقوا عليه، فإذا بالرجل قد طلع، فلمّـا نظر إلي السائل، انکبّ إلي الارض وأخذ منها شيئاً، ودفعه إلي السائل وجاز.
فعدلت إلي السائل، فسألته عمّـا وهب له، فأبي أن يعلمني، فوهبت له ديناراً، وقلت: أرني ما في يدک، ففتح يده، فقدّرت أنّ فيها عشرين ديناراً، فوقع في قلبي اليقين أنّه مولاي (عليه السلام).
ورجعت إلي مجلسي الذي کنت فيه، وعيني ممدودة إلي الطواف، حتّي إذا فرغ من طوافه عدل إلينا، فلحقنا له رهبة شديدة، وحارت أبصارنا جميعاً، وقمنا إليه، فقلنا: ممّن الرجل؟ فقال: من العرب، فقلنا: من أيّ العرب؟ فقال: من بني هاشم. فقلنا: من أيّ بني هاشم؟
فقال: ليس يخفي عليکم إن شاء الله تعالي، ثمّ التفت إلي محمّد بن القاسم، فقال: يا محمّد، أنت علي خير إن شاء الله، أتدرون ما کان يقول زين العابدين (عليه السلام) عند فراغه من صلاته في سجدة الشکر؟ قلنا: لا.
قال: کان يقول: (يا کريم، مسکينک بفنائک، يا کريم فقيرک زائرک، حقيرک ببابک يا کريم) ثمّ انصرف عنّا، ووقفنا نموج ونتذکّر ونتفکّر، ولم نتحقّق.
ولمّـا کان من الغد رأيناه في الطواف، فامتدّت عيوننا إليه، فلمّـا فرغ من طوافه خرج إلينا، وجلس عندنا، فأنس وتحدّث، ثمّ قال: أتدرون ما کان يقول زين العابدين (عليه السلام) في دعائه عقب الصلاة؟ قلنا: تعلّمنا. قال: کان (عليه السلام) يقول: (اللهمّ إنّي أسألک باسمک الذي به تقوم السماء والارض، وباسمک الذي به تجمع المتفرّق، وتفرّق المجتمع، وباسمک الذي تفرّق به بين الحقّ والباطل، وباسمک الذي تعلم به کيل البحار وعدد الرمال ووزن الجبال أن تفعل بي کذا وکذا).
وأقبل عليّ حتّي إذا صرنا بعرفات، وأدمت الدعاء، فلمّـا أفضنا منها إلي المزدلفة وبتنا فيها، رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال لي: هل بلغت حاجتک؟ فقلت: وما هي يا رسول الله؟ فقال: الرجل صاحبک، فتيقّنت عندها.(23)
محمد بن اسحاق القمي
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل قم.(24)
محمد بن اسماعيل بن موسي بن جعفر
روي علي بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن موسي بن جعفر (عليه السلام)، أنّه قال: رأيت ابن الحسن بن علي بن محمّد (عليهم السلام) بين المسجدين وهو غلام.(25)
محمد بن ايوب بن نوح
وهو من الجماعة الذين سألوا الامام الحسن العسکري (عليه السلام) عن الحجّة بعده، فعرضه عليهم، وقال: هذا إمامکم من بعدي وخيلفتي عليکم.(26)
محمد بن جعفر القمي الحميري
کان مع الوفد الذين جاءوا من قم والجبال قاصدين سامراء، فدفع إليه الامام الحجّة (عليه السلام) شيئاً من الحنوط والکفن، وقال له: أعظم الله أجرک في نفسک. قال: فما بلغ الحميري عقبة همدان حتّي توفّي (رحمه الله).(27)
محمد بن جعفر الوکيل
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(28)
محمد بن الحسن البغدادي
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل بغداد.(29)
محمد بن الحسن الصيرفي
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(30)
محمد بن الحسن بن عبدالله التميمي
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(31)
محمد بن الحصين الکاتب المروي
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(32)
محمد بن شاذان
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الوکلاء الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل نيسابور.(33)
محمد بن شعيب بن صالح
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من غير الوکلاء من أهل نيسابور.(34)
محمد بن صالح
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الوکلاء الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل همدان.(35)
محمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الکبير
روي خبر خروج الامام صاحب الزمان (عليه السلام) إلي جعفر الکذّاب عندما نازع في دار الامام العسکري (عليه السلام)، وقد تقدّم الحديث في جعفر الکذّاب.
محمد بن العباس القصري
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(36)
محمد بن عبدالله القمي
کان من أهل قم، وساح في طلب الحقّ ثلاثين سنة منتقلاً في البلدان والسواحل، وتوطّن في مکّة والمدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الاخبار ويتبع الاثار حتّي زار قبر المصطفي (صلي الله عليه وآله) فشاهد الامام الحجّة (عليه السلام) في الروضة التي بين القبر والمنبر.(37)
محمد بن عثمان بن سعيد العمري
وهو السفير الثاني للامام الحجّة (عليه السلام)، تولّي شؤون السفارة بعد أبيه عثمان بن سعيد (رحمه الله).
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: قلت لمحمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه): إنّي أسألک سؤال إبراهيم (عليه السلام) ربّه جلّ جلاله حين قال له: (رَبِّ أرِني کَيْفَ تُحْيي المَوْتي قالَ أوَ لَمْ تُؤْمِنُ قالَ بَلي وَلکِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبي)(38)، فأخبرني عن صاحب هذا الامر هل رأيته؟ قال: نعم، وله رقبة مثل ذي - وأشار بيده إلي عنقه -(39).
وروي عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) فقلت له: أرأيت صاحب هذا الامر؟ فقال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: اللهمّ أنجز لي ما وعدتني.(40)
وعنه قال: رأيته (صلوات الله عليه) متعلّقاً بأستار الکعبة في المستجار وهو يقول: اللهمّ انتقم لي من أعدائي.(41)
وهو من الجماعة الذين سألوا الامام العسکري (عليه السلام) عن الحجّة بعده، فعرضه عليهم، وقال: هذا إمامکم من بعدي، وخليفتي عليکم(42)، وقد تقدّم الحديث في احمد بن هلال.
محمد بن علي الاسود الداودي
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(43)
محمد بن علي الشلمغاني
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(44)
الهوامش:
(1) کمال الدين: 443 / 16.
(2) غيبة الطوسي: 217.
(3) منتخب الاثر: 380.
(4) منتخب الاثر: 380.
(5) کمال الدين: 443.
(6) منتخب الاثر: 380.
(7) منتخب الاثر: 380.
(8) الارشاد 2: 353، الکافي 1: 264 / 2، بحار الانوار 52: 60 / 48، غيبة الطوسي: 140.
(9) مدينة المعاجز 8: 131 / 2735، عن الهداية الکبري: 72 و92.
(10) کمال الدين: 437 / 6.
(11) کمال الدين: 443.
(12) کمال الدين: 442.
(13) کمال الدين: 443.
(14) غيبة الطوسي: 148.
(15) غيبة الطوسي: 147.
(16) کمال الدين: 443.
(17) کمال الدين: 442.
(18) غيبة الطوسي: 156.
(19) منتخب الاثر: 380.
(20) منتخب الاثر: 380.
(21) المشربة: الاناء يشرب فيه، والحليج: اللبن الذي ينتقع فيه التمر ثمّ يماث.
(22) المماکسة في البيع: استنقاص الثمن حتّي يصل البائع والمشتري إلي ما يتراضيان عليه.
(23) دلائل الامامة: 537 / 521، تبصرة الولي: 140 / 45.
(24) کمال الدين: 443.
(25) الارشاد 2: 351، الکافي 1: 266 / 2، غيبة الطوسي: 162.
(26) کمال الدين: 435 / 2.
(27) کمال الدين: 478.
(28) منتخب الاثر: 380.
(29) کمال الدين: 442.
(30) منتخب الاثر: 380.
(31) منتخب الاثر: 380.
(32) منتخب الاثر: 380.
(33) کمال الدين: 442.
(34) کمال الدين: 443.
(35) کمال الدين: 442.
(36) منتخب الاثر: 380.
(37) راجع الخبر في غيبة الطوسي: 153.
(38) البقرة: 260.
(39) کمال الدين: 435 / 3، و441 / 14.
(40) کمال الدين: 440 / 9.
(41) کمال الدين: 440 / 10.
(42) الغيبة للطوسي: 217.
(43) منتخب الاثر: 380.
(44) منتخب الاثر: 381.
******************
محمد بن علي العلوي الحسيني
نقل السيّد ابن طاووس عن مجلد عتيق من کتب بعض أصحابنا، وتأريخ کتابته شوّال سنة 390 هـ ما هذا لفظه: دعاء علّمه سيّدنا المؤمّل (صلوات الله عليه) رجلاً من شيعته وأهله في المنام، وکان مظلوماً ففرّج الله عنه، وقَتَل عدوّه، حدّثني أبو علي احمد بن محمّد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر العلوي العُريضي بحرّان، قال: حدّثني محمّد بن علي العلوي الحسيني، وکان يسکن بمصر، قال: دهمني أمر عظيم وغمّ شديد من قبل صاحب المصر، فخشيته علي نفسي، وکان سعي بي إلي احمد بن طولون.
فخرجت من مصر حاجّاً، وصرت من الحجاز إلي العراق، فقصدت مشهد مولاي أبي عبد الله الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) عائذاً به، ولائذاً بقبره، ومستجيراً به من سطوة من کنت أخافه، فأقمت بالحائر خمسة عشر يوماً، أدعو وأتضرّع ليلي ونهاري فتراءي لي قيّم الزمان (عليه السلام) ووليّ الرحمن، وأنا بين النائم واليقظان، فقال لي: يقول لک الحسين (عليه السلام): يا بني خفت فلاناً.
فقلت: نعـم أراد هلاکي، فلجأت إلي سيّدي (عليه السلام) أشکو إليه عظيم ما أرادني.
فقال: هلاّ دعوت الله ربّک عزّ وجلّ وربّ آبائک بالادعية التي دعا بها من سلف من الانبياء (عليهم السلام)؟ فقد کانوا في شدّة، فکشف الله عنهم ذلک.
قلت: وماذا دعوه؟ فقال: إذا کان ليلة جمعة فاغتسل وصلّ صلاة الليل، فإذا سجدت سجدة الشکر دعوت بهذا الدعاء، وأنت بارک علي رکبتيک، فذکر لي الدعاء.
قال: ورأيته في مثل ذلک الوقت يأتيني وأنا بين النائم واليقظان، فقال: کان يأتيني خمس ليال متواليات يکرّر عليّ هذا القول والدعاء حتّي حفظته، وانقطع عنّي مجيئه ليلة الجمعة، فاغتسلت وغيّرت ثيابي وتطيّبت، وصلّيت صلاة الليل، وسجدت سجدة الشکر، وجثوت علي رکبتي، ودعوت الله جلّ وتعالي بهذا الدعاء، فأتاني ليلة السبت (عليه السلام)، فقال لي: يا محمّد، قد اُجيبت دعوتک، وقتل عدوّک عند فراغک من الدعاء عند من وشي بک إليه.
قال: فلمّـا أصبحت ودّعت سيّدي وخرجت متوجّهاً إلي مصر، فلمّـا بلغت الاردن وأنا متوجّه إلي مصر، رأيت رجلاً من جيراني بمصر وکان مؤمناً، فحدّثني أنّ خصمي قبض عليه احمد بن طولون، فأمر به فأصبح مذبوحاً من قفاه، قال: وذلک في ليلة الجمعة، وأمر به فطرح في النيل، وکان ذلک فيما أخبرني جماعة من أهلنا وإخواننا الشيعة أنّ ذلک کان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء کما أخبرني مولاي (صلوات الله عليه)(1)، والدعاء طويل رواه السيّد ابن طاووس في (مهج الدعوات).(2)
محمد بن القاسم العلوي العقيقي
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي نعيم الانصاري الزيدي، قال: کنت بمکّة عند المستجار وجماعة من المقصّرة... وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً، ولم يکن منهم مخلص علمته غير محمّد بن القاسم العلوي العقيقي...(3).
وقد تقدّم الحديث في إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، وفيه أنّهم جميعاً رأوا الامام الحجّة (صلوات الله عليه) وذلک سنة 293 هـ.
محمد بن کشمرد
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل همدان.(4)
محمد بن محمد بن خلف
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(5)
محمد بن محمد القمي
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل قم.(6)
محمد بن محمد الکليني
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل الري.(7)
محمد بن معاوية بن حکيم
وهو من الجماعة الذين سألوا الامام العسکري (عليه السلام) عن الحجّة بعده، فعرضه عليهم، وقال: هذا إمامکم من بعدي، وخليفتي عليکم(8)، وقد تقدّم الحديث في احمد بن هلال.
محمد بن هارون بن عمران الهمداني
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل همدان.(9)
محمد بن يزداد
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان ووقفوا علي معجزاته.(10)
المحمودي
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي نعيم الانصاري الزيدي، قال: کنت بمکّة عند المستجار وجماعة من المقصّرة فيهم المحمودي... وکانوا زهاء ثلاثين رجلاً،(11) وقد تقدّم الحديث في إبراهيم بن محمّد بن احمد الانصاري، وفيه أنّهم جميعاً رأوا الامام الحجّة (صلوات الله عليه) وذلک سنة 293 هـ.
المرأة الدينورية
عدّها المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(12)
مرداس بن علي
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(13)
مرداس القزويني
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل قزوين.(14)
مسرور الطباخ
عدّه الشيخ الصدوق من الذين رأوا الامام الحجّة (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من أهل بغداد، وقال: مسرور الطبّاخ مولي أبي الحسن (عليه السلام).(15)
نسيم
قيل: هو من معتمدي الخليفة، دخل إلي دار الامام العسکري (عليه السلام) وکسر باب الدار، فخرج إليه الامام الحجّة (عليه السلام) وبيده طبرزين، فقال: ما تصنع في داري؟ قال نسيم: إنّ جعفراً زعم أنّ أباک مضي ولا ولد له، فإن کانت دارک فقد انصرفت عنک.(16)
نسيم خادمة أبي محمد
دخلت علي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ورأته بعد مولده بعشر ليال.(17)
نصر غلام أبي الحسن
روي خبر ولادة الامام الحجّة (عليه السلام).(18)
نصر بن الصباح
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(19)
هارون القزاز
عدّه الشيخ الصدوق (رحمه الله) من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته من غير الوکلاء من أهل بغداد.(20)
هارون بن موسي بن الفرات
عدّه المحدّث النوري من الذين رأوا الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقفوا علي معجزاته.(21)
يعقوب بن منقوش
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن يعقوب بن منقوش، قال: دخلت علي أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) وهو جالس علي دکان في الدار وعن يمينه بيت ستر مسبل، فقلت له: يا سيّدي، من صاحب هذا الامر؟
فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي له عشر وثمان ونحو ذلک، واضح الجبين، أبيض الوجه، درّي المقلتين، شثن الکفّين، معطوف الرکبتين، في خدّه الايمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس علي فخذ أبي محمّد (عليه السلام) ثمّ قال لي: هذا هو صاحبکم، ثمّ وثب فقال له: يا بني ادخل إلي الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال لي: يا يعقوب، انظر إلي من في البيت، فنظرت فما رأيت أحداً.(22)
يعقوب بن يوسف الضراب الغساني
حجّ سنة 281 هـ وکان مع قوم مخالفين من أهل بلده، فلمّـا قدم مکّة تقدّم بعضهم فاکتري داراً في زقاق بين سوق الليل، وهي دار خديجة (عليها السلام) تسمّي دار الرضا (عليه السلام)، وفيها عجوز سمراء، وهناک رأي الامام الحجّة (عليه السلام) وخبره طويل رواه الشيخ الطوسي في (الغيبة).(23)
يوسف بن احمد الجعفري
حجّ سنة 306 من الهجرة وجاور بمکّة تلک السنة وما بعدها إلي سنة 309 هـ، ولقي الامام الحجّة (عليه السلام) عندما خرج عن مکّة منصرفاً إلي الشام، ووقف علي واحدة من معاجزه.(24)
هذا بعض ما التقطنا من المصادر الموثّقة بأسانيدها في بعض من رأي الامام الحجّة بن الحسن عجّل الله تعالي فرجه في فترة الغيبة الصغري، ملخّصاً رومـاً للاختصار، وبعضهم ممّـن يوثق به ويعتمد عليه من العلماء الاجلاّء الصلحاء.
من فاز برؤية الامام خلال الغيبة الکبرى
من المناسب هنا أن نذکر بعض الاقوال والادلّة التي ساقها المحدّث النوري في معرض کلامه عن إمکانية الرؤية في الغيبة الکبري، مضافاً لما قدّمناه في المبحث الاوّل من هذا البحث، ومنها قول المحقّق الکاظمي في أقسام الاجماع الذي استخرجه من مطاوي کلمات العلماء وفحاوي عباراتهم، غير الاجماع المصطلح المعروف، قال: وثالثها أن يحصل لاحد من سفراء الامام الغائب (عجّل الله فرجه وصلّي عليه) العلم بقوله، إمّا بنقل مثله له سرّاً، وبتوقيع ومکاتبة، وبالسماع منه شفاهاً، علي وجه لا ينافي امتناع الرؤية في زمن الغيبة، ويحصل ذلک لبعض حملة أسرارهم، ولا يمکنهم التصريح بما اطّلع عليه، والاعلان بنسبة القول إليه...(25) إلي آخر قوله.
وقال السيّد المرتضي في کتاب (تنزيه الانبياء) في جواب من قال: فإذا کان الامام (عليه السلام) غائباً بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ قلنا: الجواب: أوّل ما نقوله إنّا غير قاطعين علي أنّ الامام لا يصل إليه أحد، ولا يلقاه بشر، فهذا أمر غير معلوم، ولا سبيل إلي القطع عليه... إلي آخر کلامه.
وقال أيضاً في جواب من قال: إذا کانت العلّة في استتار الامام (عليه السلام) خوفه من الظالمين، واتّقاءه من المعاندين، فهذه العلّة زائلة في أوليائه وشيعته، فيجب أن يکون ظاهراً لهم؟ فبعد کلام له، قال: وقلنا أيضاً إنّه غير ممتنع أن يکون الامام يظهر لبعض أوليائه ممّن لا يخشي من جهته شيئاً من أسباب الخوف، وإنّ هذا ممّـا لا يمکن القطع علي ارتفاعه وامتناعه، وإنّما يعلم کلّ واحد من شيعته حال نفسه، ولا سبيل له إلي العلم بحال غيره. وله في کتاب (المقنع في الغيبة) کلام يقرب ممّـا ذکره هناک.
وقال الشيخ الطوسي (رضوان الله عليه) في کتاب (الغيبة) في الجواب عن هذا السؤال بعد کلام له: والذي ينبغي أن يجاب عن هذا السؤال الذي ذکرناه عن المخالف أن نقول: إنّا أوّلاً لا نقطع علي استتاره عن جميع أوليائه، بل يجوز أن يبرز لاکثرهم، ولا يعلم کلّ إنسان إلاّ حال نفسه، فإن کان ظاهراً له فعلّته مزاحة، وإن لم يکن ظاهراً علم أنّه إنّما لم يظهر له لامر يرجع إليه وإن لم يعلمه مفصّلاً لتقصير من جهته...(26) الخ.
واحتمل المحدّث النوري أن يکون المخفي علي الانام والمحجوب عنهم هو مکانه (عليه السلام) ومستقرّه الذي يقيم فيه، فلا يصل إليه أحد، قال: وليس في تلک القصص ما يدلّ علي أنّ أحداً لقيه (عليه السلام) في مقرّ سلطنته ومحلّ إقامته، ثمّ لا يخفي علي الجائس في خلال ديار الاخبار أنّه (عليه السلام) ظهر في الغيبة الصغري لغير خاصّته ومواليه أيضاً، فالذي انفرد به الخواصّ في الغيبة الصغري هو العلم بمستقرّه وعرض حوائجهم عليه فيه، وهو المنفي عنهم في الغيبة الکبري، فحالهم وحال غيرهم فيها کغير الخواصّ في الغيبة الصغري.(27)
وشي آخر يُعلم من خلال الحکايات المنقولة في ادّعاء رؤية الامام الحجّة (عليه السلام) في الغيبة الکبري، هو أنّ المواظبة علي العبادة والرياضة الروحيّة تهيّئ الارضيّة إلي اللقاء بالامام (عليه السلام).
قال المحدّث النوري: قد علم من تضاعيف تلک الحکايات أنّ المداومة علي العبادة والمواظبة علي التضرّع والانابة في أربعين ليلة أربعاء، في مسجد السهلة، وليلة الجمعة فيها، وفي مسجد الکوفة والحائر الحسيني علي مشرّفه السلام، وأربعين ليلة من أيّ الليالي في أيّ محلّ ومکان.(28)
وبالنظر لکثرة الحکايات الدالّة علي هذا المعني، فإنّنا سنکتفي في هذا المبحث بذکر أسماء الجماعة الذين فازوا برؤية الامام الحجّة (عليه السلام) وتوسّلوا به فأدرکهم في اليقظة والمنام، ونشير إلي المصادر الموجودة فيها تلک الحکايات مع إسنادها إن وجد ومختصراً منها، وإلاّ فإنّ استيفاء جميع ذلک خارجٌ عن غرض الکتاب.
وفي ما يلي نذکر بعض الاعلام الذين ادّعوا رؤية الامام الحجّة (عليه السلام) في الغيبة الکبري، وقد رتّبناهم وفقاً لترتيب الحروف الهجائيّة:
الشيخ ابراهيم القطيفي
ذکر العالم الجليل الشيخ يوسف البحريني في (اللؤلؤة) في ترجمة العالم الشيخ إبراهيم القطيفي المعاصر للمحقّق الثاني، عن بعض أهل البحرين أنّ هذا الشيخ دخل عليه الامام الحجّة (عليه السلام) في صورة رجل يعرفه الشيخ، فسأله أيّ الايات من القرآن في المواعظ أعظم؟
فقال الشيخ: (إنَّ الَّذينَ يُلْحِدونَ في آياتِنا لا يَخْفونَ عَلَيْنا أفَمَنْ يُلْقي في النَّارِ خَيْرٌ أمْ مَنْ يَأتي آمِناً يَوْمَ القِيامَةِ اعْمَلوا ما شِئْتُمْ إنَّهُ بِما تَعْمَلونَ بَصير)(29) فقال: صدقت يا شيخ، ثمّ خرج منه، فسأل أهل البيت: خرج فلان؟ فقالوا: ما رأينا أحداً داخلاً ولا خارجاً.(30)
ابن ابي الجواد النعماني
قال المحدّث النوري في الحکاية (34) من (جنّة المأوي): قال الفاضل الجليل الاميرزا عبد الله الاصفهاني الشهير بالافندي في المجلّد الخامس من کتاب (رياض العلماء) في ترجمة الشيخ ابن أبي الجواد النعماني أنّه ممّن رأي القائم (عليه السلام) في زمن الغيبة الکبري، وروي عنه (عليه السلام).
ورأيت في بعض المواضع أنّه قد رأي ابن أبي الجواد النعماني مولانا المهدي (عليه السلام)...(31) إلي آخر الحکاية.
ابن دربهان بن احمد الاهوازي
قال المحدّث النوري في الحکاية (3) من (جنّة المأوي): في آخر کتاب في التعازي عن آل محمّد (عليهم السلام) ووفاة النبيّ (صلي الله عليه وآله) تأليف الشريف الزاهد أبي عبد الله محمّد بن عليّ بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني (رضي الله عنه)، عن الاجلّ العالم الحافظ حجّة الاسلام سعيد بن احمد بن الرضي، عن الشيخ الاجلّ المقرئ خطير الدين حمزة بن المسيّب بن الحارث أنّه حکي في داري بالظفريّة بمدينة السلام في 18 شهر شعبان سنة 544 هـ، قال: حدّثني شيخي العالم ابن أبي القاسم عثمان بن عبد الباقي بن احمد الدمشقي في 17 جمادي الاخرة من سنة 543 هـ، قال: حدّثني الاجلّ العالم الحجّة کمال الدين احمد بن محمّد بن يحيي الانباري بداره بمدينة السلام ليلة عاشر شهر رمضان سنة 543 هـ.
قال: کنّا عند الوزير عون الدين يحيي بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدّم ذکرها، ونحن علي طبقة، وعنده جماعة، إلي آخر الحکاية وفيها أنّ ابن دربهان بن احمد الاهوازي ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) مع جماعة منهم حسّان بن غيث وذلک سنة 522 هـ.
قال: وروي هذه الحکاية مختصراً الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي في الفصل الخامس عشر من الباب (11) من کتاب (الصراط المستقيم) وهو أحسن کتاب صنّف في الامامة، عن کمال الدين الانباري... إلي آخره.(32)
السيد ابن طاووس
قال في (مهج الدعوات): کنت أنا بسرّ من رأي، فسمعتُ سَحَراً دعاء القائم (عليه السلام) وذلک في ليلة الاربعاء 13 ذي القعدة سنة 638 هـ.(33)
وفي (جمال الاُسبوع) ذکر السيّد الاجلّ عليّ بن طاووس أنّه شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) وهو يزور بهذه الزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) في اليقظة لا في النوم، يوم الاحد، وهو يوم أمير المؤمنين: السلام علي الشجرة النبويّة، والدوحة الهاشميّة المضيئة، إلي آخر الزيارة.(34)
وقال المحدّث النوري في الحکاية (55) من (جنّة المأوي): رأيت في ملحقات کتاب (أنيس العابدين) وهو کتاب کبير في الادعية والاوراد ينقل عنه العلاّمة المجلسي في المجلّد التاسع عشر من (البحار) والاميرزا عبد الله تلميذه في (الصحيفة الثالثة) ما لفظه: نقل عن ابن طاووس (رحمه الله) أنّه سمع سَحَراً في السرداب عن صاحب الامر (عليه السلام) أنّه يقول: اللهمّ إنّ شيعتنا خلقت من شعاع أنوارنا وبقيّة طينتنا،(35) إلي آخر الدعاء.
ابن هشام
نقل العلاّمة المجلسي عن (الخرائج والجرائح) للقطب الراوندي (رحمه الله) قال: روي عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: لمّـا وصلت بغداد في سنة 337 هـ وهي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر إلي مکانه من البيت، کان أکبر همّي من ينصب الحجر، لأنّه مضي في أثناء الکتب قصّة أخذه وأنّه إنّما ينصبه في مکانه الحجّة في الزمان، کما في زمان الحجّاج وضعه زين العابدين في مکانه واستقرّ، فاعتللت علّة صعبة خفت منها علي نفسي، ولم يتهيّأ لي ما قصدته، فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعةً مختومةً، أسأل فيها عن مدّة عمري، وهل تکون الموتة في هذه العلّة أم لا، وقلت: همّي إيصال هذه الرقعة إلي واضع الحجر في مکانه وأخذ جوابه، وإنّما أندبک لهذا.
قال: فقال المعروف بابن هشام: لمّـا حصلت بمکّة وعزم علي إعادة الحجر، بذلت لسدنة البيت جملة تمکّنت معها من الکون بحيث أري واضع الحجر في مکانه، فأقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فکلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللون، حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مکانه فاستقام کأنّه لم يزل عنه، وعَلَت لذلک الاصوات، فانصرف خارجاً من الباب، فنهضت من مکاني أتبعه، وأدفع الناس عنّي يميناً وشمالاً، حتّي ظُنّ بي الاختلاط في العقل، والناس يفرجون لي، وعيني لا تفارقه حتّي انقطع عن الناس، فکنت اُسرع الشدّ خلفه، وهو يمشي علي تؤدة السير ولا اُدرکه.
فلمّـا حصل بحيث لا أحد يراه غيري، وقف والتفت إليّ، فقال: هات ما معک، فناولته الرقعة، فقال من غير أن ينظر إليها: قل له: لا خوف عليک في هذه العلّة، ويکون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع عليّ الدمع حتّي لم اُطق حراکاً، وترکني وانصرف.
قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة، قال: فلمّـا کان سنة 367 هـ اعتلّ أبو القاسم، وأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلي قبره، فکتب وصيّته، واستعمل الجدّ في ذلک، فقيل له: ما هذا الخوف؟ ونرجوا أن يتفضّل الله بالسلامة، فما عليک بمخوفة. فقال: هذه السنة التي خوفّت فيها، فمات في علّته.(36)
الهوامش:
(1) منتخب الاثر: 376 / 22.
(2) مهج الدعوات: 281، بحار الانوار 95: 266 / 34.
(3) کمال الدين: 470 / 24.
(4) کمال الدين: 443.
(5) منتخب الاثر: 379.
(6) کمال الدين: 443.
(7) کمال الدين: 443.
(8) غيبة الطوسي: 217، وفي کمال الدين: 435 / 2 معاوية بن حکيم، بدل محمّد بن معاوية ابن حکيم.
(9) کمال الدين: 443.
(10) منتخب الاثر: 381.
(11) کمال الدين: 470 / 24.
(12) منتخب الاثر: 380.
(13) منتخب الاثر: 380.
(14) کمال الدين: 443.
(15) کمال الدين: 442.
(16) غيبة الطوسي: 162.
(17) غيبة الطوسي: 139.
(18) غيبة الطوسي: 148.
(19) منتخب الاثر: 380.
(20) کمال الدين: 442.
(21) منتخب الاثر: 381.
(22) کمال الدين: 436 / 5.
(23) غيبة الطوسي: 165.
(24) غيبة الطوسي: 155.
(25) جنّة المأوي: 321. ملحق بآخر الجزء (53) من بحار الانوار.
(26) جنّة المأوي: 322 ـ 323.
(27) جنّة المأوي: 325.
(28) جنّة المأوي: 325.
(29) فصّلت: 40.
(30) جنّة المأوي: 255.
(31) جنّة المأوي: 270.
(32) جنّة المأوي: 213 ـ 220.
(33) منتخب الاثر: 417 / 6، بحار الانوار 52: 53 / 38.
(34) جنّة المأوي: 271.
(35) جنّة المأوي: 302.
(36) بحار الانوار 52: 58 / 41. وقال العلاّمة المجلسي: ابن قولويه، اُستاذ المفيد، وقال الشيخ في الرجال: مات سنة 368 هـ، وکانت وفاته في أوائل الثمان، فلم يعتبر في هذا الخبر الکسر لقلّته، مع أنّ إسقاط ما هو أقلّ من النصف شائع في الحساب.
******************
ابو راجح الحمامي
قال العلاّمة المجلسي: روي السيّد علي بن عبد الحميد في کتاب (السلطان المفرّج عن أهل الايمان) عند ذکر من رأي القائم (عليه السلام) قال: فمن ذلک ما اشتهر وذاع وملا البقاع، وشهد بالعيان أبناء الزمان، وهو قصّة أبي راجح الحمّـامي بالحلّة، وقد حکي ذلک جماعة من الاعيان الاماثل، وأهل الصدق الافاضل، منهم الشيخ الزاهد العابد المحقّق شمس الدين محمّد بن قارون (سلّمه الله تعالي)، وذکر الحکاية، وفيها:
أنّ حاکم الحلّة مرجان الصغير أمر بضرب أبي راجح، فضرب ضرباً شديداً مهلکاً علي جميع بدنه حتّي أنّه ضرب علي وجهه فسقطت ثناياه، واُخرج لسانه، فجُعل فيه مَسَلّة من حديد، وخرق أنفه، وداروا به في أزقّة الحلّة، حتّي سقط إلي الارض وعاين الهلاک، ولم يشکّ أحد أنّه يموت من ليلته، وکان السبب في ذلک لأنّه اُتّهم بسبّ الصحابة.
فلمّـا کان من الغد، غدا عليه الناس، فإذا هو قائم يصلّي علي أتمّ حالة، فعجب الناس من حاله، وسألوه عن أمره، فقال: إنّي لمّـا عاينت الموت، ولم يبقَ لي لسان أسأل الله تعالي به، فکنت أسأله بقلبي، واستغثت إلي سيّدي ومولاي صاحب الزمان (عليه السلام)، فلمّـا جنّ عليّ الليل، فإذا بالدار قد امتلات نوراً، وإذا بمولاي صاحب الزمان (عليه السلام)، قد أمرّ يده الشريفة علي وجهي، وقال لي: اخرج وکدّ علي عيالک، فقد عافاک الله تعالي، فأصبحت کما ترون.(1)
ابومحمد الدعلجي
روي أنّ أبا محمّد الدعلجي کان له ولدان، وکان من خيار أصحابنا، وکان قد سمع الاحاديث، وکان أحد ولديه علي الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن، کان يغسّل الاموات، وولد آخر يسلک مسالک الاحداث في الاجرام، ودُفع إلي أبي محمّد حجّة يحجّ بها عن صاحب الزمان (عليه السلام)، وکان ذلک عادة الشيعة وقتئذ.
فدفع شيئاً منها إلي ابنه المذکور بالفساد، وخرج إلي الحجّ، فلمّـا عاد حکي أنّه کان واقفاً بالموقف، فرأي إلي جانبه شابّاً حسن الوجه أسمر اللون بذؤابتين، مقبلاً علي شأنه في الابتهال والدعاء والتضرّع وحسن العمل، فلمّـا قرب نفر الناس التفت إليّ، فقال: يا شيخ أما تستحي؟ فقلت: من أيّ شيء يا سيّدي؟! قال: يدفع إليک حجّة عمّن تعلم، فتدفع منها إلي فاسق يشرب الخمر! يوشک أن تذهب عينک هذه - وأومأ إلي عيني - وأنا من ذلک إلي الان علي وجل ومخافة.
وسمع أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ذلک، فقال: فما مضي عليه أربعون يوماً بعد مورده حتّي خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة، فذهبت.(2)
ابوالوفاء الشيرازي
عن کتاب (الکلم الطيّب) للسيّد علي خان، قال الشيخ الصهرشتي في (قبس المصباح): أخبرنا الشيخ الصدوق أبو الحسن احمد بن علي بن احمد النجاشي الصيرفي المعروف بابن الکوفي ببغداد في آخر شهر ربيع الاوّل سنة 442 هـ، وکان شيخاً بهيّاً ثقةً صدوق اللسان عند الموافق والمخالف، قال: أخبرني الحسن بن محمّد ابن جعفر التميمي قراءةً عليه، قال: حکي لي أبو الوفاء الشيرازي وکان صدّيقاً، أنّه قبض عليّ أبو علي إلياس صاحب کرمان فقيّدوني، وکان الموکلون بي يقولون: إنّه قد همّ فيک بمکروه، فقلقت من ذلک، وجعلت اُناجي الله تعالي بالنبيّ والائمة (عليهم السلام).
وذکر الحکاية وفيها أنّ أبا الوفاء توسّل بالامام صاحب الزمان (عليه السلام): يا صاحب الزمان أدرکني، فقد بلغ مجهودي، قال أبو الوفاء: فانتبهت من نومي والموکّلون يأخذون قيودي.(3)
الشيخ احمد الاردبيلي
نقل المحدّث النوري عن المولي أبي الحسن الشريف العاملي الغروي تلميذ العلاّمة المجلسي وجدّ شيخ الفقهاء في عصره صاحب جواهر الکلام من طرف اُمّه، قال في کتاب (ضياء العالمين) في أواخر المجلّد الاوّل منه، في ضمن أحوال الحجّة (عليه السلام) مختصراً ما لفظه: ثمّ إنّ المنقولات المعتبرة في رؤية صاحب الامر (عليه السلام) سوي ما ذکرنا کثيرة جدّاً حتّي في هذه الازمنة القريبة، فقد سمعت أنا من ثقات أنّ مولانا احمد الاردبيلي رآه (عليه السلام) في جامع الکوفة، وسأله منه مسائل.(4)
وقال العلاّمة المجلسي (رحمه الله): أخبرني جماعة عن السيّد الفاضل أمير علاّم، قال: کنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدّسة بالغري (علي مشرّفها السلام) وقد ذهب کثير من الليل، فبينا أنا أجول فيها، إذ رأيت شخصاً مقبلاً نحو الروضة المقدّسة، فأقبلت إليه، فلمّـا قربت منه عرفت أنّه اُستاذنا الفاضل العالم التقي الذکيّ مولانا احمد الاردبيلي (قدّس الله روحه) فأخفيت نفسي عنه، حتّي أتي الباب، وکان مغلقاً، فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة، فسمعته يکلّم کأنّه يناجي أحداً ثمّ خرج واُغلق الباب، فمشيت خلفه حتّي خرج من الغري وتوجّه نحو مسجد الکوفة.
فکنت خلفه بحيث لا يراني حتّي دخل المسجد، وصار إلي المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) عنده، ومکث طويلاً ثمّ رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري، فکنت خلفه حتّي قرب من الحنّانة، فأخذني سعال لم أقدر علي دفعه، فالتفت إليّ فعرفني، وقال: أنت أمير علاّم؟ قلت: نعم. قال: ما تصنع ها هنا؟ قلت: کنت معک حيث دخلت الروضة المقدّسة إلي الان، واُقسم عليک بحقّ صاحب القبر أن تخبرني بما جري عليک في تلک الليلة، من البداية إلي النهاية.
فقال: اُخبرک علي أن لا تخبر به أحداً ما دمتُ حيّاً، فلمّـا توثّق ذلک منّي قال: کنت اُفکّر في بعض المسائل وقد اُغلقت عليّ، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين (عليه السلام) وأسأله عن ذلک، فلمّـا وصلت إلي الباب فُتح لي بغير مفتاح کما رأيت، فدخلت الروضة، وابتهلت إلي الله تعالي في أن يجيبني مولاي عن ذلک، فسمعت صوتاً من القبر: أن ائتِ مسجد الکوفة وسل عن القائم (عليه السلام) فإنّه إمام زمانک، فأتيت عند المحراب، وسألته عنها واُجبت، وها أنا أرجع إلي بيتي.(5)
اسماعيل بن الحسن الهرقلي
قال العلاّمة علي بن عيسي الاربلي (رحمه الله): وأنا أذکر من ذلک قصّتين قرب عهدهما من زماني، وحدّثني بهما جماعة من ثقات إخواني; کان في البلاد الحلّية شخص يقال له إسماعيل بن الحسن الهرقلي من قرية يقال لها هرقل، مات في زماني وما رأيته، حکي لي ولده شمس الدين، قال: حکي لي والدي أنّه خرج فيه وهو شابّ علي فخذه الايسر تُوثة(6) مقدار قبضة الانسان، وکانت في کلّ ربيع تشقّق ويخرج منها دم وقيح، ويقطعه ألمها عن کثير من أشغاله، وکان مقيماً بالهرقل، فحضر الحلّة يوماً، ودخل إلي مجلس السعيد رضيّ الدين عليّ بن طاووس (رحمه الله) وشکا إليه ما يجده منها، وقال: اُريد أن اُداويها، فأحضر له أطباء الحلّة وأراهم الموضع، فقالوا: هذه التوثة فوق الاکحل، وعلاجها خطر، ومتي قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت.
ثمّ أورد الحکاية بتمامها، وخلاصتها أنّ السعيد رضيّ الدين ابن طاووس اصطحبه إلي بغداد، وعرضه علي الاطباء فقالوا کما قال اُولئک، فأوصاه السيّد بالصلاة والصبر والاجتهاد، فتوجّه إسماعيل إلي سامراء للزيارة، واستغاث بالله تعالي وبالامام (عليه السلام)، ثمّ إنّه رآه (عليه السلام) فارساً، فمدّ يده إليه، وجعل يلمس جانبه من کتفه إلي أن أصابت يده التوثة، فعصرها بيده، ثمّ استوي في سرج فرسه کما کان، قال: فتقدّم خطوات والتفت إليّ وقال: إذا وصلت بغداد فلا بدّ أن يطلبک أبو جعفر - يعني الخليفة المستنصر - فإذا حضرت عنده وأعطاک شيئاً فلا تأخذه، وقل لولدنا الرضيّ ليکتب لک إلي عليّ بن عوض، فإنّني اُوصيه يعطيک الذي تريد، فاشتهرت حکايته بين الناس.
إلي أن قال: وکان الوزير القمي قد طلب السعيد رضيّ الدين، وتقدّم أن يعرّفه صحّة هذا الخبر، فخرج رضيّ الدين ومعه جماعة، فلمّـا رآني قال: أعنک يقولون؟ قلت: نعم، فنزل عن دابته وکشف فخذي، فلم ير شيئاً فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني علي الوزير وهو يبکي ويقول: يا مولانا، هذا أخي وأقرب الناس إلي قلبي.
قال: ثمّ إنّه اُحضر عند الخليفة المستنصر، فسأله عن القصّة، فعرّفها بها کما جرت، فتقدّم له بألف دينار، فلمّـا حضرت قال: خذ هذه فأنفقها، فقال: ما أجسر آخذ منه حبّة واحدة. فقال الخليفة: ممّن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا؟ قال: لا تأخذ من أبي جعفر شيئاً، فبکي الخليفة وتکدّر، وخرج من عنده ولم يأخذ شيئاً.
قال عليّ بن عيسي: کنت في بعض الايام أحکي هذه القصّة لجماعة عندي، وکان هذا شمس الدين محمّد ولده عندي وأنا لا أعرفه، فلمّـا انقضت الحکاية قال: أنا ولده لصلبه، فعجبت من هذا الاتفاق، وسألت السيّد صفيّ الدين محمّد بن محمّد ابن بشير العلوي الموسوي، ونجم الدين حيدر بن الايسر (رحمهما الله تعالي) وکانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم، وکانا صديقين لي وعزيزين عندي، فأخبراني بصحّة القصّة، وأنّهما رأياها - أي فخذ إسماعيل - في حال مرضها وحال صحّتها.(7)
ام عثمان
وحکي عن الشيخ الزاهد شمس الدين محمّد بن قارون - ضمن حکاية طويلة حدثت سنة 744 هـ - قال: إنّ اُمّ عثمان عميت فمضوا بها إلي الحلّة وشاع خبرها بين أقاربها وترائبها، فحضروا لها من بغداد والحلّة، فلم يقدروا لها علي شيء، فلمّـا کانت ليلة الجمعة حملنها حتّي أدخلنها القبّة الشريفة في مقام صاحب الزمان (عليه السلام) وبتن بأجمعهنّ في باب القبّة، فلمّـا کان ربع الليل، فإذا هي قد خرجت عليهنّ، وقد ذهب العمي عنها وهي تقعدهن واحدة بعد واحدة، وتصف ثيابهنّ وحليهنّ، فسررن بذلک، وحمدن الله تعالي علي حسن العاقبة، وقلن لها: کيف کان ذلک؟ فقالت: لمّـا جعلتنني في القبّة وخرجتن عنّي، أحسست بيد قد وضعت علي يدي، وقائل يقول اخرجي قد عافاک الله تعالي، فانکشف العمي عنّي، ورأيت القبّة قد امتلات نوراً، ورأيت الرجل، فقلت له: من أنت يا سيّدي؟ فقال (عليه السلام): محمّد بن الحسن، ثمّ غاب عنّي، فقمن وخرجن إلي بيوتهنّ(8)، إلي آخر الحکاية.
امير اسحاق الاسترآبادي
ومن الحکايات التي سمعها العلاّمة المجلسي عمّن قرب من زمانه، قال: ومنها ما أخبرني به والدي (رحمه الله) قال: کان في زماننا رجل شريف صالح، يقال له أمير اسحاق الاسترآبادي، وکان قد حجّ أربعين حجّة ماشياً، وکان قد اشتهر بين الناس أنّه تطوي له الارض.
فورد في بعض السنين بلدة إصفهان، فأتيته وسألته عمّـا اشتهر فيه.
فقال: کان سبب ذلک أنّي کنت في بعض السنين مع الحاجّ متوجّهين إلي بيت الله الحرام، فلمّـا وصلنا إلي موضع کان بيننا وبين مکّة سبعة منازل وتسعة، تأخّرت عن القافلة لبعض الاسباب حتّي غابت عنّي، وضللت عن الطريق، وتحيّرت وغلبني العطش حتّي أيست من الحياة، فناديت: يا صالح، يا أبا صالح، أرشدونا إلي الطريق يرحمکم الله.
فتراءي لي في منتهي البادية شبح، فلمّـا تأمّلته حضر عندي في زمان يسير، فرأيته شاباً حسن الوجه، نقيّ الثياب، أسمر، علي هيئة الشرفاء، راکباً علي جمل، ومعه أداوة، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام، وقال: أنت عطشان؟ قلت: نعم، فأعطاني الاداوة، فشربت، ثمّ قال: تريد أن تلحق بالقافلة؟ قلت: نعم، فأردفني خلفه، وتوجّه نحو مکّة.
وکان من عادتي قراءة الحرز اليماني في کلّ يوم، فأخذت في قراءته، فقال (عليه السلام) في بعض المواضع: اقرأ هکذا، قال: فما مضي إلاّ زمان يسير حتّي قال لي: تعرف هذا الموضع؟ فنظرت فإذا أنا بالابطح، فقال: انزل، فلمّـا نزلت رجعت وغاب عنّي.
فعند ذلک عرفت أنّه القائم (عليه السلام) فندمت وتأسّفت علي مفارقته، وعدم معرفته، فلمّـا کان بعد سبعة أيام أتت القافلة، فرأوني في مکّة بعدما أيسوا من حياتي، فلذا اشتهرتُ بطيّ الارض.(9)
السيد بحر العلوم
قال المحدّث النوري: حدّثني العالم الفاضل الاميرزا حسين اللاهيجي، قال: حدّثني العالم الصفيّ المولي زين العابدين السلماسي: أنّ السيّد الجليل بحر العلوم ورد يوماً في حرم أمير المؤمنين (عليه السلام) فرأي الامام الحجّة (عليه السلام) جالساً عند الرأس يقرأ القرآن بصوت عال.(10)
وحدّث عن الشيخ علي رضا بن محمّد النائيني، عن المولي زين العابدين بن محمّد السلماسي تلميذ السيّد محمّد مهدي بحر العلوم، قال: کنت حاضراً في مجلس السيّد بحر العلوم، إذ دخل عليه المحقّق القمي صاحب القوانين في السنة التي رجع من العجم إلي العراق زائراً لقبور الائمة (عليهم السلام) وحاجّاً لبيت الله الحرام، وعندما تفرّق من کان في المجلس توجّه المحقّق إلي جناب السيّد: إنّکم فزتم وحزتم مرتبة الولادة الروحانيّة والجسمانيّة، وقرب المکان الظاهري والباطني، فتصدّق علينا بذکر مائدة من موائد ذلک الخوان، وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان، کي تنشرح به الصدور، وتطمئنّ به القلوب، فأجاب السيّد من غير تأمّل، وذکر حکايته وفيها أنّه التقي بالامام الحجّة (عليه السلام) وکلّمه بکلمة.(11)
وقال المولي السلماسي: کنت حاضراً في محفل إفادته، فسأله رجل عن إمکان رؤية الطلعة الغرّاء في الغيبة الکبري، فقال: ما أقول في الجواب وقد ضمّني (صلوات الله عليه) إلي صدره، وورد أيضاً في الخبر تکذيب مدّعي الرؤية في أيام الغيبة.(12)
وقال المولي السلماسي: صلّينا مع جنابه في داخل حرم العسکريين (عليهما السلام) فلمّـا أراد النهوض من التشهّد إلي الرکعة الثالثة عرضته حالة فوقف هنيئة ثمّ قام، وعندما سئل فيما بعد قال: إنّ الحجّة (عجّل الله فرجه) دخل الروضة للسلام علي أبيه (عليه السلام) فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الانور إلي أن خرج منها.(13)
وللسيّد بحر العلوم (رحمه الله) حکايات عديدة في لقائه مع الامام الحجّة (عليه السلام) أعرضنا عن ذکرها خوفاً من إطالة المقام.(14)
بعض الثقات
قال السيّد ابن طاووس في (فرج المهموم): قد أدرکت في وقتي جماعة يذکرون أنّهم شاهدوا المهدي صلوات الله عليه، وفيهم من حملوا عنه رقاعاً ورسائل عرضت عليه.
فمن ذلک ما عرفت صدق ما حدّثني به ولم يأذن في تسميته، فذکر أنّه کان قد سأل الله تعالي أن يتفضّل عليه بمشاهدة المهدي سلام الله عليه، فرأي في منامه أنّه شاهده في وقت أشار إليه.
قال: فلمّـا جاء الوقت کان بمشهد مولانا موسي بن جعفر (عليه السلام) فسمع صوتاً قد عرفه قبل ذلک الوقت، وهو يزور مولانا الجواد (عليه السلام) فامتنع هذا السائل من التهجّم عليه، ودخل فوقف عند رجلي ضريح مولانا الکاظم (عليه السلام)، فخرج من أعتقد أنّه هو المهدي (عليه السلام) ومعه رفيق له، وشاهده ولم يخاطبه في شيء لوجوب التأدّب بين يديه.(15)
بعض الثقات
قال السيّد تاج الدين بن علي بن احمد الحسيني: وقد نقلت عن بعض من أثق بهم ممّن عاصرنا ومضي إلي رحمة الله أنّه کان متوجّهاً في بعض السنين إلي زيارة الرضا (عليه السلام)، فکان يصلّي بأصحابه جماعة، فنزل ذات يوم لصلاة الصبح، فاُلقي في خاطره أن يعتزل أصحابه في هذه الصلاة فيذهب في البريّة وحده، فذهب فوجد جماعة، قد نزلوا عن خيلهم وهم يصلّون صلاة الصبح جماعة، فدخل معهم في الصلاة، فلمّـا فرغوا من الصلاة قام فأعادها احتياطاً، لعدم علمه بحال الامام، ثمّ توجّه الامام إليه فقال له: أنت طالب علم، فکيف تصلّي خلف من لا تعرفه؟ فقال له: إنّي رأيت إماماً يصلّي، فحسن ظنّي به، فصلّيت خلفه، ثمّ أعدت الصلاة، فإن کان إمامي فقد فُزت بصلاة هذه الفريضة خلفه، وإن لم يکن فأنا قد صلّيتها ثانياً.(16)
البقّال
قال المحدّث النوري: حدّثني جماعة من الاتقياء الابرار منهم السيّد السند محمّد بن احمد بن حيدر الکاظمي أيّده الله تعالي، وهو من أجلاّء تلامذة المحقّق الاُستاذ الاعظم الانصاري، قال فيما کتبه إليّ وحدّثني به شفاهاً أيضاً: لمّـا کنت مجاوراً في النجف الاشرف لاجل تحصيل العلوم الدينية، وذلک في حدود السنة الخامسة والسبعين بعد المائتين والالف من الهجرة النبويّة 1275 هـ، کنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة يصفون رجلاً يبيع البقل وشبهه أنّه رأي مولانا الامام المنتظر (سلام الله عليه) فطلبت معرفة شخصه حتّي عرفته، فوجدته رجلاً صالحاً متديّناً، وکنت اُحبّ الاجتماع معه في مکان خال، لاستفهم منه کيفية رؤيته مولانا الحجّة روحي فداه، وذکر حکايته وهي طويلة.(17)
السيد جعفر بن السيد باقر وأبوه
نقل المحدّث النوري عن السيّد محمّد بن هاشم الموسوي الرضوي النجفي المعروف بالهندي، عن الشيخ باقر هادي، عن السيّد جعفر بن باقر القزويني، قال: کنت أسير مع أبي إلي مسجد السهلة، فلمّـا قاربناها قلت له: هذه الکلمات التي أسمعها من الناس أنّ من جاء إلي مسجد السهلة في أربعين أربعاء فإنّه يري المهدي (عليه السلام) أري أنّها لا أصل لها، فالتفت إليّ مغضباً وقال لي: ولم ذلک؟ لمحض أنّک لم تره؟ وکلّ شيء لم تره عيناک فلا أصل له؟ وأکثر من الکلام عليّ حتّي ندمت علي ما قلت.
ثمّ دخلنا معه المسجد، وکان خالياً من الناس، فلمّـا قام في وسط المسجد ليصلّي رکعتين للاستخارة أقبل رجل من ناحية مقام الحجّة (عليه السلام) ومرّ بالسيّد فسلّم عليه وصافحه، والتفت إليّ السيّد والدي وقال: فمن هذا؟ فقلت: أهو المهدي (عليه السلام)؟
فقال: فمن؟ فرکضت أطلبه فلم أجده في داخل المسجد ولا في خارجه.(18)
جمال الدين بن نجم الدين جعفر
عن السيّد علي بن عبد الحميد في کتاب (السلطان المفرّج عن أهل الايمان) عند ذکر من رأي القائم (عليه السلام) قال: ومن ذلک بتأريخ صفر لسنة 759 هـ، حکي لي المولي الاجلّ الامجد العالم کمال الملّة والدين عبد الرحمن بن العمّـاني، وکتب بخطّه الکريم عندي ما صورته: قال العبد الفقير إلي رحمة الله تعالي عبد الرحمن بن إبراهيم القباقبي: إنّي کنت أسمع في الحلّة السيفيّة حماها الله تعالي أنّ المولي الکبير المعظّم جمال الدين بن الشيخ الاجلّ الاوحد الفقيه القارئ نجم الدين جعفر بن الزهدري، وذکر الحکاية وملخّصها أنّه اُصيب بالفالج فبيّتوه تحت القبّة الشريفة بالحلّة المعروفة بمقام صاحب الزمان (عليه السلام)، فجاءه الامام الحجّة (عليه السلام) وأقامه وزال عنه الفالج.(19)
حسان بن غيث
نقل المحدّث النوري في الحکاية (3) من (جنّة المأوي) عن کتاب (التعازي) لابي عبد الله محمّد بن علي بن الحسن العلوي الحسيني، عن سعيد بن احمد بن الرضي، عن الشيخ خطير الدين حمزة بن المسيّب بن الحارث أنّه حدّثه بمدينة السلام في 18 شعبان سنة 544 هـ، عن الشيخ أبي القاسم عثمان بن عبد الباقي بن احمد الدمشقي في 17 جمادي الاخرة من سنة 543 هـ، عن کمال الدين احمد بن محمّد ابن يحيي الانباري ليلة العاشر من شهر رمضان سنة 543 هـ، قال: کنّا عند الوزير عون الدين يحيي بن هبيرة في رمضان سنة 543 هـ، ونحن علي طبقة، وعنده جماعة، إلي آخر الحکاية، وفيها أنّ حسّان بن غيث رأي الامام الحجّة (عليه السلام) مع جماعة منهم ابن دربهان بن احمد الاهوازي وذلک سنة 522 هـ.(20)
الحسن بن مثلة الجمکراني
نقل المحدّث النوري من خطّ السيّد المحدّث نعمة الله الجزائري عن مجموع مکتوب باللغة الفارسية ونقله المحدّث النوري إلي العربية وفيه: عن (تأريخ قم) تأليف الشيخ الفاضل الحسن بن محمّد بن الحسن القمي، عن کتاب (مؤنس الحزين في معرفة الحقّ واليقين) للشيخ أبي جعفر محمّد بن بابويه القمي، باب ذکر بناء مسجد جمکران بأمر الامام المهدي عليه صلوات الله الرحمن، قال:
سبب بناء المسجد المقدّس في جمکران بأمر الامام (عليه السلام) علي ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح الحسن بن مثلة الجمکراني، وذکر الحکايه وهي طويلة، وفيها أنّ الشيخ الحسن بن مثلة قد رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) وأمره الامام ببناء المسجد.(21)
والمسجد اليوم مشيّد کبير، وعلي طراز إسلامي عريق، ويقصده الناس من کافة الارجاء للتبرّک والدعاء.
الحسين أمير قم
نقل العلاّمة المجلسي عن کتاب (الخرائج والجرائح) أنّه روي عن أبي الحسن المسترق الضرير، قال: کنت يوماً في مجلس الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة، فتذاکرنا أمر الناحية، فقال: کنت اُزري عليها، إلي أن حضر المجلس عمّي الحسين يوماً، فأخذت أتکلّم في ذلک، فقال: يا بني قد کنت أتولّي بمقالتک هذه إلي أن ندبت لولاية قم حين استصعبت علي السلطان، وکان کلّ من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها، فسُلّم إليّ جيش وخرجت نحوها... وذکر الحکاية وفيها أنّ الحسين أمير قم التقي بالامام الحجّة (عليه السلام) وأمره الامام (عليه السلام) بأداء الخمس ووبّخه علي ازدرائه أمر الناحية المقدّسة.(22)
الحسين المدلل
نقل السيّد علي بن عبد الحميد في کتاب (السلطان المفرّج عن أهل الايمان) عن بعض من يثق به، قال: وهو خبر مشهور عند أکثر أهل المشهد الغروي، أنّ الدار التي هي الان أنا ساکنها - أي في سنة 789 هـ - کانت لرجل من أهل الخير والصلاح يدعي الحسين المدلّل ملاصقة بجدران الحضرة الشريفة، وهو مشهور بالمشهد الشريف الغروي، وذکر حکايته وملخّصها أنّ الحسين المدلّل اُصيب بالفالج وأنّه رأي الامام الحجّة (عليه السلام) سنة 720 هـ وأقامه بيده، فذهب ما به، وقام صحيحاً علي أتمّ ما ينبغي.(23)
الهوامش:
(1) بحار الانوار 52: 70 / 55.
(2) بحار الانوار 52: 59 / 42.
(3) منتخب الاثر: 409 / 7.
(4) جنّة المأوي: 276.
(5) بحار الانوار 52: 174، إلزام الناصب 2: 50.
(6) التُّوثة: لحمة متدلية سوداء وحمراء، وأغلب ما تخرج في الخدّ والوجنة، والظاهر من المعاجم أنّ الصواب: التُّوتة.
(7) کشف الغمّة 3: 296، بحار الانوار 52: 61 / 51.
(8) إلزام الناصب 2: 9.
(9) بحار الانوار 52: 175.
(10) جنّة المأوي: 302.
(11) جنّة المأوي: 235.
(12) جنّة المأوي: 236.
(13) جنّة المأوي: 237.
(14) جنّة المأوي: 237 ـ 240.
(15) بحار الانوار 52: 53 / 38.
(16) التتمّة في تواريخ الائمة (عليهم السلام): 150.
(17) جنّة المأوي: 309.
(18) جنّة المأوي: 245.
(19) جنّة المأوي: 213 ـ 220.
(20) منتخب الاثر: 407 / 5.
(21) جنّة المأوي: 230.
(22) بحار الانوار 52: 56 / 40.
(23) إلزام الناصب 2: 14.
******************
الحلاق
ونقل المحدّث النوري عن السيّد محمّد بن هاشم الموسوي، عن الشيخ باقر بن هادي، عن رجل صادق اللهجة، کان حلاّقاً، وله أب کبير السنّ، وهو لا يقصّر في خدمته، ولا يفارق خدمته إلاّ ليلة الاربعاء، فإنّه يمضي إلي مسجد السهلة، ثمّ ترک الرواح إلي المسجد، ذلک لأنّه خرج أربعين أربعاء، فلمّـا کانت الاخيرة لم يتيسّر له الخروج إلي وقت المغرب، فمشي وحده حتّي صار الليل، فرأي أعرابيّاً علي فرس، وأخبره بما عنده من الطعام، وأوصاه بأبيه خيراً، ثمّ غاب عن بصره، فعلم أنّه المهدي (عليه السلام).(1)
رجل بحريني
نقل المحدّث النوري عن کتاب (نور العيون) للسيّد محمّد شريف الحسيني، عن المولي المتّقي محمّد تقي المجلسي الملقّب بالالماسي، في رسالة له في ذکر من رآه (عليه السلام) في الغيبة الکبري، قال: حدّثني ثقة صالح من أهل العلم من سادات شولستان، عن رجل ثقة أنّه قال: اتّفق في هذه السنين أنّ جماعة من أهل البحرين عزموا علي إطعام جمع من المؤمنين علي التناوب، فأطعموا حتّي بلغ النوبة إلي رجل منهم لم يکن عنده شيء، فاغتمّ لذلک وکثر حزنه وهمّه، فاتّفق أنّه خرج ليلة إلي الصحراء، فإذا بشخص قد وافاه، وقال له: اذهب إلي التاجر الفلاني، وقل له: يقول لک محمّد بن الحسن اعطني الاثنتي عشر ديناراً التي نذرتها لنا، فخذها منه وأنفقها في ضيافتک، فذهب الرجل إلي ذلک التاجر، وبلّغه رسالة الشخص المذکور.
فقال التاجر: قال لک ذلک محمّد بن الحسن بنفسه؟ فقال البحريني: نعم، فقال: عرفته؟ فقال: لا. فقال التاجر: هو صاحب الزمان (عليه السلام) وهذه الدنانير نذرتها له. فأکرم الرجل وأعطاه المبلغ المذکور، وسأله الدعاء،(2) إلي آخر الحکاية.
رجل بغدادي
ونقل عنه أيضاً قال: قال في رسالة له في ذکر من رآه (عليه السلام) في الغيبة الکبري: حدّثني بعض أصحابنا عن رجل صالح من أهل بغداد وهو حيّ إلي هذا الوقت، أي سنة 1136 هـ، ونقل حکاية الرجل البغدادي. وفيها أنّه رأي الامام الحجّة (عليه السلام) وأنقذه الامام من الغرق، وأرجعه إلي أهله.(3)
رجل من الثقات
نقل عن السيّد نعمة الله الجزائري أنّه قال: حدّثني رجل من أوثق إخواني في شوشتر في دارنا القريبة من المسجد الاعظم، قال: لمّـا کنّا في بحور الهند تعاطينا عجائب البحر، فحکي لنا رجل من الثقات قال: روي من أعتمد عليه أنّه کان منزله في بلد علي ساحل البحر، وحکي قصّته وهي طويلة، خلاصتها أنّه رکب سفينة مع جماعة فغرقت السفينة، ولقيه (عليه السلام) في جزيرة، وأوصله إلي أهله.(4)
رجل من قاشان
قال العلاّمة المجلسي (رحمه الله): ومنها ما أخبرني به جماعة من أهل الغري (علي مشرّفه السلام) أنّ رجلاً من أهل قاشان أتي إلي الغري متوجّهاً إلي بيت الله الحرام، فاعتلّ علّة شديدة حتّي يبست رجلاه، ولم يقدر علي المشي، فخلّفه رفقاؤه وترکوه عند رجل من الصلحاء کان يسکن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدّسة، وذهبوا إلي الحجّ.
وذکر حکايته وخلاصتها أنّه حُمِل إلي مقام القائم (صلوات الله عليه) خارج النجف، فرأي هناک شاباً صبيح الوجه، أسمر اللون، دخل الصحن وسلّم عليه، وذهب إلي بيت المقام، وصلّي عند المحراب رکعات بخضوع وخشوع، فلمّـا فرغ من الصلاة خرج وأتاه وسأله عن حاله فقال له: ابتليت ببليّة ضقت بها، لا يشفيني الله فأسلم منها، ولا يذهب بي فأستريح، فقال: لا تحزن سيعطيک الله کليهما، وذهب، فعلم أنّه کان القائم (صلوات الله عليه)، وسلم ممّـا به حتّي أتي الحاجّ ورفقاؤه، فلمّـا رآهم وکان معهم قليلاً مرض ومات، ودفن في الصحن، فظهر صحّة ما أخبره (عليه السلام) من وقوع الامرين معاً.
قال: وهذه القصّة من المشهورات عند أهل المشهد (أي أهل النجف)، وأخبرني بها ثقاتهم وصلحاؤهم.(5)
رجل من المجاورين بالحائر
ونقل المحدّث النوري عن (البلد الامين) دعاءً عن الامام المهدي (عليه السلام) للشفاء من الامراض، وذکر الدعاء ثمّ قال: ورأيت بخطّ السيّد زين الدين علي بن الحسين الحسيني (رحمه الله) أنّ هذا الدعاء تعلّمه رجل کان مجاوراً بالحائر (علي مشرّفه السلام) عن الامام المهدي سلام الله عليه في منامه، وکان به علّة، فشکاها إلي القائم (عجّل الله فرجه) فأمره بکتابته وغسله وشربه، ففعل ذلک فبرأ في الحال.(6)
رجل من المجاورين بالحائر
وعن کتاب (دار السلام) للفاضل المحدّث الميثمي، أنّه نقل قصّة رجل کان مجاوراً بالحائر سمعها سنة 1277 هـ وسنة 1270 هـ، وکان الرجل من أرامنة أرومية، واعتنق الاسلام ببرکة الامام صاحب الامر (عليه السلام)(7)، وقصّته طويلة.
رجل مؤمن
ونقل العلاّمة المحدّث النوري عن العالم الفاضل السيّد علي خان الحويزاوي في کتاب (خير المقال) عند ذکر من رأي القائم (عليه السلام)، قال: فمن ذلک ما حدّثني به رجل من أهل الايمان ممّن أثق به أنّه حجّ مع جماعة علي طريق الاحساء في رکب قليل... وذکر قصّته وملخّصها أنّ الرجل انقطع عن المرکب، فاستغاث بالامام المهدي (عليه السلام) فبينما هو کذلک، فإذا برجل في زي أهل البادية راکب ناقته، فأناخ ناقته وأردفه خلفه، وألحقه برفقائه ثمّ ترکه وذهب.(8)
رضي الدين محمد الاوي
نقل عن العلاّمة الحلّي (رحمه الله) في (منهاج الصلاح) قال: نوع آخر من الاستخارة رويته عن والدي الفقيه سديد الدين يوسف بن علي بن مطهّر (رحمه الله) عن السيّد رضيّ الدين محمّد الاوي الحسيني عن صاحب الامر (عليه السلام) وذکر الاستخارة.
ثمّ قال: قال الشهيد (رحمه الله) في (الذکري): ومنها الاستخارة بالعدد، ولم تکن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيّد الکبير العابد رضيّ الدين محمّد الاوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدّس الغروي (رضي الله عنه) وقد روينا عنه، وجميع مرويّاته عن عدّة من مشايخنا، عن الشيخ الکبير الفاضل جمال الدين بن المطهّر، عن السيّد الرضي، عن صاحب الامر (عليه السلام).
وهذه الحکاية ذکرها المحقّق الکاظمي في مسألة الاجماع في بعض وجوهه، في عداد من تلقّي عن الحجّة (عليه السلام) في غيبته الکبري بعض الاحکام سماعاً ومکاتبة.(9)
زين الدين علي بن فاضل المازندراني
وَجَد العلاّمة المجلسي (رحمه الله) في خزانة أمير المؤمنين (عليه السلام) بخطّ الشيخ الفاضل والعالم العامل الفضل بن يحيي بن علي الطيبي الکوفي، قال: سمعت من الشيخين الفاضلين العالمين: شمس الدين بن نجيح الحلّي، وجلال الدين عبد الله بن الحرام الحلّي في مشهد سيّد الشهداء (عليه السلام) في النصف من شهر شعبان سنة 699 هـ حکاية سمعها من الشيخ الصالح زين الدين علي بن فاضل المازندراني حيث اجتمعا به في مشهد الامامين العسکريين بسرّ من رأي وحکي لهما قصّة مشاهدته للامام الحجّة (عليه السلام) وسمعها منه الشيخ الفضل بن يحيي بن علي الطيبي الکوفي في الحادي عشر من شهر شوّال سنة 699 هـ في الحلّة(10)، والحکاية طويلة.
السهلاوي اليزدي
ذکره الفاضل الميثمي في کتابه (دار السلام المشتمل بذکر من فاز بسلام الامام (عليه السلام)) وسمع حکاية لقائه بالامام (عليه السلام) الشيخ علي اليزدي صاحب (إلزام الناصب) عن الحاجّ علي محمّد نجل الملاّ باقر البهبهاني. (11)
وحکي في کتابه (الدمعة الساکبة) قصّة ولده الذي اشتدّ مرضه، فالتجأ هو إلي الامام القائم (عليه السلام) متوسّلاً مستغيثاً، فألبسه الله تعالي لباس العافية ببرکة الامام (عليه السلام).(جنّة المأوي: 298)
الشهيد الاول
في (بغية المريد في الکشف عن أحوال الشهيد) للشيخ الفاضل الاجلّ تلميذه محمّد بن علي بن الحسن العودي، حکي کرامة جليلة له حدثت سنة 960 هـ في الرملة، وفيها أنّ الشهيد (رحمه الله) انقطع عن القافلة، فأقبل عليه رجل لاحق به، وأردفه خلفه، وأنزله مع القافلة، قال: فتحرّيته مدّة الطريق فما رأيته أصلاً ولا قبل ذلک.(12)
الشيخ الکوفي القصار
نقل العلاّمة المجلسي (رحمه الله) عن (تنبيه الخواطر) قال: حدّثني السيّد الاجل علي ابن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني، عن علي بن نما، قال: حدّثنا الحسن بن علي ابن حمزة الاقساسي في دار الشريف علي بن جعفر بن علي المدائني العلوي، قال: کان بالکوفة شيخ قصّار، وکان موسوماً بالزهد، منخرطاً في سلک السياحة، متبتّلاً للعبادة، مقتفياً للاثار الصالحة، فاتّفق يوماً أنّني کنت بمجلس والدي، وکان هذا الشيخ يحدّثه وهو مقبل عليه، فذکر قصّة لقائه مع الامام صاحب الزمان (عليه السلام) وائتمامه بالصلاة به (عليه السلام).(13)
الشيخ عبدالرحيم الدماوندي
قال الحاجّ المولي رضا الهمداني في المفتاح الاوّل من الباب الثالث من کتاب (مفتاح النبوّة) في جملة کلام له في أنّ الحجّة (عليه السلام) قد يظهر نفسه المقدّسة لبعض خواصّ الشيعة: أنّه (عليه السلام) قد أظهر نفسه الشريفة قبل هذا بخمسين سنة لواحد من العلماء المتّقين المولي عبد الرحيم الدماوندي الذي ليس لاحد کلام في صلاحه وسداده.
قال: وقال هذا العالم في کتابه: إنّي رأيته (عليه السلام) في داري في ليلة مظلمة جدّاً بحيث لا تبصر العين شيئاً واقفاً في جهة القبلة، وکان النور يسطع من وجهه المبارک حتّي أنّي کنت أري نقوش الفراش بهذا النور.(14)
الشيخ عبد المحسن
نقل عن السيّد ابن طاووس في کتاب (غياث سلطان الوري) أنّه في جمادي الاخرة من سنة 641 هـ توجّه مع محمّد بن محمّد الاوي لزيارة أوّل رجب، فوصل سابع عشر جمادي الاخرة من السنة المذکورة، فعرّفه شخص يقال له حسن ابن البقلي أنّ شخصاً فيه صلاح يقال له عبد المحسن من أهل السواد، قد حضر بالحلّة، وذکر أنّه قد لقيه مولانا المهدي صلوات الله عليه ظاهراً في اليقظة(15)، وذکر حکايته.
العطار البصري وصاحباه
وممّن شاهد الامام الحجّة (عليه السلام) رجل عطّار من أهل البصرة کان من ذوي الصلاح والخير، نقل حکايته صاحب (إلزام الناصب) عن الفاضل الميثمي في کتاب (دار السلام) عن الفاضل محمّد أمين العراة، عن الرجل البصري.(16)
الشيخ علي بن خليل الطهراني
وهو ممّن شاهده (عليه السلام) في غيبته الکبري، وقد نقل حکايته المحدّث النوري مشافهة عن الشيخ الفاضل علي بن الحاج ميرزا خليل الطهراني المتوطّن في الغري.(17)
الشيخ علي بن محمد بن يونس البياضي
وهو صاحب کتاب (الصراط المستقيم) وقد ذکر حکاية رؤيته للامام (عليه السلام) ولاحد الابدال المحدّث النوري في (جنّة المأوي).(18)
عطوة العلوي الحسيني
قال السيّد علي بن عيسي الاربلي: حکي لي السيّد باقي بن عطوة الحسني أنّ أباه عطوة کان آدر(19)، وکان زيدي المذهب، وکان ينکر علي بنيه الميل إلي مذهب الامامية، ويقول: لا اُصدّقکم ولا أقول بمذهبکم حتّي يجيء صاحبکم - يعني المهدي (عليه السلام) - فيبرؤني من هذا المرض، وتکرّر هذا القول منه.
قال: فبينما نحن مجتمعون عند وقت العشاء الاخرة، إذا أبونا يصيح ويستغيث بنا، فأتيناه سراعاً، فقال: الحقوا صاحبکم فالساعة خرج من عندي.
فخرجنا فلم نرَ أحداً، فعدنا إليه وسألناه، فقال: إنّه دخل إليّ شخص وقال: يا عطوة. فقلت: من أنت؟ فقال: أنا صاحب بنيک، قد جئت لاُبرئک ممّـا بک.
قال عليّ بن عيسي: قال لي ولده: وبقي مثل الغزال ليس به شيء، واشتهرت هذه القصّة، وسألت عنها غير ابنه فأخبر عنها فأقرّ بها.(20)
العلامة الحلي
نقل السيّد نور الله الشوشتري في (مجالس المؤمنين) في ترجمة آية الله العلاّمة الحلّي (رحمه الله) أنّ من جملة مقاماته العالية أنّه اشتهر عند أهل الايمان أنّ بعض علماء أهل السنّة ممّن تتلمذ عليه العلاّمة في بعض الفنون ألّف کتاباً في ردّ الامامية، ويقرأ للناس في مجالسه ويضلّهم، وکان لا يعطيه أحداً خوفاً من أن يردّه أحد من الامامية، فاحتال (رحمه الله) في تحصيل هذا الکتاب إلي أن جعل تتلمذه عليه وسيلة لاخذه الکتاب منه عارية، لکنّه شرط عليه أن تکون العارية ليلة واحدة، قال: فلمّـا اشتغل بکتابته وانتصف الليل غلبه النوم، فحضر الحجّة (عليه السلام) وقال: ولّني الکتاب وخذ في نومک، فانتبه العلاّمة وقد تمّ الکتاب بإعجازه (عليه السلام).(21)
وحکي في (منتخب الاثر) عن (دار السلام) المشتمل علي ذکر من فاز بسلام الامام (عليه السلام) عن الفاضل المعاصر ميرزا محمّد التنکابني في (قصص العلماء) عن الفاضل اللاهيجي المولي صفر علي، عن السيّد السند صاحب (المفاتيح) السيّد محمّد ابن صاحب (الرياض) نقلاً عن خطّ آية الله العلاّمة في حاشية بعض کتبه، ونقل قصّة لقائه بالامام الحجّة (عليه السلام) وسؤاله عن المسائل التي استصعب عليه حلّها، فکشف الامام (عليه السلام) الحجاب عن وجه جميعها، ودلّه علي حديث في نسخته من (التهذيب) للشيخ الطوسي، وما کان العلاّمة يعهد ذلک الحديث في التهذيب وغيره.(22)
علي البغدادي
ونقل المحدّث النوري عن السيّد حيدر الکاظمي في کتابه إليه، حکاية رجل من کسبة أهل بغداد وکان من أهل الديانة والوثاقة، وقد رأي مولانا الامام المنتظر (سلام الله عليه). قال: وکنت أعرف ذلک الرجل، وبيني وبينه مودّة، وهو ثقة عدل، معروف بأداء الحقوق المالية، وکنت اُحِبُّ أن أسأله بيني وبينه، لأنّه بلغني أنّه يخفي حديثه ولا يبديه إلاّ لبعض الخواصّ ممّن يأمن إذاعته خشية الاشتهار، فيهزأ به من ينکر ولادة المهدي (عليه السلام) وغيبته، وينسبه العوام إلي الفخر وتنزيه النفس، وحيث إنّ الرجل في الحياة لا اُحِبُّ أن اُصرّح باسمه خشية کراهته، ونقل حکايته، وهي طويلة.(23)
وقد جاء في آخرها: ثمّ سألته أيّده الله تعالي عن اسمه وحدّثني غيره أيضاً أنّ اسمه الحاجّ علي البغدادي، وهو من التجّار، وأغلب تجارته في طرف جدّة ومکّة وما والاها، بطريق المکاتبة، وحدّثني جماعة من أهل العلم والتقوي من سکنة بلدة الکاظم (عليه السلام) بأنّ الرجل من أهل الصلاح والديانة والورع، والمواظبين علي الاخماس والحقوق(24)، وقصّته مفصّلة ذکرها الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان الکبير.
علي بن محمد الشعراني
نقل العلاّمة المجلسي عن فهرست منتجب الدين، قال في ترجمة أبي الحسن علي بن محمّد بن علي بن أبي القاسم العلوي الشعراني: عالم صالح، شاهد الامام صاحب الامر ويروي عنه أحاديث (عليه وعلي آبائه السلام).(25)
علي المکي
نقل المحدّث النوري عن (الکلم الطيّب) للسيّد علي خان، عن الامير إسماعيل بن حسين بيک بن علي بن سليمان الحائري الانصاري، عن الحاجّ علي المکّي، ونقل حکايته والتي ملخّصها أنّه کان في ضيق وشدّة ومناقضة خصوم حتّي خاف علي نفسه القتل، فرأي الامام الحجّة (عليه السلام) وعلّمه دعاءً، فجرّبه مراراً عديدة فرأي فَرَجاً قريباً.(26)
الشيخ علي اليزدي الحائري
وهو صاحب (إلزام الناصب) قال فيه: وممّن فاز بتلک الدوحة العلياء، ونال التشرّف بتلک الطلعة الغرّاء في غيبته الکبري، المؤلّف الضعيف، وذلک في مسافرتي من محلّ إقامتي ومجاورتي ومدفني إن شاء الله تعالي، وهو الحائر المقدّس الحسيني والبقعة المبارکة الطيّبة، إلي زيارة مولانا أبي الائمة (عليهم السلام) في وقـفة البعثة النبويّة السنّة المعروفة بالغريقيّة، وذلک سنة 1305 هـ، وذکر الحکاية.(27)
الشريف عمر بن حمزة
نقل العلاّمة المجلسي عن (تنبيه الخواطر) عن السيّد علي بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني، عن علي بن علي بن نما، عن الحسن بن علي بن حمزة الاقساسي، عن شيخ قصّار بالکوفة کان موسوماً بالزهد منخرطاً في سلک السياحة متبتّلاً للعبادة، وحکي قصّة لقائه بالامام الحجّة (عليه السلام)، وأنّه سأله عن الشريف عمر بن حمزة، فقال (عليه السلام): إنّه لا يموت حتّي يراني، فرآه في مرض موته.(28)
الشيخ قاسم
روي قصّة لقائه بالامام الحجّة (عليه السلام) المحدّث النوري، وکان الشيخ قاسم رجلاً من أهل الايمان، وکان کثير السفر إلي الحجّ.(29)
الشيخ محمد
روي حکاية لقائه بالامام الحجّة (عليه السلام) الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي في کتاب (إثبات الهداة)، قال: قد أخبرني جماعة من ثقات الاصحاب أنّهم رأوا صاحب الامر (عليه السلام) في اليقظة، وشاهدوا منه معجزات متعدّدات، وأخبرهم بعدّة مغيبات، ودعا لهم بدعوات مستجابات، وأنجاهم من أخطار مهلکات، ثمّ روي حکاية الشيخ محمّد، وکان شريکه في الدروس.(30)
محمد بن احمد بن أبي الليث
قال الشيخ الجليل أمين الاسلام الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب التفسير في کتاب (کنوز النجاح)، قال: دعاء علّمه صاحب الزمان (عليه السلام) أبا الحسن محمّد بن احمد بن أبي الليث (رحمه الله) في بلدة بغداد في مقابر قريش، وکان أبو الحسن قد هرب إلي مقابر قريش، والتجأ إليها من خوف القتل، فنجا منه ببرکة هذا الدعاء، ثمّ ذکر الدعاء.(31)
الميرزا محمد الاسترآبادي
قال العلاّمة المجلسي: ولنلحق بتلک الحکايات، بعض الحکايات التي سمعتها عمّن قرب من زماننا، ثمّ قال: ومنها ما أخبرني به جماعة عن جماعة عن السيّد السند الفاضل الکامل ميرزا محمّد الاسترآبادي (نوّر الله مرقده) وذکر الحکاية، وفيها أنّه رآه (عليه السلام) في مکّة ليلة الطواف حول بيت الله الحرام.(32)
المولي محمد تقي المجلسي
قال أبو الحسن الشريف العاملي الغروي تلميذ العلاّمة المجلسي، في کتاب (ضياء العالمين): ثمّ إنّ المنقولات المعتبرة في رؤية صاحب الامر (عليه السلام) سوي ما ذکرنا کثيرة جدّاً، حتّي في هذه الازمنة القريبة، إلي أن قال: وأنّ مولانا محمّد تقي والد شيخنا رآه في الجامع العتيق بإصبهان، وذکر الحکاية.(33)
محمد بن الحسن الحر العاملي
ونقل حکاية لقائه مع الامام الحجّة (عليه السلام) المحدّث النوري عن کتاب (إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات).(34)
محمد حسن السريرة
حدّث الشيخ النوري عن الشيخ باقر هادي الکاظمي المجاور في النجف الاشرف، قال: کان في النجف الاشرف رجلٌ مؤمن يسمّي الشيخ محمّد حسن السريرة، وکان في سلک أهل العلم ذا نيّة صادقة، وذکر حکاية لقائه مع الامام الحجّة (عليه السلام) بعد مواظبته علي الرواح إلي مسجد الکوفة أربعين ليلة أربعاء.(35)
الهوامش:
(1) جنّة المأوي: 245.
(2) جنّة المأوي: 261.
(3) جنّة المأوي: 259.
(4) جنّة المأوي: 307.
(5) بحار الانوار 52: 176 ـ 177، منتخب الاثر: 413 / 2.
(6) جنّة المأوي: 226.
(7) إلزام الناصب 2: 35.
(8) جنّة المأوي: 299.
(9) جنّة المأوي: 271 / 273.
(10) بحار الانوار 52: 159 ـ 174.
(11) إلزام الناصب 2: 40.
(12) جنّة المأوي: 296.
(13) بحار الانوار 52: 55 / 39.
(14) جنّة المأوي: 306.
(15) جنّة المأوي: 208.
(16) إلزام الناصب 2: 33.
(17) جنّة المأوي: 257.
(18) جنّة المأوي: 256.
(19) الادرة: انفتاق الصفاق فيکون الصفن منتفخاً، ويقال لها: القروة.
(20) کشف الغمّة 3: 300، بحار الانوار 52: 65.
(21) جنّة المأوي: 252.
(22) منتخب الاثر: 417 / 7، إلزام الناصب 2: 31.
(23) جنّة المأوي: 312 ـ 317.
(24) جنّة المأوي: 317.
(25) بحار الانوار 52: 77.
(26) جنّة المأوي: 225.
(27) إلزام الناصب 2: 74.
(28) بحار الانوار 52: 55 / 39.
(29) جنّة المأوي: 300.
(30) جنّة المأوي: 273.
(31) جنّة المأوي: 275، إلزام الناصب 2: 51.
(32) بحار الانوار 52: 176.
(33) جنّة المأوي: 276.
(34) جنّة المأوي: 274.
(35) جنّة المأوي: 240.
******************
الشيخ محمد بن حسن بن الشهيد الثاني
ذکره المحدّث النوري في (جنّة المأوي) ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) في الحکاية الخمسين.(1)
السيد محمد عباس العاملي
ذکره المحدّث النوري في (جنّة المأوي) ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) في الحکايه العشرين.(2)
محمد بن علي العلوي الحسيني
ذکره المحدّث النوري في (جنّة المأوي) ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) في الحکاية السابعة، ونقل ذلک عن کتاب (فرج المهموم) للسيّد ابن طاووس.(3)
محمد بن عيسي
ذکره العلاّمة المجلسي (رحمه الله) ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) خلال ذکره الحکايات التي سمعها عمّن قرب من زمانه.(4)
محمد بن عيسي البحراني
کانت البحرين تحت الانتداب البريطاني، وقد عيّنت عليها حاکماً مسلماً سنّياً متعصّباً، ليکون أدعي للتفرقة والسيطرة علي الاکثرية الشيعية من أتباع مذهب أهل البيت في البحرين، والتحکّم في شعبها.
ومن سياسة المستعمر (فرّق تسد) أن جعل حاکمها من الاقليّة السنّية حتّي يأمن عدم اتّفاقهم علي المستعمر، وکان له وزير أشدّ منه تعصّباً ونصباً وعداوةً للشيعة، وکان يتحيّن الفرص، ويدسّ الدسائس والحيل في إهلاکهم والاضرار بهم والتنکيل.
وفي بعض الايام دخل هذا الوزير علي الحاکم وبيده رمّانة، فقدّمها للحاکم فإذا مکتوب عليها: (لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، وأبو بکر وعمر وعثمان وعليّ خلفاء رسول الله).
فتأمّل الوالي فرأي الکتابة من أصل الرمّانة، بحيث لا يحتمل عنده أن تکون من صناعة البشر، فتعجّب من ذلک، وقال للوزير: هذه آية بيّنة وحجّة قويّة علي إبطال مذهب الرافضة، فما رأيک في أهل البحرين؟ فقال له: أصلحک الله، إنّ هؤلاء جماعة متعصّبون، ينکرون البراهين، وينبغي أن تحضرهم وتريهم هذه الرمّانة، فإن قبلوا ورجعوا إلي مذهبنا کان لک الثواب الجزيل بذلک، وإن أبوا إلاّ المقام علي ضلالتهم فخيّرهم بين ثلاث: إمّا أن يؤدّوا الجزية وهم صاغرون، ويأتوا بجواب عن هذه الاية البيّنة التي لا محيص لهم عنها، وتقتل رجالهم وتسبي نساءهم وأولادهم، وتأخذ بالغنيمة أموالهم!!
فاستحسن الوالي رأيه، وأرسل إلي العلماء، والافاضل الاخيار والنجباء، والسادة الابرار من أهل البحرين وأحضرهم، وأراهم الرمّانة، وأخبرهم بما رأي فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف، من القتل والاسر وأخذ الاموال، وأخذ الجزية علي وجه الصغار کالکفّار ; فتحيّروا في أمرها، ولم يقدروا علي جواب، وتغيّرت وجوههم، وارتعدت فرائصهم.
فقال کبراؤهم: أمهلنا أ يّها الامير ثلاثة أيام لعلّنا نأتيک بجواب ترتضيه، وإلاّ فاحکم فينا ما شئت، فأمهلهم، فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيّرين.
فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلک، فاتّفق رأيهم علي أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهّادهم عشرة، ففعلوا ثمّ اختاروا من العشرة ثلاثة، فقالوا لاحدهم: اُخرج الليلة إلي الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بإمام زماننا وحجّة الله علينا، لعلّه يبيّن لک ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.
فخرج وبات طوال ليلته متعبّداً خاشعاً داعياً باکياً، يدعو ويستغيث بالامام (عليه السلام)، حتّي أصبح ولم يرَ شيئاً، فأتاهم وأخبرهم، فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع کصاحبه، ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم.
فأحضروا الثالث، وکان تقيّاً فاضلاً اسمه محمّد بن عيسي، فخرج الليلة الثالثة حافياً حاسر الرأس إلي الصحراء، وکانت ليلة مظلمة، فدعا وبکي، وتوسّل إلي الله تعالي في خلاص هؤلاء المؤمنين، وکشف هذه البليّة عنهم، واستغاث بصاحب الزمان.
