مکاتیب الرسول نسخه متنی جلد اول

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مکاتیب الرسول - نسخه متنی جلد اول

الشیخ علی الأحمدی المیانجی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مكاتيب الرسول
الأحمدي الميانجي ج 1
[1]
بسم الله الرحمن الرحيم
[3]
مكاتيب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مصححة ومنقحة ومزيدة الجزء الأول تأليف الشيخ علي الأحمدي الميانجي
[4]
اسم الكتاب: مكاتيب الرسول / المجلد الأول اسم المؤلف: الشيخ علي الأحمدي الميانجي التنضيد والإخراج: مركز تحقيقات الحج المطبعة: دار الحديث الناشر: دار الحديث الكمية: 2000 الطبعة: الأولى - 1998 م السعر:... جميع حقوق الطبع محفوظة
[5]
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد على فواضل نعمائك وسوابغ آلائك حمدا لك على ما عرفتنا من نفسك، وألهمتنا من شكرك، وفتحت لنا من أبواب العلم بربوبيتك، حمدا لك على أن أرسلت إلينا رسولا لنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى. اللهم صل على محمد أمينك على وحيك، ونجيبك من خلقك، وصفيك من عبادك، إمام الرحمة، وقائد الخير، ومفتاح البركة. وصل على أهل بيته الطاهرين المعصومين، أمنائك في عبادك وبلادك، ولاة أمرك، وخزنة علمك. وصل على ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر، وحفه بملائكتك، وأيده بنصرك، وأعزه بجندك، وأحي به ما أماته الظالمون من معالم دينك، والعن أعداءهم أجمعين إلى يوم الدين. وبعد فمما من الله علي به أن هداني إلى جمع آثار الرسول (صلى الله عليه وآله)، فجمعت المكتوبات النبوية التي عثرت عليها في كتب الحديث والتفسير والتأريخ والأدب وسميتها " مكاتيب الرسول " (صلى الله عليه وآله) وطبعت سنة 1379 ه‍. ق ووقعت موقع القبول عند العلماء والحمد لله رب العالمين. ثم اشتغلت في خلال الأعوام إلى يومنا هذا - وهي سنة 1418 - بتتميمه وتكميله، فجمعت إليه بعد الطبع ما عثرت عليه من رسائله ومكتوباته (صلى الله عليه وآله)
[6]
وما يتعلق بها من المباحث والمشاكل، وبقيت تلك كلها رهينة الأوراق معرضا للزوال والتلف، مع أن الكتاب طبع مرات في لبنان وإيران من دون استئذان وإعلام، والناشرون اكتفوا بالمطبوع منه ونشروه بالأوفسيت، فبقي ماأضفت إلى الكتاب معرضا للآفات، وكان ما عثرت عليه مكتوبا في حواشي نسخة من الكتاب أو في دفاتر غيرمنظم ولامحرر، فخشيت إن أدركني الأجل وانقطع الأمل أن يضيع ويفنى، فصممت وعزمت - متوكلا على الله عزوجل ومستعينا بفضله وكرمه - على ترتيبه وتنظيمه، فاستلزم ذلك تحرير الكتاب من رأس، فتم بحمد الله تعالى مع تحمل المصاعب والمشاق، وذلك من فضل الله سبحانه وتعالى علي ليبلوني أأشكر أم أكفر، والحمد لله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله تعالى. ولئن قلت إن هذا الكتاب المتواضع حصيلة عمري منذ عام 1369 إلى 1418 ه‍ ق لم أقل جزافا، وبعد ذلك كله لا يليق أن أقول: إني صنعت كتابا وعملت عملا يعبأ به، وإنما أقول هذا جناي وخياره فيه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فما عملت من حسنة فمن الله، وما عملت من سيئة أو أخطات وسهوت فمني ومن قصوري وضعفي، وأرجو من الله سبحانه أن يتفضل علي بالقبول. وما توفيقي إلا بالله تعالى، وبفضل رسوله (صلى الله عليه وآله) وآله الكرام وينبغي هنا الإشارة إلى امور: الأول: أن الكتب التي تبحث عن المسائل المبينة على التتبع في الكتب لا تتم أبدا، لأن الكتب التي سبرناها هي المطبوعة الموجودة بأيدينا، وكثير منها لم نصل إليها، وكثير منها لم يطبع بعد، كما أنا شرحناها بقدر وسعنا في فهم المراد، وكثيرا يتبين الخطأ، فنرجو من القراء الكرام الأفاضل إذا عثروا على مصادر جديدة لم نعثر عليها أو مطالب طريفة لم نقف عليها، أو وقفوا على خطأ أو سهو أو نسيان أن يتفضلوا علي ويهدوا إلي عيوبي ونقصي. الثاني: أني أهدي ثنائي العاطر وشكري المتواتر على الأفاضل الذين
[7]
وازروني في صنع هذا العمل الضئيل وإتمامه وإنجاحه، وأخص منهم العلامة المحقق والمتتبع المتضلع الفاضل الآية السيد مهدي الروحاني القمي دام ظله لما تفضل علي بترغيبه وتشجيعه وإصلاحه وهدايته في شؤون الكتاب المختلفة، وأخص أيضا العالم الفاضل المدقق الشيخ محمد المحمدي دامت إفاضاته لما عاناه في إصلاح الكتاب وإيقافي على أخطائي، فجزاهم الله عن دينه ونبيه (صلى الله عليه وآله) خيرا. الثالث: أن مكاتيبه (صلى الله عليه وآله) على قسمين: الأول: مكاتيبه في علومه (صلى الله عليه وآله) التي أملاها على علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وكتبها بخطه الشريف، وقد جمعنا منها ما عثرنا عليه في كتب الخاصة والعامة على مايلاحظه القارئ الكريم. الثاني: مكاتيبه (صلى الله عليه وآله) في الدعوة إلى الإسلام وإلى حكامه في بيان وظائفهم، وفي الوثائق وفي العهود والأمانات والإقطاعات وكتبه (صلى الله عليه وآله) في المواضيع المختلفة، وقد بلغ ما عثرنا عليه في هذا القسم (255) كتابا مما لم تصل إلينا ألفاظها و (229) مما وصلتنا ألفاظها، هذا عدا ما نقلنا من الكتب المفتعلة المنسوبة إليه (صلى الله عليه وآله)، والكتب التي لم تكتب، وسميناه " مكاتيب الرسول (صلى الله عليه وآله) " وإن شئت فقل: " المكتوبات النبوية ". الرابع: أن من الجدير أن يقال: إن كتبه ورسائله (صلى الله عليه وآله) كانت أكثر مما عثرنا عليه كما أشرنا إليه في ذكر الكتب التي لم تصل إلينا ألفاظها، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصب جمعا في الشؤون المختلفة: إما حاكما على البلاد، أو عاملا لجباية الأخماس والزكوات أو عاملا في خرص النخل، أو للتبليغ والإرشاد، أو لفصل القضاء في الخصومات، أو يؤمر في سرية وجيش في بعوثه، أو ينصبه لحفاظة ثغر من الثغور والذي تحكم به طبيعة الحال وما عرفنا من سيرته (صلى الله عليه وآله) أنه يكتب في هذه الامور وثيقة، فكلما لم نر كتابا له (صلى الله عليه وآله) في هذا المجال فهو من سهو الرواة، ولأجل ذلك أضفنا
[8]
إلى مكاتيبه (صلى الله عليه وآله) من هذا القسم في ضمن الكتب التي لم تصل إلينا ألفاظها عدة كثيرة من هذا القبيل في الإقطاعات يبلغ عددها ستا وخمسين موردا. الخامس: أن القارئ لسيرته (صلى الله عليه وآله) جمعاء ولاسيما في كتبه (صلى الله عليه وآله) إن دقق النظر وتأمل وتدبر يجد من تدبره في سياسته وإدارته شؤون الإسلام لطائف دقيقة قد يغفل عنها المؤرخون وأصحاب السيرة، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم والعمل، ويعطينا فهما لكتابه وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله). السادس: قال الواقدي في المغازي 3: 973: لما رجع رسول (صلى الله عليه وآله) من الجعرانة قدم المدينة يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي الحجة فأقام بقية ذي الحجة فلما رأى هلال المحرم بعث المصدقين. وفي التراتيب الإدارية للكتاني 1: 396: ذكر ابن إسحاق في السيرة أن رسول (صلى الله عليه وآله) كان بعث عماله وأمراءه على الصدقات إلى كل ما أوطأه الإسلام - ثم عد جملة منهم ثم قال - وذكر الكلاعي في السيرة أنه (عليه السلام) لما صدر من الحج سنة عشر وقدم المدينة حتى رأى هلال المحرم سنة / 11 بعث المصدقين في العرب وذكر جماعة منهم (1). هذا كله في عماله في الصدقات، وأما حكامه وولاته في الشؤون المختلفة فيتضح بالرجوع إلى التأريخ وقد ذكرنا جمعا منهم في الكتاب. قال ابن الأثير في أسد الغابة 1: 236: كان يقصد ألا يأمر في قبيلة بأمر إلا لرجل منها لنفور طباع العرب من أن يحكم في القبيلة أحد من غيرها فكان يتألفهم بذلك. وعلى كل حال لا بأس بذكر أسماء من عثرنا عليهم عاجلا لما فيه من
(1) راجع أيضا تأريخ الطبري 3: 147 والكامل لابن الأثير 2: 301 في حوادث السنة العاشرة.
[9]
الوقوف على كثرة كتبه (صلى الله عليه وآله). 1 - أبان بن سعيد بن العاص: ولاه البحرين أو ناحية منها، وأمره أيضا على سرية إلى نجد، ورجع هو وإخوته لما بلغهم وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يقبلوا عملا (1). 2 - أبي وعنبسة: استعملهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجباية الصدقة عن سعد هذيم وجذام (2). 3 - ارطاة بن كعب بن شراحبيل: وفد على النبي (صلى الله عليه وآله) فعقد له لواء (3) وعقد اللواء كان علامة الرئاسة، وكان (صلى الله عليه وآله) لا يعقد لواء لرجل إلا أن يكون الوفد عشرة (كما في الجمرة لهشام الكلبي ص 45). 4 - الأرقم أبي الأرقم استعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على السعاية (4)، ويبعثه في فصل الخصومة في دور الأنصار (5). 5 - اسامة بن زيد استعمله (صلى الله عليه وآله) على جيش عظيم في بعث مشهور معروف وهو ابن (18) سنة (6). 6 - أسلم بن بجرة: جعله على أسارى بني قريظة (7). 7 - امرؤ القيس بن الأصبغ: بعثه عاملا على بني القين من قضاعة قال ابن
(1) راجع اليعقوبي 2: 65 و 112 والفتوح للبلاذري: 111 والإصابة 1: 14 و 2: 539 / 5846 والتراتيب الإدارية 1: 246 وأسد الغابة 1: 36 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120. (2) الكامل لابن عدي الجرجاني 1: 323 في ترجمة إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة والمصباح المضئ 1: 245. (3) اسد الغابة 1: 59 والإصابة 1: 27. (4) التراتيب الإدارية: 396 والإصابة 1: 29 / 73 وأسد الغابة 1: 60. (5) راجع التراتيب الإدارية 1: 280. (6) راجع التراتيب الإدارية 1: 262، والإصابة 1: 31 / 89، وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121 واليعقوبي 2: 66، واسد الغابة 1: 66 والطبري 3: 184. (7) أسد الغابة 1: 75.
[10]
حجر: إن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث عاملا على بني القين فلما ارتدت قضاعة كان عمرو بن الحكم وامرؤ القيس بن الأصبغ... قاله في ترجمة عمرو بن الحكم وقال: وبعثه النبي (صلى الله عليه وآله) عاملا على كلب في حين إرساله إلى قضاعة.... وقال سيف في الفتوح: لما مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت عماله على قضاعة من كلب امرأ القيس بن الأصبغ الكلبي من بني عبد الله (1) قال في ترجمة امرئ القيس. 8 - امية بن خويلد: بعثه عينا على قريش (2). 9 - الأقرع بن عبد الله الحميري: بعثه إلى ذي مران وطائفة من اليمن وإلى ذي زود وسعيد بن العاقب وعامر بن شهر وذي يناق شهر (3). 10 - أوس بن ثابت: نصبه على حرس المدينة (4). 11 - أوس بن عرابة: نصبه على حرس المدينة (5). 12 - أنس بن أبي مرثد الغنوي: حرسه (صلى الله عليه وآله) يوم حنين (6). 13 - باذام عامل كسرى ملك إيران على اليمن كلها، ويقال " بادان ": لما أسلم ولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على اليمن كلها مادام حيا، وبعد موته فرق عمله بين عدة تأتي أسماؤهم (7).
(1) راجع الإصابة 2: 532 / 5815 و 1: 63 / 249 والتراتيب الإدارية 1: 243 ناقلا عن الإصابة والطبري 3: 243 وأسد الغابة 1: 115. (2) أسد الغابة 1: 117. (3) المصباح المضئ 1: 244 و 245 وأسد الغابة 1: 110. (4) التراتيب الإدارية 1: 293 و 357. (5) التراتيب الإدارية 1: 293 و 357. (6) اسد الغابة 1: 130 والتراتيب الإدارية 1: 358. (7) راجع تأريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 59 والتراتيب الإدارية 1: 241 و 245، والإصابة 1: 170 / 759 و 2: 222 / 4234 في ترجمة طاهر بن أبي هالة والبداية والنهاية 6: 307 والبحار 21: 407 والطبري 3: 228 و 318 والكامل لابن الأثير 2: 336. (*)
[11]
14 - بديل بن ورقاء: في حرس المدينة (1)، وعلى غنائم حنين (2). 15 - بديل بن أم أصرم: أرسله إلى بني كعب يستنفرهم إلى قتال أهل مكة عام الفتح (3). 16 - بريدة بن الحصيب الأسلمي: في سرية إلى أسلم وغفار يستنفرهم إلى غزوة تبوك (4). 17 - بسر بن سفيان الخزاعي إلى بني كعب يستنفرهم إلى قتال أهل مكة عام الفتح (5). 18 - بشير بن سعد بن ثعلبة: قال الواقدي: بعثه النبي (صلى الله عليه وآله) في سريته إلى فدك في شعبان، ثم بعثه في شوال نحو وادي القرى، وفي الحلبية أنه بعثه إلى بني مرة بفدك (6) وإلى اليمن وإلى جناب بلد من أرض خيبر (7). 19 - بشير بن المنذر: استخلفه (صلى الله عليه وآله) على المدينة (8). 20 - بنو جعيل: ولاهم على سعاية نصر وسعد بن بكر وثمامة وهذيل وبايع النبي (صلى الله عليه وآله) على ذلك عاصم بن صيفي وعمر بن أبي صيفي والأعجم بن سفيان، ولعل المراد من ولاية بني جعل ولاية هؤلاء الثلاثة، أو أنه (صلى الله عليه وآله) أراد أن يبعث ساعيا
(1) التراتيب الإدارية 1: 293. (2) أسد الغابة 1: 170. (3) التراتيب الإدارية 1: 317 والاستيعاب 1: 167 واسد الغابة 1: 201 والإصابة 1: 140 / 608. (4) المغازي للواقدي 3: 973 على إحدى روايتيه والتراتيب الإدارية 1: 307. (5) التراتيب الإدارية 1: 317. (6) الإصابة 1: 158 / 694 والحلبية 3: 186 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 122 واليعقوبي 2: 63 والطبري 3: 22 و 155. (7) الطبري 3: 22 و 155. (8) التراتيب الإدارية 1: 315.
[12]
وشرط أن يجعله منهم (1). 21 - الجارود بن المعلى: ولاه على قومه عبد القيس (2). 22 - جرير بن عبد الله بعثه إلى ذي الخلصة فهدمها (3) وإلى ذي الكلاع الحميري وذي رعين (4). 23 - جراش بن امية الخزاعي أرسله إلى قريش بمكة في الصلح (5). 24 - جزاء بن عمرو العذري ويقال: جزء: قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) فكتب له كتابا (6). 25 - جعال الضمري: استخلفه على المدينة لما غزى بني المصطلق (7). 26 - جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه): ولاه أمر المهاجرين في الحبشة (8)، وولاه جيش مؤتة (9). 27 - الحارث بن بلال المزني: كان عامل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على نصف جديلة بني طي (10).
(1) راجع مكاتيب الرسول: 343 الطبعة الاولى. (2) اليعقوبي 2: 68. (3) الطبري 3: 158 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121 والمصباح المضئ 1: 248 واسد الغابة 1: 280. (4) اليعقوبي 2: 167 والتراتيب الإدارية 1: 200 والمصباح المضئ 1: 247. (5) التراتيب الإدارية 1: 315. (6) الاستيعاب 1: 262 وأسد الغابة 1: 336. (7) التراتيب الإدارية 1: 315. (8) مكاتيب الرسول: 121. (9) الدرر لابن عبد البر: 154 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121 واليعقوبي 2: 54 و 61 والطبري 3: 157 وابن خلدون 2 / ق 2: 40 والكامل لابن الأثير 2: 692 ومآثر الانافة 1: 55. (10) الإصابة 1: 274 / 1376 والتراتيب الإدارية 1: 241 و 243.
[13]
28 - الحارث بن نوفل الهاشمي: استعمله على بعض عمله بمكة (1) على جده (2). 29 - الحارث بن عبد المطلب: اسعمله على بعض أعمال مكة ذكره ابن حجر في الإصابة في القسم الرابع المعد لذكر من ذكر في الصحابة خطأ ولاصحبة له، ويحتمل اتحاده مع الحارث بن نوفل (3). 30 - الحارث بن حاطب: رده في بدر إلى بني عمرو بن عوف لشئ بلغه عنهم (4). 31 - حاطب بن أبي بلتعة: إلى المقوقس بمصر (5). 32 - الحارث بن عمير الأزدي: إلى صاحب بصرى (6). 33 - الحارث بن عمرو الأنصاري: أرسله إلى من نكح امرأة أبيه ليضرب عنقه ويأخذ ماله (7). 34 - حبان بن بح الصدائي: أمره (صلى الله عليه وآله) (8).
(1) الإصابة 1: 292 / 1500 والتراتيب 1: 241. (2) أسد الغابة 1: 351. (3) الإصابة 1: 387 / 2044 والتراتيب 1: 242. (4) الطبري 3: 478 والاستيعاب: 290 وأسد الغابة 1: 386 والإصابة 1: 276 / 1391. (5) سيأتي في هذا الكتاب في كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ملك مصر وراجع اليعقوبي 2: 67 والطبري 2: 644 وابن خلدون 2 / ق 2: 36 والتراتيب الإدارية 1: 183 و 186 و 194 و 199 و 200 والمصباح المضئ 1: 254 واسد الغابة 1: 362 وأعيان الشيعة 1: 244. (6) سيأتي في هذا الكتاب في كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قيصر وراجع المصباح المضئ 1: 259 واسد الغابة 2: 69 والاستيعاب 1: 304 والإصابة 1: 286 / 1459. (7) الاستيعاب 1: 302 والإصابة 1: 285 / 1456 واسد الغابة 1: 34. (8) سيأتي الكتاب له في العهود.
[14]
35 - حذيفة بن اليمان بعثه مصدقا على الأزد ودبا (1) وللنظر في خطار متخاصم فيه لأيهما هو (2). 36 - حريث بن زيد الخيل: أرسله الى يحنة بن رؤبة (3). 37 - حرملة مع حريث: أرسله الى يحنة بن رؤبة (4). 38 - الحصين بن نيار: كان أحد عمال النبي (صلى الله عليه وآله) (5). 39 - الحكم بن سعيد بن العاص (أخو خالد وعمرو وأبان): أمره أن يعلم الكتاب بالمدينة، وولاه قريته (قرى عرنية - التراتيب) (6). 40 - حمزة بن عبد المطلب رضوان الله عليه: بعثه في سرية إلى سيف البحر من ناحية العيص (7) وعلى سيرته إلى ساحل (8) ويحتمل اتحاده مع سابقه. 41 - خالد بن سعيد بن العاص (أخو الحكم وأبان وعمرو): ولاه على أحد مخاليف اليمن وعلى صنعاء (وفي تأريخ ابن خلدون) على مابين زمع وزبيد ونجران (وكذا في الاستيعاب) وجعله ساعيا على صدقات مذحج، وأن عليا (عليه السلام) خلفه لقبض صدقات بني زبيد (9).
(1) الإصابة 1: 318 / 1648 والتراتيب 1: 396. (2) التراتيب الإدارية 1: 280. (3) المصباح المضئ 1: 260 والإصابة 1: 322 / 1678. (4) المصباح المضئ 1: 261. (5) الإصابة 1: 339 / 1748 والتراتيب الإدارية 1: 242 والطبري 3: 268. (6) الإصابة 1: 344 / 1776 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 والتراتيب الإدارية 1: 246. (7) الدرر لابن عبد البر: 63 والحلبية 3: 152 واليعقوبي 2: 58 والطبري 3: 154 و 2: 402 و 404 و 405 وابن خلدون 2 / ق 2: 17 والتراتيب الإدارية 1: 319 واسد الغابة 2: 47. (8) اليعقوبي 2: 57. (9) راجع الإصابة 2: 222 / 4234 في ترجمة طاهر بن أبي هالة و: 539 / 5846 في ترجمة عمرو =
[15]
42 - خالد بن الوليد: أرسله إلى بني جذيمة للدعوة إلى الإسلام فقتل وسبى (1) وإلى صنم بني شيبان لهدمه (2) وإلى بني الحارث بن كعب نجران (3) وإلى اكيدر دومة (4) وإلى صنعاء وأعمالها (5) وعلى الجيش في مؤتة بعد استشهاد جعفر وعبد الله بن رواحة (6). 43 - خزيمة بن عاصم بن قطن العكلي: بعثه ساعيا إلى قومه (7). 44 - دحية بن خليفة الكلبي: بعثه الى قيصر سنة ست من الهجرة (8). 45 - رافع بن خديح: جعله على حرس المدينة وكان عريف قومه في المدينة (9). 46 - رافع بن مكيث الجهني: استعمله (صلى الله عليه وآله) على صدقات قومه (10).
= و 1: 407 / 2167 في ترجمة خالد والاستيعاب 3: 357 في ترجمة معاذ و 1: 400 في ترجمة خالد واليعقوبي 2: 65 و 112 وفتوح البلاذري: 142 والبداية والنهاية 6: 307 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 وابن أبي الحديد 6: 31 و 41 و 2: 58 والبحار 21: 407 والتراتيب الإدارية 1: 245 و 397 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 والطبري 3: 136 و 185 و 228 و 318. والإرشاد للمفيد: 80 و 81 (وفي أسد الغابة 2: 83 أرسل عليا (عليه السلام) وخالد بن سعيد إلى اليمن وقال: إذا اجتمعتما فعلي الأمير). (1) الدرر لابن عبد البر: 165 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121 واليعقوبي 2: 6 والطبري 3: 66 و 67 واسد الغابة 2: 94. (2) الدرر لابن عبد البر: 65 والطبري 3: 65 واسد الغابة 2: 94. (3) الطبري 3: 126 و 127 واليعقوبي 2: 67 واسد الغابة 2: 95. (4) الدرر لابن عبد البر: 180 واليعقوبي 2: 65 والطبري 3: 108 واسد الغابة 2: 94. (5) التراتيب الإدارية 1: 254 واسد الغابة 2: 95. (6) المصباح المضئ 1: 261. (7) راجع الإصابة 1: 427 / 2260 والتراتيب 1: 397 وجمهرة النسب لهشام الكلبي: 279 واسد الغابة 2: 116. (8) المصباح المضئ 1: 267 واسد الغابة 2: 130 واليعقوبي 2: 67 وأعيان الشيعة 1: 243. (9) التراتيب الإدارية 1: 293 و 357 والإصابة 1: 496 / 2526. (10) الإصابة 1: 499 / 2547 والمغازي للواقدي 3: 973 والتراتيب الإدارية 1: 397. (*
[16]
47 - رفاعة بن زيد الجذامي: قدم في هدنة الحديبية في جماعة من قومه فأسلموا وعقد له لواء، وكتب له كتابا إلى قومه (1). 48 - رجل من بني بولان من طي: استعمله على قومه (2). 49 - رجل من بني سعد بن هذيم: بعثه إليهم (3). 50 - رجل من بني سليم ورجل من جهينة: بعثهما لأخذ الصدقة (4). 51 - رجلان من بني سعد على صدقاتهم (5). 52 - الزبرقان بن بدر التميمي السعدي: استعمله على الرباب وعوف والأبناء (6). 53 - زمل بن عمرو... من بني عذرة: ولاه على قومه، وعقد له لواء، وكتب له كتابا (7). 54 - زياد بن الحارث الصدائي: أمره على قومه (8). 55 - زياد بن حارثة: استخلفه على المدينة حين خرج في طلب كرز بن
(1) المصباح المضئ 1: 269 واسد الغابة 2: 181. (2) سيأتي في الكتاب. (3) المغازي للواقدي 3: 973. (4) سيأتي في فصل العهود. (5) ابن خلدون 2 / ق 2: 59. (6) الطبري 3: 147 و 267 والكامل لابن الأثير 2: 301 وثقات بن حبان 2: 145 واليعقوبي 2: 65 و 113 وابن أبي الحديد 17: 211 والتراتيب الإدارية 1: 396 وصحبة النبي (عليه السلام): 119 والإصابة 1: 543 / 2782 والاستيعاب هامش الإصابة 1: 586 قال أبو عمر: ولاه صدقات قومه، وأسد الغابة 2: 194. (7) الوثائق السياسية 205 / 179 وأوعز إليه في الإصابة 1: 551 - 2816 والاستيعاب هامش الإصابة 1: 588 وأسد الغابة 2: 205. (8) راجع اسد الغابة 2: 313 وسوف يأتي الكتاب له.
[17]
جابر (1). 56 - زياد بن حظلة قد عمل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (وكان منقطعا إلى علي (عليه السلام)) وبعثه (صلى الله عليه وآله) إلى قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر (2). 57 - زياد الباهلي والد الهرماس: وفد فأسلم وولاه على عشيرته (3). 58 - زياد بن لبيد الأنصاري البياضي: كان عامل النبي (صلى الله عليه وآله) على حضرموت والصدف، وكان يقوم على عمل المهاجرين أبي امية وقال الفسوي كان على صدقات حضرموت (4). 59 - زيد بن حارثة: بعثه (صلى الله عليه وآله) في سرية إلى القردة ليعترض عير قريش (5)، وإلى بني سليم بالجموح (6)، وإلى العيص ليعترض عير قريش (7)، والى بني ثعلبة بالطرف (المطرف - الإصابة) اسم ماء (8)، وإلى حسن (جشمي - الإصابة) وإلى جذام (9) وإلى بني فزارة في وادي القرى مرتين (وقيل إن الأمير كان أبا بكر) (10)
(1) الطبري 2: 407. (2) سيأتي في العهود وراجع المصباح المضئ 1: 271 وأسد الغابة 2: 313. (3) الإصابة 1: 559 / 2869 والتراتيب الإدارية 1: 242. (4) الإصابة 1: 558 / 2864 والكامل لابن الأثير 2: 301 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 وثقات ابن حبان 2: 145 والطبري 3: 147 و 328 و 330 واليعقوبي 2: 65 و 112 والفتوح للبلاذري 2: 142 والبداية والنهاية 6: 307 والاستيعاب هامش الإصابة 1: 565 و 3: 357 والبحار 21: 407 والتراتيب الإدارية 1: 245 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 119 والمعرفة والتأريخ 1: 339 واسد الغابة 1: 317. (5) الحلبية 3: 163 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121 واليعقوبي 2: 59 والطبري 2: 492 و 641 و 3: 154 وابن خلدون 2 / ق 2: 23 والإصابة 1: 564 / 2890. (6) الحلبية 3: 176 واليعقوبي 2: 60 والطبري 3: 155. (7) الإصابة 1: 564 / 2890 والحلبية 3: 177 والطبري 3: 155 و 2: 641. (8) راجع الحلبية 3: 178 واليعقوبي 2: 60 والطبري 2: 641 والإصابة 1: 564 / 2890. (9) الحلبية 3: 178 واليعقوبي 2: 60 والطبري 2: 642 و 3: 141 و 155 والإصابة 1: 564. (10) الطبري 3: 642 و 643 و 3: 155 واليعقوبي 2: 60 والحلبية 3: 179.
[18]
وإلى مدين (1) وإلى مؤتة (2) واستخلفه على المدينة (3). 60 - الزبير بن العوام: جعله على حرس أبواب الخندق (4). 61 - السائب بن عثمان بن بن مظعون الجمحي: استعمله على المدينة في غزوة بواط (5). 62 - سالم بن عمير: أرسله في سرية إلى أبي عفك اليهودي ليقتله فقتله (6)، وفي طلب كرز بن جابر (7). 63 - السائب بن العوام بن خويلد: أرسله (صلى الله عليه وآله) إلى مسيلمة بكتاب آخر بعد عمرو بن امية (8). 64 - سباع (سبيع) بن عرفطة الغفاري: استعمله على المدينة حين غزا خيبر (9) وفي غزوة تبوك (وذلك غير صحيح لما تواتر عنه (صلى الله عليه وآله) أنه خلف
(1) الحلبية 3: 182. (2) الدرر لابن عبد البر: 154 واليعقوبي 2: 54 و 61 والطبري 3: 36 و 39 و 40 و 157 وابن خلدون 2 / ق 2: 40 والكامل لابن عدي 2: 699 ومآثر الأنافة 1: 55 واسد الغابة 2: 336 والاستيعاب هامش الإصابة 1: 548 والإصابة 1: 564 / 2890 واسد الغابة 2: 283. (3) التراتيب الإدارية 1: 315 والإصابة 1: 564 / 2890. (4) اليعقوبي 2: 41. (5) الإصابة 2: 11 / 3068 والدرر لابن عبد البر: 64 والتراتيب الإدارية 1: 242 و 316 وابن خلدون 2 / ق 2: 170. (6) الحلبية 3: 158. (7) الدرر لابن عبد البر: 64. (8) المصباح المضئ 1: 273. (9) راجع الدرر لابن عبد البر: 98 والإصابة 2: 13 / 3080 وابن خلدون 2 / ق 2: 22، والتراتيب الإدارية 1: 315 وأسد الغابة 2: 259. (*)
[19]
عليا (عليه السلام)) (1) وفي غزوة بني سليم (2) وحين خرج إلى دوحة الجندل (3). 65 - سبرة بن عمرو: استعمله على بني عمرو على خضم (4). 66 - سعد الدوسي: استعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على قومه (5). 67 - سعد بن عبد الله بن ربيعة: ولاه الطائف (6). 68 - سعد بن أبي وقاص: بعثه (صلى الله عليه وآله) في سرية إلى الخرار ليعترض عليه قريش رأس تسعة أشهر (7)، وأرسله في سرية إلى طلب كرز بن جابر (8). 69 - سعد بن عبادة: استعمله على المدينة حين خرج إلى ودان (9) وكان نقيب بني ساعدة (10)، وعلى حرس المدينة في غزوة ذي قرد (11). 70 - سعد بن معاذ: ولاه على المدينة في غزوة بواط (12) وحكمه في بني
(1) الطبري 3: 103. (2) الدرر لابن عبد البر: 98 وراجع الإصابة 2: 13 / 3080 وابن خلدون 2 / ق 2: 22. (3) الإصابة 2: 13 / 3080 والدرر لابن عبد البر: 121 والطبري 3: 103 و 2: 564 وابن خلدون 2 / ق 2: 29. (4) ابن أبي الحديد 17: 211 والطبري 3: 268. (5) الإصابة 2: 26 / 3250 وفيه سعد بن أبي ذئاب الدوسي... روي أحمد وابن أبي شيبة وفي الاستيعاب هامش الإصابة 2: 50: سعيد بن أبي ذباب ثم نقل عن ابن أبي شيبة وراجع التراتيب الإدارية 1: 242 واسد الغابة 2: 276. (6) التراتيب الإدارية 1: 242 عن الإصابة. (7) الحلبية 3: 153 والدرر لابن عبد البر: 64 واليعقوبي 2: 58 والطبري 2: 403 و 3: 154. (8) ابن خلدون 2 / ق 2: 18. (9) الدرر لابن عبد البر: 62 والطبري 2: 407 وابن خلدون 2 / ق 2: 17 والتراتيب 1: 316. (10) اسد الغابة 4: 418 والإصابة 2: 30 / 3173. (11) أعيان الشيعة 1: 268. (12) الطبري 2: 407.
[20]
قريظة (1). 71 - سعد بن مالك الأزدي: عقد له راية على قومه سوداء (2). 72 - سعيد بن خفاف التميمي: كان عاملا للنبي (صلى الله عليه وآله) على بطون تميم (3). 73 - سعيد بن سعيد بن العاصي: استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد الفتح على سوق مكة (4). 74 - سعيد بن زيد: أرسله رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المعرنيين (5) وأرسله في تعقيب عيينة (6) وأرسله مع طلحة إلى طريق الشام يتجسسان الأخبار (7). 75 - سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي: بعثه النبي (صلى الله عليه وآله) على الصدقة (8). 76 - سمرة بن عمرو بن حباب العنبري: على صدقات بني عمرو وتميم (9) (ويحتمل اتحاده مع سبرة). 77 - سلمة بن يزيد الجعفي: استعمله على مروان وكتب له كتابا (10). 78 - سليط بن عمرو: أرسله إلى بني هوذة بن علي الحنفي (11).
(1) اسد الغابة 2: 297 واليعقوبي: 43 والإصابة 2: 37 / 3204. (2) التراتيب الإدارية 1: 320. (3) التراتيب الإدارية 1: 242 عن الإصابة عن سيف في الفتوح ولم أجده في الإصابة. (4) الاستيعاب هامش الإصابة 2: 8 والإصابة 2: 47 / 3263 والتراتيب الإدارية 1: 285 و 287 واسد الغابة 2: 309. (5) الحلبية 3: 185. (6) ابن خلدون 2 / ق 2: 32 وراجع الإصابة 2: 28 / 3158 (سعد بن زيد بن مالك). (7) اسد الغابة 2: 307. (8) الإصابة 2: 125 / 3759. (9) اليعقوبي 2: 113. (10) التراتيب الإدارية 1: 242. (11) اليعقوبي 2: 67 والطبري 2: 644 و 645 وابن خلدون 2 / ق 2: 36 والتراتيب الإدارية 2: 194 و 199 والمصباح المضئ 1: 270 واسد الغابة 2: 44 وأعيان الشيعة 1: 245 والإصابة 2: 129 / 3876.
[21]
79 - سليم بن عمرو: أرسله إلى حضرموت (1). 80 - سنان بن أبي سنان وقضاعي بن عمرو: على بني الحارث، وفي الطبري: وكان على بني مالك، وقال ابن حجر: علي بني أسد سنان بن أبي سنان (2). 81 - سواد بن غزية الأنصاري (أو بلوى حليف الأنصار): كان عامل رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3) إلى خيبر. 82 - سهل بن منجاب التميمي: كان من عمال النبي (صلى الله عليه وآله) على صدقات بني تميم (4) فمات (صلى الله عليه وآله) وهو على ذلك. 83 - شبر بن صعقوق (بن - الإصابة) عمرو بن زرارة: أمره على صدقات قومه (5). 84 - شجاع بن أبي وهب: أرسله في سرية إلى بني عامر (6) وإلى الحارث بن أبي شمر وجبلة بن الأيهم الغساني (7). 85 - شداد بن ثمامة: بعثه الى قومه على الصلاة والزكاة (8).
(1) اليعقوبي 2: 67. (2) الإصابة 3: 236 / 7116 والتراتيب الإدارية 1: 244 والطبري 3: 187. (3) الإصابة 2: 95 / 3582 عن الدارقطني والتراتيب الإدارية 1: 244 و 245 و 392 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 122 واسد الغابة 2: 374. (4) الإصابة 2: 90 / 3551 والتراتيب الإدارية 1: 397 واسد الغابة 2: 369. (5) اسد الغابة 2: 384 والإصابة 2: 136 / 3830. (6) الطبري 3: 29. (7) الإصابة 2: 138 / 3841 والطبري 2: 644 و 652 واليعقوبي 2: 67 والمصباح المضئ 1: 272 والتراتيب 1: 194 و 199 واسد الغابة 2: 388 وابن خلدون 2 / ق 2: 36 وفي الإصابة: إلى المنذر بن الحارث على قول. (8) يأتي في فصل العهود، وراجع أعيان الشيعة 1: 244 وأسد الغابة 2: 388 والإصابة 2: 140 / 3848.
[22]
86 - شرحبيل بن حسنة: بعثه إلى يحنة بن رؤبة (1) والي مصر (2). 87 - شريح بن الحارث النميري: استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قومه وأمره أن يصدقهم ويزكيهم ويعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيهم (3). 88 - شهر بن بادام: ولاه صنعاء بعد أبيه (4). 89 - صخر (أبو سفيان) بن حرب: بعثه (صلى الله عليه وآله) على حصار الطائف (5)، وعلى سبي الطائف (6)، وعلى أخواله من بني فراس (7)، وعلى صدقات نجران (8)، وعلى هدم مناة (9). 90 - صرد بن عبد الله الأزدي: أسلم وحسن إسلامه وأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) على من أسلم من قومه، وكان ذلك سنة عشر (10). 91 - صفوان بن صفوان التميمي: كان عامل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بني عمرو صفوان. قال ابن أبي الحديد: صفوان بن صفوان وسبرة بن عمرو على بني
(1) المصباح المضئ 1: 273. (2) الإصابة 2: 143 / 3869. (3) يأتي في فصل العهود. (4) البداية والنهاية 6: 307 والبحار 21: 407 والتراتيب الإدارية 1: 241 و 245 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والإصابة 2: 168 / 3986 و 1: 170 / 759 و 2: 222 / 4234 والطبري 3: 228 وأسد الغابة 2: 6. (5) اليعقوبي 2: 53. (6) الإفصاح: 57 والطبري 3: 99. (7) الإفصاح: 57 والطبري 3: 99. (8) الطبري 3: 318 والتراتيب الإدارية 1: 245 والإصابة 2: 179 / 4046 قال: ويقال إن النبي (صلى الله عليه وآله) استعمله على نجران ولا يثبت قال الواقدي: اصحابنا يذكرون ذلك ويقولون كان أبو سفيان بمكة وقت وفاة النبي (عليه السلام) والاستيعاب هامش الإصابة 2: 190 واليعقوبي 2: 65 / 112 والإفصاح: 57 وأسد الغابة 2: 12 وجمهرة النسب لهشام الكلبي: 49 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 112. (9) الإفصاح: 57 والطبري 3: 99. (10) الإصابة 2: 182 / 4060 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 والدرر لابن عبد البر ص 195 والطبري 3: 130 و 131 والبداية والنهاية 5: 74 وأسد الغابة 3: 17.
[23]
عمرو، وقال الطبري: هذا (يعني صفوان) على بهدى، وهذا (يعني سبرة) على خضم قبيلتين من تميم (1). 92 - الصلت بن معدي كرب الكندي: استعمله على الخرص (2). 93 - حامل بن شرحبيل: أرسله (صلى الله عليه وآله) إلى صفوان بن امية وسبرة العنبري ووكيع الدارمي وعمرو بن المحجوب العامري وعمرو بن الخفاجي من بني عامر (3). 94 - صيفي بن عامر سيد بني ثعلبة: كتب له (صلى الله عليه وآله) وأمره على قومه (4). 95 - الضحاك بن سفيان الكلابي أبو سعيد، ولاه (صلى الله عليه وآله) على بني كلاب لجمع صدقاتهم، وولاه على من أسلم من قومه وعقد له لواء (5) واستعمله على سريته (6). 96 - الضحاك بن قيس: عامل النبي (صلى الله عليه وآله)... ذكره الطبراني... وبعث الضحاك بن قيس ساعيا على قومه، ورواه أبو مسلم الكجي من هذا الوجه فقال: الضحاك بن سفيان، وهكذا أخرجه ابن قانع عن أبي مسلم وهو الصواب (7). 97 - ضرار بن الأزور الأسدي: أرسله إلى عوف الزرقاني من بني
(1) الإصابة 2: 188 / 4076 وابن أبي الحديد 17: 211 وراجع الإصابة 2: 13 / 3083 في ترجمة سبرة والاستيعاب هامش الإصابة 2: 76 والطبري 3: 286 (بهدى - كسكرى - بن سعد بن الحارث بن ثعلبة - ق -) وأسد الغابة 3: 23. (2) التراتيب الإدارية 1: 400 وأسد الغابة 3: 28 وفيه: " الصلت أبو زبيد بن الصلت " 5: 205 (أبو زبيد). (3) المصباح المضئ 1: 274 واسد الغابة 3: 29. (4) الإصابة 2: 196 / 4111 والاستيعاب 2: 194 هامش الإصابة والتراتيب الإدارية 1: 242 واسد الغابة 3: 34. (5) الإصابة 2: 206 / 4166 وثقات ابن حبان 2: 145 والمغازي للواقدي 3: 973 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 207 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 122 والمعرفة والتأريخ 1: 339 واسد الغابة 3: 36. (6) اسد الغابة 3: 36 والإصابة 2: 196 / 416. (7) الإصابة 2: 287 / 4218 و 3: 233 / 7103 في ترجمة قرة، والتراتيب الإدارية 1: 242. (
[24]
الصيداء (1) وإلى بني الصيداء وبعض بني الدئل (2). 98 - الطاهر بن أبي هالة التميمي الأسدي: ولاه النبي (صلى الله عليه وآله) على الأشعريين وعك إلى أحد مخاليف اليمن (3). 99 - الطفيل بن عمرو... الدوسي: بعثه إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة ليهدمه (4). 100 - ظبيان بن مرثد السدوسي: إلى بكر بن وائل (5). 101 - عاصم بن ثابت أو مرثد الغنوي: أرسله إلى مكة عينا يتجسس الأخبار (6) وعلى سرية في غزوة الرجيع (7). 102 - عاصم بن عدي بن العجلان: خلفه عل العالية من المدينة ببدر (8). 103 - عامر بن ساعدة والد سهيل بن أبي خيثمة (وفي الإصابة وأسد الغابة: سهل بن أبي حثمة) بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) خارصا إلى خيبر (9). 104 - عامر بن شهر الهمداني الناعطي: أحد عمال النبي (صلى الله عليه وآله) على اليمن على همدان كلها (10).
(1) الطبري 3: 187 واسد الغابة 3: 39. (2) المصباح المضي 1: 275 واسد الغابة 3: 39 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 211. (3) الإصابة 2: 222 / 4234 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والبداية والنهاية 6: 307 والطبري 3: 228 واسد الغابة 3: 50. (4) الإصابة 2: 225 / 4254 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 122 والحلبية 3: 200 واسد الغابة 3: 55 / 2611. (5) المصباح المضئ 1: 278. (6) الحلبية 3: 165 والطبري 2: 540 واسد الغابة 3: 73 / 2663 والإصابة 2: 244 / 4347. (7) الطبري 2: 540 واسد الغابة 3: 73 / 2663 مرثد الغنوي وأسد الغابة 5: 4124. (8) الطبري 2: 478 واسد الغابة 3: 75 / 2670 والإصابة 2: 246 / 4353. (9) التراتيب الإدارية 1: 400 و 401 وأسد الغابة 3: 81 / 2693. (10) الاستيعاب هامش الإصابة 3: 13 والإصابة 2: 222 / 4234 و: 291 / 4394 وابن خلدون =
[25]
105 - عامر بن عبد الله (أبو عبيدة) بن الجراح الفهري: بعثه (صلى الله عليه وآله) في سرية إلى ذات القصة وكان بها قوم من محارب وثعلبة وأنمار (1)، وإلى سيف البحر، وهي غزوة الخبط (2)، وكان يتولى قبض الجزية (3)، ولما وفد أهل اليمن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالوا: أبعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام فأخذ بيد أبي عبيدة (4). 106 - عبد الله بن جحش: ولاه على سرية في قصة معروفة (5). 107 - عبد الله بن مسلمة (والمشهور محمد بن مسلمة): في سرية إلى كعب ابن الأشرف ليقتله (6). 108 - عبد الله بن عتيك: بعثه (صلى الله عليه وآله) في سرية لقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق (مع أبي قتادة وخزاعي بن الأسود ومسعود بن سنان) (7) وإلى قتل ابن أبي جذعة (8). 109 - عبد الله بن رواحة: بعثه (صلى الله عليه وآله) في سرية إلى خيبر مرتين: إحداهما إلى أسير بن رزام اليهودي ليقتله (9)، وعلى الجيش في موته بعد استشهاد
= 2 / ق 2: 59 والتراتيب الإدارية 1: 241 والبداية والنهاية 6: 307 والبحار 21: 407 والطبري 3: 228 و 318 واسد الغابة 3: 83 / 2700. (1) اليعقوبي 2: 62 والحلبية 3: 176 والطبري 3: 154 و 2: 641. (2) الطبري 3: 32 و 158. (3) التراتيب الإدارية 1: 478 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121. (4) التراتيب الإدارية 1: 43 والإصابة 2: 252 / 4400... فأمر عليهم أبا عبيدة مددا العمرو بن العاص. (5) الدرر لابن عبد البر: 65 والحلبية 3: 154 والتراتيب 1: 241 و 319 والإصابة 2: 286 / 4583 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 272 واليعقوبي 2: 58 والطبري 2: 410 و 411 و 413 و 415 و 421 و 3: 154 وابن خلدون 2 / ق 2: 18 واسد الغابة 3: 131 / 2856. (6) الحلبية 3: 158 والإصابة 3: 383 / 7806 واسد الغابة 4: 330 / 4761. (7) الدرر لابن عبد البر: 134 والحلبية 3: 153 واليعقوبي 2: 68 والطبري 2: 493 و 495 و 3: 155 و 496 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 364 واسد الغابة 3: 203 والإصابة 2: 341 / 4816. (8) اليعقوبي 2: 68. (9) الحلبية 3: 183 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 122 واليعقوبي 2: 63 و 68 والإصابة 2: 306 / 4676 والطبري 3: 155.
[26]
جعفر (1) وإلى اليمن (2)، وفي الطبري في ذكر بدر الصغرى: واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة (3) وعينه لمقاسم خيبر ولخرص النخل (4). 110 - عبد الله بن سهيل بن عمرو العامري: أرسله إلى بني معيص ومحارب ابن فهر ومن يليهم من السواحل في خمسمائة (5). 111 - عبد الله بن أنيس الأنصاري: أرسله إلى خالد بن سفيان بن نبيح (6). 112 - عبد الله بن عقبة: أرسله إلى قتل أبي رافع على رواية (7). 113 - عبد الله بن أبي حدرد: أرسله في قتل رفاعة بن قيس الجشمي (8). وعلى سرية إلى إضم (9) فلقي عامر بن الأضبط الأشجعي (10)، وإلى الغابة (11)، وإلى التجسس في قصة هوازن (12). 114 - عبد الله بن جبير: جعله على الرماة في احد (13).
(1) الدرر لابن عبد البر: 154 واليعقوبي 2: 54 و 61 والطبري 3: 22 و 36 و 157 وابن خلدون 2 / ق 2: 40 والكامل لابن عدي 2: 692 ومآثر الأنافة 1: 55 واسد الغابة 3: 57 / 2941 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 293 والإصابة 2: 307 / 4676. (2) ستأتي الإشارة إليه وراجع مكاتيب الرسول: 228 - 230. (3) المصدر 2: 561. (4) الطبري 3: 21 والتراتيب 1: 399. (5) اليعقوبي 2: 62. (6) اليعقوبي 2: 63 والطبري 3: 156. (7) الطبري 3: 493. (8) اليعقوبي 2: 68 والطبري 3: 34 و 35. (9) كعنب اسم الوادي الذي فيه المدينة وماء بين مكة والمدينة. (10) اليعقوبي 2: 64 والطبري 3: 36 و 158 واسد الغابة 3: 141 / 2888. (11) الطبري 3: 158. (12) الطبري 3: 73 واسد الغابة 3: 141 / 2888. (13) الدرر لابن عبد البر: 104 والطبري 2: 507 واسد الغابة 3: 130 / 2855.
[27]
115 - عبد الله بن عبد الأسد أبو سلمة: بعثه في سرية إلى قطن من مياه بني أسد من ناحية نجد (1) وعلى المدينة في غزوة العشيرة (2). 116 - عبد الله بن أبي قحافة (أبو بكر) أرسله في سرية إلى فزارة بوادي القرى وقيل: إن الأمير كان زيد بن حارثة (3)، وإلى كلاب (4) وإلى نجد في شعبان (5). وقال الطبري بعد قصة هوازن: واستخلف أبا بكر (رض) على أهل مكة وأمره أن يقيم للناس الحج ويعلم الناس الإسلام، وأمره أن يؤمن من حج من الناس (6) وبعثه على الموسم ثم عزله وبعث عليا (عليه السلام) (7). 117 - عبد الله بن عمرو بن سبيع الثعلبي: ولاه على بني تغلبة وعبس بن عبد الله بن غطفان (8). 118 - عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري: ولاه على مآرب وزبيد وعدن وريع الساحل جابيا وقاضيا على معاوية بن كندة (9). 119 - عبد الله بن عبد الله بن ابي بن سلول: ولاه على المدينة في غزوة بدر
(1) الحلبية 3: 164 واليعقوبي 2: 63 والطبري 3: 155 والإصابة 2: 335 / 4783. (2) الدرر لابن عبد البر: 64 وابن خلدون 2 / ق 2: 17 والطبري 2: 408 واسد الغابة 3: 197 والاستيعاب 2: 338. (3) الحلبية 3: 22 و 179 والطبري 2: 643 و 644 و 445 و 3: 22. (4) الحلبية 3: 186. (5) الطبري 3: 22. (6) المصدر 3: 82 والإصابة 2: 341 / 4817 واسد الغابة 3: 205 / 3064. (7) راجع ما سوف يأتي، وراجع الدرر لابن عبد البر: 187 والتراتيب الإدارية 1: 109 و 241 و 246. (8) التراتيب الإدارية 1: 241 والإصابة 2: 351 / 4844 واليعقوبي 2: 65. (9) الإصابة 2: 222 / 4234 و: 359 / 4898 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والتراتيب الإدارية 1: 200 و 241 و 259 عن الإصابة و 245 عن ابن هشام والبداية والنهاية 6: 307 وابن أبي الحديد 14: 314 والاستيعاب هامش الإصابة 3: 371 والبحار 21: 407 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 119 والطبري 3: 228 و 318 والمصباح المضئ 1: 282 و 283 واليعقوبي 2: 112.
[28]
الثالثة (1). 120 - عبد الله بن زيد الكندي: كان عامل النبي (صلى الله عليه وآله) على اليمن (2). 121 - عبد الله بن سوار: من عمال النبي (صلى الله عليه وآله) على البحرين (3). 122 - عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي: ولاه الجند ومخاليفها باليمن (4). 123 - عبد الله بن كعب بن عمرو: جعله (صلى الله عليه وآله) على غنائم بدر (5) وخيبر (6) وعلى خمس النبي (صلى الله عليه وآله) فيها (7). 124 - عبد الله بن سعد بن أبي سرح: بعثه مصدقا (8). 125 - عبد الله بن مهاجر بن أبي امية: جعله على معاوية بن كندة، فلم يذهب، فكان زيد يقوم على عمله (9). 126 - عبد الله بن عمرو الخزاعي: قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان بمكة قبل الفتح (10).
(1) ابن خلدون 2 / ق 2: 29 والتراتيب الإدارية 2: 315. (2) التراتيب الإدارية 1: 244 عن الإصابة 2: 313 / 4290 ومكاتيب الرسول: 195 و 228. (3) الإصابة 3: 92 / 6329 والتراتيب الإدارية 1: 244. (4) التراتيب الإدارية 1: 245 عن تهذيب النووي والإصابة 1: 451 وذكره في الإصابة 2: 305 / 4671 ولكن لم يذكر توليه، والبدء والتأريخ 5: 107 واليعقوبي 2: 65 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 واسد الغابة 3: 155 / 2937. (5) الدرر لابن عبد البر: 71 والطبري 2: 458 وابن خلدون 2 / ق 2: 21 والتراتيب الإدارية 1: 380 و 382 و 411 واسد الغابة 3: 248 / 3149 والإصابة 2: 362 / 4915. (6) التراتيب الإدارية 1: 380. (7) التراتيب الإدارية 1: 411 واسد الغابة 3: 249 / 3149. (8) الطبري 3: 59. (9) ابن خلدون 2 / ق 2: 59. (10) التراتيب الإدارية 1: 444.
[29]
127 - عبد الله بن حذافة: بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى كسرى وأمره (صلى الله عليه وآله) على سرية (1). 128 - عوسجة بن عبد الله العرني: أرسله إلى سمعان البراقع (2). 129 - عبد الله بن بديل: مع أخيه عبد الرحمن إلى اليمن (3). 130 - عبيدة بن الحارث: أمره النبي (صلى الله عليه وآله) على سرية على رأس ثمانية أشهر ليعترض عير قريش حتى بلغ أحياء ماء بالحجاز (4). 131 - عبادة بن الأشيب العنزي: أسلم فأمره (صلى الله عليه وآله) على قومه (5). 132 - عباد بن بشر: ولاه على سليم ومزينة (6) واستعمله على حرسه بتبوك من يوم قدم إلى أن رحل، وكان ممن قتل كعب بن الأشرف (7). 133 - عبادة بن الأشيم (الأشيب): كتب له (صلى الله عليه وآله) وأمره على قومه (8). 134 - عبيد (أبو عامر الأشعري) عم أبي موسى الأشعري: بعثه رسول
(1) سوف يأتي في شرح كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى كسرى وراجع اليعقوبي 2: 67 والطبري 2: 644 و 646 وابن خلدون 2 / ق 2: 36 والتراتيب 1: 153 و 186 و 194 و 199 و 4622 والمصباح المضئ 1: 279 واسد الغابة 3: 143 وأعيان الشيعة 1: 144 والإصابة 2: 296. (2) المصباح المضئ 1: 289. (3) المصباح المضئ 1: 289 و 305 والإصابة 2: 280 / 4559. (4) الحلبية 3: 152 والدرر لابن عبد البر: 63 واليعقوبي 2: 57 والطبري 2: 404 و 3: 154 وابن خلدون 2 / ق 2: 18 والتراتيب الإدارية 1: 319 واسد الغابة 3: 357 / 3528 قال ابن خلدون: أرسله إلى ثنية المرار، والإصابة 2: 449 / 5375. (5) الإصابة 2: 267 / 4491 واسد الغابة 3: 104 / 2784 ومكاتيب الرسول: 238. (6) المغازي للواقدي 3: 973 و 980. (7) التراتيب 1: 358 والإصابة 2: 263 / 4455. (8) سيأتي في فصل العهود والإصابة 2: 267 / 4491 واسد الغابة 3: 104 / 3784.
[30]
الله (صلى الله عليه وآله) إلى أوطاس إلى من اجتمع من هوازن (1). 135 - عبد الرحمن بن عوف بعثه في سرية إلى دومة الجندل (2). 136 - عبد الرحمن بن أبزي الخزاعي مولاهم: استعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على خراسان، والصحيح كما في اسد الغابة استعمله علي على خراسان (3). 137 - عبيدالله بن عبد الخالق: بعثه إلى ملك الروم (4). 138 - عبد الرحمن بن بديل بن ورقاء مع أخيه عبد الله: إلى اليمن (5). 139 - عبادة بن الصامت: استعمله على بعض الصدقات (6). 140 - عتاب بن اسيد الاموي: أسلم يوم الفتح، واستعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على مكة لما سار إلى حنين واستمر، وقيل: استعمله بعد أن رجع عن الطائف (7)، وولاه الموسم سنة الفتح (8). 141 - عتبة بن نيار: بعثه (صلى الله عليه وآله) إلى زرعة بن سيف بن ذي يزن (9).
(1) الدرر لابن عبد البر: 168 والطبري 3: 79 وابن خلدون 2 / ق 2: 47 واسد الغابة 3: 355 و 5: 308 / 6036. (2) الحلبية 3: 181 و 182 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 112 واليعقوبي 2: 64 والطبري 2: 642 و 3: 158 واسد الغابة 3: 313 والإصابة 2: 416 / 5179 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 393. (3) الإصابة 2: 388 / 5075 عن ابن السكن والتراتيب الإدارية 1: 243 واسد الغابة 3: 278 / 3260. (4) المصباح المضئ 1: 290 واسد الغابة 3: 329 / 3458. (5) المصباح المضئ 1: 305 واسد الغابة 3: 282 / 3270 والإصابة 2: 280 / 4559. (6) اسد الغابة 3: 106 / 2982 والإصابة 2: 268 / 4497. (7) الدرر لابن عبد البر: 166 واليعقوبي 2: 65 و 112 والطبري 3: 73 و 94 و 318 والتراتيب الإدارية 1: 109 و 43 و 240 و 261 و 264 واسد الغابة 3: 358 / 3532 و 5: 55 والإصابة 2: 451 / 5391 والاستيعاب 3: 153. (8) الدرر لابن عبد البر: 177 واليعقوبي 2: 65 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 والتراتيب الإدارية 1: 66 و 109 و 240 و 245 واسد الغابة 3: 358 و 5: 55. (9) الإصابة 2: 456 / 5416 واسد الغابة 3: 368 / 3555 ومكاتيب الرسول: 228 و 230. (*
[31]
142 - عثمان بن عمرو الدئلي: على بني أسد (1). 143 - عثمان بن أبي العاص الثقفي: نصبه (صلى الله عليه وآله) على ثقيف (2). واستعمله على الطائف (وفي الطبري: على أهل المدر) (3). 144 - عثمان بن عفان: استعمله في غزوة ذات الرقاع (4) وفي غزوة ذي أمر (5) يريد بن محارب وبني ثعلبة من غطفان، وإلى قريش في الصلح (6). 145 - عدي بن حاتم الطائي أبو طريف: استعمله على طي وأسد على جباية الصدقات (7). 146 - عريف بن أضبط الديلمي: استخلفه على المدينة (8). 147 - عقبة بن نمر: إلى زرعة بن ذي يزن (9). 148 - عكرمة بن أبي جهل: استعمله على صدقات هوازن عام وفاته (صلى الله عليه وآله) (10).
(1) اسد الغابة 3: 23 / 2510 في ترجمة صفوان بن صفوان. (2) اليعقوبي 2: 66. (3) الدرر لابن عبد البر: 186 والإصابة 2: 460 / 5441 والتراتيب الإدارية 1: 243 و 246 واسد الغابة 3: 273 / 3575 والاستيعاب هامش الإصابة 3: 91 والبدء والتأريخ 5: 107 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 والطبري 3: 99 و 318 واليعقوبي 2: 112. (4) الطبري 2: 556 وابن خلدون 2 / ق 2: 28 والتراتيب الإدارية 1: 315. (5) ابن خلدون 2 / ق 2: 29. (6) التراتيب 1: 195. (7) الكامل لابن الأثير 2: 301 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 وثقات ابن حبان 2: 145 والطبري 3: 147 واليعقوبي 2: 65 و 112 والتراتيب 1: 246 و 396. (8) التراتيب الإدارية 1: 315. (9) اسد الغابة 3: 421 / 3719 والمصباح المضئ 1: 298 والإصابة 2: 492 / 5614. (10) الإصابة 2: 496 / 5638 والتراتيب الإدارية 1: 397 واسد الغابة 4: 5 والاستيعاب 3: 149.
[32]
149 - عكاشة بن ثور بن أصغر الغوثي: كان عامل النبي (صلى الله عليه وآله) على السكاسك والسكون وبني معاوية بن كندة (1). 150 - عكاشة بن محصن: في سرية إلى الغمر ماء لبني أسد (2). 151 - عكاشة بن معاوية بن كندة بن ثور بن أصغر الغوثي على السكاسك والسكون (3) والظاهر اتحاده مع ما تقدم برقم (149). 152 - العلاء بن الحضرمي: على البحرين، قال البلاذري في الفتوح: وقوم يقولون: إن العلاء كان على ناحية من البحرين منها القطيف، وإن أبان كان على ناحية اخرى فيها الخط، والأول أثبت (4) وأرسله إلى المنذر بن ساوى (5). 153 - أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن لقبض الصدقة (6)، وإلى اليمن أيضا مكان خالد، فأسلمت
(1) الإصابة 2: 494 / 5631 والتراتيب الإدارية 1: 243 وابن خلدون 2 / ق 2: 59، والبداية والنهاية 6: 307 والبحار 21: 407 والاستيعاب هامش الإصابة 3: 157 والطبري 3: 228 و 330 واسد الغابة 4: 2. (2) الطبري 3: 228 قال: وعكاشة بن محصن على السكاسك والسكون، وراجع التراتيب 1: 343 والاستيعاب 3: 155. (3) الطبري 3: 228 والتراتيب الإدارية 1: 243. (4) الدرر لابن عبد البر: 193 واسد الغابة 4: 7 / 7339 والكامل لابن الأثير 2: 301 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والطبري 3: 147 واليعقوبي 2: 65 و 112 والفتوح للبلاذري: 107 و 111 والتراتيب الإدارية 1: 243 و 291 والإصابة 2: 497 / 5642 والاستيعاب هامش الإصابة 3: 146 والطبري 3: 137 و 147. (5) اليعقوبي 2: 67 والطبري 2: 645 وابن خلدون 2 / ق 2: 36 والتراتيب 1: 184 و 194 و 199. (6) راجع أنساب الأشراف تحقيق محمد حميد: 384 والكامل لابن الأثير 2: 301 والطبري 3: 67 و 95 و 147 و 148 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 واليعقوبي 2: 65 وسيرة ابن هشام 4: 271 والتراتيب الإدارية 1: 246 و 257 - 259 و 261 و 410 و 443 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 119 وأخبار القضاة لوكيع 1: 46 و 47 و 49 و 50 و 63 و 64 و 84 - 86 والجامع للقيرواني: 297 وثقات ابن حبان 2: 149 وأسد الغابة 4: 27 / 3783.
[33]
همدان (1) وإلى اليمن أيضا للغزو (2)، وإلى نجران ليجمع صدقاتهم وجزيتهم (3)، وإلى بني جذيمة لإصلاح ما أفسده خالد بن الوليد (4)، وإلى اليمن للقضاء بين الناس (5)، وأقامة مكانة في مكة (في الهجرة) لأداء ودائع الناس (6) وإلى زيد ليرد السبايا (7)، وإلى سعد بن بكر بفدك (8)، وعلى سرية إلى طي (9)، وإلى بني أسد لما بلغه (صلى الله عليه وآله) أنهم يريدون أن يمدوا خيبر (10)، وفي غزوة الطائف وجهه (عليه السلام) لكسر الأصنام فكسرها (11)، واستعمله على المدينة في غزوة تبوك (12)، وبعثه في قتل معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن امية فقتله (13)، وإلى نافع بن غيلان بن سلمة بن معتب في خيل من ثقيف فقتله (14)، وأرسله لإبلاغ البراءة وإمارة الحج بعد عزل أبي بكر (15)، ونصبه لإقامة الحد (16). 154 - العلاء بن عقبة: كان النبي (صلى الله عليه وآله) يبعثه والأرقم في دور الأنصار (في الخصومات في الحضائر) (17).
(1 - 6) راجع الطبقات 2: 337 وابن ماجة 2: 774 وابن أبي شيبة 10: 176 / 9147 و 12: 58 / 1211 ومسند أحمد 1: 136 و 150 و 156 ومسند عبد بن حميد رقم 94 وجزء الحسن بن غرفة العبدي: 86 / 76 ومسند أبي يعلى 1: 323 / 33 و 141 ومستدرك الحاكم 3: 135 و 4: 88 و 93 وتاريخ بغداد 12: 3444 وكنز العمال 12: 220 / 1277 و 1278 و 5: 131 ومسند علي / رقم 53 و 141 والدر المنثور 3: 210 والتراتيب الإدارية 1: 246 و 257 و 259 و 261. (7) الحلبية 3: 179 والطبري 3: 143. (8) الحلبية 3: 182 والطبري 2: 642 و 3: 510 واليعقوبي 2: 62. (9) الطبري 3: 111. (10) البداية والنهاية 4: 179. (11) اليعقوبي 2: 53. (12) في حديث متواتر فلا حاجة إلى ذكر المصادر. (13) اليعقوبي 2: 68. (14) اليعقوبي 2: 53. (15) سيأتي في محله. (16) التراتيب الإدارية 1: 313. (17) التراتيب الإدراية 1: 280 والإصابة 2: 497 / 5647.
[34]
155 - علقمة بن مجزر (بجيم وزائين والأولى مكسورة) المدلجي: في بعث إلى فلسطين أو ناس من الحبشة بساحل يقال له سفينة (1). 156 - عمرو بن العاص: بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جيفر وعبد فخليا بينه وبين الصدقة (2) وإلى هدم سواع برهاط صنم لهذيل (3)، ولاه على جيش (في غزوة ذات السلاسل) فيه أبو بكر وعمر، أرسله الى قضاعة إلى أخواله استمالة لهم (4). 157 - عمرو بن القاري: ولاه على غنائم حنين (5). 158 - عمير بن عدي الخطمي: أرسله في سرية إلى قتل عصماء اليهودية ليقتلها فقتلها (6). 159 - عمر بن الخطاب: عن الكلاعي في السيرة: أنه (عليه السلام) لما صدر من الحج سنة عشر وقدم المدينة حتى رأى الهلال سنة (11) بعث المصدقين. وذكر جماعة أشهرهم عمر بن الخطاب (7). وقال اليعقوبي: وعمر بن الخطاب على جيش إلى زبية قريبة من الطائف (8).
(1) الحلبية 3: 164 والإصابة 2: 505 / 5677 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 112 واسد الغابة 4: 14 / 3774. (2) الطبري 3: 95 و 2: 645 وثقات ابن حبان 2: 145 واسد الغابة 4: 117 / 3965 والإصابة 3: 2 / 5882 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 511 وابن أبي الحديد 17: 210 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121 والتراتيب الإدارية 1: 184 و 199 و 201 و 246 وابن خلدون 2 / ق 2: 36 واليعقوبي 2: 67 و 112 والمصباح المضئ 1: 292 وأعيان الشيعة: 245. (3) الطبري 3: 66. (4) التراتيب الإدارية 1: 242 والإصابة 3: 2 / 5882 و 1: 497 في ترجمة رافع بن عمرو، والاستيعاب هامش الإصابة 2: 510 والمغازي للواقدي 3: 973 واليعقوبي 2: 64 والطبري 3: 158 واسد الغابة 4: 146. (5) جمهرة النسب للكلبي: 167 واسد الغابة 4: 126 / 4001. (6) الحلبية 3: 157. (7) التراتيب الإدارية 1: 396. (8) المصدر 2: 62 وفي الطبري 3: 22 و 158: إلى تربة من أرض بني عامر.
[35]
وإلى طائفة هوازن (1). 160 - عمرو بن حزم الأنصاري: استعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على نجران، وهم بنو الحارث بن كعب وهو ابن سبع عشرة سنة ليفقههم ويعلمهم القرآن ويأخذ الصدقات (2). 161 - عمرو بن امية: أرسله إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام (3)، وأرسله إليه ليخطب أم حبيبة (4)، وأرسله إليه ليقدم جعفر إليه (5)، وأرسله إلى أبي سفيان ليقتله فلم يقتله (6)، وإلى بني الدئل (7)، وإلى مسيلمة (8)، وبعثه عينا إلى قريش فحمل خبيب من الخشبة التي صلب عليها (اسد الغابة) وإلى بئر معونة (9)، وإلى أبي سفيان بمال ليفرق في فقراء مكة نوى ذهب مع عمرو بن امية الضمري وأمره أن يدفعه إلى أبي سفيان بن حرب وصفوان بن امية بن خلف وسهيل بن عمرو، ويفرقه ثلاثا ثلاثا، فامتنع صفوان بن امية وسهيل بن عمرو من أخذه وأخذه أبو
(1) اليعقوبي 2: 62. (2) الدرر لابن عبد البر: 195 والإصابة 2: 532 / 5810 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 517 والفتوح للبلاذري: 94 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والتراتيب الإدارية 1: 243 و 247 والبداية والنهاية 6: 307 والبحار 21: 407 والطبري 3: 128 و 130 و 228 و 318 والمصباح المضئ 1: 297 وأسد الغابة 4: 99 و 327 / 3899. (3) سيأتي في محله، وراجع جمهرة النسب: 154 واليعقوبي 2: 67 والطبري 2: 644 وابن خلدون 2 / ق 2: 36 والمصباح المضئ 1: 294 واسد الغابة 4: 86 / 3856 وأعيان الشيعة 1: 234 و 242 والاستيعاب 2: 497. (4) سيأتي في محله، وراجع جمهرة النسب: 154 والتراتيب 1: 194 و 197 و 199 واسد الغابة 4: 86 وأعيان الشيعة 1: 234 وأسد الغابة 4: 86 والاستيعاب 2: 497. (5) سيأتي في محله، وراجع جمهرة النسب: 154 والتراتيب الإدارية 1: 196 واسد الغابة 4: 86. (6) الحلبية 3: 208 وجمهرة النسب لهشام الكلبي: 154 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121 واليعقوبي 2: 67، والطبري 2: 542 و 545 والمصباح المضئ 1: 294 و 296. (7) اليعقوبي 2: 62 وجمهرة النسب للكلبي: 154. (8) جمهرة النسب: 154 والتراتيب 1: 200. (9) المصباح المضئ 1: 293 واسد الغابة 4: 86.
[36]
سفيان كله، وفرقه على فقراء قريش) (1). 162 - عمرو بن كعب الغفاري: إلى ذات أطلاح من ناحية الشام من قضاعة (2). 163 - عمرو بن المحجوب العامري: كان من عمال النبي (صلى الله عليه وآله) (3). 164 - عمرو بن الحكم القضاعي ثم القيني: على قضاعة (على بني القين من قضاعة) (4). 165 - عمرو بن سعيد بن العاص (أخو أبان والحكم): ولاه قرى عربية (5)، وسواد خيبر (6)، ووادي القرى وغيرها (7)، رجع هو وإخوته بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله). 166 - عمير بن وهب: إلى صفوان بن امية (يريد أن يهرب من الفتح) بالأمان (8). 167 - عمر الثقفي: لأخذ الصدقة من قومه روى عن حرب بن عبد الله بن عمر الثقفي عن جده قالت (كذا والصحيح قال:) أتيت النبي (صلى الله عليه وآله): فأسلمت وعلمني الإسلام، وعلمني كيف آخذ الصدقة من قومي ممن أسلم ثم رجعت إليه فقلت: يارسول الله كلما علمتني حفظت إلا الصدقة أفأعشرهم قال: لا (9).
(1) اليعقوبي 2: 46 والاستيعاب 2: 498. (2) الطبري 3: 29 والإصابة 3: 301 / 7427. (3) الإصابة 3: 14 / 5954 والتراتيب الإدارية 1: 243 والطبري 3: 187. (4) الإصابة 2: 532 / 5815 و 1: 63 / 249 والتراتيب الإدارية 1: 242، والطبري 3: 243 واسد الغابة 4: 99 / 3902. (5) اليعقوبي: 2: 65. (6) اسد الغابة 4: 108 / 3936. (7) التراتيب الإدارية 1: 243 و 246 والإصابة 2: 539 / 5846. (8) التراتيب الإدارية 1: 195. (9) التراتيب الإدارية 1: 392 عن سنن أبي داود.
[37]
168 - عمرو بن العفواء بن عبيد: قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في مشركي مكة (1). 169 - عباد وجيفر إبنا الجلندى: على عمان، وقيل: عمرو بن العاص (2). 170 - عمار بن ياسر: أرسله إلى الأيهم بن النعمان الغساني (3). 171 - عوف الوركاني كان من عمال النبي (صلى الله عليه وآله) (4). 172 - عويف بن ربيعة استخلفه على المدينة حين اعتمر عمرة القضاء (5)، وفي غزوة بني لحيان (6). 173 - عويف بن الأضبط بن ابير: كان النبي (صلى الله عليه وآله) استخلفه على المدينة في عمرة الحديبية (7)، وقيل عويف بن ربيعة بن الأضبط. 174 - عيينة بن حصن: إلى بني تميم (قال اليعقوبي: على جيش إلى بلعنبر) (8). 175 - عياش بن أبي ربيعة: أرسله (في رسله) إلى الحارث ومسروج بن عبد كلال (9). 186 - غالب بن عبد الله الليثي (الملوحي - يعقوبي): استخلفه على المدينة في
(1) اسد الغابة 4: 126 / 4000. (2) اليعقوبي 2: 112 وراجع الإصابة 1: 246 / 1308 واسد الغابة 1: 313. (3) اليعقوبي 2: 67. (4) الإصابة 3: 44 / 6160 والتراتيب الإدارية 1: 243. (5) جمهرة النسب للكلبي: 151 واسد الغابة 4: 157 / 4130. (6) اسد الغابة 4: 57، والظاهر اتحاده مع الآتي كما أشار إليه ابن الأثير. (7) الإصابة 3: 44 / 6110 واسد الغابة 4: 157 / 4130. (8) الحلبية 3: 200 والإصابة 3: 45 / 6151 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله) واليعقوبي 2: 63 والطبري 3: 157. (9) المصباح المضئ 1: 312.
[38]
غزوة بني لحيان (1) وبعثه إلى بني الملوح، وأمر أن يغير عليهم (2)، وإلى فروحان من أرض خيبر (3)، وإلى بني سليم وغطفان (4)، وإلى بني عبد بن ثعلبة (5)، وإلى بني مرة (6)، وإلى بني مدلج (7). 187 - فرات بن حيان بن ثعلبة العجلي: بعثه إلى ثمامة بن أثال في قتل مسيلمة (8). 188 - فروة بن عمرو كان يخرص تمر أهل المدينة (9). 189 - فروة بن مسيك (مصغرا): استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على مراد ومذحج وزبيد كلها، وبعث معه خالد بن سعيد، فكان في بلاده حتى توفي النبي (صلى الله عليه وآله) (10). 190 - فيروز الديلمي ويسانده داذوية وقيس بن المكشوح: أرسله على صنعاء (11). 191 - قبيصة بن الأسود الطائي الجرمي: استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قومه (12).
(1) جمهرة النسب للكلبي: 142 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 122. (2) جمهرة النسب للكلبي: 142 ورسالات نبوية: 31 واليعقوبي 2: 63 والطبري 3: 154 و 2: 27 واسد الغابة 4: 168 / 4165 والإصابة 3: 184 / 6904 والاستيعاب 3: 183. (3) اليعقوبي 2: 63. (4) الطبري 2: 483. (5) الطبري 3: 22 و 157. (6) الطبري 3: 22 وأسد الغابة 4: 168 / 4165 والإصابة 3: 184 / 6904. (7) اليعقوبي 2: 61 و 62. (8) المصباح المضئ 1: 312 واسد الغابة 4: 175 والاستيعاب 3: 202. (9) اسد الغابة 4: 179 والتراتيب الإدارية 1: 400. (10) الإصابة 3: 205 / 6981 والتراتيب الإدارية 1: 244 والدرر لابن عبد البر: 194 والطبري 3: 136 والبداية والنهاية 5: 71 واسد الغابة 4: 4219 180 واليعقوبي 2: 113 وأعيان الشيعة 1: 242. (11) الطبري 3: 318 واسد الغابة 4: 186 / 4240 والاستيعاب 3: 205 والإصابة 3: 210 / 7010. (12) سيأتي في العهود.
[39]
192 - قضاعة بن عامر الدوسي العذري: كان عامل النبي (صلى الله عليه وآله) على بني أسد (1). 193 - قضاعي بن عمرو: كان عاملا على بني الحارث (2) وكان عاملا على بني أسد (3). 194 - قدامة بن مظعون: في رسله إلى المنذر بن ساوى هو وأبو هريرة (4). 195 - قرة بن هبيرة: ولاه صدقات قومه (5). 196 - قطبة بن عامر الخزرجي (6). 197 - قيس بن سعد بن عبادة إلى غزوة الخبط على رواية (7). 198 - قيس بن عاصم... المنقري التميمي: ولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بني منقر (8) ومقاعس والبطون (9). 199 - قيس بن سلمة بن شراحيل: استعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على بني مروان وكتب له كتابا، وفي الطبقات: استعمله على مران ومواليها: وحريم ومواليها، ولكلاب ومواليها (10).
(1) الإصابة 3: 236 / 7115 و 7116 والتراتيب الإدارية 1: 244 وسيأتي في فصل العهود. (2) الإصابة 3: 236 / 7116 والتراتيب الإدارية 1: 244 والطبري 3: 187. (3) اسد الغابة 4: 205 والإصابة 3: 236 / 7116. (4) المصباح المضئ 1: 314. (5) أعيان الشيعة 1: 240. (6) صحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121. (7) الطبري 3: 33 والاستيعاب 3: 227 واسد الغابة 4: 215 / 4348. (8) ثقات ابن حبان 2: 145 والكامل لابن الاثير 2: 301 (على صدقات سعد بن زيد) والطبري 3: 68 و 187 واليعقوبي 2: 65 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 119. (9) ابن أبي الحديد 17: 211 والطبري 3: 268 واليعقوبي 2: 112. (10) الإصابة 2: 69 / 3405 في ترجمة سلمة بن يزيد و 3: 250 / 7183 والتراتيب الإدارية 1: 242 والطبقات 1: 325.
[40]
200 - قيس بن مالك الأرحبي: كتب له (صلى الله عليه وآله) عهده على قومه همدان عربها ومواليها وخلائطها (1). 201 - قيس بن الحصين المازني: كتب له كتابا على قومه (2). 202 - قيس بن كسفة الطريفي الطائي: استعمله على قومه (3). 203 - قيس بن (قعين) بن حليف الطريفي: استعمله على قومه (4). 204 - قيس بن يزيد: وفد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأسلم وولاه على قومه (5). 205 - كافية بن سبع الأسدي: استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على صدقات قومه (6). 206 - كرز بن جابر القريشي: بعثه (صلى الله عليه وآله) في آثار العرنيين (7). 207 - كعب بن مالك أبو القيس: استعمله (صلى الله عليه وآله) على صدقات أسلم وغفار وجهينة (8) (بعثه (صلى الله عليه وآله) في أسلم وغفار وجهينة) (9). 208 - كعب بن عمير: أرسله على سرية إلى ذات أطلاح (أو ذات أباطح)، فأصيب هو وأصحابه، قال ابن الأثير: بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرة بعد مرة أميرا على
(1) الإصابة 3: 258 / 7229 وأسد الغابة 4: 224 / 4389 والطبقات 1: 340 و 341 والتراتيب الإدارية 1: 244 والمصباح المضئ 1: 214. (2) سيأتي الكتاب، وراجع الطبري 3: 128 والإصابة 3: 244 / 7160. (3) سأتي في العهود. (4) سيأتي في العهود. (5) اسد الغابة 4: 229 / 4407 والإصابة 3: 263 / 7252. (6) التراتيب الإدارية 1: 396 عن الإصابة. (7) الإصابة 3: 291 / 7394 والحلبية 3: 185 والاستيعاب هامش الإصابة. 3: 310 والطبري 2: 644 وأسد الغابة 4: 237 / 4443. (8) ثقات ابن حبان 2: 145. (9) ثقات ابن حبان 2: 145 والمغازي للواقدي 3: 973 في إحدى روايتيه.
[41]
السرايا (1). 209 - كعب بن عمرو: صاحب المغانم بخيبر: وذكر أبو عمر في العبادلة: عبد الله بن كعب أنه كان على المغانم ببدر (2). 210 - كلثوم بن حصين (أبو رهم الغفاري): استخلفه النبي (صلى الله عليه وآله) على المدينة في غزوة الفتح (3) وفي عمرة القضاء (4) أو حين غزى خيبر (5) وفي حجة الوداع (6). 211 - كهل بن مالك الهذلي: استعمله على صدقات قومه (7). 212 - مالك بن عبد الله: استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قومه (8). 213 - مالك بن عوف النصري: استعمله على من أسلم من قومه، ومن تلك القبائل من ثمالة والحدان وسلمة وفهم، فكان يقاتل ثقيفا (9). قال الطبري: مالك على أهل الوبر أعجاز هوازن، وعثمان بن أبي العاص على أهل المدر (10). 214 - مالك بن نمط وفد في وفد همدان، وأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم
(1) اليعقوبي 2: 64 والطبري 3: 157 وأسد الغابة 4: 246 / 4473 والإصابة 3: 300 / 2427 والاستيعاب 3: 292. (2) الإصابة 3: 300 / 7421 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121. (3) الإصابة 4: 71 / 416 واليعقوبي 2: 65 وجمهرة النسب لهشام الكلبي: 185 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 والدرر لابن عبد البر: 158 والطبري 3: 49 و 50 وأسد الغابة 4: 250 / 4485 والاستيعاب 3: 316. (4) أسد الغابة 4: 250 / 4485 والاستيعاب 3: 316. (5) صحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120. (6) جمهرة النسب لهشام الكلبي: 158. (7) التراتيب الإدارية 1: 397 عن الإصابة. (8) سيأتي في العهود. (9) الإصابة 3: 352 / 7673 ودحلان هامش الحلبية 2: 255 والاستيعاب هامش الإصابة 3: 380 والتراتيب الإدارية 1: 244 والدرر لابن عبد البر: 177 والطبري 3: 89 و 318 وأسد الغابة 4: 290 واليعقوبي 2: 53. (10) الطبري 3: 89 و 318.
[42]
واستعمله على من أسلم من قومه (1). 215 - مالك بن نويرة التميمي اليربوعي. كان النبي (صلى الله عليه وآله) استعمله على صدقات قومه. وقال ابن حجر في ترجمة متمم بن نويرة: أنه (صلى الله عليه وآله) بعث مالكا على صدقات بني تميم. وفي المعرفة والتأريخ والطبري: أنه (صلى الله عليه وآله) استعمله على بني حنظلة، وزاد الطبري قائلا: ووكيع بن مالك ومالك بن نويرة على بني حنظلة، هذا على بني مالك وهذا على بني يربوع (2). 216 - مالك بن مرارة الرهاوي: أرسله رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ملوك حمير (3). 217 - مالك بن عبادة الهمداني أرسله رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مخاليف حمير (4). 218 - متمم بن نويرة استعمله (صلى الله عليه وآله) على صدقات بني تميم (5). 219 - محمية بن جزء بن عبد يغوث (محمية: بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الميم وفتح الياء. وجزء بفتح الجيم وسكون الزاء - الإصابة). أمره على المقاسم يوم بدر، وقال ابن حجر: كان عامله على الأخماس (6). 220 - محمد بن مسلمة: أرسله في سرية إلى القرطاء من هوازن (7) وإلى ذي
(1) الإصابة 3: 356 / 7694 والاستيعاب هامش الإصابة 3: 379 وأسد الغابة 4: 294 / 4645. (2) راجع الإصابة 3: 357 / 769 و: 260 / 7717 والكامل لابن الأثير 2: 301 وابن خلدون 2: 59 وثقات ابن حبان 2: 145 والطبري 3: 147 و 268 واليعقوبي 2: 65 و 112 وابن أبي الحديد 7: 211 والإفصاح: 13 والتراتيب الإدارية 1: 397 وثقات ابن حبان 2: 145 والمعرفة والتأريخ 1: 339 وأسد الغابة 4: 295 / 4648. (3) الإصابة 3: 354 / 7684 والطبري 2: 120 وأسد الغابة 4: 293 والمصباح المضئ 1: 322 و 324. (4) الإصابة 3: 348 / 7652 و: 347 / 7642 و: 355 / 7674. (5) التراتيب الإدارية 1: 397 وأسد الغابة 4: 298 / 4659 (على بني يربوع). (6) الإصابة 3: 388 / 7823 واليعقوبي 2: 66 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 والتراتيب الإدارية 1: 246 (7) الحلبية 3: 174 واليعقوبي 2: 66 والطبري 3: 154 و 155.
[43]
القصة (1)، وفي قتل كعب بن الأشرف (2)، وعينه لإقامة الحد (3)، واستخلفه على المدينة في غزوة تبوك (4) (هذا باطل قطعا لما تواتر من طرق الفريقين أنه (صلى الله عليه وآله) استخلف أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) وقال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى وراجع في ذلك التراتيب الإدارية أيضا). 221 - مرثد بن أبي مرثد في ستة نفر في بعث الرجيع للتبليغ (5). 222 - مروان بن الجذع الأنصاري الخزرجي: على سهمان خيبر (6). 223 - مرداس بن مالك الغنوي: كتب (صلى الله عليه وآله) له كتابا وولاه الصدقات (7). 224 - مردة بن نفاثة السلولي: قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) في جماعة من بني سلول فأسلموا فأمره عليهم (8). 225 - مسلم بن بحرة الأنصاري: على اسارى بني قريظة ينظر إلى فرج الغلام فإن أنبت قتل (9). 226 - مسعود بن عمرو القاري: على غنائم حنين (10).
(1) الحلبية 3: 176. (2) الدرر لابن عبد البر: 100 و 101 واليعقوبي 2: 68 والطبري 2: 489 و 3: 156 وابن خلدون 2 / ق 2: 22 وأسد الغابة 4: 331 / 4761. (3) التراتيب الإدارية 1: 313. (4) الدرر لابن عبد البر: 113 واليعقوبي 2: 58 و 59 والطبري 2: 538 و 2: 154 وابن خلدون 2 / ق 2: 27 والحلبية 3: 165 وأسد الغابة 4: 344 / 4761 والإصابة 3: 383 / 7806 والاستيعاب 3: 335. (5) التراتيب الإدارية 1: 315 وراجع اسد الغابة 4: 2344 / 4824. (6) الإصابة 3: 403 / 7913 والتراتيب الإدارية 1: 443 واسد الغابة 4: 348 / 4840. (7) الإصابة 3: 400 / 7888 والتراتيب الإدارية 1: 398 وابن خلدون 2 / ق 2: 47 واسد الغابة 4: 347 / 4832. (8) التراتيب الإدارية 1: 244. (9) اسد الغابة 4: 360 / 4894 والإصابة 3: 414 / 7963. (10) الطبري 3: 81 وابن خلدون 2 / ق 2: 47 والتراتيب 1: 443 واسد الغابة 4: 359 / 4889 والإصابة 3: 412 / 7954 والاستيعاب 3: 452.
[44]
227 - مصعب بن عمير: بعثه (صلى الله عليه وآله) داعيا ومبلغا إلى المدينة وكتب (صلى الله عليه وآله) إليه في إقامة الجمعة (1). 228 - معيقيب بن أبي فاطمة: على الغنائم (2). 229 - معاوية بن فلان الوائلي: على سعد هذيم (وارتد بعد) (3). 230 - معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي: بعثه بعد قتل بادام إلى اليمن قاضيا ويعلم الناس القرآن، وشرائع الإسلام، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، وجعل إليه قبض الجزية، وكان ينتقل من بلد إلى بلد (4) واستعمله على مكة يعلم الناس الفقه والسنن، والعامل عتاب بن اسيد (5). 231 - مغافر بن أبي أمية المخزومي: على كندة (6). 232 - مالك بن عبادة الغافقي (7). 233 - مالك بن عقبة (أو عقبة بن مالك): هكذا جرى ذكره على الشك.. ذكره ابن إسحاق في الوفود مع معاذ بن جبل وعبد الله بن زيد ومالك بن عبادة
(1) الإصابة 3: 421 / 8002 والاستيعاب هامش الإصابة 3: 469 والطبري 2: 357 والتراتيب الإدارية 1: 42 واسد الغابة 2: 392 / 4929 واليعقوبي 2: 31. (2) التراتيب الإدارية 1: 258 عن أحمد والحاكم. (3) الطبري 3: 243. (4) راجع التراتيب الإدارية 1: 200 و 245 و 258 و 261 و 396 قال: واختلف هل كان معاذ واليا أو قاضيا: فجزم ابن عبد البر بالثاني والغساني بالأول واليعقوبي 2: 66 و 68 و 70 و 112 والفتوح للبلاذري: 95 و 97 والإصابة 2: 222 / 4234 في ترجمة طاهر بن أبي هالة و 3: 427 / 803 في ترجمته، والاستيعاب هامش الإصابة 3: 357 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والبداية والنهاية 6: 307 والبحار 21: 407 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 119 والطبري 3: 121 و 228 و 235 و 318 والمصباح المضئ 1: 316 - 323 واسد الغابة 4: 377 / 4953. (5) التراتيب الإدارية 1: 43. (6) التراتيب الإدارية 1: 245. (7) المصباح المضئ 1: 325.
[45]
وعقبة بن نمر (1). 234 - المنذر بن ساوى: ولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هجر (2). 235 - المنذر بن عمرو الخزرجي الساعدي: ولاه على أربعين نفر بعثهم إلى نجد (3)، وإلى بئر معونة (4) وكان نقيب بني ساعدة (5). 236 - مهاجر بن أبي امية: على صدقات صنعاء (6) وعلى كندة (على بني معاوية بن كندة) وصدف (7)، وإلى الحارث بن عبد كلال (8). 237 - نافع: على الساحل من أرض اليمن (9). 238 - نميلة بن عبد الله الليثي بعثه (صلى الله عليه وآله) إلى بني ضمرة (10)، واستعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على خيبر (11)، وولاه المدينة لما خرج إلى الحديبية (12)، وفي بني المصطلق على
(1) المصدر السابق. (2) الإصابة 3: 460 / 8216 وراجع التراتيب 1: 244 واسد الغابة 4: 417 / 5099 واليعقوبي 2: 112. (3) الاستيعاب هامش الإصابة 3: 459 والإصابة 3: 461 / 8224 والدرر لابن عبد البر: 116 والطبري: 546 و 3: 154 وابن خلدون 2 / ق 2: 27. (4) الطبري 3: 154 و 2: 546 واليعقوبي 2: 61 والدرر لابن عبد البر: 116 والحلبية 3: 177 واسد الغابة 4: 418 / 5107 والاستيعاب 3: 459. (5) اسد الغابة 4: 418 / 5107 والاستيعاب 3: 458 والإصابة 3: 461 / 8224. (6) ثقات ابن حبان 2: 145 والطبري 3: 147 و 228 واليعقوبي 2: 65 و 112 والإصابة 3: 465 / 8253 والكامل 2: 301 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والفتوح للبلاذري: 142 والتراتيب الإدارية 1: 245 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله). (7) الجمهرة لهشام الكلبي: 87 والاستيعاب 3: 357 والطبري 3: 228 والمصباح المضئ 1: 326 و 330. (8) اليعقوبي 2: 67 والتراتيب الإدارية 2: 194 و 200 واسد الغابة 4: 432 والمصباح المضئ 1: 326. (9) التراتيب 1: 245. (10) اليعقوبي 2: 62. (11) الإصابة 3: 574 / 8808 عن ابن هشام في زياداته في السيرة والدرر لابن عبد البر: 143 وابن خلدون 2 / ق 2: 38. (12) البداية والنهاية 4: 164 والتراتيب الإدارية 1: 315 وابن هشام 3: 378.
[46]
قول (1). 239 - نمير بن خرشة: حامل كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ثقيف (2). 240 - نعيم بن مسعود الأشجعي: إلى ابن ذي اللحية وابن مشيمصة (3). 241 - وكيع بن مالك ومالك بن نويرة: على بني حنظلة كما تقدم (4). 242 - وبر بن يحنس: قدم على الأبناء يدعوهم إلى الإسلام (5). 243 - الوليد بن عقبة: بعثه (صلى الله عليه وآله) إلى بني المصطلق فعمل ما هو مشهور، فنزل قوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبأ) * (6). 244 - الوليد بن بحر الجرهمي: بعثه إلى الأقيال من حضرموت (7). 245 - وائل بن حجر على حضرموت (8). 246 - الهيثم والد قيس: استعمله على صدقات قومه (9). 247 - يزيد بن أبي سفيان: ولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على تيماء (10) وعلى أخواله
(1) ابن خلدون 2 / ق 2: 33. (2) المصباح المضئ 1: 327. (3) المصباح المضئ 1: 328. (4) الطبري 3: 268 والإصابة 3: 636 / 9141. (5) الإصابة 3: 630 / 9104 والاستيعاب 3: 638 والطبري 3: 268 والمصباح المضئ 1: 331 واسد الغابة 5: 83. (6) المغازي للواقدي 3: 980 واليعقوبي 2: 44 و 65 والدرر لابن عبد البر: 140 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 120 وأسد الغابة 5: 591 / 5468 والاستيعاب 3: 632 والإصابة 3: 637 / 9147 والتفاسير في تفسير الآية المباركة. (7) المصباح المضئ 1: 330. (8) اسد الغابة 5: 81 / 5436. (9) الإصابة 3: 615 / 9025 والتراتيب الإدارية 1: 398 واسد الغابة 5: 75 / 5418. (10) اليعقوبي 2: 65 والإفصاح: 57 وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 119. (*
[47]
من بني فراس (1). 248 - يعلى بن امية: على اليمن بعد قتل بادام على الجند (2). 249 - يزيد بن المحجل: أمره (صلى الله عليه وآله) على قومه من بني مالك (3). 250 - أبو رهم الغفاري: استخلفه على المدينة في غزوة الفتح (4). 251 - أبو زيد بن سفيان: على غير نجران (5). 252 - أبو جهم بن حذيفة العدوي (اسمه عامر وعبيد): استعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على النفل يوم حنين (6) وعن عائشة أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا (7). 253 - أبو جديع المرادي: كان عاملا للنبي (صلى الله عليه وآله) (8). 254 - أبو العوجاء السلمي: (في الطبري: ابن أبي العوجاء السلمي إلى أرض بني سليم اصيب بها هو وأصحابه جميعا) على سرية فاستشهد كل من كان في السرية (9).
(1) الإفصاح: 57 والتراتيب الإدارية 1: 245 والإصابة 3: 656 / 9265. (2) البحار 21: 407 والطبري 3: 228 و 318 وابن خلدون 2 / ق 2: 59 والبداية والنهاية 6: 307 واليعقوبي 2: 113. (3) سيأتي في فصل العهود. (4) التراتيب الإدارية 1: 315 واسد الغابة 5: 197 (في غزوة الفتح وعمرة القضاء) واليعقوبي 2: 65 والإصابة 4: 70 / 416 والاستيعاب 4: 69 وفيه: استخلفه مرتين واسد الغابة 5: 197 / 5892 وفيه: استعمله مرتين. (5) التراتيب الإدارية 1: 245. (6) الإصابة 1: 402 / 2147 في ترجمة خالد بن البرصاء و 4: 350 / 207. (7) التراتيب الإدارية 1: 397. (8) التراتيب الإدارية: 244. (9) اليعقوبي 2: 62 و 63 واسد الغابة 5: 266 / 6143. (*)
[48]
255 - أبو عامر الأشعري: بعثه بعد حنين إلى أوطاس مع حشير (1). 256 - أبو لبابة: استخلفه (صلى الله عليه وآله) على المدينة في بدر وكان نقيبا (2). 257 - أبو هضيم المزني: استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إني مستعملك على هذا الوادي، فمن جاءك من ههنا وههنا فامنعه (3). 258 - أبو هريرة: لحفظ زكاة رمضان (4)، وأرسله مع العلاء بن الحضرمي (5). 259 - أبو ذر: استخلفه على المدينة (6). 260 - أبو سلمة بن عبد الأسد: استخلفه على المدينة، وإلى قطن (7). 261 - ابن ام مكتوم: (اسمه عمرو أو عبد الله بن ام مكتوم) قال ابن حجر: روى جماعة من أهل العلم بالنسب والسير أن النبي (صلى الله عليه وآله) استخلف ابن ام مكتوم ثلاث عشرة مرة: في الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، وغزوته في طلب كرز بن جابر، وغزوة السويق، وغطفان، وغزوة احد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرقاع، وفي خروجه في حجة الوداع، وفي خروجه إلى بدر، ثم استخلف أبا لبابة لما رده من الطريق (8) وفي ذيل الطبري (9): وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يستخلفه على المدينة يصلي بالناس
(1) الاستيعاب 4: 135. (2) اسد الغابة 5: 284 / 6198 والتراتيب الإدارية 1: 315 والاستيعاب 4: 168 والإصابة 4: 168 - 982 (3) الإصابة 4: 214 والتراتيب الإدارية 1: 244. (4) التراتيب الإدارية 1: 411. (5) المصباح المضئ 1: 301. (6) التراتيب الإدارية 1: 315. (7) التراتيب الإدارية 1: 316 واليعقوبي 2: 63. (8) راجع التراتيب الإدارية 1: 314 و 315 واسد الغابة 4: 127 / 4005 و 5: 284 والإصابة 2: 523 / 5764. (9) المصدر: 532.
[49]
عامة غزواته (1). استخلفه على المدينة في غزوة بني النضير (2) وغزوة الخندق (3)، وفي غزوة بني قريظة (4)، وفي غزوة احد (5)، وفي غزوة بدر (6)، وفي غزوة بحران (7)، وغزوة بني لحيان (8)، وغزوة الكدر (9)، وحمراء الأسد (10). 262 - ابن جابر (11). 263 - ابن اللتبية (12): أرسله إلى ذبيان (13). قال في الإصابة 2: 363 / 4922: عبد الله بن اللتبية بن ثعلبة الأزدي...
(1) ابن خلدون 2 / ق 2: 28. (2) الدرر لابن عبد البر: 118. (3) الدرر لابن عبد البر: 123. (4) الدرر لابن عبد البر: 126، وابن خلدون 2 / ق 2: 31. (5) الدرر لابن عبد البر: 103 وابن خلدون 2 / ق 2: 24. (6) الدرر لابن عبد البر: 68 وابن خلدون 2 / ق 2: 19. (7) الدرر لابن عبد البر: 99 وابن خلدون 2 / ق 2: 22. (8) الحلبية 3: 2 والبداية والنهاية 4: 149. (9) الطبري 2: 482. (10) الطبري 2: 536. (11) صحبة النبي (صلى الله عليه وآله): 121. (12) قال في تبصير المنتبه ق 3: 1231: اللتبية: بالضم والفتح، ثم مثناة مفتوحة ثم موحدة مكسورة ثم ياء مشددة عبد الله الازدي. قال في تاج العروس في " لتب ": وبنو لتب بالضم حي من الأزد منهم عبد الله بن اللتبية الصحابي وهي امه، ومنهم من يفتح اللام والمثناة، له ذكر في رسله (صلى الله عليه وآله) قال شيخنا: قلت: وقرأت في معجم الحافظ تقي الدين مانصه: عبد الله اللتبية الأزدي استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الصدقة. (13) راجع المغازي للواقدي 3: 973 وأخبار القضاة لوكيع 1: 57 والمعجم الكبير للطبراني 11: 231 والبخاري 9: 88 والتراتيب الإدارية 1: 237 وفتح الباري 13: 144 وصحيح مسلم 3: 1463 - 1465 وتاج العروس في " لتب " والإصابة 2: 362 / 4922 وأسد الغابة 3: 250 / 3154 (استعمله على بعض الصدقات) و 5: 330 / 6382 (استعمله على الصدقة) والطبقات 2: 160 والمصنف لعبد الرزاق 4: 54 و 55.
[50]
مذكور في حديث أبي حميد الساعدي في الصحيحين: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث رجلا على الصدقات يدعى ابن اللتبية الحديث بطوله، وإنما يأتي في أكثر الروايات غير مسمى، وسماه ابن سعد والبغوي وابن أبي حاتم والطبراني وابن حبان والباوردي وغير واحد عبد الله. أقول: هذا ما حضرنا عاجلا من رسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وولاته وعماله في الشؤون المختلفة، ولم نوفق للتحقيق حول أحوالهم وأعمالهم، وفي صحة هذه المنقولات وبطلانها سمينها وغثها، وإنما كان الغرض ذكر أسمائهم مع ذكر المصادر، والتحقيق موكول إلى مجال آخر. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن على أعدائهم أجمعين. حرر يوم الاثنين الثاني من شهر رجب المكرم 1418 ه‍ ق الموافق 12 - 1376 8 ه‍ ش بيد الحقير علي الأحمدي الميانجي قم المحمية
[51]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، أحمده استزادة لنعمه واستعاذة من نقمه، وأستعينه على شدائد الزمان وتوارد الحدثان، وأستمده في البأساء والضراء، والصلاة والسلام على خير من أرسله، وأشرف من اجتباه، سيد الأنبياء وصاحب الشفاعة واللواء، وعلى آله الطيبين وعترته المعصومين، ولاة الأمر وخزان العلم، واللعن على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين. أما بعد، فاني كنت منذ عهد بعيد مولعا بتصفح كتب الحديث والتاريخ والمعاجم، أسردها وأسبرها مرة بعد أخرى، وكرة بعد الأولى " هو المسك ما كررته يتضوع " وحينما كنت أراجع تلكم الكتب وأتدبرها، سنح لي أن آخذ من كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله) وعترته الأطهار، فأجمع شتاتها، مع تفسير غرائبها وتعيين مصادرها، لتكون لي تذكرة ولغيري تبصرة، فهداني الله سبحانه إلى الكتب المأثورة عن نبيه الأعظم (صلى الله عليه وآله)، فنظرت فيها، فوجدتها كعقد لئالئ انفصمت فانتثرت، أو صرر درر انتقض وكاؤها فانتشرت، ولم أجد كتابا يجمعها، ولا رسالة تحويها، فعزمت على جمع شتاتها وتنسيق متفرقاتها مع قلة الوسائل، وكثرة الموانع والمشاغل، وتوكلت على الله وبه المستعان، ولم آل جهدا في تعيين مصادرها، وتوضيح مشكلاتها وتفسير غرائبها.
[52]
ثم بعد هذا كله لا أقول إني عملت رسالة ولا صنفت كتابا بل أقول: " هذا جناي وخياره فيه " وأعتذر إلى الله ورسوله الأقدس (صلى الله عليه وآله) من التقصير. وها أنا أقدم للقراء الكرام، صحائف غراء، لما فيها من الآثار النبوية، والكلمات المحمدية التي عليها مسحة من نور النبوة، وعبقة من أرج الرسالة، اكتنزتها الأيام، وادخرها الزمان إلى أن من الله علينا فتشرفنا بها واستضأنا منها، ولعمري كلما أظلمت الدنيا بالجهل ازدادت كلمات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم نورا وضياء، وكلما أسدلت سدول الشهوات والأهواء اشتدت ظهورا وجلاء لو صادفت أبصارا ثاقبة وأسماعا واعية وقلوبا سليمة وشعورا حيا. وقد رتبته في فصول وخاتمة: الفصل الأول: في افتتاحه (صلى الله عليه وآله) كتبه ببسم الله الرحمن الرحيم. الفصل الثاني: فيما كان يشرع به كتبه بعد البسملة. الفصل الثالث: في بلاغة كتبه (صلى الله عليه وآله). الفصل الرابع: في الألفاظ الغريبة الموجودة في كتبه (صلى الله عليه وآله). الفصل الخامس: في أنه (صلى الله عليه وآله) كان يكتب أم لا. الفصل السادس: في كتابه (صلى الله عليه وآله). الفصل السابع: حول كتبه ورسله إلى الملوك للدعوة. الفصل الثامن: حول الكتب التي لم تصل إلينا نصوصها. الفصل التاسع: حول كتبه المودعة عند أهل بيته (عليهم السلام) المشتملة على: كتابة الحديث، الكتب المودعة، نصوصها الواصلة إلينا.
[53]
الفصل العاشر: في كتبه (صلى الله عليه وآله) للدعوة إلى الإسلام. الفصل الحادي عشر: في كتبه (صلى الله عليه وآله) إلى عماله وأمرائه. الفصل الثاني عشر: في عهوده (صلى الله عليه وآله) ومواثيقه. الفصل الثالث عشر: في كتبه (صلى الله عليه وآله) في الإقطاعات. الفصل الرابع عشر: في كتبه في الموضوعات المختلفة. الخاتمة: في الكتب المختلفة المنسوبة إليه (صلى الله عليه وآله). فنقول والله المستعان:
[55]
الفصل الأول في افتتاحه (صلى الله عليه وآله) كتبه بالبسملة الحث على افتتاح كل الأمور بها هي جزء من كل سورة في القرآن الكريم الجهر بها في الصلاة عن علي (عليه السلام) وإسقاطها أو إخفاؤها عند بني أمية إن الله تعالى ذكر أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) بتعليمه تقديم أسمائه الحسنى أمام جميع أقواله وأفعاله، وتقدم إليه في وضعه بها قبل جميع مهماته، وجعل ما أدبه به وعلمه إياه سنة لجميع خلقه يستنون بها ويفتتحون بها كتبهم وأوائل منطقهم وصدور رسائلهم، قال سبحانه وتعالى في أول ما أنزله عليه: * (اقرأ باسم ربك) * (1) وقال (صلى الله عليه وآله): " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر " وفي نسخة: أقطع بدل أبتر (2). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لعبد الله بن نجي الحضرمي: " أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حدثني عن الله عزوجل: كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو
(1) سورة العلق: 1 استدل بها الجصاص في أحكام القرآن 1: 6. (2) راجع كنز العمال 1: 493 و 496 ومسائل فقهية: 25 وصبح الأعشى 6: 220 والنهاية ولسان العرب في " بول " ومسند أحمد 2: 359 عن أبي هريرة: " كل ذي بال لا يفتح بذكر الله فهو أبتر " أو قال: " هو أقطع " وفي نص: أجذم بدل أقطع والاشعثيات: 314 والمستدرك للنوري (رحمه الله) 8: 434 وراجع البخاري 1: 48 باب التسمية وأبي داود 1: 25 وأدب الاملاء والاستملاء: 51 و 169.
[56]
أبتر " (1). و " بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب " (2). وروى صفوان الجمال قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما أنزل الله من السماء كتابا إلا وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم " (3). وعن فرات بن أحنف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال " سمعته يقول: أول كل كتاب نزل من السماء بسم الله الرحمن الرحيم " (4). هذا، وقد بدأ سبحانه وتعالى كتابه الكريم باسمه العظيم حتى روي عن الصادق (عليه السلام) قال: " إنما يعرف انقضاء السورة بنزول بسم الله الرحمن الرحيم ابتداء للأخرى " (5). وروي عن ابن عباس قال: " كان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يعرف فصل السورة - وفي لفظ خاتمة السورة - حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم " زاد البزاز والطبراني: فإذا نزلت عرف ان السورة قد ختمت واستقبلت سورة أخرى " (6).
(1) سفينة البحار: 1 في " سماء ". (2) كنز العمال 1: 493 والدر المنثور 1: 10. (3) نور الثقلين 1: 5 عن العياشي والكافي والبرهان 1: 42 وجامع أحاديث الشيعة 5: 116 و 117 عن الكافي والمحاسن والمستدرك عن السياري والعياشي والبحار 92: 234 و 236 والوسائل 4: 747. (4) راجع المصادر المتقدمة. (5) البحار 92: 236 عن العياشي وراجع نور الثقلين 1: 5 وتفسير العياشي 1: 19. (6) راجع الدر المنثور 1: 7 عن أبي داود والبزاز والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في المعرفة ثم أخرجه أيضا عن الحاكم والبيهقي بلفظ آخر عن ابن عباس وعن أبي عبيد عن سعيد بن جبير وعن الحاكم والطبراني والبيهقي في شعب الايمان بلفظ آخر عن ابن عباس وعن البيهقي في شعب الايمان والواحدي عن ابن مسعود عن البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر وراجع المراسيل لأبي داود السجستاني: 90. وراجع السنن الكبرى 2: 42 و 43 ومسائل فقهية: 18 وراجع التمهيد في علوم القرآن 1: 212 وبحوث =
[57]
وعن الصادق (عليه السلام): " لا تدع بسم الله الرحمن الرحيم وإن كان بعده شعر " (1). وعن أبي محمد العسكري (عليه السلام): " قولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم: بسم الله الرحمن الرحيم " (2). وعنه (عليه السلام): قال الصادق (عليه السلام): " وربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بسم الله الرحمن الرحيم، فيمتحنه الله عزوجل بمكروه، لينبهه على شكر الله تبارك وتعالى والثناء عليه، ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه قول بسم الله الرحمن الرحيم " (3).
= في تاريخ القرآن وعلومه: 56 ومصباح الفقيه كتاب الصلاة والمنار 1: 40 وأحكام القرآن للجصاص 1: 15 وأخبار اصفهان لأبي نعيم 2: 356 والمستدرك للحاكم 2: 611 وكنز العمال 2: 368 والكامل لابن عدي 6: 2039 و 3: 1039. وراجع حقائق هامة حول القرآن الكريم للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي عن جمع آخر منهم فتح الباري 9: 39 وتفسير القرآن العظيم 1: 16 ونيل الأوطار 2: 228 وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه وأسباب النزول للواحدي: 9 و 10 ومحاضرات الأدباء 4 من المجلد الثاني: 433 والاتقان 1: 78 والقرطبي 1: 95 وعمدة القاري 5: 292 ونصب الراية 1: 327 والمستصفى 1: 103 وفواتح الرحموت بهامشه 2: 14 وتاريخ اليعقوبي 2: 34 والرازي 1: 208 وغرائب القرآن بهامش الطبري 1: 77 والمصنف للصنعاني 2: 92 ومجمع الزوائد 6: 109 و 310 عن أبي داود والبزار و: 310 وكنز العمال 2: 368 وسنن أبي داود 1: 209 والمنتقى 1: 390 وكشف الأستار 3: 40 ومشكل الآثار 2: 152 و 153 وتبيين الحقائق 1: 113 وراجع عبد الرزاق 1: 93 والضعفاء الكبير للعقيلي 2: 35 والطبراني الكبير 12: 82 / 12546. (1) الوسائل 8: 495 عن الكافي 2: 672. (2) البحار 92: 244. (3) البحار 92: 232 عن التوحيد للصدوق (رحمه الله): 240 عن تفسير العسكري (عليه السلام) وراجع التوحيد: 231. ونقل عن النبي (صلى الله عليه وآله): " من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله " كما في الدر المنثور 1: 7 وحقائق حول القرآن عن التفسير الكبير 1: 196. وعن علي (عليه السلام): " من ترك قراءتها فقد نقص "، وكان يقول: " هي تمام السبع " كما في الدر المنثور 1: 7 وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " ان بسم الله الرحمن الرحيم من الحمد فمن تركها فقد ترك آية ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته " كما في الدر المنثور 1: 7. =
[58]
فبعد أمره تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) في قوله: * (بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك) * بقراءة اسمه مبتدأ به وقوله (صلى الله عليه وآله): " كل أمر ذي بال لم يبدأ باسم الله تعالى فهو أقطع أو أجذم أو أبتر " وأن كل كتاب نزل من السماء افتتاحه بسم الله الرحمن الرحيم (1) وأن اختتام سورة وافتتاح أخرى كان لا يعلم إلا بنزول بسم الله الرحمن الرحيم - لا يبقى مجال لما نقله جمع عن الشعبي قال: كان أهل الجاهلية يكتبون باسمك اللهم فكتب النبي (صلى الله عليه وآله) أول ما كتب باسمك اللهم حتى نزلت بسم الله مجراها ومرساها (2) فكتب بسم الله ثم نزلت: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن (3) فكتب بسم الله الرحمن ثم أنزلت الآية التي في طس: انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم (4) فكتب بسم الله الرحمن الرحيم (5).
= وعن علي (عليه السلام): " آية من كتاب الله تركها الناس " كما في حقائق هامة حول القرآن الكريم. وعن الزهري انه قال: " كان يفتتح ببسم الله الرحمن الرحيم ويقول: آية من كتاب الله تركها الناس ". (1) في المستدرك للنوري (رحمه الله): " كل كتاب لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أقطع " عن الجعفريات وفي حديث: " من حق القلم على من أخذه إذا كتب أن يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم " عن التنزيل والتحريف للسياري. (2) هود: 41. (3) الاسراء: 110. (4) النمل: 20. (5) الدر المنثور 5: 106 عن عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة و 107 عن أبي عبيد في فضائله ثم أخرج عن ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران ثم أخرج عن عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة وعن أبي داود في مراسيله عن أبي مالك نصوصا مختلفة الألفاظ ولكن في نقل قتادة: " لم يكن الناس يكتبون إلا باسمك اللهم حتى نزلت انه من سليمان... " فنسب ذلك إلى الناس لا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) كالقرطبي في تفسيره 13: 194 والمراسيل لأبي داود: 90. راجع الوزراء والكتاب للجهشياري: 13 و 14 والقرطبي في تفسيره 1: 92 والطبقات الكبرى 1: 263 وفي ط ليدن 1: ق 2: 19 وابن أبي شيبة 14: 105 وكنز العمال 10: 194 وفي طبعة أخرى 5: 244 والتنبيه والاشراف: 225 والعقد الفريد 4: 158 وفي طبعة أخرى 3: 4 وأحكام القرآن للجصاص 1: 7 والتراتيب 1: 140 ومستدرك الوسائل 8: 432 و 433 عن اللب اللباب للراوندي وسفينة البحار ج 1 في كلمة " سما " والحلبية 3: 23. =
[59]
وفي نص آخر: عن الحارث العكلي قال: " قال لي الشعبي كيف كان كتاب النبي (صلى الله عليه وآله) إليكم ؟ قلت: باسمك اللهم فقال: ذلك الكتاب الأول كتب النبي (صلى الله عليه وآله) باسمك اللهم فجرت بذلك ما شاء الله أن تجري، ثم نزلت بسم الله مجراها ومرساها فكتب بسم الله فجرت بذلك ما شاء الله أن تجري، ثم نزلت قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فكتب باسم الله الرحمن فجرت بذلك ما شاء الله أن تجري، ثم نزلت: إنه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم فكتب بسم الله الرحمن الرحيم ". وفي الحلبية بعد قوله: فكتب أول ما كتب باسمك اللهم: " وكتب ذلك في أربع كتب ". ونقل عن الشعبي ومالك وقتادة وثابت: " إن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حتى نزلت سورة النمل وقد كان (صلى الله عليه وسلم) حين أراد أن يكتب بينه وبين سهيل بن عمرو كتاب الهدنة بالحديبية قال لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه): اكتب بسم الله الرحمن الرحيم: فقال له سهيل: باسمك اللهم، فإنا لا نعرف الرحمن إلى أن سمح بها بعد... " (1). لأنهم لابد وأن يلتزموا بأن بسم الله الرحمن الرحيم لم تنزل إلا في سورة النمل وهو كما ترى (راجع كنز العمال 2: 190 نقله عن ابن جريج). أو يلتزموا بأنها نزلت قبل ذلك ولكن لم يستن في كتبه بها بكتاب الله، ولم يعمل بما نقل من الحديث إلا بعد أن نزل القرآن بأن سليمان على نبينا وآله وعليه
= وفي " حقائق هامة حول القرآن الكريم " للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي عن جمع منهم: الفخر الرازي في التفسير 1: 200 وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه: 53 وأكذوبة حول تحريف القرآن: 35 وروح المعاني 1: 27 وثمرات الأوراق بهامش المستطرف 2: 105. (1) أحكام القرآن للجصاص 1: 7 و 8.
[60]
السلام كتبه في كتابه، فعلم حينئذ ان افتتاح الكتب بالبسملة كسائر الأمور العظام والصغار مندوب إليه ومطلوب، فكتبها بعد ذلك. ونحن نسائلهم فنقول: 1 - كيف استن بقوله تعالى * (بسم الله مجراها) * فكتب بسم الله على ما يزعمون ؟. 2 - وكيف استن بقوله تعالى * (ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) * فكتب بسم الله الرحمن على ما يزعمون ؟. 3 - أما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي منذ بعث بالرسالة ويقرأ فيها الفاتحة وفيها بسم الله الرحمن الرحيم بنقل الفريقين وأنه يقول (صلى الله عليه وآله): " كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج " أو " لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب " (1) أما كون بسم الله الرحمن الرحيم جزءا من الفاتحة فهو من الضروري في مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وإن اختلف فقهاؤنا في كونها جزءا من الآية أو آية مستقلة ولا يخفى ذلك على من له أدنى إلمام بالروايات المروية عنهم (عليهم السلام) متظافرة، وقد أنكروا على من تركها في الصلاة: عن أبي جعفر (عليه السلام): " سرقوا أكرم آية في كتاب الله: بسم الله الرحمن
(1) راجع مسلم 2: 9 والسنن الكبرى 2: 37 و 61 والوسائل 4: 732 كتاب الصلاة وترتيب مسند الشافعي 1: 78 و 80 وأحكام القرآن 1: 20 وكنز العمال 4: 95 - 96 و 7: 310 و 316 و 8: 69 و 77 و 79 وابن ماجة 1: 273 والبخاري 1: 193 و 197 والترمذي 2: 25 ومسند أحمد 2: 241 و 428 و 478 والموطأ 1: 105 و 106 والدارمي 1: 283 والمبسوط 1: 106 والتذكرة 1: 114 وابن أبي شيبة 2: 521 و 1: 400 - 412 والمعجم الصغير للطبراني 1: 93 والحلبية 1: 276 و 280 وكنز العمال 2: 191 و 375 وتفسير سفيان الثوري: 119 والدر المنثور 1: 3 و 4: 187 والغدير 8: 173 وما بعدها وكنز العمال 7: 310 - 311 و 313 - 315 و 8: 70 و 73 و 76 وعبد الرزاق 1: 93 - 95 وابن أبي شيبة 1: 360 وما بعدها والكامل لابن عدي 5: 1736 و 1806 و 1860 و 6: 2286 و 3: 1162 و 2: 305 والمعجم الصغير للطبراني 1: 93 والضعفاء الكبير للعقيلي 1: 48 و 190.
[61]
الرحيم " (1). وعن علي (عليه السلام) بلغه أن أناسا ينزعون بسم الله الرحمن الرحيم فقال: " هي آية من كتاب الله أنساهم إياها الشيطان " (2). وعن الصادق (عليه السلام): " ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها وهي: بسم الله الرحمن الرحيم " (3). وعنه (عليه السلام): " كتموا بسم الله الرحمن الرحيم، فنعم والله الأسماء كتموها " (4). وأما غير الإمامية فقد رووا كون البسملة آية قرآنية خصوصا بالنسبة إلى
(1) البحار 92: 236 ونور الثقلين 1: 5 وفي كنز العمال 2: 289 عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال: " كتمتم بسم الله الرحمن الرحيم فنعم الاسم والله كتموا فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا دخل منزله اجتمعت عليه قريش فيجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها ". وفي 7: 310: " إذا قرأتم الحمد لله فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فانها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم احدى آياتها ". (2) البحار 92: 237. (3) البحار 92: 238. (4) الوسائل 4: 746. قال الشيخ (قدس سره) في المبسوط 1: 105: " وفي الروايات: بسم الله الرحمن الرحيم آية من الحمد ومن كل سورة من سور القرآن وبعض آية من سورة النمل بلا خلاف " وفي التذكرة 1: 114: " البسملة آية من الحمد ومن كل سورة عدا براءة وفي النمل آية وبعض آية، وبه قال الشافعي والزهري وعطاء، وقال ابن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ الحمد (كذا) ثم قال: والذي نفسي بيده اني لأشبهكم بصلاة رسول الله ولأن النبي (صلى الله عليه وآله) قرأ في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين وقال (عليه السلام): إذا قرأتم الحمد فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فانها من أم الكتاب وانها السبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها... ". وراجع مصباح الفقاهة للعلامة الهمداني كتاب الصلاة: 276 والجواهر 9: 296 والوسائل 4: 732 و 745 و 749 وجامع أحاديث الشيعة 5: 107 و 114 و 120، فان مراجعة هذه الكتب لا يدع مجالا للريب في أن البسملة جزء من الحمد وان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقرأها في الفاتحة بل كان يجهر بها وأضف إلى ذلك ان الصحابة أثبتوها في أوائل مصاحفهم بخط المصحف مع تشددهم في كتابة ما ليس من القرآن فيه ومنعهم من النقط والتعشير كما في التذكرة والمغني لابن قدامة 1: 558. (
[62]
الفاتحة (1) قال الجصاص: اختلف في أنها من فاتحة الكتاب أم لا، فعدها قراء الكوفيين آية منها ولم يعدها قراء البصريين، وليس من أصحابنا رواية منصوصة في أنها آية منها إلا أن شيخنا أبا الحسن الكرخي حكى مذهبهم في ترك الجهر بها. 4 - أو ما صح عندهم أن اختتام سورة وافتتاح أخرى كان يعلم بنزول البسملة كما تقدم ؟ 5 - أو ما بلغهم ما أسلفنا أنه ما نزل كتاب من السماء إلا وأوله بسم الله الرحمن الرحيم ؟
(1) نقل عن الشافعي والزهري وعطاء وابن المبارك وقراء الكوفيين ان البسملة من الفاتحة وقال ابن قدامة في المغني 1: 558: " عنه - أي عن أحمد -: انها من الفاتحة وذهب إليها ابن بطة وأبو حفص وهو قول ابن المبارك والشافعي واسحاق وأبي عبيد. قال ابن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية وكذلك قال الشافعي: هي آية من كل سورة لحديث أم سلمة وروى أبو هريرة ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا قرأتم الحمد لله رب العالمين فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فانها أم الكتاب وانها السبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم منها ". هذه أقوالهم وأما أحاديثهم فهي كثيرة جمعها العلامة السيد شرف الدين العاملي (قدس سره) في كتابه القيم مسائل فقهية: 16 - 27 وأتى على أبحاثها وحججها بما يكتفي به كل منصف وأخرج أحاديث البيهقي 2: 40 - 61 وكنز العمال 2: 289 و 191 و 192 و 375 عن الدارقطني وابن بشران في أماليه والثعلبي وابن ري ومسلم و 7: 310 - 313 و 8: 69 - 77 والجصاص في أحكام القرآن 1: 6 - 18 وترتيب مسند الشافعي 1: 78 و 81 والدر المنثور 1: 3 وما بعدها باب بأسانيده الجمة عن عبد خير وأبي هريرة وأم سلمة وأبي سعيد بن المعلى وأبي بن كعب. وقد أتى العلامة السيد جعفر مرتضى في " حقائق هامة حول القرآن الكريم " بمصادر منها: تعليقات أحمد محمد شاكر في هامش الجامع الصحيح 2: 21 و 22 والسيرة الحلبية 1: 248 وتفسير الرازي 1: 197 - 200 و 203 والبحر الزخار 2: 244 - 249 وغرائب القرآن بهامش الطبري 1: 76 و 77 وتبيين الحقائق 1: 113 وشرح صحيح مسلم للنووي بهامش ارشاد الساري 3: 25 وارشاد الفحول: 31 والاتقان 1: 78 ونصب الراية 1: 328 و 329 والمستصفى 1: 102 و 103 وفواتح الرحموت بهامشه 2: 14 و 15 والمصنف للصنعاني 2: 90 و 91 وتفسير ابن كثير 1: 16 ونيل الأوطار 2: 220 و 228 وغرائب القرآن بهامش الطبري 1: 76 - 79 والأم 1: 93 و 94 وارشاد الساري 2: 77 وصحيح مسلم 2: 12 ومستدرك الحاكم 1: 232 و 233 ومجمع الزوائد 2: 109 وسنن الدارقطني 1: 207 و 311 - 313 والقرطبي 1: 93 وعمدة القاري 5: 286 - 290 وراجع صحيح مسلم 2: 9.
[63]
ويحتمل أن يكون الصحيح ما نقل عن قتادة: " لم يكن الناس يكتبون إلا باسمك اللهم حتى نزلت: إنه من سليمان... " يعني أن الناس فيما بينهم من المكاتبات كانوا لا يفتتحون ببسم الله الرحمن الرحيم حتى نزلت: إنه من سليمان. فاشتبه ذلك على من نسبه إلى النبي (صلى الله عليه وآله). وقد روى القوم أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يجهر بالبسملة (1) كما أن أمير المؤمنين عليا صلوات الله عليه كان يجهر بها (2) والصحابة أيضا كانوا يجهرون بها (3). أجل نزلت البسملة في أول كل سورة، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأها كل يوم وليلة وفي كل صلاة، بل كان يجهر بها كما تقدم، إلا أن هنا نزعة أموية أوجبت الغض عن النصوص المتظافرة بل المتواترة دفاعا عن عمل صدر عن معاوية بن أبي سفيان وهاك لفظ النص: أخرج الشافعي في الأم والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي عن معاوية:
(1) الدر المنثور 1: 8 عن البزار والدارقطني والبيهقي في شعب الايمان من طريق أبي الطفيل عن علي (عليه السلام)، وعن الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، وعن الطبراني والدارقطني والبيهقي في شعب الايمان من طريق أبي الطفيل عن أنس، وعن الدارقطني عن علي (عليه السلام)، وعن الدارقطني عن ابن عمر، وعن الدارقطني عن النعمان ابن بشير، وعن الدارقطني عن الحكم بن عمير، وعن الدارقطني عن عائشة. وكنز العمال 8: 76 - 79 والسنن الكبرى 2: 47 و 48 وراجع الكامل لابن عدي 4: 1500 و 2: 305 بسندين بلفظين و: 621 و 1: 305 والمعجم الكبير للطبراني 11: 185 و 10: 338 والمراسيل لأبي داود: 89 والمصنف لابن أبي شيبة 1: 400 - 412. (2) كنز العمال 8: 78 عن أبي فاختة وعن الشعبي والسنن الكبرى 2: 48. (3) الدر المنثور 1: 7 عن الثعلبي عن علي بن زيد بن جدعان: ان العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم يجهرون بها: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، وفي: 8 عن الدارقطني عن ابن عمر قال: صليت خلف النبي وأبي بكر وعمر، فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. وراجع كنز العمال 8: 69 و 76 و 77 و 79 وعبد الرزاق 2: 90 - 92 وابن أبي شيبة 1: 412 في ان أبا هريرة وسعيد بن جبير وعطاء وطاووس ومجاهد وابن الزبير وابن عمر وعمر كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وراجع السنن الكبرى 2: 46 و 48 و 49 والمراسيل لأبي داود: 89 وموارد الظمآن: 125.
[64]
" أنه قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع، فناداه المهاجرون حين سلم: يا معاوية أسرقت صلاتك ؟ أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟ وأين التكبير ؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجدا " (1). فأخذت الأقلام الأموية انتصارا لهذا العمل افتعال أحاديث إما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإما على الصحابة الكرام، قال النيسابوري في تفسيره بعد أن ذكر تعارض الروايات: " ففيها تهمة أخرى وهي أن عليا (رضي الله عنه) كان يبالغ في الجهر بالتسمية، فلما كان زمن بني أمية بالغوا في المنع من الجهر سعيا في إبطال آثار علي بن أبي طالب، فلعل أنسا (2) خاف منهم، فلهذا اضطربت أقواله (3). وأيضا من المعلوم أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقدم أولي الأحلام والنهى والأكابر والعلماء على غيرهم، ولا شك أن عليا وابن عباس وابن عمر كانوا أعلى حالا من أنس وابن المغفل... ويؤيدها عمل علي بن أبي طالب " (4). فليس لأحد أن يقول: إن البسملة نزلت في طس فقط ولم تنزل قبلها، فما قاله الحلبي بعد ذكره ما نقلناه آنفا: " وهذا السياق يدل على تأخر نزول الفاتحة عن هذه الآيات، لأن البسملة نزلت أولها " واضح البطلان، لأن البسملة كانت في أول كل سورة، وأن رسول الله يقرأ الفاتحة في صلاته قبل أن تنزل طس.
(1) الدر المنثور 1: 8 وترتيب مسند الشافعي 1: 80 وتفسير النيسابوري هامش الطبري 1: 78 والسنن الكبرى للبيهقي 2: 49 و 50 وكنز العمال 8: 78 عن عبد الرزاق راجع المصنف 1: 92. (2) أي: في رواية حديث روي عنه: " صليت خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ". (3) أي: في رواية: " ان رسول الله وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " ويروى أيضا انه سئل عن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والإسرار به فقال: لا أدري هذه المسألة. (4) راجع غرائب القرآن بهامش تفسير الطبري 1: 79 والتفسير الكبير 1: 160 وراجع مسند أحمد 4: 392 و 400 و 415 في قول أبي موسى ذكرنا علي صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) و: 428 و 429 و 444 كلام عمران بن حصين في ذلك.
[65]
وإن قالوا: إن البسملة نزلت في جميع السور، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يفتتح كتبه بها إلا بعد أن نزلت طس لما مر آنفا فلسائل أن يسائلهم ويقول: لم بدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأسمك اللهم وكتب: " بسم الله " بعد نزول سورة هود * (بسم الله مجراها) * ؟ ولم كتب بسم الله الرحمن بعد نزول الاسراء ولم تنزل سورة طس بعد على ما نقلوه ؟ وهل هذا إلا الإستنان بما نزل عليه من الله سبحانه، مع أن البسملة نزلت قبل ذلك كله فلم يستن بها. ولست أدري وجها لهذه المنقولات المذكورة إلا أن تكون سهوا من أقلامهم. والذي يتضح للمتدبر المنصف هو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان مستنا بسنة الله تعالى في افتتاح جميع أموره وكتبه ومراسلاته بالبسملة فحسب (1). وأما ما نقل عنه (صلى الله عليه وآله) من الكتب وليس فيها البسملة فمن آفات الرواة وتلخيص الناقلين وعدم اهتمامهم ببعض الأمور. وأما ما أخرجه السيوطي من كتابه (صلى الله عليه وآله) لأهل نجران فسيأتي الكلام عليه في ذكر وفد نجران، مع أن المنقول في جمهرة رسائل العرب 1: 76 عن صبح الأعشى 6: 38 و 381 هكذا: " بسم الله الرحمن الرحيم إله إبراهيم... " الخ وأضف إلى ما ذكرنا ما سيأتي من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب للداريين بمكة سنة خمس أو ست من البعثة أو قبلها وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم. لفت نظر: نقل عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص أنها قالت: أبي أول من كتب
(1) قال الكتاني في التراتيب الادارية 1: 140: " المقرر في السير أنه (عليه السلام) كان يفتتح مكاتبه كلها من عقد أو صلح ونحوه بالبسملة وهي مشروعة في الإسلام في ابتداء الأمور من قول أو فعل تبركا واستنجاحا "...
[66]
بسم الله الرحمن الرحيم (1) ولم أدر متى وأين وفي أي كتاب من كتب النبي (صلى الله عليه وآله) كتب ذلك نعم هو من الكتاب كما يأتي. ونقل اليعقوبي 3: 202: " أن المأمون كتب على عنوانات كتبه: بسم الله الرحمن الرحيم، فكان أول من أثبتها على عنوانات الخلفاء ". وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: " لم تجر العادة الشرعية ولا العرفية بابتداء المراسلات بالحمد وقد جمعت كتبه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الملوك وغيرهم فلم يقع في شئ منها البدأة بالحمد بل بالبسملة " (2). عود إلى بدء: لم أجد - إلى الآن - الكتب الأربعة التي ذكر الحلبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب فيها باسمك اللهم، فأنه أحالها هنا على ما تقدم من السيرة، ونحن تصفحنا السيرة ولم نجد فيها إلا ما ذكره هنا مجملا، ولو صح ما قيل أما كان في وسع سهيل بن عمرو في غزوة الحديبية حين أنكر كتابة بسم الله الرحمن الرحيم أن يقول: أكتب باسمك اللهم كما كتبت من ذي قبل، مع أن سهيلا قال: أكتب كما يكتب آباؤك: باسمك اللهم.
(1) راجع الاصابة 1: 409 والاستيعاب 1: 369 وكنز العمال 16: 240 عن ابن داود وابن عساكر والتمهيد لابن عبد البر 1: 94. (2) راجع التراتيب 1: 140.
[67]
الفصل الثاني في ما يشرع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتبه بعد البسملة تقديمه (صلى الله عليه وآله وسلم) اسمه الشريف في أول كتابه إن هذا طريق مألوف يقتضيه أدب الكتابة من قدم اسمه من الصحابة في كتبه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكتب في أول كتبه: " من محمد رسول الله إلى فلان " أو " من محمد رسول الله لفلان " أو " هذا كتاب من محمد النبي لفلان " أو " هذا ما كتبه النبي محمد لفلان " وقد كان يكتب: " سلم أنت " أو " سلام عليك " أو " سلام على من آمن بالله " أو " هذا ما أعطى محمد رسول الله لفلان ". وقد كان يكتب: " أحمد الله إليك " أو " أحمد إليك الله " أي: أهدي إليك حمد الله، وكان ذلك تحية يكتبونه في افتتاح كتبهم (1). وكان (صلى الله عليه وآله) إذا كتب بدأ باسمه الشريف تعظيما للنبوة وترفيعا لمقام الرسالة، ووضعا له في موضعه، وصونا له عن الذلة، إذ كما يجب على غيره أن يعظم ساحتها
(1) هذه كلها مما وجدناه في كتبه (صلى الله عليه وآله) وراجع التراتيب 1: 137 نقلا عن صبح الأعشى و: 138.
[68]
المقدسة السامية يلزم على نفسه الكريمة أيضا أن يحفظها ويصونها، وأن لا يضعها ولا يذلها، ألا ترى أنه يجب عليه (صلى الله عليه وآله) أن يصلي على نفسه في الصلاة، وأن يشهد على نفسه بالنبوة فيقول: أشهد أن محمدا عبده ورسوله واللهم صل على محمد وآل محمد، وليس ترفيعا وإكبارا وإعظاما في الحقيقة بل هو وضع للشئ في موضعه، فيكون تركه خلاف العدل، وليس هذا كما يصنعه الجبابرة، ويفعله الفراعنة والقياصرة تجبرا وتكبرا (1). و " أما بعد " (2). عن هشام قال: " قرأت في رسائل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلما انقضى أمر قال: أما بعد " (3). وكان يصرح في الغالب باسم المكتوب إليه أو المكتوب له في أول المكاتبات، وربما اكتفى بشهرته كالقصير، فإن كان المكتوب إليه ملكا كتب بعد ذلك اسمه عظيم القوم الفلانيين وربما كتب ملك القوم الفلانيين، وربما كتب صاحب مملكة كذا (4). وكان يعبر عن نفسه (صلى الله عليه وآله) في أثناء كتبه بلفظ الإفراد مثل إني ولي وجاءني ووفد علي وما أشبه ذلك، وربما أتى بلفظ الجمع مثل بلغنا وجاءنا ونحو ذلك (5). كما أنه كان يخاطب المكتوب إليه عند الأفراد بكاف الخطاب أو تاء الخطاب مثل: لك وعليك وأنت وجعلت، وعند التثنية بلفظها مثل: إنهما ولكما وعليكما، وعند الجمع بلفظ مثل: أنتم ولكم وعليكم وما أشبه ذلك (6).
(1) راجع كتبه (صلى الله عليه وآله) وراجع صبح الأعشى 6: 321 والتراتيب 1: 137 و 138 قال: " قال (القلقشندي): كانت أمراء سراياه (صلى الله عليه وآله) ومن أسلم من الملوك تفتتح المكاتبة إليه (صلى الله عليه وآله) باسمه ويثنون بأنفسهم ". (2) ابن أبي شيبة 8: 464 ونقل ذلك عن جمع من الصحابة والتابعين. (3) ابن أبي شيبة 8: 464 و 465 وراجع التراتيب 1: 137. (4) راجع التراتيب 1: 137. (5) راجع ما يأتي من كتبه (صلى الله عليه وآله) وراجع التراتيب 1: 137. (6) راجع كتبه (صلى الله عليه وآله) وراجع التراتيب 1: 137.
[69]
هذا... وكان غيره (صلى الله عليه وآله) يبدأ باسمه المبارك إجلالا وإعظاما للرسالة وأداء لحق النبوة السامية وإليك نماذج: كتب إليه خالد بن الوليد: " لمحمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خالد بن الوليد " (1). وكتب إليه المقوقس: " لمحمد بن عبد الله من المقوقس " (2). وكتب إليه قيصر: " إلى أحمد رسول الله الذي بشر به عيسى " (3). وكتب إليه النجاشي: " إلى محمد رسول الله من النجاشي " (4). قال في مآثر الأنافة 3: 277: " كان الصحابة يكتبون في غالب كتبهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمحمد رسول الله ". وكان ذلك طريقا مألوفا ودأبا معروفا في الكتابة من تقديم أسماء الكبار والأعاظم قبل ظهور الإسلام وبعده، ويشهد له ما نقل متواترا من أن كسرى لما رأى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدأ بنفسه وقدم اسمه غضب ومزق الكتاب (5) وأن أخا قيصر أو ابن عمه لما قرأ الكتاب وسمع أن النبي (صلى الله عليه وآله) قدم اسمه استشاط غضبا وامتلأ غيظا وحنقا، وأراد أن يخرق الكتاب فمنعه قيصر وقال: إنك أحمق صغير أو مجنون كبير، أتريد أن تمزق كتاب رجل قبل أن أنظر فيه ؟ ! ولعمري إن كان رسول الله لنفسه أحق أن يبدأ بها مني (6).
(1) سوف توافيك مصادره وراجع الطبري 2: 385 وجمهرة الرسائل 1: 61. (2) ستأتي مصادره وراجع الحلبية 2: 281 وزيني دحلان بهامش الحلبية 3: 71 وجمهرة رسائل العرب 1: 39. (3) راجع اليعقوبي 2: 62 وستوافيك المصادر. (4) راجع الطبري 2: 294 واعلام الورى: 30 وجمهرة الرسائل 1: 37 والحلبية 2: 279 وزيني دحلان بهامش الحلبية 3: 68. (5) راجع مصادره في كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى كسرى فيما سيأتي. (6) سيأتي في نقل كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قيصر.
[70]
فجرت على ذلك السنة في مكاتيب النبي (صلى الله عليه وآله) حتى منع في المكاتبة مع اليهود والنصارى والمجوس تقديم أسمائهم الا لنفع مسلم أو لضرورة: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يكتب إلى رجل من عظماء عمال المجوس فيبدأ باسمه قبل اسمه فقال: " لا بأس، ذلك لاختيار المنفعة " (1). عن أبي بصير " قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون له الحاجة إلى المجوسي أو إلى اليهودي أو إلى النصراني، أو أن يكون عاملا أو دهقانا من عظماء أهل أرضه، فيكتب إليه الرجل في الحاجة العظيمة، أيبدأ بالعلج ويسلم عليه في كتابه، وإنما يصنع ذلك لكي تقضى حاجته ؟ فقال: أما أن تبدأ به فلا، ولكن تسلم عليه في كتابك، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يكتب إلى كسرى وقيصر " (2). وظاهر الرواية المنع عن تقديم اسم غير المسلم حتى عند الحاجة قال العلامة المجلسي (رحمه الله): ولعل (الرواية الثانية) محمولة على الكراهة و (الأولى) على الجواز أو (الثانية) على ما لا ضرورة فيه (3) وذلك لأنه تكريم ولا ينبغي تكريم غير مسلم أو لا يجوز، وروي عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يبدأ بالرجل في الكتاب ؟ قال: " لا بأس به ذلك من الفضل، يبدأ الرجل بأخيه يكرمه " (4). وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء وغيرهم كما يأتي: كان العمال في أيام أبي بكر وعمر وعثمان وأمير المؤمنين (عليه السلام) يكتبون إليهم
(1) (6) الوسائل 8: 457 عن الكافي 2: 651. (3) راجع مرآة العقول 12: 549 مع تصرف منا في النقل. (4) الوسائل 8: 496 الباب 96 عن الكافي 3: 673 وراجع مرآة العقول 12: 581 ونحوه رواية أخرى عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا بأس بأن يبدأ الرجل باسم صاحبه في الصحيفة قبل اسمه " فانه وإن كان مطلقا الا انه ينصرف إلى المسلم.
[71]
ويقدمون اسم الخليفة، وإليك نماذج منها: كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر: لعبد الله أبي بكر خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من خالد بن الوليد (1). كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى أبي بكر: لعبد الله أبي بكر خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أبي عبيدة (2). كتب نصر بن الحجاج إلى عمر: لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصر بن الحجاج (3). كتب أبو عبيدة إلى عمر: لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبي عبيدة (4). كتب هاشم المرقال إلى علي (عليه السلام): لعبد الله أمير المؤمنين من هاشم (5). كتب محمد بن أبي بكر إلى علي (عليه السلام): إلى عبد الله أمير المؤمنين من محمد بن أبي بكر (6). كتب عبد الله بن عباس إلى علي (عليه السلام): لعبد الله علي أمير المؤمنين من عبد الله ابن عباس (7). إلى غير ذلك من كتب الحكام إلى الخلفاء والسلاطين، وإن شئت زيادة معرفة فراجع كتب التواريخ، ولا سيما شرح ابن أبي الحديد وجمهرة رسائل العرب
(1) جمهرة رسائل العرب 1: 154. (2) جمهرة رسائل العرب 1: 166 و 168 و 174 و 187 و 190. (3) ابن أبي الحديد 3: 99. (4) جمهرة رسائل العرب 1: 190. (5) ابن أبي الحديد 3: 291. (6) ابن أبي الحديد 2: 30. (7) ابن أبي الحديد 2: 35 وأكثر في كنز العمال 3: 149 و 150 و 167 وكذا في الجمهرة من هذه الكتب من الخلفاء إلى العمال وبالعكس فراجع.
[72]
وكنز العمال. نقل ابن أبي الحديد في الشرح 4: 73 ط مصر ما ملخصه: لما كتب الإمام السبط " أبو محمد الحسن (عليه السلام) " إلى زياد وبدأ بنفسه غضب زياد من ذلك وكتب إليه ما كتب من السفاسف والتائهات، فأرسل الامام الحسن (عليه السلام) كتابه في جوف كتابه (عليه السلام) إلى معاوية، فكتب معاوية إلى زياد كتابا وفيه: فأما أن الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك فإن ذلك لا يضعك لو عقلت (1). ومما يورث العجب ما في العقد الفريد 3: 4 والسنن الكبرى للبيهقي 10: 129 و 130 في آداب الكتابة: " وكذلك كانوا يكتبون إليه (أي النبي (صلى الله عليه وآله)) يبدأون بأنفسهم، فممن كتب إليه وبدأ بنفسه: أبو بكر والعلاء بن الحضرمي وغيرهما، وكذلك أصحابه والتابعون، ثم لم يزل الأمر على هذا النمط حتى ولي وليد بن عبد الملك وأمر أن لا يكاتبه الناس مثل ما يكاتب بعضهم بعضا " (2). فإنك بعد أن أحطت جزءا بما مر تجده كلام رجل ليس له أدنى معرفة بالتأريخ والمعاجم، أجل كان ابن عبد ربه صاحب دراية بالتاريخ وأليف الكتب المؤلفة، ولكنه رأي بعض الصحابة والتابعين يكتب إلى بعض من يراه ابن عبد ربه مقدما وعظيما يجب إكرامه وتقديمه ولم يقدم الصحابي اسم المكتوب إليه بل قدم نفسه فكبر ذلك عليه، فأوله بزعمه حفظا لشأن من يراه عظيما ولم يدر أن الكاتب المقدم اسمه يرى نفسه مقدما على المكتوب إليه ويعتقد تقديم اسمه إثما، وإليك نماذج منها:
(1) وراجع الشرح 16: 194 ط بيروت (2) وراجع المستدرك للحاكم 3: 636 والبداية والنهاية 5: 353 ومجمع الزوائد 10: 98 وابن أبي شيبة 8: 472 ومسند أحمد 4: 339. وهذا يخالف ما قاله القلقشندي: كانت أمراء سراياه (صلى الله عليه وآله) ومن أسلم من الملوك تفتتح المكاتبة إليه (صلى الله عليه وآله) باسمه ويثنون بأنفسهم ويأتون بالتحميد والسلام عليه (صلى الله عليه وآله) ويتخلصون إلى المقصود بأما بعد... " راجع التراتيب 1: 138 و 139 والكفاية للخطيب: 338. (*)
[73]
كتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية فقدم نفسه (1). كتب قيس بن سعد إلى معاوية فقدم نفسه (2). كتب ابن عباس إلى يزيد بن معاوية فقدم نفسه (3). كتب سلمان إلى عمر بن الخطاب فقدم نفسه (4). كتب زيد بن صوحان إلى عائشة فقدم نفسه (5). وقد رووا في ذلك حديثا عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): " إذا كتب أحدكم إلى إنسان فليبدأ بنفسه... " (6). و " العجم يبدأون بكبارهم إذا كتبوا، فإذا كتب أحدكم فليبدأ بنفسه " (7). ولعل المراد النهي عن ذلك إذا كان كاعظام العجم كبارهم، وأما إذا كتب مؤمن إلى مؤمن واحترمه بتقديم اسمه فلا، وقد روي أن ابن عمر كتب مرة إلى معاوية، فأراد أن يبدأ بنفسه فلم يزالوا به حتى كتب: إلى معاوية من عبد الله بن عمر (8). وبالجملة التكريم يختلف حكمه باختلاف الموارد وجوبا وحرمة واستحبابا
(1) ابن أبي الحديد 1: 283 ط مصر ومروج الذهب 2 والغدير 10: 158 عن صفين لابن مزاحم: 132 وجمهرة رسائل العرب 1: 542. (2) جمهرة رسائل العرب 1: 527 عن الطبري وابن أبي الحديد والنجوم الزاهرة. (3) اليعقوبي 2: 221 والتذكرة لسبط ابن الجوزي عن الواقدي وهشام بن اسحاق ومقتل الحسين للخوارزمي. (4) الاحتجاج: 66. (5) العقد الفريد 2: 318 وجمهرة الرسائل 1: 363 عن العقد الفريد وتاريخ الطبري وابن أبي الحديد. (6) مجمع الزوائد 8: 99 و 10: 34 وكنز العمال 14: 144 عن أبي الدرداء والنعمان بن بشير وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 364 والكامل لابن عدي 6: 2271. (7) كنز العمال 10: 145 عن أبي هريرة وصبح الأعشى 6: 329 (8) السنن الكبرى 10: 130 وابن أبي شيبة 8: 474.
[74]
وكراهة، وقد يختلف حكمه باختلاف النيات - والأعمال بالنيات - كما أنه قد يختلف باختلاف المعرفة والأدب، فقد روي عن سلمان الفارسي قال: ما كان أحد أعظم حرمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكان أصحابه إذا كتبوا إليه كتابا كتبوا: من فلان إلى محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1) ورووا أيضا عن حنظلة الكاتب: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن فقال: إذا اجتمعتما فعلي الأمير، وإذا تفرقتما فكل واحد منكما على عمله، وكتب خالد بن الوليد إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فبدأ بنفسه ثم لم ينكر ذلك عليه، وكتب علي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فبدأ بالنبي (صلى الله عليه وآله) (2). فمن كان عارفا بمقام النبي (صلى الله عليه وآله) وكان عنده من الأدب اللازم ما يبعثه على حفظ الحرمة كان يلاحظ ذلك ويراعيه، ومن لم تكن عنده المعرفة أو لم يكن عنده من الأدب ما يبعثه على رعاية المقام كتب وقدم نفسه كما تقدم، كيف وقد أخرج في كنز العمال: أن كاتب أبي موسى كتب إلى عمر فقدم أبا موسى، فكتب عمر إلى أبي موسى يأمره أن يضرب الكاتب سوطا وأن يعزله (3).
(1) مجمع الزوائد 8: 98 والمعجم الكبير للطبراني 6: 296. (2) مجمع الزوائد 8: 98 والمعجم الكبير للطبراني 4: 14. (3) كنز العمال 5: 244. ومنه يعلم قيمة ما نقله ابن عدي في الكامل 2: 530: كتب عمر إلى عماله: إذا كتبتم فابدأوا بأنفسكم. ولعل مراده إلى غيرهم ممن هو دونهم. وفي مجمع الزوائد 10: 34 انه كتب النعمان بن بشير إلى مروان فقدم نفسه وعلله بقوله " بسم الله الرحمن الرحيم من النعمان بن بشير إلى مروان بدأت باسمي سنة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذلك لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: إذا كتب أحدكم إلى أحد فليبدأ بنفسه " يعلل بذلك في تقديم اسمه على الوزغ بن الوزغ عدو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته ليأمن من شره ومن إثم احترام من لا يستحق التقديم.
[75]
الفصل الثالث بلاغته (صلى الله عليه وآله) في كتبه تجنبه (صلى الله عليه وآله) عن الإسهاب الممل تجنبه (صلى الله عليه وآله) عن الإيجاز المخل كان اللسان العربي في الجاهلية، وفي صدر الإسلام صحيحا محروسا، لا يتداخله الخلل، ولا يتطرق إليه الزلل، وكان العربي وقتئذ، عربي اللسان، عربي الأسلوب، (في تراكيب ألفاظه، وتنسيق جمله) عربيا قحا في كلامه، ومنطقه، وخطبه، وأشعاره، وكتبه، إذ لم يستأنسوا بالأعاجم من الروم والفرس، ولم يختلطوا بغيرهم حتى يتغير أسلوبهم، في شؤون كلامهم، وخطبهم، وكتبهم كما تغير بعد ذلك في آخر الدولة الأموية والعباسية (1)، فصار لسانهم العربي القح ممزوجا بلسان الفرس والروم، وكذا أسلوبهم، في الكتابة وغيرها. وكانت العرب وقتئذ يرون الايجاز وحذف الفضول في الكلام من البلاغة، بل من أعلى طبقاتها، ويمدحون بلاغة الرجل بحسن الايجاز، وترك الاسهاب، ويرون التطويل عيا، ومخلا بالبلاغة إلا إذا اقتضته الحاجة، فانظر إلى خطب قس بن ساعدة الأيادي، وأبي طالب بن عبد المطلب، وكلمات أكثم بن صيفي وغيرهم،
(1) قال في مروج الذهب 3: 263 ط سنة 1377 ه‍ في تاريخ مروان بن محمد: إن كاتبه أول من أطال الرسائل واستعمل التحميدات في فصول الكتب. وفي سفينة البحار 2: 632 في كلمة " وال ": أول من أطال في الكتب عمرو بن نافع كاتب ابن زياد. (*)
[76]
وانظر إلى خطب الرسول، وخطب أمير المؤمنين صلى الله عليهما وآلهما، وكلماتهما القصار، تراها قليلة اللفظ كثيرة المعنى، هذا كله في خطبهم. وأما كتبهم فانها كانت على هذا النمط أيضا، وكان همهم في كتبهم، إفهام المقابل ما يبغون من دون أي تكلف، أو تسجيع، أو تطويل، وأضف إلى ذلك السذاجة العربية وقتئذ، التي لم تكن تر للبدء والختم في الكتاب شأنا خاصا. ونحن نورد كتاب أكثم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو من الفصحاء المعروفين في الجاهلية، كي تقيس به ما عداه، وتعرف به صحة ما قلناه: باسمك اللهم، من العبد إلى العبد، فأبلغنا ما بلغك، فقد أتانا عنك خبر، لا ندري ما أصله، فإن كنت أريت فأرنا، وإن كنت علمت فعلمنا، وأشركنا في كنزك، والسلام (1). ألا تراه كيف أتى على ما رامه، من دون أي تكلف، أو إسهاب، وفي أي مرتبة من السذاجة والبساطة. إذا عرفت ذلك، فارجع إلى كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقسها، وتدبرها تدبر رعاية ودراية، تجد فيها البلاغة من وجوه كثيرة: 1 - الاقتصار على القدر الضروري من أصول المطالب، من دون نظر إلى فروعها، وتجزئة الأمور، والأعمال الصغار، فمثلا: بين أحكام الصدقة على حد من الايجاز بحيث لا يفهم منه إلا أصول الأحكام، لعدم الحاجة إلى التفصيل والإطناب. 2 - الاقتصار في ألفاظها على تقريب المعاني إلى المخاطبين بلا تكلف، ولا ارتكاب تسجيع وتطويل.
(1) كنز الفوائد للكراجكي: 249 والبحار 51: 249 ط اسلامية.
[77]
3 - مراعاة الايجاز إلا إذا اقتضى الحال الاسهاب (1)، ألا ترى إلى إيجازه (صلى الله عليه وآله) مع جزالة اللفظ، وحلاوته، وطلاوته من دون إخلال بالمعنى في كتابه لوفد همدان لا خلاط، ولا وراط، ولا شناق، ولا شغار، ولا جلب، ولا جنب، والاكتفاء في التهديد والتطميع، بقوله: اسلم تسلم أي: إن لم تسلم فلا سلامة لك، وقوله: واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر. 4 - استعمال الألفاظ الفحلة، والعبارات الجزلة، والأساليب البليغة، إن كان المكتوب إليه عربيا فصيحا، واستعمال الألفاظ الموجزة السهلة، إذا كان المكتوب إليه غير عربي، ليسهل لمن له أدنى إلمام باللغة العربية الوصول إلى معانيها. 5 - قلة التفنن في بدء الكلام، وختمه، يبدأ الكتاب بالبسملة، ويمضي في غرضه، ويختمه بالسلام، أو السلام على من اتبع الهدى، أو شهد بذلك فلان و.... 6 - التعبير عن نفسه بضمير الافراد، مثل أنا، ولي، وجائني، ووفد علي ومخاطبة المكتوب إليه بكاف الخطاب، وتائه، والتعبير عن التثنية والجمع بلفظهما، كأنتما، وأنتم، وهما، وهم، إلغاء لما اعتبره الأعاجم، وتبعهم العرب بعد ذلك في عهد الأمويين والعباسيين. تدبر في بساطة هذه الكتب الخالية عن الكلفة والقيود في جميع شؤونها، وقسها مع الكتب المنقولة عن العباسيين ومن بعدهم (2) تر بينهما بونا بعيدا وفرقا فاحشا، فقد اكتفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالإيجاز، لافهام مقاصده من دون إسهاب ومن دون إخلال في بساطة من التعبير وجزالة في العبارة.
(1) قال الطبري في تفسير الآية: " انه من سليمان " 19: 95 وكذا الرازي 24: 194: " ان الأنبياء (عليهم السلام) لا يطيلون بل يقتصرون " أو " وكذلك كانت تكتب الأنبياء لا تطنب إنما تكتب جملا ". (2) راجع الجمهرة 3 و 4 وعصر المأمون 1: 172 وج 3 فيه كتب العهد العباسي وجواهر الأدب 2 ورسائل أبي بكر الخوارزمي والشفاء للقاضي عياض 1: 167 وغيرها. (*)
[79]
الفصل الرابع الغرائب الموجودة في كتبه (صلى الله عليه وآله) لا تضر أنه (صلى الله عليه وآله) يخاطب كل قوم من العرب بلغتهم الخاصة كتابته الى الأعاجم بالعربية كان العرب حين ظهر الإسلام وصدع النبي (صلى الله عليه وآله) بالرسالة في أسنى مدارج الفصاحة، وأعلى طبقات البلاغة، يتنافسون في إنشاد الأشعار وإلقاء الخطب، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشرع الفصاحة، ومعدن البلاغة، رئيس الفصحاء، وإمام البلغاء، وكان افصحهم لسانا، وأعذبهم منطقا، وأسدهم لفظا، وأبينهم لهجة، وأقومهم حجة، وأعرفهم بمعرفة الخطاب، وأهداهم إلى طرق الصواب، بتأييد إلهي، وعناية ربانية، ورعاية روحانية، حتى لقد قال له علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين سمعه يخاطب وفد بني نهد: يا رسول الله، نحن بنو أب واحد، ونحن نراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره، فقال: أدبني ربي، فأحسن تأديبي، وربيت في بني سعد (1). كان يخاطب كل قوم بلسانهم على اختلاف لغاتهم، وتراكيب جملهم، فتراه يخاطب الحضري بكلام سهل عذب، يفهمه كل من له أدنى إلمام بلغة العرب، ويخاطب البدوي بكلام متوعر الألفاظ بحيث تمجه الأسماع، ويستغربه الحاضرون، ويحسبه السامع العربي أعجميا. قال دحلان (في السيرة هامش الحلبية 3: 83):
(1) ابن الأثير في مقدمة النهاية وما ذكر من الحديث عن علي (عليه السلام) فقد نقله زيني دحلان في السيرة هامش الحلبية 3: 84 و 96
[80]
" وكان (صلى الله عليه وآله) يخاطب كل قوم ويكاتبهم بلغتهم، وذلك من أنواع بلاغته، فكان يتكلم مع كل ذي لغة غريبة بلغته، ومع كل ذي لغة بليغة بلغته، اتساعا في الفصاحة، واستحداثا للألفة والمحبة، فكان يخاطب أهل الحضر بكلام ألين من الدهن، وأرق من المزن، ويخاطب أهل البدو بكلام أرسى من الهضب، وأرهف من العضب ". وعليك بالقياس بين طائفتين من كلماته الشريفة، كي يتضح الحال، قال (صلى الله عليه وآله) في بعض مقاماته: " إن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد (صلى الله عليه وآله)، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص القرآن " (1). وقال في الدعاء لبني نهد بن زيد: " اللهم بارك لهم في محضها ومخضها، ومذقها، وابعث راعيها في الدثر، ميانع الثمر، وافحر له، وبارك له في المال والولد (2)... " فإنك تجد بينهما بونا بعيدا، فما ترى في بعض كتبه وكلماته لفظا غريبا وحشيا يخل بالفصاحة فهو غريب وحشي بالنسبة إلى غير المخاطبين، وأما بالنسبة إلى المخاطبين فهو لفظ مستعمل مأنوس، لأنهم كانوا يكثرون استعمال هذه الألفاظ. وإليك من كلماتهم ما يعلم منه حالهم: 1 - لما وفد إليه همدان قام خطيبهم وقال: يارسول الله، نصية من همدان، من كل حاضر وباد، على قلص نواج، متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذه في الله لومة لائم، من مخلاف خارف، ويام، وشاكر، أهل السود، والقود إلى آخر ما سيأتي. 2 - وقام خطيب بني نهد فقال: يا رسول الله، أتيناك من غورى تهامة، بأكوار الميس، ترتمي بنا العيس، نستحلب الصبير، ونستخلب الخبير، ونستعضد البرير، ونستخيل الرهام، ونستجيل الجهام، من أرض عائلة النطاء، غليظة
(1) خطب (صلى الله عليه وآله) بها في غزوة تبوك، راجع البداية والنهاية 5: 13 وكنز الفوائد للكراجكي: 97 وأعيان الشيعة 2 وحلية الأولياء 1: 139 والعقد الفريد 2: 152 عن ابن مسعود وتفسير علي بن إبراهيم. (2) (3) سيأتي تعيين مصادره وتفسير غرائبه.
[81]
الوطاء، الخ. 3 - قال الزهري: قال رجل: يا رسول الله، أيدالك الرجل امرأته ؟ قال: نعم إذا كان مفلجا، فقال له أبو بكر: يا رسول الله، ما قال لك وما قلت له ؟: فقال (صلى الله عليه وآله): قال: أيماطل الرجل امرأته ؟ قلت: نعم إذا كان مفلسا (1).
(1) سيرة زيني دحلان هامش الحلبية 3: 96 وتكلم في معناه والاختصاص للمفيد: 83 ط النجف والبحار 6 في باب فصاحته (صلى الله عليه وآله) وفيه: انه قال الرجل: يا رسول الله من أدبك ؟ فقال: أدبني ربي وأنا أفصح العرب بيد أني من قريش، وربيت في الفخر من هوازن بني سعد بن بكر. وقوله (صلى الله عليه وآله) بيد أني من قريش قال ابن الأثير فيه: بيد بمعنى غير، وقال الملا علي القاري في شرح الشفاء للقاضي عياض 1: 195: أنا أفصح العرب بيد أني أي غير أني أو على أني من قريش، فيكون من باب المدح بما يشبه الذم كقول القائل: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب وفي مشارق الأنوار للمصنف (هو القاضي عياض) ان بيد بمعنى لأجل، والمعنى هنا من أجل اني من قريش انتهى، وهو المناسب للمقام كما لا يخفى، وقال الملا علي أيضا: هما طائفتان فصيحتان من العرب العرباء وفيهم البلغاء من الشعراء والخطباء. والطبراني: وأنا أعرب العرب ولدت في قريش، ونشأت في بني سعد، فاني يأتيني اللحن. وأما حديث: أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش، فنقله الحلبي عن ابن هشام، لكن لا أصل له كما صرح به جماعة من الحفاظ، وإن كان معناه صحيحا انتهى. (وراجع سيرة ابن هشام 1: 178). أقول: كانت قريش أفصح العرب ليس في لسانهم لحن، ولا هنة، فإن كل طائفة من طوائف العرب، كان في لسانهم هنة أو هنات، إلا قريشا فليس فيهم: 1 - عجمجة قضاعة 2 - وغمغمتها 3 - وشنشنة اليمن 4 - ووتمهم 5 - وطمطمانية حمير 6 - وتلتلة بهراء 7 - وفحفحة هذيل 8 - وعنعنة تميم 9 - وكشكشة أسد، أو ربيعة 10 - ووهم كلب 11 - ووكم ربيعة 12 - ولخلخانية الشحر، وعمان 13 - وقطعة طي 14 - واستنطاء سعد بن بكر، وهذيل، والأزد، وقيس، والأنصار. والأول: هو تبديل الياء جيما، إذا وقعت بعد العين، فيقولون في معي: معج والثاني: هو تمييز حروف = (*)
[82]
4 - وفدت إليه جماعة حين بعث، فلما دخلوا المسجد الحرام لم يعرفوا النبي، فقال رجل منهم بلغته: من أبون أسران ؟ يعني: أيكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فلم يفهم الحاضرون قوله، فقال (صلى الله عليه وآله): أشكداور يعني: أقبل ههنا - ومعنى أشكد، تعال وأقبل وهلم، واور معناه هنا - (1). وفي الشفاء للقاضي عياض 1: 703 في بيان معارفه وعلومه: وكذلك حفظه لكثير من لغات الأمم كقوله في الحديث " سنة سنة " وهي حسنة بالحبشية، وقوله: ويكثر الهرج وهو القتل بها، وقوله في حديث أبي هريرة اشكنب دردم وتكلم على كل منها القاري في الشرح راجع زيني دحلان في السيرة هامش الحلبية 3: 241 ونسيم الرياض 3: 238 وبهامشه شرح القاري. كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مبعوثا إلى الناس كافة، أبيضهم وأسودهم وأحمرهم وعربيهم وعجميهم، فعلمه الله لغاتهم وعرفه كلماتهم لاتمام الحجة - ولله الحجة البالغة - وقال تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * (2) فعلمه الله جميع اللغات، لأنه بعث إلى جميع الناس، قال تعالى: * (وما أرسلناك إلا كافة للناس) * (3). ونقل انه لما حضر عنده بلال، وتكلم بلسان الحبشة (اره بره كنكرة كرى كرى منذره) فتحير الحاضرون، بينه هو (صلى الله عليه وآله)، وأنشد حسان في معناه: إذ المكارم في آفاقنا ذكرت * وإنما بك فينا يضرب المثل (4) ونعم ما قال صاحب المواهب بعد نقل كلامه مع بني نهد، ودعائه وكتابه لهم:
= الكلمات، والثالث: هو جعل الكاف شينا، والرابع: هو جعل السين تاء، والخامس: هو جعل ام بدل ال، والسادس: هو كسر أحرف المضارعة، والسابع: هو جعل الحاء عينا، والثامن: ابدال الهمزة المبدوء بها بالعين، فيقال في إن: عن، والتاسع: تبديل كاف الخطاب في المؤنث شينا: عليك، عليش، والعاشر: كسر هاء الغائب إذا وليها ميم الجمع وإن لم يكن قبلها ياء ولا كسرة، والحادي عشر: هو كسر كاف الخطاب في الجمع إذا كان قبلها ياء، والثاني عشر: كقولهم مشاالله، في ما شاء الله، والثالث عشر: هو حذف آخر الكلمة كقولهم يا أبا الحكا في يا أبا الحكم، والرابع عشر: هو جعل العين ساكنة نونا إذا جاوزت الطاء كانطي في أعطي. راجع دائرة المعارف 6: 277 - 281 والوسيط في الأدب العربي. (1) زيني دحلان في السيرة 3: 89 وراجع المفصل 8: 659 و 752. (2) ابراهيم: 4. (3) سبأ: 28. (4) مجمع البحرين في لفظ بلل.
[83]
" أنظر إلى هذا الدعاء والكتاب الذي انطبق على لغتهم، وقد كان من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه أن يكلم كل ذي لغة بلغته على اختلاف لغة العرب، وتركيب ألفاظها، وأساليب كلمها، فلما كان كلام من تقدم، على هذا الحد، وبلاغتهم على هذا النمط، وأكثر استعمالهم لهذه الألفاظ، استعملها معهم، فاستعمالها مع من هي لغته لا يخل بالفصاحة، بل هو من أعلى طبقاتها وإن كان فيها ما هو غريب وحشي بالنسبة لغيرهم، حتى أن كلام البادية فصيح بالنسبة لهم، وكان أحدهم لا يتجاوز لغته، وإن سمع لغة غيره فكالعجمية يسمعها العربي، وما ذلك منه إلا بقوة الهية، وموهبة ربانية، لأنه بعث إلى الكافة طرا، وإلى الناس سودا وحمرا، فعلمه الله جميع اللغات، قال تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * فلما بعثه الله للجميع علمه الجميع ليحدث الناس بما يعلمون، فكان ذلك من معجزاته، وقد خاطب بعض الحبشة بكلامهم، وبعض الفرس بكلامهم (1). وقال له (صلى الله عليه وآله) بعض أصحابه يوما: يا رسول الله، ما أفصحك ! وما رأينا الذي هو أفصح منك، فقال: وما يمنعني من ذلك وبلساني نزل القرآن بلسان عربي مبين. وفي رواية: وما يمنعني وأنا أفصح العرب، وأنزل الله القرآن بلغتي (2). هذا كله في كلامه مع المخاطبين على اختلاف لغاتهم، وأما كلامه المعتاد، وجوامع كلمه، فقد ألفت فيه الدواوين، وجمع فيها الكتب، راجع مروج الذهب والبحار، وغيرهما من كتب التاريخ والحديث.
(1) زيني دحلان في السيرة هامش الحلبية 3: 88 وقد فصل القاضي عياض الكلام في المقام في الشفاء والقاري في شرحه على الشفاء 1: 175 - 199. (2) البحار 6: 230 عن الاختصاص وعن معاني الأخبار: " وما يمنعني من ذلك وبلساني نزل القرآن بلسان عربي مبين " ونقله القاضي في الشفاء وشرحه الملا علي القاري 1: 195، وفي سيرة زيني دحلان 3: 238 عن ابن عساكر وأبي نعيم: أن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله ما لك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا ؟ فقال: كانت لغة إسماعيل قد درست فجاءني بها جبرائيل فحفظتها.
[84]
تذييل وتحقيق: قد فصلنا القول في معرفته (صلى الله عليه وآله) باللغات عربيها وعجميها وهو مقتضى كونه مبعوثا إلى الكافة، أسودهم وأحمرهم وعربيهم وعجميهم، قال تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * ويؤيده نقل المؤرخين والمحدثين تكلمه مع كل قوم بلسانهم. ولكنه (صلى الله عليه وآله) كتب إلى ملوك العجم " كقيصر وكسرى والنجاشي " بلغة العرب مع أن الجدير أن يكتب إلى كل قوم بلسانهم، إظهارا للمعجزة واستحداثا للألفة، فما الوجه في ذلك ؟ وأي فائدة في الكتابة بالعربية ؟ وأي وازع في الترقيم بالعجمية ؟ الذي يقضي به التدبر وينتهي إليه الفكر أن الفائدة في ذلك هو حفظ شؤون الملة الإسلامية وصون لجانب الاستقلال والعظمة، ألا ترى أن الأمم الراقية المتمدنة يسعون في انتشار لسانهم في العالم حتى تصير لغتهم لغة عالمية، إعمالا للسيادة وتثبيتا للعظمة، فكأنه (صلى الله عليه وآله) يلاحظ جانب الإسلام وأنه يعلو ولا يعلى عليه، وأن لغة القرآن لابد وأن تنتشر، وتعم العالم، لأن القرآن كتاب للعالم، فعظمة القرآن وعموم دعوته وعظمة النبي الأقدس ورسالته العالمية تقضي أن يكتب إليهم بلغة القرآن. فعلى ملوك العالم والعالم البشري أن يتعلموا لسانه المقدس، ولغته السامية لغة القرآن المجيد، تثبيتا لهذا المرمى العظيم والغرض العالي.
[85]
الفصل الخامس في أنه (صلى الله عليه وآله) كان يكتب ؟ إنه (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ ؟ كلام الدكتور جواد علي في الأمي كان (صلى الله عليه وآله) يملي والكاتب يكتب ولا يكتب بيده الشريفة، كما أن الخلفاء بعده كانوا يملون على الكاتب ولا يكتبون مباشرة إلا في مقام الضرورة، ولم أجد في كتب السير والتواريخ والحديث موردا كتب فيه النبي (صلى الله عليه وآله) بيده الشريفة مباشرة، إلا ما عن البخاري في سرد عمرة الحديبية حيث يظهر منه أنه (صلى الله عليه وآله) كتب بيده الشريفة في كتاب الصلح، وأخرج البحار عن جامع الأصول من صحاحهم عن البراء بن عازب في حديث الحديبية: فأخذ رسول الله وليس يحسن يكتب فكتب: " هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله " وأخرجه أحمد في مسنده 4: 298 (1).
(1) البحار 6 في آخر غزوة الحديبية وفي الطبعة الحديثة 20: 372 ووافقه الكامل 2: 77 وفي طبعة أخرى: 204 وأبو عبيد في الأموال: 158 وفي البخاري 3: 242: " فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكتاب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله " وفي 5: 180: " فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله " كلاهما في حديث البراء بن عازب وكذا نقله الدارمي في سننه 2: 238 والبيهقي في السنن الكبرى 8: 5 وفي صحيح مسلم 3: 1411: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أرني مكانها فأراه مكانها فمحاها وكتب: " بن عبد الله " ونظيره في كنز العمال 10: 303 وابن أبي شيبة 14: 435 وفي البحار 20: 352 " فمحاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده ثم كتب: هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله. وراجع المفصل 8: 93 وما بعدها. وليست هذه العبارة في نقل غير البراء إلا ما نقلناه عن البحار، نعم اتفق الكل على أن محو كلمة " رسول الله " كان بيده الشريفة. وقال الحلبي في السيرة 3: 24: وفي كون هذا أي، أنه كتب بيده في =
[86]
قال دحلان والحلبي: تمسك بعضهم بظاهر الحديث (الذي نقل عن البخاري) وقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب بيده يوم الحديبية معجزة له مع أنه لا يقرأ ولا يكتب، وجرى على ذلك أبو الوليد الباجي المالكي فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه وقالوا: إن هذا مخالف للقرآن، فناظرهم واستظهر عليهم بأن هذا لا ينافي القرآن وهو قوله تعالى: * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) * (1) لأن هذا النفي مقيد بما قبل ورود القرآن وقبل أن تحقق أمنيته، وأما بعد نزول القرآن فلا مانع من أن يعرف الكتابة من غير معلم معجزة أخرى، والجمهور على أن الروايات التي ذكرت أنه (صلى الله عليه وآله) أخذ الكتاب بيده فكتب محمولة على المجاز أي: أمر أن يكتب الكاتب (2). قال ابن خلدون: فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا أن يمحوها فأبى، وتناول هو الصحيفة بيده ومحى ذلك وكتب محمد بن عبد الله، ولا يقع في ذهنك من أمر هذه الكتابة ريب، فإنها قد ثبتت في الصحيح، وما يعترض في الوهم من أن كتابته قادحة في المعجزة فهو باطل، لأن هذه الكتابة إذا وقعت من غير معرفة بأوضاع الحروف ولا قوانين الخط وأشكالها بقيت الأمية على ما كانت عليه، وكانت هذه الكتابة الخاصة إحدى المعجزات (3).
= البخاري فيه نظر... أي: فلفظة بيده ليست في البخاري ومع إسقاطها التأويل ممكن... وجزم به القاضي في شرح الشفاء 1: 727 وتكلم في المقام فراجع: 727 و 729 وتبعه دحلان في السيرة 2: 214 هامش الحلبية. (1) العنكبوت: 48. (2) السيرة الحلبية 3: 24 وزيني دحلان هامش الحلبية 2: 214 والتراتيب الإدارية 1: 173 وراجع المفصل 8: 96 وما بعدها. (3) تاريخ ابن خلدون: 786 ونقل القرطبي 13: 352 هذا عن السمناني أبي عمرو الفلسطيني وأبي زر عبد الله بن أحمد الهروي وأبي الوليد الباجي، وفي التراتيب 1: 173 عن جماعة من العلماء منهم أبو ذر الهروي وأبو الفتح النيسابوري وآخرون من علماء أفريقيا، وقد سبقهم إلى ذلك عمر بن شبة، وفي: 176: وقفت في المدينة المنورة على رسالة حافلة للعلامة المحقق الشمس محمد بن عبد الرسول البرزنجي الشافعي المدني في إثبات الكتابة والقراءة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)... الخ.
[87]
أقول: لم يقع لفظ " وليس يحسن أن يكتب فكتب " إلا في رواية البراء بن عازب كما نقلنا عن جامع الأصول، والأموال: 158 والبخاري في موضعين والبيهقي ومسلم وابن أبي شيبة، ولكن في رواية غير البراء بن عازب لم نجد إلا " قال المسلمون لا تمحها، فأمر رسول الله أن يكفوا وأمر عليا فكتب: باسمك اللهم من محمد بن عبد الله " (1) أو " فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) أمحها يا علي، فقال: يا رسول الله إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة، فقال: ضع يدي عليها ففعل فمحاها رسول الله بيده وقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): ستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض، ثم تمم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكتاب " (2) أو " فقالوا والله ما نختلف إلا في هذا، فقال: ما أكتب ؟ فقالوا: انتسب فاكتب محمد بن عبد الله، قال: وهذه حسنة اكتوبها فكتبوها " (3) أو نظائر هذه العبائر. وعلى هذا فلا يبقى مجال للتمسك بكلام البراء بن عازب في إثبات أنه (صلى الله عليه وآله) كتب بيده لمعارضته مع روايات الآخرين الأكثرين الصريحة في المطلب حتى نحتاج إلى تأويل الباجي المالكي أو ابن خلدون، وثبت أن المراد هو أمره عليا صلوات الله عليه بالكتابة كما نص عليه في هذه الروايات. وقد أطال ابن حجر في فتح الباري 7: 386 و 387 الكلام في الجمع بين الروايات، وكذا القرطبي في تفسيره 13: 352 والتراتيب الادارية 1: 172 وما بعدها وعمدة القاري 17: 263 والمفصل 8: 92
(1) اليعقوبي 2: 45. (2) الارشاد: 55 وقريب منه في مسند أحمد 1: 342 والبحار 20: 358 عن الارشاد و 362 عن أعلام الورى و 368 عن الكافي وفتح الباري 7: 386. (3) ابن أبي شيبة 14: 433 عن هشام عن أبيه وقريب منه: 439 رواية أنس و 441 عن أياس بن سلمة عن أبيه والبخاري 3: 255 عن عروة بن الزبير ومسند أحمد 3: 268 عن أنس و 4: 87 عن عبد الله بن المغفل و 325 و 330 والبحار 20: 333 وابن هشام 3: 332 والطبري 2: 634 وفي طبعة أخرى: 281.
[88]
وما بعدها. بحث وتحقيق: الذين قالوا بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان لا يكتب استدلوا بأمرين: الأمر الأول: قوله تعالى: * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) * (1). يقول تعالى ذكره: * (وما كنت) * يا محمد * (تتلو) * يعني تقرأ * (من قبله) * يعني من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك * (من كتاب ولا تخطه بيمينك) * يقول: ولم تكن تكتب بيمينك، ولكنك كنت أميا * (إذا لارتاب المبطلون) * يقول: ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتاب أو تخطه بيمينك * (إذا لارتاب المبطلون) * يقول: إذا لشك بسبب ذلك في أمرك وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه عليهم * (المبطلون) * القائلون إنه سجع وكهانة وأنه أساطير الأولين (2). هذا ما قاله الطبري في تفسيره، ثم نقل ذلك عن ابن عباس ومجاهد ونقل السيوطي ذلك عنهما وعن قتادة وابن مسعود. ووجه ارتياب المبطلون إما ما ذكره المفسرون من أن في الكتب السماوية ذكر في وصف النبي (صلى الله عليه وآله) أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، فإذا كان يكتب لصار سببا لريبهم، أو لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لو كان قارئا وكاتبا لقالوا إنه تملى عليه بكرة وعشيا وإنه قرأ كتب
(1) العنكبوت: 48 كما قال سبحانه في سورة يونس: 16: * (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون) *. (2) تفسير الطبري 22: 4 وراجع الكشاف 3: 458 والدر المنثور 5: 147 و 148 والرازي 25: 77 والتبيان 8: 216 ومجمع البيان 7: 287 والميزان 16: 144 و 145 والقرطبي 13: 351 والبيضاوي في تفسير الآية والبحار 16: 83 والثعالبي 3: 194 ولسان العرب في أمم ونور الثقلين 4: 164.
[89]
الأولين فأخذ منهم. وصار ذلك سببا لإنكار ما تقدم في عبارة البخاري وغيره على رواية البراء ابن عازب حتى كفروا الباجي المالكي (1) ولكن شيخنا الأعظم الطوسي (رحمه الله) قال: " وقال المفسرون: إنه لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) يحسن الكتابة، والآية لا تدل على ذلك بل فيها أنه لم يكن يكتب الكتاب وقد لا يكتب الكتاب من يحسنه كما لا يكتب من لا يحسنه، وليس ذلك بنهي، لأنه لو كان نهيا لكان الأجود أن يكون مفتوحا ". والعجب منه (قدس سره) التفكيك بين الصدر والذيل حيث فسر قوله تعالى: * (وما كنت تتلو) * بأنه كان لا يحسن وفسر قوله تعالى: * (ولا تخطه) * بأنه كان لا يكتب على خلاف ما فهمه المفسرون. وقال الشريف الأجل المرتضى علم الهدى قدس الله روحه: هذه الآية تدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة، فأما بعد النبوة فالذي نعتقده في ذلك التجويز، لكونه عالما بالكتابة والقراءة، والتجويز لكونه غير عالم بهما من غير قطع بأحد الأمرين، وظاهر الآية يقتضي أن النفي قد تعلق بما قبل النبوة دون ما بعدها، ولأن التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة، لأن المبطلين إنما يرتابون في نبوته (صلى الله عليه وآله) لو كان يحسن الكتابة قبل النبوة، فأما بعد النبوة فلا تعلق له بالريبة والتهمة فيجوز أن يكون قد تعلمه من جبرائيل (عليه السلام) بعد النبوة (2).
(1) لانكاره القرآن بزعمهم (ووافقه جمع منهم) ولما روي: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " كما سيأتي وأجيب: بأن معرفته الكتاب بعد أميته لا تنافي المعجزة، بل هي معجزة أخرى والحديث لا يدل على الاستمرار، وحديث البخاري يدل على كتابته، ويؤيده ما عن ابن أبي شيبة " ما مات (صلى الله عليه وسلم) حتى كتب وقرأ " وصدقه الشعبي وما روي عن أنس: قال (صلى الله عليه وسلم): " رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على الجنة " وأن الآية الكريمة قيدته بقوله من قبله، ويفهم من ذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان قادرا على التلاوة والخط بعد إنزال الكتاب، ولولا هذا الاعتبار لكان الكلام خلوا من الفائدة، وهذا مبني على حجية المفهوم الوصفي. (2) راجع مجمع البيان 7: 287 والبحار 16: 135 والمفصل 8: 100.
[90]
أقول: الحق حسب دلالة الآية - كما قال الشريف رضوان الله عليه -: أنه (صلى الله عليه وآله) كان لا يحسن التلاوة والكتابة قبل نزول الوحي، وأما بعده فالآية ساكتة عن بيانه، ونعم ما قال الأستاذ العلامة الطباطبائي رحمه الله تعالى: " والمعنى: وما كان من عادتك قبل نزول القرآن أن تقرأ كتابا، ولا كان من عادتك أن تخط كتابا وتكتبه - أي: ما كنت تحسن القراءة والكتابة، لكونك أميا - ولو كان كذلك لارتاب هؤلاء المبطلون الذين يبطلون الحق بدعوى أنه باطل، لكن لما لم تحسن القراءة والكتابة، واستمررت على ذلك، وعرفوك على هذه الحال، لمخالطتك لهم ومعاشرتك معهم لم يبق محل الريب لهم... " (1). وقد جعل الباجي ومن قال بقوله في حديث البخاري كتابته بعد النبوة معجزة أخرى، وان أوردناه على استدلالهم بنقل البراء بما تقدم، ولكن هنا أحاديث تدل على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يكتب ويقرأ بعد نزول الوحي كما سيأتي إن شاء الله (2). الأمر الثاني: قوله تعالى: * (الذين يتبعون النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) * (3). و * (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله) * (4). حيث وصف الله سبحانه نبيه الكريم بأنه أمي، والأمي - على ما فسر -: الذي لا يقرأ ولا يكتب (5) قال ابن الأثير: " وفيه: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب
(1) الميزان في تفسير القرآن للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي 16: 144 و 145. (2) فصل في المفصل 8: 96، كلام في نقل قول الباجي وابن دحية وأبي ذر والفتح النيسابوري وانه وافقهم بعض علماء أفريقيا وصقليا... ونقل عن الآلوسي كلامه في الموضوع في تفسير آية * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب) * ونقله الأقوال وتضارب الأدلة والردود فراجع. (3) الأعراف: 157. (4) الأعراف: 158. (5) راجع البيضاوي في تفسير الآية والبحار 16: 83 وتفسير الثعالبي 3: 194 ومجمع البيان 1: 144 و 4: =
[91]
أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب، فهم على جبلتهم الأولى، وقيل: الأمي الذي لا يكتب، ومنه: بعثت إلى أمة أمية، قيل: العرب الأميون، لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أو عديمة " (1). وقال تعالى: * (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) * (2) حيث إن ظاهرها كون * (لا يعلمون الكتاب) * تفسيرا وتوضيحا لقوله تعالى * (أميون) *. فالآية تدل على كون النبي (صلى الله عليه وآله) أميا لا يكتب ولا يقرأ. أقول: أما الآية الأولى، فقد تقدم مقدار دلالتها، وأنها تدل على المطلوب قبل نزول الوحي أو ما دامت العلة موجودة، وهي ارتياب المبطلين. وأما الآية الثانية: فهي دالة على أنه (صلى الله عليه وآله) كان حين نزول الوحي أميا، وأما بعد نزول الوحي فالآية ساكتة عن استمرار هذه الحالة، مع أنه قد قيل في معنى الأمي وجوه: 1 - الذي لا يقرأ ولا يكتب. 2 - إنه منسوب إلى الأمة، والمعنى: أنه على جبلة الأمة قبل استفادة الكتابة وقيل: إن المراد بالأمة العرب، لأنها لم تكن تحسن الكتابة. 3 - أنه منسوب إلى الأم والمعنى: أنه على ما ولدته أمه قبل تعلم الكتابة، أو لأن الكتابة كانت في الرجال دون النساء.
= 487 والمنار 9: 224 والرازي 15: 23 والطبري 9: 55 و 56 والميزان 1: 217 والتبيان 1: 317 والكشاف 1: 157 والدر المنثور 3: 131 والقرطبي 13: 351 و 353 ونور الثقلين 1: 78 والبرهان 1: 117 وراجع شرح الشفاء للقاري هامش شرح الخفاجي للشفاء 3: 240 و 241 وراجع المفصل 8: 92 وما بعدها. (1) النهاية ولسان العرب وأقرب الموارد في " أمم " وراجع الدر المنثور ونور الثقلين والقرطبي 13: 353. (2) البقرة: 78.
[92]
4 - أنه منسوب إلى أم القرى، وهي مكة وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) (1). هذه وجوه ذكروها كما لا يخفى على من راجع كتب اللغة والتفسير. قال في لسان العرب: " وقيل لسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمي، لأن أمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب إليه، وبعثه الله رسولا وهو لا يكتب ولا يقرأ من كتاب، وكانت هذه الخلة إحدى آياته المعجزة، لأنه (صلى الله عليه وسلم) تلا كتاب الله عليهم منظوما تارة أخرى... (2). هذه النسبة بمعنى أنه (صلى الله عليه وآله) من أمة أمية لا يقرأون ولا يكتبون لا تلازم أن يكون هو (صلى الله عليه وآله) بنفسه كذلك أيضا، وهذا هو الوجه الثاني الذي نقلناه آنفا، كما أن الوجه الرابع أيضا لا يلازم أن يكون هو (صلى الله عليه وآله) أميا لا يقرأ ولا يكتب. 5 - عن أبي عبيدة: الأميون هم الأمم الذين لم ينزل عليهم كتاب، هو وجه خامس كالوجه الثاني لا يلازم كون النبي (صلى الله عليه وآله) لا يقرأ ولا يكتب (3). 6 - روي عن ابن عباس وجه آخر في معنى الأميين قال: قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله عزوجل ولا كتابا أنزله، وكتبوا كتابا بأيديهم، وقالوا لقوم جهال:
(1) البحار 16: 83 عن مجمع البيان 1: 144 و 4: 487 ط اسلامية والتبيان 1: 317 والطبري 1: 296 والمفصل 8: 94 وما بعدها. (2) لسان العرب 1: 34 وفي النهاية: " منه الحديث: بعثت إلى أمة أميين قيل للعرب: أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أو عديمة، ومنه قوله تعالى: * (بعث في الأميين رسولا) * " وراجع مجمع البيان 10: 284 ونقله عن مجاهد وقتادة، والتبيان 10: 4 والمنار 9: 224 قال: وكان أهل الكتاب يسمون العرب بالأميين ولعله كان لأهل الحجاز ومن جاورهم دون أهل اليمن وراجع المفصل 8: 92 وما بعدها و 102 وما بعدها. (3) راجع مجمع البيان 1: 145 والتبيان 1: 318 ولعل إليه يشير أمير المؤمنين صلوات الله عليه: " ان الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) وليس أحد من العرب يقرأ كتابا ولا يدعي نبوة ولا وحيا " نهج البلاغة / خ 33 و 120 ولعله المراد أيضا من قوله تعالى: * (ليس علينا في الأميين سبيل) * آل عمران: 75 وكذا قوله تعالى: * (وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم) * آل عمران: 70 وراجع المفصل 8: 92 وما بعدها و: 102 وما بعدها. (*)
[93]
هذا من عند الله... (1). فعلى هذه الوجوه كما أنه يحتمل أن يكون المراد من قوله تعالى: * (النبي الأمي) * هو الذي لا يكتب ولا يقرأ أي: لا يحسنهما كما هو مقتضى الوجه الأول والثالث، يحتمل أيضا أن يكون المراد: المنسوب إلى أمة لا يقرأون ولا يكتبون غالبا بحيث يطلق عليهم الأميون كالعرب وقتئذ، أو المنسوب إلى أم القرى، أو المنسوب إلى أمة لم ينزل عليهم الكتاب من ذي قبل، فعلى هذه الوجوه لا تلازم بينها وبين كونه (صلى الله عليه وآله) لا يحسن القراءة والكتابة كما لا يخفى. وعلى كل حال هذه الآية كسابقتها إن دلت على شئ فإنما تدل على نفي الكتابة والقراءة عنه (صلى الله عليه وآله) قبل نزول الوحي، ولكنها ساكتة عن حاله (صلى الله عليه وآله) بعده. ولذلك ذهب جمع من علمائنا رضوان الله عليهم: إلى أنه (صلى الله عليه وآله) كان يعلم الكتابة: قال الشيخ رحمه الله تعالى في المبسوط 8: 120: " والنبي عليه وآله السلام عندنا كان يحسن الكتابة بعد النبوة، وإنما لم يحسنها قبل البعثة " وقال في التبيان: " ولو أفاد أنه لم يحسن الكتابة قبل الإيحاء لكان دليله يدل على أنه كان يحسنها بعد الإيحاء إليه، ليكون فرقا بين الحالتين " فكأنه يشير إلى دليل ما اختاره. قال في مفتاح الكرامة 10: 10 في مسألة اشتراط الكتابة في القاضي في جواب من استدل لعدم الاشتراط بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان أميا (كما في المغني 11: 386): " والنبي معصوم مؤيد بالوحي، وكان عالما بالكتابة بعد البعثة كما صرح به الشيخ وأبو عبد الله الحلي واليوسفي والمصنف في التحرير، وقد نقل ذلك أبو العباس والشهيد في النكت عن الشيخ وسبطه أبي عبد الله الحلي الساكتين عليه... " ثم أشار
(1) راجع التبيان 1: 318 قاله ابن عباس في تفسير قوله تعالى: * (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب) * وأشار إليه في المجمع.
[94]
إلى الأحاديث الآتية (1). ولعلهم رضوان الله عليهم استندوا في ذلك - مضافا إلى ما تقدم عن الشيخ رحمه الله تعالى في الاستفادة من الآية الشريفة - إلى الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) وإليك نصوصها: 1 - ما رواه الصدوق (رحمه الله) في العلل بإسناده عن أبي جعفر الجواد (عليه السلام): قال الراوي (وهو جعفر بن محمد الصوفي): فقلت: يابن رسول الله لم سمي النبي الأمي ؟ فقال: ما يقول الناس ؟ قلت: يزعمون أنه إنما سمي الأمي، لأنه لم يحسن أن يكتب، فقال (عليه السلام): كذبوا عليهم لعنة الله، أنى ذلك والله يقول في محكم كتابه: * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) * فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن ؟ والله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو قال بثلاثة وسبعين لسانا، وإنما سمي الأمي، لأنه كان من أهل مكة، ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله عز وجل: * (لتنذر أم القرى ومن حولها) * (2). 2 - وبإسناده عن علي بن حسان عن علي بن أسباط وغيره رفعه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: إن الناس يزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكتب ولا يقرأ، فقال: كذبوا لعنهم الله، أنى يكون ذلك وقد قال الله عزوجل: * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) * فكيف يعلمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ ويكتب ؟ قال: قلت: فلم سمي النبي الأمي ؟ قال: لأنه نسب إلى مكة وهو قول الله
(1) لا إلى ما نقله في التراتيب 1: 175 عن الذهبي من احتمال أنه تعلم ذلك من كثرة ما أملى على كتاب الوحي وكتاب السنن والكتب إلى الملوك، لأنه بعيد في الغاية. (2) علل الشرائع: 124 الباب 105 والبحار 16: 132 عن العلل ومعاني الأخبار والاختصاص وبصائر الدرجات: 245 ونور الثقلين 2: 78 و 5: 322 والبرهان 4: 332.
[95]
عزوجل: * (لتنذر أم القرى ومن حولها) * فأم القرى مكة، فقيل أمي لذلك (1). 3 - وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان مما من الله عز وجل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه كان يقرأ ولا يكتب، فلما توجه أبو سفيان إلى أحد كتب العباس إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة، فقرأه ولم يخبر أصحابه وأمرهم أن يدخلوا المدينة، فلما دخلوا المدينة أخبرهم " (2). 4 - بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان النبي (صلى الله عليه وآله) يقرأ الكتاب ولا يكتب " (3). 5 - بإسناده عن الحسن بن زياد الصيقل قال: " سمعت أبا عبد الله يقول: كان مما من الله عز وجل به على نبيه (صلى الله عليه وآله) أنه كان أميا لا يكتب ويقرأ الكتاب " (4). 6 - عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ ويكتب ويقرأ ما لم يكتب " (5). 7 - عن الشعبي أنه قال: ما مات النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى كتب (6) وفي البحار: قال الشعبي وجماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى كتب وقرأ وقد اشتهر في الصحاح وكتب التواريخ قوله (صلى الله عليه وآله): " ايتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا
(1) علل الشرائع: 125 / باب 105 والبحار 16: 133 عن العلل وبصائر الدرجات: 246 والعياشي 2: 78 ونور الثقلين 5: 332 والبرهان 2: 40 و 4: 332. (2) علل الشرائع: 125 / باب 105 البحار 16: 133 عن العلل ونور الثقلين 2: 78 و 79 والبرهان 4: 332. (3) العلل: 126 والبحار 16: 132 / 66 ونور الثقلين 2: 79 والبرهان 4: 332. (4) العلل: 126 والبحار 16: 132 / 67 ونور الثقلين 2: 79 والبرهان 4: 332. (5) بصائر الدرجات: 247 والبحار 16: 134 والبرهان 4: 333 ونور الثقلين 5: 322. (6) القرطبي 13: 352 نقله عن النقاش في تفسيره والبحار 16: 135 والدر المنثور 3: 131 والتراتيب الادارية 1: 173 عن ابن أبي شيبة و 175 عن الذهبي في التذكرة والمفصل 8: 96 - 98. (
[96]
بعده أبدا ". نقل السيوطي عن أبي الشيخ من طريق مجالد قال: حدثني عون بن عبد الله ابن عتبة عن أبيه قال: ما مات النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى قرأ وكتب، فذكرت هذا الحديث للشعبي فقال: صدق، سمعت (أصحابنا يقولون ذلك) وفي التراتيب: قال عجالة: ذكرت ذلك للشافعي فقال: صدق سمعنا قوما يذكرون ذلك. 8 - عن الرضا (عليه السلام) في محاوراته مع أهل الأديان: " ومن آياته أنه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا ولم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء (عليهم السلام) وأخبارهم حرفا حرفا وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة " (1). 9 - عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) * قال: " كانوا يكتبون ولكن لم يكن معهم كتاب من عند الله، ولا بعث إليهم رسولا، فنسبهم إلى الأميين " (2). 10 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان علي (عليه السلام) كثيرا ما يقول: اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ: إنا أنزلناه بتخشع وبكاء فيقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة ! فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما رأت عيني ووعى قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي فيقولان: وما الذي رأيت وما الذي يرى ؟ قال: فيكتب لهما في التراب تنزل الملائكة والروح... " (3). 11 - أنه (صلى الله عليه وآله) قرأ صحيفة لعيينة بن حصن وأخبر بمعناها (4).
(1) نور الثقلين 4: 164. (2) البحار 9: 243 عن تفسير القمي والبرهان 4: 333 ونور الثقلين 5: 322. (3) نور الثقلين 5: 323 و 633 عن الكافي 1: 249. (4) المفصل 8: 98 عن تفسير النقاش في تفسير الآية عن الشعبي.
[97]
12 - روى ابن ماجة عن أنس قال: " قال (صلى الله عليه وسلم): " رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على الجنة: الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر " (1). استدل في الحديث الأول بكونه (صلى الله عليه وآله) كان يعلم الكتابة بقوله تعالى: * (ويعلمهم الكتاب) * بأنه كان يقرأ ويعلم الكتاب، وكيف يعلم ما لا يعلم ؟ واستدل بعض العامة بقوله تعالى * (ما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) * بأنه كان يتلو بعده الكتاب وكان يخط بيمينه، وإلا لكان قوله: من قبله لغوا لا فائدة فيه بناء على اعتبار مفهوم القيد، وهو كما ترى. هذه النصوص متفقة في الدلالة على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يحسن الكتابة والقراءة، وإنما اختلفت في الكتابة وأنه (صلى الله عليه وآله) كان يكتب أم لا ؟ ومقتضى الجمع بينها وبين الآيات أنه (صلى الله عليه وآله) كان يحسن الكتابة والقراءة بعد نزول القرآن، ولكنه لم يكتب أصلا، وما في قضية الحديبية من بعض المحدثين (في حديث البراء) أنه (صلى الله عليه وآله) كتب (كلمتي) محمد بن عبد الله في كتاب الصلح معارض بمثله بنقل جميع المؤرخين. قال المحقق العلامة المجلسي (رحمه الله): يمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجهين: الأول: أنه (صلى الله عليه وآله) كان يقدر على الكتابة ولكن كان لا يكتب لضرب من المصلحة. الثاني: أن نحمل أخبار عدم الكتابة والقراءة على عدم تعلمها من البشر، وسائر الأخبار على أنه كان يقدر عليها بالإعجاز، وكيف لا يعلم من كان عالما بعلوم الأولين والأخبار أن هذه النقوش موضوعة لهذه الحروف، ومن كان يقدر بإقدار الله تعالى له على شق القمر، وأكبر منه كيف لا يقدر على نقش الحروف والكلمات على الصحائف والألواح والله العالم (2).
(1) المفصل 8: 97. (2) البحار 16: 134.
[98]
أقول: لولا ما ورد عن عترته وأهل بيته (عليهم السلام) لكنا من المتوقفين كما توقف السيد المرتضى (رحمه الله)، لأن ما ذكره المحقق المجلسي أمر تعليقي صحيح يعني لو شاء الله لأقدره كما أقدره على شق القمر بل وأكبر منه، ولكنه لا يثبت أنه شاء وأقدر، إذ من الممكن أن لا يؤتيه الكتابة كما أنه لم يعلمه الشعر وما ينبغي له، ليتحقق الإعجاز وتتم الحجة، وأهل البيت أدرى بما فيه، ويؤيده بعض ما ورد من طرق العامة أيضا كما مر. لفت نظر: أطال الدكتور جواد علي في كتابه " المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام " الكلام حول " الأمي والأميين " ونقل كلام المؤرخين، وأصر في أن المراد من الأمي والأميين هو من لا كتاب لهم مثل الوثنيين والمجوس في مقابل أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى قال: " وأنا لا أريد أن أثبت هنا أن العرب كانت أمة قارئة كاتبة جميعها يقرأ ويكتب، وانها كانت ذات مدارس منتشرة في كل مكان من جزيرتهم تعلم الناس القراءة والكتابة والعلوم الشائعة... ولا يمكن أن يدعيه أحد... فأهل البوادي ولا سيما البوادي النائية عن الحواضر هم أميون ما في ذلك من شك... وأما أهل الحواضر فقد كان بينهم من يقرأ ويكتب كما كان بينهم الأمي أي: الجاهل بالقراءة والكتابة، وكان منهم من يقرأ ويكتب بالقلم المسند، وكان بينهم من يقرأ ويكتب بالقلم الذي دون به القرآن الكريم " (1). وجاء بشواهد لذلك من أن الأحناف كانوا يكتبون ويقرأون، وبعضهم يكتب بالأقلام العجمية مثل ورقة بن نوفل (2) وأنه كان في الحيرة معلمون يعلمون
(1) المفصل 8: 107. (2) المصدر 8: 108 عن الأغاني 3: 120.
[99]
الأطفال القراءة والكتابة (1) وأن لقيط بن يعمر الأيادي الشاعر كتب صحيفة إلى قوم أياد (2) وأن جفينة العبادي وهو من نصارى الحيرة كان كاتبا قدم المدينة في عهد عمر وصار يعلم الكتابة فيها (3) وأن خالد بن الوليد حينما نزل الأنبار رآهم يكتبون بالعربية ويتعلمونها فسألهم: ما أنتم ؟ قالوا: قوم من العرب، وأن خالد بن الوليد وجد أهل النقيرة يعلمون أولادهم الكتاب في كنيستها وهي قرية من قرى عين التمر.. ولما فتح خالد حصن عين التمر وغنم ما فيه وجد في بيعتهم أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل عليهم باب مغلق فكسره عنهم ثم أخرجهم فقسمهم في أهل البلاد (4). وأنا نجد في روايات الأخبار أن عددا من الشعراء الجاهليين كانوا يكتبون ويقرأون.. ومنهم سويد بن الصامت (5) والزبرقان بن بدر (6) وكعب بن زهير (7) وكعب بن مالك الأنصاري (8) والربيع بن زياد العبسي، وكان هو وإخوته من الكملة، وقد كتب إلى النعمان بن المنذر يعتذر إليه (9). وأن أهل دومة الجندل كانوا يكتبون ويقرأون، وأن أهل مكة انما تعلموا الكتابة من أحدهم (10) وأن قوما من طي تعلموا الكتابة من كاتب الوحي لهود (11)
(1) المفصل 8: 109 عن الأغاني 2: 18 وما بعدها. (2) المصدر 8: 109 عن الطبري 5: 42 والطبقات 3 / ق 1: 258 والفتوح للبلاذري: 460. (3) المصدر 8: 110 عن الطبري 3: 375. (4) المصدر 8: 110 عن الطبري 3: 377. (5) المصدر 8: 111 عن الأغاني 2: 180. (6) المصدر 8: 111 عن الأغاني. (7) المصدر 8: 111 عن الشعر والشعراء. (8) المصدر 8: 111 عن ابن هشام 2: 87 وما بعدها. (9) المصدر 8: 111 عن الأغاني 16: 22 وأمالي المرتضى 1: 136. (10) المصدر 8: 111 عن فتوح البلدان 456. (11) المصدر 8: 111 عن فتوح البلدان 456.
[100]
وأن بشر بن عبد الملك السكوني أخا أكيدر بن عبد الملك تعلم الخط العربي من أهل الحيرة، ثم أتى مكة في بعض شأنه فرآه سفيان بن أمية وأبو قيس بن عبد مناف يكتب، فسألاه أن يعلمهما الخط فعلمهما الهجاء، ثم أراهما الخط فكتبا (1). وأن رجلين من بني نهد بن زيد يقال لهما " حزن " و " سهل " كانا يكتبان ويقرءان (2). وأما عرب بلاد الشام فلم يذكر أهل الأخبار شيئا عن علمهم بالكتابة والقراءة، ولكن ذلك لا يمكن أن يكون دليلا على جهلهم بهما، ولا سيما أنهم كانوا على اتصال ببني أرم. ووجد عند ظهور الإسلام قوم يكتبون ويقرأون ويطالعون الكتب بمكة (ومنهم الأحناف) ولهم إلمام بكتب الأعجمية، وأنهم وقفوا على كتب اليهود والنصارى وعلى كتب أخرى، وفي معركة بدر اشترط الرسول على من أراد فداء نفسه ولم يكن موسرا من أهل مكة أن يعلم عشرة نفر من المسلمين القراءة والكتابة، كما كان عادة أهل مكة تدوين ما يجمعون عليه وما يلزمون أنفسهم به في صحف يختمونها بخواتمهم وبأسمائهم لتكون شواهد على عزمهم كالذي فعلوه في الصحيفة (3) وذكر أن أمية بن الصلت كان فيمن قرأ الكتب ووقف عليها (4). وذكر أهل الأخبار أن قوما من أهل يثرب من الأوس والخزرج كانوا يكتبون ويقرأون عند ظهور الإسلام ذكروا فيهم: سعد بن زرارة والمنذر بن عمرو وأبي بن كعب وزيد بن ثابت (5) ورافع بن مالك وأسيد بن حضير ومعنى (معن) بن
(1) المفصل 8: 111 عن فتوح البلدان 456 وراجع ص 117 و 118 من المصدر. (2) المصدر 8: 112 عن الخزانة 3: 291. (3) المصدر 8: 114 عن صبح الأعشى وسيأتي عن البلاذري فيما بعد. (4) المصدر 8: 116 عن المعارف: 326 والاصابة 2: 386. (5) المصدر 8: 116 عن الاستيعاب 3: 438 هامش الاصابة والاصابة 3: 440 وراجع ربيع الأبرار 2: 344.
[101]
عدي البلوي وأبو عبس بن كثير وأوس بن خولي وبشير بن سعيد وسعد بن عبادة وسعد بن الربيع، وقد أرجعوا أصل علمهم بالكتابة والقراءة إلى قوم من اليهود.. دعوهم بني ماسكة. وكان عبد الرحمن بن جبر أبو عبس الأنصاري يكتب بالعربية قبل الإسلام (1) وكان المنذر بن عمرو الخزرجي من الكتبة (2) وكان أبو جبيرة بن الضحاك الأنصاري ممن يكتب وقد تولى الكتابة للخليفة عمر (3). وكان قيس بن نشبة عم الشاعر العباس بن مرداس السلمي أو ابن عمه من الكتبة (4) والعباس بن مرداس نفسه كان كاتبا (5) وحرب بن أمية كان يكتب (6) وعمرو بن عمرو بن عدس كان يكتب قبل الإسلام (7) وأسيد بن أبي العيص كان من الكتاب (8) وكان في خزانة المأمون كتاب بخط عبد المطلب بن هاشم في جلد أدم (9) وكان حنظلة بن أبي سفيان ممن يحسن الكتابة والقراءة (10) وكان بغيض بن عامر بن عامر بن هاشم من كتاب قريش قبل الإسلام وهو الذي كتب الصحيفة على بني هاشم (11) وورد أن أبا الروم بن عبد شرحبيل هو الذي كتب الصحيفة (12)
(1) المفصل 8: 116 عن المعارف: 326 والاصابة 2: 386. (2) المصدر 8: 116 عن الاستيعاب 3: 438 هامش الاصابة والاصابة 3: 440 وراجع ربيع الأبرار 2: 344. (3) المصدر 8: 117 عن الجهشياري: 16 والاصابة 4: 31. (4) المصدر 8: 117 عن الاصابة 3: 249 وما بعدها. (5) المصدر 8: 117. (6) المصدر 8: 117 عن الفهرست: 13 والمعارف: 73 و 118 عن المصدر عن السيوطي. (7) المصدر 8: 118 عن المزهر 2: 351. (8) المصدر 8: 118 عن ابن النديم 13 وما بعدها. (9) المصدر 8: 118 عن ابن النديم 13 وما بعدها. (10) المصدر 8: 118 عن الأغاني 6: 250. (11) المصدر 8: 118 عن نسب قريش: 254. (12) المصدر 8: 118 عن نسب قريش: 255 والروض الأنف 1: 219.
[102]
وكان الوليد بن الوليد - وهو أخو خالد بن الوليد - ممن يكتب ويقرأ، وكان خالد ممن يقرأ ويكتب (1) وكان نافع بن ظريب القرشي ممن يكتب (2) وكان حاطب بن أبي بلتعة من الكتاب (3) وكان الحكم بن أبي أحيحة من الكتاب، وأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعلم الكتاب بالمدينة (4). يقول أهل الأخبار: ولما نزل الوحي كان في قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح وطلحة ويزيد بن أبي سفيان وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وحاطب بن عمرو أخو سهيل بن عمرو العامري من قريش وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي وأبان ابن سعيد بن العاص بن أمية وخالد بن سعيد أخوه وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري وحويطب بن عبد العزى العامري وأبو سفيان بن حرب بن أمية ومعاوية ابن أبي سفيان وجهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، ومن حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي (5). هذا كله سيق في بيان أن العرب قبل الإسلام كانوا يكتبون، فليس المراد من الأمي والأميين الذي لا يقرأ ولا يكتب، بل المراد من هذه الكلمة الذين لم ينزل عليهم الكتاب كما اختاره الدكتور ونقلناه سابقا في معنى " الأمي " ولكن يمكن أن يطلق عليهم الأمي تغليبا، لأن أكثرهم كانوا لا يقرأون ولا يكتبون، وسيأتي ما يفيد في هذا المضمار فانتظر وتدبر.
(1) المفصل 8: 119 عن نسب قريش 324. (2) المصدر 8: 119 عن الاستيعاب 3: 510 هامش الاصابة. (3) المصدر 8: 119 عن طبقات ابن سعد. (4) المصدر 8: 119 عن نسب قريش: 174. (5) المصدر 8: 130 عن فتوح البلدان: 457 وسيأتي عن ابن عبدربه وغيره وراجع السنة قبل التدوين لمحمد العجاج الخطيب: 295.
[103]
الفصل السادس الكتابة عند العرب قبل الإسلام الدواوين التي أسسها الرسول (صلى الله عليه وآله) عدد كتابه (صلى الله عليه وآله) في تلكم الدواويين كتاب الوحي كتاب العهود والرسائل والتأمينات النوادر تقدم في الفصل المتقدم أن أمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب إليه، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: بعثت إلى أمة أمية (1) وقيل للعرب الأميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أو عديمة، ومنه قوله تعالى: * (بعث في الأميين رسولا) * وكان أهل الكتاب يسمون العرب بالأميين، ولعله كان لقبا لأهل الحجاز ومن جاورهم، وعنه (صلى الله عليه وآله): " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " (2) وعنه (صلى الله عليه وآله): " يقال: أين الأمة الأمية ونبيها " (3) وقال (صلى الله عليه وآله): " إني بعثت إلى أمة أميين " (4). قال الطحاوي: وكان أهل لسانه أميين لا يكتبون إلا القليل منهم كتابا ضعيفا، وكان يشق عليه حفظ ما يقرأه عليهم بحروفه التي يقرأ بها عليهم، فلا يتهيأ
(1) النهاية مادة أمم. (2) البخاري 3: 35 ومسلم 2: 761 / 15 وسنن أبي داود 1: 296 / باب 4 والنسائي 4: 139 / باب 17 ومسند أحمد 2: 43 و 52 و 122 و 129 والتراتيب الادارية 1: 175 وفتح الباري 4: 108 وعمدة القاري 10: 286 وعون المعبود 2: 266 والسنة قبل التدوين: 267 والتمهيد 1: 307 ومناهل العرفان 1: 284 والمفصل 8: 91 عن البيان والتبيين 3: 28 الصاحبي 8: 11 وتفسير القرطبي 2: 5 واللسان في أمم وتاج العروس في أمم والصفة: 136 و 104 عن ارشاد الساري 2: 359 وجامع بيان العلم 1: 83. (3) ابن ماجة 2: 1434 كتاب الزهد / باب 34. (4) مسند أحمد 5: 132.
[104]
لهم كتابة ذلك وتحفظهم إياه لما عليهم في ذلك من المشقة (1). كان هذا وضع العرب قبل الإسلام، كانوا أمة أمية لندور الكتابة فيهم أو فقدانها وقال ابن حجر: ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة كانت فيهم (بضعة) قليلة نادرة (2). وقال ابن عبدربه: وجاء الإسلام وليس أحد يكتب بالعربية غير سبعة عشر إنسانا وهم: علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله وعثمان [وأبو عبيدة بن الجراح و] أبان بن سعيد بن [العاص] وخالد بن [سعيد أخوه وأبو] حذيفة بن عتبة ويزيد بن أبي سفيان وحاطب بن عمرو بن عبد شمس والعلاء بن الحضرمي وأبو سلمة بن عبد الأسد وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وحويطب بن عبد العزى وأبو سفيان بن حرب ومعاوية ولده وجهيم بن الصلت (3). هذا وفي صحة ما ذكروه تأمل، لأن عبد الرزاق أخرج في قصة إسلام عمر: " ثم خرج عمر بالكتف ودعا قارئا فقرأ عليه وكان عمر لا يكتب " (4). وعن عياض بن أبي موسى: أن عمر بن الخطاب قال لأبي موسى: أدع لي كاتبا ليقرأ لنا صحفا جاءت من الشام... (5). نعم نقل في تهذيب تأريخ ابن عساكر 7: 377 عن عبد الله بن حوالة أن
(1) مشكل الآثار 4: 186. (2) فتح الباري 4: 108 وعمدة القاري 10: 286 وعون المعبود 2: 266 وراجع المفصل 8: 92 وما بعدها. (3) العقد الفريد 4: 157 و 158 وراجع فتوح البلدان: 660 وحقائق حول القرآن المخطوط: 229 والسنة قبل التدوين: 295 وما بعدها والإصابة 1: 255 والمفصل 8: 120 و 199. (4) المصنف 5: 362 وما بعدها وراجع الصحيح من السيرة 2: 95 عن عبد الرزاق وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 9. (5) عيون الأخبار لابن قتيبة 1: 43 وراجع الصحيح من السيرة 2: 95.
[105]
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يملي وعمر كان يكتب، ولكن كان ذلك بعد مجئ الإسلام بسنين. قال العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه القيم " حقائق حول القرآن " المخطوط: 229 ما لفظه: ويلاحظ أنهم حين يذكرون أسماءهم نجد فيهم عليا (عليه السلام) وغيره ممن نشأ في الإسلام وترعرع فيه، ويستبعد أن يكون علي (عليه السلام) ونظراؤه قد تعلم الكتابة في الجاهلية، فانه حينما أسلم وهو ابن عشر أو ثمان سنين (1) وقيل غير ذلك، وكعمر بن الخطاب الذي يشك في تعلمه ذلك قبل الإسلام بل أنهم يقولون: لم يوجد في قبيلة بكر بن وائل كلها من يقرأ لهم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أرسل إليهم (راجع كشف الأستار عن مسند البزار 2: 266 ومجمع الزوائد 5: 305) بل لقد كانت الكتابة تعد عيبا لدى بعض الفئات (راجع الشعر والشعراء: 334 والتراتيب الإدارية 2: 248). وكان من الأسارى يوم بدر من يكتب ولم يكن من الأنصار يومئذ أحد يحسن الكتابة، فكان منهم من لا مال له، فيقبل منه أن يعلم عشرة من الغلمان الكتابة ويخلى سبيله، فيومئذ تعلم الكتابة زيد بن ثابت في غلمان الأنصار... ولم تكثر الكتابة العربية في المدينة إلا بعد الهجرة النبوية بأكثر من سنة (2). وكان (صلى الله عليه وآله) أمر عبد الله بن سعيد بن العاص أن يعلم الناس الكتابة بالمدينة وكان محسنا، وعن عبادة بن الصامت أنه قال: علمت ناسا من أهل الصفة الكتابة والقرآن (3).
(1) هذا ولكن سيأتي ما نقله المفيد (رحمه الله) في الفصول المختارة من ان عليا (عليه السلام) كان له وقتئذ خمسة عشر سنة وكان يذهب إلى الكتاب. (2) راجع التراتيب 1: 48 و 49 والبداية والنهاية 4: 310 و 328 والطبري 2: 465 وتاريخ ابن كثير 3: 299 وعبد الرزاق 5: 206 و 352 ونيل الأوطار 8: 144 والمستدرك للحاكم 3: 23 وسنن أبي داود 2: 11 ونصب الراية 3: 2 وسنن سعيد بن منصور 2: 251 والطبقات 2 / ق 2: 14 والمفصل 8: 114. (3) التراتيب 1: 48 عن الاستيعاب: 393 ط الهند في ترجمة عبد الله وراجع 2: 372 هامش الاصابة والاصابة 2: 344 والسنة قبل التدوين: 299 وأسد الغابة 3: 175.
[106]
هذا كله بعد البعثة، وأما قبلها فلم يكن في المدينة من الكتاب إلا ما سيأتي من البلاذري. وقد تكلم ابن خلدون في الكتابة (قبل الإسلام) وفصل القول فيه وملخصه فيما يتعلق بموضوعنا: أن الذي تعلم الكتابة من الحيرة هو سفيان بن أمية ويقال حرب بن أمية (1) وأخذها من أسلم بن سدرة، وهو قول ممكن، وكانت كتابة العرب بدوية من كتابتهم (أي: حمير) أو قريبة من كتابتهم، وكان الخط العربي أوائل الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والاجادة، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف، حيث رسمه الصحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الاجادة، ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم تبركا بما رسمه أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا تلتفتن في ذلك إلى ما يزعمه المغفلون من أنهم كانوا محكمين لصناعة الخط... (2). وقال البلاذري في فتوح البلدان: 663: " قال الواقدي: كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلين، وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية وكان يعلمها الصبيان في المدينة في الزمن الأول، فجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون وهم: سعد بن عبادة بن دليم والمنذر بن عمرو وأبي بن كعب وزيد بن ثابت... ورافع بن مالك وأسيد بن حضير ومعن بن عدي البلوي حليف الأنصار وبشير بن سعيد وسعد بن الربيع وأوس بن خولي وعبد الله بن أبي المنافق " (3).
(1) وفي المصنف لابن أبي شيبة 13: 90: إن أول من كتب بالعربية حرب بن أمية. (2) راجع مقدمة ابن خلدون: 418 - 420 وراجع السنة قبل التدوين: 295 وما بعدها. (3) ذكر في الطبقات لابن سعد 3: 498 ط بيروت ابي بن كعب و: 522 سعد بن الربيع و: 526 عبد الله بن رواحة و: 531 بشير بن سعد و: 536 عبد الله بن زيد و: 555 منذر بن عمرو و: 604 أسيد بن حضير و: 613 سعد بن عبادة و: 623 رافع بن مالك، هؤلاء ممن كان يكتب في الجاهلية من الأنصار وفي ط ليدن 3 / ق 2: 59 و 77 و 79 و 83 و 87 و 100 و 136 و 142 و 148 أن هؤلاء من الأنصار كانوا يكتبون =
[107]
وعلى كل حال شرع النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله) في تعليمهم الكتاب كما قال تعالى: * (ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) * (1) و * (ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة) * (2) قال الشيخ محمد عبده في تفسيره: " إن هذا الدين الذي جاء به قد اضطرهم إلى تعلم الكتابة بالقلم وأخرجهم من الأمية، لأنه دين حث على المدنية وسياسة الأمم " (3) وحثهم على ذلك بشتى الوسائل. " وقد كثر الكاتبون بعد الهجرة عندما استقرت الدولة الإسلامية فكانت مساجد المدينة التسعة إلى جانب مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) محط أنظار المسلمين يتعلمون فيها القرآن الكريم وتعاليم الإسلام والقراءة والكتابة، وقد تبرع المسلمون الذين يعرفون الكتابة والقراءة بتعليم إخوانهم، والأرجح أنه كان من أوائل هؤلاء المسلمين: سعد بن الربيع الخزرجي أحد النقباء الاثني عشر وبشير بن سعد بن ثعلبة وأبان بن سعيد بن العاص وغيرهم، وكان إلى جانب هذه المساجد كتاتيب يتعلم فيها الصبيان الكتابة والقراءة إلى جانب القرآن الكريم، ولا يفوتنا أن نذكر أثر غزوة بدر في تعليم صبيان المدينة حينما أذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأسارى بدر بأن يفدي كل كاتب منهم نفسه بتعليم عشرة من صبيان المدينة الكتابة والقراءة. ولم يقتصر تعليم الكتابة والقراءة على الذكور فقط، بل كانت الأناث يتعلمن هذا في بيوتهن، فقد روى أبو بكر بن سلمان بن أبي خثيمة عن الشفاء بنت عبد الله أنها قالت: دخل علي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا عند حفصة فقال لي: ألا تعلمين هذه رقية
= في الجاهلية وكانت الكتابة في القوم قليلا وراجع السنة قبل التدوين: 295 وراجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 326. (1) آل عمران: 164. (2) البقرة: 151. (3) المنار 4: 223.
[108]
النملة كما علمتيها الكتابة " (1). ويعلم من بعض النصوص أن فاطمة (عليها السلام) كانت تقرأ (2) كما أن عائشة أيضا كانت تقرأ (3) وحفصة كانت تكتب (4) كما سيأتي في محله. الدواوين التي أسسها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): لما بعث الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله) بالرسالة وشرفه بالقرآن وأنزل عليه الوحي والكتاب وأسماه منذ بدء نزوله كتابا إيعازا إلى لزوم الكتابة، ومن على عباده بأنه علمهم بالقلم وأقسم بالقلم وما يسطرون ايماء إلى تعظيم القلم وأهمية الكتابة، وكل ذلك تعليم له (صلى الله عليه وآله) في الاهتمام بالكتابة - احتاج (صلى الله عليه وآله) إلى كاتب يكتب له الوحي النازل عليه من الله سبحانه وغيره من الرسائل والحوائج، فهو حينما كان بمكة لم يكن له كثير حاجة إلى الكتابة إلا الوحي فكان يكتبه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أو هو مع غيره من المسلمين ممن يعلم الكتابة في بدء نزول الوحي أو بعده بقليل أو تعلم ذلك بعد البعثة وإن شئت فسمه ديوان كتابة الوحي. ومضى على الإسلام حين من الدهر وكان ينتشر ويتوسع تدريجا إلى أن مضى عليه عشر سنين ولم نجد في هذه المدة من الكتب غير الوحي إلا نادرا جدا كما يأتي إن شاء الله تعالى. فلما هاجر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة وكثر المسلمون واتسع نطاق الإسلام كثرت الحاجة إلى الكتابة لازدياد الروابط الاجتماعية الداخلية بأنحائها والخارجية
(1) السنة قبل التدوين: 299 و 300. (2) راجع ما سيأتي في البحث عن الذين كانوا يكتبون الحديث. (3) البحار 36: 349 و 350. (4) عبد الرزاق 10: 305 والغدير 6: 128 عن تفسير ابن كثير 1: 594.
[109]
كذلك، فمست الحاجة إلى تأسيس دواوين عديدة، واحتيج إلى كتاب يلازمون عملهم لضبط ما يحدث من الأمور مثلا: احتيج إلى كتاب الرسائل إلى الملوك والأقيال والقبائل والأساقفة والمرازبة للدعوة إلى الإسلام أو غيرها. كما احتيج إلى كتاب العهود والمواثيق السياسية وغيرها، والتأمينات لمن وفد وأسلم. كما أنه احتيج إلى كتاب الدعاوى والخصومات والأحكام الصادرة في هذه المجالات فيما بين القبائل الحاضرة أو البادية (1). واحتيج إلى كتاب الزكوات والصدقات والأخماس وخرص البساتين والمزارع لأجل زكاة الغلات. واحتيج إلى كتابة الإقطاعات. ثم بعد ذلك مست الحاجة إلى كتابة الأحكام: الفرائض والعقود والصدقات. فمست الحاجة إلى كتاب يلازمون عمل الكتابة فيما يحدث من الأمور وإلى أشخاص ينوبون عنهم عند غيبتهم لمانع. وأضف إلى ما تقدم كتابة الجيش المبعوث إلى الجبهات الحربية وكتابة من يبلغ سنه للحضور في الحروب، فإن المستفاد من السيرة النبوية أن الذين كانوا في البعث تكتب أسماؤهم، روي عن ابن عباس قال: جاء رجل فقال: إن امرأتي خرجت إلى الحج وإني كتبت في غزاة كذا وكذا فقال: انطلق واحجج مع امرأتك (2).
(1) وراجع السنة قبل التدوين: 298 وما يأتي في عمل الكتاب حيث يصرحون بأنه كان يكتب كذا وكذا... (2) راجع مسند أحمد 1: 222 وحياة الصحابة 1: 569 عن البخاري راجع 4: 72 و 87 و 7: 48 وفتح =
[110]
كما أنه (صلى الله عليه وآله) أمر بكتابة كل من تلفظ بالإسلام، روي عن حذيفة (رضي الله عنه) قال: " قال النبي (صلى الله عليه وآله): اكتبوا إلي من تلفظ بالإسلام من الناس، فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل فقلنا: نخاف ونحن ألف وخمسمائة... " (1). وفي لفظ ابن حجر: " احصوا لي كم يلفظ الإسلام ". استفاد ابن حجر منه مشروعية كتابة دواوين الجيش لتمييز من يصلح للمقاتلة ممن لا يصلح قال: " وفي الحديث مشروعية كتابة دواوين الجيوش، وقد يتعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يصلح للمقاتلة ممن لا يصلح " (2). ولكن في تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك حديث يدل على عدم وجود ديوان الجيش وقتئذ، وفيه: " والمسلمون مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ " يريد الديوان (3) فيظهر منه أن سنة تسع لم يكن هناك ديوان للجيش، وجعل ابن حجر هذا الحديث ردا على من استدل بقوله: " اكتبوا كل من تلفظ بالإسلام " على أن النبي (صلى الله عليه وآله) دون ديوان الجيش، بل استفاد منه أن عمر أول من دون ديوان الجيش.
= الباري 6: 100 و 124 وعمدة القاري 14: 307 والتراتيب 1: 220 و 221 والدر المنثور 2: 56 في تفسير * (ولله على الناس حج البيت) *. وراجع مقدمة الوثائق السياسية: 1 والمعجم الكبير للطبراني 11: 424. (1) البخاري 4: 87 والفتح 6: 124 ومسند أحمد 5: 384 وابن ماجة 2: 1337 في الفتن ومسلم 1: 131 / 235 والتراتيب الادارية 1: 220 و 2: 252 وابن أبي شيبة 15: 69 وعمدة القاري 14: 305 والوثائق السياسية: 65 الرقم 1 ب عن جمع ممن تقدم وعن مسند أبي يعلى نقله عن شرح صحيح مسلم للنووي 2: 18 وعمدة القاري 7: 98 وارشاد الساري للقسطلاني 5: 175 نقلا عن النسائي. (2) راجع فتح الباري 6: 124 ونحوه في عمدة القاري 14: 306. (3) راجع البخاري 5: 4 ومسلم 4: 2121 والمعجم الكبير للطبراني 19: 47 وفتح الباري 8: 28 و 87 وسيرة دحلان هامش الحلبية 2: 377 وراجع أيضا الدر المنثور 3: 287 عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي والمنار 11: 67 والقرطبي 8: 282.
[111]
ويرد قول ابن حجر أن الدليل على تدوين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ديوان الجيش ليس هو هذا الحديث، بل الدليل عليه ما تقدم من حديث ابن عباس. ويظهر من النصوص أنه (صلى الله عليه وآله) كان يأمر المسلمين بإعلامه (صلى الله عليه وآله) موت من مات من الصحابة (1). وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعرض غلمان الأنصار في كل عام فمر به غلام فأجازه في البعث وعرض عليه سمرة بن جندب من بعده فرده قال سمرة: فقلت: يا رسول الله لقد أجزت غلاما ورددتني ولو صارعني لصارعته قال: فصارع، فصارعته فصرعته، فأجازني في البعث (2) وعرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببدر فرد ابن عمر والبراء بن عازب (3) كما أنه في بدر رد في العرض: رافع بن خديج وزيد بن ثابت وأسيد بن حضير (4). وعرض يوم أحد فرد (صلى الله عليه وآله) زيد بن أرقم وجابرا وزيد بن ثابت وابن عمر وأسيد بن حضير والبراء بن عازب وعرابة بن أوس وأبا سعيد الخدري وغيرهم (5). قال الإمام الشافعي: رد (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعة عشرة صحابيا عرضوا عليه وهم أبناء أربعة عشر سنة، لأنه لم يرهم بلغوا وعرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة
(1) التراتيب الادارية 1: 87 و 88. (2) الاستيعاب بهامش الاصابة 2: 72 واسد الغابة 2: 354 و 5: 593 والتراتيب الادارية 1: 232 والمعجم الكبير للطبراني 7: 212. (3) الاصابة 1: 142 و 2: 347 والاستيعاب 1: 139 و 2: 342 واسد الغابة 1: 171 و 3: 227. (4) الاصابة 1: 496 والاستيعاب 1: 495 واسد الغابة 2: 151 والكامل لابن الأثير: 137 والطبري 2: 477. (5) الاصابة 1: 214 و 560 والكامل لابن الأثير 2: 151 والطبري 2: 505 والمغازي للواقدي 1: 216 وفي المنتظم 3: 163: وكان فيمن رد ابن عمر وزيد بن ثابت واسيد بن حضير والبراء بن عازب وعرابة ابن أوس.
[112]
فأجازهم (1). واتضح مما مر ما في كلام دحلان في سرد حرب تبوك: " والمسلمون مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثير لا يجمعهم كتاب حافظ " يريد بذلك الديوان. كما أنه (صلى الله عليه وآله) أسس غاية المطاف دواوين كثيرة منظمة في غاية البساطة والسذاجة ويتضح ذلك عند التحقيق عن حال الكتاب وعن أنه ماذا كان يكتب. ولم تكن - عندما كان بمكة - حاجة إلا إلى كتابة الوحي وضبطه، فعين له كاتبا، وقد أنزل الله تعالى بمكة كثيرا من القرآن وكتبه كتاب الوحي (2) وضبطوه كما سيأتي. نعم قد احتيج إلى كتابة بعض الرسائل وهو بمكة ولكن لا يعبأ به حتى يحتاج إلى ديوان خاص وكاتب معين فهذا هو ديوان كتابة الوحي بمكة، واتصل ذلك إلى كتابة ما نزل بالمدينة، وسمي كتاب الديوان: كتاب الوحي. ولما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة واتسع نطاق الإسلام وكثر المسلمون مست الحاجة إلى تأسيس ديوان الإنشاء قال القلقشندي باب 4 في التعريف بحقيقة ديوان الانشاء وأصل وضعه في الإسلام بعد أن بين أن الديوان اسم الموضع الذي يجلس فيه الكتاب...: " اعلم أن هذا الديوان أول ديوان وضع في الإسلام (3) وذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يكاتب أمراءه وأصحاب سراياه من الصحابة ويكاتبونه، وكتب إلى من قرب من ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام وبعث إليهم رسله بكتبه، وكتب لعمرو بن حزم عهدا حين وجهه إلى اليمن وكتب لتميم الداري وإخوته بأقطاع الشام، وكتب كتاب القضية بعقد الهدنة بينه وبين قريش عام الحديبية.
(1) التراتيب الادارية 1: 232. (2) راجع الاتقان للسيوطي 1: 8 وما بعدها واليعقوبي 2: 35 والفهرست لابن النديم: 37 وما بعدها، وقد مر أن الكاتب للوحي الذي لم يفت منه شئ أنزل من الله تعالى هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). (3) صبح الأعشى 1: 89 / باب 4 وقد غفل القلقشندي عما ذكرنا من ديوان كتابة الوحي كما أنه جعل المكاتبات كلها ديوانا واحدا وسيأتي أنها دواوين متعددة لكل منها كاتب معين. (
[113]
وكتب الأمانات أحيانا إلى غير ذلك مما سيأتي ذكره... وهذه المكتوبات كلها متعلقها ديوان الانشاء، بخلاف ديوان الجيش، فإن أول من وضعه ورتبه عمر بن الخطاب في خلافته " (1). أقول: قد عزب عنه أنه كان في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) كتابة الرسائل إلى الملوك والأقيال ورؤساء القبائل للدعوة إلى الإسلام، كما كانت هناك أيضا مراسلات بينه (صلى الله عليه وآله) وبين أمرائه وحكامه وعماله، كما كانت هناك كانت عهود ومواثيق سياسية وتأمينات القبائل الوافدة المسلمة والإقطاعات، وكذا كانت كتابة الدعاوي والخصومات بين الناس والقبالات والمداينات والعقود والمعاملات، وكذا كتابة الزكوات والغنائم والأخماس والخرص وما يقسم في مصارفها. هذا عدا كتابة القرآن والسنة وكتاب الجيش و.... والذي تحصل لي بعد التتبع والإمعان لا سيما في أحوال الكتاب وأن لكل منهم عملا خاصا: أنه (صلى الله عليه وآله) أسس دواوين وجعل لكل ديوان كاتبا أو كاتبين أو كتابا، وجعل لكل منهم قائما مقامه عند غيبته، وإليك الإشارة إلى كل واحد منها: (2) 1 - ديوان كتابة الوحي، فكلما نزل القرآن دعا كاتبه ليكتب، وجعل وقتا خاصا لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالليل والنهار لأجل القرآن فيمليه ويكتبه علي (عليه السلام) مع تفسيره، ففي الحقيقة جعل ديوانين لأجل القرآن الكريم عام وخاص. 2 - ديوان لكتابة السنة للصحابة الكرام في المسجد، فيجلسون حوله ويكتبون، وجعل لعلي (عليه السلام) وقتا خاصا بالليل والنهار يملي عليه فيكتب (3).
(1) راجع التراتيب الادارية 1: 118 والسنة قبل التدوين: 298. (2) أشار إلى ذلك في التراتيب 1: 398 و 399 والمفصل 8: 120. (3) سيأتي الكلام حول كتابة الحديث وإحراق الخليفتين ما كتبه الصحابة، وأنه كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) جلستان في كتابة السنة: جلسة عامة لجميع من يريد أن يكتب من الصحابة، وجلسة لعلي (عليه السلام) ليلا ونهارا يملي عليه الأصول والفروع ويكتبه علي (عليه السلام) بخطه، وهذه الكتب محفوظة عند أهل بيته (عليهم السلام).
[114]
3 - ديوان العهود والمواثيق والتأمينات والإقطاعات. 4 - ديوان الدعاوي والخصومات والقبالات والمداينات. 5 - ديوان الجيش فيكتب فيه أسماء الذين يصلحون للبعث، وأسماء الذين يبعثون إلى الجهاد فعلا (1). 6 - ديوان الزكوات والأخماس والغنائم والخرص والصدقات ومصارفها. 7 - ديوان الإنشاء للرسائل إلى الملوك والأقيال والقبائل للدعوة إلى الإسلام أو لأمر آخر وإلى الأمراء والعمال. 8 - ديوان الوفود (2). ويتضح ما ذكر بالتدبر في ما سيأتي من أحوال الكتاب. عدد كتابه (صلى الله عليه وآله): ارتقى الصحابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدارج العز وصعدوا سنام الشرف وحازوا أوج العظمة، فمن كان له صحبة فقد جمع الشرف بطرفيه وأخذ المجد والسيادة بيديه، بل كان المسلمون التابعون يعظمونهم غاية التعظيم ويتبركون بهم. ومن كان له عمل في حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من جباية صدقة أو إمارة
(1) تقدم الكلام فيه فراجع. (2) روى الهيثمي في مجمع الزوائد: قال طارق بن شهاب: قدم وفد بجيلة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكتبوا البجليين وابدأوا بالأحمسيين. الأحمس هم قريش ومن ولدت وكنانة وجديلة قيس، سموا حمسا لأنهم تحمسوا في دينهم أي: تشددوا (راجع جمهرة أنساب العرب: 486 والنهاية لابن الأثير في " حمس " ولكن المراد هنا (أحمس من بجيلة كما في اللباب 1: 32 والاشتقاق لابن دريد: 519 والطبقات 1 / ق 2: 78 و 6: 19 و 148 و 230 و 240).
[115]
جيش أو خرص تمر أو حكومة كورة أو قضاء بين قوم أو غير ذلك من المناصب والمشاغل كان له الحظ الوافر في مجتمع المسلمين يتبرك به المسلمون ويعدون صحبته دليل قدسه وبرهان عصمته وإن زنى وإن سرق بل وإن فعل ما فعل (1). فوقتئذ اتخذ الذين أشرب قلوبهم حب الدنيا والرئاسة صحبة النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله) وسيلة لاستخدام العامة والتمويه على الجهال، فجر كل النار إلى قرصه، وانتحل الصحبة، بل ادعى المناصب والأعمال العظام في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) فمن كان صحبه (صلى الله عليه وآله) سنة أو شهرا أو رآه مرة أو سمع منه حديثا واحدا حاز وتملك رتبة الصحابة وجلس على أريكة المجد والقداسة. ومن هذه المناصب العظيمة والمشاغل الهامة الكتابة له (صلى الله عليه وآله) فمن كان كتب له (صلى الله عليه وآله) كتابا واحدا أو اثنين عد نفسه من الكتاب، بل من كتاب الوحي، بل من الملازمين للكتابة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا عمل له غير ذلك (2). قال في التراتيب: ذكرهم الحافظ ابن عساكر في تأريخ دمشق فأوصلهم إلى
(1) راجع الشفاء للقاضي عياض 2: 116 قال: ومن توقيره وبره (صلى الله عليه وسلم) توقير أصحابه وبرهم ومعرفة حقهم والاقتداء بهم وحسن الثناء عليهم والاستغفار لهم والامساك عما شجر بينهم ومعاداة من عاداهم والإضراب عن أخبار المؤرخين وجهلة الرواة وضلال الشيعة والمبتدعين القادحة في أحد منهم، وأن يلتمس لهم فيما نقل عنهم من مثل ذلك فيما كان بينهم أحسن التأويلات... إلى آخر ما قال، وأورد الأحاديث في تنزيه الصحابة والإطراء على معاوية وأضرابه وأطال القاري في شرحه للشفاء 2: 88 - 97 و 554 وفي ط على هامش شرح الخفاجي للشفاء 3: 430 وما بعدها وقال في معاوية: إن كل ما وقع منه يكون مكفرا ببركة صحبته ونتيجة خدمته. وراجع أسد الغابة والاصابة 1 في المقدمة وكذا في الاستيعاب، وراجع شرح الشفاء للخفاجي 3: 420 وما بعدها وراجع النصائح الكافية: 160 - 173. (2) التراتيب الادارية 1: 115 وما بعدها وراجع الحلبية 3: 364 وعمدة القاري 20: 19 وفتح الباري 9: 22 وإرشاد الساري 7: 450 والتنبيه والأشراف: 245 - 246 وفي حقائق حول القرآن للعلامة السيد جعفر مرتضى: 77 مخطوط وراجع الوزراء والكتاب: 12 والحلبية 3: 326 و 327 وتجارب الأمم 1: 161 و 162 والبداية 7: 339 فما بعدها، وراجع بحث كتاب الوحي في كتاب بحوث في تأريخ القرآن وترجمة زيد في صفة الصفوة 1: 704 وأكذوبة تحريف القرآن: 18 وراجع حياة الحيوان للدميري 1: 55.
[116]
ثلاث وعشرين، وترجم لهم في بهجة المحافل فأوصلهم إلى خمسة وعشرين... وعدهم البرهان الحلبي في حواشي الشفاء فأوصلهم إلى ثلاثة وأربعين. قال الهوريني في المطالع النصرية: ولكن لم يكونوا كلهم كتاب وحي وإنما كان أكثرهم مداومة على ذلك بعد الهجرة زيد بن ثابت ثم معاوية بعد الفتح انتهى وأصله للنووي. وقال في المواهب: أما كتابه (صلى الله عليه وسلم) فجمع كثير وجم غفير ذكر بعض المحدثين في تأليف له بديع استوعب جما من أخبارهم، وممن ألف فيهم القضاعي وعمر بن شبة والامام شمس الدين الأنصاري والجمال الأنصاري وابن أبي الجعد. وفي نور النبراس: المداوم على الكتابة معاوية وزيد بن ثابت، وينبغي أن يقيد بما بعد الفتح، لأن معاوية من مسلمة الفتح... (1). هذا ولا بأس بالإشارة إلى بعض من عدوه من الكتاب وعظموه وبجلوه سياسيا فنقول: 1 - ألا ترى عمرو بن العاص، فإنه أسلم سنة ثمان من الهجرة، وأرسله النبي (صلى الله عليه وآله) إلى جيفر ملك عمان في نفس السنة، وتوفي النبي (صلى الله عليه وآله) وهو عليها (2) فأين وأنى كتب حتى يجعل من الكتاب ؟ ! 2 - ألا ترى خالد بن الوليد، فإنه أسلم سنة ثمان من الهجرة أو سنة سبع قبل وفاته (صلى الله عليه وآله) بثلاث سنين وبعثه النبي (صلى الله عليه وآله) في بعوثه وسراياه إلى بني الحارث بن كعب
(1) انتهى ملخصا عن التراتيب وقال محمد حميد الله في مقدمة كتابه القيم الوثائق السياسية: صدر منذ قليل الطبعة الجديدة لتأليف الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الأعظمي من الرياض سماه كتاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه تفاصيل مفيدة لديوان الإنشاء لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبلغ عنده عدد الذين كتبوا للنبي (صلى الله عليه وسلم) واحدا وستين، ولكن مع اختصاصات، فبعضهم كان يشتغل بالمسائل العسكرية مثل تدوين أسماء المتطوعين للغزوات والسرايا وتسجيل المغانم وتقسيمها وآخرون يكتبون إلى الملوك أو يشتغلون بكتابة المعاملات. (2) راجع الكامل لابن الأثير 2: 87 وأسد الغابة وسيرة زيني دحلان هامش الحلبية 3: 75 والطبقات الكبرى 1: 262 والاصابة وابن أبي الحديد 2: 112.
[117]
وإلى همدان وإلى أكيدر وإلى بني جذيمة وإلى عمرو بن معديكرب (1) فأنى كتب حتى يعد من الكتاب ؟ !. 3 - جعلوا أبا بكر وعمر من الكتاب ولم نجد لهما إلى الآن كتابا واحدا إلا ما قيل من أن أبا بكر كتب كتابه لسراقة بن مالك، وسيأتي تحقيقه، بل الظاهر من كلام ابن عبد ربه وجرجي زيدان أن أبا بكر لم يكن ممن يحسن الكتابة، حيث لم يذكروه من الذين كانوا يكتبون في صدر الإسلام، وتقدم أن عمر كان لا يكتب. نعم يظهر من تهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 377 أن عمر كان يكتب وسيأتي فيما بعد (2). 4 - جعلوا عثمان من الكتاب مع أن ابن الأثير في الكامل وأسد الغابة في ترجمة أبي بن كعب وابن شهر آشوب في المناقب عدوه ممن كان يكتب له أحيانا (3). 5 - عدوا المغيرة بن شعبة من الكتاب وهو أسلم سنة الخندق وشهد الحديبية، وكان ممن يكتب له أحيانا كما في المناقب وأسد الغابة (4). 6 - ومما لا ينقضي منه العجب - وإن عشت أراك الدهر عجبا - أنهم عدوا معاوية بن أبي سفيان من الكتاب بل عده بعضهم من الملازمين للكتابة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الحلبي في السيرة: " وقال بعضهم: كان معاوية وزيد بن ثابت ملازمين للكتابة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الوحي وغيره لا عمل لهما غير ذلك " (5).
(1) الاصابة 1: 413 والكامل 2: 87 و 115 وأسد الغابة 2: 93 وفيه رد ابن الأثير على من زعم أن خالدا أسلم قبل الحديبية، ثم ذكر أعماله الشنيعة في بني جذيمة، وراجع السيرة الحلبية 3: 222 و 259 ودحلان هامش الحلبية 3: 31. (2) راجع ما يأتي من التفصيل وما تقدم في ذكر من يحسن الكتابة قبل الإسلام. (3) الكامل 2: 119 والمناقب 1: 140 الحروفي ط النجف. (4) أسد الغابة 4: 406 والاصابة 3: 452. (5) راجع 3: 364 وراجع حياة الحيوان للدميري 1: 55 والتراتيب 1: 125 عن نور النبراس وتاريخ الخميس 2: 181.
[118]
مع أن معاوية أسلم سنة الفتح على المشهور، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، وكفره إلى يوم الفتح لا يحتاج إلى زيادة بيان وإطالة كلام، لأنه واضح لمن له أدنى إلمام بالتأريخ والحديث والتفسير، وإن شئت زيادة تحقيق فراجع النصائح الكافية وأسد الغابة والإصابة وغيرهما وإن أشادت الأقلام المستأجرة الأموية إسلامه في عمرة القضاء وكتمه إسلامه عن أبويه نقلوه عن معاوية نفسه - وثعالة شهيده ذنبه - وقد أتى العلامة الفذ الأميني رضوان الله عليه في الغدير 10 بما لا مزيد عليه في معاوية وأوله وآخره وإيمانه وكفره ونفاقه. لم يكتب معاوية له (صلى الله عليه وآله) إلا أشهرا قلائل وكان يكتب بعض الرسائل، وأهمل يوما وتعلل بالأكل حتى قال النبي (صلى الله عليه وآله) " لا أشبع الله بطنه " (1) اقرأ واضحك على ابن كثير كيف جعل هذا الدعاء من فضائل معاوية لعن الله العصبية العمياء (2). قال المورخ المحقق المسعودي في مروج الذهب في طي ذكر أخلاق معاوية في بيان شأن العامة الذين هم الغوغاء أتباع كل ناعق: " ثم تدبر في تفرقهم في أحوالهم ومذاهبهم، فانظر إلى إجماع ملأهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام يدعو الخلق إلى الله إثنتين وعشرين سنة وهو ينزل عليه الوحي ويمليه على أصحابه فيكتبونه ويدونونه ويتلقطونه لفظة لفظة، وكان معاوية في هذه المدة بحيث علم الله. ثم كتب له (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته بشهور فأشادوا ذكره ورفعوا منزلته بأن جعلوه كاتبا للوحي وعظموه بهذه الكلمة وأضافوه إليها وسلبوها عن غيره وأسقطوا
(1) راجع أسد الغابة 4: 386 والنصائح الكافية: 198 و 202 عن النسائي ومسلم والغدير 11: 88 و 89 عن أحمد ومسلم والحاكم وغيرهم وفي مروج الذهب 3: 79: أن صعصعة بن صوحان العبدي عير معاوية بذلك بقوله: " اتسع بطن من لا يشبع ودعا عليه من لا يجمع " وراجع الطرائف للسيد ابن طاووس: 504 عن صحيح مسلم: 505 وتكلم عليه ونهج الصدق: 308 عن مسلم وتكلم عليه وراجع مسلم كتاب البر والصلة: 2010 والمناقب 1: 162 عن البلاذري وابن أبي الحديد 15: 176 والبداية والنهاية 8: 119 والإصابة 3: 433 والاستيعاب 3: 395. (2) راجع الغدير 11: 89.
[119]
ذكر سواه " (1). وقال العلامة رحمه الله تعالى في كشف الحق ونهج الصدق: " منها أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعلنه دائما ويقول: الطليق ابن الطليق اللعين ابن اللعين وقال: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه، وكان من المؤلفة قلوبهم ولم يزل مشركا مدة كون النبي (صلى الله عليه وآله) مبعوثا يكذب بالوحي ويهزأ بالشرع، وكان يوم الفتح باليمن يطعن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويكتب إلى أبيه صخر بن حرب يعيره بالإسلام (2) ويقول له: أصبوت إلى دين محمد وفضحتنا حيث يقول الناس: " إن ابن هند تخلى عن العزى " وكان الفتح في شهر رمضان لثمان سنين من قدوم النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة ومعاوية يومئذ مقيم على الشرك هارب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأنه قد هدر دمه فهرب إلى مكة، فلما لم يجد له مأوى صار إلى النبي (صلى الله عليه وآله) مضطرا فأظهر الإسلام، وكان إسلامه قبل موت النبي (ص) بخمسة أشهر، وطرح نفسه على العباس حتى شفع إلى رسول الله (ص) فعفا عنه، ثم شفع إليه ليكون من جملة خمسة عشر ليكتب له الرسائل " (3). نقل الصدوق (رحمه الله) في معاني الأخبار: 346 حديثا بسند صحيح عن أبي
(1) راجع مروج الذهب 3: 35 والتنبيه والاشراف: 246. (2) نقل ابن أبي الحديد 6: 289 في ضمن كلام أبي محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما لمعاوية: أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لما هم أن يسلم تنهاه عن ذلك: يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا * بعد الذين ببدر أصبحوا فرقا خالي وعمي وعم الأم ثالثهم * وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا لا تركبن إلى أمر تكلفنا * والراقصات به في مكة الخرقا فالموت أهون من قول العداة لقد * حاد ابن حرب عن العزى إذا فرقا وراجع حياة الحسن للقرشي 2: 265 ومقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي: 117 و 118 وكتاب التعجب للكراجكي (المطبوع مع كنز الفوائد): 343. (3) راجع نفس المصدر: 309 و 310 وفي هامشه عن شرح المعتزلي 2: 102 و 203 و 3: 431 و 4: 192 و 233 و 234 وتهذيب التهذيب 5: 110 وميزان الاعتدال والاستيعاب هامش الاصابة 3: 395 وأسد الغابة 4: 385 وراجع المعجم الكبير للطبراني 12: 199 وكتاب التعجب للكراجكي المطبوع مع كنز الفوائد بالحجر: 343.
[120]
جعفر (عليه السلام) يقول: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعاوية يكتب بين يديه وأهوى بيده إلى خاصرته (1) بالسيف: من أدرك هذا يوما أميرا فليبقر خاصرته بالسيف، فرآه رجل ممن سمع ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما وهو يخطب بالشام، فاخترط سيفه، ثم مشى إليه، فحال الناس بينه وبينه، فقالوا: يا عبد الله ما لك ؟ فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أدرك هذا يوما أميرا فليبقر خاصرته بالسيف، قال: فقالوا: أتدري من استعمله ؟ قال: لا، قالوا: أمير المؤمنين عمر، فقال الرجل: سمعا وطاعة لأمير المؤمنين ". ثم تكلم الصدوق رحمه الله تعالى في استكتاب النبي (صلى الله عليه وآله) (2) إياه وجعله نظير عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقال في آخر كلامه: " ووجه الحكمة في استكتاب النبي (صلى الله عليه وآله) الوحي معاوية وعبد الله بن سعد وهما عدوان هو أن المشركين قالوا: إن محمدا يقول: هذا القرآن من تلقاء نفسه، ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها أنزلت عليه، وسبيل من يضع الكلام في حوادث تحدث في الأوقات أن يغير الألفاظ إذا استعيد ذلك الكلام ولا يأتي به في ثاني الأمر، وبعد مرور الأوقات عليه إلا مغيرا عن حاله لفظا ومعنى أو لفظا دون معنى، فاستعان في كتابة ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة بعدوين له في دينه عدلين عند أعدائه، ليعلم الكفار والمشركون أن كلامه في ثاني الأمر كلامه في الأول غير مغير ولا مزال عن جهته، فيكون أبلغ للحجة عليهم... " (وراجع البحار 92: 36). ولنا كلام في هذا التوجيه سيأتي في ترجمة معاوية.
(1) في المصدر " خاسرته " والصحيح ما أثبتناه (2) قال ابن أبي الحديد 1: 338: ولم يزل معاوية ذا همة عالية يطلب معالي الأمور ويرشح نفسه للرئاسة وكان أحد كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) واختلف في كتابته له كيف كانت ؟ فالذي عليه المحققون من أهل السيرة أن الوحي كان يكتبه علي (عليه السلام) وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم وأن حنظلة بن الربيع التيمي ومعاوية بن أبي سفيان كانا يكتبان له إلى الملوك وإلى رؤساء القبائل ويكتبان حوائجه ويكتبان ما يجبى من أموال الصدقات وما يقسم في أربابها.
[121]
هذا ما عمله معاوية في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الكتابة (يكتب له بعض الرسائل في أشهر قلائل) فلما نال الملك عظمته الأقلام الأموية المستأجرة حتى جعلوه من كتاب الوحي وغيره ومن الملازمين للكتابة، وأسقطوا ذكر سواه حتى أسقط بعض عليا (عليه السلام) من الكتاب، وجعل ابن الأثير إياه (عليه السلام) من كتاب العهود والمصالحات، وسلب عنه كتابة الوحي، مع أنه يعلم أن عليا (عليه السلام) كان يكتب الوحي في مكة ثلاث عشرة سنة، ولم يكن وقتئذ معاوية ولا أبي بن كعب ولا محمد بن مسلمة ولا زيد بن ثابت الذي كان صغيرا عند قدوم الرسول (صلى الله عليه وآله) المدينة ولا عمرو بن العاص ولا المغيرة ولا عبد الله بن الأرقم ولا ثابت بن قيس ولا نظراؤهم. وكان علي (عليه السلام) يتبع الرسول (صلى الله عليه وآله) اتباع الفصيل أمه (1)، يكتب الوحي وعلوم الرسالة وذخائر النبوة بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله) كما سيأتي، وكان عترته الأئمة الأطهار (عليهم السلام) يتمسكون بكتبه ويفتخرون بأنها مودعة عندهم، ولا يخفى ذلك على من له أدنى إلمام بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وسيأتي الكلام فيها مفصلا إن شاء الله تعالى. قال ابن عبدربه (2) في صناعة الكتابة: " فمن أهل هذه الصناعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان مع شرفه ونبله وقرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يكتب الوحي، ثم أفضت إليه الخلافة بعد الكتابة وعثمان بن عفان يكتبان الوحي، فإن غابا كتب أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فإن لم يشهد واحد منهما كتب غيرهما ". ترى ابن عبد ربه يصرح بأن الكاتب للوحي رجلان: علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعثمان بن عفان (حتى في المدينة) فإن غابا فأبي بن كعب، فعلى القراء الكرام قياس الباقي بما ذكرناه.