فلمّـا کان في آخر الليل إذا هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمّد بن عيسي، ما لي أراک علي هذه الحالة، ولماذا خرجت إلي هذه البريّة؟ فقال له: أ يّها الرجل دعني، فإنّي خرجت لامر عظيم وخطب جسيم لا أذکره إلاّ لامامي، ولا أشکوه إلاّ إلي من يقدر علي کشفه عنّي.
فقال: يا محمّد بن عيسي، أنا صاحب الامر، فاذکر حاجتک، فقال: إن کنت هو فأنت تعلم قصّتي، ولا تحتاج إلي أن أشرحها لک، فقال له: نعم، خرجت لما دهمکم من أمر الرمّانة وما کتب عليها، وما أوعدکم الامير به.
قال محمّد بن عيسي: فلمّـا سمعت ذلک توجّهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي، لانت تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر علي کشفه عنّا.
فقال صلوات الله عليه: يا محمّد بن عيسي، إنّ الوزير لعنه الله في داره شجرة رمّان، فلمّـا حملت تلک الشجرة صنع شيئاً من الطين علي هيئة الرمّانة(5)، وجعلها نصفين، وکتب في داخل کلّ نصف بعض تلک الکتابة، ثمّ وضعهما علي الرمّانة، وشدّهما عليها وهي صغيرة، فأثّر فيها وصارت هکذا، فإذا مضيتم غداً إلي الوالي فقل له: جئتک بالجواب، ولکنّي لا اُبديه لک إلاّ في دار الوزير، فإذا مضيتم إلي داره فانظر عن يمينک فتري غرفة، فقل للوالي: لا اُجيبک إلاّ في تلک الغرفة، وسيأبي الوزير ذلک، فبالغ أنت في ذلک ولا ترضَ إلاّ بالصعود إليها، فإذا صعد فاصعد معه ولا تترکه يتقدّم عليک، فإذا دخلت الغرفة رأيت فيها کوّة فيها کيس أبيض، فانهض إليه وخذه ترَ فيه تلک الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثمّ ضعها أمام الوالي، وضع الرمّانة فيها لينکشف له جليّة الحال.
يا محمّد بن عيسي، قل للوالي أيضاً: إنّ لدينا معجزة اُخري، وهي أنّ هذه الرمّانة ليس فيها إلاّ الرماد والدخان، وإن أردت صحّة ذلک فمر الوزير بکسرها، فإذا کسرها طار الرماد والدخان علي وجهه ولحيته.
فلمّـا سمع محمّد بن عيسي ذلک من الامام فرح فرحاً شديداً، وقبّل الارض بين يدي الامام صلوات الله عليه، وانصرف إلي أهله بالبشارة والسرور.
فلمّـا أصبحوا مضوا إلي الوالي، ففعل محمّد بن عيسي کلّ ما أمره الامام، وظهر کلّ ما أخبره، فالتفت الوالي إلي محمّد بن عيسي وقال له: من أخبرک بهذا؟ فقال: إمام زماننا وحجّة الله علينا، فقال: ومن إمامکم؟ فأخبره بالائمة واحداً بعد واحد، إلي أن انتهي إلي صاحب الامر، صلوات الله عليهم.
فقال الوالي: مدّ يدک، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ الخليفة من بعده بلا فصل أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، ثمّ أقرّ بالائمة إلي آخرهم (عليهم السلام)، وحسن إيمانه.
وهذه القصّة مشهورة عند أهل البحرين، وقبر محمّد بن عيسي عندهم معروف يزوره الناس.(6)
السيد محمد بن مال الله بن معصوم القطيفي
عدّه المحدّث النوري في (جنّة المأوي) ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) في الحکاية الحادية والثلاثين.(7)
آقا محمد مهدي
عدّه المحدّث النوري في (جنّة المأوي) ممّن رأي الامام الحجّة (عليه السلام) في الحکاية الثانية والثلاثين.(8)
السيد محمد بن هاشم بن مير شجاعتعلي الموسوي
ويعرف بالهندي، قال المحدّث النوري: وهو من العلماء المتّقين، وکان يؤمّ الجماعة في داخل حرم أمير المؤمنين (عليه السلام) وله خبرة وبصيرة بأغلب العلوم المتداولة(9)، وذکر قصّة لقائه بالامام الحجّة (عليه السلام) في الحکاية التاسعة عشرة.(10)
محمود الفارسي
ويعرف بأخي بکر، ويقال له ولاقاربه بنو بکر، وقد وفّقه الله تعالي للتشيّع، ذکر قصّة رؤيته للامام الحجّة (عليه السلام) المحدّث النوري في الحکاية الاُولي من کتابه (جنّة المأوي).(11)
مصطفي الحمود
ذکر قصّة رؤيته للامام الحجّة (عليه السلام) في المنام المحدّث النوري في (جنّة المأوي) في الحکاية التاسعة والثلاثين.(12)
المظفر بن علي بن الحسين الحمداني
نقل العلاّمة المجلسي عن (فهرست منتجب الدين) في ترجمة أبي الفرج المظفّر ابن علي، قال: ثقة عين، وهو من سفراء الامام صاحب الزمان (عليه السلام)، أدرک الشيخ المفيد، وجلس مجلس درس السيّد المرتضي والشيخ أبي جعفر الطوسي (قدّس الله أرواحهم).(13)
ملکة بنت عبد الرحمن
ذکر قصّة لقائها مع الامام الحجّة (عليه السلام) صاحب (منتخب الاثر) نقلاً عن (کشف الاستار).(14)
المهدي الزيدي
نقل العلاّمة المجلسي عن (فهرست منتجب الدين) في ترجمة الثائر بالله المهدي بن الثائر بالله الحسيني الجيلي قال: کان زيدياً، وادّعي إمامة الزيدية، وخرج بجيلان، ثمّ استبصر وصار إمامياً، وله رواية الاحاديث، وادّعي أنّه شاهد صاحب الامر، وکان يروي عنه أشياء.(15)
نجم الاسود وزوجته
نقل حکايتهما العلاّمة المجلسي (رحمه الله) عن السيّد علي بن عبد الحميد في کتاب (السلطان المفرج عن أهل الايمان) عند ذکر من رأي القائم (عليه السلام)، قال: ومن ذلک ما حدّثني به الشيخ الصالح الخير العالم الفاضل شمس الدين محمّد بن قارون أنّ رجلاً يقال له نجم ويلقّب الاسود في القرية المعروفة به قوسا علي الفرات، وکان من أهل الخير والصلاح... إلي آخر الحکاية، وکان ذلک في سنة 712 هـ.(16)
ياقوت الدهان
نقل حکايته المحدّث النوري عن المولي علي الرشتي في الحکاية السابعة والاربعين من (جنّة المأوي).(17)
هذا آخر ما أردنا إيراده ممّـا وصل إلينا من أسماء الاعلام الذين تشرّفوا برؤية الامام الحجّة (عليه السلام) في الغيبة الکبري، وقد ترکنا الکثير لما تثيره الاطالة من الملل، کما ترکنا ذکر تفاصيل الحکايات لأنّها تحتاج إلي مساحة أکبر من هذا المبحث، ومن يرد التفاصيل فليرجع إلي الاصل المذکور في هامش کلّ رواية من المصادر المسندة. نسأل الله أن يرزقنا ويسعدنا بما أسعد به أهل الاخلاص من رؤية وليّه والتشرّف به وکشف الحيرة والجهل بعلمه، إنّه علي کلّ شيء قدير.
علامات الظهور
إنّ جميع الاحداث الکبري التي وقعت في تأريخ البشريّة، کان لها قبل حدوثها بدايات ومقدّمات وإرهاصات، وظهور الامام المهدي (عليه السلام) يعتبر واحداً من أعظم أحداث التأريخ البشري الکبري، لأنّه سيقود البشريّة إلي شاطئ الهدي والسلام، ويحطّم قيم الجاهليّة وأفکارها وحضارتها المدمّرة، وينشر العدل والقسط في أرجاء العالم، وقد حدّد الرسول (صلي الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) مقدّمات لظهوره ووصفوا علامات تکون قبل ظهوره ومتزامنة معه، وذلک کي تتقرّب عقيدة ظهور الامام المصلح إلي الاذهان وتتهيّأ النفوس إلي تقبّلها.
وهذه العلامات تتوالي تباعاً، ونحن نعيش عدّة منها، کما عاش أسلافنا بعضها، فمنها بعيد عن عصر الظهور مثل اختلاف بني العباس وزوال ملکهم وغير ذلک، ومنها قريب من عصر الظهور کخروج السفياني واليماني والدجّال وغير ذلک، ومنها محتوم لا بدّ منه کما نصّت عليه الروايات کالسفياني والدجّال والصيحة من السماء وقتل النفس الزکيّة وغير ذلک، ومنها غير محتوم بل مشروط يتوقّف علي علّة من العلل، فإن تأخّر شرطها تأخّرت إلي أن يقضي الله أمراً کان مفعولاً، مثل طلوع الشمس من مغربها، وخروج اليماني وخروج نار من المشرق، وغيرها.
أمّا الاخبار التي رويت عن أهل البيت (عليهم السلام) وقد أوردها أصحابنا (رضي الله عنهم) بأسانيدهم المتّصلة کالنعماني والشيخ الطوسي والشيخ المفيد وغيرهم، فمنها ما يفصح عن العلامات، ومنها ما يلمّح، ومنها ما يکنّي ويصرّح، ثمّ إنّ بعضها بعيد عن عصر الظهور کالتي تتحدّث عن بني اُميّة وبني العباس، وبعضها متّصل بعصر الظهور کالسفياني واليماني والايات التي تحدث في السماء والشمس والقمر.
وفيما يلي نبيّن عرضاً مجملاً لعلامات الظهور، ثمّ نبيّن الروايات التي تحدّثت عن عدّة علامات وآيات، ثمّ نصنّفها حسب موضوعها.
عرض مجمل
1- قال الشيخ المفيد (رحمه الله) في الارشاد:
لقد جاءت الاخبار بذکر علامات لزمان قيام القائم (عليه السلام) وحوادث تکون أمام قيامه، وآيات ودلالات، فمنها:
خروج السفياني، وقتل الحسني، واختلاف بني العباس في الملک الدنياوي، وکسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، وخسوف القمر في آخره علي خلاف العادات، وخسف بالبيداء، وخسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، ورکود الشمس من عند الزوال إلي وسط أوقات العصر، وطلوعها من المغرب.
وقتل نفس زکيّة بظهر الکوفة في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الرکن والمقام، وهدم سور الکوفة، وإقبال رايات سود من قبل خراسان، وخروج اليماني، وظهور المغربي بمصر وتملّکه للشامات، ونزول الترک الجزيرة، ونزول الروم الرملة.
وطلوع نجم بالمشرق يضيء کما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّي يکاد يلتقي طرفاه، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها، ونار تظهر بالمشرق طولاً وتبقي في الجوّ ثلاثة أيام وسبعة أيام، وخلع العرب أعنّتها وتملّکها البلاد وخروجها عن سلطان العجم.
وقتل أهل مصر أميرهم، وخراب الشام، واختلاف ثلاث رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلي مصر، ورايات کندة إلي خراسان، وورود خيل من قبل المغرب حتّي تُربَط بفناء الحيرة، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها، وبثقٌ في الفرات حتّي يدخل الماء أزقّة الکوفة، وخروج ستّين کذاباً کلّهم يدّعي النبوّة، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب کلّهم يدّعي الامامة لنفسه، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين، وعقد الجسر ممّـا يلي الکرخ بمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار، وزلزلة حتّي ينخسف کثير منها، وخوف يشمل أهل العراق، وموت ذريع فيه، ونقص من الانفس والاموال والثمرات، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتّي يأتي علي الزرع والغلاّت، وقلّة ريع لما يزرعه الناس.
واختلاف صنفين من العجم، وسفک دماء کثيرة فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم، ومسخ لقوم من أهل البدع حتّي يصيروا قردة وخنازير(18)، وغلبة العبيد علي بلاد السادات، ونداء من السماء حتّي يسمعه أهل الارض کلّ أهل لغة بلغتهم، ووجه وصدر يظهران من السماء للناس في عين الشمس، وأموات ينشرون من القبور حتّي يرجعوا إلي الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون.
ثمّ يختم ذلک بأربع وعشرين مطرة تتّصل، فتحيا بها الارض من بعد موتها، وتُعرف برکاتها، وتزول بعد ذلک کلّ عاهة عن معتقدي الحقّ من شيعة المهدي(عليه السلام)، فيعرفون عند ذلک ظهوره بمکّة، فيتوجّهون نحوه لنصرته، کما جاءت بذلک الاخبار.(19)
2- وقال المقدسي الشافعي في (عقد الدرر)، الفصل الرابع:
قد وردت الاثار بتبيين ما يکون لظهور الامام المهدي (عليه السلام) من العلامات، وتواترت الاخبار بتعيين ما يتقدّم أمامه من الفتن والحوادث والدلالات.
وقد تضمّن هذا الباب جملة جميلة، وشحنت فصوله من اُصول أصيلة.
ثمّ ذُکِر في هذا الفصل الاخير منها زبدة صُبَرَة(20)، ليکتفي بها المطّلع عليه خَبَره.
فمن ذلک أحوالٌ کريهة المنظر صعبة المراس، وأهوال أليمة المخبر وفتن الاحلاس، وخروج علج من جهة المشرق يزيل ملک بني العباس، لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها، ولا يتوجّه إلي جهة إلاّ مُنحها، ولا ترفع إليه راية إلاّ مزّقها، ولا يستولي علي قرية حصينة إلاّ أخربها وأحرقها، ولا يحکم علي نعمة إلاّ أزالها، وقلّ ما يروم من الاُمور شيئاً إلاّ نالها، وقد نزع الله الرحمة من قلبه وقلب من حالفه، وسلّطهم نقمة علي من عصاه وخالفه، ولا يرحمون من بکي، ولا يجيبون من شکا، يقتلون الاباء والاُمّهات، والبنين والبنات، يهلکون بلاد العجم، والعراق، ويذيقون الاُمّة من بأسهم أمرّ مذاق.
وفي ضمن ذلک حرب وهرب وإدبار، وفتن شداد وکرب وبوار، وکلّما قيل انقطعت تمادت وامتدّت، ومتي قيل تولّت توالت واشتدّت، حتّي لا يبقي بيت من العرب إلاّ دخلته، ولا مسلم إلاّ وصلته.
ومن ذلک سيف قاطع واختلاف شديد وبلاء عامّ حتّي تُغبط الرمم البوالي، وظهور نار عظيمة من قبل المشرق تظهر في السماء ثلاث ليالي، وخروج ستّين کذّاباً کلّ منهم يدّعي أنّه مرسل من عند الله الواحد المعبود.
وخسف قرية من قري الشام، وهدم حائط مسجد الکوفة ممّـا يلي دار عبد الله بن مسعود، وطلوع نجم بالمشرق يضيء کما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّي يلتقي طرفاه ويکاد، وحمرة تظهر في السماء، وتنتشر في اُفقهها وليست کحمرة الشفق المعتاد.
وعقد الجسر ممّـا يلي الکرخ لمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها وخسف يهلک فيه کثير من الانام، وبثق في الفرات حتّي يدخل الماء علي أهل الکوفة فيخرب کوفتهم.
ونداء من السماء يعمّ أهل الارض، ويُسمع کلّ أهل لغة بلغتهم، ومسخ قوم من أهل البدع وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم، وصوت في ليلة النصف من رمضان، يوقظ النائم ويفزع اليقظان، ومعمعة في شوّال، وفي ذي القعدة حرب وقتال، ونهب الحاجّ في ذي الحجّة، ويکثر القتل حتّي يسيل الدم علي المحجّة، وتُهتک المحارم في الحرم، وترتکب العظائم عند البيت المعظّم.
ثمّ العجب کلّ العجب، بين جمادي ورجب، ويکثر الهرج ويطول فيه اللُّبْث، ويقتل ثلث ويموت الثلث، ويکون ولاة الامر کلّ منهم جائراً، ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح کافراً، ولعلّ هذا الکفر مثل کفر العشير، فإنّه في بعض الروايات إلي نحو ذلک يشير، وانسياب الترک ونزولهم جزيرة العرب، وتجهيز الجيوش ويقتل الخليفة وتشتدّ الکُرَب، وينادي مناد علي سور دمشق: ويلٌ للعرب من شرّ قد اقترب.
ومن ذلک رجل من کندة أعرج، يخرج من جهة المغرب، مقرون بألويته النصر، فلا يزال سائراً بجيشه وقوّة جأشه حتّي يظهر علي مصر.
ومن ذلک خراب معظم البلاد حتّي تعود حصيداً کأن لم تغن بالامس، واستيلاء السفياني وجنده علي الکور الخمس، وذبح رجل هاشمي بين الرکن والمقام.
ورکود الشمس وکسوفها في النصف من شهر الصيام، وخسوف القمر آخره عبرة للانام، وتلک آيتان لم يکونا منذ أهبط الله آدم (عليه السلام)، وفتن وأهوال کثيرة، وقتل ذريع بين الکوفة والحيرة.
ومن ذلک خروج السفياني ابن آکلة الاکباد من الوادي اليابس، وعتوّه وتجنيده الاجناد ذوي القلوب القاسية والوجوه العوابس، وظهور أمره وتغلّبه علي البلاد، وتخريبه المدارس والمساجد وإظهاره للظلم والفجور والفساد، وتعذيبه کلّ راکع وساجد، وقتله العلماء والفضلاء والزهّاد، مستبيحاً سفک الدماء المحرّمة، ومعاندته لال محمّد أشدّ العناد متجرّياً علي إهانة النفوس المکرّمة، والخسف بجيشه بالبيداء ومن معهم من حاضر وباد جزاءً بما عملوا، ويغادرهم غدرهم مَثُلَةً للعباد، ولم يبلغوا ما أمّلوا.
وآخر الفتن والعلامات قتل النفس الزکيّة، فعند ذلک يخرج الامام المهدي ذو السيرة المرضيّة، فيشمّر عن ساق جدّه في نصرة هذه الاُمّة، حاسراً عن ساعد زنده لکشف هذه الغمّة، متحرّکاً لتسکين ثائرة الفتن عند التهابها، متقرّباً لتبعيد دائرة المحن بعد اقترابها، صارفاً أعنّة العناية لتدارک هذا الامر، مباشراً بنفسه الکريمة إطفاء هذا الجمر، مُخلِصاً في تخليص البلاد من أيدي الفسقة الفجرة، کافّاً عن صلحاء العباد أکفّ المرقة الکفرة، وجبريل علي مقدّمته، وميکائيل علي ساقته، والظفر مقرون ببنوده، والنصر معقود بألويته، وقد فرح أهل السماء وأهل الارض والطير والوحش بولايته.
فيسير إلي الشام في طلب السفياني بجأش قويّة وهمّة سنيّة، وجيوش نُصرة قد طبّقت البريّة، ونفحات نشره قد طيّبت البريّة، فيهزم جيش السفياني ويذبحه عند بحيرة طبرية، فتندرس آثار الظلم، وتنکشف حنادس الظلمة، وتعود المحنة منحة، واللاواء نعمة.
ويخرج إليه من دمشق من مواليه عدد من المئين، هو أکرم العرب فرساً وأجودهم سلاحاً يؤيّد الله بهم الدين.
وتقبل الرايات السود من قبل المشرق کأنّ قلوبهم زبر الحديد، يعيد الله تعالي بهم من الاسلام کلّ خلق جديد.
ثمّ يسير إلي دمشق في جيشه العرمرم، ويقيم بها مدّة مؤيّداً منصوراً ومکرّم، ويأمر بعمارة جامعها، وترميم ما وهي منها وتهدّم، وتنعم الاُمّة في أيامه نعمة لم ينعمها قبلها أحدٌ من الاُمم، فيا طوبي لمن أدرک تلک الايام الغرّ وتملّي بالنظر إلي تلک الغرّة الغرّاء ولتربة تقبّل أقدامه لَثَم.(21)
الهوامش:
(1) جنّة المأوي: 297.
(2) جنّة المأوي: 248.
(3) جنّة المأوي: 227.
(4) بحار الانوار 52: 179.
(5) قالب مجوّف.
(6) منتهي الامال 2: 620.
(7) جنّة المأوي: 263.
(8) جنّة المأوي: 265.
(9) جنّة المأوي: 243.
(10) جنّة المأوي: 246.
(11) جنّة المأوي: 202.
(12) جنّة المأوي: 274.
(13) بحار الانوار 52: 77.
(14) منتخب الاثر: 410 / 8.
(15) بحار الانوار 52: 77.
(16) بحار الانوار 52: 74.
(17) جنّة المأوي: 293.
(18) روي عن أبي الحسن موسي بن جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي: (سَنُريهِمْ آياتِنا في الافاقِ وَفي أنْفُسِهِمْ حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنّه الحَقّ) (فصّلت 41: 53) أنّه قال: الفِتَن في الافاق، والمسخ في أعداء الله. الارشاد 2: 373، بحار الانوار 52: 221 / 83.
(19) الارشاد ; للمفيد 2: 368.
(20) أي مجتمع.
(21) عقد الدرر: 153 ـ الفصل الرابع.
******************
احاديث ذکرت عدة علامات
3- روي الشيخ الطوسي بالاسناد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): عشر قبل الساعة لا بدّ منها: السفياني، والدجّال، والدخان، والدابّة، وخروج القائم، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسي (عليه السلام)، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلي المحشر.(1)
4- وعن عمرو بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خمس قبل قيام القائم من العلامات المحتومات: الصيحة، والسفياني، والخسف بالبيداء، وخروج اليماني، وقتل النفس الزکيّة.(2)
5- وعن ميمون البان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خمس قبل قيام القائم: اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزکيّة.(3)
6- وعن عبد الله بن رزين، عن عمّـار بن ياسر، أنّه قال: إنّ دولة أهل بيت نبيّکم في آخر الزمان، ولها أمارات، فإذا رأيتم فالزموا الارض، وکفّوا حتّي تجيء أماراتها، فإذا استثارت عليکم الروم والترک، وجهّزت الجيوش، ومات خليفتکم الذي يجمع الاموال، واستخلف بعده رجل صحيح، فيخلع بعد سنين من بيعته، ويأتي هلاک ملکهم من حيث بدأ، ويتخالف الترک والروم، وتکثر الحروب في الارض، وينادي مناد من سور دمشق: ويل لاهل الارض من شرّ قد اقترب، ويخسف بغربي مسجدها حتّي يخرّ حائطها.
ويظهر ثلاثة نفر بالشام کلّهم يطلب الملک: رجل أبقع، ورجل أصهب، ورجل من أهل بيت أبي سفيان يخرج في کلب، ويحضر الناس بدمشق، ويخرج أهل الغرب إلي مصر، فإذا دخلو فتلک أمارة السفياني، ويخرج قبل ذلک من يدعو لال محمّد (صلي الله عليه وآله).
وتنزل الترک الحيرة، وتنزل الروم فلسطين، ويسبق عبدُ الله عبدَ الله حتّي يلتقي جنودهما بقرقيسيا علي النهر، ويکون قتال عظيم، ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء، ثمّ يرجع في قيس حتّي ينزل الجزيرة السفياني، فيسبق اليماني، ويحوز السفياني ما جمعوا، ثمّ يسير إلي الکوفة فيقتل أعوان آل محمّد (عليهم السلام) ويقتل رجلاً من مسمّيهم، ثمّ يخرج المهدي علي لوائه شعيب بن صالح، وإذا رأي أهل الشام قد اجتمع أمرها علي ابن أبي سفيان فألحقوا بمکّة، فعند ذلک تقتل النفس الزکيّة، وأخوه بمکّة ضيعة، فينادي مناد من السماء: أ يّها الناس، إنّ أميرکم فلان، وذلک هو المهدي الذي يملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً.(4)
7- وعن محمّد بن الصامت، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما من علامة بين يدي هذا الامر؟ فقال: بلي. قلت: وما هي؟ قال: هلاک العباسي، وخروج السفياني، وقتل النفس الزکيّة، والخسف بالبيداء، والصوت من السماء، فقلت: جعلت فداک، أخاف أن يطول هذا الامر؟ فقال: لا، إنّما هو کنظام الخرز، يتبع بعضه بعضاً.(5)
8- وعن سلمان الفارسي، قال: خطبنا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بالمدينة، فذکر الفتنة وقربها، ثمّ ذکر قيام القائم من ولده، وأنّه يملاها عدلاً کما ملئت جوراً. قال سلمان: فأتيته خالياً، فقلت: يا أمير المؤمنين، متي يظهر القائم من ولدک؟ فتنفّس الصعداء، وقال: لا يظهر القائم حتّي تکون اُمور الصبيان، وتضيع حقوق الرحمن، ويتغنّي بالقرآن بالتطريب والالحان، فإذا قُتِلت ملوک بني العباس اُولي العمي والالتباس، أصحاب الرمي عن الاقواس بوجوه کالتراس، وخربت البصرة، وظهرت العشرة.
قال سلمان: قلت: وما العشرة يا أمير المؤمنين؟
قال (عليه السلام): منها خروج الزنج، وظهور الفتنة، ووقائع بالعراق، وفتن الافاق، والزلازل العظيمة، مُقعِدة مُقيمة...(6) الحديث.
9- وعن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): يا جابر، الزم الارض، ولا تحرّک يداً ولا رجلاً حتّي تري علامات أذکرها لک إن أدرکتها.
أوّلها اختلاف بني العباس، وما أراک تدرک ذلک، ولکن حدّث به من بعدي عنّي، ومناد ينادي من السماء، ويجيئکم صوت من ناحية المشرق بالفتح، وتخسف قرية من قري الشام تسمّي الجابية، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الايمن، ومارقة تمرق من ناحية الترک، ويعقبها هرج الروم، وسيقبل إخوان الترک حتّي ينزلوا الجزيرة، وستقبل مارقة الروم حتّي ينزلوا الرملة، فتلک السنة يا جابر فيها اختلاف کثير في کلّ أرض من ناحية المغرب.
فأوّل أرض تخرب أرض الشام، فيلتقي السفياني بالابقع فيقتتلون، فيقتله السفياني ومن تبعه ويقتل الاصهب، ثمّ لا يکون له همّة إلاّ الاقبال نحو العراق، ويمرّ جيشه بقرقيسا، فيقتتلون بها، فيقتل من الجبّارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلي الکوفة، وعدّتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الکوفة قتلاً وصلباً وسبياً، فبينما هم کذلک، إذ أقبلت رايات من قبل خراسان، تطوي المنازل طيّاً حثيثاً، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثمّ يخرج رجل من موالي أهل الکوفة في ضعفاء، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والکوفة.
ويبعث السفياني بعثاً إلي المدينة، فينفر المهدي منها إلي مکّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنّ المهدي قد خرج إلي مکّة، فيبعث جيشاً علي أثره، فلا يدرکه حتّي يدخل مکّة خائفاً يترقّب علي سنّة موسي بن عمران (عليه السلام).
قال: وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم: فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر، يحوّل الله وجوههم إلي أقفيتهم، وهم من کلب، وفيهم نزلت هذه الاية: (يا أيُّها الَّذينَ اُوتوا الکِتابَ آمِنوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَکُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ نَطْمِسَ وُجوهاً فَنَرُدَّها عَلي أدْبارِها) الاية.(7)
10- وعن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول للناس: سلوني قبل أن تفقدوني، لانّي بطرق السماء أعلم من العلماء، وبطرق الارض أعلم من العالم، أنا يعسوب الدين، أنا يعسوب المؤمنين، وإمام المتّقين، وديّان الناس يوم الدين، أنا قاسم النار، وخازن الجنان، وصاحب الحوض والميزان، وصاحب الاعراف، فليس منّا إمام إلاّ وهو عارف بجميع أهل ولايته، وذلک قوله عزّ وجلّ: (إنَّما أنْتَ مُنْذِرٌ وَلِکُلِّ قَوْم هاد).(8)
ألا أيّها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، فإنّ بين جوانحي علماً جمّاً، فسلوني قبل أن تشغر برجلها فتنة شرقيّة، وتطأ في خطامها بعد موتها وحياتها، وتشبّ نار الحطب الجزل من غربي الارض، رافعة ذيلها، تدعو يا ويلها لرحلة ومثلها، فإذا استدار الفلک، قلتم مات وهلک، بأيّ واد سلک، فيومئذ تأويل هذه الاية: (ثُمَّ رَدَدْنا لَکُمُ الکَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأمْدَدْناکُمْ بِأمْوال وَبَنينَ وَجَعَلْناکُمْ أکْثَرَ نَفيراً).(9)
ولذلک آيات وعلامات، أوّلهنّ إحصار الکوفة بالرصد والخندق، وتخريق الروايا في سکک الکوفة، وتعطيل المساجد أربعين ليلة، وکشف الهيکل(10)، وخفق رايات حول المسجد الاکبر تهتزّ، القاتل والمقتول في النار، وقتل سريع، وموت ذريع، وقتل النفس الزکيّة بظهر الکوفة في سبعين، والمذبوح بين الرکن والمقام.
وخروج السفياني براية حمراء، أميرها رجل من بني کلب، واثنا عشر ألف عنان من خيل السفياني تتوجّه إلي مکّة والمدينة، أميرها رجل من بني اُميّة، يقال له: خزيمة، أطمس العين الشمال، علي عينه ظفرة غليظة، يتمثّل بالرجال، لا تردّ له راية حتّي ينزل المدينة في دار يقال لها: دار أبي الحسن الاُموي، ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمّد، وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة، يعود إلي مکّة، أميرها رجل من غطفان إذا توسّط القاع الابيض خسف بهم، فلا ينجو إلاّ رجل يحوّل الله وجهه إلي قفاه لينذرهم، ويکون آية لمن خلفهم، ويؤمئذ تأويل هذه الاية (وَلَوْ تَري إذ فَزِعوا فَلا فَوْتَ وَاُخِذوا مِنْ مَکان قَريب).(11)
ويبعث مائة وثلاثين ألفاً إلي الکوفة، وينزلون الروحاء والفارق، فيسير منها ستّون ألفاً، حتّي ينزلوا الکوفة، موضع قبر هود (عليه السلام) بالنخيلة، فيهجمون إليهم يوم الزينة، وأمير الناس جبّار عنيد، يقال له: الکاهن الساحر، فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الکهنة، ويقتل علي جسرها سبعين ألفاً حتّي تحمي الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الاجساد، ويسبي من الکوفة سبعون ألف بکر، لا يکشف عنها کفّ ولا قناع، حتّي يوضعن في المحامل، ويذهب بهنّ إلي الثويّة، وهي الغريّ.
ثمّ يخرج من الکوفة مائة ألف ما بين مشرک ومنافق، حتّي يقدموا دمشق، لا يصدّهم عنها صادّ، وهي إرم ذات العماد، وتقبل رايات من شرقي الارض غير معلّمة، ليست بقطن ولا کتان ولا حرير، مختوم في رأس القناة بخاتم السيّد الاکبر، يسوقها رجل من آل محمّد تظهر بالمشرق، وتوجد ريحها بالمغرب کالمسک الاذفر، يسير الرعب أمامها بشهر حتّي ينزلوا الکوفة طالبين بدماء آبائهم.
فبينما هم علي ذلک، إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني، يستبقان کأنّهما فرسي رهان، ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب للامام، فيکون أوّل النصاري إجابةً، فيهدم بيعته، ويدقّ صليبه، فيخرج بالموالي وضعفاء الناس، فيسيرون إلي النخيلة بأعلام هدي، فيکون مجمع الناس جميعاً في الارض کلّها بالفاروق، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف يقتل بعضهم بعضاً، فيومئذ تأويل هذه الاية (فَما زالَتْ دَعْواهُمْ حَتَّي جَعَلْناهُمْ حَصيداً خامدين)(12) بالسيف.
وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدي اجتمعوا، وينادي مناد من قبل المغرب بعدما يغيب الشفق: يا أهل الباطل اجتمعوا، ومن الغد عند الظهر تتلوّن الشمس وتصفرّ، فتصير سوداء مظلمة، ويوم الثالث يفرّق الله بين الحقّ والباطل، وتخرج دابّة الارض، وتقبل الروم إلي ساحل البحر عند کهف الفتية، فيبعث الله الفتية من کهفهم مع کلبهم، منهم رجل يقال له: مليخا، وآخر خملاها، وهما الشاهدان المسلّمان للقائم (عليه السلام).(13)
11- وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) - في حديث المعراج -: إنّه لمّـا عرج بي ربّي جلّ جلاله، أتاني النداء: يا محمّد، قلت: لبّيک ربّ العظمة - إلي أن قال: - وأعطيتک أن اُخرج من صلبک أحد عشر مهديّاً، کلّهم من ذرّيتک، من البکر البتول، آخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسي بن مريم، يملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، اُنجي به من الهلکة، وأهدي به من الضلالة، واُبرئ به الاعمي، وأشفي به المريض.
قلت: إلهي، فمتي يکون ذلک؟ فأوحي إليّ عزّ وجلّ: يکون ذلک إذا رُفِعَ العِلْم، وظَهر الجهل، وکثر القرّاء، وقلّ العمل، وکثر الفتک، وقلّ الفقهاء الهادون، وکثر فقهاء الضلالة الخونة، وکثر الشعراء، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وکثر الجور والفساد، وظهر المنکر، وأمر اُمّتک به، ونهوا عن المعروف، واکتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصارت الاُمراء کفرة، وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذوو الرأي منهم فسقة.
وعند ذلک ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة علي يدي رجل من ذرّيتک يتبعه الزنوج، وخروج ولد من ولد الحسن بن علي، وظهور الدجّال، يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني.(14)
12- وعن عمّـار بن ياسر، قال: علامة المهدي إذا انساب عليکم الترک، ومات خليفتکم الذي يجمع الاموال، ويستخلف صغيراً، فيخلع بعد سنتين من بيعته، ويخسف بغربي مسجد دمشق، وخروج ثلاثة نفر بالشام، وخروج أهل المغرب إلي مصر، فتلک أمارة السفياني.(15)
13- وعن ابن شهرآشوب في ذکر علامات الظهور، ذکر فيها خسفاً يکون ببغداد، وخسفاً بقرية الجابية بالشام، وخسفاً بالبصرة، وناراً تظهر بالمشرق طولاً، وتبقي في الجوّ ثلاثة أيام، وسبعة أيام، وناراً تظهر من أذربيجان، لا يقوم لها شيء، وخراب الشام، وعقد الجسر ممّـا يلي الکرخ ببغداد، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار، وزلزلة حتّي ينخسف کثير منها، واختلاف صنفين من العجم، وسفک دماء کثيرة بينهم، وغلبة العبيد علي بلاد الشام، ونداء من السماء يسمعه أهل الارض کلّ أهل لغة بلغتهم، وينادي باسمه واسم أبيه، ووجهاً وصدراً يظهران للناس في عين الشمس، وأربعاً وعشرين مطرة متّصلة في جمادي الاخرة وعشرة من أيام رجب فتحيا بها الارض بعد موتها، وتعرف برکاتها، وتزول بعد ذلک کلّ عاهة.(16)
کثرة الرايات واختلافها
14- روي الشيخ المفيد والطوسي (رحمهما الله) بالاسناد عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: الزم الارض، ولا تحرّک يداً ولا رجلاً حتّي تري علامات أذکرها لک، وما أراک تدرک ذلک: اختلاف بني العباس، ومناد ينادي من السماء، وخسف قرية من قري الشام تسمّي الجابية، ونزول الترک الجزيرة، ونزول الروم الرملة، واختلافٌ کثيرٌ عند ذلک في کلّ أرض، حتّي تخرب الشام، ويکون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها: راية الاصهب، وراية الابقع، وراية السفياني.(17)
15- وعن بکر بن محمّد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني، في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، وليس فيها راية أهدي من راية اليماني، لأنّه يدعو إلي الحقّ.(18)
16- وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يا عليّ، عشر خصال قبل يوم القيامة، ألا تسالني عنها؟
قلت: بلي يا رسول الله.
قال: اختلاف وقتل أهل الحرمين، والرايات السود، وخروج السفياني، وافتتاح الکوفة، وخسف بالبيداء، ورجل منّا أهل البيت يُبايع له بين زمزم والمقام، يرکب إليه عصائب أهل العراق، وأبدال الشام، ونجباء أهل مصر، وتصير إليه أهل اليمن، عدّتهم عدّة أهل بدر، فيتبعه بنو کلب.
قلت: يا رسول الله، ما بنو کلب؟
قال: هم أنصار السفياني، يريد قتل الرجل الذي يبايَع له بين زمزم والمقام، ويسير بهم فيُقتلون وتباع ذراريهم علي باب مسجد دمشق، والخائب من غاب عن غنيمة کلب ولو بعقال.(19)
17- وعن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الاهوازي، عن الامام صاحب الزمان (عليه السلام)، قال: يا ابن مهزيار، ألا اُنبّئک الخبر، أنّه إذا قعد الصبيّ، وتحرّک المغربيّ، وسار العماني، وبويع السفياني، يأذن لوليّ الله، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً سواء، فأجيء إلي الکوفة وأهدم مسجدها، وأبنيه علي بنائه الاوّل، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة، وأحجّ بالناس حجّة الاسلام، إلي أن قال: فيومئذ لا يبقي علي وجه الارض إلاّ مؤمن قد أخلص قلبه للايمان.(20)
18- وعن حذلم بن بشير، قال: قلت لعليّ بن الحسين (عليه السلام): صف لي خروج المهدي، وعرّفني دلائله وعلاماته، فقال: يکون قبل خروجه رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويکون مأواه بکريت، وقتله بمسجد دمشق، ثمّ يکون خروج شعيب بن صالح من سمرقند، ثمّ يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفي المهدي، ثمّ يخرج بعد ذلک.(21)
19- وعن محمّد بن مسلم، قال: يخرج قبل السفياني مصري ويماني.(22)
20- وعن عمر بن أبان الکلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: کأنّي بالسفياني - وصاحب السفياني - قد طرح رحله في رحبتکم بالکوفة، فنادي مناديه: من جاء برأس شيعة عليّ فله ألف درهم، فيثب الجار علي جاره، ويقول: هذا منهم، فيضرب عنقه، ويأخذ ألف درهم، أما إنّ إمارتکم يومئذ لا تکون إلاّ لاولاد البغايا.(23)
21- وعن عمّـار الدهني، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): کم تعدّون بقاء السفياني فيکم؟
قال: قلت: حمل امرأة تسعة أشهر. قال: ما أعلمکم يا أهل الکوفة!.(24)
22- وعن بشر بن غالب، قال: يقبل السفياني من بلاد الروم منتصراً في عنقه صليب، وهو صاحب القوم.(25)
23- وعن المعلّي بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّ أمر السفياني من الامر المحتوم، وخروجه في رجب.(26)
24- وعن عمرو بن اُذينة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يخرج ابن آکلة الاکباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان، وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان حتّي يأتي أرضاً ذات قرار ومعين، فيستوي علي منبرها.(27)
25- وعن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): إنّک لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق، يقول: يا ربّ ثأري ثأري، ثمّ النار، وقد بلغ من خبثه أنّه يدفن اُمّ ولد له وهي حيّة مخافة أن تدلّ عليه.(28)
26- وعن عبد الله بن أبي منصور البجلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اسم السفياني، فقال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملک کور الشام إلي خمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والاردن، وقنسرين، فتوقّعوا عند ذلک الفرج.(29)
27- وعن احمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنّه قال: قبل هذا الامر السفياني، واليماني، والمرواني، وشعيب بن صالح، وکفّ يقول: هذا وهذا.(30)
28- وعن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لا بدّ لبني فلان من أن يملکوا، فإذا ملکوا ثمّ اختلفوا تفرّق ملکهم، وتشتّت أمرهم حتّي يخرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان إلي الکوفة کفرسي رهان، هذا من هنا، وهذا من هنا، حتّي يکون هلاک بني فلان علي أيديهما، أما إنّهم لا يبقون منهم أحداً.
ثمّ قال: خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام کنظام الخرز، يتبع بعضه بعضاً، فيکون البأس من کلّ وجه، ويلٌ لمن ناوأهم، وليس في الرايات راية أهدي من اليماني، هي راية هدي، لأنّه يدعو إلي صاحبکم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح علي الناس وکلّ مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإنّ رايته راية هدي.(31)
29- وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: السفياني والقائم (عليه السلام) في سنة واحدة.(32)
30- وعن عيسي بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب، ومن أوّل خروجه إلي آخره خمسة عشر شهراً، ستّة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملک الکور الخمس ملک تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً.(33)
31- وعن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: اتّقوا الله، واستعينوا علي ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد في طاعة الله، فإنّ أشدّ ما يکون أحدکم اغتباطاً بما هو فيه من الدين لو قد صار في حدّ الاخرة، وانقطعت الدنيا عنه، فإذا صار في ذلک الحدّ، عرف أنّه قد استقبل النعيم والکرامة من الله والبشري بالجنّة، وآمن ممّـا کان يخاف، وأيقن أنّ الذي کان عليه هو الحقّ، وأنّ من خالف دينه علي باطل، وأنّه هالک، فابشروا ثمّ ابشروا بالذي تريدونه، ألستم ترون أعداءکم يقتلون في معاصي الله، ويقتل بعضهم بعضاً علي الدنيا دونکم، وأنتم في بيوتکم آمنون في عزلة عنهم؟
وکفي بالسفياني نقمة لکم من عدوّکم، وهو من العلامات لکم، مع أنّ الفاسق لو خرج لمکثتم شهراً وشهرين بعد خروجه، لم يکن عليکم بأس حتّي يقتل خلقاً کثيراً دونکم.
فقال له بعض أصحابه: فکيف يصنع بالعيال إذا کان ذلک؟ قال: يتغيّب الرجل منکم عنه، فإنّ حنقه وشرهه فإنّما هو علي شيعتنا، وأمّا النساء فليس عليهنّ بأس إن شاء الله.
قيل: فإلي أين يخرج الرجال ويهربون منه؟ من أراد منهم أن يخرج، فإلي المدينة وإلي مکّة، وإلي بعض البلدان. قال: ما تصنعون بالمدينة؟ وإنّما يقصد جيش الفاسق إليها، ولکن عليکم بمکّة فإنّها مجمعکم، وإنّما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر، ولا يجوزها إن شاء الله.(34)
32- وعن عبد الملک بن أعين، قال: کنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فجري ذکر القائم (عليه السلام) فقلت له: أرجو أن يکون عاجلاً ولا يکون سفياني؟ فقال: لا والله إنّه لمن المحتوم الذي لا بدّ منه.(35)
33- وعن زرارة، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) في قوله تعالي: (فَقَضي أجَلاً وَأجَلٌ مُسَمَّيً عِنْدَهُ) فقال: إنّهما أجلان ; أجل محتوم، وأجل موقوف.
فقال له حمران: ما المحتوم؟ قال: الذي لله فيه المشيئة.
قال حمران: إنّي لارجو أن يکون أجل السفياني من الموقوف؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا والله إنّه لمن المحتوم.(36)
34- وعن محمّد بن ربيع الاقرع، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله جعفر ابن محمّد (عليه السلام) أنّه قال: إذا استولي السفياني علي الکور الخمس، فعدوا له تسعة أشهر، وزعم هشام بن سالم أنّ الکور الخمس: دمشق، وفلسطين، والاردن، وحمص، وحلب.(37)
35- وعن الحارث، عن عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: المهدي أقبل(38)، جَعَد، بخدّه خال، يکون مبدأه من قبل المشرق، وإذا کان ذلک خرج السفياني، فيملک قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام، فينقاد له أهل الشام إلاّ طوائف من المقيمين علي الحقّ، يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرّار، حتّي إذا انتهي إلي بيداء المدينة، خسف الله به، وذلک قول الله عزّ وجلّ في کتابه: (وَلَوْ تَري إذْ وُقِفوا فَلا فَوْتَ وَاُخِذوا مِنْ مَکان قَريب).(39)
الهوامش:
(1) غيبة الطوسي: 267.
(2) غيبة الطوسي: 267، کمال الدين: 650 / 7.
(3) کمال الدين: 649 / 1، عقد الدرر: 151، عن أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).
(4) غيبة الطوسي: 278 ـ 279، بحار الانوار 52: 212 / 60.
(5) غيبة النعماني: 175.
(6) دلائل الامامة: 473 / 465، العدد القويّة: 75 / 126، بحار الانوار 52: 275 / 168.
(7) غيبة النعماني: 187.
(8) الرعد: 7.
(9) الاسراء: 5.
(10) لعلّ المراد به هيکل سليمان (عليه السلام) وحفريات دولة الصهاينة اليوم في المسجد الاقصي تستهدف کشف الهيکل.
(11) سبأ: 51.
(12) الانبياء: 15.
(13) بحار الانوار 52: 272 / 167.
(14) بحار الانوار 52: 277 / 172.
(15) الملاحم والفتن: 58.
(16) الملاحم والفتن: 198.
(17) الارشاد 2: 372، غيبة الطوسي: 269، الفصول المهمّة: 301، الاختصاص: 255، تفسير العياشي 1: 64 / 117، بحار الانوار 52: 212 / 62.
(18) الارشاد 2: 375، غيبة الطوسي: 271، بحار الانوار 52: 210 / 52.
(19) دلائل الامامة: 465 / 450.
(20) دلائل الامامة: 542 / 522.
(21) غيبة الطوسي: 270.
(22) غيبة الطوسي: 271.
(23) غيبة الطوسي: 273.
(24) غيبة الطوسي: 278.
(25) غيبة الطوسي: 278.
(26) کمال الدين: 650 / 5، و652 / 15.
(27) کمال الدين: 651 / 9.
(28) کمال الدين: 651 / 10.
(29) کمال الدين: 651 / 11.
(30) غيبة النعماني: 169.
(31) غيبة النعماني: 171.
(32) غيبة النعماني: 178.
(33) غيبة النعماني: 202.
(34) غيبة النعماني: 203.
(35) غيبة النعماني: 203.
(36) غيبة النعماني: 204.
(37) غيبة النعماني: 205.
(38) القَبَل: إقبال سواد العين إلي الانف والحاجب.
(39) غيبة النعماني: 206.
******************
36- وعن تفسير الثعلبي، عن حذيفة بن اليمان: أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) ذکر فتنة تکون بين أهل المشرق والمغرب، قال: فبينا هم کذلک يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلک، حتّي ينزل دمشق، فيبعث جيشين، جيشاً إلي المشرق، وآخر إلي المدينة، حتّي ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة، - يعني بغداد - فيقتلون أکثر من ثلاثة آلاف، ويفضحون أکثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاثمائة کبش من بني العباس.
ثمّ ينحدرون إلي الکوفة فيخرّبون ما حولها، ثمّ يخرجون متوجّهين إلي الشام، فتخرج راية هدي من الکوفة، فتلحق ذلک الجيش فيقتلونهم، لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم، ويحلّ الجيش الثاني بالمدينة، فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها.
ثمّ يخرجون متوجّهين إلي مکّة، حتّي إذا کانوا بالبيداء، بعث الله جبرئيل فيقول: يا جبرئيل، اذهب فأبدهم، فيضربها برجله ضربةً يخسف الله بهم عندها، ولا يفلت منهم إلاّ رجلان من جهينة، فلذلک جاء القول: (وعند جهينة الخبر اليقين) فذلک قوله: (وَلَوْ تَري إذْ فُزِعوا فَلا فَوْت).(1)
37- وعن الحکم بن سالم، عمّن حدّثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعاديا في الله، قلنا: صدق الله، وقالوا: کذب الله، قاتل أبو سفيان رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وقاتل معاوية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن عليّ (عليه السلام)، والسفياني يقاتل القائم (عليه السلام).(2)
38- وعن بريد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يا بريد، اتّق جمع الاصهب، قلت: وما الاصهب؟ قال: الابقع. قلت: وما الابقع؟ قال: الابرص. واتّق السفياني، واتّق الشريدين من ولد فلان يأتيان مکّة، يقسمان بها الاموال، يتشبّهان بالقائم (عليه السلام)، واتّق الشذّاذ من آل محمّد.(3)
39- وعن سدير، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا سدير، الزم بيتک، وکن حلساً من أحلاسه، واسکن ما سکن الليل والنهار، فإذا بلغ أنّ السفياني قد خرج فارحل إلينا، ولو علي رجلک.
قلت: جعلت فداک، هل قبل ذلک شيء؟ قال: نعم، وأشار بيده بثلاث أصابعه إلي الشام، وقال: ثلاث رايات: راية حسنيّة، وراية اُمويّة، وراية قيسيّة، فبينا هم علي ذلک، إذ قد خرج السفياني، فيحصدهم حصد الزرع ما رأيت مثله قطّ.(4)
40- وعن الحضرمي، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): کيف نصنع إذا خرج السفياني؟ قال: تغيّب الرجال وجوهها منه، وليس علي العيال بأس، فإذا ظهر علي الاکوار الخمس - يعني کور الشام - فانفروا إلي صاحبکم.(5)
41- وعن محمّد بن الحنفيّة، قال: إذا دخل السفياني أرض مصر، أقام فيها أربعة أشهر، يقتل ويسبي أهلها، فيومئذ تقوم النائحات، باکية تبکي علي استحلال فروجها، وباکية تبکي علي قتل أولادها، وباکية تبکي علي ذلّها بعد عزّها، وباکية تبکي شوقاً إلي قبورها.(6)
42- وعن أبي رزين، قال: إذا بلغ السفياني الکوفة، وقتل أعوان آل محمّد (صلي الله عليه وآله) خرج المهدي علي لوائه شعيب بن صالح.(7)
43- وعن کعب، قال: إذا دارت رحا بني العباس، وربط أصحاب الرايات السود خيلهم بزيتون الشام، ويهلک الله الاصهب ويقتله وعامة أهل بيته علي أيديهم، حتّي لا يبقي اُمويّ منهم إلاّ هارب ومختف، ويسقط السفياني بنو جعفر وبنو العباس، ويجلس ابن آکلة الاکباد علي منبر دمشق، ويخرج البربر إلي صرّة الشام، فهو علامة خروج المهدي.(8)
44- وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: يکتب السفياني إلي الذي دخل الکوفة بخيله بعدما يعرکها عرک الاديم، يأمره بالمسير إلي الحجاز، فيسير إلي المدينة، فيضع السيف في قريش، فيقتل منهم ومن الانصار أربعمائة رجل، ويبقر البطون، ويقتل الولدان، ويقتل أخوين من قريش رجلاً واُخته، يقال لهما: محمّد وفاطمة، ويصلبهما علي باب المسجد بالمدينة.(9)
الشيصباني
45- عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السفياني، فقال: وأنّي لکم بالسفياني؟ حتّي يخرج قبله الشيصباني، يخرج من أرض کوفان، ينبع کما ينبع الماء، يقتل وفدکم، فتوقّعوا بعد ذلک السفياني وخروج القائم.(10)
خسف البيداء
46- عن عبد الله بن عمر، قال: إذا خسف بجيش البيداء، فهو علامة خروج المهدي عجّل الله فرجه.(11)
47- وعن عبيد الله بن القبطيّة، قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله ابن صفوان، وأنا معهما علي اُمّ سلمة، فسألها عن الجيش الذي يخسف به - وکان ذلک في أيام ابن الزبير - فقالت اُمّ سلمة: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: يعوذ عائذ بالحجر: فيبعث الله جيشاً، فإذا کانوا ببيداء من الارض خسف بهم.
فقلت: يا رسول الله، فکيف بمن أخرج کارهاً؟ قال: يخسف به معهم، ولکنّه يبعث علي نيّته يوم القيامة. فذکرت ذلک لابي جعفر، فقال: هي بيداء المدينة.(12)
48- وعن اُمّ سلمة: أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: يکون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من المدينة هارباً إلي مکّة، فيأتيه ناس من أهل مکّة، فيخرجونه وهو کاره، فيبايعونه بين الرکن والمقام، فيبعث إليهم جيش من الشام فيخسف بهم بالبيداء، فإذا رأي الناس ذلک أتته أبدال الشام وعصائب العراق فيبايعونه، ثمّ ينشأ رجل من قريش، أخواله کلب، فيبعث إليه المکّي بعثاً فيظهرون عليهم، وذلک بعث کلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة کلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس سنّة نبيّهم، ويلقي الاسلام بجرانه(13) إلي الارض، يمکث تسع سنين - قال: وسبع سنين -.(14)
49- وعن اُمّ سلمة: أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) استيقظ من منامه وهو يسترجع، قالت: يا رسول الله، ما شأنک؟ قال: طائفة من اُمّتي يخسف بهم، ثمّ يبعثون إلي رجل، فيأتي مکّة فيمنعه الله منهم ويخسف بهم، مصرعهم واحد ومصادرهم شتّي.
قالت: قلت: يا رسول الله، کيف يکون مصرعهم واحد ومصادرهم شتّي؟ قال: إنّ منهم من يکره فيجيء مکرهاً.(15)
50- وعن اُمّ سلمة، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنّه قال: ليخسفنّ بقوم يغزون هذا البيت ببيداء من الارض. فقال رجل من القوم: وإنّ فيهم الکاره؟! قال: يبعث الله کلّ رجل منهم علي نيّته.(16)
51- وعن ابن صفوان، عن صفيّة - اُمّ المؤمنين - قالت: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتّي يغزوه بجيش حتّي إذا کانوا ببيداء من الارض خسف بأوّلهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم.
قالت: يا رسول الله، أرأيت المکره منهم؟ قال: يبعثهم الله علي ما في أنفسهم.(17)
52- وعن محمّد بن عمرو بن عطاء، عن بقيرة - امرأة القعقاع - قالت: إنّي لجالسة في صفّة النساء، فسمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يخطب - وهو يشير بيده اليسري - فقال: يا أ يّها الناس، إذا سمعتم بخسف ها هنا - قريباً - فقد أطلّت الساعة.(18)
رايات مصر
53- روي بالاسناد عن معمر بن خلاّد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، أنّه قال: کأنّي برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات حتّي تأتي الشامات فتهدي إلي ابن صاحب الوصيّات.(19)
رايات المغرب
54- عن کعب، قال: علامة خروج المهدي ألوية تقبل من المغرب عليها رجل أعرج من کندة.(20)
رايات قيس وکندة
55- روي بالاسناد عن الحسن بن الجهم، قال: سأل رجل أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الفرج، فقال: تريد الاکثار أم اُجمل لک؟ قال: بل تجمل لي. قال: إذا رُکِزت رايات قيس بمصر، ورايات کندة بخراسان.(21)
حرکات الروم والترک
الترک في روايات أشراط الساعة وعلامات ظهور المهدي (عليه السلام) يراد ببعضها التتر المغول، وهي من الاشراط البعيدة عن زمان الظهور، فقد حدثت في أواخر دولة بني العباس، وتعتبر من معجزات ودلائل النبوّة، وبعض الروايات يراد بالترک شعوب شرق آسيا غير المسلمين، وليس المراد منهم الترک المسلمين الذين يسکنون ترکيا وإيران وغيرهما، والله العالم بحقيقة الحال.
56- عن عبد الله بن عمر، أنّه قال: ملاحم الناس خمس، قد مضت ثنتان، وثلاث في هذه الاُمّة: ملحمة الترک، وملحمة الروم، وملحمة الدجّال، ليس بعد ملحمة الدجّال ملحمة.(22)
57- وعن أبي هريرة، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، قال: لا تقوم الساعة حتّي تقاتلوا الترک، حمر الوجوه، صغار الاعين، فطس الاُنوف، کأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة.(23)
58- وعن کعب، قال: ليردن الترک الجزيرة حتّي تسقي خيلهم من الفرات، فيبعث الله عليهم الطاعون فيقتلهم. قال: فلا يفلت منهم إلاّ رجل واحد.(24)
59- وعن مکحول، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، قال: للترک خرجتان: إحداهما يخرجون إلي أذربيجان، والثانية يسرعون منها علي شطّ الفرات.(25)
60- وذکر نعيم بإسناده عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: فيرسل الله علي جيشهم الموت - يعني دوابهم - فيرجّلهم، فيکون فيهم ذبح الله الاعظم، لا ترک بعدها.(26)
61- وعن ابن مسعود، قال: کأنّي بالترک علي براذين مخذّمة الاذان حتّي يربطوها بشطّ الفرات.(27)
62- وعن صمّاح، عن أرطأة، قال: (يقاتل السفياني الترک، ثمّ يکون استيصالهم علي يد المهدي، وهو أوّل لواء يعقده المهدي يبعثه إلي الترک).(28)
63- وقال: (أوّل لواء يعقده المهدي إلي الترک فيهزمهم ويأخذ ما معهم من السبي والاموال، ثمّ يسير إلي الشام فيفتحها، ثمّ يعتق کلّ مملوک معه، وأعطي أصحابه قيمتهم.(29)
المدعون للنبوة والامامة
64- روي الشيخ المفيد والطوسي (رحمهما الله) بالاسناد عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لا تقوم الساعة حتّي يخرج المهدي من ولدي، ولا يخرج المهدي حتّي يخرج ستّون کذّاباً کلّهم يقول: أنا نبيّ.(30)
65- وعن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا يخرج القائم حتّي يخرج قبله اثنا عشر من بني هاشم کلّهم يدعو إلي نفسه.(31)
66- وأخرج نعيم بن حمّـاد، عن عليّ بن أبي طالب، قال: يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق، يحمل السيف علي عاتقه ثمانية عشر شهراً، يقتل ويمثّل ويتوجّه إلي بيت المقدس فلا يبلغه حتّي يموت.(32)
ادعاء الرؤية للامام
67- عن النعماني بسنده عن الصادق (عليه السلام): لا يقوم القائم حتّي يقوم اثنا عشر رجلاً کلّهم يجمع علي قول إنّهم قد رأوه فيکذبونهم.(33)
قتل النفس الزکية
68- روي بالاسناد عن صالح بن ميثم، أنّه قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ليس بين قيام القائم (عليه السلام) وقتل النفس الزکيّة أکثر من خمس عشرة ليلة.(34)
69- وعن سفيان بن إبراهيم الحريري، أنّه سمع أباه يقول: النفس الزکيّة غلام من آل محمّد، اسمه محمّد بن الحسن، يقتل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر، ولا في الارض ناصر، فعند ذلک يبعث الله قائم آل محمّد في عصبة لهم أدقّ في أعين الناس من الکحل، إذا خرجوا بکي لهم الناس، لا يرون إلاّ أنّه يختطفون، يفتح الله لهم مشارق الارض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقّاً، ألا إنّ خير الجهاد في آخر الزمان.(35)
70- وعن عمّـار بن ياسر، قال: إذا قتل النفس الزکيّة، وأخوه يقتل بمکّة ضيعةً، ينادي مناد من السماء: أميرکم فلان، وذلک المهدي الذي يملا الارض حقّاً وعدلاً.(36)
موت خليفة
71- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: بينا الناس وقوف بعرفات، إذ أتاهم رکب علي ناقة ذعلبة(37)، يخبرهم بموت خليفة، يکون عند موته فرج آل محمّد (صلي الله عليه وآله) وفرج الناس جيمعاً.(38)
موت عبد الله
72- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من يضمن لي موت عبد الله، أضمن له القائم، ثمّ قال: إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده علي أحد، ولم يتبنّاه هذا الامر دون صاحبکم إن شاء الله، ويذهب ملک السنين، ويصير ملک الشهور والايام.
فقلت: يطول ذلک؟ قال: کلاّ.(39)
الموطئون للامام
73- عن أبي خالد الکابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: کأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحقّ فلا يعطونه، ثمّ يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلک وضعوا سيوفهم علي عواتقهم، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّي يقوموا، ولا يدفعونها إلاّ إلي صاحبکم، قتلاهم شهداء، أما إنّي لو أدرکت ذلک لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الامر.(40)
74- وعن محمّد بن الحنفيّة، قال: بين خروج الراية السوداء من خراسان وسعيد بن صالح وخروج المهدي، وبين أن يسلّم الامر للمهدي (عليه السلام) اثنان وسبعون يوماً.(41)
75- وعنه، قال: تخرج راية سوداء لبني العباس، ثمّ تخرج من خراسان اُخري سوداء، قلانسهم سود، وثيابهم بيض، علي مقدّمتهم رجل يقال له: شعيب ابن صالح، وصالح بن شعيب من تميم، يهزمون أصحاب السفياني حتّي ينزل بيت المقدس، يوطّئ للمهدي (عليه السلام) سلطانه، يمدّ إليه ثلاثمائة من الشام، يکون بين خروجه وبين أن يسلّم الامر للمهدي (عليه السلام) اثنان وسبعون شهراً.(42)
76- وعن إبراهيم بن علقمة، عن عبد الله، قال: بينا نحن عند رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذ جاء فتية من بني هاشم، فتغيّر لونه، فقالوا: يا رسول الله، ما نزال نري في وجهک شيئاً تکرهه. قال (صلي الله عليه وآله): إنّا أهل بيت اختار الله لنا الاخرة علي الدنيا، وإنّ أهل بيتي هؤلاء يلقون بعدي بلاءً وتطريداً وتشريداً حتّي يأتي قوم من ها هنا - نحو المشرق - أصحاب رايات سود، يسألون الحقّ فلا يعطونه مرّتين وثلاثاً، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونها حتّي يدفعوها إلي رجل من أهل بيتي، فيملا الارض عدلاً، کما ملاوها ظلماً، فمن أدرک ذلک منکم فليأتهم ولو حبواً علي الثلج، فإنّه المهدي.(43)
77- وعن ثوبان، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان، فأتوها ولو حبواً علي الثلج، فإنّ فيها خليفة الله المهدي.(44)
78- وعن عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن، قال: يخرج بالري رجل ربعة أسمر، مولي لبني تميم، کوسج، يقال له: شعيب بن صالح في أربعة آلاف، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يکون مقدّمة للمهدي (عليه السلام) لا يلقاه أحد إلاّ قتله.(45)
79- وعن أبي قبيل، عن شعر، عن تبيع، عن کعب، قال: إذا ملک رجل الشام، وآخر مصر، فاقتتل الشامي والمصري، وسبي أهل الشام قبائل من مصر، وأقبل رجل من المشرق برايات سود صغار قبل صاحب الشام، فهو الذي يؤدّي الطاعة إلي المهدي.
قال أبو قبيل: ثمّ يملک رجل أسمر، يملؤها عدلاً، ثمّ يسير إلي المهدي، فيؤدّي إليه الطاعة ويقاتل معه.(46)
80- وعن العلاء بن عتبة، عن الحسن، أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) ذکر بلاء يلقاه أهل بيته، حتّي يبعث الله راية من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتّي يأتوا رجلاً اسمه کاسمي، فيولّوه أمرهم، فيؤيّده الله وينصره.(47)
81- وعن سعيد بن المسيّب، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس، ثمّ يمکثون ما شاء الله، ثمّ تخرج رايات سود صغار، تقاتل رجل من ولد أبي سفيان وأصحابه، من قبل المشرق، ويؤدّون الطاعة للمهدي.(48)
82- وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلي الکوفة، فإذا ظهر المهدي بمکّة بعثت إليه بالبيعة.(49)
83- وعن ثوبان، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يقتتل عند کنزکم ثلاثة کلّهم ابن خليفة، ثمّ لا يصير إلي واحد منهم، ثمّ تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقاتلونکم قتالاً لم يقتتله قوم، ثمّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه ولو حبواً علي الثلج، فإنّه خليفة الله المهدي (عليه السلام).(50)
84- وأخرج ابن ماجة بالاسناد عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يخرج ناس من المشرق، فيوطّئون للمهدي - يعني سلطانه -.(51)
الهوامش:
(1) سبأ: 51، والخبر في بحار الانوار 52: 186.
(2) بحار الانوار 52: 190 / 18.
(3) بحار الانوار 52: 269 / 160.
(4) بحار الانوار 52: 270.
(5) بحار الانوار 52: 272 / 166.
(6) الملاحم والفتن: 50.
(7) الملاحم والفتن: 55.
(8) الملاحم والفتن: 56.
(9) الملاحم والفتن: 56.
(10) غيبة النعماني: 204.
(11) الملاحم والفتن: 77.
(12) مسند احمد 6: 290.
(13) الجران: مقدّم عنق البعير، ويراد به هنا التمکّن والاستقرار.
(14) مسند احمد 6: 316.
(15) مسند احمد 6: 317.
(16) مسند احمد 6: 323.
(17) مسند احمد 6: 336.
(18) مسند احمد 6: 379.
(19) الارشاد 2: 376.
(20) الملاحم والفتن: 77.
(21) الارشاد 2: 376، غيبة الطوسي: 272، بحار الانوار 52: 214 / 68.
(22) الملاحم والفتن: 86.
(23) الملاحم والفتن: 88.
(24) الملاحم والفتن: 90.
(25) الملاحم والفتن: 93.
(26) الملاحم والفتن: 93.
(27) الملاحم والفتن: 93.
(28) الفتن / لابن حمّـاد: 58.
(29) الفتن / لابن حمّـاد: 100.
(30) الارشاد 2: 371، غيبة الطوسي: 266، بحار الانوار 52: 209 / 46.
(31) الارشاد 2: 372، غيبة الطوسي: 267، بحار الانوار 52: 209 / 47.
(32) البرهان / للمتّقي الهندي: 103 / 4.
(33) في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 113.
(34) الارشاد 2: 374، کمال الدين: 649 / 2، غيبة الطوسي: 271، بحار الانوار 52: 203 / 30.
(35) غيبة الطوسي: 279.
(36) الملاحم والفتن: 61.
(37) الذعلبة: السريعة.
(38) غيبة النعماني: 179.
(39) غيبة الطوسي: 271.
(40) غيبة النعماني: 182.
(41) الملاحم والفتن: 49.
(42) الملاحم والفتن: 52.
(43) الملاحم والفتن: 53.
(44) الملاحم والفتن: 53، مسند احمد 5: 277.
(45) الملاحم والفتن: 53.
(46) الملاحم والفتن: 54.
(47) الملاحم والفتن: 54.
(48) الملاحم والفتن: 54.
(49) الملاحم والفتن: 56.
(50) البرهان / المتّقي الهندي: 110 / 1.
(51) سنن ابن ماجة 9: 519.
******************
أحداث في الحرمين
85- عن احمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: إنّ من علامات الفرج حدثاً يکون بين الحرمين.
قلت: وأيّ شيء يکون الحدث؟ فقال: عصبيّة تکون بين الحرمين، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر کبشاً.(1)
86- وعن أبي لبيد، قال: تغيّر الحبشة البيت فيکسرونه، ويؤخذ الحجر فينصب في مسجد الکوفة.(2)
87- وعن عبد الله بن عمر، قال: يحجّ الناس معاً، ويُعرّفون معاً علي غير إمام، فبينا هم نزول بمني، إذ أخذهم کالکلب، فثارت القبائل بعضهم إلي بعض حتّي تسيل العقبة دماً، فيفزعون إلي خيّرهم، فيأتونه وهو ملصق وجهه إلي الکعبة يبکي، کأنّي أنظر إلي دموعه تسيل، فيقولون: هلمّ ولّيناک، فيقول: ويحکم کم من عهد قد نقضتموه؟ وکم من دم قد سفکتموه؟ فيبايع کرهاً.
قال: فإن أدرکتموه فبايعوه فإنّه المهدي في الارض والمهدي في السماء.(3)
88- وعن عليّ (عليه السلام) قال: استکثروا من الطواف بهذا البيت، وکأنّي برجل أحمش الساقين معه مسحاة يهدمها.(4)
89- وعن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: يخرب الکعبة ذو السويقتين من الحبشة.(5)
90- وعن أبي قتادة، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: تأتي الحبشة فيخربون البيت خراباً لا يعمّر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون کنزه.(6)
91- وأخرج أيضاً عن أبي هريرة قال: تکون في المدينة وقعة يغرق فيها أحجارالزيت(7)، ما الحرّة عندها إلاّ کضربة سوط، فيتنحّي عن المدينة قدر بريدين، ثمّ يبايع المهدي.(8)
علامات في العراق
92- روي بالاسناد عن منذر الخوزي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: يُزْجَر الناس قبل قيام القائم (عليه السلام) عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تجلّل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلد البصرة، ودماء تسفک بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوفٌ لا يکون لهم معه قرار.(9)
93- وعن أنس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في حديثه مع حباب راهب مسجد براثا عند عودته من قتال أهل النهروان - قال (عليه السلام): يا حباب، ستبني إلي جنب مسجدک هذا مدينة، وتکثر الجبابرة فيها، ويعظم البلاء، حتّي إنّه ليرکب فيها کلّ ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فإذا عظم بلاؤهم شدّوا علي مسجدک، فإذا فعلوا ذلک منعوا الحجّ ثلاث سنين، واحترقت خضرهم، وسلّط الله عليهم رجلاً من أهل السفح لا يدخل بلداً إلاّ أهلکه وأهلک أهله، ثمّ يعود عليهم مرّة اُخري، ثمّ يأخذهم القحط والغلاء ثلاث سنين، حتّي يبلغ بهم الجهد، ثمّ يعود عليهم.
ثمّ يدخل البصرة، فلا يدع فيها قائمة إلاّ أسقطها وأهلکها، وأسخط أهلها، وذلک إذا عمرت الخريبة، وبني فيها مسجد جامع، فعند ذلک يکون هلاک البصرة.
ثمّ يدخل مدينة بناها الحجّاج يقال لها واسط، فيفعل مثل ذلک، ثمّ يتوجّه نحو بغداد، فيدخلها عفواً، ثمّ يلتجئ الناس إلي الکوفة.
ثمّ يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري لينبشه، فيتلقّاهما السفياني فيهزمهما، ثمّ يقتلهما، ويوجّه جيشاً نحو الکوفة، فيستعبد بعض أهلها، ويجيء رجل من أهل الکوفة فيلجئهم إلي سور، فمن لجأ إليه أمن، ويدخل جيش السفياني إلي الکوفة، فلا يدعون أحداً إلاّ قتلوه، وإنّ الرجل منهم ليمرّ بالدرّة المطروحة العظيمة فلا يتعرّض لها، ويري الصبيّ الصغير فيلحقه فيقتله.(10)
94- وعن عبد الله بن عمر، أنّه قال لجماعة من أهل العراق: والله الذي لا إله إلاّ هو، ليسوقنکم بنو قنطورا من خراسان وسجستان سوقاً عنيفاً، حتّي ينزلوا بالابلّة، ولا يدعوا بها فرساً، ثمّ يبعثون إلي أهل البصرة: إمّا أن تخرجوا من بلادنا، وإمّا أن ننزل عليکم. قال: فيتفرّقون ثلاث فرق: فرقة تلحق بالکوفة، وفرقة بالحجاز، وفرقة بأرض البادية - أرض العرب - ثمّ يدخلون البصرة، فيقيمون بها سنة، ثمّ يبعثون إلي الکوفة: إمّا أن ترحلوا عن بلادنا، وإمّا أن ننزل عليکم، فيتفرّقون ثلاث فرق: فرقة تلحق بالشام، وفرقة بالحجاز، وفرقة بالبادية - أرض العرب -، ويبقي العراق لا يجد أحد فيه قفيزاً ولا درهماً، قال: وذلک إذا کانت إمارة الصبيان، فوالله لتکوننّ، ردّدها ثلاث مرّات.(11)
95- وعن جابر بن عبد الله، قال: قال حذيفة: يوشک أهل العراق أن لا يجيء إليهم درهم ولا قفيز، يمنعهم عن ذلک العجم، ويوشک أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينار ولا مدّ، يمنعهم من ذلک الروم.(12)
96- وعن الامام زين العابدين عليّ بن الحسين (عليه السلام) أنّه وقف علي نجف الکوفة يوم وروده جامع الکوفة بعدما صلّي فيه وقال: هي هي يا نجف، ثمّ بکي وقال: يا لها من طامة، فسئل عن ذلک، فقال: إذا ملا نجفکم السيل والمطر، وظهرت النار بالحجاز في الاحجار والمدر، وملکت بغداد، فتوقّعوا ظهور القائم المنتظر.(13)
97- وعن حذيفة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): تکون وقعة بالزوراء. قال: يا رسول الله، ما الزوراء؟ قال: مدينة بالمشرق بين أنهار، يسکنها شرار خلق الله وجبابرة من اُمّتي، تقذف بأربعة أصناف من العذاب: بالسيف والخسف وقذف ومسخ.(14)
احداث في الکوفة
98- روي بالاسناد عن عمرو بن شمر، عن جابر، أنّه قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): متي يکون هذا الامر؟ فقال: أنّي يکون ذلک يا جابر ولمّـا يکثر القتل بين الحيرة والکوفة.(15)
99- وعن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا هدم حائط مسجد الکوفة ممّـا يلي دار عبد الله بن مسعود، فعند ذلک زوال ملک القوم، وعند زواله خروج القائم (عليه السلام).(16)
100- وعن احمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: لا يکون ما تمدّون إليه أعناقکم حتّي تميّزوا وتمحّصوا، فلا يبقي منکم إلاّ القليل، ثمّ قرأ (الم ، أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَکُوا أنْ يَقولوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنون)(17) ثمّ قال: إنّ من علامات الفرج حدثاً يکون بين المسجدين(18)، ويَقتُل فلان من ولد فلان خمسة عشر کبشاً من العرب.(19)
101- وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا يذهب ملک هؤلاء حتّي يستعرضوا (20) الناس بالکوفة في يوم الجمعة، لکأنّي أنظر إلي رؤوس تندر(21) فيما بين باب الفيل وأصحاب الصابون.(22)
102- وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّ لولد فلان عند مسجدکم - يعني مسجد الکوفة - لوقعةً في يوم عَروبة(23)، يُقتل فيها أربعة آلاف من باب الفيل إلي أصحاب الصابون، فإيّاکم وهذا الطريق فاجتنبوه، وأحسنهم حالاً من أخذ في درب الانصار.(24)
103- وعن جعفر بن سعد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سنة الفتح ينبثق الفرات حتّي يدخل علي أزقّة الکوفة.(25)
104- وعن عبد الله بن الهذيل، قال: لا تقوم الساعة حتّي يجتمع کلّ مؤمن بالکوفة.(26)
105- وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلي الکوفة، فإذا ظهر المهدي (عليه السلام) بعث إليه بالبيعة.(27)
106- وعن أبي خالد الکابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إذا دخل القائم الکوفة، لم يبق مؤمن إلاّ وهو بها، ويجيء إليها - وهو قول أمير المؤمنين (عليه السلام) - ويقول لاصحابه: سيروا بنا إلي هذه الطاغية فيسير إليه.(28)
107- عن خالد القلانسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّه قال: إذا هدم حائط مسجد الکوفة من مؤخّره، ممّـا يلي دار ابن مسعود، فعند ذلک زوال ملک بني فلان، أما إنّ هادمه لا يبنيه.(29)
108- وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
يا جابر، لا يظهر القائم حتّي يشمل أهل البلاد فتنة، يطلبون منها المخرج فلا يجدونه، فيکون ذلک بين الحيرة والکوفة، قتلاهم فيها علي السري، وينادي مناد من السماء.(30)
علامات في الشام
109- روي الفضل بن شاذان بالاسناد عن عمّـار بن ياسر (رضي الله عنه)، أنّه قال: دعوة أهل بيت نبيّکم في آخر الزمان، فالزموا الارض وکفّوا حتّي تروا قادتها، فإذا خالف الترک الروم، وکثرت الحروب في الارض، ينادي مناد علي سور دمشق: ويل لازم من شرّ قد اقترب، ويخرب حائط مسجدها.(31)
110- وروي عن کعب الاحبار، أنّه قال: إذا ملک رجل من بني العباس يقال له عبد الله، وهو ذو العين، بها افتتحوا، وبها يختمون(32)، وهو مفتاح البلاء وسيف الفناء، فإذا قرئ له کتاب بالشام: من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين، لم تلبثوا أن يبلغکم أنّ کتاباً قرئ علي منبر مصر: من عبد الله عبد الرحمن أمير المؤمنين.(33)
111- وعن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: إذا اختلف رمحان بالشام فهو آية من آيات الله تعالي. قيل: ثمّ مه؟ قال: ثمّ رجفة تکون بالشام، يهلک فيها مائة ألف، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً علي الکافرين، فإذا کان ذلک فانظروا إلي أصحاب البراذين الشهب والرايات الصفر تقبل من المغرب حتّي تحلّ بالشام، فإذا کان ذلک فانتظروا خسفاً بقرية من قري الشام يقال لها: خرشتا، فإذا کان ذلک فانتظروا ابن آکلة الاکباد(34) بوادي اليابس.(35)
112- وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: يا جابر، لا يظهر القائم حتّي يشمل الشام فتية يطلبون المخرج منها فلا يجدونه، ويکون قتل بين الکوفة والحيرة، قتلاهم علي السواء، وينادي مناد من السماء.(36)
113- وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: توقّعوا الصوت يأتيکم بغتة من قبل دمشق، فيه لکم فرج عظيم.(37)
114- وعن المغيرة بن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: إذا اختلف رمحان بالشام لم تنجلِ إلاّ عن آية من آيات الله. قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تکون بالشام يهلک فيها أکثر من مائة ألف، يجعله الله رحمةً للمؤمنين، وعذاباً علي الکافرين، فإذا کان ذلک فانظروا إلي أصحاب البراذين الشهب المحذوفة(38) والرايات الصفر تقبل من المغرب، حتّي تحلّ بالشام، وذلک عند الجزع الاکبر، والموت الاحمر، فإذا کان ذلک فانظروا خسف قرية من قري دمشق، يقال لها مرمرسا، فإذا کان ذلک خرج ابن آکلة الاکباد من الوادي اليابس حتّي يستوي علي منبر دمشق، فإذا کان ذلک فانتظروا خروج المهدي.(39)
115- وعن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إذا سمعتم باختلاف الشام فيما بينهما، فالهرب من الشام، فإنّ القتل بها والفتنة.
قلت: إلي أيّ البلاد؟ فقال: إلي مکّة، فإنّها خير بلاد يهرب الناس إليها.
قلت: فالکوفة؟ قال: الکوفة ماذا يلقون؟ يقتل الرجال إلاّ شاميّ، ولکن الويل لمن کان في أطرافها، ماذا يمرّ عليهم من أذي بهم، وتسبي بها رجال ونساء، وأحسنهم حالاً من يعبر الفرات، ومن لا يکون شاهداً بها.
قلت: فما تري في سکّان سوادها؟ فقال بيده(40)، يعني لا، ثمّ قال: الخروج منها خير من المقام فيها.
قلت: کم يکون ذلک؟ قال: ساعة واحدة من نهار.
قلت: ما حال من يؤخذ منهم؟ قال: ليس عليهم بأس، أما إنّهم سينقذهم أقوام ما لهم عند أهل الکوفة يومئذ قدر، أما لا يجوزون بهم الکوفة.(41)
احداث في قزوين
116- عن محمّد بن بشر، عن محمّد بن الحنفيّة، قال: قلت له: قد طال هذا الامر حتّي متي؟ قال: فحرّک رأسه ثمّ قال: أنّي يکون ذلک ولم يعضّ الزمان؟ أنّي يکون ذلک ولم يجفوا الاخوان؟ أنّي يکون ذلک ولم يظلم السلطان؟ أنّي يکون ذلک ولم يقم الزنديق من قزوين، فيهتک ستورها، ويکفر صدورها، ويغيّر سورها، ويذهب بهجتها، من فرّ منه أدرکه، ومن حاربه قتله، ومن اعتزله افتقر، ومن تابعه کفر، حتّي يقوم باکيان: باک يبکي علي دينه، وباک يبکي علي دنياه.(42)
117- وروي عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أنّه قال: يخرج بقزوين رجل اسمه اسم نبيّ، يسرع الناس إلي طاعته المشرک والمؤمن، يملا الجبال خوفاً.(43)
مادبة في قرقيسا
118- عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: إنّ لله مائدة - وفي غير هذه الرواية: مأدبة - بقرقيسا، يطل مطّلع من السماء فينادي: يا طير السماء، ويا سباع الارض، هلمّوا إلي الشبع من لحوم الجبّارين.(44)
119- وعن عبد الله بن أبي يعفور، قال: حدّثنا الباقر (عليه السلام) أنّ لولد العباس والمرواني لوقعة بقرقيسا يشيب فيها الغلام الحزوّر(45)، ويرفع الله عنهم النصر، ويوحي إلي طير السماء وسباع الارض: اشبعي من لحوم الجبّارين، ثمّ يخرج السفياني.(46)
الهوامش:
(1) غيبة الطوسي: 272.
(2) غيبة الطوسي: 273.
(3) الملاحم والفتن: 62.
(4) الملاحم والفتن: 97.
(5) الملاحم والفتن: 97.
(6) الملاحم والفتن: 97.
(7) أحجار الزيت: موضع بالمدينة.
(8) البرهان / المتّقي الهندي: 103 / 5.
(9) الارشاد 2: 378، بحار الانوار 52: 221 / 85.
(10) بحار الانوار 52: 218 / 80.
(11) الملاحم والفتن: 87.
(12) الملاحم والفتن: 94.
(13) الملاحم والفتن: 198.
(14) البرهان / المتّقي الهندي: 127 / 36.
(15) الارشاد 2: 374، غيبة الطوسي: 271، بحار الانوار 52: 209 / 50.
(16) الارشاد 2: 375، بحار الانوار 52: 210 / 51.
(17) العنکبوت 29: 1 ـ 2.
(18) قيل: مسجد الکوفة والبصرة، وقيل: مسجد الکوفة ومسجد السهلة.
(19) الارشاد 2: 375.
(20) أي يعرضونهم علي السيف.
(21) أي تسقط.
(22) الارشاد 2: 376، غيبة الطوسي: 272، بحار الانوار 52: 211 / 57.
(23) أي يوم الجمعة.
(24) الارشاد 2: 377.
(25) الارشاد 2: 377، غيبة الطوسي: 274.
(26) غيبة الطوسي: 273.
(27) غيبة الطوسي: 274.
(28) غيبة الطوسي: 275.
(29) غيبة النعماني: 184.
(30) بحار الانوار 52: 271 / 162.
(31) غيبة الطوسي: 268.
(32) ذو العين: الظاهر أنّ المراد في أوّل اسمه العين، وقد کان أوّلهم أبو العباس عبد الله بن محمّد، وآخرهم عبد الله بن المنتصر.
(33) غيبة الطوسي: 270.
(34) لعلّه يريد السفياني.
(35) غيبة الطوسي: 278.
(36) غيبة النعماني: 186.
(37) غيبة النعماني: 187.
(38) لعلّ المراد بالمحذوفة مقطوعة الاذان والاذناب، وقصيرتهما.
(39) غيبة النعماني: 206.
(40) أي أشار بالنفي.
(41) بحار الانوار 52: 271 / 164.
(42) غيبة الطوسي: 269.
(43) غيبة الطوسي: 270.
(44) غيبة النعماني: 186.
(45) الحزوّر: الغلام إذا اشتدّ وقوي.
(46) غيبة النعماني: 205.
******************
الموت والخوف والجوع والدمار
120- روي الشيخ المفيد والطوسي (رحمهما الله) بالاسناد عن علي بن محمّد الاودي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض، وجراد في حينه وجراد في غير حينه کألوان الدم، فأمّا الموت الاحمر فالسيف، وأمّا الموت الابيض فالطاعون.(1)
121- وعن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قُدّام القائم بلوي من الله، قلت: ما هو جعلت فداک؟ فقرأ: (وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَيْء مِنَ الخَوْفِ وَالجوعِ وَنَقْص مِنَ الامْوالِ وَالانْفُسِ وَالَّثمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرين).(2)
ثمّ قال: (الخَوْف) من ملوک بني فلان، (وَالجوع) من غلاء الاسعار، (وَنَقْص مِنَ الامْوال) من کساد التجارات وقلّة الفضل فيها، (و) نقص (الانْفُس) بالموت الذريع (و) نقص (الَّثمَرات) بقلّة ريع الزرع وقلّة برکة الثمار.
ثمّ قال: (وَبَشِّرِ الصَّابِرين) عند ذلک بتعجيل خروج القائم (عليه السلام).(3)
122- وعن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): کان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: لقائم آل محمّد غيبتان، إحداهما أطول من الاُخري؟
فقال: نعم، ولا يکون ذلک حتّي يختلف سيف بني فلان، وتضيق الحلقة، ويظهر السفياني، ويشتدّ البلاء، ويشمل الناس موت وقتل، ويلجأون فيه إلي حرم الله وحرم رسوله (صلي الله عليه وآله).(4)
123- وعن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قدّام القائم موتتان: موت أحمر وموت أبيض، حتّي يذهب من کلّ سبعة خمسة، الموت الاحمر السيف، والموت الابيض الطاعون.(5)
124- وعن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يکون هذا الامر حتّي يذهب ثلثا الناس، فقيل له: إذا ذهب ثلثا الناس، فما يبقي؟ فقال (عليه السلام): أما ترضون أن تکونوا الثلث الباقي.(6)
125- وعن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) عن قول الله تعالي: (وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَيْء مِنَ الخَوْفِ وَالجوعِ) فقال: يا جابر، ذلک خاصّ وعامّ، فأمّا الخاصّ من الجوع بالکوفة، ويخصّ الله به أعداء آل محمّد، فيهلکهم الله، وأمّا العامّ فبالشام يصيبهم خوف وجوع ما أصابهم مثله قطّ، أمّا الجوع فقبل قيام القائم (عليه السلام)، وأمّا الخوف فبعد قيام القائم (عليه السلام).(7)
126- وعن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) أنّه قال: لا يقوم القائم (عليه السلام) إلاّ علي خوف شديد من الناس وزلازل وفتنة، وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلک، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد في الناس، وتشتّت في دينهم، وتغيّر في حالهم حتّي يتمنّي المتمنّي الموت صباحاً ومساءً من عظم ما يري من کَلَب الناس وأکل بعضهم بعضاً.(8)
127- وعن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يشمل الناس موت وقتل حتّي يلجأ الناس عند ذلک إلي الحرم، فينادي مناد صادق من شدّة القتال: فيم القتل والقتال، صاحبکم فلان؟.(9)
128- وعن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يکون هذا الامر حتّي يذهب تسعة أعشار الناس.(10)
129- وعن البزنطي، عن الامام الرضا (عليه السلام)، قال: قُدّام هذا الامر قتل بيوح. قلت: وما البيوح؟ قال: دائم لا يفتر.(11)
130- وعن کعب الاحبار، قال: إنّ القائم من ولد عليّ (عليه السلام) له غيبة کغيبة يوسف، ورجعة کرجعة عيسي بن مريم، ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الاحمر، وخراب الزوراء، وهي الري، وخسف المرزوة وهي بغداد، وخروج السفياني، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان، تلک حرب يقتل فيها اُلوف واُلوف، کلّ يقبض علي سيف محلّي، تخفق عليه رايات سود، تلک حرب يستبشر فيها الموت الاحمر والطاعون الاکبر.(12)
131- وعن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا بدّ أن يکون قدّام القائم سنة تجوع فيها الناس، ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الاموال والانفس والثمرات، فإنّ ذلک في کتاب الله لبيّن، ثمّ تلا هذه الاية: (وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَيْء مِنَ الخَوْفِ وَالجوعِ وَنَقْص مِنَ الامْوالِ وَالانْفُسِ وَالَّثمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرين).(13)
132- وعن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): في ذي القعدة تتحارب القبائل، وفي ذي الحجّة ينتهب الحاجّ، وفي المحرّم ينادي مناد من السماء.(14)
133- وعن ابن سيرين، قال: لا يخرج المهدي حتّي يُقتَل من کلّ تسعة سبعة.(15)
134- وأخرج نعيم من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): إذا مات الخامس من أهل بيتي فالهرج الهرج حتّي يموت السابع، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل، کذلک حتّي يقوم المهدي.(16)
135- وعن أبي قبيل، قال: يملک رجل من بني هاشم، فيقتل بني اُميّة فلا يبقي منهم إلاّ اليسير، لا يقتل غيرهم، ثمّ يخرج رجل من بني اُميّة فيقتل بکلّ رجل رجلين حتّي لا يبقي إلاّ النساء، ثمّ يخرج المهدي.(17)
الصيحة والنداء من السماء
136- روي الشيخ محمّد بن يعقوب الکليني والشيخ المفيد والطوسي (رحمهم الله) بالاسناد عن إسماعيل بن الصباح، قال: سمعت شيخاً من أصحابنا يذکر عن سيف ابن عميرة، قال: کنت عند أبي جعفر المنصور، فقال لي ابتداءً: يا سيف بن عميرة، لا بدّ من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب.
فقلت: جعلت فداک يا أمير المؤمنين، تروي هذا؟!
قال: إي والذي نفسي بيده لسماع اُذني له.
فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا!
فقال: يا سيف، إنّه لحقّ، وإذا کان فنحن أوّل من يجيبه، أما إنّ النداء إلى رجل من بني عمّنا.
فقلت: رجل من ولد فاطمة؟ فقال: نعم يا سيف، لولا أنّني سمعت من أبي جعفر محمّد بن علي يحدّثني به، وحدّثني به أهل الارض کلّهم ما قبلته منهم، ولکنّه محمّد بن عليّ.(18)
137- وروي الفضل بن شاذان بالاسناد عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من مغربها محتوم، واختلاف بني العباس في الدولة محتوم، وقتل النفس الزکيّة محتوم، وخروج القائد من آل محمّد (صلي الله عليه وآله) محتوم.
قلت له: وکيف يکون النداء؟
قال: ينادي مناد من السماء أوّل النهار: ألا إنّ الحقّ مع عليّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس في آخر النهار من الارض: ألا إنّ الحقّ مع عثمان وشيعته، فعند ذلک يرتاب المبطلون.(19)
138- وفي حديث الحسن بن محبوب الزرّاد، عن الامام الرضا (عليه السلام) في وصف النداء، قال (عليه السلام): نداء يسمعه من بالبعد کما يسمعه من بالقرب، يکون رحمة للمؤمنين، وعذاباً علي الکافرين.
قال: فقلت: بأبي واُمّي أنت، وما ذلک النداء؟
قال (عليه السلام): ثلاثة أصوات في رجب، أوّلها: ألا لعنة الله علي الظالمين، والثاني: أزفت الازفة يا معشر المؤمنين، والثالث: يري بدناً بارزاً مع قرن الشمس ينادي: ألا إنّ الله قد بعث فلاناً علي هلاک الظالمين، فعند ذلک يأتي المؤمنين الفرج، ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ المؤمنين.(20)
139- وعن داود بن کثير الرقّي، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): جعلت فداک، قد طال هذا الامر علينا حتّي ضاقت قلوبنا ومتنا کمداً.
فقال (عليه السلام): إنّ هذا الامر أيسر ما يکون منه وأشدّه غمّـاً، ينادي مناد من السماء باسم القائم واسم أبيه...
فقلت له: جعلت فداک، ما اسمه؟ فقال: اسمه اسم نبيّ، واسم أبيه اسم وصيّ.(21)
140- وعن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ القائم (صلوات الله عليه) ينادي باسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قتل فيه الحسين ابن علي (عليه السلام).(22)
141- وعن محمّد بن مسلم، قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم (عليه السلام) فيسمع ما بين المشرق إلي المغرب، فلا يبقي راقد إلاّ قام، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام علي رجليه من ذلک الصوت، وهو صوت جبرئيل الروح الامين.(23)
142- وعن ميمون اللبّان، قال: کنت عند أبي جعفر (عليه السلام) في فسطاطه، فرفع جانب الفسطاط، فقال: إنّ أمرنا قد کان أبين من هذه الشمس، ثمّ قال: ينادي مناد من السماء: فلان بن فلان هو الامام باسمه، وينادي إبليس لعنه الله من الارض، کما نادي برسول الله (صلي الله عليه وآله) ليلة العقبة.(24)
143- وعن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: الصيحة التي في شهر رمضان تکون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان.(25)
144- وعن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينادي مناد باسم القائم (عليه السلام). قلت: خاصّ وعامّ؟ قال: عامّ يسمع کلّ قوم بلسانهم. قلت: فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي باسمه؟ قال: لا يدعهم إبليس حتّي ينادي في آخر الليل ويشکّک الناس.(26)
145- وعن المعلّي بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: صوت جبرئيل من السماء، وصوت إبليس من الارض، فاتّبعوا الصوت الاوّل، وإيّاکم والاخير أن تفتتنوا به.(27)
146- عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) أنّه قال: إذا رأيت ناراً من المشرق شبه الهردي تطلع ثلاثة أيام وسبعة، فتوقّعوا فرج آل محمّد (صلي الله عليه وآله) إن شاء الله عزّ وجلّ، إنّ الله عزيز حکيم.
ثمّ قال: الصيحة لا تکون إلاّ في شهر رمضان، لانّ شهر رمضان شهر الله، وهي صيحة جبرئيل إلي هذا الخلق، ثمّ قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم (عليه السلام) فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقي راقد إلاّ استيقظ، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام علي رجليه فزعاً من ذلک الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلک الصوت فأجاب، فإنّ الصوت صوت جبرئيل الروح الامين.
وقال (عليه السلام): الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشکّوا في ذلک، واسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي: ألا إنّ فلاناً قتل مظلوماً، ليشکّک الناس ويفتتنهم، فکم في ذلک اليوم من شاکّ متحيّر، قد هوي في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان، فلا تشکو فيه، إنّه صوت جبرئيل، وعلامة ذلک أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه (عليه السلام) حتّي تسمعه العذراء في خدرها، فتحرّض أباها وأخاها علي الخروج.
وقال (عليه السلام): لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم (عليه السلام)، صوت من السماء، وهو صوت جبرئيل باسم صاحب هذا الامر واسم أبيه، والصوت الذي من الارض هو صوت إبليس اللعين، ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوماً، يريد بذلک الفتنة، فاتّبعوا الصوت الاوّل، وإيّاکم والاخير أن تفتتنوا به.(28)
147- وعن عبد الله بن سنان، قال: کنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمعت رجلاً من همدان يقول له: إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا ويقولون لنا: إنّکم تزعمون أنّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الامر - وکان متّکئاً فغضب وجلس ثمّ قال: - لا ترووه عنّي، وأرووه عن أبي (عليه السلام) ولا حرج عليکم في ذلک، أشهد أنّي قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: والله إنّ ذلک في کتاب الله عزّ وجلّ لبيّن حيث يقول: (إنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعين) فلا يبقي في الارض يومئذ أحد إلاّ خضع وذلّت رقبته لها، فيؤمن أهل الارض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب وشيعته.
قال: فإذا کان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّي يتواري عن الارض ثمّ ينادي: ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته، فإنّه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه. قال: فيثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت علي الحقّ، وهو النداء الاوّل، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلک يتبرّأون منّا ويتناولونا، ويقولون: إنّ المنادي الاوّل سحر من سحر أهل هذا البيت، ثمّ تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله عزّ وجلّ: (إنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضوا وَيَقولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ).(29)
148- وعن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إذا اختلفت بنو اُميّة وذهب ملکهم، ثمّ يملک بنو العباس، فلا يزالون في عنفوان من الملک وغضارة من العيش حتّي يختلفوا فيما بينهم، فإذا اختلفوا ذهب ملکهم، واختلف أهل المشرق وأهل المغرب، نعم وأهل القبلة، ويلقي الناس جهداً شديداً ممّـا يمرّ بهم من الخوف، فلا يزالون بتلک الحال حتّي ينادي مناد من السماء، فإذا نادي فالنفير النفير، فوالله لکأنّي أنظر إليه بين الرکن والمقام يبايع الناس بأمر جديد، وکتاب جديد، وسلطان جديد من السماء، أما إنّه لا تردّ له راية أبداً حتّي يموت.(30)
149- وعن محمّد بن راشد البجلي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، أنّه قال: أما إنّ النداء من السماء باسم القائم في کتاب الله لبيّن.
فقلت: أين هو أصلحک الله؟
فقال: في (طسم تِلْکَ آياتُ الکِتابِ المُبين) قوله تعالي: (إنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعين) قال: إذا سمعوا الصوت أصبحوا وکأنّما علي رؤوسهم الطير.(31)
150- وعن ناجية العطّار، أنّه سمع أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنّ المنادي ينادي: إنّ المهدي فلان بن فلان، باسمه واسم أبيه، فينادي الشيطان: إنّ فلاناً وشيعته علي الحقّ، يعني رجلاً من بني اُميّة.(32)
151- وعن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ينادي مناد من السماء أنّ فلاناً هو الامير، وينادي مناد أنّ عليّاً وشيعته هم الفائزون.
قلت: فمن يقاتل المهدي بعد هذا؟ فقال: رجل من بني اُميّة، وإنّ الشيطان ينادي: إنّ فلاناً وشيعته هم الفائزون. قلت: فمن يعرف الصادق من الکاذب؟ قال: يعرفه الذين کانوا يروون حديثنا، ويقولون إنّه يکون، قبل أن يکون، ويعلمون أنّهم هم المحقّون الصادقون.(33)
152- وعن زرارة بن أعين، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): عجبت - أصلحک الله - وإنّي لاعجب من القائم (عليه السلام) کيف يُقاتَل مع ما يرون من العجائب من خسف البيداء بالجيش، ومن النداء الذي يکون من السماء؟ فقال: إنّ الشيطان لا يدعهم حتّي ينادي کما نادي برسول الله (صلي الله عليه وآله) يوم العقبة.(34)
153- وعن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: هما صيحتان: صيحة في أوّل الليل، وصيحة في آخر الليلة الثانية. قال: فقلت: کيف ذلک؟ قال: فقال: واحدة من السماء، وواحدة من إبليس. فقلت: وکيف تعرف هذه من هذه؟
فقال: يعرفها من کان سمع بها قبل أن تکون.(35)
154- وعن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنّ الناس يوبخونا، ويقولون: من أين يعرف المحقّ من المبطل إذا کانتا؟ فقال: ما تردّون عليهم؟ قلت: فما نردّ عليهم شيئاً. قال: فقال: قولوا لهم: يصدّق بها إذا کانت مَن کان مؤمناً يؤمن بها قبل أن تکون، قال الله عزّ وجلّ: (أفَمَنْ يَهْدي إلي الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهِدِّي إلاّ أنْ يُهْدي فَما لَکُمْ کَيْفَ تَحْکُمون).(36)
155- وعن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) قال: لا يکون هذا الامر الذي تمدّون إليه أعناقکم حتّي ينادي مناد من السماء: ألا إنّ فلاناً صاحب الامر، فعلام القتال؟.(37)
156- وعن عجلان بن صالح، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تمضي الايام والليالي حتّي ينادي مناد من السماء: يا أهل الحقّ اعتزلوا، يا أهل الباطل اعتزلوا، فيعزل هؤلاء من هؤلاء، ويعزل هؤلاء من هؤلاء.
قال: قلت: أصلحک الله، يخالط هؤلاء وهؤلاء بعد ذلک النداء؟
قال: کلاّ، إنّه يقول في الکتاب (ما کانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنينَ عَلي ما أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّيْ يَميزَ الخَبيثَ مِنَ الطَّيِّب).(38)
157- وعن أبي رومان، عن عليّ (عليه السلام) قال: إذا نادي مناد من السماء: إنّ الحقّ في آل محمّد (صلي الله عليه وآله) فعند ذلک يظهر المهدي علي أفواه الناس ويسرّون، فلا يکون لهم ذکر غيره.(39)
الهوامش:
(1) الارشاد 2: 372، غيبة الطوسي: 267، الفصول المهمّة: 301، بحار الانوار 52: 211 / 59.
(2) البقرة 2: 155.
(3) الارشاد 2: 378، کمال الدين: 649 / 3، دلائل الامامة: 483 / 478.
(4) الغيبة للنعماني: 115.
(5) کمال الدين: 655 / 27.
(6) کمال الدين: 656 / 29.
(7) غيبة النعماني: 168.
(8) غيبة النعماني: 170.
(9) غيبة النعماني: 178.
(10) غيبة النعماني: 183.
(11) بحار الانوار 52: 182 / 6.
(12) بحار الانوار 52: 226 / 89.
(13) بحار الانوار 52: 229 / 93، والاية من سورة البقرة: 155.
(14) الملاحم والفتن: 63.
(15) الملاحم والفتن: 78.
(16) البرهان / المتّقي الهندي: 105 / 9.
(17) البرهان / المتّقي الهندي: 106 / 12.
(18) الارشاد 2: 370، الکافي 8: 209 / 255، غيبة الطوسي: 265، عقد الدرر: 149، بحار الانوار 52: 288 / 25.
(19) الارشاد 2: 371، کمال الدين: 652 / 14، غيبة الطوسي: 266 و274، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(20) الغيبة للنعماني: 120، غيبة الطوسي: 268.
(21) الغيبة للنعماني: 120 ـ 121.
(22) غيبة الطوسي: 274.
(23) غيبة الطوسي: 274.
(24) کمال الدين: 650 / 4.
(25) کمال الدين: 650 / 6، و652 / 16.
(26) کمال الدين: 650 / 8.
(27) کمال الدين: 652 / 13.
(28) غيبة النعماني: 170.
(29) غيبة النعماني: 174.
(30) غيبة النعماني: 175.
(31) غيبة النعماني: 175.
(32) غيبة النعماني: 176.
(33) غيبة النعماني: 176.
(34) غيبة النعماني: 177.
(35) غيبة النعماني: 177.
(36) غيبة النعماني: 177.
(37) غيبة النعماني: 178.
(38) بحار الانوار 52: 222 / 86.
(39) الملاحم والفتن: 59.
******************
158- وعن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): في محرّم ينادي مناد من السماء، ألا إنّ صفوة الله من خلقه فلان، فاسمعوا له وأطيعوا، في سنة الصوت والمعمعة.(1)
159- ذکر أبو اسحاق احمد (بن محمّد) بن إبراهيم الثعلبي في (تفسيره)، في قوله تعالي: (إنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعين) أي ذليلين.
قال: قال أبو حمزة الثمالي في هذه الاية: بلغنا - والله أعلم - أنّها صوت يسمع من السماء، في النصف من شهر رمضان، تخرج له العواتق من البيوت.(2)
160- وعن أبي اُمامة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يکون في رمضان صوت.
قالوا: يا رسول الله، في أوّله، ووسطه، وفي آخره؟
قال: بل في النصف من شهر رمضان، إذا کانت ليلة النصف ليلة الجمعة، يکون صوت من السماء، يصعق له سبعون ألفاً، ويخرس فيه سبعون ألفاً، وتُفتق فيه سبعون ألف عذراء.
قالوا: فمن السالم يا رسول الله؟
قال: من لزم بيته، وتعوّذ بالسجود، وجهر بالتکبير.
قال: ويتبعه صوت آخر، فالصوت الاوّل صوت جبريل، والصوت الثاني صوت الشيطان، فالصوت في رمضان، والمعمعة في شوّال، وتميّز القبائل في ذي القعدة، ويغار علي الحاجّ في ذي الحجّة والمحرّم، وأمّا المحرّم أوّله بلاء، وآخره فرج علي اُمّتي.
راحلةٌ في ذلک الزمان ينجو عليها المؤمن خيرٌ من دَسْکَرة(3) تُغلّ مائة ألف.(4)
161- وعن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، قال: إذا کانت صيحة في رمضان، فإنّه يکون معمعة في شوّال، وتميّز القبائل في ذي القعدة، وتسفک الدماء في ذي الحجّة والمحرّم، وما المحرّم؟ - يقولها ثلاثاً - هيهات، هيهات، يقتل الناس فيها هرجاً، هرجاً. قال: قلنا: وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: هدّةٌ في النصف من رمضان، ليلة جمعة، وتکون هدّة توقظ النائم، وتقعد القائم، وتخرج العواتق من خدورهنّ، في ليلة جمعة من سنة کثيرة الزلازل، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة، فادخلوا بيوتکم، وأغلقوا أبوابکم، وسدّوا کُواکم(5)، ودثّروا أنفسکم، وسدّوا آذانکم، فإذا أحسستم بالصيحة فخرّوا لله تعالي سجّداً وقولوا: سبحان القدّوس، سبحان القدّوس، فإنّه من فعل ذلک نجا، ومن لم يفعل ذلک هلک.(6)
162- وعن أبي هريرة، أحسبه رفعه، قال: يُسمع في شهر رمضان صوت من السماء، وفي شوّال همهمة، وفي ذي القعدة تحزَّبُ القبائل، وفي ذي الحجّة يسلب الحاجّ، وفي المحرّم الفرج.(7)
163- وعن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، قال: انظروا الفرج في ثلاث. قلنا: يا أمير المؤمنين، وما هي؟ قال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان. فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: وما سمعتم قول الله عزّ وجلّ في القرآن: (إنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعين)، وهي آيةٌ تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان.(8)
164- وعن شهر بن حوشب، قال: کان يقال: في شهر رمضان صوت، وفي شوّال همهمة، وفي ذي القعدة تميَّز القبائل، وفي ذي الحجّة تسفک الدماء، وينهب الحاجّ في المحرّم. قيل له: وما الصوت؟ قال: هادٌّ من السماء يوقظ النائم، ويفزع اليقظان، ويخرج الفتاة من خدرها، ويسمع الناس کلّهم، فلا يجيء رجل من اُفق من الافاق إلاّ حدّث أنّه سمعه.(9)
165- وعن محمّد بن عليّ (عليهما السلام)، قال: الصوت في شهر رمضان، في ليلة جمعة، فاسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس، ينادي: ألا إنّ فلاناً قتل مظلوماً. يشکّک الناس ويفتنهم، فکم في ذلک اليوم من شاکّ متحيّر، فإذا سمعتم الصوت في رمضان - يعني الاوّل - فلا تشکّوا أنّه صوت جبريل، وعلامة ذلک أنّه ينادي باسم المهدي واسم أبيه.(10)
166- وعن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، قال: إذا نادي مناد من السماء: إنّ الحقّ في آل محمّد، فعند ذلک يظهر المهدي.(11)
المطر
167- روي بالاسناد عن سعيد بن جبير أنّه قال: إنّ السنة التي يقوم فيها المهدي (عليه السلام) تمطر الارض أربعاً وعشرين مطرة، تُري آثارها وبرکاتها.(12)
168- وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّ قدّام القائم (عليه السلام) لسنة غيداقة، يفسد فيها الثمار والتمر في النخل، فلا تشکّوا في ذلک.(13)
علامات في الشمس والقمر والنجوم والسماء
169- روي بالاسناد عن أبي بصير، أنّه قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قوله تعالي: (إنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعين)(14)، قال: سيفعل الله ذلک بهم. قلت: من هم؟ قال: بنو اُميّة وشيعتهم. قلت: وما الاية؟ قال: رکود الشمس ما بين زوال الشمس إلي وقت العصر، وخروج صدر ووجه في عين الشمس يُعرف بحسبه ونسبه، وذلک في زمان السفياني، وعندها يکون بواره وبوار قومه.(15)
170- وروي بالاسناد عن بدر بن الخليل الازدي، أنّه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): آيتان تکونان قبل القائم: کسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، والقمر في آخره. قلت: يا بن رسول الله، تنکسف الشمس في آخر الشهر، والقمر في النصف. فقال أبو جعفر (عليه السلام): أنا أعلم بما قلت، إنّهما آيتان لم تکونا منذ هبط آدم (عليه السلام).(16)
171- وعن اُمّ سعيد الاحمسيّة، قالت: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداک يا بن رسول الله، اجعل في يدي علامة من خرج المهدي.
قالت: فقال لي: يا اُمّ سعيد، إذا انکسف القمر ليلة البدر من رجب، وخرج رجل من تحته، فذاک عند خروج القائم.(17)
172- وعن ورد أخي الکميت، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: اثنان بين يدي هذا الامر: خسوف القمر لخمس، وکسوف الشمس لخمس عشرة، ولم يکن ذلک منذ هبط آدم (عليه السلام) إلي الارض، وعند ذلک يسقط حساب المنجّمين.(18)
173- وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تنکسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم.(19)
174- وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: علامة خروج المهـدي (عليه السلام) کسـوف الشمس في شهر رمضان في ثلاث عشرة وأربع عشرة منه.(20)
175- وعن عبد الله بن عباس قال: لا يخرج المهدي حتّي تطلع مع الشمس آية.(21)
176- وعن کعب، قال: إنّه يطلع نجم من المشرق، قبل خروج المهدي، له ذنب يضيء.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّـاد في کتاب (الفتن).(22)
177- وعن شريک، أنّه قال: بلغني أنّه قبل خروج المهدي، تنکسف الشمس في شهر رمضان مرّتين.(23)
178- وعن کثير بن مرّة الحضرمي، قال: آية الحوادث في رمضان علامة في السماء، بعدها اختلاف في الناس، فإذا أدرکتها فأکثر من الطعام ما استطعت.(24)
179- وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام)، قال: إذا بلغ العباسي خراسان، طلع بالمشرق القرن ذو السنين، وکان أوّل ما طلع بهلاک قوم نوح حين أغرقهم الله تعالي، وطلع في زمان إبراهيم حيث ألقوه في النار، وحين أهلک الله تعالي فرعون ومن معه، وحين قُتل يحيي بن زکريا، فإذا رأيتم ذلک فاستعيذوا بالله من شرّ الفتن، ويکون طلوعه بعد انکساف الشمس والقمر، ثمّ لا يلبثون حتّي يظهر الابقع بمصر.(25)
180- وعن کثير بن مرّة الحضرمي، قال: آية الحوادث: في رمضان علامة في السماء بعدها اختلاف في الناس، فإذا أدرکها أحد منکم فيحتکر من الطعام ما استطاع.(26)
181- وأخرج نعيم بن حمّـاد، عن کعب قال: يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضيء.(27)
182- وعن أبي عبد الله الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، قال: إذا رأيتم علامة من السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليلاً، فعندها فرج الناس، وهي قدوم المهدي.(28)
183- وأخرج الدارقطني في سننه عن محمّد بن علي، قال: لمهديّنا آيتان لم تکونا منذ خلق الله السماوات والارض: ينخسف القمر لاوّل ليلة من رمضان، وتنکسف الشمس في النصف منه، ولم تکونا منذ خلق الله السماوات والارض.(29)
184- وعن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) في قوله: (يَوْمَ يَأتي بَعْضُ آياتِ رَبِّکَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيْمانُها)(30)، قال: طلوع الشمس من مغربها.(31)
185- وعن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إنّ أوّل الايات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابّة ضحيً، فأ يّتها کانت قبل صاحبتها فالاُخري علي إثرها... ثمّ تلا عبد الله هذه الاية: (يَوْمَ يَأتي بَعْضُ آياتِ رَبِّکَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيْمانُها لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ کَسَبَتْ في إيْمانِها خَيْراً).(32)
186- وعن أبي الطفيل، عن حذيفة بن اُسيد: اطّلع النبيّ (صلي الله عليه وآله) علينا ونحن نتذاکر الساعة فقال: ما تذکرون؟ قالوا: نذکر الساعة. فقال: إنّها لن تقوم حتّي ترون عشر آيات: الدخان، والدجّال، والدابّة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسي بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلک نار تخرج من قبل(33)، تطرد الناس إلي محشرهم.(34)
الهدة والمعمعة
187- وعن أبي هريرة، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، قال: تکون هدّة في شهر رمضان، توقظ النائم، وتفزع اليقظان، ثمّ تظهر عصابة في شوّال، ثمّ معمعة في ذي الحجّة، ثمّ تُهتک المحارم في المحرّم، ثمّ يکون موت في صفر، ثمّ تنازع القبائل في ربيع، ثمّ العجب کلّ العجب بين جمادي ورجب، ثمّ ناقة مقتبة(35) خيرٌ من دسکرة تغلّ مائة ألف.(36)
188- وعن کعب الاحبار، قال: تکون في رمضان هدّة، توقظ النائم، وتفزع اليقظان، وفي شوّال مهمهة، وفي ذي القعدة المعمعة، وفي ذي الحجّة يسلب الحاجّ، والعجب کلّ العجب، بين جمادي ورجب. قيل: وما هو؟ قال: خروج أهل المغرب علي البراذين الشهب، يسبون بأسيافهم حتّي ينتهوا إلي اللجون(37)، وخروج السفياني يکون له وقعة بقرقيسيا، ووقعة بعاقرقوف، تُسبي فيها الولدان، يُقتل فيها مائة ألف، کلّهم أمير وصاحب سيف محلّي.(38)
نار من قبل المشرق والمغرب واليمن
189- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا رأيتم علامة في السماء، ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي، فعندها فرج الناس، وهي قدّام القائم (عليه السلام) بقليل.(39)
190- وعن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالي: (سَألَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع)(40)، قال: تأويلها بما يأتي، عذاب يقع في الثوية - يعني ناراً - حتّي تنتهي إلي الکناسة، کناسة بني أسد، حتّي تمرّ بثقيف، لا تدع وتراً لال محمّد (صلي الله عليه وآله) إلاّ أحرقته، وذلک قبل خروج القائم (عليه السلام).(41)
191- وعن عليّ بن إبراهيم، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن معني قوله تعالي: (سَألَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع)، فقال: نار تخرج من المغرب، وملک يسوقها من خلفها، حتّي تأتي من جهة دار بني سعد بن همام عند مسجدهم، فلا تدع داراً لبني اُميّة إلاّ أحرقتها وأهلها، ولا تدع داراً فيها وتر لال محمّد إلاّ أحرقتها، وذلک المهدي (عليه السلام).(42)
192- وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام)، أنّه قال: إذا رأيتم ناراً من المشرق، ثلاثة أيام وسبعة، فتوقّعوا فرج آل محمّد، إن شاء الله تعالي.
ثمّ قال: ينادي مناد من السماء باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، حتّي لا يبقي راقد إلاّ استيقظ، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام علي رجليه، فزعاً من ذلک، فرحم الله عبداً سمع ذلک الصوت فأجاب، فإنّ الصوت الاوّل هو صوت جبريل الروح الامين (عليه السلام).(43)
193- وعن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: تخرج نار حضرموت فتسوق الناس. قلنا: يا رسول الله ما تأمرنا؟ قال: عليکم بالشام.(44)
194- وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت تحشر الناس.
قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟
قال: عليکم بالشام.(45)
خروج کف من السماء
195- عن سعيد بن المسيّب، قال: تکون فرقة واختلاف حتّي تطلع کفّ من السماء، وينادي مناد من السماء أنّ أميرکم فلان.(46)
196- وعنه قال: تکون فتنة بالشام، کان أوّلها لعب الصبيان، ثمّ لا يستقيم أمر الناس علي شيء، ولا يکون لهم جماعة حتّي ينادي مناد من السماء: عليکم بفلان، وتطلع کفّ تشير.(47)
197- وعن الزهري، قال: إذا التقي السفياني والمهدي للقتال يومئذ، يُسمع صوت من السماء: ألا إنّ أولياء الله أصحاب فلان - يعني المهدي -.
قالت أسماء بنت عميس: إنّ أمارة ذلک کفّ من السماء مدلاّة ينظر إليها الناس.(48)
الهوامش:
(1) الملاحم والفتن: 61، عقد الدرر: 141.
(2) عقد الدرر: 139.
(3) الدسکرة: القرية العظيمة والارض المستوية.
(4) عقد الدرر: 139 ـ 140.
(5) الکوي: جمع کوة، وهي الخرق في الحائط.
(6) عقد الدرر: 142.
(7) عقد الدرر: 143.
(8) عقد الدرر: 143.
(9) عقد الدرر: 143 ـ 144.
(10) عقد الدرر: 144.
(11) عقد الدرر: 144.
(12) الارشاد 2: 373، غيبة الطوسي: 269.
(13) الارشاد 2: 377، غيبة الطوسي: 272، والسنة الغيداقة: المخصبة الکثيرة المطر، ولعلّ فساد التمر في النخل من کثرة المطر.
(14) الشعراء 26: 4.
(15) الارشاد 2: 373، بحار الانوار 52: 221 / 84.
(16) الارشاد 2: 374، الکافي 8: 212 / 258، غيبة الطوسي: 270، بحار الانوار 52: 213 / 67.
(17) دلائل الامامة: 484 / 479، إثبات الهداة 7: 149 / 724.
(18) کمال الدين: 655 / 25.
(19) کمال الدين: 655 / 28.
(20) غيبة النعماني: 182.
(21) الملاحم والفتن: 77، البرهان / المتّقي الهندي: 107 / 13، عقد الدرر: 145، غيبة الطوسي: 280 عن علي بن عبد الله بن عباس.
(22) عقد الدرر: 150.
(23) عقد الدرر: 150، البرهان / المتّقي الهندي: 108 / 19.
(24) عقد الدرر: 149.
(25) عقد الدرر: 148 ـ 149، البرهان / المتقي الهندي: 108 / 16.
(26) البرهان / المتقي الهندي: 108 / 17.
(27) البرهان / المتقي الهندي: 108 / 18.
(28) البرهان / المتقي الهندي: 109 / 20.
(29) البرهان / المتقي الهندي: 107 / 14.
(30) الانعام: 158.
(31) مسند احمد 3: 98.
(32) مسند احمد 2: 201.
(33) کذا، والظاهر وجود سقط هنا، ولعلّه من قبل المشرق، ومن قبل اليمن، کما في بعض الروايات.
(34) مسند احمد 4: 6.
(35) أي وضع عليها القتب.
(36) عقد الدرر: 146، المستدرک / الحاکم 4: 517.
(37) اللجون: بلد بالاردن.
(38) عقد الدرر: 146 ـ 147.
(39) غيبة النعماني: 179، عقد الدرر: 145.
(40) المعارج: 1.
(41) غيبة النعماني: 182.
(42) بحار الانوار 52: 188 / 14، وقال العلاّمة المجلسي (رحمه الله) في قوله (وذلک المهدي) أي من علاماته وعند ظهوره (عليه السلام).
(43) عقد الدرر: 145، البرهان / المتقي الهندي: 109 / 21.
(44) مسند احمد 2: 8.
(45) مسند احمد 2: 52.
(46) الملاحم والفتن: 61.
(47) الملاحم والفتن: 60.
(48) الملاحم والفتن: 62، عقد الدرر: 144.
******************
انحسار النيل
198- عن عبد الله بن عمر، قال: والله إنّي لاعلم السبب الذي تخرجون فيه من مصر. فقيل له: يخرجوننا منها، أعدوّ؟ فقال: لا، ولکن يخرجکم نيلکم هذا، يغور فلا تبقي منه قطرة حتّي يکون فيه الکثبان من الرمل.(1)
انحسار الفرات
199- وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): الفتنة الرابعة ثلاثة عشر عاماً، ثمّ تنجلي حين تنجلي وقد حسرت الفرات عن جبل من ذهب، ثمّ تکبّ عليه الاُمّة، فيقتل من کلّ تسعة سبعة.(2)
200- وقال (صلي الله عليه وآله): يوشک الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع الناس به ساروا إليه، فيقول من عنده والله لئن ترکنا الناس يأخذون منه ليذهبن به کلّه، فيقتتلون عليه حتّي يقتل من کلّ مائة تسعة وتسعون.(3)
201- وقال (صلي الله عليه وآله): لا تقوم الساعة حتّي يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس، ويقتل تسعة أعشارهم.(4)
202- وقال (صلي الله عليه وآله): لا تقوم الساعة حتّي يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل عليه الناس، فيقتل من کلّ مائة تسعة وتسعون، فيقول کلّ رجل منهم: لعلّي أن أکون أنا أنجو.(5)
203- وقال (صلي الله عليه وآله): يوشک الفرات يحسر عن کنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً.(6)
204- وقال (صلي الله عليه وآله): يحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضّة، فيقتل عليه من کلّ تسعة سبعة، فإذا أدرکتموه فلا تقربوه.(7)
205- وقال (صلي الله عليه وآله): يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتتلون عليه، فيقتل من کلّ مائة تسعة وتسعون، ولا تقوم الساعة إلاّ نهاراً.(8)
الدجال والدابة والفزعة
206- عن النزال بن سبرة، قال: خطبنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله عزّ وجلّ وأثني عليه، وصلّي علي محمّد وآله، ثمّ قال: سلوني أيّها الناس قبل أن تقفدوني - ثلاثاً - فقام إليه صعصعة بن صوحان. فقال: يا أمير المؤمنين، متي يخرج الدجّال؟ فقال له عليّ (عليه السلام): لذلک علامات وهيئات يتبع بعضها بعضاً کحذو النعل بالنعل، وإن شئت أنبأتک بها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): احفظ فإنّ علامة ذلک إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الامانة، واستحلّوا الکذب، وأکلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيّدوا البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الارحام، واتّبعوا الاهواء، واستخفّوا بالدماء، وکان الحلم ضعفاً، والظلم فخراً.
وکانت الاُمراء فجرة، والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة، والقرّاء فسقة، وظهرت شهادة الزور، واستعلن الفجور، وقول البهتان، والاثم والطغيان، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطوّلت المنارات، واُکرمت الاشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشارک النساء أزواجهنّ في التجارة حرصاً علي الدنيا، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم.
وکان زعيم القوم أرذلهم، واُتّقي الفاجر مخافة شرّه، وصدّق الکاذب، وائتمن الخائن، واتّخذت القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الاُمّة أوّلها، ورکب ذوات الفروج السروج، وتشبّه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يستشهد، وشهد الاخر قضاء لذمام بغير حقّ عرفه وتفقّه لغير الدين.
وآثروا عمل الدنيا علي الاخرة، ولبسوا جلود الضأن علي قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرّ من الصبر، فعند ذلک الوحا الوحا، ثمّ العجل العجل، خير المساکن يومئذ بيت المقدس، وليأتين علي الناس زمانٌ يتمنّي أحدهم أنّه من سکانه.
فقام إليه الاصبغ بن نباتة، فقال: يا أمير المؤمنين، من الدجّال؟ فقال: ألا إنّ الدجّال صائد بن الصيد، فالشقيّ من صدّقه، والسعيد من کذّبه، يخرج من بلدة يقال لها إصفهان، من قرية تعرف باليهوديّة، عينه اليمني ممسوحة، والعين الاُخري في جبهته تضيء کأنّها کوکب الصبح، فيها علقة ممزوجة بالدم، بين عينيه مکتوب: کافر، يقرؤه کلّ کاتب واُمّي، يخوض البحار، وتسير معه الشمس، بين يديه جبل من دخان، وخلفه جبل أبيض يُري الناس أنّه طعام، يخرج حين يخرج في قحط شديد، تحته حمار أقمر، خطوة حماره ميل، تطوي له الارض منهلاً منهلاً، لا يمرّ بماء إلاّ غار إلي يوم القيامة.
ينادي بأعلي صوته، يسمع ما بين الخافقين من الجنّ والانس والشياطين، يقول: إليّ أوليائي، أنا الذي خلق فسوّي، وقدّر فهدي، أنا ربّکم الاعلي ; وکذب عدوّ الله، إنّه أعور، يطعم الطعام، ويمشي في الاسواق، وإنّ ربّکم عزّ وجلّ ليس بأعور، ولا يطعم، ولا يمشي، ولا يزول، تعالي الله عن ذلک علوّاً کبيراً.
ألا وإنّ أکثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله الله عزّ وجلّ بالشام، علي عقبة تعرف بعقبة أفيق، لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة علي يد من يصلّي عيسي بن مريم (عليه السلام) خلفه، ألا إنّ بعد ذلک الطامة الکبري.
قلنا: وما ذلک يا أمير المؤمنين؟
قال: خروج دابّة من الارض من عند الصفا، معها خاتم سليمان بن داود، وعصا موسي (عليه السلام)، يضع الخاتم علي وجه کلّ مؤمن، فينطبع فيه: هذا مؤمن حقّاً، ويضعه علي وجه کلّ کافر، فينکتب: هذا کافر حقّاً، حتّي أنّ المؤمن لينادي: الويل لک يا کافر، وإنّ الکافر ينادي: طوبي لک يا مؤمن، وددت أنّي اليوم کنت مثلک فأفوز فوزاً عظيماً.
ثمّ ترفع الدابة رأسها، فيراها من بين الخافقين بإذن الله جلّ جلاله، وذلک بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلک ترفع التوبة، فلا توبة تقبل، ولا عمل يرفع (وَلا يَنْفَعُ نَفْساً إيْمانُها لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ کَسَبَتْ في إيْمانِها خَيْراً).
ثمّ قال (عليه السلام): لا تسألوني عمّـا يکون بعد هذا، فإنّه عهدٌ عهده إليّ حبيبي رسول الله (صلي الله عليه وآله) أن لا اُخبر به غير عترتي.
قال النزل بن سبرة: فقلت لصعصعة بن صوحان: يا صعصعة، ما عني أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا؟ فقال صعصعة: يا ابن سبرة، إنّ الذي يصلّي خلفه عيسي ابن مريم (عليه السلام) هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن عليّ (عليه السلام)، وهو الشمس الطالعة من مغربها، يظهر عند الرکن والمقام فيطهّر الارض، ويضع ميزان العدل، فلا يظلم أحد أحداً، فأخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ حبيبه رسول الله (صلي الله عليه وآله) عهد إليه أن لا يخبر بما يکون بعد ذلک غير عترته الائمة (صلوات الله عليهم أجمعين).(9)
207- وعن داود الدجاجي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليه السلام)، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالي: (فَاخْتَلَفَ الاحْزابُ بَيْنَهُمْ) فقال: انتظروا الفرج من ثلاث. فقيل: يا أمير المؤمنين، وما هنّ؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان.
فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: وما سمعتم قول الله عزّ وجلّ في القرآن (إنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعين) هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان.(10)
208- وعن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالي: (إنَّ اللهَ قادِرٌ عَلي أنْ يُنَزِّلَ آيَة)(11)، قال: وسيريک في آخر الزمان آيات، منها: دابة الارض، والدجّال، ونزول عيسي بن مريم، وطلوع الشمس من مغربها.(12)
209- وعن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالي: (قُلْ هُوَ القادِرُ عَلي أنْ يَبْعَثَ عَلَيْکُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِکُمْ)(13)، قال: هو الدجّال والصيحة (أوْ مِنْ تَحْتِ أرْجُلِکُمْ) وهو الخسف (أوْ يَلْبِسَکُمْ شِيَعاً) وهو اختلاف في الدين، وطعن بعضکم علي بعض (وَيُذيقَ بَعْضَکُمْ بَأسَ بَعْض) وهو أن يقتل بعضکم بعضاً، وکلّ هذا في أهل القبلة.(14)
210- وعن محمّد بن شعيب بن غزوان، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: دخل عليه رجل من أهل بلخ، فقال له: يا خراساني، تعرف وادي کذا وکذا؟ قال: نعم. قال له: تعرف صدعاً في الوادي من صفته کذا وکذا؟ قال: نعم. قال: من ذلک يخرج الدجّال.(15)
211- وعن عبد الرحمن، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ليهبطن الدجّال حول کرمان في ثمانين ألفاً، کأنّ وجوههم المجان المطرّقة، يلبسون الطيالسة، وينتعلون الشعر.(16)
212- وعن أبي الدهماء، عن هشام بن عامر، قال: إنّکم لتجاوزون إلي رهط من أصحاب النبيّ (صلي الله عليه وآله) ما کانوا أحصي ولا أحفظ لحديثه منّي، وإنّي سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: ما بين آدم إلي يوم القيامة أمر أکبر من الدجّال.(17)
213- وعن جابر بن عبد الله، أنّه قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يخرج الدجّال في خفقة(18) من الدين، وإدبار من العلم.(19)
الائمة المضلون
214- عن حذيفة، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: ويح هذه الاُمّة من ملوک جبابرة، کيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلاّ من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقيّ يصانعهم بلسانه ويفرّ منهم بقلبه، فإذا أراد الله عزّ وجلّ أن يعيد الاسلام عزيزاً قصم کلّ جبّار، وهو القادر علي ما يشاء أن يصلح اُمّة بعد فسادها.
فقال عليه الصلاة والسلام: يا حذيفة، لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلک اليوم حتّي يملک رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم علي يديه، ويظهر الاسلام، لا يخلف وعده، وهو سريع الحساب.(20)
215- وعن قيس بن جابر الصدفي، عن أبيه، عن جدّه، أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: سيکون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء اُمراء، ومن بعد الاُمراء ملوک، ومن بعد الملوک جبابرة، ثمّ يخرج رجل من أهل بيتي يملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً، ثمّ يؤمّر القحطاني، فوالذي بعثني بالحقّ ما هو دونه.(21)
216- وعن أبي اُمامة الباهلي: أنّه سمع رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: لينقضنّ عري الاسلام عروة عروة، فکلّما انتقضت عروة تشبّث الناس بالتي تليها، وأوّلهن نقضاً الحکم، وآخرهن الصلاة.(22)
217- وعن جابر بن عبد الله، أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال لکعب بن عجرة: أعاذک الله يا کعب بن عجرة من إمارة السفهاء.
قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: اُمراء يکونون بعدي، لا يهدون بهديي، ولا يستنّون بسنّتي، فمن صدقهم بکذبهم وأعانهم علي ظلمهم، فاُولئک ليسوا منّي ولست منهم، ولا يردون عليّ حوضي، ومن لم يصدّقهم علي کذبهم ولم يعنهم علي ظلمهم، فاُولئک منّي وأنا منهم، وسيردون عليّ حوضي.
يا کعب بن عجرة: الصوم جُنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصلاة قربان - وقال: برهان -.
يا کعب بن عجرة، إنّه لا يدخل الجنّة لحم نبت من سحت أبداً، النار أولي به.
يا کعب بن عجرة، الناس غاديان، فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائعها فموبقها.(23)
علماء السوء وأحوال أهل آخر الزمان
218- في حديث عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: أيّها السائل عن الساعة: تکون عند خبث الاُمراء، ومداهنة القرّاء، ونفاق العلماء، وإذا صدّقت اُمّتي بالنجوم وکذّبت بالقدر، ذلک حين يتّخذون الامانة مغنماً والصدقة مغرماً، والفاحشة إباحة، والعبادة تکبّراً واستطالة علي الناس.(24)
219- وعن عوف بن مالک، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): کيف أنت يا عوف، إذا افترقت هذه الاُمّة علي ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنّة وسائرهن في النار؟
قلت: ومتي ذلک يا رسول الله؟ قال: إذا کثرت الشُرط، وملکت الاماء، وقعدت الحملان علي المنابر، واتّخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد ورفعت المنابر، واتّخذ الفيء دُوَلاً، والزکاة مغرماً، والامانة مغنماً، وتفقّه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته وعقّ اُمّه وأقصي أباه، ولعن آخر هذه الاُمّة أوّلها، وساد القبيلة فاسقهم، وکان زعيم القوم أرذلهم، واُکرم الرجل اتّقاء شرّه، فيومئذ يکون ذلک، ويفزع الناس يومئذ إلي الشام يعصمهم من عدوّهم.
قلت: وهل يُفتح الشام؟ قال: نعم وشيکاً، ثمّ تقع الفتن بعد فتحها، ثمّ تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثمّ يتبع الفتن بعضها بعضاً، حتّي يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي، فإن أدرکته فاتبعه وکن من المهتدين.(25)
220- وعن النعمان بن بشير، قال: صبّحنا النبيّ (صلي الله عليه وآله) فسمعناه يقول: إنّ بين يدي الساعة فتناً کأنّها قطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي کافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح کافراً، يبيع أقوام (فيه) أخلاقهم بعرض من الدنيا قليل.(26)
221- وعن السکوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): سيأتي علي اُمّتي زمان، لا يبقي من القرآن إلاّ رسمه، ولا من الاسلام إلاّ اسمه، يسمّون به وهم أبعد الناس عنه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدي، فقهاء ذلک الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود.(27)
222- وفي (جامع الاخبار) مرسلاً عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: يأتي علي الناس زمان بطونهم آلهتهم، ونساؤهم قبلتهم، ودنانيرهم دينهم، وشرفهم متاعهم، لا يبقي من الايمان إلاّ اسمه، ومن الاسلام إلاّ رسمه، ولا من القرآن إلاّ درسه، مساجدهم معمورة، وقلوبهم خراب من الهدي، علماؤهم أشرّ خلق الله علي وجه الارض، حينئذ ابتلاهم الله بجور من السلطان، وقحط من الزمان، وظلم من الولاة والحکّام.
فتعجّب الصحابة وقالوا: يا رسول الله، أيعبدون الاصنام؟ قال: نعم، کلّ درهم عندهم صنم.(28)
223- وعن أبي هريرة، قال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: يأتي علي الناس زمان يأکلون فيه الربا.
قال: قيل له: الناس کلّهم؟ قال: من لم يأکله منهم نال من غباره.(29)
224- وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): سيجيء أقوام في آخر الزمن وجوههم وجوه الادميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، أمثال الذئاب الضواري، ليس في قلوبهم شيء من الرحمة، سفّاکون للدماء، لا يرعوون عن قبيح، إن بايعتهم واربوک، وإن تواريت عنهم اغتابوک، وإن حدّثوک کذبوک، وإن ائتمنتهم خانوک، صبيّهم غارم، وشابّهم شاطر، وشيخهم لا يأمر بمعروف ولا ينهي عن منکر، الاعتزاز بهم ذلّ، وطلب ما في أيديهم فقر. الحليم فيهم غاو، والامر فيهم بالمعروف متّهم، والمؤمن فيهم مستضعف، والفاسق فيهم مشرّف، السنّة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنّة، فعند ذلک يسلّط الله عليهم شرارهم، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم.(30)
225- وعن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: إنّ بين يدي القائم (عليه السلام) سنين خدّاعة، يکذب فيها الصادق، ويصدق فيها الکاذب، ويقرب فيها الماحل.(31)
226- وعن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام استُقبِل من جهة الناس أشدّ ممّـا استقبله رسول الله (صلي الله عليه وآله) من جهّال الجاهليّة. فقلت: وکيف ذلک؟ قال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) أتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتي الناس وکلّهم يتأوّل عليه کتاب الله ويحتجّ عليه به، ثمّ قال: أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم کما يدخل الحرّ والقرّ.(32)
227- وعن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إنّ القائم (عليه السلام) يلقي في حربه ما لم يلق رسول الله (صلي الله عليه وآله) لانّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبة المنحوتة، وإنّ القائم (عليه السلام) يخرجون عليه فيتأوّلون عليه کتاب الله ويقاتلون عليه.(33)
228- وعن محمّد بن الفضيل، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث عن زوال ملک بني العباس - قال: قلت: جعلت فداک، فمتي يکون ذلک؟ قال (عليه السلام): أما إنّه لم يوقّت لنا فيه وقت، ولکن إذا حدّثناکم بشيء فکان کما نقول، فقولوا: صدق الله ورسوله، وإن کان بخلاف ذلک فقولوا: صدق الله ورسوله، تؤجروا مرّتين، ولکن إذا اشتدّت الحاجة والفاقة، وأنکر الناس بعضهم بعضاً، فعند ذلک توقّعوا هذا الامر صباحاً ومساءً.
قلت: جعلت فداک، الحاجة والفاقة عرفناها، فما إنکار الناس بعضهم بعضاً؟
قال: يأتي الرجل أخاه في حاجة، فيلقاه بغير الوجه الذي کان يلقاه فيه، ويکلّمه بغير الکلام الذي کان يکلّمه.(34)
229- وعن السکوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): سيأتي علي امّتي زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا، لا يريدون به ما عند الله عزّ وجلّ، يکون أمرهم رياء لا يخالطه خوف، يعمّهم الله منه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق، فلا يستجاب لهم.(35)
الهوامش:
(1) الملاحم والفتن: 177.
(2) البرهان / المتقي الهندي: 110.
(3) البرهان / المتقي الهندي: 110.
(4) البرهان / المتقي الهندي: 111.
(5) البرهان / المتقي الهندي: 111.
(6) البرهان / المتقي الهندي: 111.
(7) البرهان / المتقي الهندي: 111.
(8) البرهان / المتقي الهندي: 111.
(9) کمال الدين: 525 / 1.
(10) غيبة النعماني: 168.
(11) الانعام: 37.
(12) بحار الانوار 52: 181 / 4.
(13) الانعام: 65.
(14) بحار الانوار 52: 181 / 4.
(15) بحار الانوار 52: 190 / 19.
(16) الملاحم والفتن: 87.
(17) مسند احمد 4: 21.
(18) الخفقة: الاضطراب.
(19) مسند احمد 3: 367.
(20) عقد الدرر: 62، البرهان / المتقي الهندي: 92 / 12.
(21) المعجم الکبير / الطبراني 22: 375 / 937.
(22) مسند احمد 5: 251.
(23) المصنّف / عبد الرزّاق 11: 345 / 20719، مسند احمد 3: 321.
(24) إرشاد القلوب 1: 67 / باب 16.
(25) المعجم الکبير / الطبراني 18: 51 / 91.
(26) مسند الطيالسي: 108 / 803.
(27) ثواب الاعمال: 301 / 4، بحار الانوار 52: 190 / 21.
(28) جامع الاخبار: 129 / الفصل 88.
(29) مسند احمد 2: 494.
(30) المعجم الصغير / الطبراني 2: 39، مجمع الزوائد 7: 326.
(31) غيبة النعماني: 186.
(32) غيبة النعماني: 200.
(33) غيبة النعماني: 201.
(34) بحار الانوار 52: 185 / 9.
(35) بحار الانوار 52: 190 / 20.
******************
230- وعن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث ذکر فيه بني العباس - وجاء فيه: أنّ بعض مواليه (عليه السلام) قال له: إلي متي هؤلاء يملکون؟ ومتي الراحة منهم؟
فقال (عليه السلام): أليس أنّ لکلّ شيء مدّة؟ قال: بلي. فقال (عليه السلام): إنّ هذا الامر إذا جاء کان أسرع من طرفة العين، إنّک لو تعلم حالهم عند الله عزّ وجلّ، وکيف هي، کنت لهم أشدّ بغضاً، ولو جهدت وجهد أهل الارض أن يدخلوهم في أشدّ ما هم فيه من الاثم لم يقدروا، فلا يستفزّنک الشيطان، فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ولکنّ المنافقين لا يعلمون.
فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق، واُحدث فيه ما ليس فيه، ووجّه علي الاهواء، ورأيت الدين قد انکفأ کما ينکفئ الاناء.
ورأيت أهل الباطل قد استعلوا علي أهل الحقّ، ورأيت الشرّ ظاهراً لا ينهي عنه، ويعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، واکتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتاً لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يکذب ولا يردّ عليه کذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر بالکبير، ورأيت الارحام قد تقطّعت، ورأيت من يُمتدح بالفسق، يضحک منه ولا يردّ عليه قوله.
ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوّجن النساء، ورأيت الثناء قد کثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله، فلا ينهي ولا يؤخذ علي يديه، ورأيت الناظر يتعوّذ بالله ممّـا يري المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع.
ورأيت الکافر فرحاً لما يري في المؤمن، مرحاً لما يري في الارض من الفساد، ورأيت الخمور تشرب علانيةً، ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزّ وجلّ، ورأيت الامر بالمعروف ذليلاً، ورأيت الفاسق فيما لا يحبّ الله قويّاً محموداً، ورأيت أصحاب الايات يُحقّرون ويحتقر من يحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً، وسبيل الشرّ مسلوکاً، ورأيت بيت الله قد عطّل ويؤمر بترکه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله. ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب، وامتشطوا کما تمتشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الاموال علي فروجهم، وتنوفس في الرجل، وتغاير عليه الرجال، وکان صاحب المال أعزّ من المؤمن، وکان الربا ظاهراً لا يعيّر، وکان الزنا يمتدح به النساء.
ورأيت المرأة تصانع زوجها علي نکاح الرجال، ورأيت أکثر الناس وخير بيت من يساعد النساء علي فسقهنّ، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلّل، ورأيت الحلال يحرّم، ورأيت الدين بالرأي، وعُطّل الکتاب وأحکامه، ورأيت الليل لا يستخفي به من الجرأة علي الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينکر إلاّ بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزّ وجلّ.
ورأيت الولاة يقرّبون أهل الکفر، ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحکم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الارحام ينکحن، ويکتفي بهنّ، ورأيت الرجل يقتل علي التهمة وعلي الظنّة، ويتغاير علي الرجل الذکر، فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعيّر علي إتيان النساء، ورأيت الرجل يأکل من کسب امرأته من الفجور، يعلم ذلک ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها، وتعمل ما لا يشتهي، وتنفق علي زوجها، ورأيت الرجل يکري امرأته وجاريته، ويرضي بالدنيّ من الطعام والشراب.
ورأيت الايمان بالله عزّ وجلّ کثيرة علي الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهراً ليس عليه مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لاهل الکفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرّ بها لا يمنعها أحد أحداً، ولا يجترئ أحد علي منعها، ورأيت الشريف يستذلّه الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يزوّر ولا يقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه.
ورأيت القرآن قد ثقل علي الناس استماعه، وخفّ علي الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يکرم الجار خوفاً من لسانه، ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالاهواء، ورأيت المساجد قد زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الکذب، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تُستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضاً.
ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يذلّ للکافر المؤمن، ورأيت الخراب قد اُديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المکيال والميزان، ورأيت سفک الدماء يستخفّ بها.
ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا، ويشهّر نفسه بخبث اللسان ليتّقي، وتسند إليه الاُمور، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الکثير لم يزکّه منذ ملکه، ورأيت الميّت ينشر من قبره ويؤذي وتباع أکفانه، ورأيت الهرج قد کثر.
ورأيت الرجل يمسي نشوان، ويصبح سکران، لا يهتمّ بما يقول الناس فيه، ورأيت البهائم تنکح، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج إلي مصلاّه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست، وجمدت عيونهم، وثقل الذکر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلّي إنّما يصلّي ليراه الناس.
ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يُذمّ ويعيّر، وطالب الحرام يمدح ويعظّم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبّ الله، لا يمنعهم مانع، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين.
ورأيت الرجل يتکلّم بشيء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهي عن المنکر، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنک موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلي بعض، ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلک الخير وطريقه خالياً لا يسلکه أحد، ورأيت الميّت يهزأ به فلا يفزع له أحد.
ورأيت کلّ عام يحدث فيه من البدعة والشرّ أکثر ممّـا کان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلاّ الاغنياء، ورأيت المحتاج يُعطي علي الضحک به، ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الايات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون کما تسافد البهائم، لا ينکر أحد منکراً تخوّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الکثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله.
ورأيت العقوق قد ظهر، واستخفّ بالوالدين، وکانا من أسوأ الناس حالاً عند الولد، ويفرح بأن يفتري عليهما، ورأيت النساء قد غلبن علي الملک، وغلبن علي کلّ أمر، لا يؤتي إلاّ ما لهنّ فيه هوي، ورأيت ابن الرجل يفتري علي أبيه، ويدعو علي والديه، ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل - إذا مرّ به يوم ولم يکسب فيه الذنب العظيم، من فجور وبخس مکيال وميزان، وغشيان حرام، وشرب مسکر - کئيباً حزيناً يحسب أنّ ذلک اليوم عليه وضيّعه من عمره.
ورأيت السلطان يحتکر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربي تقسم في الزور، ويتقامر بها، ويشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوي بها، وتوصف للمريض ويستشفي بها، ورأيت الناس قد استووا في ترک الامر بالمعروف والنهي عن المنکر وترک التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة، ورياح أهل الحقّ لا تحرّک. ورأيت الاذان بالاجر، والصلاة بالاجر، ورأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأکل لحوم أهل الحقّ، ويتواصفون فيها شراب المسکر، ورأيت السکران يصلّي بالناس فهو لا يعقل، ولا يشان بالسکر، وإذا سکر اُکرم واُتّقي وخيف، وترک لا يعاقب، ويعذر بسکره.
ورأيت من أکل أموال اليتامي يحدث بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لاهل الفسوق والجرأة علي الله، يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوي ولا يعمل القائل بما يأمر.
ورأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله، وتعطي لطلب الناس، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أکلوا وبما نکحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحقّ قد درست.
فکن علي حذر، واطلب من الله عزّ وجلّ النجاة، واعلم أنّ الناس في سخط الله عزّ وجلّ، وإنّما يمهلهم لامر يراد بهم، فکن مترقّباً، واجتهد ليراک الله عزّ وجلّ في خلاف ما هم عليه، فإن نزل بهم العذاب وکنت فيهم، عجّلت إلي رحمة الله، واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين وأنّ رحمة الله قريب من المحسنين.(1)
231- وعن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: حججت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) حجّة الوداع، فلمّـا قصد النبيّ (صلي الله عليه وآله) ما افترض عليه من الحجّ، أتي مودّع الکعبة، فلزم حلقة الباب، ونادي برفيع صوته: أيها الناس، فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق، فقال: اسمعوا، إنّي قائل ما هو بعدي کائن، فليبلغ شاهدکم غائبکم، ثمّ بکي رسول الله (صلي الله عليه وآله) حتّي بکي لبکائه الناس أجمعون، فلمّـا سکت من بکائه قال:
اعلموا رحمکم الله أنّ مثلکم في هذا اليوم کمثل ورق لا شوک فيه إلي أربعين ومائة سنة، ثمّ يأتي من بعد ذلک شوک وورق إلي مائتي سنة، ثمّ يأتي من بعد ذلک شوک لا ورق فيه، حتّي لا يري فيه إلاّ سلطان جائر، وغني بخيل، وعالم مراغب في المال، وفقير کذّاب، وشيخ فاجر، وصبيّ وقح، وامرأة رعناء، ثمّ بکي رسول الله (صلي الله عليه وآله).
فقام إليه سلمان الفارسي وقال: يا رسول الله، أخبرنا متي يکون ذلک؟
فقال (صلي الله عليه وآله): يا سلمان، إذا قلّت علماؤکم، وذهبت قرّاؤکم، وقطعتم زکاتکم، وأظهرتم منکراتکم، وعلت أصواتکم في مساجدکم، وجعلتم الدنيا فوق رؤوسکم، والعلم تحت أقدامکم، والکذب حديثکم، والغيبة فاکهتکم، والحرام غنيمتکم، ولا يرحم کبيرکم صغيرکم، ولا يوقّر صغيرکم کبيرکم، فعند ذلک تنزّل اللعنة عليکم، ويجعل بأسکم بينکم، وبقي الدين بينکم لفظاً بألسنتکم.
فإذا اُوتيتم هذه الخصال، توقّعوا الريح الحمراء، ومسخاً وقذفاً بالحجارة، وتصديق ذلک في کتاب الله عزّ وجلّ: (قُلْ هُوَ القادِرُ عَلي أنْ يَبْعَثَ عَلَيْکُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِکُمْ أوْ مِنْ تَحْتِ أرْجُلِکُمْ أوْ يَلْبِسَکُمْ شِيَعاً وَيُذيقَ بَعْضَکُمْ بَأسَ بَعْض اُنْظُرْ کَيْفَ نُصَرِّفُ الاياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهون).(2)
فقام إليه جماعة من الصحابة، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا متي يکون ذلک؟
فقال (صلي الله عليه وآله): عند تأخير الصلوات، واتباع الشهوات، وشرب القهوات(3)، وشتم الاباء والاُمّهات، حتّي ترون الحرام مغنماً، والزکاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته، وجفا جاره، وقطع رحمه، وذهبت رحمة الاکابر، وقلّ حياء الاصاغر، وشيّدوا البنيان، وظلموا العبيد والاماء، وشهدوا بالهوي، وحکموا بالجور، ويسبّ الرجل أباه، ويحسد الرجل أخاه، ويعامل الشرکاء بالخيانة، وقلّ الوفاء، وشاع الزنا، وتزيّن الرجال بثياب النساء، وسلب عنهنّ قناع الحياء، ودبّ الکبر في القلوب کدبيب السمّ في الابدان، وقلّ المعروف، وظهرت الجرائم، وهوّنت العظائم، وطلبوا المدح بالمال، وشغلوا بالدنيا عن الاخرة، وقلّ الورع، وکثر الطمع والهرج والمرج، وأصبح المؤمن ذليلاً، والمنافق عزيزاً، مساجدهم معمورة بالاذان، وقلوبهم خالية من الايمان، واستخفّوا بالقرآن، وبلغ المؤمن عنهم کلّ هوان.
فعند ذلک تري وجوههم وجوه الادميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، وکلامهم أحلي من العسل، وقلوبهم أمرّ من الحنظل، فهم ذئاب، وعليهم ثياب، ما من يوم إلاّ يقول الله تبارک وتعالي: أفيَّ تغترّون؟ أم عليّ تجترئون؟ (أفَحَسِبْتُمْ أنّما خَلَقْناکُمْ عَبَثاً وَأنّکُمْ إلَيْنا لا تُرْجَعون).
فوعزّتي وجلالي، لولا من يعبدني مخلصاً ما أملهت من يعصيني طرفة عين، ولولا ورع الورعين من عبادي، لما أنزلت من السماء قطرة، ولا أنبتّ ورقة خضراء.
فوا عجباه لقوم ألهتهم أموالهم، وطالت آمالهم، وقصرت آجالهم، وهم يطمعون في مجاورة مولاهم، ولا يصلون إلي ذلک إلاّ بالعمل، ولا يتمّ العمل إلاّ بالعقل.(4)
232- وعن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليأتينّ علي الناس زمان يظرف فيه الفاجر، ويقرب فيه الماجن، ويضعف فيه المنصف.
قال: فقيل له: متي ذلک يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا اتّخذت الامانة مغنماً، والزکاة مغرماً، والعبادة استطالة، والصلة منّاً.
قال: فقيل له: متي ذلک يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا تسلّطن النساء، وسلّطن الاماء، واُمّر الصبيان.(5)
233- وعن جابر الانصاري، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، قال: منّا مهديّ هذه الاُمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم علي بعض، فلا کبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقّر کبيراً، فيبعث الله عند ذلک مهديّنا، التاسع من صلب الحسين، يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم في الدين في آخر الزمان، کما قمت به في أوّل الزمان، ويملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً.(6)
234- وعن هارون بن هلال، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يخرج المهدي حتّي يرقي الظَلَمة.(7)
235- وعن مطر الورّاق، قال: لا يخرج المهدي حتّي يکفر بالله جهرة.(8)
236- وعن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لا يلبث الجور بعدي إلاّ قليلاً حتّي يطلع، فکلّما طلع من الجور شيء ذهب من العدل مثله، حتّي يولد في الجور من لا يعرف غيره، ثمّ يأتي الله بالعدل، فکلّما جاء من العدل ذهب من الجور مثله، حتّي يولد في العدل من لا يعرف غيره.(9)
الفتنة والاختلاف
237- عن عميرة بنت نفيل، قالت: سمعت الحسن بن عليّ (عليه السلام) يقول: لا يکون هذا الامر الذي تنتظرون حتّي يبرأ بعضکم من بعض، ويلعن بعضکم بعضاً، ويتفل بعضکم في وجه بعض، وحتّي يشهد بعضکم بالکفر علي بعض.
قلت: ما في ذلک خير.
قال: الخير کلّه في ذلک، عند ذلک يقوم قائمنا فيرفع ذلک کلّه.(10)
238- وعن هاني التمّـار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ لصاحب هذا الامر غيبة المتمسّک فيها بدينه کالخارط للقتاد بيديه. ثمّ قال هکذا بيده، فأيّکم يمسک شوک القتاد بيده؟ ثمّ قال: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة، فليتّق الله عبد، وليتمسّک بدينه.(11)
239- وعن خالد العاقولي - في حديث - عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: فما تمدّون أعينکم فيما تستعجلون، ألستم آمنين؟ أليس الرجل منکم يخرج من بيته، فيقضي حوائجه، ثمّ يرجع لم يختطف؟ إن کان من قبلکم علي ما أنتم عليه، ليؤخذ الرجل منهم فتقطع يداه ورجلاه، ويصلب علي جذوع النخل، وينشر بالمنشار، ثمّ لا يعدو ذنب نفسه، ثمّ تلا هذه الاية: (أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلوا الجَنَّةَ وَلَمَّـا يَأتِکُمْ مَثَلُ الَّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ البَأساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلوا حَتَّي يَقولَ الرَّسولُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ مَتي نَصْرُ اللهِ ألا إنَّ نَصْرَ اللهِ قَريب).(12)
240- وعن متيل بن عباد، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أظلّتکم فتنة عمياء منکشفة لا ينجو منها إلاّ النوَمَة.
قيل: يا أبا الحسن وما النوَمَة؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه.(13)
241- وعن الاصبغ بن نباتة، عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: يأتيکم بعد الخمسين والمائة اُمراء کفرة، واُمناء خونة، وعرفاء فسقة، فتکثر التجّار، وتقلّ الارباح، ويفشو الربا، ويکثر أولاد الزنا، وتتناکر المعارف، وتغمر السباخ، وتعظم الاهلة، وتستکفي النساء بالنساء، والرجال بالرجال.
فحدّث رجل عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قام إليه رجل حين تحدّث بهذا الحديث، فقال له: يا أمير المؤمنين، وکيف نصنع في ذلک الزمان؟
فقال (عليه السلام): الهرب الهرب، فإنّه لا يزال عدل الله مبسوطاً علي هذه الاُمّة ما لم يمل قرّاؤهم إلي اُمرائهم، وما لم يزل أبرارهم ينهي فجّارهم، فإن لم يفعلوا ثمّ استنفروا فقالوا: لا إله إلاّ الله، قال الله تعالي في عرشه: کذبتم لستم بها صادقين.(14)
242- وعن حذيفة بن اليمان، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: يميّز الله أولياءه وأصفياءه حتّي يطهّر الارض من المنافقين والضالّين وأبناء الضالّين، وحتّي تلتقي بالرجل يومئذ خمسون امرأة هذه تقول: يا عبد الله اشترني، وهذه تقول: يا عبد الله آوني.(15)
243- وعن زائدة بن قدامة، عن عبد الکريم، قال: ذکر عند أبي عبد الله (عليه السلام) القائم فقال: أنّي يکون ذلک ولم يستدر الفلک، حتّي يقال مات وهلک، في أيّ واد سلک. فقلت: وما استدارة الفلک؟ فقال: اختلاف الشيعة بينهم.(16)
244- وأخرج الطبراني عن عوف بن مالک أنّ النبيّ (صلي الله عليه وسلم) قال: تجيء فتنة غبراء مظلمة تتبع الفتن بعضها بعضاً حتّي يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي: فإن أدرکته فاتبعه، وکن من المهتدين.(17)
245- وأخرج نعيم بن حمّـاد، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم): ستکون بعدي فتن، منها فتنة الاحلاس، يکون فيها حرب وهرب، ثمّ بعدها فتنة أشدّ منها، ثمّ تکون فتنة کلّما قيل: انقطعت، تمادت، حتّي لا يبقي بيت إلاّ دخلته، ولا مسلم إلاّ ملّته، حتّي يخرج رجل من عترتي).(18)
246- وأخرج الداني، عن الحکم بن عيينة، قال: قلت لمحمّد بن عليّ: سمعت أنّه سيخرج منکم رجل يعدل في هذه الاُمّة.
قال: إنّا نرجو ما يرجو الناس، وإنّا نرجو لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلک اليوم حتّي يکون ما ترجوه هذه الاُمّة، وقبل ذلک فتن شرّ، فتنة يمسي الرجل مؤمناً ويصبح کافراً، ويصبح مؤمناً ويمسي کافراً، فمن أدرک ذلک منکم فليتّق الله وليکن من أحلاس بيته.(19)
247- وأخرج الداني، عن سلمة بن زفر، قال: قيل يوماً عند حذيفة: قد خرج المهدي، فقال: لقد أفلحتم إن خرج وأصحاب محمّد بينکم، إنّه لا يخرج حتّي لا يکون غائب أحبّ إلي الناس منه، ممّـا يلقون من الشرّ.(20)
248- وأخرج الطبراني في الاوسط، ونعيم، وابن عساکر، عن عليّ (عليه السلام) أنّ رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قال: تکون في آخر الزمان فتنة يحصل الناس (فيه) کما يحصل الذهب في المعدن، فلا تسبّوا أهل الشام، ولکن سبّوا أشرارهم، فإنّ فيهم الابدال.
يوشک أن يرسل علي أهل الشام سبب من السماء فيغرق جماعتهم، حتّي لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، فعند ذلک يخرج خارج من أهل بيتي علي ثلاث رايات، المکثر يقول: هم خمسة عشر ألفاً، والمقلّل يقول: هم اثنا عشر ألفاً، أمارتهم (أمت أمت)، يلقون سبع رايات، تحت کلّ راية منها رجل يطلب الملک فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله إلي المسلمين اُلفتهم ونعمتهم وقاصيهم ودانيهم.(21)
249- وأخرج نعيم بن حمّـاد - في کتاب الفتن بسند صحيح علي شرط مسلم -، عن علي (عليه السلام)، قال: الفتن أربع: فتنة السرّاء، وفتنة الضرّاء، وفتنة کذا - فذکر معدن الذهب - ثمّ يخرج رجل من عترة النبيّ (صلي الله عليه وسلم)، يصلح الله علي يديه أمرهم.(22)
250- وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يکون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له المهدي، يکون عطاؤه هنيئاً.(23)
الهوامش:
(1) بحار الانوار 52: 254 ـ 260 / 147 عن روضة الکافي.
(2) الانعام: 65.
(3) القهوات: الخمور.
(4) بحار الانوار 52: 262 ـ 264 / 148.
(5) بحار الانوار 52: 265 / 151.
(6) بحار الانوار 52: 266 / 154.
(7) الملاحم والفتن: 77.
(8) الملاحم والفتن: 78، البرهان / المتقي الهندي: 104 / 6.
(9) مسند احمد 5: 26 ـ 27.
(10) غيبة الطوسي: 267.
(11) غيبة الطوسي: 275.
(12) غيبة الطوسي: 276.
(13) غيبة الطوسي: 279.
(14) غيبة النعماني: 166.
(15) بحار الانوار 52: 225 / 88.
(16) بحار الانوار 52: 228 / 91.
(17) البرهان / المتقي الهندي: 103 / 2.
(18) البرهان / المتقي الهندي: 103 / 3.
(19) البرهان / المتقي الهندي: 104 / 7.
(20) البرهان / المتقي الهندي: 104 / 8.
(21) البرهان / المتقي الهندي: 105 / 10.
(22) البرهان / المتقي الهندي: 111 / 3.
(23) البيان في أخبار آخر الزمان: 85، الفصول المهمّة: 279.
******************
عصر الظهور وخصائص دولة العدل
نتناول في هذا الفصل يوم الخلاص، وهو اليوم الموعود لاقامة رکائز العدل والقسط، والقضاء المبرم علي جميع اُسس الظلم والجور، وتأسيس دولة الحقّ والعدل المنتظرة.
وممّـا يجب تحقّقه قبل عصر الظهور هو علامات الظهور وشرائطه، أمّا العلامات فقد ذکرناها في فصل خاصّ(1)، وأمّا شرائط الظهور فتتلخّص في وجود العدد الکافي من المؤمنين المخلصين الممحّصين لاقامة دولة الحقّ والعدل والهدي، ولا يمکن أن يتحقّق الظهور قبل تحقّق کلّ الشرائط والعلامات، لانّ تحقّقه قبل ذلک مستلزم لتحقّق المشروط قبل وجود شرطه، وتحقّق الغاية قبل الوسيلة، کما أنّه مستلزم لکذب العلامات والشرائط التي اُحرز صدقها وتواترها.
شرائط الظهور
ونريد بها الشرائط التي يتوقّف عليها تنفيذ اليوم الموعود، ونشر العدل الکامل في العالم کلّه، ذلک اليوم الذي يعتبر ظهور المهدي (عليه السلام) الرکن الاساسي لوجوده، ومع أنّ فکرة الغيبة والظهور منوطة بإرادة الله تعالي مباشرة، ولکنّ الله سبحانه أراد أن يتحدّد الظهور بنفس هذه الشرائط لاجل إنجاح اليوم الموعود، لانّ الامام المهدي (عليه السلام) مذخور لذلک، فيکون بين أمر الشرائط والظهور ترابط عضوي وثيق، وفيما يلي نذکر أهمّ تلک الشرائط:
1 - وجود الاُطروحة العادلة الکاملة التي تمثّل العدل المحض الواقعي، والقابلة للتطبيق في کلّ الامکنة والازمنة، والتي تضمن للبشرية جمعاء السعادة والرفاه في العاجل، والکمال البشَري المنشود في الاجل.
ولا بدّ أن تکون هذه الاُطروحة معروفة ولو بمعالمها الرئيسية قبل البدء بتطبيقها، لانّ تطبيقها يتوقّف علي مرور الناس بخطّ طويل من التجربة والتمحيص عليها، ليکونوا ممرّنين علي تقبّلها وتطبيقها، ولا يفجؤهم أمرها، ويهولهم مضمونها، ويصعب عليهم امتثالها.
2 - وجود القائد المحنّک الکبير الذي يمتلک القابليّة الکاملة لقيادة العالم کلّه، وهذان الشرطان يتوقّف عليهما أصل وجود اليوم الموعود، وقد تکفّل التخطيط الالهي بإيجادهما.
3 - وجود الناصرين المؤازرين المنفّذين بين يدي ذلک القائد الواحد، وأهمّ ما يشترط في هؤلاء المؤيّدين هو الوعي والشعور الحقيقي بأهمية وعدالة الهدف الذي يسعي إليه، والاُطروحة التي يسعي إلي تطبيقها، ويشترط فيهم أيضاً التضحية في سبيل هدفه علي أيّ مستوي اقتضته مصلحة ذلک الهدف.
4 - وجود القواعد الشعبيّة الکافية ذات المستوي الکافي في الوعي والتضحية من أجل تطبيق الاُطروحة العادلة الکاملة في اليوم الموعود، فإنّ المخلصين الممحّصين الذين يتوفّر فيهم الشرط الثالث، يمثّلون الطليعة الواعية لغزو العالم، وأمّا تطبيق الاُطروحة فيحتاج إلي عدد أکبر من القواعد الشعبيّة الکافية، ليکونوا هم المثل الصالحة لتطبيق الاُطروحة العادلة الکاملة في العالم، حين يبدأ انتشاره يومئذ. وهذان الشرطان - أي وجود الناصرين والقواعد الشعبيّة - ممّـا يتوقّف عليه نجاح اليوم الموعود وتحقيق أهدافه، وخاصّة الشرط الثالث الذي هو وجود العدد الکافي من المخلصين لغزو العالم، إذ لولا وجودهم لما أمکن النجاح إلاّ بالمعجزة، وهو الامر الذي ترفضه الدعوة الالهية لأنّه يؤدّي إلي الاجبار والالجاء.(2)
وعليه فهذا الشرط والذي سبقه لا يخرج عن إطار التخطيط الالهي، إلاّ أنّه تعالي ترک لنا الحرّية الکاملة في إعداد أنفسنا في الغيبة الکبري، بعد أن تبيّن لنا من خلال ما قدّمناه في تأريخ الغيبة الکبري أنّ الاحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) قد بيّنت وأوضحت بشکل جلي التکليف خلال الغيبة الکبري التي لا تخلو من الامتحان والتمحيص لاعداد تلک النخبة الواعية المؤمنة الصالحة التي لا تنفکّ عن انتظار الفرج في کلّ لحظة.
النهي عن التوقيت
لقد صرّحت الاحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) بالنهي عن توقيت عصر الظهور، وأنّه مثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلاّ الله سبحانه.
1 - عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل لهذا الامر وقت؟ فقال: کذب الوقّاتون، کذب الوقّاتون، کذب الوقّاتون.(3)
2 - وعن منذر الجوّاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: کذب الموقّتون، ما وقّتنا فيما مضي، ولا نوقّت فيما يستقبل.(4)
3 - وعن عبد الرحمن بن کثير، قال: کنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه مَهزم الاسدي، فقال: أخبرني - جعلت فداک - متي هذا الامر الذي تنتظرونه فقد طال؟
فقال: يا مهزم، کذب الوقّاتون، وهلک المستعجلون، ونجا المُسلّمون.(5)
4 - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من وقّت لک من الناس شيئاً، فلا تهابنّ أن تکذّبه، فلسنا نوقّت لاحد وقتاً.(6)
5 - وعن اسحاق بن يعقوب، أنّه خرج إليه علي يد محمّد بن عثمان العمري عن الامام المهدي (عليه السلام): أمّا ظهور الفرج، فإنّه إلي الله، وکذب الوقّاتون.(7)
6 - وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن القائم (عليه السلام)، فقال: کذب الوقّاتون، إنّا أهل بيت لا نوقّت، ثمّ قال: أبي الله إلاّ أن يخالف وقت الموقّتين.(8)
7 - وعن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إنّ لهذا الامر وقتاً؟ فقال: کذب الوقّاتون، إنّ موسي (عليه السلام) لمّـا خرج وافداً إلي ربّه، واعدهم ثلاثين يوماً، فلمّـا زاده الله تعالي علي الثلاثين عشراً، قال له قومه: قد أخلفتنا يا موسي، فصنعوا ما صنعوا. قال: فإذا حدّثناکم بحديث فجاء علي ما حدّثناکم به فقولوا: صدق الله، وإذا حدّثناکم بحديث فجاء علي خلاف ما حدّثناکم به فقولوا: صدق الله، تؤجروا مرّتين.(9)
8 - وعن إبراهيم بن مَهزم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ذکرنا عنده ملوک بني فلان، فقال: إنّما هلک الناس من استعجالهم لهذا الامر، إنّ الله لا يعجل لعجلة العباد، إنّ لهذا الامر غاية ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا.(10)
وصرّحت بعض الاحاديث بأن ظهور الامام المهدي (عليه السلام) يکون بغتةً وعلي حين غفلة، أي بعيداً عن جميع التوقّعات والتوقيتات التي يحتملها البعض، وصرّحت بأنّ الله تعالي يصلح له أمره في ليلة، أي يهيّئ له الاسباب والموجبات لاداء مهمّته الکبري في ليلة واحدة، کما هيّأ لموسي (عليه السلام) ذلک حيث ذهب يقتبس ناراً فرجع نبيّاً.
1 - روي الحموئي بالاسناد عن أبي الصلت الهروي، عن دعبل بن علي الخزاعي - في حديث - عن الرضا (عليه السلام)، قال: وأمّا متي؟ فإخبارٌ عن الوقت، وقد حدّثني أبي، عن جدّي، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (صلوات الله عليهم): أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) قيل له: متي يخرج القائم من ذرّيتک؟ فقال: مَثَله کمَثَل الساعة، لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو عزّ وجلّ ثَقُلت في السماوات والارض، لا تأتيکم إلاّ بغتة.(11)
2 - وعن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد ابن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال الحسين بن علي (عليه السلام): في التاسع من ولدي سنّة من يوسف، وسنّة من موسي بن عمران (عليه السلام)، وهو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارک وتعالي أمره في ليلة واحدة.(12)
3 - وروي السيّد عبد العظيم الحسني عن الامام الجواد (عليه السلام) - في حديث - قال: إنّ الله تبارک وتعالي ليصلح له أمره في ليلة، کما أصلح أمر کليمه موسي (عليه السلام)، إذ ذهب ليقتبس لاهله ناراً، فرجع وهو رسول نبيّ.(13)
4 - وروي الحموئي، بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة (رضي الله عنه)، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): المهدي منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة.(14)
5 - وعن الاعمش، عن أبي وائل، قال: نظر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إلي الحسين (عليه السلام) فقال: إنّ ابني هذا سيّد کما سمّـاه رسول الله (صلي الله عليه وآله) سيّداً، وسيخرج الله من صلبه رجلاً باسم نبيّکم يشبهه في الخَلقِ والخُلق، يخرج علي حين غفلة من الناس وإماتة للحقّ وإظهاراً للجور، يفرح بخروجه أهل السماوات وسکّانها... ويملا الارض عدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً.(15)
ولا شکّ أنّ هناک اُموراً کثيرة لم تُوقّت للانسان ولا يعرف زمان وقوعها، فلا يدري الانسان ماذا يحدث غداً، ومتي يموت، وأين يدفن؟ قال تعالي: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَکْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأيِّ أرْض تَمُوت)(16)، ولو علم الانسان مقدار عمره لترتّب علي ذلک مفاسد کثيرة، منها ترک العمل والاتّکال علي التوبة في آخر الايام المحدّدة له والتي يعلمها سلفاً، وبعث عامل اليأس في نفس الانسان.
ومن هنا جاء تشبيه حدوث يوم الظهور والفرج بيوم القيامة، والذي اقتضت الحکمة الالهيّة إخفاء توقيتها عن المکلّفين، وأن تکون بغتةً ومفاجئةً لهم، کي يکونوا علي استعداد دائم في الاصلاح المستمرّ لانفسهم، ويتهيّئوا للقاء الله تعالي، إذ لو حدّد الله تعالي يوم الفرج وقيام دولة الحقّ والعدل علي يد الامام المهدي (عليه السلام) بعد ألفي سنة مثلاً، لبعث ذلک يأساً من الفرج في نفوس الناس، وأدّي إلي قسوة قلوبهم، وتهاونهم في التکاليف.
ويدلّ علي ذلک ما رواه الشيخ الکليني والطوسي والنعماني بالاسناد عن عليّ ابن يقطين، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): يا عليّ، إنّ الشيعة تربّي بالاماني منذ مائتي سنة.
وقال يقطين لابنه علي: ما بالنا قيل لنا فکان، وقيل لکم فلم يکن؟
فقال له علي: إنّ الذي قيل لکم ولنا من مخرج واحد، غير أنّ أمرکم حضرکم فاُعطيتم محضه، وکان کما قيل لکم، وإنّ أمرنا لم يحضر فعُلّلنا بالاماني، ولو قيل لنا: إنّ هذا الامر لا يکون إلي مائتي سنة وثلاثمائة سنة لقست القلوب، ولرجعت عامّة الناس عن الاسلام، ولکن قالوا: ما أسرعه، وما أرقبه! تألّفاً لقلوب الناس وتقريباً للفرج.(17)
في وقت قيامه
تقدّم أنّ الروايات والاخبار لم توقّت لنا زمان الظهور، لکنّها حدّدت علامات وشروط، وقد قدّمنا ذکرها، کما ذکرت اليوم والسنة التي يکون فيها الفرج بإذن الله، وذلک لا يتنافي مع عدم التوقيت، لانّ المراد بالتوقيت هو تعيين وقت الظهور علي وجه التحديد بحيث نعرف ابتداءً السنة التي يظهر فيها الامام (عليه السلام)، أمّا تحديد ووصف اليوم والسنة التي يظهر فيها الامام (عليه السلام)، فلا يعني معرفة وقت الظهور ابتداءً، حيث يبقي وقت الظهور مجهولاً کما شاءت الارادة الالهيّة علي الرغم ممّـا جاء من وصف اليوم والسنة التي يکون فيها الظهور إن شاء الله سبحانه.
فأمّا السنة التي يخرج فيها الامام المهدي (عليه السلام) فقد جاء في وصفها أنّها تکون وتراً من السنين، روي أبو بصير عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: يقوم القائم (عليه السلام) في وتر من السنين: تسع، واحدة، ثلاث، خمس.(18)
وروي عن الامام الصادق (عليه السلام)، قال: لا يخرج القائم (عليه السلام) إلاّ في وتر من السنين: سنة إحدي، وثلاث، وخمس، وسبع، وتسع.(19)
أمّا اليوم الذي يقوم فيه الامام (عليه السلام)، فقد روي أنّه يوم الجمعة ويوم السبت، ويصادف في العاشر من المحرّم، ويکون قبله النداء في ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وهي ليلة القدر علي أرجح الاقوال.
روي أبو بصير عن الامام الباقر (عليه السلام)، قال: يخرج القائم يوم السبت يوم عاشوراء، اليوم الذي قتل فيه الحسين.(20)
وروي ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن الامام الصادق (عليه السلام)، قال: يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة.(21)
ويمکن الجمع بأنّ ابتداء خروج الامام (عليه السلام) يکون يوم الجمعة، وظهوره (عليه السلام) بين الرکن والمقام ومبايعة أصحابه له يکون يوم السبت. يؤيّد ذلک ما رواه عليّ بن مهزيار عن الامام الباقر (عليه السلام)، قال: کأنّي بالقائم (عليه السلام) يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الرکن والمقام، بين يديه جبرئيل (عليه السلام) ينادي: البيعة لله، فيملاها عدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً.(22)
وروي الشيخ المفيد عن أبي بصير عن الامام الصادق (عليه السلام)، قال: ينادي باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين(23)، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام)، لکأنّي به في يوم السبت العاشر من المحرّم قائماً بين الرکن والمقام، جبرئيل علي يده اليمني، ينادي: البيعة لِلّه، فتصير إليه شيعته من أطراف الارض تُطوي لهم طيّاً حتّي يبايعوه، فيملا الله به الارض عدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً.(24)
وفي تحديد النداء باسم الامام القائم (عليه السلام) في ليلة القدر، فهو دليل علي اقتران نزول الرحمة والخير والعدل إلي الارض مع النداء باسمه (عليه السلام)، وفي تحديد يوم العاشر من المحرّم کيوم للظهور، هو دليل علي اقتران خروج الامام (عليه السلام) بيوم الاصلاح والثأر، لانّ جدّه الامام الحسين (عليه السلام) ثار لاجل الاصلاح في اُمّة جدّه المصطفي (صلي الله عليه وآله) وتقويم الانحراف والعدول عن مبادئ الاسلام وکتابه وسنّة رسوله (صلي الله عليه وآله)، فإذا کان بنو اُميّة قد قتلوا الامام الحسين (عليه السلام) وأصحابه جسداً، فقد بقي فکراً وهّاجاً في تأريخ الاسلام.
وکذلک يکون أمر الامام المهدي (عليه السلام) حيث سيقوم بإذن الله للقضاء علي کلّ مظاهر الانحراف والزيغ والظلم والجور، وسيشيّد بسيفه اُسس العدل والقسط حتّي تستقيم له الدنيا بکلّ أقطارها.
مکان خروجه
أمّا المکان الذي يخرج منه الامام (عليه السلام) ويظهر فيه، فقد مرّ في علامات الظهور أنّ السفياني بعد ما يخرج من وادي اليأس بفلسطين، ويملک دمشق وفلسطين والاردن وحمص وحلب وقنسرين، ويخرج بالشام الاصهب والابقع يطلبان الملک، فيقتلهما السفياني لا يکون له همّة إلاّ آل محمّد وشيعتهم، فيبعث جيشين: أحدهما إلي المدينة، والاخر إلي العراق.