(1) هذه الجملة من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) راجع نهج البلاغة الخطبة 190 وفي ط عبده 2: 182. (2) العقد الفريد 4: 161. (*)
[122]
وحقيقة الأمر كما أشرنا هو أن حرمة الصحابة وتوقيرهم وتعظيمهم أثار في النفوس الضعاف التلاعب بالحقائق، وكذا الحب والبغض والميل إلى السلطات الموجودة والحكومات المتغلبة، وفي ظل ذلك الخوف من إظهار الحقائق، وأين الرجل الصدق يقول الحق المر ولو كان فيه مهانته وطرده و.... ومن أجل هذه الأجواء والأهواء كثر الكذابة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعيد حياته وصح ما أخبر (صلى الله عليه وآله) به بقوله (صلى الله عليه وآله): " ستكثر علي القالة " أو " ستكثر علي الكذابة " (1) فشاع الكذب، وادعى كل لنفسه أو قبيلته أو بلده أو زعماء الأمر وأصحاب السلطة والقدرة المدح والثناء، فانتحلوا لهم الجباية والكتابة وغيرها، وقد يدعي الأذناب لرؤسائهم ما لم يدعوه لأنفسهم، بل ولا خطر على قلوبهم كادعائهم الشجاعة والكتابة للشيخين، فإنهما لم يدعيا ذلك طيلة حياتهما، وإنما انتحله المحب الجاهل الغالي اطراء له وتنحيتا للفضيلة وترفيعا وإكبارا لمقامهما. والذي يثير الشك حول كون الخلفاء الثلاث وثلة من مساعدي حكومتهم مثل المغيرة بن شعبة وزيد بن ثابت وخالد بن الوليد ونظرائهم كتابا له (صلى الله عليه وآله) أنه بعد شهادة علي (عليه السلام) وغلبة معاوية جعل الخلفاء الثلاثة والتدين بأفضليتهم محور الايمان والدين إخفاء لما كثر من علي (عليه السلام) ادعاء الخلافة لنفسه ولولده من بعده وإقامة الحجة عليه، وكان يساعده على ذلك الأنصار جميعا وجماعة من المهاجرين، وكثر معتنقو هذه العقيدة في أخريات حياته (عليه السلام) لما أقام وأقاموا من الحجج الواضحة والبراهين الساطعة من الكتاب والسنة، فمن زمن معاوية ومن بعده صار الاعتقاد بتفضيل الخلفاء على علي (عليه السلام) قطب عقائد أهل السنة (2)
(1) راجع كنز العمال 5: 239 و 240 و 223 و 224 والمستدرك للحاكم 1: 103 وصحيح مسلم 1 في المقدمة وعبد الرزاق 11: 161 وشرف أصحاب الحديث: 13 " ولا تكذبوا علي " بأسانيد متعددة. (2) قال ابن حجر وغيره: من لم يفضل عثمان على علي فهو شيعة، ومن فضل عليا على الشيخين فهو غال في التشيع، ومن ترك الشيخين فهو رافضي، بل المحدثون منهم لم يكونوا يعدون عليا من الخلفاء الراشدين إلى زمن الطبري المتوفى سنة 310 ومن روى حديثا في المثالب يترك. (*
[123]
فاختلقوا لهم فضائل ومناقب لا تحصى، اثباتا لهذه النزعة الجديدة من جانب، ونحتوا قصصا تأريخية لا تتضمن مثالبهم في تأريخ الإسلام من جانب آخر، فبعد مضي جيل من الناس انقلب تأريخ الإسلام فصار الجبان شجاعا والمنافق مؤمنا مخلصا ناصحا والبخيل سخيا وهكذا، وإذا أردت الوقوف على هذه الحقيقة المؤلمة فراجع الغدير سيما مباحث سلسلة الكذابين وقائمة الموضوعات، والنصائح الكافية: 91 وابن أبي الحديد 11: 41 - 46 وأضواء على السنة المحمدية: 118 وما بعدها والمعيار والموازنة: 206 و 222 والسنة قبل التدوين 185 وما بعدها وحياة الامام الحسن للقرشي 2: 143 وما بعدها. كتاب الوحي: 1 - أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فإنه كان يكتب الوحي من بدء (1) نزوله، وهو الذي كتب القرآن كله بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطه بيده الشريفة. وذكر ابن النديم في ذكر الجماع للقرآن على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب سلام الله عليه (2).
(1) راجع التراتيب 1: 114 والمناقب 2: 226 والبداية والنهاية 5: 339 و 7: 145 والكامل لابن الأثير 2: 312 والعقد الفريد 4: 161 واليعقوبي 2: 69 وابن أبي الحديد 1: 338 وفتح الباري 9: 22 وتاريخ الخميس 2: 181 والوزراء والكتاب للجهشياري: 12 والطبري 3: 173 وحياة الحيوان للدميري 1: 55 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل في أخبار العرب 8: 120 و 131 والمعجم الكبير للطبراني 5: 114 وصبح الأعشى 1: 92. (2) المصدر: 41 وفي حقائق حول القرآن للعلامة جعفر مرتضى العاملي (المخطوط): 153 عنه وعن الزنجاني والرافعي وابن كثير والسيد الأمين وشرح النهج للمعتزلي 1: 27 وتفسير القمي 2: 451 =
[124]
وقال ابن أبي الحديد: " فالذي عليه المحققون من أهل السيرة أن الوحي كان يكتبه علي (عليه السلام) وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم " (1). وعن علي (عليه السلام): " لو ثنيت لي الوسادة لأخرجت لهم مصحفا كتبته وأملاه علي رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (2). وعنه عليه الصلاة والسلام " ما كتبنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا القرآن وما في هذه الصحيفة " (3) يصرح بأنه كتب عن النبي صلى الله عليه القرآن أي: باملائه (صلى الله عليه وآله). وقال صلوات الله عليه: "... فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها " (4). وقال صلوات الله عليه: " يا طلحة إن كل آية أنزلها الله على محمد (صلى الله عليه وآله) عندي بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطي بيدي وتأويل كل آية " (5). وعن أبي ابراهيم (عليه السلام) يقول (في حديث طويل): " ثم نزل الوحي على
= والبحار 89: 48 عنه والوافي 5: 274 عنه أيضا وتفسير الصراط المستقيم 1: 366 (الهامش) والمناقب لابن شهر آشوب 2: 40 والاستيعاب 3: 224 هامش الاصابة وأسد الغابة 4: 216 وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4: 8 / الذيل 8 والتمهيد 1: 225. (1) المصدر 1: 338. (2) حقائق حول القرآن: 153 عن المناقب 2: 41 والبحار 89: 52 عنه. (3) البخاري 4: 124 ومسند علي للسيوطي: / 511 وكنز العمال 17: 105 و 106 عن الطبراني والبخاري ومسلم وعبد الرزاق وأحمد وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وأبي عوانة وابن خزيمة والطحاوي وابن حبان والبيهقي، وراجع فتح الباري 6: 200 وتذكرة الحفاظ 1: 12 وتاريخ واسط: 102 وعمدة القاري 15: 101 ونصب الراية: 393 و 394. (4) الكافي 1: 62 ونهج البلاغة / خ 20 ط فيض الاسلام والاحتجاج للطبرسي: 141 والوسائل 18: 152 و 153 عن الكافي والبحار 36: 257. (5) البحار 26: 65 و 92: 41 عن كتاب سليم بن قيس.
[125]
محمد (صلى الله عليه وآله) فجعل يملي على علي (عليه السلام) ويكتب علي (عليه السلام)... " (1). وعن علي (عليه السلام) يقول: " ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها " (2). وعنه (عليه السلام): " وما نزلت على رسول الله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها... " (3). وعنه (عليه السلام): " فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار ولا سماء ولا أرض ولا دنيا ولا آخرة ولا جنة ولا نار ولا سهل ولا جبل ولا ضياء ولا ظلمة إلا أقرأنيها وأملاها علي وكتبتها بيدي وعلمني... " (4). عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: "... فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عزوجل على حده، وأخرج المصحف الذي كتبه علي (عليه السلام)... " (5). وعن أبي جعفر (عليه السلام) " ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة بعده " (6). قال الرافعي: " اتفقوا على أن من كتب القرآن فأكمله وكان قرآنه أصلا للقرآنات المتأخرة علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن
(1) البحار 26: 26 و 27 عن الاختصاص وبصائر الدرجات. (2) الاكمال: 284 والكافي 1: 64 والبحار 36: 256 و 257 وحقائق حول القرآن عن كتاب سليم: 99 وبصائر الدرجات: 198 وإكمال الدين 1: 284 والبحار 89: 41 و 99 والاحتجاج 1: 223 والبرهان 1: 16. (3) البحار 36: 256 - 257 عن الاكمال: 284. (4) بصائر الدرجات: 218 ط تبريز والبحار 40: 139 عنه. (5) الكافي 2: 633 وبصائر الدرجات: 213. (6) الكافي 1: 178 وبصائر الدرجات: 194 وتفسير البرهان 1: 2 و 15 والبيان لآية الله الخوئي: 7 و 242 والوافي 2: 130 / كتاب الحجة / باب 76 وراجع كنز العمال 2: 373 وفواتح الرحموت بهامش المستصفى 2: 12 (كلها كما في حقائق حول القرآن: 154) والتمهيد 1: 226.
[126]
مسعود " (1). هذا كله عدا ما ورد عنه صلوات الله عليه أنه آلى أن لا يرتدي إلا للصلاة حتى يجمع القرآن، وسيأتي الكلام حول ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى (2). ونقل ابن شهر آشوب ملاحظة فقال: " كان علي يكتب أكثر الوحي ويكتب أيضا غير الوحي " وتقييده بالأكثر لعله بالنظر إلى بعض الأوقات التي لم يكن علي (عليه السلام) بالمدينة، وكان في بعوثه (صلى الله عليه وآله) إلى الحروب أو إلى اليمن أو إلى بني جذيمة، وهذا ذهول عن أنه (صلى الله عليه وآله) يملي عليه ما غاب عنه في ساعاته الخاصة به كما سيأتي. وكذا غير المناقب كالطبري وابن الأثير، وفي العقد الفريد 4: 161: " ومن أهل الصناعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان مع شرفه ونبله وقرابته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكتب الوحي، ثم أفضت إليه الخلافة بعد الكتابة وعثمان بن عفان كانا يكتبان الوحي، فإن غابا كتب أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فإن لم يشهد واحد منهما كتب غيرهما ". وقال الطبري 6: 179: " علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعثمان بن عفان كانا يكتبان
(1) حقائق في تاريخ القرآن وعلومه: 115 و 124 عن إعجاز القرآن للرافعي: 35 و 136 وكذا في مباحث في علوم القرآن للقطان: 124 لكنه زاد معاذ بن جبل. (2) راجع الإتقان 1: 57 و 58 وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيد حسن الصدر: 316 عن ابن النديم والسيوطي في الاتقان و: 317 عن الخطيب وابن شهر آشوب ومسند علي للسيوطي: 121 و 122 عن محمد بن سيرين وراجع ينابيع المودة: 287 عن أبي داود وشواهد التنزيل للحسكاني 1: 28 والمناقب 2: 226 وكنز العمال 2: 313 وتيسير المطالب: 99 و 100 والكافي 2: 253 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 235 والبحار 28: 264 و 92: 40 و 42 والتمهيد 1: 228 والايضاح لفضل بن شاذان: 222 وتأريخ الخلفاء: 185 وابن أبي شيبة 10: 545 والطبقات لابن سعد 2: 238 والمصاحف للسجستاني: 10 ومسند علي: 294 و 366 وتذكرة الحفاظ للذهبي 2: 661 وحلية الأولياء 1: 67 وكنز العمال 15: 112 وعبد الرزاق 5: 450.
[127]
الوحي، فإن غابا كتبه أبي بن كعب وزيد بن ثابت " (1). قال المفيد في الفصول المختارة: 222: " وروى سلمة بن كهيل عن أبيه عن حبة بن جوين قال: أسلم علي وكان له ذؤابة يختلف إلى الكتاب " وزاد في المفصل 8: 292 ناقلا عنه: " وله ذؤابة وهو ابن أربع عشرة سنة " وكذا: 122. 2 - أبي بن كعب الأنصاري الخزرجي، فإنه من كتاب الوحي كما نص عليه الكثيرون (2). قال أبو عمر: " وكان أبي بن كعب ممن كتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوحي قبل زيد ومعه " وذكر الواقدي: " أول من كتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد مقدمه المدينة أبي بن كعب وهو أول من كتب في آخر الكتاب وكتب فلان، وكان أبي إذا لم يحضر دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زيد بن ثابت " (راجع الطبقات والطبري والمعارف لابن قتيبة والمفصل وأسد الغابة). ولا خلاف في أنه كتب أبي بن كعب بعد مقدمه المدينة، وكان أبي من الذين كانوا يكتبون في الجاهلية كما تقدم، وأنه أول كاتب له (صلى الله عليه وآله) بالمدينة كما صرح به الواقدي والبداية والنهاية والحلبية والكامل والعقد الفريد وابن قتيبة والمصباح المضئ.
(1) وراجع المفصل 8: 131 عن التنبيه والاشراف والعقد الفريد 4: 141 والوزراء: 12 والتراتيب 1: 114 عن أنباء الأنبياء و: 115 عن العقد والوزراء و: 120 والبداية والنهاية 5: 340 وأسد الغابة 1: 50. (2) راجع الحلبية 3: 363 والإستيعاب هامش الاصابة 1: 50 و 552 والإصابة 1: 19 والمناقب 1: 162 واليعقوبي 2: 69 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 326 والبداية والنهاية 5: 340 وحياة الحيوان 1: 55 والكامل لابن الأثير 2: 313 والطبري 3: 173 والعقد الفريد 4: 161 وإرشاد الساري 7: 450 والتراتيب 1: 114 و 115 وعمدة القاري 20: 19 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 والوزراء والكتاب: 12 والمعارف لابن قتيبة: 113 وراجع بهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 120 عن الطبري و: 121 عن الاستيعاب والجهشياري و: 131 و 132 عن المعارف والمستدرك 3: 302 والمصباح المضئ 1: 84.
[128]
ولكن في الوزراء والكتاب وغيره: " علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانا يكتبان الوحي، فإن غابا كتب أبي بن كعب وزيد بن ثابت " كما تقدم. وعد فيمن جمع القرآن في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) (1). ولكنه لم يبلغ عندهم مرتبة زيد بن ثابت، لأنه كان من المتخلفين عن بيعة أبي بكر، وكان من المتحصنين في بيت فاطمة (عليها السلام). 3 - زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي. قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة وهو ابن إحدى عشر سنة (2) فلذلك لم يشهد بدر الصغرى ولا أحدا، وأول مشاهده الخندق (3). والسنة الرابعة أمره النبي (صلى الله عليه وآله) أن يتعلم كتاب اليهود (4). كان زيد ممن تعلم الكتابة سنة بدر (السنة الثانية في شهر رمضان المبارك) من أسارى بدر كما صرح به ابن سعد في الطبقات 2 / ق 1: 14 قال: " وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون، فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلمهم، فإذا حذقوا فهو فداؤه... فكان زيد بن ثابت ممن
(1) تقدم ذكر مصادره عند ذكر جمع علي (عليه السلام) القرآن في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2) البداية والنهاية 5: 236 والبدء والتاريخ 5: 95 عن زيد ومجمع الزوائد 9: 345 والاستيعاب هامش الإصابة 1: 551 والمعارف لابن قتيبة: 113 وأسد الغابة 1: 323 وتهذيب التهذيب 3: 399 والصحيح من السيرة 5 عن تذكرة الحفاظ للذهبي 1: 30 والمفصل 8: 134 والمستدرك للحاكم 3: 421. (3) البداية والنهاية 5: 236 والكامل لابن الأثير 2: 137 و 151 والطبري 2: 477 و 505 ومجمع الزوائد 9: 345 والإصابة 1: 561 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 551 والمغازي للواقدي 1: 216 و 3: 452 وأسد الغابة 2: 323 وتهذيب التهذيب 3: 399 وابن أبي الحديد 14: 86 و 227 وتنقيح المقال 1: 462 والمستدرك للحاكم 3: 421. (4) الكامل 2: 176 والطبري 2: 561 وسيأتي الكلام حوله وراجع الصحيح من السيرة 5 المخطوط والمستدرك للحاكم 3: 421 و 422 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 446 وثقات ابن حبان 1: 264 والمعرفة والتاريخ 1: 484 وكنز العمال 15: 8 و 9 والمنتظم 3: 206.
[129]
علم " (1). قال ابن مسعود: " لقد أخذت من في رسول الله (صلى الله عليه وآله) بضعا وسبعين سورة وزيد بن ثابت غلام له ذؤابتان يلعب مع الغلمان " (2). فهو تعلم الكتابة في السنة الثانية بعد بدر، ولعل حذاقته في الكتابة كانت في السنة الثالثة، إذ حرب بدر وقعت في السابع عشر من شهر رمضان حتى ينتهي وينقضي القتال يؤخذ الأسارى ويساقون إلى المدينة، وحتى يقرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يعلم من لم يكن له فداء عشرا من غلمان الأنصار، فيشرعوا في ذلك وتحصل الحذاقة لزيد. وعلى كل حال عده بعض من الكتاب الملازمين للكتابة بل قال أبو عمر: " كان زيد ألزم الصحابة لكتاب الوحي، وكان يكتب كثيرا من الرسائل " وتبعه الدميري ونقله الحلبي والتراتيب عن نور النبراس وكذا في تأريخ الخميس (3).
(1) وفي المفصل 8: 160 عن صبح الأعشى 3: 11 و 292 عن مجلة المشرق السنة العاشرة العدد (478) و: 134. (2) الطبقات 2 / ق 2: 105 والاستيعاب هامش الاصابة 2: 323 والغدير 9: 10 عن البخاري: " أخذت من في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لصبي من الصبيان " وفي لفظ: " أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت وله ذؤابة يلعب مع الغلمان " نقله عن الحلية والاستيعاب وتهذيب التهذيب وكنز العمال وراجع البحار 8: 310 و 479 / الطبعة الحجرية وابن أبي الحديد 3: 45 و 20: 26 وتاريخ المدينة لابن شبة 3: 1007. (3) راجع الاستيعاب 1: 50 و 552 والاصابة 1: 561 و 2: 273 والمناقب 1: 162 واليعقوبي 2: 62 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 447 والبداية والنهاية 5: 346 وحياة الحيوان 1: 55 وحياة الصحابة 2: 522 والحلبية 3: 364 والكامل لابن الأثير 2: 312 والطبري 3: 173 والعقد الفريد 4: 161 و 168 و 273 والتراتيب 1: 115 و 120 و 121 و 125 ودلائل النبوة للبيهقي 1: 241 والمعرفة والتاريخ 1: 377 و 385 والبخاري 6: 89 باب فضائل القرآن و 9: 93 والترمذي 5: 283 ومسند أحمد 1: 10 و 13 و 5: 184 و 188 وإرشاد الساري 7: 450 وعمدة القاري 20: 19 وفتح الباري 9: 19 وكنز العمال 16: 8 و 9 والبدء والتاريخ 5: 95 وتأريخ الخميس 2: 181 والوزراء والكتاب: 12 ومسند عبد بن حميد: = (*)
[130]
ولكن في الوزراء والكتاب: علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانا يكتبان الوحي، فإن غابا كتبه أبي وزيد بن ثابت كما في العقد الفريد 4: 161 وأسد الغابة 1: 50 والتراتيب 1: 115 و 120 والطبري 6: 179. واكتفى بعضهم بقوله: إنه كان يكتب الوحي أو كان من الذين يكتبون الوحي، وفي الطبري والطبقات: وكان إذا غاب أبي كتب زيد بن ثابت (1). وقال المسعودي في التنبيه والاشراف: " وزيد بن ثابت الأنصاري ثم الخزرجي من بني غنم بن مالك بن النجار، يكتب إلى الملوك، ويجيب بحضرة النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان يترجم للنبي (صلى الله عليه وسلم) بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية تعلم ذلك بالمدينة من أهل هذه الألسن ". وما أبعد ما بين هذه النصوص: أنه كان يكتب إلى الملوك ويجيب بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله). أنه كان يكتب الوحي. أنه إذا غاب أبي بن كعب كتب زيد. أنه من الملازمين للكتابة بل ألزم الصحابة لكتاب الوحي. وفي بعضها عن زيد: إذا نزل عليه الوحي بعث إلي فكتبته، وفي لفظ: كنت جاره فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إلي فآتيه. الخطة السياسية: لعل الذي يحل المشكلة هو الاتجاه السياسي الذي سلكه زيد، وهو الذي
= 108 وتهذيب التهذيب 3: 399 وابن أبي الحديد 1: 338 والمستدرك للحاكم 2: 81 و 3: 421 والمعجم الكبير للطبراني 5: 114 و 111 و 182. (1) كما في الاستيعاب 1: 50 والطبري 3: 173 والمفصل 8: 120 عن المعارف لابن قتيبة: 112 والطبري. (*)
[131]
أوجب لزيد هذا المقام السامي، واختلفت عبائر القوم فيه بميزان حبهم له: كان زيد من مبغضي علي (عليه السلام) (1). وهو من أنصار الحكومة المتغلبة، بل هو من المهاجمين على بيت فاطمة فيمن هجم وهم على ما سجله التاريخ: عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وثابت بن قيس وزياد بن لبيد ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وسلمة بن سالم بن وقش وسلمة ابن أسلم وأسيد بن حضير (2). كان زيد مورد وثوق تام لأبي بكر وعمر حيث قال له أبو بكر: أنت شاب عاقل لانتهمك (3). كان زيد كاتب أبي بكر وعمر (4). كان زيد من الأربعة الذين نصروا عثمان، ولم ينصر عثمان أحد من الصحابة غيرهم (5).
(1) الغارات للثقفي: 569 وابن أبي الحديد 9: 174 و 4: 74 و 103 والبحار 8: 674 و 675 الطبعة الحجرية. (2) معالم المدرستين للعلامة المحقق مرتضى العسكري 3: 124 وابن سبأ: 107 والصحيح 5: 30 عن أنساب الأشراف، كما أن أبي بن كعب كان ممن تخلف عن بيعة أبي بكر وتحصن في بيت فاطمة (عليها السلام). (3) راجع العقد الفريد 4: 163 ومسند أحمد 1: 10 و 13 و 5: 188 والبخاري 6: 89 وتفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري 1: 23. (4) راجع التنبيه والاشراف: 249 و 251 والطبري 6: 179 والتراتيب 1: 120 والمصباح المضئ 1: 112. (5) راجع الغدير 9: 124 و 159 و 161 و 163 و 272 والغارات: 569 و 582 والعقد الفريد: 4: 294 و 297 و 298 والطبري 4: 335 و 359 والكامل لابن الأثير 3: 151 و 161 و 162 وابن أبي الحديد 4: 102 و 9: 264 و 2: 142 و 327 والصحيح 5: 60 عن الكامل وأنساب الأشراف والغدير 9: 159 و 160 عن الطبري وابن خلدون 2: 391 وتاريخ أبي الفداء 1: 168. =
[132]
كان عثمان يحب زيد بن ثابت (1). كان زيد على قضاء عثمان وعلى بيت المال والديوان له (2). فكان عثمان يستخلفه على المدينة (3). أعطاه عثمان مائة ألف درهم (4). وكان بنو عمرو بن عوف قد أجلبوا على عثمان، وكان زيد يذب عنه فقال له قائل منهم: وما يمنعك ؟ ما أقل والله من الخزرج من له عضدان العجوة مالك، فقال زيد: اشتريت بمالي وقطع لي إمامي عمر وقطع لي إمامي عثمان، فقال له ذلك الرجل: أعطاك عمر عشرين ألف دينار ؟ قال: لا، ولكن كان عمر يستخلفني على المدينة، فوالله ما رجع من مغيب قط إلا قطع لي حديقة نخل (5). واستخلاف عمر له في أسفاره معروف مشهور (6).
= وراجع الاستيعاب بهامش الاصابة 1: 554 وأسد الغابة 2: 222 وقاموس الرجال 4: 239 وتنقيح المقال 1: 462 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 451. (1) راجع الصحيح 5: 30 عن الاستيعاب بهامش الاصابة 1: 554. (2) راجع الصحيح 5: 31 عن الكامل لابن الأثير 3: 187 و 191 وأسد الغابة 2: 222 وأنساب الأشراف 5: 58 و 88 والاستيعاب بهامش الاصابة 1: 553 و 554 والتراتيب الادارية 1: 120 وتهذيب الأسماء 1: 201 والطبري 4: 430 والتنبيه والاشراف: 254 وقاموس الرجال 4: 239 والغدير 8: 242 عن اليعقوبي 2: 145. (3) راجع المصادر المتقدمة باستثناء الأول منها والبداية والنهاية 7: 347 وشذرات الذهب 1: 54 وأسد الغابة 2: 222 (على ما في الصحيح 5: 32) وراجع المصباح المضئ 2: 112. (4) راجع الصحيح 5: 32 عن أنساب الأشراف 5: 38 و 52 والغدير 8: 286 و 292 وراجع ابن أبي الحديد 3: 54. (5) راجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 450 و 451 وراجع الصحيح 5: 31 عن تهذيب تاريخ ابن عساكر والاصابة 1: 562 وسير أعلام النبلاء 2: 434 وأخبار القضاة 1: 108. (6) الصحيح من السيرة 5: 32 قال: راجع في ذلك عدا عما تقدم وسيأتي تذكرة الحفاظ 1: 31 والإصابة 1: 562 والاستيعاب بهامشها 1: 552 و 553 والبداية والنهاية 7: 347 وشذرات الذهب 1: 54 وسير =
[133]
وقد بلغ ثراء زيد أن خلف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار (1). وكان محل العناية التامة من قبل عمر، فعدا عن استخلافه له في كل سفر يسافره وإقطاعه الحدائق فإنه كان كاتب عمر (2) وكان على قضائه، وفرض له رزقا (3). قال ابن سعد: " كان عمر يستخلف زيد بن ثابت في كل سفر أو قال: سفر يسافره، وكان يفرق الناس في البلدان، ويوجهه في الأمور المهمة، ويطلب إليه الرجال المسمون فيقال له: زيد بن ثابت، فيقول: لم يسقط علي مكان زيد ولكن أهل البلد - يعني المدينة - يحتاجون إلى زيد فيما يجدون عنده فيما يحدث لهم ما لا يجدون عند غيره " (4). وما كان عمر وعثمان يقدمان على زيد أحدا في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة (5). وكان عبد الملك بن مروان من الذين يقولون بقول زيد وأبوه مروان، فكان قد بلغ من اهتمامه بزيد أن دعاه وأجلس له قوما خلف ستر فأخذ يسأله وهم
= أعلام النبلاء 2: 427 وتهذيب تاريخ دمشق 5: 450 وتهذيب الأسماء 1: 201 وأسد الغابة 2: 222 وراجع الطبري 4: 39 و 145 والكامل لابن الأثير 3: 21 والمصباح المضئ 1: 112. (1) الغدير 8: 284 و 336 عن مروج الذهب 1: 434 والصحيح من السيرة 5: 32 عنه. (2) راجع الصحيح من سيرة النبي الاعظم 5: 32 عن تهذيب تاريخ دمشق وراجعه 5: 448. (3) الصحيح من سيرة النبي الاعظم 5: 32 عن تذكرة الحفاظ 1: 32 وسير أعلام النبلاء 2: 435 وراجع الطبقات 2 / ق 2: 115 و 116 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 451. (4) راجع الصحيح 5: 32 عن كنز العمال 16: 7 وحياة الصحابة 3: 218 وسير أعلام النبلاء 2: 434 وراجع ابن سعد 2 / ق 2: 116 وتهذيب تاريخ دمشق 5: 450. (5) راجع الصحيح 5: 32 وقال: راجع تذكرة الحفاظ 1: 32 وكنز العمال 16: 6 وسير أعلام النبلاء 2: 434 وراجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 450 والطبقات 2 / ق 2: 115.
[134]
يكتبون، ففطن لهم زيد فقال: يا مروان أغدر ؟ إني أقول برأيي (1). لم يشهد مع علي حروبه (2). كان يحرض الناس على سب أمير المؤمنين (عليه السلام) (3). قال البلاذري في الأنساب 5: 78: " قال أبو مخنف في روايته: إن زيد بن ثابت الأنصاري قال: يا معشر الأنصار إنكم نصرتم الله ونبيه فانصروا خليفته، فأجابه قوم منهم سهل بن حنيف: يا زيد أشبعك عثمان من عضدان المدينة... " (4). كان زيد ممن تخلف عن بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وتربص فلم يبايع (5). كان زيد ممن شهد جنازة عثمان وتشييعه ودفنه (6). قطع علي (عليه السلام) العطاء عمن لم يشهد معه وأقامهم مقام أعراب المسلمين (7). ويظهر من المعارف لابن قتيبة: أنه كان على بيت الأموال لمعاوية (8) قال: " والذي تدل عليه القرائن أن بني أمية وشيعتهم حاولوا رفع قدر زيد بما أمكنهم من الوسائل فإننا قد تعودنا من المخالفين لأهل البيت (عليهم السلام) ابتداء من الأمويين ثم العباسيين محاولاتهم الدائبة للحط من علي (عليه السلام) وأهل بيته صلوات الله
(1) الصحيح 5: 33 عن تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 452 وسير أعلام النبلاء 2: 438 وفي هامشه عن الطبراني وطبقات ابن سعد 2 / ق 2: 116 وسيأتي في كتابة الحديث ما ينفع في المقام. (2) تنقيح المقال 1: 462 والصحيح 5: 30 عن أسد الغابة 2: 222 والإستيعاب بهامش الاصابة 1: 554 وقاموس الرجال 4: 239 والكامل لابن الأثير 3: 191. (3) سفينة البحار 1: 575 والصحيح 5: 30 عنه. (4) الصحيح 5: 31 عن أنساب الأشراف 5: 78 و 90 وراجع الكامل لابن الأثير 3: 191 والطبري 4: 430. (5) الطبري 4: 430 و 431 والكامل 3: 191 والصحيح من السيرة 5: 30. (6) الطبري 4: 414 والكامل 3: 180. (7) دعائم الإسلام 2: 299 وراجع نهج السعادة 4: 127. (8) الصحيح من السيرة 5: 33 عن المعارف: 355، وفي ط عندي: 201.
[135]
وسلامه عليهم، والتستر على فضائله ومزاياه وإظهار العيب له... وقد قال المغيرة ابن شعبة لصعصعة: وإياك أن يبلغني عنك أنك تظهر شيئا من فضل علي، فإنا أعلم بذلك منك، ولكن هذا السلطان قد ظهر وقد أخذنا بإظهار عيبه للناس " (1) والنصوص الدالة على هذه السياسة كثيرة جدا بل هي فوق حد الإحصاء. ومن جهة أخرى... فإنهم يعملون على إظهار التعظيم الشديد لكل من كان على رأيهم ويذهب مذهبهم، ويصنعون لهم الفضائل ويختلقون لهم الكرامات وذلك أمر مشهود وواضح... وقد أشرنا إليه غير مرة (2). وفي المفصل: " وعهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى زيد إحصاء الناس والغنائم وتقسيمها عليهم حسب حصصهم " (3) فلهذا يمكن أن تكون كتابة زيد في ديوان الأموال فحسب. لما اختلف الناس في القرآن زمان عثمان واتفق رأيه ورأي الصحابة رضي الله عنهم على أن يرد القرآن إلى حرف واحد وقع اختياره على حرف زيد، فأمره أن يمليه على قوم من قريش جمعهم إليه فكتبوه (4). 4 - عبد الله بن سعد بن أبي سرح... القرشي العامري. كان أخا عثمان من الرضاعة. كان من الذين كانوا يكتبون في مكة في الجاهلية كما تقدم. قال أبو عمر: " قال الواقدي: وأول من كتب له من قريش عبد الله بن
(1) راجع الكامل لابن الأثير 3: 430 وتاريخ الطبري 4: 144 ط الاستقامة والصحيح 5: 29 عن ابن الأثير والطبري. (2) الصحيح من السيرة 5: 29 وراجع الغدير 6. (3) المفصل 8: 135 عن إمتاع الأسماع 1: 426. (4) المصباح المضئ 1: 114.
[136]
سعد بن أبي سرح، ثم ارتد ورجع إلى مكة " (1). وقال اليعقوبي: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... عبد الله بن سعد بن أبي سرح ". ارتد عبد الله بن سعد، ثم خرج هاربا إلى مكة ولحق بالمشركين، فأهدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) دمه، فالتجأ إلى أخيه من الرضاعة عثمان بن عفان، فاستأمن له عثمان، فأمنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين إسلامه (2). ولكن لم تعين لنا المصادر أنه كم كتب في هذه المدة من الوحي، مع أنهم يصرحون كما تقدم: بأن علي بن أبي طالب وعثمان كانا يكتبان الوحي، فإن غابا كتب أبي بن كعب وزيد بن ثابت. 5 - عثمان بن عفان. قال اليعقوبي: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... عثمان ابن عفان " (3).
(1) الاستيعاب 1: 51 والمناقب لابن شهر آشوب 1: 161 واليعقوبي 2: 49 و 69 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 435 والتنبيه والاشراف: 246 والبداية والنهاية 5: 350 والحلبية 3: 364 والكامل لابن الأثير 2: 312 والطبري 3: 173 والعقد الفريد 4: 161 والتراتيب الادارية 1: 115 و 118 والبحار 92: 35 وارشاد الساري 7: 450 وعمدة القاري 20: 19 وفتح الباري 9: 19 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 و 3: 173 والاصابة 2: 317 والاستيعاب 2: 375 وابن أبي الحديد 17: 12 و 13 وكنز العمال 2: 189 و 190 والوزراء والكتاب: 13 والشفاء للقاضي 2: 305 و 308 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 120 وما بعدها و 754 والجمهرة للكلبي: 111 والدرر لابن عبد البر: 162 والمصباح المضئ 1: 189. (2) راجع المصادر المتقدمة وراجع الغدير 8: 280 و 281 والمستدرك 3: 45 والمصباح المضئ 1: 190. (3) راجع اليعقوبي 2: 69 والتراتيب 1: 114 عن أنباء الأنبياء: 115 و 120 والعقد الفريد 4: 161 وأسد الغابة 1: 50 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 51 والبحار 18: 263 والوزراء والكتاب: 12 والطبري 3: =
[137]
قال الطبري: 6: 179: " علي بن أبي طالب وعثمان كانا يكتبان الوحي فإن غابا كتبه أبي بن كعب وزيد بن ثابت، وكذا ابن عبد ربه والجهشياري في الوزراء والكتاني في التراتيب: 114 عن أنباء الأنبياء و: 115 عن ابن عبدربه والبداية والنهاية 5: 340 (1). والباقون أطلقوا بقولهم: وكتب له أو ممن كتب له عثمان بن عفان وترك المسعودي في التنبيه والاشراف ذكره وقال: إنما ذكرنا من أسماء كتابه (صلى الله عليه وآله) من ثبت على كتابته واتصلت أيامه فيها وطالت مدته، وصحت الرواية على ذلك من أمره دون من كتب الكتاب والكتابين والثلاثة، إذ كان ذلك لا يستحق أن يسمى كاتبا ويضاف إلى جملة كتابه (2). ولم نجد لعثمان اسما في آخر كتبه (صلى الله عليه وآله) إلا في كتابه (صلى الله عليه وآله) لنهشل بن مالك الوائلي (3). وقال ابن الأثير: عثمان بن عفان كان يكتب له أحيانا (4). 6 - حنظلة بن الربيع بن صيفي... أبو ربعي التميمي الأسدي. ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (5).
= 173 ومجمع الزوائد 9: 86 و 87 والكامل لابن الأثير 2: 313 وحياة الحيوان: 55 وحياة الصحابة 2: 431 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 122 عن الطبقات: 267 وراجع المصباح 1: 67. (1) وراجع مجمع الزوائد 9: 86 أيضا والمفصل 8: 131 وراجع ما تقدم في أمير المؤمنين علي (عليه السلام): 278. (2) كما لم يذكره في المناقب أيضا وسفينة البحار 2: 638. (3) راجع الكتاب في مكاتيب الرسول: 310 والوثائق: 245 والبداية والنهاية 5: 340 والمفصل 8: 121. (4) الكامل 2: 313 وراجع الطبري 3: 173 وفي اسد الغابة 1: 50: " وممن كتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... وعثمان بن عفان... ". (5) الاستيعاب 1: 51 ووصفه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق 5: 13 بأنه كاتب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وراجع حياة الحيوان 1: 55 والكامل لابن الأثير 2: 312 والطبري 3: 173 وعمدة القاري 20: 19 وارشاد الساري 7: 450 وتاريخ الخميس 2: 181 واسد الغابة 1: 50 و 2: 58 والاصابة 1: 359 و 360 والاستيعاب 1: 279 والمفصل 8: 120 و 126 عن الطبري و: 309 و 121 و 131 و 126 والجمهرة لهشام بن محمد الكلبي: 270 والمصباح المضئ 1: 96 و 97.
[138]
وقال اليعقوبي: وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... حنظلة بن الربيع (1). قال محمد بن عمر: كتب للنبي (صلى الله عليه وسلم) الوحي (2). وقال ابن قتيبة: هو حنظلة بن الربيع وكتب للنبي (صلى الله عليه وسلم) مرة كتابا وسمي بذلك الكاتب (3) وظاهره نفي كونه كاتبا للوحي كما هو واضح. وفي المفصل أنه كان خليفة كل كاتب من كتاب النبي إذا غاب عن عمله، فغلب عليه اسم الكاتب وسيأتي الكلام حوله. والذي يختلج بالبال أنه سمي كاتبا لأنه كان عثمانيا شديدا، حيث كان بالكوفة، ولما شتم فيها عثمان انتقل إلى قرقيسا وقال: لا أقيم ببلد شتم فيه عثمان (4) وتخلف عن علي (عليه السلام) يوم الجمل. كتاب العهود والرسائل والدعاوي والوثائق: الذي يتضح من التتبع في كتبه (صلى الله عليه وآله) أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو الذي كان يتصدى لكتابة العهود كما صرح به أبو عمر في الإستيعاب قال: " كان الكاتب لعهوده (صلى الله عليه وسلم) إذا عهد وصلحه إذا صالح علي بن أبي طالب " (5).
(1) اليعقوبي 2: 69. (2) تهذيب تاريخ دمشق 5: 13. (3) المعارف: 130 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 14. (4) راجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 14. (5) الاستيعاب هامش الاصابة 1: 51 وأسد الغابة 1: 50 والتراتيب 1: 123 واليعقوبي 2: 69 وصبح الأعشى 1: 92 وفي الافصاح للمفيد رحمه الله تعالى: " خص رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا على إيداع الأسرار عنده وكتب عهوده (راجع: 5) وراجع المصباح المضئ 1: 82 والمفصل 8: 121.
[139]
قال ابن شهر آشوب في المناقب: " وكان (عليه السلام) يكتب الوحي والعهد وكاتب الملك أخص إليه، لأنه قلبه ولسانه ويده، فلذلك أمره النبي (صلى الله عليه وسلم) بجمع القرآن بعده، وكتب له الأسرار وكتب يوم الحديبية بالاتفاق، وقال أبو رافع: إن عليا كان كاتب النبي إلى من عاهد ووادع، وإن صحيفة أهل نجران كان كاتبها، وعهود النبي (صلى الله عليه وسلم) لا توجد قط إلا بخط علي (عليه السلام) ومن ذلك ما رواه أبو رافع: " إن عليا كان له من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ساعة من الليل بعد العتمة لم تكن لأحد غيره " تاريخ البلاذري: " إنه كانت لعلي دخلة لم تكن لأحد من الناس " مسند الموصلي: عبد الله بن يحيى عن علي (عليه السلام) قال: " كانت لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساعة من السحر آتيه فيها، فكنت إذا أتيت استأذنت، فإن وجدته يصلي سبح فقلت: أدخل " مسند أحمد وسنن ابن ماجة وكتاب أبي بكر بن عياش بأسانيد عن عبد الله بن يحيى الحضرمي عن علي (عليه السلام) قال: " كان لي من رسول الله مدخلان مدخلا بالليل ومدخلا بالنهار، وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح لي " (1). وقد يوجد عدة من كتبه (صلى الله عليه وآله) بخطه وكتب في آخره " وكتب علي بن أبي طالب " وهي: كتابه (صلى الله عليه وآله) في الحديبية (2) ولأهل مقنا ولبني جنبة (3) ولأهل مقنا وبني جنبة (4) ولبني زياد ولنعيم بن مسعود (5) ولأحمر بن معاوية (6) ولحي سلمان (7)
(1) المناقب 2: 226 ط قم وراجع أيضا 1: 162 والبحار 36: 273 وأمالي الشيخ (قدس سره) 1: 237 والمفصل في تاريخ العرب 8: 120 و 122. الظاهر ان الصحيح هو " عبد الله بن نجي الحضرمي " نجي بالنون ثم الجيم. (2) راجع المكاتيب: 275 ط سنة 1382 ه‍ والوثائق: 59. ط سنه 1389 ه‍. (3) راجع المكاتيب: 288 والوثائق: 92. (4) المكاتيب: 293 والوثائق: 94. (5) المكاتيب: 363 والوثائق: 222. (6) المكاتيب: 373 والوثائق: 210. (7) المكاتيب: 375.
[140]
وفي فدية سلمان (1) ولوفد همدان (2) وللزبير (3) ولجميل ابن ردام (4) وللحصين بن أوس (5) وللداريين (6) وفي جواب أبي سفيان (7) ولأهل خيبر (8) ولنصارى نجران (9) ولخزاعة وبديل بن ورقاء (10). اقتنع بعضهم بعده صلوات الله عليه من الكتاب (11). 2 - أبي بن كعب الأنصاري الخزرجي: كان من كتاب ديوان الرسائل أيضا، صرح به أبو عمر ناقلا عن الواقدي قال: وكان أبي وزيد يكتبان الوحي بين يديه ويكتبان كتبه إلى الناس وما يقطع وغير ذلك (12). ونجد اسم أبي في آخر بعض الكتب في العهود وغيره وهي كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى المنذر (13) وإلى العلاء بن الحضرمي (14) ولجنادة وقومه (15) ولخالد بن ضماد (16)
(1) المكاتيب: 409 والوثائق: 279. (2) المكاتيب: 432 والوثائق: 189. (3) المكاتيب: 458 والوثائق: 271. (4) المكاتيب: 461 والوثائق: 272. (5) المكاتيب: 465 والوثائق: 225. (6) المكاتيب: 488 والوثائق: 102. (7) المكاتيب: 530 والوثائق: 53. (8) المكاتيب: 626 والوثائق: 95. (9) المكاتيب: 323 والوثائق: 141. (10) المكاتيب: 306 والوثائق: 231. (11) راجع بهجة المحافل 2: 161. (12) راجع الاستيعاب هامش الاصابة 1: 50 واليعقوبي 2: 69 والحلبية 3: 364 واسد الغابة 1: 50 وبهجة المحافل والمفصل 8: 120 و 121 و 132 و 133 والمصادر الجمة المتقدمة في كتاب الوحي. (13) راجع المكاتيب 1: 222 والوثائق: 119 والمفصل 8: 133. (14) المكاتيب: 239 والوثائق: 119 والمفصل 8: 133. (15) المكاتيب: 314 والوثائق: 196 والمفصل 8: 133. (16) المكاتيب: 316 والوثائق: 196 والمفصل 8: 133.
[141]
ولبني ضمرة (1) ولبارق الأزدي (2) ولبلال بن الحارث (3) وإلى أبي سفيان (4) ولعبد الله بن جحش (5) ولمسيلمة (6) ولعمرو بن حزم (7) ولجماع في جبل تهامة (8). ولكنه لم يبلغ عند محدثي العامة مرتبة زيد، لأنه كان من المتخلفين عن بيعة أبي بكر، وكان من المتحصنين في بيت فاطمة (عليها السلام). 3 - زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي. قال أبو عمر في الاستيعاب 1: 50: " وكان (يعني زيدا) يكتب كثيرا من الرسائل، وفي المناقب: " كان زيد وعبد الله بن الأرقم يكتبان إلى الملوك " (9)، وقال اليعقوبي: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... زيد بن ثابت "، وقد مر كلام المسعودي: وزيد بن ثابت الأنصاري... يكتب إلى الملوك ويجيب بحضرة النبي (صلى الله عليه وسلم) (10).
(1) المكاتيب: 351 والوثائق: 280. (2) المكاتيب: 380 والوثائق: 199 والمفصل 8: 133. (3) المكاتيب: 476 والوثائق: 233. (4) المصدر: 528. (5) المصدر: 605. (6) المكاتيب: 167 والوثائق: 257. (7) المكاتيب: 197 والوثائق: 175 والمفصل 8: 133. (8) المفصل 8: 133. (9) راجع المناقب 1: 162 واليعقوبي 62 والتنبيه والاشراف: 246 وراجع حياة الحيوان 1: 55 وحياة الصحابة 3: 195 والحلبية 3: 364 والعقد الفريد 4: 161 والتراتيب 1: 120 والبخاري 9: 93 والترمذي 5: 283 ومسند أحمد 1: 10 و 13 و 5: 184 و 188 وإرشاد الساري 7: 450 وعمدة القاري 20: 19 وفتح الباري 9: 19 وكنز العمال 16: 8 و 9 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 552 والاصابة 1: 561 و 2: 273 والوزراء والكتاب: 12 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 20 ومجمع الزوائد 1: 153 والمعجم الكبير للطبراني 5: 114 وأسد الغابة 1: 50 وثقات ابن حبان 1: 246. (10) راجع المصادر المتقدمة وراجع المستدرك 3: 422 وكنز العمال 10: 136.
[142]
وعن زيد: فكنت أكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا كتب إليهم (أي اليهود). وقد أكثر المحدثون والمؤرخون عن زيد أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمره بتعليم العبرانية أو السريانية أو الفارسية، وقد حقق حول هذا النقل العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي دامت إفاضاته تحقيقا دقيقا في كتابه القيم الصحيح من سيرة النبي الأعظم 5: 14 بذكر مصادره أولا وذكر المناقشات والأسئلة حوله ثانيا، ولا بأس بذكر ما حققه إيعازا واختصارا: إن المطالع في التأريخ الإسلامي ولكتب التراث بصورة عامة يجد الكثير من الأمور أصبحت من الشيوع والذيوع بحيث بدت من الحقائق الثابتة التي لا تقبل الجدل ولا يجوز أن تخضع للمناقشة، وأصبح الكتاب والمؤلفون يرسلونها إرسال المسلمات.. مع أن نفس هذه القضايا لو أخضعها الباحثون للبحث وللتحقيق والتمحيص لخرجوا بحقيقة أنها من الأمور الزائفة المجعولة التي وضعتها الأهواء السياسية والتعصبات المذهبية أو العرقية أو غيرها... وقد يجوز لنا أن ندعي: أن ما يروى من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة العبرانية أو السريانية... يصلح مثالا لهذا الأمر... فقال بعد ذكر المصادر الكثيرة: فإن لنا في تلكم الروايات ملاحظات عدة توجب لنا الشك: الف: أننا نجدها مختلفة فيما بينها.. فواحدة تقول: انه أمره بتعلم السريانية وأخرى العبرانية، بل قد وقع الترديد بينهما حتى في الرواية الواحدة، ورواية تذكر أنه تعلمها في أقل من نصف شهر، وأخرى أنه تعلمها في خمسة عشر يوما وثالثة في سبعة عشر يوما ورابعة في ثمانية عشر يوما.. (إن أمكن ذلك عقلا). ورواية تقول: أنه أمره بتعلمها، لأنه لا يأمن اليهود على كتابه، وأخرى تقول لأنه تأتيه كتب لا يحب أن يطلع عليها كل أحد.
[143]
ثم رواية تفيد أنه أمره بذلك حين مقدمه المدينة، وأخرى أنه إنما أمره بذلك في السنة الرابعة. ب: هذا كله مع أن الراوي لذلك كله رجل واحد (وهو زيد بن ثابت نفسه). ج: أننا - رغم تفحصنا - لم نعثر على نص واحد لرسالة واحدة أرسلها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو وصلت إليه من غيره تكون مكتوبة بغير العربية.... د: والأعجب من ذلك: أنهم يذكرون أن زيد بن ثابت كان من أكثر كتاب النبي (صلى الله عليه وآله) كتابة له (1) ويذكرون أيضا أنه كان مختصا بالكتابة إلى الملوك (2) وأنه كان يكتب له (صلى الله عليه وسلم) إذا كتب إلى اليهود ويقرأ له كتبهم. فإذا كان كذلك فما بالنا نجد اسم كثير من الكتاب في أسفل الكتب التي كتبوها فيقول في آخر الكتاب: وكتب فلان.. ولا نجد اسما لزيد بن ثابت في أي من الكتب التي وصلتنا إلا على صفة الشاهد على بعض الكتب النادرة... فأين كان زيد بن ثابت عن ذلك. ه‍: نجد في بعض الروايات أنه (صلى الله عليه وآله) يعلل طلبه (صلى الله عليه وآله) من زيد تعلم اللغة العبرية بأنه تأتيه كتب، ولا يحب أن يطلع عليها كل أحد.. مع أنه قد كان آخرون غير زيد يعرفون العبرانية أو السريانية وفيهم من هو من فضلاء الصحابة وثقاتهم كسلمان الفارسي الذي هو من أهل البيت، فإنه كان قد قرأ الكتابين (3) مع أنه قد تحرر قبل الخندق وهي في الرابعة كما هو الظاهر أو الخامسة على أبعد تقدير كما تحدثنا عن ذلك في كتابنا: حديث الإفك، وقد أمر النبي (صلى الله عليه وآله) زيدا بذلك في السنة الرابعة.
(1) تهذيب الأسماء 1: 29 والرصف 1: 148. (2) راجع التنبيه والاشراف: 246 والوزراء والكتاب: 12 والعقد الفريد 4: 161 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 8: 134 والتراتيب الادارية 1: 202. (3) راجع أخبار اصفهان 1: 48 وتاريخ بغداد 1: 164 والطبقات الكبرى لابن سعد 4 / ق 1: 61 وحلية الأولياء: 187 1 وقاموس الرجال 4: 233 و 424 عن الجزري.
[144]
ويقولون: إن عبد الله بن عمرو بن العاص يقرأ بالسريانية (1). و: لا ندري ما حاجة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الترجمة مع أن جمعا من المحققين قد أثبتوا أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعرف جميع اللغات، فلا يحتاج إلى مترجم ولا إلى غيره... وبعد فإننا لا ننكر أن يكون زيد بن ثابت قد تعلم شيئا من العبرانية أو السريانية قليلا كان ذلك أو كثيرا، ولكننا نشك في أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي طلب منه ذلك، ونشك كذلك في أن يكون قد كتب له (صلى الله عليه وآله) بهذه اللغات أو ترجم له شيئا من الكتب التي أتته... ولابد من إثبات ذلك بدليل وشواهد أخرى (2). وقد مر أنه يكتب أبي وزيد إذا غاب علي وعثمان، بل تقدم أيضا أنه كان يكتب زيد إذا غاب أبي (راجع ما تقدم في كتاب الوحي) فأين ذلك من الملازمة للكتابة كما قيل ؟ ! 4 - عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث الزهري. قال أبو عمر: " وكان من المواظبين على كتابة الرسائل عن النبي (صلى الله عليه وسلم) عبد الله ابن الأرقم الزهري " (3). وفي المناقب: " وكان زيد وعبد الله بن الأرقم يكتبان إلى الملوك... والعلاء بن
(1) طبقات ابن سعد 4: 11. (2) لخصنا ذلك من كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) 5: 14 - 29 ومن شاء التفصيل فليراجعه، فإنه جدير بالمطالعة والاستفادة منه. (3) الاستيعاب 1: 51 وراجع المناقب 1: 162 والتنبيه والاشراف: 245 والبداية والنهاية 5: 349 والحلبية 3: 364 والعقد 4: 161 والتراتيب 1: 115 و 229 وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وفتح الباري 9: 22 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 و 2: 115 والاصابة 2: 273 والوزراء: 12 وراجع بهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 و 125 و 131 والمستدرك 3: 335 والطبري 6: 179 ومجمع الزوائد 1: 152 و 153 و 9: 370 والمعجم الكبير للطبراني 5: 114 وكنز العمال 2: 319 والمصباح المضئ 1: 172.
[145]
عقبة وعبد الله بن الأرقم يكتبان القبالات " (1). وفي التنبيه والاشراف: " وعبد الله بن الأرقم.. والعلاء بن عقبة يكتبان بين الناس المدائنات وسائر العقود والمعاملات ". (وراجع المفصل 8: 126) وقال ابن كثير: " ومنهم رضي الله عنهم: عبد الله بن أرقم بن أبي الأرقم المخزومي أسلم عام الفتح وكتب للنبي... يجيب عنه الملوك ". قال ابن عبد ربه: " وكان عبد الله بن الأرقم.. والعلاء بن عقبة يكتبان بين القوم في قبائلهم ومياههم، وفي دور الأنصار بين الرجال والنساء، وكان ربما كتب عبد الله بن الأرقم إلى الملوك (وراجع المفصل 8: 131) وكتب بعده (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر وعمر " (2). وقال الطبري: وكان عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث والعلاء بن عقبة يكتبان بين القوم في حوائجهم، وكان عبد الله بن الأرقم ربما كتب إلى الملوك. وفي كنز العمال 2: 319: " وجاءه اناس من أهل اليمن، فسألوه أن يكتب لهم كتابا، فأمر عبد الله بن الأرقم أن يكتب لهم كتابا، فكتب لهم فجاء به فقال: أصبت " (عن ابن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه). 5 - أبو بكر بن أبي قحافة. قال أبو عمر: " وممن كتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر الصديق ذكر ذلك عمر بن
(1) القبالة اسم من تقبل العمل لما يلتزمه الانسان من عمل ودين وغير ذلك، وفي الأساس كل من تقبل بشئ مقاطعة وكتب عليه بذلك الكتاب فعمله القبالة والكتاب المكتوب عليه هو القبالة، راجع أقرب الموارد. (2) الاصابة 2: 273 وأسد الغابة 1: 50 والمفصل 8: 126 والمستدرك 3: 335 وقال في المصباح 1: 172 " واستكتبه عمر واستعمله على بيت المال ولم يزل على بيت المال خلافة عمر كلها وسنتين من خلافة عثمان ".
[146]
شبه في كتاب الكتاب " (1). قال ابن كثير: " وقد روي أن أبا بكر هو الذي كتب لسراقة هذا الكتاب " (يعني كتاب تأمينه لسراقة في الطريق حين الهجرة إلى المدينة) (2). وقال جمع: إن الكاتب لهذا الكتاب هو عامر بن فهيرة (3). وعلى كل حال لم يكن أبو بكر من الذين كانوا يكتبون قبل الإسلام كما تقدم، ولم يذكر له كتاب عدا هذا المورد الخاص الذي نقل أكثر المحدثين أن الكاتب هو عامر بن فهيرة مولاه، وأول ذلك الحلبي بقوله: فأمر عامر بن فهيرة أي: وقيل: أبا بكر فكتب... يمكن أن يكون كتب عامر بن فهيرة أولا، فطلب سراقة أن يكون أبو بكر هو الذي يكتب، فأمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بكتابة ذلك، فأحدهما كتب في الرقعة من الأدم والآخر كتب في العظم أو الخرقة... ولا يخفى بعدما في هذا التأويل مع عدم الدليل على ذلك. وعلى كل حال، إن كان أبو بكر كتب له (صلى الله عليه وآله) ذلك فهو كتاب الأمان دون العهود والمواثيق ودون الوحي.
(1) الاستيعاب 1: 51 والبداية والنهاية 5: 348 و 351 وحياة الحيوان للدميري 1: 55 والحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر و: 125 عن المواهب وعمدة القاري 20: 22 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 وبهجة المحافل 1: 161 والمفصل 8: 121 والمصباح المضئ 1: 29. (2) راجع البداية والنهاية 5: 348 والجامع للقيرواني: 268 وسيرة ابن هشام 2: 134 والمغازي للواقدي 3: 341 والسيرة الحلبية 2: 48 والتراتيب 1: 123 والبداية والنهاية 5: 18 و 351 والدرر لابن عبد البر: 51 والمعجم الكبير 7: 158 و 159 والدلائل لأبي نعيم: 278 والمصباح 1: 40. (3) راجع عبد الرزاق 5: 394 والشفاء للقاضي 1: 687 ومسند أحمد 4: 176 والدر المنثور 3: 244 عن عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة وراجع البخاري 5: 76 والمستدرك للحاكم 3: 7 والبداية والنهاية 3: 185 و 5: 348 وراجع فتح الباري 7: 188 والحلبية 2: 48 وعمدة القاري 17: 48 والتراتيب 1: 123 والمعجم الكبير للطبراني 7: 157.
[147]
6 - عمر بن الخطاب. ذكر جمع انه ممن كتب له (صلى الله عليه وآله) ولم يذكروا أنه كان يكتب الوحي أو الرسائل أو القبالات أو المداينات (1). نقل في تهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 377 في ترجمة عبد الله بن حوالة قال: وروى الحافظ عنه أنه قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو جالس في ظل دومة وعنده كاتب يملي عليه فقال له: أنكتبك يا ابن حوالة ؟ فقال: نعم، فقال: فيم يا رسول الله ؟ فأعرض عنه، فأكب على كاتبه يملي عليه، فنظرت فإذا في الكتاب عمر فعرفت أن عمر لا يكتب إلا في خبر... الخ (2). وقد مر عن عبد الرزاق وغيره أن عمر كان لا يعرف الكتابة (3). نعم نقل في الوثائق السياسية: 66: " أن عمر كتب إلى المستضعفين بمكة قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي بصير حين أسلم وجاء إلى المدينة، فرده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأرسله مع سفيري قريش، فقتل أحدهما في الطريق ورجع إلى المدينة، ثم خرج حتى نزل العيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش، فقال (صلى الله عليه وسلم): " ويل امه محش حرب لو كان معه رجال " فكتب بذلك عمر إلى المستضعفين... ". وفي مجمع الزوائد 6: 61: " أن عمر كتب قوله تعالى: * (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) * وبعث بها إلى هشام بن العاص ".
(1) راجع الاستيعاب 1: 51 والبداية والنهاية 5: 352 وحياة الحيوان للدميري 1: 55 والحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وأسد الغابة 1: 50 والإصابة 2: 273 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 ومجمع الزوائد 1: 153 والمعجم الكبير للطبراني 5: 114 والمصباح المضئ 1: 47. (2) راجع مسند أحمد 5: 33 أيضا ولكنه ذكره لزائدة أو مزيدة بن حوالة لا لعبد الله بن حوالة و 4: 109 في حديث عبد الله بن حوالة وراجع مجمع الزوائد 9: 88. (3) راجع أول الفصل السادس وراجع الصحيح من السيرة 2: 94 - 96. (*)
[148]
7 - عثمان بن عفان. ذكره اليعقوبي فيمن كان يكتب الوحي والكتب والعهود (1). ووجدنا اسمه في كتابه (صلى الله عليه وآله) لنهشل بن مالك الوائلي كما تقدم (2). وقال ابن الأثير: " عثمان بن عفان كان يكتب له أحيانا " وكذا الطبري (3). وفي حياة الصحابة: " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا جلس جلس أبو بكر (رض) عن يمينه وعمر (رض) عن يساره وعثمان (رض) بين يديه، وكان كاتب سر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (4). ولم يذكره المسعودي في التنبيه والاشراف من كتابه، ويظهر من عمله ذلك أن عثمان إن كان كتب له (صلى الله عليه وآله) فلم يكتب إلا كتابا أو كتابين أو ثلاثة، ولم نجد له إلى الآن إلا كتابه (صلى الله عليه وآله) لنهشل، كما أنا لم ندر أنه أي أسراره (صلى الله عليه وآله) كان يكتب ؟ 8 - الزبير بن العوام. كان ممن كتب له (صلى الله عليه وآله) كما ذكره جمع وأطلقوا (5). ووجدنا كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني معاوية وفي آخره: وكتب الزبير (6).
(1) اليعقوبي 2: 69 وأطلق في بهجة المحافل 2: 161 وراجع المفصل 8: 122 و 131 والمعجم الكبير للطبراني 5: 114 وحياة الحيوان 1: 55. (2) تقدم آنفا فراجع. (3) الكامل 2: 313 والطبري 3: 173 ومجمع الزوائد 1: 153 وأسد الغابة 1: 50. (4) حياة الصحابة 2: 431 عن ابن عساكر. (5) الاستيعاب هامش الاصابة 1: 51 والبداية والنهاية 5: 344 والحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وأسد الغابة 1: 50 والمفصل 8: 121 و 122 و 128 والمصباح المضئ 1: 114. (6) الوثائق: 250 والمكاتيب: 340 والبداية والنهاية 5: 344 والمفصل 8: 128. (
[149]
9 - جهيم (بالجيم ثم الهاء ثم الياء كزبير - القاموس) بن الصلت القرشي المطلبي. أسلم عام خيبر (1) أو بعد الفتح (2) هو على ما نقله اليعقوبي من كتاب العهود والوحي والرسائل، قال: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... جهيم بن الصلت " (3). وعده أبو عمر وابن الأثير فيمن كتب له (4). ويوجد في كتبه (صلى الله عليه وآله) كتابه (صلى الله عليه وآله): إلى يحنه بن روبة بخطه (5)، وكذا كتابه (صلى الله عليه وآله) ليزيد بن الطفيل (6). ويشهد ذلك على أن جهيم بن الصلت كان من كتاب ديوان الإنشاء أيضا كما صرح به اليعقوبي، كما أنه من كتاب ديوان الأموال كما يأتي. 10 - خالد بن سعيد بن العاص. ذكره أبو عمر ممن كتب له (صلى الله عليه وآله) (7)، وقال في المناقب: " وكتب له (صلى الله عليه وسلم)... خالد
(1) تنقيح المقال 1: 241 والإستيعاب هامش الاصابة 1: 247 وأسد الغابة 1: 311. (2) الاصابة 1: 255 عن ابن سعد والبلاذري وأسد الغابة 1: 312 عن ابن شاهين والمفصل 8: 122. (3) اليعقوبي 2: 69. (4) الاستيعاب 1: 51 هامش الاصابة وأسد الغابة 1: 50 والتراتيب 1: 116 عن ابن عساكر والاصابة 1: 255 عن البلاذري والعقد الفريد 4: 158 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 - 122 والمصباح المضئ 1: 95. (5) راجع الاصابة 1: 256 عن ابن اسحاق في المغازي وراجع المكاتيب: 300 والوثائق: 89 والمغازي للواقدي 3: 1031 والمفصل 8: 125. (6) راجع الوثائق: 135 والمكاتيب: 467 والمفصل 8: 125. (7) الاستيعاب 1: 51 والبداية والنهاية 5: 340 وأسد الغابة 1: 50 وفي البدء والتاريخ 5: 95 " خالد بن سعيد... وكان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمكة والمدينة واستعمله على صدقات أهل اليمن " وراجع تاريخ الخميس 2: 181 وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وحياة الحيوان 1: 155 والكامل =
[150]
وأبان ابنا سعيد بن العاص (1) ". قال المسعودي: " وكان خالد بن سعيد بن العاص بن امية بن عبد شمس بن عبد مناف يكتب بين يديه في سائر ما يعرض له من الأمور " (2). أسلم قديما يقال بعد الصديق ثم أسلم أخوه عمرو... فلما هاجر الناس إلى أرض الحبشة هاجر معهم... ثم هاجر من أرض الحبشة بصحبة جعفر (رضوان الله عليه) أقام خالد بن سعيد بعد أن قدم من أرض الحبشة بالمدينة، وكان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو الذي كتب كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف، وكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كتابا لراشد بن عبد رب (3). قال أبو عمر وابنا الأثير وحجر: كان ثالثا أو رابعا أو خامسا، هاجر إلى الحبشة ورجع بخيبر وشهد عمرة القضية وفتح مكة وحنين والطائف وتبوك، وبعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على صدقات اليمن، واستعمله على صنعاء اليمن، وقيل على صدقات مذحج وعلى صنعاء (4). قال ابن حجر: " وكان إذا غاب ابن الأرقم وزيد بن ثابت واحتاج أن يكتب إلى أحد أمر من حضر أن يكتب، فمن هؤلاء... خالد بن سعيد " (5).
= لابن الأثير 2: 312 والطبري 3: 173 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 120 و 121 عن الوزراء: 12 و 122 عن الطبقات و: 126 عن الاصابة ومجمع الزوائد 1: 153 والمصباح المضئ 1: 107. (1) المناقب 1: 162. (2) التنبيه والاشراف: 245 وراجع العقد الفريد 4: 161 والوزراء والكتاب: 12 والمفصل 8: 12. (3) البداية والنهاية 5: 340 و 343 وفي المصباح المضئ 1: 109: وكتب خالد بن سعيد كتابا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بني عمرو ذي حمير يدعوهم إلى الإسلام قاله ابن عبد البر. (4) الاستيعاب 1: 369 هامش الاصابة وأسد الغابة 2: 82 والإصابة 1: 409 والمفصل 8: 127 وفي المستدرك للحاكم: أنه رجع عن عمله بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتربص ببيعته شهرين ولم يعمل لأحد بعده، راجع 3: 249 و 250. (5) الاصابة 2: 273.
[151]
ومن العجيب أنه جعل خالدا ممن يكتب إن لم يكن ابن الأرقم وزيد حاضرين، ولم نجد كتابا واحدا لزيد، وقد ذكر التاريخ كتبا كثيرة لخالد بن سعيد وهي: كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى المسلمين في ثقيف (1) وكتابه (صلى الله عليه وآله) لبني أسد (2) وكتابه (صلى الله عليه وآله) لبني عريض (3) ولحرام بن عبد عوف (4) ولراشد بن عبد رب " (5) ولعداء بن خالد (6) ولسعيد بن سفيان (7) ولبني غاديا (8) ولذي خيوان (9) ولبني جفال (10) وبني عمرو ابن حمير (11). وفي التراتيب: " قال القضاعي: فإن لم يحضر أحد منهم (أي: علي (عليه السلام) وعثمان وابي وزيد) كتب الوحي من حضر من الكتاب وهم: معاوية وخالد بن سعيد وأبان بن سعيد والعلاء بن الحضرمي وحنظلة بن الربيع " حيث جعل خالدا من كتاب الوحي (12). كان ممن تربص ببيعته ثم بايع ولم يعمل هو وإخوته لأحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) (13).
(1) الوثائق: 240 والمكاتيب: 273 والمفصل 8: 127. (2) الوثائق: 255 والمكاتيب: 345 والمفصل 8: 127. (3) الوثائق: 73 والمكاتيب: 446 والمفصل 8: 127. (4) الوثائق: 262 والمكاتيب: 447 والمفصل 8: 127. (5) الوثائق: 262 والمكاتيب: 454 والمفصل 8: 127. (6) الوثائق: 268 والمكاتيب: 455 والمفصل 8: 127. (7) الوثائق: 272 والمكاتيب: 468 والمفصل 8: 127. (8) الوثائق: 73 والمكاتيب: 434 والمفصل 8: 127. (9) الوثائق: 193 والمكاتيب: 444. (10) الوثائق: 234 والمكاتيب وقيل: إن الكاتب هو الأرقم. (11) المفصل 8: 127 والوثائق: 195. (12) التراتيب 1: 115. (13) المستدرك للحاكم 3: 249 و 250.
[152]
11 - أبان بن سعيد بن العاص. ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (1)، وقال المسعودي: وكان أبان بن سعيد والعلاء بن الحضرمي ربما كتبا بين يديه، يعني أنه ليس من الملازمين للكتابة وإن كان أيضا كتابته أكثر من ثلاثة على ما ذكر هو من دأبه في ذكر الكتاب بأن لا يذكر من كتب الإثنين أو الثلاثة. وكان إسلامه بعد الحديبية (2) بين الحديبية وخيبر، وكانت الحديبية في ذي القعدة من سنة ست، وكانت غزوة خيبر في المحرم سنة سبع، وقال أبو نعيم: أسلم قبل خيبر وشهدها وهو الصحيح، واستعمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على البحرين لما عزل عنها العلاء بن الحضرمي... إلى أن توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فرجع إلى المدينة... وكان أحد من تخلف عن بيعة أبي بكر. وكان هو الذي تولى إملاء مصحف عثمان على زيد بن ثابت يوم جمعه في خلافة عثمان أمرهما بذلك عثمان (3). 12 - حنظلة بن الربيع بن صيفي... أبو ربعي التميمي الأسدي. عده أبو عمر ممن كتب له (صلى الله عليه وآله) (4).
(1) راجع الاستيعاب 1: 51 والمناقب 1: 162 والتنبيه والاشراف: 246 والبداية والنهاية 5: 340 والكامل لابن الأثير 2: 312 والطبري 3: 173 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر والقضاعي وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 والاصابة 1: 14 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 75 وبهجة المحافل 2: 161 ذكر حبان بدل أبان والمفصل 8: 120 و 121 و 127 والمصباح المضئ 1: 86. (2) البداية والنهاية 5: 340 وأسد الغابة 1: 35 و 36 والمفصل 8: 127. (3) المفصل 8: 127. (4) الاستيعاب 1: 51 والمناقب 2: 162 وتهذيب تاريخ دمشق 5: 13 وحياة الحيوان 1: 55 والكامل لابن الأثير 2: 312 والطبري 3: 173 والبداية والنهاية 5: 342 وراجع عمدة القاري 20: 19 وإرشاد
[153]
وقال اليعقوبي: وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... حنظلة بن الربيع (1). وسموه كاتب النبي (صلى الله عليه وآله) (2). وقال المسعودي: " وكان حنظلة بن الربيع بن صيفي الأسدي التميمي يكتب بين يديه هذه الأمور (يعني: المدائنات وسائر العقود والمعاملات وأموال الصدقات والخرص والمغانم وإلى الملوك..) إذا غاب من سمينا من سائر الكتاب ينوب عنهم في سائر ما ينفرد به كل واحد منهم وكان يدعى حنظلة الكاتب " (3). وقال في البداية والنهاية: " ومنهم حنظلة بن الربيع... قال الواقدي: كتب للنبي (صلى الله عليه وآله) كتابا (4) وصرح ابن قتيبة بأنه كتب للنبي (صلى الله عليه وسلم) مرة كتابا فغلب عليه اسم الكاتب " (5). وقال ابن عبد ربه: " كان حنظلة بن الربيع خليفة كل كاتب من كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا غاب عن عمله فغلب عليه اسم الكاتب وكان يضع عنده خاتمه " (6).
= الساري 7: 450 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 و 2: 58 والاصابة 1: 359 و 360 والاستيعاب 1: 279 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 126 و 131 و 309 وراجع المعجم الكبير للطبراني 4: 14 وما بعدها والمصباح 1: 96. (1) اليعقوبي 2: 69. (2) تهذيب تاريخ دمشق 5: 13 و 14 والتنبيه والاشراف: 246 والعقد الفريد 4: 161 وأسد الغابة 2: 58 والجمهرة للكلبي: 270 و 305. (3) التنبيه والأشراف: 246. (4) نفس المصدر 5: 342 والمعارف لابن قتيبة: 130 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 14. (5) هذا وفي المفصل ان الناس أطلقوا على حنظلة بن الربيع كاتب الرسول الكاتب حتى عرف بحنظلة الكاتب لأنه كان قد قضى معظم وقته في الكتابة للرسول، فكان يكتب له إذا غاب كاتب من كتابه عنه (راجع 8: 309) وفي الطبقات 6: 37: قال محمد بن عمر: كتب (يعني حنظلة) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة كتابا فسمى بذلك الكاتب وكانت الكتابة في العرب قليلا. (6) العقد الفريد 4: 161 والتراتيب 1: 115 عن القضاعي وابن عساكر: و: 118 عن العقد والوزراء والكتاب: 12.
[154]
وقال ابن أبي الحديد: " والذي عليه المحققون من أهل السيرة: أن الوحي كان يكتبه علي (عليه السلام) وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم، وأن حنظلة بن الربيع التميمي ومعاوية بن أبي سفيان كانا يكتبان له إلى الملوك وإلى رؤساء القبائل ويكتبان حوائجه بين يديه ويكتبان ما يجبى من أموال الصدقات وما يقسم في أربابها " (1). ولحق بمعاوية وهدم علي داره (2) وتخلف عن علي في قتال الجمل (3). 13 - العلاء بن الحضرمي [عبد الله بن عباد]. ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (4). قال المسعودي: " وكان أبان بن سعيد والعلاء بن الحضرمي ربما كتبا بين يديه " (5). قال ابن كثير: " ومنهم (رض) العلاء بن الحضرمي، واسم الحضرمي عباد، وقد بعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، ثم ولاه أميرا حين افتتحها... عن ابن سيرين عن ابن العلاء بن الحضرمي أن أباه كتب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فبدأ بنفسه " (6). ويوجد في كتبه (صلى الله عليه وآله) كتب ثلاثة وفي آخرها: وكتب العلاء وشهد المردد بينه
(1) شرح النهج 1: 338. (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3: 177. (3) اسد الغابة 2: 58 والاستيعاب 1: 279 والمصباح المضئ 1: 97 وابن أبي الحديد 3: 176. (4) الاستيعاب 1: 51 والمناقب 1: 162 واسد الغابة 1: 50 و 4: 7 والاصابة 2: 468 والاستيعاب 3: 146 والحلبية 3: 364 والكامل لابن الأثير 2: 312 والطبري 3: 173 والتراتيب 1: 115 عن القضاعي وابن عساكر وتاريخ الخميس 2: 181 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 120 و 122 و 128 و 129 والمصباح المضئ 1: 205. (5) التنبيه والاشراف: 246 وسيأتي الكلام في كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى المنذر فانتظر. (6) البداية والنهاية 5: 352 والمفصل 8: 128. (*)
[155]
وبين العلاء بن عقبة وهي: كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني معن (1). كتابه (صلى الله عليه وآله) لأسلم من خزاعة (2). كتابه (صلى الله عليه وآله) لأسلم من خزاعة (3). وكان إرساله إلى المنذر سنة ست أو ثمان من الهجرة وتوفي النبي (صلى الله عليه وآله) وهو عليها (4). 14 - خالد بن الوليد المخزومي. أسلم هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة بعد الحديبية وقيل: خيبر وقيل: سنة ثمان، ولم يزل يبعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما يبعثه أميرا (5). ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (6). ذكر ابن كثير أن كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى المسلمين في ثقيف كان بخط خالد بن الوليد، وقد تقدم أنه لخالد بن سعيد بن العاص كما أقر به ابن كثير أيضا في البداية والنهاية: 343 في ترجمة خالد بن سعيد (7). وعلى هذا فلم نجد في كتبه (صلى الله عليه وآله) ما كان بخطه.
(1) المكاتيب: 340 والوثائق: 2 والمفصل 8: 128. (2) الوثائق: 224 والمكاتيب: 343. (3) الوثائق: 225 والمكاتيب: 364 والمفصل 8: 128. (4) الاصابة 2: 498 والاستيعاب 3: 146 وأسد الغابة 4: 7 والمستدرك 3: 296. (5) البداية والنهاية 5: 343 و 344 وراجع الاصابة 1: 413 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 406 والمستدرك للحاكم 3: 297. (6) الاستيعاب 1: 51 والحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر وتاريخ الخميس 2: 182 وأسد الغابة 1: 50 و 2: 93 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 والمصباح المضئ 1: 109. (7) وراجع المغازي للواقدي 3: 967 و 973.
[156]
وقال في المفصل: " وكان الوليد بن الوليد وهو أخو خالد بن الوليد ممن يكتب ويقرأ، وكان خالد ممن يقرأ ويكتب كذلك (يعني قبل الإسلام) " (1). أقول: لا تخفى أحوال خالد بن الوليد على من له أدنى إلمام بالتاريخ والحديث قبل إسلامه وبعده إلى أن مات، وبغضه آل البيت ولاسيما سيدهم عليا، فلا نتعرض لذكره وذكر مصادره، لكثرة وضوحه. 15 - محمد بن مسلمة بن جريس... الأنصاري الحارثي... ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (2). أسلم على يد مصعب بن عمير (3). توجد كتب له (صلى الله عليه وآله) بخطه: كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى مهري بن الأبيض (4). كتابه (صلى الله عليه وآله) في صلح الحديبية (5). قعد محمد بن مسلمة عن نصرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (6).
(1) نفس المصدر 8: 119 عن نسب قريش ولم يذكره ابن عبد ربه والبلاذري كما تقدم. (2) الاستيعاب 1: 51 والبداية والنهاية 5: 353 والحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 116 وأسد الغابة 1: 50 و 4: 331 والاصابة 3: 383 والاستيعاب 3: 334 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 و 122 والمصباح المضئ 1: 210. (3) البداية والنهاية 5: 353 والمفصل 8: 135 والاصابة 3: 383. (4) المكاتيب: 412 والوثائق: 208 وفي البداية والنهاية 5: 353 عن محمد بن سعد عن المدائني: أن محمد بن مسلمة كتب لوفد مرة (والظاهر أن الصحيح مهرة) كتابا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمفصل 8: 135. (5) المكاتيب: 275 على رواية ضعيفة. (6) المصباح المضئ 1: 210 والاصابة 1: 383 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 334 و 335 وأسد الغابة 4: 331.
[157]
16 - عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول. ذكره أبو عمر ممن كتب له (صلى الله عليه وآله) (1). 17 - المغيرة بن شعبة. ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (2). قال اليعقوبي: وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... المغيرة ابن شعبة (3). قال المسعودي: وكان خالد بن سعيد... يكتب بين يديه في سائر ما يعرض من أموره، والمغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان أيضا فيما يعرض من حوائجه (4). قال ابن عبد ربه: وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان ما بين الناس (5) وكانا ينوبان خالدا ومعاوية إذا لم يحضرا (6).
(1) الاستيعاب 1: 51 وراجع الحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 وأسد الغابة 1: 50 و 3: 197 والاصابة 2: 336 والاستيعاب 2: 335 وراجع بهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 والمصباح المضئ 1: 174. (2) الاستيعاب 1: 51 والبداية والنهاية 5: 355 والتراتيب 1: 115 و 123 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 والاصابة 2: 273 والمناقب 1: 162 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 و 122 و 126 ومجمع الزوائد 1: 153 والمعجم الكبير للطبراني 5: 114 والمصباح المضئ 1: 235. (3) اليعقوبي 2: 69 والتراتيب 1: 123 عن جماعة كالعباس بن محمد الأندلسي والقرطبي في المولد والقطب الحلبي في شرح السيرة وراجع الاصابة 1: 339. (4) التنبيه والاشراف: 245 والمفصل 8: 132. (5) العقد الفريد 4: 161 وفي التراتيب 1: 134 عن القضاعي: أنهما يكتبان المدائنات والمعاملات، وكذا عن المحاضرات للشيخ ابن العربي وفي: 275: قال القضاعي في كتاب الأنباء: كان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير وقيل ابن بشر يكتبان المدائنات والمعاملات وقاله ابن حزم في جوامع السيرة والحافظ في ترجمة حصين راجع الاصابة 1: 339 والوزراء والكتاب: 12 وصبح الأعشى 1: 91 والمفصل 8: 131. (6) العقد الفريد 4: 161.
[158]
أسلم المغيرة عام الخندق وشهد الحديبية (1). وفي المناقب: " وقد كتب له عثمان وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص والمغيرة ابن شعبة " وظاهره موافق لما نقلناه عن العقد الفريد أنه يكتب أحيانا بالنيابة عن خالد ومعاوية. يوجد في كتبه (صلى الله عليه وآله) عدة كتب في آخرها: وكتب المغيرة وهي: كتابه (صلى الله عليه وآله) لعامر ابن الأسود (2) ولنجران (3) ولأبي الحارث (4) ولبني جوين (5) ولبني الجرمز (6) وليزيد بن المحجل (7) ولبني الضباب (8) ولحصين بن نضلة (9) ولبني قنان (10). المغيرة بن شعبة وإيمانه وأعماله في زمن الخلفاء الثلاثة، وجناياته زمن معاوية بن أبي سفيان معروفة مشهورة، ولكن إذا أردت الوقوف التام فراجع ابن أبي الحديد 20: 7 - 10 والغدير 6: 138 - 143 و 7: 143 و 8: 84 و 9: 118 - 120 و 10: 163 وما بعدها و 11: 37 وما بعدها وسفينة البحار 2: 339 ومروج الذهب 2: 353 و 373 والغارات: 516 و 609 و 614 و 645 و 656 و 929 وابن أبي الحديد 4: 80 والمفصل 8: 129. ونعم ما عبر عنه في المفصل، حيث قال: " من دهاة العرب وشياطينهم " راجع 8: 129.
(1) أسد الغابة 4: 406 والاصابة 3: 452 والمفصل 8: 129. (2) المكاتيب: 317 والوثائق: 251. (3) المكاتيب: 321 والوثائق: 145 والمفصل 8: 130. (4) المكاتيب: 333 والوثائق: 145. (5) المكاتيب: 339 والوثائق: 252. (6) المكاتيب: 342 والوثائق: 217. (7) المكاتيب: 356 والوثائق: 136 والمفصل 8: 130. (8) المكاتيب: 360 والوثائق: 136. (9) المكاتيب: 462 والوثائق: 256 واسد الغابة 2: 27 والبداية والنهاية 5: 355. (10) المكاتيب: 467 والوثائق: 135 والمفصل 8: 130.
[159]
18 - عمرو بن العاص بن وائل. ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (1). وقال اليعقوبي: وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... عمرو ابن العاص بن امية (2). أسلم عمرو بن العاص سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر وقدم على النبي (صلى الله عليه وآله) هو وخالد بن الوليد وقيل: بين الحديبية وخيبر (3). بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ذات السلاسل (4) وأرسله إلى جعفر وعبد ملكي عمان (5). وبعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى سواع برهاط (6). وولاه عمان فلم يزل عليها حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) (7). 19 - معاوية بن أبي سفيان. ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (8).
(1) الاستيعاب 1: 51 وراجع الحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 116 عن ابن عساكر وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 1: 50 و 4: 116 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 عن الوزراء: 12 والعقد الفريد 4: 246 والاستيعاب والمصباح المضئ 1: 197. (2) اليعقوبي 2: 69. (3) راجع الاستيعاب 2: 508 هامش الاصابة والاصابة 3: 2 وأسد الغابة 4: 16 والطبري 3: 29 والكامل 2: 230 والتنبيه والاشراف: 230 والمستدرك للحاكم 3: 297 و 298 و 454. (4) أسد الغابة 4: 116 والاصابة 3: 2 والاستيعاب 2: 509 و 510 والطبري 3: 32 و 158 والكامل 2: 232. (5) الطبري 2: 645 والكامل 2: 272 والتنبيه والاشراف: 240 والفتوح للبلاذري: 104. (6) التنبيه والاشراف: 233. (7) الاستيعاب 2: 511 والفتوح للبلاذري: 104. (8) الاستيعاب 1: 51 وراجع المناقب 1: 162 والبداية والنهاية 5: 354 وحياة الحيوان للدميري: 1: 55
[160]
قال الواقدي: " فلما كان عام الفتح وأسلم معاوية وكتب أيضا " (1). قال اليعقوبي: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... معاوية بن أبي سفيان (2). قال المسعودي: " وكتب له معاوية قبل وفاته بأشهر " (3). قال جمع: إنه كان ملازما للكتابة في الوحي وغيره لا عمل له غيره (4). والحق - كما تقدم - أنه أسلم عام الفتح أو بعده قبل وفاته (صلى الله عليه وآله) بخمسة أشهر كما صرح به العلامة رحمه الله تعالى وطرح نفسه على العباس فشفع حتى عفا عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم شفع العباس رحمه الله تعالى ثانيا فجعله من كتابه ليكتب له الرسائل (5) إلى الملوك وإلى رؤساء القبائل، ويكتب حوائجه بين يديه، ويكتب ما يجبى من أموال الصدقة (6) أو يكتب له (صلى الله عليه وآله) ما بينه وبين العرب (7) أو كان يكتب له (صلى الله عليه وآله) إذا احتاج إلى أحد وكان زيد بن ثابت
= والحلبية 3: 364 والكامل 2: 312 والطبري 3: 173 والتراتيب 1: 115 وابن أبي الحديد 1: 338 وأسد الغابة 1: 50 والاصابة 2: 273 الوزراء والكتاب: 12 وتاريخ الخميس 2: 181 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 120 - 122 ومجمع الزوائد 1: 153 والمعجم الكبير 5: 114 والمصباح المضئ 1: 211. (1) الاستيعاب 1: 50 و 3: 395 وأسد الغابة 4: 385 والاصابة 3: 433 والبداية 8: 21 والطبقات 7 / ق 2: 128 والمفصل 8: 129. (2) اليعقوبي 1: 162. (3) التنبيه والاشراف: 242 وراجع المفصل 8: 129. (4) راجع الحلبية 3: 364 والتراتيب عن نور النبراس راجع 1: 125 وحياة الحيوان 1: 55. (5) كشف الحق: 309. (6) ابن أبي الحديد 1: 338 وراجع الوزراء والكتاب: 12. (7) التراتيب 1: 115 عن المدائني وكذا في الاصابة 3: 433.
[161]
غائبا (1). وطلبه النبي (صلى الله عليه وآله) يوما ليكتب فلم يأت وتعلل بالأكل فقال (صلى الله عليه وآله): " لا أشبع الله بطنه " (2). يوجد عدة من كتبه (صلى الله عليه وآله) وفي آخرها: وكتب معاوية وهي: كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ربيعة بن ذي مرحب (3) وإلى أهل جرش (4) ولأبي رافع (5) ولبني قرة بن عبد الله (6) ولعتبة بن فرقد (7) ولبلال بن الحارث (8) وللداريين بعد الهجرة (9) وللنجرانيين (10) ولأقرع بن حابس (11) ولعيينة بن حصن (12) ولبلال بن الحارث (13). بقي معاوية حتى نصبه الخليفة الثاني على الشام، فبغى وتفرعن وطغى وفعل ما فعل، وإن شئت الوقوف التام على إيمانه ونفاقه وجناياته ومخازيه فراجع النصائح الكافية والغدير 10.
(1) الاصابة 2: 273 والتراتيب 1: 115 عن القضاعي. (2) راجع ما تقدم من مصادره. (3) المكاتيب: 313 والوثائق: 203. (4) المكاتيب: 368 والوثائق: 243. (5) المكاتيب: 411 والوثائق: 267. (6) المكاتيب: 466 والوثائق: 137. (7) المكاتيب: 469 والوثائق: 262. (8) المكاتيب: 474 والوثائق: 223. (9) المكاتيب: 486. (10) الوثائق: 158. (11) الوثائق: 213 ومسند أحمد 4: 180 والسنن الكبرى للبيهقي 7: 25 ورسالات نبوية: 12 وكنز العمال 1: 273 وسنن أبي داود 2: 117 وتاريخ المدينة لابن شبه 2: 534 و 535 والمعرفة والتاريخ 1: 339 وحياة الحيوان للدميري 2: 277. (12) راجع المصادر المتقدمة. (13) الوثائق: 223 والمكاتيب: 474.
[162]
20 - شرحبيل بن حسنة (1). ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (2). وقال اليعقوبي: وكان كتابه الذين كانوا يكتبون الوحي والكتب والعهود... شرحبيل بن حسنة (2: 69). وقال الكتاني ناقلا عن المواهب: " إنه أول كاتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) (3) ونقل عن المحاضرات للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي... وكان شرحبيل بن حسنة يكتب التوقيعات إلى الملوك " (4). يوجد من كتبه (صلى الله عليه وآله) ما في آخره: كتب شرحبيل بن حسنة وهو كتابه للداريين قبل الهجرة (5) وكتابه (صلى الله عليه وآله) ليحنة بن روبة في آخره: كتب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة (6). قال ابن سعد - كما في التهذيب -: " وكان قدم مصر رسولا من النبي (صلى الله عليه وسلم) وتوفي النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو بها (7) وكان إسلامه قديما بمكة وهاجر إلى الحبشة ورجع مع جعفر
(1) قال البلاذري في الفتوح: 149: وشرحبيل فيما ذكر الواقدي ابن عبد الله بن المطاع الكندي وحسنة أمه.. وقال الكلبي: هو شرحبيل بن ربيعة بن المطاع، وراجع الاستيعاب بهامش الاصابة 2: 139 والاصابة 2: 143 وأسد الغابة 1: 50 و 2: 390 و 391 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 301 وفي القاموس: شرحبيل كقزعبيل. وراجع تنقيح المقال 1: 108 ترجمة أرقم بن شرحبيل. (2) الاستيعاب 1: 51 وراجع أسد الغابة 1: 50 والمناقب 1: 162 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وتاريخ الخميس 2: 181 والتنبيه والاشراف: 246 والعقد الفريد 4: 168 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 عن الاستيعاب والعقد الفريد والوزراء: 12 والمصباح المضئ 1: 129. (3) التراتيب 1: 118 وراجع المصباح المضئ 1: 129. (4) التراتيب 1: 124. (5) المكاتيب: 484 والوثائق: 100. (6) المغازي للواقدي 3: 1031 والوثائق: 89 الرقم 31 الف. (7) تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 302.
[163]
رضوان الله عليه (1). 21 - الحصين بن نمير (2). قال ابن حجر: " حصين بن نمير: ذكر أبو علي بن مسكويه في تجارب الأمم الحصين بن نمير في جملة من كان يكتب للنبي (صلى الله عليه وسلم) (3) كذا ذكره العباس بن محمد الأندلسي في التأريخ الذي جمعه للمعتصم بن صمادح فقال: وكان المغيرة بن شعبة والحصين يكتبان في حوائجه (4) وكذا ذكره جماعة من المتأخرين منهم القرطبي في المولد النبوي له والقطب الحلبي في شرح السيرة، وأشار إلى أن أصل ذلك مأخوذ من كتاب القضاعي الذي صنف في كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وفيه أنهما كانا يكتبان المدائنات والمعاملات... " (5). قال ابن عبد ربه: " وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان ما بين الناس، وكانا ينوبان عن خالد ومعاوية إذا لم يحضرا " (6). 22 - العلاء بن عقبة (7). قال المسعودي: " وعبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث الزهري والعلاء بن
(1) راجع المصادر المتقدمة وراجع تهذيب التهذيب 4: 324 وتهذيب الأسماء / ق 1: 243 والمستدرك 3: 276. (2) وفي التراتيب: " والحصين بن نمير وقيل: ابن بشر ". (3) راجع الاصابة 1: 339 والمناقب 1: 162 وتاريخ الخميس 2: 181 والتراتيب 1: 123 واليعقوبي 2: 69 قال: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... الحصين بن نمير ". (4) راجع الاصابة 1: 339 والتنبيه والاشراف: 245 والتراتيب 1: 123 عن الاصابة والمفصل 8: 132 والمصباح المضئ 1: 100 عن شرح السيرة وعيون المعارف للقضاعي والقرطبي وابن عبد البر. (5) راجع الاصابة 1: 339 والتراتيب 1: 123 و 124 عن الشيخ ابن العربي في المحاضرات: و 275 عن القضاعي في كتاب الأنباء وابن حزم في جوامع السيرة و 276 عن شرح ألفية العراقي قال ذكره القرطبي والقضاعي والمصباح المضئ 1: 100. (6) العقد الفريد 4: 161 وراجع الوزراء والكتاب: 12 والمفصل 8: 131. (7) قال ابن حجر في الاصابة 2: 498: ذكره المستغفري في الصحابة وفي المصباح المضئ: لم يذكره ابن عبد البر في أسماء الصحابة.
[164]
عقبة يكتبان بين الناس المدائنات وسائر العقود والمعاملات " (1). نقل ابن حجر عن المرزباني أنه قال: " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يبثه هو والأرقم في دور الأنصار، وقرأت في التأريخ المصنف للمعتصم بن صمادح: أن العلاء بن عقبة والأرقم كانا يكتبان بين الناس المداينات والعهود والمعاملات " (2). وقال ابن شهر آشوب: " وعلاء بن عقبة وعبد الله بن الأرقم يكتبان القبالات " (3). وقال الطبري: " وكان عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث والعلاء بن عقبة يكتبان بين الناس في حوائجهم " (4). وقال ابن عبد ربه: " وكان عبد الله بن الأرقم... والعلاء بن عقبة يكتبان بين القوم ومياههم وفي دور الأنصار بين الرجال والنساء و... " (5). قال ابن الأثير: " العلاء بن عقبة: كتب للنبي، ذكره في حديث عمرو بن حزم ذكره جعفر أخرجه أبو موسى مختصرا " (6). ذكر ذلك ابن كثير في البداية وذكر حديث عمرو بن حزم، وهو كتابة العلاء ابن عقبة كتابين في الإقطاع لعباس بن مرداس وعوسجة بن حرملة كما سيأتي، ونقل ذلك عن ابن عساكر.
(1) التنبيه والاشراف: 245 وراجع المفصل 8: 126. (2) الاصابة 2: 498 وراجع التراتيب 1: 275 والمفصل 8: 132 هذا وفي غيره عبد الله بن الأرقم بدل أرقم، ولعله سقط عن الاصابة كلمة: " عبد الله ". (3) المناقب 1: 162. (4) تاريخ الطبري 6: 179. (5) العقد الفريد 4: 161 وراجع المفصل 8: 131 و 132 وفي المصباح المضئ 1: 206 عن شرح السيرة للحلبي.. أنه كتب للنبي (صلى الله عليه وآله). (6) أسد الغابة 4: 9 وراجع الاصابة 2: 498 والبداية والنهاية 5: 353 والمفصل 8: 132.
[165]
ووجدنا في كتبه (صلى الله عليه وآله) ما في آخره: (وكتب العلاء بن عقبة) وهي: كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني معن (1) ولبني شنخ (2) ولعوسجة بن حرملة (3) ولعباس بن مرداس (4). وفي المفصل: " وكان من كتاب رسول الله الذين يكتبون له الرسائل إلى سادات القبائل يدعوهم فيها إلى الإسلام... والعلاء بن عقبة " (5) وأشار إلى كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني شنخ نقلا عن الطبقات. 23 - أرقم بن أبي الأرقم (6). قال ابن كثير: " ومنهم (أي: من الكتاب) رضي الله عنهم: أرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف بن أسد... المخزومي، أسلم قديما وهو الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مستخفيا في داره عند الصفا... وهو الذي كتب الإقطاع العظيم بن الحارث المحاربي بأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بفخ وغيره وذلك فيما رواه الحافظ ابن عساكر، وأسلم كثير ممن أسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم كما لا يخفى على من راجع المظان " (7). أقول: وجدنا في كتب الرسول (صلى الله عليه وآله) كتبا في آخرها اسم أرقم بن أبي الأرقم وهي:
(1) راجع المكاتيب: 340 والوثائق: 252 ولكن النص: " وكتب العلاء " مرددا بينه وبين ابن الحضرمي. (2) راجع المكاتيب: 470 والوثائق: 218 والمفصل 8: 132. (3) الوثائق: 218 والمكاتيب: 472 والبداية والنهاية 5: 353. (4) الوثائق: 259 والمكاتيب: 491 والبداية والنهاية 5: 353 والمفصل 8: 132. (5) راجع المفصل 8: 122. (6) راجع الكامل 2: 449 و 3: 502 وأسد الغابة 1: 59 و 60 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 107 والاصابة 1: 28 وابن أبي الحديد 14: 53 و 18: 308 وتنقيح المقال 1: 108 والطبقات الكبرى 3 / ق 1 في مواضع متعددة راجع: 4 و 87 و 88 و 107 و 119 و 162 و 164 و 170 و 177 و 192 و 278 و 281 و 282 و 285 و 293 و... وابن هشام 1: 270 والحلبية 1: 319 والمفصل 8: 125 وراجع المستدرك 3: 502 والمصباح المضئ 1: 89. (7) البداية والنهاية 5: 341 وراجع تاريخ الخميس 2: 181 والمستدرك 3: 502 و 504.
[166]
كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد يغوث (1) ولعاصم بن الحارث (2) ولعظيم بن الحارث (3) ولبني جفال (4) وللأجب الأسلمي (5). وفي المفصل: " وكان من كتاب رسول الله الذين كتبوا له الرسائل إلى سادات القبائل يدعوهم فيها إلى الإسلام... والأرقم بن أبي الأرقم " (6) وأشار إلى كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عبد يغوث. 24 - ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي. كان خطيب الأنصار وخطيب النبي (صلى الله عليه وآله) وشهد أحدا وما بعدها، وقتل يوم اليمامة شهيدا (7). قال ابن كثير: " ومنهم - أي: الكتاب - رضي الله عنهم، ثابت بن قيس... قال محمد بن سعد: قدم عبد الله بن سعد اليماني ومسلمة بن هاران الحداني على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رهط من قومهما بعد فتح مكة وكتب لهم كتابا... كتبه ثابت بن قيس " (8). أقول: عده الحلبية من الكتاب (9). وجدنا كتبا له (صلى الله عليه وآله) وفي آخرها: " وكتب ثابت بن قيس " وهي كتابه (صلى الله عليه وآله)
(1) راجع المكاتيب: 359 والوثائق: 135 والمفصل 8: 125. (2) المكاتيب: 458 والوثائق: 137 والمفصل 8: 125. (3) المكاتيب: 464 والوثائق: 137 والبداية والنهاية 5: 341. (4) المكاتيب: 454 والوثائق: 224. (5) المكاتيب: 450 والوثائق: 261 والمفصل 8: 125. (6) المفصل 8: 22. (7) راجع الاصابة 1: 195 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 192 وأسد الغابة 1: 229 والطبري 3: 116 و 254 وما بعدها والمفصل 8: 135 والمستدرك 3: 233 والمصباح المضئ 1: 92. (8) البداية والنهاية 5: 341 والمفصل 8: 135. (9) راجع السيرة الحلبية 3: 364 وتاريخ الخميس 2: 181 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر وبهجة المحافل 2: 161.
[167]
لعمائر كلب (1) ولجهينة (2) ولثمالة وحدان (3) ولأسلم (4) ولقطن بن حارثة (5). وفي المفصل 8: 122: " وكان من كتاب رسول الله الذين كتبوا له الرسائل إلى سادات القبائل يدعوهم فيها إلى الإسلام... وثابت بن قيس بن شماس " ثم أشار إلى كتابه (صلى الله عليه وآله) لوفد ثمالة وحدان. 25 - السجل. نقل ابن كثير في البداية والنهاية وقال: قال أبو داود: حدثنا قتيبة عن ابن عباس قال: " السجل كاتب للنبي (صلى الله عليه وسلم) " وهكذا رواه النسائي عن ابن قتيبة.. وعن الخطيب عن عمر (6). قال الطبري في تفسير الآية الشريفة: " وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: السجل في هذا الموضع الصحيفة، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب، ولا يعرف لنبينا (صلى الله عليه وسلم) كاتب كان اسمه السجل ولا في الملائكة ملك ذلك اسمه " (7).
(1) المكاتيب: 417 والوثائق: 130. (2) المكاتيب: 365 والوثائق: 219. (3) المكاتيب: 308 والوثائق: 128 والمفصل 8: 135. (4) المكاتيب: ص ؟ والوثائق: 225. (5) المكاتيب: 417 والوثائق: 249. (6) راجع 5: 347 وتاريخ الخميس 2: 181 وأسد الغابة 2: 261 والاصابة 1: 15 والدر المنثور 4: 340 عن أبي داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده في المعرفة وابن مردويه والبيهقي في سننه وصححه عن ابن عباس، وأخرج أيضا عن ابن المنذر وابن عدي وابن عساكر عن ابن عباس وراجع تفسير قوله تعالى * (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) * الأنبياء: 104 من التفاسير كالتبيان 7: 281 - 283 ومجمع البيان 7: 66 فانهم نقلوا ذلك عن ابن عباس، وراجع تفسير الطبري 19: 78 والقرطبي 12: 347 والمفصل 8: 131 و 285 والمعجم الكبير للطبراني 12: 170 و 171 والكامل لابن عدي 7: 2662 والمصباح المضئ 1: 126 عن شرح السيرة وابن منده وأبي نعيم. (7) وفي المصباح: وهذا لا يعرف في كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا في أصحابه من اسمه السجل.
[168]
وقال القرطبي أيضا: " وليس بقوي، لأن كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معروفون ليس هذا منهم، ولا في أصحابه من اسمه السجل ". بل نقل عن ابن عباس خلاف ذلك كما في هذه التفاسير (1) فإنه روي عنه أنه قال: السجل: الصحيفة، وروي أنه الملك فتتعارض الروايات حينئذ وتسقط عن الاعتبار، ولعله لذلك عبر عنه في المفصل ب‍ " خبر ضعيف " في قوله: " وجاء في خبر ضعيف أنه كان للرسول كاتب يقال له: السجل ". 26 - عامر بن فهيرة. قال ابن الأثير: " أخو عائشة لأمها، وكان من السابقين إلى الإسلام أسلم قبل أن يدخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دار الأرقم، أسلم وهو مملوك وهاجر مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة " (2). كتب له (صلى الله عليه وآله) كتابه لسراقة (3). وروي أن أبا بكر هو الذي كتب كما تقدم. وأطلق جمع بأنه من الكتاب (4) وظاهر أن مرادهم ذلك، لأنه لم يعهد له كتاب سوى هذا المورد.
(1) أي: خلاف ما رواه أبو داود عن ابن عباس. (2) أسد الغابة 3: 90 و 91 والاصابة 2: 256 والاستيعاب 3: 8 والطبري 2: 376 والمغازي للواقدي 1: 55 و 349 والطبقات الكبرى 2 / ق 1: 37 و 38 والمصباح المضئ 1: 168. (3) راجع عبد الرزاق 5: 394 والشفاء للقاضي 1: 687 ومسند أحمد 4: 176 والدر المنثور 3: 244 عن عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة وراجع البخاري 5: 76 والمستدرك للحاكم 3: 7 والبداية والنهاية 3: 185 و 5: 348 وراجع فتح الباري 7: 188 والحلبية 2: 48 وعمدة القاري 17: 48 والتراتيب 1: 123 والمصباح المضئ 1: 172. (4) راجع الحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 عن ابن عساكر وتاريخ الخميس وبهجة المحافل 2: 161.
[169]
27 - عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي. قال ابن كثير: " منهم (أي: من الكتاب) رضي الله عنهم: عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي صاحب الأذان، أسلم قديما فشهد عقبة السبعين... عن ابن عباس: انه كتب كتابا لمن أسلم من جريش " (1). ويوجد في آخر كتابه (صلى الله عليه وآله) لحدس من لخم: " وكتب عبد الله بن زيد " (2) ويحتمل أن يكون هو هو. ذكرت ترجمته في كتب التراجم (3) قال ابن حجر: " عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن زيد " وقال أبو عمر: " عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة بن عبد الله بن زيد " وقال ابن الأثير: " عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه " وفي المفصل: " وكان من كتاب رسول الله الذين كتبوا له الرسائل إلى القبائل يدعوهم فيها إلى الإسلام... وعبد الله بن زيد.. " (4) ثم أشار إلى كتابه (صلى الله عليه وآله) لحدس من لخم. 28 - عثمان بن أبي العاص. قال في البدء والتأريخ: " كان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) واستعمله على الطائف (5) ثم استعمله أبو بكر وأقطع له عثمان في البصرة " (6).
(1) البداية والنهاية 5: 350 وراجع تاريخ الخميس 2: 181 والمفصل 8: 132 وفي المصباح المضئ 1: 197 عن ابن عساكر ومحمد بن سعد في الطبقات: انه كتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم). (2) راجع المكاتيب: 316 والوثائق: 98 والمفصل 8: 122 و 132. (3) راجع الاصابة 2: 312 والاستيعاب هامش الاصابة 2: 311 و 312 وأسد الغابة 3: 165 والتنبيه والاشراف: 204 والمصباح المضئ 1: 196. (4) المفصل 8: 122. (5) راجع المصدر 5: 103 وتاريخ الخميس 2: 181. (6) راجع ترجمته في الاصابة 2: 460 والاستيعاب 3: 91 وأسد الغابة 3: 373 ومجموعة الوثائق: 395 والمغازي للواقدي 3: 963 و 966 و 968 والطبري 3: 99 و 597 والكامل 3: 284 و 421. (*
[170]
وفد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وفد ثقيف فأسلم، واستعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الطائف، وأقره أبو بكر وعمر ثم استعمله عمر على عمان والبحرين (1). 29 - يزيد بن أبي سفيان. ذكره تأريخ الخميس 2: 181 في كتابه (صلى الله عليه وآله) (2). وفي كتابه (صلى الله عليه وآله) لمجاعة بن مرارة على نقل أسد الغابة: " وكتب يزيد " (3) وفسره في الوثائق ناقلا عن عبد المنعم في رسالات نبوية بقوله: " يعني ابن أبي سفيان ". لم أجده في الصحابة في الكتب الموجودة عندي (4)، نعم في غنائم حنين أنه قال أبو سفيان: ابني يزيد قال (صلى الله عليه وآله): أعطوه أربعين أوقية ومائة من الابل، قال: ابني معاوية قال: أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل (5). وفي الطبقات في ترجمة هاني الهمداني: " ودعا (صلى الله عليه وسلم) له بالبركة، وأنزله على يزيد بن أبي سفيان حتى خرج معه إلى الشام حين وجهه أبو بكر " (6) وظاهره أن يزيد بن أبي سفيان كان ساكنا في المدينة في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله). أسلم يوم الفتح واستخلفه عمر على الشام بعد وفاة معاذ، فلما مات استخلف أخاه معاوية (7).
(1) المعارف لابن قتيبه: 153. (2) وراجع المفصل 8: 129. (3) راجع المكاتيب: 456 وفي الوثائق: 124 نقله عن " رسالات نبوية لعبد المنعم " والمفصل 8: 129. (4) كالاصابة 4 والاستيعاب وأسد الغابة. (5) الطبقات الكبرى 2 / ق 1: 110 والمغازي للواقدي 3: 945. (6) راجع المصدر 2 / ق 2: 149. (7) المفصل 8: 129 والمصباح المضئ 1: 240 عن الحلبي في شرح السيرة قال: ذكره أبو محمد بن حزم في كتابه السيرة في كتابه (صلى الله عليه وسلم) وذكره ابن عساكر وابن عبد البر وابن عبد ربه وابن سعد.
[171]
30 - أبو سفيان صخر بن حرب. ذكره في تأريخ الخميس 2: 181 من الكتاب (1). 31 - حويطب بن عبد العزى. ذكره تأريخ الخميس في الكتاب ولم أجده في غيره (2) وأسلم عام الفتح وكان من المؤلفة قلوبهم. 32 - بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي. تأريخ الخميس 2: 181 ذكره في الكتاب، وقال ابن حديدة في المصباح المضئ 1: 91: " قال ابن منير الحلبي: روى هلال بن سراج بن مجاعة عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أعطاه أرضا باليمن فكتب له عنه (صلى الله عليه وسلم) بريدة " وقد مر في نقل أنه كتبه يزيد، وسيأتي عن أسد الغابة وعلى كل حال لم نجده له اسما في كتاب آخر (3). 33 - طلحة بن عبيد الله. ذكره في تأريخ الخميس من كتابه (صلى الله عليه وآله) ولم يذكره غيره (4). وفي المفصل: " وكان طلحة من الكتبة، وهو أحد الثمانية الذين سبقوا إلى
(1) وراجع المصباح المضئ 1: 131 فانه نقل عن ابن منير الحلبي أنه قال: وذكر شيخنا أبو محمد الدمياطي في جملة كتابه (صلى الله عليه وسلم) أبا سفيان بن حرب ذكره ابن مسكويه وذكره ابن سعد فيمن شهد في كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لنجران ولبني جعيل من بلي. (2) راجع المصدر 2: 181 وراجع في ترجمته الاصابة 1: 364 وأسد الغابة 2: 67 والاستيعاب 1: 384 والمستدرك للحاكم 3: 492 والمصباح المضئ 1: 98 وقال: 100: قال عبد الكريم الحلبي ذكره في كتابه (صلى الله عليه وسلم) ابن مسكويه (رض). (3) وراجع ترجمته في المصباح وفي أسد الغابة 1: 175 والاصابة 1: 146 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 173. والحصيب: بضم الحاء المهملة وفتح الصاد وبريدة بضم الباء وفتح الراء كما في الاصابة. (4) راجع ترجمته في أسد الغابة 2: 59 و 62 والاصابة 2: 229 و 230 والاستيعاب 2: 219 - 225 والمصباح المضئ 1: 164.
[172]
الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى، وكان تاجرا، وكان عند وقعة بدر في تجارة... وكان من الأغنياء، كانت غلته ألفا وافيا كل يوم، والوافي وزن الدينار ". وفي المصباح المضئ: " ذكره عبد الكريم الحلبي في شرح السيرة وقال: وأما ما وقع لي ممن كتب له (صلى الله عليه وسلم) فطلحة ذكره علي بن محمد بن مسكويه في كتاب تجارب الأمم " (وفي الهامش انظر 1: 291 ط ليدن). 34 - سعد بن أبي وقاص. ذكره تأريخ الخميس 2: 181 من كتابه (صلى الله عليه وآله) ولم أجده في غيره. وراجع ترجمته في أسد الغابة 2: 290 والإصابة 2: 33 والاستيعاب 2: 18. 35 - أبو سلمة بن عبد الأسد. عده تأريخ الخميس في الكتاب راجع 2: 181 ولم يذكره غيره. وتوجد ترجمته في أسد الغابة 5: 218 والإصابة 4: 93 و 2: 335. 36 - عباس بن عبد المطلب. كتب له (صلى الله عليه وآله) كتابا في عطائه لنسائه من قمح خيبر. راجع المكاتيب: 557 والوثائق: 72 وكتابه (صلى الله عليه وآله) إلى الأزد راجع المكاتيب: 370 (1). 37 - عبد الله بن أبي بكر. وجدنا في آخر كتابه (صلى الله عليه وآله) لنجران على رواية: " وكتب لهم هذا الكتاب عبد الله بن أبي بكر " (2).
(1) الاصابة 2: 271 والاستيعاب 3: 94 وأسد الغابة 3: 110. (2) راجع الوثائق: 142 وراجع ترجمته في أسد الغابة 3: 199 والاصابة 2: 283 والاستيعاب 2: 258.
[173]
كتاب الزكاة والأخماس والغنائم ومصارفها: 1 - الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي. قال المسعودي: والزبير بن العوام وجهيم بن الصلت يكتبان أموال الصدقات (1) وأطلق الباقون فذكروه في كتابه (صلى الله عليه وآله) بقولهم: ممن كتب له... الزبير بن العوام، أو: ومنهم الزبير بن العوام (2). أسلم قديما وهو ابن ست عشرة سنة (3). ووجدنا اسمه في آخر كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني معاوية، ويعلم منه أنه قد كتب الرسائل أيضا (4). وفي التراتيب عن صبح الأعشى نقلا عن عيون المعارف وفنون أخبار الخلائف للقضاعي: " أن الزبير بن العوام وجهيم بن الصلت كانا يكتبان للنبي (صلى الله عليه وسلم) أموال الصدقات، وأن حذيفة بن اليمان كان يكتب له خرص النخل، فإن صح ذلك فتكون هذه الدواوين قد وضعت في زمانه (عليه السلام) " (5). وفي المفصل: وكان من كتاب رسول الله الذين كتبوا له الرسائل إلى سادات القبائل يدعوهم فيها إلى الإسلام (6) مشيرا إلى كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني معاوية.
(1) التنبيه والاشراف: 345 وراجع المناقب 1: 162 والتراتيب 1: 124 عن المحاضرات للشيخ ابن العربي و: 398 عن جوامع السير لابن حزم وتلخيص الحبير عن القضاعي والقرطبي في المولد واختصار الاصابة و: 399 عن صبح الأعشى والمفصل 8: 125. (2) الاستيعاب هامش الاصابة 1: 51 والبداية والنهاية 5: 344 والحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وأسد الغابة 1: 150 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 و 125 والمصباح المضئ 1: 114. (3) البداية والنهاية 5: 344. (4) الوثائق: 250 ومكاتيب الرسول: 340 والبداية والنهاية 5: 344. (5) التراتيب 1: 398 وراجع: 228. (6) المفصل 8: 122.
[174]
2 - جهيم (كزبير كما في القاموس) ابن الصلت. ذكره أبو عمر فيمن كتب له (صلى الله عليه وآله) (1). وفي المناقب لابن شهر آشوب: " والزبير بن العوام وجهيم بن الصلت يكتبان الصدقات " (2). وقال اليعقوبي: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... جهيم ابن الصلت (3). قال ابن حجر: " أسلم جهيم بن الصلت بعد الفتح " ناقلا عن ابن سعد والبلاذري وقال أبو عمر: " أسلم عام خيبر " (4). وفي الإصابة 1: 255: " جهم بن سعد... ذكره القضاعي في كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وأنه هو والزبير كانا يكتبان أموال الصدقة، وكذا ذكره القرطبي في المولد النبوي ". وفي المصباح المضئ 1: 95 عن عبد الكريم ذكر القرطبي: " جهم بن سعد في كتابه (صلى الله عليه وسلم) قال: وذكر القضاعي: وكان الزبير بن العوام وجهم بن سعد يكتبان أموال الصدقة " (5).
(1) الاستيعاب 1: 51 وراجع أسد الغابة 1: 50 والتراتيب 1: 116 عن ابن عساكر والاصابة 1: 256 عن صاحب التاريخ الصمادحي و 255 عن البلاذري.. وقد كتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) و: 398 من جوامع السير وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 122 والمصباح المضئ 1: 95 والعقد الفريد 4: 158. (2) المناقب 1: 162 والتنبيه والاشراف: 245 والتراتيب 1: 124 عن المحاضرات لابن العربي و: 398 عن جوامع السير لابن حزم وتلخيص الحبير عن القضاعي والاصابة والمولد النبوي للقرطبي واختصار الاصابة و: 399 عن صبح الأعشى وراجع صبح الأعشى 1: 91 والاصابة 1: 256. (3) اليعقوبي 2: 141 وفي الطبقات 1: 289 وفي ط ليدن 1 / ق 2: 22: انه كتب الكتاب ليخنة و: 37 و 268 أنه كتب ليزيد بن الطفيل وذكر الواقدي في المغازي 3: 1031 الأول. (4) الاصابة 1: 255 والاستيعاب 1: 247 وأسد الغابة 1: 311. (5) لم أجد " جهم بن سعد " في الكتب الموجودة عندي ولم يذكره عدا الاصابة والمصباح نقلاه عن
[175]
3 - عبد الله بن رواحة. عده أبو عمر ممن كتب له (صلى الله عليه وآله) (1). بعثه النبي (صلى الله عليه وآله) لخرص خيبر (2) وبعثه مبشرا في بدر (3) واستخلفه على المدينة حين خرج إلى بدر الصغرى (4) وبعثه فيمن بعثه إلى الخبر عن بني قريظة (5) واستشهد في مؤتة (6). والذي أظن أن عبد الله بن رواحة كان يكتب خرص خيبر، ويكتب أيضا فيمن يقسم ثمرها. 4 - معيقيب بن أبي فاطمة (7). قال ابن حجر: " معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي أسلم قديما وشهد المشاهد... ويقال أنه من بني دوس وشهد بيعة الرضوان والمشاهد بعدها... ويقال:
= القضاعي ويحتمل اتحاده مع " جهيم بن الصلت " وسهو الناسخ في كتابة " جهيم " باسقاط الياء وسهوه في الصلت والسعد أيضا والذي يؤيد ما قلنا ذكر جهم مع الزبير كاتبين لأموال الصدقة كما ذكروا جهيما. (1) الاستيعاب 1: 51 و 2: 294 هامش الاصابة وراجع الحلبية 3: 364 والتراتيب 1: 115 و 116 عن ابن عساكر وعمدة القاري 20: 19 وارشاد الساري 7: 450 وتاريخ الخميس 2: 181 واسد الغابة 1: 50 و 157 والاصابة 2: 306 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 و 136. (2) الاصابة 2: 306 والطبري 3: 21 قال: وكان يقسم ثمرها والمغازي للواقدي 2: 691 وابن هشام 3: 369 وسنن أبي داود 3: 264 وعون المعبود 3: 274 وابن ماجة 1: 582 والموطأ كتاب المساقاة ومسند أحمد 2: 24 و 3: 296 و 367 و 6: 163 والسنن الكبرى للبيهقي 4: 122 و 123 والأموال لأبي عبيد: 650 وما بعدها ومجمع الزوائد 3: 76 وعبد الرزاق 4: 122 والوسائل 13: 19. (3) الطبري 2: 458 و 487 والمغازي للواقدي 1: 114 و 317 والكامل 2: 130. (4) الطبري 2: 561 والمغازي للواقدي 1: 384 والكامل 2: 176. (5) الطبري 2: 571 والمغازي للواقدي 2: 459 وابن هشام 3: 232. (6) الطبري 3: 39 والمغازي للواقدي 2: 769 و 1: 165 والكامل 12: 38 و 2: 237. (7) في الاصابة: معيقيب بقاف مكسورة وبعدها مثناة تحتانية وآخره موحدة مصغر قال ابن شاهين: ويقال معيقب بغير الياء الثانية.
[176]
كان من مهاجري الحبشة، وكان على بيت المال لعمر بن الخطاب، ثم كان على خاتم عثمان بن عفان ومات في خلافته " (1). وفي الاستيعاب: " مولى سعيد بن العاص... أسلم قديما بمكة.. وهاجر إلى أرض الحبشة... وكان على خاتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واستعمله عمر وأبو بكر على بيت المال... وتوفي في آخر خلافة عثمان ". (وراجع المصباح المضئ 1: 234). قال المسعودي: " ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي... وكان حليفا لبني أسد يكتب مغانم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان عليها من قبله " (2). عده أبو عمر ممن كتب له (صلى الله عليه وآله) (3). 5 - حذيفة بن اليمان أبو عبد الله العنبسي (4). صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصاحب سره في المنافقين حليف بني عبد الأشهل من الأنصار، شهد المشاهد بعد بدر أو في بدر أيضا كما عن رجال الشيخ رحمه الله تعالى، وبايع أمير المؤمنين ومات بعد قليل، وله رحمه الله تعالى مناصب ومقامات
(1) الاصابة 3: 451 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 476 وراجع اسد الغابة 4: 403 والكامل 3: 199 و 403 والغدير 8: 277 والمفصل 8: 130. (2) التنبيه والاشراف: 245 والعقد الفريد 4: 161 والتراتيب 1: 381 عن العقد واليعقوبي 2: 65 والوزراء والكتاب: 12 والمفصل 8: 130. (3) راجع الاستيعاب 1: 51 وأسد الغابة 1: 50 والتراتيب 1: 161 عن ابن عساكر وعمدة القاري 20: 19 وإرشاد الساري 7: 450 وتاريخ الخميس 2: 181 وبهجة المحافل 2: 161 والمفصل 8: 121 والمصباح المضئ 1: 234. (4) راجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 96 وأسد الغابة 1: 391 والاصابة 1: 317 والاستيعاب 1: 277 هامش الاصابة وأعيان الشيعة 4: 591 والمعارف لابن قتيبة: 114 وفي تنقيح المقال 1: 259: اليمان في الأصل مخففا نسبة إلى اليمن وألفه عوض عن ياء النسبة.. وهو من نادر النسب وقال: 155: حذيفة بضم الحاء وفتح الذال المعجمة وسكون الياء المثناة من تحت وفتح الفاء بعدها ياء وراجع المستدرك 3: 379. (*)
[177]
لا تسع الوجيزة ذكرها فلتراجع المفصلات (1). كان يكتب صدقات التمر (2). قال المسعودي: " وحذيفة بن اليمان يكتب خرص الحجاز " (3). عن المحاضرات للشيخ ابن العربي: "... وكان حذيفة يكتب خرص النخل " (4). عن ابن حزم في كتابه جوامع السير: " كان كاتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الصدقات: الزبير ابن العوام، فإن غاب أو اعتذر كتب جهم (جهيم) بن الصلت وحذيفة بن اليمان " (5). وفي تأريخ الخميس 2: 181: " إنه كان من الكتاب " (6). 6 - معاذ بن جبل بن عمرو... الأنصاري الخزرجي. قال أبو عمر: "... وشهد العقبة والمشاهد كلها، وبعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قاضيا إلى الجند باليمن يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن... عام فتح مكة، فمكث معاذ باليمن أميرا إلى أن توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (7).
(1) راجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 96 واسد الغابة 1: 391 والاصابة 1: 317 والاستيعاب 1: 277 هامش الاصابة وأعيان الشيعة 4: 591 وسفينة البحار 1: 234 والغدير 6: 241 والمعارف لابن قتيبة: 114 وابن أبي الحديد 1: 220 و 2: 51 و 187 و 8: 26 و 10: 105 و 11: 120 و 13: 234 و 19: 61 وتنقيح المقال 1: 259 و 260 والمفصل 8: 132. (2) المناقب 1: 162 والتراتيب 1: 398 و 399. (3) التنبيه والاشراف: 245 والعقد الفريد 4: 161 والمفصل 8: 132. (4) التراتيب 1: 124 وصبح الأعشى 1: 11 عن عيون المعارف للقضاعي وفي طبعة أخرى 1: 91 والمفصل 8: 132 والمصباح المضئ 1: 104. (5) التراتيب 1: 398 و 399. (6) وراجع المصباح المضئ 1: 104 عن محمد بن أحمد بن عبد البر وأبي منصور عبد الملك الثعالبي في لطائف المعارف وأبي عبد الله القرطبي. (7) الاستيعاب 3: 355 وراجع اسد الغابة 4: 376 والاصابة 1: 427 والمعارف لابن قتيبة: 111 والغدير 7: 266 و 8: 239 وتنقيح المقال 3: 220 و 221 والمستدرك 3: 268.
[178]
قال اليعقوبي: " وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود... ومعاذ ابن جبل " (1) ولم يذكره الآخرون. وكان بعثه إلى اليمن السنة التاسعة من الهجرة بعد قدوم رسول ملوك حمير (2) وقبل ذلك سنة ثمان بعد الفتح تركه النبي (صلى الله عليه وآله) بمكة يفقه الناس (3). قال المحدث القمي رحمه الله تعالى: " معاذ بن جبل - بالميم المضمومة - الأنصاري الخزرجي كان من أصحاب الصحيفة، وهو ممن قوى خلافة أبي بكر " (4). هذا، ولكن لم يذكره أحد في الكتاب عدا اليعقوبي، ولم يثبت ولم يذكر له كتاب بخطه، فإن صح ذلك فلعله كان يكتب الصدقات والأموال التي يأخذها من العمال باليمن ويرسلها إلى المدينة أو يصرفها في مصارفها. بحث وتنقيب حول النوادر: 1 - روي عن أنس قال: " كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه، فقالوا: هذا كان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنه
(1) اليعقوبي 2: 69. (2) كما في الطبري 3: 121 و 228 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 358 وفي سفينة البحار 2: 287: انه كان في السنة العاشرة. (3) الكامل 2: 272 والمغازي للواقدي 3: 889 و 959 والسنة قبل التدوين: 165. (4) سفينة البحار 2: 288 وتنقيح المقال 3: 221 عن كتاب سليم وارشاد الديلمي وقاموس الرجال 9: 11 عن التنقيح عنهما، ولكنه طعن في خبر الارشاد وسليم، ولكن نقل عن رجال البرقي: 60 ان معاذا كان ممن أخرجوا أبا بكر من بيته إلى المسجد وأصعدوه المنبر وحددوا الذين اعترضوا على أبي بكر، ويرد عليه أيضا ما تقدم من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) توفى ومعاذ باليمن ورجوعه منها إلى المدينة بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) في هذه المدة بعيد.