أمّا جيش المدينة، فيأتي إليها والمهدي بها، وينهبها ثلاثاً، فيخرج المهدي (عليه السلام) إلي مکّة، فيبعث أمير جيش السفياني خلفه جيشاً إلي مکّة، فيخسف بهم في البيداء.
ويؤيّد ذلک حديث اُمّ سلمة رضي الله عنها عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قالت: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يکون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلي مکّة، فيأتيه ناسٌ من أهل مکّة، فيخرجونه وهو کاره، فيبايعونه بين الرکن والمقام، ويبعث إليه بعث الشام، فتخسف بهم البيداء بين مکّة والمدينة، فإذا رأي الناس ذلک، أتاه أبدال الشام، وعصائب العراق فيبايعونه.
إلي أن قال: فيقسم المال، ويعمل في الناس بسنّة نبيّهم (صلي الله عليه وآله)، ويلقي الاسلام بجرانه إلي الارض.(25)
وأمّا جيش العراق الذي يبعثه السفياني، فيأتي الکوفة ويصيب من شيعة آل محمّد قتلاً وصلباً وسبياً، ويخرج من الکوفة متوجّهاً إلي الشام، فتلحقه راية هدي من الکوفة فتقتله کلّه وتستنقذ ما معه من السبي والغنائم.
أمّا الامام المهدي (عليه السلام) فيکون وهو في ذي طوي بصدد تفقّد بعض أصحابه واختبارهم، فقد روي عبد الاعلي الحلبي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: يکون لصاحب هذا الامر غيبة في بعض هذه الشعاب، وأومأ بيده إلي ناحية ذي طوي، حتّي إذا کان قبل خروجه بليلتين، انتهي المولي الذي يکون بين يديه حتّي يلقي بعض أصحابه، فيقول: کم أنتم ها هنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلاً. فيقول: کيف أنتم لو قد رأيتم صاحبکم؟ فيقولون: والله لو يأوي بنا الجبال لاويناها معه، ثمّ يأتيهم من القابلة، فيقول لهم: أشيروا إلي ذوي أسنانکم وأخيارکم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتّي يأتوا صاحبهم ويعدهم إلي الليلة التي تليها.(26)
ثمّ إنّ المهدي (عليه السلام) بعد أن يصل إلي مکّة، يجتمع عليه أصحابه، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدّة أهل بدر، فإذا اجتمعت له هذه العدة أظهر أمره، فينتظر بهم يومه بذي طوي، ويبعث رجلاً من أصحابه إلي أهل مکّة يدعوهم، فيذبحونه بين الرکن والمقام، وهو النفس الزکيّة، فيبلغ ذلک المهدي، فيهبط بأصحابه من عقبة ذي طوي، حتّي يأتي المسجد الحرام، فيصلّي فيه عند مقام إبراهيم أربع رکعات، ويسند ظهره إلي الحجر الاسود، ويخطب في الناس، ويتکلّم بکلام لم يتکلّم به أحد.
وروي أنّ أوّل ما ينطق به هذه الاية: (بَقِيَةُ اللهِ خَيْرٌ لَکُمْ إنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثمّ يقول: أنا بقيّة الله في أرضه.
وفي رواية: يقوم بين الرکن والمقام، فيصلّي وينصرف، ومعه وزيره، وقد أسند ظهره إلي البيت الحرام مستجيراً، فينادي: يا أ يّها الناس إنّا نستنصر الله، ومن أجابنا من الناس علي من ظلمنا، وإنّا أهل بيت نبيّکم محمّد، ونحن أولي الناس بالله وبمحمّد، فمن حاجّني في آدم فأنا أولي الناس بآدم، ومن حاجّني في نوح فأنا أولي الناس بنوح، ومن حاجّني في إبراهيم فأنا أولي الناس بإبراهيم، ومن حاجّني في محمّد فأنا أولي الناس بمحمّد، ومن حاجّني في النبيّين فأنا أولي الناس بالنبيّين، أليس الله يقول في محکم کتابه: (إنَّ اللهَ اصْطَفَي آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَي العَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْض وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيم).
ألا ومن حاجّني في کتاب الله فأنا أولي الناس بکتاب الله، ألا ومن حاجّني في سنّة رسول الله (صلي الله عليه وآله) فأنا أولي الناس بسنّة رسول الله (صلي الله عليه وآله)، واُنشد الله من سمع کلامي لمّـا يبلّغ الشاهد الغائب. ثمّ ينتهي إلي المقام فيصلّي عنده رکعتين ثمّ ينشد الله حقّه. فيبايعه أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بين الرکن والمقام(27)، فإذا کمل له العقد، وهو عشرة آلاف، خرج بهم من مکّة.
وروي أنّه يخرج من المدينة إلي مکّة بميراث رسول الله (صلي الله عليه وآله): سيفه ودرعه وعمامته وبردته ورايته وقضيبه وفرسه ولامته وسرجه، فيتقلّد سيفه ذا الفقار، ويلبس درعه السابغة، وينشر رايته السحاب، ويلبس البردة، ويعتمّ بالعمامة، ويتناول القضيب بيده، ويستأذن الله في ظهوره.
ثمّ يستعمل علي مکّة، ويسير إلي المدينة، فيبلغه أنّ عامله بمکّة قُتِل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، ثمّ يرجع إلي المدينة، فيقيم بها ما شاء.
وفي رواية: أنّه يبعث جيشاً إلي المدينة، فيأمر أهلها فيرجعون إليها، ثمّ يخرج حتّي يأتي الکوفة، فينزل علي نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها في الامصار.(28)
وروي اُبيّ عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) - في حديث - قال: يخرج من تهامة حين تظهر الدلالات والعلامات، وله کنوز لا ذهب ولا فضّة إلاّ خيول مطهّمة ورجال مسوّمة، يجمع الله له من أقاصي البلاد علي عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ومعه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وکناهم، کدّادون مجدّون في طاعته.(29)
وهذا الحديث لا يتعارض مع ما سبقه، لانّ تهامة تشمل مکّة وما والاها، وتطلق علي أرض واسعة أوّلها ذات عرق من قبل نجد إلي مکّة وما وراءها بمرحلتين وأکثر، وتأخذ إلي البحر.
وروي عبد الله بن عمر عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنّه قال: يخرج المهدي من قرية يقال لها کرعة.(30)
وهذا معارض بما قدّمناه من الاحاديث المعوّل عليها في تعيين مکان خروجه (عليه السلام)، ولعلّه ناظر إلي اليماني الذي يکون من أخلص أنصاره (عليه السلام) ورايته أهدي الرايات التي تنصر الامام المهدي (عليه السلام).
الهوامش:
(1) الفصل الثالث عشر المتقدّم.
(2) راجع تفصيل ذلک في تأريخ الغيبة الکبري: 467 ـ 520.
(3) بحار الانوار 52: 103 / 5.
(4) بحار الانوار 52: 103 / 6.
(5) بحار الانوار 52: 103 / 7، غيبة النعماني: 198.
(6) بحار الانوار 52: 104 / 8، 117 / 41، غيبة النعماني: 195.
(7) بحار الانوار 52: 111 / 19.
(8) بحار الانوار 52: 118 / 44، غيبة النعماني: 198.
(9) بحار الانوار 52: 118 / 45.
(10) بحار الانوار 52: 118 / 46، غيبة النعماني: 199.
(11) فرائد السمطين 2: 337 / 591، کمال الدين: 373 / 6.
(12) کمال الدين: 317 / 1.
(13) کمال الدين: 377 / 1.
(14) فرائد السمطين 2: 331 / 583، الفردوس 4: 222 / 6669، البيان في أخبار صاحب الزمان: 487، کمال الدين: 152 / 15.
(15) غيبة النعماني: 144.
(16) لقمان: 34.
(17) الکافي 1: 369، بحار الانوار 52: 102 / 4، وقال العلاّمة المجلسي: يقطين کان من أتباع بني العبّاس، فقال لابنه علي الذي هو من خواصّ الکاظم (عليه السلام): ما بالنا وُعِدنا دولة بني العباس علي لسان الرسول والائمة (صلوات الله عليهم) فظهر ما قالوا، ووَعَدوا وأخبروا بظهور دولة أئمتکم فلم يحصل، والجواب متين ظاهر مأخوذ عن الامام (عليه السلام).
(18) بحار الانوار 52: 235 / 103.
(19) الارشاد 2: 379، الفصول المهمّة: 302، بحار الانوار 52: 291 / 36.
(20) بحار الانوار 52: 285 / 17.
(21) بحار الانوار 52: 279 / 1.
(22) بحار الانوار 52: 290 / 30.
(23) أي من رمضان کما تفسّره کثير من الاخبار.
(24) الارشاد 2: 379، بحار الانوار 52: 290 / 29.
(25) البيان في أخبار صاحب الزمان (صلي الله عليه وآله): 494، کشف الغمّة 2: 479، سنن أبي داود 4: 107 / 4286.
(26) بحار الانوار 52: 341 / 91.
(27) غيبة النعماني: 121، بحار الانوار 52: 305 / 78 و315 / 10 و341 / 91.
(28) أعيان الشيعة 2: 82.
(29) بحار الانوار 52: 310 / 4.
(30) البيان في أخبار صاحب الزمان: 510، الفصول المهمّة: 295، الحاوي للفتاوي 2: 66، بحار الانوار 51: 80 و95 و52: 379 / 189.
******************
يظهر قبل نزول عيسى
صرّحت طائفة من الاحاديث الواردة في کتب الفريقين أنّ ظهور الامام المهدي (عليه السلام) يکون قبل نزول عيسي (عليه السلام)، حيث ينزل المسيح (عليه السلام) عندما يؤمّ الامام المهدي (عليه السلام) المصلّين في بيت المقدس، ويصلّي (عليه السلام) خلف الامام (عليه السلام)، وإنّما يکون ذلک بعد ظهور الامام ونزوله الکوفه وتفريقه الجنود.
1 - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): کيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيکم، وإمامکم منکم.(1)
2 - وعن جابر بن عبد الله، قال: سمعت النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): يقول: لا تزال طائفةٌ من اُمّتي يقاتلون علي الحقّ ظاهرين إلي يوم القيامة، قال: فينزل عيسي بن مريم، فيقول أميرهم: تعال صلّ بنا. فيقول: ألا إنّ بعضکم علي بعض اُمراء، تکرمة لهذه الاُمّة.
قال الکنجي: هذا حديث حسن، ورواه مسلم في صحيحه، وإن کان الحديث المتقدّم قد اُوّل، فهذا لا يمکن تأويله، لأنّه ذکر فيه أنّ عيسي بن مريم يُقدّم أمير المسلمين، وهو يومئذ المهدي (عليه السلام) فعلي هذا يبطل تأويل من قال: إنّ معني قوله: (وإمامکم منکم) أي يأتيکم بکتابکم.(2)
3 - ومن (حلية الاولياء) في حديث طويل، قال فيه: وجلّهم - يعني المسلمين - في بيت المقدس، إمامهم المهديّ رجل صالح، فبينا إمامهم قد تقدّم يصلّي بهم الصبح، إذ نزل عيسي بن مريم، حتّي کبَّر للصبح، فيرجع ذلک الامام ينکص ليقدّم عيسي ليصلّي بالناس، فيضع عيسي يده بين کتفيه فيقول: تقدّم فَصَلِّها، فإنّها لک اُقيمت، فيصلّي بهم إمامهم.(3)
4 - وعن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، قال: والذي نفسي بيده، إنّ مهديّ هذه الاُمّة الذي يصلّي خلفه عيسي منّا، ثمّ ضرب منکب الحسين (عليه السلام) وقال: من هذا، من هذا.(4)
وهناک طائفة اُخري من الاحاديث تؤکّد المعني الذي ذکرناه، وهو أنّ نزول عيسي (عليه السلام) يکون بعد ظهور الامام المهدي (عليه السلام)، وقد فهم البعض أنّ المراد من هذه الاحاديث هو بقاء عيسي (عليه السلام) بعد المهدي (عليه السلام) وهو باطل لوجوه سنأتي علي ذکرها بعد عرض الاحاديث.
1 - أخرج رزين العبدري في کتابه (الجمع بين الصحاح الستّة) عن سنن النسائي، عن مسعدة، عن جعفر، عن أبيه، عن جدّه - في حديث - أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: کيف تهلک اُمّة أنا أوّلها، والمهدي أوسطها، والمسيح آخرها! ولکن بين ذلک ثَبَج(5) أعوج ليسوا منّي ولا أنا منهم.(6)
2 - وعن أنس بن مالک، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: لن تهلک اُمّة أنا أوّلها، ومهديّها وسطها، والمسيح بن مريم آخرها.(7)
3 - وعن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): کيف تهلک اُمّة أنا في أوّلها، وعيسي في آخرها، والمهديّ من أهل بيتي في وسطها.(8)
4 - وعن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لن تهلک اُمّة أنا في أوّلها، وعيسي بن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها.(9)
ورواه الکنجي الشافعي في (البيان في أخبار صاحب الزمان (عليه السلام))، وقال: هذا حديث حسن، رواه الحافظ أبو نعيم في عواليه، واحمد بن حنبل في مسنده، ومعني قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): (وعيسي في آخرها) لم يُرِد به أنّ عيسي (عليه السلام) يبقي بعد المهدي (عليه السلام)، لانّ ذلک لا يجوز لوجوه:
منها: أنّه (صلي الله عليه وآله) قال: (ثمّ لا خير في الحياة بعده) وفي رواية اُخري: (ثمّ لا خير في العيش بعد المهدي).
ومنها: أنّ المهدي إذا کان إمام آخر الزمان، ولا إمام بعده مذکور في رواية أحد من الاُمّة، فهذا غير ممکن أنّ الخلق يبقي بغير إمام.
فإن قيل: إنّ عيسي (عليه السلام) يبقي بعده إمام الاُمّة.
قلت: لا يجوز هذا القول، وذلک أنّه (صلي الله عليه وآله وسلم) صرّح أنّه لا خير بعده، وإذا کان عيسي (عليه السلام) في قوم لا يجوز أن يقال: إنّه لا خير فيهم، وأيضاً لا يجوز أن يقال: إنّه نائبه، لأنّه جلّ منصبه عن ذلک، ولا يجوز أن يقال: إنّه يستقلّ بالاُمّة لانّ ذلک يوهم العوام انتقال الملّة المحمّدية إلي الملّة العيسوية، وهذا کفر، فوجب حمله علي الصواب، وهو أنّه (صلي الله عليه وآله وسلم) أوّل داع إلي ملّة الاسلام، والمهدي (عليه السلام) أوسط داع، والمسيح آخر داع، وهذا معني الخبر عندي.
ويحتمل أن يکون معناه، المهدي أوسط هذه الاُمّة، يعني خيرها، إذ هو إمامها، وبعده ينزل عيسي (عليه السلام) مصدّقاً للامام، وعوناً له ومساعداً، ومبيِّناً للاُمّة صحّة ما يدّعيه الامام، فعلي هذا يکون المسيح آخر المصدّقين علي وفق النصّ.(10)
ثمّ إنّه ورد في الحديث عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّ دولتهم آخر الدول، وتکون في آخر الدهر، ممّـا يدلّ علي أنّ دولة الحقّ التي يقيمها الامام المهدي (عليه السلام) ليس ثمّة دولة بعدها لعيسي المسيح (عليه السلام) ولغيره.
روي عن الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنّه قال: دولتنا آخر الدول، ولن يبقي أهل بيت لهم دولة إلاّ ملکوا قبلنا، لئلاّ يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملکنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عزّ وجلّ: (وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين).(11)
وروي الشيخ الصدوق في الامالي بالاسناد عن محمّد بن أبي عمير، قال: حدّثني من سمع الامام أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول:
لکلّ اُناس دولةٌ يرقبونها ودولتنا في آخر الدهر تظهرُ(12)
وسيأتي تفصيل البحث عن موضوع ما بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام) لاحقاً إن شاء الله.
صفة ظهوره
1- روي الحموئي بالاسناد عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يَخرج المهدي وعلي رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي فاتَّبعوه.(13)
2- وروي الشيخ الطوسي بالاسناد عن محمّد بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) - في حديث اللوح - قال: يخرج في آخر الزمان، علي رأسه غمامة بيضاء تظلّه من الشمس، تنادي بلسان فصيح يسمعه الثقلين والخافقين: هو المهدي من آل محمّد، يملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً.(14)
3- وعن جابر الجعفي، عن جابر الانصاري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): المهدي من ولدي اسمه اسمي، وکنيته کنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تکون له غيبة وحيرة تضلّ فيه الاُمم، ثمّ يقبل کالشهاب الثاقب(15)، الحديث.
في کيفية السلام عليه
1- روي الشيخ الطوسي في الغيبة عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أدرک منکم قائمنا فليقل حين يراه: السلام عليکم يا أهل بيت النبوّة وموضع الرسالة.(16)
2- وقال الشيخ الصدوق: روي أنّ التسليم علي القائم (عليه السلام) أن يقال: السلام عليک يا بقيّة الله في أرضه.(17)
3- وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: إنّ العلم بکتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه (صلي الله عليه وآله) لينبت في قلب مهديّنا کما ينبت الزرع علي أحسن نباته، فمن بقي منکم حتّي يراه فليقل حين يراه: السلام عليکم يا أهل بيت الرحمة والنبوّة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، السلام عليک يا بقيّة الله في أرضه.(18)
4- وعن عمران بن داهر، قال: قال رجل لجعفر بن محمّد (عليه السلام): نسلّم علي القائم بإمرة المؤمنين؟ قال: لا، ذاک اسم سمّـاه الله أمير المؤمنين، لا يسمّي به أحد قبله ولا بعده إلاّ کافر.
قال: فکيف نسلّم عليه؟ قال: تقول: السلام عليک يا بقيّة الله. قال: ثمّ قرأ جعفر (عليه السلام): (بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَکُمْ إنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).(19)
عمره عند الظهور
المستفاد من الروايات أنّ الامام المهدي (عليه السلام) يظهر في صورة شابّ لا يتجاوز عمره حسب تقدير الناظر إليه بين ثلاثين إلي أربعين سنة، لکنّه بالحقيقة شيخ السنّ من حيث التجربة وطول العمر وحفظ القوي، وأنّه (عليه السلام) لا يهرم بمرور الايام والليالي عليه حتّي يأتي أجله، وهو ما يتوافق مع بقائه (عليه السلام) هذه السنين المتمادية حتّي يقرّ الله سبحانه العيون بطلعته المبارکة، ويأذن بظهوره ليعمّ العدل والسلام والحرّية، وفيما يلي الروايات المصرّحة بما ذکرناه:
1- روي الحموئي بإسناده عن سليمان بن أبي حبيب، قال: سمعت أبا اُمامة الباهلي يقول: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): بينکم وبين الروم سبع سنين. فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستورد بن حبلان(20): يا رسول الله، مَن إمام الناس يومئذ؟
قال: المهدي من ولدي ابن أربعين سنة، کأنّ وجهه کوکب درّي، في خدّه الايمن خالٌ أسود، عليه عباءتان قطوانيّتان(21)، کأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الکنوز، ويفتح مدائن الشرک.(22)
2- وعن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الامر؟ فقال: أنا صاحب هذا الامر، ولکنّي لست بالذي أملاها عدلاً کما ملئت جوراً، وکيف أکون ذلک علي ما تري من ضعف بدني؟ وإنّ القائم هو الذي إذا خرج کان في سنّ الشيوخ ومنظر الشباب، قويّاً في بدنه حتّي لو مدّ يده إلي أعظم شجرة علي وجه الارض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدکدکت صخورها،(23) الحديث.
3- وعنه (عليه السلام) قال: إنّه إذا خرج يکون شيخ السنّ شابّ المنظر، يحسبه الناظر ابن اربعين سنة ودونها، ولا يهرم بمرور الايام والليالي عليه حتّي يأتي أجله.(24)
4- وعن علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ وليّ الله يعمّر عمر إبراهيم الخليل (عليه السلام) عشرين ومائة سنة، ويظهر في صورة فتيً موفّق ابن ثلاثين سنة.(25)
5- وعن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّه قال: لو خرج القائم لقد أنکره الناس، لأنّه يرجع إليهم شاباً موفّقاً، فلا يثبت عليه إلاّ کلّ مؤمن أخذ الله ميثاقه في الذرّ الاوّل.(26)
موقف الناس من الظهور
فإذا کان الرسول (صلي الله عليه وآله) قد حارب الکفر والشرک علي تنزيل الکتاب، فإنّ المهدي (عليه السلام) يواجه الناس وهم يتأوّلون عليه کتاب الله تعالي، والمتأوّلون لا بدّ أن يکونوا من الاُمّة ومن علمائها، تماماً کما تأوّل الخوارج علي جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) واستحلّوا دمه وقتلوا أصحابه ومن يقول بإمامته.
1- عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهة الناس أشدّ ممّـا استقبله رسول الله (صلي الله عليه وآله) من جهّال الجاهليّة.
فقلت: وکيف ذلک؟
قال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) أتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتي الناس وکلّهم يتأوّل عليه کتاب الله ويحتجّ عليه به.(27)
2- وعن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنّ صاحب هذا الامر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأکثر.(28)
3- وعن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا ظهرت راية الحقّ لعنها أهل الشرق وأهل الغرب، أتدري لِمَ ذلک؟ قلت: لا. قال: للذي يلقي الناس من أهل بيته قبل خروجه.(29)
4- وعن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: إذا دفعت راية الحقّ لعنها أهل الشرق والغرب، قلت له: لِمَ ذلک؟ قال: ممّـا يلقون من بني هاشم.(30)
5- وعن يعقوب السرّاج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ثلاث عشرة مدينة وطائفة يحارب القائم (عليه السلام) أهلُها، ويحاربونه أهل مکّة وأهل المدينة وبنو اُميّة وأهل البصرة وأهل دميسان والاکراد والاعراب وضبّة وغني وباهلة وأزد البصرة وأهل الريّ.(31)
6- وعن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالي: (هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَي وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الکَافِرُونَ)، قال (عليه السلام): إذا خرج القائم لم يبقَ مشرک بالله العظيم ولا کافر إلاّ کره خروجه.(32)
البيعة للمهدي عليه السلام
1- قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يبايع القائم بين الرکن والمقام ثلاثمائة ونيّف رجل، عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والابدال من أهل الشام، والاخيار من أهل العراق.(33)
2- وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): کأنّي أنظر إليهم والزيّ واحد، والقدّ واحد، والجمال واحد، واللباس واحد، کأنّما يطلبون شيئاً ضاع منهم، فهم متحيّرون في أمرهم، حتّي يخرج إليهم من تحت ستار الکعبة في آخرها، رجلٌ أشبه الناس برسول الله (صلي الله عليه وآله) خَلقاً وخُلقاً وحسناً وجمالاً، فيقولون: أنت المهدي؟ فيجيبهم ويقول: أنا المهدي، بايعوا.(34)
3- وعن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ أوّل من يبايع القائم (عليه السلام) جبرئيل (عليه السلام)، ينزل في صورة طير أبيض، فيبايعه، ثمّ يضع رجلاً علي بيت الله الحرام، ورجلاً علي بيت المقدس، ثمّ ينادي بصوت طلق ذلق تسمعه الخلائق: (أتَي أمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوه).(35)
4- وعن بکير بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): لايّ علّة وضع الله الحجر في الرکن الذي هو فيه، ولم يوضع في غيره؟
فقال (عليه السلام): إنّ الله تعالي وضع الحجر الاسود، وهي جوهرة اُخرجت من الجنّة إلي آدم، فوضعت في ذلک الرکن لعلّة الميثاق، وذلک أنّه لمّـا أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلک المکان، وفي ذلک المکان تراءي لهم، ومن ذلک المکان يهبط الطير علي القائم (عليه السلام)، فأوّل من يبايعه ذلک الطير، وهو والله جبرئيل (عليه السلام)، وإلي ذلک المکان يسند القائم ظهره، الحديث.(36)
5- وعن الکابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يبايع القائم بمکّة علي کتاب الله وسنّة رسوله، ويستعمل علي مکّة، ثمّ يسير نحو المدينة، فيبلغه أنّ عامله قتل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، ولا يزيد علي ذلک، ثمّ ينطلق فيدعو الناس بين المسجدين إلي کتاب الله وسنّة رسوله والولاية لعليّ بن أبي طالب، والبراءة من عدوّه، حتّي يبلغ البيداء، فيخرج إليه جيش السفياني فيخسف الله بهم.(37)
6- وعن أبي خالد الکابلي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يکون أوّل من يبايعه جبرئيل ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر، فمن کان ابتلي بالمسير وافي، ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه، وهو قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: هم المفقودون عن فرشهم، وذلک قول الله تعالي: (فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ أيْنََما تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً).(38)
7- وعن حذيفة، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إذا کان عند خروج القائم ينادي مناد من السماء: أ يّها الناس، قطع عنکم مدّة الجبّارين، وولّي الامر خير اُمّة محمّد، فالحقوا بمکّة، فيخرج النجباء من مصر، والابدال من الشام، وعصائب العراق، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، کأنّ قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الرکن والمقام.(39)
8- وروي المفضّل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) - في حديث - قال: فيبعث الله جلّ جلاله جبرئيل (عليه السلام) حتّي يأتيه فينزل علي الحطيم، ثمّ يقول له: إلي أيّ شيء تدعو؟ فيخبره القائم (عليه السلام) فيقول جبرئيل (عليه السلام): أنا أوّل من يبايعک، ابسط يدک، فيمسح علي يده، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فيبايعونه، ويقيم حتّي يتمّ أصحابه عشرة آلاف أنفس، ثمّ يسير منها إلي المدينة.(40)
9- وعن عبد الاعلي الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): والله لکأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلي الحجر، ثمّ ينشد الله حقّه - إلي أن قال: - وجبرئيل علي الميزاب في صورة طائر أبيض، فيکون أوّل خلق الله يبايعه جبرئيل، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً.(41)
10- وروي المتّقي الهندي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يظهر المهدي في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام)، وکأنّي به يوم السبت العاشر من المحرّم، قائم بين الرکن والمقام، وجبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن يساره، وتسير إليه شيعته من أطراف الارض تُطْوي لهم طَيّاً، حتّي يبايعوه.(42)
الهوامش:
(1) الفردوس 3: 294 / 4882، صحيح البخاري 4: 325 / 245، صحيح مسلم 1: 136 / 244.
(2) مسند احمد 3: 345 و384، فيض القدير 6: 17، کنز العمّـال 7: 187، البيان في أخبار صاحب الزمان: 496، وراجع التأويل المشار إليه في صحيح مسلم 1: 137 / 247.
(3) عقد الدرر: 293، الحاوي للفتاوي 2: 65. وفي هذا الحديث دلالة علي أنّ المهدي (عليه السلام) غير عيسي (عليه السلام)، وهو يوضّح بطلان قول من تمسّک بحديث (لا مهديّ إلاّ عيسي) زاعماً أنّ المهدي هو عيسي (عليه السلام).
(4) دلائل الامامة: 443 / 416، البيان في أخبار صاحب الزمان: 501، الفصول المهمّة: 296، إثبات الهداة 7: 135 / 672.
(5) قال ابن قتيبة: الثَّبَج: الوسط، قال أبو زيد: يقال: ضرب بالسيف ثَبَج الرجل، أي وسطه، والجمع أثباج، ومثله: جوز وأجواز ـ عقد الدرر: 198، العمدة: 434.
(6) العمدة: 432 / 906.
(7) العمدة: 434 / 914، عقد الدرر: 198.
(8) فرائد السمطين 2: 339 / 593.
(9) فرائد السمطين 2: 338 / 592.
(10) البيان في أخبار صاحب الزمان: 508، کشف الغمّة 2: 484.
(11) بحار الانوار 52: 332 / 58، والاية من سورة الاعراف: 127.
(12) الامالي: 578 / 791 ـ طبع وتحقيق مؤسسة البعثة ـ قم.
(13) فرائد السمطين 2: 316 / 568، البيان في أخبار صاحب الزمان: 511.
(14) بحار الانوار 52: 378 / 183.
(15) کمال الدين: 286 / 1، بحار الانوار 51: 71 / 13 و72 / 16.
(16) منتخب الاثر: 517 / 1، بحار الانوار 52: 331 / 55.
(17) منتخب الاثر: 517 / 2.
(18) بحار الانوار 52: 317 / 16.
(19) بحار الانوار 52: 373 / 165.
(20) في اُسد الغابة 4: 353: المستورد بن جيلان.
(21) قَطَوان: موضع بالکوفة، تُنسب إليه الثياب والاکسية، والقطوانية: عباءةٌ بيضاء قصيرة الخمل.
(22) فرائد السمطين 2: 314 / 565، الاصابة 3: 407، لسان الميزان 4: 383.
(23) علل الشرائع 1: 49 ـ 50، بحار الانوار 52: 322 / 30.
(24) أعيان الشيعة 2: 82.
(25) بحار الانوار 52: 287 / 22.
(26) غيبة النعماني: 125، بحار الانوار 52: 287 / 23 و385 / 196 عن أبي بصير.
(27) غيبة النعماني: 200، بحار الانوار 52: 362 / 131.
(28) غيبة النعماني: 200، بحار الانوار 52: 362 / 132.
(29) غيبة النعماني: 201، بحار الانوار 52: 363 / 134.
(30) غيبة النعماني: 201، بحار الانوار 52: 363 / 135.
(31) غيبة النعماني: 201، بحار الانوار 52: 363 / 136.
(32) بحار الانوار 52: 346 / 94.
(33) بحار الانوار 52: 334 / 64، کشف الغمّة 3: 269، يوم الخلاص: 218.
(34) يوم الخلاص: 225 عن الملاحم والفتن: 122.
(35) تفسير العياشي 2: 254، بحار الانوار 52: 285 18/، والاية من سورة النحل: 1.
(36) الکافي 4: 184، بحار الانوار 52: 299 / 63.
(37) بحار الانوار 52: 308 / 83.
(38) الاختصاص: 38، بحار الانوار 52: 316 / 10 و304 / 73.
(39) بحار الانوار 52: 304 / 73.
(40) بحار الانوار 52: 337 / 78.
(41) بحار الانوار 52: 341 / 91 و369 / 156 عن عبد الحميد الطويل عن أبي جعفر (عليه السلام).
(42) البرهان / المتّقي الهندي: 145 / 14.
******************
سيرته عند قيامه
يسير الامام المهدي (عليه السلام) بسيرة جدّه رسول الله (صلي الله عليه وآله) ويعمل بسنّته، وأوّل من يبايعه علي ذلک جبرئيل (عليه السلام) علي ما جاءت به الاحاديث عن أئمة الهدي المعصومين (عليهم السلام)، ويدعو الناس إلي الاسلام جديداً بعيداً عن تأويل المبطلين الذين اندرست شرائع الاسلام علي أيديهم، فأقاموا محلّها البدع وما تهوي أنفسهم من ضلالات، فيعيد الامام المهدي (عليه السلام) تلک الشرائع ويدعو لها، ويقيم السنّة ويزيل البدعة، ويبيّن التأويل الصحيح لکتاب الله تعالي، ويدعو إلي الاسلام بالسيف، فيضعه في رقاب الطغاة والمستکبرين حتّي يبعث الاسلام مجدّداً، ولا يبقي إلاّ دين محمّد (صلي الله عليه وآله)، ويطهّر الارض من الظلم والظالمين، ويعمّ العدل والخير والرخاء کلّ أرجاء المعمورة، وفيما يلي نذکر الاحاديث المتضمّنة ذکر سيرته (عليه السلام):
1- روي المفضّل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أذِن الله عزّ وجلّ للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس إلي نفسه، وناشدهم بالله، ودعاهم إلي حقّه، وأن يسير فيهم بسيرة رسول الله (صلي الله عليه وآله) ويعمل فيهم بعلمه... إلي آخر الرواية.(1)
2- وروي محمّد بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) دعا الناس إلي الاسلام جديداً،(2) وهداهم إلي أمر قد دُثر، فضلّ عنه الجمهور، وإنّما سمّي القائم مهديّاً لأنّه يهدي إلي أمر قد ضلّوا عنه، وسمّي بالقائم لقيامه بالحقّ.(3)
3- وروي أبو بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام القائم (عليه السلام) هدم المسجد الحرام حتّي يردّه إلي أساسه، وحوّل المقام(4) إلي الموضع الذي کان فيه، وقطع أيدي بني شيبة وعلّقها بالکعبة، وکتب عليها: هؤلاء سُرّاق الکعبة.(5)
4- وروي أبو خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) جاء بأمر جديد، کما دعا رسول الله (صلي الله عليه وآله) في بدو الاسلام إلي أمر جديد.(6)
5- وروي عليّ بن عقبة، عن أبيه، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) حکم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الارض برکاتها، وردّ کلّ حقّ إلي أهله، ولم يبقَ أهل دين حتّي يظهروا الاسلام ويعترفوا بالايمان، أما سمعت الله تعالي يقول: (وَلَهُ أسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ طَوْعاً وَکَرْهاً وَإلَيْهِ تُرْجَعُون) وحکم بين الناس بحکم داود وحکم محمّد (صلي الله عليه وآله)، فحينئذ تظهر الارض کنوزها، وتبدي برکاتها، فلا يجد الرجل منکم يومئذ موضعاً لصدقته ولا لبرّه لشمول الغني جميع المؤمنين.
ثمّ قال: إنّ دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلاّ ملکوا قبلنا، لئلاّ يقولوا إذا رأوا سيرتنا، إذا ملکنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله تعالي: (وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين).(7)
6- وروي أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلي الکوفة، فهدم بها أربعة مساجد، فلم يبقَ مسجد علي وجه الارض له شُرُف إلاّ هدمها وجعلها جمّاء، ووسّع الطريق الاعظم، وکسر کلّ جناح خارج في الطريق، وأبطل الکنف والمآزيب إلي الطرقات، ولا يترک بدعة إلاّ أزالها، ولا سنّة إلاّ أقامها، ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم، فيمکث علي ذلک سبع سنين مقدار کلّ سنة عشر سنين من سنيّکم هذه، ثمّ يفعل الله ما يشاء.(8)
7- وروي جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: إذا قام قائم آل محمّد (عليه السلام) ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن علي ما أنزل الله جلّ جلاله، فأصعب ما يکون علي من حفظه اليوم، لأنّه يخالف فيه التأليف.(9)
8- وروي عبد الله بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام قائم آل محمّد عليه وعليهم السلام، حکم بين الناس بحکم داود، لا يحتاج إلي بيّنة، يلهمه الله تعالي فيحکم بعلمه، ويخبر کلّ قوم بما استبطنوه، ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم، قال الله سبحانه وتعالي: (إنَّ فِي ذَلِکَ لايَات لِلْمُتَوَسِّمِين ، وَإنَّهَا لَبِسَبِيل مُقِيم).(10)
9- وعن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: في صاحب هذا الامر شبه من أربعة أنبياء: شبه من موسي، وشبه من عيسي، وشبه من يوسف، وشبه من محمّد (صلي الله عليه وآله).
فقلت: ما شبه موسي؟ قال: خائف يترقّب. قلت: وما شبه عيسي؟ فقال: يقال فيه ما قيل في عيسي. قلت: فما شبه يوسف؟ قال: السجن والغيبة.
قلت: وما شبه محمّد (صلي الله عليه وآله)؟ قال: إذا قام سار بسيرة رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ألا إنّه يبيّن آثار محمّد (صلي الله عليه وآله)، ويضع السيف ثمانية أشهر هرجاً مرجاً، حتّي يرضي الله.
قلت: فکيف يعلم رضي الله؟ قال: يلقي الله في قلبه الرحمة.(11)
10- وعن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: إذا قام قائمنا بعث في أقاليم الارض، في کلّ إقليم رجلاً، فيقول له: عهدک في کفّک، واعمل بما تري.(12)
11- وعن عبد الله بن عطاء المکّي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقد سأله عن سيرة المهدي (عليه السلام)، فقال: يصنع کما صنع رسول الله (صلي الله عليه وآله)، يهدم ما کان قبله کما هدم رسول الله (صلي الله عليه وآله) أمر الجاهلية، ويستأنف الاسلام جديداً.(13)
12- وعن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له (عليه السلام): يسير القائم (عليه السلام) بسيرة محمّد (صلي الله عليه وآله)؟ قال: هيهات هيهات يا زرارة، ما يسير بسيرته(14) قلت: جعلت فداک لِمَ؟ قال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) سار في اُمّته باللين، کان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذاک أمر في الکتاب الذي معه أن يسير بالقتل، ولا يستتيب أحداً، ويل لمن ناواه.(15)
13- وعن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّه قال: إنّ علياً (عليه السلام) قال: کان لي أن أقتل المولّي وأجهز علي الجريح، ولکن ترکت ذلک للعاقبة من أصحابي إن جرحوا لم يقتلوا، والقائم له أن يقتل المولّي ويجهز علي الجريح.(16)
14- وعن الحسن بن هارون بيّاع الانماط، قال: کنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالساً، فسأله المعلّي بن خنيس: أيسير القائم إذا قام بخلاف سيرة عليّ (عليه السلام)(17)؟ فقال: نعم، وذلک أنّ علياً سار بالمنّ والکفّ، لأنّه علم أنّ شيعته سيظهر عليهم من بعده، وأنّ القائم إذا قام سار فيهم بالسيف والسبي، وذلک أنّه يعلم أنّ شيعته لم يظهر عليهم من بعده أحدٌ أبداً.(18)
15- وعن عبد الله بن عطاء، قال: سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) فقلت: إذا قام القائم (عليه السلام) بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال: يهدم ما کان قبله، کما صنع رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ويستأنف الاسلام جديداً.(19)
16- وعن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج، لاحبّ أکثرهم ألاّ يروه ممّـا يقتل من الناس، أما إنّه لا يبدأ إلاّ بقريش، فلا يأخذ منها إلاّ السيف، ولا يعطيها إلاّ السيف، حتّي يقول کثير من الناس: ليس هذا من آل محمّد، لو کان من آل محمّد لرحم.(20)
17- وعن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يقوم القائم بأمر جديد وکتاب جديد وقضاء جديد علي العرب شديد، ليس شأنه إلاّ السيف، لا يستتيب أحداً، ولا تأخذه في الله لومة لائم.(21)
18- وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: ما يستعجلون بخروج القائم؟ فوالله ما لباسه إلاّ الغليظ، ولا طعامه إلاّ الجشب، وما هو إلاّ السيف والموت تحت ظلّ السيف.(22)
19- وعن الباقر (عليه السلام) - في حديث - قال (عليه السلام): لکأنّي أنظر إليه بين الرکن والمقام يبايع له الناس بأمر جديد، وکتاب جديد، وسلطان جديد من السماء، أما إنّه لا تردّ له راية أبداً حتّي يموت.(23)
20- وعنه (عليه السلام) في حديث: يملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، ويفتح الله له شرق الارض وغربها، ويقتل الناس حتّي لا يبقي إلاّ دين محمّد (صلي الله عليه وآله)، يسير سيرة داود (عليه السلام).(24)
21- وعن اُمّ سلمة (رضي الله عنها) زوج رسول الله (صلي الله عليه وآله)، قالت: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): فيقسم المال ويعمل بسنّتي - وقال: بسنّة نبيّهم - ويلقي الاسلام بجرانه(25) إلي الارض، فيلبث سبع سنين.(26)
22- وعن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): دمان في الاسلام حلال من الله عزّ وجلّ لا يقضي فيهما أحد بحکم الله عزّ وجلّ حتّي يبعث الله القائم من أهل البيت، فيحکم فيهما بحکم الله عزّ وجلّ، لا يريد فيه بيّنة: الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزکاة يضرب رقبته.(27)
23- وعن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (الصادق) وأبي الحسن (الکاظم) (عليهما السلام)، قالا: لو قد قام القائم لحکم بثلاث لم يحکم بها أحد قبله: يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزکاة، ويورث الاخ أخاه في الاظلّة.(28)
24- وعن رفيد مولي ابن هبيرة، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداک، يا بن رسول الله، يسير القائم بسيرة عليّ بن أبي طالب في أهل السواد؟ فقال: لا يا رفيد، إنّ عليّ بن أبي طالب سار في أهل السواد بما في الجفر الابيض وهو الکفّ، وإنّ القائم يسير في العرب بما في الجفر الاحمر.
قال: فقلت: جعلت فداک، وما الجفر الاحمر؟ قال: فأمرّ إصبعه علي حلقه، فقال: هکذا - يعني الذبح -.(29)
25- وعن حريز، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لن تذهب الدنيا حتّي يخرج رجل منّا أهل البيت، يحکم بحکم داود، لا يسأل الناس بيّنة.(30)
ونحوه عن أبان عن أبي عبد الله (عليه السلام) وزاد فيه: يعطي کلّ نفس حکمها.(31)
26- وعن أبي هاشم الجعفري، قال: کنت عند أبي محمّد (عليه السلام) فقال: إذا قام القائم أمر بهدم المنار والمقاصير التي في المساجد، فقلت في نفسي: لايّ معني هذا؟ فأقبل عليّ، فقال: معني هذا أنّها محدثة مبتدعة لم يبنها نبيّ ولا حجّة.(32)
27- وعن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم جاء بأمر غير الذي کان.(33)
28- وعن أبي بصير، عن کامل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنّه قال: إنّ قائمنا إذا قام دعا الناس إلي أمر جديد، کما دعا إليه رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وإنّ الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبي للغرباء.(34)
29- وعن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن القائم إذا قام بأيّ يسير في الناس؟ فقال: بسيرة ما سار به رسول الله (صلي الله عليه وآله) حتّي يظهر الاسلام.
قلت: وما کانت سيرة رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ قال: أبطل ما کان في الجاهليّة، واستقبل الناس بالعدل، وکذلک القائم (عليه السلام) إذا قام يبطل ما کان في الهدنة ممّـا کان في أيدي الناس، ويستقبل بهم العدل.(35)
العدل والامن والرخاء
لقد جاء في الاحاديث الصحيحة عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) وعترته الميامين أنّ المهدي (عليه السلام) يملا الارض قسطاً وعدلاً، کما ملئت ظلماً وجوراً، ويسع الناس عدله، حتّي يدخل جوف بيوتهم مثلما يدخل الحرّ والبرد، ويبلغ من عدله أن تتمنّي الاحياء أمواتها، ويتمنّي الصغير الکبر، والکبير الصغر، ويردّ المظالم حتّي لو کانت تحت ضرس إنسان لانتزعه، ويحکم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الانجيل بإنجيلهم، وبين أهل القرآن بقرآنهم، ويقسم المال بالسويّة، ويملا الله قلوب اُمّته غنيً، ويکون (عليه السلام) شديداً علي العمّـال، جواداً بالمال، رحيماً بالمساکين.
ويأمن الانسان بل وحتّي الحيوان من کلّ خوف حتّي أنّ المسافر لا يخاف في زمانه إلاّ الضلال في الطريق، وروي أنّ الاسد يرتع مع الغنم، وتلعب الصبيان بالحيّات فلا تخافها.
وتتنعّم الاُمّة في زمانه (عليه السلام) نعمة لم ينعموها قط، وينزل الله تعالي البرکة من السماء، ويخرجها من الارض، فتظهر الارض کنوزها ونباتها، وتلقي السماء بقطرها، فيفرح به ويرضي عنه ساکن السماء والارض، والطير في الهواء، والحيتان في البحار، وفيما يلي بعض الاحاديث والاخبار الدالّة علي ذلک:
1- عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال: يکون في اُمّتي المهدي، إن قصر عمره فسبع سنين، وإلاّ فثمان، وإلاّ فتسع سنين، تتنعّم اُمّتي في زمانه نعيماً لم يتنعّموا مثله قط، ترسل السماء عليهم مدراراً، ولا تَدَع الارض شيئاً من نباتها إلاّ أخرجته.(36)
2- وعنه (رضي الله عنه): أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: يخرج المهدي في اُمّتي، يبعثه الله غياثاً للناس، تنعم به الاُمّة، وتعيش الماشية، وتخرج الارض نباتها، ويعطي المال صحاحاً.(37)
3- وعنه (رضي الله عنه)، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال: المهدي منّا أهل البيت، رجل من اُمّتي، أشَمّ(38) الانف، يملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً.(39)
4- وعن أبي سلمة بن(40) عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): ليبعثنّ الله تعالي من عترتي رجلاً أفرق الثنايا، أجلي الجبهة، يملا الارض عدلاً، يفيض المال عليه فيضاً.(41)
5- وروي الحموئي بالاسناد عن الحسين بن خالد - في حديث - عن الامام الرضا (عليه السلام)، قال: قيل له: يا بن رسول الله، ومن القائم منکم أهل البيت؟
قال: الرابع من ولدي، ابن سيّدة الاماء، يُطهّر الله به الارض من کلّ جور، ويقدّسها من کلّ ظلم، وهو الذي يشکّ الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الارض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحدٌ أحداً، وهو الذي تُطوي له الارض، ولا يکون له ظلّ، وهو الذي ينادي مُناد من السماء يسمعه جميع أهل الارض بالدعاء إليه، يقول: ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنّ الحقّ فيه ومعه، وهو قول الله عزّ وجلّ: (إنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْنَاقَهُمْ لَهَا خَاضِعِين).(42)
6- وعن حذيفة بن اليمان، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال: المهدي من ولدي، وجهه کالقمر الدرّي، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملا الارض عدلاً کما مُلئت جوراً، يرضي بخلافته أهل السماء والارض، والطير في الهواء، يملک عشرين سنة.(43)
7- وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): اُبشّرکم بالمهدي، يُبعث في اُمّتي علي اختلاف من الناس وزلازل، فيملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، يرضي عنه ساکن الارض، يقسّم المال صحاحاً.
فقال رجل: ما معني صحاحاً؟ قال: بالسويّة بين الناس.
قال: ويملا الله قلوب اُمّة محمّد (صلي الله عليه وآله) غنيً، ويسعهم عدله، حتّي يأمر منادياً فينادي: من له في المال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلاّ رجل واحد فيقول: أنا. فيقول له: ائتِ السادن - يعني الخازن - فقل له: إنّ المهدي يأمرک أن تعطيني مالاً. فيقول له: احثُ - يعني خذ - حتّي إذا جعله في حجره وأحرزه، ندم فيقول: کنت أجشع اُمّة محمّد نفساً، وعجز عنّي ما وسعهم؟! قال: فيردّه فلا يقبل منه، فيقول له: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه.(44)
8- وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يکون عند انقطاع من الزمان، وظهور من الفتن، رجل يقال له المهدي: عطاؤه هنيئاً.(45)
الهوامش:
(1) الارشاد 2: 383، بحار الانوار 52: 337 / 78.
(2) أي إلي الاقرار والعمل بما درس من شرائع الاسلام، والله العالم.
(3) الارشاد 2: 383.
(4) المقام: هو الصخرة التي کان يقوم عليها إبراهيم (عليه السلام) حين بناء الکعبة، وعليها أثر قدمه، وهي الان بعيدة عن الکعبة مقابل الرکن الذي فيه الحجر الاسود وعليها قبّة زجاجيّة، ويصلّي الناس خلفها، والمروي أنّها کانت بجنب الکعبة قريب الباب.
(5) الارشاد 2: 383، بحار الانوار 52: 338 / 80.
(6) الارشاد 2: 384، بحار الانوار 52: 338 / 82.
(7) الارشاد 2: 384، بحار الانوار 52: 338 / 83، والاية من سورة الاعراف 7: 128.
(8) الارشاد 2: 385، الفصول المهمّة: 302، بحار الانوار 52: 339 / 84.
(9) الارشاد 2: 386، وقوله (يخالف فيه التأليف) لعلّه يريد أنّ ترتيبه يخالف ترتيب المصحف الذي بأيدينا، ولعلّه عين ترتيب مصحف جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي رتّبه علي النزول وجعل فيه التنزيل والتأويل، وليس المراد أنّ القرآن الذي في زمانه (عليه السلام) مخالف لما في أيدينا في ألفاظه وکلماته، بل لا يزيد عنه حرف ولا ينقص.
(10) الارشاد 2: 386، بحار الانوار 52: 339 / 86، والاية من سورة الحجر 15: 75 ـ 76.
(11) غيبة النعماني: 109، بحار الانوار 52: 347 / 97.
(12) دلائل الامامة: 466 / 452، إثبات الهداة 7: 147 / 712.
(13) الغيبة للنعماني: 152.
(14) أي في قبول التوبة، لأنّه (عليه السلام) يظهر بالسيف، ورسول الله (صلي الله عليه وآله) کان يقبل التوبة، وليس المراد أنّ الامام المهدي (عليه السلام) لا يسير بسنّة رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهديه من حيث العدل ومحاربة البدع والضلال ونشر الاسلام، وذلک لصريح الاحاديث المتقدّمة بذلک.
(15) الغيبة للنعماني: 153، بحار الانوار 52: 353 / 109.
(16) الغيبة للنعماني: 153.
(17) أي من حيث اُسلوب الدعوة إلي الله سبحانه، لا من حيث الهدي والسنّة، کما أشرنا آنفاً.
(18) الغيبة للنعماني: 153، بحار الانوار 52: 353 / 111.
(19) الغيبة للنعماني: 153، بحار الانوار 52: 354 / 112، و52: 352 / 108 عن الصادق (عليه السلام) نحوه.
(20) الغيبة للنعماني: 154، بحار الانوار 52: 354 / 113.
(21) الغيبة للنعماني: 154، بحار الانوار 52: 354 / 114.
(22) الغيبة للنعماني: 154، بحار الانوار 52: 354 / 115.
(23) أعيان الشيعة 2: 83.
(24) أعيان الشيعة 2: 83.
(25) الجران: باطن العنق من البعير وغيره، وضرب الاسلام بجرانه، أي ثبت واستقرّ.
(26) سنن أبي داود 4: 107 / 4286، العمدة: 433 / 911.
(27) بحار الانوار 52: 325 / 39 و371 / 162.
(28) بحار الانوار 52: 309 / 2.
(29) بحار الانوار 52: 313 / 7 و318 / 18.
(30) بحار الانوار 52: 319 / 21.
(31) بحار الانوار 52: 320 / 22.
(32) بحار الانوار 52: 323 / 32.
(33) بحار الانوار 52: 332 / 59.
(34) بحار الانوار 52: 366 / 147.
(35) بحار الانوار 52: 381 / 192.
(36) فرائد السمطين 2: 315 / 566، کشف الغمّة 2: 470 و472 عن الاربعين لابي نعيم.
(37) فرائد السمطين 2: 316 / 567، البيان في أخبار صاحب الزمان: 519.
(38) الشمم: ارتفاع قصبة الانف مع استواء أعلاه.
(39) فرائد السمطين 2: 330 580.
(40) في المصدر: أبي سلمة عن، تصحيف، راجع تهذيب الکمال 17: 324.
(41) فرائد السمطين 2: 331 / 582.
(42) فرائد السمطين 2: 336 / 590، بحار الانوار 52: 321 / 29، والاية من سورة الشعراء 26: 4.
(43) الفردوس 4: 221 / 6667.
(44) دلائل الامامة: 471 / 463، البيان في أخبار صاحب الزمان: 505، الملاحم والفتن: 165، مسند احمد 3: 37، کشف الغمّة 2: 471.
(45) البيان في أخبار صاحب الزمان: 506، عقد الدرر: 222.
******************
9- وعنه، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): ينزل باُمّتي في آخر الزمان بلاءٌ شديدٌ من سلطانهم لم يُسمع ببلاء أشدّ منه، حتّي تضيق عنهم الارض الرحبة، وحتّي تُملا الارض جوراً وظلماً، ولا يجد المؤمن ملتجأً يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله عزّ وجلّ رجلاً من عترتي، فيملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، يرضي عنه ساکن السماء وساکن الارض، لا تدّخر الارض شيئاً من بذرها إلاّ أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئاً إلاّ صبّه الله عليهم مدراراً، يعيش فيهم سبع سنين وثمان، وتسع، يتمنّي الاحياء الامواتَ ممّـا صنع الله عزّ وجلّ بأهل الارض من خير.(1)
10- وعن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم کما يدخل الحرّ والقرّ.(2)
11- وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): أبشروا بالمهدي، فإنّه يبعث علي حين اختلاف من الناس شديد، يملا الارض عدلاً وقسطاً، کما ملئت جوراً وظلماً، يرضي عنه ساکنو السماء وساکنو الارض، ويملا الله عزّ وجلّ قلوب عباده غنيً، ويسعهم عدله.(3)
12- وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لا تقوم الساعة حتّي تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً، وحتّي يسير الراکب بين العراق ومکّة لا يخاف إلاّ ضلال الطريق.(4)
13- وعن محمّد بن مسلم، عن الامام الباقر (عليه السلام)، قال: القائم منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوي له الارض، وتظهر له الکنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عزّ وجلّ به دينه ولو کره المشرکون، فلا يبقي في الارض خراب إلاّ عُمّر، الحديث.(5)
14- وعن زيد بن وهب الجهني، عن الحسن بن علي، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: يبعث الله رجلاً في آخر الزمان وکَلَب من الدهر، وجهل من الناس، يؤيّده الله بملائکته، ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره علي الارض حتّي يدينوا طوعاً وکرهاً، يملا الارض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقي کافر إلاّ آمن، ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح في ملکه السباع، وتخرج الارض نبتها، وتنزل السماء برکتها، وتظهر له الکنوز.(6)
15- وعن الامام الرضا (عليه السلام) - في حديث - قال: ويکون منزله بالکوفة، فلا يترک عبداً مسلماً إلاّ اشتراه وأعتقه، ولا غارماً إلاّ قضي دينه، ولا مظلمة لاحد من الناس إلاّ ردّها، ولا يقتل منهم عبد إلاّ أدّي ثمنه دية مسلّمة إلي أهله، ولا يقتل قتيل إلاّ قضي عنه دينه، وألحق عياله في العطاء، حتّي يملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً وعدواناً، ويسکن هو وأهل بيته الرحبة، والرحبة إنّما کانت مسکن نوح، وهي أرض طيّبة، ولا يسکن الرجل من آل محمّد إلاّ بأرض طيّبة زاکية، فهم الاوصياء الطيّبون.(7)
16- وعن حذيفة، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إذا کان عند خروج القائم ينادي مناد من السماء: أ يّها الناس قُطِعَ عنکم مدّة الجبّارين، وولي الامر خير اُمّة محمّد - إلي أن قال: - فعند ذلک تفرح الطيور في أوکارها، والحيتان في بحارها، وتمدّ الانهار، وتفيض العيون، وتنبت الارض ضِعف اُکلها،(8) الحديث.
17- وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث الاربعمائة: لو قد قام قائمنا لانزلت السماء قطرها، ولاخرجت الارض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتّي تمشي المرأة بين العراق إلي الشام، لا تضع قدميها إلاّ علي النبات، وعلي رأسها زبيلها لا يهيجها سبع ولا تخافه.(9)
18- وعن الحسن بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (عليه السلام)، قال: إذا قام قائمنا أذهب الله عزّ وجلّ عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم کزبر الحديد، وجعل قوّة الرجل منهم قوّة أربعين رجلاً، ويکونون حکّام الارض وسنامها.(10)
19- وعن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: إذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا، کان الرجل من شيعتنا أجرأ من ليث، وأمضي من سنان، يطأ عدوّنا برجليه، ويضربه بکفّيه، وذلک عند نزول رحمة الله وفرجه علي العباد.(11)
20- وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال (عليه السلام): إذا ظهر القائم... يعطي الناس عطايا مرّتين في السنة، ويرزقهم في الشهر رزقين، ويسوّي بين الناس حتّي لا تري محتاجاً إلي الزکاة، ويجيء أصحاب الزکاة بزکاتهم إلي المحاويج من شيعته فلا يقبلونها.(12)
21- وعن عليّ بن عقبة، عن أبيه، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) حکم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الارض برکاتها، وردّ کلّ حقّ إلي أهله... فحينئذ تُظهر الارض کنوزها وتبدي برکاتها، فلا يجد الرجل منکم يومئذ موضعاً لصدقته ولا لبرّه لشمول الغني جميع المؤمنين.(13)
22- وعن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) - في حديث - قال: إذا قام قائم أهل البيت قسّم بالسويّة، وعدل في الرعيّة، فمن أطاعه أطاع الله، ومن عصاه فقد عصي الله، وإنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلي أمر خفي... وتجمع إليه أموال الدنيا من بطن الارض وظهرها، فيقول للناس: تعالوا إلي ما قطعتم فيه الارحام، وسفکتم فيه الدماء الحرام، ورکبتم فيه ما حرّم الله عزّ وجلّ، فيعطي شيئاً لم يعطه أحد کان قبله، ويملا الارض عدلاً وقسطاً ونوراً، کما ملئت ظلماً وجوراً وشرّاً.(14)
23- وعن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: تأوي إليه اُمّته کما تأوي النحل إلي يعسوبها، ويملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً حتّي لا يکون الناس علي مثل أمرهم الاوّل، لا يوقظ نائماً، ولا يهرق دماً.(15)
24- وعنه، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، قال: يکون في اُمّتي المهدي، يملاها قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، وتمطر السماء مطراً کعهد آدم (عليه السلام)، وتخرج الارض برکتها، وتعيش اُمّتي في زمانه عيشاً لم تعشه قبل ذلک في زمان قطّ.(16)
استئصال الکافرين وشدته عليهم
1- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: (هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَي وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُون).(17) قال (عليه السلام): والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتّي يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم لم يبقَ کافر بالله العظيم، ولا مشرک بالامام إلاّ کره خروجه، حتّي لو کان کافر ومشرک في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن، في بطني کافر فاکسرني واقتله.(18)
2- وعن سعيد بن عمر الجعفي، عن رجل من أهل مصر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أما إنّ قائمنا لو قد قام لقد أخذ بني شيبة وقطع أيديهم وطاف بهم وقال: هؤلاء سرّاق (بيت) الله(19)، الخبر.
ورواه أبو بصير عنه (عليه السلام) إلاّ أنّ فيه: قطع أيدي بني شيبة، وعلّقها علي باب الکعبة، وکتب عليها: هؤلاء سُرّاق الکعبة.(20)
3- وعن بشير النبّال، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: ويح هذه المرجئة إلي من يلجأون غداً إذا قام قائمنا؟
قلت: إنّهم يقولون لو قد کان ذلک کنّا نحن وأنتم في العدل سواء. فقال (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه، ومن أسرّ نفاقاً فلا يبعد الله غيره، ومن أظهر شيئاً أهرق الله دمه.
ثمّ قال: يذبحهم والذي نفسي بيده کما يذبح القصّاب شاته - وأومأ بيده إلي حلقه -.
قلت: إنّهم يقولون: إنّه إذا کان ذلک استقامت له الاُمور، فلا يهرق محجمة دم.
فقال: کلاّ والذي نفسي بيده حتّي نمسح وأنتم العرق والعلق، وأومأ بيده إلي جبهته.(21)
4- وعن المفضّل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) وقد ذکر القائم (عليه السلام) فقلت: إنّي لارجو أن يکون أمره في سهولة؟ فقال: لا يکون ذلک حتّي تمسحوا العرق والعلق.(22)
5- وعن معمر بن خلاّد، قال: ذکر القائم (عليه السلام) عند الرضا (عليه السلام)، فقال: أنتم اليوم أرضي بالاً منکم يومئذ. قال: وکيف؟ قال: لو قد خرج قائمنا (عليه السلام) لم يکن إلاّ العلق والعرق، والقوم علي السروج.(23)
6- وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالي: (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَي الارْضِ هَوْناً)(24) إلي قوله: (حَسنَتْ مُسْتَقَرَّاً وَمُقَاماً) ثلاث عشرة آية.
قال (عليه السلام): هم الاوصياء (يَمْشُونَ عَلَي الارْضِ هَوْناً) فإذا قام القائم عرضوا کلّ ناصب عليه، فإن أقرّ بالاسلام - وهي الولاية - وإلاّ ضربت عنقه.(25)
7- وعن سلام بن المستنير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يحدّث: إذا قام القائم (عليه السلام) عرض الايمان علي کلّ ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة، وإلاّ ضرب عنقه.(26)
احياء الدين وتعميم الاسلام
إنّ ظهور الامام الحجّة (عليه السلام) يکون إيذاناً لنشر الاسلام في کافّة أرجاء المعمورة، فيظهر الله به الاسلام ويعزّه، وينفي عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين والمضلّين، ويمحو الله به البدع کلّها، ويفتح به باب کلّ حقّ، ويغلق به باب کلّ باطل، وينتشر الاسلام بسيف القائم من آل محمّد (صلي الله عليه وآله) حتّي يعمّ الارض.
1- عن رفاعة بن موسي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (وَلَهُ أسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ طَوْعاً وَکُرْهاً)، قال: إذا قام القائم لا يبقي أرض إلاّ نودي فيها شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله.(27)
2- وعن ابن بکير، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالي: (وَلَهُ أسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ طَوْعاً وَکُرْهاً)، قال: اُنزلت في القائم (عليه السلام) إذا خرج باليهود والنصاري والصابئين والزنادقة وأهل الردّة والکفّار في شرق الارض وغربها، فعرض عليهم الاسلام، فمن أسلم طوعاً أمره بالصلاة والزکاة، وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتّي لا يبقي في المشارق والمغارب أحد إلاّ وحّد الله.
قلت له: جعلت فداک، إنّ الخلق أکثر من ذلک؟ فقال: إنّ الله إذا أراد أمراً قلّل الکثير وکثّر القليل.(28)
3- وعن أبي المقدام، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالي: (لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُون) قال: يکون أن لا يبقي أحدٌ إلاّ أقرّ بمحمّد (صلي الله عليه وآله).(29)
4- وعن الثمالي، عن زين العابدين (عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): الائمة بعدي اثنا عشر أوّلهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله تعالي ذکره علي يديه مشارق الارض ومغاربها.(30)
5- وروي الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: القائم منّا منصور بالرعب مؤيّد بالنصر تطوي له الارض وتظهر له الکنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عزّ وجلّ به دينه علي الدين کلّه ولو کره المشرکون فلا يبقي في الارض خراب إلاّ قد عمّر.(31)
6- وعن عباية بن ربعي، أنّه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَي وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُون) أظَهَر ذلک بعد؟ کلاّ والذي نفسي بيده حتّي لا تبقي قرية إلاّ ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله (صلي الله عليه وآله) بکرة وعشيّاً.(32)
7- وعن مجاهد، عن ابن عبّاس في الاية المتقدّمة، قال: لا يکون ذلک حتّي لا يبقي يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملّة إلاّ صار إلي الاسلام، حتّي تأمن الشاة والذئب والبقرة والاسد والانسان والحيّة، حتّي لا تقرض الفأرة جراباً، وحتّي توضع الجزية، ويکسر الصليب، ويقتل الخنزير، وهو قوله تعالي: (لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُون) وذلک يکون عند قيام القائم (عليه السلام).(33)
8- وعن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) في الاية المتقدّمة، قال (عليه السلام): يظهره علي جميع الاديان عند قيام القائم (عليه السلام).(34)
خواصه وأنصاره
حدّدت الروايات والاخبار الواردة في غيبة الامام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عدد أصحابه بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدّة أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) في بدر، وعدّة أصحاب طالوت الذين جاوزوا النهر.
وهؤلاء هم خاصّته الموصوفون بأنّهم حکّام الارض وعمّـال العالم الجديد الذي يقوده الامام المهدي (عليه السلام) وقضاة الناس وخيار الارض، يجتمعون إليه بمکّة من أقطار الارض وأقاصيها علي غير ميعاد قزعاً کقزع الخريف، ولا يعرف بعضهم بعضاً، خمسون منهم من أهل الکوفة، ويبايعونه جميعاً بمکّة بين الرکن والمقام.
وورد أنّه (عليه السلام) يخرج من مکّة وجيشه بضعة عشر ألفاً، وقيل: عشرة آلاف، وورد غير ذلک، وتنصره الملائکة، والجيوش الموطّئة له، ويسير الرعب أمامه شهراً حتّي يفتح کلّ بلدان العالم ويخضعها لدولة الاسلام والعدل والحرّية.
وتحدّثت الروايات أنّ من بين أصحاب المهدي (عليه السلام) خمسين امرأة، وروي ثلاث عشرة، يداوين الجرحي ويقمن علي المرضي، کما کان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يخرجهن في الحرب لمثل هذه الاغراض لا للقتال.
وورد أنّ في أصحابه (عليه السلام) قوماً من الراجعين إلي الدنيا کأبي دجانة الانصاري، وسلمان الفارسي، والمقداد، ومالک الاشتر، ويوشع بن نون، وسبعة من أهل الکهف، وخمسة عشر من قوم موسي (عليه السلام) الذين کانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون.
ومن أنصاره (عليه السلام) أبدال أهل الشام، ونجباء أهل مصر، وعصائب أهل العراق، وحاکم أفريقية الذي يؤدّي إليه الطاعة ويقاتل معه، وحاکم من ذرّية جعفر بن أبي طالب، والاخيار السيّاحون في الارض، وشعيب بن صالح، والنفس الزکيّة المقتول بمکّة أوّل ظهوره (عليه السلام)، والمفقودون من فرشهم ليلاً، والسائرون في السحاب نهاراً.
وجاء في أوصافهم أنّهم رهبان الليل، ليوث بالنهار، کأنّ قلوبهم زُبر الحديد، مطيعون لامامهم، قلوبهم مشرقة بالايمان، يتمنّون الشهادة في سبيل الله بين يدي الحجّة (عليه السلام)، شعارهم: يا لثارات الحسين. وما إلي ذلک من الاوصاف الاُخري التي تحدّثت عنها الروايات والاخبار الواردة عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام) التي سنسوق بعضاً منها فيما يلي:
ما روي فيهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
1- قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إذا قام قائمنا، جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب، فيجمعون له کما يجتمع قَزَع الخريف، فأمّا الرفقاء فمن أهل الکوفة، وأمّا الابدال فمن أهل الشام.(35)
2- وقال (صلي الله عليه وآله): يجمعهم الله من مشرقها إلي مغربها في أقلّ ممّـا يتمّ الرجل عينيه، عند بيت الله الحرام.(36)
3- وعن عليّ بن عاصم، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه (عليهم السلام) - في حديث - قال: قال النبيّ (صلي الله عليه وآله) لاُبي بن کعب في وصف القائم (عليه السلام): له کنوز لا ذهب ولا فضّة إلاّ خيول مطهّمة ورجال مسوّمة، يجمع الله له من أقاصي البلاد علي عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وکناهم، کدّادون مجدّون في طاعته.(37)
الهوامش:
(1) المستدرک علي الصحيحين 4: 465.
(2) غيبة النعماني: 200، بحار الانوار 52: 362 / 131.
(3) دلائل الامامة: 482 / 476، مسند احمد 3: 37 و52، الفصول المهمّة: 297، البيان في أخبار صاحب الزمان: 505.
(4) مسند احمد 2: 370، صحيح مسلم 2: 701 / 18، مستدرک الحاکم 4: 477، مصابيح السنّة 3: 488 / 4197.
(5) بحار الانوار 52: 191 / 24.
(6) بحار الانوار 52: 280 / 6.
(7) أعيان الشيعة 2: 83.
(8) بحار الانوار 52: 304 / 73.
(9) بحار الانوار 52: 316 / 11.
(10) بحار الانوار 52: 316 ـ 317 / 12 و372 / 164 نحوه عن الامام الصادق (عليه السلام).
(11) بحار الانوار 52: 318 / 17، و372 / 164.
(12) بحار الانوار 52: 390 / 212.
(13) الارشاد 2: 384، بحار الانوار 52: 338 / 83.
(14) علل الشرائع 1: 155، بحار الانوار 52: 350 / 103.
(15) الملاحم والفتن: 70.
(16) الملاحم والفتن: 165.
(17) براءة: 34.
(18) بحار الانوار 52: 324 / 36.
(19) بحار الانوار 52: 317 / 14 و338 / 80 و373 / 168.
(20) بحار الانوار 52: 338 / 80.
(21) بحار الانوار 52: 357 / 122.
(22) بحار الانوار 52: 358 / 124.
(23) بحار الانوار 52: 359 / 126.
(24) الفرقان: 63.
(25) بحار الانوار 52: 373 / 167.
(26) بحار الانوار 52: 375 / 175.
(27) بحار الانوار 52: 340 / 89.
(28) بحار الانوار 52: 340 / 90.
(29) بحار الانوار 52: 346 / 93.
(30) بحار الانوار 52: 378 / 184.
(31) کمال الدين: 331 / 16، بحار الانوار 52: 191 / 24.
(32) المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: 86.
(33) المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: 87.
(34) المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: 87.
(35) منتخب الاثر: 477، الصواعق المحرقة: 163، يوم الخلاص: 218.
(36) الملاحم والفتن: 121، يوم الخلاص: 219.
(37) بحار الانوار 52: 310 ـ 311.
******************
ما روي فيهم عن أمير المؤمنين عليه السلام
1- روي ابن أعثم الکوفي، في کتاب (الفتوح)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّه قال: ويحاً للطالقان! فإنّ الله تعالي بها کنوزاً ليست من ذهب ولا فضّة، ولکن بها رجال عرفوا الله حقّ معرفته، وهم أنصار المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان.(1)
2- وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا هلک الخاطب، وراغ الصاحب، وبقيت قلوب تتقلّب، من مخصب ومجدب، هلک المتمنّون، واضمحلّ المضمحلّون، وبقي المؤمنون، وقليل ما يکون، ثلاثمائة ويزيدون، وتجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) يوم بدر ولم تُقتل ولم تمت.(2)
3- وعن أبي يحيي حکيم بن سعيد، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: أصحاب القائم شباب لا کهول فيهم إلاّ مثل کحل العين والملح في الزاد، وأقلّ الزاد الملح.(3)
4- وقال (عليه السلام): جيش الغضب(4) قوم يأتون في آخر الزمان، قَزَع کَقَزع الخريف، الرجل والرجلان والثلاثة من کلّ قبيلة، حتّي يبلغ التسعة، أما والله إنّي لاعرف أميرهم واسمه ومناخ رکابهم.(5)
5- وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: يخرج المهدي في اثني عشر ألفاً إن قلّوا، وخمسة عشر ألفاً إن کثروا، ويسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدوّ إلاّ هزمهم، شعارهم: أمت، أمت، لا يبالون في الله لومة لائم.(6)
6- وقال (عليه السلام): يؤلّف الله قلوبهم، ولا يستوحشون إلي أحد، ولا يفرحون بأحد دخل فيهم، علي عدّة أصحاب بدر، لم يسبقهم الاوّلون، ولا يدرکهم الاخرون، وعلي عدّة أصحاب طالوت الذين جاوزوا النهر.(7)
7- وقال (عليه السلام): هم المفقودون عن فرشهم الذين قال الله تعالي فيهم: (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً).(8)
8- وقال (عليه السلام): إذا اُذِن الامام دعا الله باسمه، فاُتيحت له صحابته، وهم أصحاب الالوية، فمنهم من يُفتقد من فراشه ليلاً فيصبح في مکّة، ومنهم من يُري يسير في السحاب نهاراً.(9)
9- وقال (عليه السلام): والله إنّي لاعرفهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم وحلاهم، ومواقع منازلهم ومراتبهم، وهم المفقودون عن فرشهم وقبائلهم، السائرون في ليلهم ونهارهم إلي مکّة، وذلک عند استماع الصوت، وهم القضاة والحکّام علي الناس.(10)
10- وقال (عليه السلام): لا يزال الناس ينقصون حتّي لا يقال: لا إله إلاّ الله، إلاّ مستخفياً، ثمّ يأتي الله بقوم صالحين، اُولئک هم خيار الاُمّة مع أبرار العترة... فإذا کان ذلک ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيبعث الله قوماً من أطرافها، يجمعهم الله کيف يشاء، فيتوافدون من الافاق ثلاثمائة وثلاثة عشر حتّي أنّ الرجل ليحتبي فلا يفکّ حبوته حتّي يبلغه الله ذلک.(11)
11- وقال (عليه السلام) في قوله تعالي: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدّ مِنْکُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأتِي اللهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أذِلَّة عَلَي المُؤْمِنِينَ أعِزَّة عَلَي الکَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِم) قال (عليه السلام): هم أصحاب القائم.(12)
12- وقال (عليه السلام): يبعث الله قائم آل محمّد في عصبة لَهم أدقّ في أعين الناس من الکحل، فإذا خرجوا بکي لهم الناس، لا يرون إلاّ أنّهم يُختطفون، يفتح الله لهم مشارق الارض ومغاربها، ألا هم المؤمنون حقّاً، ألا إنّ الجهاد في آخر الزمان.(13)
13- وقال (عليه السلام): يجمعهم الله عزّ وجلّ بمکّة في ليلة واحدة، وهي ليلة الجمعة، فيصبحون بمکّة في بيت الله الحرام، لا يتخلّف منهم رجل واحد، فينتشرون بمکّة في أزقّتها، ويطلبون منازل يسکنونها، فينکرهم أهل مکّة... إلي أن قال (عليه السلام): فلا يجتمعون بعد انصرافهم إلي أن يقوم القائم (عليه السلام) فيلقي أصحابه بعضهم بعضاً کأبناء أب واحد واُمّ واحدة، افترقوا غدوة، واجتمعوا عشيّة.(14)
ما روي فيهم عن زين العابدين عليه السلام
1- عن أبي خالد الکابلي، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين (عليه السلام)، قال: المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر، فيصبحون بمکّة، وهو قول الله عزّ وجلّ: (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ)(15) وهم أصحاب القائم (عليه السلام).(16)
2- وعن ابن محبوب رفعه إلي الامام زين العابدين (عليه السلام) في ذکر القائم (عليه السلام) ـ في حديث طويل - قال (عليه السلام): فيقوم رجل منه - أي من خواصّه وأهله - فينادي: أ يّها الناس، هذا طلبتکم قد جاءکم، يدعوکم إلي ما دعاکم إليه رسول الله (صلي الله عليه وآله). قال: فيقومون. قال: فيقوم هو بنفسه فيقول: أيّها الناس، أنا فلان ابن فلان، أنا ابن نبيّ الله، أدعوکم إلي ما دعاکم إليه نبيّ الله. فيقومون إليه ليقتلوه، فيقوم ثلاثمائة وينيف علي الثلاثمائة فيمنعونه، منهم خمسون من أهل الکوفة، وسائرهم من أفناء الناس، لا يعرف بعضهم بعضاً، اجتمعوا علي غير ميعاد.(17)
3- وعن أبي خالد الکابلي، قال: قال لي عليّ بن الحسين (عليه السلام): يا أبا خالد، لتأتينّ فتنٌ کقطع الليل المظلم، لا ينجو إلاّ من أخذ الله ميثاقه، اُولئک مصابيح الهدي، وينابيع العلم، ينجيهم الله من کلّ فتنة مظلمة، کأنّي بصاحبکم قد علا فوق نجفکم بظهر کوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، جبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن شماله، وإسرافيل أمامه، معه راية رسول الله (صلي الله عليه وآله) قد نشرها، لا يهوي بها إلي قوم إلاّ أهلکهم الله عزّ وجلّ.(18)
ما روي فيهم عن الباقر عليه السلام
1- عن ابن محبوب، رفعه إلي أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: يجمع الله له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يجمعهم الله علي غير ميعاد قزع کقزع الخريف، ثمّ تلا هذه الاية (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً)(19) فيبايعونه بين الرکن والمقام، ومعه عهد رسول الله (صلي الله عليه وآله)، الحديث.(20)
2- وعن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: يقول القائم (عليه السلام) لاصحابه: يا قوم، إنّ أهل مکّة لا يريدونني، ولکنّي مرسل إليهم لاحتجّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجّ عليهم. فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: امضِ إلي أهل مکّة، فقل يا أهل مکّة، أنا رسول فلان إليکم، وهو يقول لکم: إنّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرّية محمّد، وسلالة النبيّين، وإنّا قد ظُلِمنا واضطُهِدنا، وقُهِرنا وابتُزّ منّا حقّنا منذ قبض نبيّنا إلي يومنا هذا، فنحن نستنصرکم فانصرونا.
فإذا تکلّم هذا الفتي بهذا الکلام أتوا إليه فذبحوه بين الرکن والمقام، وهي النفس الزکيّة، فإذا بلغ ذلک الامام قال لاصحابه: ألا أخبرتکم أنّ أهل مکّة لا يردوننا، فلا يدعونه حتّي يخرج فيهبط من عقبة طوي في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر، حتّي يأتي المسجد الحرام، فيصلّي فيه عند مقام إبراهيم أربع رکعات، ويسند ظهره إلي الحجر الاسود، ثمّ يحمد الله ويثني عليه، ويذکر النبيّ (صلي الله عليه وآله) ويصلّي عليه، ويتکلّم بکلام لم يتکلّم به أحد من الناس.
فيکون أوّل من يضرب علي يده ويبايعه جبرئيل وميکائيل، ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين (عليهما السلام) فيدفعان إليه کتاباً جديداً هو علي العرب شديد بخاتم رطب، فيقولون له: اعمل بما فيه، ويبايعه الثلاثمائة وقليل من أهل مکّة، ثمّ يخرج من مکّة حتّي يکون في مثل الحلقة.
قلت: وما الحلقة؟ قال: عشرة آلاف رجل، جبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن شماله، ثمّ يهزّ الراية المغلّبة وينشرها، وهي راية رسول الله (صلي الله عليه وآله) السحاب، ودرع رسول الله السابغة، ويتقلّد بسيف رسول الله (صلي الله عليه وآله) ذي الفقار.(21)
3- وعن أبي خالد الکابلي، عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) - وعن محمّد بن عليّ (عليه السلام) - أنّه قال: الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمکّة، وهو قول الله عزّ وجلّ: (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ) وهم أصحاب القائم (عليه السلام).(22)
4- وعن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): إنّ القائم يهبط من ثنية ذي طوي في عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً حتّي يسند ظهره إلي الحجر الاسود ويهزّ الراية الغالبة.(23)
5- وعن أبي خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال: يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، قال: وهم والله الاُمّة المعدودة، قال: يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع کقزع الخريف.(24)
6- وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: کأنّي بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين، ليس من شيء إلاّ وهو مطيع لهم، حتّي سباع الارض، وسباع الطير تطلب رضاهم في کلّ شيء، حتّي تفخر الارض علي الارض، وتقول: مرّ بي اليوم رجل من أصحاب القائم.(25)
7- وعن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يبايع القائم بين الرکن والمقام ثلاثمائة ونيّف عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والابدال من أهل الشام، والاخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم.(26)
8- وعن أبي بکر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: کأنّي بالقائم (عليه السلام) علي نجف الکوفة، وقد سار إليها من مکّة في خمسة آلاف من الملائکة، جبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرّق الجنود في البلاد.(27)
9- وعن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: ويجيء والله ثلاثمائة عشر رجلاً، فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمکّة علي غير ميعاد، قزعاً کقزع الخريف، يتبع بعضها بعضاً.(28)
ما روي فيهم عن الصادق عليه السلام
1- روي عمر بن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا أراد الله قيام القائم (عليه السلام)، بعث جبرئيل (عليه السلام) في صورة طائر أبيض، فيضع إحدي رجليه علي الکعبة، والاُخري علي بيت المقدس، ثمّ ينادي بأعلي صوته: (أتَي أمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوه). قال: فيحضر القائم (عليه السلام) فيصلّي عند مقام إبراهيم (عليه السلام) رکعتين، ثمّ ينصرف، وحواليه أصحابه، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، إنّ فيهم لمن يسري من فراشه ليلاً.(29)
2- وروي الطبري بالاسناد عن يونس بن ظبيان، قال: کنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذکر أصحاب القائم (عليه السلام) فقال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، وکلّ واحد يري نفسه في ثلاثمائة.(30)
3- وعن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: له کنز بالطالقان ما هو بذهب، ولا فضّة، وراية لم تنشر منذ طويت، ورجال کأنّ قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شکّ في ذات الله أشدّ من الحجر، لو حملوا علي الجبال لازالوها، لا يقصدون براياتهم بلدة إلاّ خرّبوها، کأنّ علي خيولهم العقبان يتمسّحون بسرج الامام (عليه السلام) يطلبون بذلک البرکة، ويحفّون به يقونه بأنفسهم في الحروب، ويکفونه ما يريد فيهم.
رجال لا ينامون الليل، لهم دويّ في صلاتهم کدويّ النحل، يبيتون قياماً علي أطرافهم، ويصبحون علي خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الامة لسيّدها، کالمصابيح کأنّ قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة، ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل الله شعارهم: يا لثارات الحسين، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر يمشون إلي المولي إرسالاً، بهم ينصر الله إمام الحقّ.(31)
4- وعن المفضّل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يکون مع القائم (عليه السلام) ثلاث عشرة امرأة.
قلت: وما يصنع بهنّ؟ قال (عليه السلام): يداوين الجرحي، ويقمن علي المرضي، کما کنّ مع رسول الله (صلي الله عليه وآله)... الحديث.(32)
5- وعن سليمان بن هارون العجلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ صاحب هذا الامر محفوظ له أصحابه، لو ذهب الناس جميعاً أتي الله بأصحابه، وهم الذين قال الله عزّ وجلّ: (فَإنْ يَکْفُر بِهَا هَؤلاءِ فَقَدْ وَکَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِکَافِرِين) وهم الذين قال الله فيهم: (فَسَوْفَ يَأتِي اللهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أذِلَّة عَلَي المُؤْمِنِينَ أعِزَّة عَلَي الکَافِرِين).(33)
6- وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّ أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الذي قال الله تعالي: (سَنَبْتَلِيکُمْ بِنَهَر) وإنّ أصحاب القائم (عليه السلام) يبتلون بمثل ذلک.(34)
7- وروي المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: يخرج القائم (عليه السلام) من ظهر الکوفة سبعة وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسي (عليه السلام) الذين کانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون، وسبعة من أهل الکهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبا دجانة الانصاري، والمقداد، ومالکاً الاشتر، فيکونون بين يديه أنصاراً وحکّاماً.(35)
8- وعنه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا اُذن الامام دعا الله باسمه العبراني، فاُتيحت له صحابته الثلاثمائة وثلاثة عشر، قزع کقزع الخريف، فهم أصحاب الالوية، منهم من يفقد عن فراشه ليلاً فيصبح بمکّة، ومنهم من يُري يسير في السحاب نهاراً، يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه.
قلت: جعلت فداک، أ يّهم أعظم إيماناً؟ قال: الذي يسير في السحاب نهاراً، وهم المفقودون، وفيهم نزلت هذه الاية: (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً).(36)
9- وعن عليّ بن أبي حمزة، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام): بينا شباب الشيعة علي ظهور سطوحهم نيام إذ توافوا في ليلة واحدة علي غير ميعاد فيصبحون بمکّة.(37)
10- وعن المفضّل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): کأنّي أنظر إلي القائم (عليه السلام) علي منبر الکوفة وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر، وهم أصحاب الالوية، وهم حکّام الله في أرضه علي خلقه.(38)
11- وعن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم نزلت سيوف القتال، علي کلّ سيف اسم الرجل واسم أبيه.(39)
12- وعن أبان بن تغلب، قال: کنت مع جعفر بن محمّد (عليه السلام) في مسجد مکّة وهو آخذ بيدي، فقال: يا أبان، سيأتي الله بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً في مسجدکم هذا، يعلم أهل مکّة أنّه لم يخلق آبائهم ولا أجدادهم بعدُ، عليهم السيوف، مکتوب علي کلّ سيف اسم الرجل واسم أبيه وحليته ونسبه، ثمّ يأمر منادياً فينادي: هذا المهدي يقضي بقضاء داود وسليمان، لا يسأل علي ذلک بيّنة.(40)
13- وعن أبي بصير، قال: سأل رجل من أهل الکوفة أبا عبد الله (عليه السلام): کم يخرج مع القائم (عليه السلام)؟ فإنّهم يقولون: إنّه يخرج معه مثل عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً؟ قال (عليه السلام): ما يخرج إلاّ في اُولي قوّة، وما يکون اُولو قوّة أقلّ من عشرة آلاف.(41)
14- وعن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يخرج القائم من مکّة حتّي تکمل الحلقة. قلت: وکم الحلقة؟ قال: عشرة آلاف، جبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن يساره، ثمّ يهزّ الراية المغلّبة، ويسير بها، فلا يبقي أحد في المشرق ولا في المغرب إلاّ لعنها.
ثمّ يجتمعون قزعاً کقزع الخريف من القبائل ما بين الواحد والاثنين والثلاثة والاربعة والخمسة والستّة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة.(42)
15- روي السيّد ابن طاووس بالاسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: کأنّي أنظر إلي القائم (عليه السلام) وأصحابه في نجف الکوفة کأنّ علي رؤوسهم الطير، قد فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم، قد أثّر السجود بجباههم، ليوث بالنهار، رهبان بالليل، کأنّ قلوبهم زبر الحديد، يُعطي الرجل منهم قوّة أربعين رجلاً، لا يقتل أحداً منهم إلاّ کافر ومنافق، وقد وصفهم الله تعالي بالتوسّم في کتابه العزيز: (إنَّ فِي ذَلِکَ لايَات لِلْمُتَوَسِّمِين).(43)
ما روي فيهم عن الرضا عليه السلام
قال في قوله تعالي: (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً)(44) قال (عليه السلام): وذلک والله أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان.(45)
الهوامش:
(1) عقد الدرر: 164، البيان في أخبار صاحب الزمان: 491، البرهان / المتّقي الهندي: 150 / 14.
(2) بشارة الاسلام: 53، يوم الخلاص: 221، بحار الانوار 52: 137 / 42.
(3) غيبة النعماني: 215، الملاحم والفتن: 145، غيبة الطوسي: 284، بحار الانوار 52: 333 / 63.
(4) أي الغضب لله تعالي.
(5) غيبة النعماني: 212، يوم الخلاص: 219.
(6) منتخب الاثر: 486 / 4.
(7) منتخب الاثر: 166، بشارة الاسلام: 80 و200، يوم الخلاص: 221.
(8) يوم الخلاص: 221، بحار الانوار 52: 286 / 21.
(9) بحار الانوار 52: 368 / 153، بشارة الاسلام: 203، يوم الخلاص: 222.
(10) بشارة الاسلام: 208، منتخب الاثر: 162 و476، يوم الخلاص: 222.
(11) منتخب الاثر: 476، بحار الانوار 52: 334 / 65، غيبة الطوسي: 285.
(12) منتخب الاثر: 475، يوم الخلاص: 225.
(13) منتخب الاثر: 455، غيبة الطوسي: 279، بحار الانوار 52: 217 / 78.
(14) بشارة الاسلام: 210 / 211، يوم الخلاص: 234 / 235.
(15) البقرة: 148.
(16) بحار الانوار 52: 323 / 34.
(17) بحار الانوار 52: 306 / 79.
(18) بحار الانوار 51: 135 / 3.
(19) البقرة: 148.
(20) بحار الانوار 52: 306 / 78.
(21) بحار الانوار 52: 307 / 81.
(22) غيبة النعماني: 213، بحار الانوار 52: 368 / 154.
(23) غيبة النعماني: 215، بحار الانوار 52: 370 / 158.
(24) بحار الانوار 52: 288 / 26.
(25) بحار الانوار 52: 327 / 43.
(26) غيبة الطوسي: 299، بحار الانوار 52: 334 / 64.
(27) بحار الانوار 52: 336 / 75.
(28) تفسير العياشي 1: 64، بحار الانوار 52: 223 / 87.
(29) دلائل الامامة: 472 / 464، البيان في أخبار صاحب الزمان: 505، الملاحم والفتن: 165.
(30) دلائل الامامة: 575 / 529، المحجّة للبحراني: 46.
(31) بحار الانوار 52: 308 / 82.
(32) دلائل الامامة: 484 / 480، إثبات الهداة 7: 150 / 725.
(33) غيبة النعماني: 215، بحار الانوار 52: 370 / 160.
(34) غيبة النعماني: 216، بحار الانوار 52: 332 / 56.
(35) الارشاد 2: 386، بحار الانوار 52: 346 / 92، تفسير العياشي 2: 320 / 90 وزاد فيه: ومؤمن آل فرعون، وفيه: من ظهر الکعبة، بدل الکوفة.
(36) غيبة النعماني: 213، بحار الانوار 52: 368 / 153.
(37) غيبة النعماني: 215، بحار الانوار 52: 370 / 159.
(38) کمال الدين: 672 / 25، بحار الانوار 52: 326 / 42.
(39) غيبة النعماني: 162.
(40) غيبة النعماني: 214.
(41) بحار الانوار 52: 323 / 33، وقال العلاّمة المجلسي: المعني أنّه (عليه السلام) لا تنحصر أصحابه في الثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا العدد هم المجتمعون عنده في بدء خروجه.
(42) بحار الانوار 52: 367 / 152.
(43) بحار الانوار 52: 386 / 202.
(44) البقرة: 148.
(45) تفسير العياشي 1: 66، 117، بحار الانوار 52: 291 / 37.
******************
ما روي فيهم عن الجواد عليه السلام
عن عبد العظيم الحسني، قال: قلت لمحمّد بن علي الجواد (عليه السلام): إنّي لارجو أن تکون القائم من أهل بيت محمّد الذي يملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً؟
فقال (عليه السلام): يا أبا القاسم، ما منّا إلاّ قائم بأمر الله عزّ وجلّ وهاد إلي دينه، ولکنّ القائم الذي يطهّر الله به الارض من أهل الکفر والجحود، ويملاها عدلاً وقسطاً... وهو الذي تطوي له الارض، ويذلّ له کلّ صعب، يجتمع إليه أصحابه عدّة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الارض، وذلک قول الله عزّ وجلّ: (أيْنَ مَا تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً إنَّ اللهَ عَلَي کُلِّ شَيْء قَدِير).(1)
فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الاخلاص أظهر أمره، فإذا أکمل له العقد، وهو عشرة آلاف رجل، خرج بإذن الله عزّ وجلّ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتّي يرضي الله عزّ وجلّ.(2)
ما روي فيهم عن ابن عباس
أخرج ابن عساکر وابن مردويه حديث ابن عباس مرفوعاً، قال: أصحاب الکهف أعوان المهدي.(3)
رايته وسلاحه
1- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لمّـا التقي أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البصرة، نشر الراية راية رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فزلزلت أقدامهم، فما اصفرّت الشمس حتّي قالوا: آمنّا يا بن أبي طالب، فعند ذلک قال: لا تقتلوا الاسري ولا تجهزوا علي الجرحي ولا تتبعوا مولياً، ومن ألقي سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، فلمّـا کان يوم صفّين سألوه نشر الراية... فقال (عليه السلام): إنّ للقوم مدّة يبلغونها، وإنّ هذه راية لا ينشرها بعدي إلاّ القائم صلوات الله عليه.(4)
2- وعنه عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث ذکر فيه خروج القائم (عليه السلام) - قال: ثمّ يهزّ الراية المغلّبة، ويسير بها، فلا يبقي أحد في المشرق ولا في المغرب إلاّ لعنه(5)، وهي راية رسول الله (صلي الله عليه وآله) نزل بها جبرئيل يوم بدر.
ثمّ قال: يا أبا محمّد، ما هي والله قطن، ولا کتّان، ولا قزّ، ولا حرير.
قلت: فمن أيّ شيء هي؟ قال: من ورق الجنّة، نشرها رسول الله (صلي الله عليه وآله) يوم بدر، ثمّ لفّها ودفعها إلي عليّ (عليه السلام)، فلم تزل عند عليّ (عليه السلام) حتّي إذا کان يوم البصرة نشرها أمير المؤمنين (عليه السلام)، ففتح الله عليه، ثمّ لفّها، وهي عندنا هناک، لا ينشرها أحد حتّي يقوم القائم، فإذا هو قام نشرها، فلم يبقَ في المشرق والمغرب أحد إلاّ لعنها، ويسير الرعب قدّامها شهراً، ووراءها شهراً، وعن يمينها شهراً، وعن يسارها شهراً.(6)
3- وعن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا ثابت، کأنّي بقائم أهل بيتي قد أشرف علي نجفکم هذا - وأومأ بيده إلي ناحية الکوفة - فإذا هو أشرف علي نجفکم نشر راية رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فإذا هو نشرها انحطّت عليه ملائکة بدر. قلت: وما راية رسول الله؟ قال: عودها من عمد عرش الله ورحمته، وسائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلي شيء إلاّ أهلکه الله.
قلت: فمخبوءة هي عندکم حتّي يقوم القائم فيجدها، أم يؤتي بها؟ قال: لا، بل يؤتي بها. قلت: من يأتيه بها؟ قال: جبرئيل.(7)
4- وعن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: کأنّي أنظر إلي القائم علي نجف الکوفة عليه خداجة من استبرق، يلبس درع رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فإذا لبسها انفضّت به تستدير عليه، ثمّ يرکب فرساً له أدهم أبلق، بين عينيه شمراخ، وبين يديه راية رسول الله (صلي الله عليه وآله).
قلت: مخبوءة ويؤتي بها؟ قال: بل يأتيه بها جبرئيل، عودها من عمد عرش الله، وسائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلي شيء إلاّ أهلکه الله.(8)
5- وروي ثقة الاسلام الکليني بالاسناد عن يعقوب السرّاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال (عليه السلام): وخرج صاحب هذا الامر من المدينة إلي مکّة بتراث رسول الله (صلي الله عليه وآله). فقلت: ما تراث رسول الله؟
قال: سيف رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ودرعه، وعمامته، وقضيبه، ورايته، ولامته، وسرجه، حتّي ينزل مکّة، فيخرج السيف من غمده، ويلبس الدرع، وينشر الراية والبردة والعمامة، ويتناول القضيب بيده، ويستأذن الله في ظهوره، الحديث.(9)
6- وفي کتاب الفتن لنعيم بن حمّـاد عن نوف البکالي، قال: في راية المهدي مکتوب: البيعة لله.(10)
7- وعن الفضل بن شاذان، قال: روي أنّه يکون في راية المهدي: اسمعوا وأطيعوا.(11)
8- وعن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن الصادق، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يا عليّ، إنّ قائمنا إذاخرج يجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدد رجال بدر، فإذا حان وقت خروجه، يکون له سيف مغمود، ناداه السيف: قم يا وليّ الله فاقتل أعداء الله.(12)
9- وعن البطائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) نزلت سيوف القتال علي کلّ سيف اسم الرجل واسم أبيه.(13)
صاحب رايته ومقدمته
1- أخرج الطبراني في الاوسط عن ابن عمر: أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) أخذ بيد عليّ(عليه السلام) فقال: سيخرج من صلب هذا فتيً يملا الارض قسطاً وعدلاً، فإذا رأيتم ذلک فعليکم بالفتي التميمي(14)، فإنّه يقبل من قبل المشرق وهو صاحب راية المهدي.(15)
2- وأخرج نعيم بن حمّـاد عن الحسن، قال: يخرج بالريّ رجل ربعة أسمر من بني تميم مخزوم، کوسج(16)، يقال له: شعيب بن صالح في أربعة آلاف، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يکون علي مقدّمة المهدي، لا يلقاه أحد إلاّ قتله.(17)
3- وأخرج نعيم بن حمّـاد عن أبي جعفر، قال: يخرج شاب من بني هاشم بکفّه اليمني خال من خراسان برايات سود، بين يديه شعيب بن صالح، يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم.(18)
4- وأخرج أيضاً عن عمّـار بن ياسر، قال: إذا بلغ السفياني الکوفة وقتل أعوان آل محمّد، خرج المهدي، علي لوائه شعيب بن صالح، فيهزم أصحابه.(19)
5- وعن معاذ بن جبل، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) - في حديث - ثمّ يقبل الرجل التميمي شعيب بن صالح - سقي الله بلاد شعيب - بالراية السوداء المهديّة بنصر الله وکلمته حتّي يبايع المهدي بين الرکن والمقام.(20)
تنصره الملائکة
1- عن صالح بن أبي الاسود، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ليس منّا أهل البيت أحد يدفع ضيماً ولا يدعو إلي حقّ إلاّ صرعته البلية حتّي تقوم عصابة شهدت بدراً، لا يواري قتيلها، ولا يداوي جريحها. قلت: من عني أبو جعفر؟ قال: الملائکة.(21)
2- وعن الحارث الاعور الهمداني: قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) علي المنبر: إذا هلک الخاطب، وزاغ صاحب العصر، وبقيت قلوب تنقلب من مخصب ومجدب، هلک المتمنّون، واضمحلّ المضمحلّون، وبقي المؤمنون، وقليل ما يکونون، ثلاثمائة ويزيدون، وتجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) يوم بدر، ولم تُقتَل ولم تمُت.(22)
3- وعن عبد الرحمن بن کثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عزّ وجلّ: (أتَي أمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ)(23)، قال (عليه السلام): هو أمرنا أمر الله عزّ وجلّ، لا يستعجل به، يؤيّده ثلاثة أجناد الملائکة والمؤمنون والرعب، وخروجه کخروج رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وذلک قوله تعالي: (کَما أخْرَجَکَ رَبُّکَ مِنْ بَيْتِکَ بِالحَقِّ)(24)، الاية.
4- وعن عليّ بن أبي حمزة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام القائم صلوات الله عليه نزلت الملائکة ثلاثمائة وثلاثة عشر، ثلث علي خيول شُهب، وثلث علي خيول بُلق، وثلث علي خيول حُوّ. قلت: وما الحُوّ؟ قال: الحمر.(25)
5- وعن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يخرج القائم (عليه السلام) حتّي يکون تکملة الحلقة. قلت: وکم تکملة الحلقة؟ قال: عشرة آلاف، جبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن يساره.(26)
6- وعن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث راية القائم (عليه السلام) - قال: يهبط بها تسعة آلاف ملک، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملکاً.
فقلت له: جعلت فداک، کلّ هؤلاء معه؟
قال: نعم، هم الذين کانوا مع نوح في السفينة، والذين کانوا مع إبراهيم حيث اُلقي في النار، وهم الذين کانوا مع موسي لمّـا فلق له البحر، والذين کانوا مع عيسي (عليه السلام) لمّـا رفعه الله إليه، وأربعة آلاف مسوّمين، کانوا مع رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملکاً کانوا معه يوم بدر، ومعهم أربعة آلاف هبطوا يريدون القتال مع الحسين (عليه السلام) فلم يؤذن لهم في القتال، فصعدوا في الاستئذان، وهبطوا إلي الارض، وقد قُتل الحسين (عليه السلام)، فهم عند قبره شعث غبر، يبکونه إلي يوم القيامة، وهم ينتظرون خروج القائم (عليه السلام).(27)
7- وعن الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ (عليه السلام) يقول: لو قد خرج قائم آل محمّد (عليهم السلام) لنصره الله بالملائکة المسوّمين والمردفين والمنزلين والکروبيين، يکون جبرئيل أمامه، وميکائيل عن يمينه، وإسرافيل عن يساره، والرعب مسيرة شهر أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله، والملائکة المقرّبون حذاه، الحديث.(28)
8- وعن ابن عباس، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: التاسع منهم - أي من أولاد الحسين (عليه السلام) - قائم أهل بيتي ومهديّ اُمّتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله، ليظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة، فيعلي أمر الله، ويظهر دين الله، ويُؤيَّد بنصر الله، ويُنْصَر بملائکة الله، فيملا الارض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً.(29)
الموطئون للامام
ومن جملة أنصار الامام المهدي (عليه السلام) الممهّدون له سلطانه، کشعيب بن صالح والخراساني والحارث ومنصور، وقد ذکرنا في علامات الظهور بعض الروايات المتعلّقة بهم، ونضيف هنا:
1- عن أبي الحسن بن هلال بن عمير، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يخرج رجل من وراء النهر، يقال له الحارث بن حراث، علي مقدّمته رجل يقال له منصور، يوطّئ - ويمکّن - لال محمّد (صلي الله عليه وآله)، کما مکّنت قريش لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، واجبٌ علي کلّ مؤمن نصرته، وقال: إجابته.(30)
2- وعن ثوبان، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): تجيء الرايات السود من قبل المشرق، کأنّ قلوبهم زبر الحديد، فمن سمع بهم فليأتهم ولو حبواً علي الثلج.(31)
3- وعن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يخرج ناسٌ من المشرق فيوطّئون للمهدي. يعني سلطانه.
قال الکنجي: هذا حديث حسن صحيح، رواه الثقات والاثبات، أخرجه الحافظ أبو عبد الله ابن ماجة القزويني في سننه.(32)
4- وأخرج أبو نعيم والحاکم، عن ثوبان، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان، فأتوها ولو حبواً علي الثلج، فإنّ فيها خليفة الله المهدي.(33)
5- وعن سعيد بن المسّيب، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس، ثمّ يمکثون ما شاء الله، ثمّ تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلاً من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق، يؤدّون الطاعة للمهدي.(34)
6- وأخرج نعيم بن حمّـاد عن محمّد بن الحنفيّة، قال: تخرج رايات سود لبني العباس، ثمّ تخرج من خراسان اُخري سود قلانسهم وثيابهم بيض، علي مقدّمتهم رجل يقال له: شعيب بن صالح من تميم، يهزمون أصحاب السفياني حتّي ينزل بيت المقدس، يوطئ للمهدي سلطانه.(35)
7- وأخرج نعيم بن حمّـاد بالاسناد عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الاخرة علي الدنيا، وإنّ أهل بيتي يلقون بعدي بلاءً وتطريداً وتشريداً حتّي يأتي قوم من ها هنا - نحو المشرق - أصحاب رايات سود، يسألون الحقّ فلا يعطونه مرّتين وثلاثاً، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونها حتّي يدفعونها إلي رجل من أهل بيتي، فيملا الارض عدلاً کما ملؤها ظلماً، فمن أدرک ذلک منکم، فليأتهم ولو حبواً علي الثلج، فإنّه المهدي.(36)
حرکاته العسکرية واصلاحاته
نقدّم أوّلاً ملخّصاً لمجمل حرکات الامام المهدي العسکرية، وفقاً لما جاء في الاخبار الواردة عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين، ثمّ نقدّم الاخبار والروايات التي فصّلت بعض جوانب الفتوحات التي تکون علي يده وبقيادته (عليه السلام) وأهمّ الاصلاحات التي يقيمها علي أساس إقامة السنّة وإماتة البدعة.
قدّمنا أنّ النداء باسم الامام المهدي (عليه السلام) من السماء يکون في شهر رمضان، وبالتحديد في ليلة الجهني، وهي ليلة الثالث والعشرين منه، وتبدأ حرکة الظهور المبارک في المحرّم، وتکون الفترة الواقعة بين النداء وبين الظهور هي نحو أربعة أشهر، يکون فيها الامام (عليه السلام) خائفاً يترقّب، ويتّصل ببعض أنصاره الذين يلتقون به فيما بعد بمکّة علي غير ميعاد، فيتشرّف قِسمٌ منهم بلقائه (عليه السلام) بعيداً عن عيون الظالمين وأجهزتهم، وتکون عزلته واختفاؤه في الاربعة أشهر تلک مقدّمة لظهوره المبارک في المحرّم.
ويدلّ علي اختفائه(عليه السلام) في تلک الفترة ما روي عن الامام زين العابدين(عليه السلام) وهو يصف ظهور المهدي (عليه السلام) لحذلم بن بشير، قال (عليه السلام): ثمّ يظهر السفياني الملعون من الوادي اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفي المهدي، ثمّ يخرج بعد ذلک.(37)
ويراه بعض أصحابه في هذه الفترة فلا يصدّقهم الناس، فقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: لا يقوم القائم (عليه السلام) حتّي يقوم اثنا عشر رجلاً کلّهم يجمع علي قول أنّهم قد رأوه فيکذّبونهم.(38)
وقد يُعبّر عن اختفاء الامام (عليه السلام) في تلک الفترة بالعزلة، أي يعتزل أمره الاوّل، فيتفرّغ لاصحابه ولظهوره ويتهيّأ له، وقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: لا بدّ لصاحب هذا الامر من غيبة، ولا بدّ له في غيبته من عزلة.(39)
وفي هذه الفترة وحيث إنّ الامام (عليه السلام) مشغول بالاتّصال ببعض أنصاره وحوارييه، يجدّ أعداؤه في البحث عنه (عليه السلام)، حتّي يطلبوا النصرة من السفياني، الذي يکون خلال تلک الفترة بالشام، وقد سيّر الجيوش إلي مختلف الاقطار.
والسفياني من ذرّية أبي سفيان، اسمه معاوية وعبد الله، وجاء في وصفه أنّه أعور، شديد الصفرة، دقيق الساعدين والساقين، يتظاهر بالدين في أوّل أمره، ويخرج من الوادي اليابس، ومن بيسان في فلسطين برايات حمر، فيهزم حاکم دمشق، ويقتل مخالفيه، وينشرهم بالمناشير، ويطبخهم بالقدور، ويبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، ويغلي الاطفال في المراجل، ويقتل أعلام الاُمّة، ثمّ يفرّق جيوشه في البلاد، فيغزو بغداد فيعيث فيها خراباً وفساداً، ويُخضع الکوفة وکلّ العراق.
الهوامش:
(1) البقرة: 148.
(2) بحار الانوار 52: 283 / 10.
(3) البرهان / المتّقي الهندي: 150 / 15.
(4) غيبة النعماني: 208، بحار الانوار 52: 367 / 151.
(5) من قبل أئمة الضلال والکفر وأهل الزيف والانحراف، الذين يأکلون الناس باسم الدين، وهذا شأن الحقّ وأهله، فإذا کانت راية القائم (عليه السلام) تلعن وهي راية الحقّ والعدل والحرّية، فإنّ جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) کان يلعن علي منابر أئمة الضلال من دولة بني اُميّة في طول البلاد وعرضها، ومع ذلک فقد بقي رايةً للهدي والعدل، وبقي معاوية راية للضلال والبغي واللعنة، وکذلک سيکون مصير الذين يلعنون راية القائم (عليه السلام).
(6) غيبة النعماني: 209.
(7) غيبة النعماني: 209، بحار الانوار 52: 362 / 130، و326 / 41 عن الصدوق في کمال الدين: 673 / 23.
(8) غيبة النعماني: 210، بحار الانوار 52: 328 / 48 عن کامل الزيارات مفصّلاً.
(9) بحار الانوار 52: 301 / 66.
(10) منتخب الاثر: 319 / 1، ينابيع المودّة: 435، الکافي 2: 369، بحار الانوار 52: 324 / 35.
(11) بحار الانوار 52: 305 / 77.
(12) بحار الانوار 52: 303 / 72.
(13) بحار الانوار 52: 356 / 121.
(14) هو شعيب بن صالح.
(15) البرهان / المتّقي الهندي: 150 / 16.
(16) أي خفيف اللحية.
(17) البرهان / المتّقي الهندي: 151 / 18، الملاحم والفتن: 53 / الباب 95.
(18) البرهان / المتّقي الهندي: 151 / 20 و151 / 22 نحوه عن عليّ (عليه السلام).
(19) البرهان / المتّقي الهندي: 152 / 23.
(20) الملاحم والفتن: 137 / الباب 60.
(21) الغيبة للنعماني: 130 و162.
(22) الغيبة للنعماني: 130.
(23) النحل: 1.
(24) الغيبة للنعماني: 132، بحار الانوار 52: 356 / 119، والاية من سورة الانفال: 5.
(25) غيبة النعماني: 162، بحار الانوار 52: 356 / 120.
(26) غيبة النعماني: 280.
(27) غيبة النعماني: 210، بحار الانوار 52: 326 / 40 و228 / 48.
(28) بحار الانوار 52: 348 / 99.
(29) بحار الانوار 52: 379 / 187.
(30) مسند احمد 5: 277، العمدة: 434 / 913، سنن أبي داود 4: 108 / 4290، البرهان / المتّقي الهندي: 147 / 1.
(31) کشف الغمّة 2: 473، عن الاربعين لابي نعيم، البرهان / المتّقي الهندي: 148 / 5.
(32) البيان في أخبار صاحب الزمان: 490، سنن ابن ماجة 2: 1368 / 4088.
(33) البرهان / المتّقي الهندي: 128 / 4.
(34) البرهان / المتّقي الهندي: 149 / 11.
(35) البرهان / المتّقي الهندي: 151 / 17.
(36) الملاحم والفتن: 52 / الباب 93.
(37) بحار الانوار 52: 213 / 65.
(38) بحار الانوار 52: 244 / 121.
(39) بحار الانوار 52: 157 / 20.
******************
ومع بداية عصر الظهور يتوجّه جيش السفياني إلي المدينة لضبط الوضع الداخلي، فيدخلها ويستبيحها ثلاثة أيام، ويهتک حرمتها، ويقتل کثيراً من الهاشميين وشيعتهم، ويحبس ما تبقّي منهم، ويجدّ في طلب الامام المهدي (عليه السلام)، فيخرج الامام (عليه السلام) من المدينة، ومعه أحد أصحابه ويقال له المنصور، ويخرج (عليه السلام) علي سنّة موسي (عليه السلام) خائفاً يترقّب حتّي يدخل مکّة، ويتبعهما الجيش في طلبهما فلم يقدر عليهما حتّي يدخلا مکّة.
ثمّ يتوجّه جيش السفياني إلي مکّة للقضاء علي حرکة الامام (عليه السلام)، فيخسف بجيشه قبل أن يصل مکّة في البيداء، وهي المعجزة التي أخبر عنها رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهو قوله تعالي: (وَلَوْ تَرَي إذْ فزعُوا فَلا فَوْتَ وَاُخِذُوا مِنْ مَکَان قَرِيب).
ثمّ يجتمع أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) الثلاثمائة وثلاثة عشر، فيبايعونه بين الرکن والمقام، فيبايعونه هناک، ويکون أوّل من يبايعه جبرئيل (عليه السلام)، فتبدأ حرکة الظهور في العاشر من المحرّم في الحرم المکّي، ثمّ يصلّي الامام (عليه السلام) عند الحرم قصراً، ويستند بعدها علي جدار الکعبة، ويلقي خطاباً مهماً إلي کلّ أقطار الارض، فيبايعه نحو عشرة آلاف من أهل مکّة، فيخرج من الحرم إلي المدينة، ويستخلف والياً من أهله علي مکّة، ويفتح المدينة بعد عدّة معارک، ثمّ يعود إلي مکّة لثورتهم علي عامله وقتلهم إيّاه، فيقاتلهم حتّي يصفوا له الحجاز وکلّ جزيرة العرب.
ثمّ يتوجّه الامام المهدي (عليه السلام) مع جيشه صوب العراق، وتکون عدّتهم نحو اثني عشر ألفاً، وخمسة عشر ألفاً، ومعه خمسة آلاف من الملائکة، وجبرئيل (عليه السلام) عن يمينه، وميکائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، ويسير الرعب أمامه شهراً، وخلفه شهراً، وبين يديه شهراً، حتّي يدخل الکوفة في تسع رايات، ويجد فيها ثلاث رايات قد اضطربت واختلفت، فيضع فيهم السيف حتّي تصفو له ولاصحابه، حيث يقاتل فيها فلول جيش السفياني ويهزمها، ويقاتل نحو بضعة عشر ألف من الخوارج حتّي يأتي علي آخرهم، ويقتل بالکوفة کلّ منافق ومرتاب حتّي يرضي الله سبحانه.
ثمّ إنّه (عليه السلام) يأتي المنبر، فلا يدري الناس ما يقول من شدّة البکاء والشوق إليه، فإذا کانت الجمعة الثانية، سأله الناس أن يصلّي بهم الجمعة، فيأمر أن يخطّ له مسجد في ظهر الکوفة إلي جهة الغري، له ألف باب، حتّي تتّصل بيوت أهل الکوفة بنهري کربلاء.
ويتّخذ الامام (عليه السلام) من الکوفة مرکزاً لدولته، وعاصمةً لحکومته، ويجتمع کلّ مؤمن بها، ويکون أهلها أسعد أهل الارض بالامام (عليه السلام)، وينزل (عليه السلام) في مسجد السهلة ويتّخذه منزلاً له ولاهله.
ويبايع الامام (عليه السلام) الحسني والخراساني واليماني وتنضمّ جيوشهم إلي جيشه، وراية اليماني هي أهدي الرايات التي تنصر الامام (عليه السلام)، ويبايعه شعيب بن صالح، وهو قائد قوّات الخراساني، وهو شاب أصفر الوجه، خضيب اللحية، يتحرّک نحو بيت المقدس لقتال السفياني، ويبعث من هناک بالبيعة للمهدي (عليه السلام).
وينزل الامام (عليه السلام) علي نجف الکوفة، ويفرّق الجيوش من هناک، وهي الجيوش التي تفتح العالم برمّته، وتخضعه لسيطرته، ليقيم دولة الحقّ والعدل والمساواة.
ويکون أوّل لواء يعقده الامام المهدي (عليه السلام) بعد تصفية الوضع الداخلي للعراق والجزيرة، هو الذي يبعثه إلي الترک، فيخوض معهم عدّة معارک حتّي يهزمهم ويسيطر عليهم، وتکون له معهم ملاحم تنتهي بفتح جبل الديلم وإخضاع کلّ أقطارهم.
ثمّ يسير الامام (عليه السلام) بجيش کثيف من الکوفة إلي بيت المقدس، ويکون علي مقدّمة جيشه وصاحب رايته هو شعيب بن صالح، فينزل شرق ويخوض عدّة معارک مع جيش السفياني ومن يمدّه من النصاري واليهود، ويقاتل المهدي (عليه السلام) سبع رايات في الشام، ثمّ يبايعه السفياني بعد أن يخضع دمشق، ثمّ ينکث السفياني بيعته فيقاتل الامام (عليه السلام)، فيقاتله الامام (عليه السلام) في وادي الرملة قتالاً عنيفاً، ويخوض معه معرکة فاصلة ينتصر فيها المسلمون، ويقتلون السفياني ومن معه حتّي لا يدرک منهم مخبر.
ويقاتل الامام (عليه السلام) الروم في رملة أفريقية، ثمّ يجمعون قوّاتهم فينزلونها في فلسطين وقرب دمشق، ويمنعون أهل الشام الدينار والمدّ، فيقاتلهم الامام (عليه السلام) ثمّ يعقدوا معه هدنة تدوم سنين، ثمّ تنزل سفنهم ما بين صور إلي عکّا، ويساعدهم النصاري المقيمون في المنطقة فتکون الملاحم الکبري مع جيش الامام (عليه السلام)، وذلک بعد هزيمة السفياني وقتله.
وتکون أکبر الملاحم الفاصلة بين الامام (عليه السلام) والروم هي الملحمة العظمي التي يُقتل فيها سبعون أميراً من المسليمن، يبلغ نورهم السماء، ثمّ يهزم الروم ومن حالفهم من الترک واليهود هزيمة نکراء، فيتوجّه الامام المهدي (عليه السلام) إلي بلادهم فيفتحها، ويقتل منهم 600 ألف مقاتل، ويفتح مدائن الشرک، ومدينة رومة وقاطع البحر والقسطنطينية وغيرها.
وينزل الامام (عليه السلام) بيت المقدس، فيبنيه بناءً لم يُبْنَ مثله، ويکون حرسه اثنا عشر ألفاً، وستّة وثلاثين ألفاً، ويردّ حلي بيت المقدس وکنوزه إليه من رومة، وفيها بعض ذخائر الانبياء، ويستخرج التوراة وعصا موسي ومائدة سليمان من أنطاکية، ويستخرج تابوت السکينة من بحيرة طبرية، ويوضع أمامه في بيت المقدس، ويدعو اليهود ويحاجّهم بأسفار التوراة والانجيل التي يستخرجها، فيسلم کثير من اليهود علي يده إلاّ قليلاً منهم، ويرسل جيشاً إلي الهند فيفتحها.
وينزل عيسي (عليه السلام) في بيت المقدس وقيل: شرق دمشق، فيصلّي خلف الامام المهدي (عليه السلام)، ويأتمّ به ويکسر الصليب ويقتل الخنزير، ويکون المسلمون عند ظهوره قد اشتغلوا بقتال الدجّال بقيادة الامام المهدي (عليه السلام)، ويقاتل اليهود المسلمين مع الدجّال ومنهم السحرة والمقاتلة، والدجّال يخرج من أصفهان، من قرية يقال لها اليهودية، ويکون معه من يهودها 70 ألفاً، فيهزمهم المسلمون، حتّي يقول الحجر والشجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله، ويقتل المهدي (عليه السلام) الدجّال، ويساعده عيسي (عليه السلام) في قتله، ثمّ يتوفّي عيسي (عليه السلام) فيصلّي عليه الامام المهدي (عليه السلام) ويدفنه إلي جنب قبر اُمّه الصدّيقة مريم.
وهکذا يقضي الامام (عليه السلام) بحرکته المقدّسة علي کلّ مظاهر الدجل والانحراف، ويفتح حصون الضلالة ومعاقل الشرک، فلا يبقي أحد علي وجه الارض إلاّ ويقول: لا إله إلاّ الله، وتطهّر الارض من أعداء الدين والحقّ والانسانية، ويرتفع الظلم والجور، ويعزّ الله به الدين وأهله، ويذلّ به الشرک وأهله.
ويتوحّد العالم جميعه ضمن دولة إسلامية واحدة، هي مثال للعدل والقسط في الارض، ويحقّق في دولته المبارکة الاهداف الالهيّة الکبري في المجالات المختلفة، بما في ذلک رفع مستوي الوعي الثقافي، وتطوير مظاهر الحياة المادية، وتحقيق الرفاهيّة والغني والعدل والامن لجميع الناس.
الاخبار والروايات
ما قدّمناه هو خلاصه استفدناها من خلال قراءة الاحاديث والاخبار الواردة في عصر الظهور، وفيما يلي عرض لبعض تلک الاخبار والاحاديث:
خروجه من المدينة إلي مکة
1- عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: ويظهر السفياني ومن معه حتّي لا يکون له همّة إلاّ آل محمّد (صلي الله عليه وآله) وشيعتهم، فيبعث بعثاً إلي الکوفة، فيصاب باُناس من شيعة آل محمّد بالکوفة قتلاً وصلباً، وتقبل راية من خراسان حتّي تنزل ساحل الدجلة، ويخرج رجل من الموالي ضعيف ومن تبعه فيصاب بظهر الکوفة، ويبعث بعثاً إلي المدينة، فيقتل بها رجلاً ويهرب المهدي والمنصور منها، ويؤخذ آل محمّد صغيرهم وکبيرهم، لا يترک منهم أحد إلاّ حبس، ويخرج الجيش في طلب الرجلين.
ويخرج المهدي منها علي سنّة موسي خائفاً يترقّب حتّي يقدم مکّة، ويقبل الجيش حتّي إذا نزلوا البيداء خسف بهم، فلا يفلت منهم إلاّ مخبر.
فيقوم القائم بين الرکن والمقام فيصلّي وينصرف، ومعه وزيره. فيقول: يا أ يّها الناس، إنّا نستنصر الله علي من ظلمنا، وسلب حقّنا، من يحاجّنا في الله فإنّا أولي بالله، ومن يحاجّنا في آدم فإنّا أولي الناس بآدم، ومن حاجّنا في نوح فإنّا أولي الناس بنوح، ومن حاجّنا في إبراهيم فإنّا أولي الناس بإبراهيم، ومن حاجّنا بمحمّد فإنّا أولي الناس بمحمّد، ومن حاجّنا في النبيّين فنحن أولي الناس بالنبيّين، ومن حاجّنا في کتاب الله فنحن أولي الناس بکتاب الله.
إنّا نشهد وکلّ مسلم اليوم أنّا قد ظُلِمنا، وطُرِدنا، وبُغِيَ علَينا، واُخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهلينا، وقُهِرنا، إلاّ أنّا نستنصر الله اليوم وکلّ مسلم.
ويجيء والله ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمکّة علي غير ميعاد قزعاً کقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضاً، وهي الاية التي قال الله (أيْنََما تَکُونُوا يَأتِ بِکُمُ اللهُ جَمِيعاً إنَّ اللهَ عَلَي کُلِّ شَيْء قَدِير) فيقول رجل من آل محمّد (صلي الله عليه وآله): وهي القرية الظالم أهلها.
ثمّ يخرج من مکّة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر فيبايعونه بين الرکن والمقام، معه عهد نبيّ الله (صلي الله عليه وآله) ورايته، وسلاحه، ووزيره معه، فينادي المنادي بمکّة باسمه وأمره من السماء، حتّي يسمعه أهل الارض کلّهم اسمُه اسم نبيّ.
ما أشکل عليکم فلم يشکل عليکم عهد نبيّ الله (صلي الله عليه وآله) ورايته وسلاحه والنفس الزکيّة من ولد الحسين (عليه السلام)، فإن أشکل عليکم هذا فلا يشکل عليکم الصوت من السماء باسمه وأمره، وإيّاک وشذّاذ من آل محمّد (عليهم السلام)، فإنّ لال محمّد وعليّ راية، ولغيرهم رايات، فالزم الارض ولا تتّبع منهم رجلاً أبداً حتّي تري رجلاً من ولد الحسين (عليه السلام)، معه عهد نبيّ الله ورايته وسلاحه، فإنّ عهد نبيّ الله (صلي الله عليه وآله) صار عند عليّ بن الحسين (عليه السلام)، ثمّ صار عند محمّد بن عليّ (عليه السلام)، ويفعل الله ما يشاء.
فالزم هؤلاء أبداً، وإيّاک ومن ذکرت لک، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً، ومعه راية رسول الله (صلي الله عليه وآله) عامداً إلي المدينة حتّي يمرّ بالبيداء حتّي يقول: هذا مکان القوم الذين يخسف بهم، وهي الاية التي قال الله (أفَأمِنَ الَّذِينَ مَکَرُوا السَّيِّئاتِ أنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الارْضَ أوْ يَأتِيَهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أوْ يَأخْذُهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِين).(1)
2- وأخرج أبو نعيم بالاسناد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ثمّ يظهر المهدي بمکّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله (صلي الله عليه وآله) وقميصه وسيفه وعلامة ونور وبيان، فإذا صلّي العشاء نادي بأعلي صوته، يقول: اُذکِّرکم الله أ يّها الناس ومقامکم بين يدي ربّکم، وقد أکّد الحجّة وبعث الانبياء وأنزل الکتاب يأمرکم أن لا تشرکوا به شيئاً وأن تحافظوا علي طاعة الله وطاعة رسوله (صلي الله عليه وآله) وأن تحيوا ما أحيي القرآن وتميتوا ما أمات، وتکونوا أعواناً علي الهدي، ووازروا علي التقوي، فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع، وإنّي أدعوکم إلي الله وإلي رسوله (صلي الله عليه وآله) والعمل بکتابه وإماتة الباطل وإحياء السنّة.
فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر علي غير ميعاد قزعاً کقزع الخريف رهبان بالليل اُسد بالنهار، فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من کان في السجن من بني هاشم وتنزل الرايات السود الکوفة فيبعث بالبيعة إلي المهدي جنوده إلي الافاق ويميت الجور وأهله وتستقيم له البلدان ويفتح الله علي يديه القسطنطينية.(2)
3- وعن الحارث الاعور الهمداني، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): بأبي ابن خيرة الاماء - يعني القائم (عليه السلام) من ولده - يسومهم خسفاً - يعني قريشاً - ويسقيهم بکأس مصبرة، ولا يعطيهم إلاّ السيف هرجاً، فعند ذلک تتمنّي فجرة قريش لو أنّ لها مقام منّي بالدنيا وما فيها لاغفر لها، لا نکفّ عنهم حتّي يرضي الله.(3)
4- وعن عبد الاعلي الحلبي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) - في حديث - قال: فيصبح بمکّة، فيدعو الناس إلي کتاب الله وسنّة نبيّه (صلي الله عليه وآله) فيجيبه نفر يسير، ويستعمل علي مکّة، ثمّ يسير فيبلغه أن قد قتل عامله، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد علي ذلک شيئاً - يعني السبي -.
ثمّ ينطلق فيدعو الناس إلي کتاب الله وسنّة نبيّه عليه وآله السلام، والولاية لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) والبراءة من عدوّه، ولا يسمّي أحداً حتّي ينتهي إلي البيداء، فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله الارض فيأخذهم من تحت أقدامهم، وهو قول الله: (وَلَوْ تَرَي إذْ فزعُوا فَلا فَوْتَ وُاُخِذُوا مِنْ مَکَان قَرِيب وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) يعني بقائم آل محمّد (وَقَدْ کَفَرُوا بِهِ) يعني بقائم آل محمّد إلي آخر السورة.(4)
5- وبالاسناد إلي الکابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يبايع القائم بمکّة علي کتاب الله وسنّة رسوله، ويستعمل علي مکّة، ثمّ يسير نحو المدينة، فيبلغه أنّ عامله قُتِل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، ولا يزيد علي ذلک، ثمّ ينطلق فيدعو الناس بين المسجدين إلي کتاب الله وسنّة رسوله والولاية لعليّ بن أبي طالب والبراءة من عدوّه، حتّي يبلغ البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيخسف الله بهم.(5)
6- وفي خبر آخر: يخرج (من مکّة) إلي المدينة فيقيم بها ما شاء ثمّ يخرج إلي الکوفة ويستعمل عليها رجلاً من أصحابه، فإذا نزل الشفرة جاءهم کتاب السفياني (أي إلي أهل مکّة) إن لم تقتلوه لاقتلنّ مقاتليکم ولاسبينّ ذراريکم، فيقبلون علي عامله فيقتلونه.
فيأتيه الخبر فيرجع إليهم فيقتلهم ويقتل قريشاً حتّي لا يبقي منهم إلاّ أکلة کبش ثمّ يخرج إلي الکوفة، ويستعمل رجلاً من أصحابه، فيقبل وينزل النجف.(6)
مبايعة الحسني له
روي المفضّل بن عمر، عن الامام الصادق (عليه السلام) - في حديث - قال (عليه السلام): ثمّ يخرج الحسني، الفتي الصبيح الذي نحو الديلم، يصيح بصوت له فصيح: يا آل احمد، أجيبوا الملهوف، والمنادي من حول الضريح، فتجيبه کنوز الله بالطالقان، کنوز وأيّ کنوز! ليست من فضّة ولا ذهب، بل هي رجال کزبر الحديد، علي البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، ولم يزل يقتل الظلمة حتّي يرد الکوفة، وقد صفّي أکثر الارض، فيجعلها له معقلاً، فيتّصل به وبأصحاب خبر المهدي (عليه السلام)، ويقولون: يا بن رسول الله، من هذا الذي نزل بساحتنا؟ فيقول: اخرجوا بنا إليه حتّي ننظر من هو؟ وما يريد؟ وهو والله يعلم أنّه المهدي، وأنّه ليعرفه، ولم يرد بذلک الامر إلاّ ليعرِّف أصحابه من هو.
فيخرج الحسني فيقول: إن کنت مهدي آل محمّد، فأين هراوة جدّک رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وخاتمه، وبردته، ودرعه الفاضل، وعمامته السحاب، وفرسه اليربوع، وناقته العضباء، وبغلته الدلول، وحماره اليعفور، ونجيبه البراق، ومصحف أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ فيخرج له ذلک، ثمّ يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق، ولم يرد ذلک إلاّ أن يُري أصحابه فضل المهدي (عليه السلام) حتّي يبايعوه.
فيقول الحسني: الله أکبر، مدّ يدک يا بن رسول الله حتّي نبايعک، فيمدّ يده فيبايعه، ويبايعه سائر العسکر الذي مع الحسني إلاّ أربعين ألفاً أصحاب المصاحف... فإنّهم يقولون: ما هذا إلاّ سحر عظيم.
فيختلط العسکران، فيقبل المهدي (عليه السلام) علي الطائفة المنحرفة، فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام، فلا يزدادون إلاّ طغياناً وکفراً، فيأمر بقتلهم، فيقتلون جميعاً، ثمّ يقول لاصحابه: لا تأخذوا المصاحف، ودعوها تکون عليهم حسرة کما بدّلوها وغيّروها وحرّفوها ولم يعملوا بما فيها.(7)
مسيره إلي العراق ونزوله الکوفة
1- عن عبد الاعلي الحلبي، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: حتّي إذا بلغ إلي الثعلبيّة قام إليه رجل من صلب أبيه، وهو من أشدّ الناس ببدنه، وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الامر، فيقول: يا هذا ما تصنع؟ فوالله إنّک لتجفل الناس إجفال النعم، أفبعهد من رسول الله (صلي الله عليه وآله) أم بماذا؟
فيقول المولي الذي وُلّي البيعة: والله لتسکتنّ ولاضربنّ الذي فيه عيناک.
فيقول له القائم: اسکت يا فلان، إي والله إنّ معي عهداً من رسول الله، هات لي يا فلان العيبة - والزنفيلجة - فيأتيه بها فيقرؤه العهد من رسول الله (صلي الله عليه وآله) فيقول: جعلني الله فداک، أعطني رأسک اُقبّله فيعطيه رأسه، فيقبّل بين عينيه، ثمّ يقول: جعلني الله فداک، جدّد لنا بيعة، فيجدّد لهم بيعة.
قال أبو جعفر (عليه السلام): لکأنّي أنظر إليهم مصعدين من نجف الکوفة ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً کأنّ قلوبهم زبر الحديد، جبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهراً وخلفه شهراً، أمدّه الله بخمسة آلاف من الملائکة مسوَّمين حتّي إذا صعد النجف قال لاصحابه: تعبّدوا ليلتکم هذه، فيبيتون بين راکع وساجد، يتضرّعون إلي الله حتّي إذا أصبح قال: خذوا بنا طريق النخيلة ; وعلي الکوفة خندق مخندق.
قلت: خندق مخندق؟ قال: إي والله حتّي ينتهي إلي مسجد إبراهيم (عليه السلام) بالنخيلة، فيصلّي فيه رکعتين، فيخرج إليه من کان بالکوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السفياني فيقول لاصحابه: استطردوا لهم، ثمّ يقول: کرّوا عليهم ; قال أبو جعفر (عليه السلام): ولا يجوز والله الخندق منهم مخبر.(8)
2- وعن الکابلي، عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، قال: يقبل القائم (عليه السلام) من أهل المدينة حتّي ينتهي إلي الاجفر ويصيبهم مجاعة شديدة، قال: فيضجّون وقد نبتت لهم ثمرة يأکلون منها ويتزوّدون منها، وهو قوله تعالي شأنه (وَآيَةٌ لَهُمُ الارْض المَيْتَة أحْيَيْنَاهَا وَأخْرَجْنَا مِنْهَا حَبَّاً فَمِنْهُ يَأکُلُون) ثمّ يسير حتّي ينتهي إلي القادسية وقد اجتمع الناس بالکوفة وبايعوا السفياني.(9)
3- وعن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: ثمّ يسير المهدي (عليه السلام) إلي الکوفة، وينزل ما بين الکوفة والنجف، وعنده أصحابه في ذلک اليوم، ستّة وأربعون ألفاً من الملائکة، وستّة آلاف من الجنّ، والنقباء ثلاثمائة وثلاثة عشر نفساً.
قال: قلت: يا سيّدي، فأين تکون دار المهدي (عليه السلام) ومجتمع المؤمنين؟ قال: دار ملکه الکوفة، ومجلس حکمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، وموضع خلواته الذکوات البيض من الغريّين.(10)
4- وقال أبو عبد الله (عليه السلام): کأنّني بالقائم (عليه السلام) علي ظهر النجف لابسٌ درع رسول الله (صلي الله عليه وآله) فتتقلّص عليه، ثمّ ينتفض بها فتستدير عليه، ثمّ يغشي الدرع بثوب استبرق، ثمّ يرکب فرساً له أبلق بين عينيه شمراخ، ينتفض به، لا يبقي أهل بلد إلاّ أتاهم نور ذلک الشمراخ(11)، حتّي يکون آية له، ثمّ ينشر راية رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا نشرها أضاء لها ما بين المشرق والمغرب.(12)
5- وقال (عليه السلام): کأنّي بالقائم علي منبر الکوفة عليه قباء، فيخرج من قبائه کتاباً مختوماً بخاتم من ذهب فيفکّه، فيقرأه علي الناس، فيجفلون عنه إجفال الغنم، فلم يبق إلاّ النقباء، فيتکلّم بکلام، فلا يلحقون ملجأً حتّي يرجعوا إليه، وإنّي لاعرف الکلام الذي يتکلّم به.(13)
6- وروي السيّد ابن طاووس بإسناده رفعه إلي أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: يقدم القائم (عليه السلام) حتّي يأتي النجف، فيخرج إليه من الکوفة جيش السفياني وأصحابه، والناس معه، وذلک يوم الاربعاء، فيدعوهم ويناشدهم حقّه، ويخبرهم أنّه مظلوم مقهور، ويقول: من حاجّني في الله فأنا أولي الناس بالله - إلي آخر ما تقدّم - فيقولون: ارجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيک، قد خبرناکم واختبرناکم، فيتفرّقون من غير قتال.
فإذا کان يوم الجمعة يعاود، فيجيء سهم فيصيب رجلاً من المسلمين فيقتله، فيقال: إنّ فلاناً قد قتل، فعند ذلک ينشر راية رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فإذا نشرها انحطّت عليه ملائکة بدر، فإذا زالت الشمس هبّت الريح له، فيحمل عليهم هو وأصحابه، فيمنحهم الله أکتافهم ويولّون، فيقتلهم حتّي يدخلهم أبيات الکوفة، وينادي مناديه: ألا لا تتّبعوا مولّياً ولا تجهزوا علي جريح، ويسير بهم کما سار علي (عليه السلام) يوم البصرة.(14)
تسيير الجيوش
1- عن عبد الاعلي الحلبي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) - في حديث - قال: ثمّ يرجع إلي الکوفة فيبعث الثلاث مائة والبضعة عشر رجلاً إلي الافاق کلّها، فيمسح بين أکتافهم وعلي صدورهم، فلا يتعايون(15) في قضاء، ولا تبقي أرض إلاّ نودي فيها شهادة أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريک له، وأنّ محمّداً رسول الله، وهو قوله: (وَلَهُ أسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ طَوْعاً وَکَرْهاً وَإلَيْهِ تُرْجَعُون) ولا يقبل صاحب هذا الامر الجزية کما قبلها رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وهو قول الله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّي لا تَکُونَ فِتْنَةٌ وَيَکُونَ الدِّينُ کُلَّهُ للهِ).
قال أبو جعفر (عليه السلام): يقاتلون والله حتّي يوحّد الله ولا يشرک به شيء، وحتّي تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد، ويخرج الله من الارض بذرها، وينزل من السماء قطرها، ويخرج الناس خراجهم علي رقابهم إلي المهدي (عليه السلام)، ويوسّع الله علي شيعتنا، ولولا ما يدرکهم من السعادة، لبغوا.(16)
2- قال الشيخ المفيد (رحمه الله): وقد جاء الاثر بأنّه (عليه السلام) يسير من مکّة حتّي يأتي الکوفة، فينزل علي نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها في الامصار.(17)
3- وعن أبي بکر الحضرمي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: کأنّي بالقائم (عليه السلام) علي نجف الکوفة، قد سار إليها من مکّة في خمسة آلاف من الملائکة، جبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرّق الجنود في البلاد.(18)
بناء المساجد
1- وفي رواية عمرو بن شمر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ذکر المهدي (عليه السلام) فقال: يدخل الکوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصغو(19) له، ويدخل حتّي يأتي المنبر فيخطب، فلا يدري الناس ما يقول من البکاء، فإذا کانت الجمعة الثانية سأله الناس أن يصلّي بهم الجمعة، فيأمر أن يخطّ له مسجد علي الغري ويصلّي بهم هناک، ثمّ يأمر من يحفر من ظهر مشهد الحسين (عليه السلام) نهراً يجري إلي الغريين حتّي ينزل الماء في النجف، ويعمل علي فوهته القناطير والارحاء، فکأنّي بالعجوز علي رأسها مِکتل فيه بُرّ، فتأتي تلک الارحاء فتطحنه بلا کراء.(20)
2- وعن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) - في حديث -: حتّي انتهي إلي مسجد الکوفة، وکان مبنيّاً بخزف ودنان(21) وطين، فقال: ويل لمن هدمک، وويل لمن سهّل هدمک، وويل لبانيک بالمطبوخ، المغيّر قبلة نوح، طوبي لمن شهد هدمک مع قائم أهل بيتي، اُولئک خيار الاُمّة مع أبرار العترة.(22)
3- عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير - في حديث له عن أبي جعفر (عليه السلام) - قال: إذا قام القائم دخل الکوفة، وأمر بهدم المساجد الاربعة، حتّي يبلغ أساسها، ويصيّرها عريشاً کعريش موسي (عليه السلام)، وتکون المساجد کلّها جمّـاء لا شُرَف لها، کما کان علي عهد رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ويوسّع الطريق الاعظم فيصير ستّين ذراعاً، ويهدم کلّ مسجد علي الطريق، ويسدّ کلّ کوّة إلي الطريق، وکلّ جناح وکنيف وميزاب إلي الطريق، ويأمر الله الفلک في زمانه فيبطئ في دوره، حتّي يکون اليوم في أيّامه کعشرة أيام، والشهر کعشرة أشهر، والسنة کعشر سنين من سنيّکم.(23)
4- وعن حبة العرني، قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي الحيرة، فقال: ليتّصلنّ هذه بهذه - وأومأ بيده إلي الکوفة والحيرة - حتّي يباع الذراع فيما بينهما بدنانير، وليبنيّن بالحيرة مسجداً له خمسمائة باب، يصلّي فيه خليفة القائم (عليه السلام)، لانّ مسجد الکوفة ليضيق عليهم، وليصلّينّ فيه اثنا عشر إماماً عدلاً.
قلت: يا أمير المؤمنين، ويسع مسجد الکوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ؟ فقال (عليه السلام): تبني له أربع مساجد، مسجد الکوفة أصغرها، وهذا، ومسجدان طرفي الکوفة، من هذا الجانب، ومن هذا الجانب - وأومأ بيده نحو نهر البصريين والغريين -.(24)
5- وفي رواية المفضّل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا قام قائم آل محمّد (عليه السلام) بني في ظهر الکوفة مسجداً له ألف باب، واتّصلت بيوت أهل الکوفة بنهري کربلاء.(25)
الهوامش:
(1) بحار الانوار 52: 222 ـ 224 / 87.
(2) الملاحم والفتن: 64 / باب 129.
(3) غيبة النعماني: 152.
(4) بحار الانوار 52: 342 / 91.
(5) بحار الانوار 52: 308 / 83.
(6) بحار الانوار 52: 308.
(7) بحار الانوار 53: 15 ـ 16.
(8) بحار الانوار 52: 343 / 91.
(9) بحار الانوار 52: 387 / 204.
(10) بحار الانوار 53: 11.
(11) الشمراخ: غرّة الفرس إذا دقّت وسالت وجلّلت الخيشوم.
(12) بحار الانوار 52: 391 / 214.
(13) بحار الانوار 52: 352 / 107، ونحوه في کمال الدين: 672 / 25، وبحار الانوار 25: 326 / 42.
(14) بحار الانوار 52: 387 / 205.
(15) أي لا يعجزون ولا يقصّرون.
(16) بحار الانوار 52: 345.
(17) الارشاد 2: 379.
(18) الارشاد 2: 380، بحار الانوار 52: 336 / 75.
(19) أي تميل.
(20) الارشاد 2: 380، بحار الانوار 52: 331 / 53.
(21) الدنان: الاوعية، والدنّ أيضاً: الراقود العظيم لا يقعد حتّي يحفر له.
(22) بحار الانوار 52: 332 / 60.
(23) بحار الانوار 52: 333 / 61.
(24) بحار الانوار 52: 374 / 173.
(25) بحار الانوار 52: 317 / 13.
******************
نزوله مسجد السهلة
1- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه، أنّه قال: يا أبا محمّد، کأنّي أري نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله.
قلت: يکون منزله؟ قال: نعم، هو منزل إدريس (عليه السلام)، وما بعث الله نبيّاً إلاّ وقد صلّي فيه، والمقيم فيه کالمقيم في فسطاط رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ وقلبه يحنّ إليه، وما من يوم ولا ليلة إلاّ والملائکة يأوون إلي هذا المسجد، يعبدون الله فيه.
يا أبا محمّد، أما إنّي لو کنت بالقرب منکم ما صلّيت صلاة إلاّ فيه، ثمّ إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين.(1)
2- وفي رواية صالح بن أبي الاسود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ذکر مسجد السهلة فقال: أما إنّه منزل صاحبنا إذا قدم بأهله.(2)
3- وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفة القائم (عليه السلام)، قال: کأنّني به قد عبر من وادي السلام إلي مسجد السهلة، علي فرس محجّل، له شمراخ(3) يزهو ويدعو ويقول في دعائه: لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً، لا إله إلاّ الله إيماناً وصدقاً، لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّاً، اللهمّ يا معين کلّ مؤمن وحيد، ومذلّ کلّ جبّار عنيد، أنت کهفي حين تعييني المذاهب، وتضيق عليّ الارض بما رحبت.
اللهمّ خلقتني وکنت عن خلقي غنياً، ولولا نصرک إيّاي لکنتُ من المغلوبين، يا منشر الرحمة من مواضعها، ومخرج البرکات من معادنها، ويا من خصّ نفسه بشموخ الرفعة، فأولياؤه بعزّه يتعزّزون، يا من وضعت له الملوک نير المذلّة علي أعناقها، فهم من سطوته خائفون، أسألک باسمک الذي قصر عنه خلقک، فکلّ لک مذعنون، أسألک أن تصلّي علي محمّد وعلي آل محمّد، وأن تنجز لي أمري، وتعجّل لي الفرج، وتکفيني، وتعافيني، وتقضي حوائجي، الساعة الساعة، الليلة الليلة، إنّک علي کلّ شيء قدير.(4)
قتاله الخوارج
1- عن عبد الاعلي الحلبي، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: فبينا صاحب هذا الامر قد حکم ببعض الاحکام، وتکلّم ببعض السنن، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه، فيقول لاصحابه: انطلقوا، فيلحقونهم في التمارين فيأتونه بهم أسري، فيأمر بهم فيذبحون، وهي آخر خارجة تخرج علي قائم آل محمّد (صلي الله عليه وآله).(5)
2- وروي أبو الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث طويل - أنّه إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلي الکوفة، فيخرج منها بضعة عشر ألف نفس يدعون البترية عليهم السلاح، فيقولون له: ارجع من حيث جئت، فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتّي يأتي علي آخرهم، ويدخل الکوفة فيقتل بها کلّ منافق مرتاب، ويهدم قصورها، ويقتل مقاتلتها حتّي يرضي الله عزّ وعلا.(6)
3- وروي الشيخ الطوسي بالاسناد عن أبي بصير - في حديث - قال: ثمّ لا يلبث إلاّ قليلاً حتّي يخرج عليه مارقة الموالي برميلة الدسکرة، عشرة آلاف، شعارهم: يا عثمان يا عثمان، فيدعو رجلاً من الموالي فيقلّده سيفه، فيخرج إليهم فيقتلهم، حتّي لا يبقي منهم أحد.(7)
4- وعن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: إنّ موسي (عليه السلام) حدّث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر، فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم، ولانّ عيسي (عليه السلام) حدّث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بتکريت فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم، وهو قول الله عزّ وجلّ: (فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل وَکَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَي عَدُوِّهِمْ فَأصْبَحُوا ظَاهِرِين) وإنّه أوّل قائم يقوم منّا أهل البيت يحدّثکم بحديث لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسکرة فتقاتلونه فيقاتلکم فيقتلکم، وهي آخر خارجة تکون(8)، الخبر.
5- وقال المسعودي: بعد حرب الخوارج في النهروان، قال أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام): قد قطع الله دابرهم إلي آخر الدهر، فقال: کلاّ والذي نفسي بيده، وإنّهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء، لا تخرج خارجة إلاّ خرجت بعدها مثلها، حتّي تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الاشمط، يخـرج إليه رجـل منّا أهل البيت فيقتله، ولا تخرج بعدها خارجة إلي يوم القيامة.(9)
تعليم القرآن
1- روي جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: إذا قام قائم آل محمّد (عليهم السلام) ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن علي ما أنزل الله جلّ جلاله، فأصعب ما يکون علي من حفظ اليوم، لأنّه يخالف فيه التأليف.(10)
2- وعن حبّة العمري، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): کأنّي أنظر إلي شيعتنا بمسجد الکوفة، وقد ضربوا الفساطيط يعلّمون الناس القرآن کما اُنزل، أما إنّ قائمنا إذا قام کسره وسوّي قبلته.(11)
3- وعن جعفر بن يحيي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام)، أنّه قال: کيف أنتم لو ضرب أصحاب القائم (عليه السلام) الفساطيط في مسجد الکوفان، ثمّ يخرج إليهم المثال المستأنف، أمر جديد علي العرب شديد.(12)
منزلة الکوفة في زمانه
1- عن أبي خالد الکابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إذا دخل القائم الکوفة، لم يبق مؤمن إلاّ وهو بها، ويجيء إليها.(13)
وعن الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، نحوه.(14)
2- وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة، عن ابن عمرو، أنّه قال: يا أهل الکوفة، أنتم أسعد الناس بالمهدي.(15)
3- روي المفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: يا مولاي، کلّ المؤمنين يکونون بالکوفة؟ قال: إي والله لا يبقي مؤمن إلاّ کان بها وحواليها، وليبلغنّ مجالة فرس منها ألفي درهم، وليودّن أکثر الناس أنّه اشتري شبراً من أرض السبع بشبر من ذهب - والسبع خطة من خطط همدان - ولتصيرن الکوفة أربعة وخمسين ميلاً، وليجاورنّ قصورها کربلاء، وليصيرن الله کربلاء معقلاً ومقاماً تختلف فيه الملائکة والمؤمنون، وليکوننّ لها شأن من الشأن، وليکوننّ فيها من البرکات ما لو وقف مؤمن ودعا ربّه بدعوة لاعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملک الدنيا ألف مرّة.(16)
حال بغداد في عصر الظهور
قال المفضّل: يا سيّدي، کيف تکون دار الفاسقين(17) في ذلک الوقت؟
قال (عليه السلام): في لعنة الله وسخطه، تخربها الفتن وتترکها جمّـاء، فالويل لها ولمن بها کلّ الويل من الرايات الصفر ورايات المغرب، ومن يجلب الجزيرة، ومن الرايات التي تسير إليها من کلّ قريب وبعيد.
والله لينزلنّ بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الاُمم المتمرّدة من أوّل الدهر إلي آخره.
ولينزلنّ بها من العذاب ما لا عين رأت ولا اُذن سمعت بمثله، ولا يکون طوفان أهلها إلاّ بالسيف، فالويل لمن اتّخذ بها مسکناً، فإنّ المقيم بها يبقي لشقائه، والخارج منها برحمة الله.
والله ليبقي من أهلها في الدنيا حتّي يقال: إنّها هي الدنيا، وإنّ دورها وقصورها هي الجنّة، وإنّ بناتها هنّ الحور العين، وإنّ ولدانها هم الولدان، وليظنّن أنّ الله لم يقسم رزق العباد إلاّ بها، وليظهرن فيها من الاُمراء علي الله وعلي رسوله (صلي الله عليه وآله)، والحکم بغير کتابه، ومن شهادات الزور، وشرب الخمور، وإتيان الفجور، وأکل السحت، وسفک الدماء، ما لا يکون في الدنيا کلّها إلاّ دونه، ثمّ ليخربها الله بتلک الفتن وتلک الرايات، حتّي ليمرّ عليها المار فيقول: ها هنا کانت الزوراء.(18)
قتاله السفياني وبني امية
1- عن عبد الاعلي الحلبي، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: ثمّ يدخل الکوفة فيقول لاصحابه: سيروا إلي هذه الطاغية، فيدعو إلي کتاب الله وسنّة نبيّه (صلي الله عليه وآله)، فيعطيه السفياني من البيعة سلماً، فيقول له کلب وهم أخواله: ما هذا؟ ما صنعت؟ والله ما نبايعک علي هذا أبداً، فيقول: ما أصنع؟ فيقولون: استقبله فيستقبله، ثمّ يقول له القائم صلّي الله عليه: خذ حذرک فإنّني أدّيت إليک وأنا مقاتلک، فيصبح فيقاتلهم، فيمنحه الله أکتافهم ويأخذ السفياني أسيراً فينطلق به ويذبحه بيده.
ثمّ يرسل جريدة خيل إلي الروم ليستحضروا بقيّة بني اُميّة، فإذا انتهوا إلي الروم قالوا: أخرجوا إلينا أهل ملّتنا عندکم فيأبون ويقولون: والله لا نفعل، فتقول الجريدة: والله لو أمرنا لقاتلناکم، ثمّ يرجعون إلي صاحبهم، فيعرضون ذلک عليه، فيقول: انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم، فإنّ هؤلاء قد أتوا بسلطان عظيم، وهو قول الله: (فَلَمَّـا أحَسُّوا بَأسَنَا إذَا هُمْ مِنْهَا يَرْکُضُونَ ، لا تَرْکُضُوا وَارْجِعُوا إلَي مَا اُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاکِنِکُمْ لَعَلَّکُمْ تُسْألُون)، قال: يعني الکنوز التي کنتم تکنزون، (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إنَّا کُنَّا ظَالِمِين ، فَمَازَالَتْ تِلْکَ دَعْوَاهُمْ حَتَّي جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِين) لا يبقي منهم مخبر.(19)
2- وعن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: ثمّ يأتي الکوفة فيطيل بها المکث ما شاء الله أن يمکث حتّي يظهر عليها، ثمّ يسير حتّي يأتي العذراء هو ومن معه، وقد اُلحق به ناس کثير، والسفياني يومئذ بوادي الرملة.
حتّي إذا التقوا وهو يوم الابدال يخرج اُناس کانوا مع السفياني من شيعة آل محمّد (عليهم السلام)، ويخرج ناس کانوا مع آل محمّد إلي السفياني، فهم من شيعته حتّي يلحقوا بهم، ويخرج کلّ ناس إلي رايتهم، وهو يوم الابدال.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ويقتل يومئذ السفياني ومن معهم حتّي لا يدرک منهم مخبر، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة کلب، ثمّ يقبل إلي الکوفة فيکون منزله بها.
فلا يترک عبداً مسلماً إلاّ اشتراه وأعتقه، ولا غارماً إلاّ قضي دينه، ولا مظلمة لاحد من الناس إلاّ ردّها، ولا يُقتل منهم عبد إلاّ أدّي ثمنه دية مسلّمة إلي أهله، ولا يقتل قتيل إلاّ قضي عنه دينه وألحق عياله في العطاء حتّي يملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً وعدواناً.(20)
3- روي السيّد ابن طاووس بإسناده رفعه إلي جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إذا بلغ السفياني أنّ القائم قد توجّه إليه من ناحية الکوفة، يتجرّد بخيله حتّي يلقي القائم، فيخرج فيقول: أخرجوا إليّ ابن عمّي، فيخرج عليه السفياني، فيکلّمه القائم (عليه السلام) فيجيء السفياني فيبايعه ثمّ ينصرف إلي أصحابه فيقولون له: ما صنعت؟ فيقول: أسلمت وبايعت، فيقولون له: قبّح الله رأيک بينما أنت خليفة متبوع فصرت تابعاً فيستقبله فيقاتله، ثمّ يمسون تلک الليلة، ثمّ يصبحون للقائم(عليه السلام) بالحرب فيقتتلون يومهم ذلک.
ثمّ إنّ الله تعالي يمنح القائم وأصحابه أکتفاهم فيقتلونهم حتّي يفنوهم حتّي أنّ الرجل يختفي في الشجرة والحجرة، فتقول الشجرة والحجرة: يا مؤمن هذا رجل کافر فاقتله، فيقتله، قال: فتشبع السباع والطيور من لحومهم، فيقيم بها القائم (عليه السلام) ما شاء.
قال: ثمّ يعقد بها القائم (عليه السلام) ثلاث رايات: لواء إلي القسطنطينية يفتح الله له، ولواء إلي الصين فيفتح له، ولواء إلي جبال الديلم فيفتح له.(21)
4- وبإسناده رفعه إلي أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في خبر طويل - إلي أن قال: وينهزم قوم کثير من بني اُميّة حتّي يلحقوا بأرض الروم فيطلبوا إلي مَلِکها أن يدخلوا إليه، فيقول لهم الملک: لا ندخلکم حتّي تدخلوا في ديننا، وتنکحونا وننکحکم، وتأکلوا لحم الخنازير، وتشربوا الخمر، وتعلّقوا الصلبان في أعناقکم، والزنانير في أوساطکم، فيقبلون ذلک فيدخلونهم.
فيبعث إليهم القائم (عليه السلام) أن أخرجوا هؤلاء الذين أدخلتموهم. فيقولون: قوم رغبوا في ديننا وزهدوا في دينکم، فيقول (عليه السلام): إنّکم إن لم تخرجوهم وضعنا السيف فيکم. فيقولون له: هذا کتاب الله بيننا وبينکم، فيقول: قد رضيت به، فيخرجون إليه فيقرأ عليهم، وإذا في شرطه الذي شرط عليهم أن يدفعوا إليه من دخل إليهم مرتدّاً عن الاسلام، ولا يردّ إليهم من خرج من عندهم راغباً إلي الاسلام، فإذا قرأ عليهم الکتاب ورأوا هذا الشرط لازماً لهم، أخرجوهم إليه.
فيقتل الرجال، ويبقر بطون الحبالي، ويرفع الصلبان في الرماح.
قال: والله لکأنّي أنظر إليه وإلي أصحابه يقتسمون الدنانير علي الجحفة، ثمّ تسلم الروم علي يده، فيبني فيهم مسجداً، ويستخلف عليهم رجلاً من أصحابه ثمّ ينصرف.(22)
5- عن بدر بن خليل الازدي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قوله عزّ وجلّ: (فَلَمَّـا أحَسُّوا بَأسَنَا إذَا هُمْ مِنْهَا يَرْکُضُونَ ، لا تَرْکُضُوا وَارْجِعُوا إلَي مَا اُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاکِنِکُمْ لَعَلَّکُمْ تُسْألُون).
قال: إذا قام القائم (عليه السلام) وبعث إلي بني اُميّة بالشام، هربوا إلي الروم، فيقول لهم الروم: لا ندخلکم حتّي تتنصّروا، فيعلّقون في أعناقهم الصلبان ويدخلونهم.
فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم (عليه السلام) طلبوا الامان والصلح، فيقول أصحاب القائم (عليه السلام): لا نفعل حتّي تدفعوا إلينا من قبلکم منّا، قال: فيدفعونهم إليهم، فذلک قوله تعالي: (لا تَرْکُضُوا وَارْجِعُوا إلَي مَا اُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاکِنِکُمْ لَعَلَّکُمْ تُسْألُون) قال: يسألهم الکنوز، وهو أعلم بها، قال: فيقولون: (يَا وَيْلَنَا إنَّا کُنَّا ظَالِمِين ، فَمَازَالَتْ تِلْکَ دَعْوَاهُمْ حَتَّي جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِين) بالسيف.(23)
6- عن الحکم بن سالم، عمّن حدّثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا: صدق الله، وقالوا: کذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وقاتل معاويه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي (عليه السلام)، والسفياني يقاتل القائم (عليه السلام).(24)
7- ومن کتاب الفضل بن شاذان، بالاسناد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يهزم المهدي (عليه السلام) السفياني تحت شجرة أغصانها مدلاة في الحيرة طويلة.(25)
8- وعن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: قلت: يا مولاي، ثمّ ماذا يصنع المهدي؟ قال: يثوّر سرايا علي السفياني إلي دمشق، فيأخذونه ويذبحونه علي الصخرة.(26)
9- وأخرج المتّقي الهندي عن نعيم بن حمّـاد بالاسناد عن الوليد بن مسلم، قال: حدّثني محمّد بن علي، قال: المهدي والسفياني وکلب يقتتلون في بيت المقدس حين تستقبله البيعة، فيؤتي بالسفياني أسيراً، فيأمر به فيذبح علي باب الرحبة، ثمّ تباع نساؤهم وغنائمهم علي درج دمشق.(27)
10- وأخرج المقدسي في (عقد الدرر) عن نعيم بن حمّـاد عن الزهري، قال: إذا التقي السفياني والمهدي للقتال يومئذ، يسمعون من السماء صوتاً: ألا إنّ أولياء الله من أصحاب فلان، يعني المهدي.(28)
نزول عيسي وقتل الدجّال
تقدّم أنّ نزول عيسي (عليه السلام) يکون في زمان ظهور الامام (عليه السلام)، واختلفت الروايات في قاتل الدجّال، فبعضها تنصّ علي أنّه الامام المهدي (عليه السلام)، وبعضها تنصّ علي أنّه النبيّ عيسي (عليه السلام)، ويمکن الجمع بين الاحاديث المتعارضة بما روي من أنّ عيسي (عليه السلام) يساعد الامام (عليه السلام) في قتل الدجّال وأصحابه من اليهود والنصاري المنحرفين.
1- روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن حمّـاد، عن عبد الله بن سليمان، وکان قارئاً للکتب، قال: قرأت في الانجيل، وذکر أوصاف النبيّ (صلي الله عليه وآله) إلي أن قال: قال تعالي لعيسي (عليه السلام): ارفعک إليّ في آخر الزمان لتري من اُمّة ذلک النبيّ العجائب، ولتعينهم علي اللعين الدجّال، اُهبطک في وقت الصلاة لتصلّي معهم، إنّهم اُمّة مرحومة.(29)
2- وأخرج ابن طاووس عن نعيم بالاسناد عن کعب، قال: يهبط المسيح عيسي بن مريم عند القنطرة البيضاء علي باب دمشق الشرقي التي طرف البحر، تحمله غمامة واضع يديه علي منکب ملکين، عليه ريطتان مؤتزر بأحدهما مرتد بالاُخري، إذا أکبّ رأسه يقطر منه کالجمان، فيأتيه اليهود فيقولون: نحن أصحابک، فيقول: کذبتم، ثمّ يأتيه النصاري فيقولون: نحن أصحابک، فيقول: کذبتم، بل أصحابي المهاجرون، بقيّة أصحاب الملحمة، فيأتي مجمع المسلمين حيث هم، فيجد خليفتهم يصلّي بهم، فيتأخّر المسيح حين يراه، فيقول: يا مسيح الله، صلّ بنا؟ فيقول: بل أنت فصلّ بأصحابک، فقد رضي الله عنک، فإنّما بعثت وزيراً ولم اُبعث أميراً، فيصلّي بهم خليفة المهاجرين رکعتين مرّة واحدة وابن مريم فيهم.(30)
3- وروي الصدوق عن المفضّل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام) - في حديث -: والائمة من ولد الحسين آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجّال، ويطهّر الارض من کلّ جور وظلم.(31)
4- وأخرج الخاتون آبادي في الاربعين عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، أنّه ذکر خروج الدجّال وادّعائه الاُلوهية، ويتبعه سبعون ألفاً من اليهود وأولاد الزنا والمدمنين علي الخمور والمغنّين وأصحاب اللهو والاعراب والنساء، وجاء في آخره: فيبيح الزنا واللواط، وساير المناهي حتّي يباشر الرجال النساء والغلمان في أطراف الشوارع علانية، ويفرط أصحابه في أکل لحم الخنزير وشرب الخمور، وارتکاب أنواع الفسق والفجور، ويسخّر آفاق الارض إلاّ مکّة والمدينة ومراقد الائمة (عليهم السلام)، فإذا بلغ في طغيانه وملا الارض من جوره وجور أعوانه، يقتله من يصلّي خلفه عيسي بن مريم (عليه السلام).(32)
5- وعن نعيم بن حمّـاد بالاسناد عن أبي اُمامة الباهلي، قال: ذکر رسول الله (صلي الله عليه وآله) الدجّال، فقالت له اُمّ شريک: فأين المسلمون يومئذ يا رسول الله؟
قال: ببيت المقدس، يخرج حتّي يحاصرهم وإمام المسلمين يومئذ رجل صالح، فيقال: صلّ بنا الصبح، فإذا کبّر ودخل فيها، نزل عيسي بن مريم، فإذا رآه ذلک الرجل عرفه عيسي... فيصلّي عيسي وراءه، ثمّ يقول: افتحوا الباب، ومع الدجّال يومئذ سبعون ألف يهودي کلّهم ذوو سلاح وسيف محلّي، فإذا نظر إلي عيسي ذاب کما يذوب الرصاص في النار، وکما يذوب الملح في الماء، ثمّ يخرج هارباً فيقول عيسي: إنّ لي فيک ضربة لن تفوتني بها، فيدرکه فيقتله، فلا يبقي شيء من خلق الله يتواري به يهودي إلاّ أنطقه الله عزّ وجلّ، لا حجر ولا شجر ولا دابة إلاّ قال: يا عبد الله المسلم، هذا يهودي فاقتله... ويکون عيسي في اُمّتي حکماً عدلاً وإماماً مقسطاً ويدقّ الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويترک الصدقة... وتملا الارض من الاسلام، ويسلب الکفّار ملکهم، ولا يکون ملک إلاّ للاسلام.(33)
6- وروي عمر بن إبراهيم الاوسي، في کتابه، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، قال: ينزل عيسي بن مريم (عليه السلام) عند انفجار الصبح ما بين مَهرُودَين - وهما ثوبان أصفران من الزعفران - أبيض، أصهب الرأس، أفرق الشعر، کأنّ رأسه يقطر دهناً، بيده حربة، يکسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويهلک الدجّال، ويقبض أموال القائم، ويمشي خلفه أهل الکهف وهو الوزير الايمن للقائم، وحاجبه، ونائبه.(34)
وعن ابن قتيبة: قال: قوله: (لا نبيّ بعدي، ولا کتاب بعد کتابي، ولا اُمّة بعد اُمّتي، فالحلال ما أحلّه الله علي لساني إلي يوم القيامة، والحرام ما حرّم الله علي لساني إلي يوم القيامة) ليس برادّ الحديث الذي ذکر فيه أنّ المسيح ينزل فيقتل الخنزير، ويکسر الصليب، ويزيد في الحلال ; لانّ المسيح نبيّ متقدّم، رفعه الله إليه، ثمّ ينزله في آخر الزمان علماً للساعة، قال الله تعالي: (وَإنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بها)(35) وقرأ بعض القرّاء: لَعَلَم للساعة، فإذا نزل لم ينسخ شيئاً ممّـا أتي به رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، ولم يتقدّم الامام من اُمّته، بل يقدّمه ويصلّي خلفه.(36)
الهوامش:
(1) الارشاد 2: 380، الکافي 3: 495 / 2، التهذيب 3: 252 / 692.
(2) الارشاد 2: 380، بحار الانوار 52: 337 / 76.
(3) الشمراخ: غرّة الفرس إذا دقّت وسالت جلّلت الخيشوم.
(4) دلائل الامامة: 458 / 438، العدد القويّة: 75 / 125.
(5) بحار الانوار 52: 345 / 91.
(6) الارشاد 2: 384، بحار الانوار 52: 338 / 81.
(7) بحار الانوار 52: 333 / 61.
(8) بحار الانوار 52: 375 / 174.
(9) مروج الذهب 2: 418.
(10) بحار الانوار 52: 339 / 85.
(11) بحار الانوار 52: 364 / 139.
(12) بحار الانوار 52: 365 / 142.
(13) بحار الانوار 52: 330 / 51.
(14) بحار الانوار 52: 385 / 197.
(15) البرهان / المتّقي الهندي: 149 / 7.
(16) بحار الانوار 53: 11 ـ 12.
(17) أي بغداد.
(18) بحار الانوار 53: 14 ـ 15.
(19) بحار الانوار 52: 344 / 91.
(20) بحار الانوار 52: 224 / 87.
(21) بحار الانوار 52: 388 / 206.
(22) بحار الانوار 52: 388.
(23) بحار الانوار 52: 377 / 180.
(24) بحار الانوار 52: 190 / 18.
(25) بحار الانوار 52: 386 / 199.
(26) بحار الانوار 53: 16.
(27) البرهان / المتّقي الهندي: 123 / 31.
(28) منتخب الاثر: 481 / 1.
(29) بحار الانوار 52: 181 / 1.
(30) الملاحم والفتن: 83 / الباب 187.
(31) منتخب الاثر: 480 / 1.
(32) منتخب الاثر: 480 / 2.
(33) الملاحم والفتن: 82 / باب 186.
(34) حلية الابرار 2: 620، عن کتاب الاوسي.
(35) الزخرف 43: 61.
(36) عقد الدرر: 198، العمدة: 434.
******************
يقاتل ثمانية أشهر
عن عيسي الخشّاب، قال: قلت للحسين بن علي (عليه السلام): أنت صاحب هذا الامر؟ قال: لا، ولکن صاحب هذا الامر الطريد الشريد الموتور بأبيه، المکنّي بعمّه، يضع سيفه علي عاتقه ثمانية أشهر.(1)
استخراج الکنوز والاسفار وفتوح البلدان
1- أخرج ابن طاووس عن نعيم بن حمّـاد، عن الجرّاح، عن أرطأة، قال: يقاتل السفياني الترک، ثمّ يکون استئصالهم علي يد المهدي.(2)
2- وأخرج عنه أيضاً، عن أرطأة، قال: أوّل لواء يعقده المهدي يبعثه إلي الترک، فيهزمهم ويأخذ ما معهم من السبي والاموال، ثمّ يسير إلي الشام فيفتحها، ثمّ يعتق کلّ مملوک معه، وأعطي أصحابه ثمنهم.(3)
وأخرجه المتّقي الهندي عن نعيم عن کعب بن علقمة.(4)
3- وأخرج نعيم بن حمّـاد عن محمّد بن الحنفيّة - في خبر - قال: يلي رجل من بني هاشم ثمّ تکون هزيمة الروم وفتح القسطنطينية علي يديه، ثمّ يسير إلي رومية فيفتحها، ويستخرج کنوزها ومائدة سليمان بن داود، ثمّ يرجع إلي بيت المقدس فينزلها، ويخرج الدجّال في زمانه، وينزل عيسي بن مريم فيصلّي خلفه.(5)
4- وروي نعيم بن حمّـاد عن کعب، قال: إنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلي أسفار من أسفار التوراة يستخرجها من جبال، يدعو إليها اليهود، فيسلم علي تلک الکتب جماعة کثيرة، ثمّ ذکر نحو ثلاثين ألفاً.(6)
5- وعن سليمان بن عيسي، قال: بلغني أنّه علي يد المهدي يظهر تابوت السکينة من بحيرة طبريّة، حتّي يحمل فيوضع بين يديه ببيت المقدس، فإذا نظر إليه اليهود أسلمت إلاّ قليلاً منهم.(7)
6- وأخرج أبو عمرو الداني في سننه عن ابن شوذب، قال: إنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلي جبل من جبال الشام، يستخرج منها أسفار التوراة، يحاجّ بها اليهود، فيسلم علي يديه جماعة من اليهود.(8)
وأخرج نعيم عن کعب الاحبار، قال: إنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي لامر قد خفي، يستخرج التابوت من أرض يقال لها: أنطاکية.(9)
7- وعن عبد الله بن حمّـاد الانصاري، عن محمّد بن جعفر، عن أبيه (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم بعث في أقاليم الارض في کلّ إقليم رجلاً يقول: عهدک في کفّک، فإذا ورد عليک ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلي کفّک واعمل بما فيها.
قال: ويبعث جنداً إلي القسطنطينية، فإذا بلغوا إلي الخليج کتبوا علي أقدامهم شيئاً ومشوا علي الماء، فإذا نظر إليهم الروم يمشون علي الماء قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون علي الماء، فکيف هو؟ فعند ذلک يفتحون لهم باب المدينة فيدخلونها فيحکمون فيها بما يريدون.(10)
8- وروي الحموئي بإسناده عن أبي هريرة، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، قال: لا تقوم الساعة حتّي يملک رجل من أهل بيتي، يفتح القسطنطينة وجبل الديلم، ولو لم يبق إلاّ يوم لطوّل الله ذلک اليوم حتّي يفتحها.(11)
9- وأخرج المتّقي الهندي عن نعيم بن حمّـاد في کتاب (الفتن) عن کعب الاحبار، قال: يبعث ملک بيت المقدس - يعني المهدي (عليه السلام) - جيشاً إلي الهند فيفتحها فيأخذ کنوزها، فيجعل ذلک حلية لبيت المقدس، ويقدم عليه ملوک الهند مغلّلين، ويفتح ما بين المشرق والمغرب.(12)
ورواه ابن طاووس عنه، وفي آخره: ويقيم ذلک الجيش في الهند إلي خروج الدجّال.(13)
10- وعن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال: ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم.(14)
11- ومن کتاب (العرائس) لابي اسحاق الثعلبي، بإسناده إلي تميم الداري، قلت: يا رسول الله، مررتُ بمدينة صفتها کيت وکيت، قريبة من ساحل البحر.
فقال النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): تلک أنطاکية، أما إنّ في غار من غيرانها رُضاضاً (15) من ألواح موسي، وما من سحابة شرقيّة ولا غربيّة تمرّ عليها إلاّ ألقت عليها من برکاتها، ولن تذهب الايام والليالي حتّي يملکها رجل من أهل بيتي يملاها قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً.(16)
12- وروي الشيخ الطوسي بالاسناد عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: ثمّ يتوجّه إلي کابل شاه، وهي مدينة لم يفتحها أحد قطّ غيره، فيفتحها ثمّ يتوجّه إلي الکوفة، فينزلها وتکون داره، ويبهرج(17) سبعين قبيلة من قبائل العرب(18)، تمام الخبر.
الرجعة في عصر الظهور
ونعني بها العودة إلي الحياة بعد الموت، وهي من الحوادث الغيبية المهمّة التي تقع في زمان الظهور، وقد تقدّم في علامات الظهور أنّ الشيخ المفيد (رحمه الله) قال في تعداده لعلامات الظهور: وأموات ينشرون من القبور حتّي يرجعوا إلي الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون إلي أن قال: فيعرفون عند ذلک ظهوره (عليه السلام) بمکّة، فيتوجّهون نحوه لنصرته.(19)
واعتقادنا بالرجعة تماماً کاعتقاد سائر المسلمين بظهور الدجّال وخروج السفياني ونزول عيسي وطلوع الشمس من مغربها وسائر أشراط الساعة المدلولة بالکتاب والسنّة، وهو راجع بالدرجة الاُولي إلي الاحاديث الصحيحة الواردة عن أهل البيت (عليه السلام) والتي حفلت بها کتب الامامية، واحتلّت مساحة واسعة من الاحاديث المرويّة بطرقهم.
ثمّ إنّ الاعتقاد بالرجعة لا يترتّب عليه إنکار لايّ حکم ضروري من أحکام الاسلام، وليس ثمّة منافاة بين هذا الاعتقاد وبين اُصول الاسلام، والامامية لا يحکمون علي منکريها بالکفر، لأنّها من ضروريات المذهب لا من ضروريات العقيدة الاسلامية، وليست هي من اُصول الدين عندهم کما يتصوّر البعض، ولا في مرتبة الاعتقاد بالتوحيد والنبوّة والمعاد، لذا لا يفرضون علي أحد أن يقول بها، کما هو الحال في الاُصول الاعتقادية، ولا يترتّب علي إنکارها الخروج عن حدّ الاسلام، کما يترتّب علي إنکار التوحيد والنبوّة والمعاد.
وللاسف الشديد قد اتّخذ بعض المخالفين هذه العقيدة وسيلة للطعن بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) والتشنيع علي المعتقدين بها، حتّي عدّها البعض اُسطورة وقولاً بالتناسخ، وأنّ معتقدها خارج عن الاسلام والدين، وأنّها من مفتريات عبد الله بن سبأ، وما إلي ذلک من التشدّق علي مدرسة الاسلام الاصيل.
ولهذا فقد رأينا أن نبيّن هنا بعض ما يتعلّق بهذا الاعتقاد، من حيث بيان معناه، ودليله، وإمکانه، ومدي اختلافه عن باقي أشراط الساعة وعلاماتها، لتتّضح الصورة الحقيقيّة والحجم الواقعي له.(20)
في معني الرجعة
الذي تذهب إليه الامامية أخذاً بما جاء عن آل البيت (عليهم السلام) هو أنّ الله تعالي يعيد قوماً من الاموات إلي الدنيا قبل يوم القيامة في صورهم التي کانوا عليها، فيعزّ فريقاً ويذلّ فريقاً آخر، ويديل المحقّين من المبطلين، والمظلومين منهم من الظالمين، وذلک عند قيام مهدي آل محمّد (عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) الذي يملا الارض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت جوراً وظلماً، ولذلک تعدّ الرجعة مظهراً يتجلّي فيه مقتضي العدل الالهي بعقاب المجرمين علي نفس الارض التي ملاوها ظلماً وعدواناً.
ولا يرجع إلاّ من علت درجته في الايمان، ومن بلغ الغاية من الفساد، ثمّ يصيرون بعد ذلک إلي الموت، ومن بعده إلي النشور، وما يستحقّونه من الثواب والعقاب، کما حکي الله تعالي في قرآنه الکريم تمنّي هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع، فنالوا مقت الله، أن يخرجوا ثالثاً لعلّهم يصلحون: (قالُوا رَبَّنَا أمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلَي خُرُوج مِنْ سَبِيل)(21)، ولکن أنّي لهم ذلک وهم في عذاب مقيم؟
امکان الرجعة
إنّ الرجعة من نوع البعث والمعاد الجسماني، غير أنّها بعث موقوت في الدنيا ومحدود کماً وکيفاً، ويحدث قبل يوم القيامة، بينما يُبعث الناس جميعاً يوم القيامة ليلاقوا حسابهم ويبدأوا حياتهم الخالدة، وأهوال يوم القيامة أعجب وأغرب وأمرها أعظم من الرجعة.