[179]
فيهم ؟ " (1). وعنه قال: " إن كاتبا للنبي (صلى الله عليه وسلم) لحق بالمشركين فقالوا: هذا كاتب محمد اختار دينكم فأكرموه قال: فأكرم، فلم يلبث أن مات ". ورواه في كنز العمال عن ابن أبي داود في المصاحف بقوله: " إن رجلا كان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوحي، فكان إذا أملى عليه سميعا كتب سميعا عليما، وإذا أملى عليه سميعا عليما كتب سميعا بصيرا وكان قد قرأ البقرة وآل عمران وكان من قرأهما قرأ قرآنا كثيرا، فتنصر الرجل فقال: إنما كنت أكتب ما شئت عند محمد، فمات فدفن فلفظته الأرض، ثم دفن فلفظته الأرض.. ". ولم ينص على أنه كان من الأنصار من بني النجار، وهذا كروايته الأخرى (عن " ق " يعني عن البخاري ومسلم كما صرح بذلك في أول الكتاب) عن أنس (2). ونقل ذلك في المفصل عن ابن دحية مختصرا ثم قال: وهو خبر لا نجده في الموارد الأخرى ولم ينص على اسم الكاتب، والأغلب في نظري أنه من الأخبار الموضوعة، وضع على بني النجار للإساءة إليهم وضعه من كان يتحامل عليهم. أقول: هذا الكاتب المفتعل يحتمل انطباقه على سعد بن أبي سرح القرشي العامري، يعني أن الواضع أراد تطبيق هذه القضية على رجل أنصاري إزراء عليهم، وزاد فيها وحرف في قصة الدفن، لأن سعدا لم يمت بل عاش إلى سنة سبع وخمسين
(1) مسند عبد بن حميد: 381 و 382 وراجع كنز العمال 2: 189 و 190 والمفصل 8: 130. قال القاضي في الشفاء 2: 306: وفي الصحيح عن أنس (رض): " أن نصرانيا كان يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ما أسلم ثم ارتد، وكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له " ثم تكلم حول هذا الحديث. وراجع نسيم الرياض 4: 106 شرح الشفاء للقاري بهامشه. (2) أخرج البخاري 4: 246 عن أنس (رض) قال: كان رجل نصرانيا فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فعاد نصرانيا فكان يقول: ما يدري محمد الا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض الحديث. وراجع فتح الباري 6: 460 وموارد الظمآن: 365.
[180]
كما في الاصابة 2: 317 كما أنه لم يتنصر بل ارتد ولحق بالمشركين. وذكر في المفصل: " وكاتبا يقال له ابن أخطل يكتب قدام النبي (صلى الله عليه وسلم) فكان إذا نزل غفور رحيم... ثم كفر ولحق بمكة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من قتل ابن أخطل فهو في الجنة، فقتل يوم الفتح، وهذا وهم، وقد خلط صاحب هذا الخبر بين عبد الله بن أبي سرح وبين ابن أخطل الذي لم يرد في الأخبار أنه كتب للنبي (صلى الله عليه وسلم) " (1). وقال: " وكان عقبة بن عامر بن عبس الجهني الصحابي المشهور من الكتاب، وصف بأنه كان قارئا عالما بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعرا كاتبا... ونجد في طبقات ابن سعد صورة كتاب أمر الرسول بكتابته لعوسجة بن حرملة الجهني في آخره وكتب عقبة وشهد ". أقول: الذي وجدناه في آخر هذا الكتاب هو علاء بن عقبة كما أشرنا إليه في العلاء بن عقبة، ولعل علاء سقط من النسخة الموجودة عنده. وفي الأمالي: أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد بن خالد عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كان غلام من اليهود يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) كثيرا حتى استخفه، وربما أرسله في حاجته، وربما كتب له الكتاب إلى قومه، فافتقده أياما فسأل عنه، فقال له قائل: تركته في آخر يوم من أيام الدنيا، فأتاه النبي في أناس من أصحابه وكان له بركة لا يكلم أحدا إلا أجابه، فقال: يا فلان ففتح عينه وقال: لبيك يا أبا القاسم قال: قل: أشهد أن لا اله الا الله وأني رسول الله، فنظر الغلام إلى أبيه... فقال الغلام: أشهد أن لا اله الا الله... " (2). يظهر من هذا الخبر استكتاب النبي (صلى الله عليه وآله) الغلام اليهودي في حوائجه إلى قومه.
(1) المفصل 8: 130. (2) البحار 6: 26 و 81: 234 عن أمالي الصدوق (رحمه الله) وراجع الأمالي ط قم نفس الصفحة.
[181]
الفصل السابع بدء كتبه (صلى الله عليه وآله) في الدعوة إلى الإسلام إلى: الملوك والأمراء والأقيال والأساقفة اتخاذه الخاتم وصيته (صلى الله عليه وآله) للرسل لما تم صلح الحديبية في شهر ذي القعدة سنة ست من الهجرة (1) رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة قرير العين ورحيب الصدر بما فتح الله له وأنزل عليه: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * (2) وبما عمل من العمل الكبير من عقد الصلح لما يرى من كثب دخول الناس في دين الله أفواجا.
(1) الطبري 2: 620 وما بعدها والطبقات 1 / ق 2: 15 والكامل 2: 200. (2) سيرة ابن هشام 3: 334 والبداية والنهاية 4: 177 والبحار 20: 373 والسنن الكبرى 9: 222 و 223 بأسانيد متعددة والدر المنثور 6: 67 عن ابن اسحاق والحاكم والبيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة ومروان و: 68 عن ابن أبي شيبة وأحمد وأبي داود وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجمع بن جارية الأنصاري، وعن ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه وأبي داود والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود، وعن ابن أبي شيبة والبخاري وابن مردويه والبيهقي عن أنس، وعن البيهقي عن عروة، وعن سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث، وعن البيهقي عن المسور ومروان و: 69 عن عبد بن حميد عن الشعبي و: 71 عن ابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن أنس، ونور الثقلين 5: 47 عن أنس وابن مسعود و: 48 عن مجمع بن حارثة والزهري و: 54 عن أبي عبد الله (عليه السلام) وتفسير الطبري 26: 43 عن ابن مسعود وأنس والشعبي ومجاهد و: 44 عن أنس وقتادة وسهل بن حنيف وجابر والبراء ومجمع بن جارية والبدء والتاريخ 4: 225.
[182]
ورجع المسلمون بين فرح راض ممن كان له نظر ثاقب ورأي رزين سيما بعد نزول قوله تعالى: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الصلح " أعظم فتح " أو قوله في جواب السائل: أو فتح هذا ؟ " إي والذي نفسي بيده ". وبين مغتم كاظم لغيظه لا يرى خلاف الرسول (صلى الله عليه وآله) خوفا أو طمعا أو لا يقدر عليه. فرأى فسحة لنشر الدين ومجالا لتبليغ الرسالة إلى الناس كافة من العرب والعجم والأبيض والأسود، ليتم الحجة ويكمل رحمة الله على الناس كلهم. فعندئذ كتب إلى الملوك من العرب والعجم ورؤساء القبائل والأساقفة والمرازبة والعمال وغيرهم يدعوهم إلى الله تعالى وإلى الإسلام، فبدأ بامبراطوري الروم وفارس وملكي الحبشة والقبط، ثم بغيرهم، فكتب في يوم واحد ستة كتب وأرسلها مع ستة رسل. قال ابن سعد في الطبقات 1: 258 وفي ط ليدن 1 / ق 2: 15: " فكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، فخرج في يوم واحد منهم ستة نفر وذلك في المحرم سنة سبع، وأصبح كل رجل يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم ". تاريخ كتب الدعوة وبعث الرسل: اختلف المؤرخون اختلافا شديدا في أن كتابته (صلى الله عليه وآله) إلى الملوك وغيرهم وبعثه (صلى الله عليه وآله) رسله كان في سنة ست من الهجرة في ذي القعدة أو ذي الحجة أو في سنة سبع أو كان ذلك بين الحديبية وبين وفاته (صلى الله عليه وآله). قال الطبري 2: 288 وفي طبعة أخرى: 644 وابن الأثير في الكامل 2: 80 وفي طبعة أخرى: 210 أنه كان في السنة السادسة، وراجع الجامع للقيرواني: 287
[183]
وفي البداية والنهاية 4: 262 عن الواقدي ثم قال: ولا خلاف بينهم أن بدء ذلك كان قبل فتح مكة وبعد الحديبية، وراجع البحار 20: 382 ومروج الذهب 2: 289 وسفينة البحار 1: 376 في ختم، وفتح الباري 10: 274. وقال المسعودي في التنبيه والأشراف: 225 وأبو الفداء 1: 148 وابن سعد في الطبقات 1 / ق 2: 15 والسمهودي في وفاء الوفاء 1: 315: أنه كان ذلك في أول السنة السابعة كما في ثقات ابن حبان 2: 6 وأعيان الشيعة 1: 243 وفتح الباري 10: 274 أيضا، وراجع الكامل لابن عدي 4: 1565. قال في البداية والنهاية 4: 262: وقال محمد بن إسحاق: كان ذلك ما بين الحديبية ووفاته. (كما في تاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 38 أيضا). قال ابن هشام في السيرة 4: 278: إنه كان بعد صلح الحديبية ولم يعين سنة بدئه، وقال ابن حجر في الاصابة في ترجمة دحية بن خليفة: أنه كان في آخر السنة السادسة أو في أول السابعة. أقول: لا إشكال في أنه (صلى الله عليه وآله) كتب للدعوة إلى الإسلام بعد صلح الحديبية إلى أن توفاه الله عز وجل، وإنما الكلام في بدء الدعوة بإرسال الرسل والكتب، وحيث كان بدء كتابته (صلى الله عليه وآله) منذ رجع من الحديبية في آخر السنة السادسة وأول السنة السابعة، فاشتبه الأمر على الناقلين لقرب الزمانين، لأنه (صلى الله عليه وآله) أقام بالمدينة رمضان وشوال، وخرج في ذي القعدة معتمرا (1) حتى بلغ الحديبية ومنعته قريش حتى انجر
(1) الذي يذكر لنا التاريخ ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) اعتمر أربع عمر اتفق وقوعها كلها في ذي القعدة راجع البداية والنهاية 4: 164 والطبري 2: 620 في عمرة الحديبية و 3 في عمرة القضاء والكامل 2: 200 والبحار 20: 361 و 365 و 371 وسيرة ابن هشام 3: 321 وكنز العمال 10: 318 وراجع نور الثقلين 1: 150 والكافي 4: 252 والوسائل 10: 238 وجامع أحاديث الشيعة 10: 466 والخصال 1: 200 روي ذلك عن سماعة وأبان ومعاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) وروي ذلك أيضا في البحار 21: 400 و 401 عن الكافي.
[184]
إلى الصلح، فرجع (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ولم يبق من السنة السادسة إلا قليل، ويحتمل أن يكون العزم على ذلك واتخاذ الخاتم وتعيين الرسل وكتابة الكتب وبعث الرسل في هذه المدة، فوقع قسم منها في السادسة وقسم في السابعة، فتكون الأقوال كلها صحيحة، قال المسعودي في التنبيه والاشراف: 225: " اتخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخاتم في المحرم ونقش عليه: محمد رسول الله، وكاتب الملوك في شهر ربيع الأول، ونفذت كتبه ورسله إليهم يدعوهم إلى الإسلام ". النبي (صلى الله عليه وآله) يوصي الرسل ويعظهم: قال الطبري: " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج على أصحابه ذات غداة فقال لهم: إني بعثت رحمة وكافة، فأدوا عني يرحمكم الله ولا تختلفوا علي كاختلاف الحواريين على عيسى بن مريم، قالوا: يا رسول الله وكيف كان اختلافهم ؟ قال: دعا إلى مثل ما دعوتكم إليه، فأما من قرب به فأحب وسلم وأما من بعد به فكره وأبى، فشكى ذلك منهم عيسى إلى الله عزوجل، فأصبحوا من ليلتهم تلك وكل رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين بعث إليهم فقال عيسى: هذا أمر قد عزم الله لكم عليه فامضوا " (1). ويظهر من ابن سعد وغيره أن رسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاروا كذلك يتكلم كل رجل منهم بلسان القوم الذين أرسل إليهم. وفي نص آخر: " قال (صلى الله عليه وآله) لأصحابه يوما: وافوني بأجمعكم بالغداة... وكان (صلى الله عليه وآله) إذا صلى
(1) راجع الطبري 2: 645 وكنز العمال 10: 419 وسيرة ابن هشام 4: 254 و 255 والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 15 و 19 والحلبية 3: 272 وزيني دحلان 3: 57 هامش الحلبية وكنز العمال 5: 326 وفي طبعة أخرى 10: 418 و 419 وحياة الصحابة 1: 101 عن الطبراني ونشأة الدولة الاسلامية على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 75 والتراتيب 1: 190 و 191 والمعجم الكبير للطبراني 25: 232 و 233 والكامل لابن عدي 4: 1561.
[185]
جلس في مصلاه قليلا يسبح ويدعو، ثم التفت إليهم، فاختار عدة منهم، فبعثهم رسلا إلى الملوك والأمراء وقال لهم: انصحوا لله في عباده، فإنه من استرعى شيئا من أمور الناس، ثم لم ينصح لهم حرم الله عليه الجنة، انطلقوا ولا تصنعوا كما صنعت رسل عيسى بن مريم. قالوا: وما صنعوا يا رسول الله ؟ قال: دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه، فأما من كان مبعثه قريبا فرضي وسلم، ومن كان بعثه مبعثا بعيدا فكره وجهه وتثاقل، فشكى ذلك عيسى إلى الله، فأصبح المتثاقلون وكل واحد يتكلم بلغة الأمة التي بعث إليها ". اتخاذه الخاتم: لما أراد (صلى الله عليه وآله) أن يكتب الكتاب قيل: يا رسول الله إنهم لا يقرأون كتابا إلا إذا كان مختوما، فاتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما خاتما من فضة نقشه ثلاثة أسطر " محمد رسول الله " وقيل: إن الأسطر الثلاثة تقرأ من أسفل فيبدأ به محمد ثم رسول ثم الله، فختم به الكتب صونا لها من التزوير إن كان الختم في آخر الكتاب، أو لئلا يطلع عليها أحد إن كان الختم عليها بعد الطي أو للتشريف فقط، والظاهر أنهم كانوا يطوون الكتب ويجعلون عليها شيئا رطبا كالطين ونحوه، فيختمون عليها، فلا يقرأ الا بعد فض الخاتم، وذلك لئلا يطلع على ما في الكتاب غير المكتوب إليه، ولا يزاد فيه ولا يحرف (1).
(1) الجامع للقيرواني: 287 والبخاري 1: 25 و 7: 201 - 203 وزيني دحلان هامش الحلبية 3: 57 والبداية والنهاية 5: 356 و 6: 2 - 5 والطبقات 1 / ق 2: 15 و 162 و 164 والبحار 40: 37 والترمذي 5: 69 ومسند عبد بن حميد والحلبية 3: 271 والسنن الكبرى للبيهقي 10: 128 وراجع الوسائل 3: 393
[186]
قال القيرواني: وكان نقش كتابه: " لا اله الا الله محمد رسول الله " وكذا في التراتيب وغيره. وقيل: إنه اتخذ خاتما من ذهب، فاقتدى به أصحابه ذوو اليسار.. فأخبره جبرئيل من الغد بأن لبس الذهب حرام على ذكور أمتك، فطرحه ثم اتخذ من الفضة، فكان ذلك الخاتم في يده (صلى الله عليه وآله) ثم في يد أبي بكر ثم في يد عمر ثم في يد عثمان حتى وقع في بئر أريس في السنة التي توفى فيها عثمان (1). وعن المعيقيب: " كان خاتم النبي (صلى الله عليه وسلم) من حديد ملوي عليه فضة " (2). وفي مسند عبد بن حميد عن أنس قال: " كتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى ملك الروم فلم يجبه فقيل له: إنه لا يقرأ إلا أن يختم قال: فاتخذ رسول الله خاتما من فضة وكتب فيه: محمد رسول الله ". وهنا بحث حول عدد خواتيم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونقوش خواتيمه وسنة اتخاذ الخاتم وأنه كان يتختم في اليمين أو اليسار، وفي أنه اتخذ خاتما من ذهب أو حديد أو عقيق أو لا... وأنه أهديت إليه خواتيم... و... ولكنها خارجة عن شأن هذا الكتاب، فمن أراد فليراجع المصادر المتقدمة. والجدير بالذكر أنه (صلى الله عليه وآله) كتب في يوم واحد إلى إمبراطوري الروم وفارس
= كتاب الصلاة باب استحباب التختم بالفضة و: 409 باب استحباب نقش الخاتم ومستدرك الوسائل 3: 283 وما بعدها و: 302 وما بعدها ط مؤسسة آل البيت ومسلم 3: 1657 وسنن أبي داود 4: 88 وسفينة البحار 1: 376 في " ختم " والتراتيب 1: 177 - 179 وتاريخ الخميس 2: 29 وأعيان الشيعة 1: 243 وزاد المعاد 1: 30. (1) زيني دحلان هامش الحلبية 3: 57 والبداية والنهاية 5: 356 و 6: 2 - 4 والحلبية 3: 271 والبحار 7: 202 و 204 وسنن أبي داود 4: 88 و 89 والطبقات 1 / ق 2: 165 وفتح الباري 10: 269. (2) البداية 5: 356 و 6: 4 والحلبية 3: 372 والبخاري 7: 201 وسنن أبي داود 4: 90 والتراتيب 1: 178 والطبقات 1 / ق 2: 163.
[187]
وملكي الحبشة والقبط وإلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام وإلى هوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة (1). هذه الكتب بأجمعها تتضمن معنى واحدا وتروم قصدا فاردا وإن كان اللفظ مختلفا، إذ كلها كتب لمرمى واحد، وهو الدعوة إلى التوحيد والإسلام، ومغزاه قوله تعالى: * (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولون اشهدوا بأنا مسلمون) * (2). ولا يوجد بين معنى هذه الكتب وبين ندائه (صلى الله عليه وآله) يوم صدع بالرسالة بنداء التوحيد وهو نداء الفطرة: " قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " فرق أصلا، ولذلك لا ترى في أكثر هذه المكاتيب أثرا من الحرب أو الجزية، وكان مرماه الشريف إيقاظ شعور الأمم والملل وتوجيههم نحو الحق والحقيقة وإتمام الحجة، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولله الحجة البالغة. وهذا كندائه يوم بعث بالرسالة نداء فيه السعادة والسيادة والمجد والعظمة، نداء يدعو الإنسانية إلى إله واحد، ويدعو إلى إلغاء الميزات الجاهلية التي يعتبرها الإنسان، نداء يتردد صداه في الآذان وحقيقته في فطرة الإنسان، فلذلك نرى القلوب السليمة، والمشاعر الحية له ملبين، والملوك له خاضعين، ألا ترى قيصر والنجاشي والمقوقس وغيرهم عدا قليل منهم أجابوه إلى الإسلام، أو بجواب
(1) راجع أعيان الشيعة 1: 243 وزاد المعاد لابن القيم 1: 30 والطبقات 1 / ق 2: 15 والطبري ق 2: 644 وكنز العمال 10: 419 وابن هشام 4: 254 والحلبية 3: 270 وما بعدها وزيني دحلان هامش الحلبية 3: 58 وما بعدها وحياة الصحابة 1: 102 وما بعدها ونشأة الدولة الاسلامية: 74 والتراتيب والبداية والنهاية 4: 180 و 262 وما بعدها وفي المعجم الكبير للطبراني 11: 393 ظاهره انه (صلى الله عليه وآله) كتب إليهم هذه الآية. (2) آل عمران: 64.
[188]
اعتذار يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى حرصا على ملكهم. مثل لعقلك نداءه يوم نادى قريشا بقوله (صلى الله عليه وآله): " قولوا لا إله الا الله تفلحوا " فلبته القلوب الحية الخاضعة للحق، وقبله إنسان مكة، وآمنوا وأسلموا حتى رجع إليها أشراف قريش وعاتبوهم ولاموهم وقرعوهم بسياط العصبية، فأرجعوهم وراءهم القهقرى، قال المسور بن مخرمة الزهري: " لما أظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإسلام، أسلم أهل مكة كلهم، وذلك قبل أن تفرض الصلاة، حتى إذا كان يقرأ السجدة ما يستطيع أن يسجد (1) حتى قدم رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وغيرهما - وكان بالطائف في أراضيهم - فقالوا: تدعون دين آبائكم ؟ ! ! فكفروا " (2). فترى نداءه نداء التوحيد يوقظ الشعور السليمة ويؤثر. مثل لعقلك هذا النداء ونداءه بعد حقب من الدهر يدعو ملوك الدنيا إلى الله تعالى: * (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد الا الله.. ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون) * يدعو إلى التحرر من كل شئ دون الله تعالى، ويدعو إلى الخروج عن عبودية كل شئ إلى العبودية لله تعالى، تجد صدى ذاك في جبال مكة تقرع الآذان، وترى هذا يقرأ في قصور الملوك يهز كل سامع ويوقظ كل ضمير حي، وكلاهما نداء واحد يملآن القلوب رعبا وتحس الأفئدة منهما رأفة وحنانا، وتجدهما نداء والد شفيق يدعو ولده بعطف وحنان ونداء إلهيا توجل القلوب منه وتصدع، فنداؤه في مكة أوجد هيوجا وانقلابا روحيا يتصل بانقلاب ظاهري مادي وإيمان صلب يقاتل ويناضل، ونداؤه في السنة السابعة أيقظ الشعور الحية في العرب والعجم في قبائلهم وقصورهم ومجالسهم، فلم يتمالكوا أن خضعوا له ولبوه أو استسلموا متخذين جانب الصلح والاستسلام، لبوه بالكتب المملوءة بالإكرام والإعظام
(1) في نقل يحيى بن معين: " حتى إن كان ليقرأ بالسجدة فيسجدون وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام وضيق المكان لكثرة الناس حتى قدم رؤوس قريش ". (2) المستدرك للحاكم 3: 490 وتاريخ يحيى بن معين 3: 53 / 212.
[189]
والإعتذار وثنوها بالتحف والهدايا، وإليك نماذج مجملا من مفصل وقليلا من كثير: قال قيصر لأخيه حين أمره برمي الكتاب: أترى أرمي كتاب رجل يأتيه الناموس الأكبر. وقال لأبي سفيان بعد أن ساءله وتكلم معه في النبي (صلى الله عليه وآله) كما يأتي: إن كان ما تقول حقا فإنه نبي ليبلغن ملكه ما تحت قدمي. وخرج ضغاطر الأسقف أسقف الروم بعد قراءة الكتاب إلى الكنيسة والناس حشد فيها وقال: يا معشر الروم إنه قد جاءنا كتاب أحمد يدعونا إلى الله وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن أحمد رسول الله. وقال المقوقس: إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكذاب. وكتب فروة عامل قيصر على عمان (كشداد بلد بالشام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإسلامه، فلما بلغ ذلك ملك الروم أخذه واعتقله واستتابه فأبى ثم قتله فقال حين يقتل: بلغ سراة المسلمين بأنني * سلمت لربي أعظمي وبناني وكتب هوذة بن علي ملك اليمامة: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله. وأجابه جيفر وعبد ابنا جلندي ملكا عمان (كغراب اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند في شرقي هجر تشتمل على بلدان كثيرة - معجم البلدان) بالإسلام وخلوا بينه وبين الصدقة. وأجابه المنذر بن ساوى ملك البحرين وحسن إسلامه. وأجابه ملوك حمير ووفدوا.
[190]
وأجابه أساقفة نجران وأعطوا الجزية. ولباه عمال ملك فارس بالبحرين واليمن. ولباه أقيال حضرموت. ولباه ملك إيلة ويهود مقنا وغيرهم إما بالإسلام أو الجزية. وكتب إليه النجاشي بإسلامه وإيمانه. إلى غير ذلك ممن أجاب دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وخضع للحق، فياله من نداءما أبلغه وكلام ما أحلاه، ودعوة إلهية وهداية ربانية ما أثرها، ويا لها من كتب تحمل بين طياتها كلمة التوحيد ودعوة الحق، وهكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها. وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى أهل بيته وأبنائه الطاهرين في نعت أخيه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله): " فبالغ في النصيحة ومضى على الطريقة ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة " (1). " قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار وثنيت إليه أزمة الأبصار ودفن به الضغائن وأطفأ به النوائر وألف به إخوانا " (2). " طبيب دوار بطبه قد أحكم مراهمه وأحمى مواسمه يضع ذلك من حيث الحاجة إليه من قلوب عمي وآذان صم وألسنة بكم متتبع بدوائه مواضع الغفلة " (3). ".. فهو إمام من اتقى وبصيرة من اهتدى، سراج لمع ضوؤه وشهاب سطع
(1) نهج البلاغة / خ 95. (2) المصدر / خ 96. (3) المصدر / خ 108.
[191]
نوره وزند برق لمعه، سيرته القصد وسنته الرشد، وكلامه الفصل وحكمه العدل... " (1). " أرسله بالضياء وقدمه في الاصطفاء، فرتق به المفاتق وساور به المغالب، وذلل به الصعوبة وسهل به الحزونة حتى سرح الضلال عن يمين وشمال " (2). إلى غير ذلك مما هو منثور كاللئالي في نهج البلاغة وقد جمعها العلامة التستري في كتابه القيم بهج الصباغة المجلد الثاني في النبوة الخاصة فراجع منه الفصل السادس.
(1) المصدر / خ 94. (2) نهج البلاغة / خ 213.
[193]
الفصل الثامن الكتب التي كتبها (صلى الله عليه وآله) للدعوة إلى الإسلام ولم نعثر على نصوصها: ولكن نعلم أو نحتمل أنه كتب لدعوة شخص أو قبيلة أو قرية أو قريتين، أو طبقة خاصة كالأقيال من أهل الكتاب أو غيرهم. واجهوها بالرد أو القبول أو السكوت أو حرقوها أو شفعوا القبول بالهدية كانت الكتابة قبل الهجرة أو بعدها الكتب التي كتبها في العهود والمواثيق الكتب كتبها في الموضوعات المختلفة الكتب التي كتبها في الاقطاعات الإقطاعات: في الدور والمزارع لما دونا كتب النبي (صلى الله عليه وآله) وجمعنا شاردها وفاردها سنح في خاطري أن أفرد فصلا في الكتب التي لم نجدها بألفاظها، وإنما ذكرها الأعلام ايعازا أو اختصارا وايجازا بذكر موضوعها أو ألفاظ منها بقولهم: كتب (صلى الله عليه وآله) لفلان أو إلى فلان أو كتب بكذا أو كذا أو كتب بسم الله الرحمن الرحيم. والغرض من ذلك إيقاف الباحث وإرشاد القارئ على كثرة مكاتيب
[194]
الرسول (صلى الله عليه وآله) في شتى النواحي من الدعوة إلى الإسلام أو تأمين للوفود بأنهم مسلمون كي يأمنوا من القتل أو الغارة حينما تمر عليهم جيوش المسلمين أو إقطاع أو بيان حكم وإرشاد جاهل و... ليرى ويتضح عنده أن نفوذ الإسلام ودخول الناس في دين الله أفواجا وإشاعة التوحيد كان ببث الدعاة إلى الله وبعث الرسل وكتابة الكتب وتنوير الأفكار وإحياء القلوب وتأليف الناس وتعليم معالم الدين كي يرغب فيه اولو الألباب ويتدبر فيه من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد، فلا يقع في حسبانه ولا يختلج في خاطره أن الإسلام انتشر صيته وعلا كعبه وكثر تابعوه وبهر ضياؤه بسل السيوف وسفك الدماء كما تقوله أعداء الإسلام عليه، بل زعمه بعض من لا تحصيل له. فيعتبر بذلك المعتبرون ممن يريد نصر الدين، فيتأسوا في ذلك برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولنا ولكل مسلم في رسول الله (صلى الله عليه وآله) اسوة حسنة، فعملنا لأجل هذه الكتب فصلا خاصا مشتملا على ذكر الكتاب والمكتوب إليه وموضوع الكتاب (في الدعوة إلى الإسلام أو في التأمين والمعاهدة أو الإقطاع أو الأحكام) ومصادر الكتب، والله المستعان وهو الموفق والمعين. والذي لا بد وأن يلاحظ هو صعوبة تمييز المكتوب إليهم لتشابه في الأسم والكنية واللقب والقبيلة، بل قد يحتمل الاتحاد بين بعض الكتب كما ستأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى. ولا نألوا جهدا في ذلك كله ونستمد العون من الله سبحانه وتعالى على كل حال.
[195]
كتبه (صلى الله عليه وآله) للدعوة إلى الإسلام 1 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى سمعان بن عمرو الكلابي: قال ابن حجر في الاصابة في ترجمة سمعان بن عمرو بن قريظ... الكلابي: " ذكر أبو الحسن المدائني في كتاب رسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأسانيده قالوا: وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى سمعان بن عمرو مع عبد الله بن عوسجة فرقع بكتابه دلوه، فقيل لهم بنو المرقع، ثم أسلم سمعان وقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنشده: أقلني كما أمنت وردا ولم أكن * بأسوء ذنبا إذ أتيتك من ورد يشير (بذلك) إلى ورد بن مرداس الآتي الذكر (1). سمعان: بفتح السين وسكون الميم وفتح العين كما في اللباب وفي تاج العروس بالكسر والعامة بفتح السين. 2 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني كلاب: نقل عبد المنعم في رسالات نبوية: 13 أنه (صلى الله عليه وآله) كتب إليهم [في] الرق فلم
(1) الاصابة 2: 80 الطبقات الكبرى 1 / ق 2: 31 ورسالات نبوية: 22 والوثائق السياسية 276.
[196]
ينقادوا (1). يحتمل اتحاده مع الكتاب المتقدم فيكون كتابه (صلى الله عليه وآله) إليهم هو كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى سمعان بن عمرو. وبنو كلاب بكسر الكاف كما في القاموس واللسان. 3 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى الأقيال من حضرموت: عن ابن أبي عاصم في الوحدان: وروي من طريق عتبة بن أبي حكيم... أن مسروق بن وائل قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأسلم فقال: أحب أن تبعث معي رجالا إلى قومي يدعونهم إلى الإسلام فأمر معاوية وكتب: " [بسم الله الرحمن الرحيم] من محمد رسول الله إلى الأقيال من حضرموت " فذكر الكتاب. وفي نص: فقال لمعاوية: اكتب، فقال: يا رسول الله كيف أكتب له ؟ قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم (2). أقول: كان الكتاب بعد الفتح، لأن معاوية هو الكاتب وهو أسلم بعد الفتح، وكان المكتوب إليه المخاطب هو مسعود وفي بعض المصادر: مسروق بن وائل وكان الرسول هو سليط بن عمرو كما في اليعقوبي: وجه... سليط بن عمرو إلى حضرموت، وسيأتي كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بطون حمير.
(1) وفي أنساب الأشراف تحقيق محمد حميد الله: 382: كتب لضحاك بن سفيان الكلابي فرقعوا بها دلوهم فأوقع بهم وراجع ثقات ابن حبان 2: 91 نقل كتابه إلى القرطاء فرقعوا بها دلوهم. (2) الاصابة 2: 208 / 4170 في ترجمة الضحاك بن النعمان وفي ترجمة مسعود بن وائل وكذا 3: 408 / 7932 في ترجمة مسروق بن وائل، والوثائق السياسية: 251 / 135 وراجع أسد الغابة 4: 360 ورسالات نبوية: 33 والسيرة الحلبية 3: 200 والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 33 واليعقوبي 2: 67.
[197]
4 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ثمامة بن أثال: أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) سليط بن عمرو القرشي العامري إلى هوذة بن علي وإلى ثمامة بن أثال، كذا ذكر ابن إسحاق كان هوذة وثمامة رئيسي اليمامة (1). ثمامة بالضم وأثال أيضا بالضم كما في القاموس. 5 و 6 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أهل قريتين: أورد مطين في الوحدان والباوردي وتقي بن مخلد وأبو نعيم عن عبد الله بن ربيعة النميري عن أبيه: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث إلى أهل قريتين بكتابين يدعوهم إلى الإسلام فترب أحد الكتابين ولم يترب الآخر، فأسلم أهل القرية التي ترب كتابهم. كذا ذكره ابن حجر ولم يسم القريتين (2). 7 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني حارثة بن عمرو: قال ابن حجر: " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثه (أي عبد الله بن عوسجة) إلى بني حارثة بن عمرو بن قريظ يدعوهم إلى الإسلام، فأخذوا الصحيفة فغسلوها ورقعوا بها أسفل دلوهم، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): أذهب الله عقولهم فهم أهل سفه وعجلة وكلام مختلط ".
(1) راجع ابن هشام 4: 279 وفي طبعة أخرى: 254 واسد الغابة 2: 345 في ترجمة سليط بن عمرو والوثائق السياسية: 157 / 68 عن إمتاع الأسماع للمقريزي 1: 308 وراجع الحلبية 3: 286 وتاريخ الخميس 2: 30. (2) الاصابة 2: 304 / 4669 في ترجمة عبد الله بن ربيعة النميري، والتراتيب الادارية 1: 127 وأسد الغابة 3: 154 في عبد الله بن ربيعة.
[198]
ذكر الواقدي: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى بني حارثة بن عمرو سنة تسع يدعوهم إلى الإسلام، فأخذوا الصحيفة فغسلوها ورقعوا بها دلوهم، فقالت ام حبيبة بنت عامر منكرة عليهم: إذا ما أتتهم آية من محمد * محوها بماء البئر فهو عصير " (1) 8 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عبد العزيز: قال ابن الأثير: " عبد العزيز بن سيف بن ذي يزن الحميري كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) قاله ابن مندة وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، والذي كتب إليه النبي زرعة بن سيف بن ذي يزن، وقال أبو موسى - بعد ذكره كلام أبي نعيم وساق حديثا بإسناده عن أبي موسى -: إن عبد العزيز قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم).. وهو أخو ذي يزن.. " (2). يزن محركة واد، وذو يزن ملك لحمير. القاموس 9 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عمرو بن مالك: قال ابن حجر: " ذكر الرشاطي: أن قيس بن نمط لما وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) وصفه (يعني عمرو بن مالك بن عمير بن لاي الأرحبي) بأنه فارس مطاع، فكتب إليه
(1) الاصابة 2: 355 / 4869 في ترجمة عبد الله بن عوسجة و 4: 446 في ترجمة ام حبيبة بنت عامر وأسد الغابة 3: 239 في ترجمة ابن عوسجة ومعجم قبائل العرب: 83 عن المواهب اللدنية والمغازي للواقدي 3: 982 والوثائق: 275 / 235 (عن إمتاع الأسماع للمقريزي 1: 441 ومرة اخرى في القسم غير المطبوع: 1637) والبحار 18: 16 الطبعة الحديثة عن المناقب ورسالات نبوية: 12 والمناقب لابن شهر آشوب 1: 81 وثقات ابن حبان 2: 91 وأنساب الأشراف تحقيق محمد حميد الله: 382 ودحلان هامش الحلبية 2: 365. (2) اسد الغابة 3: 329 في ترجمة عبد العزيز وراجع الاصابة 2: 428 الرقم 5242 والوثائق: 227 الرقم 110 ب عن الاصابة.
[199]
النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم رجع بعد الهجرة إلى مكة، فصادف النبي (صلى الله عليه وسلم) قد رحل إلى المدينة، ثم وفد في حجة الوداع على النبي (صلى الله عليه وسلم) ". وقال في ترجمة قيس: "... خرج قيس بن نمط في الجاهلية حاجا فوقف على النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يدعو إلى الإسلام، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): هل عند قومك من منعة ؟ قال له قيس: نحن أمنع العرب، وقد خلفت في الحي فارسا مطاعا يكنى أبا يزيد واسمه قيس بن عمرو فاكتب إليه... وقد قيل: إن صاحب هذه القصة هو نمط بن قيس وقيل مالك بن نمط " (1). أقول: ظاهر كلام ابن حجر في الموضعين أنه وصف شخصا واحدا واختلف في اسمه ونسبه، ويحتمل التعدد، لاحتمال أنه ذكر عند النبي (صلى الله عليه وآله) رجال قومه، فذكر عمرو بن مالك وقيس بن عمرو، وسيأتي الكلام حول ذلك في كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن مالك الأرحبي. كما أن ظاهر كلامه أن لقاء قيس النبي (صلى الله عليه وآله) وكتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عمرو بن مالك أو قيس بن عمرو كانا قبل الهجرة. 10 و 11 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عريب والحارث ابني عبد كلال: قال ابن حجر في ترجمة عريب (2) (بالمهملتين ثم الياء ثم الباء) بن عبد كلال بن عريب بن يشرح الحميري: ".. ذكر ابن الكلبي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب إليه وإلى أخيه الحارث وكان إليهما أمر حمير.. وذكر ابن إسحاق أن الكتاب كان إلى أخيه ولم يذكر هذا " (3).
(1) الاصابة 3: 13 / 5949 في ترجمة عمرو بن مالك و: 262 / 7245 في ترجمة قيس بن نمط. (2) عريب كغريب: رجل كما في القاموس وفي الاصابة 3: 215 / 7029 " غريب " بالمعجمة وهو غريب. (3) الاصابة 3: 105 / 6426 في ترجمة عريب و 1: 283 / 1440 في ترجمة الحارث بن عبد كلال
[200]
وقال في ترجمة الحارث بن عبد كلال... بن فهد بن زيد الحميري أحد أقيال اليمن..: " كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم).. وقال الهمداني في الأنساب: كتب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الحارث وأخيه، وأمر رسوله أن يقرأ عليهما سورة لم يكن وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) أرسل إلى الحارث ابن عبد كلال المهاجر بن أبي امية فأسلم، وكتب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) شعرا يقول فيه: ودينك دين الحق فيه طهارة * وأنت بما فيه من الحق آمر كذا روى الدارقطني... وذكره أبو الحسن المدائني في كتاب رسل النبي (صلى الله عليه وسلم) ". 12 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بطون حمير: قال ابن حجر في ترجمة " فهد " الحميري..: " ذكره المدائني فيمن كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) من أقيال اليمن ممن أسلم.. ذكره ابن الكلبي فقال: فهد بن غريب بن يشرح من بني مدل بن ذي رعين الذي قال فيه الشاعر: ألا إن خير الناس كلهم فهد * وعبد كلال خير سائرهم بعد " قال ابن سعد: " وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أقيال حضرموت وعظمائهم: كتب إلى زرعة وفهد والبسي والبحيري وعبد كلال وربيعة وحجر ". وقال ابن حجر في ترجمة مشرح بن عبد كلال أخي الحارث: " أسلم في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقال أبو الحسن: كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وإلى أخويه الحارث ونعيم: " سلم أنتم ما آمنتم بالله ورسوله، وأن الله وحده لا شريك له وبعث بكتابه مع عياش بن أبي ربيعة فآمنوا به " (1).
= وراجع أسد الغابة 3: 407 في " عريب " و 1: 339 في الحارث وذكر كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبناء عبد كلال كما يأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى، والوثائق: 226 / 110 ورسالات نبوية: 26 وذكر اليعقوبي 2: 67 انه: وجه... إلى الحارث بن عبد كلال المهاجر بن أبي أمية والإكليل 2: 318 - 320. (1) الاصابة 3: 215 / 7029 في " فهد " و 3: 495 / 8425 في " مشرح " والطبقات 1 / ق 2: 33 وراجع الوثائق: 226 / 110 - الف واليعقوبي 2: 67 والتراتيب 1: 185 وراجع الاشتقاق: 526.
[201]
أقول: الظاهر أنه كتب (صلى الله عليه وآله) كتبا متعددة إلى أقيال اليمن وأذوائهم وقبائلهم: إلى عريب والحارث ومشرح (أو شرحبيل) ونعيم وزرعة وفهد والبسي والبحيري وعبد كلال وربيعة وحجر والنعمان وأيفع وذي مران وذي - رود و... وغيرهم فأسلموا وكتبوا بإسلامهم (1) ووفدوا إليه (صلى الله عليه وآله) فهذه كتب كثيرة متعددة لا كتاب واحد. راجع ما ذكره الهمداني في إكليله حول هؤلاء المذكورين في 2: 318 وحول الأذواء في 1 و 2. وفي القاموس بس - بالفتح - بطن من حمير وكذا في اللباب 1: 154. البحيري - بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة بعدها الياء المثناة من تحت وفي آخرها الراء - نسبة إلى بحير وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه (القاموس. اللباب 1: 124) عبد كلال كغراب القاموس. 13 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبي ظبيان الأزدي: قال ابن حجر في ترجمة جندب بن كعب: " قال ابن سعد: عن هشام الكلبي حدثنا لوط بن يحيى قال: كتب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أبي ظبيان الأزدي بن غامد يدعوه ويدعو قومه، فأجابه نفر من قومه: مخنف وعبد الله وزهير بنو سليم وعبد شمس ابن عفيف بن زهير هؤلاء قدموا عليه بمكة، وقدم عليه بالمدينة جندب بن زهير وجندب بن كعب والحجر بن المرقع، ثم قدم مع الأربعين الحكم بن مغفل (2). وفي الطبقات " الجحن بن المرقع ".
(1) وراجع الاشتقاق: 367. (2) الاصابة 1: 250 / 1227 في " جندب بن كعب " وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 413 في ترجمة جندب بن زهير بن عبد الله عن ابن سعد والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 30 وراجع الوثائق: 240 / 121 ب عن الأهدل في نثر الدر المكنون: 63.
[202]
ظاهر النقل أن كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبي ظبيان كان بمكة. قال ابن حجر في 4: 119 " أبو ظبيان اسمه عبد الله بن الحارث بن كثير " وفي 2: 293 / 4606: " عبد الله بن الحارث بن كثير أبو ظبيان الأعرج الغامدي، قال ابن الكلبي: اسمه عبد شمس، فغيره النبي (صلى الله عليه وسلم) لما وفد عليه وكتب له كتابا ". أقول: هو إشارة إلى كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن الحارث بعد إسلامه وسيأتي في كتاب العهود إن شاء الله تعالى بالرقم 41. وقال ابن الأثير في اسد الغابة 5: 236: " قال الطبري وأبو ظبيان الأعرج اسمه عبد شمس بن الحارث.. الأزدي الغامدي وفد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وهم أشراف بالسراة وذكره الكلبي وقال: كتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابا ". فما روي من الكتاب لعبد الله بن الحارث أو لعبد شمس أو لأبي ظبيان واحد، نعم سيأتي كتاب آخر في الكتب التي عثرنا على نصوصها لعمير بن الحارث الأزدي أبو ظبيان كما في اسد الغابة 4: 141 وصريح ابن الأثير وابن حجر في عمير ابن الحارث (الاصابة 3: 30) وفي ترجمة جندب بن زهير (1: 248 الرقم 1217) أن أبا ظبيان اسمه عمير بن الحارث، ولعله من التصحيف في الكتابة أو تعدد اللقب والاسم، فظاهر الروايات كتب متعددة: 1 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبي ظبيان للدعوة. 2 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي ظبيان بمكة. 3 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن الحارث. 4 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد شمس.
[203]
14 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى خراش: قال ابن حجر في ترجمة خراش (بالمعجمة) بن جحش بن عمرو بن عبد الله.. العبسي ذكره ابن بشكوال وقال: " كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) فحرق كتابه " (1). ذكره ابن حجر في ترجمته بالمعجمة ولكن صرح في ترجمته وترجمة ابنه أنه بالمهملة المكسورة. 15 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى جفينة النهدي: قال أبو عمر: " جفينة النهدي كتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فرقع بكتابه الدلو، ثم أتى بعد مسلما ". وقال ابن حجر: " الجهني وقيل النهدي ويقال: الغساني... إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب إليه كتابا فرقع به دلوه، فقالت له ابنته: عمدت إلى كتاب سيد العرب فرقعت به دلوك، فهرب وأخذ كل قليل وكثير هوله ثم جاء بعد مسلما " (2). وفي البحار " حقيبة " والصحيح " جفينة ".
(1) الاصابة 1: 471 الرقم 2371 في ترجمة " خراس " وص 525 / 2721 في ترجمة " ربعي " بكسر أوله وسكون الموحدة ابن حراس بمهملة مكسورة كذا في الوثائق: 331 / 246 - د (عن تاريخ الاسلام للذهبي 4: 111 و 262 / 15 عن الاصابة بالمعجمة) وراجع رسالات نبوية: 17 عن الاصابة وعن الطبقات في ترجمة ربعي بن خراش. (2) راجع البحار 19: 166 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 261 والاصابة 1: 241 / 1175 وأسد الغابة 1: 291 وكنز العمال 15: 295 عن أبي نعيم ورسالات نبوية: 15 والأمالي للشيخ الطوسي (رحمه الله) 1: 397 والوثائق السياسية: 174 / 92 (عن قسم من المصادر المتقدمة وقال: قابل الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 1: 21 الرقم 2263) وراجع المعجم الكبير للطبراني 2: 325 ومجمع الزوائد 6: 208 والكامل لابن عدي 4: 1457.
[204]
16 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ملك الروم أو ملك بصرى: قال ابن حجر في ترجمة الحارث بن عمير الأزدي ثم اللهبي: "... روى الواقدي عن عمرو بن الحكم قال: بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى ملك بصرى بكتابه، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فأوثقه رباطا وضرب عنقه صبرا، ولم يقتل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) رسول غيره، فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخبر بعث البعث إلى مؤتة " (1). في الإستيعاب " ملك الروم " وقيل إلى ملك بصرى وفي الإصابة ملك بصرى كما في رسالات نبوية. 17 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قيس بن عرنة: روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب إلى قيس بن عرنة البجلي يأمره بالقدوم عليه، فأقبل ومعه خويلد بن الحارث الكلبي حتى إذا دنى من المدينة هاب الرجل أن يدخل، فقال له قيس: أما إذ أبيت أن تدخل فكن في هذا الجبل حتى آتيه، فإن رأيت الذي تحب أدعوك فاتبعني، فأقام ومضى قيس حتى إذا دخل على النبي (صلى الله عليه وآله) المسجد فقال: يا محمد أنا آمن ؟ قال: نعم وصاحبك الذى تخلف في الجبل (2)
(1) راجع الاصابة 1: 286 / 1459 وأسد الغابة 1: 342 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 304 والطبقات 4 / ق 2: 65 و 2 / ق 2: 92 ورسالات نبوية: 35 والبحار 21: 58 عن ابن أبي الحديد والمغازي للواقدي 2: 755 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 459 و 1: 94 والسيرة الحلبية 3: 77 وابن أبي الحديد 15: 61 وسيرة دحلان هامش الحلبية 2: 269. (2) البحار 22: 76 / 28 عن الخرائج و 18: 116 عنه أيضا وراجع اليعقوبي 2: 68 وأسد الغابة 4: 223 والاصابة 3: 256. وفي هامش الإكليل 2: 39 تكلم في " عرنة " ابن الأكبر بن عريب: عرنة بضم العين المهملة وراء مفتوحة ثم نون وهاء وكان في الاصول هنا وفيما يأتي وفي المشجرة بالعين المعجمة والراء وباء موحدة وهاء والتصحيح من ابن سمرة، فكل النسخ عنده عرنة بالعين المهملة والنون في أولاد حمير، ولكن المشجرة بالغين كما في اليعقوبي والاصابة وأسد الغابة في النسخ الموجودة عندي.
[205]
الحديث. قال اليعقوبي في الوفود: وبجيلة ورئيسهم قيس بن غربة، وذكر ابن الأثير وابن حجر قيس بن غربة أبو غربة الأحمسي، والأحمس بطن من بجيلة فالصحيح هو قيس بن غربة لا عرنة. 18 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى جبلة بن الأيهم: قال ابن سعد: " وكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جبلة بن الأيهم ملك غسان يدعوه إلى الإسلام فأسلم، وكتب بإسلامه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأهدى له هدية ولم يزل مسلما حتى كان في زمن عمر بن الخطاب... " (1). وقال اليعقوبي: " وجه عمار بن ياسر إلى الأيهم بن النعمان الغساني، فظاهره أن المكتوب إليه هو الأيهم أبو جبلة بن الأيهم ويحتمل التعدد ". وفي التراتيب: " أن الرسول إلى جبلة هو شجاع بن وهب (2) ونقل كلامه عنده، فراجع فلعل عمارا رسوله (صلى الله عليه وسلم) إلى الأيهم، ورسوله إلى جبلة شجاع بن وهب ". 19 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني معاوية: كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بني معاوية من كندة بمثل ذلك (3). أقول: ظاهر كلام الطبقات أن الكتاب إلى بني معاوية كان نحو كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى
(1) الطبقات 1 / ق 2: 20 وفي طبعة أخرى: 265 والوثائق السياسية: 127 / 38 (عن الطبقات واليعقوبي وأمتاع الأسماع للمقريزي خطية كوپرولو: 1024 وقال انظر كايتاني 7: 8 واشپرنكر 3: 263 و 264) وراجع تاريخ الخميس 2: 61 واليعقوبي 2: 67 والتراتيب 1: 185 والمنتظم 4: 7. (2) كما في المصباح 1: 272 وأسد الغابة 2: 386 والاصابة 2: 138 / 3841 والاستيعاب بهامش الاصابة 2: 161 جبلة محركة كما في القاموس. (3) الطبقات الكبرى 1 / ق 2: 20 والوثائق: 252 / 138 الف عن الأهدل: 63.
[206]
أبناء عبد كلال.. وأمرهم أن يجمعوا الصدقة فيكون كتابا إليهم بعد إسلامهم لا للدعوة إلى الإسلام. 20 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى نفاثة بن فروة: كتب (صلى الله عليه وآله) إلى نفاثة بن فروة الدئلي ملك السماوة (1) (بفتح أوله وبعد الألف واو) قال ياقوت: السماوة ماءة بالبادية.. وبادية السماوة التي هي بين الكوفة والشام قفرى أظنها مسماة بهذا الماء (المعجم 3: 245) وراجع المفصل 1: 155 و 165 و 2: 22 وتاج العروس في " سما " ومراصد الإطلاع وصبح الأعشى 4: 78 في تحديد الشام ودائرة المعارف للبستاني 10: 41 قال: سماوة بلدة في تركيا آسيا على نهر الفرات، كانت تابعة لولاية بغداد ثم فصلت عنها والحقت بلواء المنتنك من ولاية البصرة، يبلغ عدد أهاليها نحو 7000 نفس... وفي كتب العرب: السماوة ماء بالبادية، بها سميت ام النعمان وبادية وقصبة بين الكوفة والشام لعلها سميت بهذا الماء. 21 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ذي عمرو: وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله): جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع بن فاكور بن حبيب بن مالك بن حسان بن تبع والي ذي عمرو، يدعوهما إلى الإسلام فأسلما، وأسلمت ضريبة بنت أبرهة بن الصباح امرأة ذي الكلاع وتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجرير عندهم فأخبره ذو عمرو بوفاته (صلى الله عليه وآله) فخرج جرير إلى المدينة (2).
(1) الطبقات الكبرى 1 / ق 2: 33 والوثائق: 144 / 55 عن الطبقات وقال: انظر كايتاني 10: 63 واشپرنكر 3: 268 وراجع المفصل 4: 233 وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 55 وفي القاموس وتاج العروس نفاثة ككناسة. (2) الطبقات الكبرى 1: ق 2 / 20 وراجع الاستيعاب 1: 485 في ترجمة ذي الكلاع والوثائق / 118 إلى بني عمرو من حمير وقال: لعله ذو عمرو الذي أرسل إليه جرير بن عبد الله.
[207]
قال ابن الأثير: " ذو عمرو هو رجل من أهل اليمن أقبل مع ذي الكلاع إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وافدين مسلمين ومعهما جرير بن عبد الله أرسله النبي (صلى الله عليه وسلم) إليهما في قتل الأسود العنسي، وقيل: بل أقبل جرير معهما مسلما وافدا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان الرسول الذي بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليهما جابر بن عبد الله الأنصاري في قتل الأسود... فلما كانوا في بعض الطريق قال ذو عمرو لجرير: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد قضى... " (1). والذي يستفاد من النصوص أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إليهما يدعوهما إلى الإسلام فأسلما، وكان الرسول جرير بن عبد الله، ثم كتب إليهما في قتل الأسود، وكان الرسول جابر بن عبد الله الأنصاري. 22 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ذي الكلاع الحميري: وفيها (أي: في السنة العاشرة) بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع بن ناكور بن حبيب ابن مالك بن حسان بن تبع، فأسلم وأسلمت امرأته ضريبة بنت أبرهة بن الصباح، وروى الرياشي عن الأصمعي قال: كاتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذا الكلاع من ملوك الطائف على يد جرير بن عبد الله يدعوه إلى الإسلام، وكان قد استقل أمره حتى ادعى الربوبية فأطيع، ومات النبي (صلى الله عليه وآله) فوفد على عمر (2). وظاهر النصوص أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إليه للدعوة إلى الإسلام، ثم كتب إليه في
(1) أسد الغابة 2: 142 وراجع الاستيعاب هامش الاصابة 1: 485 وراجع اليعقوبي 2: 67. (2) البحار 21: 408 عن الكاذروني و 20: 380 عن الخرائج و 15: 220 عنه أيضا والاصابة 1: 382 / 2018 في ترجمة حوشب ذي ظليم والوثائق: 334 (عن ابني الأثير وحجر وامتاع الأسماع للمقريزي خطية: 25 - 10) وراجع الاستيعاب هامش الاصابة 1: 485 و 488 وأسد الغابة 3: 63 و 143 والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 20 واليعقوبي 2: 67 والخرائج: 76 و 77 والمنتظم 4: 8.
[208]
قتل الأسود كما يأتي في كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى حوشب ذي ظليم. وقال ابن الأثير في أسد الغابة 2: 63: " إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب مع عبد خير جواب كتاب ذي الكلاع ولم يرو نص الكتاب ". فالحقيقة أنه (صلى الله عليه وآله) كتب إليه ثلاثة كتب لم يرد نصها. 23 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى حوشب ذي ظليم: قال ابن حجر ناقلا عن حوشب: " لما أن أظهر الله محمدا أرسلت إليه أربعين فارسا مع عبد شر، فقدموا عليه بكتابي، فقال له: ما اسمك ؟ قال: عبد شر، قال: بل أنت عبد خير، فبايعه على الإسلام، وكتب معه الجواب إلى حوشب ذي ظليم فآمن حوشب، قال أبو عمر: اتفق أهل السير أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث جرير بن عبد الله ليتظاهر هو وذو الكلاع وفيروز على قتال الأسود " (1). قال أبو عمر بعدما تقدم: " كان حوشب وذو الكلاع رئيسين في قومهما متبوعين، وهما كانا ومن تبعهما من اليمن القائمين بحرب صفين مع معاوية، وقتلا جميعا بصفين قتل حوشبا سليمان بن صرد الخزاعي، وقتل ذا الكلاع حريث بن جابر وقيل قتله الأشتر ". ظاهر النصوص كما تقدم في ذي الكلاع أنه (صلى الله عليه وآله) كتب إليه للدعوة إلى الإسلام فأسلم، ثم كتب إليه في قتل الأسود العنسي. قال ابن الأثير في اسد الغابة 2: 63 في ترجمة حوشب: " إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب مع عبد خير جواب كتاب حوشب ذي ظليم، ولم يرو نص الكتاب، فهذه كتب ثلاثة لم
(1) الاصابة 1: 382 / 2018 واسد الغابة 2: 62 و 63 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 394 ورسالات نبوية: 17 وكنز العمال 10: 414 والوثائق: 335 عن الطبري وابني الأثير وحجر وكنز العمال وامتاع الأسماع خطية: 1025 وكنز العمال 10: 414.
[209]
ترو نصوصها. 24 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى سيبخت [اسيخب]: سيبخت كما في معجم البلدان وفتوح البلدان [أو اسيخب كما في الاصابة] مرزبان لبحرين أو هجر كتب (صلى الله عليه وآله) سنة 8 مع العلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي حليف بني عبد شمس إلى المنذر بن ساوى والي سيبخت مرزبان هجر أو مرزبان البحرين يدعوهما إلى الإسلام أو الجزية فأسلما وأسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم (1). وفي الطبقات " اسيبخت " بن عبد الله صاحب هجر (راجع 1 / ق 2: 27) وسيجئ كتابه (صلى الله عليه وآله) إليه في جواب كتابه وانه قبل شفاعته في قومه وفي المفصل " سيبخت " راجع 4: 211 و 197. وفي التوحيد للصدوق (رحمه الله) ص 310 الحديث 2 سؤال لسيبخت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في التوحيد وسوف يأتي في شرح كتابه (صلى الله عليه وآله) له. 25 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى رعية: رعية: بكسر أوله وإسكان ثانيه بعده تحتانية وقال الطبري بالتصغير السحيمي بمهملتين (2)، وقال الطبراني الهجيمي فصحف فيه وإنما هو سحيمي، وقيل: العرني وهو من سحيمة عرنية وقد قيل فيه الربعي وليس بشئ (3).
(1) الاصابة 1: 106 / 461 وفتوح البلدان للبلاذري: 107 وفي ط: 89 ومعجم البلدان 1: 348 في كلمة بحرين ومجمع الزوائد 6: 205 و 206. (2) راجع الاصابة وأسد الغابة. (3) راجع أسد الغابة.
[210]
كتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قطعة أدم (1) فرقع دلوه بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت له ابنته: ما أراك الا ستصيبك قارعة عمدت إلى كتاب سيد العرب فرقعت به دلوك، وكانت ابنته قد تزوجت في بني هلال وأسلمت وبعث إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيلا فأخذوا ولده وماله ونجا هو عريانا فأسلم وقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أغير على أهلي ومالي وولدي ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما المال فقد قسم ولو أدركته قبل أن يقسم لكنت أحق به، وأما الولد فاذهب معه يا بلال فان عرفه ولده فادفعه إليه فذهب معه وقال لابنه: تعرفه ؟ قال: نعم، فدفعه إليه (2). وقد مر في كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى " جفينة " ما يشبه هذه القصة فراجع. وفي الاصابة 1: 241 الرقم 1175 في ترجمة جفينة نقل عن الشعبي: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب إلى رعينة السحيمي والظاهر انه تصحيف والصحيح " رعية ". قال ابن سعد (الطبقات 1: ق 2 / 31): ان العرني أتاه كتاب رسول الله (ص) فرقع به دلوه، فقالت له ابنته: ما أراك الا ستصيبك قارعة... ولم يذكر اسمه والظاهر ان المراد هو " رعية " السحيمي إذ لا نجد عرنيا فعل ذلك. 26 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لهمدان: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام وقيل: ليخمس
(1) في مجمع الزوائد 6: 205: في أديم أحمر. (2) الاصابة 1: 516 / 2659 في رعية و: 241 في جفينة الجهني وأسد الغابة 2: 176 و 177 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 536 ومسند أحمد 5: 285 و 286 وكنز العمال 4: 340 عن أحمد وعبد الرزاق بأسانيد و: 341 عن ابن أبي شيبة و: 342 عن الطبراني وراجع أعلام السائلين: 31 ورسالات نبوية: 18 وابن أبي شيبة 14: 344 وراجع الوثائق: 275 وفي ط: 323 / 235 (عن جمع ممن تقدم وعن إمتاع الأسماع للمقريزي 1: 44 وتعجيل المنفعة لابن حجر: 321 وأنساب الأشراف للبلاذري 1: 382) وراجع الطبقات 1 / ق 2: 31 وراجع الكامل لابن عدي 4: 1457 والمعجم الكبير للطبراني 5: 77 / 4635 و: 78 / 4636 ومجمع الزوائد 6: 205 - 206.
[211]
ركازهم ويعلمهم الأحكام ويبين لهم الحلال والحرام وإلى أهل نجران ليجمع صدقاتهم ويقدم عليه بجزيتهم... وقد كان بعث قبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، قال البراء: فكنت مع علي (عليه السلام) فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلى بنا علي (عليه السلام) ثم صففنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا فقرأ عليهم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأسلمت همدان كلها، فكتب علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما قرأ الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال (عليه السلام): السلام على همدان السلام على همدان (1). وقال ابن شهر آشوب: أجمع أهل السير وقد ذكره التاريخي، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث خالدا ثم ساق ما مر. 27 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قيس بن مالك: قال ابن حجر في ترجمة قيس بن مالك بن سعد... ارحب الأرحبي..: " وقال هشام بن الكلبي: " حدثني حبان بن هاني... بن لاي الهمداني ثم الأرحبي عن أشياخهم قالوا: قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) قيس بن مالك وهو بمكة، فذكر قصة إسلامه... وفيه: أنه رجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بأن قومه أسلموا فقال: نعم وافد القوم قيس وأشار بإصبعه إليه، وكتب عهده إلى قومه " إلى آخر ما سيأتي من كتاب عهده (صلى الله عليه وآله) له.
(1) راجع البحار 21: 360 عن أعلام الورى و 363 عن الارشاد للمفيد (رحمه الله) و 38: 71 وراجع المناقب لابن شهر آشوب 2: 129 ط قم والارشاد للمفيد (رحمه الله): 28 والكامل لابن الأثير 2: 300 والسيرة الحلبية 3: 259 وتاريخ الخميس 2: 145 وسيرة دحلان هامش الحلبية 2: 384 وفتح الباري 8: 53 وذخائر العقبى: 109 والتنبيه والاشراف: 238 والعدد القوية: 251 وتاريخ الطبري 3: 142 وحياة الصحابة 1: 95 والسنن الكبرى للبيهقي 2: 369 والبداية والنهاية 5: 105 وأنساب الأشراف للبلاذري 1: 384 والوثائق السياسية: 167 وفي ط: 132 / 80 عن بعض المصادر المتقدمة وعن إمتاع الأسماع للمقريزي 1: 504 و 509 و 510.
[212]
وقال في ترجمة سلمة بن أبي سلمة (الإصابة 2: 66 / 3385): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب إلى قيس بن مالك " (وراجع أسد الغابة 2: 337). وقال ابن الأثير: " قيس بن مالك الأرحبي وأرحب بطن من همدان كاتبه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأسلم بعد أن كتب إليه، روى عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة الهمداني، قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب إلى قيس ابن مالك الأرحبي: سلام عليكم.. " ثم نقل ما يأتي من كتاب عهده (صلى الله عليه وآله) له. أقول: ظاهر كلام ابن الأثير أن النبي (صلى الله عليه وآله) كاتبه فأسلم، ثم أرسل إلى قومه فرجع وأخبر بإسلامهم فكتب عهده له واستعمله على قومه. 28 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أكيدر وقومه: عن أنس: " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب إلى كسرى وقيصر وأكيدر دومة يدعوهم إلى الله عز وجل ". وفي كنز العمال: " عن عمرو بن يحيى بن وهب بن أكيدر صاحب دومة الجندل عن أبيه عن جده قال: كتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى ابن أكيدر ولم يكن معه خاتمه فختمه بظفره " (عن ابن عساكر) والظاهر زيادة ابن كما ذكره ص 388 فراجع (1). 29 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعامر بن الطفيل: قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة، وكان سيد بني عامر ابن صعصعة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة وأهدى له هدية فقال له: يا براء لا أقبل هدية مشرك فقال: لو بعثت رجالا إلى أهل نجد لأجابوك، قال: أخشى عليهم،
(1) مسند أحمد 3: 133 وكنز العمال 10: 417 و 418 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 352 والاصابة 1: 125 / 549 وأسد الغابة 1: 112 والوثائق: 293 / 189 - (عن أحمد).
[213]
قال: أنا لهم جار... فبعث إليهم المنذر بن عمرو و... فخرج حرام بن ملحان بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى عامر بن الطفيل فلم ينظر عامر إليه فقال حرام: يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم... ثم استصرخ عامر بن الطفيل بني عامر على المسلمين... الحديث (1). أقول: الصحيح هو حرام بن ملحان بالمهملات كما في الاصابة 1: 319 / 1654 والاستيعاب بهامش الإصابة 1: 352 وأسد الغابة 1: 395. 30 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بسر بن سفيان الخزاعي: قال ابن الأثير: " بسر بن سفيان بن عمرو... بن ربيعة الخزاعي الكعبي كان شريفا كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) يدعوه إلى الإسلام " (2). 31 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بديل بن ورقاء الخزاعي: قال ابن سعد: " بديل بن ورقاء... بن ربيعة كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وإلى بسر بن سفيان يدعوهما إلى الإسلام " (3).
(1) راجع المناقب لابن شهر آشوب 1: 195 والكامل لابن الأثير 3: 171 والبداية والنهاية 4: 73 والاستيعاب هامش الإصابة 1: 352 و 3: 459 وثقات ابن حبان 1: 238 ورسالات نبوية: 24 و 25 والبحار 20: 147 والسيرة الحلبية 3: 194 واليعقوبي 2: 21 والمغازي للواقدي 1: 347 وحياة الصحابة 1: 512 والطبري 2: 546 وشرح الزرقاني للمواهب اللدنية 2: 76 وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 28 وسيرة دحلان هامش الحلبية 2: 90 والدرر لابن عبد البر: 116 والنهاية لابن الأثير 3: 310 في " عنق " والمنتظم لابن الجوزي 3: 199 والوثائق: 314 وفي ط: 266 / 220 عن بعض من تقدم وعن سيرة ابن هشام 3: 194 وامتاع الأسماع للمقريزي 1: 171 والاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار لابن قدامة: 36 ومجمع الزوائد 6: 128 وقال: قابل الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 1: 2 / 1257. (2) أسد الغابة 1: 181 والإصابة 1: 149 / 646 والطبقات 4 / ق 2: 31 في ترجمة بديل و 5: 338 في ترجمته والوثائق: 277 / 172 / - الف عن الطبقات 5: 338. (3) الطبقات 4 / ق 2: 31 و 5: 339 والوثائق: 277 / 172 - ب عنهما.
[214]
32 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني قنان والديان: قال اليعقوبي: " ووجه عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي... وخالد بن الوليد إلى الديان وبني قنان... وكتب إليهم جميعا بمثل ما كتب إلى كسرى وقيصر " (1). الديان: بطن من بني الحارث بن كعب من القحطانية، كانت لهم الرئاسة بنجران من اليمن والملك على العرب، وكان الملك منهم في بني عبد المدان (2). قنان من بني الحارث بن كعب (3). 33 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني عمرو: وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى بني عمرو من حمير يدعوهم إلى الإسلام ولم يرو نص الكتاب، وفي الكتاب وكتب خالد بن سعيد (4). 34 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى مسيلمة: كتب النبي (صلى الله عليه وآله) إلى مسيلمة يدعوه إلى الإسلام... وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري فيما رواه ابن الكلبي وابن سعد، ولم يرو نص الكتاب. فأجابه مسيلمة وذكر في كتابه أنه نبي مثله ويسأله أن يقاسمه الأرض، ويذكر أن قريشا قوم لا يعدلون، فلعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأجابه بما سوف يأتي (5).
(1) المصدر 2: 67. (2) معجم القبائل 1: 399 ولسان العرب 13: 171. (3) معجم القبائل 1: 966 ولسان العرب 13: 350. (4) الوثائق السياسية: 237 / 118 - الف عن الأهدل والوثائق السياسية اليمنية: 112 وراجع الطبقات 1 / ق 2: 20. (5) الوثائق السياسية: 304 / 205 - الف عن الأهدل وراجع الطبقات 1 / ق 2: 25 و 26.
[215]
35 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى رجل من أهل الكتاب: عن عمرو بن عثمان بن موهب قال: " سمعت أبا بردة يقول: كتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى رجل من أهل الكتاب " أسلم أنت " فلم يفرغ النبي (صلى الله عليه وسلم) من كتابه حتى أتاه كتاب من ذلك الرجل أنه يقرأ على النبي (صلى الله عليه وسلم) السلام فيه، فرد النبي (صلى الله عليه وسلم) في أسفل كتابه " ولم يرو النص (1). ونقل ابن أبي شيبة في المصنف 12: 497 قال ابن عباس: إنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب: سلام عليك. 36 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني سعد بن بكر: قال أبو عبيد: " حدثنا هشيم... عن سالم بن أبي الجعد قال: جاء رجل من بني سعد بن بكر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال هشيم: أما حصين فلم يسميه، وأما غيره فقال: ضمام بن ثعلبة، فقال: يا غلام بني هاشم إني وافد قومي وسيدهم وإني سائلك وناشدك مشتده نشدتي فلا تجدن علي: بالله الذي خلقك وخلق من قبلك ويخلق من بعدك فإنه جاءتنا كتبك وجاءتنا رسلك بأن نعبد الله وحده ونذر اللات والعزى أهو أمرك بذلك ؟ قال: نعم. قال: وجاءتنا كتبك وجاءتنا رسلك بأن نصلي في كل يوم خمس مرات أهو أمرك بذلك ؟ قال: نعم. قال: وجاءتنا كتبك وجاءتنا رسلك بأن نصوم شهر رمضان أهو أمرك
(1) الوثائق السياسية 331 / 246 - الف ب ج (عن ابن أبي شيبة خطية والمطالب العالية / 2632) وراجع المصنف لعبد الرزاق 6: 13 وابن أبي شيبة 14: 342 / 18483 و 12: 497 / 15392 وفي هامشه عن عبد الرزاق فراجعه.
[216]
بذلك ؟ قال: نعم... ". ظاهر الحديث بل صريحه أن وفوده كان بعد كتبه (صلى الله عليه وآله) إلى بطون سعد بن بكر يدعوهم إلى الإسلام، وأن كتبه إليه كان متعددا (1). 37 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى حي من العرب: عن ابن عباس قال: " كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حي من العرب يدعوهم إلى الإسلام، فلم يقبلوا الكتاب ورجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبروه، فقال: أما إني لو بعثت إلى قوم بشط عمان من أزد شنوءة وأسلم لقبلوه " (2). 38 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى الجلندا: عن ابن عباس قال: "... ثم بعث رسول الله إلى الجلندا يدعوه إلى الإسلام فقبله وأسلم، وبعث إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهدية، فقدمت وقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجعل أبو بكر الهدية موروثا وقسمها بين فاطمة والعباس " (3). 39 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قبائل العرب: وفيها (أي: سنة تسع) كانت غزوة تبوك وهو جيش العسرة فكتب النبي (عليه السلام)
(1) الأموال لأبي عبيد: 333 / 566 والوثائق السياسية: 289 / 184 - الف (عن سنن الدارمي كتاب الصلاة باب فرض الوضوء). وراجع اسد الغابة 3: 42 قال: قيل كان ذلك سنة خمس قاله محمد بن حبيب وغيره وقيل: سنة سبع وقيل سنة تسع وراجع الاصابة 2: 210 / 4178 والاستيعاب 2: 210 والطبقات 1 / ق 2: 44. (2) مجمع الزوائد 10: 50 المعجم الكبير 12: 222 / 12948. (3) مجمع الزوائد 10: 50 والمعجم الكبير 12: 222 / 12948 قال في القاموس: " جلنداء بضم أوله وضم ثانيه ممدودة وبضم ثانيه مقصورة اسم ملك عمان ".
[217]
بعد الفتح إلى القبائل التي لم يفش فيها الإسلام يدعوهم إلى الإسلام وكتب إلى التي فشا فيها الإسلام بغزو الروم وواعدوهم تبوك (1). أقول: هذه كتب كثيرة للدعوة إلى الإسلام وللدعوة إلى الغزو وإن حسبناها كتابا واحدا، وظاهر هذه الرواية أنه (صلى الله عليه وآله) كتب كتبا إلى جميع القبائل التي لم تؤمن إلى السنة التاسعة يدعوهم إلى الإسلام، وكتب كتبا إلى جميع القبائل التي أسلمت وقتئذ يدعوهم إلى غزو الروم، ولم ينص على عدد الكتب وألفاظها. 40 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني تميم: روى أبو الشيخ في كتابه طبقات المحدثين باصبهان 1: 297 بإسناده: " أن كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) جاء إلى بني تميم، فقال الأحنف: إلى ما يدعو ؟ فقيل: إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: قول حسن، قال: فأخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فدعا له ". 41 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى صداء: روى زياد بن الحارث الصدائي (نسبة إلى صداء وهي قبيلة من اليمن): (2) ".. جهز النبي (صلى الله عليه وسلم) جيشا إلى قومه صداء، فقال: يا رسول الله ارددهم وأنا لك بإسلامهم، فرد الجيش وكتب إليهم، فجاء وفدهم بإسلامهم... " إلى آخر ما سيأتي في الفصل الآتي بالرقم 3 (3).
(1) الجامع لأبي زيد القيرواني: 295. (2) بضم الصاد وفتح الدال المهملتين بعدهما الألف كما في أنساب السمعاني واللباب وهو الصحيح لا الصيداوي كما في البحار. (3) سوف توافيك المصادر.
[218]
42 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ابن أكيدر: عن ابن عساكر عن عمرو بن يحيى بن وهب صاحب دومة الجندل عن أبيه عن جده قال: " كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ابن أكيدر ولم يكن معه خاتم فختمه بظفره " (1) والظاهر اتحاده مع ما تقدم كما ذكرناه بالرقم 28. قال في القاموس: أكيدر كأحيمر صاحب دومة الجندل. 43 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني قينقاع: روي أنه كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أبي بكر إلى يهود بني قينقاع يدعوهم إلى الإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن يقرضوا الله قرضا حسنا، فقال فنحاص أحد علمائهم وأحبارهم وهو جالس في مدراسهم: إن الله فقير ونحن أغنياء (2). وذكر في روح المعاني 4: 140 وتفسير ابن كثير 1: 433 والدر المنثور 2: 105 والطبري في تفسيره 4: 129 والمنار 4: 261 أن القائل هو فنحاص، ولكنه لم يذكر الكتاب. وفي رسالات نبوية أنه (صلى الله عليه وآله) كتبه إلى فنحاص. قال في القاموس: بنو قينقاع - بفتح القاف وتثليث النون - شعب من اليهود. 44 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن: روى مسهر بن عبد الملك بن سلع قال: " أخبرني أبي قال: قلت لعبد خير:
(1) كنز العمال 10: 388 و 389. (2) راجع الدر المنثور 2: 106 عن ابن جرير وابن المنذر وتفسير أبي السعود 1: 121 وتفسير الرازي 9: 117 وتفسير السراج المنير 1: 269 والكشاف 1: 147 ومجمع البيان 1: 547 ط الاسلامية والبيضاوي عن عكرمة والسدي ومقاتل وابن إسحاق ورسالات نبوية لعبد المنعم خان: 40 و 41 وراجع المفصل في أخبار العرب 6: 546 و 548 وسيرة دحلان 1: 378 والحلبية 2: 112. (
[219]
كم أتى عليك ؟ قال: عشرون ومائة سنة، قال: هل تذكر من أمر الجاهلية شيئا ؟ قال: نعم، قال: كنا ببلاد اليمن فجاءنا كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فدعا الناس إلى خير واسع، فكان أبي فيمن خرج وأنا غلام " (1). وفي المطالب العالية 4: 132: " فقال: إني ممن خرج وأنا غلام، فلما رجع قال: مري بهذا القدر فيراق للكلاب، فإنا قد أسلمنا وأسلم " والصحيح: فكان أبي فيمن خرج كما هو ظاهر ". 45 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أملوك ردمان: كتب النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أملوك ردمان، والأملوك قوم من العرب من حمير (2). قال السمعاني: الأملوك بطن من ردمان وردمان بطن من رعين. وقال في اللباب 1: 84: الأملوك بضم الألف وسكون الميم وضم اللام وفي آخرها كاف (وراجع القاموس في " ملك " وفي معجم قبائل العرب: الأملوك بن وائل بطن من حمير من القحطانية وكذا في نهاية الارب: 89 الرقم 242 وجمهرة أنساب العرب لابن حزم: 433 و 478. وفي مجمع الزوائد " 10: 45: صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على السكون والسكاسك
(1) الكامل لابن عدي 6: 2449 والمطالب العالية 4: 123 عن أبي يعلى وأسد الغابة 3: 277 في عبد خير بن يزيد ومجمع الزوائد 10: 7. (2) الوثائق السياسية: 281 وفي ط: 330 / 246 عن الاشتقاق لابن دريد: 17 واللسان مادة " ملك " عن التهذيب والمحكم لابن سيدة خطية مادة " كلم " مقلوب وراجع تاج العروس 7: 81 في ملك قال: قال ابن دريد: الأملوك قوم من العرب زاد غيره من حمير، أو هم مقاول حمير كما في التهذيب ومنه كتب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أملوك ردمان، وردمان موضع باليمن. ونقل في الوثائق: 217 تحت / 106 كتاب معاذ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفيه: " ولقد قاتلت من كفر من أهل اليمن بثلة من الأشعريين والسكاسك والأملوك أملوك ردمان " فكأنهم أعانوا معاذا في حرب المرتدين في اليمن.
[220]
وعلى خولان العالية والأملوك أملوك ردمان... وعن أبي أمامة الباهلي أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: " إن خيار الناس الأملوك أملوك حمير وسفيان والسكون والأشعريين وفي الأكليل 2: 65 في نسب حمير: والأملوك بن ردمان وهم الذين قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم صل على الأملوك أملوك ردمان... وأولد الأملوك علقمة وقريعا وسعدا وأسدا وظبيان وساعدة... هذه البطون سميت بها الأوطان التي لا تزال باقية ". 46 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى سرباتك ملك الهند: قال ابن حجر: " سرباتك - بفتح أوله وسكون الراء ثم موحدة وبعد الألف مثناة - ملك الهند روى أبو موسى في الذيل... وزعم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنفذ إليه حذيفة واسامة وصهيبا يدعونه إلى الإسلام، فأجاب وأسلم، وقبل كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ". قال الذهبي في التجريد: هذا كذب واضح، وقد عذر ابن الأثير ابن مندة في تركه إخراجه. قال ابن الأثير بعد نقله: أخرجه أبو موسى وبحق ما تركه ابن مندة وغيره، فإن تركه أولى من إثباته، ولولا شرطنا أننا لا نخل بترجمة ذكروها أو أحدهم لتركنا هذا وأمثاله (1). 47 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قيس بن عمرو: قال ابن الأثير: " أبو زيد قيس بن عمرو الهمداني الذي حالف الحصين الحارثي
(1) الاصابة 2: 122 / 3739 وأسد الغابة 2: 266 ورسالات: 21 و 22 والبحار 14: 520 و 521 عن الاكمال للصدوق (رحمه الله): 643 وكذا 51: 253 ولسان الميزان 1: 345.
[221]
على قتال مراد ثم أدرك الإسلام فأسلم وكتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) قاله هشام الكلبي " (1). وزاد ابن حجر في ترجمة أبي زيد الأرحبي راجع الإصابة 4: 79 / 468 وقال: اسمه عمرو بن مالك فيتحد مع ما تقدم بالرقم 9. 48 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ورد بن مرداس: ذكر ابن حجر في ترجمة سمعان بن عمرو بن قريظ الكلابي: ".. أن سمعان بن عمرو وفد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وأنشده: أقلني كما أمنت وردا ولم أكن * بأسوأ ذنبا إذ أتيتك من ورد ثم قال يشير إلى ورد بن مرداس أحد بني سعد بن حذيم: وكان (صلى الله عليه وسلم) كتب إليه في عسيب، فعدا على العسيب فكسره ثم أنه أسلم بعد ذلك وغزا مع زيد بن حارثة وادي القرى فاستشهد " (2). 49 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني فزارة: قال ابن حجر في ورد بن قتادة من بني مراش بن عبد الله.. بن سعد هذيم.. " قال ابن الكلبي: وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب لقوم من بني فزارة كتابا في عسيب في قطيعة وادي القرى، فأخذ ورد العسيب [فكسره]. ثم قال: وقد تقدمت هذه القصة في ترجمة سمعان بالسين المهملة، وأنه أسلم بعد ذلك وغزا مع زيد بن حارثة فاستشهد. قلت: ويحتمل أن يكون هو الذي بعده
(1) أسد الغابة 5: 205 والاصابة 4: 79 / 468 و 3: 262 / 7245 في ترجمة قيس بن نمط وفي الوثائق: 192 / 115 ذكر الكتاب لقيس بن نمط ناقلا عن الاصابة ولم نجده فيه. (2) الاصابة 2: 80 و 81 / 3484.
[222]
ورد بن مدايس العذري (1). 50 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني عذرة: قال ابن سعد في الطبقات: " إنه (صلى الله عليه وآله) كتب إلى عذرة في عسيب، وبعث به مع رجل من بني عذرة، فعدا عليه مرداس أحد بني سعد هذيم، فكسر العسيب وأسلم (بعد ذلك) واستشهد مع زيد في غزوة وادي القرى " (2). أقول: هذه الكتب الثلاثة المروية في الإصابة والطبقات (كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بني عذرة وإلى بني فزارة وإلى ورد بن مرداس) نقلناها كما وجدناها، والظاهر كونها واحدا أخذه مرداس أو ورد بن مرداس أو ورد بن قتادة فكسره مع احتمال التعدد. 51 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بديل بن ورقاء: عن سلمة بن بديل بن ورقاء قال: " دفع إلي أبي كتابا فقال: يا بني هذا كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فاستوصوا به، فإنكم لن تزالوا بخير مادام فيكم قال: وكان بخط علي بن أبي طالب " ولم يرو نص الكتاب. أقول: يحتمل اتحاد هذا الكتاب مع ما مر بالرقم 31 كما أنه يحتمل أن يكون متحدا مع ما يأتي في الفصل الثاني عشر (3).
(1) الإصابة 3: 632 / 9122. (2) راجع الطبقات 1 / ق 2: 33 ورسالات نبوية: 12 والمفصل 4: 247 والوثائق السياسية: 235 وفي ط: 282 / 178 - الف عن الطبقات وراجع تاريخ الطبري 2: 642 وسيرة ابن هشام 4: 265. (3) راجع الوثائق السياسية: 277 / 172 - ج عن تعجيل المنفعة لابن حجر / 83 والجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 2: 2 / 1344 وراجع كنز العمال 1: 273.
[223]
غاية المطاف: هذا ما عثرنا عليه من كتبه (صلى الله عليه وآله) في الدعوة إلى الإسلام التي لم ترو نصوصها أو لم نعثر عليها، وقد زادت على الخمسين كتابا، ولكنها في الحقيقة أكثر من ذلك بكثير كما أشرنا إليه في ذيل كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى كل من: الأقيال من حضرموت وإلى أهل قريتين وإلى عبد العزيز وإلى عمرو بن مالك وإلى عريب وإلى بطون حمير (عريب والحارث ومشرح وشرحبيل ونعيم وزرعة وفهد والبسي والبحيري وعبد كلال وربيعة وحجر والنعمان وأيفع وذي مران وذي رود) وإلى أبي ظبيان وجبلة وذي الكلاع وحوشب وقبائل العرب التي لم يفش فيها الإسلام، فراجع وتدبر وقل: اللهم صل على محمد نبيك وحبيبك الذي لم يأل جهدا في تبليغ دينك وإعلاء كلمتك ليلا ونهارا إعلانا وإسرارا، وصل على أهل بيته الطيبين الطاهرين خلفائك في أرضك وحججك على عبادك والسلام.
[224]
كتبه (صلى الله عليه وآله) في العهود والتأمينات كتبه (صلى الله عليه وآله) في الوثائق والعهود والتأمين فيمن آمن وأسلم ولم نعثر على نصوصها، ولكن نعلم أنه كان إيذانا بإسلام المكتوب إليه شخصا فاردا كان أو طائفة. وتأمينا لدمائهم وأموالهم وأراضيهم وحقوقهم. ومشفوعا بالنصرة لهم على من دهمهم، أو بإعطاء سهم لهم في بيت المال أو مشفوعا بأنه (صلى الله عليه وآله) استعمل فلانا على قومه أو على صدقات قوم أو أقوام. أو مشفوعا بالوصاية إلى من يلي الأمر بعده. أو أنه لا يحبى عليه الا يده. أو أنه من أهل الكتاب باق على دينه ولكن أعطى ما أخذ به الأمن على نفسه وأهله وماله. أو أنه ليس عليكم حشر ولا عشر. أو....
[225]
1 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لجنادة بن زيد الحارثي: روى ابن حجر عن ابن السكن والباوردي.. عن سودة بنت الملتمس عن جدتها ام الملتمس بنت جنادة بن زيد عن أبيها قال: " وفدت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: يا رسول الله إني وافد قومي من بلحارث من البحرين فادع الله أن يعيننا على عدونا، قال: فدعا وكتب لنا كتابا " (1). وزاد ابن الأثير: على عدونا من ربيعة ومضر.. وقال: أخرجه ابن مندة وأبو نعيم جنادة بضم الجيم راجع القاموس. 2 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحارث بن عبد شمس: قال ابن حجر: " الحارث بن عبد شمس الخثعمي.. خرج إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له كتابا واحدا وأباحه وأصحابه من بلاد كذا وكذا " (2). قال ابن الأثير: " خرج إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وأخذ لجميع أصحابه الأمان على دمائهم وأموالهم فكتب لهم كتابا وأباحهم في بلادهم كذا وكذا - أخرجه أبو نعيم وابن مندة ". ظاهر الحديث كون المكتوب متعددا بعدد أصحاب الحارث بن عبد شمس الخثعمي فيها تأمين وإقطاع.
(1) الاصابة 1: 246 / 1204 وأسد الغابة 1: 299 وكنز العمال 10: 405 / 2233 عن أبي نعيم ورسالات نبوية: 15. (2) الاصابة 1: 282 / 1437 وأسد الغابة 1: 338 ورسالت نبوية: 16 وكنز العمال 15: 331 / 920 عن أبي نعيم والوثائق: 291 / 187 عن ابني الأثير وحجر.
[226]
3 - 5 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لزياد بن الحارث: روي عن زياد بن الحارث الصدائي (1) صاحب النبي: " (صلى الله عليه وآله) أنه بعث جيشا إلى قومي، فقلت: يا رسول الله اردد الجيش وأنا لك بإسلام قومي [وأنا أضمن لك بإسلام قومي] فرده فكتبت (2) إليهم كتابا، فقدم وفدهم بإسلامهم، فقال (صلى الله عليه وآله): إنك لمطاع في قومك، قلت: بل الله هداهم للإسلام. وقلت: ألا تؤمرني عليهم فقال: بلى، فكتب إلي كتابا يؤمرني. قلت: مرني بشئ من صدقاتهم فكتب. وكان في سفر له فنزل منزلا فأتاه أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم فقال: لا خير في الإمارة لرجل مؤمن، ثم أتاه آخر فقال: أعطني، فقال: من سأل الناس عن ظهر غنى فصداع في الرأس وداء في البطن.. فدخل في نفسي من ذلك شئ فأتيته بالكتابين... (3). هذا الحديث يشتمل كتبا: كتابه (صلى الله عليه وآله) للدعوة إلى الإسلام كما مر. كتابه (صلى الله عليه وآله) لتأمير زياد بن الحارث. كتابه (صلى الله عليه وآله) في إعطاء زياد من صدقات قومه.
(1) قال السمعاني: بضم الصاد وفتح الدال المهملتين.. هذه النسبة إلى صداء وهي قبيلة من اليمن راجع الأنساب 8: 282 ط الهند واللباب 2: 236 ومعجم القبائل 2: 636. (2) كذا في البحار وفي سائر المصادر: وكتب إليهم. (3) راجع البحار 18: 34 و 35 عن الخرائج والاستيعاب 1: 567 وأوعز إليه في الاصابة 1: 557 / 2850 وراجع أسد الغابة 2: 213 قال: وأخرجه الثلاثة والمطالب العالية 4: 11 والسيرة الحلبية 3: 267 و 268 وكنز العمال 7: 38 وفي ط 16: 12 و 13 والبداية والنهاية 5: 83 ومجمع الزوائد 5: 203 و 204 وحياة الصحابة 1: 187 و 188 عن البيهقي وأحمد والاصابة والطبراني ومجمع الزوائد والبداية والبغوي وابن عساكر وكنز العمال ومسند أحمد 4: 169 والوثائق: 277 وفي ط: 326 / 242 عن أبي عمر وابن الأثير وراجع رسالات نبوية: 19 ومعجم القبائل 2: 636 والمعجم الكبير للطبراني 5: 303 والمطالب العالية: 3831.
[227]
6 و 7 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحبان بن بح الصدائي: عن حبان بن بح الصدائي صاحب النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " إن قومي كفروا، فأخبرت أن النبي (صلى الله عليه وآله) جهز إليهم جيشا فأتيته فقلت: إن قومي على الإسلام فقال: أكذلك ؟ فقلت: نعم، قال: فاتبعته ليلتي إلى الصباح، فأذنت بالصلاة لما أصبحت.. وأمرني عليهم وأعطاني صدقتهم.. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لا خير في الإمرة... قال: إن الصدقة صداع في الرأس وحريق في البطن أو داء، فأعطيته صحيفتي أو صحيفة إمرتي وصدقتي " (1). قال ابن الأثير: حبان بكسر الحاء وقيل بفتحها والكسر أكثر واضح وبالباء الموحدة والنون، وقيل حيان بالياء تحتها نقطتان وآخره نون وهو حبان بن بح الصدائي " بح ": قال ابن حجر: بفتح أوله وتشديد الموحدة. وهذا الحديث يشتمل على كتابين: كتاب لتأميره على قومه وكتاب للصدقة. 8 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني جذيمة بن عوف: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد إلى حي يقال لهم بنو المصطلق من بني جذيمة وكان بينهم وبين بني مخزوم إختة في الجاهلية [فلما ورد عليهم] كانوا قد أطاعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخذوا منه كتابا، فلما ورد عليهم خالد أمر مناديا فنادى بالصلاة وصلوا، ثم أمر الخيل فشنوا عليهم الغارة فأصاب، فطلبوا كتابهم فوجدوه، فأتوا به النبي (صلى الله عليه وآله) وحدثوه بما صنع خالد بن الوليد، فاستقبل رسول
(1) راجع مسند أحمد 4: 168 و 169 والاصابة 1: 303 / 1555 عن البغوي وابن أبي شيبة والباوردي والطبراني وفي الاستيعاب هامش الاصابة 1: 364 " حيان بن مج الصدائي " ثم نقل القصة ايعازا واسد الغابة 1: 365 والمطالب العالية 4: 6 والوثائق السياسية: 326 ومجمع الزوائد 5: 199.
[228]
الله (صلى الله عليه وآله) القبلة ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد الحديث (1). قال في القاموس جذيمة كسفينة. روى الصدوق رحمه الله تعالى هذا الحديث في كتابيه: علل الشرائع والأمالي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام). ورواه الطبري وابن كثير وغيرهما بسندهما عنه (عليه السلام) وأسقطوا الكتاب. قال الحلبي في السيرة: وبنو المصطلق بطن من خزاعة وهو بنو جذيمة وجذيمة هو المصطلق (2). غزا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني المصطلق سنة أربع أو خمس أو ست من الهجرة، فأسر وسبى فرق، ثم تزوج منهم جويرية، فأعتق المسلمون كل من كان بأيديهم منهم وقالوا: أصهار رسول الله (صلى الله عليه وآله) فآمنوا وأخذوا كتابا بإسلامهم (3). وفي سنة ثمان بعد الفتح خرج خالد داعيا لا مقاتلا فأوقع بهم لما كان بينه وبينهم (4).
(1) علل الشرائع: 474 ط النجف والأمالي: 104 و 105 وراجع البحار 21: 142 و 104: 424 عن الأمالي. (2) راجع الحلبي في السيرة 2: 293 ومعجم قبائل العرب ونهاية الإرب للقلقشندي في بني جذيمة وبني المصطلق والروض الأنف 2: 17. (3) راجع الطبري 2: 404 والحلبية 2: 293 والبداية والنهاية 4: 156 وابن هشام 3: 192 والكامل 2: 192 والبخاري 5: 147 والروض الانف 2: 17 وشرح الزرقاني للمواهب 2: 96. (4) راجع الطبري 3: 66 والبداية والنهاية 4: 313 والحلبية 3: 222 وابن هشام 4: 70 و 71 والكامل 2: 255 وعلل الشرائع والأمالي والبحار كما تقدم، وراجع البخاري 5: 203 و 9: 91 و 4: 122 و 8: 92 وفتح الباري 8: 45 والنسائي 8: 227 ومسند أحمد 2: 151.
[229]
9 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأرطاة: قال ابن حجر في الإصابة: " أرطاة بن كعب بن شراحيل بن كعب... روى ابن شاهين.. عن قيس بن كعب النخعي أنه وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) وأخوه ارطاة بن كعب الأرقم وكانا من أجمل أهل زمانهما... فدعاهما إلى الإسلام فأسلما فدعا لهما، وكتب لأرطاة وعقد له لواء " (1). أقول: ذكر ابن سعد وفود النخع وأن وافدهم هو أرطاة بن شراحيل بن كعب من بني حارثة بن سعد بن مالك ابن النخع، ورجل آخر اسمه الأرقم، ولكنه لم يذكر الكتاب، وكذا ابن حجر في ترجمة جهيش مصغرا. 10 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسيار بن طلق: قال ابن حجر: " سيار بن طلق اليمامي... إنه أول وفد وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بني حنيفة... قال: ثم شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم كتب لي كتابا " (2). 11 و 12 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لآل اكيدر: كتب لآل أكيدر أمانا لهم (3). قال ابن حجر في ترجمة أبي وهب الكلبي: " كتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لآل اكيدر
(1) الاصابة 1: 27 / 72 و: 255 / 1254 ورسالات نبوية: 9 والوثائق: 244 / 127 (عن الاصابة) وكنز العمال 7: 85 وفي ط 16: 186 وراجع الطبقات الكبرى 1 / ق 2: 77 وأسد الغابة في ترجمة الأرقم النخعي 1: 61. (2) الاصابة 2: 103 / 3626. (3) رسالات نبوية لعبد المنعم خان: 10 والاصابة 4: 218 / 1228 وكنز العمال 10: 388 و 389. (*)
[230]
كتابا فيه أمان لهم من الظلم، ولم يكن يومئذ معه خاتم فختمه بظفره " نقله عن ابن مندة والواقدي. وفي كنز العمال (في ذيل قصة أكيدر دومة) (1) " وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا فيه أمانهم وما صالحهم وختمه يومئذ بظفره " فينطبق على ما يأتي من نص الكتاب له ونص الكتاب لقومه، ولعل الذي كتب له هو الذي كتب لآل أكيدر في هذه الرواية فيتحد الكتابان. 13 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن سلمة: قال عبد المنعم: " وفد قيس بن سلمة بن شراحيل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أخيه لامه سلمة بن يزيد فأسلما، واستعمل النبي (صلى الله عليه وسلم) قيسا على بني مروان وكتب له كتابا " (2). وفي التراتيب: " أنه استعمل سلمة بن يزيد الجعفي على مروان وكتب له كتابا " فيحتمل اتحاد الكتاب والاختلاف في المكتوب له كما يحتمل التعدد. 14 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعدي بن شراحيل: قال ابن حجر: " عدي بن شراحيل من بني عامر بن ذهل بن ثعلبة.. قال ابن شاهين: له صحبة... قال: كان رجل من بني عامر بن ذهل بن ثعلبة يقال له: عدي بن شراحيل وكان بالربذة، فمر بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فوفد إليه بإسلامه وإسلام أهل بيته وسأله فكتب له كتابا ". وقال ابن الأثير: " وسأله الأمان من مخافة خافها، فكتب له رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
(1) سوف يوافيك نص كتابه (صلى الله عليه وآله) لأكيدر وكتابه (صلى الله عليه وآله) لقومه. (2) رسالات نبوية: 31 والاصابة 2: 69 / 3405 في ترجمة سلمة بن يزيد والتراتيب الادارية 1: 242.
[231]
كتابا أخرجه أبو موسى " (1). 15 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعمير بن أفصى: قال ابن الأثير: " عمير بن أفصى الأسلمي، روى أبو هريرة قال: " قدم عمير بن أفصى في عصابة من أسلم فقالوا: يا رسول الله: إنا من أرومة العرب نكافئ العدو بأسنة حداد وأدرع شداد، ومن ناوانا أوردناه السامة. وذكر حديثا طويلا في فضل الأنصار وأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب لعمير ومن معه كتابا تركنا ذكره، فإن رواته نقلوه بألفاظ غريبة وصحفوها وتركناها لذلك، أخرجه أبو موسى " (2). وقال ابن سعد: " قالوا: قدم عميرة بن أفصى في عصابة من أسلم فقالوا: آمنا بالله ورسوله واتبعنا منهاجك، فاجعل لنا عندك منزلة تعرف العرب فضيلتها، فإنا أخوة الأنصار ولك علينا الوفاء والنصر في الشدة والرخاء، فقال رسول الله: أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها، وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأسلم ومن أسلم من قبائل العرب ممن يسكن السيف والسهل كتابا فيه ذكر الصدقة والفرائض في المواشي، وكتب الصحيفة ثابت بن قيس بن شماس وشهد أبو عبيدة وعمر بن الخطاب ". أقول: ذكرناه في كتب العهود، لاحتمال أن يكون كتاب تأمين فيه ذكر الصدقة.
(1) الاصابة 2: 470 / 5484 واسد الغابة 3: 395 ورسالات نبوية: 26 والوثائق: 254 / 140 عن اسد الغابة. (2) اسد الغابة 4: 139 و 140 وراجع الاصابة 3: 29 / 6019 ورسالات نبوية: 27 والطبقات 1 / ق 2: 82 والنهاية لابن الأثير في " ثأج " وفي لسان العرب 2: 219 في " ثأج " و 5: 301 في " يعر " و 10: 313 في " فنق " و 11: 458 في " عفل " و 12: 14 في " ارم " و 62 في " تأم " و 302 في " سمم " و 14: 258 في " دعا ". والوثائق: 272 / 168 عن الطبقات ورسالات نبوية ثم قال: انظر كايتاني.
[232]
16 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لماعز بن مالك: قال ابن الأثير: " ماعز بن مالك الأسلمي هو الذي أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فاعترف بالزنا فرجمه... وقال أبو عمر: ماعز ابن مالك الأسلمي عداده في المدنيين كتب له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا بإسلام قومه " (1). أقول: يأتي في الفصل الثاني عشر نص كتابه (صلى الله عليه وآله) لماعز غير منسوب وليس في نصه أمان لقومه، وماعز بن مالك هذا ذكر له كتاب في إسلام قومه ولم يرو نصه، ولأجل ذلك يقوي تعدد الكتابين وتعدد المكتوب إليه مع أن ماعز بن مالك أسلمي عداده في المدنيين والآخر بكائي أو تميمي يسكن البصرة. 17 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمرداس بن مالك: قال ابن الأثير: " مرداس بن مالك الغنوي أورده ابن شاهين.. أنه قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) وافدا فمسح وجهه ودعا له بخير وكتب له كتابا، وولاه صدقات قومه. هكذا ذكره أبو موسى ". وقال ابن حجر: " ذكره ابن شاهين وأورد من طريق المنذر بن محمد... أنه قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث " (2). 18 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لجابر بن ظالم: قال أبو عمر: " جابر بن ظالم بن حارثة... الطائي البحتري ذكره الطبري
(1) أسد الغابة 4: 270 ورسالات نبوية: 33 و 252 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 438 والوثائق: 273 / 170 (عن أبي عمر والجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 4: 1 / 1786 وقال أيضا 2: 2 / 697 لماعز غير منسوب لعله هو) والاصابة 3: 337 / 7590 والطبقات الكبرى 7: 31. (2) اسد الغابة 4: 347 والاصابة 3: 400 / 7888.
[233]
فيمن وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا فهو عندهم، وبحتر هو الذي ينسب إليه البحتري الشاعر " (1). وقال ابن حجر بعد نقله عن الطبري: " استدركه ابن فتحون والرشاطي ". البحتر بضم الباء وسكون الحاء وضم التاء (اللباب وتبصير المنتبه). 19 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لجحدم: قال ابن حجر: " جحدم بن فضالة الجهني... روى ابن مندة من طريق محمد ابن عمرو بن عبد الله بن جحدم حدثني أبي عن أبيه عن جده أنه أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فمسح رأسه وقال: بارك الله في جحدم وكتب له كتابا... ". قال ابن الأثير بعد نقل ما تقدم: أخرجه ابن مندة وأبو نعيم (2). جحدم: بتقديم الجيم كجعفر كما في القاموس. ولم يعلم موضوع الكتاب، ولعله كان إقطاعا كما يأتي. 20 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني أسد: قال ابن حجر: " روى ابن شاهين من طريق المدائني عن أبي معشر عن يزيد ابن رومان ومحمد بن كعب وعن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن سلمة بن محارب عن داود عن الشعبي وأسانيد اخر قالوا: وفد بنو أسد بن خزيمة: حضرمي بن عامر وضرار بن الأزور وسلمة بن حبيش وقتادة بن القائف وأبو مكعب فذكر
(1) الاستيعاب هامش الاصابة 1: 224 ورسالات نبوية: 14 واسد الغابة 1: 255 والاصابة 1: 212 / 1023 والوثائق: 301 / 198 (عن اسد الغابة والاصابة والاستيعاب). (2) الاصابة 1: 227 / 1101 واسد الغابة 1: 273 ورسالات نبوية: 14 والوثائق: 266 / 158 وكنز العمال 15: 281 / 798 عن أبي نعيم.
[234]
الحديث في قصة إسلامهم وكتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابا... " (1). ويحتمل اتحاده مع ما يأتي لبني أسد بن خزيمة، كما أنه يحتمل تعدد الكتاب لكل واحد منهم على قومه. 21 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لذهبن بن قرضم المهري: قال ابن حجر: " ذهبن (بفتح أوله وسكون الهاء بعدها موحدة مفتوحة ثم نون وصحفه بعضهم فقال زهير: وأبوه قرضم بكسر القاف والمعجمة بينهما راء) بن العجيل... روى ابن شاهين من طريق ابن الكلبي قال: أخبرنا معمر عن عمران المهري قال: وفد منا رجل يقال له: ذهبن بن قرضم على النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدنيه ويكرمه لبعد داره وكتب له كتابا وهو عندهم ". وقد تقدم في المهملة مصغرا (دهين) وبذلك جزم ابن حبيب بالأول جزم الدارقطني وابن ماكولا وهو ظاهر ما في النسخة المعتمدة من جمهرة ابن الكلبي بموحدة بعد الهاء (2). وفي الطبقات: " زهير بن قرضم " وفي أسد الغابة: " ذهبن بن قوضم " وفي القاموس: " ذهبن كجعفر بن قرضم صحابي ". 22 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لزهير بن قرضم من قضاعة: قال: لأن قضاعة بطون منهم... زهير بن قرضم بن العجيل بن قباث.. بن
(1) الاصابة 1: 341 / 1759 واسد الغابة 2: 29 ورسالات نبوية: 16 والوثائق: 303 / 203 عن ابن الأثير وخزانة الأدب للبغدادي 2: 56 قال: كتبه (صلى الله عليه وسلم). (2) الاصابة 1: 491 / 2491 وراجع أسد الغابة 2: 138 ورسالات نبوية: 17 والوثائق السياسية: 252 / 138 والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 83.
[235]
مهري بن حيدان بن قضاعة، وكتب لهم كتابين: أحدهما لزهير أو ذهبن والآخر لمهري بن الأبيض كما يأتي (1). والظاهر اتحاد الكتابين. 23 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لراشد بن عبدرب: قال ابن حجر: " ذكر ابن عساكر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب له كتابا " (2). وفي رسالات نبوية " راشد بن عبدربه " كما أن ابن حجر احتمل اتحاد العنوانين كما أنه يحتمل اتحاد هذا الكتاب مع ما نقلناه في فصل الإقطاعات وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى. 24 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأهل الذمة: عن علي (عليه السلام): " جاء أهل الذمة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: اكتب لنا كتابا من لا نسأل فيه من بعدك فقال: نعم اكتب لكم ما شئتم الا معرة الجيش وسفه الغوغاء، فإنهم قتلة الأنبياء " (3). 25 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لربيعة بن لهيعة: قال ابن الأثير: " ربيعة بن لهيعة الحضرمي وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) في وفد
(1) الطبقات 1 / ق 2: 83 والوثائق السياسية: 282 / 178 عن ابن عبدربه 2: 72 والاشتقاق لابن دريد: 323 وقال قابل ابن عبد البر / 847 والأكوع الحوالي: 118 و 119 وارجع إلى اشتقاق ابن دريد وسماه العجيل بن قتاب / قبات بن قرضم. في ضبط " ذهبن " و " زهير " و " قرضم " اختلاف راجع المصادر المتقدمة. (2) الاصابة 1: 495 / 2518 ورسالات نبوية: 18. (3) كنز العمال 4: 309 عن العسكري ورسالات نبوية: 12 عن كنز العمال.
[236]
حضرموت فأسلموا، روى عنه ابنه فهد أنه قال: وفدت على النبي (صلى الله عليه وسلم) وأديت إليه زكاة مالي وكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم لربيعة بن لهيعة أخرجه الثلاثة " (1). أي: ابن مندة وأبي نعيم وابن عبد البر وفي الاستيعاب: ربيعة بن لهاعة. 26 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى زرارة بن قيس: قال ابن الأثير: " زرارة بن قيس بن الحارث بن... مالك بن النخع، قال الطبري والكلبي وابن حبيب: قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وفد النخع وهم مائتا رجل فأسلموا. أخرجه أبو عمر مختصرا وأخرجه أبو موسى مطولا. أخبرنا أبو موسى...: وروى عبد الرحمن بن عابس النخعي عن أبيه عن زرارة بن قيس بن عمرو أنه وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسلم وكتب له كتابا ودعا له أخرجه أبو موسى مطولا. كان ابنه عمرو بن زرارة أول من خلع عثمان وبايع أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) بالكوفة " (2). 27 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لزمل بن عمرو العذري: قال ابن الأثير: " زمل بن عمرو وقيل: زمل بن ربيعة وقيل: زميل بن عمرو بن... عذرة بن سعد هذيم العذري... لما وفد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وآمن به عقد له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لواء على قومه وكتب له كتابا... أخرجه الثلاثة " (3). صار الرجل مع لوائه مع معاوية وائتمنه يزيد على خاتمه.
(1) اسد الغابة 2: 172 والاصابة 1: 511 / 2626 ورسالات: 18 والوثائق: 251 / 136 عن ابني الأثير وحجر وأشار إلى وفوده في الاستيعاب 1: 514 وراجع أيضا: 720 عن ابن شبة. (2) اسد الغابة 2: 202 والاصابة 1: 548 / 2799 ورسالات نبوية: 19 قال: وأخرجه أبو موسى وذكره ابن شاهين والوثائق: 245 / 129 عن ابني الأثير وحجر.... (3) اسد الغابة 2: 205 والاصابة 1: 551 / 2816 والاستيعاب 1: 588.
[237]
ويحتمل أن يكون هذا الكتاب متحدا مع ما يأتي في آخر الفصل الحادي عشر في كتبه (صلى الله عليه وآله) إلى عماله وحكامه. 28 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لربتس بن عامر: ربتس بن عامر بن حصن بن... الطي الطائي الثعلي وفد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الطبري: " وممن وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) الربتس بن عامر بن حصن بن خرشة وكتب له كتابا أخرجه أبو عمر ". ربتس: بفتح الراء وسكون الباء الموحدة وفتح التاء فوقها نقطتان وآخره سين (1). وفي الإصابة: " ربيس " بسكون الموحدة وفتح المثناة بعدها مهملة وفي الاستيعاب " رتيس " بالتاء ثم الياء ثم السين. وفي القاموس ربأس كجعفر بن عامر صحابي وقال: ربتس كجعفر بن عامر الطائي، وفد وكتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) وفي رسالات نبوية " أبتس ". 29 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن الحصين: قال ابن حجر: " قيس بن الحصين... بن ذي الغصة المازني (2) وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) قاله ابن إسحاق، وقال ابن حبان والدارقطني: له صحبة... وأخرج ابن شاهين من طريق المدائني... قالوا: أسلم بنو الحارث، فأوفدهم خالد بن الوليد ومنهم
(1) اسد الغابة 2: 162 والاصابة 1: 503 / 2568 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 522 وفي ط: 541 والوثائق: 302 / 200 عن رسالات نبوية: 19 عن الطبري وأبي عمر وتاج العروس والقاموس في " ربتس ". (2) الغصة بفتح المعجمة كما في الاصابة في ترجمة الحصين بن يزيد وظاهر القاموس بالضم.
[238]
قيس بن الحصين بن ذي الغصة و... ولما وفد قيس كتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) كتاباعلى قومه " (1). أقول: لعل المراد من هذا الكتاب ما سيأتي في الفصل الثاني عشر فراجع. 30 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحارث بن مسلم: قال ابن الأثير: " الحارث بن مسلم بن الحارث التميمي ويقال: مسلم بن الحارث، والأول أصح يكنى أبا مسلم... قال عبد الرحمن... قال (يعني الحارث بن مسلم): ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أما إني سأكتب لك كتابا وأوصي بك من يكون بعدي من أئمة المسلمين، ففعل وختم عليه ودفعه إلي... فلما قبض الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وسلم) أتيت أبا بكر بالكتاب ففضه وقرأه وأمر لي وختم عليه، ثم أتيت عمر ففعل مثل ذلك، ثم أتيت به عثمان ففعل مثل ذلك... " (2). أقول: الخلاف في أن الوافد هو مسلم بن الحارث أو ابنه الحارث بن مسلم، وفي الإصابة ذكره في مسلم بن الحارث: ولفظه عن الحارث بن مسلم عن أبيه: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب له كتابا بالوصاة إلى من يعرفه من ولاة الأمر، وكذا في حياة الصحابة وسيأتي في مسلم بن الحارث. 31 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لرافع: قال ابن الأثير: " رافع القرظي، روى عبد الملك بن عمير عن رافع القرظي
(1) الاصابة 3: 244 و 245 / 7160 ورسالات نبوية: 32 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 238 والوثائق: 242 / 125 عن الاصابة وفي اللباب مازني بفتح الميم وكسر الزاء والنون. (2) أسد الغابة 1: 347 و 348 وكنز العمال 7: 28 عن أبي نعيم والحسن بن سفيان وأحمد وفي ط 15: 330 و 331 ورسالات نبوية: 34 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 461 والوثائق: 260 / 146 عن ابني الأثير وحجر ومسند أحمد 4: 234 ومعجم الصحابة لابن قانع (خطية) / ورقة 34 - ب والاصابة 3: 414 / 7964 وحياة الصحابة 1: 194 عن كنز العمال ومنتخبه.
[239]
وهو رجل من بني زنباع من بني قريظة أنه قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له كتابا: أنه لا يحبى عليه إلا يده أخرجه أبو موسى " (1). 32 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسريع بن الحكم: قال ابن الأثير: " سريع بن الحكم السعدي من بني تميم قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وفد تميم، وكتب له كتابا رواه عنه ابنه وقاص بن سريع أنه قال: خرجت في وفد تميم حتى قدمنا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة، فأدينا إليه صدقات أموالنا. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم " (2). 33 - كتابه (صلى الله عليه وآله) ليهودي: عن ابن عساكر قال: " جاء يهودي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: إنك رسول الله، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فاتبعني، فقال اليهودي: لا أدع ديني، ولكن لي ألف نخلة فلك منها مائة وسق أؤديه كل عام إليك وأنا آمن على أهلي ومالي، فاكتب لي بذلك، فكتب له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (3). 34 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لوليد بن جابر بن ظالم: قال أبو عمر: " وليد بن جابر ظالم (بن ظالم ظ) البحتري من بني بحتر بن
(1) اسد الغابة 2: 157 والاصابة 1: 501 / 2557 رسالات نبوية: 18 والوثائق: 277 / 240 (عن الاصابة). (2) اسد الغابة 2: 267 ورسالات نبوية: 22 عن ابن الأثير عن ابن مندة وأبي نعيم والوثائق: 259 / 144 (عن ابن الأثير) وراجع الاصابة 2: 21 / 3124. (3) كنز العمال 14: 31 و 32 ورسالات نبوية: 40 عن كنز العمال وقال: أخرجه ابن عساكر في تاريخه.
[240]
عتود وفد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له كتابا فهو عندهم " (1). 35 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمعاوية بن ثور البكائي: قال ابن حجر: " معاوية بن ثور بن عبادة بن البكاء العامري البكائي... ذكر ابن مندة بالسند الماضي في ترجمة بشر قال: وكتب النبي (صلى الله عليه وسلم) لمعاوية كتابا ووهب له من صدقة عامة معونة له، ولما رجع معاوية إلى منزله قال: أنا هامة اليوم أو غد ولي مال كثير وإنما لي ابنان فرجع فقال: يا رسول الله خذها مني فضعها حيث ترى من مكايدة العدو، فإني موسر، فقال: أصبت يا معاوية فقبلها منه " (2). ذكر أبو عمر وابن الأثير في ترجمته أن النبي (صلى الله عليه وآله) أعطاه أعنزا سبعا عفرا وبرك عليه، ولعله المراد مما أعطاه من صدقة عامة معونة. 36 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعامر بن هلال: قال أبو عمر: " عامر بن هلال أبو سيارة المتعي اختلف في اسمه وقد ذكرناه في الكنى، يقال إنه من بني عبس بن حبيب، كتب له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا وهو باق عن بني عمه وبني بنيه في المتعيين " (3).
(1) الاستيعاب هامش الاصابة 3: 637 والاصابة 3: 637 / 9143 ورسالات نبوية: 37 وأسد الغابة 5: 89 والوثائق: 253 / 199 والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 30 وأنساب السمعاني 2: 103 عن الدارقطني / والوثائق: 301 / 19 (عن الطبقات وأسد الغابة والاستيعاب وقال: انظر اشپرنكر 3: 391 التعليقة الاولى). (2) الاصابة 3: 430 / 8059 ورسالات نبوية: 35 والوثائق: 265 / 219 (عن رسالات نبوية) وكنز العمال 15: 267 / 775 عن ابن مندة وأبي نعيم وتاريخ البخاري والبغوي. (3) الاستيعاب هامش الاصابة 3: 14 وأسد الغابة 3: 96 واللباب 3: 161 ورسالات نبوية: 24 والوثائق: 324 / 237 (عن اسد الغابة والاستيعاب والجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 3: 1 / 1830).
[241]
المتعي بضم الميم وفتح المثناة الفوقانية (1) وفي اللباب بضم الميم والتاء ثاني الحروف وفي آخرها عين مهملة (2). 37 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن نمط: قال عبد المنعم: وفد قيس بن نمط إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فكتب إليه كتابا (3). وفي كنز العمال عن أبي نعيم: " أنه كتب له: أن ليس عليكم عشر ولا حشر " (4). 38 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن يزيد: قال ابن حجر: " قيس بن يزيد... ذكره أبو إسحاق المستملي في طبقات أهل بلخ، وأورد من طريق العباس بن زنباع عن... قيس بن يزيد، قال: وفدت على النبي (صلى الله عليه وسلم) في وادي السبع، فأسلمت وبايعت وكتب لي كتابا وأعطاني عصا. فجاء إلى قومه ودعاهم إلى الإسلام... " (5). ذكره ابن الأثير ولم يذكر الكتاب. 39 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن كعب النخعي: قال عبد المنعم: " قيس بن كعب النخعي، وفد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له
(1) الاصابة 4: 97 / 584. (2) في المصدر: " ثالث " والصحيح ما أثبتناه. (3) اللباب 3: 161. (4) رسالات نبوية: 32 عن ابن حجر عن الرشاطي والهمداني في الاكليل: 32 وكنز العمال 10: 404 والوثائق: 234 عن الاصابة. (5) الاصابة 3: 263 / 7252 ورسالات نبوية: 32 والوثائق: 277 وفي ط: 326 / 241 (عن الاصابة) وراجع اسد الغابة 4: 229.
[242]
كتابا " (1). أقول: مر في / 6 كتابه (صلى الله عليه وآله) لأرطاة بن كعب أخي قيس بن كعب، ولكن المصادر المتقدمة لم تذكر الكتاب إلا لأرطاة بن كعب دون قيس بن كعب وجهيش ابن أوس النخعي والأرقم أوس بن جهيش الوافدين إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، نعم ذكر ابن الأثير في ترجمة الأرقم: " قال ابن عابس: وحدثني أبي عن زرارة عن قيس بن عمرو أنه وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسلم وكتب له كتابا ودعا له فيه " إذ يحتمل أن يرجع الضمير إلى قيس بن كعب المتقدم ذكره في الحديث الأول، فراجع، فما في الوثائق من أنه (صلى الله عليه وآله) كتب لأرقم بن كعب سهو. 40 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن الحارث: قال ابن حجر: " عبد الله بن الحارث بن كثير أبو ظبيان الأعرج الغامدي.. قال ابن الكلبي: اسمه عبد شمس فغيره النبي (صلى الله عليه وسلم) لما وفد عليه وكتب له كتابا.. (2). أقول: قد تقدم في كتبه (صلى الله عليه وآله) للدعوة إلى الإسلام أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إليه للدعوة إلى الإسلام فوفد إليه بمكة، وأنه (صلى الله عليه وآله) غير اسمه وهو معروف بكنيته " أبي ظبيان " وقد عنونه العلماء بعبد الله بن الحارث أو عبد شمس بن الحارث، فراجع وتأمل في كتاب الأمان له في مكة ككتابه لقيس بن مالك الأرحبي وكتابه لسراقة.
(1) رسالات نبوية: 41. (2) الاصابة 2: 293 / 4606 و: 427 / 5236 واسد الغابة 5: 236 ورسالات نبوية: 28 عن ابني حجر والأثير والوثائق السياسية: 240 / 121 - ج عن الاصابة.
[243]
41 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني وليعة (كسفينة): قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2: 293 (1): " لما قدمت كندة حجاجا قبل الهجرة عرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه عليهم كما كان يعرض نفسه على أحياء العرب، فدفعه بنو وليعة من بني عمرو بن معاوية ولم يقبلوه، فلما هاجر (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمهدت دعوته وجاءته وفود العرب جاءه وفد كندة فيهم الأشعث بن قيس وبنو وليعة فأسلموا، فأطعم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني وليعة طعمة من صدقات حضرموت، وكان قد استعمل على حضرموت زياد بن لبيد البياضي، فدفعها زياد إليهم فأبوا أخذها وقال: لا ظهر لنا فابعث بها إلى بلادنا على ظهر من عندك، فأبى زياد، وحدث بينهم وبين زياد شر كاد يكون حربا، فرجع منهم قوم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكتب زياد إليه (عليه السلام) يشكوهم.. ثم كتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى زياد فوصلوا إليه الكتاب وقد توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله)... ". ظاهر النقل أنه (صلى الله عليه وآله) كتب لهم من الصدقات، فإنه إذا كان غير مكتوب فبأي دليل راجعوا زياد بن لبيد. فحينئذ اشتملت هذه القصة على كتابين: كتاب إلى زياد في طعمتهم من الصدقات. وكتاب إلى زياد في قطع النزاع بينهم وبين زياد.
(1) وراجع البحار 40: 75 / 112. قال ابن سعد في الطبقات 1 / ق 2: 79: بنو وليعة ملوك حضرموت: حمدة ومخوس ومشرح وابضعة. وهم حي من كندة وراجع المفصل 4: 197 و 6: 542 و 7: 141 وفيهم يقول علي بن عبد الله بن العباس في نجاته من يد مسلم بن عقبة بأيدي أخواله من كندة: ولي العباس قرم بني لؤي * وأخوالي الملوك بني وليعة هم منعوا ذماري يوم جاءت * كتائب مسرف وأبي اللكيعة (راجع هامش الأكليل 10: 144).
[244]
42 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحي أبي زاهر الأسدي: روى البخاري: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث خالدا في سيرته فأغار على حي أبي زاهر الأسدي، وفي رواية الطبري: أمر بكتفهم ثم عرضهم على السيف، فقتل منهم من قتل، فأتوا بالكتاب الذي أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمانا له ولقومه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)... ونحو ذلك روي أيضا في بني جذيمة " (1) كما تقدم آنفا. أقول: لم أجد ذلك في صحيح البخاري وتأريخه إلى الآن فيما تتبعت. 43 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عبد رضا الخولاني: قال ابن حجر: " عبد رضا بضم الراء وفتح الضاد ضبطه ابن ماكولا مقصورا الخولاني يكنى أبا مكنف بكسر الميم وسكون الكاف وفتح النون بعدها فاء. قال ابن مندة: وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له كتابا إلى معاذ... " (2). قال ابن الأثير: " وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) في وفد بني خولان وكتب له كتابا إلى معاذ وكان ينزل ناحية الإسكندرية... أخرجه ابن مندة وأبو نعيم مختصرا ". 44 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لوفد تجيب: قال السمعاني: " التجيبي بضم التاء المعجمة بنقطتين من فوق وكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحت في آخرها باء منقوطة بواحدة هذه النسبة إلى تجيب وهي قبيلة " (3).
(1) البحار 38: 73 عن المناقب لابن شهر آشوب 2: 131. (2) الاصابة 2: 427 / 5234 واسد الغابة 3: 328 و 5: 304 والوثائق: 195 وفي ط: 237 / 119 - الف ورسالات نبوية: 28. (3) الأنساب للسمعاني 3: 19 وراجع اللباب 1: 207 وفي القاموس: تجيب بالضم ويفتح بطن من كندة والحلبية 3: 260 ودحلان بهامش الحلبية 3: 32 ونهاية الإرب: 174 ومعجم القبائل 1: 116.
[245]
وفي معجم القبائل 1: 116: " تجيب بطن من كندة.. كانوا يسكنون الكسر في وسط حضرموت.. وقدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) وفد تجيب وعدد رجاله ثلاثة عشر قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله في أموالهم (1). وفدوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم كتب لهم كتابا " (2). 45 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لدباب بن وائل: قال ابن الكلبي في الجمهرة: 279 في ذكر ولد جشم بن عوف بن وائل: " فمن بني وائل وصيلة بنت وائل بن عمرو بن عبد العزى بن معاوية بن عتبة بن جشم، وهي أول امرأة أسلمت من عكل، وأتت النبي (صلى الله عليه وسلم) وأخذت أمانا لأخيها دباب بن وائل. 46 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسراقة بن مالك: قال ابن حجر: " سراقة بن مالك بن جشم... بن كنانة الكناني المدلجي.. روى البخاري قصته في إدراكه النبي (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة، ودعا النبي (صلى الله عليه وسلم) عليه حتى ساخت رجلا فرسه، ثم أنه طلب منه الخلاص وأن لا يدل عليه ففعل وكتب له أمانا وأسلم يوم الفتح، والكاتب هو عامر بن فهيرة على المشهور، وقيل الكاتب هو أبو بكر " وقد مر في الفصل السادس في كتابه (صلى الله عليه وآله وسلم) (3).
(1) ذكر وفودهم في الحلبية 3: 260 ودحلان بهامش الحلبية 3: 32 والبداية والنهاية 5: 93 والطبقات 1 / ق 2: 60 و 61. (2) ذكر الكتاب لهم في رسالات نبوية: 37 و 38. (3) الاصابة 2: 19 / 3115 وكشف الغمة 1: 25 والجامع لأبي زيد القيرواني: 268 ومجمع الزوائد 6: 54 وعمدة القاري 17: 48 وفتح الباري 7: 188 والمصنف لعبد الرزاق 5: 394 والحلبية 3: 136 و 2: 48 وأسد الغابة 2: 265 ومسند أحمد 4: 176 وابن هشام 2: 133 والشفاء 1: 687 والدر المنثور 3: 244 والبخاري 5: 77 ودلائل النبوة للبيهقي 2: 219 ودلائل النبوة لأبي نعيم: 278 ورسالات نبوية: 24 عن البخاري وغيره من أئمة الحديث وأنساب الأشراف 1: 263 والمستدرك للحاكم 3: 7 وثقات ابن
[246]
سراقة كثمامة. 47 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن عمرو النخعي: قال ابن الأثير في ترجمة الأرقم النخعي: " وحدثني أبي عن زرارة عن قيس ابن عمرو أنه وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسلم وكتب له كتابا ودعا له " (1). 48 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني كعب بن أوس: قال ابن حجر: " ذكره - يعني شداد بن ثمامة - ابن السكن في الصحابة وقال: ليس بالمشهور فيهم ثم روى من طريق القاسم بن معن عن حميد عن أنس قال: قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) شداد بن ثمامة فسأله أن يكتب لبني كعب بن أوس كتابا فكتب لهم وبعث شداد بن ثمامة على الصلاة والزكاة " (2). أقول: لم أجد كعب بن أوس في المعجم والنهاية واللباب. 49 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لضمام بن زيد: قال ابن الأثير: " ضمام بن زيد بن ثوابة بن الحكم الهمداني، وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم)
= حبان 1: 122 والبداية والنهاية 3: 185 و 5: 348 و 351 والمغازي للواقدي 3: 941 والبحار 17: 387 عن الخرائج وأعلام الورى و 19: 145 والوثائق: 55 و 66 / 2 عن جمع ممن تقدم (وعن الكامل لابن الأثير 2: 564 و 565 وإمتاع الأسماع للمقريزي 1: 42 و 421 وكتاب النبي (صلى الله عليه وآله) للأعظمي: 54 وقال: قابل أنساب البلاذري 1: 263 والمستدرك للحاكم) وراجع دحلان 1: 343 وابن خلدون 2 / ق 2: 15 والدرر لابن عبد البر: 51 والمعجم الكبير للطبراني 7: 157 و 24: 108 وسيرة زيني دحلان 2: 354 والمطالب العالية 2: 173 / 1981. (1) اسد الغابة 1: 61 والوثائق: 130 و 245 عنه. (2) الاصابة 2: 140 / 3848 واسد الغابة 2: 388 والبداية والنهاية 5: 348 و 351 ورسالات نبوية: 13 والوثائق: 325 / 239 عن أسد الغابة.