وبما أنّ الرجعة والمعاد ظاهرتان متماثلتان من حيث النوع، فالدليل علي إمکان المعاد يمکن أن يقام دليلاً علي إمکان الرجعة، والاعتراف بإمکان بعث الحياة من جديد يوم القيامة يترتّب عليه الاعتراف بإمکان الرجعة في حياتنا الدنيويّة، ولا ريب أنّ جميع المسلمين يعتبرون الايمان بالمعاد من اُصول عقيدتهم، إذن فجميعهم يذعنون بإمکانية الرجعة.
يقول السيّد المرتضي (رحمه الله): اعلم أنّ الذي يقوله الامامية في الرجعة لا خلاف بين المسلمين - بل بين الموحّدين - في جوازه، وأنّه مقدور لله تعالي، وإنّما الخلاف بينهم في أنّه يوجد لا محالة وليس کذلک.
ولا يخالف في صحّة رجعة الاموات إلاّ خارج عن أقوال أهل التوحيد، لانّ الله تعالي قادر علي إيجاد الجواهر بعد إعدامها، وإذا کان عليها قادراً، جاز أن يوجدها متي شاء.(22)
فإذا کان إمکان الرجعة أمر مسلّم عند جميع المسلمين - حتّي قال الالوسي: وکون الاحياء بعد الاماتة والارجاع إلي الدنيا من الاُمور المقدورة له عزّ وجلّ ممّـا لا ينتطح فيه کبشان، إلاّ أنّ الکلام في وقوعه(23) - إذن فلماذا الشکّ والاستغراب لوقوع الرجعة؟ ولماذا التشنيع والنبز بمن يعتقد بها لورود الاخبار الصحيحة المتواترة عن أئمّة الهدي (عليهم السلام) بوقوعها؟
يقول الشيخ محمّد رضا المظفّر (رحمه الله): لا سبب لاستغراب الرجعة، إلاّ أنّها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا، ولا نعرف من أسبابها وموانعها ما يُقرّبها إلي اعترافنا ويبعدها، وخيال الانسان لا يسهل عليه أن يتقبّل تصديق ما لم يألفه، وذلک کمن يستغرب البعث فيقول: (مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيم) فيقال له: (يُحْيِيهَا الَّذِي أنْشَأهَا أوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِکُلِّ خَلْق عَلِيم).(24)
ادلة الرجعة
أورد الحرّ العاملي في الباب الثاني عشر من کتابه (الايقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة) اثني عشر دليلاً علي صحّة الاعتقاد بالرجعة، وأهمّ ما استدلّ به الاماميّة علي ذلک هو الاحاديث الکثيرة المتواترة عن النبيّ والائمة (عليهم السلام) المروية في الکتب المعتمدة، وإجماع الطائفة المحقّة علي ثبوت الرجعة حتّي أصبحت من ضروريات مذهب الامامية عند جميع العلماء المعروفين والمصنّفين المشهورين، کما استدلّوا أيضاً بالايات القرآنية الدالّة علي وقوع الرجعة في الاُمم السابقة، والدالّة علي وقوعها في المستقبل إمّا نصّاً صريحاً وبمعونة الاحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها، وفيما يلي نسوق بعض الادلّة عليها، ونبدأها بالادلّة القرآنية:
وقوعها في الامم السابقة
لقد حدّثنا القرآن الکريم بصريح العبارة وبما لا يقبل التأويل والحمل عن رجوع أقوام من الاُمم السابقة إلي الحياة الدنيا رغم ما عرف وثبت من موتهم وخروجهم من الحياة إلي عالم الموتي، فإذا جاز حدوثها في الازمنة الغابرة، فلم لا يجوز حدوثها مستقبلاً (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).(25)
وفيما يلي نقرأ بعض الايات الدالّة علي إحياء الموتي وحدوث الرجعة في الاُمم السابقة ونتأمّل.
احياء قوم من بني إسرائيل
قال تعالي: (ألَمْ تَرَ إلَي الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ اُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحْياهُمْ إنَّ اللهَ لَذُو فَضْل عَلَي النَّاسِ وَلَکِنَّ أکْثَرَ النَّاسِ لا يَشْکُرُون).(26)
فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الاية المبارکة تدلّ علي أنّ هؤلاء ماتوا مدّة طويلة، ثمّ أحياهم الله تعالي، فرجعوا إلي الدنيا، وعاشوا مدّة طويلة.
قال الشيخ الصدوق: کان هؤلاء سبعين ألف بيت، وکان يقع فيهم الطاعون کلّ سنة، فيخرج الاغنياء لقوّتهم، ويبقي الفقراء لضعفهم، فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون، ويکثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ; ويقول الذين خرجوا: لو أقمنا لاصابنا کما أصابهم.
فأجمعوا علي أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا کان وقت الطاعون، فخرجوا بأجمعهم، فنزلوا علي شطّ البحر، فلمّـا وضعوا رحالهم ناداهم الله: موتوا، فماتوا جميعاً، فکنستهم المارّة عن الطريق، فبقوا بذلک ما شاء الله.
ثمّ مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرميا،(27) فقال: لو شئت يا ربّ لاحييتهم، فيعمّروا بلادک، ويلدوا عبادک، ويعبدوک مع من يعبدک، فأوحي الله تعالي إليه: أفتحبّ أن اُحييهم لک؟ قال: نعم. فأحياهم الله تعالي وبعثهم معه، فهؤلاء ماتوا، ورجعوا إلي الدنيا، ثمّ ماتوا بآجالهم.(28)
فهذه رجعة إلي الحياة الدنيا بعد الموت، وقد سأل حمران بن أعين الامام أبا جعفر الباقر (عليه السلام) عن هؤلاء، قائلاً: أحياهم حتّي نظر الناس إليهم، ثمّ أماتهم من يومهم، وردّهم إلي الدنيا حتّي سکنوا الدور، وأکلوا الطعام، ونکحوا النساء؟
قال (عليه السلام): بل ردّهم الله حتّي سکنوا الدور، وأکلوا الطعام، ونکحوا النساء، ولبثوا بذلک ما شاء الله، ثمّ ماتوا بآجالهم.(29)
احياء عزير وأرميا
قال تعالي: (أوْ کَالَّذِي مَرَّ عَلَي قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَي عُرُوشِهَا قَالَ أنّي يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأمَاتَهُ اللهُ مَائَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ کَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أوْ بَعْضَ يَوْم قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مَائَةَ عَام فَانْظُرْ إلَي طَعَامِکَ وَشَرَابِکَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إلَي حِمَارِکَ وَلِنَجْعَلُکَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إلَي العِظَامِ کَيْفَ ننشزهَا ثُمَّ نَکْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّـا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أعْلَمُ أنَّ اللهَ عَلَي کُلِّ شَيْء قَدِيرٌ).(30)
لقد اختلفت الروايات والتفاسير في تحديد هذا الذي مرّ علي قرية، لکنّها متّفقة علي أنّه مات مائة سنة ورجع إلي الدنيا وبقي فيها، ثمّ مات بأجله، فهذه رجعة إلي الحياة الدنيا.
قال الطبرسي: الذي مرّ علي قرية هو عزير، وهو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقيل: هو أرميا، وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).(31)
وقد روي العياشي بالاسناد عن إبراهيم بن محمّد، قال: ذکر جماعة من أهل العلم أنّ ابن الکوّاء الخارجي قال لامير المؤمنين علي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، ما ولد أکبر من أبيه من أهل الدنيا؟
قال (عليه السلام): نعم، اُولئک وُلد عزير، حين مرّ علي قرية خربة، وقد جاء من ضيعة له، تحته حمار، ومعه شَنّة فيها تين، وکوز فيه عصير، فمرّ علي قرية خَرِبَة، فقال: (أنّي يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأمَاتَهُ اللهُ مَائَةَ عَام) فتوالد ولده وتناسلوا، ثمّ بعث الله إليه فأحياه في الموعد الذي أماته فيه، فاُولئک وُلده؟ أکبر من أبيهم.(32)
الهوامش:
(1) کمال الدين: 318 / 5، بحار الانوار 51: 133 / 6. وقوله المکنّي بعمّه، أي المعبّر عنه بالکنية بسبب عمّه، ويُقرأ (المَکْنيُّ) مثل (المهدي) ومعناه الغائب والمستتر بسبب عمّه.
(2) الملاحم والفتن: 41 / الباب 157.
(3) الملاحم والفتن: 72 / الباب 156.
(4) البرهان / المتّقي الهندي: 88 / 49.
(5) الملاحم والفتن: 80 / الباب 182.
(6) الملاحم والفتن: 69 / باب 143.
(7) البرهان / المتّقي الهندي: 157 / 8.
(8) البرهان / المتّقي الهندي: 157 / 7.
(9) البرهان / المتّقي الهندي: 157 / 10.
(10) بحار الانوار 52: 365 / 144.
(11) فرائد السمطين 2: 318 / 570، الفردوس 5: 82 / 7523، البيان في أخبار صاحب الزمان: 516.
(12) البرهان / المتّقي الهندي: 88 / 47.
(13) الملاحم والفتن: 81 / باب 183، وباب 184.
(14) بحار الانوار 52: 339 / 84.
(15) الرُّضاض: دقاق الشيء وفُتاته، أي ما رُضّ منه.
(16) عرائس القرآن: 186.
(17) بهرج الدماء: أهدرها وأبطلها.
(18) بحار الانوار 52: 333 / 61.
(19) الارشاد 2: 370.
(20) استفدنا في إعداد هذا البحث من کتاب الرجعة / إصدار مرکز الرسالة ـ قم، مع الاختصار والتصرّف.
(21) راجع عقائد الامامية للشيخ المظفّر: 108 / تحقيق مؤسسة البعثة، والاية من سورة المؤمن: 11.
(22) رسائل الشريف المرتضي 3: 135 ـ الدمشقيات ـ دار القرآن الکريم ـ قم.
(23) روح المعاني 30: 27 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(24) يس: 78 و79.
(25) الاحزاب: 62.
(26) البقرة: 243.
(27) في رواية الشيخ الکليني في الکافي 8: 198 / 237 عن الامام الباقر (عليه السلام)، ورواية السيوطي عن السدّي عن أبي مالک وغيره: يقال له حزقيل.
(28) الاعتقادات ـ للشيخ الصدوق: 60، نشر مؤتمر الذکري الالفية للشيخ المفيد (رحمه الله)، الدرّ المنثور ـ للسيوطي 1: 741 ـ 743 ـ دار الفکر ـ بيروت.
(29) تفسير العياشي 1: 130 / 433 ـ المکتبة العلمية ـ طهران.
(30) البقرة: 259.
(31) مجمع البيان للطبرسي 2: 639 ـ دار المعرفة ـ بيروت.
(32) تفسير العياشي 1: 141 / 468 ـ المکتبة العلمية ـ طهران.
******************
احياء سبعين رجلا من قوم موسى
قال تعالي: (وَإذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَي لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّي نَرَي اللهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَأنْتُمْ تَنْظُرُونَ ، ثُمَّ بَعَثْنَاکُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُون).(1)
هاتان الايتان تتحدّثان عن قصّة المختارين من قوم موسي (عليه السلام) لميقات ربّه، وذلک أنّهم لمّـا سمعوا کلام الله تعالي قالوا: لا نصدّق به حتّي نري الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا، فقال موسي (عليه السلام): يا ربّ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم، فأحياهم الله له، فرجعوا إلي الدنيا، فأکلوا وشربوا، ونکحوا النساء، وولد لهم الاولاد، ثمّ ماتوا بآجالهم(2) فهذه رجعة اُخري إلي الحياة الدنيا بعد الموت لسبعين رجلاً من بني إسرائيل، يقول تعالي: (وَاخْتَارَ مُوسَي قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّـا أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَکْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإيَّايَ أتُهْلِکُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا)(3) الاية.
المسيح يحيي الموتي
ذکر في القرآن الکريم في غير مورد إحياء المسيح للموتي، قال تعالي لعيسي (عليه السلام): (وَإذْ تُخْرِجُ المَوْتَي بَإذْنِي)(4)، وقال تعالي حاکياً عنه: (وَاُحْيِي المَوْتَي بِإذْنِ اللهِ)(5) فکان بعض الموتي الذين أحياهم عيسي (عليه السلام) بإذن الله تعالي قد رجع إلي الدنيا وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم.(6)
احياء أصحاب الکهف
هؤلاء کانوا فتية آمنوا بالله تعالي، وکانوا يکتمون إيمانهم خوفاً من ملکهم الذي کان يعبد الاصنام ويدعو إليها ويقتل من يخالفه، ثمّ اتّفق أنّهم اجتمعوا وأظهروا أمرهم لبعضهم، ولجأوا إلي الکهف (فَلَبِثُوا فِي کَهْفِهِمْ ثَلاثَ مَائَةَ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)(7) ثمّ بعثهم الله فرجعوا إلي الدنيا ليتساءلوا بينهم، وقصّتهم معروفة.
وجميع هذه الحالات وغيرها کثير تشير إلي الرجوع إلي الحياة بعد الموت في الاُمم السابقة، وقد وقعت في أدوار وأمکنة مختلفة، ولاغراض متعدّدة، ولاشخاص تجد فيهم الانبياء والاوصياء والرعيّة، بل وتشمل الحيوانات أيضاً کما في قصّة طيور إبراهيم (عليه السلام) التي نصّ الکتاب الکريم عليها.
وفي ذلک دليل لا يُنازع فيه علي نفي استحالة عودة الاموات إلي الحياة الدنيا بعد الموت.
وهنا من حقّنا أن نتساءل: ما المانع من حدوث ذلک في المستقبل لغرض لعلّه أسمي من جميع الاغراض التي حدثت لاجلها الرجعات السابقة؟ ألا وهو تحقيق أحلام النبوّات وأهداف الرسالات في نشر مبادئ العدالة وتطبيق موازين الحقّ علي أرض دنّستها يد الجناة والظلمة، وأتبعتها ظلماً وجوراً حتّي عادت لا تطاق (وَلَقَدْ کَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّکْرِ أنَّ الارْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون)(8) فتربّصوا حتّي يأتي الله بأمره.
ويعزّز الدليل علي حدوث الرجعة في المستقبل، کما حدثت في الاُمم الغابرة ما روي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنّه قال: (لتتبعنّ سنن الذين من قبلکم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتّي لو سلکوا جُحر ضبّ لسلکتموه) قالوا: اليهود والنصاري؟ قال (صلي الله عليه وآله): (فمن).(9)
الايات الدالة علي وقوع الرجعة قبل القيامة
1- قوله تعالي: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُکِذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ).(10)
فقد دلّ الکتاب الکريم علي الحشر الخاصّ قبل يوم القيامة وهو عودة بعض الاموات إلي الحياة في قوله تعالي: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُکَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُون).(11) کما دلّ علي الحشر العامّ بعد نفخة النشور في نفس السورة بقوله: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفزعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الارْضِ) إلي قوله تعالي: (وَکُلٌّ أتَوْهُ دَاخِرِين).(12)
ويستفاد من مجموع الايتين أنّ يوم الحشر الخاصّ هو غير يوم النفخ والنشور الذي يحشر فيه الناس جميعاً، وبما أنّه ليس ثمّة حشر بعد يوم القيامة بدليل الکتاب والسنّة، فلا بدّ أن يکون الحشر الخاصّ واقعاً قبل يوم القيامة، فهو إذن من العلاقات الواقعة بين يدي الساعة، کظهور الدجّال وخروج السفياني ونزول عيسي من السماء وطلوع الشمس من مغربها وغيرها من الاشراط المدلولة بالکتاب والسنّة.
إذن فالاية تأکيد لحدوث الرجعة التي تعتقد بها الشيعة الامامية في حقّ جماعة خاصّة ممّن محضوا الکفر والايمان، وتعني عودة هذه الجماعة للحياة قبل يوم القيامة، أمّا خصوصيّات هذه العودة وکيفيّتها وطبيعتها وما يجري فيها، فلم يتحدّث عنها القرآن الکريم، بل جاء تفصيلها في السنّة المبارکة، فإن صحّت الاخبار بها توجّب قبولها والاعتقاد بها، وإلاّ وجب طرحها.(13)
استدلال الائمة
لقد استدلّ أئمة الهدي من آل البيت (عليهم السلام) بهذه الاية علي صحّة الاعتقاد بالرجعة، فقد روي عن أبي بصير، أنّه قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): ينکر أهل العراق الرجعة؟. قلت: نعم. قال: أما يقرأون القرآن (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً) الاية.(14)
وروي عليّ بن إبراهيم في تفسيره بالاسناد عن حمّـاد، عن الصادق (عليه السلام)، قال: ما يقول الناس في هذه الاية (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً)؟ قلت: يقولون إنّها في القيامة.
قال (عليه السلام): ليس کما يقولون، إنّ ذلک في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من کلّ اُمّة فوجاً ويدع الباقين؟ إنّما آية القيامة قوله: (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أحَداً)).(15)
استدلال الشيخ المفيد
واستدلّ بها أيضاً جملة علماء الشيعة ومفسّريهم علي صحّة عودة الاموات إلي الحياة قبل يوم القيامة، قال الشيخ المفيد (رحمه الله): إنّ الله تعالي يحيي قوماً من اُمّة محمّد (صلي الله عليه وآله) بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختصّ به آل محمّد (صلّي الله عليه وعليهم) وقد أخبر الله عزّ وجلّ في ذکر الحشر الاکبر يوم القيامة (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أحَداً)(16)، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُکَذِّبُ بِآيَاتِنَا) فأخبر أنّ الحشر حشران عامّ وخاصّ.(17)
2- قوله تعالي: (وَعَدَ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الارْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيـُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِيْنَهُمُ الَّذِي ارْتَضَي لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِکُونَ بِي شَيْئاً).(18)
روي الشيخ الکليني (رحمه الله) بالاسناد عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جلّ جلاله: (وَعَدَ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا) الاية، فقال: هم الائمة (عليهم السلام).(19)
وقال الطبرسي: المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبيّ وأهل بيته (صلوات الله عليهم)، وتضمّنت الاية البشارة لهم بالاستخلاف والتمکين في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهديّ منهم، ويکون المراد بقوله تعالي: (کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة قبل آدم وداود وسليمان (عليهم السلام)، ويدلّ علي ذلک قوله تعالي: (إنِّي جَاعِلٌ فِي الارْضِ خَلِيفَةً) و(يَا دَاوُدُ إنَّا جَعَلْنَاکَ خَلِيفَةً فِي الارْضِ)، وقوله: (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إبْرَاهِيمَ الکِتَابَ وَالحِکْمَةَ وَآتَيْنَاهُ مُلْکاً عَظِيماً).
قال: وعلي هذا إجماع العترة الطاهرة وإجماعهم حجّة لقوله (صلي الله عليه وآله): (إنّي تارک فيکم الثقلين کتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض)، وأيضاً فإنّ التمکين في الارض علي الاطلاق لم يتّفق فيما مضي فهو منتظر، لانّ الله عزّ اسمه لا يخلف وعده.(20)
3- قوله تعالي: (قَالُوا رَبَّنَا أمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلَي خُرُوج مِنْ سَبِيل).(21)
قال الشيخ المفيد (رحمه الله): قال سبحانه مخبراً عمّن يحشر من الظالمين أنّه يقول يوم الحشر الاکبر: (رَبَّنَا أمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) الاية، وللعامة في هذه الاية تأويل مردود، وهو أن قالوا: إنّ المعنيّ بقوله تعالي: (رَبَّنَا أمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) أنّه خلقهم أمواتاً بعد الحياة، وهذا باطل لا يجري علي لسان العرب، لانّ الفعل لا يدخل إلاّ علي ما کان بغير الصفة التي انطوي اللفظ علي معناها، ومن خلقه الله مواتاً لا يقال إنّه أماته، وإنّما يدخل ذلک فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة، کذلک لا يقال أحيا الله ميتاً ; إلاّ أن يکون قبل إحيائه ميتاً، وهذا بيّن لمن تأمّله.
وقد زعم بعضهم أنّ المراد بقوله: (رَبَّنَا أمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) الموتة التي تکون بعد حياتهم في القبور للمُساءلة، فتکون الاُولي قبل الاقبار والثانية بعده، وهذا أيضاً باطل من وجه آخر، وهو أنّ الحياة للمساءلة ليست للتکليف فيندم الانسان علي ما فاته في حياته، وندم القوم علي ما فاتهم المرّتين يدلّ علي أنّه لم يرد حياة المساءلة، لکنّه أراد حياة الرجعة التي تکون لتکليفهم والندم علي تفريطهم فلا يفعلون ذلک فيندمون يوم العرض علي ما فاتهم من ذلک.(22)
إذن فالمراد بالموتتين موتة عند انتهاء آجالهم، والموتة الثانية بعد عودتهم إلي الحياة، وتفسير منکري الرجعة بأنّ الموتة الثانية قبل خلقهم حين کانوا عدماً لا يستقيم، لانّ الموت لا يکون إلاّ للحيّ، ويلزم هذا وجودهم أحياء وهم في العدم، فلا يبقي إلاّ تفسيرنا للخروج من هذا التناقض.
4- قوله تعالي: (وَحَرَامٌ عَلَي قَرْيَة أهْلَکْنَاهَا أنّهمْ لا يَرْجِعُون).(23)
روي عليّ بن إبراهيم والطبرسي وغيرهما بالاسناد عن الامام الصادق(عليه السلام)، قال: کلّ قرية أهلک الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، وأمّا في القيامة فيرجعون، ومن محض الايمان محضاً وغيرهم ممّن لم يهلکوا بالعذاب، ومحضوا الکفر محضاً يرجعون.(24)
وهذه الاية أوضح دلالة علي الرجعة، لانّ أحداً من أهل الاسلام لا ينکر أنّ الناس کلّهم يرجعون إلي القيامة، من هلک ومن لم يهلک، فقوله: (لا يَرْجِعُون) يعني في الرجعة، فأمّا إلي القيامة فيرجعون حتّي يدخلوا النار.(25)
5- قوله تعالي: (إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الاشْهَاد).(26)
روي عن الامام الباقر والصادق من عدّة طرق أنّ هذا النصر يکون في الرجعة، ذلک لانّ کثيراً من الانبياء والاوصياء قُتِلوا وظُلموا ولم يُنصروا، وأنّ الله لا يخلف الميعاد.(27)
وسئل الشيخ المفيد (رحمه الله) في المسائل الحاجبية عن هذه الاية، حيث قيل له: في هذه الاية تأکيد، فقد أوجب تعالي بأنّه ينصرهم في الحالين جميعاً في الدنيا والاخـرة، وهذا الحسين بن علي (عليه السلام) حجّة الله قتل مظلوماً فلم ينصره أحد؟
فأجاب الشيخ المفيد (رحمه الله) بوجوه، إلي أن قال: وقد قالت الامامية أنّ الله تعالي ينجز الوعد بالنصر للاولياء قبل الاخرة عند قيام القائم والکرّة التي وعد بها المؤمنين، وهذا لا يمنع من تمام الظلم عليهم حيناً مع النصر لهم في العاقبة.(28)
الحديث
وممّـا يؤيّد الرجعة الروايات الکثيرة المتواترة التي نقلها الثقات عن أئمة الهدي (عليهم السلام)، حتّي إنّها وردت في الادعية والزيارات عنهم (عليهم السلام)، وحيث لا يسعنا نقلها والتحقيق فيها، فيکفي أن نذکر أنّ السيّد محمّد مؤمن الحسيني الاسترابادي الشهيد بمکّة سنة 1088 هـ قد جمع في رسالته المختصرة في الرجعة نحو 111 حديثاً من الکتب المعتمدة وجميعها تنصّ علي الرجعة.
وأخرج الحرّ العاملي - ت 1104 هـ - في کتابه (الايقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة) ما يزيد علي 620 بين آية وحديث صريح في الرجعة، نقلها عن سبعين کتاباً قد صنّفها عظماء علماء الاماميّة(29)، وقال: إنّ أحاديث الرجعة ثابتة عن أهل العصمة (عليهم السلام) لوجودها في الکتب الاربعة وغيرها من الکتب المعتمدة وکثرة القرائن القطعيّة الدالّة علي صحّتها وثبوت روايتها، علي أنّها لا تحتاج إلي شيء من القرائن لکونها قد بلغت حدّ التواتر، بل تجاوزت ذلک الحدّ، وکلّ حديث منها يفيد العلم مع القرائن المشار إليها، فکيف يبقي شکّ مع اجتماع الجميع؟.(30)
وجمع العلاّمة المجلسي المتوفّي سنة 1111 هـ نحو 200 حديث في باب الرجعة من کتاب (بحار الانوار)، وقال: کيف يشکّ مؤمن بحقّية الائمة الاطهار (عليهم السلام) فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح، رواها نيّف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الاعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم، کثقة الاسلام الکليني، والصدوق محمّد بن بابويه، والشيخ أبي جعفر الطوسي، والسيّد المرتضي، والنجاشي، والکشّي، والعيّاشي، وعليّ بن إبراهيم، وسُلَيم الهلالي، والشيخ المفيد، والکراجکي، والنعماني، والصفّار، وسعد بن عبد الله، وابن قَولَويه، والسيّد عليّ بن طاووس، وفرات بن إبراهيم، وأبي الفضل الطبرسي، وإبراهيم بن محمّد الثقفي، ومحمّد بن العبّاس بن مروان، والبرقي، وابن شهرآشوب، والحسن بن سليمان، والقُطب الراوندي، والعلاّمة الحلّي، وغيرهم.
إلي أن قال: وإذا لم يکن مثل هذا متواتراً، ففي أيّ شيء يمکن دعوي التواتر مع ما روته کافة الشيعة خلفاً عن سلف.(31)
نماذج من حديث الرجعة
1- عن عمرو بن شمر، قال: قلت لجابر: إذا قام قائم آل محمّد، کيف السلام عليه؟
قال: إنّک إذا أدرکته، ولن تدرکه إلاّ أن تکون مکروراً، فستراني إلي جنبه، راکباً علي فرس لي ذنوب، أغرّ مُحجّل، مطلق يد(32) اليمني، عليّ عمامة من عَصْب(33) اليمن، فأنا أوّل من يسلّم عليه.(34)
2- روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن الحسن بن الجهم، قال: قال المأمون للرضا (عليه السلام): يا أبا الحسن، ما تقول في الرجعة؟
فقال (عليه السلام): إنّها الحقّ، قد کانت في الاُمم السالفة ونطق بها القرآن، وقد قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يکون في هذه الاُمّة کلّ ما کان في الاُمم السالفة، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، وقال (صلي الله عليه وآله): إنّ الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبي للغرباء. قيل: يا رسول الله، ثمّ يکون ماذا؟ قال: ثمّ يرجع الحقّ إلي أهله(35) الحديث.
3- روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال: العجب کلّ العجب بين جمادي ورجب، فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه؟ فقال: وأيّ عجب أعجب من أموات يَضرِبون کلّ عدوٍّ لِلّه ولِرَسوله ولاهل بيته، وذلک تأويل هذه الاية: (يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لا تَتَوَلُّوا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الاخِرَةِ کَمَا يَئِسَ الکُفَّارُ مِنْ أصْحَابِ القُبُور).(36)
4- روي الشيخ المفيد بالاسناد عن عبد الکريم الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: إذا آن قيامه مُطِر الناس جمادي الاخرة، وعشرة أيام من رجب، مطراً لم ترَ الخلائق مثله، فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم، وکأنّي أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم من التراب.(37)
5- وعن محمّد بن الطيّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عزّ وجلّ: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً)، قال: ليس أحد من المؤمنين قُتِل إلاّ سيرجع حتّي يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلاّ سيرجع حتّي يُقتَل.(38)
6- وروي الشيخ الطوسي بالاسناد عن المفضّل بن عمر، قال: ذکرنا القائم (عليه السلام) ومن مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام اُتي المؤمن في قبره، فيقال له: يا هذا، إنّه قد ظهر صاحبک، فإن تشأ أن تلحق به فالحق، وإن تشأ أن تقيم في کرامة ربّک فأقم.(39)
7- عن الاصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: وتخرج الروم إلي ساحل البحر عند کهف الفتية، فيبعث الله الفتية من کهفهم مع کلبهم، منهم رجل يقال له: مليخا، وآخر خملاها، وهما الشاهدان المسلّمان للقائم (عليه السلام).(40)
الهوامش:
(1) البقرة: 55 ـ 56.
(2) الاعتقادات ـ للشيخ الصدوق: 61، نشر مؤتمر الذکري الالفية للشيخ المفيد (رحمه الله).
(3) الاعراف: 155.
(4) المائدة: 110.
(5) آل عمران: 49.
(6) راجع الکافي 8: 337 / 532، تفسير العياشي 1: 174 / 51.
(7) الکهف: 25.
(8) الانبياء: 105.
(9) کنز العمّـال للمتّقي الهندي 11: 133 / 30923 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت، وروي نحوه الشيخ الصدوق في کمال الدين: 576 ـ جماعة المدرّسين ـ قم.
(10) النمل: 83.
(11) النمل: 83.
(12) النمل: 87.
(13) راجع نقض الوشيعة للسيّد محسن الامين: 473 ـ طبعة 1951 م.
(14) مختصر بصائر الدرجات: 25، بحار الانوار للعلاّمة المجلسي 53: 40 / 6 ـ المکتبة الاسلامية، الايقاظ من الهجعة: 278 / 91، نشر نويد ـ طهران، الرجعة للاسترابادي: 55 / 30 ـ دار الاعتصام ـ قم.
(15) تفسير القمّي 1: 24، دار الکتاب ـ قم، مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان: 41، المطبعة الحيدريّة ـ النجف، بحار الانوار للعلاّمة المجلسي 53: 60 / 49 ـ المکتبة الاسلامية، الرجعة للاسترابادي: 77 / 48 ـ دار الاعتصام.
(16) الکهف: 47.
(17) المسائل السرويّة: 33، نشر مؤتمر الشيخ المفيد (رحمه الله).
(18) النور: 55.
(19) الکافي 1: 150 / 3.
(20) مجمع البيان 7: 239.
(21) غافر: 11.
(22) المسائل السرويّة: 33.
(23) الانبياء: 95.
(24) تفسير القمّي 1: 24، دار الکتاب ـ قم، مختصر بصائر الدرجات ـ للحسن بن سليمان: 41 ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف، بحار الانوار ـ للعلاّمة المجلسي 53: 60 / 49 دار الکتب الاسلامية، الايقاظ من الهجعة ـ للحرّ العاملي: 89 ـ نشر نويد ـ قم.
(25) راجع البحار 53: 52 / 29 ـ دار الکتب الاسلامية.
(26) غافر: 51.
(27) تفسير القمّي 2: 258 ـ دار الکتاب ـ قم، مختصر بصائر الدرجات ـ للحسن بن سليمان: 45 ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف الاشرف، کامل الزيارات لابن قولويه: 63 / 2 ـ النجف الاشرف.
(28) المسائل الحاجبيّة: 74 ـ نشر مؤتمر الشيخ المفيد (رحمه الله).
(29) الايقاظ من الهجعة: 45 و430 ـ نشر نويد ـ قم.
(30) الايقاظ من الهجعة: 26 ـ نشر نويد ـ قم.
(31) بحار الانوار 53: 122.
(32) المطلق من الخيل: ما لا تحجيل في إحدي قوائمه.
(33) العَصْب: ضرب من البرود.
(34) دلائل الامامة: 470 / 461، حلية الابرار 2: 646.
(35) بحار الانوار 53: 59 / 45 ـ دار الکتب الاسلامية ـ طهران.
(36) بحار الانوار 53: 60 / 48، والاية من سورة الممتحنة: 13.
(37) بحار الانوار 52: 337 / 77.
(38) بحار الانوار 53: 40 / 5.
(39) غيبة الطوسي: 276، بحار الانوار 53: 91 / 98.
(40) بحار الانوار 52: 275 / 167.
******************
المصنفون في الرجعة
لم يقتصر علماء الامامية ومصنّفوهم علي إيراد أحاديث الرجعة ضمن باب الغيبة من مصنّفاتهم وحسب، بل أفردوها في تأليف خاصّ بها، وفي ما يلي نذکر بعض الکتب المصنّفة في الرجعة:
1- إثبات الرجعة - للشيخ أبي محمّد الفضل بن شاذان بن الخليل الازدي النيسابوري المتوفّي سنة 260 هـ، وهو فقيه متکلّم جليل القدر، من أصحاب الامام الجواد والهادي والعسکري (عليهم السلام). والموجود من هذا الکتاب (منتخب إثبات الرجعة) وله أيضاً کتاب (الرجعة وأحاديثها) کما صرّح به أيضاً النجاشي، وهو في غيبة الحجّة صاحب الزمان (عليه السلام) ويعرف بکتاب الغيبة.(1)
2- إثبات الرجعة - للعلاّمة الشيخ أبي منصور جمال الدين الحسن بن يوسف ابن المطهّر الحلّي، المتوفّي سنة 726 هـ.(2)
3- إثبات الرجعة - للمحقّق الکرکي الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي المتوفّي سنة 940.(3)
4- إثبات الرجعة - للشيخ شرف الدين يحيي البحراني تلميذ المحقّق الکرکي ونائبه في بلدة يزد.(4)
5- إثبات الرجعة - للسيّد محمود بن فتح الله الحسيني الکاظمي النجفي معاصر الشيخ الحرّ العاملي، وهو الذي عناه الحرّ العاملي في مقدّمة کتابه (الايقاظ من الهجعة).(5)
6- إثبات الرجعة - للمحقّق آقا جمال الدين محمّد بن آقا حسين الخوانساري المتوفّي سنة 1125 هـ.(6)
7- إثبات الرجعة - للشيخ سليمان بن احمد آل عبد الجبّار القطيفي نزيل مسقط، المتوفّي سنة 1266 هـ.(7)
8- إثبات الرجعة - للمفتي مير محمّد عبّاس بن علي أکبر الموسوي التستري اللکهنوي المتوفّي سنة 1306 هـ في لکهنو.(8)
9- إثبات الرجعة - للمولي سلطان محمّد بن غلام علي الطبسي.(9)
10- إثبات الرجعة - للشيخ الفاضل محمّد رضا الطبسي، فارسي طبع في النجف سنة 1354 هـ وترجم للاُردوية.(10)
11- إثبات الرجعة - معرّب کتاب الفاضل الطبسي المذکور أعلاه، للاديب السيّد محسن نوات طبع في النجف سنة 1355 هـ.(11)
12- إثبات الرجعة - للسيّد العلاّمة أبي محمّد الحسن بن السيّد الهادي الموسوي العاملي الکاظمي آل صدر الدين.(12)
13- إثبات الرجعة - للميرزا حسن بن المولي عبد الرزّاق اللاهيجي القمّي صاحب شمع اليقين، فارسي کتبه لبعض الاُمراء مرتّباً علي مقدّمة وأربعة فصول.(13)
14- إرشاد الجهلة المصرّين علي إنکار الغيبة والرجعة - لم يذکر اسم مؤلّفه - وقد استظهر الشيخ آقا بزرک أنّه للمولي محمّد هاشم الهروي الخراساني.(14)
15- الامامية والرجعة - للميرزا عبد الله رزاق الهمداني، کتبه ردّاً علي کتاب الاسلام والرجعة لشريعت سنگلجي.(15)
16- الايقاظ من الهجعة بالبرهان علي الرجعة - للمحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي، المتوفّي سنة 1104 ه(16)، وهو أوسع کتاب في بابه، فقد ضمّنه نحو 600 حديث و64 آية وأدلّة وقرائن بالبرهان علي الرجعة، فرغ منه سنة 1075، مطبوع بتصحيح السيّد هاشم الرسولي المحلاّتي مع ترجمته الفارسية، بقلم الاُستاذ احمد جنّتي.
17- بشارة الفرح - للمولي محمّد بن عاشور الکرمانشاهي.(17)
18- تحقيق الرجعة - طبع في الهند باللغة الاُردوية(18)، ومؤلّفه غير معروف.
19- الجواهر المنضودة في إثبات الرجعة الموعودة - للشيخ احمد بيان بن المولي حسن الواعظ الاصفهاني، المولود سنة 1314 هـ.(19)
20- حياة الاموات - للاقا حسين بن جمال الدين محمّد بن حسين الخوانساري المتوفّي سنة 1131 هـ.(20)
21- حياة الاموات بعد الموت - للشيخ احمد بن إبراهيم بن احمد بن صالح الدرازي البحراني، المتوفّي سنة 1131 هـ.(21)
22- دحض البدعة في إنکار الرجعة - للشيخ محمّد علي بن حسن علي الهمداني الحائري المولود سنة 1293 هـ.(22)
23- الرجعة - للحسن بن علي بن أبي حمزة.(23)
24- الرجعة - لاحمد بن داود بن سعيد الفزاري، أبو يحيي الجرجاني.(24)
25- الرجعة - للشيخ محمّد بن مسعود العياشي صاحب التفسير.(25)
26- الرجعة - للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي، المتوفّي سنة 381.(26)
27- الرجعة - للشيخ الحسن بن سليمان الحلّي، تلميذ الشهيد الاوّل، وهو صاحب مختصر بصائر الدرجات.(27)
28- الرجعة - للميرزا محمّد مؤمن الحسيني الاسترابادي، الشهيد في مکّة سنة 1088 هـ مع جمع من الشيعة(28)، والکتاب مطبوع بتحقيق الاُستاذ فارس حسّون کريم.
29- الرجعة - مختصر فارسي للمولي حبيب الله الکاشاني، المتوفّي سنة 1340 هـ، وطبع بهامش کتاب خواصّ الاسماء بعنوان رسالة في الرجعة، في سنة 1329 هـ.(29)
30- الرجعة وأحاديثها - للفضل بن شاذان بن الخليل الازدي النيسابوري، المتوفّي سنة 260 هـ، وهو غير إثبات الرجعة له أيضاً، وهذا هو الذي يعبّر عنه بکتاب الغيبة.(30)
31- الرجعة وأحاديثها المنقولة عن آل العصمة (عليهم السلام) - بالترجمة إلي الفارسية، للسيّد احمد بن الحسن بن إسماعيل، فرغ منه سنة 1277 هـ.(31)
32- رسالة في الرجعة - للعلاّمة المجلسي، المتوفّي سنة 1111 هـ، ذکرها تلميذه العلاّمة الافندي في ترجمته له.(32)
33- الشيعة والرجعة - للشيخ محمّد رضا الطبسي النجفي، مطبوع في النجف سنة 1975 م.
34- مختصر إثبات الرجعة - للفضل بن شاذان بن الخليل الازدي النيسابوري، المتوفّي سنة 260 هـ، مطبوع في مجلّة تراثنا، العدد (15) الصفحة 193 - السنة الرابعة، بتحقيق السيّد باسم الموسوي.
35- النجعة في إثبات الرجعة - للسيّد علي نقي النقوي اللکهنوي، وهي مقالة نشرها في مجلّة الرضوان سنة 1353 هـ.(33)
الاجماع
نقل جماعة من علمائنا إجماع الامامية علي اعتقاد صحّة الرجعة وإطباقهم علي نقل أحاديثها وروايتها، وعلي أنّها من اعتقادات أهل العصمة (عليهم السلام)، وکلّ ما کان من اعتقاداتهم فهو حقّ، وتأوّلوا معارضها علي شذوذ وندور.
قال الشيخ الجليل رئيس المحدّثين أبو جعفر بن بابويه (رحمه الله) في کتاب (الاعتقادات) باب الاعتقاد بالرجعة: اعتقادنا - يعني الامامية - في الرجعة أنّها حقّ.(34)
وقال الشيخ المفيد (رحمه الله):
اتّفقت الامامية علي رجعة کثير من الاموات إلي الدنيا قبل يوم القيامة، وإن کان بينهم في معني الرجعة اختلاف.(35)
ونقل الاجماع السيّد المرتضي علم الهدي (رحمه الله) في أکثر من موضع من رسائله، قال في (الدمشقيات): قد اجتمعت الامامية علي أنّ الله تعالي عند ظهور القائم صاحب الزمان (عليه السلام) يعيد قوماً من أوليائه لنصرته والابتهاج بدولته، وقوماً من أعدائه يفعل بهم ما يستحقّ من العذاب، وإجماع هذه الطائفة قد بيّنا في غير موضع من کتبنا أنّه حجّة، لانّ المعصوم فيهم، فيجب القطع علي ثبوت الرجعة مضافاً إلي جوازها في القدرة.(36)
وقال في جواب المسائل التي وردت إليه من الري: الطريق إلي إثبات الرجعة إجماع الامامية علي وقوعها، فإنّهم لا يختلفون في ذلک، وإجماعهم قد بيّنا في مواضع من کتبنا أنّه حجّة لدخول قول الامام فيه، وما يشتمل علي قول المعصوم من الاقوال لا بدّ فيه من کونه صواباً (37) ونقل هذا عنه الشيخ ابن شهرآشوب (رحمه الله) في (متشابه القرآن).(38)
وقال الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في تفسيره: إنّ الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقولة فيتطرّق إليها التأويل عليها - أي علي رجوع الدولة دون رجوع أعيان الاشخاص - وإنّما المعوّل في ذلک علي إجماع الشيعة الاماميّة، وإن کانت الاخبار تعضده وتؤيّده.(39)
وألّف الشيخ الحسن بن سليمان بن خالد القمّي رسالة في الرجعة قال فيها: الرجعة ممّـا أجمع عليه علماؤنا بل جميع الامامية.(40)
من هم الراجعون
يقول الشيخ المفيد: إنّ الله تعالي يردّ قوماً من الاموات إلي الدنيا في صورهم التي کانوا عليها، فيعزّ منهم فريقاً، ويذلّ فريقاً، ويديل المحقّين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين، وذلک عند قيام مهدي آل محمّد (عليه السلام).
وإنّ الراجعين إلي الدنيا فريقان: أحدهما من علت درجته في الايمان، وکثرت أعماله الصالحات وخرج من الدنيا علي اجتناب الکبائر الموبقات، فيريه الله عزّ وجلّ دولة الحقّ ويعزّه بها، ويعطيه من الدنيا ما کان يتمنّاه، والاخر من بلغ الغاية في الفساد، وانتهي في خلاف المحقّين إلي أقصي الغايات، وکثر ظلمه لاولياء الله، واقترافه السيّئات، فينتصر الله تعالي لمن تعدّي عليه قبل الممات، ويشفي غيظهم منه بما يحلّه من النقمات.
ثمّ يصير الفريقان من بعد ذلک إلي الموت، ومن بعده إلي النشور وما يستحقّونه من دوام الثواب والعقاب، وقد جاء القرآن بصحّة ذلک وتظاهرت به الاخبار، والامامية بأجمعها عليه إلاّ شذاذاً منهم تأوّلوا ما ورد فيه علي وجه يخالف ما وصفناه.(41)
ممّـا تقدّم تبيّن أنّ الرجعة خاصة، ويدلّ علي ذلک أيضاً قوله تعالي: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً)(42) وقوله تعالي: (وَحَرَامٌ عَلَي قَرْيَة أهْلَکْنَاهَا أنّهمْ لا يَرْجِعُون)(43)، وقد تقدّم القول فيهما.
ويستفاد من مجموع الاخبار المستفيضة من طرق الامامية أنّ الراجعين صنفان من المؤمنين والکافرين، فقد روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (إنّ الرجعة ليست بعامّة، وهي خاصّة، لا يرجع إلاّ من محض الايمان محضاً ومحض الشرک محضاً)(44)، أمّا سوي هذين الصنفين فلا رجوع لهم إلي يوم المآب.
ومن حصيلة مجموع الروايات الواردة في هذا الباب نلاحظ أنّها تنصّ علي رجعة رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)(45) والامام الحسين (عليه السلام)(46) وکذلک باقي الائمة والانبياء (عليهم السلام).(47)
وتنصّ کذلک علي رجعة عدد من أنصار الامام المهدي (عليه السلام) ووزرائه، وبعض أصحاب الائمة وشيعتهم(48)، ورجعة الشهداء والمؤمنين.(49)
ومن جانب آخر تنصّ علي رجعة الظالمين وأعداء الله ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام)(50)، وخصوم الانبياء والمؤمنين، ومحاربي أهل الحقّ والمنافقين(51)، وجميع هؤلاء لا يخرجون من الصنفين المذکورين في الحديث المتقدّم.
الرجعة واصول الاسلام
تعتقد الشيعة الامامية بالرجعة من بين الفرق الاسلامية طبقاً لما ورد وصحّ من الاحاديث المروية عن أهل بيت الرسالة (سلام الله عليهم)، وليس هذا بمعني أنّ عقيدة الرجعة تعدّ واحدة من اُصول الدين، ولا هي في مرتبة الاعتقاد بالله وتوحيده وبدرجة النبوّة والمعاد.
ولا يترتّب علي الاعتقاد بالرجعة إنکار لايّ حکم ضروري من أحکام الاسلام، وليس ثمّة تضادّ بين هذا الاعتقاد وبين اُصول الاسلام.
يقول الشيخ المظفّر: إنّ الاعتقاد بالرجعة لا يخدش في عقيدة التوحيد، ولا في عقيدة النبوّة، بل يؤکّد صحّة العقيدتين، إذ الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالي کالبعث والنشر، وهي من الاُمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تکون معجزة لنبيّنا محمّد وآل بيته (صلّي الله عليه وعليهم)، وهي عيناً معجزة إحياء الموتي التي کانت للمسيح (عليه السلام) بل (هي) أبلغ هنا لأنّها بعد أن يصبح الاموات رميماً (قَالَ مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيم ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أنْشَأهَا أوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِکُلِّ خَلْق عَلِيم).(52)
ويقول: والرجعة ليست من الاُصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها، وإنّما اعتقادنا بها کان تبعاً للاثار الصحيحة الواردة عن آل البيت (عليهم السلام) الذين ندين بعصمتهم من الکذب، وهي من الاُمور الغيبية التي أخبروا عنها، ولا يمتنع وقوعها.(53)
الهوامش:
(1) الذريعة 1: 95، الفهرست للشيخ الطوسي: 124 / 552.
(2) الذريعة 1: 92.
(3) الذريعة 1: 93.
(4) الذريعة 1: 95.
(5) الذريعة 1: 94.
(6) الذريعة 1: 91.
(7) الذريعة 1: 92.
(8) الذريعة 1: 93.
(9) الذريعة 1: 94.
(10) الذريعة 1: 92.
(11) الذريعة 1: 92.
(12) الذريعة 1: 92.
(13) الذريعة 1: 92.
(14) الذريعة 1: 513.
(15) الايقاظ من الهجعة: 6 ـ المقدّمة.
(16) الذريعة 1: 94 و2: 506.
(17) الذريعة 3: 116.
(18) الذريعة 3: 483.
(19) الذريعة 5: 290.
(20) الذريعة 7: 116.
(21) الذريعة 8: 50.
(22) الذريعة 8: 50.
(23) رجال النجاشي: 37.
(24) رجال النجاشي: 454، الفهرست للشيخ الطوسي: 33 / 9.
(25) رجال النجاشي: 351، الفهرست للشيخ الطوسي: 138 / 593، الذريعة 10: 163.
(26) رجال النجاشي: 389، بحار الانوار 110: 118.
(27) بحار الانوار 1: 16، الذريعة 1: 91.
(28) بحار الانوار 105: 79، الذريعة 10: 163.
(29) الذريعة 10: 161 و11: 187.
(30) الذريعة 10: 162.
(31) الذريعة 10: 161.
(32) بحار الانوار 105: 49.
(33) الذريعة 1: 93 و24: 608.
(34) الاعتقادات ـ للشيخ الصدوق: 60 ـ نشر مؤتمر الشيخ المفيد (رحمه الله).
(35) أوائل المقالات ـ للشيخ المفيد: 46 ـ نشر مؤتمر الشيخ المفيد (رحمه الله). والاختلاف الذي أشار إليه وقع في تأويل معني الرجعة علي رجوع الدولة والامر والنهي دون رجوع أعيان الاشخاص وإحياء الاموات.
(36) رسائل الشريف المرتضي 3: 136 ـ الدمشقيات ـ دار القرآن الکريم ـ قم.
(37) رسائل الشريف المرتضي 1: 125 ـ دار القرآن الکريم ـ قم.
(38) متشابه القرآن ومختلفه ـ لابن شهرآشوب 2: 97 ـ نشر بيدار ـ قم.
(39) مجمع البيان للعلاّمة الطبرسي 7: 367 ـ دار المعرفة ـ بيروت.
(40) الايقاظ من الهجعة ـ للحرّ العاملي: 43 ـ نشر نويد ـ قم.
(41) أوائل المقالات: 77 ـ رقم 55 نشر مؤتمر الشيخ المفيد.
(42) النمل: 83.
(43) الانبياء: 95.
(44) مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان: 24 المطبعة الحيدرية ـ النجف، بحار الانوار للعلاّمة المجلسي 53: 39 / 1 ـ دار الکتب الاسلامية.
(45) تفسير القمّي 2: 147 ـ دار الکتاب ـ قم، غيبة النعماني: 234 / 22 مکتبة الصدوق ـ طهران، الخرائج والجرائح للقطب الراوندي 2: 848 ـ مؤسسة الامام المهدي ـ قم، مختصر بصائر الدرجات: 17 و24 و26 و28 و29، بحار الانوار 53: 39 / 2 و42 / 10 و46 / 19 و56 / 33 و91 / 96.
(46) الکافي للشيخ الکليني 8: 206 / 250 دار الکتب الاسلامية، مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان: 24 و28 و29 المطبعة الحيدرية ـ النجف، بحار الانوار 53: 39 / 1 و43 / 14 و89 / 90.
(47) تفسير القمّي 1: 25 و106، 2: 147 دار الکتاب ـ قم، تفسير العياشي 1: 181 / 76 المکتبة العلمية ـ طهران، مختصر بصائر الدرجات: 26 و28، بحار الانوار 53: 41 / 9 و45 / 18 و54 / 32 و56 / 38 و61 / 50.
(48) رجال الکشّي: 217 / 391، الکافي 8: 50 / 14، تفسير العياشي 2: 32 / 90 و259 / 28، دلائل الامامة: 247 و248، روضة الواعظين: 266، بحار الانوار 53: 40 / 7، 70 / 67، 76 / 81، 76 / 82، 92 / 102.
(49) تفسير العياشي 1: 181 / 77 و2: 112 / 139، مختصر بصائر الدرجات: 19، بحار الانوار 53: 65 / 58 و70: 67.
(50) الاُصول الستّة عشر: 43 ـ 44، بحار الانوار 53: 54 / 32.
(51) دلائل الامامة: 247، تفسير القمّي 1: 385، مختصر بصائر الدرجات: 194.
(52) عقائد الامامية: 109 ـ تحقيق مؤسسة البعثة ـ قم، والاية من سورة يس: 78 و79.
(53) عقائد الامامية: 113 ـ تحقيق مؤسسة البعثة ـ قم.
******************
حکم منکري الرجعة
علي ضوء ما تقدّم تبيّن لنا أنّ الرجعة ليست من اُصول الدين عند الامامية کما يعتقد البعض، ولو کانت کذلک لما وقع بينهم الاختلاف في تأويلها، ولحکموا علي منکريها بالکفر والخروج من الاسلام.
فالشيعة الامامية مع اعتقادهم بالرجعة التي أخذوها عن أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّهم لا يحکمون علي منکريها بالکفر، لأنّها من ضروريات المذهب الشيعي، لا من ضروريات الاسلام، وفيما يلي نستفتي بعض أعلام الطائفة في هذا الخصوص:
1- يقول السيّد محسن الامين العاملي (رحمه الله): ولا يأثم منکر الرجعة الذي لم تثبت عنده، وإنّما هي شبه أمر تأريخي وحادث من حوادث المستقبل، فمن صحّت أخبارها عنده لم يسعه إنکارها، ولم يکن في اعتقادها ضرر ديني، ومن لم يرَ أخبارها ولم تصحّ عنده فهو في سعة من عدم الاعتقاد بها.(1)
2- ويقول الشيخ محمّد حسين کاشف الغطاء (رحمه الله): ليس التديّن بالرجعة في مذهب التشيّع بلازم ولا إنکارها بضارّ، وإن کانت ضرورية عندهم، ولکن لا يناط التشيّع بها وجوداً وعدماً، وليست هي إلاّ کبعض أنباء الغيب وحوادث المستقبل وأشراط الساعة مثل نزول عيسي من السماء وظهور الدجّال وخروج السفياني وأمثالها من القضايا الشائعة عند المسلمين وما هي من الاسلام في شيء، ليس إنکارها خروجاً منه، ولا الاعتراف بها بذاته دخولاً فيه، وکذا حال الرجعة عند الشيعة.(2)
3- ويقول الشيخ محمّد جواد مغنية: أمّا الاخبار المرويّة في الرجعة عن أهل البيت (عليهم السلام) فهي کالاحاديث في الدجّال التي رواها مسلم في صحيحه القسم الثاني من الجزء 2 الصفحة 1316 طبعة سنة 1348 هـ، ورواها أيضاً أبو داود في سننه الجزء 2 الصفحة 542، طبعة سنة 1952، وکالاحاديث التي رويت عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) في أنّ أعمال الاحياء تعرض علي أقاربهم الاموات في کتاب مجمع الزوائد للهيثمي الجزء 1 الصفحة 228 طبعة سنة 1352 هـ.
إنّ هذه الاحاديث التي رواها السنّة في الدجّال وعرض أعمال الاحياء علي الاموات وما إلي ذاک تماماً کالاخبار التي رواها الشيعة في الرجعة عن أهل البيت (عليهم السلام)، فمن شاء آمن بها، ومن شاء جحدها، ولا بأس عليه في الحالين، وما أکثر هذا النوع من الاحاديث في کتب الفريقين.(3)
الرجعة عند العامة
ليس للرجعة في کتب أهل السنّة أثر يذکر سيّما بالمعني الذي جاء في روايات أهل البيت (عليهم السلام)، إلاّ علي سبيل بيان آراء الشيعة والتشنيع عليهم، ولکنّهم نقلوا روايات في رجوع الاموات إلي الحياة الدنيا ولم يستنکروها بل عدّوها من المعاجز والکرامات.
وقد أ لّف ابن أبي الدنيا أبو بکر عبد الله بن محمّد بن عبيد بن سفيان الاُموي القرشي المتوفّي سنة 281 هـ (4) کتاباً في ذلک عنوانه (من عاش بعد الموت) وصدر هذا الکتاب محقّقاً عن دار الکتب العلمية في بيروت سنة 1987 م.
وأفرد أبو نعيم الاصفهاني في (الدلائل) والسيوطي في (الخصائص) باباً في معجزات الرسول (صلي الله عليه وآله) في إحياء الموتي(5)، وروي الماوردي والقاضي عياض بعض معجزاته (صلي الله عليه وآله) في إحياء الموتي(6)، وذکر السيوطي کرامات في إحياء الموتي لغير النبيّ (صلي الله عليه وآله).
ورووا أنّ زيد بن حارثة(7) والربيع بن خراش(8) ورجلاً من الانصار(9) قد تکلّموا بعد الموت، وأنّ ربعي بن خراش الغطفاني تبسّم بعد الموت(10)، وأنّ أبا القاسم الطلحي إسماعيل بن محمّد الحافظ قد ستر سوأته بعد موته(11)، وأنّ شيبان النخعي - وقيل: نباتة بن يزيد - أحيا حماره(12)، وأنّ أبا المعالي سراج الدين الرفاعي المتوفّي سنة 885 هـ أحيا شاةً، وأمات رجلاً،(13) وأنّ أبا بکر بن عبد الله باعلوي المتوفّي سنة 914 أحيا امرأةً ميّتة وعاشت مدّة طويلة(14)، وأنّ الماجشون مات وحيي(15)، وغيرها ممّـا يفوق حدّ الاحصاء.
ومن يروي مثل هذه الروايات مخبتاً إليها دون أي غمز فيها، لماذا يستحيل القول بالرجعة، وهل الرجعة إلاّ رجوع الحياة للميّت بعد زهوق نفسه، والاخبار التي ذکرناها ما هي إلاّ من مصاديقها وتدلّ علي جوهرية إمکانها وجوازها عقلاً.
السيوطي يقول برؤية النبي في اليقظة
وقد قال الحافظ جلال الدين السيوطي بالرجعة، لکن بمعني مختلف عن الذي تقول به الامامية، فقد ادّعي إمکانية رؤية النبيّ (صلي الله عليه وآله) في اليقظة، وأ لّف رسالة في ذلک هي (إمکان رؤية النبي والملک في اليقظة) وادّعي السيوطي رؤيته للنبيّ (صلي الله عليه وآله) بضعاً وسبعين مرّة کلّها في اليقظة.
واعتقاد السيوطي هذا شبيه باعتقاد الشيعة بالرجعة، وقوله برجوع النبيّ(صلي الله عليه وآله) في اليقظة لا يختلف عن قول الشيعة برجوع بعض الاموات إلي الحياة، فلماذا يشنّع علي الشيعة لاعتقادهم بالرجعة، ولا يشنّع علي السيوطي؟! بل إنّه ما زال محلّ احترام وتقدير من جميع المذاهب، فکلّ من يطعن بعقيدة الشيعة في الرجعة، فهو طاعن بالسيوطي الملقّب بشيخ الاسلام.(16)
اشراط الساعة تدل علي الرجعة
ومن أحاديث أشراط الساعة الدالّة علي الرجعة عند العامة ما رواه الثعلبي، في تفسير قوله: (إذْ أوَي الفِتْيَةُ إلَي الکَهْفِ)(17)، وذکر حديث البساط وسيرهم إلي الکهف، ويقظتهم.
ثمّ قال: وأخذوا مضاجعهم، فصاروا إلي رقدتهم إلي آخر الزمان عند خروج المهدي (عليه السلام)، يقال: إنّ المهدي (عليه السلام) يسلّم عليهم فيحييهم الله عزّ وجلّ، ثمّ يرجعون إلي رقدتهم، فلا يقومون إلي يوم القيامة.(18)
وهو يدلّ علي رجعتهم في آخر الزمان.
ومنها ما أخرجه ابن مردويه في تفسيره من حديث ابن عباس مرفوعاً قال: أصحاب الکهف أعوان المهدي(19)، وهو يدلّ علي رجعتهم في زمان الامام المهدي (عليه السلام).
ومن أشراط الساعة ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه لخطبة أمير المؤمنين (عليه السلام): (حتّي يظنّ الظانّ أنّ الدنيا معقولة علي بني اُميّة)(20) قال: وهذه الخطبة طويلة، وقد حذف الرضي (رحمه الله تعالي) منها کثيراً، ومن جملتها: (والله والله، لا ترون الذي تنتظرون حتّي لا تَدعُون الله إلاّ إشارة بأيديکم وإيماضاً بحواجبکم، وحتّي لا تملکون من الارض إلاّ مواضع أقدامکم، وحتّي يکون موضع سلاحکم علي ظهورکم، فيومئذ لا ينصرني إلاّ الله بملائکته، ومن کتب علي قلبه الايمان، والذي نفس عليّ بيده لا تقوم عصابة تطلب لي ولغيري حقّاً، وتدفع عنّا ضيماً، إلاّ صرعتهم البليّة، حتّي تقوم عصابةٌ شهدت مع محمّد (صلي الله عليه وآله) بدراً...).(21)
وهو واضح الدلالة علي رجعة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي الحياة الدنيا وقتاله الظالمين مع عصابة من الملائکة.
الحذر من الخرافات
وفي هذا الصدد ينبغي الالتفات إلي أنّ هناک بعض الخرافات التي تمتزج أحياناً في الحديث عن الرجعة فتشوّه وجهها في نظر البعض حتّي من الشيعة الامامية، يقول الحرّ العاملي (رحمه الله) في مقدّمة کتابه (الايقاظ من الهجعة): قد جمع بعض السادات المعاصرين رسالة (إثبات الرجعة)(22) التي وعد الله بها المؤمنين والنبيّ والائمة الطاهرين (سلام الله عليهم أجمعين) وفيها أشياء غريبة مستبعدة لم يعلم من أين نقلها، ليظهر أنّها من الکتب المعتمدة، فکان ذلک سبباً لتوقّف بعض الشيعة عن قبولها حتّي انتهي إلي إنکار أصل الرجعة وحاول إبطال برهانها ودليلها، وربما مال إلي صرفها عن ظاهرها وتأويلها، مع أنّ الاخبار بها متواترة والادلّة العقلية والنقلية علي إمکانها ووقوعها کثيرة متظاهرة.(23)
إذن يجب أن نعوّل علي الاحاديث الصحيحة في هذا الشأن، وأن نتجنّب الاحاديث المشکوکة والمطعون فيها.
احتجاجات في الرجعة
وردت عدّة مناظرات للدفاع عن عقيدة الرجعة، أجاب فيها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأعلام الطائفة عن شبهات المخالفين للقول بها، ومصحّحين بعض الاراء التي تعترض لاصحابهم، وفيما يلي نذکر بعضها:
احتجاج أمير المؤمنين علي
روي الحسن بن سليمان الحلّي بالاسناد عن الاصبغ بن نباتة، قال: إنّ عبد الله ابن الکوّاء اليشکري قام إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ أبا المعتمر تکلّم آنفاً بکلام لا يحتمله قلبي.
فقال: وما ذاک؟
قال: يزعم أنّک حدّثته أنّک سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إنّا قد رأينا وسمعنا برجل أکبر سنّاً من أبيه؟
فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فهذا الذي کبر عليک؟
قال: نعم، فهل تؤمن أنت بهذا وتعرفه؟
فقال: نعم، ويلک يا ابن الکوّاء، افقه عنّي اُخبرک عن ذلک، إنّ عزيراً خرج من أهله وامرأته في شهرها، وله يومئذ خمسون سنة، فلمّـا ابتلاه الله عزّ وجلّ بذنبه أماته مائة عام ثمّ بعثه، فرجع إلي أهله وهو ابن خمسين سنة، فاستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة، وردّ الله عزيراً في السنّ الذي کان به.
فقال: أسألک ما نريد؟
فقال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): سل عمّـا بدا لک.
فقال: نعم، إنّ اُناساً من أصحابک يزعمون أنّهم يردّون بعد الموت.
فقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): نعم، تکلّم بما سمعت ولا تزد في الکلام، فما قلت لهم؟
قال: قلت: لا اُؤمن بشيء ممّـا قلتم.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ويلک إنّ الله عزّ وجلّ ابتلي قوماً بما کان من ذنوبهم، فأماتهم قبل آجالهم التي سمّيت لهم ثمّ ردّهم إلي الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثمّ أماتهم بعد ذلک.
قال: فکَبُر علي ابن الکوّاء ولم يهتد له، فقال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): ويلک تعلم أنّ الله عزّ وجلّ قال في کتابه: (وَاخْتَارَ مُوسَي قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا)(24) فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملا من بني إسرائيل أنّ ربّي قد کلّمني، فلو أنّهم سلّموا ذلک له، وصدّقوا به، لکان خيراً لهم، ولکنّهم قالوا لموسي (عليه السلام): (لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّي نَرَي اللهَ جَهْرَةً) قال الله عزّ وجلّ: (فَأخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) يعني الموت (وَأنْتُمْ تَنْظُرُونَ ، ثُمَّ بَعَثْنَاکُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُون)(25)، أفتري يا ابن الکوّاء أنّ هؤلاء قد رجعوا إلي منازلهم بعدما ماتوا؟ فقال ابن الکوّاء: وما ذاک ثمّ أماتهم مکانهم؟
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ويلک، أوَ ليس قد أخبرک الله في کتابه حيث يقول: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْکُمُ الغَمَامَ وَأنْزَلْنَا عَلَيْکُمُ المَنَّ وَالسَّلْوَي)(26) فهذا بعد الموت إذ بعثهم.
وأيضاً مثلهم يا بن الکوّاء الملا من بني إسرائيل حيث يقول الله عزّ وجلّ: (ألَمْ تَرَ إلَي الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ اُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحْياهُمْ).(27)
وقوله أيضاً في عزير حيث أخبر الله عزّ وجلّ فقال: (أوْ کَالَّذِي مَرَّ عَلَي قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَي عُرُوشِهَا قَالَ أنّي يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأمَاتَهُ اللهُ) وأخذه بذلک الذنب (مَائَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ) وردّه إلي الدنيا (قَالَ کَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أوْ بَعْضَ يَوْم قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مَائَةَ عَام)(28) فلا تشکنّ يا ابن الکوّاء في قدرة الله عزّ وجلّ.(29)
احتجاج السيد الحميري
هو إسماعيل بن محمّد بن يزيد الحميري، أبو هاشم، شاعر إمامي متقدّم، أکثر شعره في مدح آل البيت (عليهم السلام)، کان ثقة جليل القدر، عظيم المنزلة، لقي الامام الصادق (عليه السلام)، وعدّه أبو عبيدة من أشعر المحدثين، وجعله أبو الفرج ثالث ثلاثة هم أکثر الناس شعراً في الجاهلية والاسلام. ولد في نعمان سنة 105 هـ ومات ببغداد سنة 173 هـ.
روي الشيخ المفيد (رحمه الله) عن الحارث بن عبيد الله الربعي، أنّه قال: کنت جالساً في مجلس المنصور وهو بالجسر الاکبر وسوار القاضي عنده والسيّد الحميري ينشده:
إنّ الاله الذي لا شيء يشبهه آتاکم الملک للدنيا وللدينِ
حتّي أتي علي القصيدة والمنصور مسرور، فقال سوار: هذا والله يا أمير المؤمنين يعطيک بلسانه ما ليس في قلبه، والله إنّ القوم الذين يدين بحبّهم لغيرکم، وإنّه لينطوي في عداوتکم - إلي أن قال: - يا أمير المؤمنين، إنّه يقول بالرجعة، ويتناول الشيخين بالسبّ والوقيعة فيهما.
فقال السيّد: أمّا قوله بأنّي أقول بالرجعة، فإنّ قولي في ذلک علي ما قال الله تعالي: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ اُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُکِذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ)(30)، وقد قال في موضع آخر: (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أحَداً)(31)، فعلمت أنّ ها هنا حشرين: أحدهما عام، والاخر خاصّ.
وقال سبحانه: (رَبَّنَا أمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلَي خُرُوج مِنْ سَبِيل)(32)، وقال الله تعالي: (فَأمَاتَهُ اللهُ مَائَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ)(33)، وقال الله تعالي: (ألَمْ تَرَ إلَي الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ اُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحْياهُمْ)(34)، فهذا کتاب الله عزّ وجلّ.
وقد قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يحشر المتکبّرون في صور الذرّ يوم القيامة. وقال (صلي الله عليه وآله): لم يجرِ في بني إسرائيل شيء إلاّ ويکون في اُمّتي مثله حتّي المسخ والخسف والقذف، وقال حذيفة: والله ما أبعد أن يمسخ الله کثيراً من هذه الاُمّة قردة وخنازير.
فالرجعة التي أذهب إليها هي ما نطق به القرآن وجاءت به السنّة، وإنّي لاعتقد أنّ الله تعالي يردّ هذا - يعني سواراً - إلي الدنيا کلباً وقرداً وخنزيراً و
ذرة، فإنّه والله متکبّر متجبّر کافر.
فضحک المنصور وأنشأ السيّد يقول:
جاثيت سوّاراً أبا شملة
فقال قولاً خطأ کلّه عند الامام الحاکم العادلِ
عند الوري الحافي والناعلِ
حتّي أتي علي القصيدة، قال: فقال المنصور: کفّ عنه. فقال السيّد: يا أمير المؤمنين، البادئ أظلم، يکفّ عنّي حتّي أکفّ عنه.
فقال المنصور لسوار: تکلّم بکلام فيه نَصَفة، کفّ عنه حتّي لا يهجوک.(35)
احتجاج السيد محسن الامين العاملي
هو السيّد محسن بن عبد الکريم الامين الحسيني العاملي، من أشهر علماء عصره، ولد في شقراء ـ لبنان نحو سنة 1284 هـ، وتوفّي في بيروت سنة 1371 هـ، له کتاب أعيان الشيعة، والرحيق المختوم (شعر)، والحصون المنيعة، والمجالس السنيّة، وغيرها.
في معرض ردوده علي احمد أمين في افتراءاته علي الشيعة الاماميّة التي أوردها في کتابه (ضحي الاسلام) وتراجع عن بعضها في أواخر حياته.
يقول احمد أمين: وأمّا الرجعة، فقد بدأ قوله - أي ابن سبأ - بأنّ محمّداً يرجع، ثمّ تحوّل إلي القول بأنّ عليّاً يرجع، وفکرة الرجعة أخذها ابن سبأ من اليهودية، فعندهم أنّ النبيّ إلياس صعد إلي السماء، وسيعود فيعيد الدين والقانون ووجدت الفکرة في النصرانية أيضاً في عصورها الاُولي.(36)
يقول السيّد محسن الامين (رحمه الله): سواء أکان ابن سبأ أخذ فکرة الرجعة من اليهوديّة أم من غيرها، فإن صحّت الرواية بها، کانت کأمر تأريخي لا علاقة له بالعقائد الدينية، وإن لم تصحّ لم يقل بها أحد، فليست الرجعة ممّـا يجب اعتقاده ويضرّعدم الاعتقاد به، ولکن فکرة الرجعة أوّل من قال بها عمر بن الخطّاب، روي ابن سعد في الطبقات بسنده عن ابن عباس، أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: ائتوني بدواة وصحيفة أکتب لکم کتاباً لن تضلّوا بعده أبداً، قال عمر: من لفلانة وفلانة - مدائن الروم - إنّ رسول الله ليس بميّت حتّي نفتحها، ولو مات لانتظرناه کما انتظرت بنو إسرائيل موسي.
وقال الطبري وابن سعد وغيرهما: لمّـا توفّي رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال عمر: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) والله ما مات، ولکنّه ذهب إلي ربّه کما ذهب موسي بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثمّ رجع بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنّه قد مات.(37)
الهوامش:
(1) أعيان الشيعة 1: 57 ـ المقدّمة ـ دار التعارف ـ بيروت.
(2) أصل الشيعة واُصولها: 167 ـ نشر مؤسسة الامام علي (عليه السلام) ـ قم.
(3) الشيعة والتشيّع: 56.
(4) ترجم له الخطيب في تأريخ بغداد 10: 89 ـ دار الکتب العلمية.
(5) دلائل النبوّة لابي نعيم: 223، حيدر آباد ـ الهند، الخصائص الکبري للسيوطي 2: 110 ـ 114، دار الکتب العلمية.
(6) أعلام النبوّة للماوردي: 141، الشفا 1: 614 ـ مؤسسة علوم القرآن ـ عمّان.
(7) الغدير للشيخ الاميني 11: 103 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن الاستيعاب 1: 192، البداية والنهاية 6: 156 و158، الروض الانف 2: 370، الاصابة 1: 565 و2: 24، تهذيب التهذيب 3: 410، الخصائص الکبري 2: 85، شرح الشفا للخفاجي 3: 105 و108.
(8) الغدير للشيخ الاميني 11: 113 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن البداية والنهاية 6: 158، الروض الانف 2: 370، صفة الصفوة 3: 19.
(9) الغدير للشيخ الاميني 11: 105 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن البداية والنهاية 6: 158.
(10) الغدير للشيخ الاميني 11: 119 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن صفة الصفوة 2: 19، طبقات الشعراني 1: 37، تأريخ ابن عساکر 5: 298.
(11) الغدير للشيخ الاميني 11: 167 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن المنتظم 10: 90، البداية والنهاية 12: 217.
(12) الغدير للشيخ الاميني 11: 106 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن البداية والنهاية 6: 153 و292، الاصابة 2: 169.
(13) الغدير للشيخ الاميني 11: 187 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن روض الناظرين للامام ضياء الدين الوتري: 112.
(14) الغدير للشيخ الاميني 11: 190 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن شذرات الذهب 8: 63، النور السافر: 84.
(15) الغدير للشيخ الاميني 11: 167 دار الکتب الاسلامية ـ طهران، عن وفيات الاعيان 2: 461، مرآة الجنان 1: 351، تهذيب التهذيب 11: 389، شذرات الذهب 1: 259.
(16) ورکبت السفينة / خليفات: 644 ـ مرکز الغدير ـ قم.
(17) الکهف: 10.
(18) عقد الدرر / المقدسي الشافعي: 192، العمدة لابن البطريق: 431 / 903، عن تفسير الثعلبي.
(19) البرهان / المتّقي الهندي: 150 / 15.
(20) نهج البلاغة: 120 / خطبة 87 ـ صبحي الصالح.
(21) شرح ابن أبي الحديد 6: 382.
(22) وهي للسيّد محمود بن فتح الله الحسيني الکاظمي النجفي معاصر الشيخ الحرّ العاملي. راجع الذريعة للشيخ آقا بزرک 1: 94، دار الاضواء ـ بيروت.
(23) الايقاظ من الهجعة للحرّ العاملي: 3 ـ نشر نويد.
(24) الاعراف: 155.
(25) البقرة: 55 ـ 56.
(26) البقرة: 57.
(27) البقرة: 243.
(28) البقرة: 259.
(29) مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان: 22 المطبعة الحيدرية ـ النجف، بحار الانوار 53: 72 / 72، الايقاظ من الهجعة: 185 / 42 نشر نويد ـ قم، الرجعة للاسترابادي: 49 / 23 دار الاعتصام.
(30) النمل: 83.
(31) الکهف: 47.
(32) غافر: 11.
(33) البقرة: 259.
(34) البقرة: 243.
(35) الفصول المختارة للسيّد المرتضي: 93 ـ 95 ـ نشر مؤتمر الشيخ المفيد (رحمه الله).
(36) ضحي الاسلام 1: 356 ـ الطبعة 3.
(37) أعيان الشيعة 1: 53 دار التعارف ـ بيروت، وراجع السيرة النبوية لابن هشام 4: 305 ـ مصطفي البابي ـ مصر، والطبقات الکبري لابن سعد 2: 266 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
******************
مدة ملکه
المروي من طريق العامّة أنّ مدّة ملک المهدي (عليه السلام) هي خمس سنين، وسبع، وثمان، وتسع، وأربع عشرة وعشرين وأربعين سنة، وفيما يلي الروايات والاخبار الواردة من طرقهم:
1- عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): المهدي منّي، وهو أجلي الجبهة، أقني الانف، يملا الارض قسطاً وعدلاً، کما ملئت جوراً وظلماً، يملک سبع سنين.(1)
قال أبو داود: قال بعضهم عن هشام: تسع سنين، وقال بعضهم: سبع، وعن قتادة بهذا الحديث، وقال: تسع سنين، قال أبو داود: وقال غير معاذ عن هشام: تسع سنين.(2)
2- ومن کتاب (فضائل الکوفة) لابي عبد الله محمّد بن علي العلوي، يرفعه إلي أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يملک المهدي الناس تسعاً وعشراً، أسعد الناس به أهل الکوفة.(3)
3- وعن حذيفة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): المهدي رجل من ولدي، وجهه کالقمر الدرّي، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً، يرضي بخلافته أهل السماء وأهل الارض والطير في الهواء، يملک عشرين سنة.(4)
4- وروي عن محمّد بن الحنفية أنّه قال: ينزل خليفة من بني هاشم بيت المقدس، يملا الارض عدلاً، يبني بيت المقدس بناءً لم يبنَ مثله، يملک أربعين سنة.(5)
5- وعن دينار بن دينار، قال: بقاء المهدي أربعون سنة.(6)
6- وروي الحموئي، بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لا تقوم الساعة حتّي يملک الارض رجل من أهل بيتي، أجلي، أقني، يملا الارض عدلاً کما ملئت قبله ظلماً، يکون سبع سنين.(7)
7- وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يکون المهدي في اُمّتي، فإن قصر عمره فسبع، وإلاّ فثمان وتسع، تتنعّم اُمّتي في زمانه تنعّماً لم يتنعّموا بمثله قطّ، البَرّ منهم والفاجر، ترسل السماء عليهم مدراراً، ولا تحبس الارض شيئاً من نباتها، ويکون المال کُدوساً،(8) يأتيه الرجل فيسأله فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.(9)
8- وعن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، قال: تُملا الارض ظلماً وجوراً، فيقوم رجل من عترتي فيملاها قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، يملک سبعاً وتسعاً.(10)
9- وعن زيد العمّي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يکون بعد نبيّنا حدَث، فسألنا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فقال: إنّ في اُمّتي المهدي، يخرج فيعيش خمساً وسبعاً وتسعاً - زيد الشاکّ -. قال: قلنا: وما ذاک؟ قال: سنين، فيجيء الرجل إليه فيقول: يا مهدي أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.
قال الحافظ الترمذي: حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبيّ (صلي الله عليه وآله).(11)
10- وعن الزهري، قال: يعيش المهدي أربع عشرة سنة ثمّ يموت.(12)
11- وروي الحاکم وغيره بالاسناد عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): المهدي منّا أهل البيت، أشمّ الانف أقني، أجلي، يملا الارض قسطاً وعدلاً، کما ملئت جوراً وظلماً، يعيش هکذا - وبسط يساره وإصبعين من يمينه: المُسبّحة والابهام، وعقد ثلاثة -(13) أي سبع سنين.
أمّا المروي من طرق الشيعة في تحديد مدّة ملک الامام المهدي (عليه السلام) من يوم قيامه إلي يوم وفاته، فهو تسع عشرة سنة وأشهر، وأربعين سنة، وسبعين سنة، ومائة وعشرون سنة.
12- روي عبد الکريم الخثعمي، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): کم يملک القائم (عليه السلام)؟ قال: سبع سنين، تطول له الايام والليالي حتّي تکون السنة من سنيّه مقدار عشر سنين من سنيّکم، فيکون سنوّ ملکه سبعين سنة من سنينکم هذه.(14)
13- وعن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: القائم من ولدي يعمّر عمر خليل الرحمن، ويلبث فيها أربعين سنة، يملا الارض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً.(15)
14- وعن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ملک القائم منّا تسع عشرة سنة وأشهر.(16)
15- وعن جابر بن يزيد الجعفي - في حديث - قال: قلت لابي جعفر محمّد ابن علي (عليه السلام): کم يقوم القائم (عليه السلام) في عالمه حتّي يموت؟ قال: تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلي يوم موته.(17)
ممّـا تقدّم يتّضح أنّه لا يمکن القطع بمدّة ملک الامام المهدي (عليه السلام).
قال الشيخ المفيد عليه الرحمة، بعد ذکر رواية السبع سنين التي کلّ سنة مقدارها عشر سنين التي تقدّمت، ما لفظه:
وقد روي أنّ مدّة دولة القائم (عليه السلام) تسع عشرة سنة تطول أيامها وشهورها علي ما قدّمناه، وهذا أمر مغيب عنّا، وإنّما اُلقي إلينا منه ما يفعله الله تعالي بشرط يعلمه من المصالح المعلومة جلّ اسمه، فلسنا نقطع علي أحد الامرين، وإن کانت الرواية بذکر سبع سنين أظهر وأکثر.(18)
وجمع العلاّمة المجلسي بين الاخبار المتعارضة التي قدّمناها بقوله:
والاخبار المختلفة في أيام ملکه بعضها محمول علي جميع مدّة ملکه، وبعضها علي زمان استقرار دولته، وبعضها علي حساب ما عندنا من الشهور والسنين، وبعضها علي سنيّه وشهوره الطويلة، والله أعلم.(19)
ويريد بسنينه وشهوره أنّ فترة اليوم والشهر والسنة تختلف عمّـا هي عليه قبل الظهور، کما قدّمنا في الحديث، وعن أبي بصير - في حديث عن الباقر (عليه السلام) - قال: يأمر الله تعالي الفلک في زمانه فيبطئ في دوره حتّي يکون اليوم في أيامه کعشرة أيام، والشهر کعشرة أشهر، والسنة کعشر سنين من سنيّکم.(20)
وذکر الشيخ احمد بن حجر في رسالته التي سمّـاها (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر):
إنّ روايات سبع سنين هي أکثر الروايات وأشهرها، ووردت روايات اُخر تخالف هذه، منها تسع عشرة سنة وأشهراً، ومنها عشرون سنة، وفي اُخري أربعون سنة، وفي اُخري أربع وعشرون سنة، وفي اُخري ثلاثون، وفي اُخري أربعون سنة، منها تسع سنين من خلافته يهادن فيها الروم.
ويمکن الجمع علي تقدير صحّة الکلّ بأنّ ملکه متفاوت الظهور والقوّة، فيحمل التحديد بالاکثر من السبع کالاربعين علي أنّه باعتبار مدّة الملک من حيث هو هو، وبالسبع وبأقلّ منها علي أنّه باعتبار غاية ظهوره وقوّته، وبنحو العشرين علي أنّها أمر وسط بين الابتداء والانتهاء، والله أعلم.(21)
موته
جاء في کثير من الاحاديث أنّ آخر من يموت هو الامام، ولا تخلو الارض من حجّة لله علي عباده، منها ما رواه کرّام عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لو کان الناس رجلين لکان أحدهما الامام، وقال (عليه السلام): إنّ آخر من يموت الامام، لئلاّ يحتجّ أحد علي الله عزّ وجلّ أنّه ترکه بغير حجّة لله عليه.(22)
لکن جاء في أخبار وروايات اُخري أنّ الحجّة (عليه السلام) ينقطع عن الارض أربعين يوماً قبل القيامة، منها ما رواه عبد الله بن سليمان العامري عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا ينقطع الحجّة من الارض إلاّ أربعين يوماً قبل يوم القيامة، وإذا رفعت الحجّة اُغلقت أبواب التوبة، ولم ينفع نفس إيمانها لم تکن آمنت من قبل أن ترفع الحجّة.(23)
وفي کتب العامّة کثير من الاخبار التي تصرّح بموته (عليه السلام) وقتله بعد أن يملک الارض أربع عشر سنة، وفي رواية: إحدي وعشرون، وفي اُخري: أربعون، وقد جمع الروايات المتعلّقة بذلک المتّقي الهندي في کتابه (البرهان).(24)
ومنها ما رواه أبو داود في السنن عن اُمّ سلمة، في حديث عن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، قالت: قال: يلبث سبع سنين، ثمّ يتوفّي، ويصلّي عليه المسلمون.(25)
ويمکن الجمع بين الروايات التي تصرّح بعدم خلوّ الارض من حجّة وأنّ آخر من يموت هو الامام، وبين الاُخري التي تدلّ علي موت الحجّة (عليه السلام) بما روي عن الائمة (عليهم السلام) من أنّهم يکرّون بعده إلي الدنيا لئلاّ تخلو الارض من حجّة، منها ما رواه الشيخ الکليني بالاسناد عن عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث - قال: يخرج الحسين (عليه السلام) في سبعين من أصحابه، عليهم البيض المذهّب، لکلّ بيضة وجهان، المؤدّون إلي الناس أنّ هذا الحسين قد خرج حتّي لا يشکّ المؤمنون فيه، وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان، والحجّة قائم بين أظهرهم، فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين (عليه السلام) جاء الحجّة الموت، فيکون الذي يغسّله ويکفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي (عليه السلام) ولا يلي الوصيّ إلاّ الوصيّ.(26)
ما بعد دولته
إنّ الاحداث التي تکون بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام) منوطة بالغيب، ولم نتکلّف ببحثها ومعرفة طبيعتها، لکن بالنظر لوجود بعض الاخبار والاحاديث المتضمّنة وصفاً للاحداث الواقعة بعد دولة العدل والحقّ، فإنّنا سنتعرّض لها بالبيان والايضاح.
لقد جاء من طريق الفريقين أنّ الائمة بعد النبيّ المصطفي (صلي الله عليه وآله) اثنا عشر، ونصّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) عليهم بأسمائهم، والامام المهدي (عليه السلام) هو آخر الائمة المعصومين، وجاء عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أيضاً أنّه قال: إنّي تارک فيکم الثقلين: کتاب الله وعترتي، ولن يفترقا حتّي يَرِدا عليّ الحوض، ومنه يتبيّن أنّ قيام الساعة يکون بوفاة الامام المهدي (عليه السلام)، لثبوت أنّ الارض لا تخلو من حجّة، وهو يدلّ علي عدم وجود أيّ دولة بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام)، وقال بذلک عدّة من الاعلام.
منهم الشيخ المفيد (رحمه الله) حيث قال: وليس بعد دولة القائم (عليه السلام) لاحد دولة إلاّ ما جاءت به الرواية من قيام ولده إن شاء الله ذلک، ولم ترد به علي القطع والثبات. وأکثر الروايات أنّه لن يمضي مهديّ هذه الاُمّة (عليه السلام) إلاّ قبل القيامة بأربعين يوماً يکون فيها الهرج، وعلامة خروج الاموات، وقيام الساعة للحساب والجزاء، والله أعلم بما يکون، وهو وليّ التوفيق للصواب، وإيّاه نسأل العصمة من الضلال، ونستهدي به إلي سبيل الرشاد.(27)
وقال العلاّمة الطبرسي: وجاءت الرواية الصحيحة بأنّه ليس بعد دولة القائم (عليه السلام) دولة لاحد، إلاّ ما روي من قيام ولده إن شاء الله تعالي ذلک، ولم ترد به الرواية علي القطع والثبات، وأکثر الروايات أنّه لن يمضي (عليه السلام) من الدنيا إلاّ قبل القيامة بأربعين يوماً، يکون فيها الهرج، وعلامة خروج الاموات، وقيام الساعة، والله أعلم.(28)
وقال صاحب کتاب صراط المستقيم، وهو الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي: ليس بعد المهدي (عليه السلام) دولة واردة، إلاّ في رواية شاذّة من قيام أولاده من بعده، وما روي عن ابن عباس من قول النبيّ (صلي الله عليه وآله): لن تهلک اُمّة أنا أوّلها، وعيسي ابن مريم آخرها، والمهدي في وسطها.
ومثله روي عن أنس، وهاتان تدلاّن علي دولة بعد دولته، وأکثر الروايات أنّه لا يمضي إلاّ قبل القيامة بأربعين يوماً، وهو زمان الهرج ; وعلامة خروج الاموات للحساب.(29)
ونحن نفهم من قوله (صلي الله عليه وآله) (عيسي بن مريم آخرها) أنّ ظهور عيسي (عليه السلام) يکون بعد ظهور الامام المهدي (عليه السلام) وقد قدّمنا في أوّل الفصل أنّ عيسي (عليه السلام) يموت في زمان الامام (عليه السلام)، وأنّ الامام (عليه السلام) هو الذي يتولّي دفنه، وعليه فليس ثمّة دولة لعيسي (عليه السلام) بعد دولة المهدي (عليه السلام).
روي ابن أبي عمير عن الامام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
لکلّ اُناس دولة يرقبونها ودولتنا في آخر الدهر تظهرُ(30)
وعن أبي صادق، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: دولتنا آخر الدول، ولن يبقي أهل بيت لهم دولة إلاّ ملکوا قبلنا، لئلاّ يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملکنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عزّ وجلّ: (وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين).(31)
مضامين الاحاديث
والملاحظ أنّ الاحاديث والاخبار التي تعالج موضوع ما بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام) يمکن تقسيمها إلي ثلاثة أقسام:
الاحاديث القائلة بالفترة
هناک طائفة من الاحاديث صرّحت بأنّه ليس ثمّة دولة بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام)، لکن توجد فترة بين موته (عليه السلام) وبين قيام القيامة، وهي أربعون يوماً، تکون فيها أشراط الساعة ومقدّمات قيام الساعة.