[247]
فأسلم، وكتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابا وذلك مرجعه من تبوك، قاله الطبري وذكره أبو عمر في نمط " (1). ذكر ابن حجر وفوده ولم يذكر الكتاب، وأشار إليه في الإكليل للهمداني 10: 71. 50 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبادة بن الأشيم: قال أبو عمر: " عبادة بن الأشيم وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له كتابا وأمره على قومه، ذكره ابن قانع في معجمه " (2) (عبادة بالضم والتخفيف كما في الاصابة). وسيأتي كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبادة الأشيب بلفظه، ويحتمل اتحادهما. 51 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن قدامة: قال ابن الأثير: " عبد الله بن قدامة السعدي أخو وقاص بن قدامة، اختلف في اسم أبيه فقيل: قدامة وقيل غير ذلك، وقد ذكر في عبد الله بن السعدي وهو من بني عامر بن لوي يكنى أبا محمد، كتب لهما النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابا أخرجه الثلاثة إلا أن أبا عمر جعله من عامر، وجعله ابن مندة وأبو نعيم سلميا، وسمى ابن مندة أباه قمامة بدل قدامة " (3). أقول: يأتي نص كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عبد الله ووقاص ابني قمامة السلميين، وإنما ذكرناه هنا لاحتمال التعدد، لأن عبد الله ابن قمامة سلمي وعبد الله بن قدامة سعدي،
(1) أسد الغابة 3: 43 والوثائق: 234 / 114 (عن أسد الغابة ورسالات نبوية: 23 / 45) وراجع الاصابة 2: 211 / 4179. (2) الاستيعاب هامش الاصابة 2: 452. (3) اسد الغابة 3: 243 وراجع الاصابة 2: 318 / 4718 ورسالات نبوية: 25.
[248]
وذكرهما ابن الأثير مستقلين، وذكر في عبد الله بن السعدي أنه اختلف في اسم أبيه فقيل: قدامة وقيل، وفدان، ولكنه لم يذكر فيه الكتاب وذكره ابن حجر في عبد الله ابن السعدي: واسم السعدي وقدان وقيل: قدامة وقيل: عمرو بن وقدان، وقيل له: السعدي، لأنه كان استرضع في بني سعد بن بكر. 52 - معاهدته (صلى الله عليه وآله) مع بني ضمرة: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاثنتي عشرة ليلة مضت من صفر في السنة الثانية للهجرة في سبعين رجلا ليس فيهم أنصاري يريد قريشا وبني ضمرة، فاتفق له موادعة سيد بني ضمرة وهو مجدي بن عمرو، واستقرت المصالحة على أن: " لا يغزو بني ضمرة، ولا يغزونه، ولا يكثروا عليه جمعا، ولا يعينوا عليه عدوا، وكتب بينه وبينهم " (1). ولم يرو النص الكامل (2). أقول: خروجه (صلى الله عليه وآله) وهو يريد قريشا متفق عليه عند المؤرخين وقال بعضهم: وهو يريد قريشا وبني ضمرة... (3).
(1) اللفظ للطبقات وراجع الحلبية والمصادر الآتية. (2) الوثائق: 267 / 160 (عن الطبقات وكتاب السيرة لعلي القاري مخطوطة المكتبة السليمانية في اسطنبول ورسالات نبوية ع 27 / 1 وإمتاع الأسماع للمقريزي 1: 53 والأنساب للبلاذري 1: 287 وسيرة ابن سيد الناس: ورقة 68 - ب مخطوطة مكتبة كوپرولو في اسطنبول). (3) راجع اليعقوبي 2: 55 والطبري 2: 403 و 406 والكامل 2: 111 و 112 وأعيان الشيعة 1: 245 والطبقات 2 / ق 1: 3 و 6 ومعجم القبائل 2: 668 وابن هشام 2: 241 والحلبية 2: 134 ودحلان هامش الحلبية 1: 388 والمغازي للواقدي 1: 12 والبحار 19: 174 وزاد المعاد 2: 83 وشرح المواهب للزرقاني 1: 393 والصحيح من سيرة النبي 3: 138 ودلائل النبوة للبيهقي 1: 302 وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 17 والمفصل 4: 265 والجمهرة للكلبي: 153 والبداية والنهاية 1: 243 وأنساب الأشراف تحقيق محمد حميد الله: 287 والتنبيه والاشراف: 202 والمنتظم 3: 89.
[249]
فوادع بني ضمرة (1) وسيدهم مجدي بن عمرو كما في الوثائق والحلبية: " على أن لا يغزو بني ضمرة، ولا يغزونه، ولا يكثروا عليه جمعا، ولا يعينوا عليه عدوا " كما في الطبقات والحلبية وزاد المعاد وشرح المواهب للزرقاني. وفي دحلان: " على أنه لا يغزونه، ولا يكثرون عليه جمعا، ولا يعينون عليه عدوا، وأن لهم النصر على من رامهم بسوء، وأنه إذا دعاهم لنصر أجابوه ". " على أن لا يكثروا عليه ولا يعينوا عليه أحدا " كما في المغازي للواقدي وشرح المواهب. فاتضح مما نقلنا أن هذا الكتاب غير ما قد نقل بنصه الكامل كما سيوافيك في الفصل المعد لذكر نصوص الكتب التي وصلت إلينا بألفاظها، فصح لنا أن نقول: " ولم يرو النص " لأن هذا الذي نقل مضمونه غير ما نقل بألفاظه كما لا يخفى. وأوقع هذه المعاهدة مع سيد بني ضمرة وهو مخشي - بفتح الميم وسكون الخاء وكسر الشين المعجمتين (2) بن عمرو (3) لا مجدي بن عمرو (4) لتصريح الزرقاني بذلك في الشرح، ولا عمرو بن مخشي كما في زاد المعاد لابن القيم، ولا عمارة بن مخشي كما في الجمهرة (5). وسيأتي الكلام حوله عند نقل نص الكتاب إن شاء الله تعالى. 53 - معاهدته (صلى الله عليه وآله) مع بني مدلج: قال اليعقوبي: " وغزاة ذي العشرة من بطن ينبع وادع فيها بني مدلج وحلفاء
(1) كما في الطبري والكامل وابن هشام والبداية والنهاية فذكروا المعاهدة من دون إشارة إلى موادة وكذا في الجمهرة. (2) شرح الزرقاني للمواهب 1: 393. (3) كما في اليعقوبي والطبقات وابن هشام ودحلان والبداية والنهاية وتاريخ ابن خلدون والكامل والطبري والمفصل وشرح الزرقاني للمواهب ودلائل النبوة للبيهقي. (4) كما في الوثائق والحلبية. (5) الجمهرة للكلبي: 153.
[250]
لهم من بني ضمرة وكتب بينهم كتابا (1). ولم يرو نص الكتاب. بنو مدلج بضم الميم وسكون الدال وكسر اللام كما في اللباب والقاموس. 54 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني الضبيب: قال ابن سعد: " رافع بن مكيث بن عمرو بن جراد... بن قيس بن جهينة أسلم وشهد الحديبية وبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان، وكان مع زيد بن حارثة في السرية التي وجهه فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى حشمي، وكانت في جمادى الآخرة سنة ست، وبعثه زيد بن حارثة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بشيرا على ناقة من إبل القوم، فأخذها منه علي بن أبي طالب في الطريق فردها على القوم وذلك حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليرد عليهم ما أخذ منهم، لأنهم قد كانوا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسلموا وكتب لهم كتابا " (2). أقول: الظاهر أن المراد هو الكتاب الذي كتبه لرفاعة بن زيد الجذامي ثم الضبيبي، وسوف يوافيك نص الكتاب (وراجع الطبري 3: 40 و 141). 55 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأسقع بن شريح: عن سعد بن مرة الجرمي عن أبيه قال: " وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلان منا
(1) اليعقوبي 2: 55 وراجع الطبري 2: 406 والبداية والنهاية 3: 247 والبحار 19: 174 و 187 والحلبية 2: 135 والوثائق: 266 / 158 - الف (عن اليعقوبي وعن أمتاع الأسماع للمقريزي 1: 55) وراجع الطبقات 2 / ق 1: 6 وراجع المفصل 4: 251 و 265 و 267 و 312 و 339 و 432 و 532 و 7: 353 والدرر لابن عبد البر: 64 والمنتظم 3: 90. (2) الطبقات 4 / ق 2: 27 والوثائق: 279 / 173 - الف عن الطبقات وقال: قابل إمتاع الأسماع للمقريزي 1: 266 و 267 وراجع المفصل 4: 248 و 262 و 245.
[251]
يقال لأحدهما الأصقع بن شريح... بن جرم... بن قضاعة، والآخر هوذة بن عمرو ابن يزيد بن عمرو بن رباح، فأسلما وكتب لهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا " (1). ظاهر النقل أنه (صلى الله عليه وآله) كتب لكل واحد منهما كتابا. 56 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لكبيش بن هوذة: قال ابن الأثير: " كبيش بن هوذة أحد بني الحارث بن سدوس... عن كبيش ابن هوذة أحد بني الحارث بن سدوس انه أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) وبايعه وكتب له كتابا أخرجه الثلاثة " (2). قال في الاصابة: " كبيس بموحدة ومهملة مصغرا ابن هوذة السدوسي أخرج ابن شاهين وابن مندة... وفي نسخة من معجم ابن شاهين قديمة بنون بدل الموحدة ". 57 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لهوذة بن عمرو: نقله ابن سعد كما تقدم في الأسقع بن شريح (3). 58 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأهل قاه (4): نقل محمد بن عمران المرزباني قال: " انصرف أبو عبيد (القاسم بن سلام)
(1) الطبقات 1 / ق 2: 69 و 4 / ق 2: 67 والوثائق: 283 / 180 عنه (وعن رسالات نبوية: 37 تحت وفود جرم وقال: انظر كايتاني 10: 41 واشپرنكر 3: 429) وراجع المفصل 4: 240 عن الطبقات ونهاية الإرب 18: 94 ورسالات نبوية: 37 و 39. (2) اسد الغابة 4: 230 و 231 والوثائق: 328 / 243 والاصابة 3: 286 / 7374 ورسالات نبوية: 33. (3) الطبقات 1 / ق 2: 69 والوثائق: 283 / 180 عنه ورسالات نبوية: 37. (4) نور القبس (في اختصار كتاب المرزباني " المقتبس "): 315.
[252]
يوما من الصلاة فمر بدار إسحاق بن إبراهيم الموصلي فقالوا له: يا أبا عبيد صاحب هذه الدار يقول: إن في كتابك " غريب المصنف " ألف حرف خطأ... وقال أبو عمر: وفيه خمسة وأربعون حديثا لا أصل لها أتى فيها أبو عبيد عن أبي عبيدة معمر بن المثنى منها: ان أهل قاه أتوا النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب لهم كتابا، وما علمت في الدنيا أهل قاه ولا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب لهم ". أقول: في لسان العرب: " وفي الحديث: أن رجلا من أهل المدينة وقيل من أهل اليمن قال للنبي (صلى الله عليه وسلم): إنا أهل قاه، فإذا كان قاه أحدنا دعا من يعينه فعملوا له فأطعمهم الحديث " (1). 59 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمجهول: روى الطبري في تفسيره 8: 64 في تفسير الآية 151 من الأنعام قال: " حدثنا ابن وكيع ثنا أبي عن أبيه عن سعيد بن مسروق عن رجل عن الربيع بن خثيم أنه قال لرجل: هل في صحيفة عليها خاتم محمد ثم قرأ هؤلاء الآيات: * (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا) * حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا إسحاق الرازي عن أبي سنان عن عمرو بن مرة قال: قال الربيع: ألا أقرأ عليكم صحيفة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يفل خاتمها ؟ فقرأ هذه الآيات: * (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) * ". أقول: لم يذكر المكتوب إليه ولا نص الكتاب إلا هذه الآيات، ولعل المراد من
(1) وراجع الفائق للزمخشري 3: 237 في " قيه " والنهاية في " قوه " وقال بعد نقل الخبر: " ومعناه أهل طاعة لمن يتملك علينا وهي عادتنا لا نرى خلافها فإذا كان قاه أحدنا أي: ذو قاه أحدنا فأطعمنا وسقانا... ".
[253]
الآيات الآية المذكورة وما بعدها من الآيات 152 و 153 (1). 60 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لشريح: حدثنا أبو معاوية يزيد بن عبد الملك بن شريك النميري قال - بعد قصة إسلام بني نمير وأخذهم الأمان لبني نمير كلها، وأنه كتب لهم إلى خالد بن الوليد مع قرة بن دعموص وشريح بن الحارث، وأنهما أوصلا ذلك إلى خالد -: " وانصرفا حتى قدما على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له جلساؤه: وهذان الرجلان النميريان قال: وأدركا خالدا ؟ قالوا: نعم... ثم دعا شريحا واستعمله على قومه وأمره أن يصدقهم ويزكيهم ويعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيهم... قال: ولم يزل شريح عامل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قومه وعامل أبي بكر، فلما قام عمر (رض) أتاه بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخذه ووضعه تحت قدمه وقال: لا، ما هو إلا ملك انصرف (2). وقال ابن حجر في شريح بن الحارث: إن الصحيح هو الحارث بن شريح.. النميري، وقال: أخطأ ابن شبة في تقديم شريح " وأشار إلى الحديث في ترجمة الحارث بن شريح ويزيد بن عمرو النميري. 61 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمراد: قال ابن حبان: " في سنة 10: وقدم مراد رأسهم فروة بن مسيك المرادي
(1) والذي يظهر بالرجوع إلى الأحاديث الأخر أنه لم يكن المراد وجود كتاب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الربيع، بل المراد أن هذه الآيات كالكتاب المختوم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث اشتملت على أحكام غير منسوخة روي في الدر المنثور 3: 54 عن جمع عن منذر الثوري " قال: قال الربيع بن خثيم: أيسرك أن تلقى صحيفة من محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بخاتم ؟ فقلت: نعم فقرأ هؤلاء الآيات من آخر سورة الأنعام: قل تعالوا إلى آخر الآيات وعن ابن مسعود: من سره أن ينظر إلى وصية محمد التي عليها خاتمه فليقرأ هؤلاء الآيات " وراجع أيضا تفسير القرطبي 7: 131. (2) تاريخ المدينة لابن شبة 2: 592 و 596 وراجع الاصابة 2: 280 / 1424 و 3: 660 / 9290.
[254]
واستعمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على مراد ومذحج وكتب لهم كتابا (1). وكان ذلك سنة تسع أو عشر من الهجرة (2). وسيأتي ذكره في الكتب التي كتبت في الموضوعات المختلفة تحت عنوان كتابه لخالد بن سعيد. 62 - 69 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لزيد الخير بن مهلهل: ذكر المؤرخون أن زيد بن مهلهل الطائي ثم النبهاني وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) السنة العاشرة مع عدة من رجال طي منهم: 1 - عدي بن حاتم أبو طريف (3) الطائي. 2 - قبيصة بن الأسود بن عامر بن جوين (4) الطائي ثم الجرمي. 3 - مالك بن عبد الله بن خيبري [جبير] (5) الطائي [في الاصابة 3: 222: مالك بن حسري] من بني معن. 4 - وزر بن جابر بن سدوس النبهاني الطائي (6).
(1) ثقات ابن حبان 2: 117 وراجع الاصابة 3: 205 / 6981 في ترجمة فروة واسد الغابة 4: 180 و 181 والمفصل 4: 188 و 9: 868. (2) الاستيعاب هامش الاصابة 3: 200 والاصابة 3: 205 / 6981 والوثائق السياسية: 235 / 116 - الف عن الوثائق السياسية اليمنية للأكوع الحوالي: 136 وارجع إلى ابن سعد 2: 111. (3) البحار 21: 365 عن إعلام الورى. (4) الاصابة 3: 222 في قبيصة و 635 في وزر والطبقات 1: 321 والأغاني 17: 248 ودحلان هامش الاصابة 3: 23 والمفصل 4: 220 واسد الغابة 4: 190 و 5: 89. (5) الاصابة 3: 222 في ترجمة قبيصة و 635 في وزر و 347 في مالك والطبقات 1: 321 والأغاني 17: 248 والمفصل 4: 220 واسد الغابة 4: 283 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 374. (6) الاصابة 3: 222 و 365 والطبقات 1: 321 والأغاني 17: 348 والمفصل 4: 220 واسد الغابة 5: 89.
[255]
5 - قيس بن كسفة الطريفي (1). 6 - قيس [قعين] (2) بن حليف [خلف] [أو خليف] الطريفي والطريف بطن من طي كما في اللباب والمعجم (3). 7 - رجل من بني بولان (4) من طي كما في المعجم واللباب قال السهيلي في الروض 4: 227: " خرج نفر من طي يريدون النبي (عليه السلام) بالمدينة وفودا ومعهم زيد الخيل ووزر ابن سدوس النبهاني وقبيصة بن الأسود بن عامر بن جوين الجرمي وهو النصراني ومالك بن عبد الله بن خيبري.. وقعين بن خليف الطريفي رجل من جديلة ثم من بني بولان... وكتب (أي: لزيد) كتابا على ما أراد، وأطعمه قرى كثيرة منها ؟، وكتب لكل واحد منهم على قومه إلا وزر بن سدوس... ". ظاهر كلام السهيلي أنه (صلى الله عليه وآله) كتب لزيد كتابا واقطع له، وكتب لكل واحد كتابا على قومه أي: استعمله عليهم إلا وزر بن سدوس لحق بالشام وتنصر. فتكون سبعة كتب واحد في الإقطاع لزيد، وستأتي ستة في العهد على أقوامهم. قال أبو الفرج بعد ذكر أسمائهم: " وعدة من طي " (5) فعليه تكون الكتب أكثر
(1) الاصابة 3: 222. (2) في الطبقات: قعين بن خلف وفي الأغاني 17: 248: قعين بن خليل وفي المفصل 4: 220 قعين بن خليف وفي الاصابة 3: 222: قيس بن حليف و 3: 240 قعين بن خالد. (3) الاصابة 3: 222 و 240 والطبقات 1: 321 وفي ط 1 / ق 2: 59 والأغاني 17: 248 والمفصل 4: 220 والوثائق السياسية: 302 و 303 / 201 - الف - ب - ج. (4) كذا في الطبقات حيث قال: وقعين بن خليف بن جديلة ورجل من بني بولان، ولكن في نص السهيلي: " وقعين بن خليف الطريفي رجل من جديلة ثم من بني بولان " فيدل على أن قعين هو من بني بولان بخلاف نص الطبقات فعليه رجل من بني بولان هو قعين بن خليف. (5) الأغاني 17: 248 وراجع الاصابة 3: 222.
[256]
من ذلك. 70 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبكر بن وائل: الوثائق عن كتاب نقائض جرير والفرزدق لابن حبيب: 1023: " فقالوا: إن بكرا [أي: ابن وائل] أتاهم كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فأسلموا على ما في أيديهم، ولم يرو نص كتاب الأمان لأموالهم " (1). استفاد المصنف من قوله " فأسلموا على ما في أيديهم " أنه كتب لهم بذلك. 71 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمسلم بن الحارث التميمي: قال ابن حجر: " مسلم بن الحارث بن بدل ويقال: الحارث بن مسلم التميمي... أخرجه البخاري في التأريخ عن الحكم بن موسى عن صدقة، ولفظه عن الحارث من مسلم التميمي عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم): " كتب له كتابا بالوصاة إلى من يعرفه من ولاة الأمر " (2). وقد تقدم في حارث بن مسلم التميمي راجع / 30. 72 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبعض يهود خيبر: روي في كتاب الفضائل وكتاب الروضة بإسناد يرفعه إلى عبد الله بن أبي أوفى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنه لما فتحت خيبر قالوا له: إن بها حبرا قد مضى له من
(1) الوثائق: 253 / 139 - الف. (2) الاصابة 3: 414 / 7964 والوثائق: 259 / 146 (عنه وعن اسد الغابة 4: 360) والتراتيب الادارية 1: 171 و 172 وراجع رسالات نبوية: 34 والمعجم الكبير 19: 434 وبلوغ الأماني 22: 160 ومجمع الزوائد 9: 414 و 8: 99 عن الطبراني وأحمد والطبقات 7 / ق 2: 137.
[257]
العمر مائة سنة وعنده علم التوراة فأحضر بين يديه - فذكر القصة إلى أن قال: فعند ذلك قال - أي: الحبر - مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك - أي أشار إلى علي (عليه السلام) - معجزة وأنه يخرج منك أحد عشر نقيبا، فاكتب لي عهدا لقومي، فإنهم كنقباء بني إسرائيل أبناء داود (عليه السلام) فكتب له بذلك عهدا " (1). 73 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لجزاء بن عمرو العذري: قال أبو عمر: " جزاء بن عمرو العذري ويقال: جزء قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له كتابا " (2) وفي أسد الغابة " جرو بن عمرو العذري وقيل: جرى حديثه: قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب لي كتابا: " ليس عليهم أن يحشروا ولا يعشروا " أخرجه ابن مندة وأبو نعيم بالراء وأخرجه أبو عمر في ترجمة جزء بالزاي وفي: 282 في " جزء ابن عمرو العذري ويقال: جرو ويقال جزء " وفي: 281 " جري بن عمرو ". وفي الاصابة 1: 230 " جرو بن عمرو وقيل بالتصغير وقيل: جزء بزاي ثم همزة ". 74 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن نعمان: قال قيس بن نعمان: " خرجت خيل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسمع بها أكيدر دومة
(1) البحار 36: 213. (2) راجع الاستيعاب هامش الاصابة 1: 262 وأسد الغابة 1: 277 و 281 و 282 والاصابة 1: 230 وكنز العمال 5: 322 وفي ط 40: 404 ورسالات نبوية: 129 والوثائق السياسية: 383 / 179 - الف (عن الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 1: 21 / 1328 و 2265 وقال: ولم يرو نص الكتاب) أقول: أشار ابن الأثير إلى مضمونه: " ليس عليهم أن يحشروا ولا يعشروا " وفي كنز العمال عن أبي نعيم " أن ليس عليكم عشر ولا حشر ".
[258]
فرجع فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله بلغني أن خيلك انطلقت وإني خفت على أرضي ومالي، فاكتب لي كتابا لا يتعرض لشئ هو لي، فإني مقر بالذي علي من الحق فكتب له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (1). أقول: ظاهر نقل ابن حجر أن الضمائر في: رجع وانطلق وفقال ترجع إلى أكيدر، ولكن في الوثائق أرجع الضمائر إلى قيس بن النعمان، والموجود في أسد الغابة والإصابة: قيس بن النعمان من عبد القيس، ولعل الذي دعاه إلى هذا الحمل هو أنه يأتي كتابه (صلى الله عليه وآله) لأكيدر بعد أن أسره خالد فرآه غير هذا. 75 - كتابه (صلى الله عليه وآله) المزعوم في إسقاط الجزية عن أهل خيبر: نقل في الوثائق السياسية: 124 عن المنتظم لابن الجوزي 8: 265 / 312 في أحوال أحمد الخطيب البغدادي وتذكرة الحفاظ للذهبي في أحوال الخطيب البغدادي 3: 317 وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3: 12 والبداية والنهاية لابن كثير 5: 251 والإرشاد لياقوت 1 أحوال أحمد بن علي الخطيب البغدادي والبداية لابن كثير 12: 101 و 102 والإعلام بالتوبيخ لمن ذم التأريخ للسخاوي 75 وأحكام أهل الذمة لابن القيم: 7 و 8 والخطيب البغدادي ليوسف العش: 32 (وهو أرجع إلى كتب ابن شهبة 139 / ب السبكي 3: 14 تذكرة الحفاظ 3: 17 أيضا). لم يرو نص الكتاب، وكان فيه شهادة سعد بن معاذ ومعاوية بن أبي سفيان وكاتبه علي بن أبي طالب وفيه إسقاط الكلف والسخر والجزية. حمل الكتاب في سنة 447 ه‍ إلى رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن الحسن
(1) المطالب العالية لابن حجر 4: 254 / 4379 والوثائق السياسية: 295 / 190 - ج عنه.
[259]
وزير القائم، فعرضه على الخطيب البغدادي فقال: مزور، لأن فيه شهادة سعد وقد مات قبل فتح خيبر بسنتين، وفيه شهادة معاوية وإنما أسلم بسنة بعد خيبر عام فتح مكة، وزاد ابن القيم: لم تكن الجزية وقت فتح خيبر، ولم تنزل آية الجزية إلا بعد سنتين من غزوة خيبر، ولم تكن على أهل خيبر كلف ولا سخرة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى توضع عنهم. أقول: يظهر من كلام ابن كثير في البداية والنهاية 5: 351: أن يهود خيبر افتعلوا كتابين نسبوهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " قد ادعى يهود خيبر في أزمان متأخرة بعد الثلاثمائة أن بأيديهم كتابا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه وضع الجزية عنهم، وقد اغتر بهذا الكتاب بعض العلماء حتى قال بإسقاط الجزية عنهم من الشافعية أبو علي بن خيرون وهو كتاب مزور مكذوب مفتعل لا أصل له، وقد بينت بطلانه من وجوه عديدة في كتاب مفرد، وقد تعرض لذكره وإبطاله جماعة من الأصحاب في كتبهم كابن الصباغ في مسائله والشيخ ابن حامد في تعليقته وصنف ابن المسلمة جزءا مفردا للرد عليه، وقد تحركوا به بعد السبعمائة وأظهروا كتابا فيه نسخة ما ذكره الأصحاب في كتبهم، وقد وقفت عليه فإذا هو مكذوب ". هذا وذكره العلامة (رحمه الله) في التذكرة 1: 439 قائلا: " وما ذكره بعض أهل الذمة منهم أن معهم كتابا من النبي (صلى الله عليه وآله) بإسقاطها لا يلتفت إليه، لأنه لم ينقله أحد من المسلمين، قال ابن شريح... " 76 - 78 - كتابه (صلى الله عليه وآله) في المعاهدة بينه (صلى الله عليه وآله) وبين اليهود: سيأتي في الفصل الثاني عشر كتابه (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار واليهود، والمراد اليهود من قبائل الأنصار على ما يأتي تفصيله وتحقيقه، وكتب (صلى الله عليه وآله) بعد مقدمه المدينة بينه وبين اليهود الساكنين في المدينة - بني قريظة وبني النضير وبني
[260]
قينقاع - ليأمن جانبهم في أنفسهم وفي تعاونهم مع المشركين. والذي يظهر من المصادر التأريخية والحديثية أنه (صلى الله عليه وآله) كتب لكل واحد كتابا وعاهدهم. قال علي بن إبراهيم القمي: " وجاءته اليهود: قريظة والنضير وقينقاع فقالوا: يا محمد إلى ما تدعو ؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأني الذي تجدونني مكتوبا في التوراة... فقالوا له: قد سمعنا ما تقول وقد جئناك نطلب منك الهدنة على أن لا نكون لك ولا عليك، ولا نعين عليك أحدا ولا نتعرض لأحد من أصحابك، ولا تتعرض لنا ولا لأحد من أصحابنا حتى ننظر إلى ما يصير أمرك وأمر قومك، فأجابهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكتب بينهم كتابا: أن لا يعينوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا على أحد من أصحابه بلسان ولا يد ولا بسلاح ولا بكراع في السر والعلانية لا بليل ولا بنهار، الله بذلك عليهم شهيد، فإن فعلوا فرسول الله في حل من سفك دمائهم وسبي ذراريهم ونسائهم وأخذ أموالهم "، وكتب لكل قبيلة كتابا على حدة. وكان الذي تولى أمر بني النضير حيي بن أخطب، فلما رجع إلى منزلة قال له إخوته: جدي بن أخطب وأبو ياسر ابن أخطب: ما عندك ؟ قال: هو الذي نجده في التوراة والذي بشرنا به علماؤنا، ولا أزال عدوا له، لأن النبوة خرجت من ولد إسحاق وصارت في ولد إسماعيل، ولا نكون تبعا لولد إسماعيل أبدا. وكان الذي تولى أمر قريظة كعب بن أسد. والذي تولى أمر بني قينقاع مخيريق وكان أكثرهم مالا وحدائق فقال لقومه: تعلمون أنه النبي المبعوث فهلموا ظ: زائدة نؤمن به ونكون قد أدركنا الكتابين فلم تجبه قينقاع إلى ذلك " (1).
(1) أعلام الورى: 69 والبحار 19: 110 و 111 ط اسلامية وناسخ التواريخ 2: 51 من الهجرة الطبعة الحجرية ومدينة البلاغة 2: 276 وراجع أيضا البحار 20: 158 و 168 و 223 وراجع الطبري 2: 479 و 571 والكامل 2: 137 و 180 وتدبر فيها فإن ذلك كله يدل على انه (صلى الله عليه وآله) عاهد كل واحد منهم وكتب
[261]
أقول: ويشهد بتعدد كتبهم ما نقله المؤرخون في قصص بني قريظة والنضير وبني قينقاع، قال ابن كثير في البداية والنهاية 4: 103 في قصة بني قريظة: " قال ابن إسحاق بعد نقل مجئ حيي بن أخطب إلى بني قريظة لحثهم على نقض العهد والاجتماع على نصرة قريش: فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمع له (في نقض عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)) على أن أعطاه حيي عهد الله وميثاقه لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك فنقض كعب بن أسد العهد وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال موسى بن عقبة... فعند ذلك نقضوا العهد، ومزقوا الصحيفة التي كان فيها العقد إلا بني سعنة: أسد وأسيد وثعلبة، فإنهم خرجوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ". 79 - كتابه (صلى الله عليه وآله) ليهود المدينة: لما قتل الله المشركين ببدر خرج كعب بن الأشرف إلى مكة وجعل يحرض على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويبكي على أصحاب القليب، ثم رجع إلى المدينة يشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لي بابن الأشرف ؟ فقتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة وعباد بن بشر والحارث بن أوس وأبو عبس بن جبر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فوثب محيصة بن مسعود على سنيسنة رجل من تجار يهود فقتله، فخافت اليهود من ذلك خوفا شديدا، فجاءوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يشكون ذلك، فذكرهم النبي (صلى الله عليه وآله) ما فعل ابن الأشرف ثم دعاهم إلى المعاهدة فأجابوا، فكتبوا بينهم وبينه (صلى الله عليه وآله) كتابا في دار رملة
= لهم وكلهم نقضوا عهدهم. نقل قسما من الحديث في كمال الدين: 114 وفي ط: 198 عن علي بن إبراهيم وكذا في البحار 15: 206 عن كمال الدين.
[262]
بنت الحارث، وكان ذلك الكتاب عند علي (عليه السلام) (1). 80 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعثمان بن أبي العاص: عن أبي هريرة قال: " قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المنبر ومعه كتاب فقال: لأعطين هذا الكتاب رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قم يا عثمان بن أبي العاص فقام عثمان بن أبي العاص فدفعه إليه " (2). أقول: هو عثمان بن أبي العاص بن بشر... الثقفي، يكنى أبا عبد الله وفد على النبي (صلى الله عليه وآله) في وفد ثقيف، فأسلم واستعمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الطائف، ولعل الكتاب في تأميره على الطائف، ولكن الذي نقله أبو هريرة من قوله (صلى الله عليه وآله): " لأعطين... " افتعله في المقابلة بالحديث المعروف في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خيبر فراجع.
(1) راجع المصنف لعبد الرزاق 5: 204 / 9388 وتاريخ المدينة لابن شبة 2: 461 والطبقات 2 / ق 2: 19 و 23 والمغازي للواقدي 1: 192 وسيرة دحلان هامش الحلبية 2: 19 ومجمع الزوائد 6: 196 والبحار 19: 110 والأغاني 2: ق 1 / 133 و 22: 133 ودلائل النبوة للبيهقي 2: 464 والمعجم الكبير 19: 78 وشرح الزرقاني للمواهب اللدنية 2: 14 والصحيح من السيرة 4: 133 وأسد الغابة 2: 66. والوثائق السياسية: 68 وفي ط: 92 / 14 - ج (عن امتاع الأسماع للمقريزي 1: 110 ثم مرة اخرى في القسم الغير المطبوع منه خطية كوپرولو - اسطنبول: 1413. (2) راجع مجمع الزوائد 9: 371 عن الطبراني في الأوسط.
[263]
كتبه (صلى الله عليه وآله) في الموضوعات المختلفة 1 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أهل دباء: قال ابن سعد: " دباء فيما بين عمان والبحرين " وقال محمد حميد الله: " وموجودة إلى الآن كقرية على ساحل البحر في دولة الإمارات العربية المتحدة ". قال ابن سعد: " وقد كانوا أسلموا وقدم وفدهم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مقرين بالإسلام، فبعث عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) مصدق منهم يقال له حذيفة بن اليمان الأزدي من أهل دباء وكتب له فرائض الصدقات، فكان يأخذ صدقات أموالهم ويردها على فقرائهم " (الطبقات 7 / ق 1: 72) (1). وفي معجم البلدان 2: 435 ذكر القصة ولكن: قال يقال له: حذيفة بن محصن البارقي الأزدي من أهل دباء (وراجع الإصابة 1: 317 / 1647 والطبري 3: 249 وأسد الغابة 1: 390).
(1) وراجع الاصابة 1: 318 / 1648 ورسالات نبوية: 16 والوثائق السياسية: 164 / 78 عن الطبقات وعن معدن الجواهر بتأريخ البصرة لنعمان بن محمد بن العراق: 80 و 81.
[264]
قال في المفصل 1: 174: " وفي عمان مدينة قديمة منها صحار ونزوة ودبا أو دما، وكانت من المدن المهمة في أيام الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهي عاصمة عمان الشمالية، كما كانت سوقا من أسواق الجاهلية وسكانها من الأزد " وقال في 4: 200: " وكانت سوق دبا من الأسواق المقصودة المشهورة يأتي إليها البائعون والمشترون من جزيرة العرب وخارجها (ويعشرها الجلندى بن المستكبر) " ظاهر كلامه اتحاد البلد والاختلاف في الاسم، ولكن في المراصد 2: 511 و 532 أنهما بلدتان فيهما سوق وكذا في معجم البلدان 2: 435 و 461. وسيأتي كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أهل دما ولعل ما في اللباب 1: 508 والأنساب للسمعاني في " دمائي " إشارة إلى هذا الكتاب. 2 - كتابه (صلى الله عليه وآله) في قصة سورة براءة: يظهر من التأمل في الواقعة أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر على الموسم أيام الحج سنة تسع ليقيم للمسلمين حجهم ويبلغ عنه صدر سورة " برائة " وكلمات وهي: " لا يطوفن بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون، ومن كان بينه وبين رسول الله عهده فأجله إلى مدته، وأن الله ورسوله برئ من المشركين، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، وأن هذه أيام أكل وشرب " (1). فلما بلغ أبا بكر الجحفة لحقه علي (عليه السلام) وأخذ منه الكتاب المشتمل على ما ذكر فرجع أبو بكر. يظهر من النصوص أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب في هذه الواقعة كتبا:
(1) جمعنا هذه الكلمات من النصوص.
[265]
1 - كتابا مشتملا على سورة براءة وهذه الكلمات. 2 - كتابا مشتملا على سنن الحج. 3 - كتابا إلى أبي بكر في أن عليا أمره النبي (صلى الله عليه وآله) على الموسم ويأمره أن يدفع إلى علي (عليه السلام) السورة. وانزعج أبو بكر من ذلك ورجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) سائلا: هل نزل في شئ ؟ قال: لا، إلا أنه لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني (1). ولابد وأن نشير إلى بعض النصوص: ذكر ابن كثير في تأريخه في ذكر قصة البراءة: " وقد روى عبد الله بن أحمد.. عن حلس عن علي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما أردف أبا بكر بعلي فأخذ منه الكتاب بالجحفة رجع أبا بكر.. ". أخرج السيوطي عن عبد الله بن أحمد في الزوائد وأبي الشيخ وابن مردويه عن علي (رضي الله عنه) قال: " لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي (صلى الله عليه وآله) دعا أبا بكر ليقرأها
(1) راجع البداية والنهاية 5: 38 والدر المنثور 3: 209 و 210 وتفسير الطبري 9: 44 - 47 وتشييد المطاعن 1: 164 الطبعة الحجرية الهند و 165 كلهم نقلوا القصة بأسانيد جمة ومصادر كثيرة والبحار 8: 243 الطبعة الحجرية ونور الثقلين 2: 177 و 182 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 89 وينابيع المودة: 89 ط اسلامبول والسنن الكبرى للبيهقي 9: 224 و 225 واليعقوبي 2: 66 وتاريخ الطبري 3: 122 و 123 والطرائف: 38 - 39 والترمذي 5: 275 والارشاد للمفيد (رحمه الله): 29 والجامع لأبي زيد: 296 والبحار 21: 266 و 267 و 274 و 275 و 35: 306 و 307 والمستدرك للحاكم 3: 52 والجمل للمفيد (رحمه الله): 219 والتراتيب 1: 72 ورسالات نبوية: 23 عن البيهقي في الدلائل والسيرة المحمدية والكفاية للخطيب: 313 وكتاب السنة لابن أبي عاصم: 589 وأنساب الأشراف للبلاذري تحقيق محمد حميد الله: 383 وتأريخ دمشق لابن عساكر 2 (من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)) 2: 376 و 390 وراجع هوامشها وكشف اليقين: 172 وكفاية الطالب للگنجي: 254 و 285 والدر المنثور 3: 209 و 210 والسنة لأبي عاصم: 589 والعمدة لابن بطريق: 160 وما بعدها ومجمع الزوائد 7: 29 والمعجم الكبير للطبراني 11: 400 والكامل لابن عدي 3: 81300 والأموال لأبي عبيد: 213 وابن زنجويه 1: 663 ومسند علي 741.
[266]
على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه، ورجع أبو بكر فقال: يا رسول الله نزل في شئ ؟ قال: لا، ولكن جبرئيل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك ". وأخرج عن سعد بن أبي وقاص: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعث عليا (رضي الله عنه) بأربع: لا يطوفن بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم، ومن كان بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عهد فهو إلى عهده، وأن الله ورسوله برئ من المشركين ". ورواه عن أبي هريرة أيضا وابن عباس وعلي (عليه السلام) وعروة. وعن جابر: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث أبا بكر على الحج ثم أرسل عليا (رضي الله عنه) ببراءة فقرأها على الناس في موقف الحج حتى ختمها ". وعن عروة: " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا بكر أميرا على الناس سنة تسع وكتب له سنن الحج، وبعث علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) بآيات من براءة، فأمره أن يؤذن بمكة وبمنى وعرفة وبالمشاعر كلها بأنه برأت ذمة رسول الله من كل مشرك حج بعد العام أو طاف بالبيت عريان... ". ونقل الطبري في تفسيره.. عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا بكر أميرا على الموسم سنة تسع وبعث علي بن أبي طالب بثلاثين أو أربعين آية من براءة... ". ونقل عن السدي قال: " لما نزلت هذه الآيات إلى رأس أربعين آية بعث بهن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع أبي بكر "... وقال الطبري في تأريخه: " وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) على أثر أبي بكر، فأدركه بالعرج فقرأ علي (عليه السلام) براءة يوم النحر... عن السدي: لما نزلت هذه الآيات إلى رأس الأربعين يعني من سورة براءة، فبعث بهن رسول الله مع أبي
[267]
بكر وأمره على الحج، فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة أتبعه بعلي فأخذها منه فرجع أبو بكر... فسار علي يؤذن ببراءة فقام يوم الأضحى فأذن فقال: لا يقربن المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عهد فله عهده إلى مدته، وأن هذه أيام أكل وشرب، وأن لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما ". ونحوه عن تأريخ سعيد بن منصور الكازروني عن أبي سعيد الخدري. نقل السيد ابن طاووس في طرائفه: 39 قال: ورواه (أي: حديث البراءة) أيضا في الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثاني في تفسير سورة براءة من صحيح أبي داود وصحيح الترمذي في حديث ابن معاوية يرفعونه إلى عبد الله بن عباس قال: " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا بكر وأمره أن ينادي في الموسم ببراءة، ثم أردفه عليا (عليه السلام)، فبينما أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) العضباء، فقام أبو بكر فزعا فظن أنه حدث أمر، فدفع إليه علي كتابا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه أن عليا ينادي بهؤلاء الكلمات، فإنه لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي... ". ونحوه في المستدرك للحاكم. تذكار:: لا ريب عند المحدثين والمفسرين والمؤرخين أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث أبا بكر لتبليغ الآيات الأولى من سورة براءة وإبلاغ الكلمات المتقدمة، فلما بلغ الشجرة سمع رغاء ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) العضباء فإذا بأمير المؤمنين علي (عليه السلام) على ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ الكتاب من أبي بكر وقرأه في الموسم. وإنما الخلاف في أن أبا بكر رجع إلى المدينة بعد عزله عن الإبلاغ أو سار مع
[268]
علي (عليه السلام)، وكان أميرا للحج وكان علي (عليه السلام) تحت إمارته ورئاسته يعمل بأمره، والأحاديث الواردة على أقسام: قسم منها يذكر أن أبا بكر رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزعجا قلقا قائلا: يا رسول الله هل نزل في شئ ؟ قال: لا، بل نزل جبرئيل أنه لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني. بل في بعضها أنه قال (صلى الله عليه وآله) لعلي: خذ الكتاب من أبي بكر وأرجعه إلي. نقل هذه الأحاديث علي (عليه السلام) وابن عباس وابن عمر وأنس وأبو رافع وأبو سعيد وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة والسدي. وقسم منها يذكر أن أبا بكر لم يرجع وحج مع علي (عليه السلام) باقيا على إمارته، وروي ذلك عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس وجابر وأبي جعفر (عليه السلام). وقسم منها يذكر القصة أو يشير إليها ولكن لم يتعرض لرجوع أبي بكر وعدمه. 3 و 4 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعيينة والأقرع: إن عيينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس التميمي سألا رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا، فأمر معاوية بن أبي سفيان أن يكتب به لهما ففعل وختمها [ختمهما ظ] رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمر بدفعه لهما، فأما عيينة فقال: ما فيه ؟ قال: فيه الذي أمرت به فقبله وعقده في عمامته وكان أحكم الرجلين. وأما الأقرع فقال: أحمل الصحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس، فأخبر معاوية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقولهما " (1).
(1) مسند أحمد 4: 180 والسنن الكبرى للبيهقي 7: 25 ورسالات نبوية: 12 و 29 وكنز العمال 1: 273
[269]
قال ابن حجر: " روى البخاري في تأريخه الصغير ويعقوب بن سفيان بإسناد صحيح من طريق محمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو السلماني: أن عيينة والأقرع استقطعا أبا بكر أرضا فقال لهما عمر: إنما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتألفكما على الإسلام، فأما الآن فاجهدا جهدكما وقطع الكتاب. ومن المحتمل أن يكون الكتاب الذي قطعه عمر هو ما كتب لهما النبي (صلى الله عليه وسلم) فيتضح مضمون كتابه (صلى الله عليه وسلم) لهما حينئذ ". أقول: صحيفة المتلمس على ما فسره الزمخشري في الفائق 2: 287 في صحف: أن المتلمس كتب إلى عامله بالبحرين في إهلاكه، وهو تخيل أنه كتاب جائزة (وراجع النهاية لابن الأثير أيضا في صحف). عيينة تصغير عين (الاشتقاق: 285). 5 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأقرع بن حابس: كذا ذكره في الوثائق: 258 / 143 ناقلا عن الإصابة / 228 ومسند أحمد 3: 23 و 68 و 73 و 97 ويحتمل اتحاده مع سابقه كما لا يخفى، ونحوه رسالات نبوية: 12 عن أبي داود في باب من روى نصف صاع من قمح. كما أنه قال: 29: كتب لعيينة، والظاهر اتحادهما مع ما تقدم في الرقم 3 - 4. 6 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام): لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة أقام عليا (عليه السلام) مكانه وأوصى إليه فقال:
= وسنن أبي داود 2: 117 / 1629 والوثائق: 258 / 143 - الف وراجع أيضا: 720 عن ابن شبة وتاريخ المدينة لابن شبة 2: 534 و 535 والمعرفة والتاريخ 1: 339 وحياة الحيوان للدميري 2: 277 والاصابة 1: 59 / 231 والمعجم الكبير 6: 117 والأموال لابن زنجويه 2: 622 وموارد الظمآن لزوائد ابن حبان: 215 ومجمع الزوائد 3: 95 وراجع الفائق 2: 287 والنهاية 3: 13 في صحف.
[270]
" فإذا أبرمت ما أمرتك من أمر فكن على أهبة الهجرة إلى الله ورسوله وسر إلي لقدوم كتابي عليك ولا تلبث... ". قال أبو عبيدة: " قال أبي وابن رافع: ثم كتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى علي بن أبي طالب كتابا يأمره بالمسير إليه وقلة التلوم، وكان الرسول إليه أبا واقد الليثي، فلما أتاه كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تهيأ للخروج " الحديث (1). 7 - كتبه (صلى الله عليه وآله) في الردة في قتل الأسود العنسي: ذكر الطبري وغيره في حوادث السنة الحادية عشرة: " أن ردة في الإسلام كانت باليمن كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على يد ذي الخمار عبهلة بن كعب وهو الأسود في عامة مذحج.. وكتب بذلك إلى النبي (صلى الله عليه وسلم).. وكان أول خبر وقع عنه من فروة بن مشيك.. فلم يلبث إلا قليلا حتى ادعى طليحة النبوة وعسكر بسميراء واتبعه العوام واستكثف أمره.. روي عن حريث المعلى: " أن أول من كتب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بخبر طليحة سنان بن أبي سنان وكان على بني مالك، وكان قضاعي بن عمرو على بني الحارث... وحاربهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالرسل، فأرسل إلى نفر من الأبناء رسولا وكتب إليهم أن يحاولوه، وأمرهم أن يستنجدوا رجالا قد سماهم من بني تميم وقيس وأرسل إلى اولئك أن ينجدوهم ففعلوا ذلك " (2).
(1) البحار 19: 63 و 64 عن أمالي الشيخ: 295 - 301 وفي ط 8: 84 والصحيح من السيرة 2: 295 عن البحار والأمالي وتفسير البرهان 1: 332 و 333 عن الشيباني في نهج البيان وعن الاختصاص للمفيد (رحمه الله) والمناقب لابن شهر آشوب 1: 183 و 184 وأعلام الورى: 190 وقال: ويراجع امتاع الأسماع للمقريزي 1: 48 والسيرة الحلبية 2: 56 و 57 وكشف الغمة 1: 406 والفصول المهمة لابن صباغ: 30 و 35. (2) راجع الطبري 3: 187 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 206 و 207 والكامل 2: 336 - 338 وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 60 والبداية والنهاية 6: 308 وتاريخ الخميس 2: 156 والاصابة 3: 210 وابن
[271]
ولم يرو نص الكتب، وإنما أشاروا إلى الكتب وإلى من كتب إليهم، وإليك الإشارات ونصوص المؤرخين: 8 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى مسفع: ذكر عبد المنعم في رسالات نبوية: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إلى مسفع مع جرير بن عبد الله. أقول: والذي يظن الآن أنه تصحيف، والصحيح سميفع أو إسميفع وهو ذو الكلاع الحميري (1) وسيأتي فانتظر، وراجع الأكليل للهمداني 2: 243 و 244 وفي القاموس: " سميفع - كسميذع بالفاء وقد تضم سينه وحينئذ يجب كسر الفاء - بن ناكور بن عمرو... أسلم فكتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) ". 9 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عوف الزرقاني: كتب (صلى الله عليه وآله) إلى عوف الزرقاني الصيداوي من بني الصيدا في قتل الأسود العنسي، أرسله مع ضرار بن الأزور (2). صحف في رسالات نبوية " عوف " فذكره " عون بن فلان ".
= أبي الحديد 13: 187 والمنتظم 4: 19 والمفصل 4: 191. فترى بعضهم يقول: حاربهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بإرسال الرسل، ولكن يصرح بعضهم كالكامل بأنه (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى عماله باليمن يعني إلى كل واحد واحد منهم في ذلك. (1) رسالات نبوية: 35 وراجع: 17 في كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ذي الكلاع والاصابة 3: 493 / 8413 وأسد الغابة 2: 143 وراجع الإكليل للهمداني 2: 245 والطبري 3: 187 والقاموس في سميفع. (2) رسالات نبوية: 30 والطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 267 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 96 والاصابة 3: 44 / 6106 عوف الوركاني كان من عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) فأرسل إليه ضرار بن الأزور والمنتظم 4: 24 والطبري 3: 187.
[272]
بعثه مع ضرار بن الأزور. ذكر ابن عساكر ذلك في قتل طليحة. 10 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى سنان الأسدي: نقل الطبري أنه (صلى الله عليه وآله) بعث ضرار بن الأزور الأسدي إلى عوف الزرقاني من بني الصيداء (المتقدم ذكره) وسنان الأسدي ثم الغنمي (1). ذكره ابن عساكر في قتل طليحة. 11 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قضاعي بن عمرو الدؤلي: نقل الطبري أنه (صلى الله عليه وآله) بعث ضرار بن الأزور الأسدي إلى... وقضاعي الديلمي (2). قال في القاموس: والدأل بالفتح... أبو قبيلة في الهون بن خزيمة، والنسبة دؤلي ودولي بفتح عينيهما وديلي كخيري ودئلي بكسرتين. 12 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ابن ذي اللحية: نقل الطبري: " أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث نعيم بن مسعود الأشجعي إلى ابن ذي اللحية (3) وهو ذو اللحية الكلابي اسمه شريح بن عامر... بن كلاب بن ربيعة بن
(1) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 268 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 96 والمنتظم 4: 24 والاصابة 2: 82 / 3500. (2) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 269 وراجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 96 والاصابة 3: 236 / 7115 و 7116. (3) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 270.
[273]
عامر بن صعصعة، له صحبة " (1). 13 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لابن مشيمصة الجبيري: نقل الطبري: " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث نعيم بن مسعود الأشجعي إلى ابن مشيمصة الجبيري " (2). أقول: كذا في الطبري والوثائق، ولم أعثر على هذا الرجل في كتب اللغة والأدب والتراجم. 14 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عمرو بن المحجوب: قال الطبري: " وبعث صلصل بن شرحبيل إلى... عمرو بن المحجوب العامري (يعني في قتل الأسود) " وقال ابن حجر في ترجمة عمرو بن المحجوب العامري: " استدركه ابن فتحون، وأخرج سيف في الفتوح بسندين إلى ابن عباس أنه كان من عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) وأرسل إليه زياد بن حنظلة يأمر بالجد في قتال أهل الردة، وقال في ترجمة صفوان بن صفوان بن أسيد التميمي.. وكان عامل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على بني عمرو صفوان... روى سيف في الردة أيضا بإسناده إلى ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث صلصل بن شرحبيل إلى صفوان بن صفوان التميمي وإلى وكيع بن عدس الداري وإلى غيرهم يحضهم على قتال أهل الردة " (3). وقال ابن الأثير في ترجمة صلصل بن شرحبيل: وخبره مشهور في إرسال
(1) راجع اسد الغابة 2: 144 والاصابة 2: 148 / 3890 والطبري 3: 187. (2) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 271. (3) راجع الطبري 3: 187 والاصابة 3: 14 / 5954 في ترجمة عمرو بن المحجوب و 2: 188 / 4076 في ترجمة صفوان و: 535 / 5825 في ترجمة عمرو بن الخفاجي واسد الغابة 3: 39 والاستيعاب هامش الاصابة 2: 204 في ترجمة صلصل والوثائق: 335 / 265 ورسالات نبوية: 29. (*
[274]
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إياه إلى صفوان بن أمية وسبرة العنبري ووكيع الدارمي وعمرو بن محجوب العامري وهو أحد رسله، أخرجه أبو عمر في ترجمة صلصل ابن شرحبيل. 15 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عمرو بن الخفاجي من بني عامر: قال الطبري: " وبعث صلصل بن شرحبيل إلى... عمرو بن الخفاجي من بني عامر (في قتل الأسود) " (1). وقال ابن حجر: " عمرو بن الخفاجي العامري... فقال الرشاطي صحب النبي، وكتب إليه وإلى عمرو بن المحجوب يستقدمهما في أمر الردة، ذكر ذلك الطبري، وذكر سيف أن الرسول إلى عمرو بن الخفاجي بذلك كان زياد بن حنظلة وفي الرسالة يأمره بالجد في قتال أهل الردة ". 16 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى سبرة العنبري: قال الطبري: " وبعث صلصل بن شرحبيل إلى سبرة العنبري " (2). قال ابن حجر: " سبرة.. بفتح أوله وسكون ثانيه، ويقال بميم مضمومة بدل الموحدة " (3). العنبري نسبة إلى بني العنبر من تميم.
(1) الطبري 3: 187 والاصابة 2: 535 / 5825 ورسالات نبوية: 29 والوثائق السياسية: 335 / 266. (2) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 263 والاستيعاب هامش الاصابة 2: 204 في ترجمة صلصل وكذا اسد الغابة 3: 39. (3) الاصابة 2: 14 / 3085.
[275]
17 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى الوكيع الدارمي: قال الطبري: " وبعث صلصل بن شرحبيل إلى... ووكيع الدارمي " (1) وقال ابن حجر: " وكيع بن مالك التميمي.. ذكر سيف أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استعمله هو ومالك بن نويرة على صدقات بني حنظلة وبني يربوع، وتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهما كذلك، ثم كان موافقا لسجاح... وذكر سيف أيضا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث وكيعا الدارمي مع صلصل بن شرحبيل إلى عمرو بن المحجوب ليتعاونوا على من ارتد... " (2). 18 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لزبرقان بن بدر: قال الطبري: " وبعث زياد بن حنظلة التميمي ثم العمري إلى... الزبرقان بن بدر " (3). قال ابن الأثير: " الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة... التميمي السعدي.. اسمه الحصين... ولاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صدقات قومه (4) ". قال أبو عمر (في ترجمة زياد بن حنظلة):... " هو الذي بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر ليتعاونوا على مسيلمة وطليحة والأسود، قد عمل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان منقطعا إلى علي (رحمه الله) وشهد معه مشاهده كلها ".
(1) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 264. (2) الاصابة 3: 636 / 9141 و 2: 188 / 4076 في صفوان بن صفوان. (3) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 262 والاصابة 1: 557 و / 2752 في زياد بن حنظلة والاستيعاب بهامش الإصابة 1: 567 واسد الغابة 2: 213 في زياد بن حنظلة. (4) اسد الغابة 2: 194.
[276]
19 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قيس بن عاصم: قال الطبري: " وبعث زياد بن حنظلة التميمي ثم العمري إلى قيس بن عاصم (1). هو قيس بن عاصم بن سنان... تميم التميمي المنقري... قيل للأحنف: ممن تعلمت الحلم ؟ فقال: من قيس بن عاصم... الحديث " (2). 20 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ثمامة بن اثال: قال الطبري: " وبعث فرات بن حيان العجلي إلى ثمامة بن أثال (3) في قتال مسيلمة وقتله ". 21 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ذي زود: قال الطبري: " وبعث الأقرع بن عبد الله الحميري إلى ذي زود " (4) وسيأتي بعض الكلام في كتابه إلى ذي مران ". قال في القاموس " ذو زود اسمه سعيد، كتب إليه أبو بكر في شأن الردة الثانية من أهل اليمن، وزاد في التاج: وهو أقيال حمير ".
(1) الطبري 3: 187 والوثائق: 284 / 261 والاصابة 1: 557 / 2752 في زياد بن حنظلة والاستيعاب هامش الاصابة 1: 567 واسد الغابة 2: 213 في زياد بن حنظلة. (2) اسد الغابة والاصابة والاستيعاب. (3) الطبري 3: 187 والوثائق 335 و 336 / 260 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 208 و 3: 203 والمنتظم 4: 24 واسد الغابة 1: 247 و 4: 175. (4) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 و 336 / 258 والاصابة 1: 59 / 233 في الأقرع بن عبد الله واسد الغابة 1: 110 والكامل لابن الأثير 2: 338.
[277]
22 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ذي مران: قال الطبري: " وبعث الأقرع بن عبد الله الحميري إلى ذي زود وذي مران " (1) وقال ابن حجر: " بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى ذي مران وذي زود وإلى طائفة من اليمن، كذا أورده أبو عمر مختصرا، وقد ذكر ذلك سيف في الفتوح ". قال في تاج العروس 9: " وقع في نسخ المعاجم ذومران بن عمير كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابه ". قلت: والصواب أن الذي كتب إليه كتابه النبي (صلى الله عليه وآله) هو ذومران بن عمير بن أفلح. 23 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ذي الكلاع: تقدم آنفا أن النبي (صلى الله عليه وآله) أرسل إليه جرير بن عبد الله البجلي يدعوه إلى الإسلام فأسلم، ثم بعث إليه في قتل الأسود، فالظاهر أنه (صلى الله عليه وآله) كتب إليه كتابين: أحدهما للدعوة إلى الإسلام، ثم كتب ثانيا في قتل الأسود. قال الطبري: " وبعث جرير بن عبد الله إلى ذي الكلاع وذي ظليم " (2). قال أبو عمر: " اتفق أهل السير أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث إليه جرير بن عبد الله ليتظاهر هو وذو الكلاع وفيروز على قتل الأسود الكذاب " (3).
(1) الطبري 3: 187 والوثائق: 335 / 259 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 96 والاصابة 1: 59 / 233 واسد الغابة 1: 110 وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 60 والكامل لابن الأثير 2: 338. (2) راجع الطبري 3: 187 والاصابة 1: 382 / 2018 في ترجمة حوشب والاستيعاب هامش الاصابة 1: 338 و 485 و 488 وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 60 واسد الغابة 2: 143 والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 20 ورسالات نبوية: 17 عن ابن الأثير والوثائق: 334 / 256 (عن جمع ممن تقدم وعن امتاع الأسماع للمقريزي خطية: 1025 والوفاء لابن الجوزي: 739 و 740 والكامل لابن الأثير 2: 338. (3) الاصابة 1: 382.
[278]
قال في القاموس: ذو الكلاع الأكبر يزيد بن النعمان، والأصغر سميفع بن ناكور بن عمرو بن يعفر بن ذي الكلاع الأكبر، كذا ذكره في " كلع " وفي " سميفع " ذكر بفتح السين كما في الاشتقاق لابن دريد، فعلى هذا يتحد هذا الكتاب مع ما مر لسميفع. 24 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى حوشب ذي ظليم: أسلفنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إلى حوشب ذي ظليم مع جرير بن عبد الله البجلي يدعوه إلى الإسلام فأسلم، ثم أرسل إليه كتابا في قتل الأسود (1). 25 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى داذويه الأصطخري: قال الطبري: " ولظ طليحة ومسيلمة وأشباههم بالرسل، ولم يشغله ما كان فيه من الوجع عن أمر الله عز وجل والذب عن دينه، فبعث وبر بن يحنس إلى... داذويه الأصطخري " (2) (وفي أسد الغابة: وبر أو وبرة بن بحيس الخزاعي وفي الاصابة وبر بن يحنس الكلبي) (3). قال ابن الأثير: " داذويه أحد الثلاثة الذين دخلوا على الأسود العنسي الذي ادعى النبوة بصنعاء فقتلوه في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) وهم: قيس بن مكشوح وداذويه
(1) الاصابة 1: 382 / 2018 والاستيعاب بهامش الاصابة 1: 394 واسد الغابة 2: 62 و 63 ورسالات نبوية: 17 وكنز العمال 10: 414 وتاريخ ابن خلدون 2 / ق 2: 60 والوثائق: 335 / 257 عن جمع ممن تقدم وعن امتاع الأسماع خطية: 1025 والكامل لابن الأثير 2: 338. (2) الطبري 3: 187 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 638 واسد الغابة 5: 83 والاصابة 1: 261 / 1286 و: 478 / 2415 في داذويه و 3: 630 / 9104 والكامل لابن الأثير 2: 338 وفي البحار 21: 411 " أنه (صلى الله عليه وآله) كتب إلى الأبناء " وراجع الوثائق: 284. (3) قال في التاج 3 في وبر: " وبرة بن محصن أو وبر بن يحنس الخزاعي وهو بضم التحتانية وفتح الحاء المهملة وتشديد النون المكسورة ".
[279]
وفيروز الديلمي، ثم ارتد قيس بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) وخدع داذويه فقتله وهرب عنه فيروز " (1). قال ابن حجر: " داذويه الفارسي... كان خليفة بادام عامل النبي (صلى الله عليه وسلم) على اليمن، فلما خرج الأسود العنسي الكذاب وظفر ببادام فقتله هرب داذويه... واستصفى الأسود امرأة بادام المرزبانة لنفسه... فأرسلت إلى داذويه وكان خليفة بادام وإلى فيروز وإلى خرزاد بن بزرج وجرجست الفارسيين، فائتمروا على قتل الأسود... فدخل عليه داذويه وجرجست فهابا أن يقتلاه ودخل فيروز وابن بزرج... فتناول فيروز رأسه فعصر عنقه فدقها وطعنه خرزاد بالخنجر فشقه، ثم اجتز رأسه فخرجوا ". ولم يذكرا كتاب النبي (صلى الله عليه وآله) إليهما في ترجمتهما وذكراه في ترجمة وبر بن يحنس الكلبي قال: " قال الواقدي: وفي سنة عشر قدم وبر بن يحنس على الأبناء (2) من عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فنزل على بنات النعمان بن بزرج فأسلمن وبعث إلى فيروز الديلمي فأسلم " (3). 26 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى جشيش الديلمي: ذكره الطبري فيمن كتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) في قتل الأسود (4) قال ابن حجر:
(1) اسد الغابة 2: 139 والاصابة 1: 478 و 479. (2) الأبناء: في الأصل جمع ابن ويقال لأولاد فارس: الأبناء وهم الذين أرسلهم كسرى مع سيف بن ذي يزن لما جاء يستنجده على الحبشة، فنصروه وملكوا اليمن وتديروها وتزوجوا في العرب فقيل لأولادهم: الأبناء وغلب عليهم هذا الاسم، لأن امهاتهم من غير جنس آبائهم. راجع النهاية كلمة الأبناء. (3) اسد الغابة 5: 83 والاصابة 3: 630 / 9104 والبداية 6: 308. (4) الطبري 3: 187 والاصابة 1: 260 / 1286 و 3: 630 / 9104 في وبر واسد الغابة 1: 283 و 5: 83
[280]
" جشيش الديلمي بمعجمتين مصغرا... قيده الدارقطني كان ممن أعان على قتل الأسود الكذاب، ذكره الطبري واستدركه ابن فتحون، وفي كتاب الردة لسيف: بعث النبي (صلى الله عليه وآله) إلى جشيش وإلى داذويه وإلى فيروز يأمرهم بمحاربة الأسود، أخرجه من وجهين عن ابن عباس قال: وكان الرسول بذلك وبرة بن يحنس وكذا ذكره الواقدي في الردة... ثم نقل عن الضحاك بن فيروز عن جشيش الديلمي قال: قدم علينا وبرة بن يحنس بكتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) يأمرنا فيه بالقيام على ديننا والنهوض في الحرب والعمل على الأسود الكذاب ". وفي القاموس " جشيش كزبير بن الديلمي ممن أعان على قتل الأسود العنسي ". 27 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عامر بن شهر الهمداني: ذكره ابن خلدون في تأريخه 2 / ق 2: 60 فيمن كتب إليه النبي (صلى الله عليه وآله) مع وبر ابن يحنس في قتل الأسود (1). كان عامر أول من اعترض على الأسود وكان عامل النبي (صلى الله عليه وآله) على اليمن. 28 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأهل نجران: ذكره ابن خلدون فيمن كتب إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) مع وبر بن يحنس في قتل
= في جشيش ووبر والاستيعاب هامش الاصابة 1: 13 و 3: 638 والكامل لابن الأثير 2: 338 وكنز العمال 10: 416 ورسالات نبوية: 15 والوثائق: 334 / 254 عن جمع ممن تقدم عن الأهدل عن كنز العمال: 77. (1) وراجع الوثائق: 285 و 286 وفي ط: 337 وتاريخ ابن خلدون 2: 845 وراجع الاستيعاب 3: 13 والكامل لابن الأثير 2: 338.
[281]
الأسود العنسي (1). وفي الوثائق: 337: " وكتب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أهل نجران إلى عربهم وساكني الأرض من غير العرب، فتنحوا وانضموا إلى مكان واحد ". 29 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى معاذ: ذكره ابن خلدون فيمن كتب (صلى الله عليه وآله) إليه في قتل الأسود العنسي (2). 30 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيس بن المكشوح: قال أبو عمر: " أسلم قيس بن المكشوح سنة عشر وكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإلى فيروز الديلمي في قتال الأسود العنسي المتنبئ (3) ". 31 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى فيروز: ذكره الطبري فيمن كتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قتل الأسود العنسي مع وبر بن يحنس (4). قال ابن الأثير: " فيروز الديلمي يكنى أبا عبد الله وقيل: أبو عبد الرحمن وقال ابن مندة وأبو نعيم: هو ابن اخت النجاشي وهو قاتل الأسود العنسي الذي
(1) المصدر 2 / ق 2: 60 والوثائق: 337 / 276 و 277 والطبري 2: 467 وكنز العمال 10: 417 عن ابن عساكر وسيف. (2) المصدر 2 / ق 2: 60. (3) الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر: 194. (4) راجع الطبري 3: 187 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 638 في ترجمة وبرة وأسد الغابة 5: 83 في ترجمة وبرة والكامل لابن الأثير 2: 338 وراجع الوثائق: 334 / 253 والبحار 21: 411 والدرر لابن عبد البر: 194 ورسالات نبوية: 31 عن ابن عساكر والسيف.
[282]
ادعى النبوة باليمن وقال أبو عمر: يقال له الحميري، لنزوله في حمير وهو من أبناء فارس من فرس صنعاء وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم)... " (1) ولا خلاف أن فيروز الديلمي ممن قتل الأسود بن كعب العنسي المتنبئ ومات في خلافة عثمان. 32 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبي موسى الأشعري: ذكره ابن خلدون فيمن كتب النبي (صلى الله عليه وآله) إليه في قتل الأسود العنسي (2). 33 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للثمالي والحراني: قال عبد المنعم: " قدم عبد الله على الثمالي ومسيلمة بن حزان الحراني على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رهط من قومهما فبايعا وأسلما وبايعا على قومهم، فكتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا بما فرض عليهم الصدقة في أموالهم، كتبه ثابت بن قيس " (3). ثمالي نسبة إلى ثمالة بطن من الأزد (بضم الثاء المثلثة وفتح الميم) والحراني نسبة إلى حران بطن من حمير كما في معجم قبائل العرب 1: 259 أو بطن من همدان كما في اللباب 1: 354 (بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء). 34 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى من بلغه كتابه للحج: الكافي: " العدة عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان قال أبو عبد الله (عليه السلام): ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحج فكتب إلى من بلغه كتابه ممن دخل في الإسلام أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد الحج يؤذنهم بذلك ليحج
(1) اسد الغابة 4: 186 والاستيعاب هامش الاصابة 3: 205 و 207 والاصابة 3: 210 / 7010. (2) المصدر 2 / ق 2: 60. (3) رسالات نبوية: 37 والطبقات 1: 353 وفي ط 1 / ق 2: 82.
[283]
من أطاق الحج " الحديث (1). يحتمل أن يكون هذا كتابا واحدا كتب في نسخ كثيرة، فأرسل إلى جميع الأنحاء، كما أنه يحتمل أن يكون كتبا متعددة إلى القبائل المسلمة. 35 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) (2): لما عزم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحج ليعلم الناس مناسكهم وكتب إلى من بلغه من المسلمين وبلغت دعوته إلى أقاصي بلاد الإسلام، فتجهز الناس للخروج معه وحضر المدينة من ضواحيها ومن حولها وما يقرب منها خلق كثير وتهيأوا للخروج معه، فخرج (صلى الله عليه وآله) بهم لخمس بقين من ذي القعدة وكاتب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالتوجه إلى الحج من اليمن، ولم يذكر له نوع الحج الذي قد عزم عليه الحديث. 36 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بصير وأبي جندل: قال محمد بن إسحاق بن بشار: " وحدثني بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب (بعد استقرار صلح الحديبية): ثم رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة فجاءه أبو بصير (رجل من قريش) وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: إني لأرى سيفك هذا جيدا فاستله وقال: أجل إنه لجيد وجربت به ثم جربت فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى دخل المدينة ودخل المسجد يعدو... فخرج (أبو بصير)
(1) الكافي 4: 249 / 7 والبحار 21: 396 عنه والوسائل 8: 487 والكامل لابن عدي 4: 1561. (2) البحار 21: 384 عن الارشاد للمفيد (رحمه الله) 89 - 93 (وفي ط عندي: 80 و 81) وأعلام الورى: 80 والوثائق: 133 / 80 (عن امتاع الأسماع للمقريزي: 504 و 509 و 510 وقابل أنساب الأشراف للبلاذري 1: 384) وأنساب الأشراف تحقيق محمد حميد الله: 384 واليقين: 238. (*
[284]
حتى أتى سيف البحر وانفلت منهم أبو جندل بن سهل فلحق بأبي بصير فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت عليه عصابة قال: فوالله لا يسمعون بعير لقريش قد خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن. فكتب (صلى الله عليه وآله) يستقدم أبا بصير وأبا جندل إلى المدينة " ولم يرو نص الكتاب. قال أبو عمر في ترجمة أبي بصير: " وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم، فقدم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على أبي جندل وأبو بصير يموت وكذا ذكره في ترجمة أبي جندل بن سهيل بن عمرو " (1). 37 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى معاذ: روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث برجل يقال له سفينة بكتاب إلى معاذ وهو باليمن، فلما صار في بعض الطريق إذا هو بأسد رابض. نقله في البحار 17: 407 / 31 عن الخرائج، ويحتمل اتحاده مع أحد الكتب التي أرسلها إلى معاذ.
(1) البحار 20: 336 و 363 و 92: 68 عن رسالة قديمة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وراجع سيرة ابن هشام 3: 338 ورسالات نبوية: 10 ودحلان هامش الحلبية 2: 232 وحياة الصحابة 1: 133 والمغازي للواقدي 2: 629 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 136 واعلام السائلين: 47 والبداية والنهاية 4: 176 والاستيعاب هامش الاصابة 4: 21 و 22 في أبي بصير و: 33 و 34 في أبي جندل والاصابة 2: 452 و 453 / 5397 في عتبة بن أسيد واسد الغابة 3: 360 و 4: 150 في عتبة بن اسيد و 5: 150 و 160 في أبي بصير وأبي جندل وراجع موارد الظمآن: 393 والمطالب العالية 4: 242 والوثائق السياسية: 65 وفي ط: 86 / 14 عن ابن هشام وإمتاع الأسماع للمقريزي 1: 305 ونسب قريش لمصعب: 420 والصحيح للبخاري وفتح الباري 5: 351.
[285]
38 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبي سفيان: قال ابن حجر: " روى ابن سعد أيضا باسناد صحيح عن عكرمة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أهدى إلى أبي سفيان بن حرب عجوة وكتب إليه يستهديه أدما مع عمرو بن أمية فنزل عمرو على إحدى امرأتي أبي سفيان فقامت دونه، وقبل أبو سفيان الهدية وأهدى إليه أدما " (1). 39 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى العلاء: قال ابن حجر: " وذكر الطبري عن الواقدي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى العلاء بن الحضرمي أن يقدم عليه من البحرين بعشرين رجلا من عبد القيس فقدم بهم ورأسهم عبد الله بن عوف الأشج انتهى وهذا يحتمل أن يكون هو الأشج المشهور ويكون اختلف في اسمه... " (2). 40 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى العلاء: قال ابن سعد: " وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للعلاء فرائض الإبل والبقر والغنم والثمار والأموال، فقرأ العلاء كتابه على الناس وأخذ صدقاتهم " (3).
(1) الاصابة 2: 179 / 4046 ورسالات نبوية: 12 والتراتيب الادارية 1: 198 والمنتظم 5: 27 والأموال: 266 والأموال لابن زنجويه 2: 589 (عن أبي عبيد وفي هامشه عن سعيد بن منصور في سننه 2: 355) والوثائق السياسية: 76 / 10 والف عن الأموال لأبي عبيد وقال: قابل شرح السير الكبير للسرخسي باب 13 والمبسوط له أيضا 10: 92. (2) الاصابة 2: 356 / 4871 في ترجمة عبد الله بن عوف والطبقات الكبرى 4 / ق 2: 77 وفي ط صادر 4: 360 و 1: 314 وفي ط 1 / ق 2: 54 و 5: 406 وفي ط صادر 5: 557 والوثائق السياسية: 116 وفي ط: 149 / 59 - ب عن الطبقات. (3) الطبقات 1 / ق 2: 19 وفي ط صادر: 314 و 4 / ق 2: 76 وفي ط صادر 4: 360 وفي ط: 149
[286]
ويحتمل اتحاده مع ما يأتي في الفصل الحادي عشر المعد لنقل كتبه (صلى الله عليه وآله) إلى الولاة. 41 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى همدان: قال أبو عمر في ترجمة عبد خير بن يزيد بن محمد الهمداني أبو عمارة: "... وهو معدود في أصحاب علي (رضي الله عنه) وهو من كبارهم ثقة مأمون، قال عبد الملك بن سلع: قلت لعبد خير: يا أبا عمارة لقد كبرت فكم أتى عليك ؟ قال: عشرون ومائة سنة قلت: فهل تذكر من أمر الجاهلية شيئا... فقال: أتانا كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينهانا عن لحوم الميتة... " (1). وقال ابن الأثير: " قلت لعبد خير: كم أتى عليك... قال: نعم كنا ببلاد اليمن فجاءنا كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو الناس إلى خير واسع، وكان أبي ممن خرج وأنا غلام، فلما رجع قال لامي: مري بهذا القدر فلترق للكلاب، فإنا قد أسلمنا، ا فأسلم وأمر بإراقة القدور، لأنها كان فيها ميتة... ". فلا يبعد أن يكون الكتاب للدعوة إلى الإسلام، وكان فيه النهي عن أكل الميتة. 42 - 54 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى القبائل: تهيأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لغزو الروم وكتب إلى قبائل العرب ممن دخل في الإسلام
= ورسالات نبوية: 23 والبداية والنهاية 5: 353 وأعلام السائلين: 7 وتاريخ الخميس 2: 116 والوثائق السياسية: 116 وفي ط: 149 / 59 - الف. (1) الاستيعاب هامش الاصابة 2: 449 واسد الغابة 3: 277 والاصابة 3: 677 / 4919 في ترجمة يزيد ابن يحمد الهمداني والد عبد خير والوثائق: 190 وفي ط: 232 / 111 - الف (عن الكنى للدولابي والوثائق السياسية اليمنية للاكوع الحوالي: 110 والتاريخ الكبير للبخاري في ترجمة يزيد بن يحمد، وعن المطالب العالية لابن حجر / 4123 ثم أشار إلى المصادر المتقدمة).
[287]
وبعث إليهم الرسل يرغبهم في الجهاد والغزو، وكتب إلى تميم وغطفان وطي وبعث إلى عتاب بن أسيد عامله على مكة يستنفرهم لغزو الروم... (1). وقال الواقدي: " وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى القبائل وإلى مكة يستنفرهم إلى غزوهم فبعث إلى أسلم بريدة بن الحصيب وأمره أن يبلغ الفرع، وبعث أبا رهم الغفاري إلى قومه أن يطلبهم ببلادهم، وخرج أبو واقد الليثي في قومه، وخرج أبو الجعد الضمري في قومه بالساحل، وبعث رافع بن مكيث وجندب بن مكيث في جهينة، وبعث نعيم بن مسعود في أشجع وبعث في بني كعب بن عمرو بديل بن ورقاء وعمرو بن سالم وبشر بن سفيان، وبعث في سليم عدة منهم العباس بن مرداس... ". ظاهر هذين النقلين أن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إلى القبائل كل قبيلة كتابا فعلى هذا: 43 39 - كتب (صلى الله عليه وآله) إلى تميم. 44 40 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى غطفان. 45 41 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى طي. 46 42 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى عتاب بن أسيد عامل مكة. 47 43 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى أسلم مع بريدة بن الحصيب. 48 44 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى بني غفار مع أبي رهم. 49 45 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى بني ليث بن بكر بن عبد مناة قوم أبي واقد مع أبي
(1) البحار 21: 244 / 25 عن أعلام الورى ومغازي الواقدي 3: 990 وحياة الصحابة 1: 404. وفي الجامع لأبي زيد: 295: كتب إلى القبائل سنة 9 بعد الفتح إلى القبائل التي لم يفش فيها الإسلام يدعوهم وكتب إلى التي فشا فيها الإسلام بغزو الروم وواعدهم تبوك. وراجع الحلبية 3: 129 ودحلان هامش الحلبية 2: 323 وشرح المواهب للزرقاني 3: 66.
[288]
واقد. 50 46 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى بني ضمرة قوم أبي الجعد معه. 51 47 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى جهينة مع رافع وجندب ابني مكيث. 52 48 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى أشجع مع نعيم بن مسعود. 53 49 - وكتب (صلى الله عليه وآله) إلى بني كعب مع بديل وعمرو وبشر. 54 50 - وكتب إلى سليم مع العباس بن مرداس. إلى غير ذلك مما لم يذكر اسمها من القبائل. 55 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى مطرف: قال ابن حجر في ترجمة نضلة بن طريف: "... وفي رواية البغوي: حدثني أبي أمين حدثني أبي ذروة عن أبي نضلة عن رجل منهم يقال له: الأعشى واسمه عبد الله بن الأعور كانت عنده امرأة منهم يقال لها معاذة، فخرج يمتار لأهله من هجر، فهربت امرأته من بعده ونشزت عليه، فعاذت برجل منهم يقال له مطرف بن نهصل... فخرج حتى أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فعاذ به وأنشأ يقول: يا ملك الناس وديان العرب * إليك أشكو ذربة من الذرب الأبيات... فكتب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى مطرف بن نهصل: انظر امرأة هذا معاذة فادفعها إليه فلما قرأ الكتاب قال: يا معاذة هذا كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث " (1).
(1) الاصابة 3: 556 / 8715 و 2: 276 / 4535 في عبد الله بن الأعور واسد الغابة 1: 102 في ترجمة الأعشى المازني و 5: 546 في معاذة ومسند أحمد 2: 202 وأعلام السائلين: 42 ورسالات نبوية: 265 والطبقات 5: 50 و 7 / ق 1: 37 وط صادر: 53 و 54 والاستيعاب 2: 266 والبداية والنهاية 5: 74
[289]
56 - كتابه (صلى الله عليه وآله) في المؤاخاة: نقل في ناسخ التواريخ مؤاخاة النبي (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار وكتب في ذلك (1). قال ابن سعد: " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حالف بين المهاجرين والأنصار في دار أنس " وقال الشبلنجي (نور الأبصار: 24): " وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ثمانية أشهر من مقدمه - كذا في أسد الغابة - فعقدوا عقدها وقيل: كتبوا بذلك كتابا " (2). 57 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ثمامة بن أثال: قال ابن الأثير في ترجمة ثمامة بن أثال بن النعمان:... بن حنيفة بن لجيم بعد ذكر إسلامه: " فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد قالوا: صبا ثمامة فقال: والله ما صبوت ولكني أسلمت وصدقت محمدا وآمنت به، والذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة - وكانت ريف أهل مكة - حتى يأذن فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة، فجهدت قريش فكتبوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (3).
= والوثائق السياسية: 242 / 126 (عن جمع ممن تقدم وعن الفائق للزمخشري في مادة " دين " ولسان العرب مادة " اثب " و " ذرب " و " خلف " وديوان الأعشى المسمى بالصبح المنير: 282 و 283 مع الحواشي عن المكاثرة للطيالسي / 13 والف باء لأبي الحجاج البلوي 1: 832 والمقاصد النحوية 2: 289 وحسن الصحابة لعلي فهمي / 113 ومعجم الصحابة لابن قانع خطية: ورقة 11 ومجمع الزوائد 4: 231. (1) ناسخ التواريخ 1 / ق 2: 41 والطبقات 1 / ق 2: 1 والحلبية 2: 96 ودحلان هامش الحلبية 1: 361. (2) حياة النبي (صلى الله عليه وآله) 1: 304. (3) اسد الغابة 1: 247 والبداية والنهاية 5: 222 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 205 ومسند أحمد 2: 247 وأعلام السائلين: 47 والسيرة الحلبية 3: 198 ورسالات نبوية: 324 والوثائق: 56 / 10 عن ابن هشام والاستيعاب وأحمد في مسنده وراجع تاريخ المدينة لابن شبة 2: 439 والمفصل 6: 99 عن ارشاد الساري 6: 432 و 8: 651 عن الاستيعاب و 7: 38 عن الاستيعاب والاصابة وعن البخاري كتاب الصلاة باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير في المسجد وصحيح مسلم كتاب الجهاد، وزاد المسلم 2: 278 و 9: 670 وتاريخ الخميس 2: 3 ودحلان هامش الإصابة 2: 164 وراجع سنن سعيد ابن منصور 2: 235 والدلائل للبيهقي 4: 80 وسيرة ابن هشام 4: 288 ودحلان 2: 166. (*
[290]
وفي الاستيعاب: " أن خل بين قومي وبين ميرتهم " وكذا في رسالات نبوية وتأريخ الخميس ". 58 - كتابه (صلى الله عليه وآله) في الصدقة: ذكر ابن حجر في ترجمة ثعلبة بن حاطب بن عمرو: "... بن أوس الأنصاري الأوسي (أن غنمه زادت ونمت حتى صار لا يشهد الجمعة والجماعة فذكره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم فقال: ما فعل ثعلبة ؟ فقالوا: يا رسول الله اتخذ ثعلبة غنما لا يسعها واد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة فأنزل الله آية الصدقة) فبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا من بني سليم ورجلا من بني جهينة وكتب لهما أسنان الصدقة كيف يأخذان وقال لهما: مرا بثعلبة بن حاطب وبرجل من بني سليم فخذا صدقاتهما، فخرجا حتى أتيا ثعلبة الحديث " أخرجه الثلاثة (1). (وفي المعجم للطبراني: أنه (صلى الله عليه وآله) كتب لرجلين: رجل من الأنصار ورجل من بني سليم وأرسلهما في أخذ الصدقات وإلى ثعلبة، فراجع).
(1) اسد الغابة 1: 237 و 238 والسيرة الحلبية 3: 326 والدر المنثور 3: 261 (عن الحسن بن سفيان وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والعسكري في الأمثال والطبراني وابن مندة والباوردي وأبي نعيم في معرفة الصحابة وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر) ومجمع البيان 5: 53 ط الإسلامية وجامع البيان للطبري 10: 131 وتفسير ابن كثير 2: 374 وروح المعاني 10: 143 والمنار 10: 560 وتفسير أبي السعود 4: 85 والكشاف 2: 292 والمنار 10: 560 ونور الثقلين 2: 245 والمعجم الكبير للطبراني 8: 261 ومجمع الزوائد 7: 31.
[291]
59 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي جعفر: أخرج عبد الرزاق عن ابن إسحاق عن أبي جعفر قال: " كتب النبي (صلى الله عليه وسلم) صدقة إلي فأتيت محمود بن لبيد فسألته فقال: كان عمر بن الخطاب يبيع مال يتيم عنده ثلاث سنين يعني تمره " (1). أقول: كذا في المصنف، ولكنه لم يعين أبا جعفر باسمه ونسبه وموطنه فهو مجهول لا نعرفه، والظاهر أن في الحديث سقطا ولم نعثر على نص صحيح. 60 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): قال: فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خيبر عقد لواء ثم قال: من يقوم إليه فيأخذه بحقه وهو يريد أن يبعث إلى حوائط فدك، فقام الزبير إليه فقال: أنا، فقال: أمط عنه، ثم قام: إليه سعد فقال: أمط عنه، ثم قال: يا علي قم إليه فخذه، فأخذه فبعث به إلى فدك، فصالحهم على أن يحقن دماءهم فكانت حوائط لرسول الله (صلى الله عليه وآله) خاصا خالصا، فنزل جبرئيل فقال: إن الله عز وجل يأمرك أن تؤتي ذوي القربى حقه، قال: يا جبرئيل ومن قرباي وما حقها ؟ قال: فاطمة فأعطها فدك وما لله ولرسوله فيها، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة وكتب لها كتابا جاءت به بعد موت أبيها إلى أبي بكر وقالت: هذا كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي ولأبني (2).
(1) المصنف لعبد الرزاق 8: 866 وكنز العمال 2: 222 وفي ط 4: 82 / 733 عنه. (2) راجع البحار 21: 23 عن أعلام الورى: 69 والبحار 8: 90 الطبعة الحجرية عن تفسير علي بن إبراهيم و: 92 عن الاحتجاج و: 231 عن ارشاد القلوب للديلمي و 53: 17 و 17: 378 وتشييد المطاعن 2: 96 الطبعة الثانية الحروفية عن حبيب السير 1 / ق 3: 58 ط الهند و: 97 عن روضة الصفاء و: 103 عن مقصد أقصى. أقول: ذكرنا قصة فدك ونزول الآية ونحلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) في رسالة مفردة في " فدك ".
[292]
61 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لنصارى بني تغلب: أخرج البيهقي في السنن الكبرى بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " قال علي (رضي الله عنه): لئن بقيت لنصارى بني تغلب لأقتلن المقاتلة ولأسبين الذرية، فاني كتبت الكتاب بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبينهم على أن لا ينصروا أبناءهم " (1). وقد نقل هذا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولكن لم يذكر الكتاب (2). وقد تكلم الدكتر جواد علي في المفصل 4: 489 وما بعدها في تغلب وبطونها وأفخاذها ومتنصريها وإبائها عن أداء الجزية، راجع: 498 منه و 6: 590 وما بعدها. 62 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأهل جرش: روى الواقدي بأسانيده عن ابن عباس أنه كتب كتابا لمن أسلم من جرش فيه الأمر لهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإعطاء خمس المغنم (3). 63 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأهل جرش: جرش بالضم ثم الفتح مخاليف اليمن فتحت في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) سنة عشر صلحا راجع معجم البلدان 2: 126 وبالتحريك مدينة عظيمة فتحت في زمن عمر، والمراد هنا الأول، وسيأتي وفودهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وكتابه (صلى الله عليه وآله) لهم.
(1) راجع السنن الكبرى 9: 217 وسنن أبي داود 3: 167 وتهذيب الآثار 1 من مسند أمير المؤمنين (عليه السلام): 176 ومسند علي: 133 / 399 وكنز العمال 4: 398 والبحر الزخار 3: 221 والكامل لابن عدي 1: 218 والضعفاء للعقيلي 2: 349. (2) راجع المصنف لعبد الرزاق 6: 50 و 10: 367 ومسند أبي يعلي 1: 278 / 63 و 72 ومسند علي / 280 وكنز العمال 4: 325 والأموال لأبي عبيد: 650 وفتوح البلدان: 217 والمحلى 6: 112. (3) البداية والنهاية 5: 350.
[293]
أخرج أحمد في مسنده بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى أهل جرش ينهاهم أن يخلطوا الزبيب والتمر " (1). ولم يرو نص الكتاب. 64 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لغالب بن عبد الله الليثي: قال ابن حجر: " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث إلى الملوح بالكديد، وأمره أن يغير عليهم فخرج... " (2). وزاد عبد المنعم في رسالات نبوية: 30 " كتب (صلى الله عليه وسلم) لغالب بن عبد الله الليثي وأمر أن يشن الغارة على بني الملوح " (3). الملوح: بضم الميم وفتح اللام. 65 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسعد هذيم: قالوا: وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى سعد هذيم من قضاعة وإلى جذام كتابا واحدا يعلمهم فيه فرائض الصدقة وأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه: أبي وعنبسة أو من أرسلاه. قال: " ولم ينسبا لنا " (4).
(1) مسند أحمد 1: 224 و 336 وصحيح مسلم 6: 92 والوثائق: 243 وفي ط: 290 / 185 - الف (عنهما وصحيح البخاري 74: 11 كتاب الأشربة باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا / 1 و 2) والجمهرة للكلبي: 142. (2) الاصابة 3: 183 / 6904 واسد الغابة 4: 168 والاستيعاب 3: 183. (3) رسالات نبوية: 30. (4) راجع الطبقات 1 / ق 2: 23 وفي ط بيروت 1: 270 والصحيح من السيرة 3: 310 عنه والوثائق: 234 / 177 عن ابن سعد وقال انظر اشپرنكر 3: 430. وأوعز إليه الواقدي 3: 973.
[294]
66 - كتابه (صلى الله عليه وآله) في الصدقة: قال ابن سعد في الطبقات: "... ونقل عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخذت بيده وقرأت في عهده فإذا فيه: " أن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق " (1). أقول: سويد بن غفلة هو من جعفي بن سعد العشيرة، وكان الكتاب لمن استعمله (صلى الله عليه وآله وسلم) لصدقات هذه القبيلة وهي بطن من مذحج (2) ولم نعثر على اسم هذا العامل ونرجو أن يتضح لنا فيما بعد إن شاء الله تعالى. 67 - كتابه (صلى الله عليه وآله) في تحريم المدينة: روى أحمد في مسنده بإسناده عن نافع بن جبير قال: " خطب مروان الناس فذكر مكة وحرمتها، فناداه رافع بن خديج فقال: " إن مكة إن تكن حرما فإن المدينة حرم حرمها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو مكتوب عندنا في أديم خولاني إن شئت أن نقرئكه فعلنا، فناداه مروان أجل بلغنا ذلك " (3).
(1) الطبقات 6: 45 وراجع اسد الغابة 2: 280 و 5: 374 والاستيعاب هامش الاصابة 2: 117 وسنن الدارمي 1: 383 وسنن الدارقطني 2: 104 وسنن أبي داود 2: 102 والمعجم الكبير للطبراني 7: 108 / 6474 والأموال لابن زنجويه 3: 881 والفتح الرباني 8: 227 وفتح الباري 3: 248 والسنن الكبرى للبيهقي 4: 101 والمحلى 5: 278 والخلاف 2: 17 والتراتيب الادارية 1: 398 وسنن النسائي 5: 29 و 30 وسنن ابن ماجة 1: 576 وفي الأموال لأبي عبيد: 538: أتانا مصدق النبي (صلى الله عليه وسلم) فسمعته يقول: إن في عهدي أن لا آخذ راضع لبن - أو قال: من راضع لبن - ولا أجمع بين متفرق ولا افرق بين مجتمع ". والوثائق السياسية: 236 / 117 - الف عن جمع ممن تقدم. (2) اللباب 1 ومعجم القبائل 1. (3) وراجع مسند أحمد 4: 141 ووفاء الوفاء 1: 92 والوثائق السياسية: 47 / 1 - الف عن صحيح مسلم ومسند أحمد وتقييد العلم للخطيب: 72 والمطري ما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة خطية عارف حكمت بالمدينة المنورة ومسلم 2: 991 و 992 وراجع عمدة الأخبار: 86 والكامل لابن عدي 4: 1357.
[295]
أقول: الأحاديث حول تحريم المدينة كثيرة جدا راجع كنز العمال 13: 301 و 302 و 303 - 224 و 17: 103 - 112 والمغازي للواقدي 2: 712 وابن أبي الحديد 14: 87 والبخاري 3: 25 و 26 و 88 و 5: 132 و 7: 97 و 98 و 8: 97 و 9: 120 و 123 ومسلم 2: 991 و 992 و 999 و 1000 وسنن أبي داود 2: 216 و 217 وابن ماجة 2: 1038 و 1039 ووفاء الوفاء 1: 89 - 117 وفتوح البلدان للبلاذري: 14 و 15 وابن أبي شيبة 4: 198 - 200 والمعرفة والتأريخ 1: 317 والجامع لأبي زيد القيرواني: 142 إلى غير ذلك من المصادر الكثيرة (1). وقال السمهودي: " ورواه (يعني تحريم المدينة) الطبراني برجال موثقين مختصرا، ولفظه عن أبي جحيفة: أنه دخل على علي (رضي الله عنه) فدعا بسيفه، فأخرج من بطن السيف أدما عربيا فقال: ما ترك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شيئا غير كتاب الله إلا وقد بلغته غير هذا: " بسم الله الرحمن الرحيم، محمد رسول الله، قال: لكل نبي حرم، وحرمي المدينة " (2). وفي كتابه (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار واليهود بالمدينة: " وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة " (3). وهذا تحريم خاص بين أهل المدينة من المهاجرين والأنصار ومن جاورهم من يهود بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير، وليس عاما لجميع المسلمين، بخلاف ما نقل من الكتاب الذي رواه أبو حنيفة أو ما روي من حديث تحريم المدينة، فإنه عام لجميع المسلمين.
(1) وراجع عمدة الأخبار: 85 - 87 ومعجم البلدان 5: 84 و 2: 87. (2) راجع وفاء الوفاء 1: 2 ومجمع الزوائد 3: 301 عن الطبراني في الأوسط والوثائق السياسية: 65 / 1 - ب. (3) سيجئ الكتاب ومصادره في محله.
[296]
وسيأتي الكتاب الذي كان في قراب سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي رووه عن علي (عليه السلام) رواه جمع كثير عن علي (عليه السلام). 68 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للرهاويين: قال عبد المنعم: " كتب (صلى الله عليه وسلم) للرهاويين كتابا وصية لهم من غلة خيبر " (1). قال ابن سعد: " قدم خمسة عشر رجلا من الرهاويين وهم حي من مذحج على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سنة عشر فنزلوا دار رملة بنت الحارث، فأتاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتحدث عندهم طويلا وأهدوا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) هدايا منها فرس يقال له المرواح... فأوصى لهم بجاد مائة وسق بخيبر في الكتيبة جارية عليهم، وكتب لهم كتابا فباعوا ذلك في زمان معاوية ". 69 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لوائل بن حجر: ذكر الطبراني في المعجم الصغير: أنه (صلى الله عليه وآله) كتب له كتابا ذكر فيه الصلاة والصوم والخمر والربا وغير ذلك (2). ولم يرو نص الكتاب، ومن المحتمل أن يكون المراد ما يأتي من كتابه (صلى الله عليه وآله) معه إلى وائل بن حجر والأقيال العباهلة، فانتظر لما سوف يأتي عليك.
(1) رسالات نبوية: 39 و 40 عن السيرة الشامية والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 76 وفي ط بيروت: 344 والوثائق: 235 / 117 (عن الطبقات وإمتاع الأسماع للمقريزي 1: 507 وسبل الهدى للشامي خطية باريس رقم 1992: ورقة 28 / الف - ب وقال: انظر كايتاني 10: 53) وراجع المفصل 4: 194 وسيأتي في الفصل الرابع في ذكر مقاسم خيبر ما يرتبط بهذا المقام. (2) الوثائق: 206 / 133.
[297]
70 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى زياد بن لبيد: عن زياد بن لبيد أنه قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد استعمله على حضرموت وقال له: سر مع هؤلاء القوم وفد كندة فقد استعملتك عليهم، فسار زياد معهم عاملا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) على حضرموت على صدقاتها من الثمار والخف والماشية والكراع والعشور وكتب له كتابا، فكان لا يعدوه إلى غيره ولا يقبض دونه، فلما قبض النبي (صلى الله عليه وسلم) واستخلف أبو بكر... " (1). 71 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى العلاء: ذكر أبو الفداء عن حبان الأعرج عنه (أي: العلاء بن الحضرمي) أنه كتب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) من البحرين في الحائط - يعني البستان - يكون بين الأخوة فيسلم أحدهم ؟ فأمره أن يأخذ العشر ممن أسلم والخراج - يعني ممن لم يسلم - (2). 72 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني تميم: عن سالم بن أبي أمية قال: " جلس إلى شيخ من بني تميم في مسجد البصرة ومعه صحيفة له في يده قال: وفي زمان الحجاج فقال لي: يا عبد الله أترى هذا الكتاب مغنيا عني شيئا عند هذا السلطان ؟ قال: فقلت: وما هذا الكتاب ؟ قال: هذا كتاب من رسول الله كتبه لنا أن لا يتعدى علينا في صدقاتنا. الحديث بطوله... " (3).
(1) تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 72 وراجع الطبري 3: 147 والاشتقاق: 460. (2) البداية والنهاية 5: 353 عن أحمد والوثائق السياسية: 149 / 59 - ج د (عن ابن ماجة 8: 22 / 1831 والبداية والنهاية قال: وارجع إلى ابن حنبل أيضا). (3) مسند أحمد 1: 163 والوثائق: 255 / 141 - ج عنه وراجع مجمع الزوائد 3: 82 و 83 وراجع المطالب العالية 1: 236 / 824.
[298]
73 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى زياد بن لبيد: (كان زياد بن لبيد على حضرموت) وتخلف المهاجر بن أبي أمية عن تبوك، فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو عاتب عليه، فتكلمت فيه ام سلمة حتى رضي (صلى الله عليه وآله) عنه وأمره على كندة فاشتكى ولم يطق الذهاب، فكتب إلى زياد ليقوم له على عمله وبرئ بعد، فأتم له أبو بكر إمرته (1). الظاهر رجوع الضمير في " فكتب " إلى النبي (صلى الله عليه وآله) كما لا يخفى. وفي فتوح البلاذري: 93: وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خالد بن سعيد بن العاص أميرا إلى صنعاء وأرضها قال: وقال بعضهم: ولى رسول الله المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي صنعاء، فقبض وهو عليها وقال آخرون: إنما ولى المهاجر صنعاء أبو بكر. 74 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى رجل: قال أبو عبيد: "... إن رجلا من بني شيبان أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: اكتب لي بابنة بقيلة (2) عظيم الحيرة فقال: يا فلان أترجو أن يفتحها الله لنا ؟ قال: فكتب له بها في أديم أحمر قال: فغزاهم خالد بن الوليد بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وخرج معه ذلك الشيباني، قال: فصالح أهل الحيرة، ولم يقاتلوا فجاء الشيباني بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى خالد فلما راجع أخذه قبله... " (3).
(1) الطبري 3: 330 و 331. (2) " نفيلة " أسد الغابة قال ابن دريد في الاشتقاق: 485: بنو سبين وهم بالحيرة منهم بقيلة الوليد صاحب القصر الذي يقال له قصر بني بقيلة منهم عبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الذي صالح خالد بن الوليد. (3) الأموال: 264 و 265 / 487.
[299]
75 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبان بن سعيد:... فلما صدر الناس من الحج سنة تسع بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبان بن سعيد إلى البحرين عاملا عليها فسأله أبان أن يحالف عبد القيس فأذن له بذلك وقال: يا رسول الله أعهد إلي عهدا في صدقاتهم وجزيتهم وما اتجروا به ومن كل حالم من يهودي أو نصراني أو مجوسي دينارا الذكر والانثى. وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام، فإن أبوا أعرض عليهم الجزية بأن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم. وكتب له صدقات الإبل والبقر والغنم على فرضها وسنتها كتابا منشورا مختوما في أسفله " (1). 76 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى ذي الكلاع: وكان النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إلى ذي الكلاع الأصفر بن النعمان مع جرير بن عبد الله، فأعتق أربعة آلاف مملوك. ولم يرو نص الكتاب (2).
= بقيلة هو عمرو بن عبد المسيح كما في هامش المصدر: 47 وقد أتى الطبري في تاريخه 3: 361 وما بعدها قصة غزو خالد الحيرة وطلب عمرو الصلح واباء خالد إلا على اسلام كرامة بنت عبد المسيح إلى شويل وقبول عمرو ذلك وأشار: 366 إلى سؤال شويل إياها عن النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله) وأن عدي بن حاتم لقنه هذا السؤال... وراجع الكامل لابن الأثير 2: 391 و 392 والبداية والنهاية 6: 347 والبحار 18: 141 عن المناقب وراجع الأموال لابن زنجويه 2: 437 نقل روايتين في ذلك وفي احداها ان الرجل هو خريم بن اوس بن حارثة بن الطائي وراجع اسد الغابة 2: 111 والاصابة 1: 425 / 2245 وراجع الوثائق السياسية: 715 / 55 - الف. (1) تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 131 و 132. (2) الوثائق: 281 وفي ط 330 المرقم 245 عن الاشتقاق لابن دريد: 308 وخزانة الأدب للبغدادي 1: 357 وراجع الاشتقاق (الموجود عندي ط سنة 1378 ه‍. ق): 526.
[300]
77 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عماله: عن أنس: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى عماله في سنة الصدقات في أربعين شاة شاة وفي أربعين ومائة. الحديث " (1). 78 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للأزرق الغساني: في الوثائق: " لآل الأزرق بن عمرو دار عند المروة بمكة وهم يروون أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخلها على الأزرق بن عمرو عام الفتح وجاءه في حاجة قضاها له، وكتب له كتابا أن يتزوج الأزرق في أي قبائل قريش شاء وولده، وذلك الكتاب مكتوب في أديم أحمر، فلم يزل ذلك الكتاب عندهم حتى دخل السيل في دارهم التي دخلت في المسجد الحرام سيل الجحاف في سنة ثمانين، فذهب بمتاعهم وذهب ذلك الكتاب في السيل، وذلك أن الأزرق قال له: يا رسول الله بأبي أنت وامي إني رجل لا عشيرة لي بمكة، وإنما قدمت من الشام وبها أصلي وعشيرتي، وقد اخترت المقام بمكة فكتب له ذلك الكتاب ". ولم يرو نص الكتاب (2). الجحاف: من جحف السيل الوادي إذا اقتلع أجرافه. 79 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى جعفر بن أبي طالب (3): نقل ابن حجر عن رملة بنت أبي سفيان لعنه الله تعالى قصة تنصر زوجها عبيد الله بن جحش وارتداده عن الإسلام وموته في الحبشة: "... فما هو إلا أن انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن فإذا هي جارية له يقال لها
(1) تاريخ اصبهان لأبي نعيم 2: 319 ويحتمل أن يكون جزء من أحد الكتب في الصدقات. (2) المصدر: 311 عن تاريخ مكة للأزرقي: 460 وراجع في ط 2: 248 عندي. (3) الاصابة 4: 305 / 434 واسد الغابة 5: 458 و 573 وحياة الصحابة 2: 651.
[301]
أبرهة، فقالت: إن الملك يقول لك: وكلي من يزوجك، فأرسلت إلى خالد بن سعيد ابن العاص بن أمية فوكلته، فأعطيت أبرهة سوارين من فضة، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم قال: أما بعد فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب إلي أن ازوجه أم حبيبة فأجبت وقد أصدقتها عنه أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير... ". ولكن ابن الأثير نقل في ترجمة ام حبيبة أن الخطيب كان هو النجاشي فهو القائل: فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلي لا جعفر، وكذا أبو عمر في الاستيعاب 4: 441 في ترجمة ام حبيبة وابن سعد في الطبقات 8: 69 والبحار 21: 43 و 44، ونقل في ترجمة رملة عن الزبير: أن الذي زوجها هو عثمان بن عفان. والذي يظهر بالتدقيق أن جعفرا سلام الله عليه كان له رئاسة مهاجري الحبشة من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) هاجر لذلك لا من إيذاء قريش، وهو المتولي لامورهم من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك يؤيد أن يكون كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليه. 80 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى رجل: عن عمر: " قال: كتب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) كتاب فقال لعبد الله بن أرقم: أجب هؤلاء عني، فأخذه عبد الله بن أرقم ثم جاء بالكتاب فعرضه على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أصبت... " (1). لم يذكر المكتوب إليه في المصادر المذكورة.
(1) كنز العمال 16: 68 / 124 عن البزاز وراجع اسد الغابة 3: 115 والاصابة 2: 273 و 274 والاستيعاب هامش الاصابة 2: 261 والبداية والنهاية 5: 350 والمعرفة والتاريخ 2: 229 ومجمع الزوائد 1: 152.
[302]
81 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى حبر تيماء: عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى حبر تيماء يسلم عليه " (1). أقول: قال ياقوت: " تيماء بالفتح والمد بليد في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق، والأبلق الفرد حصن السموأل بن عاديا اليهودي مشرف عليها، فلذلك كان يقال لها تيماء اليهودي " (معجم البلدان 2: 67). 82 - كتابه (صلى الله عليه وآله) عند أهل بيته (عليهم السلام): كتاب نقله المتقي في كنز العمال 6: 359 و 360 عن بعض ولد الحسن (عليه السلام) عن كتب آبائه (عليهم السلام) ذكرناه في كتبه (صلى الله عليه وآله) بإملائه وخط علي (عليه السلام). 83 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى بعض المشركين: كتب رجل من المشركين إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتب في أسفل الكتاب يسلم عليه، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يرد عليه السلام. لم يرو نص الكتاب ولم يذكر اسم المكتوب إليه (2). 84 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عماله: وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب إلى عماله يأمرهم بأخذ الصدقة ويقول في كتبه: " إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ".
(1) كنز العمال 9: 133 / 1107 عن ابن عساكر وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 478 / 1940. (2) المصنف لعبد الرزاق 6: 13 / 9845 والمطالب العالية 2: 421 / 2632.
[303]
قال: وفي إسناد هذا الحديث انقطاع (1). أقول: نقل هذا الحديث بعد ما رواه عن ابن عباس أنه قال: " أرسل العباس ابن عبد المطلب وربيعة بن الحارث أبينهما الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأتياه (وطلبا منه أن يستعملهما فجمع (صلى الله عليه وسلم) بني هاشم) وقال: يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم إنما هي أوساخ الناس وغسول خطاياهم... ". 85 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأهل اليمن: "... وجاءه ناس من أهل اليمن فسألوه أن يكتب لهم كتابا [فأمر عبد الله بن الأرقم أن يكتب لهم كتابا] فكتب لهم فجاء به فقال: أصبت. وكان عمر يرى أنه سيلي من أمر الناس شيئا... " (2). ولعله متحد مع ما تقدم بالرقم 80 وإن كان بعيدا. 86 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لخالد بن سعيد: قال ابن سعد: " قدم فروة بن مشيك المرادي وافدا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مفارقا لملوك كندة ومتابعا للنبي (صلى الله عليه وسلم) فنزل على سعد بن عبادة وكان يتعلم القرآن وفرائض الإسلام... واستعمله على مراد وزبيد ومذحج، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقات وكتب له كتابا فيه فرائض الصدقة ولم يزل على الصدقة،
(1) تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 291. (2) كنز العمال 2: 319 / 1719 والمطالب العالية 3: 272 / 3738 والوثائق (عن الاستيعاب والمطالب العالية وكتاب النبي للأعظمي: 72 و 75 وارجع إلى ابن اسحاق وابن شبة والبخاري ومسلم والطبري والجهشياري والمسعودي وابن مسكويه والمزي).
[304]
حتى توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (1). يحتمل رجوع الضمير في " كتب له " إلى فروة وإن كان بعيدا، لأن المناسب كون كتاب الصدقات لمن استعمله على الصدقات ولكن ابن حجر نقل عن البخاري أنه (صلى الله عليه وآله) استعمل فروة على صدقات من أسلم ولم يذكر خالدا (2). 87 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبارق الأزدي: كذا ذكره الوثائق: 197 / 121 - الف عن الأهدل: 64 وقال: لم يرو نص الكتاب (هل هذه قبيلة بارق المذكورة تحت 124 من الوثائق). لم أجد بارقا في الصحابة، بل المراد منه قبيلة بارق من الأزد، وبذلك عنونه أيضا في الطبقات. قال: وكتب لبارق من الأزد... ثم ذكر الكتاب الآتي في الفصل المعد لذكر النصوص. 88 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن عبد الله الأزدي من غامد: كتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابا فيه شرائع الإسلام وهو في شهر رمضان سنة عشر. لم يرو نص الكتاب (3). أقول: قال ابن سعد: " حدثني غير واحد من أهل العلم قالوا: قدم وفد غامد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في شهر رمضان وهم عشرة.. فسلموا عليه وأقروا بالإسلام،
(1) الطبقات الكبرى 1 / ق 2: 63 و 64. راجع اسد الغابة 4: 180 والاصابة 3: 205 / 6981 والاستيعاب 3: 200 هامش الاصابة والبداية والنهاية 5: 71 والدرر لابن عبد البر: 194 والوثائق السياسية: 235 / 116 - الف عن الوثائق السياسية اليمنية للاكوع الحوالي: 136 قال: وارجع إلى ابن سعد: 2: 111. (2) كما في الطبري أيضا 3: 326. (3) الوثائق: 198 / 123 عن زاد المعاد لابن القيم (راجع 3: 54) والطبقات 1 / ق 2: 76 و 77 وط بيروت 1: 345 والتراتيب الادارية 1: 451 ومعجم قبائل العرب 3: 876.
[305]
وكتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا فيه شرائع الإسلام وأتوا أبي بن كعب فعلمهم قرآنا ". 89 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قبيلة غامد: سفيان بن يزيد الأزدي قال: " كان في كتاب وفد غامد: في كل حال فرع قد استغنى لسانه عن اللبن " ولم يرو النص الكامل (1). أقول: يحتمل قويا اتحاده مع الكتاب الذي قبله كما لا يخفى. 90 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى عبد الرحمن بن عوف: ذكر ابن حجر في ترجمة الأصبغ بن عمرو... الكلبي القضاعي: " أنه كان نصرانيا، فأسلم على يد عبد الرحمن بن عوف في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)... كتب عبد الرحمن مع رجل من جهينة يقال له: رافع بن مكيث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بخبره - أي: خبر إسلام الأصبغ - فكتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم): أن تزوج ابنة الأصبغ وهي تماضر " (2). ظاهر النقل أن الأصبغ كان رئيسا في قومه في دومة الجندل أو كان رئيسا في
(1) الوثائق: 241 / 123 - الف (عن الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 2: 1 / 9534) قال محمد حميد الله: كأنه يقول: يؤخذ في زكاة الابل صغار الابل بشرط فصلها عن الرضاع. (2) راجع الاصابة 1: 108 المرقم 470 في ترجمة الأصبغ و 2: 416 / 5179 في ترجمة عبد الرحمن بن عوف ودحلان هامش الحلبية 2: 180 والمحبر: 120 والمفصل 4: 237 (عن ابن عساكر 1: 89 والبكري في المعجم 2: 564) وحياة الصحابة 1: 94 و 104 (عن الدارقطني) والمغازي للواقدي 2: 561 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 1: 92 و 3: 87 والسيرة الحلبية 3: 206 وكنز العمال 5: 318 وفي ط: 10: 391 ورسالات نبوية: 27. والوثائق السياسية: 295 / 190 - الف (عن الطبقات 3 / ق 1: 91 وامتاع الأسماع للمقريزي 1: 268 وحياة الصحابة وارجع إلى الاصابة 1: 108 وسبل الهدى خطية باريس / 1992: ورقة 8 - ب وراجع أيضا: 721).
[306]
دومة ويسمى ملكا أو يسمي هو نفسه ملكا، بل صرحت بذلك المصادر وإن كان أكيدر أيضا ملكا فيها. 91 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي جحيفة: عن أبي جحيفة وهب السوائي قال: " دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكتب لنا باثني عشر قلوصا، فلما توفي منعناه الناس " ولم يرو نص الكتاب (1). أقول: أبو جحيفة وهب بن عبد الله السوائي كان من صغار الصحابة... وجعله علي بن أبي طالب على بيت المال بالكوفة، وشهد معه مشاهده كلها، وكان يحبه ويثق به ويسميه وهب الخير ووهب الله أيضا (2). وقال ابن حجر: " ثم صحب عليا بعده وولاه شرطة الكوفة لما ولى الخلافة ". وزاد ابن الأثير " واستعمله على خمس المتاع بخربة ". 92 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمرو: عن أبي راشد الجراني قال: " أتيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: حدثنا ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فألقى إلي صحيفة فقال: هذا ما كتب لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنظرت فإذا فيها: إن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال: يا أبا بكر قل: " اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت رب كل شئ ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه وأن اقترف على
(1) المعجم الكبير للطبراني 22: 127 والوثائق: 237 / 119 عن الكنى للدولابي 1: 22. (2) اسد الغابة 5: 96 و 157 والاصابة 4: 37 والاصابة 3: 642.
[307]
نفسي سوءا، أو أجره على مسلم " (1). 93 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى زياد بن لبيد: لما قدمت كندة حجاجا قبل الهجرة... فلما هاجر (صلى الله عليه وآله) وتمهدت دعوته وجاءته وفود العرب جاءه وفد كندة فيهم الأشعث بن قيس وبنو وليعة فأسلموا، فأطعم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني وليعة طعمة من صدقات حضرموت، وكان قد استعمل على حضرموت زياد بن لبيد البياضي الأنصاري فدفعها زياد إليهم فأبوا أخذها وقالوا: لا ظهر لنا فابعث بها إلى بلادنا على ظهر من عندك. فأبى زياد وحدث بينهم وبين زياد شر كاد أن يكون حربا، فرجع قوم منهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكتب زياد إليه (عليه السلام) يشكوهم، ثم كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى زياد فوصلوا إليه الكتاب وقد توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2). ولم يرو نص الكتاب. 94 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعثمان بن عفان: تخلف عثمان عن بدر لتمريض ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكتب له النبي (صلى الله عليه وآله) بسهمه وأجره (3). 95 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى الناس في فتح مكة: لما عزم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على فتح مكة - شرفها الله تعالى - كتب إلى جميع
(1) تقييد العلم: 85 ومسند أحمد 2: 171. (2) ابن أبي الحديد 1: 293 و 294 وراجع البحار 40: 75 عنه. (3) الاصابة 2: 462 / 5448 في ترجمة عثمان بن عفان.
[308]
الناس في أقطار الحجاز وغيرها يأمرهم أن يكونوا بالمدينة في رمضان من سنة ثمان للهجرة فوافته الوفود والقبائل من كل جهة (1). قال دحلان: " لما أراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخروج من المدينة وعزم غزو أهل مكة بعث إلى من حوله من العرب وطلب حضورهم: إمام وغفار وأشجع وسليم وغيرهم، فأرسل إليهم يقول لهم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة، وبعث رسلا في كل ناحية ". وظاهر الحديث تعدد الكتاب بعدد القبائل المسلمة بالحجاز وقتئذ إما بمضمون واحد في كتب متعددة أو بمضامين مختلفة وعلى كل حال ليس هذا كتابا واحدا. 96 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى قريش: لما حبس الله سبحانه نبيه في الحديبية ومنعته قريش عن دخول مكة أرسل (صلى الله عليه وآله) إلى قريش عثمان بن عفان، وكتب كتابا معه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت إلا زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته (2). 97 و 98 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى النجاشي: كتب (صلى الله عليه وآله) إلى النجاشي في الوصية لجعفر وأصحابه حين هاجروا إلى الحبشة، وكتب إليه أيضا في الدعوة إلى الإسلام على تفصيل يأتي في الفصل العاشر، وكتب إليه في جواب كتابه كما سيأتي أيضا.
(1) ابن أبي الحديد 17: 359 عن الواقدي والكافي 4: 249 والوسائل 8: 158 وراجع دحلان هامش الحلبية 2: 298. (2) راجع سيرة دحلان هامش الحلبية 2: 208. (*)
[309]
وكتب (صلى الله عليه وآله) إليه في تجهيز المسلمين للرجوع إلى المدينة، ولم يرو نصه، وكتب إليه أيضا في تزويج ام حبيبة ولم يرو النص، وسيأتي ذكر المصادر في الفصل المذكور (وراجع أيضا الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر: 91 - 93). 99 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحفصة ام المؤمنين: أخبرنا عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس " أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الكلالة، فأمهلته حتى إذا لبس ثيابه فسألته فأملها عليها في كتف فقال: عمر أمرك بهذا ما أظنه أن يفهمها، أولم تكفه آية الصيف فأتت بها عمر، فلما قرأها يبين لكم أن تضلوا قال: اللهم من بينت له فلم تبين لي " (1). حصيلة البحث: أشرنا فيما سبق من كتبه (صلى الله عليه وآله) في الموضوعات المختلفة أن كتبه (صلى الله عليه وآله) التي لم تصل إلينا نصوصها في هذا المضمار أكثر من ذلك، راجع كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى المسلمين في فتح مكة وإلى حرب تبوك وفي الدعوة إلى الحج وإلى عماله في أخذ الصدقات وتدبر.
(1) المصنف لعبد الرزاق 10: 305 والدر المنثور 2: 249 وأحكام القرآن للجصاص 3: والغدير 6: 128 عن ابن كثير في تفسيره عن ابن مردويه.
[310]
كتبه (صلى الله عليه وآله) في الإقطاعات التي لم نعثر على نصوصها نقل عنه (صلى الله عليه وآله) في كتب الحديث والتأريخ والفقه أنه أقطع لبلال بن الحارث، وأقطع لأبيض بن حمال، وأقطع لسمعان بن عمرو و... مثلا وقد يصرحون بأنه كتبت له هذا الأقطاع وتارة لا يصرحون بالكتابة، ولكن الذي يظن قويا أن أقطاعه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مكتوبا يعني كان (صلى الله عليه وآله) يكتب لكل واحد كتابا كما قاله محمد حميد الله أيضا في مقدمة مجموعة الوثائق السياسية قال: " ولم تكن الإقطاعات في عصر النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا كتابة، ومع ذلك لم أدخل في مجموعتي هذه الروايات التالية، لأن المصادر لم تصرح بوجود الكتابة فيها ". ويستأنس أو يستدل لهذه الدعوى بما نقله البيهقي في السنن الكبرى بإسناده عن يحيى بن سعيد قال: " سمعت أنسا يقول: دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأنصار ليكتب إلى البحرين [ليقطع لهم بالبحرين] فقالوا: لا والله حتى تكتب لإخواننا من قريش بمثلها، فقال لهم: ذلك ما شاء الله كل ذلك يقولون ذلك قال: إنكم سترون بعدي إثرة فاصبروا حتى تلقوني " (1).
(1) السنن الكبرى 6: 145 و 10: 131 والبخاري 4: 119 و 3: 150 ومسند أحمد 3: 167 وعمدة القاري 12: 220 و 221 و 15: 87.
[311]
حيث إن هذا النص يصرح بأنه أراد أن يكتب لهم، مع أن الرواة والناقلين يعبرون عنه " دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأنصار ليقطع لهم البحرين " (1) فيبدلون " ليكتب لهم " ب‍ " ليقطع لهم " نقلا بالمعنى لوضوح أن الإقطاع لا يكون إلا بالكتابة وإعطاء السند والمدرك ليبقى له ولعقبه من بعده، فلو نازعه أحد أو تدخل فيه ولي الأمر بعده لجاء به. سيما أن الأقطاع مقدمة للإحياء المستلزم لصرف المال وتحمل المتاعب والمصاعب في سبيله، فلا يعقل أن يكون إعطاء لفظيا من دون أي دليل ومدرك يستند عليه ويستدل به. ولأجل ذلك جعلنا الإقطاع على أربعة أقسام: القسم الأول: ما صرح الرواة بالكتابة به، ولكن لم يرو النص. القسم الثاني: ما لم يصرحوا بالكتابة. القسم الثالث: إقطاع الدور، وجعلناه قسما خاصا لما يأتي. القسم الرابع: ما صرح الرواة بالكتابة، ونقلوا النص، وسيأتي في الفصل المعد لذلك.
(1) السنن الكبرى 6: 143 ونيل الأوطار 6: 57 والبخاري 5: 42 في مناقب الأنصار و 3: 150 ومسند أحمد 3: 111 وحياة الصحابة 1: 366.
[312]
القسم الأول: ما صرح الرواة فيه بالكتابة 1 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لزيد الخيل بن مهلهل: وممن وفد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفد طي السنة التاسعة فيهم زيد الخيل وعدي ابن حاتم، فعرض (صلى الله عليه وآله) عليهم الإسلام فأسلموا وحسن إسلامهم وسماه رسول الله (صلى الله عليه وآله): زيد الخير، وقطع له أرضين معه [وقطع له أرضين وكتب له وفي نقل: وقطع له فيدا وأرضين معه وكتب له] وكتب له كتابا (على اختلاف ألفاظ الرواة) وقال السهيلي: وكتب له كتابا على ما أراد وأطعمه قرى كثيرة منها " فيد ". قال (صلى الله عليه وآله) له: " ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون الصفة غيرك ". مات في رجوعه... فلما رأت امرأته الراحلة ليس عليها زيد أحرقتها فاحترق الكتاب (1).
(1) 21: 365 وتاريخ ابن خلدون 2: 839 ورسالات نبوية: 19 والسيرة الحلبية 3: 253 ودحلان بهامشه 3: 24 والاصابة 1: 573 / 2941 وأسد الغابة 2: 241 و 242 والاستيعاب هامش الاصابة 1:
[313]
قال في الأغاني: وكتب معه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبني نبهان بفيدك كتابا مفردا. فيحتمل أن يكون كتابه كتابا لقومه بني نبهان من طي كما أنه يحتمل أن يكون هناك كتابان: أحدهما لزيد خاصة، وثانيهما لقومه، ولعل مراده من قوله " كتابا مفردا " هو التعدد أي: مفردا لقومه لا يشترك فيه زيد. 2 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للعباس بن عبد المطلب: قال: " وكتب للعباس الحيرة من الكوفة والميدان من الشام والخط من هجر ومسيرة ثلاثة أيام من أرض اليمن، فلما افتتح ذلك أتى به إلى عمر فقال: هذا مال كثير " (1). قال ابن سعد: " عن أبي جعفر محمد بن علي: أن العباس جاء إلى عمر فقال له: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أقطعني البحرين، قال: من يعلم ذلك ؟ قال: المغيرة بن شعبة، فجاء به فشهد له، قال: فلم يمض له عمر ذلك كأنه لم يقبل شهادته، فأغلظ العباس لعمر... " (2). عن الإرشاد للديلمي: " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان جالسا فدخل عليه عمه، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) واستقبله وقبل بين عينيه ورحب به وأجلسه... ثم دعا عليا (عليه السلام) فقال:
= 563 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 36 و 37 والبداية والنهاية 5: 63 والطبقات 1 / ق 2: 59 وفي ط بيروت 1: 321 والأغاني 17: 249 والمفصل 7: 148 عن تاج العروس في " خيل " و 4: 220 والطبري 3: 145 والروض الأنف 4: 227. والوثائق: 302 / 201 (عن الطبقات وسيرة ابن هشام والطبري والاصابة وصحيح البخاري والاستيعاب ثم قال: انظر كايتاني 10: 35 و 39 واشپرنكر 3: 387 و 946 و 947). (1) راجع البحار 18: 135 و 8: 236 الطبعة الحجرية ورسالات نبوية: 197 وتنقيح المقال 5: 232 والمناقب لابن شهر آشوب 1: 112. (2) الطبقات 4 / ق 1: 14 وكنز العمال ط حجري 7 / 66 والمطالب العالية 2: 180 / 1997.
[314]
اكتب لعمك هذه (أي: التي طلبها العباس وهي الملعب من الشام والحيرة من العراق والخط من هجر - على ما ذكره الراوي في هذا الحديث) المواضع وأملى عليه وأشهد الحاضرين وختمه بخاتمه " (1). 3 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسنبر الأبراشي: قال ابن الأثير: " سنبر الأبراشي روى مالك بن عمرو البلوي قال: عقلت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتاه عمرو بن حسان بوادي القرى معه رجل من أبراش يقال له سنبر حليف له... قال عمرو بن حسان: يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اقطع لحليفي، فانه مسكين، قال: ما أقطع له ؟ قال: الدومتين الكبر وذات أفداك ففعل وكتبها له في عرجون، أخرجه أبو موسى ". سنبر بفتح السين وسكون النون وفتح الباء الموحدة وآخره راء (2). وفي الإصابة: " الإراشي " بكسر الهمزة وتخفيف الراء وبالمعجمة رأيته بخط الخطيب مضبوطا، وفي المؤتلف للخطيب " الأبواشي " وأما الأبراشي كما في أسد الغابة فلم أعثر عليه، وفي رسالات نبوية سبز وحكي عن ابن فتحون سيار مكان " سنبر ". أقول: يحتمل أن يكون منسوبا إلى إراشة أبي قبيلة من بلي أو بطن من خثعم كما في معجم قبائل العرب 1 وإن لم يتعرض لها في اللباب وأنساب السمعاني (3).
(1) البحار 8: 236 والحديث طويل اختصرناه. (2) أسد الغابة 2: 360 والاصابة 2: 84 / 3516 ورسالات نبوية: 22. (3) في القاموس: السنبر كجعفر العالم بالشئ المتقن له والأبواشي صحابي.
[315]
4 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لرجل: قال ابن حجر في ترجمة عياض بن عبد الله الثقفي: "... قال: وأخرج البخاري ومطين وابن مندة من طريق أبي عاصم بهذا الاسناد إلى عبد الله بن عياض عن أبيه قال: شهدت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأتاه رجل من بهز بعسل فقال: ما هذا ؟ قال: أهديته لك، فقبله فقال: احم لي بقيعي، قال: فحماه له، وكتب له كتابا " (1). بهز: بطن من بهثة من سليم من قيس بن عيلان كما في معجم القبائل ونهاية الإرب للقلقشندي والاشتقاق: 307 والقاموس. والبقيع: الموضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى. وفي رسالات نبوية: " رجل من فهر " والفهر قبيلة من قريش. 5 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقتادة بن الأعور (أو لجون بن قتادة): قال ابن الأثير: " قتادة بن الأعور بن ساعدة... التميمي... ذكره البغوي في الوحدان وقال: قال محمد بن سعد: صحب النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل الوفد وكتب له كتابا بالشبكة موضع بالدهناء... أخرجه أبو موسى " (2). وفي الإصابة: " صحب النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل الوفاة " وهو الصحيح. وفي الطبقات: " موضع بالدهناء بين القنعة والعرمة، والدهناء من ديار بني تميم معروفة تقصر وتمد والنسبة إليه دهناوي ".
(1) الاصابة 3: 49 / 6136 واسد الغابة 4: 164 والتراتيب الادارية 1: 441 عن البخاري وابن مندة ورسالات نبوية: 19 عن البخاري ومطين وابن مندة وابن الأثير عن أبي نعيم وابن حجر وراجع المعجم الكبير للطبراني 17: 369 / 1011 ومجمع الزوائد 4: 149. (2) أسد الغابة 4: 194 والاصابة 3: 224 / 7066 والوثائق: 259 / 145 والطبقات 7 / ق 1: 43 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 419 ورسالات نبوية: 31 والتراتيب الادارية 1: 441. الدهناء - بفتح الدال المهملة وسكون الهاء - من ديار بني تميم. والشبكة محركة موضع فيها.
[316]
أقول: ذكر في تهذيب تأريخ ابن عساكر في ترجمة جون بن قتادة قال: " وعده ابن سعد في الصحابة وقال: وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) وكتب له بالشبكة موضع بالدهناء ". 6 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمشمرج بن خالد: قال ابن حجر: " مشمرج (بضم أوله وفتح الشين المعجمة وسكون الميم وكسر الراء بعدها جيم) ابن خالد السعدي... أخرج ابن السكن... عن علي بن حجر بن أياس بن مقاتل بن مشمرج: حدثنا أبي عن أبيه إياس عن جده المشمرج قال: قدمت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وفد عبد القيس... كساه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بردا، وأقطعه ركي ماء بالبادية وكتب له بها كتابا " (1). 7 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي ثعلبة الخشني: نقل أبو عبيد عن أبي قلابة: " أن أبا ثعلبة قال: يا رسول الله اكتب إلي بأرض كذا وكذا هي يومئذ بأيدي الروم... قال: فكتب له بها " (2). قال ابن حجر: " أبو ثعلبة صحابي مشهور معروف بكنيته، واختلف في اسمه كثيرا وكذا في اسم أبيه.. قدم أبو ثعلبة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يتجهز إلى خيبر فأسلم.. ". الخشني: بضم الخاء المعجمة وفتح الشين المعجمة وفي آخرها نون منسوب
(1) الاصابة 3: 421 / 8000 ورسالات نبوية: 35 واسد الغابة 4: 367 و 368 والوثائق السياسية: 161 / 75 (عن الاصابة واسد الغابة). (2) راجع الأموال لأبي عبيد: 388 و 395 ومسند أحمد 4: 194 والوثائق: 104 / 47 - الف (عن الأموال لأبي عبيد ومسند أحمد والمصنف لعبد الرزاق وعن أموال زنجويه: ورقة 100 - الف) وراجع مجمع الزوائد 6: 7 و 8 قال: ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والمعجم الكبير 22: 230 والأموال لابن زنجويه 2: 616 و 22: 230 وبلوغ الأماني 22: 160.
[317]
إلى قرية وقبيلة، أما القبيلة فهي من قضاعة نسبة إلى خشين بن النمر، وأما القرية فتنسب إلى موضع بأفريقيا (1). 8 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لجحدم بن فضالة: نقل المتقي الهندي في كنز العمال: أنه (صلى الله عليه وآله) أقطع لجحدم بن فضالة أرضا. وقال ابن حجر: " جحدم بن فضالة الجهني... أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فمسح رأسه وقال: بارك الله في جحدم وكتب له كتابا " (2). ظاهر كلام ابني حجر والأثير أن الكتاب كان كتاب تأمين وأنه أسلم، ويحتمل أن يكون مشتملا على الإقطاع، ويحتمل أن يكون الإقطاع كتابا آخر، ويحتمل أن يكون الكتاب كتاب إقطاع فقط، ولأجل ذلك ذكرناه في الفصلين. 9 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد الرحمن الأصم: قال ابن سعد: " وفد من بني البكاء على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سنة تسع ثلاثة نفر: معاوية بن ثور بن عبادة بن البكاء، وهو يومئذ ابن مائة سنة، ومعه ابن له: يقال له بشير والفجيع بن عبد الله بن جندح بن البكاء ومعهم عبد عمرو البكائي وهو الأصم... وسمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عبد عمرو الأصم عبد الرحمن، وكتب له بمائه الذي أسلم عليه ذي القصة وكان عبد الرحمن من أصحاب الصفة " (3).
(1) راجع اللباب 1: 446 والاشتقاق: 252 و 544. (2) راجع كنز العمال 7: 15 والاصابة 1: 227 / 1101 واسد الغابة 1: 273 والوثائق السياسية: 158 و 266 / عن ابني حجر والأثير. قال في القاموس جحدم كجعفر ابن فضالة. (3) الطبقات 1 / ق 2: 47 و 48 والوثائق: 313 و 217 - الف عنه ورسالات نبوية: 26.
[318]
وفي رسالات نبوية " عبد بن عمرو " اختلف في اسمه فهو الأصم عبد الرحمن. 10 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للرقاد بن ربيعة: قال ابن سعد: " أخبرنا هشام بن محمد عن رجل من بني عقيل قال: وفد إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الرقاد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة بن كعب، وأعطاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالفلج ضيعة كتب له كتابا وهو عندهم " (1). 11 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمرارة بن سلمي: قال ابن حجر: " مرارة بن سلمي اليمامي الحنفي... قال ابن مندة: له ولولده مجاعة وفادة، ثم أورد من طريق ابن أبي عاصم... عن سراج بن مجاعة بن مرارة عن مرارة عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقطعني وكتب لي كتابا " (2). وأخرجه أبو نعيم من طريق ابن أبي عاصم، وأشار إلى أنه خطأ ولم يبين الوجه فيه، وبيانه أن الراوي عن سراج سقط اسمه عن السند وهو هلال بن سراج، وأوهم هذا النقل أن الكتاب لمرارة مع أن البغوي نقل عن هلال بن سراج أن الإقطاع كان لمجاعة. ونص ابن الأثير أيضا لا يخلو عن الإيهام، حيث إن ظاهر السند أن الإقطاع لمرارة مع أنه صرح بعد أنه كان لمجاعة. مجاع كشداد بن مرارة (القاموس).
(1) الطبقات 1 / ق 2: 46 والوثائق: 318 / 226 عنه. (2) الاصابة 3: 521 / 8549 واسد الغابة 4: 343 ومعجم البلدان 2: 214.
[319]
12 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لرجل: جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجل من العرب، فسأله أرضا بين جبلين، فكتب له بها، فأسلم ثم أتى قومه فقال لهم: أسلموا فقد جئتكم من عند رجل يعطي عطية من لا يخاف الفاقة (1). 13 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لنمط: وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نمط وكتب له كتابا إقطاعا فهو في أيديهم الآن (2). 14 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمالك بن نمط: وفد همدان على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منهم: مالك بن نمط أبو ثور وهو ذو المشعار ومالك بن أيفع وهمام بن مالك السلماني وعميرة بن مالك الخارفي، فكتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتابا وأقطع لهم (3). ظاهر هذا النقل تعدد الكتب لهم. 15 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعباس الرعلي: قال أبو عمر: " عباس الرعلي جد نائل بن مطرف بن العباس... أشخص إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاستقطعه ركية بالدثينة، فأقطعه إياها على أن ليس له منها إلا فضل ابن السبيل قال: نا أبو الأزهر وكان نائل نازلا بالدثينة، وكان أميرهم، فأخرج إلي
(1) حياة الصحابة 2: 150 عن الهيثمي 9: 13 وراجع الضعفاء الكبير 2: 351 والمعجم الكبير للطبراني 5: 152 / 4877 ومجمع الزوائد 9: 13 عنه. (2) اسد الغابة 4: 295. (3) اسد الغابة 4: 294.
[320]
حقة فيها أديم أحمر بهذه القطعة... خرجه أبو علي بن السكن " (1). وكان إسلامه وشخوصه بعد الأحزاب كما في الاصابة 2: 270 / 4505. قال ابن سعد: "... عن نائل بن مطرف بن العباس السلمي أحد بني سليم، ثم أحد بني رعل عن أبيه عن جده العباس: أنه شخص إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاستقطعه ركية بالدثينة ثم ساق نحو ما مر ". رعل بكسر الراء وسكون العين (الاشتقاق والقاموس). الدثينة كجهينة أو كسفينة موضع أو ماء لبني سيار بن عمرو (القاموس والمعجم 2: 440) 16 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأوفى بن مولة (2): قال أبو عمر: " أوفى بن مولة التميمي حديثه في الإقطاع: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب لهم في أديم ". قال ابن الأثير: أوفى بن مولة التميمي العنبري من بني العنبر... قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقطعني الغميم وشرط علي: " وابن السبيل أول ريان " وأقطع ساعدة رجلا منا بئرا بالفلاة، وأقطع أياس بن قتادة العنبري الجابية وهي دون اليمامة، وكنا أتيناه جميعا، وكتب لكل رجل منا بذلك في الأديم. أخرجه الثلاثة " (3).
(1) الاستيعاب بهامش الإصابة 3: 104 وكنز العمال 7: 81 والطبقات الكبرى 7 / ق 1: 54. والوثائق: 210 و 308 (عن الطبقات وعن معجم الصحابة لابن قانع خطية ورقة 131 - الف). (2) أوفى بفتح أوله وسكون الواو وفتح الفاء بن مولة وفي التنقيح " مؤكد " بدل " مولة ". (3) اسد الغابة 1: 151 والاصابة 1: 89 / 369 والاستيعاب: هامش الاصابة 1: 100 وكنز العمال 7: 100 وفي ط 15: 262 ووفاء الوفاء 2: 353 وفي ط عندي 3: 1279 - 1287 ومجمع الزوائد 6: 9 والمعجم الكبير للطبراني 1: 270 ومعجم البلدان 4: 214 والوثائق السياسية: 260 / 147 - الف (عن جمع ممن ذكرنا وعن معجم الصحابة لابن قانع خطية: ورقة 11 ب 12 - الف) ومعجم البلدان 4: 214.
[321]
17 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لساعدة: أخرج ابنا الأثير وحجر في ترجمة أوفى كما تقدم أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) كتب له بئرا بالفلاة (1) وفي الكنز: يقال لها: الجعرانية وهو بئر يجئ فيها الماء وليست بالماء العذب. وفي مجمع الزوائد: " وأقطع لساعدة رجلا منا بئرا بالفلاة يقال له: الجعوبية وهي بئر يخبأ فيها المال وليست بالماء العذب، وأقطع اناس معادة العرى وهي دون اليمامة وكنا أتيناه، وكتب لرجل منا بذلك في أديم، رواه الطبراني وفيهم من لم أعرفهم ". 18 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأياس: أخرج ابنا حجر والأثير: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب لإياس بن قتادة العنبري الجابية وهي دون اليمامة " (2). إياس ككتاب سبعة عشر صحابيا القاموس. 19 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لثور بن عزرة: قال ابن الأثير: " ثور بن عزرة أبو العكير القشيري، روى علي بن محمد
(1) راجع أسد الغابة 1: 151 والاصابة 1: 89 / 369 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 100 في ترجمة أوفى وراجع أيضا أسد الغابة 2: 245 و 1: 157 في ترجمة ساعدة وإياس والاصابة 2: 3 / 3037 والوثائق: 261 / 148 ومجمع الزوائد 6: 9 وكنز العمال 15: ب 262 / 761. (2) راجع اسد الغابة 1: 151 والاصابة 1: 89 والاستيعاب هامش الاصابة 1: 100 في ترجمة أوفى وراجع أيضا اسد الغابة 1: 157 في ترجمة إياس والاصابة 1: 90 وكنز العمال 7: 10 وفي ط 15: 262 عن ابن مندة والطبراني في المعجم الكبير وأبي نعيم وابن عبد البر (وفي الوثائق: 260 / 147) ورسالات نبوية: 9 ومجمع الزوائد 6: 9.
[322]
المدائني... وفد ثور بن عزرة بن عبد الله ابن سلمة القشيري على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأقطعه حمام والسد وهما من العقيق وكتب له كتابا... أخرجه أبو موسى " (1). قال ابن سعد: " وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نفر من بني قشير فيهم ثور بن عروة بن عبد الله... فأسلم، فأقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قطيعة وكتب له كتابا... وذلك قبل حجة الوداع وبعد حنين ". الحمام: ماء في ديار قشير قرب اليمامة راجع معجم البلدان 2: 298. عزرة بتقديم العين المهملة ثم الزاء المعجمة ثم الراء المهملة كذا في الإصابة وأسد الغابة، وفي الطبقات عروة بالواو بدل الزاء المعجمة. 20 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمعد يكرب: قال ابن سعد: " قالوا: وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمعد يكرب بن ابرهة: أن له ما أسلم عليه من أرض خولان " (2). 21 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن عبد: قال عبد المنعم: " اختلف في اسمه فهو الأصم عبد الرحمن كتب له كتابا بمائه الذي أسلم عليه " (3).
(1) اسد الغابة 1: 251 ورسالات نبوية: 14 والاصابة 1: 205 / 972 والطبقات الكبرى 1 / ق 2: 46 و 47 والوثائق: 318 / 227 عنه وعن اسد الغابة والاصابة وقال: انظر اشپرنكر 3: 515. (2) الطبقات الكبرى 1 / ق 2: 20 والوثائق: 234 / 118 عن رسالات نبوية: 97 ونثر الدر المكنون للأهدل: 63 والطبقات وقال: انظر كايتاني 9: 68 واشپرنكر 3: 458. قال (ق): معديكرب وتفتح داله اسم وراجع الاشتقاق: 365. (3) رسالات نبوية: 26 والطبقات الكبرى 1 / ق 1: 47.
[323]
قال ابن سعد: " وسمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عبد عمرو الأصم عبد الرحمن، وكتب له ماءه الذي أسلم عليه ذي القصة وكان عبد الرحمن من أصحاب الظلة يعني الصفة صفة المسجد وتقدم بالرقم 9 ". 22 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لوائل بن حجر: نقل البلاذري في الفتوح بإسناده عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطعه أرضا بحضرموت. وقال أبو عمر في ترجمته: " وكتب معه ثلاثة كتب منها: كتاب إلى المهاجر بن أبي أمية وكتاب إلى الأقيال والعباهلة وأقطعه أرضا " (1). وزاد ابن حجر على نقل البلاذري: " قال أبو نعيم: أصعده النبي (صلى الله عليه وسلم) على المنبر وأقطعه وكتب له عهدا... ". أقول: تأتي كتبه (صلى الله عليه وآله) له ومعه، ويحتمل أن يكون إقطاعه له هو ما يأتي " جعلت لك ما في يديك من الأرضين والحصون " ولكن الظاهر أنه غير ذلك، فيكون مجموع كتبه (صلى الله عليه وآله) له ومعه: 1 - كتابه (صلى الله عليه وآله) في استعماله على قومه. 2 - كتابه (صلى الله عليه وآله) معه إلى المهاجر بن أبي أمية. 3 - كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى الأقيال العباهلة.
(1) فتوح البلدان: 99 والاستيعاب 3: 642 والاصابة 3: 628 / 9100 وأسد الغابة 5: 81 والسنن الكبرى 6: 144 ونيل الأوطار 6: 57 والمبسوط 3: 274 والتذكرة 2: 411 ومنحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي 1: 277 وسنن أبي داود 3: 173 والبداية والنهاية 5: 79 وتاريخ المدينة لابن شبه 2: 580 وربيع الأبرار 3: 414 و 415 والأموال لابن زنجويه 2: 619 والمعجم الكبير للطبراني 22: 47 وسنن الدارمي 2: 268.
[324]
4 - كتابه (صلى الله عليه وآله) له في إسلامه وحرمة أمواله. 5 - كتابه (صلى الله عليه وآله) له كتابا فيه ذكر الصلاة والخمر والربا. 6 - كتابه (صلى الله عليه وآله) له في إقطاعه أرضا بحضرموت. هذا فانتظر لما يأتي في محله من النصوص المأثورة له. 23 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني زهير بن أقيش: ذكر الدكتور جواد علي في المفصل 4: 254 عن الاشتقاق لابن دريد: 111 و 113: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب لهم في ركية بالبادية وفي ط عندي: 183 قال ابن دريد: " واشتقاق أقيش وهو تصغير الوقش والوقش: الحركة الخفيفة " (وراجع القاموس في " وقش "). 24 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسيار بن طلق: قال ابن حجر: " سيار بن طلق اليمامي... أنه أول وفد وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بني حنيفة... ثم شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم كتب لي كتابا " (1). أقول: يشبه أن يكون الكتاب في التأمين وأنه أسلم، ولأجل ذلك ذكرناه في قسم العهود أيضا. 25 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي ضميرة: الوثائق: " أبو ضميرة كتب له كتابا بالوصيد وهو من عجم الفرس " ولم يرو
(1) الاصابة 2: 103 / 3626.
[325]
نص الكتاب (1). 26 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي هند الداري: قال ابن حجر في ترجمة جهم بن قيس: " روى ابن مندة بسند ضعيف إلى أبي هند الداري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب له كتابا، وفيه شهد عباس بن عبد المطلب وجهم بن قيس وشرحبيل بن حسنة " (2). ويحتمل اتحاده مع ما كتب للداريين كما يأتي. وقال ابن حجر في ترجمة محمد بن أبي سفيان: " ذكر فيه شهادة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومحمد بن أبي سفيان، وقد تعقبه أبو نعيم بأن الصواب في هذا معاوية بن أبي سفيان لا محمد ".
(1) المصدر: 280 / 244. (2) الاصابة 1: 254 / 1248 و 3: 375 / 7774 و 4: 212 / 1194 والاستيعاب 4: 213 وكنز العمال 3: 527 / 4034.
[326]
القسم الثاني ما لم ينص فيه بالكتابة 1 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسمعان بن عمرو: قال ابن حجر: " سمعان بن عمرو بن حجر الأسلمي... قال ابن مندة: إنه وفد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فبايعه على الإسلام وصدق الرسالة وأقطعه النبي (صلى الله عليه وسلم) أرضا ". قال ابن الأثير: " فأقطعه النبي (صلى الله عليه وسلم) ما بين الرسلين والدركاء... أخرجه ابن مندة وأبو نعيم " (1). أقول: لم أجد في الكتب الموجودة عندي " الرسلين " و " الدركاء ". 2 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لكثير بن سعد: قال ابن الأثير: " روى كثير بن سعد العبدي من بني عبد الله بن غطفان غطفان جذام أنه قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأقطعه عميق من كورة بيت جبرين
(1) الاصابة 2: 80 / 3484 واسد الغابة 2: 356 والوثائق: 277 وفي ط: 325 / 238 عن ابني حجر والأثير.
[327]
بالشام. أخرجه أبو موسى ". قال ابن حجر: " كثير بن سعد الجذامي ثم العبدي من بني غطفان.. أورده عبدان المروزي في الصحابة وأخرج.. من كثير بن سعد العبدي من غطفان جذام أنه قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث " (1). 3 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعس العذري: قال ابن حجر: " عس العذري وقيل الغفاري استقطع النبي (صلى الله عليه وسلم) أرضا بوادي القرى فأقطعها إياه، فهي تسمى بويرة عس... أخرجه ابن مندة وأبو عمر " (2). وفي الإصابة: عس بضم أوله وتشديد المهملة... قال ابن الجارود: اختلف في اسمه وعس أصح، وذكره البردعي في الأسماء المفردة لكنه ضبطه بالشين المعجمة، وكذا ذكره ابن ماكولا.. يقال هو شاعر جاهلي.. وأما الاختلاف في اسم الصحابي فعند المستغفري أنه عثير بمثلثة مصغرا وعند غيره أنه بالمثناة كذلك تقدم في عريب، والراجح أنه غير هذا... وعند عبد الغني أنه بفتح أوله وسكون النون بعدها مثناة، وعند ابن عبد البر أنه بنون وزاي مصغرا. 4 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعنبر العذري: قال أبو عمر: " عنبر العذري ويقال الغفاري أقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرضا بوادي القرى فهي تنسب إليه وسكنها إلى أن مات " (3).
(1) اسد الغابة 4: 231 والاصابة 3: 286 و 287 / 7377. (2) أسد الغابة 3: 407 والاستيعاب بهامش الاصابة 3: 162 والاصابة 2: 480 / 5541 ورسالات نبوية والوثائق: 14 مقدمة الطبعة الثالثة عن الأماكن للحازمي خطية الفصل 126 والمعجم الكبير للطبراني 18: 87. (3) الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 182 والمعجم الكبير 18: 87.
[328]
وذكره ابن الأثير في عنتر العذري وفي مجمع الزوائد 6: 9: " وعن عتير العدوي أنه استقطع النبي (صلى الله عليه وسلم) أرضا بوادي القرى، فهي اليوم تسمى بويرة عتير رواه الطبراني ". ويحتمل اتحاد هذا مع سابقه كما يظهر من ابني حجر والأثير، وإنما الاختلاف في الاسم (1). 5 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمعقل: قال ابن حجر: " معقل بن سنان.. بن غطفان الأشجعي.. ذكر ابن الكلبي وأبو عبيد: أنه وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقطعه قطيعة ". وزاد ابن الأثير: أنه وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) في وفد مزنية. قال ياقوت: " أقطع معقل بن سنان ما بين مسرح غنمة من الصخرة إلى أعلى عينب " (2). في القاموس معقل كمنزل. وعينب بفتح العين المهملة وسكون الياء وفتح النون (المعجم). 6 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لآمنة بنت الأرقم: قال ابن حجر: " آمنة بنت الأرقم.. روى أبو السائب المخزومي عن جدته
(1) وفي تبصير المنتبه: 903: عنتر العذري.. وقيل: عتير بالضم وفتح المثناة ثم ياء وقيل: عنيز بنون وزاي وقيل: عس بالسين المهملة وفي: 976: عش بن كعب بالضم وشين معجمة.. وبالمهملة: عس العذري صحابي. (2) الاصابة 3: 446 واسد الغابة 4: 398 والوثائق: 14 في المقدمة الثالثة عن أنساب الأشراف للبلاذري لم يطبع بعد خطية رئيس الكتاب باسطنبول 2: 814 وراجع معجم البلدان 4: 174. (*
[329]
آمنة بنت الأرقم: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطعها بئرا ببطن العقيق فكانت تسمى بئر آمنة وبرك لها فيها " (1). 7 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للزبير: أقطع (صلى الله عليه وآله) للزبير حضر فرسه، فأجرى الفرس حتى قام ثم رمى سوطه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أعطوه حيث بلغ السوط " (2). 8 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للزبير أيضا: قال البلاذري: " أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الزبير بن العوام أرضا من أرض بني النضير ذات نخل " (3). نقل أبو يوسف أنها كانت أرضا يقال لها الجرف، وقال البلاذري: إن الذي أقطع الزبير الجرف هو أبو بكر. راجع الفتوح: 21 و 31 وراجع وفاء الوفاء 4: 1176 والسنن الكبرى 6: 144 والوثائق المقدمة الثالثة: 17 وقال السمهودي في وفاء الوفاء 3: 1157 أنه (صلى الله عليه وسلم) أعطى الزبير وأبا سلمة: البويلة من أرض بني النضير.
(1) الاصابة 4: 224 / 3 وراجع اسد الغابة 5: 389 والبداية والنهاية 5: 353 ومجمع الزوائد 6: 9. (2) السنن الكبرى 6: 144 ومسند أحمد 2: 156 ونيل الأوطار 6: 56 والشرائع إحياء الموات وكذا التذكرة 2: 411 والمبسوط للشيخ (رحمه الله) 3: 274 وسنن أبي داود 3: 177 ووفاء الوفاء 3: 869 والمسالك 2 كتاب الاحياء والوثائق السياسية المقدمة الثالثة: 16 و 17 عن أبي داود ومسند أحمد. (3) فتوح البلدان: 31 والبخاري 4: 116 في فرض الخمس باب ما يعطي النبي (صلى الله عليه وسلم) المؤلفة قلوبهم ومسند أحمد 6: 347 وفتح الباري 6: 181 والخراج لأبي يوسف: 66 والنهاية لابن الأثير في قطع وراجع اصول ما يكتب 2: 111 وابن أبي شيبة 12: 354 والبخاري 4: 116 ومسلم 4: 1716 والقواعد للشهيد 1: 349 وحياة الصحابة 2: 691 وراجع ترتيب مسند الشافعي 2: 133 والكامل لابن عدي 4: 1386 والطبقات 3 / ق 2: 72.
[330]
وقال في 3: 869: " ونقل ابن شبه عن أبي غسان أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطع الزبير ماله الذي يقال له بنو محمم من أموال بني النضير... ". 9 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للزبير ولأبي سلمة: ذكره السمهودي كما مر آنفا، وأخرجه ابن حجر في الإصابة 4: 284 / 336 عن أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنه) قالت: " كنت مرة في أرض أقطعها النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي سلمة والزبير في أرض بني النضير... " وذكره أيضا ابن سعد في الطبقات 2 / ق 1: 42 " بويلة " والمعجم الكبير للطبراني 24: 104. 10 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للزبير: نقل أبو عبيد عن أسماء بنت أبي بكر: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقطع الزبير أرضا بخيبر فيها شجر ونخل " (1). ونقل قبله عن ابن سيرين قال: " أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا من الأنصار يقال له سليط... فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله إن هذه الأرض التي أقطعتنيها قد شغلتني عنك فأقبلها مني فلا حاجة لي في شئ يشغلني عنك، فقبلها النبي (صلى الله عليه وسلم) منه فقال الزبير: يا رسول الله أقطعنيها، قال: فأقطعها إياه ". راجع الأموال لابن زنجويه 2: 613 عن أبي عبيد) و: 614 عن ابن سيرين ولكنه قال: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطى رجلا من الأنصار، وتكلم عليه: 627.
(1) الأموال: 387 وتكلم عليه: 394 واصول مالكيت 2: 111 و 112 وابن أبي شيبة 12: 354 / 13072 وفتوح البلدان: 41 والأموال لابن زنجويه 2: 614 والوثائق: 17.
[331]
11 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للزبير: عن أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقطع الزبير نخلا " (1). يحتمل اتحاده مع ما تقدم. عن أسماء بنت أبي بكر (زوجة الزبير) قالت: " كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على رأسي وهو مني على ثلثي فرسخ... أقطع الزبير أرضا من أموال بني النضير " (2). 12 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني المداش: قال السمهودي: " حائط بني المداش - بفتح الميم والدال المهملة وألف وشين معجمة - موضع بوادي القرى أقطعهم إياه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنسب إليهم " (3). 13 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): قال السمهودي: وعن عمار بن ياسر قال: أقطع النبي (صلى الله عليه وآله) عليا بذي العشيرة من ينبع، ثم أقطعه عمر بعد أن استخلف قطيعة واشترى علي إليها قطيعة، وكانت أموال علي بينبع عيونا متفرقة تصدق بها... " (4).
(1) سنن أبي داود 3: 177 والمعجم الكبير 24: 82 والطبقات 3 / ق 1: 72. (2) الوثائق السياسية المقدمة الثالثة عن البخاري (57 / 19 / 9 و 67 / 107 / 5) وذكر: 17: أن في قباء في جنوبي المدينة توجد إلى هذا اليوم بئر عروة بن الزبير كانت هناك كتابة طويلة له على جبل أمام البئر رأيتها في السنة: 1358 ه‍ وكذلك توجد وراء جبل أحد في شمالي المدينة بركة الزبير... وراجع الطبقات 8: 182. (3) وفاء الوفاء 4: 1181 ومعجم البلدان 2: 209 في " حائط بني المداش " والوثائق: 16 عن السمهودي. (4) وفاء الوفاء 4: 1334 وكنز العمال 22: 178 وكتاب الغارات تحقيق الأرموي: 701 وتأريخ المدينة
[332]
ينبع: بفتح الياء وسكون النون وضم الباء الموحدة قرية كبيرة على سبع مراحل من المدينة في جهة البحر، وسكانها جهينة وبنو ليث والأنصار، وكان فيها 170 عينا والعشيرة مصغرا (راجع القاموس ووفاء الوفاء). قال ياقوت: " وعن جعفر بن محمد أن النبي (صلى الله عليه وآله) أقطع عليا (عليه السلام) أربع أرضين الفقيرين وبئر قيس والشجرة، وأقطعه عمر ينبع وأضاف إليها غيرها ". قال الشيخ (رحمه الله) " قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفئ فأصاب عليا أرض، فاحتفر فيها عينا فخرج منها ماء ينبع... ". 14 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام): قال السمهودي: " وعن جعفر الصادق (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطع عليا (رضي الله عنه) أربع أرضين: الفقيرين وبئر قيس والشجرة " (1). وفي السنن الكبرى: " أعطى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليا بين قيس والشجرة ". والظاهر أنه مصحف والصحيح: " بئر قيس والشجرة ". 15 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لكشد بن مالك الجهني: قال السمهودي: " فلما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينبع أقطعها لكشد فقال: إني كبير ولكن أقطعها لابن أخي، فأقطعها له، فابتاعها منه عبد الرحمن بن سعد الأنصاري بثلاثين ألف درهم، فخرج عبد الرحمن إليها وأصابه صافيها وربحها فقدرها وأقبل
= لابن شبه 1: 220 و 221 ومعجم البلدان 4: 269 وابن أبي شيبة 12: 355 / 13075 و: 356 / 13078 والتهذيب 9: 148 والوثائق: 15 عن وفاء الوفاء. (1) وفاء الوفاء 4: 1282 وفتوح البلدان: 22 وراجع السنن الكبرى 6: 144 وفتوح البلدان للبلاذري: 22 والخراج 3: 74 وابن أبي شيبة 12: 356.
[333]
راجعا، فلحق علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه دون ينبع فقال: من أين جئت ؟ فقال: من ينبع وقد سئمتها فهل لك أن تبتاعها ؟ قال علي: قد أخذتها بالثمن قال: هي لك، فكان أول شئ عمله علي فيها البغيبغة " (1). البغيبغة قال في القاموس: والبغيبغ لمصغره.. وبها ضيعة بالمدينة أو عين غزيرة كثيرة النخل لآل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وراجع معجم البلدان 1: 469 ووفاء الوفاء 4: 1150. 16 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحصين بن مشمت: قال ابن حجر: " حصين بن مشمت (بضم أوله وسكون المعجمة وكسر الميم بعدها مثناة) بن شداد... روى البخاري في تأريخه وابن أبي عاصم والحسن بن سفيان وابن شاهين والطبراني... أن حصينا حدثه أنه وفد إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبايعه بيعة الإسلام وصدق إليه صدقة ماله، وأقطعه النبي (صلى الله عليه وسلم) وشرط عليه أن لا يمنع ماءه ولا يمنع فضله " (2). وقال ابن الأثير: " وأقطعه مياها عدة منها: جراد والأصيهب والثماد والمروت، وشرط عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) فيما أقطعه إياه لا يعقر مرعاه ولا يباع ماؤه ولا يمنع فضله ولا يعضد شجره ".
(1) وفاء الوفاء 4: 1334 والاصابة 3: 294 في ترجمة " كسد " بالمهملتين وتاريخ المدينة لابن شبه 1: 219 وابن أبي الحديد 14: 85. (2) راجع الاصابة 1: 338 / 1743 و: 554 / 2829 في ترجمة زهير بن عاصم واسد الغابة 2: 27 وكنز العمال 10: 413 وفي ط 5: 325 ومعجم البلدان 2: 83 في " ثماد " و 117 في " جراذ " أو " جراد " و 213 في " الأصيهب " و 3: 202 في " سدير " والاستيعاب بهامش الإصابة 1: 334 والسنن الكبرى 6: 144 والنهاية لابن الأثير في " عقر " ومجمع الزوائد 6: 8 والكفاية للخطيب: 183 و 184 والمعجم الكبير للطبراني 4: 34 والوثائق السياسية: 261 / 149 (عن الأماكن للحازمي خطية ورقة 179 وابني عبد البر والأثير) وراجع الفائق 3: 12 في " عقر " ولسان العرب في " عقر " و " عنن ".
[334]
وزاد ياقوت: السديرة. وقال البيهقي بعد نقل الإقطاع: إلا أن شيخنا لم يضبط أسامي تلك المواضع وذكر في كنز العمال ذلك لحصين بن عوف وسيأتي. 17 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني رفاعة: قال البيهقي: "... حدثني سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني عن أبيه عن جده أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نزل في موضع المسجد تحت دومة، فأقام ثلاثا ثم خرج إلى تبوك وإن جهينة لحقوه بالرحبة،، فقال لهم: من أهل ذي المروة فقالوا: بنو رفاعة من جهينة فقال: قد أقطعتها لبني رفاعة فاقتسموها، فمنهم من باع ومنهم من أمسك فعمل " (1). وقال السمهودي: " قال المجد هي (أي: ذي المروة) قرية بوادي القرى وهو مأخوذ من قول ياقوت: ذو المروة قرية بوادي القرى على ليلة من أعمال المدينة... وفي رواية أنه نزل بذي المروة - يعني النبي (صلى الله عليه وسلم) - فاجتمعت إليه جهينة من السهل والجبل يشكون إليه نزول الناس بهم وقهر الناس لهم عند المياه، فدعا أقواما فأقطعهم وأشهد بعضهم على بعض بأني قد أقطعتهم وأمرت أن لا يضاموا ". أقول: يستفاد من قوله: " فأقطعهم وأشهد بعضهم على بعض " تعدد الإقطاع لأشخاص منهم وتعدد الكتب طبعا. 18 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبيض بن حمال: نقل أبو عبيد عن أبيض بن حمال المازني: " أنه استقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الملح
(1) السنن الكبرى 6: 149 ووفاء الوفاء 4: 1305 و 1306.
[335]
الذي بمأرب فقطعه له، قال: فلما ولى قيل يا رسول الله أتدري ما قطعت له ؟ إنما أقطعته الماء العد فرجعه منه... فقطع له النبي (صلى الله عليه وسلم) أرضا وعبلا بالجرف جرف موات حين أقاله " (1). ذكره العلامة (رحمه الله) لحنان بن الأبيض المازني، ولم أجده في أسد الغابة والإصابة - يعني حنان بن الأبيض -. وقال الشيخ الطوسي (رحمه الله): " وطعن في هذا الخبر بأن هذا يؤدي إلى تخطئة النبي (صلى الله عليه وآله) في الإقطاع " وأجيب عنه بأنه ما أقطع وإنما أراد ولم يفعل، فنقل الراوي الفعل، ولأنه أقطع على ظاهر الحال، فلما انكشف رجع. أقول: بعض النصوص موافق لما ذكره الشيخ (رحمه الله) بأنه أراد ولم يفعل. وقال العلامة في التذكرة: " استدل العامة بهذا الحديث على عدم جواز إقطاع المعادن الظاهرة. وردهم العلامة (رحمه الله) وقال في التذكرة في المطلب الثاني من كتاب إحياء الموات بعد نقل هذا الحديث: وهذه الروايات لا تجئ على مذهبنا، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) معصوم من الخطأ... ويحتمل عندي جواز أن يقطع السلطان المعادن الظاهرة إذا لم يتضرر بها المسلمون ".
(1) راجع الأموال لأبي عبيد: 390 / 683 و: 398 وسنن الدارمي 2: 268 وفتوح البلدان: 99 ومعجم البلدان 4: 376 و 5: 34 والخراج للقرشي: 107 والنهاية لابن الأثير في قطع والدارقطني 4: 221 ونيل الأوطار 6: 54 والسنن الكبرى 6: 149 والمبسوط 3: 274 والتذكرة 2: 403 وأسد الغابة 1: 45 و 46 والاصابة 1: 17 / 19 (عن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان) والاستيعاب بهامش الاصابة 1: 114 وكنز العمال 3: 526 و 527 (عن جمع منهم الدارمي وأبي يعلى والدارقطني والحاكم وابن أبي عاصم والباوردي وابن قانع وأبي نعيم والبغوي) وابن أبي شيبة 12: 356 / 13079 والترمذي 3: 664 وغريب الحديث لأبي عبيد 2: 121 وابن ماجة 2: 827 والمعجم الكبير 1: 253 و 254 بأسانيد والأموال لابن زنجويه 2: 618 وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 278 و 395 والوثائق في مقدمة الطبعة الثالثة وراجع الفائق 1: 292 و 2: 400 وفي كنز العمال 15: 323 / 909 ذكره لحصين بن عوف الخثعمي وراجع لسان العرب في " عدد " وقطع وحما.
[336]
وعلى كل حال الإشكال وارد عليهم كما ذكره الشيخ والعلامة رحمة الله عليهما. 19 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لفرات بن حيان: قال أبو عبيد: " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقطع فرات بن حيان العجلي أرضا باليمامة " (1). قال ابن الأثير بعد ذكر إسلامه: " وكرم على النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أنه أقطعه أرضا باليمامة تغل أربعة آلاف " - وزاد ابن حجر - مائتين. نقل في الوثائق بعد ذكر ما تقدم: " أيضا أقطعه بعد ذلك أرضا بالبحرين ". 20 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لرجال بن عنفوة: ذكره أبو عبيد اختصارا (2). قال أبو عبيد: " وأما إقطاعه فرات بن حيان العجلي... قدم وفد بني حنيفة عليه (صلى الله عليه وسلم) منهم مجاعة بن مرارة والرجال بن عنفوة ومحكم بن الطفيل (3)... وهؤلاء أشراف اليمامة، فأقطعهم من موات أرضهم بعد أن أسلموا يتألفهم بذلك... " (4).
(1) الأموال لأبي عبيد:: 387 و 388 و 395 و 397 والأموال لابن زنجويه 2: 616 واسد الغابة 4: 175 و 1: 51 والاصابة 3: 201 / 6964 و 1: 21 / 35 في ترجمة اثال بن النعمان الحنفي والوثائق في مقدمة الطبعة الثالثة (عن الأموال ومعجم الصحابة لابن قانع خطية كوبرولو باسطنبول: ورقة 141 - الف). (2) الأموال: 397. (3) المصدر: 395. (4) المصدر: 397.
[337]
21 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمحكم بن الطفيل: أشار إليه أبو عبيد كما مر. 22 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن سلمة: قال ياقوت: " قال أبو عبيدة: كان عمرو بن سلمة بن سكن... بن كلاب قد أسلم وحسن إسلامه ووفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) فاستقطعه حمى بين الشقراء والسعدية وهو ماء هناك، فالسعدية لعمرو بن سلمة والشقراء لبني قتادة بن السكن، وهي رحبة طولها تسعة أميال في ستة أميال فأقطعه إياها، فحماها زمانا ثم هلك عمرو بن سلمة، وقام بعده ابنه حجر... " (1). وفي الوثائق عن المحكم لابن سيده: " عمرو بن سعد لما وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استقطعه ما بين السعدية والشقراء، وهما ماءان والشقراء ماء لبني قتادة بن سكن ". 23 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعبد الرحمن بن عوف: قال البلاذري: " أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أرض بني النضير أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف وأبا دجانة سماك بن خرشة الساعدي " (2). قال البيهقي: " إن عبد الرحمن بن عوف (رض) قال: أقطعني رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... فقبل عثمان منه هذا القول ".
(1) المعجم 3: 354 والاصابة 2: 541 / 5856 ونيل الأوطار 6: 57 والوثائق في مقدمة الطبعة الثالثة: 14. (2) فتوح البلدان: 27 والسنن الكبرى 10: 124 وراجع اصول مالكيت 2: 111 لأنا ذكرنا المصادر هناك ومسند أحمد 1: 192 والطبقات 2 / ق 1 / 41 ومعجم البلدان 5: 290 والحلبية 2: 284.
[338]
قال أحمد: " إن عبد الرحمن بن عوف قال: أقطعني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعمر بن الخطاب أرضا كذا وكذا... فقال عثمان: إن عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه ". قال ابن سعد: " فيمن أقطعه من أموال بني النضير: وعبد الرحمن بن عوف " سوالة ". قال عبد الرحمن بن عوف: " قطع لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرضا بالشام يقال لها سليل فتوفي النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يكتب لي وإنما قال: إذا فتح الله علينا الشام فهي لك " (1). 24 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعداء بن خالد: قال ابن حجر: " العداء (بوزن العطاء) بن خالد بن هوذة بن خالد... العامري، أسلم العداء بعد حنين مع أبيه وأخيه حرملة... وكان وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقطعه مياها كانت لبني عامر يقال لها الوخيم بخائين معجمتين مصغرا وكان ينزل بها " (2). وسيأتي كتابه (صلى الله عليه وآله) له أيضا في الإقطاع في الفصل المعد لذلك. وفي رسالات نبوية: " أخرج محمد بن سعد في الطبقات في ترجمة العداء.. حدثنا عبد المجيد بن أبي يزيد قال: لما كان زمن يزيد بن المهلب خرجت أنا وحجر بن أبي النضر إلى مكة، فمررنا بماء كان يقال له الزخيخ فقالوا لنا: ههنا رجل قد رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأتينا شيخا كبيرا قلنا: أرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال: نعم وكتب لي بهذا الماء، فأخرج لنا جلدة فيها كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ".
(1) الطبقات 3 / ق 1: 89 وراجع الوثائق المقدمة الثالثة: 15. (2) الاصابة 2: 466 / 5467 وراجع رسالات نبوية: 27.
[339]
25 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحصين بن عوف الخثعمي: نقل المتقي الهندي عن الطبراني قال: " وفد الحصين إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبايعه بيعة الإسلام وصدق إليه صدقة ماله، وأقطعه النبي (صلى الله عليه وسلم) مياها عدة بالمروت واسناد اجراد منها أصهب ومنها الماعرة ومنها أهوى ومنها المهاد ومنها السديرة، وشرط النبي (صلى الله عليه وسلم) على حصين بن مشمت فيما قطع له: أن لا يقطع مرعاه ولا يباع ماؤه، وشرط النبي (صلى الله عليه وسلم) على حصين بن مشمت: أن لا يبيع ماءه ولا يمنع فضله " (1). أقول: ليس في ترجمة حصين بن عوف في الإصابة ولا في أسد الغابة ذكرالإقطاع له، وإنما ذكراه في حصين بن مشمت كما تقدم سابقا بالرقم 16 ومن العجب أن المتقي الهندي ذكر في تفصيل موضوع الكتاب أنه شرط لحصين بن مشمت وعليه كذا وكذا، فلعل ذكر عوف في اسم أبيه سهو أو أن مشمت لقب عوف. كما أن المتقي ذكر في كنز العمال 15: 323: حصين بن عوف الخثعمي وفد إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاستقطعه الملح الذي بمأرب إلى آخر ما تقدم في أبيض بن حمال. 26 - كتابه (صلى الله عليه وآله) ليزيد بن مالك: قال ابن سعد: " قالوا: وفد أبو سبرة وهو يزيد بن مالك... بن مران الجعفي على النبي (صلى الله عليه وسلم) ومعه ابناه: سبرة وعزيز، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعزيز: ما اسمك ؟ قال: عزيز، قال: لا عزيز إلا الله، أنت عبد الرحمن فأسلموا، وقال له أبو سبرة... يا رسول الله أقطعني وادي قومي باليمن وكان يقال له حردان ففعل " (2).
(1) كنز العمال 7: 27 وفي ط 10: 413 و 414 و 15: 323. (2) الطبقات 1 / ق 2: 62 و 63.
[340]
27 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لاناس: قال أبو يوسف في الخراج: " حدثني ابن نحبح عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقطع لاناس من مزينة أو جهينة فلم يعمروها، فجاء قوم فعمروها، فخاصمهم الجهنيون أو المزنيون إلى عمر بن الخطاب (رض) فقال: لو كانت مني أو من أبي بكر لرددتها ولكنها قطيعة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قال... " (1). 28 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر: قال أبو يوسف: " لما قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطع أبا بكر وأقطع عمر (رض) " (2). وقال البلاذري: " وأقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أرض بني النضير أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف وأبا دجانة سماك ابن خرشة الساعدي (3). وقال ابن سعد: " إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطع أبا بكر وربيعة الأسلمي أرضا فيها نخلة مائلة أصلها في أرض ربيعة وفرعها في أرض أبي بكر... " وقال: " فكان ممن أعطى ممن سمي لنا من المهاجرين أبو بكر الصديق بئر حجر ". أقول: الذي أظن أن الأول هو إقطاع الدار، والثاني والثالث إقطاع أرض للزراعة أو الغرس، فعلى هذا تكون ثلاثة إقطاعات.
(1) المصدر: 66 والخراج للقرشي: 87 والأموال لأبي عبيد: 406 و 407. (2) الخراج: 67 والفتوح: 27 والطبقات 4 / ق 2: 44 والوثائق في المقدمة الثالثة عن الخراج. (3) راجع الفتوح: 27 والسيرة الحلبية 2: 284 والمغازي للواقدي 1: 379 والطبقات 4 / ق 2: 44 و 2 / ق 1: 41 وتاريخ الخميس 1: 462 وهذه الأرض تسمى " بئر حجر " وراجع اصول مالكيت 2: 111 والوثائق المقدمة الثالثة / 12 والبداية والنهاية 5: 335 والتراتيب الادارية 1: 47 ومعجم البلدان 5: 290 وابن أبي شيبة 12: 354.
[341]
29 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعمر بن الخطاب: أقطع لعمر كما مر الخراج ولم يذكر الأرض المقطوعة، ولعلها من أموال بني النضير (1). كما ذكرناه في " أصول مالكيت " 2: 111 أو من أموال خيبر ؟ ؟ ؟ ذكرنا أيضا في أصول مالكيت 2: 89 ونقلناهما عن مصادر جمة، كما أنه يحتمل أن يكون المراد إقطاع الدار، وقد تقدم في عبد الرحمن بن عوف أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أقطع له ولعمر، واشترى الزبير من آل عمر أرضهم... وقال ابن سعد فيمن أقطع لهم من أموال بني النضير: " وعمر بن الخطاب بئر جرم ". دجانة كثمامة سماك بن خرشة (القاموس). 30 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي دجانة: أقطع (صلى الله عليه وآله) لأبي دجانة " سماك بن خرشة " من أموال بني النضير (2). 31 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لسهل بن حنيف: أقطع (صلى الله عليه وآله) له أيضا مع أبي دجانة من أموال بني النضير أرضا يقال لها " مال ابن خرشة " (3).
(1) كانت هذه الأرض تسمى " جرم " وراجع الوثائق المقدمة الثالثة / 12 وراجع الطبقات 2 / ق 1: 41 وابن أبي شيبة 12: 354. (2) ذكرنا مصادره في أصول مالكيت 2: 112 وراجع معجم البلدان 5: 290 وراجع الفتوح للبلاذري: 27. (3) ذكرنا مصادره في اصول مالكيت 2: 112 وراجع الطبقات 2 / ق 1: 42 ومعجم البلدان 5: 290.
[342]
32 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحارث بن صمة: أقطع (صلى الله عليه وآله) له من أموال بني النضير (1). 33 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي سلمة: أقطع (صلى الله عليه وآله) من أموال بني النضير لأبي سلمة بن عبد الأسد (2). 34 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لصهيب بن سنان: أقطع (صلى الله عليه وآله) لصهيب بن سنان من أموال بني النضير (3) " الضراطة ". أقطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أموال بني النضير بين المهاجرين غير هؤلاء ولم يعط الأنصار شيئا إلا أبا دجانة وسهلا وأبا سلمة والحارث بن صمة وصهيبا من الروم كما ذكرناه في اصول مالكيت. 35 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي رافع: قال أبو يوسف: " وحدثنا أشعث بن سوار... عن أبي رافع قال: أعطاهم النبي أرضا فعجزوا عن عمارتها، فباعوها في زمن عمر بن الخطاب (رض) بثمانية آلاف دينار أو بثمانمائة ألف درهم فوضعوا أموالهم عند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)... " (4).
(1) تفسير الإمام الرازي 29: 285 والسيرة الحلبية 2: 283 والروض الانف 3: 250 وبهجة المحافل 1: 216 وتاريخ الخميس 1: 462. (2) راجع السيرة الحلبية 2: 284 والمغازي للواقدي 1: 380 والطبقات 2 / ق 1: 42 ووفاء الوفاء 4: 1157 وتاريخ الخميس 1: 463 والاصابة 4: 284 / 336. (3) السيرة الحلبية 2: 284 والمغازي للواقدي 1: 379 والطبقات 2 / ق 1: 41 وتاريخ الخميس 1: 463. (4) الخراج: 67 والوثائق في المقدمة الثالثة عن الأموال لأبي عبيد.
[343]
36 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحمزة بن النعمان [جمرة ذر]: قال البلاذري: " أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حمزة بن النعمان بن هوذة العذري رمية سوطه من وادي القرى، وكان سيد بني عذرة، وهو أول أهل الحجاز قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) بصدقة بني عذرة " (1). قال ابن سعد: " جمرة بن النعمان بن هوذة... وكان سيد عذرة وهو أول أهل الحجاز قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) بصدقة بني عذرة فأقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رمية سوطه وحضر فرسه من وادي القرى... ". ذكره ابن حجر في حرف الجيم كابن الأثير كما في الطبقات، وفي تبصير المنتبه: 455 جمرة بن النعمان بن هوذة العذري له وفادة. 37 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لشريس بن ضمرة: قال ياقوت: " وفي حديث شريس بن ضمرة المزني لما حمل صدقته إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ويقال: هو أول من حمل صدقته قال له: ما اسمك ؟ قال: شريس، فقال له: بل شريح وقال: يا رسول الله أقطعني ماء يقال له: ثبير فقال: قد أقطعتكه " (2). ذكر ترجمته أبو عمر وابنا الأثير وحجر ولم يذكروا الإقطاع. 38 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لرجل: عن عمرو بن شعيب: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قطع لرجل قطيعا، فأغفله فأخذه
(1) الفتوح: 48 وفي ط: 41 والطبقات الكبرى 4 / ق 2: 74 والاصابة 1: 243 واسد الغابة 1: 294 و 2: 52 في ترجمة " حمزة " بالحاء المهملة والوثائق المقدمة الثالثة: 16. (2) معجم البلدان 2: 74 والوثائق في مقدمة الطبعة الثالثة عن الأماكن للحازمي خطية فصل 158 وراجع النهاية 1: 207 في " ثبر " وكذا في اللسان 4: 100.
[344]
رجل فعمله وعمره، فلما كان عمر بن الخطاب طلب الرجل قطيعه فقال عمر: ألم تعلم أنه كان يعمله ويعمره أكان عبدا لك ؟ قال الآخر: قطعه لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال عمر: والله لولا أنه قطيع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما أعطيتك شيئا... " (1). 39 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لمحمد بن مسلمة: قال ابن سعد في ذكر قتل عامر بن الأكوع: " فحمل إلى الرجيع فقبر مع محمود بن مسلمة في قبر في غار فقال محمد بن مسلمة: يا رسول الله أقطع لي عند قبرأخي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لك حضر الفرس، فإن عملت فلك حضرفرسين... " (2). 40 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لضمرة بن ربيعة: قال ابن حجر: " ضمرة بن ربيعة السلمي، وقيل: ابن سعد وهو الأشهر وقيل ضميرة بالتصغير... وفي المغازي لابن إسحاق عن ضمرة بن سعد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطعه السوارقية بداية هجرته الدار التي يقال لها دار ضمرة " (3). 41 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لابني هوذة: عرس وعروة: قال ابن حجر في ترجمة عرس - بضم أوله وسكون الراء بعدها مهملة - بن عامر بن ربيعة بن هوذة: "... عن ابني هوذة: العرس وعروة بني عمرو بن عامر البكائي أنهما وفدا على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقطعهما مسكنهما " (4).
(1) كنز العمال 3: 522 كتاب الإحياء عن مسند عبد الرزاق والأموال لأبي عبيد: 407. (2) الطبقات 4 / ق 2: 37 والمغازي للواقدي 2: 658. (3) الاصابة 2: 212 / 4186. (4) الاصابة 2: 474 / 5503 والوثائق في المقدمة الثالثة عن معجم الصحابة لابن قانع ورقة 119 - الف =
[345]
42 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لضبيان بن كرادة: قال أبو عمر: " ظبيان بن كرادة الأيادي ويقال الثقفي، قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسلم... فأقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قطعة من بلاده " (1). 43 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لميمون: قال ابن حجر: " ميمون غير منسوب ذكره أبو نعيم وأخرج من طريق أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن ميمون قال: استقطعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرضا بالشام قبل أن تفتح فأعطانيها ففتحها عمر.. " (2). 44 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لهلال بن عامر بن صعصعة: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " جاء هلال إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعشور النخل، وسأله أن يحمي له واديا يقال له: سلبة فحماه له " (3). ولم يرو نص الكتاب. 45 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن سعد: لما وفد (أي: عمرو بن سعد) على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استقطعه ما بين السعدية
= وأيضا ورقة 139 - ب قال: وأيضا راجع أسد الغابة في عرس 3: 400 وعمرو بن عامر بن ربيعة بن هوذة 4: 118. (1) الاستيعاب 2: 242 هامش الاصابة. (2) الاصابة 3: 471 / 8287. (3) الوثائق: 276 / 237 عن المحلى لابن حزم 5: 231 عن أبي داود 2: 22 والنسائي 5: 46 وقال: سلبة واد لبني متعان، وأبي عبيد / 1488 وراجع الاشتقاق لابن دريد: 293.
[346]
والشقراء، وهما ماءان، والشقراء ماء لبني قتادة بن السكن (1). وقد تقدم في عمرو بن سلمة بالرقم 23. 46 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لنضلة بن عمرو: قال ابن الأثير: " نضلة بن عمرو الغفاري وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأقطعه أرضا بالصفراء، وكان يسكن الحجاز بناحية العرج... " (2). 47 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعيينة: عن طاووس: " قطع النبي (صلى الله عليه وسلم) لعيينة بن حصن أرضا، فلما ارتد عن الإسلام بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) قبض منه، فلما جاء فأسلم كتب له كتابا (يعني أبا بكر) فدفعه عيينة إلى عمر فشقه الحديث " (3). 48 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لرجل: أخرج الحافظ عن عامر (يعني عامر بن ربيعة): " أنه نزل به رجل من العرب فأكرم مثواه وكلم فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجاءه الرجل فقال: إني أقطعت (4) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واديا ما في العرب واد أفضل منه، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك... " (5).
(1) الوثائق في المقدمة الثالثة / 4 عن المحكم لابن سيدة مادة " قشر ". (2) اسد الغابة 5: 30 والوثائق المقدمة الثالثة عن معجم الصحابة لابن قانع ورقة 195 - الف. (3) كنز العمال 1: 282. (4) كذا في الأصل، والمراد استقطعت. (5) تهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 139 و 140 وحياة الصحابة 2: 235 عن أبي نعيم في الحلية 1: 179 والكامل لابن عدي 4: 1584.
[347]
49 - كتابه (صلى الله عليه وآله) للقيط بن عامر: قال ابن سعد: " قال: ووفد عليه أيضا لقيط بن عامر بن المنتفق بن عامر بن عقيل وهو أبو رزين، فأعطاه ماء يقال له: النظيم وبايعه على قومه " (1). قال ابن الأثير: " وقال أبو عمر: لقيط بن عامر العقيلي... ويقال له: لقيط بن صبرة نسبة إلى جده وهو لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق... وهو وافد بني المنتفق... وله حديث ذكره الزمخشري في الفائق في هضب ". 50 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لأبي حرب: قال ابن سعد: " قال: وقدم عليه أبو حرب بن خويلد بن عامر بن عقيل... ثم رجع إلى أخيه عقال بن خويلد فقال له: قل خيسك هل لك في محمد بن عبد الله يدعو إلى دين الإسلام ويقرأ القرآن وقد أعطاني العقيق إن أنا أسلمت... " (2). ولكنه لم يذكر إسلامه وإنما ذكر إسلام أخيه عقال، ولكن ابن حجر نقل عن الكلبي إسلامه راجع الإصابة 4: 43 / 266. 51 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعظيم بن الحارث المحاربي: أقطعه " فخ " ماء كذا نقله محمد حميد الله في مقدمة الطبعة الثالثة للوثائق: 15 عن الأماكن للحازمي، وذكره ياقوت في معجم البلدان 4: 238 وابن الأثير في
(1) الطبقات 1 / ق 2: 47. وراجع اسد الغابة 4: 266 و 267 والاصابة 3: 329 و 330 / 7554 و 7555 والاستيعاب بهامش الاصابة 3: 324 ذكروا لقيط بن عامر ولقيط بن صبر ولم يذكروا الإقطاع. (2) الطبقات 1 / ق 2: 46. قل خيسك أي: قل ذلك وهونك.
[348]
النهاية ولسان العرب في " فخخ " ولم يذكر عظيم بن الحارث في الاصابة والاستيعاب وأسد الغابة، نعم ذكر ابن حجر في " عصيم " أنه روي عظيم بالظاء. 52 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لقرط بن ربيعة الدماري: قال محمد بن حميد الله في الوثائق السياسية: 16 المقدمة الثالثة: " قرط بن ربيعة الدماري وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأقطعه أرضا بحضرموت " وذكره ابن الأثير في أسد الغابة 4: 202. 53 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لهاجر العريان: هاجر العريان اسمه - الحارث النهمي - شهد بعض أيام النبي (صلى الله عليه وآله) فقاتل في أزار بقوس وقرن، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) من هذا العريان، فسمى العريان وله طعمة بجوف المحورة، ودخل معه في الطعمة النجدات جوف المحورة بستان في الجوف وكان لمراد. (راجع الوثائق السياسية: 16 المقدمة الثالثة عن الأكوع الحوالي: 136 وقال: وراجع الإكليل للهمداني: 10). 54 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لعسير العذري: أخرج الطبراني في المعجم الكبير 18: 87: " استقطع عسير العذري رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرضا بوادي القرى ". أقول: يحتمل اتحاده مع " عس العذري " أو " عتير العذري " كما تقدم.
[349]
55 - كتابه (صلى الله عليه وآله) لحريث بن حسان: نقل الهيثمي في مجمع الزوائد 6: 11 قصة طويلة في وفود قيلة بنت مخرمة مع حريث بن حسان الشيباني وافد بكر بن وائل، وأنه تقدم فأسلم وبايعه على الإسلام وعلى قومه ثم قال: اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء لا يجاوزها إلينا منهم إلا مسافر أو مجاور، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): اكتب له بالدهناء يا غلام فقالت قيلة: يا رسول الله إنه لم يسلك السوية من الأمر إذ سلك، إنما هذه الدهناء عند مقيل الجمل ومرعى الغنم ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك فقال: امسك يا غلام صدقت المسكينة. أقول: راجع أيضا الفصل الثاني عشر في شرح كتابه (صلى الله عليه وآله) لقيلة.
[350]
القسم الثالث: في إقطاع الدور من الأعمال الهامة التي اهتم بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمل بها مذ نزل بالمدينة المنورة امور: الأول: إسكان المهاجرين الذين هاجروا من مكة المكرمة أو أوطانهم وتركوا الدار والعيال... إلى المدينة المنورة مؤقتا في دور الأنصار في دار كل من الأنصار فرد من المهاجرين أو فردين أو أفرادا فسكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في دار أبي أيوب و... وبذلك العمل فسر بعض إقطاع الدور وإن كان غير صحيح. الثاني: بناء مسجد قبا ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله). الثالث: تأمين المساكن والدور الملكية لكل واحد من المهاجرين بإقطاع الأراضي الموات في داخل البلد وأطرافها لبناء المنازل. قال ياقوت: " كان (صلى الله عليه وسلم) يقطع أصحابه هذه القطائع، فما كان في عفا من الأرض فإنه أقطعهم إياه، وما كان من الخطط المسكونة العامرة، فإن الأنصار وهبوه له، فكان يقطع من ذلك ما شاء، وكان أول من وهب له خططه ومنازله حارثة بن النعمان فوهب له ذلك وأقطعه ".
[351]
وقال البلاذري في الفتوح: 12: " ووهبت الأنصار لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) كل فضل كان في خططها وقالوا: يا نبي الله إن شئت فخذ منازلنا فقال لهم خيرا ". وفي البحار بعد نقله بناءه (صلى الله عليه وآله) المسجد: " وابتنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منازله وخططه ومنازل أصحابه حول المسجد، وخط لأصحابه خططا فبنوا فيه منازلهم، وكل شرع منه بابا إلى المسجد وخط لحمزة وشرع بابه إلى المسجد وخط لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) مثل ما خط لهم ". ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم إقطاع الدور في كتبهم، كما ذكره المؤرخون والمحدثون (1) قال الشيخ (رحمه الله) في المبسوط 3: 274: " أقطع (صلى الله عليه وآله) لأصحابه الدور بالمدينة " (2). وقال الحلبي: " وفي كلام أئمتنا أن بيوته (صلى الله عليه وسلم) كانت مختلفة، وأكثرها كانت بعيدة عن المسجد.... وخط للمهاجرين في كل أرض ليست لأحد وفيما وهبته الأنصار من خططها، وأقام قوم منهم لم يمكنه البناء بقباء عند من نزلوا عليه بها ". قال الحلبي: " وكان ذلك في السنة الاولى من الهجرة ". أقول: ها نحن نذكر هنا إقطاعات الدور على حسب ما عثرنا عليه في المصادر: 1 - خط لجمع حول المسجد كما أشار إليه في البحار. 2 - خط لبني زهرة في ناحية من مؤخرة المسجد وكان لعبد الرحمن بن عوف
(1) راجع التذكرة 2: 411 والسنن الكبرى للبيهقي 6: 145 والشرائع 2: 265 والجواهر 38: 55 ونيل الأوطار 6: 59 والطبقات الكبرى 3 / ق 1: 38 وتاريخ المدينة لابن شبه 1: 242 وترتيب مسند الشافعي 2: 133 والتراتيب الادارية 1: 281 والبحار 19: 112 والسيرة الحلبية 2: 94 ومعجم البلدان 5: 86 ووفاء الوفاء 2: 717 و 718 والأحكام السلطانية 2: 190 وما بعدها. (2) وكذا في الخلاف 3: 522.
[352]
الحش المعروف به، والحش نخل صغار لا يسقى (1). 3 - جعل لعبد الله وعتبة ابني مسعود الهذليين الخظة المشهورة بهم عند المسجد (2). وفي المسالك كتاب الإحياء: " أقطع النبي (صلى الله عليه وآله) عبد الله بن مسعود الدور وهي اسم موضع بالمدينة بين ظهراني عمارة الأنصار ". 4 - أقطع الزبير بن العوام بقيعا واسعا (معجم البلدان 5: 86) (3). والبقيع: الموضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى كما في أقرب الموارد ومجمع البحرين، والأروم أي: الأصول، ولعله هو مراد السمهودي حيث قال: " أقطع له أرضا يحاور منازل بني غنم وشرقي منازل بني رزيق يقال لها: بقيع الزبير (4). قال ابن شبه: ففيه من الدور للزبير: دار عروة بن الزبير وهي التي فيها المجزرة، ثم خلفها في شرقيها دار المنذر بن الزبير إلى زقاق عروة... وفيه دار مصعب بن الزبير... وفيه دار آل عكاشة بن مصعب بن الزبير، وفيه دار آل عبد الله ابن الزبير. فالبقيع كان واسعا جدا حتى بنيت فيه هذه المنازل كلها. 5 - جعل لطلحة موضع دوره (5).
(1) راجع الطبقات 3 / ق 1: 89 و 108 ومعجم البلدان 5: 86 وفيه " الحصن المعروف " بدل الحش ووفاء الوفاء 2: 717 و 718. (2) الطبقات 3 / ق 1: 107 و 108 والمسالك كتاب الإحياء ومعجم البلدان 5: 86 ووفاء الوفاء 2: 718. (3) الطبقات 3 / ق 1: 72. (4) راجع وفاء الوفاء 2: 264 وفي ط: 718 وراجع الطبقات 3 / ق 1: 72 وتاريخ المدينة لابن شبه 1: 229 ومعجم البلدان 5: 86. (5) معجم البلدان 5: 86 ووفاء الوفاء 2: 718.
[353]
6 - جعل لأبي بكر موضع داره عند المسجد (1). 7 - خط لعثمان بن عفان موضع داره اليوم (2). 8 - أقطع لخالد بن الوليد موضع داره " المناء " أقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد خيبر وبعد قدوم خالد بن الوليد وكانت دور الحارثة بن النعمان ورثها من آبائه، فوهبها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأقطع منها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خالد بن الوليد وعمار بن ياسر (3). 9 - نقل البيهقي عن عمرو بن حريث قال: انطلق أبي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا غلام شاب... وخط لي دارا بالمدينة بقوس ثم قال: ألا أزيدك ؟ " (4). 10 - أن العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث لما قدما المدينة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مهاجرين آخى بينهما وأقطعهما جميعا بالمدينة في موضع واحد وفرع بينهما بحائط... وكانت دار نوفل التي أقطعها إياه رسول الله في موضع رحبة الفضاء، وهي تقابل دار الإمارة التي يقال لها اليوم دار مروان. وكانت دار العباس بن عبد المطلب التي أقطعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديدها، وهي التي في دار مروان إلى المسجد. 13 - وأقطع العباس أيضا داره الاخرى التي بالسوق في الموضع الذي يسمى محرزة ابن عباس.
(1) معجم البلدان 5: 86 ووفاء الوفاء 2: 718 و 720. (2) الطبقات 4 / ق 1: 38 و 3 / ق 1 / 38 والتراتيب الادارية 1: 281 ومعجم البلدان 5: 86 ووفاء الوفاء 2: 718. (3) الطبقات 4: 253 وفي ط 4 / ق 2 / 1 ومعجم البلدان 5: 86 ووفاء الوفاء 2: 718 وراجع الوثائق السياسية المقدمة الثالثة: 18. (4) راجع السنن الكبرى 6: 145 ونيل الأوطار: 56 وسنن أبي داود 3: 173 وتاريخ المدينة لابن شبة 1: 246 والكامل لابن عدي 6: 2057 والوثائق السياسية: 16 المقدمة الثالثة.
[354]
14 - وأقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نوفل بن الحارث أيضا داره الاخرى التي بالمدينة على طريق الثنية عند السوق (1). 15 - 18 - أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعبيدة بن الحارث والطفيل وأخويه موضع خطبتهم اليوم بالمدينة بين بقيع الزبير وبين بني مازن (2). 19 - قطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للمقداد في بني حديلة، دعاه إلى تلك الناحية ابي بن كعب (3). 20 - لما أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الدور بالمدينة جعل لأبي سلمة موضع داره عند دار بني عبد العزيز الزهريين اليوم (4). 21 - أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمار بن ياسر موضع داره (5). 22 - أقطع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للشفاء بنت عبد الله... القرشية العدوية دارها عند الحكاكين بالمدينة (6). 23 - أقطع (صلى الله عليه وسلم) لضمرة بن سعد الدار التي يقال لها دار ضمرة (7). 24 - أقطع (صلى الله عليه وآله) لمحمد بن عبد الله بن جحش دارا بسوق الرقيق بالمدينة (8).
(1) الطبقات 4 / ق 1: 12 و 32. (2) الطبقات 4 / ق 1: 35 ومعجم البلدان 5: 86. (3) الطبقات 3 / ق 1: 114 ومعجم البلدان 5: 86 ووفاء الوفاء 2: 718. (4) الطبقات 3 / ق 1: 171. (5) الطبقات 3 / ق 1: 179 و 4: 253. (6) الاصابة 4: 341 / 622 والاستيعاب 4: 340 و 341 هامش الاصابة وأسد الغابة 5: 487 والتراتيب 1: 55. (7) الاصابة 2: 212 / 4186. (8) الاستيعاب هامش الاصابة 3: 337 والاصابة 3: 378 / 7785 وأسد الغابة 4: 323. (
[355]
25 - أخبرني مخبر: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقطعها (أي: دار مطيع) لمطيع (1). 26 - نزل بنو غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر... القطيعة التي قطع لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) وهي ما بين دار كثير بن الصلت التي تعرف بدار الحجارة بالسوق إلى زقاق بن حبين (2). 27 - أقطع لأرقم بن الأرقم دارا بالمدينة (3). 28 - عن ابن مسعود قال: لما قدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة أقطع الدور، وأقطع ابن مسعود فيمن أقطع (المعجم الكبير للطبراني 10: 374 / 10534 والمبسوط 3: 274 والخلاف 3: 527 والجواهر 38: 55 والأم للشافعي 4: 50 والطبقات 3 / ق 1: 107).
(1) تاريخ المدينة لابن شبه 1: 248. (2) تاريخ المدينة لابن شبه 1: 260. (3) الاصابة 1: 28 في ترجمة الأرقم وراجع الوثائق المقدمة الثالثة: 15 راجع معجم البلدان 5: 86 في كلمة " مدينة " ووفاء الوفاء 2: 713 و 717 وفتح الباري 6: 181 وقد أكثر ابن شبه في تاريخ المدينة 1: 229 - 270 من ذكر دور المهاجرين ولم يذكر الإقطاع إلا في قليل منها. (*)
[357]
الفصل التاسع يقع الكلام في هذا الفصل في أمور: الأول: في كتبه (صلى الله عليه وآله) بإملائه (صلى الله عليه وآله) وخط أمير المؤمنين صلوات الله عليه. الثاني: في إيداعه (صلى الله عليه وآله) هذه الكتب عند الأئمة المعصومين من ذريته صلوات الله عليهم. الثالث: في ألفاظ النصوص الواصلة من هذه الكتب. الأمر الأول: يعثر المتتبع الباحث في كتب الإمامية - شيعة أهل البيت (عليهم السلام) - كثيرا على كتب تنسب إليه (صلى الله عليه وآله) وأنها بإملائه (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) يروي عنها أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، كما أنه قد يعثر عليها الباحث في كتب أهل السنة أيضا فيقال: كذا في كتاب علي (عليه السلام) بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام)، أو كذا في كتابه (صلى الله عليه وآله) في قراب سيفه (صلى الله عليه وآله) فيه العقول والفرائض، أو كذا في كتاب الفرائض أو كذا في الجفر، أو كذا في الجامعة، أو كذا في مصحف فاطمة (عليها السلام)، أو كذا في كتاب آداب أمير المؤمنين (عليه السلام)، أو كذا في صحيفة الدولة..... ولأجل ذلك تصفحت كتب الحديث والسيرة والتأريخ والأدب والفقه رجاء الوقوف على هذه الكتب القيمة، وصرفت فيه عمري، واتعبت نفسي طول دهري علما بأن فيها علوم الرسالة وذخائر النبوة والأسرار الإلهية ومفاتيح العلوم
[358]
وجوامع الكلم ومعالم الدين وصلاح الدنيا والآخرة، فعثرت، والحمد لله تعالى على آثار كثيرة دالة على أن الرسول (صلى الله عليه وآله) اهتم بالسنة كما أهتم بالقرآن وحفظها من الضياع والتغيير والتبديل كما حفظ القرآن بإملائها من فلق فيه إلى معصوم أمين يكتبها، ثم إيداعها عند أمناء الدين، وهم عترته المعصومون كما فعل ذلك في القرآن وتفسيره وتأويله، ثم أوصى وأوجب على الأمة الرجوع إليهم في كلامه الخالد: " إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " ووعدهم بحفظهم عن الضلال بذلك في قوله الخالد: " ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا ". فجمعت ما في هذه المصادر من الأدلة لإثبات وجودها عندهم، وجمعت النصوص المنقولة عن هذه الكتب، فنظمتها ورتبتها رجاء أن تفيد المحققين الباحثين في السيرة النبوية والعلوم الإلهية والمعارف الحقة والحقائق الدينية، وتكون ذخرا لي ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. والذي تحصل لي بعد التتبع والتدبر والفحص وإمعان النظر في الحديث والأثر أن الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) جعل للقرآن ديوانين: ديوانا خاصا يعني لكتابة كلام الله تعالى بإملائه (صلى الله عليه وآله) إلى معصوم وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) وكتب هو بخطه الشريف وكتب تفسيره وتنزيله وتأويله، وجعل ديوانا عاما يعني كان يملي علي كتاب الوحي فيكتبون، وكذلك جعل لكتابة السنة أيضا ديوانين: ديوانا خاصا يعني يملي ما أنزل إليه من ربه غير القرآن إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيكتبه كما يأتي، وفي الحقيقة حفظ السنة من الضياع كما قلنا، وديوانا عاما يعني يجلس في المسجد والناس حوله يكتبون ما يشاهدون وما يسمعون على قدر فهمهم ووعيهم، وعين لهم مرجعا يرجعون إليه فيما جهلوا أو أختلفوا. فالكلام في هذا الأمر يتم بالبحث والتحقيق في مواقف: 1 - في الأدلة الدالة على جواز الكتابة (كتابة الحديث) بل وجوبها.
[359]
2 - في ذكر من اتبع أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) وكتب السنة. 3 - في منع الخليفتين عن كتابة الحديث ونقله ونشره. 4 - في علل المنع المنصوصة عنهما المنحوتة المنسوبة إليهما والحقيقة المكتومة. 5 - في تدوين الحديث بأمر الخليفة الأموي. فهنا مواقف: الموقف الأول: في بيان الأدلة الدالة على أفضلية كتابة الحديث بل وجوبها: لقد أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتقييد العلم بالكتابة، والأمر للوجوب أو للإرشاد إلى ما يحكم به ضرورة العقل السليم: 1 - روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص: " قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قيدوا العلم، قلت: يارسول الله وما تقييده ؟ قال: الكتاب " (1). 2 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قيدوا العلم بالكتاب " (2).
(1) راجع تقييد العلم: 69 والمستدرك للحاكم 1: 106 والبحار 2: 152: 151 عن منية المريد: " قيدوا العلم قيل: وما تقييده ؟ قال: كتابته " ومجمع الزوائد 1: 152 " قيد العلم قلت وما تقييده ؟ قال: الكتابة " وراجع تدوين الحديث: 90 عن المستدرك وجامع بيان العلم 1: 88 ومستدرك الوسائل 9: 26 والمطالب العالية 3: 3015 110 وفي الصحيح من السيرة 1: 48 - 50 ذكر مصادر كثيرة في أنه (صلى الله عليه وآله) حث على كتابة ورواية ما يصدر عنه من علوم ومعارف، وان الصحابة الكرام رضي الله عنهم امتثلوا أمره. وراجع الجامع لأخلاق الراوي 1: 350. (2) تقييد العلم: 69 وتدوين السنة: 89 (عن تقييد العلم وعن المحدث الفاصل: 365 / 318 ومحاسن الاصطلاح: 298 و 299 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18: 246 وفيه: عبد الله بن عمر وتحف العقول: 36) وصحائف الصحابة: 31 وجامع بيان العلم 1: 88.
[360]
3 - عن أنس بن مالك قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قيدوا العلم بالكتاب " (1). وقد ورد في بعض النصوص بالكتابة بدل بالكتاب، والمعنى واضح. ونقل في بعض النصوص عن عمر بن الخطاب أنه قال: " قيدوا العلم بالكتاب " كما في جامع بيان العلم 1: 86، وتقييد العلم: 88 بأسانيد، والسنة قبل التدوين: 316 وتدوين السنة: 208 (عن المحدث الفاصل: 377 / 357 والمستدرك للحاكم 1: 106 ومحاسن الاصطلاح: 296 وجامع بيان العلم والتقييد) وابن أبي شيبة 9: 49 وكنز العمال 10: 92 وسنن الدارمي 1: 127. وعن عبد الله بن عمر: " قيدوا العلم بالكتاب " كما في سنن الدارمي 1: 128 وعن أنس بن مالك أنه قال لبنيه: " قيدوا العلم بالكتاب " كما في جامع بيان العلم 1: 87 وتقييد العلم: 96 و 97 والطبقات الكبرى 7 / ق 1: 14 والسنة قبل التدوين: 320 ومجمع الزوائد 1: 152 وراجع تدريب الراوي 2: 66 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 29 و 34 والمعجم الكبير للطبراني 1: 218 وتدوين السنة: 90 (عن التقييد وعن المحدث الفاصل: 368 / 327 ومحاسن الإصطلاح: 299 وأدب الدنيا
(1) تقييد العلم: 70 وراجع جامع بيان العلم 1: 86 والسنة قبل التدوين: 304 وتاريخ اصبهان لأبي نعيم 2: 228 وقال الجاحظ في البيان والتبيين 2: 24: " ومن حديث أنس بن مالك أن رسول (صلى الله عليه وسلم) قال: قيدوا العلم بالكتاب " ورواه في مروج الذهب (مرسلا من دون ذكر الراوي) 2: 294 " قيدوا العلم بالكتابة " وقال: " وجميع ما يذكر في هذا الباب مستفيضا في السير والأخبار متعارف عند العلماء " وكذا في العقد الفريد 2: 419 واعلام الدين للديلمي: 82 وتحف العقول: 31 والكامل لابن عدي 2: 792 وتدريب الراوي 2: 66 ومعادن الجواهر 1: 9 ومسند شهاب 1: 370 ونثر الدر للوزير الآبي 1: 153 والبحار 77: 141 عن التحف و 61: 124 عن المطالب العالية للرازي وتدوين السنة: 90 (عن التقييد وعن المحدث الفاصل: 368 / 327 ومحاسن الاصطلاح: 299 وأدب الدنيا والدين: 66) وبحوث في السنة: 219 والتراتيب الإدارية 2: 247 عن مشكل الحديث لابن قتيبة وكنز العمال 10: 147 (عن الحكيم الترمذي، وسمويه عن أنس، والطبراني والحاكم عن ابن عمر) وتأريخ بغداد 10: 46 وتفسير ابن كثير 7: 326 وتاريخ اصبهان 2: 228 والمستدرك للحاكم 1: 106 والجامع لأخلاق الراوي 1: 351.
[361]
والدين: 66) وكنز العمال 10: 249 / 29332 وسنن الدارمي 1: 127 والمستدرك للحاكم 1: 106 والتراتيب الإدارية 2: 244 و 248. ونقل: عن ابن عباس: " قيدوا العلم، وتقييده كتابه " و " خير ما قيد به العلم الكتاب " و " قيدوا العلم بالكتاب " كما في تقييد العلم: 92 وتدوين السنة: 90 عن الكامل لابن عدي 2: 792 وجامع بيان العلم 1: 86 والسنة قبل التدوين: 319. وعن علي (عليه السلام): " قيدوا العلم قيدوا العلم " مرتين كما في تقييد العلم: 89 والثاقب في المناقب لابن حمزة: 278 والصحيح من السيرة 1: 53. ويحتمل أن يكون ذلك كله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نقله كل هؤلاء بحذف النسبة لفظا ونقل عنه (عليه السلام) أيضا: " قيدوا العلم بالكتاب " (الصحيح من السيرة 1: 51). 4 - قوله عليه الصلاة والسلام " العلم صيد والكتابة قيد، قيدوا قيدوا رحمكم الله تعالى علومكم بالكتابة " (1). 5 - عن علي (عليه السلام): " ضالة المسلم العلم، كلما قيد حديثا طلب إليه آخر " (2). 6 - عن حذيفة: " اكتبوا العلم قبل ذهاب العلماء وإنما ذهب العلم بموت العلماء " (3). 7 - " من كتب عني أربعين حديثا رجاء أن يغفر الله له غفر له وأعطاه ثواب الشهداء " (4).
(1) كشف الظنون 1: 34 تكلم في حكمة الكتابة والتدوين فقال: " وكان ذلك مصلحة عظيمة وفكرة في الصواب مستقيمة، فرأوا ذلك مستحبا، بل واجبا لقضية الإيجاب المذكور مع قوله عليه الصلاة والسلام " قال ذلك في توجيه قول عمر بن عبد العزيز. (2) كنز العمال 10: 81 عن الديلمي وتيسير المطالب: 153 وتدوين السنة: 96 عن الجامع الصغير 2: 52 الطبعة الأولى ومسند شمس الأخبار 1: 223. (3) كنز العمال 10: 82. (4) كنز العمال 10: 136 / 1142 عن ابن الجوزي في العلل عن ابن عمرو وكذا في التراتيب الادارية 2: 245 عن العلل عن ابن عمر.
[362]
8 - عن رافع بن خديج قال: " قلنا يا رسول الله: إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها ؟ قال: اكتبوا ولا حرج " (1). 9 - عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اكتبوا هذا العلم، فإنكم تنتفعون به إما في دنياكم أو في آخرتكم، وإن العلم لا يضيع صاحبه " (2). 10 - عن أبي هريرة قال: " كان رجل يشهد حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) فلايحفظه، فيسألني، فأحدثه، فشكى قلة حفظه الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): استعن على حفظك بيمينك يعني الكتاب ". وفي لفظ: " استعن بيمينك على حفظك ". وفي لفظ: " استعن بيمينك " (3). أقول: نقل هذا الحديث عن أبي هريرة بألفاظ مختلفة: ففي لفظ: " إن رجلا شكى حفظه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: " استعن على
(1) تقييد العلم: 72 و 73 وكنز العمال 10: 136 (عن الحكيم الترمذي والطبراني وسمويه والخطيب في تقييد العلم) وراجع السنة قبل التدوين: 304 (عن التقييد وعن الجامع لأخلاق الراوي وقال: " أخرجه الترمذي من طريق أبي هريرة أنظر توضيح الأفكار 2: 353) والتراتيب الإدارية 2: 244 و 245 (عن مصادر كنز العمال) والكامل لابن عدي 1: 36 ومجمع الزوائد 1: 151 وتدريب الراوي 2: 66 وبحوث في السنة: 219 والمعجم الكبير للطبراني 4: 329 وتدوين السنة، 87 (عن بعض من تقدم وعن محاسن الاصطلاح: 300 والمحدث الفاصل: 369). (2) كنز العمال 10: 157 عن الديلمي وراجع تدوين السنة: 87. (3) تقييد العلم: 65 - 67 بأسانيد متعددة وكنز العمال 10: 145 (عن الترمذي) و: 148 والتراتيب 2: 244 و 248 وراجع الكامل لابن عدي 1: 36 و 3: 928 بسندين والترمذي 5: 39 والسنة قبل التدوين: 304 عن بعض من تقدم وعن الجامع لأخلاق الراوي: 50 والبحار 2: 152 وميزان الاعتدال 1: 653 ولسان الميزان 2: 292 و 4: 21 ومعادن الجواهر 1: 91 وتدريب الراوي 2: 66 ومجمع الزوائد 1: 152 وبحوث في السنة: 219 والضعفاء للعقيلي 3: 83 وربيع الأبرار 3: 236 وتدوين السنة: 91 عن بعض من تقدم (وعن محاسن الاصطلاح: 301 والفتح الكبير للسيوطي 1: 179 وفيض القدير للمناوي 1: 491 والعقد الفريد 2: 419 وادب الدنيا والدين 66) وراجع الجامع لاخلاق الرواي 1: 382.
[363]
حفظك بيمينك ". وفي لفظ: " إن رجلا قال: يا رسول الله إني لا أحفظ شيئا قال: استعن بيمينك على حفظك ". وفي لفظ " إن رجلا من الأنصار قال: يا رسول الله إني أسمع منك أحاديث، وأخاف أن تفلت مني قال: استعن بيمينك ". وفي آخر: " جاء رجل فقال: يا رسول الله إني أسمع منك حديثا كثيرا فأحب أن أحفظه فلا أنساه فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): استعن بيمينك ". وفي آخر: " إن رجلا من الأنصار كان يجلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيسمع منه الحديث يعجبه ولا يقدر على حفظه، فشكا ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: استعن بيمينك ". وفي لفظ: " إن رجلا من الأنصار كان يسمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) أشياء تعجبه كان لا يقدر على حفظه، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) استعن بيمينك " (1). ولعل هذا الاختلاف نشأ من عدم الكتابة، لأن أبا هريرة كان يقول: " إن عبد الله بن عمرو كان يكتب وأنا لا أكتب " (2) مضافا إلى أن أبا هريرة كان من علماء مدرسة الخلفاء المحرمين لكتابة الحديث. وفي لفظ: " إن رجلا شكى إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) النسيان فقال: استعمل يدك - أي: اكتب - حتى ترجع إذا نسيت إلى ما كتبت " (3). 11 - عن أنس بن مالك قال: " شكى رجل إلى النبي سوء الحفظ فقال:
(1) راجع تقييد العلم: 65 - 67 وغيره من المصادر. (2) سوف توافيك مصادره. (3) تدوين السنة: 92 عن أدب الدنيا والدين: 66 ومحاسن الاصطلاح: 300.
[364]
استعن بيمينك " (1). 12 - عن ابن عباس قال: " شكى رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) سوء الحفظ قال: استعن بيمينك " (2). هذه الأحاديث كلها تعرب عن أمر مرتكز في أذهان السائلين من لزوم الاستئذان في كتابة الحديث، وكأنهم يرون أن الأصل وجوب الحفظ وعدم جواز الكتابة، ولأجل ذلك يستأذنون النبي (صلى الله عليه وآله) في الكتابة عند عدم إمكان الحفظ، ولا أدرى من أين حصل لهم هذا الوهم، ولماذا ارتابوا حتى كأنهم لم يسمعوا قوله (صلى الله عليه وآله): " قيدوا العلم بالكتاب " ؟ مع ما سيأتي من أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يكتبون حول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد (3) ولعل ذلك نشأ مما سنلقي عليك فانتظر. 13 - عن ابن عمر: " سلوا أهل الشرف عن العلم، فإن كان عندهم علم فاكتبوه فإنهم لا يكذبون " (4). 14 - عن أبي بكر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " من كتب عني علما أو حديثا لم يزل يكتب له الأجر ما بقي ذلك العلم أو الحديث " (5). 15 - عن النضر بن أنس عن أبيه: " أمرنا أن نكتب هذا الحديث ولم يأمرنا أن نكتب حديثا غيره (يعني حديث) من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا بها يموت على
(1) تقييد العلم: 65 - 68 والتراتيب 2: 244 قال: ورواه البزار. (2) كنز العمال 10: 145 و 148. (3) سوف نتكلم حول هذه العويصة إن شاء الله تعالى. (4) كنز العمال 10: 146 عن الفردوس للديلمي وفي تدوين السنة: 92 عن أدب الدنيا والدين: 66 ومحاسن الاصطلاح: 300: وروى الماوردي أن رجلا شكى إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) النسيان فقال: استعمل يدك " أي: اكتب حتى ترجع إذا نسيت إلى ما كتبت. (5) تاريخ الخلفاء للسيوطي: 93 في آخر تاريخ أبي بكر في فصل خاص بذكره مسانيده عن الحاكم في التاريخ، وراجع النص والاجتهاد: 161.
[365]
ذلك حرمه الله عزوجل على النار " (1). 16 - عن أنس قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): المؤمن إذا ترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة سرا بينه وبين النار، وأعطاه الله تبارك وتعالى بكل حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات، وما من مؤمن يقعد ساعة عند العالم إلا ناداه ربه عزوجل: جلست إلى حبيبي لأسكننك بجنة معه ولا أبالي " (2). قال العلامة المجلسي في البحار 2: 144 بعد نقله ناقصا: " ونقل من خط الشهيد قدس سره نقلا عن خط قطب الدين الكيدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثله وزاد في آخره: ثم نقل البقية... ". أقول: والعجب من هذا العلامة المتتبع نقله في ج 1 بتمامه عن الأمالي ثم نقله في ج 2 ناقصا ثم قال ما قال ! ! 17 - عن أبي هريرة قال: " لما فتح الله تعالى على رسوله (صلى الله عليه وسلم) مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله تبارك وتعالى حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لا تحل لأحد كان قبلي، وإنما أحلت لي ساعة من النهار وإنها لا تحل لأحد بعدي... فقام أبو شاه - رجل من اليمن - فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اكتبوا لأبي شاه " (3).
(1) كنز العمال 1: 50. (2) الأمالي للصدوق رحمه الله تعالى: 24 ط قم والبحار 1: 198 عنه و 2: 144 إلى قوله سبع مرات وراجع مستدرك سفينة البحار 2: 222 في حديث والوسائل 18: 68 وتدوين الحديث: 98 عن البحار والدرة الباهرة: 25. (3) تقييد العلم: 86 (وسوف يأتي نص الحديث في الفصل الرابع عشر من الكتاب) وراجع صحيح مسلم 2: 989 والبخاري 1: 39 و 3: 164 وسنن أبي داود 2: 212 و 3: 319 و 4: 172) والترمذي 5: 39 =
[366]
18 - عن ابن عمر: " وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليه " (1). 19 - " يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح عليهم مداد العلماء على دماء الشهداء " (2). وفي لفظ: " إذا كان يوم القيامة يوزن دم الشهداء بمداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء " (3). 20 - عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء " (4). 21 - وعن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: " إذا كان يوم القيامة جمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد، ووضعت الموازين، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء " (5).
= ومسند احمد 2: 238 وجامع بيان العلم 1: 84 والتراتيب الإدارية 2: 249 ومعادن الجواهر 1: 10 والسنة قبل التدوين: 305 (عن أحمد 2: 232 وفتح الباري 1: 184 و 217) وتدريب الراوي 2: 66 والكفاية للخطيب: 53 وسنن الدارقطني 3: 97 وتدوين السنة: 88 عن جمع عن تقدم (وعن الفقيه والمتفقه للخطيب 1: 91 وتيسير الوصول 3: 176 والاستيعاب 4: 106) وصحائف الصحابة: 31. أقول: وأخرجه في هامش تقييد العلم عن البخاري وإرشاد الساري 1: 168 وعمدة القاري 1: 567 وفتح الباري 1: 184 والترمذي 2: 110 واسد الغابة 2: 384 وتيسير الوصول 3: 176 والمحدث الفاصل 4: 1 وجامع بيان العلم ومعالم السنن 4: 184 والاستيعاب 2: 717 ومقدمة ابن الصلاح: 170 وراجع معالم المدرستين 2: 55. (1) كنز العمال 10: 80 / 643 عن الخطيب وميزان الحكمة في " علم ". (2) كنز العمال 10: 80 عن الشيرازي عن أنس والمرهبي عن عمران بن الحصين وابن عبد البر في العلم عن أبي الدرداء وابن الجوزي في العلل عن النعمان بن بشير و: 99 عن ابن الجوزي في العلل وابن النجار عن ابن عمر وعن ابن عبد البر عن أبي الدرداء وميزان الحكمة في " علم ". (3) كنز العمال 10: 99 / 828 عن ابن النجار عن ابن عباس ونحوه في أدب الإملاء والاستملاء: 163. (4) البحار 2: 16 / 35 عن أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى. (5) البحار 2: 14 / 26 و 7: 226 / 144 الأمالي للصدوق رحمه الله تعالى وميزان الحكمة في " علم ".
[367]
22 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعجب الخلق إلي إيمانا لقوم يكونون بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيها " (1). 23 - عن عمر قال: كنت عند رسول (صلى الله عليه وسلم) جالسا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أتدرون أي أهل الأيمان أفضل ؟... قلنا فمن هم يا رسول الله ؟ قال: أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال، فيؤمنون بي ولم يروني ويجدون الورق المعلق، فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا " (2). وفي لفظ عن أنس: " ولكن أعجب الناس إيمانا قوم يجيئون من بعدكم، فيجدون كتابا من الوحي، فيؤمنون به ويتبعونه، فهم أعجب الناس إيمانا أو أعجب الخلق إيمانا ". وفي لفظ أبي حممة الأنصاري: "... بلى قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين، فيؤمنون به ويعملون بما فيه.. ". 24 - عن الصادق (عليه السلام) - في وصية النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " يا علي أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي، وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض " (3).
(1) تدوين السنة: 91 / 42 عن دلائل النبوة للبيهقي 6: 538 ومسند شمس الأخبار 1: 150 قال: ورواه ابن كثير... وقال السيوطي: ذكره ابن كثير في تفسيره (1: 74 ط المنار) ورواه الحسن بن عرفه في جزئه من طريق عمرو بن شعيب قال السيوطي: " وفي بعض الفاظه: بل قوم من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين يؤمنون به، ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرا " أخرجه أحمد والدارمي والحاكم من حديث أبي حكمة. (2) المستدرك للحاكم 4: 86 وبهامشه تلخيص الذهبي وشرف أصحاب الحديث: 33 و 34 ومجمع الزوائد 10: 65 عن عمرو وأنس وعمر وأبي حممة الأنصاري وتدوين السنة: 103 عنهما وقال: " لاحظ مسند أبي يعلى 1: 147 والباعث الحثيث: 5 - 126 ورواه مسند شمس الأخبار 1: 145 ". (3) تدوين السنة: 103 عن الأمالي.
[368]
وفي حديث: " يا علي وأعلم أن أعظم الناس يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة: فآمنوا بسواد في بياض " (1). 25 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا علي اكتب ما أملي عليك " (2). 26 - عن أنس (رضي الله عنه) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحشر الله أصحاب الحديث وأهل العلم وحبرهم خلوق يفوح، فيقومون بين يدي الله فيقول لهم: طالما كنتم تصلون على نبيي انطلقوا إلى الجنة " (3). 27 - عن أنس بن مالك (رضي الله عنه): " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: إذا كان يوم القيامة يجئ أصحاب الحديث إلى بين يدي الله عزوجل ومعهم محابر من نور فيقول الله عزوجل لهم: أنتم أصحاب الحديث، طالما كنتم تصلون على النبي (صلى الله عليه وسلم) انطلقوا إلى الجنة وإلى رحمتي " (4). 28 - عن أبي هريرة (رضي الله عنه): " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: يوزن مداد العلماء يوم القيامة بدم الشهداء، فيرجح مدادهم على دمائهم أضعافا مضاعفة (5). 29 - عن أبي الدرداء عن النبي (صلى الله عليه وآله) في تفسير قوله تعالى: * (وكان تحته كنز لهما) * قال: " صحف علم خبأها لهما أبوهما " (6).
(1) البحار 52: 125 / 12 عن الإكمال وراجع مستدرك الوسائل 17: 300 / 49 " إيمان قوم في آخر الزمان بسواد على بياض ". (2) سوف يوافيك الحديث مع مصادره والتكلم حوله. (3) أدب الإملاء والاستملاء: 148 وتدوين السنة: 100 عنه. (4) أدب الإملاء والاستملاء: 152 وتدوين السنة: 101 عنه. (5) ادب الإملاء والاستملاء: 163 وتدوين السنة: 100 عنه وقال: السراج المنير 3: 436 ونحوه مختصرا عن عبادة بن الصامت في الكنى للدولابي 1: 103. (6) تقييد العلم: 117 ونور الثقلين 3: 288 عن الأمالي للشيخ الطوسي رحمه الله تعالى والخصال ومعاني الأخبار و: 118 عن مجمع البيان والبرهان 2: 475 و 479 وتفسير القرطبي 11: 38 والطبري 16: 5 = (*)
[369]
30 - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: * (وكان تحته كنز لهما) * قال: " ما كان ذهبا ولا فضة قال: صحفا علما " (1). وفي لفظ " علم صحف " (راجع: 118 عن التقييد). وعن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: " سطران ونصف لم يتم الثالث " (كما في الطبري وتفسير ابن كثير). 31 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث: إن الله جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثيرة.... ومن كتب فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر الحديث " (2). 32 - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: " الكتب بساتين العلماء " (3). 33 - عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " نعم المحدث الكتاب " (4).
= عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وجعفر بن محمد (عليهما السلام) وأبي الدرداء وعلي (عليه السلام) وأبي ذر وأبي جعفر (عليه السلام) والحسن وغيرهم وكذا في تفسير النيسابوري 16: 13 بهامش الطبري وتفسير الرازي 21: 161 والتبيان 7: 81 ومجمع البيان 6 ط الاسلامية في تفسير الآية والميزان 13: 385 وتفسير القمي 2: 40 والعياشي 2: 338 كلهم يقولون: إن الكنز كان لوحا إما من ذهب أو حجر أو صحفا عليها كتاب، وراجع ايضا تفسير ابن كثير 4: 415 والكشاف والدر المنثور 4: 234 عن ابن أبي حاتم وابن مردويه والبزار والشيرازي في الألقاب والخرائطي في قمع الحرص، وابن عساكر وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان. وقال العلامة الطباطبائي في الميزان: " وقد تكاثرت الروايات من طرق الشيعة وأهل السنة أن الكنز الذي كان تحت الجدار كان لوحا مكتوبا فيه الكلمات ". (1) تقييد العلم: 117. (2) المناقب للخوارزمي: 2 وأمالي الصدوق: 119 المجلس 27 وتدوين الحديث: 95 عنهما. (3) مستدرك الوسائل 17: 302 / 56 عن الغرر للآمدي: 991. (4) الغرر للآمدي: / 9948.
[370]
34 - عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " الكتاب أحد المحدثين " (1). ولعل إلى ما ذكرنا تشير الأحاديث الآتية: 35 - عن جابر بن سمرة: " من ترك أربعين حديثا بعد موته فهو رفيقي في الجنة " (2). لأن ظاهر الترك بعد الموت هو كونها أربعين حديثا مكتوبا، ويقرب منه ما تواتر - معنى - بين الشيعة المروي بألفاظ متقاربة: " من حفظ على أمتي أربعين حديثا مما يحتاجون إليه في أمر دينهم بعثه الله عزوجل يوم القيامة فقيها عالما " (3). 36 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع في خطبة مسجد خيف: " نضر الله وجه عبد سمع مقالتي فوعاها، وبلغها إلى من لم يبلغها، فرب حامل إلى من هو أفقه منه " (4). إذ الكتابة من أعلى مراتب الوعى والحفظ والإبلاغ.
(1) الغرر للآمدي: / 10808. (2) كنز العمال 10: 131 / 1111 عن الديلمي وابن الجوزي في العلل. (3) راجع البحار 2: 153 عن الأمالي للصدوق رحمه الله تعالى والاختصاص والخصال وص: 154 عن ثواب الاعمال والخصال والاختصاص وصحيفة الرضا وعوالي اللئالي. وكنز العمال 10: 90 و 93 و 129 - 133 و 178 - 181 بأسانيد كثيرة والكامل لابن عدي 1: 324 و 2: 89 و 5: 1799 و 6: 2227 و 2528 وشرف أصحاب الحديث: 19 و 20 والنص والاجتهاد والفوائد الطوسية: 241. (4) هذه الخطبة الكريمة متواترة من طرق الفريقين راجع البحار 47: 365 و 77: 130 و 146 و 100: 46 وأمالي الشيخ المفيد رحمه الله تعالى: 186 والمعجم الصغير للطبراني 1: 109 واحكام القرآن للجصاص 2: 257 وترتيب مسند الشافعي 1: 16 والمستدرك للحاكم 1: 87 و 88 والغيبة للنعماني: 17 والمستدرك للنوري رحمه الله تعالى 2: 25 الطبعة الحجرية والخصال 1: 72 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 264 و 6: 159 و 7: 291 واليعقوبي 2: 93 ومسند أحمد 3: 224 و 4: 80 و 84 و 5: 183 وكنز العمال 5: 221 - 239 و 10: 127 و 129 و 131 - 133 و 11: 131 والكامل لابن عدي 4: 1584 وشرف أصحاب الحديث: 17 - 19 رووها مع اختلاف في الفظ.
[371]
37 - روى أبو قبيل عن عبد الله بن عمرو قال: " بينما نحن حول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نكتب، إذ سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " الحديث (1). 38 - " لا تفارق المحبرة، فإن الخير فيها وفي أهلها إلى يوم القيامة " (2). 39 - " من مات وميراثه المحابر والأقلام دخل الجنة " (3). 40 - عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنه سئل عن الخط فقال: هو أثارة من علم " (4). 41 - في خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم النحر: " ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه... " (البخاري 1: 26 - 37 وفتح الباري 1: 146 و 177). عن عبد الله بن عمرو قال: " كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أريد حفظه، فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني الا حق " (5).
(1) سنن الدارمي 1: 126 وسوف نبحث حول هذا الحديث إن شاء الله تعالى. (2) معادن الجواهر 1: 9. (3) المصدر. (4) المعجم الكبير للطبراني 10: 362 / 10725. (5) تقييد العلم: 80 و 81 وراجع المصنف لابن أبي شيبة 9: 49 و 50 وكنز العمال 10: 128 (عن أحمد وأبي داود وابن عساكر) والمعرفة والتاريخ 2: 523 والمستدرك للحاكم 1: 104 (وبهامشه الذهبي وقال صحيح) وجامع بيان العلم 1: 85 ومسند أحمد 2: 162 و 192 وسنن أبي داود 3: 318 وعون المعبود 3: 356 والدارمي 1: 125 وفتح الباري 1: 185 قال: " ولهذا طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو يقوي بعضها بعضا " والسنة قبل التدوين: 303 و 304 (عن بعض ممن تقدم وعن الألماع: 27 ب) والغدير 11: 91 وبحوث في تأريخ السنة: 218 والفتح الرباني 1: 172 وتدوين السنة: 89 (عن التقييد =
[372]
رواه المحدثون بألفاظ متقاربة، وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد أصل في نسخ الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولم يخرجاه " وقال الذهبي في تلخيصه: " صحيح ولم يخرجاه ". عن عبد الله بن عمرو: " قال استأذنت النبي (صلى الله عليه وسلم) في كتاب ما سمعت منه قال: فأذن لي، فكتبته، فكان عبد الله يسمي صحيفتة: الصادقة " (1). عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عمرو بن شعيب أن شعيبا حدثه وأن مجاهدا أبا الحجاج حدثه أن عبد الله بن عمرو بن العاص حدثهم أنه قال لرسول الله (صلى الله عليه وسلم): " يا رسول الله اكتب ما سمعت منك ؟ قال نعم إنه لا ينبغي لي أن أقول إلا حقا " (2). وفي لفظ: " قلت: يا رسول الله أقيد العلم ؟ قال: نعم قلت: وما تقييده ؟ قال: الكتاب " (3). وفي لفظ: " أنه قال للنبي (صلى الله عليه وسلم) أقيد العلم ؟ قال: نعم، يعني كتابه " (4).
= وعن المحدث الفاصل: 365 / 318 ومحاسن الاصطلاح: 298 و 299 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18: 246 وفيه عبد الله بن عمر وتحف العقول: 36). أقول: أخرجه في هامش تقييد العلم عن جمع ممن ذكرنا و (عن تيسير الوصول 3: 176 وحسن التنبه: 93) وراجع صحائف الصحابة: 30 عن جمع ممن تقدم ومعالم المدرستين 2: 56 والجامع لأخلاق الراوي 2: 28. (1) الطبقات لابن سعد 2 / ق 2 / 125 وراجع 4 / ق 2: 8 والتراتيب 2: 245 ومسند أحمد 2: 215 وكنز العمال 4: 100 عن عبد الرزاق. (2) تقييد العلم: 80. (3) تقييد العلم: 68 و 75 ومجمع الزوائد 1: 152 والبحار 2: 147 عن عوالي اللئالي وجامع بيان العلم 1: 88 وراجع المصنف لعبد الرزاق 8: 41 والكامل لابن عدي 4: 1625 وتدريب الراوي 2: 66 وكنز العمال 10: 192 عن ابن عساكر و 4: 100 والمطالب العالية 3: 110 وفي جامع بيان العلم 1: 88: " قال: قلت أقيد العلم قال: قيد العلم قال عطاء: قلت: وما تقييد العلم ؟ قال الكتاب " ومستدرك الوسائل 17: 288 وفيه " قيل: وما تقييده ؟ قال: الكتاب ". (4) تقييد العلم: 74 و 77 " يارسول الله أسمع منك اشياء أكتبها ؟ قال: نعم " وتأويل مختلف الحديث: 286.
[373]
وفي لفظ: " قلت: يا رسول الله إني أسمع منك شيئا فأكتبه ؟ قال: نعم ". وفي لفظ: " قال: قلنا: يارسول الله إنا نسمع منك أشياء لا نحفظها أفنكتبها ؟ قال: بلى فأكتبوها " (1). وفي لفظ: " قال: قلت: يارسول الله أكتب ما أسمع منك ؟ قال: نعم قلت: في الرضا والغضب ؟ قال: نعم قال: فإني لا أقول إلا حقا " (2). وفي لفظ: " قال: قلت: يارسول الله أسمع منك أحاديث أخاف أن أنساها فتأذن لي أكتبها ؟ قال: نعم " (3). وفي لفظ: " قال: قلت: أكتب ما أسمع منك ؟ قال: نعم قلت: في الرضا والسخط ؟ قال: نعم، فانه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقا " (4). وفي لفظ: " إنا نسمع منك أشياء نخشى أن ننساها أفتأذن لنا أن نكتبها ؟ قال: نعم شبكوها بالكتب " (5). وفي لفظ: " إنه أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إني أريد أن أروي من
(1) تقييد العلم: 74 و 75 وفيه " افلا نكتبها " ومسند أحمد 2: 215 وتدوين الحديث 89. (2) تقييد العلم: 74 و 75 و 77 وقوله " أكتب ما أسمع منك ؟ قال: نعم " وراجع مسند. أحمد 2: 215 وجامع بيان العلم 1: 85 وتدريب الراوي 2: 66 (عن الحاكم وأبي داود) والشفاء للقاضي عياض 2: 286 وشرح الخفاجي 4: 81 وما بعدها وشرح القاري بهامش شرح الخفاجي 4: 81 وأسد الغابة 3: 233 والمستدرك 1: 105 وبهامشه تلخيص الذهبي والاستيعاب هامش الاصابة 2: 347 وكنز العمال 16: 94 والبحار 2: 147 وتدوين السنة: 93 ومستدرك الوسائل 17: 288 وسير اعلام النبلاء 3: 88. (3) تقييد العلم: 76 باسانيد متعددة وتدوين السنة: 93. (4) تقييد العلم: 77 - 79 وراجع الاستيعاب 2: 347 بهامش الاصابة وتأويل مختلف الحديث: 286 ومستدرك الوسائل 17: 288 / 15. وفي معالم المدرستين 2: 56 عن مسند أحمد 2: 207: " قلت يارسول الله أكتب كل ما أسمع منك ؟ قال: نعم قلت: في الرضا والغضب قال: نعم، فاني لا أقول في ذلك كله إلا حقا ". (5) تقييد العلم: 82 وتدوين السنة: 92.
[374]
حديثك، فأردت أن استعين بكتاب يدي مع قلبي إن رأيت ذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كان حديثي ثم استعن بيدك مع قلبك " (1). وفي لفظ: " قال: قلت: يارسول الله إني أسمع منك أشياء أحب أن أعيها، فأستعين بيدي مع قلبي ؟ قال: نعم " (2). وفي النص الذي رواه القاضي عياض في الشفاء 2: 286 عن عبد الله بن عمر وقال: " قلت: يارسول الله إني أسمع منك أشياء أفأكتبها ؟ قال: نعم قلت: في الغضب والرضا ؟ قال: نعم، فإني لاأقول إلا حقا ". أقول: أختص استئذان عبد الله بن عمرو بن العاص بهذه المزية " الغضب والرضا " أو " في الرضا والسخط " أو " في الرضا والغضب " دون سائر الصحابة رضي الله عنهم نشأت مما مر من نهي قريش إياه عن الكتابة معللين بأن " رسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا " وسوف نتكلم حول هذه الكلمة، ولكن هنا كلام للقاضي عياض بعد نقل الحديث احببت إيراده: قال القاضي بعد نقل الحديث: " إذا قامت المعجزة على صدقة وأنه لا يقول إلا حقا ولا يبلغ عن الله الا صدقا، وأن المعجزة قائمة مقام قول الله له: صدقت فيما تذكره عني وهو يقول: إني رسول الله إليكم لأبلغكم ما أرسلت به إليكم، ولأبين لكم ما نزل عليكم * (وما ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى) * (3) * (وقد جاءكم الرسول بالحق من ربكم) * (4) * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (5) فلا يصح أن يوجد منه في هذا الباب خبر بخلاف مخبره على أي وجه
(1) سنن الدارمي 1: 125 و 126 ومعالم المدرستين 2: 56. (2) تقييد العلم: 81 والمطالب العالية لابن حجر 3: 110 / 3014 وراجع الطبقات 4 / ق 2: 146. (3) النجم: 3 و 4. (4) النساء: 170. (5) الحشر: 7.
[375]
كان، فلو جوزنا الغلط والسهو لما تميز لنا من غيره " (1). ونعم ما قال القاضي، ولكن هذه الكلمة تحكي لنا عن كنه إيمان قريش ومعرفتهم بمقام النبوة والنبي (صلى الله عليه وآله) والرسول (صلى الله عليه وآله) يقول في جوابه على اختلاف ألفاظ النصوص: " فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق ". " إني لاأقول في الرضا والغضب إلا حقا ". " نعم لا ينبغي لي أن أقول إلا حقا ". " نعم فإنه لا ينبغي أن أقول في ذلك إلا حقا ". " فإني لا أقول إلا حقا " (2). " أكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق " (3). " أكتب عني في الغضب والرضا، فوالذي بعثني بالحق نبيا ما يخرج منه الا حق وأشار إلى لسانه " (4). " فإني لا أقول في ذلك كله الا الحق " (5). هذه أجوبة نقلها الرواة والمحدثون، ولكن الذي استنتج القائلون الناهون عبد الله بن عمرو المعللون بأنه بشر يغضب أمور حصلت لهم:
(1) الشفاء 2: 286 وراجع شرح الخفاجي " نسيم الرياض " 4: 80 وشرح القاري بهامش شرح الخفاجي 4: 81. (2) راجع تقييد العلم: 74 وما بعدها. (3) كنز العمال 10: 128 عن أحمد والحاكم وأبي داود. (4) الغدير 11: 91 عن إحياء العلوم 3: 167. (5) مستدرك الوسائل 17: 288.
[376]
أ - الحط من مقام الرسول (صلى الله عليه وآله) وجعله في عرض سائر البشر. ب - إنكار عصمته (صلى الله عليه وآله) وبالمال إنكار قوله تعالى: * (ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى) * (1) وقوله تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع) * (2) وقوله تعالى: * (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) * (3) وقوله تعالى: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * (4) وقوله تعالى: * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (5) وقوله تعالى: * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) * (6). ج - نفي اعتبار الأحاديث الواردة في الفضائل عموما وأحاديث الولاية خصوصا. د - نفي اعتبار الأحاديث الواردة في لعن شخص أو أشخاص أو قوم أو أقوام حتى الأحاديث الصادرة في نفاق بعض أو ذمه. هذا كله ما عثرنا عليه من أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكتابة الحديث أو ترغيبه وتشويقه الصحابة الكرام رضي الله عنهم بذلك، وهنا طوائف أخرى من الأحاديث نذكرها تيمما للفائدة: الطائفة الأولى: ماروى عن أهل البيت (عليهم السلام) في الأمر بكتابة الحديث وتقييد العلم: وهم أدرى بما في البيت وأحد الثقلين الذين أمرنا بالتمسك بهم، ولكن الذي
(1) النجم: 3. (2) النساء: 64. (3) الاحزاب: 21. (4) النساء: 80. (5) آل عمران: 32 و 132 والنساء: 59 والمائدة: 92 والنور: 54 ومحمد (صلى الله عليه وآله): 33 والتغابن: 12. (6) الاحزاب: 37.
[377]
روي عنهم في هذا المضمار كثير نقتصر منه بذكر نماذج: 1 - عن علباء بن أحمر: " إن علي بن أبي طالب خطب الناس فقال: من يشتري علما بدرهم ؟ فاشترى الحارث الأعور صحفا بدرهم، ثم جاء بها عليا فكتب له علما كثيرا، ثم إن عليا خطب الناس بعد فقال: يا أهل الكوفة غلبكم نصف رجل " (1). 2 - وعن أبي إسحاق الهمداني عن الحارث عن علي قال: " من يشتري مني علما بدرهم ؟ قال: فذهبت فاشتريت صحفا بدرهم ثم جئت بها " (2). 3 - عن المنذر بن ثعلبة عن علي قال: " من يشتري مني علما بدرهم ؟ " قال أبو خثيمة يقول: " يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم " (3). 4 - عن الحارث عن علي (عليه السلام) " قيدوا العلم قيدوا العلم مرتين " (4). 5 - عن حبيب بن جري قال: " قال علي قيدوا العلم بالكتاب " (5). 6 - عنه (عليه السلام): " الكتب بساتين العلماء " (6). 7 - عنه (عليه السلام) " عقول الفضلاء في أطراف أقلامها " (7).
(1) الطبقات الكبرى 6: 116 والتراتيب 2: 259 وراجع تقييد العلم: 90 وكنز العمال 10: 6 عن مسند علي للسيوطي والغارات للثقفي 2: 718 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 34 وربيع الأبرار 3: 294 وتدوين الحديث: 144 و 145 عن بعض من ذكر وعن تاريخ بغداد 8: 357. (2) تقييد العلم: 90 وفي هامشه: (بلفظ متقارب المعنى في المحدث الفاصل 4: 3 وتأريخ بغداد 8: 357). (3) تقييد العلم: 90 وفي هامشه: مثله باللفظ من أبي خثيمة في كتاب العلم وتدوين السنة: 144 والسنة قبل التدوين 317 (عن العلم لزهير بن حرب: 193). (4) تقييد العلم: 89 وقد مر سابقا. (5) تقييد العلم: 90. (6) مر سابقا. (7) شرح غرر الآمدي / 6339.
[378]
8 - قال علي رضي الله عنه لفتيان قريش: " يا بني ويا بني أخي إنكم صغار قوم، ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع أن يحفظه فليكتبه " (1). 9 - عنه (عليه السلام) " نعم المحدث الكتاب " (2). 10 - عنه (عليه السلام) " الكتاب أحد المحدثين ". 11 - وقد روي عن الصادق (عليه السلام) قال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجبه أن يروي شعر أبي طالب ويدون " (3). 12 - أفتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فكتب الناس فتياه وكتب به أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أمرائه ورؤوس أجناده (4). عن شرحبيل بن سعد قال: دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال: يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويه فليكتبه وليضعه في بيته (5).
(1) ربيع الأبرار 3: 226. (2) قد مر منا سابقا. (3) تدوين السنة: 147 عن تحفة أولي الألباب في صناعة الخط والكتاب: 34 ومستدرك الوسائل 15: 166 وجامع أحاديث الشيعة 21: 408 وشعر أبي طالب فيه التوحيد وتاريخ الاسلام... (4) الوسائل 19: 218. (5) تقييد العلم: 91 والسنة قبل التدوين: 317 (عن الكفاية: 229 وحياة الحسن للقرشي 1: 141 وعلل الحديث للرازي 2: 438 / 3820 وعلل الحديث لاحمد 1: 412 و 2: 318 والبحار 2: 152 وكنز العمال 10: 153 (عن البيهقي في المدخل وابن عساكر) وجامع بيان العلم 1: 99 والبداية والنهاية 8: 41 والتراتيب الإدارية 2: 246 وسنن الدارمي 1: 130 ومعادن الجواهر 1 وربيع الابرار 3: 326 وترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق: 167 والكفاية للخطيب: 229 وفي هامش تقييد العلم عن بعض من تقدم وعن تاريخ بغداد 6: 399 وتدوين السنة: 147 و 148 عن طبقات ابن سعد المنشور في تراثنا (العدد 11: 156) وتاريخ اليعقوبي 2: 227 وغيرهما ممن أشرنا إليهم.
[379]
وفي نص العلل عن شرحبيل بن سعد: " عليكم بالعلم، فإن لم تكونوا تحفظوه فاكتبوه ". سئل الحسن بن علي (عليه السلام) عن الرجل يكون له ثمانون سنة يكتب الحديث ؟ قال: " إن كان يحسن أن يعيش " (1). عن شرحبيل بن سعد قال: " جمع الحسين بن علي بنيه وبني أخيه فقال: يا بني إنكم اليوم صغار أوشك أن تكونوا كبار قوم، فعليكم بالعلم، فمن لم يحفظ منكم فليكتبه، كذا قال جمع: الحسين والصواب الحسن كما ذكرناه أولا (2). عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما في خطبة (عليه السلام) بمنى - في أيام معاوية - في جمع عظيم من بني هاشم والشيعة والصحابة والتابعين قال: أما بعد فإن هذا الطاغية قد صنع بنا وبشيعتنا ما علمتم ورأيتم وشهدتم، وإني أريد أن أسألكم عن شئ، فإن صدقت فصدقوني وإن كذبت فأكذبوني واسمعوا مقالتي واكتبوا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ومن أئتمنتموه من الناس، ووثقتم به فادعوه إلى ما تعلموه من حقنا، فإنا نخاف أن يدرس هذا الحق ويذهب والله متم نوره ولو كره الكافرون. وما ترك شيئا مما أنزل الله في القرآن فيهم إلا قاله وفسره ولا شيئا قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أبيه وأخيه وأمه وفي نفسه وأهل بيته إلا رواه الحديث (3).
(1) شرف أصحاب الحديث: 69 / 146 وتدوين السنة عنه وعن العقد الفريد: 2: 299. (2) تقييد العلم: 91. (3) قال سليم مقدم: " فلما كان قبل فوت معاوية بسنتين حج الحسين بن علي (عليهما السلام) وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس معه فجمع الحسين (عليه السلام) بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم ومن لم يحج ومن الأنصار من يعرفه الحسين (عليه السلام) وأهل بيته ثم لم يترك أحدا حج ذلك العام من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن التابعين من الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك الا جمعهم واجتمع إليه =
[380]
قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) لمفضل بن عمر: " اكتب وبث علمك في إخوانك فإن مت فورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون إلا بكتبهم " (1). عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا (2). وعنه (عليه السلام): " احتفظوا بكتبكم، فإنكم سوف تحتاجون إليه " (3). عن أبي بصير قال: " دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: دخل على أناس من البصرة فسألوني عن أحاديث وكتبوها، فما يمنعكم من الكتاب، أما إنكم لن تحفظوا حتى تكتبوا " (4). عن جابر الجعفي قال: " قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أقيد الحديث إذا سمعت ؟ قال: إذا سمعت حديثا من فقه خير مما في الأرض من ذهب وفضة " (5). قال الصادق (عليه السلام) (في توحيد المفضل): " تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه على الإنسان من هذا النطق الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه
= بمنى أكثر من سبعمائة رجل عامتهم التابعون ونحو مائتي رجل من اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقام فيهم خطيبا... ". راجع كتاب سليم: 165 ط النجف والاحتجاج للطبرسي رحمه الله تعالى: 154 والبحار 8: 564 الطبعة الحجرية و 33: 181 الطبعة الحديثة: 10 ومستدرك الوسائل 7: 290 و 291 / 24 وتدوين السنة: 148 ولمعة من بلاغة الحسين (عليه السلام). (1) البحار 2: 150 عن كشف الحجة والوسائل 18: 56 ومستدرك الوسائل 17: 292. (2) البحار 2: 152 عن منية المريد والكافي 1: 52 والوسائل 18: 56. (3) الكافي 1: 52 والبحار 2: 152 وتدوين السنة: 160. (4) البحار 3: 153 وتدوين السنة: 160 (عن كتاب عاصم الحناط المطبوع مع الأصول الستة عشر: 34 والكافي 1: 42 ومستدرك الوسائل 17: 293. (5) تدوين الحديث: 152 عن أدب الإملاء للسمعاني: 55.
[381]
ونتيجة فكره... وكذلك الكتابة التي تقيد بها أخبار الماضين وأخبار الباقين للآتين وبها تخلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها يحفظ الإنسان ذكر ما يجري بينه وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاه لانقطع أخبار بعض الأزمنة عن بعض... ودرست العلوم وضاعت الآداب وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم وما روي لهم مما لا يسعهم جهله... " (1). عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " [لكاتب] كتبه أن يصنع هذه الدفاتر كراريس " وقال (عليه السلام): " وجدنا كتاب علي (عليه السلام) مدرجة " (2). عن أبي الوضاح محمد بن عبد الله بن زيد النهشلي في حديث: "... كان جماعة من خاصة أبي الحسن (موسى (عليه السلام)) من أهل بيته وشيعته يحضرون مجلسه ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس لطاف وأميال، فإذا نطق أبو الحسن (عليه السلام) بكلمة أو افتى بنازلة أثبت القوم ما سمعوا منه في ذلك " (3). عن الصادق (عليه السلام) قال: " القلب يتكل على الكتابة " (4). الطائفة الثانية: ما وردت في آداب كتابة الحديث منها: 1 - عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " لا تكتبوا العلم إلا عمن تجوز شهادته " (5).
(1) راجع البحار 3: 81 و 61: 257 وتدوين السنة: 161 عن توحيد المفضل: 79 و 80. (2) مستدرك الوسائل 17: 293. (3) مستدرك الوسائل 17: 292. (4) الوسائل 18: 56 و 235 والكافي 1: 52 والبحار 2: 152. (5) الكفاية للخطيب: 95.
[382]
2 - عن الحارث عن علي (رضي الله عنه) قال: " قراءتك على العالم وقراءة العالم عليك سواء إذا أقر لك به " (1). 3 - عن هبيرة بن مريم قال: " سألنا عليا عن القراءة عليه فقال: القراءة عليه بمنزلة السماع منه " (2). 4 - عن داود بن عطاء المديني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: " عرض الكتاب والحديث سواء " (3). 5 - عن أبي ظبيان عن علي بن أبي طالب قال: " القراءة على العالم أصح من قراءة العالم بعد ما أقر أنه حديثه " (4). 6 - عن عطاء بن يسار: " إن رجلا كتب عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) كتبت ؟ قال: نعم قال: عرضته ؟ قال: لا، قال: لم تكتبه حتى تعرضه فيصح " (5). 7 - عن علي: " إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده، فإن يك حقا كنتم شركاء في الأجر، وإن يك باطلا كان ورزه عليه (6) ". 8 - عن القاسم بن محمد عن جده أبي بكر الصديق قال: " قال رسول (صلى الله عليه وسلم):
(1) الكفاية: 262 وتدوين السنة: 145 عنه وراجع كنز العمال 10: 189. (2) الكفاية: 262 وتدوين السنة: 145 عنه. (3) الكفاية: 264 وتدوين السنة: 153 عنه وعن الدارمي 1: 123. (4) الكفاية: 262 و 274 وتدوين السنة: 145 عنه. (5) أدب الإملاء والاستملاء: 78 وتدوين السنة: 96 عن محاسن الاصطلاح: 310. (6) كنز العمال 10: 129 (عن الحاكم في المستدرك وأبي نعيم وابن عساكر) وراجع التراتيب الإدارية 2: 223 (عن الديلمي وتدريب الراوي) وادب الإملاء والاستملاء: 5 وتدريب الراوي 2: 67 وتدوين السنة: 96 (عن ادب الإملاء والاستملاء وقال: وانظر ميزان الاعتدال 4: 98 ولسان الميزان 6: 22 ومحاسن الاصطلاح: 301) وراجع مستدرك الوسائل 17: 293 عن الصادق (عليه السلام) وتدوين السنة ايضا: 162 عن البحار 96: 96 / 22.
[383]
من كتب عني علما وكتب معه صلاة علي لم يزل في الأجر ما قرأ ذلك الكتاب " (1). 9 - عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب " (2). 10 - من كتب في كتابه: (صلى الله عليه وآله) لم تزل الملائكة تستغفر - يعني له - مادام في كتابه (3). 11 - عقل الكاتب في قلمه (4). 12 - إذا قرأت العلم على العالم فلا بأس أن ترويه عنه (5). 13 - القراءة على المحدث بمنزلة السماع (6). الطائفة الثالثة ما ورد في الإهتمام بالكتابة وشؤونها: 1 - عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله): " حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويزوجه إذا إدرك ويعلمه الكتاب " (7). 2 - عن أبي رافع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " حق الولد على والده أن يعلمه
(1) شرف أصحاب الحديث: 35 والكامل لابن عدي 3: 1100 وتدوين الحديث (: 95 عنهما وعن محاسن الاصطلاح: 307) وراجع النص والاجتهاد: 146 والجامع لأخلاق الراوي 1: 420. (2) شرف أصحاب الحديث: 36 وتدريب الراوي 2: 72 ومجمع الزوائد 1: 136 وأدب الإملاء والاستملاء: 64 وربيع الأبرار 2: 248 وتدوين السنة: 97 عن شرف أصحاب الحديث ومحاسن الاصطلاح: 307 وكنز العمال 1: 452 عن الطبراني والبحار 94: 71 عن منية المريد. (3) (4) ابن أبي الحديد 20: 761. (5) كنز العمال 10: 181. (6) الكفاية: 262. (7) كنز العمال 22: 24 عن الحلية لأبي نعيم والفردوس للديلمي.
[384]
الكتابة، والسباحة... " (1). 3 - قال (صلى الله عليه وآله): من " حق الولد على والده أن يعلمه الكتابة، وأن يحسن اسمه، وأن يزوجه إذا بلغ " (2). 4 - " من حق الولد على الوالد ثلاثة: يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة ويزوجه إذا بلغ " (3). وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الغلام يلعب سبع سنين، ويتعلم الكتاب سبع سنين " (4). وعنه (عليه السلام): " احمل صبيك حتى يأتي عليه ست سنين، ثم أدبه في الكتاب سبع سنين... " (5). 5 - عن زيد بن ثابت: " [إذا كتبت] ضع القلم على أذنك، فإنه أذكر للمملي به " (6). 6 - قال علي (عليه السلام) لكاتبه عبيد الله بن أبي رافع: " ألق دواءك، وأطل جلفة قلمك، وفرج بين السطور، وقرمط بين الحروف، فإن ذلك أجدر بصباحة الخط " (7).