منها ما رواه الشيخ الاجلّ أبو جعفر الکليني، في باب تسمية من رآه (عليه السلام)، بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري، أنّه سأل العمري (رحمه الله)، فقال له: إنّي اُريد أن أسألک عن شيء، وما أنا بشاکّ فيما اُريد أن أسألک عنه، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الارض لا تخلو من حجّة إلاّ إذا کان قبل القيامة بأربعين يوماً، فإذا کان ذلک رفعت الحجّة، واُغلق باب التوبة، فلم يک ينفع نفساً إيمانها لم تکن آمنت من قبل وکسبت في إيمانها خيراً، فاُولئک شرار من خلق الله وهم الذين تقوم عليهم القيامة، ولکنّي أحببت أن أزداد يقيناً، إلي آخر الحديث.(32)
وفي باب اتّصال الوصيّة من لدن آدم من کتاب (کمال الدين) لابن بابويه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن محمّد، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما زالت الارض إلاّ ولِلّه تعالي فيها حجّة يعرف الحلال من الحرام، ويدعو إلي سبيل الله، ولا تنقطع الحجّة من الارض إلاّ أربعين يوماً قبل القيامة، وإذا رفعت الحجّة اُغلق باب التوبة، فلا ينفع نفساً إيمانها لم تکن آمنت من قبل وکسبت في إيمانها خيراً، اُولئک شرار خلق الله، وهم الذين تقوم عليهم القيامة.
وروي البرقي في المحاسن، عن عليّ بن الحکم، عن الربيع بن محمّد مثله.(33)
وروي ابن بابويه في کتاب (الخصال) في باب الاثني عشر، عن عبد الله بن محمّد، عن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن علي، عن أبي اُسامة، عن ابن مبارک، عن معمر، عمّن سمع وهب بن منبّه، يقول: يکون بعدي اثنا عشر خليفة، ثمّ يکون الهرج، ثمّ يکون کذا وکذا.(34)
قال العلاّمة الحرّ العاملي: أمّا حديث وفاة المهدي (عليه السلام) قبل القيامة بأربعين يوماً، فقد ورد من طرق متعدّدة، والاحاديث في أنّ الارض لا تخلو من حجّة کثيرة، والادلّة العقليّة علي ذلک قائمة، وأحاديث حصر الائمة في الاثني عشر أيضاً کثيرة جدّاً، ويحتمل هنا وجوه.
أحدها: أن يکون خلوّ الارض من إمام علي ظاهره في هذه الاربعين، ويکون موت الناس وجميع المکلّفين قبل الامام، وتکون في تلک المدّة اليسيرة خالية من المکلّفين ومن الامام، ولا ينافي ذلک ما روي من خروج المهدي (عليه السلام) من الدنيا شهيداً، لامکان أن يسقيه أحد السمّ ويضربه بالسيف ونحوه، ثمّ يموت القاتل.
وثانيها: أن يکون إشارة إلي قوم لا يموتون عند موت صاحب الزمان (عليه السلام)، بل يصيرون في حکم الاموات وبمنزلة المعدومين، لارتفاع التکليف عنهم، لفقدهم العقل وغير ذلک، کاقتضاء الحکمة الالهيّة انقضاء مدّة التکليف وقيام الساعة.
ولعلّ هؤلاء الجماعة المشار إليهم بقوله تعالي: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصُعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ إلاّ مَنْ شَاءَ) وحينئذ تخصّص الاحاديث المعارضة المشار إليها بزمان التکليف، ويحمل الحجّة فيها علي ما هو أعمّ من الامام والعقل.
وثالثها: أن يکون المراد بالاربعين يوماً مدّة الرجعة، ويکون ذلک إشارة إلي قلّتها، فإنّه يعبّر بالسبعين عن الکثرة، وبما دونها عن القلّة، وإشارة إلي قوله تعالي: (وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّکَ کَألْفِ سَنَة مِمَّـا تَعُدُّون) ويکون وفاة جميع المکلّفين قبل المهدي (عليه السلام)، ويکون أهل الرجعة غير مکلّفين.(35)
الهوامش:
(1) العمدة: 433 / 910، سنن أبي داود 4: 107 / 4285.
(2) سنن أبي داود 4: 107 / 4286، البيان في أخبار صاحب الزمان: 494.
(3) إحقاق الحقّ 13: 258.
(4) الفردوس 4: 221 / 6667، ذخائر العقبي: 136، عقد الدرر: 18، الصواعق المحرقة: 164.
(5) عقد الدرر: 241، الملاحم والفتن: 80.
(6) البرهان / المتّقي الهندي: 163.
(7) فرائد السمطين 2: 324 / 574.
(8) الکدوس: المجتمع من کلّ شيء نحو الحبّ المحصود والتمر والدراهم وغيرها.
(9) الفردوس 5: 457 / 8737، الملاحم والفتن: 71.
(10) کشف الغمّة 2: 468، عن الاربعين لابي نعيم.
(11) البيان في أخبار صاحب الزمان: 492، سنن الترمذي 5: 506 / 2232.
(12) البرهان / المتّقي الهندي: 163.
(13) مستدرک الحاکم 4: 557، فرائد السمطين 2: 330 / 580.
(14) الارشاد 2: 381، الفصول المهمّة: 302، بحار الانوار 52: 337 / 77.
(15) دلائل الامامة: 481 / 475، إثبات الهداة 7: 149 / 722.
(16) بحار الانوار 52: 298 / 59 و60 و299 / 62.
(17) بحار الانوار 52: 299 / 61.
(18) الارشاد 2: 387، أعيان الشيعة 2: 83، بحار الانوار 52: 340 / 87.
(19) بحار الانوار 52: 280، أعيان الشيعة 2: 83.
(20) بحار الانوار 52: 333 / 61.
(21) القول المختصر: 29، ونقله عنه المتّقي الهندي في البرهان: 163.
(22) الکافي 1: 180 / 3.
(23) الکافي 8: 206 / 250.
(24) البرهان: 164 ـ 169.
(25) سنن أبي داود 4: 107 / 4286.
(26) کمال الدين: 229 / 24.
(27) الارشاد 2: 387.
(28) إعلام الوري 2: 295 ـ مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(29) الايقاظ من الهجعة: 397.
(30) بحار الانوار 51: 143.
(31) بحار الانوار 52: 332 / 58، والاية من سورة الاعراف: 127.
(32) الايقاظ من الهجعة / الحرّ العاملي: 392.
(33) الايقاظ من الهجعة / الحرّ العاملي: 396.
(34) الايقاظ من الهجعة: 395.
(35) الايقاظ من الهجعة: 397 ـ 400.
******************
الاحاديث القائلة باثني عشر مهدياً
وأشارت بعض الاحاديث إلي أنّ هناک اثني عشر مهديّاً يکونون بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام)، وفي بعض الاخبار أنّهم من أولاد الحسين، وفي بعضها أنّهم من الشيعة الموالين، ويدعون الناس إلي موالاة أهل البيت (عليهم السلام) ومعرفة حقّهم، وفي بعضها أنّهم من ولاة عهد الامام المهدي (عليه السلام) وقوّامه، ومن أولاده (عليه السلام) کما تقدّم عن الشيخ المفيد (رحمه الله).
منها ما رواه الشيخ في کتاب الغيبة في جملة الاحاديث التي رواها من طرق العامّة في النصّ علي الائمة (عليهم السلام)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن عليّ بن سنان الموصلي العدل، عن عليّ بن الحسين، عن احمد بن محمّد بن الخليل، عن جعفر بن احمد البصري، عن عمّه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنّه قال في الليلة التي کانت فيها وفاته: يا أبا الحسن، أحضر دواةً وصحيفة، فأملي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وصيّته حتّي انتهي إلي هذا الموضع فقال: يا أبا الحسن، إنّه يکون بعدي اثنا عشر إماماً، ومن بعدهم اثنا عشر مهديّاً، فأنت يا عليّ أوّل الاثني عشر إماماً.
وذکر النصّ (عليه السلام) فقال: إذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلي ابنه محمّد المستحفظ من آل محمّد، فذلک اثنا عشر إماماً، ثمّ يکون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلي ابنه أوّل المقرّبين، له ثلاثة أسامي، اسم کاسمي، واسم کاسم أبي، وهو عبد الله واحمد، والثالث المهدي، هو أوّل المؤمنين.(1)
وروي الشيخ في کتاب (الغيبة) في آخره عن محمّد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الحميد، ومحمّد بن عيسي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: يا أبا حمزة، إنّ منّا بعد القائم اثني عشر مهديّاً من ولد الحسين (عليه السلام).(2)
وقد روي الصدوق في کتاب (کمال الدين وتمام النعمة)، عن عليّ بن احمد ابن موسي الدقّاق، عن محمّد بن أبي عبد الله الکوفي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: قلت للصادق (عليه السلام): سمعت من أبيک أنّه قال: يکون من بعد القائم اثنا عشر مهديّاً؟
فقال: قد قال اثنا عشر مهديّاً، ولم يقل اثنا عشر إماماً، ولکنّهم قوم، من شيعتنا يدعون الناس إلي ولايتنا ومعرفة فضلنا.(3)
وأورد الشيخ في (المصباح الکبير) دعاءً ذکر أنّه مرويّ عن صاحب الزمان (عليه السلام)، خرج إلي أبي الحسن الضرّاب الاصفهاني بمکّة، بإسناد لم نذکره اختصاراً، ثمّ أورد الدعاء بطوله إلي أن قال: اللهمّ صلّ علي محمّد المصطفي، وعليّ المرتضي، وفاطمة الزهراء، والحسن الرضا، والحسين المصطفي، وجميع الاوصياء مصابيح الدجي.
إلي أن قال: وصلّ علي وليّک وولاة أمرک والائمة من ولده، ومدّ في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلّغهم أقصي آمالهم ديناً ودنياً وآخرة، إنّک علي کلّ شيء قدير.
وروي أيضاً في المصباح بعده بغير فصل دعاءً مرويّاً عن الرضا (عليه السلام) فقال: روي عن يونس بن عبد الرحمن عن الرضا (عليه السلام) أنّه کان يأمر بالدعاء لصاحب الامر (عليه السلام) بهذا الدعاء: اللهمّ ادفع عن وليّک وخليفتک، إلي أن قال: اللهمّ وصلّ علي ولاة عهده والائمة من بعده وزد في آجالهم وبلّغهم آمالهم، إلي آخر الدعاء.(4)
وعن الحضرمي، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا في ذکر الکوفة: منها يظهر عدل الله، وفيها يکون قائمه والقوّام من بعده، وهي منازل النبيّين والاوصياء والصالحين.(5)
وللعلماء أقوال لا تخرج عن التأويل لهذه الاحاديث، نذکر فيما يلي بعضها:
1 - قال العلاّمة المجلسي (رحمه الله): هذه الاخبار مخالفة للمشهور، وطريق التأويل أحد وجهين:
الاوّل: أن يکون المراد بالاثني عشر مهديّاً النبيّ (صلي الله عليه وآله) وسائر الائمة سوي القائم (عليه السلام) بأن يکون ملکهم بعد القائم (عليه السلام)، وقد سبق أنّ الحسن بن سليمان أوّلها بجميع الائمة (عليهم السلام)، وقال برجعة القائم (عليه السلام) بعد موته وبه أيضاً يمکن الجمع بين بعض الاخبار المختلفة التي وردت في مدّة ملکه (عليه السلام).
والثاني: أن يکون هؤلاء المهديّون من أوصياء القائم (عليه السلام) هادين للخلق في زمن سائر الائمة الذين رجعوا لئلاّ يخلو الزمان من حجّة، وإن کان أوصياء الانبياء والائمة أيضاً حججاً، والله تعالي يعلم.(6)
وقال العلاّمة الحرّ العاملي: وأمّا أحاديث الاثني عشر فلا يخفي أنّها غير موجبة للقطع واليقين لندورها وقلّتها وکثرة معارضتها، وقد تواترت الاحاديث بأنّ الائمة اثنا عشر، وأنّ دولتهم ممدودة إلي يوم القيامة، وأنّ الثاني عشر خاتم الاوصياء والائمة والخلف، وأنّ الائمة من ولد الحسين إلي يوم القيامة، ونحو ذلک من العبارات، فلو کان يجب علينا الاقرار بإمامة اثني عشر بعدهم، لوصلت إلينا نصوص متواترة تقاوم تلک النصوص، لينظر في الجمع بينهما.
وقد نقل عن السيّد المرتضي أنّه جوّز ذلک علي وجه الامکان والاحتمال، وقال: لا نقطع بزوال التکليف عند موت المهدي (عليه السلام)، بل يجوز أن يبقي بعده أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله، ولا يخرجنا ذلک عن التسمية بالاثني عشريّة، لأنّا کلّفنا أن نعلم إمامتهم، وقد بيّنا ذلک بياناً شافياً، فانفردنا بذلک عن غيرنا.
ويؤيّده عدم الدليل العقلي القطعي علي النفي، وقبول الادلّة النقليّة للتقييد والتخصيص ونحوهما لو حصل ما يقاومهما، ولا يخفي أنّ الحديث المنقول أوّلاً من کتاب (الغيبة) من طرق العامّة، فلا حجّة فيه في هذا المعني، وإنّما هو حجّة في النصّ علي الاثني عشر، لموافقته لروايات الخاصّة، وقد ذکر الشيخ بعده وبعد عدّة أحاديث أنّه من روايات العامّة، والباقي ليس بصريح.
وقد جاء في الحديث ما هو صريح في أنّ المهدي (عليه السلام) له عقب، وها هنا احتمالات:
أوّلها: أن يکون البعدية غير زمانية، بل هي مثل قوله تعالي: (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) فيجوز کون المذکورين في زمن المهدي (عليه السلام)، ويکونوا نوّاباً له، کلّ واحد نائب في جهة، وفي مدّة.
وثانيها: أنّ قوله: من بعده، لا بدّ فيه من تقدير مضاف، فيمکن من بعد ولادته، ومن بعد غيبته، ويکون إشارة إلي السفراء والوکلاء علي الانس والجنّ، وإلي أعيان علماء شيعته في مدّة غيبته، ويمکن أن يقدّر من بعد خروجه، فيکونون نوّاباً له.
وثالثها: أن يکون ذلک محمولاً علي الرجعة، وهناک جملة من الاحاديث الواردة في الاخبار برجعتهم (عليهم السلام) علي وجه الخصوص، وجملة اُخري من الاحاديث الواردة في صحّة الرجعة علي وجه العموم في کلّ من محض الايمان محضاً ومحض الکفر محضاً، وکلّ واحد من القسمين قد تجاوز حدّ التواتر المعنوي بمراتب، وعلي هذا فالائمة من بعده هم الائمة من قبله قد رجعوا بعد موتهم، فلا ينافي ما ثبت من أنّ الائمة اثني عشر; لانّ العدد لا يزيد بالرجعة.(7)
الاحاديث القائلة بالرجعة بعد دولة الامام
وصرّحت بعض الاحاديث برجعة الائمة (عليهم السلام) بعد وفاة الامام المهدي(عليه السلام)، فقد روي عن الامام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الکرّة، ويوم القيامة(8)، وهو يدلّ علي أنّ هناک کرّة ورجعة بعد عصر الامام صاحب الزمان (عليه السلام).
ويستفاد من روايات الرجعة وأخبارها أنّ لامير المؤمنين (عليه السلام) کرّات عدّة(9)، وأنّ الامام الحسين (عليه السلام) يکرّ بعد عصر الظهور(10) وأنّ باقي الائمة (عليهم السلام) يرجعون أيضاً.(11)
وفي هذا السياق يقول السيّد عبد الله شبّر: يجب الايمان بأصل الرجعة إجمالاً، وأنّ بعض المؤمنين وبعض الکفّار يرجعون إلي الدنيا، وإيکال تفاصيلها إليهم، والاحاديث في رجعة أمير المؤمنين والحسين (عليهما السلام) متواترة معنيً، وفي باقي الائمة قريبة من التواتر، وکيفية رجوعهم هل هو علي الترتيب وغيره، فکِلْ علمه إلي الله سبحانه وإلي أوليائه.(12)
هذه هي أهمّ مضامين الاخبار الواردة في الامر بعد موت الامام الحجّة (عليه السلام)، وإنّنا لا نستطيع الجزم فيها، لأنّها من علم الغيب الذي اختصّ به الله تعالي، ولم يکلّفنا علمه، والله تعالي أعلم بحقيقة الحال، وله سبحانه المشيئة والارادة في خلقه.
إلي هنا اُنهي بحثي، ولله في خلقه شؤون.
الشبهات المثارة حول عقيدة المهدي
لا يخفي أنّه لا يکاد يوجد حقّ يخلو من شبهة تعارضه، ولقد تعرّضت عقائد الاسلام الحقّة لبعض إثارات المعاندين والمتطفّلين علي التراث الاسلامي العريق علي طول مسيرة التأريخ، وقد تذرّعوا بحجج هي أوهي من بيت العنکبوت کما سيتّضح لک من خلال الجواب عنها.
ولقد کانت تلک الاثارات وبحمد الله مجالاً رحباً لدراسات واسعة وخصبة حول إثبات هذه العقيدة الراسخة، والدفاع عنها والاحتجاج عليها بما يزيل الشکّ والريب، ويشدّد من دواعي الاطمئنان إلي عقيدة المهدي (عليه السلام) الذي بشّر به من لا ينطق عن الهوي إن هو إلاّ وحيٌ يوحي، وفيما يلي نعرض تلک الاثارات والتساؤلات ونبيّن الجواب عنها:
طول عمر الامام
قالوا: إنّ طول العمر بهذه المدّة مستبعد بل غير واقع عادة، کيف وقد مضي عليه الان ما يزيد عن ألف سنة؟
الجواب: إنّ الاستبعاد ليس دليلاً، ولا يعارض الدليل، وقد عرفت قيام الادلة العقلية والنقلية علي ولادته وغيبته، فهل يجوز أن ندفعها بالاستبعاد، مع أنّه لا استبعاد في ذلک بعد نصّ القرآن العظيم علي مثله في نوح، وأنّه لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً،(13) ونقل أنّه عاش ألفاً وثلاثمائة سنة. وفي رواية عن أنس ابن مالک عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أنّه عاش ألفاً وأربعمائة وخمسين سنة، وعاش آدم تسعمائة وثلاثين سنة کما هو مذکور في التوراة، وعاش شيث تسعمائة واثنتي عشرة سنة، وجاءت الروايات ببقاء الخضر إلي الان، وکذلک إلياس وإدريس.
ونصّ القرآن الکريم علي بقاء عيسي ورفعه إلي السماء(14)، وجاءت الروايات المتّفق عليها بين الفريقين علي أنّه ينزل عند خروج المهدي (عليه السلام) ويصلّي خلفه، فکيف جاز بقاء المأموم طول هذه المدّة وحياته، وامتنع بقاء الامام؟ هذا مع ما صحّ عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أنّه قال: کلّ ما کان في الاُمم السالفة يکون في هذه الاُمّة حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة.
وجاءت روايات الفريقين بحياة الدجّال، وهو کافر معاند مضلّ، وبقائه إلي خروج المهدي (عليه السلام)، فيقتله المهدي (عليه السلام)، فکيف امتنع في وليّ الله ما وقع مع عدوّ الله؟ ونسب معتقده إلي الجهل وسخافة العقل.
ونصّ الکتاب العزيز علي بقاء إبليس إلي يوم القيامة(15) وهو غاو مضلّ، وقد صنّف أبو حاتم السجستاني کتاباً خاصّاً بالمعمّرين.(16)
وقد نصّ القرآن الکريم علي بقاء أهل الکهف أحياءً وهم نيام، وکلبهم باسط ذراعيه بالوصيد(17)، فلبثوا في رقدتهم الاُولي ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً، کما نطق به القرآن العظيم، فأ يّهما أعجب وأغرب وأبعد، بقاء رجل يأکل ويشرب ويمشي وينام ويستيقظ ويتنظّف مدّة طويلة، أم بقاء أشخاص نيام في مکان واحد لا يأکلون ولا يشربون ولا يتنظّفون؟
وقد نصّ القرآن الکريم علي إماتة عزير مائة عام ثمّ إحيائه وطعامه لم يتسنّه ولم يتغيّر وحماره معه(18)، فأ يّهما أعجب وأدعي للاستغراب والاستبعاد، هذا أم بقاء المهدي (عليه السلام)؟
وقد نصّ الکتاب العزيز علي بقاء أهل الجنّة والنار(19)، وجاءت الاخبار بلا خلاف بأنّ أهل الجنّة لا يهرمون ولا يضعفون ولا يحدث بهم نقصان في الانفس والحواسّ.
قال السيّد محسن الامين (عليه الرحمة): وقد شاهدنا في زماننا بقاء الاجسام بعد الموت محفوظة بالادوية اُلوفاً من السنين في الملک الذي اُخرج من صيدا وهو في تابوت مغموراً بالماء لم يُفقَد من جسمه شيء، ونقل بتابوته إلي القسطنطينية في عهد السلطان عبد الحميد العثماني، وتأريخه قبل المسيح (عليه السلام)، وشاهدنا في مصر أجسام الفراعنة محنّطة باقية من عهد موسي (عليه السلام) وقبله بأکفانها والتماسيح المحنّطة والمعزي والحنطة والخبز وغير ذلک، وبهذه السنين استخرج في مصر أحد الفراعنة المسمّي (توت عنخ آمون) وجسمه لم يبل ومائدته أمامه عليها الفواکه، فإذا جاز علي الله تعالي أن يلهم عباده معرفة الادوية الحافظة لاجسام الموتي والحيوانات وغيرها اُلوفاً من السنين، أما يجوز عليه أن يطوّل عمر شخص ويبقيه حيّاً زماناً طويلاً؟
وقد ضرب السيّد ابن طاووس (رحمه الله) في کتاب (کشف المحجّة) مثلاً لرفع استبعاد بقاء المهدي حيّاً بين الناس مدّة طويلة وهم لا يعرفونه، حين حصلت بينه وبين بعض علماء بغداد من أهل السنّة مناظرة في ذلک، فقال: لو أنّ رجلاً حضر إلي بغداد وادّعي أنّه يستطيع المشي علي الماء، وضرب لذلک موعداً، أتري أنّ أحداً من أهل بغداد کان يتخلّف عن ذلک الموعد؟ لا شکّ أنّه يتخلّف أحد ويتخلّف النادر، ثمّ إذا حضر في اليوم المعيّن ومشي علي الماء، وقال: إنّه في اليوم الثاني يريد أن يفعل مثل ذلک، أفکان يحضر من الناس مثلما حضر في اليوم الاوّل؟ لا شکّ أنّ الحاضرين يکونون أقلّ من اليوم الاوّل بکثير، وإذا قال إنّه في اليوم الثالث يريد أن يفعل مثل ذلک، فلا شکّ أنّه لا يحضره أحد ويحضره النادر، وإذا تکرّر ذلک منه کثيراً لا ينظر إليه أحد، ولا يستغرب منه ذلک، فکذلک المهدي (عليه السلام) لمّـا کان بقاء مثله زمناً طويلاً قليل يستغربه الناس، ولو نظروا إلي تکرّر وقوعه في الاعصار السابقة يرتفع الاستغراب.
وأقول: إنّه في زماننا ونحن بدمشق جاء خبر بأنّ طيّارة عثمانية تريد المجيء إلي دمشق، ولم تکن الناس رأت الطائرات، فلم يبقَ بدمشق أحد إلاّ خرج للنظر إليها، فلمّـا جاءت ثانياً وثالثاً قلّ المتفرّجون، إلي أن صارت الطائرات اليوم بمنزلة الطيور لا ينظر إليها أحد ولا يستغرب أمرها.(20)
جواب العلامة الطبرسي
وأجاب العلاّمة الطبرسي عن مسألة طول عمر الامام المهدي (عليه السلام) بعد أن طرح التساؤل التالي:
قالوا: لا يمکن أن يکون في العالم بشرٌ له من السنّ ما تصفونه لامامکم، وهو مع ذلک کامل العقل، صحيح الحسّ؟ وأکثروا التعجّب من ذلک، وشنّعوا به علينا.
والجواب: أنّ من لزم طريق النظر، وفرّق بين المقدور والمحال، لم ينکر ذلک، إلاّ أن يعدل عن الانصاف إلي العناد والخلاف.
وطول العمر وخروجه عن المعتاد لا اعتراض به لامرين:
أحدهما: إنّا لا نسلّم أنّ ذلک خارق للعادة، لانّ تطاول الزمان لا ينافي وجود الحياة، وإنّ مرور الاوقات لا تأثير له في العلوم والقدر، ومن قرأ الاخبار ونظر فيما سطّر في الکتب من ذکر المعمّرين علم أنّ ذلک ممّـا جرت العادة به، وقد نطق القرآن بذکر نوح وأنّه لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً. وقد صنّفت الکتب في أخبار المعمّرين من العرب والعجم، وقد تظاهرت الاخبار بأنّ أطول بني آدم عمراً الخضر (عليه السلام)، وأجمعت الشيعة وأصحاب الحديث بل الاُمّة بأسرها - ما خلا المعتزلة والخوارج - علي أنّه موجود في هذا الزمان، حيّ کامل العقل، ووافقهم علي ذلک أکثر أهل الکتاب.
ولا خلاف في أنّ سلمان الفارسي أدرک رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وقد قارب من عمره أربعمائة عام.
وهب أنّ المعتزلة والخوارج يحملون أنفسهم علي دفع الاخبار، فکيف يمکنهم دفع القرآن وقد نطق بدوام أهل الجنّة والنار، وجاءت الاخبار بلا خلاف بين الاُمّة فيها بأنّ أهل الجنّة لا يهرمون ولا يضعفون، ولا يحدث بهم نقصان في الانفس.
ولو کان ذلک منکراً من جهة العقول لما جاء به القرآن، ولا حصل عليه الاجماع، ومن اعترف بالخضر (عليه السلام) لم يصحّ منه هذا الاستبعاد، ومن أنکره حَجّته الاخبار، وجاءت الرواية عن أنس بن مالک قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (لمّـا بعث الله نوحاً إلي قومه بعثه وهو ابن خمسين ومائتي سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً، وبقي بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة، فلمّـا أتاه ملک الموت (عليه السلام) قال له: يا نوح، يا أکبر الانبياء، ويا طويل العمر، ويا مجاب الدعوة، کيف رأيت الدنيا؟
قال: مثل رجل بني له بيت له بابان فدخل من واحد وخرج من الاخر).(21)
وکان لقمان بن عاد الکبير أطول الناس عمراً بعد الخضر، وذلک أنّه عاش ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة. ويقال: إنّه عاش عمر سبعة أنسر، وکان يأخذ فرخ النسر الذکر فيجعله في الجبل فيعيش النسر منها ما عاش، فإذا مات أخذ آخر فربّاه، حتّي کان آخرها لبد وکان أطولها عمراً فقيل: أتي أبد علي لبد.(22)
وعاش الربيع بن ضبع الفزاري ثلاثمائة سنة وأربعين سنة، وأدرک النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو الذي يقول:
ها أنا ذا آملُ الخلودَ وقد
أمّا امرئ القيس قد سمعتُ به أدرکَ عمري ومولدي حجرا
هيهات هيهات طال ذا عمرا
وهو القائل:
إذا عاش الفتي مائتين عاماً فقد أودي المسرّة والغناء
وله حديث طويل مع عبد الملک بن مروان.
وعاش المستوعر بن ربيعة ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين سنة، وهو الذي يقول:
ولقد سئمت من الحياة وطولها وعمّرتُ من بعد السنين سنينا
وعاش أکثم بن صيفي الاسدي ثلاثمائة وستّاً وأربعين سنة، وهو الذي يقول:
وإن امرءاً قد عاشَ تسعين حجّةً
خلت مائتانِ غير ستٍّ وأربع إلي مائة لم يسأم العيشَ جاهلُ
وذلک مَن عدّ الليالي قلائلُ
وکان ممّن أدرک النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) وآمن به، ومات قبل أن يلقاه.
وعاش دريد بن زيد أربعمائة سنة وستّاً وخمسين سنة، فلمّـا حضره الموت قال:
ألقي عليّ الدهر رِجلاً ويدا والدهر ما أصلحَ يوماً أفسدا
يُفسد ما أصلحه اليوم غدا
وعاش دريد بن الصمّة مائتي سنة، وقتل يوم حنين.
وعاش صيفيّ بن رياح بن أکثم مائتي سنة وسبعين سنة، لا يُنکر من عقله شيئاً وهو ذو الحلم، زعموا فيه ما قال المتلمّس:
لذي الحلمِ قبل اليوم ما يقرعُ العصا وما عُلّم الانسان إلاّ ليعلما
الهوامش:
(1) الايقاظ من الهجعة: 393.
(2) الايقاظ من الهجعة: 394، بحار الانوار 53: 145 / 2.
(3) الايقاظ من الهجعة: 403، بحار الانوار 53: 145 / 1.
(4) الايقاظ من الهجعة: 394.
(5) بحار الانوار 53: 148.
(6) بحار الانوار 53: 148 ـ 149.
(7) الايقاظ من الهجعة: 401 ـ 402.
(8) الخصال: 108 / 75، معاني الاخبار: 365 / 1.
(9) مختصر بصائر الدرجات: 29، بحار الانوار 53: 74 / 75 و98 / 114 و101 / 123.
(10) تفسير العياشي 2: 326 / 24، مختصر بصائر الدرجات: 48، الاختصاص: 257.
(11) تفسير القمّي 1: 25 و106، 2: 147، تفسير العياشي 1: 181 / 76، مختصر بصائر الدرجات: 26 و28، بحار الانوار 53: 41 / 9 و45 / 18 و54 / 32 و56 / 38 و61 / 50.
(12) حقّ اليقين 2: 35.
(13) العنکبوت: 14.
(14) النساء / 157 ـ 158.
(15) سورة الحجر: 37 ـ 38، وسورة ص: 80 ـ 81.
(16) کتاب (المعمّرون) طبع أوّل مرّة في مصر سنة 1323 هـ.
(17) الکهف: 18.
(18) البقرة: 259.
(19) الامثلة القرآنية حول خلود أهل الجنّة والنار کثيرة.
(20) أعيان الشيعة 2: 61 ـ 62، في رحاب أئمة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 69.
(21) راجع کتاب المقنع في الغيبة للسيّد المرتضي رحمه الله تعالي: 155.
(22) کمال الدين: 559.
******************
وعاش نصر بن دهمان بن سليم بن أشجع مائة وتسعين سنة حتّي سقطت أسنانه، وابيضّ رأسه، فاحتاج قومه إلي رأيه، فدعوا الله أن يردّ إليه عقله، فعاد إليه شبابه واسودّ شعره، فقال في ذلک سلمة بن الخرشب:
لنصر بن دهمان الهنيدة عاشها
وعادَ سوادُ الرأس بعد بياضهِ
وعاش مملياً في رخاء وغبطة وتسعين حولاً ثمّ قوّم فانصاتا
وراجعه شرخُ الشبابِ الذي فاتا
ولکنّه من بعد ذا کلّه ماتا
وعاش ضبيرة بن سعيد السهمي مائتين وعشرين سنة، وکان أسود الرأس صحيح الاسنان.
وعاش عمرو بن حممة الدوسي أربعمائة سنة، وهو الذي يقول:
کبرتُ وطالَ العمرُ حتّي کأنّني
فلا الموتُ أنساني ولکن تتابعتْ
ثلاث مئات قد مررنَ کوامِلاً سليمٌ يراعي ليله غير مودعِ
عليّ سنونٌ من مصيف ومرتعِ
وها أنا ذا أرتجي مرّ أربعِ
وروي الهيثم بن عديّ، عن مجاهد، عن الشعبي قال: کنّا عند ابن عبّاس في قبّة زمزم وهو يفتي الناس، فقام إليه أعرابي: فقال قد أفتيت أهل الفتوي فافتِ أهل الشعر.
فقال: قل.
قال: ما معني قول الشاعر:
لذي الحلمِ قبل اليوم ما يقرعُ العصا وما عُلّم الانسان إلاّ ليعلما
قال: ذلک عمرو بن حممة الدوسي، قضي علي العرب ثلاثمائة سنة. فلمّـا کبر ألزموه السادس والسابع من ولد ولده، فقال: إنّ فؤادي بضعة منّي، فربما تغيّر عليّ في اليوم مراراً، وأمثل ما أکون فهماً في صدر النهار، فإذا رأيتني قد تغيّرت فاقرع العصا، فکان إذا رأي منه تغيّر أقرع العصا فراجعه فهمه.
وعاش زهير بن حُبَاب بن عبد الله بن کنانة بن عوف أربعمائة سنة وعشرين سنة، وکان سيّداً مطاعاً شريفاً في قومه.
وعاش الحارث بن مضاض الجرهمي أربعمائة سنة، وهو القائل:
کأن لم يکن بين الحجونِ إلي الصفا
بلي نحنُ کنّا أهلها فأبارنا أنيسٌ ولم يسمرْ بمکّة سامرُ
صروفُ الليالي والجدودُ العواثرُ
وعاش عامر بن الظرب العدوانيّ مائة سنة، وکان من حکماء العرب، وله يقول ذو الاصبع:
ومنّا حکم يقضي ولا ينقض ما يقضي(1)
فهذا طرف يسير ممّـا ذکر من المعمّرين، وفي إيراد أکثرهم إطالة في الکتاب، وإذا ثبت أنّ الله سبحانه قد عمّر خلقاً من البشر ما ذکرناه من الاعمار، وبعضهم حجج الله تعالي وهم الانبياء، وبعضهم غير حجّة، وبعضهم کفّار، ولم يکن ذلک محالاً في قدرته، ولا منکراً في حکمته، ولا خارقاً للعادة، بل مألوفاً علي الاعصار، معروفاً عند جميع أهل الاديان، فما الذي ينکر من عمر صاحب الزمان أن يتطاول إلي غاية عمر بعض من سمّيناه، وهو حجّة الله تعالي علي خلقه، وأمينه علي سرّه، وخليفته في أرضه، وخاتم أوصياء نبيّه (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ وقد صحّ عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (کلّ ما کان في الاُمم السالفة فإنّه يکون في هذه الاُمّة مثله حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة).(2)
هذا وأکثر المسلمين يعترفون ببقاء المسيح (عليه السلام) حيّاً إلي هذه الغاية، شابّاً قويّاً، وليس في وجود الشباب مع طول الحياة - إن لم يثبت ما ذکرناه - أکثر من أنّه نقض للعادة في هذا الزمان، وذلک غير منکر علي ما نذکره.
والامر الاخر: أن نسلّم لمخالفينا أنّ طول العمر إلي هذا الحدّ مع وجود الشباب خارق للعادات - عادة زماننا هذا وغيره - وذلک جائز عندنا وعند أکثر المسلمين، فإنّ إظهار المعجزات عندهم وعندنا يجوز علي من ليس بنبيّ، من إمام ووليّ، لا ينکر ذلک من جميع الاُمّة إلاّ المعتزلة والخوارج، وإن سمّي بعض الاُمّة ذلک کرامات لا معجزات، ولا اعتبار بالاسماء، بل المراد خرق العادات، ومن أنکر ذلک في باب الائمة فإنّا لا نجد فرقاً بينه وبين البراهمة في إنکارهم إظهار المعجزات ونقض العادات لاحد من البشر، وإلاّ فليأتِ القوم بالفصل، وهيهات.(3)
جواب السيد الشهيد الصدر الاول
وأجاب السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر (رحمه الله) حول مسألة طول عمر الامام المهدي (عليه السلام) من جهة الامکان العملي والعلمي والفلسفي، وهو جواب متين نورده من بحثه حول المهدي (عليه السلام) المنشور في مقدّمة کتاب (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان) للمتّقي الهندي صاحب کنز العمّـال.
قال (رحمه الله): کيف تأتّي للمهدي هذا العمر الطويل؟
وبکلمة اُخري هل بالامکان أن يعيش الانسان قروناً کثيرة کما هو المفترض في هذا القائد المنتظر لتغيير العالم، الذي يبلغ عمره الشريف فعلاً أکثر من ألف ومائة وأربعين سنة، أي حوالي (14) مرّة من عمر الانسان الاعتيادي الذي يمرّ بکلّ المراحل الاعتيادية من الطفولة إلي الشيخوخة؟
وکلمة الامکان هنا تعني أحد ثلاثة معان: الامکان العملي، والامکان العلمي، والامکان المنطقي والفلسفي. وأقصد بالامکان العملي، أن يکون الشيء ممکناً علي نحو يتاح لي ولک ولانسان آخر فعلاً أن يحقّقه، فالسفر عبر المحيط، والوصول إلي قاع البحر، والصعود إلي القمر، أشياء أصبح لها إمکان عملي فعلاً. فهناک من يمارس هذه الاشياء فعلاً بشکل وآخر.
وأقصد بالامکان العلمي، أنّ هناک أشياء قد لا يکون بالامکان عملياً لي ولک، أن نمارسها فعلاً بوسائل المدنية المعاصرة، ولکن لا يوجد لدي العلم ولا تشير اتجاهاته المتحرّکة إلي ما يبرّر رفض إمکان هذه الاشياء ووقوعها وفقاً لظروف ووسائل خاصّة، فصعود الانسان إلي کوکب الزهرة لا يوجد في العلم ما يرفض وقوعه، بل إنّ اتجاهاته القائمة فعلاً تشير إلي إمکان ذلک، وإن لم يکن الصعود فعلاً ميسوراً لي ولک، لانّ الفارق بين الصعود إلي الزهرة والصعود إلي القمر ليس إلاّ فارق درجة، ولا يمثّل الصعود إلي الزهرة إلاّ مرحلة تذليل الصعاب الاضافية التي تنشأ من کون المسافة أبعد، فالصعود إلي الزهرة ممکن علمياً، وإن لم يکن ممکناً عملياً فعلاً.
وعلي العکس من ذلک الصعود إلي قرص الشمس في کبد السماء فإنّه غير ممکن علمياً، بمعني أنّ العلم لا أمل له في وقوع ذلک إذ لا يتصوّر علمياً وتجريبياً إمکانية صنع ذلک الدرع الواقي من الاحتراق بحرارة الشمس، التي تمثّل اُتوناً هائلاً مستعراً بأعلي درجة تخطر علي بال إنسان.
وأقصد بالامکان المنطقي والفلسفي أن لا يوجد لدي العقل وفق ما يدرکه من قوانين قبلية - أي سابقة علي التجربة - ما يبرّر رفض الشيء والحکم باستحالته.
فوجود ثلاث برتقالات تنقسم بالتساوي وبدون کسر إلي نصفين ليس له إمکان منطقي، لانّ العقل يدرک - قبل أن يمارس أيّ تجربة - أنّ الثلاثة عدد فردي وليس زوجاً، فلا يمکن أن تنقسم بالتساوي، لانّ انقسامها بالتساوي يعني کونها زوجاً فتکون فرداً وزوجاً في وقت واحد وهذا تناقض، والتناقض مستحيل منطقياً. ولکن دخول الانسان في النار دون أن يحترق وصعوده للشمس دون أن تحرقه الشمس بحرارتها ليس مستحيلاً من الناحية المنطقية، إذ لا تناقض في افتراض أنّ الحرارة لا تتسرّب من الجسم الاکثر حرارة إلي الجسم الاقلّ حرارة، وإنّما هو مخالف للتجربة التي أثبتت تسرّب الحرارة من الجسم الاکثر حرارة إلي الجسم الاقلّ حرارة إلي أن يتساوي الجسمان في الحرارة.
وهکذا نعرف أنّ الامکان المنطقي أوسع دائرة من الامکان العلمي، وهذا أوسع دائرة من الامکان العملي.
ولا شکّ في أنّ امتداد عمر الانسان آلاف السنين ممکن منطقياً، لانّ ذلک ليس مستحيلاً من وجهة نظر عقلية تجريدية، ولا يوجد في افتراض من هذا القبيل أيّ تناقض، لانّ الحياة کمفهوم لا تستبطن الموت السريع ولا نقاش في ذلک.
کما لا شکّ أيضاً ولا نقاش في أنّ هذا العمر الطويل ليس ممکناً إمکاناً عملياً علي نحو الامکانات العملية للنزول إلي قاع البحر والصعود إلي القمر، ذلک لانّ العلم بوسائله وأدواته الحاضرة فعلاً، والمتاحة من خلال التجربة البشرية المعاصرة، لا تستطيع أن تمدّد عمر الانسان مئات السنين، ولهذا نجد أنّ أکثر الناس حرصاً علي الحياة وقدرةً علي تسخير إمکانات العلم، لا يتاح لها من العمر إلاّ بقدر ما هو مألوف.
وأمّا الامکان العلمي فلا يوجد علمياً اليوم ما يبرّر رفض ذلک من الناحية النظرية، وهذا بحث يتّصل في الحقيقة بنوعية التفسير الفسلجي لظاهرة الشيخوخة والهرم لدي الانسان، فهل تعبّر هذه الظاهرة عن قانون طبيعي يفرض علي أنسجة جسم الانسان وخلاياه بعد أن تبلغ قمّة نموّها أن تتصلّب بالتدريج وتصبح أقلّ کفاءة للاستمرار في العمل، إلي أن تتعطّل في لحظة معيّنة، حتّي لو عزلناها عن تأثير أيّ عامل خارجي، وأنّ هذا التصلّب وهذا التناقص في کفاءة الانسجة والخلايا الجسمية، للقيام بأدوارها الفسيولوجية نتيجة صراع مع عوامل خارجية کالميکروبات والتسمّم الذي يتسرّب إلي الجسم من خلال ما يتناوله من غذاء مکثّف، وما يقوم به من عمل مکثّف، وأيّ عامل آخر؟
وهذا سؤال يطرحه العلم اليوم علي نفسه، وهو جادّ في الاجابة عليه، ولا يزال للسؤال أکثر من جواب علي الصعيد العلمي. فإذا أخذنا بوجهة النظر العلمية التي تتّجه إلي تفسير الشيخوخة والضعف الهرمي، بوصفه نتيجة صراع واحتکاک مع مؤثّرات خارجية معيّنة، فهذا يعني أنّ بالامکان نظرياً، إذا عزلت الانسجة التي يتکوّن منها جسم الانسان علي تلک المؤثّرات المعيّنة أن تمتدّ بها الحياة وتتجاوز ظاهرة الشيخوخة، وتتغلّب عليها نهائياً.
وإذا أخذنا بوجهة النظر الاُخري التي تميل إلي افتراض الشيخوخة قانوناً طبيعياً للخلايا والانسجة الحيّة نفسها، بمعني أنّها تحمل في أحشائها بذرة فنائها المحتوم، مروراً بمرحلة الهرم والشيخوخة وانتهاءً بالموت.
وإذا أخذنا بوجهة النظر هذه، فليس معني هذا عدم افتراض أيّ مرونة في هذا القانون الطبيعي، بل هو علي افتراض وجوده قانون مرن، لأنّنا نجد في حياتنا الاعتيادية ولانّ العلماء يشاهدون في مختبراتهم العلمية أنّ الشيخوخة کظاهرة فسيولوجية لا زمنية، قد تأتي مبکّرة، وقد تتأخّر ولا تظهر إلاّ في فترة متأخّرة، حتّي أنّ الرجل قد يکون طاعناً في السنّ ولکنّه يملک أعضاء ليّنة، ولا تبدو عليه أعراض الشيخوخة کما نصّ علي ذلک الاطباء. بل إنّ العلماء استطاعوا عملياً أن يستفيدوا من مرونة ذلک القانون الطبيعي المفترض، فأطالوا عمر بعض الحيوانات مئات المرّات بالنسبة إلي أعمارها الطبيعية، وذلک بخلق ظروف وعوامل تؤجّل فاعلية قانون الشيخوخة.
وبهذا يثبت علمياً أنّ تأجيل هذا القانون بخلق ظروف وعوامل معيّنة أمر ممکن علمياً، ولئن لم يتح للعلم أن يمارس فعلاً هذا التأجيل بالنسبة إلي کائن معقّد معيّن کالانسان. فليس ذلک إلاّ لفارق درجة بين صعوبة هذه الممارسة بالنسبة إلي الانسان وصعوبتها بالنسبة إلي أحياء اُخري.
وهذا يعني أنّ العلم من الناحية النظرية وبقدر ما تشير إليه اتجاهاته المتحرّکة لا يوجد فيه أبداً ما يرفض إمکانية إطالة عمر الانسان سواءً فسّرنا الشيخوخة بوصفها نتاج صراع واحتکاک مع مؤثّرات خارجية، ونتاج قانون طبيعي للخليّة الحيّة نفسها يسير بها نحو الفناء.
ويتلخّص من ذلک: أنّ طول عمر الانسان وبقاءه قروناً متعدّدة أمر ممکن منطقياً وممکن علمياً، ولکنّه لا يزال غير ممکن عملياً، إلاّ أنّ اتجاه العلم سائر في طريق تحقيق هذا الامکان عبر طريق طويل.
وعلي هذا الضوء نتناول عمر المهدي عليه الصلاة والسلام وما اُحيط به من استفهام واستغراب.
ونلاحظ أنّه بعد أن ثبت إمکان هذا العمر الطويل منطقياً وعلمياً، وثبت أنّ العلم سائر في طريق تحويل الامکان النظري إلي إمکان عملي تدريجاً، لا يبقي للاستغراب محتوي إلاّ استبعاد أن يسبق المهدي العلم نفسه، فيتحوّل الامکان النظري إلي إمکان عملي في شخصه قبل أن يصل العلم في تطوّره إلي مستوي القدرة الفعليّة علي هذا التحويل، فهو نظير من يسبق العلم في اکتشاف دواء ذات السحايا ودواء السرطان.
وإذا کانت المسألة هي أنّه کيف سبق الاسلام - الذي صمّم عمر هذا القائد المنتظر - حرکة العلم في مجال هذا التحويل؟
فالجواب: أنّه ليس ذلک هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الاسلام حرکة العلم، أوَ ليست الشريعة الاسلامية ککلّ قد سبقت حرکة العلم والتطوّر الطبيعي للفکر الانساني قروناً عديدة؟ أوَ لم تنادِ بشعارات طرحت خططاً للتطبيق لم ينضج الانسان للتوصّل إليها في حرکته المستقلّة إلاّ بعد مئات السنين؟ أوَ لم تأتِ بتشريعات في غاية الحکمة لم يستطع الانسان أن يدرک أسرارها ووجه الحکمة فيها إلاّ قبل برهة وجيزة من الزمن؟ أوَ لم تکشف رسالة السماء أسراراً من الکون لم تکن تخطر علي بال إنسان، ثمّ جاء العلم ليثبتها ويدعمها؟!
فإذا کنّا نؤمن بهذا کلّه فلماذا نستکثر علي مرسل هذه الرسالة سبحانه وتعالي أن يسبق العلم في تصميم عمر المهدي (عليه السلام)؟ وأنا هنا لم أتکلّم إلاّ عن مظاهر السبق التي نستطيع أن نحسّها نحن بصورة مباشرة، ويمکن أن نضيف إلي ذلک مظاهر السبق التي تحدّثنا بها رسالة السماء نفسها.
ومثال ذلک أنّها تخبرنا بأنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) قد اُسري به ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الاقصي. وهذا الاسراء، إذا أردنا أن نفهمه في إطار القوانين الطبيعية فهو يعبّر عن الاستفادة من القوانين الطبيعية بشکل لم يتح للعلم أن يحقّقه إلاّ بعد مئات السنين، فنفس الخبرة الربانية التي أتاحت للرسول (صلي الله عليه وآله) التحرّک السريع قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلک، أتاحت لاخر خلفائه المنصوصين العمر المديد قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلک.
نعم، هذا العمر المديد الذي منحه الله تعالي للمنقذ المنتظر يبدو غريباً في حدود المألوف حتّي اليوم في حياة الناس وفي ما اُنجِز فعلاً من تجارب العلماء. ولکن أوَ ليس الدور التغييري الحاسم الذي اُعدّ له هذا المنقذ غريباً في حدود المألوف في حياة الناس وما مرّت بهم من تطوّرات التأريخ؟ أوَ ليس قد اُنيط به تغيير العالم، وإعادة بنائه الحضاري من جديد علي أساس الحقّ والعدل؟ فلماذا نستغرب إذا اتّسم التحضير لهذا الدور الکبير ببعض الظواهر الغريبة والخارجة عن المألوف کطول عمر المنقذ المنتظر؟ فإنّ غرابة هذه الظواهر وخروجها عن المألوف، مهما کان شديداً، لا يفوق بحال غرابة نفس الدور العظيم الذي يجب علي اليوم الموعود إنجازه.
فإذا کنّا نستسيغ ذلک الدور الفريد تأريخياً علي الرغم من أنّه لا يوجد دور مناظر له في تأريخ الانسان، فلماذا لا نستسيغ ذلک العمر المديد الذي لا نجد عمراً مناظراً له في حياتنا المألوفة؟
ولا أدري هل هي صدفة أن يقوم شخصان فقط بتفريغ الحضارة الانسانية من محتواها الفاسد وبنائها من جديد، فيکون لکلّ منهما عمر مديد يزيد علي أعمارنا الاعتيادية أضعافاً مضاعفة؟
أحدهما مارس دوره في ماضي البشرية، وهو نوح (عليه السلام)، الذي نصّ القرآن الکريم علي أنّه مکث في قومه ألف عام إلاّ خمسين سنة، وقدّر له من خلال الطوفان أن يبني العالم من جديد؟
والاخر يمارس دوره في مستقبل البشرية، وهو المهدي (عليه السلام)، الذي مکث في قومه حتّي الان أکثر من ألف عام، وسيقدّر له في اليوم الموعود أن يبني العالم من جديد، فلماذا نقبل نوح (عليه السلام) الذي ناهز ألف عام علي أقلّ تقدير ولا نقبل المهدي (عليه السلام)؟
المعجزة والعمر الطويل
لقد عرفنا حتّي الان أنّ العمر الطويل ممکن علمياً، ولکن لنفترض أنّه غير ممکن علمياً، وأنّ قانون الشيخوخة والهرم قانون صارم، لا يمکن للبشرية اليوم ولا علي خطّها الطويل أن تتغلّب عليه، وتغيّر من ظروفه وشروطه، فماذا يعني ذلک؟
إنّه يعني أنّ إطالة عمر الانسان - کنوح وکالمهدي - قروناً متعدّدة، هي علي خلاف القوانين الطبيعية التي أثبتها العلم بوسائل التجربة والاستقراء الحديثة، وبذلک تصبح هذه الحالة معجزة عطّلت قانوناً طبيعياً في حالة معيّنة للحفاظ علي حياة الشخص الذي اُنيط به الحفاظ علي رسالة السماء.
وليست هذه المعجزة فريدة من نوعها، وغريبة علي عقيدة المسلم، المستمدّة من نصّ القرآن والسنّة، فليس قانون الشيخوخة والهرم أشدّ صرامة من قانون انتقال الحرارة من الجسم الاکثر حرارة إلي الجسم الاقلّ حرارة حتّي يتساويا، وقد عطّل هذا القانون لحماية حياة إبراهيم (عليه السلام) حين کان الاُسلوب الوحيد للحفاظ عليه تعطيل ذلک القانون، فقيل للنار حين اُلقي فيها إبراهيم: (قُلْنَا يَا نَارُ کُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَي إبْرَاهِيمَ)(4)، فخرج منها کما دخل سليماً لم يصبه أذيً، إلي کثير من القوانين الطبيعية التي عطّلت لحماية أشخاص من الانبياء وحجج الله علي الارض، ففلق البحر لموسي (عليه السلام)، وشُبّه للرومان أنّهم قبضوا علي عيسي (عليه السلام)، ولم يکونوا قد قبضوا عليه، وخرج النبيّ محمّد (صلي الله عليه وآله) من داره وهي محفوفة بحشود قريش التي ظلّت ساعات تتربّص به لتهجم عليه، فستره الله تعالي عن عيونهم وهو يمشي بينهم.
کلّ هذه الحالات تمثّل قوانين طبيعية عطّلت لحماية شخص، کانت الحکمة الربانية تقتضي الحفاظ علي حياته، فليکن قانون الشيخوخة والهرم من تلک القوانين.
وقد يمکن أن نخرج من ذلک بمفهوم عام، وهو أنّه کلّما توقّف الحفاظ علي حياة حجّة الله في الارض علي تعطيل قانون طبيعي، وکانت إدامة حياة ذلک الشخص ضرورية لانجاز مهمّته التي اُعدّ لها، تدخّلت العناية الربانية في تعطيل ذلک القانون لانجاز ذلک، وعلي العکس إذا کان الشخص قد انتهت مهمّته التي اُعدّ لها ربانياً، فإنّه سيلقي حتفه ويموت ويستشهد وفقاً لما تقرّره القوانين الطبيعية.
ونواجه عادة بمناسبة هذا المفهوم العام السؤال التالي: کيف يمکن أن يتعطّل القانون؟ وکيف تنفصم العلاقة الضرورية التي تقوم بين الظواهر الطبيعية؟ وهل هذه إلاّ مناقضة للعلم الذي اکتشف ذلک القانون الطبيعي، وحدّد هذه العلاقة الضرورية علي اُسس تجريبية واستقرائية؟
والجواب: أنّ العلم نفسه قد أجاب علي هذا السؤال بالتنازل عن فکرة الضرورة في القانون الطبيعي. وتوضيح ذلک: أنّ القوانين الطبيعية يکتشفها العلم علي أساس التجربة والملاحظة المنتظمة، فحين يطّرد وقوع ظاهرة طبيعية عقيب ظاهرة اُخري، يستدلّ بهذا الاطّراد علي قانون طبيعي، وهو أنّه کلّما وجدت الظاهرة الاُولي وجدت الظاهرة الثانية عقيبها، غير أنّ العلم لا يفترض في هذا القانون الطبيعي علاقة ضرورية بين الظاهرتين نابعة من صميم هذه الظاهرة وذاتها، وصميم تلک وذاتها، لانّ الضرورة حالة غيبية، لا يمکن للتجربة ووسائل البحث الاستقرائي والعلمي إثباتها، ولهذا فإنّ منطق العلم الحديث، يؤکّد أنّ القانون الطبيعي - کما يعرفه العلم - لا يتحدّث عن علاقة ضرورية، بل عن اقتران مستمرّ بين ظاهرتين، فإذا جاءت المعجزة وفصلت إحدي الظاهرتين عن الاُخري في قانون طبيعي لم يکن ذلک فصماً لعلاقة ضرورية بين الظاهرتين.
والحقيقة أنّ المعجزة بمفهومها الديني، قد أصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومة بدرجة أکبر ممّـا کانت عليه في ظلّ وجهة النظر الکلاسيکية إلي علاقات السببية، فقد کانت وجهة النظر القديمة تفترض أنّ کلّ ظاهرتين اطّرد اقتران إحداهما بالاُخري، فالعلاقة بينهما علاقة ضرورة، والضرورة تعني أنّ من المستحيل أن تنفصل إحدي الظاهرتين عن الاُخري، ولکن هذه العلاقة تحوّلت في منطق العلم الحديث إلي قانون الاقتران والتتابع المطّرد بين الظاهرتين دون افتراض تلک الضرورة الغيبية.
وبهذا تصبح المعجزة حالة استثنائية لهذا الاطراد في الاقتران والتتابع دون أن تصطدم بضرورة وتؤدّي إلي استحالة.
وأمّا علي ضوء الاُسس المنطقية للاستقراء، فنحن نتّفق مع وجهة النظر العلمية الحديثة في أنّ الاستقراء لا يبرهن علي علاقة الضرورة بين الظاهرتين، ولکنّا نري أنّه يدلّ علي وجود تفسير مشترک لاطراد التقارن والتعاقب بين الظاهرتين باستمرار، وهذا التفسير المشترک کما يمکن صياغته علي أساس افتراض الضرورة الذاتية، کذلک يمکن صياغته علي أساس افتراض حکمة دعت منظّم الکون إلي ربط ظواهر معيّنة بظواهر اُخري باستمرار، وهذه الحکمة نفسها تدعو أحياناً إلي الاستثناء فتحدث المعجزة.
لماذا هذا الحرص علي إطالة عمره؟
ونتناول الان السؤال الذي يقول: لماذا کلّ هذا الحرص من الله سبحانه وتعالي علي هذا الانسان بالذات، فتعطّل من أجله القوانين الطبيعية لاطالة عمره؟ ولماذا لا تترک قيادة اليوم الموعود لشخص يتمخّض عنه المستقبل، وتنضجه إرهاصات اليوم الموعود فيبرز علي الساحة ويمارس دوره المنتظر.
وبکلمة اُخري: ما هي فائدة هذه الغيبة الطويلة، وما المبرّر لها؟
وکثير من الناس يسألون هذا السؤال وهم لا يريدون أن يسمعوا جواباً غيبياً، فنحن نؤمن بأنّ الائمة الاثني عشر مجموعة فريدة لا يمکن التعويض عن أيّ واحد منهم، غير أنّ هؤلاء المتسائلين يطالبون بتفسير اجتماعي للموقف، علي ضوء الحقائق المحسوسة لعملية التغيير الکبري نفسها والمتطلّبات المفهومة لليوم الموعود.
وعلي هذا الاساس نقطع النظر مؤقّتاً عن الخصائص التي نؤمن بتوفّرها، في هؤلاء الائمة المعصومين ونطرح السؤال التالي:
إنّنا بالنسبة إلي عملية التغيير المرتقبة في اليوم الموعود، بقدر ما تکون مفهومة علي ضوء سنن الحياة وتجاربها، هل يمکن أن نعتبر هذا العمر الطويل لقائدها المدّخر، عاملاً من عوامل إنجاحها وتمکّنه من ممارستها وقيادتها بدرجة أکبر؟
ونجيب علي ذلک بالايجاب، وذلک لعدّة أسباب منها ما يلي:
إنّ عملية التغيير الکبري تتطلّب وضعاً نفسياً فريداً في القائد الممارس لها مشحوناً بالشعور بالتفوّق والاحساس بضآلة الکيانات الشامخة، التي اُعدّ للقضاء عليها، ولتحويلها حضارياً إلي عالم جديد، فبقدر ما يعمر قلب القائد المغيّر من شعور بتفاهة الحضارة التي يصارعها وإحساس واضح بأنّها مجرّد نقطة علي الخطّ الطويل لحضارة الانسان، يصبح أکثر قدرة من الناحية النفسية علي مواجهتها والصمود في وجهها ومواصلة العمل ضدّها حتّي النصر.
ومن الواضح أنّ الحجم المطلوب من هذا الشعور النفسي يتناسب مع حجم التغيير نفسه، وما يراد القضاء عليه من حضارة وکيان، فکلّما کانت المواجهة لکيان أکبر ولحضارة أرسخ وأشمخ، تطلّبت زخماً أکبر من هذا الشعور النفسي المفعم.
ولمّـا کانت رسالة اليوم الموعود تغيير عالم مليء بالظلم بالجور، تغييراً شاملاً بکلّ قيمه الحضارية وکياناته المتنوّعة، فمن الطبيعي أن تفتّش هذه الرسالة عن شخص أکبر في شعوره النفسي من ذلک العالم کلّه، عن شخص ليس من مواليد ذلک العالم الذين نشأوا في ظلّ تلک الحضارة التي يراد تقويضها واستبدالها بحضارة العدل والحقّ، لانّ من ينشأ في ظلّ حضارة راسخة، تعمر الدنيا بسلطانها وقيمها وأفکارها، يعيش في نفسه الشعور بالهيبة تجاهها لأنّه ولد وهي قائمة، ونشأ صغيراً وهي جبّارة، وفتح عينيه علي الدنيا فلم يجد سوي أوجهها المختلفة، وخلافاً لذلک شخص يتوغّل في التأريخ، عاش الدنيا قبل أن ترَ تلک الحضارة النور، ورأي الحضارات الکبيرة سادت العالم الواحدة تلو الاُخري، ثمّ تداعت وانهارت، رأي ذلک بعينيه ولم يقرأه في کتاب تأريخ، ثمّ رأي الحضارة التي يقدّر لها أن تکون الفصل الاخير من قصّة الانسان قبل اليوم الموعود، رآها وهي بذور صغيرة لا تکاد تتبيّن، ثمّ شاهدها وقد اتّخذت مواقعها في أحشاء المجتمع البشري تتربّص الفرصة لکي تنمو وتظهر، ثمّ عاصرها وقد بدأت تنمو وتزحف وتصاب بالنکسة تارة، ويحالفها التوفيق تارةً اُخري، ثمّ واکبها وهي تزدهر وتتعملق وتسيطر بالتدريج علي مقدّرات عالم بکامله.
فإنّ شخصاً من هذا القبيل عاش کلّ هذه المراحل بفطنة وانتباه کاملين، ينظر إلي هذا العملاق - الذي يريد أن يصارعه - من زاوية ذلک الامتداد التأريخي الطويل الذي عاشه بحسّه لا في بطون کتب التأريخ فحسب، ينظر إليه لا بوصفه قدراً محتوماً، ولا کما کان ينظر (جان کاک روسو) إلي الملکية في فرنسا، فقد جاء عنه أنّه کان يرعبه مجرّد أن يتصوّر فرنسا بدون ملک، علي الرغم من کونه من الدعاة الکبار فکرياً وفلسفياً إلي تطوير الوضع السياسي القائم وقتئذ، لانّ (روسو) هذا نشأ في ظلّ الملکية وتنفّس هواءها طيلة حياته.
وأمّا هذا الشخص المتوغّل في التأريخ، فله هيبة التأريخ وقوّة التأريخ والشعور المفعم بأنّ ما حوله من کيان وحضارة، وليد يوم من أيام التأريخ، تهيّأت له الاسباب فوُجِد، وستتهيّأ الاسباب فيزول، فلا يبقي منه شيء، کما لم يکن يوجد منه شيء بالامس القريب والبعيد، وأنّ الاعمار التأريخية للحضارات والکيانات مهما طالت، فهي ليست إلاّ أياماً قصيرة في عمر التأريخ الطويل.
هل قرأت سورة الکهف؟ وهل قرأت عن اُولئک الفتية الذين آمنوا بربّهم وزادهم الله هدي؟ وواجهوا کياناً وثنياً حاکماً، لا يرحم ولا يتردّد في خنق أيّ بذرة من بذور التوحيد والارتفاع عن وحدة الشرک، فضاقت نفوسهم، ودبّ إليها اليأس، وسدّت منافذ الامل أمام أعينهم، ولجأوا إلي الکهف يطلبون من الله حلاً لمشکلتهم بعد أن أعيتهم الحلول، وکبر في نفوسهم أن يظلّ الباطل يحکم ويظلم ويقهر الحقّ ويصفّي کلّ من يخفق قلبه للحقّ، هل تعلم ماذا صنع الله تعالي بهم؟
إنّه أنامهم ثلاثمائة سنة وتسع سنين في ذلک الکهف، ثمّ بعثهم من نومهم، ودفع بهم إلي مسرح الحياة، بعد أن کان ذلک الکيان الذي بهرهم بقوّته وظلمه، قد تداعي وسقط، وأصبح تأريخاً لا يرعب أحداً ولا يحرّک ساکناً، کلّ ذلک لکي يشهد هؤلاء الفتية مصرع ذلک الباطل الذي کبر عليهم امتداده وقوّته واستمراره، ويروا انتهاء أمره بأعينهم ويتصاغر الباطل في نفوسهم.
ولئن تحقّقت لاصحاب الکهف هذه الرؤية الواضحة بکلّ ما تحمل من زخم وشموخ نفسيين من خلال ذلک الحدث الفريد الذي مدّد حياتهم ثلاثمائة سنة، فإنّ الشيء نفسه يتحقّق للقائد المنتظر من خلال عمره المديد الذي يتيح له أن يشهد العملاق وهو قزم والشجرة الباسقة وهي بذرة، والاعصار وهو مجرّد نسمة.
أضف إلي ذلک: أنّ التجربة التي تتيحها مواکبة تلک الحضارات المتعاقبة والمواجهة المباشرة لحرکتها وتطوّراتها، لها أثر کبير في الاعداد الفکري وتعميق الخبرة القيادية لليوم الموعود، لأنّها تضع الشخص المدّخر أمام ممارسات کثيرة للاخرين بکلّ ما فيها من نقاط الضعف والقوّة، ومن ألوان الخطأ والصواب، وتعطي لهذا الشخص قدرة أکبر علي تقييم الظواهر الاجتماعية بالوعي الکامل علي أسبابها، وکلّ ملابساتها التأريخية.
ثمّ إنّ عملية التغيير المدّخرة للقائد المنتظر تقوم علي أساس رسالة معيّنة، هي رسالة الاسلام، ومن الطبيعي أن تتطلّب العملية في هذه الحالة قائداً قريباً من مصادر الاسلام الاُولي، قد بنيت شخصيته بناءً کاملاً بصورة مستقلة ومنفصلة عن مؤثرات الحضارة التي يقدّر لليوم الموعود أن يحاربها، وخلافاً لذلک الشخص الذي يولد وينشأ في کنف هذه الحضارة، وتتفتّح أفکاره ومشاعره في إطارها، فإنّه لا يتخلّص غالباً من رواسب تلک الحضارة ومرتکزاتها، وإن قاد حملة تغييرية ضدّها، فلکي يضمن عدم تأثّر القائد المدّخر بالحضارة التي اُعِدّ لاستبدالها، لا بدّ أن تکون شخصيّته قد بنيت بناءً کاملاً في مرحلة حضارية سابقة، هي أقرب ما تکون في الروح العامّة، ومن ناحية المبدأ إلي الحالة الحضارية التي يتّجه اليوم الموعود إلي تحقيقها بقيادته.(5)
الهوامش:
(1) اُنظر: کمال الدين: 549.
(2) کمال الدين: 576، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 201 / 1.
(3) إعلام الوري: 471، کشف الغمّة 3: 351 ـ 356.
(4) الانبياء: 69.
(5) بحث حول المهدي (عليه السلام) / الشهيد الصدر: 11 ـ 26.
******************
الوجه في غيبته
قالوا: ما الوجه في غيبته (عليه السلام) علي الاستمرار والدوام، حتّي صار ذلک سبباً لانکار وجوده، ونفي ولادته، وآباؤه (عليهم السلام) وإن لم يظهروا الدعاء إلي نفوسهم في ما يتعلّق بالامامة، فقد کانوا ظاهرين يفتون في الاحکام، فلا يمکن لاحد نفي وجودهم؟
الجواب: قد ذکر الاجلّ المرتضي - قدّس الله روحه - في ذلک طريقة لم يسبقه إليها أحدٌ من أصحابنا، فقال: إنّ العقل إذا دلّ علي وجوب الامامة فإنّ کلّ زمان - کلّف المکلّفون الذين يقع منهم القبيح والحسن، ويجوز عليهم الطاعة والمعصية - لا يخلو من إمام، لانّ خلوّه من الامام إخلال بتمکينهم، وقادح في حسن تکليفهم.
ثمّ دلّ العقل علي أنّ ذلک الامام لا بدّ أن يکون معصوماً من الخطأ، مأموناً منه کلّ قبيح، وثبت أنّ هذه الصفة - التي دلّ العقل علي وجوبها - لا توجد إلاّ فيمن تدّعي الامامية إمامته، ويعري منها کلّ من تدّعي له الامامة سواه.
فالکلام في علّة غيبته وسببها واضح بعد أن تقرّرت إمامته، لأنّا إذا علمنا أنّه الامام دون غيره، ورأيناه غائباً عن الابصار، علمنا أنّه لم يغب مع عصمته وتعيّن فرض الامامة فيه إلاّ لسبب اقتضي ذلک ومصلحة استدعته، وضرورة حملت عليه، وإن لم يعلم وجهه علي التفصيل ; لانّ ذلک ممّـا لا يلزم علمه.
وجري الکلام في الغيبة ووجهها مجري العلم بمراد الله تعالي من الايات المتشابهات في القرآن التي ظاهرها الجبر والتشبيه.
فإنّا نقول: إذا علمنا حکمة الله سبحانه، وأنّه لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات، علمنا - علي الجملة - أنّ لهذه الايات وجوهاً صحيحة بخلاف ظاهرها، تطابق مدلول أدلّة العقل، وإن غاب عنّا العلم بذلک مفصّلاً، فإن تکلّفنا الجواب عن ذلک، وتبرّعنا بذکره، فهو فضل منّا غير واجب.
وکذلک الجواب لمن سأل عن الوجه في إيلام الاطفال، وجهة المصلحة في رمي الجمار والطواف بالبيت، وما أشبه ذلک من العبادات علي التفصيل والتعيين، فإنّا إذا عوّلنا علي حکمة القديم سبحانه، وأنّه لا يجوز أن يفعل قبيحاً، فلا بدّ من وجه حسن في جميع ذلک وإن جهلناه بعينه.
وليس يجب علينا بيان ذلک الوجه وأنّه ما هو، وفي هذا سدّ الباب علي مخالفينا في سؤالاتهم، وقطع التطويلات عنهم والاسهابات، إلاّ أن نتبرّع بإيراد الوجه في غيبته (عليه السلام) علي سبيل الاستظهار وبيان الاقتدار، وإن کان ذلک غير واجب علينا في حکم النظر والاعتبار.
فنقول: الوجه في غيبته (عليه السلام) هو خوفه علي نفسه، ومن خاف علي نفسه احتاج إلي الاستتار، فأمّا لو کان خوفه علي ماله وعلي الاذي في نفسه لوجب عليه أن يتحمّل ذلک کلّه لتنزاح علّة المکلّفين في تکليفهم، وهذا کما نقوله في النبيّ في أنّه يجب عليه أن يتحمّل کلّ أذي في نفسه حتّي يصحّ منه الاداء إلي الخلق ما هو لطف لهم، وإنّما يجب عليه الظهور وإن أدّي إلي قتله کما ظهر کثير من الانبياء وإن قتلوا، لانّ هناک کان في المعلوم أنّ غير ذلک النبيّ يقوم مقامه في تحمّل أعباء النبوّة، وأنّ المصالح التي کان يؤدّيها ذلک النبيّ قد تغيّرت.
وليس کذلک حال إمام الزمان (عليه السلام)، فإنّ الله تعالي قد علم أنّه ليس بعده من يقوم مقامه في باب الامامة والشريعة علي ما کانت عليه، واللطف بمکانه لم يتغيّر، ولا يصحّ تغيّره، فلا يجوز ظهوره إذا أدّي إلي القتل.
وإنّما کان آباؤه (عليهم السلام) ظاهرين بين الناس يفتونهم ويعاشرونهم، ولم يظهر هو لانّ خوفه (عليه السلام) أکثر، فإنّ الائمة الماضين من آبائه (عليهم السلام) أسرّوا إلي شيعتهم أنّ صاحب السيف هو الثاني عشر منهم، وأنّه الذي يملا الارض عدلاً، وشاع ذلک القول من مذهبهم حتّي ظهر ذلک القول بين أعدائهم، فکانت السلاطين الظلمة يتوقّفون عن إتلاف آبائه لعلمهم بأنّهم لا يخرجون بالسيف، ويتشوّقون إلي حصول الثاني عشر ليقتلوه ويبيدوه.
ألا تري أنّ السلطان في الوقت الذي توفّي فيه العسکري (عليه السلام) وکّل بداره وجواريه من يتفقّد حملهنّ لکي يظفر بولده ويفنيه؟
کما أنّ فرعون موسي لمّـا علم أنّ ذهاب ملکه علي يد موسي (عليه السلام) منع الرجال من أزواجهم، ووکّل بذوات الاحمال منهنّ ليظفر به.
وکذلک نمرود لمّـا علم أنّ ملکه يزول علي يد إبراهيم (عليه السلام) وکّل بالحبالي من نساء قومه، وفرّق بين الرجال وأزواجهم، فستر الله سبحانه ولادة إبراهيم وموسي (عليهما السلام) کما ستر ولادة القائم (عليه السلام) لما علم في ذلک من الحکمة والتدبير، مع أنّ حکمة الله في ذلک لا تجب معرفتها علي التفصيل کما قدّمنا، ويجوز اختلاف تکليفه مع تکاليفهم لاختلاف المصالح باختلاف الازمان، کما کان تکليف أمير المؤمنين مرّة السکوت ومرّة الجهاد بالسيف، وتکليف الحسن الصلح، وتکليف الحسين الخروج، وتکليف باقي الائمة السکوت والتقيّة صلوات الله عليهم أجمعين.
وأمّا کون غيبته سبباً لنفي ولادته، فإنّ ذلک لضعف البصيرة والتقصير عن النظر، وعلي الحقّ دليل واضح لمن أراده، ظاهر لمن قصده.(1)
لماذا لم يحرسه الله تعالي من الاعداء ويظهره؟
قالوا: لِمَ لَم يحرسه الله تعالي من الاعداء ويظهره، فهل تضيق قدرته عن ذلک؟
والجواب: إنّ الله تعالي قادر علي کلّ شيء، وقد حفظ إمام الزمان ومنعه بکلّ ما لا يوجب الجبر والالجاء، أمّا ما يوجب الجبر والالجاء فلا يجب أن يفعله الله تعالي، وإذا کان هناک تکليف لا يجوز الاجبار، لانّ شرط التکليف القدرة، وبالاجبار ترتفع.(2)
کيف يکون حيا بجسمه الحيواني في سرداب ولا يراه الناس؟
قالوا: کيف يمکن أن يکون شخص حيّ بجسمه الحيواني موجوداً في سرداب يري الناس ولا يرونه، ومن الذي يأتيه بطعامه وشرابه ويقوم بحوائجه؟
والجواب: أنّ هذا جهل ممّن يري أنّ الشيعة تعتقد وجود المهدي (عليه السلام) في سرداب بسرّ من رأي يري الناس ولا يرونه، فإنّ ذلک لا أصل له ولا يعتقده ذو معرفة من الشيعة، بل الشيعة تعتقد بوجود المهدي حيّاً في هذه الدنيا يري الناس ويرونه ولا يعرفونه، وقد رفع مولانا الصادق (عليه السلام) في الاحاديث المرويّة عنه في المهدي (عليه السلام) استبعاد ذلک بأنّ إخوة يوسف تاجروه وبايعوه وخاطبوه وهم إخوته فلم يعرفوه.
قال (عليه السلام): وما تنکر هذه الاُمّة أن يکون الله يفعل بحجّته ما فعل بيوسف، أن يکون يسير في أسواقهم، ويطأ بسطهم، وهم لا يعرفونه، حتّي يأذن الله عزّ وجلّ أن يعرفهم نفسه کما أذن ليوسف.
وفي رواية عن الصادق (عليه السلام): إنّ في صاحب هذا الامر سنناً من الانبياء. إلي أن قال: وأمّا سنّته من يوسف فالستر، جعل الله بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه.
وقد نشأت شبهة أنّ الشيعة يعتقدون بوجود المهدي في سرداب بسرّمن رأي، من زيارتهم لذلک السرداب وتبرّکهم به وصلاتهم فيه وزيارة المهدي (عليه السلام) فيه، فتوهّموا أنّهم يقولون بوجوده في السرداب، وتقوّل بعضهم عليهم بأنّهم يأتون في کلّ جمعة بالسلاح والخيول إلي باب السرداب ويصرخون وينادون: يا مولانا اخرج إلينا، وقال: إنّ ذلک بالحلّة، ثمّ شنع عليهم تشنيعاً عظيماً، ونسبهم إلي السخف وسفاهة العقل(3)، وهذا ليس بعجيب من تقوّلاتهم الکثيرة علي الشيعة بالباطل، وهذا الذي زعمه هذا القائل لم نره ولم يسمع به سامع من غيره، وإنّما أخذه قائله من أفواه المتقوّلين، وافتراه من نفسه، حتّي أنّه لم يفهم أنّ السرداب بسامراء لا بالحلّة.
وسبب زيارة الشيعة لذلک السرداب وتبرّکهم به، أنّه سرداب الدار التي کان يسکنها الامامان عليّ بن محمّد الهادي، وابنه الحسن بن عليّ العسکري، وابنه الامام المهدي (عليهم السلام)، وتشرّف بسکناهم له، وقد رويت للامام المهدي (عليه السلام) فيه معجزة، ورويت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فيه زيارة للمهدي (عليه السلام)، فلذلک يزورونه فيه بتلک الزيارة، ورويت فيه أدعية وصلوات يفعلونها فيه.(4)
ما الفائدة من امام غائب؟
قالوا: ما الفائدة في إمام غائب عن الابصار لا ينتفع به الناس في زمان غيبته، والامام إنّما نصب لينتفع به الناس، ويرجعون إليه في الاحکام، وينصف المظلوم من الظالم؟
والجواب: أنّا لا نسلّم عدم الفائدة في وجوده مع غيبته. قال الشيخ (رحمه الله) في (تلخيص الشافي):
ينتفع به في حال غيبته جميع شيعته والقائلين بإمامته، وينزجرون بمکانه وهيبته عن القبائح، فهو لطف لهم في حال الغيبة کما يکون لطفاً في حال الظهور، وهم أيضاً منتفعون به من وجه آخر، لأنّه يحفظ عليهم الشرع، وبمکانه يتيقّنون بأنّه لم يکتم من الشرع ما لم يصل إليهم.
وإلي ذلک يشير بعض علمائنا رضوان الله عليهم بقوله: وجوده لطف، وتصرّفه لطف آخر، ومن أين لنا الجزم بأنّه لا يتصرّف في مصالح العباد الدينية والدنيوية من حيث لا يعرفونه، وقد جاء في الاخبار أنّه في حال غيبته کالشمس يسترها السحاب، أي فکما أنّ للشمس المستورة بالسحاب منافع وفوائد في الکون، فکذلک لصاحب الزمان (عليه السلام) مع استتاره فوائد ومنافع في الکون، وإن خفي علينا بعضها وجلّها، ولم نعلمها علي التفصيل.
نعم، جميع الفوائد التي نصب لاجلها لا تکون حاصلة، وهذا لا يضرّ، لانّ السبب في ذلک هم العباد بإخافتهم له التي أوجبت استتاره، بل لو فرض محالاً عدم الفائدة في وجوده حال استتاره لم يکن في ذلک قبح بعد أن کان سبب استتاره من خوف الظالمين.(5)
ثمّ إنّ الذي يحقّق ويدقّق في هذه المسألة يجب أن يضع في حسابه أوّلاً الروايات والاخبار الصحيحة التي تتحدّث عن ظهوره الذي سيکون بصورة مفاجئة وسريعة، وعلي حدّ لسان بعض الروايات (بغتة) أي دون تحديد زمن مخصوص ووقت معيّن، وهذا يترتّب عليه ترقّب کلّ جيل من أجيال المسلمين لظهوره المبارک، إنّ المتأمّل لهذه المسألة سوف لا يصعب عليه أن يکتشف فوائد ومزايا تتعلّق بالاُمّة المرحومة، نذکر منها:
1- إنّ ذلک يدعو کلّ مؤمن إلي أن يکون علي حالة من الاستقامة علي الشريعة، والتقيّد بأوامرها ونواهيها، والابتعاد عن ظلم الاخرين، وغصب حقوقهم، وذلک لانّ ظهور الامام المهدي (عليه السلام) - الذي سيکون مفاجئاً - يعني قيام دولته وهي التي يُنتصف فيها للمظلوم من الظالم، ويُبسَط فيها العدل ويُمحي الظلم من صفحة الوجود. ولا يقولنّ أحدٌ أنّ الشريعة ودستورها القرآن منعت الظلم والتظالم وهذا يکفي.
فإنّ جوابه: إنّ الشعور والاعتقاد بوجود السلطة وبتمکّنها وسلطنتها يعدُّ رادعاً قوياً، وقد جاء في الاثر الصحيح: (إنّ الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن...).
2- إنّ ذلک يدعو کلّ مؤمن إلي أن يکون في حالة طوارئ مستمرّة من حيث التهيّؤ للانضمام إلي جيش الامام المهدي والاستعداد العالي للتضحية في سبيل فرض هيمنة الامام الکاملة وبسط سلطته علي الارض لاقامة شرع الله تعالي. وهذا الشعور يخلق عند المؤمنين حالةً من التآزر والتعاون ورصّ الصفوف والانسجام لأنّهم سيکونون جُنداً للامام (عليه السلام).
3- إنّ هذه الغيبة تحفّز المؤمن بها للنهوض بمسؤوليته، وخاصّة في مجال الامر بالمعروف والنهي عن المنکر، فتکون الاُمّة بذلک متحصّنة متحفّزة. إذ لا يمکن تقيّد أنصار الامام المهدي (عليه السلام) بالانتظار فحسب، دون الامر بالمعروف والنهي عن المنکر استعداداً لبناء دولة الاسلام الکبري وتهيئة قواعدها حتّي ظهور الامام المهدي (عليه السلام).
4- إنّ الاُمّة التي تعيش الاعتقاد بالمهدي الحيّ الموجود تبقي تعيش حالة الشعور بالعزّة والکرامة، فلا تطأطئ رأسها لاعداء الله تعالي، ولا تذلّ لجبروتهم وطغيانهم، إذ هي تترقّب وتتطلّع لظهوره المظفّر في کلّ ساعة، ولذلک فهي تأنف من الذلّ والهوان، وتستصغر قوي الاستکبار، وتستحقر کلّ ما يملکون من عدّة وعدد.
إنّ مثل هذا الشعور سيخلق دافعاً قويّاً للمقاومة والصمود والتضحية، وهذا هو الذي يخوّف أعداء الله وأعداء الاسلام، بل هذا هو سرّ خوفهم ورعبهم الدائم، ولذلک حاولوا علي مرّ التأريخ أن يُضعفوا العقيدة بالمهدي، وأن يسخّروا الاقلام المأجورة للتشکيک بها، کما کان الشأن دائماً في خلق وإيجاد الفرق والتيارات الضالة والهدامة لاحتواء المسلمين، وصرفهم عن التمسّک بعقائدهم الصحيحة، والترويج للاعتقادات الفاسدة، مثلما حصل في نحلة البابية والبهائية والقاديانية والوهابية وغيرها.
هذا، ويمکن أن نضيف إلي هذه الثمرات والفوائد المهمّة، فوائد اُخري يکتسبها المعتقد بظهور المهدي (عليه السلام) في آخرته، ويأتي في مقدّمتها تصحيح اعتقاده بعدل الله تعالي ورأفته بهذه الاُمّة التي لم يترکها سديً ينتهبها اليأس، ويفتک بها القنوط، لما تشاهده من انحراف عن الدين، دون أن يمدّ لها حبل الرجاء بظهور الدين علي کلّ الارض بقيادة المهدي (عليه السلام).
ومنها تحصيل الثواب والاجر علي الانتظار، فقد ورد في الاثر الصحيح عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): المنتظر لامرنا کالمتشحّط بدمه في سبيل الله.
ومنها الالتزام بقوله تعالي حکايةً عن وصيّة إبراهيم (عليه السلام) لبنيه: (يَا بَنِيَّ إنَّ اللهَ اصْطَفَي لَکُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأ نْتُمْ مُسْلِمُونَ)(6)، وقد قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): (من مات ولم يعرف إمام زمانه - وفي عصرنا هو الامام المهدي (عليه السلام) - مات ميتةً جاهلية)، واستناداً إلي کلّ ما ذکرناه يظهر معني: إنّ الارض لا تخلو من حجّة لله تعالي.(7)
اذا لم يصل اليه احد، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟
قالوا: إذا کان الامام غائباً بحيث لا يصل إليه أحدٌ من الخلق ولا ينتفع به، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ وإلاّ جاز أن يميته الله تعالي ويعدمه حتّي إذا علم أنّ الرعيّة تمکّنه وتسلّم له، أوجده وأحياه، کما جاز أن يبيحه الاستتار حتّي يعلم منهم التمکين له فيظهره؟
الجواب: أوّل ما نقوله: إنّا لا نقطع علي أنّ الامام لا يصل إليه أحد، فهذا أمر غير معلوم، ولا سبيل إلي القطع به، ثمّ إنّ الفرق بين وجوده غائباً عن أعدائه للتقيّة - وهو في أثناء تلک الغيبة منتظر أن يمکّنه الله فيظهر ويتصرّف - وبين عدمه واضح، وهو أنّ الحجّة هناک فيما فات من مصالح العباد لازمة لله تعالي، وها هنا الحجّة لازمة للبشر، لأنّه إذا خيف فغيّب شخصه عنهم، کان ما يفوتهم من المصلحة - عقيب فعل کانوا هم السبب فيه - منسوباً إليهم، فيلزمهم في ذلک الذمّ، وهم المؤاخذون به، الملومون عليه.
وإذا أعدمه الله تعالي، کان ما يفوت العباد من مصالحهم، ويحرمونه من لطفهم وانتفاعهم به، منسوباً إلي الله تعالي، ولا حجّة فيه علي العباد، ولا لوم يلزمهم، لأنّهم لا يجوز أن ينسبوا فعلاً لله تعالي.(8)
وعليه فإنّه لا يجوز أن يکون معدوماً للادلّة القاطعة العقلية والنقلية التي دلّت علي عدم جواز خلوّ العصر من إمام، فعلي الله تعالي أن ينصب للناس إماماً تتمّ به الحجّة وينقطع العذر، فإذا فاتهم الانتفاع به بسبب منهم، لم يقدح ذلک في تمام الحجّة، بل تکون لازمة لهم ; لأنّه إذا اُخيف فغيّب شخصه منهم کان فوات المصلحة منسوباً إليهم، فيلزمهم اللوم والذم والمؤاخذة عليه، ولا يجوز أن لا ينصب لهم إماماً، ولو علم أنّه لو نصبه لهم لاخافوه وقتلوه ; لانّ الحجّة عليهم لا تتمّ بدون نصب، بل تکون الحجّة فيما فات من مصالح العباد لازمة له تعالي ; لانّ ما فاتهم من المصالح يکون منسوباً إليه تعالي، ولا يجوز أن يسبّبوا فعلاً لله تعالي ولله الحجّة البالغة، هذا مع قطع النظر عن أنّ في وجوده في حال غيبته منافع ليست في حال عدمه، وهي ما أشرنا إليها في جواب الشبهة المتقدّمة.(9)
لو کان موجودا لظهر لوجود الداعي الي ظهوره؟
قالوا: لو کان موجوداً لوجب أن يظهر لوجود الداعي إلي ظهوره، وهو انتشار الفساد وضعف الدين وتعطيل الاحکام والحدود وشيوع الظلم والجور، وهو إنّما يظهر ليملاها قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً؟
والجواب: إذا کانت غيبته بأمر الله تعالي، فظهوره لا يکون إلاّ بأمر الله تعالي، ولا نقدر أن نحيط بالعلّة التي توجب ظهوره، ولا بالحکمة التي تقتضي أمر الباري تعالي له بالظهور، فإنّ ذلک لا يطّلع عليه إلاّ علاّم الغيوب، فعلي قول من يقول إنّ أفعال الباري تعالي لا تعلّل بالعلل والاغراض، فالامر واضح، إذ ليس لنا أن نسأل عن علّة عدم ظهوره ولا عن علّة ظهوره.