(1) كنز العمال 22: 41 عن الحكيم الترمذي وأبي الشيخ وعبد الرزاق. (2) كنز العمال 22: 51 عن ابن النجار عن أبي هريرة. (3) مستدرك الوسائل 15: 166 عن روضة الواعظين للفتال النيسابوري. (4) الوسائل 12: 247 وجامع أحاديث الشيعة 21: 406 عن الكافي والتهذيب والمستدرك 15: 165. (5) جامع أحاديث الشيعة 21: 406 عن مكارم الأخلاق عن المحاسن. (6) عيون الأخبار لابن قتيبة 1: 42 وتدوين السنة: 91 عنه (وعن الجامع الصغير 2: 52 وقال الترمذي عن زيد بن ثابت، وانظر الكامل لابن عدي 4: 1604 و 5: 1901 وروي في تدوين السنة: 96 نحوه عن تاريخ الكردي: 9 وراجع كنز العمال 10: 194. (7) راجع كنز العمال 10: 195 ومسند علي / 1053 وربيع الأبرار 3: 180 وشرح الغرر / 2459 وتدوين السنة: 146 عن نهج البلاغة قسم الحكم / 315 وتاج العروس في قرمط وكذا في النهاية لابن الأثير ولسان العرب والجامع لأخلاق الراوي 1: 403 / 540 و 541.
[385]
وفي لفظ: عن عوانة بن الحكم قال: " قال علي رضي الله عنه لكاتبه: أطل جلفة قلمك وأسمنها، وأيمن قطنتك، وأسمن طنين النون، وحور الحاء، وأسمن الصاد، وعرج العين، واشقق الكاف، وعظم الفاء ورتل اللام ". (مسند علي وكنز العمال). 7 - عن علي (عليه السلام): " الخط علامة، فكل ما كان أبين كان أحسن " (1). 8 - قال أبو حكيمة العبدي: " كنت أكتب المصاحف، فبينا أنا أكتب مصحفا إذ مر بي علي (عليه السلام)، فقام ينظر إلى كتابي، فقال: أجل قلمك، فقططت من قلمي قطة ثم جعلت أكتب فقال: نعم هكذا نوره كما نور الله " (2). 9 - عن سيف بن هارون مولى آل جعدة: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): اكتب بسم الله الرحمن الرحيم من أجود كتابك، ولا تمد الباء حتى ترفع السين " (3). 10 - عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " عدم العلم بالكتاب زمانة خفية " (4). 11 - عاصم بن المهاجر الكلاعي يحدث عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " الخط الحسن يزيد الحق وضحا " (5). 12 - " يا معاوية ألق الدواة، وحرف القلم، وانصب الباء، وفرق السين،
(1) كنز العمال 10: 195 عن الخطيب في الجامع عن علي (عليه السلام) وراجع الجامع لأخلاق الراوي 1: 400. (2) راجع مسند علي / 809 والعقد الفريد 4: 196 ونوادر الأصول: 334 وكنز العمال 10: 194 (عن عبد الرزاق ومسند سعيد بن منصور) وتدوين السنة: 146 و 147 عن أدب الإملاء للسمعاني: 166 و 167 والمصاحف للسجستاني: 145 و 146 والعقد الفريد 2: 299 وراجع ابن أبي شيبة 2: 498 و 10: 544 والجامع لاخلاق الراوي 1: 400 / 534 و 535. (3) تدوين السنة: 160 عن الكافي 2: 493 كتاب العشرة. (4) ابن أبي الحديد 20: 398. (5) أدب الإملاء والاستملاء: 166.
[386]
ولا تقور الميم، وحسن الله، ومد الرحمن، وجود الرحيم " (1). 13 - عن علي بن أبي طالب قال: " تنوق رجل في بسم الله الرحمن الرحيم فغفر له " (2). 14 - أنس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) " الخط الحسن يزيد الحق وضوحا " (3). وفي كلمة " قيدوا " تلويح إلى علة الأمر، إذ تبديل كلمة قيدوا مكان " اكتبوا " مع أن القيد ليس بمعنى الكتابة، ولذلك سئل عن معنى التقييد: فيه إشارة إلى أن الحديث والعلم فرار، ولولا التقييد لفر كما يفر الصيد والأسير، ولضاع بالسهو والنسيان،... كما أشير إليه في حديث " العلم صيد والكتابة قيد، قيدوا رحمكم الله علومكم بالكتابة " و " اكتبوا العلم قبل ذهاب العلماء " ولولا ذلك لما كان لتبديل اكتبوا وذكر " قيدوا " وجه. وعلى هذا تكون دلالته على الإرشاد أو الوجوب آكد، وأن الحفظ لا يكفي ولا يفيد كما ثبت ذلك بالتجربة، ولعل لأجل ذلك أكد ذلك في حديث بالتكرار بقوله " قيدوا قيدوا " وكما أشار إليه أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) في قوله: " ولولاه لأنقطع أخبار الماضين ودرست العلوم وضاعت الآداب ". وصرح (صلى الله عليه وآله) في أمره (صلى الله عليه وآله) عليا بالكتاب، وقول علي (عليه السلام): " أتخاف علي النسيان " بذلك قائلا: " ولست أخاف عليك النسيان وقد دعوت الله لك يحفظك ولا ينسيك، ولكن اكتب لشركائك " حيث يدل على أن الحفظ لا يفي بذلك حتى دعا (صلى الله عليه وآله) لعلي بالحفظ أولا، ثم إن ذلك لا يكفي بالنسبة إلى الغائبين والآتين. وفي قوله (صلى الله عليه وآله): " يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد
(1) أدب الاملاء والاستملاء: 170. (2) الجامع لأخلاق الراوي 1: 399. (3) المصدر.
[387]
العلماء على دماء الشهداء " أيضا يمكن أن يقال: إن كليهما سبب لبقاء الدين، ورجح مداد العلماء، لكونه علة البقاء حتى أن إيمان الذين يجيئون بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) يكون بسبب مداد العلماء حتى يكونوا أفضل من الصحابة كما في الحديث: " أتدرون أي الإيمان أفضل ؟... قلنا فمن هم يارسول الله ؟ قال: أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا " وفي لفظ " أعجب الناس إيمانا، وأعظمهم يقينا " لأنهم آمنوا بسواد على بياض. فقه الأحاديث: هذه الأوامر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كقوله (صلى الله عليه وآله): " قيدوا العلم بالكتاب " أو " اكتبوا العلم قبل ذهاب العلماء " أو " اكتبوا ولاحرج " أو " اكتبوا هذا العلم، فإنكم تنتفعون به " أو " استعن بيمينك " أو " اكتب ما أملي عليك " أو... يحتمل في المراد منها وجوه: الأول: الاستحباب، فيكون المراد كون كتابة الحديث مندوبا إليها ومطلوبة لله تعالى ومستحبة، فإذا دار الأمر بين حفظ الأحاديث عن ظهر القلب وبين الكتابة كانت الكتابة أرجح فردي الواجب، لأن حفظ الدين واجب، وتردد الأمر بين فردي الواجب والكتابة أفضل، لكونها أبقى وأحكم وأتقن. الثاني: المطلوبية والرجحان الجامع بين الوجوب والاستحباب، فتكون واجبة تارة ومستحبة أخرى على اختلاف الموارد والأشخاص. الثالث: الإرشاد إلى ما يحكم به العقل من لزوم حفظ الدين من الضياع، فتارة تكون واجبة إذا كانت الكتابة في الواجبات والمحرمات، ومستحبة إذا كانت في المستحبات، فهذه الأوامر تشير إلى ما يحكم به العقل السليم، وليس وراء ذلك
[388]
شئ آخر. الرابع: الوجوب كما هو ظاهر الأمر على ما اشتهر عند العلماء في علم الأصول من أن عرف العقلاء أنهم يريدون من الأمر الوجوب، ولايجوز لمن خالف الأمر التعلل باحتمال الاستحباب، ولا يمكن للمأمور الاعتذار باحتمال أن يكون الأمر للاستحباب، ولا يسمع منه إن اعتذر بذلك عند المولى، بل يرونه مستحقا للمؤاخذة والعقاب. والأرجح هو الثالث أو الرابع، إذ من المعلوم الواضح البديهي وجوب حفظ الدين عقلا وشرعا، وله فردان: الأول: الحفظ عن ظهر القلب، وهو في معرض النسيان والسهو وغير قابل للبقاء بالنسبة إلى القرون والأعصار، والثاني: الكتابة، وهي مصونة عن هذه المخاطر أو أقل خطرا. الكتابة في القرآن الكريم: ولعل ذلك كله منه كله منه (صلى الله عليه وآله) استيحاء من القرآن الكريم، حيث عظم القلم حتى أقسم به وقال: * (ن والقلم وما يسطرون) * (1) أقسم بالقلم، لما فيه من المنافع والفوائد ما ليس في البيان باللسان، فإن التفاهم بالنطق والكلام إنما يكون بين الحاضرين، وأما بينهم وبين الغائبين فإنما يكون بالقلم، وقال الطبرسي في المجمع: " والقلم الذي يكتب به أقسم الله به لمنافع الخلق فيه، إذ هو أحد لساني الإنسان يؤدي عنه ما في جنانه، ويبلغ البعيد عنه ما يبلغ القريب بلسانه، وبه يحفظ أحكام الدين وبه تستقيم أمور العالمين " (2). كما أنه عظم ما يسطره القلم حتى أقسم به، وقال سبحانه وتعالى في بيانه
(1) القلم: 1. (2) مجمع البيان 10: 332.
[389]
نعمه ومننه: * (الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) * (1)، وعن قتادة في تفسيرها: " القلم نعمة من الله عظيمة، لولا القلم ما قام دين ولم يصلح عيش (2)... ونبه على فضل علم الكتابة، لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو، وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم، ولا كتب الله الكتب المنزلة إلا بالكتابة، ولولاها ما استقامت أمور الدين والدنيا " (3). وعن عبد الله بن عمر قال: " يا رسول الله أأكتب ما أسمع منك من الحديث ؟ قال: نعم، فاكتب، فإن الله علم بالقلم " (4). واهتماما منه عزوجل بشأن الكتاب وبيان عظمته يصف ما أنزل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وعلى أنبيائه العظام صلوات الله عليهم بالكتاب والصحف قال سبحانه: * (ذلك الكتاب لا ريب فيه) * (5) و * (ان هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) * (6) و * (أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى) * (7) و * (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) * (8) و * (لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) * (9). كما أنه تعالى قد يكني عن الواجب الثابت بأنه مكتوب كقوله تعالى: * (كتب
(1) العلق: 4 و 5. (2) الدر المنثور 6: 250 و 369 والقرطبي 20: 120 والمجمع 10: 514 والطبري 30: 161 وتفسير الرازي 32: 17 والتبيان 10: 380 والجامع لأخلاق الراوي 1: 392. (3) القرطبي 20: 120 وراجع السراج المنير 4: 561. (4) راجع تفسير أبي الفتوح 5: 556 عن عبد الله بن عمر وجلاء الأذهان 4: 405 وتدوين السنة: 99 عن أبي هريرة حديثا آخر. (5) البقرة: 1. (6) الأعلى: 18 و 19. (7) طه: 13. (8) البقرة: 285. (9) الأنبياء: 105.
[390]
عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) * (1) و * (كتب ربكم على نفسه الرحمة) * (2) و * (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) * (3) و * (كتب عليكم القصاص في القتلى) * (4) إلى غير ذلك من الآيات التي عبر فيها عن اللزوم والثبات والوجوب العقلي أو الشرعي بالكتاب. هذا وقد أمر الله سبحانه المسلمين بالكتابة فيما بينهم فيما يجري من الأمور والحوادث فقال: * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولايأب كاتب أن يكتب كما علمه الله وليملل الذي عليه الحق... ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا...) * (5). أكد سبحانه وتعالى على كتابة الأموال بقوله تعالى: * (ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا...) * وأشار إلى علل الحكم: بأن الكتابة أقسط وأقوم وأدنى ألا ترتابوا، وهذه العلل تفيد لزوم الكتابة في الحديث والمسائل الإسلامية بالأولوية القطعية، وإن شئت فقل هذه العلل توجب لزوم الكتابة في الحديث عملا بأن العلة تعمم وتخصص، فهل يعقل أن يأمر سبحانه وتعالى بكتابة الأموال صغيرة للعلة المذكورة ولا يأمر بكتابة الحديث والعلوم الدينية في الأصول والفروع والمعارف والأحكام والأخلاق والآداب أو ينهى عن كتابة السنة النبوية (والعياذ بالله) حاشا ثم حاشا، بل يمكن أن يقال: إن كتابة الحديث واجبة بهذه الآية الكريمة.
(1) البقرة: 183. (2) الأنعام: 12. (3) المجادلة: 21. (4) البقرة: 178. (5) البقرة: 282.
[391]
قال الخطيب في تقييد العلم: 70 و 71 " وفي وصف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكتاب أنه قيد العلم دليل على إباحة رسمه في الكتب (1) لمن خشي على نفسه دخول الوهم في حفظه وحصول العجز عن إتقانه وضبطه، وقد أدب الله سبحانه عباده بمثل ذلك فقال عزوجل: * (ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا) * فلما أمر الله تعالى بكتابة الدين حفظا له واحتياطا عليه وإشفافا من دخول الريب فيه كان العلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدين أحرى أن تباح كتابته خوفا من دخول الشك والريبة ويشك فيه ". أقول: إن كان الأمر مولويا يفيد الوجوب في الدين فهو هنا آكد لأهمية أصول الدين وفروعه، وإن كان إرشادا يفيده فهو هنا أيضا آكد ويمكن أن يقال: إذا قلنا بالإستحباب في الأموال نستفيد منه الوجوب هنا، لمكان العلل المذكورة، لأن دفع الريب في الدين واجب قطعا، وأن الأمر إرشاد إلى ما يحكم به العقل، فحكم العقل في وجوب حفظ الدين واضح لامرية فيه (2).
(1) مدلول الآية الكريمة وجوب الكتاب أو استحبابه أو الارشاد إلى ما يحكم به العقل على اختلاف الموارد وجوبا واستحبابا ولكن الخطيب استفاد منها الاباحة حفظا لكرامة الذين نهوا عنه وحرموه كما يأتي والآية الكريمة ليست في مقام بيان الإباحة إذ لم يكن هناك توهم الحرمة حتى يبين عدمها، بل الآية كما يستفاد من التعليل لبيان الوجوب أو الاستحباب أو الإرشاد كما اوضحناه. قال ابن حجر في الفتح 1: 183: " وإن كان الأمر استقر والاجتماع إنعقد على جواز كتابة العلم بل على استحبابه (يعنى بعد أمر عمر بن عبد العزيز) بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم ". (2) راجع في تفسير الآية: أحكام القرآن للجصاص 1: 205 وما بعدها وزبدة البيان: 443 ومسالك الإفهام 3: 57 وكنز العرفان 2: 47 وتفسير الطبري 3: 77: والقرطبي 3: 383 و 384 والمنار 3: 135 والتبيان 2: 371 وتفسير الرازي 7: 110 ومجمع البيان 2: 397 والدر المنثور 1: 37. قالوا: " ذهب عطاء وابن جريج والنخعي والطبري إلى وجوب الكتابة وكذا عن الضحاك والربيع وآخرون قالوا: بالندب، وعلى هذا جمهور الفقهاء والمجتهدين، لاجماع المسلمين على جواز البيع بالأثمان المؤجلة من غير كتابة ولا إشهاد، ولأن في ايجابهما حرجا وضيقا، والنبي (صلى الله عليه وآله) بعث بالشريعة السهلة السمحة " وراجع فتح الباري 1: 182 وعمدة القاري 2: 158 و 167. (*
[392]
وقال سبحانه وتعالى في مكاتبة العبيد مع الموالي * (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) * (1) واستدل قتادة في كتابة الحديث بقوله تعالى * (في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) * (2) وعن ابن عباس: " قال سفيان: لا أعلمه إلا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) * (أو أثارة من علم) * قال: الخط ". رواه احمد والطبراني في الأوسط إلا أنه قال: " سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الخط قال: هو أثارة من علم " (3). قيل لقتادة: " يا أبا الخطاب أنكتب ما نسمع ؟ قال: وما يمنعك أحد أن تكتب، وقد أنبأك اللطيف الخبير أنه قد كتب وقرأ * (في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) * (4). كما أن أبا المليح استدل بها أيضا وقال (ناقلا عن أيوب): يعيبون علينا الكتاب وقد قال الله تعالى: * (علمها عند ربي في كتاب) * (5) وقال: " يعيبون علينا أن نكتب العلم وندونه وقد قال الله تعالى: * (علمها عند ربي في كتاب) * (6). كأن في الآية الكريمة إشعار بعواقب ترك الكتابة وهي الضلال والنسيان واستدل الخطيب أيضا فقال بعد كلامه المتقدم: " فمن ذلك أن المشركين لما ادعوا بهتا اتخاذ الله سبحانه بنات من الملائكة أمر الله نبينا أن يقول لهم: فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين " (7). حيث طالبهم الله سبحانه بكتاب يشهد لهم وذلك تعليم لنا في أخذ الكتاب
(1) النور: 33. (2) طه: 52. (3) مجمع الزوائد 1: 192. (4) الطبقات الكبرى 7 / ق 2: 2 وتقييد العلم: 103 والسنة قبل التدوين: 328. (5) راجع سنن الدارمي 1: 126 وابن أبي شيبة 9: 51 وجامع بيان العلم 1: 87 والتراتيب الإدارية 2: 248 وتقييد العلم: 110 و 111 وتدريب الراوي 2: 65 والسنة قبل التدوين: 336. (6) تقييد العلم: 114. (7) الصافات: 157.
[393]
سندا عند الأمور الدينية والدنيوية. ولعله يؤمئ إلى ذلك ما ذكره الله عزوجل في كتابه الكريم من كتابة أعمال الناس، وأنه يؤتي كتاب كل إنسان بيمينه أو شماله، ولم يكتف سبحانه في الاحتجاج على الناس بعلمه وبحضور ملائكته، وشهادة أنبيائه (عليهم السلام)، بل أكد في آيات كثيرة بأن أعمالهم تكتب، ويؤتون يوم القيامة فيقرأون ويقولون: هاؤم اقرأوا كتابيه أو ياليتني لم أوت كتابيه. كتابة الحديث عند العقل: هذا كله فيما عثرنا عليه من الأحاديث المنقولة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين، واستفدنا منها، إما الوجوب أو الإرشاد إلى ما يحكم به العقل السليم. والعقل بعد ما علم وجوب طاعة الله والعمل بأحكام الله يرى وجوب حفظها وإبقائها وإبلاغها كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته المتواترة الخالدة: " نضر الله وجه عبد سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها إلى من لم يبلغها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه... " (1). ولا شك أن الكتابة أدق وأقوم وأوفى وأبعد من الريب ولاسيما في جزئيات الأمور، وأنها أوثق وسيلة لحفظ العلوم وصونها عن الزوال، وأنها تمثل تراثا ثمينا ووثائق قيمة تساعد كثيرا على دراسات كثير من الحالات والظواهر التي قد لا تجد من يعبر عنها في الظروف العادية لو لا الكتابة، وأنها تحفظ أخبار الماضين والحوادث والعلوم المادية والدينية إلى الغائبين والآتين، وتحفظ الأحاديث عن التحريف والسهو والنسيان، كما أن الكتابة تمثل لنا التأريخ والحضارة في الأقوام
(1) تقدم الحديث مع ذكر مصادره.
[394]
البائدة ومقدار الحضارة الغابرة، كما أن نفس كتابة العلوم والآثار دليل على الحضارة الراقية في الأقوام الماضية. بعث (صلى الله عليه وآله) في الأميين وقال (صلى الله عليه وآله): " إني بعثت إلى أمة أمية " (1) وقال (صلى الله عليه وآله) " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " (2). ولم يكن حينما بعث (صلى الله عليه وآله) في مكة والمدينة من يحسن أن يكتب إلا القليل، ولكنه (صلى الله عليه وآله) اهتم كثيرا بتعليم المسلمين الكتابة، فشاعت الكتابة وذاعت وكثر الكتاب بين المسلمين، حتى أنه (صلى الله عليه وآله) في غزو بدر جعل الفدية ممن لا مال له وهو يحسن أن يكتب أن يعلم عشرة من غلمان الأنصار (3) وأمر عبد الله بن سعيد أن يعلم الكتابة بالمدينة وكان محسنا. كل ذلك لاهتمامه (صلى الله عليه وآله) بالكتابة وآثارها ومنافعها، ولا بأس بالإشارة إلى كلمات الصحابة والتابعين في هذا المقام: كلمات الصحابة والتابعين والعلماء: روي عن اسحاق بن منصور قال: " قلت لأحمد بن حنبل: من كره كتاب العلم ؟ قال: كرهه قوم، ورخص فيه آخرون، قلت له: لو لم يكتب لذهب العلم، قال: نعم ولولا كتابة العلم أي شئ كنا نكون نحن ؟ " (4). وعن إسحاق بن راهويه نحو ما نقل عن أحمد. وعن يحيى بن معين وأحمد: " كل من لم يكتب العلم لا يؤمن عليه
(1) مسند أحمد 5: 132. (2) له مصادر ذكرناها، وتكلمنا حول ذلك في الفصل الخامس والسادس. (3) راجع الطبري 2: 465 والبداية والنهاية 4: 328 ومصادر أخرى ذكرناها في الفصل المتقدم. (4) جامع بيان العلم 1: 90 - 91 وتقييد العلم: 115 وصحائف الصحابة: 45.
[395]
الحفظ " (1). وعن حماد بن زيد: " كل من لا يرجع إلى الكتاب لا يؤمن عليه الزلل " (2). وعن معاوية بن قرة أنه يقول: " من لم يكتب العلم فلا تعدوه عالما " (3). وفي لفظ الخطيب " من لم يكتب العلم فلا تعد علمه علما " وفي نص آخر " كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علما " وقال يحيى بن سعيد: " لئن أكون كتبت كل ما كنت أسمع أحب إلي من أن يكون لي مثل مالي " (4). قال ابن المبارك: " لولا الكتاب ما حفظنا " (5). قال الشافعي: " اعلموا - يرحمكم الله - أن هذا العلم يند كما تند الإبل، فاجعلوا الكتب له حماة، والأقلام عليه رعاة " (6). قال أنس: " كنا لا نعد علم من لم يكتب علما " (7) يعني نحن الصحابة الكرام لا نعد علم من لم يكتب علما. قال عامر الشعبي: " الكتاب قيد العلم " (8) وقال: " إذا سمعت شيئا فأكتبه ولو على الحائط " (9) وقال: " لا تدعن شيئا من العلم إلا كتبت، فهو خير لك من موضعه
(1) جامع بيان العلم: 1: 91 وصحائف الصحابة: 46. (2) جامع بيان العلم: 1: 91. (3) جامع بيان العلم 1: 88 وتقييد العلم: 109 والدارمي 1: 128 وتدوين السنة: 252 عن الدارمي ومحاسن الاصطلاح: 303 وصحائف الصحابة: 45 وعن ابن رشد (كما في التراتيب 2: 249): " ولولا أن العلماء قيدوا الحديث ودونوه وضبطوه وميزوا الصحيح منه من السقيم لدرس العلم وعمي أثرالدين ". (4) جامع بيان العلم 1: 89 وتقييد العلم: 111. (5) تقييد العلم: 114 وصحائف الصحابة: 45 وتدوين السنة: 376 و 377. (6) تقييد العلم: 114 وتدوين السنة: 376 و 377. (7) تقييد العلم: 96 وتدوين السنة: 211. (8) تقييد العلم: 99 وتدوين السنة: 251. (9) تقييد العلم: 100 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 34 وتدوين السنة: 251.
[396]
من الصحيفة، وإنك تحتاج إليه يوما " (1). قال يحيى بن أبي كثير لمعمر: " اكتب، فإنك إن لم تكن كتبت فقد ضيعت أو قال: عجزت " (2). قال الميموني لأحمد بن حنبل: " قد كره قوم كتاب الحديث بالتأويل قال: إذا يخطئون إذا تركوا كتاب الحديث " (3). وقال ابن الصلاح: " ثم إنه زال الخلاف وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الأخيرة " (4). وقال الرامهرمزي: " والحديث لا يضبط إلا بالكتاب ثم بالمقابلة والمدارسة والتعهد والتحفظ " (5). قال أحمد بن حنبل: " لولا كتابته (أي: الحديث) أي شئ كنا نحن ؟ " (6). قال هشام بن الحكم: " ببريق الحبر تهتدي العقول إلى خبايا الحكم " (7). كان الحسن يقول: " الجائي إلى العالم بلا ألواح كالجائي إلى الحرب بلا سلاح " (8). عن يحيى بن معين: " حكم من يطلب الحديث أن لا يفارق محبرته ومقلمته،
(1) تقييد العلم: 100. (2) جامع بيان العلم 1: 92 وتقييد العلم: 110 والمصنف لعبد الرزاق 11: 25. (3) تقييد العلم: 115. (4) السنة قبل التدوين: 336 عن مقدمة ابن الصلاح: 171. (5) السنة قبل التدوين: 336 عن المحدث الفاصل: 71. (6) تقييد العلم: 115 وراجع تدوين السنة: 378 وما بعدها. (7) الجامع لأخلاق الراوي 1: 397. (8) الجامع لأخلاق الراوي 2: 268 / 1605.
[397]
وأن لا يحقر شيئا يسمعه فيكتبه " (1). قال أبو بكر بن عياش: " إذا رأيت صاحب حديث بلا محبرة فهو مثل نجار بلا فأس " (2). قال ابن الأثير وهو يتحدث عن الكتابة: " لعمري إنها الأصل، فإن الخاطر يغفل، والذهن يغيب، والذكر يهمل، والقلم يحفظ ولا ينسى " (3). عن الأعمش قال: " أحب إذا رأيت الشيخ لم يكتب الحديث أصفع له " (4). عن الشافعي: " لولا المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر " (5). عن عمر وأنس وعبد الله بن عمر وابن عباس: " قيدوا العلم بالكتاب " (6). قال ابن معين: " إظهار المحبرة عز " (7). قال أبو عمر: " ولولا الكتاب لضاع كثير من العلم، وقد أرخص رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في كتاب العلم، ورخص فيه جماعة من العلماء وحمدوا ذلك " (8). قال الزمخشري: " ما خلدت العلوم إلا بما دبر من تدوينها والتصنيف في أفانيها، وإلا لكانت أنفاسا تمضي ورياحا تجري وأصواتا تفنى وأجراسا لا تبقى ولقل الغابر منها في أيدي الناس والثابت على مر الأجراس ولشط على طالبيه
(1) الجامع لأخلاق الراوي 2: 269 / 1607. (2) الجامع لأخلاق الراوي 2: 269 / 1609. (3) تدوين السنة: 378 عن جامع الأصول: 1: 40. (4) شرف أصحاب الحديث: 124. (5) تدوين السنة: 33 عن سير أعلام النبلاء 10: 70. (6) تقدم ذكر مصادره. (7) تدوين السنة: 33 عن الكامل لابن عدي: 133. (8) جامع بيان العلم: 84.
[398]
الرقاد وكتب على مقتبسيه الزناد ولا ترى للعالم علما... " (1). وعن إبراهيم بن هاني: " قلت لأحمد بن حنبل: أي شئ أحب إليك أجلس بالليل أنسخ أو أصلي تطوعا ؟ فقال: إذا كنت تنسخ، فأنت تعلم به أمر دينك فهو أحب إلي " (2). هذا قليل من كثير من كلمات العلماء من الصحابة والتابعين وغيرهم تدل على ما يحكم به العقل في كتابة الحديث، وهذه العبائر تحكي عن بيان ما عندهم حسب ارتكازهم وحكم فطرتهم، وأنهم يعلمون أن السنة إذا لم تكتب تذهب أو يقع فيها تحريف أو سهو أو نسيان أو خطأ وتدخل فيها الأكاذيب وإذا ذهبت السنة ذهب الدين. لفت نظر: ومما يلفت النظر هو سؤال رافع بن خديج الأنصاري الأوسي عن الكتابة واستئذانه في ذلك أو هو ورجل آخر يشكو الحفظ ويستأذن في الاستعانة باليد كأنه شك في جوازها حتى مع عدم إمكان الحفظ أو معه يعني شك في أمر بديهي عند العقل والعقلاء، ولا أرى له وجها إلا التشكيك من الذين نهوا عبد الله بن عمرو عن الكتابة قائلين: إنه بشر يغضب ويرضى - والعياذ بالله - يتكلم برضاه وسخطه على خلاف الحق والواقع، وقد مر كلام القاضي عياض في ذلك، وسوف يأتي منا البحث حول ذلك.
(1) ربيع الأبرار 3: 240 وراجع: 296 أيضا. (2) تدوين السنة: 43 عن الفقيه والمتفقه للخطيب 1: 17 وفي هذا المقام كلام للجاحظ وغيره في منافع الكتاب وفوائده راجع المحاسن للبيهقي: 6 - 17 وتقييد العلم: 121 و 136 و 139 وجامع بيان العلم 1 وأدب الإملاء والاستملاء: 158 وما قبلها وما بعدها.
[399]
كتابة الحديث في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) عند الصحابة: إلى هنا تم ذكر ما عثرنا عليه من الأحاديث والآثار الواردة في كتابة الحديث، وأما عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما عزم عليه وأقدم في حفظ السنن النبوية، بل في حفظ الكتاب، فالذي عثرنا عليه هو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل جمعا من الصحابة كاتبا للوحي، وكلما نزلت سورة أو آية أمر الكاتب فيكتبها كما تقدم في الفصل السادس، فكذلك أنه (صلى الله عليه وآله) أمر الصحابة بكتابة السنة، ورغبهم وشوقهم إلى ذلك، فكانوا يجلسون حوله (صلى الله عليه وآله) ويكتبون الأحاديث، حتى أن جمعا من أصحاب الصفة قاموا بذلك وليس لهم شغل وعمل سواه، ويدل مع ذلك الآثار والمصادر القيمة، وإليك ما عثرنا عليه: 1 - " كان الراتبون بالصفة نحو أربعمائة رجل منهم أبو هريرة وابن ام مكتوم وصهيب وسلمان وخباب وبلال والمؤمنون به (عليه السلام) منهم من قام بالجهاد، ومنهم من قام بالزراعة، ومنهم من قام بتقييد العلم، ومنهم قام بالقراءة، ومنهم من ركن للعبادة " (1). 2 - روى عبد الله بن عمر (في تقييد العلم: عبد الله بن عمرو) قال: " كان عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أناس من الصحابة وأنا معهم وأنا أصغر القوم، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، فلما خرج القوم قلت لهم: كيف تحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد سمعتم ما قال وأنتم تنهمكون في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فضحكوا وقالوا: يا ابن اختنا (اخينا - خ) إن كل ما سمعناه هو عندنا في كتاب " (2).
(1) التراتيب الإدارية 1: 447. (2) التراتيب الإدارية 2: 244 عن الطبراني في الكبير، وراجع الكامل لابن عدي 1: 36 وتقييد العلم: 98 بسندين (وبهامشه عن المحدث الفاصل 4: 24) ومجمع الزوائد 1: 152 وتدوين السنة: 49 - 50.
[400]
3 - وعن أنس: " كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علما (1) " (أي: الصحابة الكرام رضي الله عنهم). 4 - وعن أبي قبيل قال: " سمعت عبد الله بن عمرو قال: بينما نحن حول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نكتب إذ سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي المدينتين تفتح أولا قسطنطية أو رومية ؟ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) " الحديث (2). 5 - روي عن القاسم بن محمد: " إن الأحاديث كثرت على عهد عمر، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها ". وفي نص آخر عنه: " إن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهر في أيدي الناس كتب فاستنكرها وكرهها، وقال: أيها الناس إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب، فأحبها أعدلها وأقومها، فلا يبقين أحد عنده كتاب إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي، قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار ثم قال: أمنية كأمنية أهل الكتاب " (وفي الطبقات: لامثناة كمثناة أهل الكتاب) (3). هذه المصادر تثبت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يكتبون الأحاديث والسنن النبوية بمحضر منه (صلى الله عليه وآله) ويجلسون حوله، حتى أن من لم يكتب لا يعد علمه علما بل اختص جمع من أصحاب الصفة بكتابة الحديث، فهم كانوا كتاب سنن الرسول (صلى الله عليه وآله) كما أن جمعا كانوا كتاب الوحي وكتاب القرآن الكريم. قال محمد بن العجاج: " ويقوي عندي أن معظم ما رواه الصحابة والتابعون
(1) تقييد العلم: 96 (2) سنن الدارمي 1: 126 ومسند احمد 2: 176 ومجمع الزوائد 1: 151 والتراتيب الإدارية 2: 245 عنه وفي سير أعلام النبلاء 3: 87 " كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نكتب ما يقول ". (3) راجع تقييد العلم: 52 والطبقات 5: 140.
[401]
كان بلفظ الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن بعضهم كان يكتب الحديث بين يدي النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وكانوا يعقدون الحلقات يتذاكرون فيها ما يسمعونه منه (صلى الله عليه وسلم) ويصحح بعضهم أخطاء بعض، وإذا شكوا في أمر أو أشكل عليهم رجعوا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) " (1). أقول: كتابة الصحابة رضي الله عنهم لحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) تشهد بها المصادر المذكورة، ولكن كون معظم ما رواه الصحابة والتابعون بلفظ الرسول (صلى الله عليه وآله) فيه ما لا يخفى بعد إحراق الكتب ومنع الكتابة والحديث كما سيأتي. يستفاد من هذه النصوص أن كتب الأحاديث الحاوية للسنة كانت كثيرة في خلافة عمر بن الخطاب كتبها الصحابة الكرام حتى استنكرها عمر وجمعها فأحرقها، ويستفاد من بعضها أن كتب الحديث كانت متوفرة في البلاد التي هاجر إليها الصحابة فكتب إلى هذه البلاد، وأمر بتحريقها أو محوها (2). وسيأتي أن جميع الصحابة لم يمتثلوا أمر الخليفة، بل يستفاد من النصوص أن جمعا منهم لم يأتوا إليه بما عندهم كسعد بن عبادة وجابر بن عبد الله الأنصاري، بل في بعض النصوص أن علقمة وعبيدة قالا (بعد خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الأحاديث المنقولة، وأن بعضها مكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)): " فما نصنع بما خبرنا به في هذه الصحف عن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) " (3). 6 - أوثق دليل وأجلى برهان على اهتمامه (صلى الله عليه وآله) بكتابة السنة ما وصل إلينا من كتبه (صلى الله عليه وآله):
(1) السنة قبل التدوين: 135. (2) تقييد العلم: 53 وفيه " ثم كتب في الأمصار: من كان عنده منها شئ فليمحه " وكنز العمال 10: 179 (عن أبي خثيمة وابن عبد البر في العلم) وجامع بيان العلم 1: 77 والأضواء على السنة: 47 والسنة قبل التدوين: 311. (3) البحار 2: 113 عن كتاب عاصم بن حميد وتدوين السنة: 342 عن كتاب عاصم: 39.
[402]
في الدعوة إلى الاسلام كتبها إلى الملوك والأمراء والأساقفة والمرازبة وقبائل العرب. وفي بيان الأحكام كتبها إلى عماله: كعمرو بن حزم، معاذ بن جبل وأبناء عبد كلال ومصعب والعلاء بن الحضرمي. وما كتبه في المواثيق وفيها أيضا بيان الأحكام ككتابه بين المهاجرين والأنصار ويهود المدينة وكتابه إلى الأسبذيين ولوفد ثمالة والحدان ولبني قراض ولنجران ولجهينة ولعبد القيس ولأكيدر ولأهل دومة و... وما كتبه وجعله في قراب سيفه في الصدقة والعقول وسائر الأحكام. وما كتبه لعلي (عليه السلام) في إدارة شؤون الدولة. وما سيأتي في محله مع ذكر مصادره إن شاء الله تعالى.
[403]
كتبه (صلى الله عليه وآله) بإملائه (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) ولا غرو بأن نسميه " ديوان كتابة العلوم الإسلامية " إذ الذي نستفيد من الوثائق والمصادر الآتية هو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقتا خاصا بالليل ووقتا خاصا بالنهار يملي القرآن الكريم على علي (عليه السلام) مع تفسيره وتأويله وناسخه ومنسوخه، كما أنه يملي عليه الأحكام والمعارف فيكتبه، وبعبارة أخرى يملي المعصوم (صلى الله عليه وآله) إلى المعصوم (عليه السلام) جميع الدين: أصوله وفروعه فيكتبه هو بخطه وإليك المصادر: 1 - عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): اكتب ما أملي عليك قال: يا نبي الله أتخاف علي النسيان ؟ قال: لست أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله لك يحفظك ولا ينسيك، ولكن اكتب لشركائك قلت: ومن شركائي يا نبي الله ؟ قال: الأئمة من ولدك بهم تسقى أمتي الغيث، وبهم يستجاب دعاؤهم، وبهم يصرف الله عنهم البلاء وبهم تنزل الرحمة من السماء، وأومى إلى الحسن (عليه السلام) وقال: هذا أولهم وأومى إلى الحسين (عليه السلام) وقال: الائمة من ولده " (1).
(1) (1) أمالي الشيخ الأعظم الطوسي رحمه الله تعالى 2: 56 ط نجف وعلل الشرائع: 208 باسناده عن أبي =
[404]
قال الشيخ الحر العاملي رحمه الله تعالى: " وقد تواتر النص بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر أمير المؤمنين (عليه السلام) بكتابة جميع التنزيل والتأويل بل بكتابة جميع السنة وما ألقاه إليه من الأحاديث والأحكام الشرعية، بل بكتابة ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وأمره أن يكتب ذلك لشركائه فقال: من شركائي ؟ قال: الأئمة من ولدك " (1). أقول: نقل الفريقان أحاديث تدل على أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان له شأن خاص في أخذ العلوم عن النبي (صلى الله عليه وآله) وكتابتها وكتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسننه القولية والفعلية وكتابة القرآن الكريم وتفسيره وتأويله ومحكمه ومتشابهه، وليس لأحد ذلك. وإليك النصوص الدالة على الشأن الخاص له (عليه السلام): الف: عن علي (عليه السلام) أنه قيل له: " مالك أكثر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثا ؟ قال: إني كنت إذا سألته أنبأني وإذا سكت ابتدأني " (2).
= الطفيل عن الباقر (عليه السلام) وبصائر الدرجات: 187 ط الأعلمي وأمالي الصدوق رحمه الله تعالى: 241 ط قم والفوائد الطوسية للشيخ الحر العاملي: 243 وغيبة النعماني: 80 وغيبة الشيخ الطوسي: 206 و 207 وكمال الدين: 206 وينابيع المودة ط اسلامبول: 20 عن الحمويني والبحار 36: 232 (عن كمال الدين وأمالي الصدوق وأمالي الشيخ وبصائر الدرجات) في حديث طويل يأتي بعد ذلك و 273 عن غيبة النعماني وكتاب سليم وغاية المرام: 43 عن الحمويني ومعالم المدرستين للعلامة العسكري 2: 306 وجامع أحاديث الشيعة في المقدمة: 7 وإثبات الهداة للشيخ الحر العاملي 1: 395 (عن كمال الدين و 543 عن الاعتقادات للصدوق و 566 عن بصائر الدرجات و 643 عن الاستنصار للكراجكي و 657 عن سليم بن قيس و 747 عن الينابيع) وتدوين السنة عن الإمامة والتبصرة: 183 وغيره ممن ذكرناه. (1) الفوائد الطوسية: 243. (2) تاريخ الخلفاء للسيوطي: 170 والطبقات الكبرى ط بيروت 2: 338 وفي ط ليدن 2 / ق 2: 100 وبصائر الدرجات: 218 في حديث طويل يأتي وكذا في البحار 40: 139 عنه والمصنف لابن أبي شيبة 12: 9 بسندين والترمذي 5: 635 والمستدرك للحاكم 3: 125 ومصابيح السنة 4: 174 وحلية الأولياء 1: 68 ومسند علي: الرقم 54 و 367 وانساب الأشراف 2: 98 وتاريخ دمشق من فضائل =
[405]
ب: نقل ابن سعد عنه (عليه السلام): " سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم جبل ". ج: وقال علي (عليه السلام): " والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا " (1). وفي لفظ أحمد: عن علي (عليه السلام): " إني أحدث بنعمة ربي، كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتديت، وبين الجوانح علم جم " (2). د: عن عبد الله بن نجي عن أبيه قال: " قال علي: كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدخلان: مدخل بالليل ومدخل بالنهار، فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح " (3). ه‍ - أخرج ابن حبان في المجروحين بإسناده عن أبي عوانة قال: " سمعت الكلبي يقول: كان جبرئيل يملي الوحي على النبي (صلى الله عليه وآله) فلما دخل الخلاء جعل يملي
= علي (عليه السلام) 2: 454 وكنز العمال 15: 113 و 141 والبحار 2: 230 وفضائل احمد / 222 وملحقات احقاق الحق 6: 533 (عن جمع ممن ذكرنا عن منتخب كنز العمال 5: 46 بهامش المسند والصواعق: 37 ومفتاح النجاة: 28 وينابيع المودة: 283 وأرجح المطالب: 117 وفتح العلي: 20) وراجع كشف اليقين: 55. (1) الطبقات ط بيروت 2: 338 وط ليدن 2 / ق: 101 وكنز العمال 15: 113 وكفاية الطالب: 208 والمناقب للخوارزمي: 46 و 49 ومسند علي / 364 و 365 و 1169 والأمالي للشيخ المفيد رحمه الله تعالى: 152 وشرح الغرر / 5637 و 9677 وجامع بيان العلم 1: 138 واخبار 1: 50. (2) راجع فضائل أحمد / 222. (3) راجع سنن النسائي 3: 12 ومعالم المدرستين 2: 305 عنه (وعن سنن ابن ماجة 2: 1222 / 3708 من كتاب الأدب) وابن أبي شيبة 8: 420 / 5728 / و 8: 608 بألفاظ متقاربة، وراجع المناقب لابن شهر آشوب 2: 227 (عن أحمد وابن ماجه وكتاب أبي بكر بن عياش، وراجع ملحقات احقاق الحق 6: 511 عن الغصائص للنسائي: 30 وشرح ديوان أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله) للميبدي: 187 مخطوط وكشف الغمة لعبد الوهاب الشعراني 2: 229 وسعد الشموس والأقمار للشيخ عبد القادر الورديفي: 210 وأرجح المطالب: 467 و 514 عن الخصائص للنسائي ومطالب السؤول: 8 ومشكاة المصابيح للخطيب التبريزي: 565 ومفتاح النجاة: 28 مخطوط وينابيع المودة: 90) وراجع كفاية الطالب: 199 والكامل لابن عدي 2: 507 و 4: 1548 ومسند أحمد 1: 77 والنسائي 2: 12 ومسند أبي يعلي / 332.
[406]
على علي " (1). أقول: هذا الحديث نقله ابن حبان محرفا للتشنيع على الكلبي وعلى الشيعة، ورواه في البحار 18: 270 عن بصائر الدرجات عن العباس بن معروف عن حماد ابن عيسى عن ربعي عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كان جبرئيل (عليه السلام) يملي على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يملي على علي (عليه السلام)، فنام نومة ونعس نعسة، فلما رجع نظر إلى الكتاب فمد يده قال: من أملى عليك هذا ؟ قال: أنت قال: لا بل جبرئيل ". ورواه بنحو آخر في البحار 39: 152 عن الاختصاص للمفيد رحمه الله تعالى: 275 بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يملي على علي صحيفة، فلما بلغ نصفها وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأسه في حجر علي (عليه السلام)، ثم كتب علي (عليه السلام) حتى امتلأت الصحيفة، فلما رفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأسه قال: من أملى عليك يا علي ؟ فقال: أنت يا رسول الله قال: بل أملى عليك جبرئيل ". وروي نحوه في نفس المصدر بسند آخر، وفي بهج الصباغة 4: 123: " وفيه (أي: في المناقب) عن القطاني ووكيع والثوري والسدي ومجاهد في تفاسيرهم عن ابن عباس - في خبر - قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): يا علي ما كتبت حرفا، إلا وجبرئيل ينظر إليك ويفرح ويستبشر بك " (2). أملى من ملل يقال: أمللت الكتاب وأمليته إذا ألقيته على الكاتب ليكتبه (3)، فكان جبرئيل يملي على النبي (صلى الله عليه وآله) أي: يلقي عليه ليلقي هو على علي (عليه السلام) ليكتبه، قال سبحانه وتعالى: * (وليملل الذي عليه الحق... أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل
(1) المجروحين 2: 254. (2) راجع المناقب لابن شهر آشوب 2: 24 وراجع مدينة المعاجز 2: 187 / 491 و 492 عن الاختصاص. (3) راجع النهاية لابن الأثير في " ملل " وكذا في أقرب الموارد والمفردات للراغب والمصباح وتاج العروس ولسان العرب.
[407]
وليه...) * وقال تعالى: * (فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) * فأملل وأملى بمعنى واحد، وعن الفراء: أمللت لغة الحجاز وأمليت لغة بني تميم وقيس فنزل القرآن باللغتين. وقال ابن مسعود ذات يوم: " لو علمت أحدا هو أعلم مني بكتاب الله عزوجل لضربت إليه آباط الأبل، قال علقمة: فقال رجل من الحلقة: ألقيت عليا (عليه السلام) ؟ فقال: نعم قد لقيته، وأخذت عنه، واستفدت منه، وقرأت عليه، وكان خير الناس وأعلمهم بعد رسول الله، ولقد رأيته: كان بحرا يسيل سيلا " (1). وفي رواية عنه: " قرأت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعين سورة، وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب " (2). ز: وروي أنه كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا نزل عليه الوحي ليلا لم يصبح حتى يخبر عليا، وإذا نزل عليه الوحي نهارا لم يمس حتى يخبر عليا " (3). ح: قال علي (عليه السلام): " ولقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسني جسده ويشمني عرفه... ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم علما من أخلاقه، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري وغير خديجة، ولم يجمع بين واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة (عليها السلام) وأنا، ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة ؟ فقال: هذه رنة الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع
(1) سعد السعود: 285 وراجع تاريخ دمشق فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) 3: 25 و 26. (2) المناقب للخوارزمي: 48. (3) المناقب لابن شهر آشوب 2: 35.
[408]
وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي وأنك لوزير وأنك لعلى خير " (1). ط: عن أبي سعيد الخدري قال: " كانت لعلي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخلة لم تكن لأحد من الناس " (2). ي: قال ابن عباس في حديث رواه عن علي (عليه السلام) في التفسير " فقمت وقد وعيت كلما قال، ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي (عليه السلام) كالقرارة في المنفجر " (3). يا: عن عبد الله بن عمر عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " كنت إذا سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطاني وإذا سكت ابتدأني " (4). يب: وقال (عليه السلام): " كنت إذا سألت أعطيت وإذا سكت ابتديت " (5).
(1) نهج البلاغة: 182 / خ 190 ط عبده وراجع بهج الصباغة 4: 106 وفي شرح ابن أبي الحديد 1: 15 عنه (عليه السلام): " كنت أسمع الصوت وأبصر الضوء سنين سبعا " ورواه في بهج الصباغة 4: 123 عن الصادق (عليه السلام). (2) راجع تاريخ دمشق فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) 2: 453 و 455 والمناقب لابن شهر آشوب 2: 226 والمصنف لعبد الرزاق 10: 141 عن أبي سعيد الخدري. (3) سعد السعود: 285 و 286. (4) كفاية الطالب: 224 / باب 59 وراجع الغرر للآمدي (راجع الشرح / 7236) وراجع ملحقات إحقاق الحق 6: 519 (عن الترمذي 13: 170 والخصائص للنسائي: 30 بسندين والمستدرك للحاكم 3: 125 وحلية الأولياء 4: 382 و 1: 68 واسد الغابة 4: 29 ومطالب السؤول: 17 وذخائر العقبى: 64 والرياض النضرة: 226 وتلخيص الذهبي بذيل المستدرك 3: 125 وتفسير ابن كثير 5: 245 ومشكاة المصابيح: 564 وتهذيب التهذيب 5: 34 ومنتخب كنز العمال بهامش المسند 5: 50 وذخائر المواريث: 21 ومفتاح النجاة: 28 وأسنى المطالب وينابيع المودة: 215 وسعد الشموس والأقمار: 210 وأرجح المطالب: 467 وفتح العلي: 20) وراجع تأريخ دمشق 2: 454 وابن أبي شيبة 12: 59 ومصابيح السنة 2: 295 وشرح الغرر / 3779 و 7236 ومسند علي / 54 و 367 وراجع ابن أبي شيبة 12: 59 بأسانيد والترمذي 13: 170 و 174 والطبقات 2: 338 ومسند علي / الرقم 367. (5) الكامل لابن عدي 3: 1163 والمعجم الكبير للطبراني 6: 261 ومنحة المعبود 2: 142.
[409]
م: وقال علي (عليه السلام): " كانت لي منزلة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تكن لأحد من الخلائق، فكنت آتيه كل سحر فأقول: السلام عليك يا نبي الله فإن تنحنح لي انصرفت إلى أهلي وإلا دخلت " (1). يج: وقال (عليه السلام): " كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساعة آتيه فيها، فإذا أتيته استأذنت إن وجدته يصلي فتنحنح دخلت، وإن وجدته فارغا أذن لي " (2). يد: وعن عبد الله بن نجي قال: قال علي (عليه السلام): " كانت لي ساعة من السحر أدخل فيها على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن كان قائما يصلى سبح بي، ذاك إذنه لي، وإن لم يصل أذن لي " (3). يه: عن أنس بن مالك قال: " سألته من كان آثر الناس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما رأيت ؟ قال: ما رأيت أحدا بمنزلة علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يبعثني في جوف الليل فيستخلي به حتى يصبح، هذا كان له عنده حتى فارق الدنيا " (4). يو: عن علي (عليه السلام) قال: " كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلا ونهارا فكنت إذا سألته أجابني، وإن سكت ابتدأني، وما نزلت عليه آية إلا قرأتها علمت تفسيرها وتأويلها ودعا الله لي أن لا أنسى شيئا علمني إياه، فما نسيته من حرام وحلال وأمر ونهي وطاعة ومعصية، وقد وضع يده على صدري وقال: اللهم املأ قلبه علما وفهما وحكما ونورا، ثم قال لي: أخبرني ربي عزوجل أنه قد استحباب لي
(1) سنن النسائي 3: 12 ومعالم المدرستين 2: 305. (2) النسائي 3: 12 ومعالم المدرستين 2: 305 وراجع المناقب لابن شهر آشوب 2: 226 وملحقات احقاق الحق 6: 512 عن الخصائص للنسائي: 30 و 29 والسنن الكبرى للبيهقي 2: 247 بأسانيد متعددة وكشف الغمة للشعراني 2: 229 وذخائر المواريث 3: 21 والمفتاح للبدخشي: 128 مخطوط وبلوغ الأماني بذيل الفتح الرباني 4: 109. (3) مسند أحمد 1: 77 ومسند أبي يعلي 1 / 592 وملحقات احقاق الحق 6: 515 عن الخصائص للنسائي: 29. (4) الأمالي للشيخ الطوسي رحمه الله تعالى 1: 237 والمناقب لابن شهر آشوب 2: 227.
[410]
فيك " (1). ص: عن سليم بن قيس الهلالي (2) قال: " قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام): إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) غير ما في أيدى الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم ؟ قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فافهم الجواب: إن في أيدي الناس حقا وباطلا - إلى أن قال -: وقد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نساءه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي، فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما
(1) كفاية الطالب للگنجي: 199 وفي هامشه عن حلية الأولياء 1: 65 - 68 والرياض النضرة 2: 19 وكنز العمال 1: 228 والاستيعاب 2: 462. (2) الكافي 1: 63 - 64 عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي والخصال 1: 255 عن أبيه عن علي عن أبيه عن حماد عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان عن سليم، والبحار 2: 228 - 230 (عن الخصال ونهج البلاغة وتحف العقول والغيبة للنعماني والاحتجاج، و 36: 257 عن كمال الدين: و 273 عن الغيبة للنعماني و 40: 139) وراجع بصائر الدرجات: 218 وكمال الدين: 206 / 21 ونهج البلاغة / خ 210 ط عبده وتحف العقول: 193 ط انتشارات جامعة المدرسين والغيبة للنعماني: 75 والاحتجاج 1: 393 و 394 ط النجف الا أن النهج والاحتجاج اختصراها، والمسترشد: 234 تحقيق المحمودي.
[411]
أملاه علي وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري، ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شئ لم أكتبه، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد فقال: لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل ". نعم لا غرو أن يكون كذلك وهو باب مدينة العلم (1) وأذنه هي الأذن الواعية بدعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما في الحديث عن علي (عليه السلام) قال: " قلت: يا رسول الله أوصني قال: قل ربي الله ثم استقم، قلت: ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال: ليهنك العلم أبا الحسن لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا " (2). وقال (صلى الله عليه وآله) حين نزلت: * (وتعيها أذن واعية) *: " اللهم اجعلها أذن علي " (3). وقال لعلي (عليه السلام): إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وتعي، وحق على الله أن تعي فنزل: * (وتعيها أذن واعية) * (4).
(1) كنز العمال 15: 156. (2) المصدر. (3) راجع نور الثقلين 5: 402 وما بعدها ومجمع البيان 10: 346 والتبيان في تفسير الآية وغاية المرام: 367 واعراب ثلاثين سورة لابن خالويه: 103. (4) راجع نور الثقلين 5: 402 وما بعدها ومجمع البيان 10: 346 وتفسير الطبري 29: 31 و 36 والقرطبي 18: 294 وشواهد التنزيل للحسكاني 2: 272 وما بعدها (وفي هامشه عن حلية الأولياء وفرائد السمطين بأسانيد متعددة) والدر المنثور 6: 260 (عن ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن النجار عن بريدة وعن الحلية عن علي (عليه السلام)) والتبيان 10: 98 والميزان 2: 58 والبرهان 4: 376 وغاية المرام: 366 والبحار 40: 189 وكنز العمال 15: 119 و 157 والفردوس للديلمي 5 / 8338 وأسباب النزول: 249 وفي ملحقات احقاق الحق 14: 220 وما بعدها عن جمع منهم، أسباب النزول للواحدي: 328 =
[412]
وقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (وتعيها أذن واعية) * ثم التفت إلى علي فقال: " سألت الله أن يجعلها أذنك، قال علي (عليه السلام) فما سمعت شيئا نسيته " (1). قال في الكشاف بعد تفسير الآية الكريمة: " إن قلت: لم قيل " أذن واعية " على التوحيد والتنكير ؟ قلت: للإيذان بأن الوعاة فيهم قلة، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم، وللدلالة على أن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله فهي السواد الأعظم عند الله، وأن ما سواها لا يبالى بهم وإن ملأوا ما بين الخافقين " (2).
= والمناقب لابن المغازلي: 116 مخطوط ومطالب السؤول: 20 والكشف والبيان للنيسابوري مخطوط ومفتاح النجاة: 40 مخطوط وفتح العلي: 19 وأرجح المطالب: 161 والأربعين للسيد عطاء الله: 27 مخطوط وإعراب ثلاثين سورة لابن خالويه: 103 وشرح المقاصد 2: 220 وطبقات المالكية 2: 72 وشرح ابن أبي الحديد 4: 319 ط القاهرة 319 وشرح الديوان للميبدي: 180 والمناقب للخوارزمي: 179 ومجمع الزوائد: 319 والمختار في مناقب الأخيار للشيباني: 3 مخطوط والروض الأزهر: 108 ومحاضرات الأدباء للراغب 1: 39 و 4: 477 والكاف الشاف لابن حجر ولسان الميزان 6: 376 و... وراجع دلائل الصدق 2: 111 والبحار 35: 326 وما بعدها وعلي والخلفاء: 8 وكشف اليقين: 44 و 45 و 389 والمناقب للخوارزمي: 199 (1) (1) راجع تفسير الطبري 29: 35 والقرطبي 18: 294 والكشاف 4: 600 وكفاية الطالب: 108 و 110 وشواهد التنزيل للحسكاني 2: 272 وما بعدها (وفي هامشه عن فرائد السمطين وغاية المرام وابن المغازلي وكنز العمال وغيرهم) والدر المنثور 6: 260 (عن سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وابن مردويه عن مكحول) والتبيان 10: 98 ومجمع البيان 10: 345 والصراط المستقيم 2: 66 وتفسير الرازي 30: 107 والميزان 20: 58 والبرهان 4: 376 ودلائل الصدق 2: 111 ونهج الحق: 183 (وبهامشه عن جمع ممن تقدم وعن اسباب النزول: 249 وتفسير ابن كثير 4: 413 وروح المعاني 29: 43 وينابيع المودة: 120 ونور الأبصار: 105 وكنز العمال 6: 408 و 15: 157 والبحار 35: 326) وراجع تأويل الآيات: 690 قال: وأورد فيه محمد بن العباس ثلاثين حديثا عن الخاص والعام فمما اخترناه... ثم نقل حديث بريدة ومكحول وحديثين عن أبي جعفر (عليه السلام)، وراجع لباب النقول للسيوطي: 225 وعلي والخلفاء: 8 وتأريخ دمشق من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) 2: 422 وإعراب ثلاثين سورة لابن خالويه: 104 ومسند علي / 587 ونور الثقلين 5: 403 وغاية المرام: 367 وتفسير النيسابوري هامش الطبري 29: 30 وعوارف المعارف هامش الاحياء 1: 224. (2) راجع الكشاف 4: 600 وراجع تفسير الرازي 30: 107 والنيسابوري بهامش الطبري 29: 30 والأضواء على متشابهات القرآن 2: 270 والبحار 36: 331.
[413]
هذا كله عدا ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية الكريمة، (1) وأهل البيت أدرى بما في البيت. 3 - روى الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي بسنده عن أم سلمة قالت: " أقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) في بيتي، ثم دعا بجلد شاة فكتب فيه حتى أكارعه " (2). وقال السمعاني: " أخبرنا أبو الفتح عبد الوهاب بن محمد بن الحسين الصابوني ببغداد أخبرنا أبو الحسين بن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد علي المؤدب أخبرنا أحمد بن إسحق القاضي أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن الخلادي حدثني أحمد بن محمد بن سهل، حدثنا إبراهيم بن بشر بن أبي جوالق حدثنا إسماعيل ابن صبيح عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر قالت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأديم وعلي (رضي الله عنه) عنده، فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يملي وعلي يكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه ". ثم قال السمعاني: " وأمثال هذه الكتب - يعني كتاب صلح الحديبية وهذا الكتاب الذي أملاه على علي (عليه السلام) - كثير لو ذكرناه لطال الكتاب، والمقصود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يملى الكتاب على كتابه رضي الله عنهم " (3). 4 - عن عائشة قالت: " دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليا بأديم ودواة، فأملى عليه حتى ملأ الأديم " (4).
(1) راجع نور الثقلين والبرهان في تفسير الآية وغاية المرام: 367 والبحار 35: 326. (2) تدوين السنة: 73 عن الإمامة والتبصرة من الحيرة: 174 / 28 وانظر بصائر الدرجات: 163 و 168. (3) أدب الإملاء والاستملاء للسمعاني: 12 و 13 وراجع بصائر الدرجات 183: وتدوين السنة: 73 عن أدب الإملاء والاستملاء والمحدث الفاصل: 601. (4) تدوين السنة: 73 عن محاسن الاصطلاح للبلقيني: 300.
[414]
5 - عن أنس بن مالك قال: " قيل: يارسول الله عمن نكتب العلم [بعدك] ؟ قال: علي وسلمان " (1). هنا كلام لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الگنجي الشافعي المتوفى سنة 658 ه‍ ق في كفاية الطالب: 103 وفي ط: 225 / باب 59 لا بأس بنقله قال: " ويدل على أنه كان أعلم الصحابة الإجمال والتفصيل، أما الإجمال فهو أن عليا (عليه السلام) كان في أصل الخلقة في غاية الذكاء والفطنة والاستعداد للعلم، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) أفضل الفضلاء وخاتم الأنبياء، وكان علي في غاية الحرص على طلب العلم، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) في غاية الحرص على تربيته وإرشاده إلى اكتساب الفضائل، ثم إن عليا (عليه السلام) بقي في أول عمره في حجر النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي كبره صار ختنا له، وكان يدخل عليه في كل الأوقات، ومن المعلوم أن التلميذ إذا كان في غاية الحرص والذكاء في التعلم وكان الاستاذ في غاية الحرص على التعليم، ثم اتفق لهذا التلميذ أن اتصل بخدمته مثل هذا الأستاذ من زمن الصغر، وكان ذلك الاتصال بخدمته حاصلا في كل الأوقات، فإنه يبلغ التلميذ في العلم مبلغا عظيما، ويحصل له ما لا يحصل لغيره. هذا بيان إجمالي، وذلك أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر والعلم في الكبر كالنقش في المدر... " أقول: هذا ما ذكره هذا الرجل على محاسبة شرائط التلميذ والأستاذ المؤدية لبلوغ التلميذ مراتب الكمال العلمي وصعوده إلى أعلى مدارج العلم، مع قطع النظر عن العلل الواقعية المعنوية في الأستاذ والتلميذ وأن التلميذ صارت أذنه أذنا واعية بدعاء الرسول (صلى الله عليه وآله) (2)، وأنه (صلى الله عليه وآله) غذاه بريقه من لسانه
(1) تاريخ جرجان: 29 وتاريخ بغداد: 5: 159 ولسان الميزان: 1: 172 الاعتدال 1: 98 وملحقات إحقاق الحق 6: 487 (عن تأريخ جرجان وميزان الاعتدال ولسان الميزان وعن ذيل اللئالي للسيوطي). (2) مر البحث فيه سابقا.
[415]
ولعابه (1)، وأنه (صلى الله عليه وآله) كان يتيمن بيوم ولادته (2)، وأنه كان يتبرك بعرق وجهه (3)، وعنه (عليه السلام): أنه كان يرى نور الوحي والرسالة ويشم رائحة النبوة، وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: " إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى الا أنك لست بنبي " (4). كما أنه جعل حرصه (صلى الله عليه وآله) بتعليمه أمرا جرى على طبيعة الحال غمضا عن أنه كان منه (صلى الله عليه وآله) عملا بوظيفة إلهية في حفظ الدين. قسم آخر من أمره صلى الله عليا (عليه السلام) بالكتابة: هنا أحاديث تدل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى عليا (عليه السلام) بكتابة الأحاديث بعد ارتحال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ربه بأن يغسله ويكفنه، ثم يسأله عما يريد ويكتب عنه (صلى الله عليه وآله) أيضا ما يملي عليه، وإليك نبذ من هذه الأحاديث: 1 - عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال: " أوصاني النبي (صلى الله عليه وآله): " إذا أنا مت فغسلني بست قرب من بئر غرس، فإذا فرغت من غسلي فأدرجني في أكفاني ثم ضع فاك على فمي قال: ففعلت وأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة " (5). 2 - عن عمرو بن أبي شعبة قال: " لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الموت دخل عليه علي (عليه السلام) فأدخل رأسه معه ثم قال: يا علي إذا أنا مت فاغسلني وكفني ثم
(1) سيرة دحلان 1: 176 هامش الحلبية والسيرة الحلبية 1: 303 وينابيع المودة: 73 والتبرك: 21 والبحار 35: 38 عن امالي الشيخ باسناده عن عائشة وعباس بن عبد المطلب وجعفر بن محمد (عليهما السلام) وغاية المرام الطبعة الحروفية 1: 51. (2) ابن أبي الحديد 4: 114 و 115. (3) التبرك: 45 عن المناقب للخوارزمي: 42 والبحار 38: 128 و 134. (4) نهج البلاغة / خ 190 وقد مر المصدر فراجع. (5) البحار 40: 213 عن بصائر الدرجات ونقله: 215 عن الخرائج بلفظ آخر، وكذا 22: 517.
[416]
أقعدني وسائلني واكتب " (1). 3 - عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام): إذا أنا مت فاغسلني من بئر غرس، ثم أقعدني وسلني عما بدا لك " (2). 4 - عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا حين حضره الموت فأدخل رأسه معه، فقال: يا علي إذا أنا مت فغسلني وكفني، ثم أقعدني وسائلني واكتب " (3). ورواه أيضا بسند آخر عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري أيضا. 5 - عن علي بن أبي حمزة عن عمر بن سليمان الجعفي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): إذا أنا مت فغسلني وحنطني وكفني وأقعدني وما أملي عليك فاكتب، قال: قلت: ففعل ؟ قال: نعم " (4). 6 - عن البزنطي عن فضيل بن سكرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) إذا أنا مت فاستق لي ست قرب من ماء بئر غرس، فغسلني وكفني وخذ بمجامع كفني وأجلسني، ثم سلني ما شئت، فوالله لا تسألني عن شئ الا أجبتك " (5). 7 - عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أنا مت فغسلني بسبع قرب من بئر غرس، غسلني بثلاث قرب
(1) البحار 40: 213 عن البصائر ونقله: 214 عن عمرو بن أبي شعبة عن أبان بن تغلب. (2) البحار 40: 213 عن البصائر. (3) البحار 40: 214 عن البصائر و 22: 518 عن الخرائج. (4) البحار 40: 214 عن البصائر والخرائج. (5) البحار 40: 214 عن البصائر والخرائج و 22: 514 عن البصائر والكافي والخرائج.
[417]
غسلا وشن على أربعا شنا، فإذا غسلتني وحنطتني وكفنتني فأقعدني وضع يدك على فؤادي، ثم سلني أخبرك بما هو كائن إلى يوم القيامة. قال: ففعلت وكان (عليه السلام) إذا أخبرنا بشئ قال: هذا مما أخبرني به النبي (صلى الله عليه وآله) بعد موته " (1). 8 - عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أنا مت فغسلني وكفني وما أملي عليك فاكتب، قلت: ففعل ؟ قال: نعم " (2). غاية المطاف: أطلنا الكلام في ذكر الأحاديث والآثار الدالة على لزوم كتابة الحديث وقيام الصحابة بهذا العمل، ولم نأل جهدا في تتبع الأحاديث والآثار وإيرادها، ونريد أن نشير إلى ما يستفاد منها: 1 - اهتم الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد هجرته إلى المدينة المباركة بتعليم المسلمين الكتابة والخط. 2 - اهتم (صلى الله عليه وآله) بكتابة القرآن الكريم في مكة والمدينة حتى جعل لها كتابا خاصين يكتبون كلما ينزل عليه من الوحي، واشتهروا بكتاب الوحي، وقد تقدم ذلك في الفصل السادس. 3 - اهتم (صلى الله عليه وآله) بكتابة السنة وأمر بها ورغب فيها، وحث عليها حتى كثر كتاب السنة بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكانوا يجلسون حول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويكتبون الحديث، بل اختص جمع من أصحاب الصفة بذلك.
(1) البحار 40: 215 عن الخرائج. (2) البحار 22: 518 / 26 عن الخرائج.
[418]
فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أول من قام بهذا الأمر وأقدم على هذه النهضة العلمية الثقافية حفظا للسنة عن الضياع والسهو والنسيان والتحريف والزيادة والنقصان، وهو يعلم أن الحفظ لا يفي دون التقييد، كيف والإنسان مجبول على السهو والنسيان، وأن العلم لا يبقى مدى العصور إلا بالتقييد والكتابة. 4 - ولكنه (صلى الله عليه وآله) يعلم أيضا بأن الكتابة والتقييد أيضا لا يكفي ولا يصون الزيادة والنقصان والسهو والخطأ في الكتاب وعن الكذب والتدجيل، بل كان يعلم أنه سوف يكذبون عليه بعد موته كما كانوا قد يكذبون عليه في حياته حتى قال (صلى الله عليه وآله): " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " (1). وأنهم سوف يكثرون عليه من الكذب والافتراء، ويفتعلون الأحاديث على حسب مشتهيات أنفسهم ومشتهيات رؤسائهم تزلفا إليهم وجلبا لحطام الدنيا، وسيحرفون ويبدلون كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولأجل ذلك جعل ديوانا خاصا لكتابة السنة، وعين له عليا (عليه السلام)، وأمره أن يكتب جميع ما يلقي إليه ويملي عليه لا خوفا له عن النسيان، بل لشركائه في الولاية وإدارة المجتمع الإسلامي، هم الأئمة من ولده عليه وعليهم صلوات الله. فجعل يملي على علي (عليه السلام) السنن والعلوم الإلهية وتفسير القرآن الكريم وتأويله ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وخاصه وعامه ومطلقه ومقيده و... وما مضى وما يأتي، وجعل له وقتا خاصا بالليل والنهار يخلي له البيت، وكان ذلك كله صونا للعلوم الإلهية والأحكام الشرعية عن أي سهو أو نسيان أو خطأ أو تحريف لأن المعصوم النبي العظيم (صلى الله عليه وآله) يملي والمعصوم ولي الأمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) يكتب، ومن المعلوم إذا كان المملي معصوما والكاتب معصوما كان الدين مصونا ومحفوظا عن الخطأ والزلل.
(1) كنز العمال 10: 135 وما بعدها و: 182 وهذا الحديث متواتر عنه (صلى الله عليه وآله) وراجع الأضواء: 65 وما بعدها.
[419]
ثم أودعها عند المعصومين من ذريته أمناء الله على حلاله وحرامه صلوات عليهم أجمعين حتى تكون مصونة إلى الأبد في البقاء وفي التبليغ أيضا، وقد استمر هذا العمل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) طيلة حياته (صلى الله عليه وآله)، ثم أوجب على الأمة الإسلامية الرجوع إلى علي (عليه السلام) وأولاده الأحد عشر (عليهم السلام) بقوله (صلى الله عليه وآله): " إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروني بما تخلفوني فيهما... " (1). إلى غير ذلك من الأحاديث المتواترة أو المتظافرة المتوافرة في علم علي عليه السلام وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم بالرجوع إليهم (2). وجعل الله سبحانه مودتهم أجر الرسالة وقال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (3) * وبين علة وجوب مودتهم بقوله تعالى: * (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) * (4) وأوضح ذلك بقوله تعالى: * (قل ما أسألكم عليه من آجر الا من شاء أن
(1) راجع في سند هذا الحديث ومضمونه عبقات الأنوار ونفحات الازهار ومقدمة جامع أحاديث الشيعة ورسالة حديث الثقلين للشيخ قوام الدين الشبنوئي القمي والمراجعات وغيرها، ولتعلم ما قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في مفاتيح الأسرار (: 2 أ): " ولقد كانت الصحابة متفقين على أن علم القرآن مخصوص بأهل البيت (عليهم السلام) إذ كانوا يسألون علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) هل خصصتم أهل البيت دوننا بشئ سوى القرآن ؟ وكان يقول: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا ما في قراب سيفي " هذا الخبر فاستثناء القرآن دليل على إجماعهم بأن القرآن وعلمه وتنزيله وتأويله مخصوص بهم... ". (2) كقوله (صلى الله عليه وآله): " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وقوله صلى الله عليه وآله: " مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق " وقوله صلى الله عليه وآله " الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدد نقباء بني إسرائيل ". (3) الشورى: 23. (4) سبأ: 47.
[420]
يتخذ إلى ربه سبيلا) * (1) يعنى جعل وجوب مودتهم سبيلا إلى الرب تعالى ووسيلة إلى هداية الأمة الإسلامية بأن تكون المودة سببا للاتصال بهم والاتصال سبيا لأخذ الدين عنهم والاهتداء إلى الدين القويم الصحيح الخالي عن الأهواء البعيد عن الانحراف والتدجيل. روي عن عاصم بن حميد عن خالد بن راشد عن مولى لعبيدة السلماني قال: خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر له من لبن، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " يا أيها الناس اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال قولا آل منه إلى غيره، وقال قولا وضع على غير موضعه، وكذب عليه، فقام إليه علقمة وعبيدة السلماني فقالا: يا أمير المؤمنين فما نصنع بما خبرنا به في هذه الصحف من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال: سلاعن ذلك علماء آل محمد (صلى الله عليه وآله) كأنه يعني نفسه " (2). هذا كله عدا أمور مانعة عن تفاوت الصحابة وتوجههم ووعيهم العلوم الإسلامية، لأن هناك كانت شواغل فكرية تذهل الإنسان العادي حسب طبيعته عن الدقة والتوجه إلى ما عداها: 1 - لأن المسلمين كانوا في زمن حياة الرسول صلى عليه وآله في مكة قبل الهجرة إلى المدينة في ضغطات شديدة من الكفار، يفتنون، ويعذبون، ويلاقون أذى كثيرا، حتى هاجر جمع منهم إلى الحبشة، أضف إلى ذلك الفقر المذقع وسائر الامور اللفيفة بهم. 2 - ولما هاجروا إلى المدينة وتركوا الديار والأموال وانشغلوا بتهيئة وسائل الحياة والعمل من زراعة وتجارة و.. هجم عليهم أعداء الإسلام من قريش
(1) الفرقان: 57. (2) البحار 2: 113 عن كتاب عاصم بن حميد وتدوين الحديث: 242 عن كتاب عاصم: 39.
[421]
وغيرهم حتى خرجوا في السرايا والغزوات والبعوث مع أذى كثير من المنافقين ومردة أهل الكتاب والحرب قائمة على قدم وساق، بل كانوا لا يبيتون إلا بالسلاح، ولا يمكن للإنسان حسب العادة والحال هذه أن يشتغل بالتفكير في المسائل العلمية من الأصول والفروع. 3 - ومع هذه الأحوال كان المسلمون يشتغلون بمشاكل الحياة مما كان يمنعهم عن الحضور عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) غالبا إلا القليل منهم. 4 - وهم كسائر الذين أنعم الله عليهم كانوا لايخيل إليهم فقدان الرسول (صلى الله عليه وآله) وأنهم سوف يبتلون بمسائل لا يعرفون حكمها ولايجدونه (صلى الله عليه وآله) حتي يفكروا في الحوادث الآتية وأحكامها ويسألوا عنها وعن حلها. 5 - بل أكثرهم لا يعرفون الأحكام في المسائل والأعمال الجارية ولا يسألون عنها قال ابن عباس: لا أدري أكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ في الظهر والعصر أم لا ؟ وقيل لجناب: هل كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال: نعم قلنا: بم كنتم تعرفون ذلك ؟ قال: باضطراب لحيته " (1) عن ابن مسعود: " كانت قراءة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تعرف باضطراب لحيته " (2) خارجة بن زيد قال: " قال أبي: كان رسول الله يطيل القيام ويحرك شفتيه، فقد أعلم أن ذلك لم يكن إلا لقراءة، وأنا أفعله " (3). كنا نهاب مسألته بعد تنزيل الله الآية: * (لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم) * (4) فكأنهم يعيشون في غفلة عن أن يسألوا، أو كانوا يهابون عن السؤال، أو يهابون رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال البراء بن عازب: " لقد كنت أريد أن أسأل رسول
(1) سنن أبي داود 1: 214 وسنن ابن ماجة 1: 270 والبخاري 1: 193 وفتح الباري 2: 204. (2) مجمع الزوائد 2: 116. (3) مجمع الزوائد 2: 115. (4) الدر المنثور 2: 336 عن احمد وأبي الشيخ والطبراني وابن مردويه.
[422]
الله (صلى الله عليه وسلم) عن الأمر فأؤخر سنتين من هيبته " (1). 6 - والظاهر من أحوال الصحابة رضي الله عنهم أنهم لم يكونوا ملتفتين إلى أهمية ما يلقي إليهم الرسول (صلى الله عليه وآله)، أو يعمله فيما بينهم، أو يقضي بين أظهرهم حتى أنهم غفلوا عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) واختلفوا فيه بعد ارتحاله (صلى الله عليه وآله). 7 - بل لم يكن عندهم وعي حتى يلقي إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القواعد الكلية الفقهية أو المسائل العقلية في العقائد والمعارف. 8 - ولو ألقى إليهم المسائل لم يكن عندهم الميزة بين العام والخاص والناسخ والمنسوخ كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن في أيدي الناس حقا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا وعاما وخاصا ومحكما ومتشابها وحفظا ووهما، فلقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده حتى قام خطيبا فقال: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ". " وإنما أتاك الحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدا... ثم بقوا بعده عليه وآله السلام فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال وجعلوهم حكاما على رقاب الناس.... ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحفظه على وجهه فوهم فيه ولم يتعمد كذبا فهو في يديه ويرويه...
(1) الشفاء للقاضي عياض 2: 90 وراجع المطالب العالية 3: 325 ونقل: 323 عن ابن عباس قال: " ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب محمد، ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض كلهن في القرآن ".
[423]
ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا يأمر به ثم إنه نهى عنه وهو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شئ، ثم أمر به وهو لا يعلم فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ.... وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يهم بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، فحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شئ موضعه وعرف المتشابه والمحكم. وقد كان يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام له وجهان: فكلام خاص وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله سبحانه به، ولا ماعني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه، وما قصد به، وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كان يسأله ويستفهمه حتى إن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطاري فيسأله (عليه السلام) حتى يسمعوا، وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألت عنه وحفظته، فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم " (1). فإذا لا يكون المسائل التي كتبها الصحابة إلا قليلا لا يكفي في بيان الأحكام الشرعية وإعطاء القواعد الكلية، ومن أجل ذلك رأى الرسول (صلى الله عليه وآله) من الواجب أن يجعل من ليله ونهاره وقتا خاصا لذلك، ويخص به عليا (عليه السلام) حتى يملي عليه جميع المسائل الإسلامية والقواعد الكلية في الأصول والفروع، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " كنت إذا سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاني وإذا سكت وفنيت مسائلي ابتدأني " لا
(1) راجع نهج البلاغة / خ 103 ط عبده وقد مر سند هذا الحديث فراجع، وراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11: 38 - 50 ومنهاج البراعة 14: 24 - 65 (تجد مطالب مفيدة في فهم ما في الخطبة) والبحار 34: 167 والمسترشد: 231 تحقيق المحمودي.
[424]
يقتنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسؤال علي (عليه السلام) بل يبتدئ فيملي عليه، وكان ذلك العمل مستمرا طيلة حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولنعم ما قال الزمخشري في تفسيره قوله تعالى: * (أذن واعية) *: " لم قيل: أذن واعية على التوحيد والتنكير ؟ قلت: للإيذان بأن الوعاة فيهم قلة، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم، وللدلالة على أن الأذان الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله فهي السواد الأعظم عند الله، وأن ما سواها لا يبالي بهم وإن ملأوا مابين الخافقين ". الموقف الثاني: فيمن امتثل أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كتابة العلوم والحديث: الذين عثرنا على كتبهم في الحديث والعلوم من الصحابة رضي الله عنهم: 1 - أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وباب علمه وموضع سره، فإنه كتب العلوم بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإملائه كما تقدم ويأتي إن شاء الله تعالى. وكتب (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أيام حكومته (عليه السلام) كتبا كثيرة حاوية للسنن والعلوم الجمة: كتب إلى الحسن (عليه السلام) كتابا طويلا جمع له فيه مكارم الأخلاق يوصيه بها. كتب إلى الحسين (عليه السلام) وإلى محمد بن الحنفية أيضا كتابا في السنن والآداب. كتب إلى شيعته (عليه السلام) أيضا كتابا يوصيهم فيه بأمورها هامة. كتب للأشتر رحمه الله تعالى كتابا حافلا في سياسة أمور الحكومة وتدبير شؤون الأمة.
[425]
كتب إلى عثمان بن حنيف كتابا يشتمل على وظائف الحاكم. كتب إلى عماله كتابا في الديات (سيأتي في محله). كتب إلى معاوية كتبا يعظه فيها ويرشده. كتب إلى محمد بن أبي بكر وأهل مصر كتابا يشتمل على المعارف والأحكام والمسائل الدينية، وكذا كتب إلى ابن عباس وغيره (1). قال الحسيني الجلالي في تدوين السنة (2) ما خلاصته: وتدل النصوص على أن الإمام علي (عليه السلام) قد ألف كتبا كثيرة: روى البحراني بسنده عن عبد الملك بن أمين قال: " أراني أبو جعفر (عليه السلام) بعض كتب علي (عليه السلام) ثم قال لي: لأي شئ كتب هذا الكتاب ؟ قلت: ما أبين الرأي فيها قال: هات، قلت: علم أن قائمكم يقوم يوما فأحب أن يعمل بما فيها قال: صدقت. وروى الرازي عن شعبة أن روايتي التابعين عامر الشعبي وعطاء بن أبي رباح عن علي إنما هي كتاب، ورواية خلاس بن عمرو عن علي كتاب. وأما الكتب المنسوبة إليه (عليه السلام) بعناوينها الخاصة فهي: 1 - كتاب في علوم القرآن رواه سعد بن عبد الله والنعماني والسيد الشريف المرتضى.
(1) راجع كتاب نهج البلاغة وكتاب نهج السعادة ومصادر نهج البلاغة ومعادن الحكمة وغيرها. وتوجد كتب رواها جمع كخلاس وعامر الشعبي وعطاء بن أبي رباح وعمر بن الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) وعبيد بن أبي رافع وعلي بن رافع وأبو رافع وربيعة بن مسمع ومحمد بن قيس و... فتنسب إلى هؤلاء كما تنسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام). (2) راجع 134 وما بعدها لخصناه نحن، ومن أراد التفصيل فليراجع الكتاب.
[426]
2 - كتاب السنن والقضايا رواه عمر بن الامام علي (عليه السلام) وأبو رافع و عبيد الله ابن أبي رافع وعلي بن أبي رافع ويعلى بن مرة والحارث بن عبد الله والأصبغ بن نباتة.... وكتاب الزكاة رواه ربيعة بن سميع. وقسم القضايا رواها محمد بن قيس البجلي. التعليقة النحوية التي ألقاها الإمام (عليه السلام) إلى أبي الأسود نقل خبرها السيوطي عن ابن عساكر أن بعض النحاة يذكر أن عنده تعليقة أبي الأسود التي ألقاها إليه علي (عليه السلام). أقول: يحتمل في قسم منها أن يكون إملاء منه (عليه السلام)، فكتبوا، فنسب إليه (عليه السلام) تارة وإليهم أخرى كما قالوا إنه (عليه السلام) قال: من يشتري علما بدرهم، فاشترى الحارث قرطاسا فجاء بها عليا فكتب له. ولا يخفى على المنصف أنه (عليه السلام) بذل جهده في نشر الدين وبيان معالم الإسلام بخطبه وكتبه وسائر كلماته مع ابتلائه الشديد الذي لا يخفى على من له إلمام بالتأريخ والحديث... بل ألقى قسما من الخطب المشتملة على المعارف والأحكام في ساحات القتال والحروب مع ما هو عليه من الهموم تفرق الفكر، وكذلك كتب الكتب كلها أو جلها في هذه الأحوال إلى عماله وأعدائه وأوليائه ناصحا مؤدبا شفيقا صلوات الله عليه صلاة نامية زاكية. وفاطمة الزهراء بضعة الرسول (صلى الله عليه وآله) وقرة عينه وثمرة فؤاده، فإنها كانت لها صحيفة أو صحيفتان فيها حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكتاب يسمى مصحف فاطمة، وسيأتي الكلام حولها في هذا الكتاب في الفصل التاسع والحادي عشر (1).
(1) راجع مجمع الزوائد 8: 169 وتقييد العلم: 99 (وبهامشه عن مكارم الأخلاق للخرائطي) وسفينة البحار 1 في " حديث " ومستدرك الوسائل للنوري رحمه الله تعالى 2: 339 كتاب الجهاد الطبعة الحجرية وفي الحروفية 12: 81 وكنز العمال 20: 311 ومسند فاطمة للسيوطي: 113 وأعيان الشيعة 1: 139.
[427]
3 - الإمام الحسن بن علي السبط الأكبر (عليه السلام): له كتاب إلى جندب بن عبد الله في الإمامة، وله كتاب إلى أصحابه الذين كتبوا إليه في موت إحدى بناته (1)، وله كتاب إلى معاوية في الخلافة (2)، وله كتاب في القدر في جواب كتاب أهل البصرة (3). وقد عده السيوطي في تدريب الراوي ممن كتبوا الحديث قال: " كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثير منهم وأباحه طائفة وفعلوها منهم: علي وابنه الحسن " (4). 4 - الإمام الحسين السبط الأصغر (عليه السلام) له كتاب في القدر (5)، وكتاب إلى رجل طلب منه (عليه السلام) أن يعظه (6)، وكتاب إلى رجل سأله عن خير الدنيا والآخرة (7)،
(1) راجع أمالي الشيخ الطوسي 1: 205 ط النجف والبحار 23: 336 و 18: 216 والعوالم (حياة الإمام الحسن (عليه السلام)): 119. (2) كشف الغمة 1: 570 وفتوح ابن أعثم 4: 151 والمناقب لابن شهر آشوب 4: 31 ط قم ومقاتل الطالبيين: 55 والبحار 44: 64 عن الكشف و: 39 عن ابن أبي الحديد و: 54 عن المناقب وابن أبي الحديد 4: 9 ط مصر و 16: 24 ط بيروت عن المدائني و: 33 عن مقاتل الطالبين وحياة الحسن للقرشي 2: 29 - 31 ومعادن الحكمة 2: 3 عن الكشف و: 4 عن المعتزلي وغيرهم من الذين ذكرناهم في مكاتيب الأئمة (عليهم السلام). (3) كنز الفوائد: 117 وتحف العقول: 166 ومعادن الحكمة 2: 29 والبحار 5: 40 عن التحف و 10: 136 عن العدد القوية وجمهرة رسائل العرب 2: 25. (4) راجع اعيان الشيعة 1: 88 والسنة قبل التدوين: 321. (5) راجع فقه الرضا (عليه السلام): 408 ومعادن الحكمة 2: 46 والبحار 5: 123 ولمعة من بلاغة الحسين (عليه السلام): 98. (6) الكافي 2: 373 والبحار 73: 392 ومعادن الحكمة 2: 46 ومرآة العقول 11: 69 والوسائل 11: 69 والوسائل 11: 421 ولمعة من بلاغة الحسين (عليه السلام): 104. (7) الأمالي للصدوق رحمه الله تعالى: 121 ومعادن الحكمة 2: 45 والمستدرك للنوري 2: 314 الطبعة =
[428]
وكتاب في تفسير سورة التوحيد (1)، وكتاب إلى معاوية في قتل حجر وأصحابه وعبد الله بن نجي (2)، وكتاب إلى أشراف أهل البصرة (3)، وكتاب إلى بني هاشم (4)، و.... 5 - محمد بن الحنفية: قال ابن سعد في الطبقات 6: 233 في عبد الأعلى بن عامر: " قال: عبد الرحمن بن مهدي: حدثت سفيان بحديث عبد الأعلى فقال: كنا نرى أنها من كتاب " وكان عبد الأعلى يروي عن ابن الحنيفة عن علي فيكثر، فقال سفيان: كنا نرى أنه من كتاب، وكان ضعيفا في الحديث (5). أقول: المراد من ابن الحنفية هو محمد كما يظهر من الجرح والتعديل للرازي 6: 25 / 34 وتهذيب التهذيب حيث صرحا بأن عبد الأعلى بن عامر يروي عن محمد بن الحنفية وهو يروي عن علي (عليه السلام). وفي الطبقات 5: 241 أن عبد الله بن محمد بن الحنفية أوصى بكتبه وروايته إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. ولعل ضعف عبد الأعلى من أجل روايته حديث الطير عن أنس كما في قاموس الرجال، وحديث المناشدة كما في الغدير 1: 179 عن البداية والنهاية
= الحجرية والاختصاص للمفيد رحمه الله تعالى: 220 والبحار 71: 308 عن الأختصاص و: 371 عن الأمالي و 78: 126 وروضة والواعظين: 363 ولمعة من بلاغة الحسين (عليه السلام): 104. (1) التوحيد للصدوق رحمه الله تعالى: 90 و 91 ومعادن الحكمة 2: 48 والبحار 3: 223 والوسائل 18: 140. (2) الاحتجاج للطبرسي رحمه الله تعالى 2: 20 والإمامة والسياسة 1: 155. (3) الطبري 7: 240 ط ليدن و 5: 357 ط بيروت والبحار 44: 337 واللهوف: 16 وفتوح ابن أعثم 5: 62 وأبي مخنف: 25 وانساب الأشراف 2: 78 والأخبار الطوال: 133 والبداية والنهاية 8: 157 واعيان الشيعة 1: 590 والكامل لابن الأثير 4: 33. (4) كامل الزيارة: 75 والبحار 45: 87 ومعادن الحكمة 2: 44 ولمعة من بلاغة الحسين (عليه السلام): 109. (5) راجع الجرح والتعديل 6: 25 / 134 وتدوين السنة: 243 (عن الطبقات وعن الجرح والتعديل وجامع التحصيل في أحكام المراسيل: 218 و 219) وفي العلل لأحمد 3: 158 / 4707: قال أبي: " قال ابن مهدي عن سفيان في حديث عبد الأعلى فقال: كنا نرى أنها كتاب عن ابن الحنفية ".
[429]
وخطبة أبي ذر. 6 - عبد الله بن عباس: تلميذ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يكتب ويملي على الناس فيكتبون ويقول: " قيدوا العلم بالكتاب " (1). عن موسى بن عقبة قال: " وضع عندنا كريب بن أبي مسلم حمل بعير أو عدل بعير من كتب عبد الله بن عباس المتوفى سنة 98 من الهجرة ". قال: فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إليه أن ابعث إلي بصحيفة كذا وكذا، قال فينسخها فيبعث إليه بأحدهما " (2). أسند الواقدي عن عكرمة قال: " وجدت هذا الكتاب - أي: كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى المنذر بن ساوى - في كتب ابن عباس بعد موته، فنسخته، فإذا فيه وأتى بنص كتاب المصطفى (عليه السلام) للمنذر وجواب المصطفى " (3). عن ابن أبي مليكة قال: " كتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفي عني فقال: ولد ناصح، أنا أختار له الأمور اختيارا وأخفي عنه قال: فدعا بقضاء علي، فجعل يكتب منه أشياء، ويمر به الشئ فيقول: والله ما قضى به علي إلا أن يكون ضل ". عن ابن طاووس قال: أتي ابن عباس بكتاب فيه قضاء علي (عليه السلام) فمحاه إلا قدر... وأشار سفيان بن عيينة بذراعه " (4).
(1) مرت مصادر هذا الحديث. (2) الطبقات 5: 216 والتراتيب 2: 254 والسنة قبل التدوين: 352 وتدوين السنة: 220 وتقييد العلم: 136. (3) التراتيب الادارية 2: 253 وراجع زاد المعاد لابن القيم 2: 61 والكفاية للخطيب: 263 ونصب الراية للزيلعي 2: 381. (4) صحيح مسلم 1: 13 و 14 والتراتيب 2: 256 - 258 وفي مقدمة تقييد العلم: 19: " هذا عبد الله بن =
[430]
عن عبيدالله بن علي عن جدته سلمى قالت: " رأيت عبد الله بن عباس معه ألواح يكتب عليها عن أبي رافع شيئا من فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (1). يظهر من هذه النصوص أن قضاء علي (عليه السلام) كان مكتوبا مدونا وقتئذ، فكان يؤتى به إلى ابن عباس فيختار منه ما كان صحيحا، كما أنهم كانوا يكتبون فتياه في العقول (وكتب به أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أمرائه ورؤوس أجناده) (2). عن الشعبي: "... وكان عند ابن عباس دفائن علم " (3). عن عبيدالله بن أبي رافع قال: كان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول: " ما صنع النبي يوم كذا ومع ابن عباس من يكتب ما يقول " (4). وكان لابن عباس مكاتبات مع نجدة الحروري في المسائل الفقهية نقلها الكثير من المحدثين والمؤرخين (5).
= عباس يتخذ صحفا فيها قضاء علي " وراجع المصدر: 19 عن توجيه النظر: 8 والأضواء: 67 وترتيب مسند الشافعي 2: 180 وتدوين السنة: 220 والسنة قبل التدوين: 227. (1) الطبقات 2 / ق 2: 123 والتراتيب الإدارية 2: 247. (2) تهذيب الشيخ 10: 169 و 245 و 258 و 292 و 295 والاستبصار 4: 299 ومستدرك الوسائل 18: 338 وما بعدها. (3) الإيضاح لفضل بن شاذان: 139. (4) الإصابة 2: 332 والتراتيب 2: 247 عن الروياني في مسنده عن عبيدالله وعن الطبقات عن سلمى وراجع تقييد العلم: 91 و 92 والطبقات 2 / ق 2: 123 والسنة قبل التدوين 2: 319 و 352 وتدوين السنة: 215 و 219. (5) سنن أبي داود 3: 74 والبحار 75: 6 والخراج لأبي يوسف: 22 و 189 و 219 وجامع بيان العلم 1: 6 والسنن للبيهقي 6: 344 و 345 والبرهان 2: 478 والعياشي 2: 335 ومسند أحمد 1: 224 و 294 و 308 و 344 و 349 و 351 و 354 و 363 والأموال لأبي عبيد: 464 و 465 والإيضاح لفضل بن شاذان: 185 وترتيب مسند الشافعي 2: 123 وأنساب الأشراف تحقيق محمد عبيدالله: 517 وسنن أبي سعيد 2: 283 والمعجم الكبير للطبراني 10: 407 و 408 بسندين و: 409 / 10828 و 10830 و 10832 - 10835 والأموال لابن رنجويه 2: 735 - 736 وسنن الدارمي 2: 225 والتمهيد لابن عبد البر 1: 232 وكنز العمال 4: 329.
[431]
عن عنترة: " حدثني ابن عباس فقلت: أكتب عنك ؟ فرخص لي ولم يكد " (1). عن امرأة من أهل الكوفة أنها كتبت إلى ابن عباس في حكم الاستحاضة فكتب إليها الجواب (2). عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة أنه كتب إلى ابن عباس يستفتيه في امرأة ادعت إن امرأة ضربتها فأنكرت، فكتب ابن عباس: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى في أن اليمين على المدعى عليه. (نقلناه مختصرا) (3). كتب الحجاج إلى ابن عباس في مسألة فأجابه (4). عبد الله بن عباس يتخذ صحفا فيها قضاء علي (5). ذكر ابن النديم له كتابا رواه مجاهد عنه ذكره في عنوان تسمية الكتب المصنفة في تفسير القرآن (6). قال ابن أبي مليكة: " رأيت مجاهدا يسأل عن ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: اكتب حتى سأله عن التفسير كله " (7). عن عكرمة قال: " كان ابن عباس في العلم بحرا ينشق له من الأمور.... فلما أتاه ناس من أهل الطائف ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه فجعلوا يستقرونه،
(1) سنن الدارمي 1: 128. (2) كنز العمال 9: 378 عن عبد الرزاق. (3) المعجم الكبير 11: 116. (4) أسد الغابة 3: 261 والسنة قبل التدوين: 319 عن البيان والتعريف: 214 و 215. (5) تقييد العلم التصدير: 19. (6) فهرست ابن النديم: 50 وتدوين السنة: 220. (7) الكفاية للخطيب: 263 وراجع السنة قبل التدوين: 319 عن البيان والتعريف 2: 214 و 215 وتدوين السنة: 221 و 247 عن تفسير الطبري 1: 31 بتحقيق أحمد محمد شاكر وأعيان الشيعة 1: 195.
[432]
وجعل يقدم ويؤخر، فلما رأى ذلك قال: إني قد تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري به كقرائتي عليه قال: فقرأوا عليه " (1). أقول: نقل الخطيب بعد نقل هذا عن ابن عباس قوله لتلامذته: " وإن إقراري لكم كقراءتي عليكم " أو " قراءتك على العالم وقراءته عليك سواء " أو " اقرأوا علي، فان قراءتكم علي كقراءتي عليكم " وهذا يكشف عن كثرة إملائه وكثرة الكتب في عصره، ولا يصغى بعد ذلك إلى ما نسب إلى ابن عباس من منعه عن الكتاب كما سيأتي، وإلى ما نقله ابن سعد عن الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير أنه كان يسائل ابن عباس قبل أن يعمى، فلم يستطع أن يكتب معه، فلما عمي ابن عباس كتب، فبلغه ذلك، فغضب (2). ابن عباس يكتب تفسير القرآن عن ميثم بن يحيى التمار صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) (3). عن مالك: قال ابن عباس: " كنت أقرأ على عبد الرحمن بن عوف (4). ابن عباس يكتب الفتاوي التي يسأل عنها ويجيب (5). 7 - أبو رافع مولى النبي (صلى الله عليه وآله) اختلف في اسمه (6) (قيل: بسر أو إبراهيم أو
(1) الكفاية: 263. (2) الطبقات 6: 176 ط ليدن في ترجمة سعيد بن جبير. (3) البحار 42: 128 وتنقيح المقال 3: 262 والكشي: 81 / 136. (4) الكفاية للخطيب: 309. (5) التراتيب 2: 253. (6) راجع قاموس الرجال 10: 72 وتنقيح المقال 1: 9 وتدوين السنة: 215 وأسد الغابة 1: 41 و 4: 191 والاصابة 1: 15 و 4: 67.
[433]
أسلم أو هرمز) له كتاب السنن والأحكام والقضايا (1). وقد فصل في أعيان الشيعة في ترجمة إبراهيم بن أبي رافع الكلام في ترجمته وقال: لأبي رافع: كتاب السنن والأحكام والصلاة والصيام والحج والزكاة والقضايا، مات في خلافة عثمان (2) أو في خلافة أمير المومنين (عليه السلام) (3). قال النجاشي: ولأبي رافع كتاب السنن والأحكام والقضايا - ثم ساق الأسناد إلى أبي رافع - عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه كان إذا صلى قال في أول الصلاة... وذكر الكتاب إلى آخره بابا بابا: الصلاة والصيام والحج والزكاة والقضايا. فهذا الكتاب كله رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام). وكان له كتاب استفتاح الصلاة دفعه إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث (4). 8 - أبو عبد الله سلمان المحمدي الفارسي صنف في الآثار وصنف كتاب حديث الجاثليق والرومي الذي بعثه ملك الروم بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ذكره الشيخ في الفهرست والمازندراني في معالم العلماء، وفي قاموس الرجال أنه نقل قسما منه في
(1) راجع النجاشي: 6 وتأسيس الشيعة: 280 والذريعة 2: 154 وتدوين السنة: 215 وأعيان الشيعة 1: 123 وتنقيح المقال 1: 10 والسنة قبل التدوين: 367 و 368. (2) راجع المصدر 1: 134. (3) الإصابة 4: 67 وظاهر النجاشي أنه مات بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام). (4) راجع الكفاية للخطيب: 330 والسنة قبل التدوين: 346 وبحوث في تأريخ السنة: 223 والمعجم الصغير للطبراني 1: 293 وتدوين السنة: 216 وأورد الطبراني لفظ أبي رافع في استفتاح الصلاة: كان إذا كبر قال: " إني وجهت وجهي... " ورواه عنه مفصلا في مجمع الزوائد 2: 107 عن المعجم الكبير، وروي الاستفتاح في السنن الكبرى للبيهقي 2: 32 و 33 عن عبيدالله بن أبي رافع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يذكر الكتاب ولم ينسبه إلى أبي رافع وكذا في سنن أبي داود 1: 201 / 760 والدارقطني 1: 287 والدارمي 1: 282 وكنز العمال 8: 64 و 65 عن البيهقي.
[434]
التوحيد للصدوق رحمه الله تعالى (في: 182 / 16 و: 286 / 4 و: 316 / 3) (1). وذكر العلامة النوري رحمه الله تعالى في نفس الرحمن: 134 و 135 الكتاب بتمامه وساق سنده إليه من طريق الشيخين العظيمين رضوان الله تعالى عليهما. وروى قسما منه الشيخ رحمه الله تعالى في أماليه: 222 ط النجف بسند آخر غير ما ذكره في الفهرست، ونقله في البحار 10: 54 وتعرض لذكره المتتبع المحقق المفضال الآغا بزرك الطهراني في كتابه القيم الذريعة 6: 376 بعنوان كتاب حديث الجاثليق، وذكره في مقدمة الكتاب: 14. 9 - أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة رحمه الله تعالى: له كتاب كالخطبة يشرح فيها الأمور بعد النبي (صلى الله عليه وآله) (2). ذكره شيخ الطائفة رحمه الله تعالى في الفهرست والمازندراني في معالم العلماء ولكنهم لم ينقلوا النص (3).
(1) راجع تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 280 وأعيان الشيعة 1: 89 و 122 وقاموس الرجال 4: 430 والفهرست للشيخ رحمه الله تعالى: 158 وتنقيح المقال 2: 42 ومعالم العلماء: 382. قال الصدوق رحمه الله تعالى: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي أبو الحسين قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد النسوي قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الصفدي بمرو قال: حدثنا محمد بن يعقوب بن الحكم العسكري وأخوه معاذ بن يعقوب قالا: حدثنا محمد بن سنان الحنظلي قال: حدثنا عبد الله بن عاصم قال: حدثنا عبد الرحمن بن قيس عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان الفارسي. ورواه الشيخ عن ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن الحميري عمن حدثه عن إبراهيم بن الحكم الأسدي عن شريك بن عبد الله عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي وقاص عن سلمان الفارسي. (2) راجع في ترجمة أبي ذر الإصابة والاستيعاب وأسد الغابة وقاموس الرجال وتنقيح المقال. (3) راجع تأسيس الشيعة: 281 وأعيان الشيعة 1: 89 - 122 والفهرست: 81 وقاموس الرجال 2: 446 وتنقيح المقال 1: 234 ومعالم العلماء: 180 وتدوين السنة: 214. رواه الشيخ عن الحسين بن عبيد الله عن الدوري عن الحسن بن علي البصري عن العباس بن بكار عن أبي الشهب عن أبي الرجاء العطاروي قال: خطب أبو ذر (راجع الفهرست). (*)
[435]
ذكر الشيخ رحمه الله تعالى في أماليه جملا من خطبة لأبي ذر رحمه الله تعالى - وهو آخذ بحلقة باب الكعبة - في فضائل أهل البيت عليهم السلام (1). ونقلها في موضع آخر بسند آخر (2) ونقل جملة أخرى في موضع آخر منه (3) كلها في فضائل أهل البيت (عليهم السلام). ونقل جملة منها الطبرسي في الاحتجاج وقال بعد نقلها: " فلما قدم المدينة بعث إليه عثمان وقال له: ما حملك على ما قمت به في الموسم ؟ قال عهد عهده إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمرني به فقال: من يشهد بذلك ؟ فقام علي والمقداد فشهدا بذلك " (4). ونقل الكراجكي قسما منها في كتابة تشتمل على ما أعد الله لمبغضي أمير المؤمنين (عليه السلام) (5). ونقل اليعقوبي قسما منها في فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم ونتائج أعمال الأمة (6) والذي أظن أن الخطبة (الكتاب) كانت طويلة مشتملة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومثالب أعدائهم وجناياتهم فنقلوها متفرقة بأسانيد متعددة وكانت مكتوبة ونقله عنه في الغدير 8: 298. وفي تفسير فرات: 36 نقل خطبة أبي ذر في الموسم تشبه ما نقله اليعقوبي في بعض المضامين، ولكنه نقل بسند آخر خطبة له رحمه الله تعالى بعد ما بويع أبا بكر ألقاها أبو ذر في المسجد النبوي.
(1) الأمالي 2: 75 ط النجف الأشرف. (2) المصدر: 2: 96. (3) المصدر 1: 229. (4) المصدر 2: 127. (5) كنز الفوائد: 282. (6) اليعقوبي 2: 149. وقد تكلم حوله العلامة المفضال الطهراني في الذريعة 7: 196.
[436]
10 - جابر بن عبد الله الأنصاري: كان له كتاب أو صحيفة. نقل عبد الرزاق عن معمر قال: في صحيفة جابر بن عبد الله قال: " موجبتان ومضعفتان.... الحديث " (1). عن الليث بن سعد قال: " جئت أبا الزبير، فأخرج إلينا كتبا، فقلت: سماعك من جابر، فأخرج إلي هذه الصحيفة " (2). وفي نقل العقيلي: " فجئت أبا الزبير فرفع إلي كتابين وانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو عاودته فسألته: أسمع هذا كله عن جابر ؟... ". كان سليمان اليشكري جاور بمكة سنة جاور جابر بن عبد الله وكتب عنه صحيفة ومات قديما، وبقيت الصحيفة عند أمه فطلب أهل البصرة إليها أن تعيرهم فلم تفعل فقالوا: أمكنينا منها حتى نقرأه فقالت: أما هذا فنعم قال: فحضر قتادة وغيره فقرأوها (3). قال أبو حاتم في ترجمة سليمان بن قيس اليشكري: جالس جابرا، وكتب عنه صحيفة، وروى أبو الزبير وأبو سفيان والشعبي عن جابر وهم قد سمعوا من جابر وأكثره من الصحيفة " (4).
(1) المصنف 11: 183. (2) المعرفة والتأريخ 1: 166 و 2: 142 و 443 والضعفاء الكبير للعقيلي 4: 133 وراجع تدوين السنة: 212 (عن المراسيل للرازي: 37 وجامع التحصيل للعلائي: 296 وتذكرة الحفاظ 1: 43) والجامع لأخلاق الراوي 2: 308. (3) المعرفة والتأريخ 2: 278 و 279 و 661 وزاد: " قال سعيد أبو النضر لقتادة: لأنا لصحيفة جابر بن عبد الله أحفظ مني لسورة البقرة قال: وكانت قرئت عليه " (وفي الهامش: 42: أورده ابن سعد 7: 229 - وفي ط ليدن 7 / ق 2: 2 وتهذيب التهذيب 4: 214 و 8: 353) وراجع السنة قبل التدوين: 353 عن القياس لابن القيم الجوزية: 108 وراجع تقييد العلم: 108. (4) تهذيب التهذيب 4: 215 وراجع الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 132 و 133 وراجع صحائف الصحابة: 135.
[437]
قال ابن عدي: " حدثنا ابن وكيع: سمعت شعبة يقول: حديث سفيان عن جابر إنما هي صحيفة " (1). قال ابن سعد: " قال وغير أبي بكر (بن عياش) كانوا يرون أن مجاهدا يحدث عن صحيفة جابر " (2). وقال في سليمان بن طرخان: " قال سليمان أخذ فلان وفلان صحيفة جابر فقالوا: خذها فقلت: لا " (3). قال الحافظ الذهبي في ترجمة جابر بن عبد الله من تذكرة الحفاظ: " وله منسك صغير أخرجه مسلم قلت: منسك جابر الذي أشار إليه الذهبي أخرجه مسلم في صحيحة مطولا في كتاب الحج وهو عنده أربع ورقات، وعنون عليه مبوب صحيح مسلم بقوله: " حديث جابر الطويل... " ولجابر صحيفة معروفة وقع ذكرها في ترجمة مجاهد من طبقات ابن سعد قال: كانوا يرون أن مجاهدا يحدث عن صحيفة جابر ومات مجاهد سنة 102 " (4).
(1) الكامل لابن عدي 4: 1432 والضعفاء الكبير للعقيلي 2: 224. (2) الطبقات 5: 344 ط ليدن والمعرفة والتاريخ 3: 11 وفي تذكرة الحفاظ 1: 123: أن أحمد قرأ على قتادة كتاب جابر ". (3) الطبقات 7 / ق 2: 18. (4) التراتيب الإدارية للكتاني 2: 255 و 256 وبحوث في تاريخ السنة: 223 عن الطبقات والذهبي في التذكرة (1: 43) قال: " ويذكر الذهبي أنها مخطوطة بمكتبة شهيد علي بتركيا " وراجع الطبقات 7 / ق 2: 2 والكفاية: 354 و 355. أقول: إن شئت الوقوف على منسك جابر الجامع في بيان حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي رووه عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، فراجع سنن أبي داود 2: 182 وصحيح مسلم 2: 886 والسنن الكبرى للبيهقي 5: 7 وعون المعبود 2: 122 ومسند أحمد: 320 وسنن النسائي 5: 110 و 157 و 162 والدرر لابن عبد البر: 197 ومجمع الزوائد 3: 257 و 266 وفتح الباري 3: 457 - 460 وابن ماجة 2: 226 و 1015 و 1016 و 1022 وكنز العمال 17: 148 و 13: 285 - 289 و 5: 159 - 166 والشفاء للقاضي عياض 2: 10 و 596 وتكلم عليه في السنة قبل التدوين: 352 و 353 وراجع: 479.
[438]
عن الربيع بن سعيد قال: " رأيت جابرا يكتب عند عبد الرحمن بن سابط في الألواح " (1). عن ابن أبي بشير قال: " قلت لأبي سفيان: مالي لا أراك تحدث عن جابر كما يحدث سليمان اليشكري ؟ قال: إن سليمان كان يكتب وإني لم أكتب " (2). عن يحيى بن سعيد: قال التميمي: " ذهبوا بصحيفة جابر إلى الحسن فرواها - أو قال - فخذها ". عن وكيع قال: سمعت شعبة يقول (أبي) سفيان عن جابر إنما هي صحيفة " (3). كان جابر يملي أحاديثه ويكتب عنه كما مر عن سليمان اليشكري ويأتي في الإمام أبي جعفر الباقر (عليهما السلام). أقول: والذي تحصل بعد التدقيق في المصادر المذكورة أن جابر بن عبد الله الأنصاري كان كتاب له المنسك كما أشار إليه الذهبي أخرجه مسلم في صحيفة مطولا في كتاب الحج وذكره المحدثون أيضا رووه عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن أبيه أبي جعفر الباقر (عليه السلام) عن جابر رحمه الله تعالى. وكان له كتاب آخر في أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) رواه سليمان اليشكري وأبو سفيان ومجاهد ونقل عنه عبد الرزاق عن معمر قال: في صحيفة جابر بن عبد الله قال: " موجبتان ومضعفتان ومثلا بمثل، فأما الموجبتان فمن لقي الله لا يشرك به دخل الجنة، ومن لقي الله يشرك به دخل النار، قال: وأما المضعفتان فمن عمل حسنة
(1) صحائف الصحابة: 134 عن ابن أبي شيبة 9: 49 وتقييد العلم: 109 وجامع بيان العلم 1: 72 وفي ط: 86. (2) صحائف الصحابة: 134 و 135 عن العلل ومعرفة الرجال لأحمد 1: 333 وتقييد العلم: 108. (3) الكفاية: 354 و 355 والضعفاء الكبير للعقيلي 2: 224.
[439]
كتبت له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأما مثلا بمثل فمن عمل سيئة كتب عليه مثلها " (1). نقل في صحائف الصحابة: 135 رواية سليمان اليشكري عن جابر بن عبد الله الأنصاري وقال: " ليس لسليمان عن جابر في الكتب الستة إلا ثلاثة أحاديث، وأما في غير الكتب الستة فله أحاديث " ثم تكلم حول كتاب جابر، وذكر رواة الكتاب وموارد وجوده في كتب الحديث. لعن الله حجاجا، حيث ختم على يد جابر كي يجتنبه الناس ولا يسمعوا منه (2). 11 - سعد بن عبادة الأنصاري كان له كتاب فيه طائفة من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله). روى أحمد بإسناده عن إسماعيل بن عمرو بن قيس بن عبادة عن أبيه أنهم وجدوا في كتب أو في كتاب سعد بن عبادة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى باليمين مع الشاهد (3) ورواه الترمذي عن ربيعة عن ابن لسعد بن عبادة. قال العجاج: " وكان عند سعد بن عبادة الأنصاري (- 15 ه‍) كتاب أو كتب فيها طائفة من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد روى ابن هذا الصحابي من كتب أبيه بعض أعمال الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويروي الإمام البخاري أن هذه الصحيفة كانت نسخة من صحيفة عبد الله بن أبي أوفى الذي كان يكتب الأحاديث بيده، وكان الناس يقرأون
(1) المصنف لعبد الرزاق 11: 183. (2) راجع أسد الغابة 2: 366 في ترجمة سهل بن سعد. (3) مسند أحمد 5: 285 ورواه ابن أبي شيبة 7: 214 عن سوار بن عبد الله عن ربيعة (وفي هامشه عن عبد الرزاق بعدة طرق) راجع المصنف لعبد الرزاق 10: 171 و 14: 225 وترتيب مسند الشافعي 1: 172 و 179 وأحكام القرآن للجصاص 2: 250 وبحوث في تأريخ السنة: 223 والترمذي 3: 627 والسنة قبل التدوين: 346 وسنن الدارقطني 4: 214 وتدوين السنة: 217.
[440]
عليه ما جمعه بخطه " (1). أقول: لم أجد هذا الكلام عن الإمام البخاري لا في تأريخه ولا في صحيحه، نعم نقل هو في الجهاد في مواضع حديثا عن عبد الله بن أبي أوفى ولم يذكر كتاب سعد بن عبادة لا نفيا ولا إثباتا. 12 - عبد الله بن أبي أوفى (علقمة) بن خالد الأسلمي: شهد الحديبية وبيعة الرضوان وخيبر، وهو آخر من بقي بالكوفة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) (2). كان له كتاب، روى عنه البخاري في كتاب الجهاد ثلاثة أحاديث: الأول: في باب الجنة تحت بارقة السيوف (3). الثاني: في باب الصبر عند القتال (4). الثالث: في باب لا تتمنوا لقاء العدو (5). أخرج الخطيب في الكفاية عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله، وكان كاتبا له قال: كتب إليه عبد الله بن أوفى حين خرج إلى الحرورية فقرأته، فإذا فيه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال: يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال (صلى الله عليه وآله): اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا ". (6)
(1) السنة قبل التدوين: 346. (2) أسد الغابة 3: 121 و 122 والإصابة 2: 279 / 4555. (3) البخاري 4: 26 وفتح الباري 6: 33 و 34 وأسد الغابة 3: 122 وبحوث في تأريخ السنة: 223. (4) البخاري 4: 30 وفتح الباري 6: 34. (5) البخاري 4: 77 وفتح الباري 6: 156. (6) راجع الكفاية: 336 والسنن الكبرى للبيهقي 9: 76 وصحيح مسلم 3: 1362 ومسند أحمد 4: 353 والبخاري هامش فتح الباري 6: 109.
[441]
13 - سويد بن مقرن بن عائذ المزني: نزل الكوفة وروى عنه ابنه معاوية (1) روى البيهقي بإسناده عن معاوية بن سويد قال: " وجدت في كتاب أبي عن علي رضي عنه أنه قال: إذا بلغ النساء نص الحقائق " (2). 14 - بلال مؤذن رسول (صلى الله عليه وآله): كان يملي ويأمر بالكتابة، روي عن عبد الله بن علي أنه لقي بلالا مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " حملت متاعي من البصرة إلى مصر، فقدمتها، فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل شديد الأدمة... فقلت من هذا ؟ فقالوا: هذا بلال مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذت ألواحا فأتيته فسلمت عليه... قلت: حدثني بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: وما يدرك من أنا ؟ فقلت: أنت بلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبكى وبكيت... ثم: قال: اكتب يا أخا أهل العراق، فذكر حديثا طويلا في فضائل الأذان " (3). 15 - قال العجاج: " وكان عند أسماء بنت عميس (- 38 ه‍) كتاب جمعت فيه بعض أحاديثه (صلى الله عليه وآله) " (4). قال اليعقوبي: " ووجدوا في كتاب عند أسماء بنت عميس من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله): الآجلات الجانيات المعقبات... الحديث " (5). 16 - حجر بن عدي بن معاوية... الكندي المعروف بحجر الأدبر حجر
(1) راجع الإصابة 2: 100 / 3110 وأسد الغابة 2: 381 في ترجمة الرجل والسنن الكبرى 7: 121. (2) مسند علي / 1033 هذه الجملة معروفة عن علي (عليه السلام) فسرها ابن الأثير في النهاية يعني: إذا بلغت الجارية وخرجت عن اليتم فالأم ليست لها الحضانة بل العصبة أولى، وكذا في الفائق راجع " حقق " و " نص " وكذا أقرب الموارد. (3) من لا يحضره الفقيه 1: 292 والأمالي للصدوق رحمه الله تعالى: 128 والبحار 8: 116 و 84: 124 وتدوين السنة: 231 و 232. (4) السنة قبل التدوين: 346 عن نظرة عامة في الفقه الإسلامي: 118. (5) المصدر 2: 91 و 92.
[442]
الخير (1): كان يكتب عن أمير المؤمنين (عليه السلام). قال ابن سعد: "... حدثنا عمير بن قميم قال حدثني غلام لحجر بن عدي الكندي قال: قلت لحجر: إني رأيت ابنك دخل الخلاء ولم يتوضأ قال: ناولني الصحيفة من الكوة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما سمعت علي بن أبي طالب يذكر أن الطهور نصف الإيمان " (2). قال ابن سعد: " وكان ثقة معروفا، ولم يرو عن غير علي شيئا ". 17 - زيد بن أرقم: كان يكتب الحديث. روى النظر بن أنس: " أن زيد بن أرقم كتب إلى أنس بن مالك زمن الحرة يعزيه فيمن قتل من ولده وقومه، وقال: أبشرك ببشرى من الله عزوجل، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث " (3). 18 - جابر بن سمرة: عن عامر بن سعد قال: " كتبت مع غلامي (نافع) إلى جابر بن سمرة: اخبرني بشئ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فكتب إلي: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عشية جمعة رجم الأسلمي ". (4) 19 - أنس بن مالك: كان عنده صكاك ومجال (5): روى هبيرة بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك قال: " كان أنس إذا حدث فكثر الناس عليه للحديث جاء بصكاك فألقاها إليهم فقال: هذه أحاديث سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
(1) راجع ترجمته في أسد الغابة 1: 385 والإصابة 1: 314 والإستيعاب هامش الاصابة 1: 356. (2) راجع الطبقات 6: 154 والمصنف لابن أبي شيبة 11: 46 والتراتيب الإدارية 2: 259 وتدوين السنة: 238 قال: ولاحظ صحيح مسلم 1: 7. (3) مسند أحمد 4: 370. (4) الغيبة للنعماني: 120 وكمال الدين: 632 والخصال: 473 ومسلم 3: 1453 ومسند أحمد 5: 89 وغاية المرام: 192 و 193 والبحار 36: 239 و 240 و 297 وراجع قاموس الرجال 2: 309. (5) الصكاك جمع صك وهو الكتاب (النهاية) في حديث سويد بن الصامت: معي مجلة لقمان أي كتاب فيه حكمة لقمان، والميم زائدة ومنه حديث أنس (رضي الله عنه): ألقى إلينا مجال هي جمع مجلة يعني صحفا قيل: إنها معربة من العبرانية وقيل: هي عربية.
[443]
وكتبتها وعرضتها على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (1) وفي نص قال: " كنا إذا أتينا أنس بن مالك وكثرنا عليه أخرج إلينا بمجال من كتب فقال: هذه كتب سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقرأناها عليه ". وعن يزيد الرقاشي قال: " كنا إذا كثرنا على أنس بن مالك أتانا بمجال له، فألقاها إلينا وقال: هذه أحاديث سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكتبتها وعرضتها " (2). عن سالم العلوي قال: " رأيت أبان بن أبي عياش يكتب عند أنس في سبورة " (وفي التقييد: في سبورجة يعني ألواحا) (3). عن أنس بن مالك قال: حدثنا محمود بن الربيع عن عتبات بن مالك حديثه في ابن الدخشيم (وقال العتيقي: ابن الدخيش) قال أنس: " فقدمت المدينة فلقيت عتبان فحدثني، قال أنس: فأعجبني هذا الحديث، فقلت لابني: اكتبه، فكتبه " (4). عن النضر بن أنس عن أبيه: " من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا يموت على ذلك حرمه الله عز وجل على النار " قال النضر: " أمرنا أن نكتب الحديث ولم يأمرنا أن نكتب غيره " (5). نقل عبد الله بن المثنى حدثني عماي النضر وموسى ابنا أنس عن أبيها أنس أنه أمرهما بكتابة الحديث والآثار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعلمها (6).
(1) تقييد العلم: 95 و 96 بأسانيد متعددة، والكامل لابن عدي 1: 36 والسنة قبل التدوين: 320 وتدوين السنة: 210 عن الكامل وعن ميزان الاعتدال 3: 28. (2) تدريب الراوي 2: 142 كما في التراتيب 2: 247 والمطالب العالية 3: 110 / 3016 وتقييد العلم: 95 بأسانيد وتدوين السنة: 109 و 248 و 213 والسنة قبل التدوين: 320 و 353. (3) سنن الدارمي 1: 127 وتقييد العلم: 109 وسنن أبي داود 3: 319 وهامش تقييد العلم: 103 والجامع لأخلاق الراوي 2: 68. (4) تقييد العلم: 94 و 95 بأسانيده، وراجع صحيح مسلم 1: 61 و 62. (5) كنز العمال 1: 5 وصحيح مسلم 1: 62. (6) تقييد العلم: 96 وتدوين السنة: 211 وشرف أصحاب الحديث: 97.
[444]
كان أنس يملى على الناس وهم حوله يكتبون (1). ختم الحجاج الثقفي على عنقه يريد إذلاله وأن يجتنبه الناس ولا يسمعوا منه في آخرين من الصحابة (2). توفي أنس بالبصرة سنة 93 وهو آخر من توفي من الصحابة بالبصرة (3). أقول: كان جمع من الصحابة لا يتأبى عن الإملاء للكتابة بل يأمرون بذلك: 1 - كان بلال يملي للكتابة كما مر. 2 - كان البراء يملي وناس حوله يكتبون، قال عبد الله بن حنش: " رأيتهم يكتبون على أكفهم بالقصب " (4). 3 - فاطمة بنت قيس حدثت وكتبوا منها كتابا، نقل ابن سعد عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس (أخت الضحاك بن قيس) أنها حدثته وكتبوا منها كتابا، وظاهر النقل أن أناسا كانوا حولها يكتبون (5). وعن محمد بن بشر عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس قال: " كتبت من فيها كتابا " (6).
(1) تدوين السنة: 211 عن تأريخ بغداد 8: 259 ودلائل التوثيق المبكر: 46 ومعرفة النسخ: 99. (2) أسد الغابة 2: 366 في ترجمة سهل بن سعد الساعدي و 1: 128 في ترجمة أنس وتدوين السنة: 211. (3) السنة قبل التدوين: 472 و 473. (4) تقييد العلم: 105 بسندين وجامع بيان العلم: 87 وفيه عبد الله بن خنيس والسنة قبل التدوين: 320 وسنن الدارمي 1: 128 وابن أبي شيبة 9: 51 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 34 وتدوين السنة: 218 والكامل لابن عدي 6: 2328 وكتاب العلم لزهير بن حرب (كما في هامش السنة قبل التدوين). (5) الطبقات 8: 201. (6) ابن أبي شيبة 5: 180 وراجع بحوث في تاريخ السنة: 124 وقال في هامشه: مخطوطة في دار الكتب الظاهرية حديث 171 وتقع في 13 ورقة ونسخة أخرى في فيض الله: 259 " (انظر سزكين تأريخ التراث العربي: 255) وراجع المطالب العالية 3: 111 / 3018.
[445]
شداد بن أوس يملي على زائريه: أخرج ابن عساكر عن رجل من بلقين قال: " انطلقنا نؤم البيت، فلما علونا في الأرض إذا نحن بأخبية مبثوثة - فخرج إلينا شيخ، فلما رأيناه هبناه... وساق الحديث إلى أن قال - فالتفت إلي شاب منهم وقال: ألا تعرف هذا ؟ هو شداد بن أوس صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)... فقال... أزودكم حديثا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعلمناه في السفر الحضر، فأملى علينا فكتبناه الحديث " (1). عن أبي الخطاب المعروف الخياط قال: " رأيت واثلة بن الأسقع يملي على الناس الأحاديث وهم يكتبونها بين يديه " (2). عن كثير بن أفلح قال: " كنا نكتب عند زيد بن ثابت " (3). عن الحسن بن جابر أنه سأل أبا أمامة الباهلي عن كتابة العلم فقال: لا بأس بذلك أو ما أدري به بأسا (4). وقد مر أن جمعا من الصحابة كانوا يملون على الناس فيكتبون. الذين عثرنا على كتبهم من التابعين: الإمام أبو الحسن علي بن الحسين صلوات الله عليه: له (عليه السلام) رسالة الحقوق (5)
(1) تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 292 عن الحافظ وعن الطبراني في الكبير وراجع ترجمة شداد بن أوس قاموس الرجال 5: 63 أيضا وتنقيح المقال 2: 82. (2) الكامل لابن عدي 1: 37 و 6: 2328 والتراتيب الادارية 2: 277 وأدب الإملاء والاستملاء للسمعاني: 13 وتدوين السنة: 231 عن الكامل وعن ميزان الاعتدال 4: 145 وتدريب الراوي: 338 والجامع لأخلاق الراوي 2: 56 / 1166 و 1167. (3) تقييد العلم: 102. (4) تقييد العلم: 98 وجامع بيان العلم 1: 87 والطبقات الكبرى 7 / ق 2: 132 وكنز العمال 10: 189 وتدوين السنة: 277 وسنن الدارمي 1: 127 وفي هامش تقييد العلم: 98 عن المنار 10: 763. (5) راجع الخصال للصدوق رحمه الله تعالى 2: 564 ط الغفاري والأمالي له: 222 ط قم وتحف العقول: =
[446]
وصحيفة منه (عليه السلام) في الزهد (1) وكتاب إلى محمد بن مسلم الزهري (2) وكتاب الصحيفة في إملاءه علي أبي جعفر محمد بن علي الباقر فكتبه هو (عليه السلام) بيده، وغيرها مما نقله ؟ (3). الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهما السلام): له (عليه السلام) كتاب إلى أحد خلفاء بني أمية في الجهاد (4) وكتاب إلى سعد الخير (5) وكتاب آخر إليه (6) وكتاب أعطاه جابرا (7). نقل عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال: كنت أنطلق أنا ومحمد بن علي أبو جعفر ومحمد بن الحنفية إلى جابر بن عبد الله فنسأله عن سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن صلاته فنكتب عنه ونتعلم منه " (8) وبعد أبي جعفر (عليه السلام) كتب ورسائل لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) في التوحيد والقدر ومحض الاسلام، وفي رد شبهات الملحدين وإن أردت الوقوف عليها فعليك بمعادن الحكمة وكتب أحاديث الشيعة.