وعلي قول أصحابنا بأنّ أفعاله تعالي معلّلة بالعلل والاغراض، لا يمکننا الاحاطة بتلک العلل وأمرها موکول إليه تعالي.
وقد کان يوسف (عليه السلام) وهو نبيّ ابن نبيّ معصوم لا يصدر إلاّ عن أمر ربّه بينه وبين أبيه يعقوب (عليه السلام) مسافة غير کثيرة البعد، وهو حزين عليه حتّي ذهب بصره، وهو قادر علي أن يخبره بمکانه، فلم يفعل حتّي أذن له الله تعالي في ذلک، ولم يکن ترکه لاعلام أبيه (عليهما السلام) مع تلک الحالة التي وصفناها إلاّ عن أمر الله تعالي، لحکمة اقتضت ذلک.
کما أنّ الله تعالي لم يبعث محمّداً (صلي الله عليه وآله) بالنبوّة إلاّ بعد أربعين من عمره مع انتشار الکفر والفساد وعبادة الاوثان والالحاد، وليس لاحد أن يقول: لِمَ أخّر بعثته إلي الاربعين ولم يبعثه قبل ذلک مع وجود المقتضي لبعثه، لانّ ذلک معارضة للحکيم فيما لا يطّلع عليه ولا يعلم حکمته غيره.
مع أنّه إذا جاز أن يؤخّر الله تعالي خلقه مع وجود الظلم، جاز أن يؤخّر ظهوره مع وجوده، علي أنّ الوارد أنّه لا يظهر حتّي تمتلئ ظلماً وجوراً، ولم يحن بعدُ ذلک الزمان.(10)
اذا کانت العلة في غيبته خوفه من الظالمين، فلماذا لا يظهر؟
قالوا: إذا کانت العلّة في غيبة الامام خوفه من الظالمين واتقاؤه من المخالفين، فهذه العلّة منتفية عن أوليائه، فيجب أن يکون ظاهراً لهم، ويجب أن يسقط عنهم التکليف الذي إمامته لطف فيه؟
الجواب: قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأجوبة:
أحدها: أنّ الامام ليس في تقيّة من أوليائه وإن غاب عنهم کغيبته من أعدائه لخوفه من إيقاعهم الضرر به، وعلمه بأنّه لو ظهر لهم لسفکوا دمه. وغيبته عن أوليائه لغير هذه العلّة، وهو أنّه أشفق من إشاعتهم خبره، والتحدّث منهم کذلک علي وجه التشرّف بذکره، والاحتجاج بوجوده، فيؤدّي ذلک إلي علم أعدائه بمکانه، فيعقب علمهم بذلک ما ذکرناه من وقوع الضرر به.
وثانيها: أنّ غيبته عن أعدائه للتقيّة منهم، وغيبته عن أوليائه للتقيّة عليهم، والاشفاق من إيقاع الضرر بهم، إذ لو ظهر للقائلين بإمامته وشاهده بعض أعدائه وأذاع خبره طولب أولياؤه به، فإذا فات المطالب بالاستتار أعقب ذلک عظيم المکروه والضرر بأوليائه، وهذا معروف بالعادات.
وثالثها: أنّه لا بدّ أن يکون في المعلوم أنّ في القائلين بإمامته من لا يرجع عن الحقّ من اعتقاد إمامته، والقول بصحّتها علي حال من الاحوال، فأمره الله تعالي بالاستتار ليکون المقام علي الاقرار بإمامته مع الشبهة في ذلک وشدّة المشقّة أعظم ثواباً من المقام علي الاقرار بإمامته مع المشاهدة له، فکانت غيبته عن أوليائه لهذا الوجه، ولم تکن للتقيّة منهم.
ورابعها: وهو الذي عوّل عليه المرتضي - قدّس الله روحه - قال: نحن أوّلاً: لا نقطع علي أنّه لا يظهر لجميع أوليائه، فإنّ هذا أمر مغيّب عنّا، ولا يعرف کلّ منّا إلاّ حال نفسه، فإذا جوّزنا ظهوره لهم کما جوّزنا غيبته عنهم فنقول في علّة غيبته عنهم: إنّ الامام عند ظهوره من الغيبة إنّما يميّز شخصه کما يعرف عينه بالمعجز الذي يظهر علي يديه، لانّ النصوص الدالّة علي إمامته لا تميّز شخصه من غيره کما ميّزت أشخاص آبائه، والمعجز إنّما يعلم دلالته بضرب من الاستدلال، والشبهة تدخل في ذلک، فلا يمتنع أن يکون کلّ من لم يظهر له من أوليائه، فإنّ المعلوم من حاله أنّه متي ظهر له قصر في النظر في معجزه، ولحقّ لهذا التقصير بمن يخاف منه من الاعداء.
علي أنّ أولياء الامام وشيعته منتفعون به في حال غيبته، لأنّهم مع علمهم بوجوده بينهم، وقطعهم بوجوب طاعته عليهم، لا بدّ أن يخافوه في ارتکاب القبيح، ويرهبوا من تأديبه وانتقامه ومؤاخذته، فيکثر منهم فعل الواجب، ويقلّ ارتکاب القبيح، ويکونوا إلي ذلک أقرب، فيحصل لهم اللطف به مع غيبته.
بل ربما کانت الغيبة في هذا الباب أقوي ; لانّ المکلّف إذا لم يعرف مکانه، ولم يقف علي موضعه، وجوّز فيمن لا يعرفه أنّه الامام، يکون إلي فعل الواجب أقرب منه إلي ذلک لو عرفه ولم يجوّز فيه کونه إماماً.
فإن قالوا: إنّ هذا تصريح منکم بأنّ ظهور الامام کاستتاره في الانتفاع به والخوف منه.
فنقول: إنّ ظهوره لا يجوز أن يکون في المنافع کاستتاره، وکيف يکون ذلک وفي ظهوره وقوّة سلطانه انتفاع الوليّ والعدوّ، والمحبّ والمبغض، ولا ينتفع به في حال الغيبة إلاّ وليّه دون عدوّه، وأيضاً فإنّ في انبساط يده منافع کثيرة لاوليائه وغيرهم، لأنّه يحمي حوزتهم، ويسدّ ثغورهم، ويؤمن طرقهم، فيتمکّنون من التجارات والمغانم، ويمنع الظالمين من ظلمهم، فتتوفّر أموالهم، وتصلح أحوالهم.
غير أنّ هذه منافع دنيويّة لا يجب إذا فاتت بالغيبة أن يسقط التکليف معها، والمنافع الدينية الواجبة في کلّ حالة بالامامة قد بيّنا أنّها ثابتة لاوليائه مع الغيبة، فلا يجب سقوط التکليف.(11)
وقد ذکرنا أنّ الاخبار قد جاءت بظهوره لاوليائه وثقاته في الغيبة الصغري مدّة أربع وسبعين سنة، أمّا بعدها فقد تقدّم بعض الاخبار الدالّة علي عدم إمکان رؤيته وتکذيب من يدّعي ذلک، وسواء قلنا بذلک، وقلنا بإمکان الرؤية في الغيبة الکبري، وحملنا ما يدلّ علي العدم علي بعض الوجوه، مثل إرادة نفي الرؤية التي يعرفه فيها بعينه وشخصه، يمکن أن نقول أنّ سبب عدم ظهوره لاوليائه هو بعض الوجوه المتقدّمة والله أعلم.(12)
کيف تقام الحدود في زمان الغيبة؟
قالوا: الحدود المستحقّة علي الجناة في حال الغيبة، ما حکمها؟ فإن قلتم: تسقط عن أهلها، فقد صرّحتم بنسخ الشريعة، وإن کانت ثابتة، فمن الذي يقيمها والامام مستتر غائب؟
الجواب: الحدود المستحقّة ثابتة في حياته، فإن ظهر الامام ومستحقّوها باقون أقامها عليهم بالبيّنة والاقرار، فإن فات ذلک بموتهم، کان الاثم في تفويت إقامتها علي المخيفين للامام، المحوجين له إلي الغيبة، وليس هذا بنسخ للشريعة، لانّ الحدّ إنّما يمکن إقامته مع التمکّن وزوال الموانع وسقوط فرض إقامته مع الموانع، وزوال التمکّن لا يکون نسخاً للشرع المقرّر، لانّ الشرع في الوجوب لم يحصل، وإنّما يکون نسخاً لو سقط فرض إقامتها من الامام مع تمکّنه.
علي أنّ هذا يلزم مخالفينا، إذا قيل لهم: کيف الحکم في الحدود في الاحوال التي لا يمکن فيها أهل الحلّ والعقد من اختيار الامام ونصبه، وهل يبطل ويثبت تعذّر إقامتها؟ وهل يقتضي هذا القدر نسخ الشريعة؟ فکلّما أجابوا به عن ذلک فهو جوابنا بعينه.(13)
وقال الشيخ عليّ بن عيسي الاربلي (رحمه الله): لا معني لايرادهم الحدود وإقامتها في زمانه (عليه السلام) دون أزمنة آبائه (عليهم السلام)، فإنّهم (عليهم السلام) کانوا حاضرين مشاهدين وأيديهم مکفوفة عن الاُمور، ولم يکن کفّ أيديهم قدحاً فيهم، ولا قال قائل إنّ سکوتهم عن إقامتها نسخ للشريعة، فکيف يقال عنه (عليه السلام) وهو أشدّ خوفاً من آبائه (عليهم السلام)، وعليّ (عليه السلام) في أيام خلافته وأمره لم يتمکّن من إرادته، فليسع المهدي (عليه السلام) من العذر ما وسعهم، فإنّه لا ينسب إلي الساکت قول، وهذا واضح.(14)
کيف يدرک الحق مع غيبة الامام؟
قالوا: فالحقّ مع غيبة الامام کيف يدرک؟
فإن قلتم: لا يدرک ولا يوصل إليه، فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة مع الغيبة.
وإن قلتم: يدرک الحقّ من جهة الادلّة المنصوبة عليه، فقد صرّحتم بالاستغناء عن الامام بهذه الادلّة، وهذا يخالف مذهبکم.
الجواب: إنّ الحقّ علي ضربين عقليّ وسمعيّ، فالعقليّ يدرک بالعقل، ولا يؤثّر فيه وجود الامام ولا فقده.
والسمعيّ عليه أدلّة منصوبة من أقوال النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ونصوصه، وأقوال الائمة الصادقين (عليهم السلام)، وقد بيّنوا ذلک وأوضحوه، غير أنّ ذلک وإن کان علي ما قلناه فالحاجة إلي الامام مع ذلک ثابتة، لانّ جهة الحاجة إليه - المستمرّة في کلّ عصر وعلي کلّ حال - هي کونه لطفاً في فعل الواجب العقليّ من الانصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي، وهذا ممّـا لا يقوم غيره مقامه فيه.
فأمّا الحاجة إليه من جهة الشرع فهي أيضاً ظاهرة، لانّ النقل الوارد عن النبيّ والائمة (عليهم السلام) يجوز أن يعدل الناقلون عن ذلک إمّا بتعمّد وشبهة فينقطع النقل ويبقي فيمن ليس نقله حجّة ولا دليلاً، فيحتاج حينئذ إلي الامام ليکشف ذلک ويبيّنه، وإنّما يثق المکلّفون بما نُقل إليهم وأنّه جميع الشرع إذا علموا أنّ وراء هذا النقل إماماً متي اختلّ سدّ خلله وبيّن المشتبه فيه.
فالحاجة إلي الامام ثابتة مع إدراک الحقّ في أحوال الغيبة من الادلّة الشرعيّة، علي أنّا إذا علمنا بالاجماع أنّ التکليف لازم لنا إلي يوم القيامة ولا يسقط بحال، علمنا أنّ النقل ببعض الشريعة لا ينقطع في حال تکون تقيّة الامام فيها مستمرّة، وخوفه من الاعداء باقياً، ولو اتّفق ذلک لما کان إلاّ في حال يتمکّن فيها الامام من البروز والظهور، والاعلام والانذار.(15)
الهوامش:
(1) إعلام الوري: 466، کشف الغمّة 3: 343 ـ 346، وراجع أعيان الشيعة 2: 62، في رحاب أئمة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 71.
(2) أعيان الشيعة 2: 62، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 73.
(3) راجع تأريخ ابن خلدون 1: 352، وکتاب المهدية في الاسلام / لسعد محمّد حسن: 129 ـ 130، والصراع بين الاسلام والوثنية / القصيمي: 42.
(4) أعيان الشيعة 2: 62، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 73.
(5) أعيان الشيعة 2: 62 ـ 63، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 73.
(6) البقرة: 132.
(7) المهدي المنتظر في الفکر الاسلامي: 176 ـ 177.
(8) إعلام الوري: 468، کشف الغمّة 3: 346 ـ 347، المقنع في الغيبة: 55 و73 و82.
(9) أعيان الشيعة 2: 63، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 75.
(10) أعيان الشيعة 2: 63، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 76.
(11) إعلام الوري: 470، کشف الغمّة 3: 349، وراجع المقنع في الغيبة للسيّد المرتضي: 61.
(12) راجع أعيان الشيعة 2: 63، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 77.
(13) إعلام الوري: 469.
(14) کشف الغمّة 3: 347 ـ 348، المقنع في الغيبة / السيّد المرتضي: 58، أعيان الشيعة 2: 63، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 78، إعلام الوري: 469.
(15) إعلام الوري: 469، کشف الغمّة 3: 348، المقنع في الغيبة: 59.
******************
هل تکون أعماله نسخا للشريعة؟
قالوا: إذا حصل الاجماع علي أن لا نبيّ بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وأنتم قد زعمتم أنّ القائم إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الکتاب، وأنّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين، ويأمر بهدم المساجد والمشاهد، وأنّه يحکم بحکم داود (عليه السلام) لا يسأل عن بيّنة، وأشباه ذلک ممّـا ورد في آثارکم، وهذا يکون نسخاً للشريعة، وإبطالاً لاحکامها، فقد أثبتّم معني النبوّة، وإن لم تتلفّظوا باسمها، فما جوابکم عنها؟
الجواب: أنّا لا نعرف ما تضمّنه السؤال من أنّه (عليه السلام) لا يقبل الجزية من أهل الکتاب، وأنّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين، فإن کان ورد بذلک خبر فهو غير مقطوع به.
وأمّا هدم المساجد والمشاهد، فقد يجوز أن يختصّ بهدم ما بُني من ذلک علي غير تقوي الله تعالي، وعلي خلاف ما أمر الله سبحانه به، وهذا مشروع قد فعله النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم).
وأمّا ما روي من أنّه (عليه السلام) يحکم بحکم داود لا يسأل عن بيّنة، فهذا أيضاً غير مقطوع به، وإن صحّ فتأويله: أنّه يحکم بعلمه فيما يعلمه، وإذا علم الامام والحاکم أمراً من الاُمور، فعليه أن يحکم بعلمه ولا يسأل البيّنة، وليس في هذا نسخ للشريعة.
علي أنّ هذا الذي ذکروه من ترک قبول الجزية واستماع البيّنة، لو صحّ لم يکن ذلک نسخاً للشريعة، لانّ النسخ هو ما تأخّر دليله عن الحکم المنسوخ ولم يکن مصاحباً له، فأمّا إذا اصطحب الدليلان فلا يکون أحدهما ناسخاً لصاحبه وإن کان يخالفه في الحکم، ولهذا اتّفقنا علي أنّ الله سبحانه لو قال: ألزموا السبت إلي وقت کذا، ثمّ لا تلزموه، أنّ ذلک لا يکون نسخاً، لانّ الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب.
وإذا صحّت هذه الجملة، وکان النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) قد أعلمنا بأنّ القائم من ولده يجب اتّباعه وقبول أحکامه، فنحن إذا صرنا إلي ما يحکم به فينا - وإن خالف بعض الاحکام المتقدّمة - غير عاملين بالنسخ، لانّ النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل، وهذا واضح.(1)
وفي (البحار) روي الحسين بن مسعود في (شرح السنّة) بإسناده عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أنّه قال: والذي نفسي بيده ليوشکن أن ينزل فيکم ابن مريم حکماً عدلاً، يکسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، فيفيض المال حتّي لا يقبله أحد.
ثمّ قال:
قوله: يکسر الصليب، يريد إبطال النصرانية، ويحکم بشرع الاسلام، ومعني قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأکله وإباحة قتله، وقوله: يضع الجزية، معناه يضعها عن أهل الکتاب ويحملهم علي الاسلام، فقد روي أبو هريرة عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) في نزول عيسي: ويهلک في زمانه الملل کلّها إلاّ الاسلام ويهلک الدجّال، فيمکث في الارض أربعين سنة، ثمّ يتوفّي فيصلّي عليه المسلمون. وقيل: معني الجزية أنّ المال يکثر حتّي لا يوجد محتاج ممّن يوضع فيهم الجزية، يدلّ عليه قوله: فيفيض المال حتّي لا يقبله أحد.
وروي البخاري بإسناده عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): کيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامکم منکم، وهذا حديث متّفق علي صحّته، انتهي.
وقد أورد البخاري وغيره أخباراً اُخر في ذلک، فظهر أنّ هذه الاُمور المنقولة من سير القائم (عليه السلام) لا تختصّ بنا، بل أوردها مخالفونا ونسبوها إلي عيسي (عليه السلام)، لکن قد رووا أنّ (إمامکم منکم)، فما کان جوابهم فهو جوابنا، والشبهة مشترکة بينهم وبيننا.(2)
کيف اکتمل اعداده ليکون اماما؟
قالوا: کيف اکتمل إعداد القائم المنتظر (عليه السلام) مع أنّه لم يعاصر أباه الامام العسکري إلاّ خمس سنوات تقريباً - وهي فترة الطفولة التي لا تکفي لانضاج شخصية القائد - فما هي الظروف التي تکامل من خلالها؟
والجواب: أنّ المهدي (عليه السلام) خلف أباه في إمامة المسلمين، وهذا يعني أنّه کان إماماً بکلّ ما في الامامة من محتوي فکري وروحي في وقت مبکّر جدّاً من حياته الشريفة.
والامامة المبکّرة ظاهرة سبقه إليها عدد من آبائه (عليهم السلام)، فالامام محمّد بن عليّ الجواد (عليه السلام) تولّي الامامة وهو في الثامنة من عمره، والامام عليّ بن محمّد الهادي تولّي الامامة وهو في التاسعة من عمره، والامام أبو محمّد الحسن العسکري والد القائد المنتظر تولّي الامامة وهو في الثانية والعشرين من عمره، ويلاحظ أنّ ظاهرة الامامة المبکّرة بلغت ذروتها في الامام المهدي (عليه السلام) والامام الجواد (عليه السلام)، ونحن نسمّيها ظاهرة لأنّها کانت بالنسبة إلي عدد من آباء المهدي (عليه السلام) تشکّل مدلولاً حسّياً عملياً، عاشه المسلمون ووعوه في تجربتهم مع الامام بشکل وآخر، ولا يمکن أن نطالب بإثبات لظاهرة من الظواهر أوضح وأقوي من تجربة اُمّة، ونوضح ذلک ضمن النقاط التالية:
1- لم تکن إمامة الامام من أهل البيت مرکزاً من مراکز السلطان والنفوذ التي تنتقل بالوراثة من الاب إلي الابن ويدعمها النظام الحاکم کإمامة الخلفاء الفاطميين، وخلافة الخلفاء العباسيين، وإنّما کانت تکتسب ولاء قواعدها الشعبية الواسعة عن طريق التغلغل الروحي والاقناع الفکري لتلک القواعد بجدارة هذه الامامة لزعامة الاسلام وقيادته علي اُسس روحية وفکرية.
2- إنّ هذه القواعد الشعبية بنيت منذ صدر الاسلام، وازدهرت واتّسعت علي عهد الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وأصبحت المدرسة التي رعاها هذان الامامان، في داخل هذه القواعد، تشکّل تياراً فکرياً واسعاً في العالم الاسلامي، يضمّ المئات من الفقهاء والمتکلّمين والمفسّرين والعلماء في مختلف ضروب المعرفة الاسلامية والبشرية المعروفة وقتئذ، حتّي قال الحسن بن عليّ الوشّاء: إنّي دخلت مسجد الکوفة فرأيت فيه تسعمائة شيخ کلّهم يقولون حدّثنا جعفر بن محمّد (عليه السلام).
3- إنّ الشروط التي کانت هذه المدرسة وما تمثّله من قواعد شعبية في المجتمع الاسلامي، تؤمن بها وتتقيّد بموجبها في تعيين الامام والتعرّف علي کفاءته للامامة شروط شديدة، لأنّها تؤمن بأنّ الامام لا يکون إماماً إلاّ إذا کان أعلم علماء عصره.
4- إنّ المدرسة وقواعدها الشعبية کانت تقدّم تضحيات کبيرة في سبيل الصمود علي عقيدتها في الامامة، لأنّها کانت في نظر الخلافة المعاصرة لها تشکّل خطّاً عدائياً، ولو من الناحية الفکرية علي الاقلّ، الامر الذي أدّي إلي قيام السلطات وقتئذ - باستمرار تقريباً - بحملات من التصفية والتعذيب، فقُتِل من قُتل، وسُجن من سُجن، ومات في ظلمات المعتقلات المئات. وهذا يعني أنّ الاعتقاد بإمامة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) کان يکلّفهم غالياً، ولم يکن له من الاغراءات سوي ما يحسّ به المعتقد ويفترضه من التقرّب إلي الله تعالي والزلفي عنده.
5- إنّ الائمة الذين دانت هذه القواعد لهم بالامامة لم يکونوا معزولين عنها ولا متقوقعين في بروج عالية شأن السلاطين مع شعوبهم، ولم يکونوا يحتجبون عنهم إلاّ أن تحجبهم السلطة الحاکمة بسجن ونفي، وهذا ما نعرفه من خلال العدد الکبير من الرواة والمحدّثين عن کلّ واحد من الائمة الاحد عشر، ومن خلال ما نقل من المکاتبات التي کانت تحصل بين الامام ومعاصريه، وما کان الامام يقوم به من أسفار من ناحية، وما کان يبثّه من وکلاء في مختلف أنحاء العالم الاسلامي من ناحية اُخري، وما کان قد أعتاده الشيعة من تفقّد أئمّتهم وزيارتهم في المدينة المنوّرة عندما يؤمّون الديار المقدّسة من کلّ مکان لاداء فريضة الحجّ، کلّ ذلک يفرض تفاعلاً مستمرّاً بدرجة واضحة بين الامام وقواعده الممتدّة في أرجاء العالم الاسلامي بمختلف طبقاتها من العلماء وغيرهم.
6- إنّ الخلافة المعاصرة للائمة (عليهم السلام) کانت تنظر إليهم وإلي زعامتهم الروحية والامامية بوصفها مصدراً خطيراً کبيراً علي کيانها ومقدّراتها، وعلي هذا الاساس بذلت کلّ جهودها في سبيل تفتيت هذه الزعامة، وتحمّلت في سبيل ذلک کثيراً من السلبيّات، وظهرت أحياناً بمظاهر القسوة والطغيان حينما اضطرّها تأمين مواقعها إلي ذلک، وکانت حملات الاعتقال والمطاردة مستمرّة للائمة أنفسهم علي الرغم ممّـا يخلّفه ذلک من شعور بالالم والاشمئزاز عند المسلمين وللناس الموالين علي اختلاف درجاتهم.
إذا أخذنا هذه النقاط الستّ بعين الاعتبار، وهي حقائق تأريخية لا تقبل الشکّ، أمکن أن نخرج بنتيجة وهي: أنّ ظاهرة الامامة المبکّرة کانت ظاهرة واقعية ولم تکن وهماً من الاوهام، لانّ الامام الذي يبرز علي المسرح وهو صغير فيعلن عن نفسه إماماً روحياً وفکرياً للمسلمين، ويدين له بالولاء والامامة، کلّ ذلک التيار الواسع لا بدّ أن يکون علي قدر واضح وملحوظ، بل وکبير من العلم والمعرفة وسعة الاُفق والتمکّن من الفقه والتفسير والعقائد، لأنّه لو لم يکن کذلک لما أمکن أن تقتنع تلک القواعد الشعبية بإمامته مع ما تقدّم من أنّ الائمة کانوا في مواقع تتيح لقواعدهم التفاعل معهم، وللاضواء المختلفة أن تسلّط علي حياتهم وموازين شخصيّتهم.
فهل تري أنّ صبيّاً يدعو إلي إمامة نفسه، وينصب منها علماً للاسلام، وهو علي مرأي ومسمع من جماهير قواعده الشعبيّة، فتؤمن به وتبذل في سبيل ذلک الغالي من أمنها وحياتها بدون أن تکلّف نفسها اکتشاف حالة، وبدون أن تهزّها ظاهرة هذه الامامة المبکّرة، لاستطلاع حقيقة الموقف، وتقييم هذا الصبيّ الامام؟
وهَبْ أنّ الناس لم يتحرّکوا لاستطلاع الموقف، فهل يمکن أن تمرّ المسألة أياماً وشهوراً بل أعواماً دون أن تتکشّف الحقيقة علي الرغم من التفاعل الطبيعي المستمرّ بين الصبي الامام وسائر الناس؟
وهل من المعقول أن يکون صبيّاً في فکره وعلمه حقّاً ثمّ لا يبدو ذلک من خلال هذا التفاعل الطويل؟
وإذا افترضنا أنّ القواعد الشعبية لامامة أهل البيت (عليهم السلام) لم يتح لها أن تکتشف واقع الامر، فلماذا سکتت الخلافة القائمة ولم تعمل لکشف الحقيقة إذا کانت في صالحها؟ وما کان أيسر ذلک علي السلطة القائمة لو کان الامام الصبي صبياً في فکره وثقافته - کما هو المعهود في الصبيان - وما کان أنجحه من اُسلوب أن تقدّم هذا الصبيّ إلي شيعته وغير شيعته علي حقيقته، وتبرهن علي عدم کفاءته للامامة والزعامة الروحية والفکريّة.
فلئن کان من الصعب الاقناع بعدم کفاءة شخص في الاربعين والخمسين قد أحاط بقدر کبير من ثقافة عصره لتسلّم الامامة، فليس هناک صعوبة في الاقناع بعدم کفاءة صبي اعتيادي مهما کان ذکياً وفطناً للامامة بمعناها الذي يعرفه الشيعة الاماميون، وکان هذا أسهل وأيسر من الطرق المعقّدة وأساليب القمع والمجازفة التي أنتجتها السلطات وقتئذ.
إنّ التفسير الوحيد لسکوت الخلافة المعاصرة، عن اللعب بهذه الورقة، هو أنّها أدرکت أنّ الامامة المبکّرة ظاهرة حقيقية وليست شيئاً مصطنعاً.
والحقيقة أنّها أدرکت ذلک بالفعل بعد أن حاولت أن تلعب بتلک الورقة فلم تستطع، والتأريخ يحدّثنا عن محاولات من هذا القبيل وفشلها، بينما لم يحدّثنا إطلاقاً عن موقف تزعزعت فيه ظاهرة الامامة المبکّرة وواجه فيه الصبيّ الامام إحراجاً يفوق قدرته ويزعزع ثقة الناس فيه.
وهذا معني ما قلناه من أنّ الامامة المبکّرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت وليست مجرّد افتراض، کما أنّ هذه الظاهرة الواقعية لها جذورها وحالاتها المماثلة في تراث السماء الذي امتدّ عبر الرسالات والزعامات الربانية، ويکفي مثالاً لظاهرة الامامة المبکّرة في التراث الرباني لاهل البيت (عليهم السلام) يحيي (عليه السلام) إذ قال الله سبحانه وتعالي: (يَا يَحْيَي خُذِ الکِتَابَ بِقُوَّة وَآتَيْنَاهُ الحُکْمَ صَبِيّاً).(3)
ومتي ثبت أنّ الامامة المبکّرة ظاهرة واقعية ومتواجدة فعلاً في حياة أهل البيت، لم يعد هناک اعتراض فيما يخصّ إمامة المهدي (عليه السلام) وخلافته لابيه وهو صغير.(4)
کيف نؤمن بأنه قد وجد؟
قالوا: کيف نؤمن بأنّ المهدي قد وجد؟ وهب أنّ فرضيّة القائد المنتظر ممکنة بکلّ ما تستبطنه من عمر طويل وإمامة مبکّرة وغيبة صامتة، فإنّ الامکان لا يکفي للاقتناع بوجوده فعلاً. فکيف نؤمن فعلاً بوجود المهدي؟ وهل تکفي بضع روايات تنقل في بطون الکتب عن الرسول الاعظم (صلي الله عليه وآله) للاقتناع الکامل بالامام الثاني عشر؟ علي الرغم ممّـا في هذا الافتراض من غرابة، وخروج عن المألوف، بل کيف يمکن أن نثبت أنّ للمهدي وجوداً تأريخياً حقّاً، وليس مجرّد افتراض توفّرت ظروف نفسية لتثبيته في نفوس عدد کبير من الناس؟
والجواب: أنّ فکرة المهدي بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلي الافضل، قد جاءت في أحاديث الرسول الاعظم (صلي الله عليه وآله) عموماً وفي روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) خصوصاً، وأکّدت في نصوص کثيرة بدرجة لا يمکن أن يرقي إليها الشکّ، وقد اُحصي أربعمائة حديث عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) من طرق إخواننا أهل السنّة(5)، کما اُحصي مجموع الاخبار الواردة في الامام المهدي (عليه السلام) من طرق الشيعة والسنّة فکان أکثر من ستّة آلاف رواية(6)، وهذا رقم إحصائي کبير لا يتوفّر نظيره في کثير من قضايا الاسلام البديهية التي لا يشکّ فيها مسلم عادة.
وأمّا تجسيد هذه الفکرة في الامام الثاني عشر عليه الصلاة والسلام، فهذا ما توجد مبرّرات کافية وواضحة للاقتناع به.
ويمکن تلخيص هذه المبرّرات في دليلين: أحدهما إسلامي، والاخر علمي.
فبالدليل الاسلامي نثبت وجود القائد المنتظر، وبالدليل العلمي نبرهن علي أنّ المهدي (عليه السلام) ليس مجرّد اُسطورة وافتراض، بل هو حقيقة ثبت وجودها بالتجربة التأريخية.
أمّا الدليل الاسلامي، فيتمثّل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) والائمة من أهل البيت (عليهم السلام)، والتي تدلّ علي تعيين المهدي (عليه السلام) وکونه من أهل البيت ومن ولد فاطمة (عليها السلام)، ومن ذرية الحسين (عليه السلام)، وأنّه التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)، وأنّ الخلفاء اثنا عشر، فإنّ هذه الروايات تحدّد تلک الفکرة العامة وتشخيصها في الامام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وهي روايات بلغت درجة کبيره من الکثرة والانتشار علي الرغم من تحفّظ الائمة (عليهم السلام) واحتياطهم في طرح ذلک علي المستوي العام، وقايةً للخلف الصالح (عليه السلام) من الاغتيال والاجهاز السريع علي حياته.
وليست الکثرة العددية للروايات هي الاساس الوحيد لقبولها، بل هناک إضافة إلي ذلک مزايا وقرائن تبرهن علي صحّتها، فالحديث النبوي الشريف عن الائمة والخلفاء والاُمراء بعده وأنّهم اثني عشر إماماً وخليفة وأميراً - علي اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة - قد أحصي بعض المؤلفين رواياته فبلغت أکثر من مائتين وسبعين رواية، مأخوذة من أشهر کتب الحديث عند الشيعة والسنّة بما في ذلک البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود ومسند احمد ومستدرک الحاکم علي الصحيحين.
ويلاحظ هنا أنّ البخاري الذي نقل هذا الحديث، کان معاصراً للامام الجواد والامامين الهادي والعسکري وفي ذلک مغزي کبير، لأنّه يبرهن علي أنّ هذا الحديث قد سجّل عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قبل أن يتحقّق مضمونه، وتکتمل فکرة الائمة الاثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنّه لا يوجد أيّ مجال للشکّ في أن يکون نقل الحديث متأثّراً بالواقع الامامي الاثني عشري وانعکاساً له، لانّ الاحاديث المزيّفة التي تنسب إلي النبيّ (صلي الله عليه وآله)، وهي انعکاسات وتبريرات لواقع متأخّر زمنياً، لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في کتب الحديث ذلک الواقع الذي تشکّل انعکاساً له.
فما دمنا قد ملکنا الدليل المادّي علي أنّ الحديث المذکور سبق التسلسل التأريخي للائمة الاثني عشر، وضبط في کتب الحديث قبل تکامل الواقع الامامي الاثني عشري، أمکننا أن نتأکّد من أنّ هذا الحديث ليس انعکاساً لواقع، وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوي، فقال: (إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر) وجاء الواقع الامامي الاثني عشري ابتداءً من الامام عليّ (عليه السلام) وانتهاءً بالمهدي (عليه السلام) ليکون التطبيق الوحيد المعقول لذلک الحديث النبوي الشريف.
وأمّا الدليل العلمي، فهو يتکوّن من تجربة عاشتها اُمّة من الناس فترة امتدّت سبعين سنة تقريباً، وهي فترة الغيبة الصغري، ولتوضيح ذلک نمهّد بإعطاء فکرة موجزة عن الغيبة الصغري.
إنّ الغيبة الصغري تعبّر عن المرحلة الاُولي من إمامة القائد المنتظر عليه الصلاة والسلام، فقد قدّر لهذا الامام منذ تسلّمه للامامة أن يستتر عن المسرح العام، ويظلّ بعيداً باسمه عن الاحداث، وإن کان قريباً منها بقلبه وعقله، وقد لوحظ أنّ هذه الغيبة إذا جاءت مفاجئة حقّقت صدمة کبيرة للقواعد الشعبية للامامة في الاُمّة الاسلامية، لانّ هذه القواعد کانت معتادة علي الاتصال بالامام في کلّ عصر والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاکل المتنوّعة، فإذا غاب الامام عن شيعته فجأة، وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفکرية، سبّبت هذه الغيبة المفاجئة الاحساس بفراغ دفعي هائل، قد يعصف بالکيان کلّه ويشتّت شمله، فکان لا بدّ من تمهيد لهذه الغيبة لکي تألفها هذه القواعد بالتدريج وتکيّف نفسها شيئاً فشيئاً علي أساسها، وکان هذا التمهيد هو الغيبة الصغري التي اختفي فيها الامام المهدي (عليه السلام) عن المسرح العام، غير أنّه کان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طريق وکلائه ونوّابه والثقات من أصحابه الذين يشکّلون همزة الوصل بينه وبين الناس المؤمنين بخطّه الامامي.
وقد أشغل مرکز النيابة عن الامام في هذه الفترة أربعة ممّن أجمعت تلک القواعد علي تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمنها وهم کما يلي:
1- عثمان بن سعيد العمري.
2- محمّد بن عثمان بن سعيد العمري.
3- أبو القاسم الحسين بن روح.
4- أبو الحسن عليّ بن محمّد السمري.
وقد مارس هؤلاء الاربعة مهام النيابة بالترتيب المذکور، وکلّما مات أحدهم خلفه الاخر الذي يليه بتعيين من الامام المهدي (عليه السلام).
وکان النائب يتّصل بالشيعة ويحمل أسئلتهم إلي الامام، ويعرض مشاکلهم عليه، ويحمل إليهم أجوبته شفهية أحياناً وتحريرية في کثير من الاحيان، وقد وجدت الجماهير التي فقدت رؤية إمامها العزاء والسلوة في هذه المراسلات والاتصالات غير المباشرة، ولاحظت أنّ کلّ التوقيعات والرسائل کانت ترد من الامام المهدي (عليه السلام) بخطّ واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة النوّاب الاربعة التي استمرّت حوالي سبعين عاماً.
وکان السمري هو آخر النوّاب، فقد أعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغري التي تتميّز بنوّاب معيّنين، وابتداء الغيبة الکبري التي لا يوجد فيها أشخاص معيّنون بالذات للوساطة بين الامام القائد والشيعة، وقد عبّر التحوّل من الغيبة الصغري إلي الغيبة الکبري عن تحقيق الغيبة الصغري لاهدافها وانتهاء مهمّتها، لأنّها حصّنت الشيعة بهذه العملية التدريجية عن الصدمة والشعور بالفراغ الهائل بسبب غيبة الامام (عليه السلام)، واستطاعت أن تکيّف وضع الشيعة علي أساس الغيبة، وتعدّهم بالتدريج لتقبّل فکرة النيابة العامّة عن الامام.
وبهذا تحوّلت النيابة من أفراد منصوصين إلي خطّ عام، وهو خطّ المجتهد العادل البصير باُمور الدنيا والدين تبعاً لتحوّل الغيبة الصغري إلي غيبة کبري.
والان بإمکانک أن تقدّر الموقف في ضوء ما تقدّم، لکي تدرک بوضوح أنّ المهدي (عليه السلام) حقيقة عاشتها اُمّة من الناس، وعبّر عنها السفراء والنوّاب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم مع الاخرين، ولم يلحظ عليهم أحد کلّ هذه المدّة تلاعباً في الکلام وتحايلاً في التصرّف وتهافتاً في النقل. فهل تتصوّر - بربّک - أنّ بإمکان اُکذوبة أن تعيش سبعين عاماً، ويمارسها أربعة علي سبيل الترتيب کلّهم يتّفقون عليها، ويظلّون يتعاملون علي أساسها وکأنّها قضيّة يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أيّ شيء يثير الشکّ، ودون أن يکون بين الاربعة علاقة خاصّة متميّزة تتيح لهم نحواً من التواطؤ، ويکسبون من خلال ما يتّصف به سلوکهم من واقعية ثقة الجميع وإيمانهم بواقعية القضيّة التي يدّعون أنّهم يحمونها ويعيشون معها؟!
لقد قيل قديماً أنّ حبل الکذب قصير، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أنّ من المستحيل عملياً بحساب الاحتمالات أن تعيش اُکذوبة بهذا الشکل وکلّ هذه المدّة،
وضمن کلّ تلک العلاقات والاخذ والعطاء، ثمّ تکسب ثقة جميع من حولها.
وهکذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغري يمکن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لاثبات ما لها من واقع موضوعي والتسليم بالامام القائد بولادته وحياته وغيبته وإعلانه العامّ عن الغيبة الکبري التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يکشف نفسه لاحد.(7)
لماذا لم يظهر القائد اذن؟
قالوا: لماذا لم يظهر القائد إذن طيلة هذه المدّة؟ وإذا کان قد أعدّ نفسه للعمل الاجتماعي، فما الذي منعه عن الظهور علي المسرح في فترة الغيبة الصغري، وفي أعقابها، بدلاً عن تحويلها إلي غيبة کبري، حيث کانت ظروف العمل الاجتماعي والتغييري، وقتئذ أبسط وأيسر، وکانت صلته الفعلية بالناس من خلال تنظيمات الغيبة الصغري تتيح له أن يجمع صفوفه ويبدأ عمله بداية قويّة، ولم تکن القوي الحاکمة من حوله قد بلغت الدرجة الهائله من القدرة والقوّة التي بلغتها الانسانية بعد ذلک من خلال التطوّر العلمي والصناعي؟
والجواب: أنّ کلّ عملية تغيير اجتماعي يرتبط نجاحها بشروط وظروف موضوعية، لا يتأتّي لها أن تحقّق هدفها إلاّ عندما تتوفّر تلک الشروط والظروف.
وتتميّز عملية التغيير الاجتماعي التي تفجّرها السماء علي الارض بأنّها لا ترتبط في جانبها الرسالي بالظروف الموضوعية، لانّ الرسالة التي تعتمدها عملية التغيير هنا ربّانية، ومن صنع السماء، لا من صنع الظروف الموضوعية، ولکنّها في جانبها التنفيذي تعتمد الظروف الموضوعية، ويرتبط نجاحها وتوقيتها بتلک الظروف.
ومن أجل ذلک انتظرت السماء مرور خمسة قرون من الجاهلية حتّي أنزلت آخر رسالاتها علي يد النبيّ محمّد (صلي الله عليه وآله)، لانّ الارتباط بالظروف الموضوعية للتنفيذ کان يفرض تأخّرها علي الرغم من حاجة العالم إليها منذ فترة طويلة قبل ذلک.
والظروف الموضوعية التي لها أثر في الجانب التنفيذي من عملية التغيير، منها ما يشکّل المناخ المناسب والجوّ العامّ للتغيير المستهدف، ومنها ما يشکّل بعض التفاصيل التي تتطلّبها حرکة التغيير من خلال منعطفاتها التفصيلية، فبالنسبة إلي عملية التغيير التي قادها مثلاً لينين في روسيا بنجاح، کانت ترتبط بعامل من قبيل قيام الحرب العالمية الاُولي وتضعضع القيصرية، وهذا ما يساهم في إيجاد المناخ المناسب لعملية التغيير، وکانت ترتبط بعوامل اُخري جزئية ومحدودة من قبيل سلامة لينين مثلاً في سفره الذي تسلّل فيه إلي داخل روسيا وقاد الثورة، إذ لو کان قد اتّفق له أيّ حاديث يعيقه لکان من المحتمل أن تفقد الثورة بذلک قدرتها علي الظهور السريع علي المسرح.
وقد جرت سنّة الله تعالي التي لا تجد لها تحويلاً في عمليات التغيير الرباني علي التقيّد من الناحية التنفيذية بالظروف الموضوعية التي تحقّق المناخ المناسب والجوّ العامّ لانجاح عملية التغيير، ومن هنا لم يأت الاسلام إلاّ بعد فترة من الرسل وفراغ مرير استمرّ قروناً من الزمن.
فعلي الرغم من قدرة الله سبحانه وتعالي علي تذليل کلّ العقبات والصعاب في وجه الرسالة الربّانية وخلق المناخ المناسب لها خلقاً بالاعجاز، لم يشأ أن يستعمل هذا الاُسلوب، لانّ الامتحان والابتلاء والمعاناة التي من خلالها يتکامل الانسان يفرض علي العمل التغييري الرباني أن يکون طبيعياً وموضوعياً من هذه الناحية.
وهذا لا يمنع عن تدخّل الله سبحانه وتعالي أحياناً فيما يخصّ بعض التفاصيل التي لا تکون المناخ المناسب، وإنّما قد يتطلّبها أحياناً التحرّک ضمن ذلک المناخ المناسب، ومن ذلک الامدادات والعنايات الغيبية التي يمنحها الله تعالي لاوليائه في لحظات حرجة، فيحمي بها الرسالة، وإذا بنار نمرود تصبح برداً وسلاماً علي إبراهيم، وإذا بيد اليهودي الغادر التي ارتفعت بالسيف علي رأس النبيّ (صلي الله عليه وآله) تشلّ وتفقد قدرتها علي الحرکة، وإذا بعاصفة قويّة تجتاح مخيّمات الکفر والمشرکين الذين أحدقوا بالمدينة في يوم الخندق وتبعث في نفوسهم الرعب.
إلاّ أنّ هذا کلّه لا يعدو التفاصيل، وتقديم العون في لحظات حاسمة بعد أن کان الجوّ المناسب والمناخ الملائم لعملية التغيير علي العموم قد تکون بالصورة الطبيعية ووفقاً للظروف الموضوعية.
وعلي هذا الضوء ندرس موقف الامام المهدي (عليه السلام) لنجد أنّ عملية التغيير التي أعدّ لها ترتبط من الناحية التنفيذية کأيّ عملية تغيير اجتماعي اُخري بظروف موضوعية تساهم في توفير المناخ لها، ومن هنا کان من الطبيعي أن توقّت وفقاً لذلک.
ومن المعلوم أنّ المهدي (عليه السلام) لم يکن قد أعدّ نفسه لعمل اجتماعي محدود، ولا لعملية تغيير تقتصر علي هذا الجزء من العالم وذاک، لانّ رسالته التي ادّخر لها من قبل الله سبحانه وتعالي هي تغيير العالم تغييراً شاملاً، وإخراج البشرية کلّ البشرية من ظلمات الجور إلي نور العدل، وعملية التغيير الکبري هذه لا يکفي في ممارستها مجرّد وصول الرسالة والقائد الصالح، وإلاّ لتمّت شروطها في عصر النبوّة بالذات، وإنّما تتطلّب مناخاً عالمياً مناسباً وجوّاً عامّاً مساعداً يحقّق الظروف الموضوعية المطلوبة لعملية التغيير العالمية.
فمن الناحية البشرية يعتبر شعور إنسان الحضارة بالنفاد عاملاً أساسياً في خلق ذلک المناخ المناسب لتقبّل رسالة العدل الجديدة، وهذا الشعور بالنفاد يتکوّن ويترسّخ من خلال التجارب الحضارية المتنوّعة التي يخرج منها إنسان الحضارة مثقلاً بسلبيات ما بني، مدرکاً حاجته إلي العون، ملتفتاً بفطرته إلي الغيب وإلي المجهول.
ومن الناحية المادية يمکن أن تکون شروط الحياة المادية الحديثة أقدر من شروط الحياة القديمة في عصر کعصر الغيبة الصغري علي إنجاز الرسالة علي صعيد العالم کلّه، وذلک بما تحقّقه من تقريب المسافات، والقدرة الکبيرة علي التفاعل بين شعوب الارض، وتوفير الادوات والوسائل التي يحتاجها جهاز مرکزي لممارسة توعية شعوب العالم وتثقيفها علي أساس الرسالة الجديدة.
وأمّا ما اُشير إليه في السؤال من تنامي القوي والاداة العسکرية التي يواجهها القائد في اليوم الموعود کلّما أجّل ظهوره، فهذا صحيح. ولکن ماذا ينفع نموّ الشکل المادّي للقوّة مع الهزيمة النفسية من الداخل، وانهيار البناء الروحي للانسان الذي يملک کلّ تلک القوي والادوات؟ وکم من مرّة في التأريخ انهار بناء حضاري شامخ بأوّل لمسة غازية، لأنّه کان منهاراً قبل ذلک، وفاقداً الثقة بوجوده والقناعة بکيانه والاطمئنان إلي واقعه.(8)
الهوامش:
(1) إعلام الوري: 477 ـ 478، کشف الغمّة 3: 356.
(2) أعيان الشيعة 2: 64، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 79.
(3) مريم: 12.
(4) بحث حول المهدي (عليه السلام) / الشهيد الصدر: 27 ـ 32.
(5) يلاحظ کتاب (المهدي) للسيّد حسن الصدر قدّس الله روحه الزکيّة.
(6) يلاحظ کتاب منتخب الاثر في الامام الثاني عشر / للشيخ لطف الله الصافي.
(7) بحث حول المهدي (عليه السلام) / الشهيد الصدر: 32 ـ 38.
(8) بحث حول المهدي (عليه السلام) / الشهيد الصدر: 38 ـ 42.
******************
هل للفرد القدرة علي انجاز هذا الدور العظيم؟
قالوا: هل للفرد مهما کان عظيماً القدرة علي إنجاز هذا الدور العظيم؟ وهل الفرد العظيم إلاّ ذلک الانسان الذي ترشّحه الظروف ليکون واجهته له في تحقيق حرکتها؟
الجواب: الفکرة في هذا السؤال ترتبط بوجهة نظر معيّنة للتأريخ تفسّره علي أساس أنّ الانسان عامل ثانوي فيه، والقوي الموضوعية المحيطة به هي العامل الاساسي، وفي إطار ذلک لن يکون الفرد في أفضل الاحوال إلاّ التعبير الذکي عن اتجاه هذا العامل الاساسي.
إنّ التأريخ يحتوي علي قطبين: أحدهما الانسان، والاخر القوي المادية المحيطة به. وکما تؤثّر القوي المادية وظروف الانتاج والطبيعة في الانسان، يؤثّر الانسان أيضاً فيما حوله من قوي وظروف، ولا يوجد مبرّر لافتراض أنّ الحرکة تبتدئ من المادّة وتنتهي بالانسان إلاّ بقدر ما يوجد مبرّر لافتراض العکس، فالانسان والمادّة يتفاعلان علي مرّ الزمن، وفي هذا الاطار بإمکان الفرد أن يکون أکبر من ببغاء في تيّار التأريخ، وبخاصّة حين ندخل في الحساب عامل الصلة بين هذا الفرد والسماء، فإنّ هذه الصلة تدخل حينئذ کقوّة موجّهة لحرکة التأريخ.
وهذا ما تحقّق في تأريخ النبوّات، وفي تأريخ النبوّة الخاتمة بوجه خاصّ، فإنّ النبيّ محمّد (صلي الله عليه وآله) بحکم صلته الرسالية بالسماء، تسلّم بنفسه زمام الحرکة التأريخية، وأنشأ مدّاً حضارياً لم يکن بإمکان الظروف الموضوعية التي کانت تحيط به أن تتمخّض عنه بحال من الاحوال.
وما أمکن أن يقع علي يد الرسول الاعظم يمکن أن يقع علي يد القائد المنتظر من أهل بيته (عليهم السلام) الذي بشّر به ونوّه عن دوره العظيم.(1)
ما هي طريقة التغيير في اليوم الموعود؟
قالوا: ما هي طريقة التغيير في اليوم الموعود؟ وما هي الطريقة التي يمکن أن نتصوّر من خلالها ما سيتمّ علي يد ذلک الفرد من انتصار حاسم للعدل، وقضاء علي کيانات الظلم المواجهة له؟
الجواب: الجواب المحدّد علي هذا السؤال، يرتبط بمعرفة الوقت والمرحلة التي يقدّر للامام المهدي (عليه السلام) أن يظهر فيها علي المسرح، وإمکان افتراض ما تتميّز به تلک المرحلة من خصائص وملابسات، لکي ترسم في ضوء ذلک الصورة التي قد تتّخذها عملية التغيير، والمسار الذي قد تتحرّک ضمنه، وما دمنا نجهل المرحلة، ولا نعرف شيئاً عن ملابساتها وظروفها، فلا يمکن التنبّؤ العلمي بما سيقع في اليوم الموعود.
وإن أمکنت الافتراضات والتصوّرات التي تقوم في الغالب علي أساس ذهني، لا علي اُسس واقعية عينية، فهناک افتراض أساسي واحد بالامکان قبوله علي ضوء الاحاديث التي تحدّثت عنه، والتجارب التي لوحظت لعمليات التغيير الکبري في التأريخ، وهو افتراض ظهور المهدي (عليه السلام) في أعقاب فراغ کبير يحدث نتيجة نکسة وأزمة حضارية خانقة، وذلک الفراغ يتيح المجال للرسالة الجديدة أن تمتدّ، وهذه النکسة تهيّئ الجوّ النفسي لقبولها، وليست هذه النکسة مجرّد حادثة تقع صدفة في تأريخ الحضارة الانسانية، وإنّما هي نتيجة طبيعية لتناقضات التأريخ المنقطع عن الله سبحانه وتعالي التي لا تجد لها في نهاية المطاف حلاً حاسماً، فتشتعل النار التي لا تبقي ولا تذر، ويبرز النور في تلک اللحظة ليطفئ النار، ويقيم علي الارض عدل السماء.(2)
فهذا جواب أهمّ ما أورده المخالفون من الشبه والتساؤلات حول عقيدة المهدي (عليه السلام) وما يمکن أن يرد لهم في ذلک، ولله الحمد والمنّة ومنه نستمدّ العون والتوفيق.
علي أنّ من تأمّل کتابنا هذا، ونظر فيه بعين الانصاف، وتصفّح ما أثبتناه من الفصول، وصل إلي الحقّ والصواب، ونحمد الله علي ما يسّره من ذلک وسهّله وأعان عليه ووفّق له، ونسأله سبحانه وتعالي أن يجعل ما عملناه خالصاً لوجهه، وموصلاً إلي ثوابه، ومنجياً من عقابه، ونلتمس دعاء من استفاد منه من الاخوة المؤمنين، والله المعين. والحمد لله ربّ العالمين.
المهدي في الشعر والنثر
لقد أکثر محبّو أهل البيت (عليه السلام) من الشعراء من مدحهم والثناء عليهم، وذلک لوجوب حقّهم علي جميع المسلمين بنصّ القرآن الکريم في آية المودّة، ولفرض محبّتهم والتمسّک بهم بنصّ الرسول الاعظم (صلي الله عليه وآله) في حديث الثقلين، فهم أحد الثقلين اللذين خلّفهما (صلي الله عليه وآله) بين ظهراني المسلمين ليؤدّوا دورهم الرسالي والريادي في حياة الاُمّة، وکان للامام المهدي (عليه السلام) باعتباره خاتم الائمة (عليهم السلام) وأمل الخلاص من الظلم والجور النصيب الاوفر من المدح والذکر في الشعر والنثر، ولو أردنا جمع الاشعار والارجاز التي قيلت فيه (عليه السلام) لخرجنا عن موضوع الکتاب.
فلو جمعنا الردود الشعرية وقل النقائض العقائدية التي کتبها جيل من العلماء والشعراء ردّاً علي قصيدة واحدة وردت إلي النجف الاشرف سنة 1317 هـ من أحد الشعراء البغداديين المنکرين للامام المهدي (عليه السلام)، لاستطعنا أن نضع ديواناً کاملاً من غرر الشعر ونفيسه.
وقد اقتطفنا شذرات من جملة الردود علي هذه القصيدة في هذا الفصل أربعة قصائد هي: قصيدة السيّد رضا الهندي، وقصيدة السيّد محسن الامين العاملي، وقصيدة الشيخ محمّد حسين کاشف الغطاء، وقصيدة الشيخ محمّد جواد البلاغي، لتکون دليلاً علي غيرها، ولتعمّق الادلّة الواردة من هؤلاء العلماء والمستندة إلي الکتاب والسنّة في إثبات غيبة الامام المهدي (عليه السلام)، وردّ الشبهات الواردة في قصيدة المنکر بأدلّة ساطعة وبراهين واضحة وحجج دامغة.
وفي هذه المجموعة الشعرية التي اخترناها تجد أنّ ذکر الامام المهدي (عليه السلام) وغيبته والبشارة بظهوره کانت سابقة لولادته، فقد ورد ذکره في الشعر علي لسان زيد بن علي (عليه السلام) ودعبل بن علي الخزاعي والسيّد الحميري وابن الرومي ومحمّد ابن حبيب الضبّي ويحيي بن عقب وغيرهم ممّن ذکروه (عليه السلام) قبل ولادة الامام المهدي (عليه السلام)، وفي ذلک دليل ساطع وواضح علي صحّة الاعتقاد بظهور المهدي يضاف إلي الادلّة المفصّلة في الکتاب الکريم والسنّة النبويّة الشريفة والتي ذکرناها سلفاً في فصول هذا الکتاب.
وفي هذه المجموعة الشعرية التي جمعناها تجد أنّ الاعتقاد بظهور المهدي (عليه السلام) وکونه الثاني عشر من خلفاء النبيّ (صلي الله عليه وآله) لم يکن مقتصراً علي شعراء الشيعة وحسب، بل إنّه من العقائد الراسخة عند بعض أعلام العامة، کمحمّد بن طلحة الشافعي، وصدر الدين القونوي، وعبد الرحمن البسطامي، وعامر بن عامر البصري، ومحيي الدين بن عربي، وعبد الکريم اليماني، والفضل بن روزبهان، وشمس الدين ابن طولون، وابن أبي الحديد المعتزلي وغيرهم، وفي ذلک دليل يضاف إلي الادلّة الکثيرة التي تحکي لنا عن اتّفاق المسلمين علي هذا الاعتقاد الذي يعدّ من ضرورات العقيدة الاسلامية.
وفيما يلي نورد هذه المجموعة الشعرية المختارة مرتّبة علي أسماء الشعراء، وتبدأ بالشعر المنسوب إلي الائمة (عليهم السلام):
علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام
أورد علي بن يونس البياضي قصيدة لامير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته لمحمّد بن الحنفيّة، قال (عليه السلام):
بُنيّ إذا ما جاشت الترک فانتظر
وذلّت ملوک الظلم من آل هاشم
صبيّ من الصبيان لا رأي عنده
فثمّ يقوم القائم الحقّ فيکم
سميّ نبيّ الله روحي فداؤه ولاية مهديٍّ يقوم فيعدلُ
وبويع منهم من يلذّ ويهزلُ
ولا هو ذو جِدّ ولا هو يعقلُ
وبالحقّ يأتيکم وبالحقّ يفعلُ
فلا تخذلوه يا بنيّ وعجّلوا (3)
الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن ابن أبي عمير، عمّن سمع أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول:
لکلّ اُناس دولة يرقبونها ودولتنا في آخر الدهر تظهرُ(4)
الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام
وأخرج الحمويني الشافعي في فرائد السمطين عن احمد بن زياد عن دعبل ابن عليّ الخزاعي، قال: أنشدت قصيدة لمولاي الامام الرضا (عليه السلام) أوّلها:
مدارس آيات خلت من تلاوة
أري فيأهم في غيرهم متقسّماً ومنزل وحي مقفر العرصاتِ
وأيديهم من فيئهم صفراتِ
إلي أن يقول:
وقبرٌ ببغداد لنفس زکيّة تضمّنها الرحمن في الغُرفاتِ
قال لي الرضا (عليه السلام): ألحق هذين البيتين بقصيدتک.
قلت: بلي يا بن رسول الله.
فقال (عليه السلام):
وقبرٌ بطوس يا لها من مصيبة
إلي الحشر حتّي يبعث الله قائماً ألحّت علي الاحشاءِ بالزفراتِ
يفرّج عنّا الهمّ والکُرباتِ(5)
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي
قال من قصيدة سمّـاها (وسيلة الفوز والامان في مدح صاحب الزمان(عليه السلام))، مطلعها:
سري البرق من نجد فهيّج تذکاري
وهيّج من أشواقنا کلّ کامن عهوداً بحزوي والعذيب وذي قارِ
وأجّج في أحشائنا لاعج النارِ
إلي أن قال:
أيا حجّة الله الذي ليس جارياً
ويا مَنْ مقاليد الزمان بکفّه
أغث حوزة الاسلام واعمر ربوعه
وأنقذ کتاب الله من يد عصبة
وخلّص عباد الله من کلّ غاشم
وعجّل فداک العالمون بأسرهم
تجد من جنود الله خير کتائب
بهم من بني همدان أخلص فتية
أيا صفوة الرحمن دونک مدحة بغير الذي يرضاه سابق أدوارِ
وناهيک من مجد به خصّه الباري
فلم يبق منها غير دارس آثارِ
عصوا وتمادوا في عتوٍّ وإصرارِ
وطهّر بلاد الله من کلّ کفّارِ
وبادر علي اسم الله من غير إنظارِ
وأکرم أعوان وأشرف أنصارِ
يخوضون أغمار الوغي غير فکّارِ
کدّر عقود في ترائب أبکارِ(6)
السيد جعفر الحلي
قال من قصيدة له في استنهاض الامام الحجّة (عليه السلام):
أدرک تراتک(7) أيّها الموتور
ما صارم إلاّ وفي شفراته
أنت الوليّ لمن بظلم قتّلوا
خذهم فسنّة جدّکم ما بينهم
واسأل بيوم الطفّ سيفک إنّه
يوم أبوک السبط شمّر غِيرةً
أضحي يقيم العدل وهو مهدّم فلکم بکلّ يد دمٌ مهدورُ
نحر لال محمّد منحورُ
وعلي العدي سلطانک المنصورُ
منسيّة وکتابکم مهجورُ
قد کلّم الابطال فهو خبيرُ
للدين لمّـا أن عفاه دُثورُ
ويجبّر الاسلام وهو کسيرُ(8)
السيد جعفر مرتضي العاملي
قال في قصيدة بعنوان الانتظار المرّ مزجاة إلي وليّ العصر عجّل الله فرجه الشريف، نقتطف منها ما يفي بالحاجة:
صفوة الخلق معدنَ المکرماتِ
يا إمام الاحرار يا ذروة المـمجدِ
أنت للمؤمنين واحةُ أمن
سيّدي جئت أطلب الرِّفْدَ فاعطف
أتمنّي رضاک فهو نجاة
أتراني أحظي بقربک يوماً
آه يا ليتني أراک وأنّي
اُمنيات عزيزة وعذابٌ سابقَ السابقين بالخيراتِ
ويا نجدةَ السُّراةِ الکفاةِ
أنت سيفٌ علي رقاب الطغاةِ
واستجب لي بحقّ ذي الثَّفناتِ
لي، فأنتم - والله - فُلْکُ النجاةِ
أتراني أراک قبل وفاتي
منک قد نلت أعظم البرکاتِ
حبّذا لو تحقّقت اُمنياتي(9)
السيد حيدر الحلي
قال يرثي الامام الحسين (عليه السلام) ويستنهض الحجّة المهدي المنتظر (عليه السلام):
الله يا حامي الشريعه
بک تستغيثُ وقلبها
مات التصبّر بانتظارک
فانهض فما أبقي التحمّلُ
قد مزَّقت ثوبَ الاسي
کم ذا القعود ودينکم
فاشحذ شبا عضب له أتقرّ وهي کذا مروعه
لک عن جوي يشکو صدوعه
أيّها المحيي الشريعه
غيرَ أحشاء جَزوعه
وشکت لواصِلها القطيعه
هُدمت قواعده الرفيعه
الارواحُ مُذعنةٌ مطيعه(10)
السيد رضا الهندي
قال في الامام المهدي (عليه السلام) ورثاء الامام الحسين (عليه السلام):
أيّان تنجز لي يا دهر ما تَعِدُ
طال الزمان وعندي بَعدُ اُمنيةٌ قد عشَّرتْ فيک آمالي ولا تَلِدُ
يأتي عليها ولا يأتي بها الامدُ
إلي أن يقول:
يا صاحب العصر أدرکنا فليس لنا
طالت علينا ليالي الانتظار فهل
فاکحل بطلعتک الغرّا لنا مُقَلاً
ها نحن مرمي لنَيل النائباتِ وهل
کم ذا يؤلّف شمل الظالمين لکم
فانهض فدتک بقايا أنفس ظفرت
هب أنّ جندک معدودٌ فجدّک قد
غداة جاهد من أعدائه نفراً
وعصبة جحدوا حقّ الحسين کما وِردٌ هنيٌّ ولا عيش لنا رغدُ
يا ابن الزکيّ لليل الانتظار غدُ
يکاد يأتي علي إنسانها الرمدُ
يغني اصطبار وَهي من درعه الجَلَدُ
وشملکم بيدي أعدائکم بددُ
بها النوائب لمّـا خانها الجلدُ
لاقي بسبعين جيشاً ما له عددُ
جدُّوا بإطفاء نور الله واجتهدوا
من قبل حقّ أبيه المرتضي جحدوا (11)
الشيخ عبد الرحمن البسطامي
قال في الامام المهدي (عليه السلام):
ويظهر ميم المجد من آل احمدِ
فهذا هو المهدي بالحقّ ظاهر
ويملا کلّ الارض بالعدل رحمةً
ولايته بالامر من عند ربّه ويظهر عدل الله في الناس أوّلا
سيأتي من الرحمن للخلق مرسلا
ويمحو ظلام الشرک والجور أوّلا
خليفة خير الرسل من عالم العلا (12)
عز الدين ابن أبي الحديد
قال من قصيدة طويلة يمدح بها أمير المؤمنين (عليه السلام) ويخاطبه:
ولقد علمت بأنّه لا بدّ من
تحميه من جند الاله کتايبٌ
ورجال موت مقدّمون کأنّهم مهديّکم وليومه أتوقّعُ
کالبحر أقبل زاخراً يتدفّعُ
اُسد العرين الرُّبْد لا تتکعکعُ(13)
الشيخ علي الشهيفيني الحلي
قال من قصيدة طويلة في الامام المهدي (عليه السلام):
وإنّي مشتاق إلي نور بهجة
ظهور أخي عدل له الشمس آية
متي يظهر المهديّ من آل احمد سنا فجرها يجلو ظلام فجورها
من الغرب تبدو معجزاً في ظهورها
علي سيرة لم يبقَ غير يسيرها (14)
الفضل بن روزبهان
قال من قصيدة ذکر فيها النبيّ (صلي الله عليه وآله) والائمة الاثني عشر (عليهم السلام)، مطلعها:
سلامٌ علي المصطفي المجتبي سلامٌ علي السيّد المرتضي
إلي أن قال:
سلامٌ علي القائم المنتظر
سيطلع کالشمس في غاسق
تري يملا الارض من عدله
سلامٌ عليه وآبائه أبي القاسم القرم نور الهدي
ينجيه من سيفه المنتقي
کما ملئت جور أهل الهوي
وأنصاره ما تدوم السما (15)
الهوامش:
(1) بحث حول المهدي (عليه السلام) / الشهيد الصدر: 42 ـ 43.
(2) بحث حول المهدي (عليه السلام) / الشهيد الصدر: 44.
(3) إثبات الهداة 7: 267.
(4) بحار الانوار 51: 143 / 3.
(5) إحقاق الحقّ 19: 647.
(6) المجالس السنيّة 5: 743 ـ 447، وأورد الحرّ العاملي ستّة أبيات منها في إثبات الهداة 7: 252.
(7) الترات: الدماء والثارات.
(8) المنتخب من الشعر الحسيني: 184.
(9) دراسة في علامات الظهور والجزيرة الخضراء: 9 ـ 15.
(10) الديوان: 88 ـ 90.
(11) الديوان: 44 ـ 45.
(12) الامام المهدي (عليه السلام) / علي محمّد دخيل: 248 / 27.
(13) القصائد العلويات: 144، وأخرج منها الشيخ الحرّ العاملي ثلاثة أبيات في إثبات الهداة 7: 252.
(14) إثبات الهداة 7: 268.
(15) کشف الاستار: 75.
******************
السيد محسن الامين العاملي
قال رادّاً علي قصيدة وردت من بغداد سنة 1317 هـ إلي النجف الاشرف من أحد المنکرين لغَيبة الامام المهدي (عليه السلام)، وهذه القصيدة وأخواتها التي أشرنا إليها في مقدّمة هذا الفصل تعدّ من القصائد التي تکتسب أهمية خاصة في الادب العربي، وتحتلّ مکانة مهمة في أدب النقائض العقائدية.
ودونک أبياتاً منها اقتطفناها لموضع الحاجة:
نأوا وبقلبي من فراقهم جمرُ
ولست أري ماء المدامع مطفئاً
وأورثني بُعد الاحبّة لوعة
ولولا تسلّي القلب منهم بأوبة
بذلت لهم أغلي الذي ملکت يدي
ويحلو لقلبي کلّما مرّ ذکرهم وفي الخدّ من دمعي لبينهم غمرُ
لهيب الحشا منّي ولو أنّه نهرُ
تؤزّ الحشا منها کما أزّت القدرُ
لطار ولم تغن الجوانح والصدرُ
وأصبح حظّي منهم الصدّ والهجرُ
بنفسي أفدي من حلَوا کلّما مرُّوا
(الدليل علي وجوده بالفعل وغيبته بعد الفراغ من إثبات إمکانه)
ففي الثقلين قد أتتنا رواية
يقول نبيّ الله إنّي تارکٌ
ترکت کتاب الله فيکم وعترتي
هما مرجع للخلق لن يتفرّقا
فما ضلّ من کانا له متمسّکاً
فأثبت هذا القول للال عصمةً تحقّ بها الدعوي ويندفع الاصرُ
لکم هادياً يبقي وإن فني الدهرُ
هم أهل بيتي السادة القادة الغرُّ
إلي أن يکون النشر للناس والحشرُ
ولا خاب من آل النبيّ له ذخرُ
وقدراً تسامي أن يدانيه قدرُ
(إلي أن ذکر القائلين بوجود صاحب الزمان من علماء أهل السنّة)
وقد قال منکم عدّة بوجوده
فهذا الفقيه الشافعي ابن طلحة
يقول بما قلنا به في مطالب السؤول
کذاک الفقيه الشافعيّ ابن يوسف
کفايته تکفي وهذا بيانه
کذا المالکيّ الحبر نجل محمّد
يقول بهذا في فصول مهمّة
وذا السبط للجوزي قال بقولنا
وکم من کنوز بالفتوحات فتحت
کذا الفاضل الجامي منه شواهد الـنبوّة
وفي روضة الاحباب أيّ حدائق
وکم قد جلا فصل الخطاب مقالة
ومرآة أسرار الاله بدت لنا
وممّـا يقول المولويّ معلّقاً
وهذا ابن شمس الدين کالشمس أصبحت
وقد قال عبد الحقّ والحقّ قوله
بأن غاب في السرداب صاحب عصرنا
ويخرج منه حين يأذن ربّه
أبينوا لنا من قال منّا بهذه
وإلاّ فأنتم ظالمون لنا بما
فدونکها من هاشميّ خريدة
وسمعاً إمام العصر منّي قصيدة
لحضرتک العلياء عفواً زففتها
بمدحکم ازدانت وحُلّي جيدها ثقات لديکم ما عديدهم نزرُ
الذي لا توازي علمه الابحر الغزرُ
ببرهان به يشرح الصدرُ
محمّد الکنجي من علمه البحرُ
لقد بان منه الحقّ واتّضح الامرُ
عليّ ابن صيّاغ هو الثقة البرُّ
له وعلي فصل الربيع لها الفخرُ
بتذکرة خصّت وعمّ لها الذکرُ
ومنها غدا يستخرج الردّ والتبرُ
أزکي شاهد ضمّه الدهرُ
تفتح فيها من أکمّته الزهرُ
هي الفصل حقّاً لا الخطابة والشعرُ
ولادته منها کما بزغ البدرُ
علي نفحات الاُنس قد نفح النشرُ
هدايته حتّي اهتدين بها الزهرُ
بذلک والاقوال من مثله کثرُ
وأمسي مقيماً فيه ما بقي الدهرُ
بذلک لا يعروه خوفٌ ولا ذعرُ
وهل ضمّ هذا القول من کتبنا سفرُ
نسبتم، وإن تأبّوا فموعدنا الحشرُ
مضامينها نورٌ وألفاظها درُّ
کغانية حسناء أبرزها الخدرُ
وليس لها غير القبول لها مهرُ
ومن ذکرکم قد راح يحسدها العطرُ(1)
الشيخ محمد جواد البلاغي
هذه القصيدة هي إحدي القصائد التي اخترناها من مجموعة القصائد التي جاءت ردّاً علي القصيدة التي وردت من بغداد سنة 1317 هـ إلي النجف من أحد المنکرين لوجود الامام المهدي (عليه السلام):
أطعت الهوي فيهم وعاصاني الصبرُ
أنست بهم سهل القفار ووعرها
أخا سفر ولهان أغتنم السُّري
وفي خبر الثقلين هاد إلي الذي
إذا قال خير الرسل لن يتفرّقا
وما إن تمسّکتم بتينک إنّهم
ولمّـا انطوي عصر الخلافة وانتهي فها أنا ما لي فيه نهيٌ ولا أمرُ
فما راعني منهنّ سهلٌ ولا وعرُ
من اللّيل تغليساً إذا عرّس السفرُ
تنازع فيه الناس والتبس الامرُ
فکيف إذن يخلو من العترة العصرُ
هم السادة الهادون والقادة الغرُّ
ولفّ بساط العدل وابتدأ الشرُّ
إلي أن قال:
وغاب بأمر الله للاجل الذي
وأوعده أن يحيي الدين سيفه
ويخدمه الاملاک جنداً وإنّه
وإنّ جميع الارض ترجع ملکه
فأيقن أنّ الوعد حقّ وأنّه
فسلّم تفويضاً إلي الله صابراً
ولم يکُ من خوف الاذاة اختفاؤه
وحاشاه من جبن ولکن هو الذي
أکُلّ اختفاء خلت من خيفة الاذي
وکلّ فرار خلت جبناً فربما
فکم قد تمارت للنبيّين غيبة
وإنّ بيوم الغار والشعب قبله
ولم أدرِ لم أنکرت کون اختفائه
أتحصر أمر الله في العجز أم لدي
فذلک أدهي الداهيات ولم يقل
أيعجز ربّ الخلق عن نصر حزبه
وکم مختف بين الشعاب وهارب
لئن غاب في السرداب يوماً فإنّما
ولم يتّخذه البدر برجاً وإنّما
وها هو بين الناس کالشمس ضمّها
به تدفع الجلي ويستنزل الحيا
ولا عجب إن کان في کلّ حجّة
ويعرفه البيت الحرام ورکنه
ولکنّه عن أعين الناس غائبٌ
تعرّفنا ابن العسکريّ وإنّه
تبعنا هدي الهادي فأبلغنا المدي يراد له في علمه وله الامرُ
وفيه لدين المصطفي يدرک الوترُ
يشدّ له بالروح في ملکه أزرُ
ويملاها قسطاً ويرتفع المکرُ
إلي وقت عيسي يستطيل له العمرُ
وعن أمره منه النهوض والصبرُ
ولکن بأمر الله خير له السترُ
غداً يحتشيه من حوي البرّ والبحرُ
فربّ اختفاء فيه يستنزل النصرُ
يفرّ أخو بأس ليمکنه الکرُّ
علي موعد فيها إلي ربّهم فرّوا
غناءٌ کما يغني عن الخَبر الخُبرُ
بأمر الذي يعيي بحکمته الفکرُ
إقامة ما لفّقت أقعدک الحصرُ
به أحدٌ إلاّ أخو السفه الغمرُ
علي غيرهم کلاّ فهذا هو الکفرُ
إلي الله في الاجبال يألفه النسرُ
علي الناس من اُمّ القري يطلع البدرُ
غدا اُفقاً من خطّه يضرب السترُ
سحاب ومنها يشرق البرّ والبحرُ
وتستنبت الغبرا ويستکشف الضرُّ
يحجّ وفيه يسعد النحر والنفرُ
وزمزم والاستار والخيف والحجرُ
کما غاب بين الناس إلياس والخضرُ
هو القائم المهديّ والواتر الوترُ
بنور الهدي والحمد لله والشکرُ(2)
الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي
قال من قصيدة طويلة:
ليت شعري هل أدرک القائم
غير أنّي علمت علماً يقيناً
أن سيغدو له علي کلّ قطر المهدي يقضي بأمره ما يشاءُ
ليس فيه تردّد وامتراءُ
في جميع الممالک استيلاءُ(3)
وقوله من قصيدة طويلة:
يا أيّها القائم المهديّ يا أملي
إلا مَ حتّا مَ يا مولي الانامِ لقد
ما زلت للقائم المهديّ مرتقباً
إلا مَ حتّا مَ قد طال انتظاري يا أرجو لقاءک في الدنيا ولطفک بي
طال انتظاري فهل للقرب من سببِ
شوقاً وإن کان غيري غير مرتقبِ
خير الانام فقم واحضر ولا تغبِ(4)
الهوامش:
(1) ملحقات کشف الاستار: 273 ـ 288، البرهان علي وجود صاحب الزمان (عليه السلام): 5 ـ 104.
(2) ملحقات کشف الاستار: 263 ـ 268.
(3) إثبات الهداة 7: 255.
(4) إثبات الهداة 7: 256.
******************
الشيخ محمد حسين الاصفهاني
قال في مولد وليّ العصر وحجّة الدهر الامام المنتظر المفدّي صاحب الزمان المهديّ بن الحسن صلوات الله عليه:
قد حاز شعبان عظيم الشرفِ
فقد تحلّي فيه وجد الباري
وأيّ نور هو نور النور
أشرق نور من سماء الذاتِ
نور الولاية المحمّديه
به استنار عالم الامکانِ
أشرق کالشمس ضحي النهارِ
ليس سواه نيّر مغيبُ
أکرم به من غائب مشهودِ
غرّته قرّة عين المعرفه
تشرق من طلعته شمس الابد
وهو وليّ الامر لا سواه
ومصدر الوجود في البدايه
کَلّ لسان المدح عن جلاله
بذلک الجلال والجمال
بشراک يا فاتحة الوجودِ
متي نراک مدرکاً للثارِ
تحيي به العباد والبلاد
متي نري منهلک العذب الروي
يا ربّ عجّل لوليّک الفرج
وانصر به الدين وأهله کما من معدن اللطف الجليّ والخفي
بنوره القاهر للانوارِ
يندکّ في سناه نورُ الطورِ
تجلو به حقائق الصفاتِ
في أعظم المظاهر العليّه
بل نشأة الثبوت للاعيانِ
من مستسرّ عالم الاسرارِ
فهو عن الغصب المصون يغربُ
بدا من الغيب إلي الشهودِ
حقيقة الحقّ بها منکشفه
ليس لها حدّ ولا لها أمد
ومبدأ الخير ومنتهاهُ
وغاية الايجاد في النهايه
وأبهر العقول في جماله
قد ختمت دائرة الکمال
بخاتم الولاية الموعودِ
تبتر الاعمار بالبتّارِ
تشفي به الصدور والاکباد
من بعد أن طال الصدي فنرتوي
فإنّنا في کلّ ضيق وحرج
وعدته من منک أوفي ذمما (1)
الشيخ محمد حسين کاشف الغطاء
هذه هي القصيدة الرابعة التي اخترناها من مجموعة القصائد التي جاءت ردّاً علي القصيدة الواردة من بغداد إلي النجف سنة 1317 هـ من أحد المنکرين للامام المهدي (عليه السلام):
بنفسي بعيد الدار قرّبه الفِکرُ
تَستّر لکن قد تجلّي بنوره
ولاح لهم في کلّ شيء تجلّياً
ألا طُل وإنْ عذّبت يا ليل بعده
وأقصر أطلت اللوم يا عاذلي به
عداک السنا من هذه الجذوة التي
وما الحبّ إلاّ سدرة المنتهي التي
حبيبي بک الاشياء قامت فما الذي
بفيک جرت عين الحياة ومذ دنا
ولي فيک سرّ لو أبوح ببعضه
ولا غرو إن لاحت ولم يَرَ ضوءها
ولا بأس ممّن جاء يسأل قائلاً
لقد حار منّي الفکر بالقائم الذي
عثرت ألا يا سائلاً تاه فکره
أعرني منک اليوم اُذناً سميعة
وقلباً ذکياً في التخاصم يغتدي
أبا صالح خذها إليک خريدةً
تمزّق من أعداک کلّ ممزّق
وذخراً ليوم الحشر أعددتکم بها
إذا اسودّ وجهي بالذنوب فإنّ لي
ألستم لشرع الدين أنتم نشرتمُ
ألستم بساق العرش نوراً ومنکم
صفا الذهب الابريز أنتم وإنّما
مواليّ ما آتي به من ثنائکم
يواليکم قلبي علي أنّ جرحه
سلام عليکم کلّما نفحت صباً
وينصرکم منّي لساني ومقولي
ولا صبر لي حتّي أراها تطالعت
بکم أستمدّ الفيض ثمّ أمدّکم وأدناه من عُشّاقه الشوق والذِکرُ
فلا حُجبٌ تُخفيه عَنهم ولا سِترُ
فلا يشتکي منه البعاد ولا الهجرُ
فمن بعد طول الليل يستعذب الفجرُ
فلا مفصل إلاّ علي حبّه قصرُ
بأکباد أهل الحبّ شبّ لها جمرُ
لهم من جناها لبّه ولک القشرُ
يقيم علي إثباتک الجاهل الغمرُ
ليشرب منها عمّر الشارب الخضرُ
لقلت من الايجاد هذا هو السرُّ
أخو نظر لکن علي عينه نکرُ
أيا علماء العصر يا من لهم خبرُ
تنازع فيه الناس والتبس الامرُ
علي من له في کلّ مسألة خبرُ
إذا ما قرأت الحقّ لم يَعرُها وَقْرُ
لطائرة الانصاف عنک به وکرُ
ولا يرتجي إلاّ القبول لها مهرُ
ويمرّق في أکبادها الخوفُ والذعرُ
ولم يفتقر عبد وأنتم له الذخرُ
لديکم بها ما يستضاء به الحشرُ
ومنه إليکم فوّض الحشر والنشرُ
لاهل السما التسبيح يُعلم والذکرُ
فؤادي إلاّ عن ولايتکم صفرُ
وقد ملئت منه الاناجيل والزبرُ
لرزئکم لا يستطاع له سبرُ
وما غربت شمسٌ وما طلع البدرُ
إذا ما يدي قد فاتها لکم النصرُ
لقائمکم في الجوّ راياته الخضرُ
ببحر ثناء فيکم ما له قعرُ(2)
محمد بن طلحة الشافعي
فهذا الخلف الحجّة قد أيّده الله
وأعلي في ذري العلياء بالتأييد مرقاه
وقد قال رسول الله قولاً قد رويناه
يري الاخبار في المهدي جاءت بمسمّـاه
ويکفي قوله منّي لاشراق محيّاه
ولن يبلغ ما اُوتيه أمثال وأشباه هدانا منهج الحقّ وآتاه سجاياهُ
وآتاه حلي فضل عظيم فتحلاّهُ
وذو العلم بما قال إذا أدرک معناهُ
وقد أبداه بالنسبة والوصف وسمّـاهُ
ومن بضعته الزهراء مجراه ومرساهُ
فإن قالوا هو المهدي ما ماتوا بما فاهوا (3)
شمس الدين محمد بن طولون
قال في الائمة الاثني عشر (عليهم السلام) ويشير إلي الامام المهدي (عليه السلام):
عليک بالائمة الاثني عشر
أبو تراب حسن حسينُ
محمّد الباقر کم علم دري
موسي هو الکاظم وابنه علي
محمّد التقيّ قلبه معمورُ
والعسکري الحسن المطهّر من آل بيت المصطفي خير البشر
وبغض زين العابدين شينُ
والصادق ادعُ جعفراً بين الوري
لقّبْهُ بالرِّضا وقدره علي
عليّ النقي دُرّه منثورُ
محمّد المهديّ سوف يظهر(4)
الشيخ محيي الدين ابن عربي
قال في الامام المهدي (عليه السلام):
إذا دار الزمان علي حروف
ويخرج بالحطيم عقيب صوم ببسم الله فالمهديّ قاما
ألا فاقرأه من عندي السلاما (5)
وقال أيضاً:
ألا إنّ ختم الاولياء شهيدُ
هو السيّد المهدي من آل احمد
هو الشمس يجلو کلّ غمٍّ وظلمة وعين إمام العالمين فقيدُ
هو الصارم الهنديّ حين يبيدُ
هو الوابل الوسميّ حين يجودُ(6)
خاتمة المطاف
تمّ بحمد الله وتوفيقه هذا السفر الميمون المبارک الذي حکي ترجمة حياة الرسول الاعظم وأهل بيته الطاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
وهذا المجلّد السابع عشر من (موسوعة المصطفي والعترة)، وهو القسم الثاني والاخير الذي يبحث عن حياة (الامام المنتظر) الحجّة بن الحسن صاحب العصر والزمان (عليه السلام).
مختتماً بشذرات من زيارة الامام (المهدي المنتظر) جدّه الامام سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء.
وإليک هذه المقاطع المنتخبة من زيارة الناحية.
السلام علي آدم صفوة الله في خلقه، السلام علي شيث وليّ الله وخيرته، السلام علي إدريس القائم لله بحجّته، السلام علي نوح المجاب في دعوته.
إلي أن قال:
السلام علي إبراهيم الذي حباه الله بخلّته، السلام علي إسماعيل الذي فداه الله بذبح عظيم من جنّته... السلام علي موسي الذي فلق البحر له بقدرته، السلام علي عيسي روح الله وکلمته، السلام علي محمّد حبيب الله وصفوته، السلام علي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب المخصوص بإخوّته، السلام علي فاطمة الزهراء ابنته، السلام علي أبي محمّد الحسن وصيّ أبيه وخليفته، السلام علي الحسين الذي سمحت نفسه بمهجته، السلام علي من أطاع الله في سرّه وعلانتيه، السلام علي من جعل الله الشفاء في تربته، السلام علي من الاجابة تحت قبّته، السلام علي من الائمة من ذرّيته...
السلام علي خامس أهل الکِساء، السلام علي غريب الغرباء، السلام علي شهيد الشهداء، السلام علي قتيل الادعياء، السلام علي ساکن کربلاء، السلام علي من بکته ملائکة السماء، السلام علي من ذرّيته الازکياء...
السلام علي الجيوب المضرّجات، السلام علي الشفاه الذابلات، السلام علي النفوس المصطلمات، السلام علي الارواح المختلسات، السلام علي الاجساد العاريات، السلام علي الدماء السائلات، السلام علي الاعضاء المقطّعات.
إلي أن قال:
السلام علي الشيب الخضيب، السلام علي الخدّ التريب، السلام علي البدن السليب، السلام علي الثغر المقروع بالقضيب، السلام علي الرأس المرفوع، السلام علي الاجسام العارية في الفلوات، تنهشها الذئاب العاديات.
السلام عليک يا مولاي وعلي الملائکة المرفرفين حول قبّتک، الحافّين بتربتک، الشاهدين علي زوّارک الواردين لزيارتک الطائفين بعرصتک... السلام عليک سلام العارف بحرمتک، المخلص في ولايتک المتقرّب إلي الله بمحبّتک البرائي من أعدائک، سلام من قلبه بمصابک مقروح، ودمعه عند ذکرک مسفوح، سلام المفجوع المحزون الواله المستکين، سلام من لو کان معک في الطفوف لوقاک بنفسه حدّ السيوف، وبذل حشاشته دونک للحتوف، وجاهد بين يديک ونصرک علي من بغي عليک، وفداک بروحه، وجسده، وماله، وولده، وروحه لروحک فداک، وأهله لاهلک وقاء، فلئن أخّرتني الدهور، وعاقني عن نصرک المقدور، ولم أکن لمن حاربک محارباً، ولمن نصب لک العداوة مناصباً، فلاندبنّک صباحاً ومساءً، ولابکينّ عليک بدل الدموع دماً، حسرةً عليک، وتأسّفاً علي ما دهاک، وتلهّفاً حتّي أموت بلوعة المصاب وغصّة الاکتئاب...
أشهد أنّک قد أقمت الصلاة وآتيت الزکاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنکر والعدوان، وأطعت الله وما عصيته.
إلي أن قال (عليه السلام):
فالويل للعصاة الفسّاق، لقد قتلوا بقتلک الاسلام، وعطّلوا الصلاة والصيام، ونقضوا السنن والاحکام، وهدموا قواعد الايمان، وحرّفوا آيات القرآن، وهمجوا في البغي والعدوان.
لقد أصبح رسول الله (صلي الله عليه وآله) من أجلک موتوراً، وعاد کتاب الله بفقدک مهجوراً، وغودر الحقّ إذ قهرت مقهوراً، وفُقِدَ بفقدک التکبير والتهليل، والتحريم والتحليل، والتنزيل والتأويل، وظهر بعدک التغيير والتبديل، والالحاد والتعطيل، والاهواء والاضاليل، والفتن والاباطيل.
اللهمّ صلّ علي محمّد وآل محمّد الاخيار في آناء الليل وأطراف النهار، واکفني شرّ الاشرار، وطهّرني من الذنوب والاوزار، وأجرني من النار، وأدخلني دار القرار، واغفر لي ولجميع إخواني فيک من المؤمنين والمؤمنات.
برحمتک يا أرحم الراحمين.
الهوامش:
(1) الانوار القدسيّة: 110 ـ 116.
(2) ملحقات کشف الاستار: 247 ـ 258.
(3) کشف الاستار: 41، إثبات الهداة 7: 251.
(4) الائمة الاثنا عشر لابن طولون: 118.
(5) ينابيع المودّة: 416.
(6) الفتوحات المکيّة 3: 328 ـ الباب 366.
/ 1