= 255 وفي ط: 184 ومستدرك الوسائل 2: 274 الطبعة الحجرية والبحار 74: 2 وأعيان الشيعة 1: 638 والوسائل 11: 131. (1) الكافي 8: 14 - 17 والأمالي للمفيد رحمه الله تعالى: 117 ومعادن الحكمة: 2 / 52 وتحف العقول: 182 والعدد القوية: 59 والبحار 78: 148 و 151 وتدوين السنة: 151. (2) تحف العقول: 198 ومعادن الحكمة 2: 61 والبحار 78: 131. (3) هذا الكتاب من المقطوع الصحة عند الإمامية. روى في تدوين السنة 151: قال: " مناسك الحج رسالة حاوية لجميع احكام الحج الشرعية في ثلاثين بابا رواها عن الإمام (عليه السلام) كل من ابنائه الإمام محمد الباقر وزيد الشهيد والحسين الاصغر وقد طبعت ببغداد ". (4) الكافي 5: 3 و 4 والوسائل 11: 6. (5) الكافي 8: 52 والبحار 78: 358. (6) الكافي 8: 56 والبحار 78: 362. (7) البحار 2: 70 وتنقيح المقال 1: 202 وقاموس الرجال 2: 325 و 333. (8) تقييد العلم: 104 والكامل لابن عدي 4: 1447 بأسانيد متعددة وصحائف الصحابة: 134 ولعل المراد من كتاب أبي جعفر (عليه السلام) عن جابر هو مناسك الحج كما تقدم. (*
[447]
وعن عبد الله بن محمد قال: " كنت اختلف إلى جابر بن عبد الله أنا وأبو جعفر معنا ألواح نكتب فيها " (1). وعنه قال: " كنا نأتي جابر بن عبد الله فنسأله عن سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وفي حديث موسى: عن سير رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنكتبها (2). طلب زيد بن علي من أخيه كتابا فأغفل عن ذلك أبو جعفر (عليه السلام)، ثم ذكره فأخرج إليه الكتاب، فقال له زيد بن علي: قد وجدت ما أردت في القرآن (3). قال العجاج الخطيب: " كان عند الإمام محمد بن علي بن الحسين أبي جعفر الباقر (عليه السلام) كتب كثيرة سمع بعضها منه ابنه جعفر الصادق (عليه السلام) وقرأ بعضها " (4). قال ابن النديم: " كتاب الباقر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) (في التفسير) رواه عنه أبو الجارود " (الفهرست: 50). 3 - الأصبغ بن نباته التميمي الحنظلي: ذكره النجاشي في المؤلفين في الصدر الأول (5). وذكره في تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام عن أئمة علم الحديث في الطبقة الاولى من التابعين ثم ذكر أنه روى عنه عهد الأشتر رحمه الله تعالى الذي عهد إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) حين ولاه مصرا، وروى وصيته (عليه السلام) إلى ابنه محمد بن الحنفية، قال: كتب أمير المؤمنين محمد " (6).
(1) تقييد العلم: 104 وتدوين السنة: 154 عنه وعن المحدث الفاصل: 370 ومحاسن الاصطلاح: 297. (2) تقييد العلم: 104 والكامل لابن عدي 4: 1447 بأسانيد متعددة. (3) تيسير المطالب: 19 و 20. (4) السنة قبل التدوين: 354 و 355 وراجع تهذيب التهذيب 2: 104 في ترجمة الإمام الصادق (عليه السلام) وتدوين السنة: 154. (5) النجاشي: 8. (6) تأسيس الشيعة: 281 والفهرست للشيخ رحمه الله تعالى: 62 و 63 ومعالم العلماء: 138 وأعيان الشيعة 1: 122.
[448]
وروى قسم القضاء عن الإمام علي (عليه السلام)، وهو موجود برواية إبراهيم بن هاشم القمي، ومنه نسخة في مكتبة جامعة طهران برقم 3915 تاريخها سنة 1064 ه‍ ونسخة في تركيا مكتبة حميدية رقم 1447 من 149 أ - 153 بإسم أقضية أمير المؤمنين (عليه السلام) (1). له كتاب مقتل الحسين (عليه السلام)، قال الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى: " وروى الدوري عنه أيضا مقتل الحسين (عليه السلام) " (2). 4 - خلاس بن عمرو الهجري البصري: عن أحمد أنه ثقة ثقة، روايته عن علي كتاب، وكان يحيى بن سعيد القطان يتوقى حديثه عن علي خاصة. سئل زرعة عن خلاس من علي فقال يحيى بن سعيد يقول: هو كتاب عن علي وقال أبو حاتم: يقال وقعت عنده صحف عن علي وليس بقوي وكان خلاس من شرطة علي (3) وقال الدار قطني: إنه صحفي. يحتمل أن يكون الكتاب عند خلاس من كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) كما قيل إن روايتي التابعين عامر الشعبي وعطاء بن أبي رباح عن علي إنما هي من كتاب، ويحتمل أن يكون من كتاب أملاه لهما أمير المؤمنين (عليه السلام) ككتاب الحارث الأعور. 5 - الحارث بن عبد الله الأعور: له كتاب يروي فيه المسائل التي أخبر بها أمير المؤمنين (عليه السلام) اليهودي (4).
(1) تدوين السنة: 140 و 239. (2) الفهرست: 63 وأعيان الشيعة 1: 153. (3) ميزان الاعتدال 1: 658 وتهذيب الكمال 8: 364 - 365 وتهذيب التهذيب 3: 177 والضعفاء للعقيلي 2: 29 وتدوين السنة: 163. (4) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 282 وأخرجه الشيخ في الفهرست: 245 في ترجمة عمرو بن ميمون وكنية ميمون أبو المقدام قال: أخبرنا بها أحمد بن محمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن محمد بن =
[449]
ولكن الشيخ ذكر الكتاب لعمرو بن ميمون ثم ذكر إسناده إليه (1). قال ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة خلاس بن عمرو: قال أحمد... أيضا كانوا يخشون أن يكون خلاس يحدث عن صحيفة الحارث الأعور قال أبو حاتم وقعت عنده من صحف علي (2). وظاهر هذا الكلام أن الكتاب كان لعلي (عليه السلام) وقع عند الحارث ويخشون أن يحدث عنه خلاس، وهنا احتمال آخر وهو أن يكون الكتاب إملاء منه (عليه السلام) كما تقدم أن عليا (عليه السلام) قال: من يشتري علما بدرهم ؟ فاشترى الحارث صحفا. ويعلم من نص آخر أن الحارث كان يكتب خطب أمير المؤمنين (عليه السلام). نقل عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوما خطبة بعد العصر فعجب من حسن صفته وما ذكر من تعظيم الله جل جلاله قال أبو إسحاق: فقلت للحارث: أو ما حفظتها ؟ قال: قد كتبتها فأملاها علينا من كتابه (3). 6 - سليم بن قيس الهلالي: له كتاب ذكره النجاشي قال: سليم بن قيس الهلالي له كتاب، يكنى أبا صادق (4).
= جعفر العلوي الحسني قال: حدثنا علي بن عبدك (عبدون) قال حدثنا طريف مولى محمد بن إسماعيل عن موسى و عبيد الله ابني يسار (بشار) عن عمرو بن المقدام عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الهمداني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وذكر الكتاب وراجع قاموس الرجال 3: 8 وتدوين السنة: 140. (1) الفهرست: 245. (2) المصدر 3: 177 وراجع ميزان الاعتدال 1: 658 وتهذيب الكمال 8: 365. (3) الكافي 1: 141 والتوحيد للصدوق رحمه الله تعالى: 31 والبحار 4: 265 وتدوين السنة: 241. (4) النجاشي: 8 ساق سنده إلى حماد بن عيسى: وعثمان بن عيسى قال حماد بن عيسى وحدثنا إبراهيم ابن عمر اليماني عن سليم بن قيس بالكتاب، وراجع الفهرست: 162 ساق سنده إلى حماد بن عيسى وعثمان بن عيسى عن أبان بن أبي عياش عنه، ورواه حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عنه =
[450]
أقول: تكلم حول كتاب سليم في الذريعة 4: 152، وحقق حول نسخ الكتاب ورواته، وقال ابن النديم في فهرسته: 275: " من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأول كتاب ظهر للشيعة " كتاب سليم المشهور " ونقل نحو ذلك عن السبكي في كتاب محاسن الوسائل في معرفة الأوائل، وقال النعماني في الغيبة: 101: ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه خلاف في أن كتاب سليم أصل من كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت وأقدمها... وهو من الأصول التي يرجع الشيعة إليها وتعول عليها " وتكلم حول الكتاب في معجم رجال الحديث 8: 216. 7 - ربيعة بن سميع: له كتاب في زكاة النعم، قال النجاشي: " ربيعة بن سميع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) له كتاب ثم ساق السند إلى أن قال: حدثنا عبد الله بن المغيرة قال: حدثنا مقرن عن جده ربيعة بن سميع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كتب له في صدقات النعم وما يؤخذ من ذلك " (1). أقول: نقل في الكافي 3: 539 في كتاب الزكاة باب آداب المصدق، والتهذيب 4: 95 وجامع أحاديث الشيعة 8: 253 عنهما بإسنادهما عن محمد بن مقرن بن عبد الله بن زمعة (بن سبيع - كا) عن أبيه (عن جده - كا) عن جد أبيه: أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كتب له في كتابه الذي كتب له بخطه حين بعثه على الصدقات (ثم نقل نص الكتاب).
= (الظاهر أن أبان سقط عن نسخة النجاشي). راجع أعيان الشيعة 1: 122 وتأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 282 وقاموس الرجال 4: 444 ومعجم رجال الحديث 8: 116 ومعالم العلماء: 390 وتدوين السنة: 240 والغيبة للنعماني: 101. (1) النجاشي: 8 / 3 وراجع تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 282 وأعيان الشيعة 1: 122 وجامع أحاديث الشيعة في المقدمة " ز " وقاموس الرجال 1: 118 وتنقيح المقال 1: 428 ومعجم رجال الحديث 7: 178.
[451]
نعم في بعض النسخ المعتبرة من الكافي " ربيعة " بدل " زمعة " وفي بعض " سسع - مهملا " بدل سبيع، فيكون موافقا للكافي على احتمال، ولعل " عن جد أبيه " كان في الهامش توضيحا للضمير في جده يعني جد مقرن، فأدخل في المتن في بعض نسخ الكافي. فالكتاب لأمير المؤمنين (عليه السلام) كتبه لربيعة في الصدقات. 8 - علي بن أبي رافع: قال النجاشي: " تابعي من خيار الشيعة كانت له صحبة مع أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان كاتبا له وحفظ كثيرا، وجمع كتابا في فنون من الفقه: الوضوء والصلاة وسائر الأبواب " (1). أقول: ذكر النجاشي طرقه إلى الكتاب، ولكن فيها سقط، فإنه ذكر طريقه إلى عمر بن محمد بن عمر بن الحسين - ثم قال - قال: حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع وكان كاتب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يقول: إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده وذكر الكتاب ". قال عمر بن علي بن محمد: " وأخبرني موسى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه أنه كتب هذا الكتاب عن عبيدالله بن علي بن أبي رافع وكان يعظمونه ويعلمونه ". قال أبو العباس بن سعيد: " حدثنا عبد الله بن أحمد بن مستورد قال: حدثنا مخول بن إبراهيم النهدي قال: سمعت موسى بن عبد الله بن عبد الله بن الحسن يقول: سأل أبي رجل عن التشهد فقال: هات كتاب ابن أبي رافع فأخرجه فأملاه علينا ". قال السيد الأمين العاملي: " فأول الكلام في كتاب علي بن أبي رافع ولم يجر
(1) النجاشي: 6 وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 282 وأعيان الشيعة 1: 123 ومقدمة جامع أحاديث الشيعة: " ز " وراجع تنقيح المقال 2: 263 وقاموس الرجال 6: 356 والذريعة 6: 348 وتدوين السنة: 227 المراجعات: 335 المراجعة 110. قال: " وكانوا (عليهم السلام) يعظمون هذا الكتاب ويرجعون إليه ".
[452]
لعلي ذكر وقوله: وكان يكتب أمير المؤمنين لا يصح رجوعه إلى عبد الرحمن، لأنه لم يكن كاتبه ولا إلى عبيدالله، لأن الكلام في أخيه علي، فذكر كونه كاتبا لعلي هنا لاوجه له، فلا يبعد أن يكون أصل الكلام: حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع عن علي بن أبي رافع، وكان كاتب أمير المؤمنين أنه كان يقول الخ، وكذا قوله عند ذكر السند الثاني إليه: أنه كتب هذا الكتاب عن عبيدالله بن علي بن أبي رافع، لا يبعد أن يكون سقط منه عن أبيه علي بن أبي رافع والله العالم " (1). 9 - عبيدالله بن أبي رافع: كاتب أمير المؤمنين (عليه السلام) وخازنه، له كتاب تسمية من شهد من الصحابة مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الجمل وصفين والنهروان (2). كان الكتاب معروفا مشهورا روى عنه ابن الأثير والطبراني في الكبير وابن حجر (عن الطبراني). رواه الشيخ رحمه الله تعالى بإسناده عن ضرار بن صرد عن علي بن هاشم البريد عن محمد بن عبيدالله عن أبيه، وكذا ابن الأثير رواه بإسناده عن ضرار بن صرد... (3). أخرجه بتمامه (على المظنون) القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار 2: 16
(1) أعيان الشيعة 1: 123. (2) راجع الفهرست للشيخ: 202 وتنقيح المقال 2: 237 وقاموس الرجال 6: 207 ويروي عن هذا الكتاب الطبراني في الكبير 3: 252 و 210 و 4: 16 و 35 و 234 و 236 و 240 و 258 و 5: 26 و 55 و 56 وابن الأثير في أسد الغابة 1: 266 و 267 و 270 و 2: 24 و 61 و 78 و 128 و 162 والإصابة 1: 221 و 2: 361 و 404 و 458 (عن الطبراني) وكذا في مجمع الزوائد 10: 6 وراجع تدوين السنة: 227 عن الذريعة 4: 187 وتأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 282 وأعيان الشيعة 1: 123. (3) أسد الغابة 2: 61 وفي الفهرست زيادة وهي: "... عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع عن عون بن عبيد (عبد) الله عن أبيه... " ولعل في النسخة سقطا.
[453]
وما بعدها. وقال في تدوين السنة بعد ذكر الكتاب: وقد وفقني الله بفضله العميم للاطلاع على نصه، فحققته وفصلت في مقدمته الحديث عن الحروب الثلاثة: الجمل وصفين والنهروان عقائديا وفقهيا وتراثيا. وله كتاب قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) (1). 10 - الحسن بن يسار البصري كان يكتب الحديث قال: " إن لنا كتبا نتعاهدها " (2) وقال: " إنما نكتبه لنتعاهده يعني الحديث " (3) وعنه: " إنه كان يكتب للناس العلم ويعرضه لهم " (4). روى عن أبي يحيى الواسطي قال: " لما افتتح أمير المؤمنين (عليه السلام) البصرة اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري، ومعه الألواح، فكان كلما لفظ أمير المؤمنين (عليه السلام) بكلمة كتبها، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) بأعلى صوته:... ما تصنع ؟ قال: نكتب آثاركم لنحدث بها بعدكم، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما إن لكل قوم سامريا، وهذا سامري هذه الأمة إلا أنه لا يقول: لا مساس، ولكنه يقول: لا قتال " (5).
(1) راجع تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 282 وأعيان الشيعة 1: 89 و 123 (ولكنه ذكر عبد الله بدل عبيدالله وهو سهو) والفهرست للشيخ: 202 وقاموس الرجال 6: 207 وتنقيح المقال 2: 237. (2) تقييد العلم: 101 والسنة قبل التدوين: 326 و 354. (3) تقييد العلم: 101 والجامع لأخلاق الراوي 1: 669. (4) تقييد العلم: 102. (5) البحار 42: 142 عن الاحتجاج، وسيأتي الإشارة إليه أيضا هو أبو سعيد حسن بن يسار، من مشاهير التابعين، لقي جمعا من الصحابة، قال في السنة قبل التدوين 168: " إنه أدرك خمسمائة من الصحابة، وقيل له: إنك تروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم تشاهده ولم تدركه قال: كلما أروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرويه عن علي (عليه السلام) تقية عن الحجاح وغيره من الأمويين وأشياعهم قيل له: إنك تبغض عليا (عليه السلام) وتقول... قال: قلت ذلك حفظا لدمي، وقيل: إنه كان يبغض عليا (عليه السلام) ويخذل الناس عن علي (عليه السلام) ويتصنع للرآسة " راجع ريحانة الأدب في البصري وسفينة البحار في حسن وراجع تاريخ دمشق (فضائل علي (عليه السلام)) 3: 204 وهامشه والبحار 34: 294 و 325 والكامل للمبرد 3: 215 - 216.
[454]
عن يونس قال: " كان الحسن يكتب ويكتب (1) وقد كان أملى التفسير فكتب " (2). ونقل أنه أحرق كتبه عند الموت (3) ونقل ابن سعد في الطبقات 7 / ق 2: 17 عن حميد بن أبي حميد الطويل أنه أخذ كتب الحسن، فنسخها وردها عليه. أقول: يظهر من بعض النصوص أن غير الحسن أيضا كانوا يكتبون عن أمير المؤمنين (عليه السلام) كما مر عن الحارث، وتقدم في كتب ابن عباس أنه أتي بكتاب فيه قضاء علي (عليه السلام)، وحدث أبو عمر المتطبب قال: " عرضه على أبي عبد الله (عليه السلام) (أي: كتاب الديات) قال: أفتى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فكتب الناس فتياه، وكتب به أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أمرائه ورؤوس أجناده " (4). وفي الثاقب في المناقب لابن حمزة: 278 عن رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان له كتاب في حرب صفين، وأنه قرأ منه مقتل عمار لرجل اسمه أبو مهاجر زيد بن رواحة العبدي. وفي الملاحم والفتن للسيد ابن طاووس: 146 عن أبي صالح السليلي في كتاب: الفتن بإسناده عن الأصبغ بن نباته، قال: " خطب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) خطبة، فذكر المهدي، وخروج من يخرج معه وأسمائهم... وجعل علي (عليه السلام) يعدد رجال المهدي والناس يكتبون ". عن الأعمش قال: كان بالكوفة شيخ يقول: سمعت علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)
(1) سنن الدارمي 1: 121 وراجع الكفاية: 318 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 18. (2) جامع بيان العلم 1: 89. (3) راجع الطبقات 7 / ق 1: 116 و 126 و 127. (4) التهذيب للشيخ رحمه الله تعالى 10: 169 و 245 و 258 و 292 و 295 والاستبصار 4: 299 ومستدرك الوسائل 18: 338 وما بعدها وسفينة البحار 2: 210 (مادة حسن).
[455]
يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة والناس عنقا واحدا إذا ذاك يأتونه ويسمعون منه، قال: فأتيته فقلت له: كيف سمعت علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ؟ أين سمعت هذا من علي (رضي الله عنه) ؟ قال أخرج إليك كتابا فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما سمعت من علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) " الحديث (1). 11 - سعيد بن جبير كان يكتب عن ابن عباس وغيره، روى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: " ربما أتيت ابن عباس فكتبت في صحيفتي حتى أملأها وكتبت في نعلي حتى أملأها وكتبت في كفي " (2). وعنه عن سعيد قال: " كنت آتي ابن عباس فأكتب عنه " (3). وعنه عن سعيد بن جبير قال: " كان ابن عباس يملي علي في الصحيفة حتى أملأ وأكتب في نعلي حتى أملأها " (4). روى الخطيب حديث جعفر عن سعيد بألفاظ مختلفة. عن طارق عن سعيد بن جبير قال: " كنت أسمع من ابن عمر وابن عباس الحديث بالليل فأكتبه في واسطة رحلي حتى أصبح وأنسخه " (5). وفي لفظ: " كنت أسير بين ابن عمر وابن عباس، فكنت أسمع الحديث منهما فاكتبه على واسطة الرحل حتى أنزل فأكتبه " (6).
(1) السنن الكبرى للبيهقي 7: 339 و 340 وراجع الكفاية للخطيب: 150 والدر المنثور 1: 280 عن ابن عدي والبيهقي. (2) الطبقات 6: 179 وراجع تقييد العلم: 102 والسنة قبل التدوين: 325 والدارمي 1: 128 والتراتيب 2: 254 وتدوين السنة: 245. (3) الطبقات 6: 179 وتدوين السنة: 245 وراجع سنن الدارمي 1: 128. (4) تقييد العلم: 102 وراجع سنن الدارمي: 128 وتدوين السنة: 246. (5) تقييد العلم: 102 وبهامشه عن المحدث الفاصل 6: 8. (6) تقييد العلم: 103 وراجع هامشه والسنة قبل التدوين: 325.
[456]
وعن عثمان بن حكيم قال: " سمعت سعيد بن جبير يقول: كنت أسير مع ابن عباس في طريق مكة ليلا وكان يحدثني بالحديث فأكتبه في واسطة الرحل حتى أصبح فأكتبه " (1). وعن أيوب قال: " سمعت سعيد بن جبير قال: كنا نختلف في أشياء فكتبتها في كتاب ثم أتيت بها ابن عمر أسأله عنها حفيا، فلو علم بها لكانت الفيصل فيما بيني وبينه " (2). وفي لفظ: " عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: كتبت إلي أهل الكوفة مسائل ألقى فيها ابن عمر، فلقيته فسألته عن الكتاب، ولو علم أن معي كتابا لكانت الفيصل بيني وبينه " (3). وكان له كتاب تفسير ذكره ابن النديم (4) وقال أبو حاتم: " كتب عبد الملك بن مروان إلى سعيد بن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن، فكتب سعيد بن جبيربهذا التفسير إليه فأخذه عطاء من الديوان " (5). 12 - ميثم التمار: صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) استشهد (رضي الله عنه) قتله عبيدالله بن زياد لأجل تشيعه في حديث مشهور (6) له كتاب أو كتب يروي عنه ابن ابنه يعقوب بن شعيب بن ميثم وابنه صالح بن ميثم، ينقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي
(1) سنن الدارمي 1: 128 والمصنف لابن أبي شيبة 9: 51 وجامع بيان العلم: 87 والمعرفة والتاريخ 1: 527 وتدوين السنة: 246. (2) المصنف لابن أبي شيبة 9: 54 وجامع بيان العلم 1: 79 وتقييد العلم: 44 والسنة قبل التدوين 314 والطبقات 6: 179 و 180 بلفظ قريب من هذا المعنى. (3) جامع بيان العلم: 79. (4) الفهرست: 51 وراجع الطبقات 6: 186 وتدوين السنة: 247. (5) تدوين السنة: 247 عن جامع التحصيل للعلائي: 237. (6) راجع تنقيح المقال 3 وقاموس الرجال 9: 172 والإرشاد للمفيد 2: 323 و 334 والبحار 37 و 40 و 42 و 44 و 75 و... ومستدرك سفينة البحار في " مثم " وكذا في سفينة البحار 8.
[457]
في أماليه أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال وصاحب كتاب بشارة المصطفى وكثيرا ما يقول: " وجدت في كتاب ميثم " (1). 13 - عبيدالله بن الحر الجعفي: الفارس الفاتك الشاعر، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (2). 14 - محمد بن قيس البجلي التابعي: صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) له كتاب يرويه عن أمير المؤمنين (عليه السلام). قال الشيخ في الفهرست في ترجمة عبيد بن محمد بن قيس البجلي: " له كتاب يرويه عن أبيه أخبرنا به جماعة عن التلعكبري هارون بن موسى - إلى أن قال - أخبرنا عبيد بن محمد بن قيس البجلي قال: عرضنا هذا الكتاب على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) فقال: هذا قول علي بن أبي طالب (عليه السلام) إنه كان يقول: إذا صلى الحديث " (3). وقال في ترجمة محمد بن قيس بعد ذكر أن له كتاب قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن له أصل أيضا أخبرنا به جماعة... ". وقد تقدم في عبيد ابنه رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى أهل البصرة ولم يذكر في ترجمته غير ما تقدم.
(1) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 283 والامالي للشيخ رحمه الله تعالى 1: 147 و 2: 20 ط نجف والغارات للثقفي 2: 910 تحقيق المحدث الأرموي والبحار 27: 283 و 220 عن الأمالي و 130 عن كتاب المحتضر للحسن بن سليمان عن محمد بن العباس بن مروان و 23: 390 و 68: 25 وقاموس الرجال 9: 172 وتدوين السنة: 242 و 243 (عن الأمالي وتأسيس الشيعة وعن مرآة الكتب 1: 9 والإرشاد للمفيد: 15). (2) النجاشي: 9 / 6 وراجع تأسيس لعلوم الإسلام: 283 وأعيان الشيعة 1: 122 وتنقيح المقال 2: 238 وقاموس الرجال 6: 211 وتدوين السنة: 141. (3) الفهرست: 202 وقاموس الرجال 6: 204 ومعالم العلماء: 807 والذريعة 2: 166 وتأسيس الشيعة: 283 وذكر النجاشي في ترجمة محمد بن قيس كتاب القضايا فقط.
[458]
15 - يعلى بن مرة الثقفي: له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ذكره النجاشي في فهرست أسماء مصنفي الشيعة، وذكره في ترجمة عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي قال: " له نسخة يرويها عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) " (1). وفي قاموس الرجال في ترجمة زيد بن شراحيل نقل كلام النجاشي. هذا كله في أسماء المصنفين من التابعين الذين نقلوا عن الصحابة رضي الله عنهم وكتبوا علوم الإسلام، وأما تابعو التابعين فالمؤلفون والمصنفون منهم كثيرون جدا من أصحاب أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) وأبي عبد الله الصادق (عليهما السلام)، ولا نتعرض لذكرهم، ومن أراد فليراجع الكتب المعدة لذكرهم، قال الفسوي في المعرفة والتأريخ 2: 216: " كان عند جابر الجعفي ثلاثون ألف حديث " وظاهره أنه كان مكتوبا عنده، وأخرج مسلم عن الجراح بن مليح يقول: " سمعت جابرا يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر عن النبي كلها " (2). وعن أحمد بن يونس قال: " سمعت زهيرا يقول: قال جابر أو سمعت جابرا يقول: إن عندي لخمسين ألف حديث ما حدثت منها بشئ " (3) وعن سلام بن أبي مطيع يقول: " سمعت جابرا الجعفي يقول: عندي خمسون ألف حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) " (4). وله أصل وله كتاب التفسير وكتاب الفضائل وكتاب النوادر وكتاب الجمل وكتاب صفين وكتاب النهروان وكتاب مقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وكتاب مقتل الحسين (عليه السلام) ورسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى أهل البصرة (5).
(1) راجع النجاشي: 286 / 762 وتأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 283 وقاموس الرجال 9: 469. (2) صحيح مسلم 1: 20 والضعفاء الكبير للعقيلي 1: 18 في المقدمة و: 193 من نفس الكتاب. (3) صحيح مسلم 1: 20 والكامل لابن عدي 2: 537 والضعفاء الكبير في المقدمة 1: 18 وفي نفس الكتاب: 192 وراجع العلل لأحمد 2: 459 / 3032. (4) صحيح مسلم 1: 20 وفي الضعفاء للعقيلي في رواية أربعين ألف. (5) راجع الفهرست للشيخ رحمه الله تعالى وراجع الكشي والنجاشي وتنقيح المقال وقاموس الرجال 1 والمعرفة والتأريخ والذريعة 2: 144 ومعالم العلماء: 178.
[459]
تذييل: ذكروا لعدة أخرى من الصحابة التابعين كتابا أو كتبا أو صحيفة أو صحائف نذكرها هنا تتميما للفائدة: 1 - عبد الله بن مسعود الهذلي: حليف بني زهرة الصحابي العظيم الذي نسبت إليه الشدة في تحريم الكتابة (1)، فإنه روى عن مسعر عن معن قال: " أخرج إلي عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كتابا وحلف أنه خط أبيه بيده (2) فإذا فيه: قال عبد الله: والذي لا إله غيره ما رأيت أحدا كان أشد خوفا على المتنطعين من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أبي بكر، وإني لأرى عمر كان أشد خوفا عليهم ". كان عبد الله بن مسعود ممن يكره الكتاب شديدا حتى أنه كان يمحو كل صحيفة تقع في يده أو يسمع بها فيصل إليها كما سيأتي، فلا يمكن أن يكتب هو حديثا إلا أن يكون قبل نهي عمر بن الخطاب أو كان الكتاب التشهد فحسب (3) نعم روي عن واصل مولى أبي عيينة قال: دفع إلي يحيى بن عقيل صحيفة فقال: هذه خطبة عبد الله بن مسعود أنبئت أنه كان يقولها في عشية كل خمسين، ولعله كان كتابا لبعض أصحابه (4). 2 - كتبت سبيعة الأسلمية إلى عبد الله بن عتبة تروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه
(1) راجع في ترجمته أسد الغابة والاصابة والاستيعاب. (2) المطالب العالية 3: 200 / 3152 وجامع بيان العلم 1: 86 والمصنف لابن أبي شيبة 9: 50 والسنة قبل التدوين: 317 و 345 ظاهر الكتاب أنه كتب في أواخر خلافة عمر. (3) نقل في السنة قبل التدوين: 317 عن ابن مسعود: " ما كنا نكتب على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الا الاستخارة والتشهد " وراجع ابن أبي شيبة 1: 115 وكنز العمال 8: 101 والعلل لأحمد 1: 322. (4) كنز العمال 11: 187 عن ابن أبي الدنيا في العزلة ويحيى بن عقيل الخزاعي البصري راجع تهذيب التهذيب وفي المطالب العالية 3: 144: أنه كان يخطب كل خميس بهذه الخطبة وكنا نرى أنها خطبة النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم نقل لفظ الخطبة.
[460]
أمرها بالنكاح بعد قليل من وفاة زوجها (1). هذا ولكن الذي رواه البخاري ومسلم هو: " حدثني عبيدالله بن عبد الله بن عتبة: أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين استفتته، فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبة يخبره الحديث (واللفظ للبخاري) (2). 3 - وجد في صندوق عبد الله بن الزبير صحيفة فيها مكتوب: إذا كان الحديث خلفا والمقيت ألفا وكان الولد غيظا والشتاء غيضا " الحديث (3). 4 - معاذ بن جبل كان له كتاب يرويه طاووس قال في كتاب معاذ بن جبل: " من ارتهن أرضا الحديث " (4). كان لديه (أي: لدى معاذ) كتاب يحتوي على أحاديث، وقد كان عند موسى بن طلحة وكانت عند ابن عائذ نسخة كتاب له (5). أقول: الظاهر أن المراد هو كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى معاذ لا أن معاذا كتب عن النبي (صلى الله عليه وآله) كتابا كما لا يخفى على من راجع مسند أحمد والأموال (6). 5 - محمد بن مسلمة الأنصاري: عن محمد بن سعيد قال: " لما مات محمد بن
(1) السنة قبل التدوين: 247 عن المحدث الفاصل: 112 وراجع الكفاية للخطيب: 337. (2) البخاري 5: 102 ومسلم 2: 1122 وراجع المعجم الكبير للطبراني 24: 293 - 295 والسنن الكبرى للبيهقي 7: 427 و 428. (3) ربيع الأبرار: 5591. (4) كنز العمال 6: 153. (5) تدوين السنة: 213 (عن سيرة ابن هشام: 886 و 956 وحلية الأولياء 1: 240 والأموال لأبي عبيد: 27 - 37 ومسند أحمد 5: 228 وقال: انظروا دلائل التوثيق المبكر: 418). (6) سيأتي الكتاب في الفصل الحادي عشر.
[461]
مسلمة الأنصاري (42 ه‍) وجدنا في ذؤابة سيفه كتابا: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) الحديث " (1). 6 - سمرة بن جندب بن هلال الفزاري: الراد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريك معاوية في جرائمه جمع أحاديث كثيرة في نسخة رواها عنه ابنه سليمان، ويحتمل أن تكون هذه النسخة هي الرسالة التي كتبها سمرة إلى بنيه وقال فيها ابن سيرين: " في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير " (2). عن سليمان بن سمرة عن أبيه سمرة أنه كتب إلى ابنه: " أما بعد فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا ونصلح صنعتها ونطهرها " (سنن الدارمي) (3). نقل الطبري في تفسيره 6: 56 بسندين عن ابن عون أنه قال: " وجدت كتاب سمرة عن الحسن فقرأته عليه. وقد تكلم حول كتاب سمرة في صحائف الصحابة: 158 - 180 وأطال الكلام فيه ونقل كتاب سمرة إلى بنيه عن الطبقات لابن سعد والسنة قبل التدوين وكشف الأستار وعين مواضعه فيه (4) ونقل عن أبي داود 1: 256 والطبراني في الكبير 7: 301 والبيهقي 2: 182 جملة أخرى منه، وساق الكلام في ذكر مواضعه
(1) السنة قبل التدوين: 346 عن المحدث الفاصل: 112. (2) راجع السنة قبل التدوين: 348 وتهذيب التهذيب 4: 198 و 236 في ترجمة سليمان روى عن أبيه نسخة كبيرة، وراجع أسد الغابة 2: 354 والتأريخ الكبير للبخاري (كما في السنة قبل التدوين) والاصابة 2: 79 والاستيعاب هامش الاصابة 2: 77 وسنن أبي داود 1: 125 وبحوث في السنة عن الخطيب في الكفاية: 330 وصحائف الصحابة: 158 والطبقات 7 / ق 1: 115. (3) وراجع صحائف الصحابة: 160 عن أبي داود 1: 125 / 456 والطبراني في الكبير 7: 303 والبيهقي 2: 440. (4) راجع صحائف الصحابة: 159. (*)
[462]
في كتب الحديث، ثم ذكر الإسناد إليه من طريق أولاد سمرة وغيرهم (1). أقول: لا ينقضى تعجبي من سمرة الراد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريك جرائم بني أمية كيف خالف الخليفتين وكتب الأحاديث وخلدها ولم يأت بها إلى عمر حتى يحرقها، ولم ير حرمة الكتاب كابن مسعود وأبي سعيد الخدري وأبي موسى، أو استجاز من الخليفة وأجاز له في الكتاب والتدوين لعلة خاصة أو افتعل هذا الكتاب بعد قرن ونسب إليه. كما لا ينقضي عجبي أيضا وإن عشت اراك الدهر عجبا من جمع منهم: 7 - عبد الله بن عمر بن الخطاب، حيث روي عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يخرج من بيته غدوة حتى ينظر في كتبه (2). إذ كيف تخلص عن خشونة أبيه وتنمره وشراسته حتى أبقى كتبه، وألذي أرى أنه افتعل هذا توجيها لكثرة أحاديثه أو لغير ذلك. ومنهم: 8 - أبو موسى الأشعري له صحيفة ذكرها الدكتور ضياء العمري في كتابه: بحوث في تأريخ السنة المشرفة: 223 وقال في هامشه: " مخطوطة في مكتبة شهيد علي بتركيا (انظر صبحي سامرائي مقدمة لكتاب الخلاصة في أصول الحديث الطبسي: 10) (3). لأن أبا موسى كان شديد التبعية للخليفة، حيث لا يرى خلافه،
(1) راجع صحائف الصحابة: 158 - 180 وراجع ايضا المعجم الكبير للطبراني 7: 273 وموارد الظمآن: 124 عن أبي يعلى. (2) السنة قبل التدوين: 320 و 352 عن الآداب الشرعية 2: 125 والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 669. (3) راجع تدوين السنة: 228 عن الخلاصة للطيبي: 10 ولاحظ مسند أحمد 4: 396 حيث روى: عن أبي التياح عن رجل أنه كتب إلى أبي موسى في أمر وكتب إليه أبو موسى حديثا في جوابه.
[463]
فكيف خالفه وأورث صحيفة، مضافا إلى أنه كان شديد النكير لكتابة الحديث كما سيأتي، وروى ابن سعد عن أبي بردة قال: " كان لأبي موسى تابع فقذفه في الإسلام، فقال لي: يوشك أبو موسى أن يذهب ولا يحفظ حديثه فأكتب عنه، قال: قلت: نعم ما رأيت قال: فجعلت اكتب حديثه، قال: فحدث حديثا فذهبت أكتبه كما كنت أكتب، فارتاب بي وقال: لعلك تكتب حديثي، قال: قلت نعم، قال: فآتني بكل شئ كتبته، قال: فأتيته، فمحاه، ثم قال: احفظ كما حفظت " (1). ومنهم: 9 - زيد بن ثابت الأنصاري: قال الزهري: " لو لاأن زيدا كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس ". كان زيد يكتب إلى معاوية في الفرائض. نقل البيهقي أن معاوية كتب إلى زيد في الإرث، ونقل عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت، وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد بن ثابت أخذ أبو الزناد هذه الرسالة عن خارجة بن زيد، وأن عمر استفتاه، فكتب له أيضا، وأن زيدا أول من أعال الفرائض " (2). دعا مروان بن الحكم زيد بن ثابت وقوما يكتبون وهو لا يدري، ثم قال له ذلك فلم يرد عليه (3).
(1) الطبقات 4: 83، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 451 و 452 والمعرفة والتأريخ 1: 486 والتراتيب الإدارية 2: 256 والسنن الكبرى للبيهقي 6: 210 و 211 والجامع لأخلاق الراوي 1: 349. (2) راجع السنن الكبرى للبيهقي 6: 208 - 259 والمعجم الكبير للطبراني 5: 151 ومجمع الزوائد 4: 224. (3) ابن أبي شيبة في المصنف 9: 53 وجامع بيان العلم 1: 78 وسنن الدارمي 1: 122 و 123 والطبراني في الكبير 5: 147 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 452.
[464]
كان زيد من المطيعين لأوامر الخليفة ونواهيه، وكان يتأبى عن الكتابة والإملاء (1) شديدا، فلا يمكن أن يكون له كتاب إلا أن يكون بإذن خاص من الخليفة لعلة خفية، ويحتمل أن يكون الكتاب لكتابة فتاواه دون أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأعجب من ذلك كله أن مروان بن الحكم عدو الله ورسوله يأمر بكتابة الحديث ويحتال في إغفال زيد بن ثابت وأبي هريرة حتى يكتب عنهم خلافا للخليفة وخلافا ليزيد وأبي هريرة، ولعله يسأل هؤلاء عن أحاديث فيما يريد معاوية من افتعال الأحاديث في الفضائل فيحدث زيد وأبو هريرة تزلفا إلى مروان ومعاوية، فيكتبونه والله أعلم (2). ومنهم: 10 - أبو هريرة الدوسي: روى الحسن بن عمرو بن أمية قال: تحدثت عند أبي هريرة بحديث، فأنكره فقلت: إني سمعته منك، فقال: إن كنت سمعته مني فهو مكتوب عندي، فأخذ بيدي إلى بيته فأرانا كتبا كثيرة من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجد ذلك الحديث " (3). أقول: هذا خلاف ما روي عن أبي هريرة كما يأتي في كتاب عبد الله بن عمرو ابن العاص: " لم يكن أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كتب ولم أكتب " قال ابن عبد البر بعد نقل هذا الحديث عن
(1) يأتي بيان مصادره إن شاء الله تعالى. (2) وفي تقييد العلم: 35 أن معاوية أراد أن يكتب عن زيد فامتنع وقال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يكتب حديثه ". (3) جامع بيان العلم 1: 89 والسنة قبل التدوين 318 و 347 وبحوث في السنة: 223 وفي هامشه: وقد طبعت صحيفة أبي هريرة بتحقيق محمد حميد الله وراجع فتح الباري 1: 184 وتدوين السنة: 228 (عن جامع بيان العلم وعن هدي الساري 1: 184 وعن فتح الباري) وصحائف الصحابة: 184 (عن المستدرك والعلل لأحمد).
[465]
الحسن بن عمرو بن أمية: هذا خلاف ما تقدم في أول الباب عن أبي هريرة: أنه لم يكتب وأن عبد الله بن عمرو كتب، وحديثه بذلك أصح في النقل من هذا، لأنه أثبت إسنادا عند أهل الحديث. أجاب عن هذا الإشكال في فتح الباري 1: 184 و 185 بقوله: " والأقوى من ذلك أنه لا يلزم من وجود الحديث مكتوبا عنده أن يكون بخطه يعني أنه لم يكن كتب، ولكن كانت عنده الكتب بغير خطه ". وقال في صحائف الصحابة في تضعيف الحديث: " أما إسناد الحاكم ففيه الحسن بن عمرو بن أمية الضمري ولم أجد من ترجم له... وأما إسناد الإمام أحمد ففيه رابة زوج أم عبد الله بن أبي جعفر ولم أجد من ترجم له... " (1). وعلى كل حال لا يقدر أبو هريرة أن يخالف الخليفة بعد تحريم الكتابة أن يكتب حديثا أو يدخر كتابا أو كتبا وإن كان بخط غيره، لاسيما مع إتباع أبي هريرة عن الخليفة، وإن شئت فقل خوفه من الخليفة كما سيأتي الإشارة إلى ذلك. وهؤلاء ممن جعلوا بعد لأي من الدهر تلامذة لهذا الاستاذ يكتبون أحاديثه: أ - بشير بن نهيك: قال: " كنت أكتب ما أسمع من أبي هريرة، فلما أردت أن أفارقه أتيته بكتابه فقرأته عليه وقلت: هذا ما سمعته منك " (2). ب - همام بن منبه الصنعاني الا بناوي: جالس أبا هريرة، فسمع منه
(1) صحائف الصحابة: 181 - 215. (2) سنن الدارمي 1: 127 والترمذي 5: 753 والمصنف لابن أبي شيبة 9: 50 وجامع بيان العلم 1: 87 وتقييد العلم: 101 والسنة قبل التدوين: 318 و 348 وتهذيب التهذيب في ترجمة بشير بن نهيك الدوسي والكفاية: 275 و 283 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 32 و 35 والمطالب العالية 3: 110 وتدوين الحديث: 229 و 250 وصحائف الصحابة: 37 (عن الطحاوي في شرح المعاني 4: 320 والحاكم 1: 105 والبيهقي في المدخل: 748 و 749 والرامهرمزي: 368) والجامع لأخلاق الراوي 2: 190 و 191 / 1446 و 1447.
[466]
أحاديث وهي نحو من أربعين ومائة حديث بإسناد واحد ولكتاب همام أهمية كبيرة عند علماء أهل السنة، راجع صحائف الصحابة في نفس الكتاب وما جرى عليه (1). ج - مروان بن الحكم الوزغ بن الوزغ عدوالله ورسوله وأهل بيته، كان يدعو أبا هريرة ويقعد كاتبا خلف السرير فجعل يسأله ويكتب الكاتب " (2). ولكن الخطيب روى عن سعيد بن أبي الحسن قال: " إن مروان زمن هو على المدينة أراد أن يكتبه حديثه (يعني أبا هريرة) فأبى وقال: أرووا كما روينا، فلما أبى عليه تغفله فأقعد له كاتبا لقنا ودعا فجعل أبو هريرة يحدثه ويكتب الكاتب حتى استفرع حديثه أجمع قال: ثم قال مروان: تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع ؟ قال: قد فعلتم ؟ قال: نعم قال: فأقرأه علي إذا قال: فقرأه عليه، قال أبو هريرة: أما إنكم قد حفظتم وإن تطعني فامحه قال: فمحاه " (3). أقول: لقد أطال الكلام في الصحائف حول صحيفة أبي هريرة وصحائف تلامذته، وإن كنت لا تدري من هو أبو هريرة إيمانا وعلما وتقوى ونفسيا فعليك بقراءة كتاب " أبو هريرة " للعلامة شرف الدين و " أضواء على السنة المحمدية: 192 وما بعدها، وراجع السنة قبل التدوين: 194 وما بعدها في الدفاع عنه ثم راجع " أبو هريرة في التيار " وراجع حياة عثمان ومعاوية وما صنع أبو هريرة وقتئذ وما حدث وما أجرم وتأثم، فاقض ما أنت قاض، واحكم بما أراك الله، ولا تكن للخائنين خصيما. وراجع أيضا " شيخ المضيرة " لأبي رية. ومنهم: 11 - عبد الله بن عمرو بن العاص: كان يكتب الحديث في حياة رسول
(1) الصحائف: 189 - 201 والسنة قبل التدوين: 355 - 357. (2) البداية والنهاية 8: 106 والسنة قبل التدوين: 427 (عنه وعن سير أعلام النبلاء 2: 431) وراجع الاصابة 4: 205 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 59 والتأريخ الكبير للبخاري 9: 33. (3) تقييد العلم: 41 بأسانيد متعددة.
[467]
الله (صلى الله عليه وآله) حتى نهته قريش معللين بأنه بشر يغضب، فترك الكتاب حتى سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عما قالته قريش فقال: (صلى الله عليه وآله) اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق (1). وعلى كل حال كتب أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى روي عن مجاهد قال: رأيت عند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة، فسألت عنها، فقال: هذه الصادقة فيها ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس بيني وبينه أحد " (2). اشتهر كتاب عبد الله بن عمرو عند المحدثين والعلماء وتكلم فيه العجاج الخطيب في السنة قبل التدوين، وفصل القوم فيه في صحائف الصحابة وباهوا به، ولا بأس بالإشارة إلى نبذ مما قالوا ونقلوا فيه: عن أبي هريرة يقول: " لم يكن أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كتب ولم أكتب " (3). وعن أبي قبيل: " قال سمعت عبد الله بن عمرو قال: بينا نحن حول رسول
(1) مر الحديث مع مصادره مفصلا. (2) الطبقات 2 / ق 2: 125 ط ليدن و 7 / ق 2: 189 وقريب منه ما في تقييد العلم: 84 وراجع أسد الغابة 3: 234 والسنة قبل التدوين: 349 وتدوين السنة: 223 وسير أعلام النبلاء 3: 89 وصحائف الصحابة: 67. (3) راجع المصنف لعبد الرزاق 11: 259 ومسند أحمد 2: 249 و 403 والمستدرك للحاكم 1: 105 وبهامشه تلخيص الذهبي والإصابة 2: 352 و 4: 205 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 347 والتراتيب الإدارية 2: 246 و 249 و 256 وابن أبي شيبة 5: 33 و 303 وأسد الغابة 2: 233 والبداية والنهاية 8: 106 وسنن الدرامي 1: 125 والترمذي 5: 40 و 686 والكامل لابن عدي 1: 34 وجامع بيان العلم 1: 84 و 85 والمعرفة والتاريخ 6: 523 وتقييد العلم: 79 و 82 و 83 باسانيد كثيرة وفتح الباري 1: 184 و 185 وعمدة القاري 2: 169 و 185 والبخاري 1: 39 والغدير 10: 364 والأضواء على السنة: 50 و 261 وبحوث في السنة: 219 ومجمع الزوائد 1: 151 والسنة قبل التدوين: 304 و 423 وتدريب الراوي 2: 66 وتدوين السنة 221 و 222 والفتح الرباني 1: 172 والضعفاء الكبير للعقيلي 3: 83 وعن تذكرة الحفاظ 1: 42 وشرح معاني الآثار 4: 318 - 320 وراجع سير أعلام النبلاء 3: 89 وتهذيب التهذيب 5: 327 وصحائف الصحابة: 66 وتذكرة الحفاظ 1: 42
[468]
الله (صلى الله عليه وسلم) نكتب إذ سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية ؟ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لا بل مدينة هرقل أولا " (1). وفي نص آخر: قال: " كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل عن أي المدينتين تفتح أولا أقسطنطينية أو رومية ؟ فدعى عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتابا " (2). وعن عبد الله بن عمرو قال: " ما يرغبني في الحياة إلا الصادقة... فأما الصادقة فصحيفة كتبتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (3). وعنه قال: " استأذنت النبي (صلى الله عليه وسلم) في كتاب ما سمعت منه، فأذن لي، فكتبته، فكان عبد الله يسمي صحيفته تلك الصادقة " (4). روى الخطيب في تقييد العلم عن طاووس ومجاهد وأبي راشد الحراني أخبارا في شأن الصحيفة بألفاظ مختلفة راجع تقييد العلم: 84 و 85 وراجع مسند أحمد 2: 196 والترمذي 5: 542 وتكلم العجاج في السنة قبل التدوين: 348 حول هذا الكتاب وراجع تدوين السنة: 224 وما بعدها (5).
(1) سنن الدارمي 1: 126 وصحائف الصحابة: 69. (2) مسند أحمد 2: 176 والتراتيب 2: 245 وسنن الدرامي 2: 126 وتقييد العلم: 184 وصحائف الصحابة: 69. (3) سنن الدرامي 1: 126 وجامع بيان العلم 1: 86 وتقييد العلم: 84 والسنة قبل التدوين: 349 وتدوين السنة: 222 و 223 وصحائف الصحابة: 66 (عن الرامهرمزي أيضا: 367) (4) التراتيب 2: 245 عن الطبقات (فراجع 2: 125 و 4 / ق 2: 8 و 7 / ق 2: 189) وسير اعلام النبلاء 3: 80 والمفصل 8: 324 وصحائف الصحابة: 67 قال العجاج: وتضم صحيفة عبد الله بن عمرو الف حديث كما يقول ابن الأثير إلا أن إحصاء أحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لا تبلغ خمس مائة حديث وإذا لم تصلنا الصحيفة الصادقة كما كتبها ابن عمرو بخطه فقد نقل الينا الإمام أحمد محتواها في مسنده كما ضمت السنن الأخرى جانبا كبيرا منها، (السنة قبل التدوين: 349) (5) راجع المسند 2: 158 - 226 مسند عبد الله بن عمرو بن العاص وراجع بحوث في السنة: 224 وراجع السنة قبل التدوين الفصل الثاني من الباب الرابع: 348
[469]
قالوا: إن كل حديث أخرجه أحمد في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من هذا الكتاب. عن حياة بن شريح قال: " دخلت على حسين بن شفي وهو يقول: فعل الله لفلان فقلت ما له ؟ قال: عمد إلى كتابين كان شفي سمعهما من عبد الله بن عمرو بن العاص: أحدهما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كذا وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذا، والآخر ما يكون من الأحداث إلى يوم القيامة فأخذهما فرمى بهما بين الخولة والرباب - يعني بالخولة والرباب مركبين من سفن البحر - " (1). أبو سبرة من أصحاب عبيدالله بن زياد لقي عبد الله بن عمرو بن العاص فكتب عنه (2). عن أبي سبرة الهذلي قال: " قال عبد الله بن عمرو (رض): فحدثني ما حدث به عبد الله بن عمرو عن محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش ولا سوء الجوار ولا قطيعة الرحم الحديث " (3). عن عبد الرحمن الحبلي قال: " أخرج لنا عبد الله بن عمرو قرطاسا وقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا يقول: اللهم فاطر السموات والأرض الحديث " (4). عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: " ما يرغبني في الحياة إلا خصلتان: الصادقة والوهط، فأما الصادقة فصحيفة كتبتها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأما الوهط
(1) التراتيب الإدارية 2: 255 عن جمع الجوامع للسيوطي والخطط للمقريزي 4: 142 والسنة قبل التدوين: 351 عن الخطط للمقريزي 2: 332 و 333. (2) المصنف لعبد الرزاق 11: 405 ومسند أحمد 2: 162 و 163 الظاهر من كلامهما أن ما أملاه عبد الله بن عمرو كان أحاديث في المسائل والأحكام الإسلامية. (3) راجع حياة الحيوان للدميري 2: 343 عن المستدرك ومجمع الزوائد 7: 284 وصحائف الصحابة: 68. (4) مسند أحمد 2: 171 أبو عبد الرحمن الحبلي من تابعي أهل مصر، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص (راجع اللباب في الحبلي).
[470]
فأرض تصدق بها عمرو بن العاص " (1). بحث وتنقيب حول الصحيفة وكاتبها: كان المغيرة بن مقسم الضبي (2) لا يعبأ بصحيفة عبد الله بن عمرو، كما لا يعبأ بحديث سالم بن أبي الجعد (3) ولا بحديث خلاس (4)، وقال: " كانت لعبدالله بن عمرو صحيفة تسمى الصادقة ما يسرني أنها بفلسين (5) أو ما يسرني أن صحيفة عبد الله بن عمرو بتمرتين " (6). وعن رشيد الهجري عن أبيه (7): " أن رجلا قال لعبدالله بن عمرو: حدثني بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعني وما وجدت من وسقك يوم اليرموك - وفي رواية - قال: ودعنا مما وجدت من وسقيك " (8). قيل له ذلك لأنه " كان قد ظفر بالشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب، فكان ينظر فيها ويحدث منها فتجنب الأخذ عنه لذلك كثير من أئمة التابعين " (9).
(1) جامع بيان العلم 1: 86. (2) هو مغيرة بن مقسم الضبي الكوفي أبو هاشم إمام ثقة مات سنة 136 أو 133 أو 132 راجع تهذيب التهذيب 10: 269 و 270 وميزان الاعتدال 4: 432 وشذرات الذهب 1: 191. (3) هو الأشجعي الكوفي ثقة كثير الحديث من ثقات التابعين مات سنة مائة أو قبيلها، راجع ميزان الاعتدال 2: 109 وشذرات الذهب 1: 118 وقاموس الرجال 4: 284. (4) هو خلاس بن عمرو الهجري البصري ليس بقوي يقال: وقعت عنده صحف علي، قال احمد: ثقة وروايته عن علي كتاب، مات قبل المائة راجع ميزان الاعتدال 1: 658 وتهذيب التهذيب 2: 176. (5) تأويل مختلف الحديث: 78. (6) ميزان الاعتدال 3: 266 والسنة قبل التدوين: 350. (7) رشيد الهجري من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، قتله زياد أو ابنه عبيدالله راجع قاموس الرجال 4: 127 وميزان الاعتدال 2: 51. (8) مسند أحمد 2: 195 وراجع لسان العرب 14: 119 والنهاية في " ثنى ": أنه كانت عند عبد الله بن عمرو كتب وقعت إليه يوم اليرموك وراجع الفائق 1: 178 والنهاية 1: 226 والوسق: الحمل. (9) فتح الباري 1: 184 وعمدة القاري 2: 169 والمفصل 8: 324 عن تاج العروس في " ثنى ".
[471]
وقد كان عند ابن عمرو كتب كثيرة من أهل الكتاب أصابها يوم اليرموك في زاملتين، وقد ادعى بشر المريسي (1) أن عبد الله بن عمرو كان يرويها للناس عن النبي (صلى الله عليه وآله) وكان يقال له: لا تحدثنا عن الزاملتين (2). وقيل: إن عبد الله بن عمرو كان يقرأ التوراة والفرقان (3)، وكان يقرأ بالسرياني (4)، وكان قد قرأ الكتاب الأول (5)، وروي أنه كان يقرأ الكتابين: التوراة والإنجيل (6)، وروي أنه كان على علم بالمثناة والمشناة في تفسير التوراة (7)، وقال بعضهم: إن محتوى الصحيفة أنها ألف مثل (8)، ولكن الموجود في أسد الغابة 3: 233: " وقال عبد الله حفظت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ألف مثل " (9). كان عبد الله يعد الكتب غير القرآن مثناة: روي عن عمرو بن قيس قال: " وفدت مع أبي إلى يزيد بن معاوية بحوارين حين توفي معاوية نعزيه ونهنيه بالخلافة، فإذا رجل في مسجدها يقول... ألا إن من أشراط الساعة أن تتلى المثناة فلا يوجد من يغيرها قيل له: وما المثناة ؟ قال: ما استكتب من كتاب غير القرآن فقال لي رجل من القوم: أو ما تعرفه ؟ قلت: لا، قال: ذلك عبد الله بن عمرو " (10).
(1) بشر بن غياث المريسي متكلم، اتهم بالزندقة، مات سنة 218. راجع ميزان الاعتدال 1: 322 و 323 وشذرات الذهب 2: 44. (2) السنة قبل التدوين: 351 عن رد الدارمي على بشر: 136. (3) مسند أحمد 2: 222 وسير أعلام النبلاء 3: 86. (4) المفصل 8: 127 (عن المعارف لابن قتيبة: 287 والإصابة 2: 343 / 4847 والاستيعاب 2: 338). (5) المفصل 8: 324 (عن الطبقات 4: 267). (6) المفصل 8: 324 (عن الاصابة 2: 343). (7) المفصل 8: 324. (8) تدوين السنة: 224. (9) وراجع سير أعلام النبلاء 3: 86 عن ابن عساكر والمفصل 8: 324 (عن الاستيعاب 2: 339) و 329 عن الاصابة 2: 343 والاستيعاب وراجع كنز العمال 16: 94. (10) سنن الدارمي 1: 123 وراجع الفائق 1: 178 قال: " بعد نقل الحديث: قيل هو كتاب وضعه أحبار بني =
[472]
ماذا يريد عبد الله في قوله " ما استكتب من كتاب غير القرآن " هل يريد كتب الحديث وصحائف الصحابة ومنها صحيفته التي سماها الصادقة أو أراد ما قاله الزبيدي في تاج العروس بعد نقل الحديث قال: " وإنما كره عبد الله الأخذ عن أهل الكتاب وقد كانت عنده كتب وقعت إليه يوم اليرموك منهم فأظنه قال هذا لمعرفة بما فيه ولم يرد النهي عن حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسنته وكيف ينهى عن ذلك وهو أكثر الصحابة حديثا عنه " (1). والإنصاف بعد هذا التوجيه وإن التجأ إليه الزبيدي في تصحيح كلام عبد الله بن عمرو كان بين عبد الله بن عمرو وأبيه اثنتا عشرة سنة (2)، أو إحدى عشرة سنة (3)، أو ثلاث عشرة سنة (4)، وجزم ابن يونس بأن بينهما عشرين سنة (5) أسلم قبل أبيه (وأبوه أسلم سنة ثمان) (6). روي عن الإمام جعفر بن محمد (عليهما السلام) (7) (أو عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)) (8) قال خرج عبد الله بن عمرو من عند عثمان فلقي عليا (عليه السلام) فقال: يا علي مبيت هذه الليلة في أمر نرجو أن يثبت هذه الأمة، فقال (عليه السلام): لن يخفى علي ما أنتم
= إسرائيل بعد موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام على ما أرادوا من غير كتاب الله الذي أنزل عليهم احلوا ما شاءوا وحرموا ما شاءوا على خلاف الكتاب وراجع النهاية 1: 225 ولسان العرب 14: 119 والصحاح للجوهري أيضا. (1) راجع من المصدر مادة " ثنى ". (2) راجع كنز العمال 16: 94 والاصابة 2: 352 قال: أخرجه البخاري وراجع قاموس الرجال 6: 92 عن المعارف لابن قتيبة: 163 والاستيعاب 2: 347 هامش الأصابة وابن أبي الحديد 13: 236. (3) تهذيب التهذيب 5: 337 وسير أعلام النبلاء 3: 80. (4) صبح الأعشى 1: 507 و 508. (5) الإصابة 2: 352. (6) راجع ترجمة الأب والابن من الاصابة والاستيعاب وأسد الغابة وغيرها. (7) راجع العياشي 1: 47 و 67 والبرهان 1: 119 والبحار 92: 55 / 26 ومدينة المعاجز 3: 217. (8) قاموس الرجال وتنقيح المقال 2: 200 عن تفسير صفوة الصاحب والبحار 30: 178 عن العياشي.
[473]
فيه حرفتم وغيرتم وبدلتم تسعمائة حرف ثلاثمائة حرفتم وثلاثمائة غيرتم وثلاثمائة بدلتم " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله " (1). كان عبد الله بن عمرو في حرب صفين مع أبيه وكان على ميمنة جيش معاوية (2). وكان يقاتل ومعه سيفان متقلدا أحدهما ويضرب بالآخر (3). وكان يحرض الناس على القتال (4). ولما وعظه عمار بن ياسر رضوان الله عليه في قتاله قال: أطلب بدم عثمان (5) ولما رفعوا المصاحف خطب عبد الله بن عمرو في ترك القتال (6). وذلك كله بعد أن سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنصحه ويقول: " إذا مرجت عهودهم وخف أمانتهم وكانوا هكذا - وشبك بين أصابعه - فقلت: ما تأمرني ؟ قال: فالزم بيتك واملك عليك لسانك، وخذ بالعرف ودع المنكر " (7) وهو يرى معاوية وأباه عمرا ونكراهم وخدعهم وفسادهم وطلبهم ما ليس لهم و... وذلك بعد أن سمع أن عمارا تقتله الفئة الباغية (8).
(1) البقرة: 79. (2) صفين لنصر بن مزاحم: 206 و 227 وابن أبي الحديد 3: 215 و 4: 27 وسير أعلام النبلاء 3: 91. (3) ابن أبي الحديد 8: 23 والبحار 33: 31 ومجمع الزوائد 7: 240. (4) ابن أبي الحديد 8: 18 والبحار 33: 28 و 380. (5) ابن أبي الحديد 5: 253 قال ذلك وهو يعلم من حرض على قتل عثمان ومن دافع عنه. (6) صفين لنصر: 483 وابن أبي الحديد 2: 220. (7) يرويه عبد الله بن عمرو عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما في شرح ابن أبي الحديد 10: 46 و 16: 63 والعقد الفريد 2: 375 ومجمع الزوائد 7: 239. (8) راجع أسد الغابة 4: 47 و 99 والمطالب العالية 4: 305 / 4480 ومسند أبي يعلى 13: 123 و 331 و 334 و 353 والمعجم الكبير 1: 300 و 4: 98 و 200 ومآثر الانافة 1: 102 والكامل لابن عدي 7: =
[474]
ولما تم الأمر لمعاوية اعتذر عن قتاله بين يديه بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمره بطاعة أبيه مع أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (1) ويروي هو نفسه: السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية الله فلا طاعة (2). أنكر القتال أيضا على ما رواه في أسد الغابة عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال: " كنت في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حلقه فيها أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمرو، فمر بنا حسين بن علي فسلم فرد القوم السلام، فسكت عبد الله حتى فرغوا ورفع صوته وقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم أقبل على القوم فقال ألا اخبركم بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء ؟ قالوا: بلى قال: هو هذا الماشي ما كلمني كلمة منذ ليالي صفين ولئن يرضى عني أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم، فقال أبو سعيد: ألا تعتذر إليه ؟ قال: بلى فتواعدا أن يغدوا إليه قال: فغدوت معهما فاستأذن أبو سعيد فأذن له، فدخل ثم استأذن لعبدالله، فلم يزل به حتى أذن له، فلما دخل قال أبو سعيد: يابن رسول الله إنك لما مررت بنا أمس فأخبره بالذي كان من قول عبد الله بن عمرو، فقال حسين: أعلمت يا عبد الله أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء ؟ قال: إي ورب الكعبة قال: فما حملك على أن قاتلتني وأبي يوم صفين ؟ فوالله لأبي كان خيرا مني قال: أجل ولكن عمرو شكاني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إن عبد الله يقوم الليل ويصوم النهار، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عبد الله صل ونم وافطر وأطع عمرا قال: فلما كان يوم صفين أقسم علي فحرجت أما والله ما اخترطت سيفا ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم، قال: فكأنه.
= 2511 ومجمع الزوائد 7: 241 و 242 و 244 ومسند أحمد 2: 161 و 164 و 206 بسندين وكتاب السبعة من السلف: 191 عن المستدرك 3: 387 ومسند أحمد 2 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 248. (1) ربيع الأبرار 2: 787 وسير أعلام النبلاء 3: 92 والعقد الفريد 2: 376 وابن أبي الحديد 5: 255. (2) هذا الحديث " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " معروف مشهور وراجع ربيع الأبرار 2: 787 " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله، فإذا أمر بمعصيته فلا سمع وطاعة " رواها عن عبد الله بن عمرو، وراجع المعجم المفهرس لألفاظ الحديث في كلمة " طاعة ".
[475]
إن صح حديثه في شكاية أبيه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في إفراط عبد الله في العمل بالنوافل من قيام الليل وصيام النهار فأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بطاعة عمرو بالإفطار والنوم، فأين هذا من إطاعته إياه في الحرام. مضافا إلى أن الحسين (عليه السلام) المعصوم يقول له: " فما حملك على أن قاتلتني وأبي " وهو في الجواب يقبل حضوره في الحرب ويكذب في قتاله وينكر ما قاله الإمام (عليه السلام)، والعالم العارف يعلم أن أيهما أحق بالتصديق، والتأريخ كما تقدم يكذب عبد الله. فلم يقبل الإمام (عليه السلام) منه الاعتذار، واكتفى في أسد الغابة بقوله: فكأنه ولكن في البحار 43: 297 / 59: فقال له الحسين (عليه السلام): أما سمعت قول الله تعالى: * (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) * (1) وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إنما الطاعة الطاعة في المعروف " وقوله: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (2). ثم عمل عبد الله بن عمرو بعد ذلك لمعاوية حيث ذكر خليفة بن خياط في تسمية عمال معاوية على الكوفة عبد الله بن عمرو (3) ونصبه أبوه على مصر مكانه أو أقره معاوية (4)، وكان هو ويزيد يحرضان معاوية على أن يكتب إلى الحسين (عليه السلام) كتابا فيه شدة وإهانة (5). هذا عبد الله بن عمرو وتلونه وتفانيه في طاعة عمرو ومعاوية، وتماديه في بغض علي (عليه السلام) وأهل بيته الطاهرين، وأخذه عن أهل الكتاب وكتبهم، وتدليسه في نقل ما وجد في كتبهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(1) لقمان: 14. (2) ونحوه في مجمع الزوائد 9: 177 و 186 وراجع ينابيع المودة: 168. (3) سير إعلام النبلاء 3: 91 والطبقات 7: 415 ط بيروت. (4) الكامل لابن الأثير 3: 455. (5) قاموس الرجال 6: 92 والبحار 44: 214 / 9.
[476]
والذي يورث سوء الظن في كتابه مضافا إلى ما قاله المغيرة أو قيل في كتابه أنه كيف خالف الخليفة ولم يأت بكتابه إليه ليحرقه وكيف كان يباهي بكتاب حرمه الخليفة وهو وأبوه من أتباع الخليفة يتبعانه اتباع الفصيل أمه ويدوران معه كما يدور الظل مع ذيه، ومن عرف حالهما يعلم بأنه لا يعقل بقاء كتابه مع مطالبة الخليفة إلا أن يكون حديثا يرضاه الخليفة ويشتهيه. ومنهم: 12 - عائشة أم المؤمنين كان عندها كتاب، وكانت ترخص في أن يكتب عنها الحديث قال عروة: " قالت لي عائشة (رض) يا بني (إنه) يبلغني أنك تكتب عني الحديث (تسمع عني الحديث) ثم تعود فتكتبه ؟ فقلت لها: أسمعه منك على شئ ثم أعود فأسمعه على غيره، فقالت: هل تسمع في المعنى خلافا ؟ قلت: لا، قالت: لا بأس بذلك " (1). كتب زياد بن أبي سفيان (2) إلى السيدة عائشة (رض) يسألها عن الحاج الذي يرسل هديه وهل يحرم عليه ما يحرم على الحاج... فأجابته عن هدى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (3). روى هشام بن عروة: " قال أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، قال: فكان يقول بعد ذلك: لأن تكون عندي أحب إلي من أن يكون مثل أهلي ومالي " (4).
(1) الكفاية للخطيب: 205 والسنة قبل التدوين: 131 و 318 عنه وتدوين السنة: 218 و 244 قال العجاج: فلو كرهت عائشة (رض) الكتابة لمنعته ونهته ولكنه لم يحدث شيئا من هذا بل لم تر بأسا بعمله (راجع السنة قبل التدوين). (2) هذا من لفظ العجاج، الحق أنه زياد بن عبيد لعن الله زيادا ومن حذا حذوه. (3) السنة قبل التدوين: 319 عن الإجابة لما استدركته عائشة على الصحابة: 95 - 99. (4) عبد الرزاق 11: 425 والطبقات 5: 133 وفي ط: 179 وجامع بيان العلم 1: 90 والتراتيب الإدارية 2: =
[477]
عروة كتب عن عائشة غالبا. ابن المثنى عن أبيه عن عائشة قال: " سألتها كم خليفة يكون لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت: أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة قال: فقلت لها من هم فقالت: أسماؤهم مكتوبة عندي بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت: أعرضيه علي، فأبت " (1). عن أبي سلمة: " قال: إني دخلت على عائشة وهي حزينة فقلت: ما يحزنك يا أم المؤمنين ؟ قالت: فقد النبي (صلى الله عليه وسلم) وتظاهر الحسكات، ثم قالت: يا سمرة اتيني بالكتاب، فحملت الجارية إليها كتابا، ففتحت ونظرت فيه طويلا، ثم قالت: صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت: ماذا يا أم المؤمنين ؟ فقالت: أخبار وقصص كتبته عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلت: فهلا تحدثيني بشئ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ قالت: نعم ثم قلت: يا أم المؤمنين هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده من الخلفاء، فأطبقت الكتاب ثم قالت: نعم " (2). خالفت سنة أبيها في إحراق الأحاديث كما يأتي، وأعجب منه أنها خالفت سنة عمر بن الخطاب وأمره الأكيد في إحراق كتب الأحاديث، وأنها ليست غافلة عن علل عمل أبيها وعمل الخليفة، فكيف كتبت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكيف خلدت ما كتبته وكيف أملت الأحاديث على عروة وغيره، وكيف لم تعمل كما عمل ابن
= 261 وتقييد العلم: 60 وتهذيب التهذيب 11: 183 عن أبي الزناد وهشام عن عروة، وفي ادب الإملاء والاستملاء: 78: عن هشام بن عروة عن ابيه انه كان يكتب العلم ويعارضه لهم وراجع تدوين السنة: 244 عن الطبقات وعن مختصر تأريخ دمشق 17: 10 (1) البحار 3: 300 عن أعلام الورى واثبات الهداة 1: 666 عن الصراط المستقيم عن الدوريستي أن فتى سأل عائشة... و: 680 عن الطبرسي عنه و: 684 عن الخرائج والجرائح وراجع كفاية الأثر المخطوط عندي: 397 والمطبوع: 187 - 191 والصراط المستقيم 2: 145 وسوف يأتي الكلام حول هذا الكتاب. (2) البحار 36: 349 عن كفاية الأثر: 189 وتدوين السنة: 219 عن الكفاية. (*)
[478]
مسعود وأبو موسى وأبو سعيد وسائر الصحابة ؟ ؟ لست أدري ! ! ! ومنهم: 13 - أبو بكر الخليفة: حيث كتب خمسمائة حديث، ثم أحرقها كلها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1)، ويروى أنه كتب لأنس فرائض الصدقة (2). ومنهم: 14 - عمر بن الخطاب: وجد في قائم سيفه صحيفة فيها صدقة السوائم، ويمكن أن تكون هذه الصحيفة هي التي ورثها سالم بن عبد الله بن عمر، وقرأها عنده ابن شهاب الزهري (3)، ويحتمل أن يكون مفتعلة مصنوعة مساواة له برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتاب الصدقات في قراب سيفه. عن أبي عثمان النهدي قال: " كنا مع عتبة بن فرقد فكتب إليه عمر بأشياء يحدثه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) " (4). عن طاووس: " أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الكلالة، فأمهلته حتى إذا لبس ثيابه، فسألته فأملها عليها في كتف، فقال: عمر أمرك بهذا ما أظنه أن يفهمها أو ما تكفه آية الصيف ؟ " (5).
(1) سوف يأتي الحديث وسنتكلم حوله. (2) راجع البخاري 2: 144 - 147 بأسانيد متعددة ومسند احمد 1: 183 وتقييد العلم: 87 والسنة قبل التدوين: 314 و 316 و 344 وراجع الفصل الحادي عشر من هذا الكتاب. (3) راجع السنة قبل التدوين: 345 (عن الأموال: 360 ورد الدارمي على بشر: 131) وبحوث في السنة: 222 عن الخطيب وراجع الكفاية: 353 و 354 (4) راجع مسند احمد 1: 261 والسنة قبل التدوين: 311 و 317 وبحوث في السنة: 222 والصحيح من السيرة 1: 51. (5) المصنف لعبد الرزاق 10: 305 والغدير 6: 128 (عن تفسير ابن كثير 1: 594) والمطالب العالية 1: 441 / 1474 وإن شئت الوقوف على التفصيل فراجع الغدير 6: 127 - 131.
[479]
عن عبد العزيز بن عمر: " أن في كتاب لعمر بن الخطاب عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: دية المسلم مائة من الإبل " (راجع المصنف لعبد الرزاق 9: 287). يحتمل أن يكون المراد هو الكتاب الذي كان عند آل عمر وينسب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسوف يأتي في الفصل الحادي عشر: كتاب كتبه عمر في شأن العمة - يعني في إرثها - فدعا بقدح أوتور فيه ماء فمحاه (1). كان لعمر صندوق يحفظ فيه كتبه، ومراسلاته ومواثيقه، روى زيد بن أسلم قال: كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده (2). كان يرغب عمر بن الخطاب في حفظ ديوان الأشعار قال: البيضاوي في تفسير قوله تعالى * (أو يأخذهم على تخوف) * النحل: 47 " أن عمر قال: عليكم بديوانكم لا تضلوا قالوا: وما ديواننا ؟ قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم " (3). قال ابن سعد (بعد ذكره قول الطبيب لعمر: ما أرى أن تمسي فما كنت فاعلا فافعل): " فقال (يعني عمر): يا عبد الله بن عمر ناولني الكتف، فلو أراد الله أن يمضي ما فيه أمضاه فقال له ابن عمر: أنا أكفيك محوها فقال: لا والله لا يمحوها أحد غيري، فمحاها عمر بيده " (4).
(1) الموطأ (تنوير الحوالك) 2: 57. (2) التراتيب الإدارية 2: 254 عن خطط المقريزي 2: 72 وراجع الوثائق السياسية المقدمة الثالثة: 24 وفي السنة قبل التدوين: 345 (في الهامش). ويقال: كان عند عمر بن الخطاب نسخ العهود والمواثيق مل ء صندوق إلا أنها احرقت يوم الجماجم. (3) راجع الطبقات 3 / ق 1: 247 والسنة قبل التدوين: 311 عنه. (4) راجع أيضا الكشاف في تفسير الآية الكريمة والقرطبي 10: 110 و 111 وتفسير النيسابوري 14: =
[480]
أقول: لا غرو أن أوصى عمر بحفظ ديوان أشعار الجاهلية لحفظ لغة العرب، وكذا لا بأس أن يحفظ مراسلاته ومواثيقه ومعاهداته، أو أنه كتب فتواه في إرث العمة، ولكن العجب ان يكتب الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولايحرقها مع أمره الأكيد بإحراق ما كتب ومنعه الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما مر من قول عمر: " قيدوا العلم بالكتاب " لعل مراده غير أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من فتاوى الخليفة وأشعار الجاهلية و.... وروي أيضا عن عثمان بن عفان أنه قال: " قيدوا العلم قلنا: وما تقييده قال: تعلموه وعلموه واستنسخوه " (1). ويمكن أن يكون هذا الكلام جرى على لسانهم حسب ما يحكم به عقلهم وإن خالفوه على ما تقتضيه مصالحهم ومصالح حكومتهم. ومنهم: 15 - المغيرة عن وراد كاتب المغيرة قال: " كتب معاوية إلى المغيرة: اكتب إلي ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكتب إليه أن نبي الله كان يقول في دبر كل صلاة الحديث " (2).
= 70 و 71 في تفسير الآية. وفي التراتيب الادارية 2: 300: " إن عمر بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البطحاء وقال: من كان يريد أن يلفظ أو ينشد شعرا أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة ". وفي ربيع الأبرار 2: 266 وكنز العمال 5: 241 أنه كان يحث على تعلم الأشعار فانه يدل على مكارم الأخلاق، وفي التراتيب الإدارية 2: 255 عن الطبقات لابن سعد وجمع الجوامع للسيوطي وكنز العمال " أن عمر كتب إلى المغيرة وهو عامله على الكوفة: أن ادع من قبلك من الشعراء فاستشهدهم ما قالوا من الشعر في الجاهلية والاسلام، ثم اكتب بذلك إلي ". راجع الصحيح من السيرة 1: 91 (1) تدوين السنة: 208 عن محاسن الاصطلاح: 296 عن كتاب المرزباني. (2) راجع البخاري 9: 117 و 118 والسنة قبل التدوين: 318 (عن معرفة علوم الحديث: 100 وفتح الباري 9: 95 ط مصر بولاق سنة 1312 قال: واختصر الحاكم الخبر) وراجع: 320.
[481]
ومنهم: 16 - أبو سعيد الخدري أنه كان عنده كتاب. (1) روى أبو المتوكل قال: " سألت أبا سعيد الخدري عن التشهد فقال: التحيات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال أبو سعيد: وكنا لا نكتب إلا القرآن والتشهد " (2). أقول: والذي أظن أن مدرسة الخلفاء حرموا كتابة الحديث لجميع المسلمين إلا عدة خاصة عندهم حنكة وتميز في الأحاديث، فيميزون ما ينفع الخلافة فيكتبونه وما يضرها فلا يكتبون، وبعبارة أخرى حرموا كتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا لعلماء مدرستهم الحافظين لمنافعهم، وكذا منعوا نشر الحديث إلا لعلماء مدرستهم، ويدل على ذلك ما نقلناه من كتب هؤلاء أتباع الخليفة لاسيما عائشة ومعاوية ومروان وأبا هريرة.... الموقف الثالث: في منع الخليفة عن كتابة السنة ونشرها: رزية إحراق صحائف الصحابة رضي الله عنهم: وقعت بعد ارتحال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الملأ الأعلى حادثة هائلة وأمر عظيم فظيع أثمرت للمسلمين أياما مريرة مظلمة وخسائر دينية ودنيوية وثقافية: (3)
(1) راجع تقييد العلم: 93 بسندين وراجع مقدمة الكتاب: 19 وراجع السنة قبل التدوين: 320. (2) تقييد العلم: 93 وسنن أبي داود 3: 319. (3) عمل الخليفتين أوقع أتباعهما في مصاعب ومتاعب عظيمة وعجيبة في توجيه هذا الخطأ وتصحيحه وتحبيذه أو نقده وتأويله، لعن الله العصبية العمياء وقاتل الله اللجاج، وسيأتي الإيعاز إلى كلامهم وتأويلاتهم فانتظر.
[482]
وهي أن الخلفاء بعد النبي (صلى الله عليه وآله) رأوا أن لا تكتب أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلومه، وبلفظ آخر عزموا أن لا تكتب السنة النبوية، وحكموا بإحراق كلما كتب ودون، فجمعوا الكتب والصحائف الموجودة عند الصحابة رضي الله عنهم وأحرقوها، وكتبوا إلى الأمصار أن يحرق ما فيها من السنن المكتوبة. فأنتجت هذه النهضة الثقافية الدينية القضاء على الأحاديث والسنن وإبادتها، وإبداع سنة القياس والعمل بالرأي في دين الله تعالى، و... وهاك النصوص: 1 - قالت عائشة: " جمع أبي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليله يتقلب كثيرا، قالت: فغمني فقلت: تتقلب لشكوى أو لشئ بلغك ؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فحرقها فقلت: لم أحرقتها ؟ قال: إني خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني، فأكون قد نقلت ذلك فهذا لا يصح " (1). قال في كنز العمال بعد نقله: " وقد رواه القاضي أبو أمية الأحوص بن المفضل
(1) تذكرة الحفاظ 1: 5 وكنز العمال 10: 174 عن مسند الصديق للحافظ عماد الدين بن كثير: " قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري حدثنا بكر بن محمد الصريفيني بمرو حدثنا موسى بن حماد حدثنا المفضل بن غسان حدثنا علي بن الصالح حدثنا موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن عن إبراهيم بن عمرو بن عبيدالله التميمي حدثنا القاسم بن محمد ". وراجع معالم المدرستين 2: 44 عن تذكرة الحفاظ للذهبي 1: 3 و 4 والسنة قبل التدوين: 309 و 310 (عن الذهبي) والنص والاجتهاد: 161 (عن ابن كثير والقاضي أبي امية الأحوص بن المفضل) وبحوث في تاريخ السنة: 221 والأضواء: 49 (عن السيد رشيد رضا وقال: " والسيد رشيد إذا أشار إلى خبر في مثل ذلك أو استشهد بحديث نثق بأنه صحيح لا ريب فيه، لأنه كان من صيارفة الحديث ") وتدوين السنة: 264 عن تذكرة الحفاظ للذهبي وعلوم الحديث لصبحي: 39 والاعتصام بحبل الله المتين 1: 30.
[483]
ابن غسان الغلابي عن أبيه عن علي بن صالح عن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن إبراهيم بن عمر بن عبيدالله التميمي حدثني القاسم بن محمد أو ابنه عبد الرحمن بن القاسم شك موسى فيهما قال: قالت عائشة... فذكر، وزاد بعد قوله: فأكون قد تقلدت ذلك: " ويكون قد بقي حديث لم أجده فيقال: لو كان قاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما غبى على أبي بكر أني حدثتكم الحديث ولا أدرى لعلي لم أتتبعه حرفا حرفا ". هلم نسأل الخليفة: عاش الخليفة مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن آمن به طيلة زمان البعثة في مكة ثم في المدينة سفرا وحضرا لا يغيب عنه (صلى الله عليه وسلم) غالبا، وما سمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) من الخطب والمواعظ والأحكام، وما رأى من أفعاله وتقريره كثير جدا بحيث لوكتبها كلها أو بعضها لكان كتابا حافلا في مجلدات ضخمة، وكان كل ذلك أحاديث يرويها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا واسطة، فلم لم يكتبها وتركها حتى كتب أحاديثه بوساطة أشخاص مجهولين ؟ ! من هؤلاء الوسائط ؟ فهل كان بينه وبين الرسول (صلى الله عليه وآله) أشخاص مجهولوا الحال لا يعرفهم الخليفة ؟ من هم ؟ وأين هم ؟ متى سمعوا منه (صلى الله عليه وآله) ما لم يسمعه الخليفة ؟ هؤلاء كانوا من الصحابة العدول منهم أو آخرين متهمين ؟ لماذا لم يعرض الخليفة على النبي (صلى الله عليه وآله) هذه الأحاديث حتى يرتفع منه الشك والقلق الذي عرضه بعد ارتحاله ؟ لماذا لم يسأل الصحابة رضي الله عنهم (وهم معه وعنده صباحا ومساء) حتى يعرف الرجال الرواة أو يعرف صدق الأحاديث أو كذبها ؟ هل يجوز إحراق خمسمائة حديث (عند العقل والشرع) لأجل العلة التي
[484]
ذكرها الخليفة من دون أي تحقيق حتى يتميز الغث من السمين والصحيح من السقيم ؟ هل يجوز إحراق هذه الأحاديث الصحاح التي أخذها الخليفة عمن يعتمد عليهم ويثق بهم كما هو سيرة العقلاء وديدنهم أن لا يأخذوا إلا عمن يثقون بهم من أجل احتمال أن يكون فيها ما لا يوافق الحق في علم الله تعالى ؟ أسئله تخطر بالبال ولا يوجد لها جواب شاف كاف، نعم سوف نذكر ما يكون جوابا صحيحا لهذه الأسئلة تبريرا العمل الخليفة. أقول: وليت هؤلاء فكروا للاسلام والمسلمين وللأمة الإسلامية، ونصحوا لله ولرسوله ولكتابه ودينه وسنته شطر ما فكروا الحكومتهم ودنياهم، ونصحوا لأنفسهم فيما فكروا ودبروا. وليته يفكر في ذلك والرسول (صلى الله عليه وآله) حي بين أظهرهم ويعرض هذه الأحاديث على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يرتفع منه القلق والريب في تلكم الأحاديث " وعلى كل حال إقدام أبي بكر على إحراق حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي جمعه فبالإضافة إلى أنه أدى إلى فقدان تلك المجموعة من الأحاديث ومضافا إلى أن الأحراق غير مستساغ كما سيأتي، فهو مناف لما روته ابنته عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن حرق التوراة " (الكامل لابن عدي 1: 177) مع أن التوراة منهي عن تداولها كما تدل على ذلك أحاديث التهوك... (1). ولعله لأجل هذه الأسئلة والمشاكل في عمل الخليفة قال ابن الكثير بعد نقله هذا الحديث: " هذا غريب من هذا الوجه جدا، وعلي بن صالح لا يعرف، والأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثر من هذا المقدار بألوف، ولعله إنما اتفق له جمع
(1) تدوين السنة: 266 و 267.
[485]
تلك فقط ثم رأى ما رأى " (1). وقال آخر: " ذكر الذهبي هذا الخبر ولا ندري ما سنده إلى ابن أبي مليكة وبين الذهبي أنه مرسل أي: منقطع لأن ابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر ولا كاد، ومثل ذلك ليس بحجة، إذ لا يدري ممن سمعه " (2). أقول: نقله الذهبي بهذا السند في ترجمة أبي بكر وظاهره الاعتماد عليه وأشار إليه رشيد رضا، وظاهره التوثيق أيضا كما قاله في الأضواء كما أن تكلف السيوطي في توجيهه بلا إشارة إلى تضعيفه - كما في كنز العمال 1: 175 - دليل على وثوقه بالحديث، وبالجملة هو يحكي عمل الخليفة في إبادة السنة، وتبعه في ذلك الخليفة الثاني كما يأتي. 2 - عن الزهري عن عروة بن الزبير (3): " أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ أبدا " (4).
(1) راجع كنز العمال 10: 175. (2) تدوين السنة: 364. (3) كذا نقله الخطيب عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهيري وعن قبيصة عن سفيان عن معمر، ولكنه نقل عن الفرياني عن سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة عن عبد الله بن عمر عن عمر، وتعرض الخطيب لهذا الاختلاف فراجع. (4) تقييد العلم: 49 بأسانيد متعددة وجامع بيان العلم 1: 77 وراجع التراتيب الإدارية 2: 248 و 249 وكنز العمال 10: 179 عن ابن عبد البر: 180 عن ابن سعيد و 5: 239 والسنة قبل التدوين: 310 والطبقات الكبرى 3 / ق 1: 206 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 11 والأضواء: 46 (عن جامع بيان العلم والمدخل للبيهقي) وتدريب الراوي 2: 67 وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 138 (عن الطيوريات =
[486]
والملاحظة أن ألفاظ الروايات مختلفة ولكن لا يضر بالمقصود. عن ابن وهب قال: " سمعت مالكا يحدث: أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أراد أن يكتب هذه الأحاديث أو كتبها ثم قال: لا كتاب مع كتاب الله " (1). وعن القاسم بن محمد: " أن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهر في أيدي الناس كتب فاستنكرها وكرهها وقال: أيها الناس إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب فأحبها إلى الله أعدلها وأقومها، فلا يبقين أحد عنده كتاب إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي، قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون اختلاف فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار ثم قال: أمنية كأمنية أهل الكتاب " (2). وفي لفظ ابن سعد عن عبد الله بن العلاء قال: " سألت القاسم بن محمد أن يملي علي أحاديث، فقال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال: مثناة كمثناة أهل الكتاب ". روى سفيان بن عيينة من عروة عن يحيى بن جعدة: " أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنة ثم بدا له أن لايكتبها، ثم كتب إلى الأمصار: من كان عنده منها شئ فليمحه " (3).
= وصححه) وتنوير الحوالك: 4 في الفائدة الثانية بسندين وبحوث في السنة: 221 ومعالم المدرستين 2: 41 و 44 وجامع أحاديث الشيعة 1: 2 في المقدمة والنص والاجتهاد: 162 والغدير 6: 267 (واللفظ للخطيب). (1) جامع بيان العلم 1: 77 وكنز العمال 10: 179 والسنة قبل التدوين: 310. (2) تقييد العلم: 52 وراجع كنز العمال 5: 140 والسنة قبل التدوين: 310 و 311 والأضواء: 47 والطبقات الكبرى 5: 140 ط ليدن و: 188 ط بيروت والنص والاجتهاد: 162 وتدوين السنة: 274 وحياة عمر بن الخطاب: 157 (عن الطبقات). (3) تقييد العلم: 52 و 53 والأضواء: 47 وكنز العمال 10: 179 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 11 وجامع بيان العلم 1: 177 وتدوين السنة: 272.
[487]
الموقف الرابع: حول المعاذير المنصوصة: صمم وعزم الخليفتان على إحراق الأحاديث النبوية، فأحرق أبو بكر خمسمائة حديث، وأحرق عمر جميع ما كتبه الصحابة، وأمر بإحراق ما في البلدان من الكتب والصحائف. ثم أحرق عمر كتب الصحابة ممن امتثل أمره وقبل قوله، وجاء إليه بما عنده دون الذين اتبعوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم قليلون كتبوا سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يمتثلوا أمر الخليفة في إحضار صحيفة وكتابه كما أشرنا إليهم. عمل أبو بكر ذلك بعد ما فكر وقدر، وأزعجه القلق، ومنعه الرقاد، وتقلب في فراشه، وأراح نفسه بالإحراق. وعمل عمر ذلك بعد ما شاور أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستفتى منهم وأشار عامتهم بكتابة السنن نصيحة له ولجميع المسلمين، ولم يقتنع بذلك بل طفق يستخير الله شهرا حتى عزم الله تعالى له (1) بهذا العمل الخاسر الذي لا تحصى آثاره المريرة وثمراته البشعة في الإسلام والمسلمين. علله أبو بكر بقوله " خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث من رجل ائتمنه ولم يكن كما حدثني، فأكون قد نقلت ذلك ". وقد طرحنا الأسئلة حول هذه العلة.
(1) قاتل الله العصبية العمياء حيث ألزمت أنصار الخليفة إلى نسبة هذا الخطأ الفاحش إلى الله تعالى بقولهم " عزم الله له " يريدون بذلك أن الخليفة كان مؤيدا ملهما عن الله تعالى في عمله ذلك بما فيه من الخسائر والعواقب السيئة للإسلام والمسلمين وللكتاب والسنة، نعم الجب يعمى ويصم حتى نقلوا أحاديث في أن عمر كان محدثا كما رووا أحاديث في علمه وفقهه وإذا شئت الوقوف عليها فاقرأ الكتاب القيم الغدير 5: 42 وما بعدها و 6، وراجع مسند أحمد 1: 331 والطبقات لابن سعد 2 / ق 2: 42 ط ليدن والمعرفة والتاريخ 1: 462 كما أنهم صنعوا له موافقات راجع مسند أحمد 1: 23 - 36 والمعجم الصغير للطبراني 2: 38 وأنساب الاشراف بتحقيق محمد حميد الله: 464.
[488]
وعلله عمر بقوله: " وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله... وإني والله لا أشوب كتاب الله بشئ ". ولا كتاب مع كتاب الله " " مثناة كمثناة أهل الكتاب " أو " أمنية كأمنية أهل الكتاب " (1). هذه علل نقلوها عن الخليفة في الروايات المتعددة الحاكية لإحراق عمر صحائف الصحابة رضي الله عنهم وينحل هذا التعليل إلى علل متعددة: 1 - خوف الخليفة من أن يكون ما كتبوا من السنة كتابا في مقابل كتاب الله فينكب الناس على قراءته ويتركوا كتاب الله تعالى ويصير كتاب الله مهجورا. 2 - شوب كتاب الله بالسنة المكتوبة، واختلاط القرآن به والالتباس بينهما بحيث يشتبه على المسلمين الكتاب بالسنة، ولا يمكن الفرق بينهما، فيؤول إلى امتزاج القرآن بغيره. 3 - إباء الخليفة أن يكون كتاب مع كتاب الله تعالى، وهذا عبارة أخرى عما قاله عمر يوم الخميس - حين أراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يكتب لأمته ما يعصمهم من الضلال ومنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكتابة بقوله: إن المرء ليهجر -: " عندنا كتاب الله حسبنا " أو " عندكم القرآن حسبنا كتاب الله " الذي يؤول إلى رفض السنة وعدم الاعتبار بقول النبي (صلى الله عليه وآله) وفعله وتقريره والاستغناء عنه (2). هذه علل تستفاد من النصوص ارتضاها علماء مدرسة الخلفاء وحبذوها ونقلوها وقالوا: كان خوف عمر من إقدامه على كتابة السنة (أو عدم منعه من
(1) سيأتي الكلام حول " مثنا " و " مشنا " (2) كلام الخليفتين وتعليلهما ومشاورة عمر ينافي ما سيأتي من النهي عن الكتابة إذ عملهما وكلامهما صريح في عدم النهي عن النبي (صلى الله عليه وآله)، كما لا يخفى على المنصف، ولكن دأب علمائهم أن يؤيدوا عمل الخليفة بأحاديث افتعلوها كما في مسألة تحريم المتعة وغيرها.
[489]
الكتابة) أن ينكب المسلمون على دراسة غير القرآن وينشغلوا عن القرآن بغيره. أو أن يكون كتاب يضاهي كتاب الله. أو أن يختلط الحديث بالقرآن ويقع الالتباس، فلما كثر المسلمون وعرفوا القرآن معرفة رافعة للجهالة... زال الخوف وجاز تدوين الحديث وكتابته، فزالت الحرمة والكراهة بتبدل الموضوع وارتفاع علة النهي (1). تزييف العلل المنصوصة: أما تعليلهم ذلك بالخوف من أن تضاهي السنة كتاب الله أو تختلط به ويلتبس الحديث بالكتاب فواضح الاندفاع: لأن القرآن الكريم معجز بين من براهين نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله)، وقد تحدى القرآن الكريم بقوله تعالى: * (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطتعم من دون الله إن كنتم صادقين فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا إنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون) * (2). وقوله تعالى: * (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) * (3). " وفيها التحدي بالنظم والبلاغة، فان ذلك هو الشأن الظاهر من شؤون
(1) راجع جامع بيان العلم 1: 82 - 83 والسنة قبل التدوين: 302 و 306 و 310 و 314 و 315 و 340 و 342 ومقدمة تقييد العلم: 57 ومقدمة فتح الباري: 4 وفتح الباري 1: 185 وأدب الإملاء والاستملاء: 146 وتدوين السنة: 302 وما بعدها. وقد أطال الكلام حول هذه التعليلات في السنة قبل التدوين: 303 - 321 (2) هود: 13 و 14 والآيتان مكيتان. (3) يونس: 38 و 39 والآيتان مكيتان.
[490]
العرب المخاطبين بالآيات يومئذ، فالتأريخ لا يرتاب أن العرب العرباء بلغت من البلاغة في الكلام مبلغا لم يذكره التأريخ لواحدة من الأمم المتقدمة والمتأخرة عنهم، ووطأوا موطئا لم تطأه أقدام غيرهم في كمال البيان وجزالة النظم ووفاء اللفظ ورعاية المقام وسهولة المنطق، وقد تحداهم القرآن بكل تحد ممكن مما يثير الحمية، ويوقد نار الأنفة والعصبية، وحالهم في الغرور ببضاعتهم والاستكبار عن الخضوع للغير في صناعتهم مما لا يرتاب فيه، وقد طالت مدة التحدي، وتمادى زمان الاستنهاض، فلم يجيبوه إلا بالتجافي، ولم يزدهم إلا العجز، ولم يكن منهم إلا الاستخفاء والفرار كما قاله تعالى: * (ألا إنهم يثنون صدروهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون) * (1) وقد مضى من القرون والأحقاب ما يبلغ أربعة عشر قرنا، ولم يأت بما يناظره آت، ولم يعارضه أحد بشئ إلا أخزى نفسه وافتضح في أمره " (2). وبالجملة: " اشتماله على النظم الغريب، والوزن العجيب، والأسلوب المخالف لما استنبطه البلغاء من كلام العرب في مطالعه وفواصله ومقاطعه " من الإعجاز في الأسلوب والنظم و " بلاغته التي تقاصرت عنها بلاغة سائر البلغاء قبله وفي عصر تنزيله وفيما بعده ولم يختلف أحد من أهل البيان في هذا " (3) من الإعجاز في بلاغته " وإنما أورد بعض المخالفين بعض الشبه على كون بلاغة كل سورة من قصار سوره بلغت حد الإعجاز فيه، والقائلون به لا يحصرون إعجاز كل سورة فيه... ومن
(1) هود: 5. (2) راجع الميزان 1: 66 و 67 لا نقول إن الإعجاز منحصر في البلاغة بل نقول: إن من وجوه الإعجاز البلاغة والفصاحة وإن شئت بحثا شافيا في هذا المضمار فعليك بتفسير الميزان 1: 66 وما بعدها والمنار 1: 198 وما بعدها فإنهما حققا ودققا وتكلما بما فيه للمنصف كفاية، وراجع الكشاف 1: 96 والصحيح من السيرة 1: 198 وآلاء الرحمن في مقدمة تفسير شبر ومجمع البيان في الفن الخامس من المقدمة، وتفسير الرازي 1: 117 وتفسير أبي الفتوح 1: 65 و 66. (3) المنار 1: 199.
[491]
الناس من لا يفقه سر هذه البلاغة، ويماري فيما كتب علماء المعاني والبيان من قواعدها (1). فالقرآن معجز للبشر على اختلاف نوعه في العلم والفهم والشعور فقد يكون معجزا له في المعارف المحقة والمطالب العقلية، وقد يكون معجزا في الإخبار بالغيب من الماضي والحال الاستقبال، وقد يكون معجزا في التقنين أو بيان المسائل الأخلاقية، وفى ذكر الأمراض الروحية والجسمية، وقد يكون معجزا في بيان حقائق الكون... " وإنما ملاك الإعجاز فيه أمر يستطيع كل أحد أن يدركه وأن يفهمه... وهو أمر تشتمل عليه حتى السورة التي لا تزيد على السطر الواحد كسورة الكوثر مثلا... وهو أمر يجده كل أحد مهما كان تخصصه، ومهما كان مستواه الفكري وأيا كان نوع ثقافته... وفي أي عصر وفي أي ظرف... " (2). والذي كان في وسع المخاطبين الذين لم يكن عندهم حظ من العلم أبدا، وإنما كانوا في قمة من الفصاحة والبلاغة، ولا يدركون غيرها، ولا يفتخرون إلا بها، ولا يتم الحجة عليهم إلا بإفحامهم بها، فحينئذ لم يكن القرآن الكريم حجة عليهم إلا من هذه الناحية وهو إدراك كونه معجزا في الأسلوب والنظم والفصاحة والبلاغة. فبعد ذلك كله أي كلام يلتبس بالقرآن ويشبهه ويضاهيه، فهذا التعليل " لا يقتنع به عاقل عالم، ولا يقبله محقق دارس، اللهم إلا إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة، وأن أسلوبها في الإعجاز من اسلوبه، وهذا ما لا يقره أحد حتى الذين جاءوا بهذا الرأي، إذ معناه إبطال المعجزة وهدم أصولها من القواعد. هذا على أن الأحاديث لو كانت قد كتبت فإنما ذلك على أنها أحاديث للنبي (صلى الله عليه وآله) وبين الحديث والقرآن - ولا ريب - فروق كثيرة يعرفها كل من له بصر
(1) المنار 1: 201. (2) الصحيح من السيرة 1: 201.
[492]
بالبلاغة، وذوق بالبيان، ومن ثم كانت تؤثر على هذه الصفة، وإذا كتبها الصحابة بعد انتقاله صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى ووزعوا منها نسخا على الأمصار كما فعلوا بالقرآن، فيكون ذلك على أنها أحاديث ويتلقاها المسلمون على أنها كلام النبي (صلى الله عليه وآله)، وتظل على ذلك جيلا بعد جيل، ولا يدخلها الشوب ولا يعتريها التغيير ولا ينالها الوضع " (1). وإذا كتبت السنة في صحيفة غير صحيفة القرآن ممتازا ومشخصا كما ذكر لا يتطرق إليها الالتباس والاختلاط بالقرآن أصلا (2). وحينئذ نقول: صار الحديث حينما أمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بكتابة السنة، فكتبها العلماء بعد أن مضى قرن تقريبا على تحريم كتابة الحديث صار قرآنا مضاهيا للقرآن الكريم ؟ أوصار الحديث مختلطا بكتاب الله وملبسا ؟ أو ترقت عقلية المسلمين بأن عرفوا القرآن وإعجازه في أسلوبه ونظمه وفصاحته وبلاغته بمرتبة أعلى وأرقى من معرفة الصحابة كما قالوا: " فلما كثر المسلمون وعرفوا القرآن معرفة رافعة للجهالة... زال الخوف وجاز تدوين الحديث ". أي ميز حصل من الكثرة ؟ وأي معرفة رافعة للجهالة حصلت بعد قرن ؟ وبعد أن ابتعدوا عن المراتب الراقية للفصاحة والبلاغة وفقدوا ما عندهم من الحذاقة والدراية في ذلك بسبب اختلاطهم مع أفناء الناس من الأحمر والأسود والأبيض من الأمم غير العرب الباعث بطبيعة الحال على الابتعاد من العروبة والتأثر باللغات المختلفة والأساليب الكثيرة المتنوعة المبعدة عن صريح العربية ؟ ومن الذي رفع حكم الحرمة ونسخه إن كانت الكتابة حراما واقعا وشرعا
(1) الأضواء: 50 - 51 وراجع تدوين السنة: 323 وما بعدها. (2) راجع تدوين السنة: 320 وما بعدها، نقل في تدوين السنة: 325 سؤالا طرحه رشيد رضا في مجلة المنار ثم نقل جوابا عن الدكتور عبد الغني عبد الخالق، فاقرأهما وتدبر فيهما. (*
[493]
(كما يدعيه أتباع مدرسة الخليفة ويروونه عن النبي (صلى الله عليه وآله)) وهل يجوز نسخ الحكم بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ؟ وهل دليل الجواز صدر بعد أن كثر المسلمون في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) مع أن التحريم والتشديد كان في زمن الخليفة الثاني ؟ (1). وأما التعليل بخوف انكباب الناس على الحديث وترك كتاب الله تعالى ففيه: أولا: أن المنع عن الكتابة لا يرفع هذا الخوف، لأن الناس ينكبون على سماع الحديث ونقله على ما كانوا عليه من الحرص على الوقوف على كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله) وأوامره ونواهيه وأفعاله وسيرته، بل الذي يرفع الخوف هو المنع عن الحديث أجمع كما فعله الخليفة، حيث نهى عن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد تحريم الكتابة كما سيأتي. ثانيا: فهل المسلمون بعد أن كتبوا أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بعد مضي قرن تقريبا تركوا كتاب الله وهجروه ؟ حتى يكون شاهدا لهذه الدعوى المزعومة أو لم يكن هناك ترك ولا هجر كما هو الحق ؟ ثالثا: إذا أراد مسلم أن يقف على معاني القرآن الكريم وتفسيره وتأويله ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه سيما في الأحكام الشرعية، هل هو مستغن عن السنة يعني بيان النبي (صلى الله عليه وآله) ؟ وهل السنة إلا تفسير القرآن الكريم ؟ فعندئذ هل الإكباب على أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) في تفسير القرآن وبيان أحكام الدين أصولا وفروعا ترك لكتاب الله تعالى ؟ أو هو إكباب على القرآن وفهم معانيه وتفاصيله وتدبر في القرآن وعلومه وامتثال لقوله تعالى: * (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) * (2) وقوله تعالى * (كتاب أنزلناه إليك ليدبروا آياته) * (3).
(1) راجع تدوين السنة. (2) محمد (صلى الله عليه وآله): 24. (3) ص 29 وراجع " أضواء على السنة المحمدية ": 39 وما بعدها.
[494]
فإذا تدبر في القرآن ورأى آية أو آيات لا يعرفها يجب أن يراجع النبي (صلى الله عليه وآله) في حل مشاكله وتوضيح معضلاته ومعرفة تفاصيله، ليبين لهم ما نزل إليهم من ربهم قال سبحانه: * (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) * (1) وقال تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * (2) إذ فيهما دلالة على أن بيان القرآن موكول إلى بيان الرسول (صلى الله عليه وآله) عن الله تعالى، وبعبارة أخرى كما أن القرآن بألفاظه الشريفة نزل عن الله تعالى كذلك تفسيره نزل عن الله تعالى بلفظ نبيه (صلى الله عليه وآله)، كما أشار إليه الرازي والقرطبي في تفسير الآية الثانية. قال أبو الحسن الامام علي بن الحسين (عليه السلام): " اللهم إنك أنزلته على نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) مجملا، وألهمته علم عجائبه مكملا، وورثتنا علمه مفسرا، وفضلتنا على من جهل علمه " (3). بل من الواضح البديهي بعد الالتفات إلى أن القرآن يعرف نفسه بقوله تعالى: * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ) * (4) يعني أن كل شئ من أحكام الدين من الأصول والفروع مبين في القرآن، ولا يوجد في ظاهر القرآن: أنه موجود في القرآن ولا يعلم إلا ببيان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وبعبارة أخرى أن القرآن مشتمل لجميع المسائل الدينية مثلا الصلاة والزكاة والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرو... جاء في ظاهر القرآن وتفاصيلها من أجزائها وشرائطها وموانعها و... وكل إلى بيان الرسول (صلى الله عليه وآله) بقوله وفعله وتقريره، ولو سألناه لبين لنا مواضع الاستفادة من نفس القرآن الكريم كما أشار إليه أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا هو
(1) القيامة: 17 - 19 قال العلامة الطباطبائي في الميزان 20: 196: " أي علينا إيضاحة بعد ما كان علينا جمعه وقرآنه ". (2) النحل: 44. (3) الصحيفة السجادية / الدعاء 42. (4) النحل: 89.
[495]
السنة (1). " هل خفي على الخليفة (وأبناء مدرسته): أن ظاهر الكتاب لا يغني الأمة الإسلامية عن السنة شيئا، وهي لا تفارق القرآن حتى يردا على النبي (صلى الله عليه وآله) الحوض، وحاجة الأمة إلى السنة لا تقصر عن حاجتها إلى ظاهر الكتاب، والكتاب - كما عن الأوزاعي ومكحول - أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب " (2) قال الرازي: " ظاهر هذه الآية * (وأنزلنا إليك لتبين للناس) * يقتضي أن يكون الرسول (صلى الله عليه وسلم) هو المبين لكل ما أنزله الله على المكلفين " (3). وقال القرطبي: " ثم جعل إلى رسوله (صلى الله عليه وسلم) بيان ما كان منه مجملا، وتفسير ما كان منه مشكلا، وتحقيق ما كان منه محتملا، ليكون له مع تبليغ الرسالة ظهور الاختصاص به ومنزلة التفويض إليه قال تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * (4). وقال ابن برهان: " ما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا وهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد، فهمه من فهمه وعمي عنه من عمي " (5). وروي عن علقمة أن امرأة من بني أسد أتت عبد الله بن مسعود فقالت: " إنه بلغني أنك قلت ذيت وذيت، والواشمة والمستوشمة، وإني قرأت ما بين اللوحين فلم أجد الذي تقول، وإني لأظن على أهلك منها، قال: فقال عبد الله: فادخلي فانظري فدخلت فنظرت فلم تر شيئا، ثم خرجت فقالت: لم أر شيئا فقال لها عبد الله: أما
(1) تفسير القرطبي 1: 37 و 38 والطبري 1: 27. (2) الغدير 6: 296 وراجع الكفاية للخطيب: 14 وجامع بيان العلم 2: 234. (3) تفسير الرازي 20: 38 وراجع تفسير القرطبي 10: 109 وراجع تدوين السنة: 347 وما بعدها. (4) تفسير القرطبي 1: 2 في المقدمة وراجع تفسير الطبري 1: 25. (5) التراتيب الادارية 2: 199
[496]
قرأت: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (1) فقالت: بلى، قال: فهو ذاك " (2). وفي لفظ: " وروي عن عبد الرزاق قال: أخبرني الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة: قال: " قال عبد الله بن مسعود: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنصمات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله، قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فقالت: يا (أبا) عبد الرحمن بلغني أنك لعنت كيت وكيت ؟ فقال: ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن هو في كتاب الله ؟ قالت: إني لأقرأ ما بين اللوحين فما أجده، قال: إن كنت قارئة لقد وجدتيه، أما قرأت: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * ؟ قالت: بلى قال: فإنه قد نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالت: إني لأظن أهلك يفعلون بعض ذلك، قال: فاذهبي فانظري قال: فدخلت فلم تر شيئا قال: فقال عبد الله: لو كان كذلك لا نجامعها ". وعن عمران بن حصين (رضي الله عنه): " أنهم كانوا يتذاكرون الحديث فقال رجل: دعونا من هذا وحدثونا بكتاب الله، فقال له عمران: إنك أحمق ! ! أتجد في كتاب الله الصلاة مفسرة ؟ أتجد الصوم في كتاب الله مفسرا ؟ إن القرآن أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك " (3).
(1) الحشر: 7 (2) الكفاية: 12 و 15 وجامع بيان العلم 2: 230 وأدب الاملاء والاستملاء للسمعاني: 4 وتفسير القرطبي 18: 18 و 5: 392 والدر المنثور 6: 194 (عن أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن مردويه) وراجع المعجم الكبير للطبراني 9: 337 و 338 والمطالب العالية 3: 134 والتمهيد لابن عبد البر 1: 151 وراجع أيضا الدر المنثور 5: 194 (في تفسير قوله تعالى: " اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر " وقوله تعالى " وليغيرن خلق الله " والسنة قبل التدوين: 79 (عن كتاب العلم للمقدسي مخطوطة ظاهرية). (3) راجع المصادر المتقدمة وأدب الاملاء والاستملاء: 4 والمستدرك للحاكم 1: 109 والسنة قبل التدوين 2: 79
[497]
وفي لفظ: " روى أبو نضرة عن عمران بن حصين: أن رجلا أتاه فسأله عن شئ فحدثه فقال الرجل: حدثوا عن كتاب الله عز وجل ولا تحدثوا عن غيره فقال: إنك امرؤ أحمق ! ! أتجد في كتاب الله صلاة الظهر أربعا لا يجهر فيها ؟ وعد الصلوات وعد الزكاة ونحوها ثم قال: أتجد هذا مفسرا في كتاب الله ؟ كتاب الله قد أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك " (1). وقال رجل للتابعي الجليل مطرف بن عبد الله بن الشخير: " لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال له مطرف: والله لا نريد بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا " (2) وعن أيوب السختياني أنه قال: " إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دعنا من هذا وحدثنا من القرآن فاعلم أنه ضال " (3). وبالجملة فهل يعقل أن يكون الإقبال على الأحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) تركا لكتاب الله تعالى ؟ كلا، والشاهد على ذلك أن بعد تدوين الحديث وكتابته وانكباب الناس عليها لم يكن ذلك تركا لكتاب الله تعالى، بل لولا السنة كان الكتاب مجملا، إذ لا نقرأ آية منه إلا وفي المراد منها خلاف بين قولين أو أقوال لا نتيقن تأويلها كما قال علي (عليه السلام) لابن عباس حينما أرسله إلى الخوارج: " لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا " (4).
(1) راجع السنة قبل التدوين 2: 79 (2) السنة قبل التدوين: 2: 79 (عن كتاب العلم للمقدسي مخطوطة الزاهرية: 51) وجامع بيان العلم 2: 234. (3) الكفاية للخطيب: 16. (4) نهج البلاغة / ك 77 وراجع منهاج البراعة 19: 407 وابن أبي الحديد 18: 71 وشرح ابن ميثم 5: 234 واختيار مصباح السالكين: 575 وبهج الصباغة 7: 169 و 173 - 181 ومصادر نهج البلاغة 3: 478 عن النهاية لابن الأثير 1: 444 في " حمل ".
[498]
الأحاديث الواردة في وجوب الرجوع إلى السنة: هذا كله مضافا إلى ما ورد عنه (صلى الله عليه وآله) متواترا مقطوعا على صحته: أنه (صلى الله عليه وآله) أمر بالرجوع إلى السنة لا سيما في تفسير القرآن منها: 1 - قوله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (1). إذ معنى عدم افتراق العترة عن القرآن هو عصمتهم عن العصيان والخطأ والزلل، كما ورد هذا المعنى في أحاديث كثيرة كحديث السفينة: " مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق " (2) و " من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي وهي جنة الخلد فليتول عليا وذريته من بعده، فانهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم باب ضلالة " (3). فإن عدم الغرق باتباعهم وعدم الخروج من باب الهداية ليس إلا لعصمتهم (4).
(1) مرت الإشارة إلى مصادر هذا الحديث، وقد روي هذا الحديث في كتب الفريقين حتى قال ابن حجر في الصواعق: 42 (في سرد قصة الغدير): إنه - " أي حديث الثقلين - لا مرية فيه "، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع ايام خلافته، وسوف نشير إلى المصادر فانتظر. وأفرد العلامة المتتبع المتظلع في عبقات الأنوار مجلدين في سند هذا الحديث ودلالته وحرره العلامة الميلاني وسيما " نفحات الأزهار "، وأفرده العلامة الشيخ قوام الدين بشنوئي برسالة طبعت في القاهرة، وتكلم عليه في مقدمة جامع أحاديث الشيعة سندا ودلالة، ونقل أقوال علماء أهل السنة في تفسيره، وأفردنا رسالة في هذا الحديث وأنهيناه إلى أنه نقله بضع وخمسون من الصحابة. وقد أورد هذا الحديث في كنز العمال 1: 153 وما بعدها. (2) راجع نفحات الأزهار 4 وسوف يوافيك مصادره عن قريب فانتظر. (3) سوف تذكر مصادره فانتظر. (4) راجع - في الوقوف على معنى الحديث وعلى أقوال علماء أهل السنة - نفحات الأزهار ومقدمة جامع الأحاديث.
[499]
وأما عدم افتراق الكتاب عنهم فليس إلا لاحتياج المسلمين في فهم الكتاب وتفاصيله إلى بيانهم (عليهم السلام) بما أورثهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأملى علومه على علي (عليه السلام) وأمره بالكتابة. 2 - عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، " خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (1). 3 - عن ابن عباس عنه (صلى الله عليه وآله): " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه " (2). 4 - " إني خلفت فيكم كتاب الله وسنتي وعترتي أهل بيتي " (3). 5 - عن ابن عباس: " مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله فسنة مني ماضية الحديث " (4). 6 - عن ابن عمر: " من أخذ بسنتي فهو مني، ومن رغب عن سنتي فليس مني " (5). 7 - عن عائشة: " من تمسك بالسنة دخل الجنة " (6). 8 - عن أبي جعفر الباقر قال: " قرأ رسول الله: * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) * ثم قال: الخير اتباع القرآن وسنتي " (7).
(1) كنز العمال 1: 154 (عن الغيلانيات لأبي بكر الشافعي والمستدرك، و: 168 عن الابانة لأبى نصر) وراجع الجامع الصغير: 129 والسنن الكبرى للبيهقي 10: 114 والجامع لأخلاق الراوي 1: 166 (2) الجامع لأبي زيد القيرواني: 105، والسنن الكبرى للبيهقي 10: 114 (3) مسند زيد: 404 (4) كنز العمال 1: 178 عن البيهقي في المدخل وأبي نصر في الإبانة، والخطيب وابن عساكر والديلمي. (5) كنز العمال 1: 164 عن ابن عساكر. (6) كنز العمال 1: 164 عن الدارقطني. (7) الدر المنثور 2: 62 عن ابن مردويه، قال الرازي في التفسير 8: 167: " كونوا مجتمعين على حفظ سنن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وتعلم الدين ".
[500]
9 - عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: " قال جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة الا وقد بينهما عز وجل في الكتاب وبينتهما في سنتي وسيرتي " (1). 10 - " كتاب الله وسنتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (2). 11 - عن أبي عثمان العبدي عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنيه (ولا قول كا) (ولا) عمل (ولا خ) نية إلا بإصابة السنة " (3). 12 - في رواية معاوية وابن مسكاب قوله: " إنا لا نعدل بكتاب الله وسنة نبيه " (صلى الله عليه وآله) (4). 13 - قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " السنة سنتان: سنة في فريضة الأخذ بها هدى وتركها ضلالة، وسنة في غير فريضة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير (غيرها - خ ل) خطيئة " (5). 14 - عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا لقينا ربنا قلنا: يا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ويقول القوم عملنا برأينا " (6). 15 - عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث: " إن الفقيه حق الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة المتمسك بسنة النبي (صلى الله عليه وآله) " (7).
(1) جامع أحاديث الشيعة 1: 124 / 96 عن كنز الفوائد للكراجكي. (2) كنز العمال 1: 168 عن الابانة لأبي نصر. (3) جامع احاديث الشيعة 1: 122 عن الكافي والمحاسن والمقنعة والأمالي لابن الشيخ وفقه الرضا (عليه السلام). (4) جامع أحاديث الشيعة 1: 126 و 10: 334 و 339 (5) المصدر 1: 123 (6) المصدر 1: 126 و 10: 334 (7) المصدر 1: 122 عن الكافي والتهذيب.
[501]
16 - عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كل من تعدى السنة رد إلى السنة " (1). 17 - في رسالة الصادق (عليه السلام) إلى أصحابه: " أيتها العصابة الحافظ الله لهم أمرهم عليكم بآثار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسنته وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعده وسنتهم، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم الحديث " (2). 18 - عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: " خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في مرضه الذي توفي فيه ونحن في صلاة الغداة، فقال: إني تركت فيكم كتاب الله عز وجل وسنتي، فاستنطقوا القرآن بسنتي، فإنه لن تعمى أبصاركم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم ما أخذتم بهما " (3). 19 - عن الحكم بن عمير في حديث: " قد أمرتم أن تأخذوا بقولي وتكتنفوا أمري وتتبعوا سنتي، فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن، ومن استهزأ بقولي فقد استهزأ بالقرآن، قال الله: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (4). إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في وجوب اتباع السنة، ولا تنافي بين هذه الأحاديث الآمرة بالتمسك بالكتاب والسنة، وبين الآمرة بالتمسك بالكتاب
(1) جامع أحاديث الشيعة 1: 123 عن الكافي. (2) جامع أحاديث الشيعة 1: 125 عن الكافي. (3) ملحقات إحقاق الحق 9: 317 عن البدخشي في مفتاح النجاة: 15 مخطوط. الأحاديث الآمرة باتباع السنة كثيرة جدا، راجع جامع أحاديث الشيعة 1: 120 وما بعدها وكنز العمال 1: 153 وما بعدها، والبخاري 9: 113 وفتح الباري 13: 207 وعمدة القاري 25: 23 والتاج 1: 42 ومجمع الزوائد 1: 169 - 175 وسنن أبي داود 4: 197 والدارمي 1: 44 و 108 و 144 والترمذي 4: 44 وابن ماجة 3: 3 (4) تفسير القرطبي 18: 17 (*)
[502]
والعترة، لأن وجوب التمسك بالعترة ووجوب طاعتهم وحجية أقوالهم وأفعالهم ثبت بالكتاب والسنة، والعترة هم الأمناء على السنة والكتاب، وعندهم علوم الرسول (صلى الله عليه وآله). وجوب طاعة الرسول وأن له التشريع: يستفاد من الآيات التالية أن للرسول (صلى الله عليه وآله) التشريع، وأنه يجب على المسلمين طاعته (صلى الله عليه وآله) في كل ما يأمر وينهى، وأن الله سبحانه رخص له أن يحرم ويحلل، وأن ما حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو حرام من الله تعالى، وقد تقدم عن ابن مسعود وغيره ما يفيد ذلك (1)، ويدل عليه الآيات التالية: قوله تعالى: * (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (2) وقد استفاد هذا المطلب منها الزمخشري والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي والرازي والقرطبي والثعالبي، واستدل به الشافعي وحذيفة بن اليمان وابن مسعود وعمران بن حصين، (3) فإنهم صرحوا بأنه كلما أمر به النبي (صلى الله عليه وآله) أو نهى عنه فهو في كتاب الله تعالى، واستدلوا بهذه الآية الشريفة. وقوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (4). وقوله تعالى: * (يا ايها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا
(1) راجع ما تقدم من نقل كلام ابن مسعود، وراجع الدر المنثور 6: 194 والقرطبي 18: 18 وتفسير الرازي 11: 255 (2) الحشر: 8 (3) راجع تفسير القرطبي 18: 17 و 18 والكشاف 4: 503 والميزان 19: 235 والتبيان 9: 564 ومجمع البيان 9: 261 وتفسير الرازي 29: 285 وتفسير الطبري 28: 39 والثعالبي 4: 283 وراجع مقدمة تفسير الطبري والقرطبي أيضا. (4) النساء: 59
[503]
أعمالكم) * (1). وقوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين) * (2). وقوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوا تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) * (3). أمر سبحانه وتعالى بطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) فيما أمر أو نهى، وأوجب أو حرم بعد الأمر بطاعة الله تعالى ونهى عن مخالفة نبيه (صلى الله عليه وآله) وحذر من خالفه بقوله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * (4). * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا...) * (5). وقال عز وجل: * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) * (6). وقال عز شأنه: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * (7). وقال سبحانه: * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة) * (8).
(1) محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): 33 (2) التغابن: 12 (3) النور: 54 (4) النور: 63 (5) المائدة: 92 (6) النساء: 64 (7) النساء: 80 (8) الأحزاب: 36
[504]
وحيث أطلق وجوب طاعة الله سبحانه وطاعة رسول الله، فلولم ابدا في الحقيقة لزم التناقض أو التضاد كما لا يخفى. وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى عن أهل البيت (عليهم السلام) لا بأس بنقلها: روي في تفسير الآية الكريمة: * (ما آتاكم الرسول) * عن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله جعفر بن محمد وأبي الحسن موسى وأبي الحسن الرضا صلوات الله وسلامه عليهم: " إن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه أمر دينه فقال: * (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * " (1). وفي لفظ: " إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) فلما انتهى به ما أراد قال: وإنك لعلى خلق عظيم، ففوض إليه دينه فقال " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ". وفي رواية: " وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) دية العين ودية النفس وحرم النبيذ وكل مسكر، فقال له رجل: وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غير أن يكون جاء فيه شئ ؟ قال: نعم، ليعلم من يطيع الرسول ممن يعصيه ". وفي رواية أبي الربيع الشامي: قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله حرم الخمر بعينها... وحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل مسكر، وما حرمه رسول الله فقد حرمه الله " (2). وفي رواية فضيل بن يسار: " إن الله عزوجل فرض الصلاة ركعتين ركعتين
(1) راجع الكافي 1: 265 وما بعدها والبحار 17: 1 - 14 وبصائر الدرجات: 111 ونور الثقلين 5: 279 وما بعدها والبرهان 4: 314 ومجمع البيان 9: 261 رواها إسحاق بن عمار وزرارة وعبد الله بن سنان وعمر بن الحسن الميثمي وزيد الشحام وياسر الخادم والقاسم بن محمد فضيل بن يسار وحمران إسماعيل بن عبد العزيز وعبد الله بن سليمان والثمالي وابن حنين وأبو بصير وجابر الجعفي وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو إسحاق النحوي وموسى بن أشيم وأبو أسامة وسليم بن قيس عنهم (عليهم السلام). (2) الوسائل 17: 259 و 265 عن الفضيل وأبي الربيع واسحاق بن عمار وسليمان وفضيل بن يسار وعبد الله بن سنان وأبي بصير
[505]
عشر ركعات، فأضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة " (1). وعن أبي أمامة (2) قال: " قام رسول الله في الناس فقال: إن الله كتب عليكم الحج، فقام رجل من الأعراب فقال: أفي كل عام ؟ فعلق كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وغضب ومكث طويلا ثم مكث فقال: من هذا السائل ؟ فقال الأعرابي: أنا يارسول الله، فقال: ويحك مايؤفك أن أقول نعم، والله لو قلت نعم لوجبت " (3). تذييل وتحقيق: ذكر سبحانه وتعالى في كتابه الكريم طاعة رسوله مقرونة بطاعته كما تقدم، ولكنه عزوجل جاء بهما تارة بفعل واحد فقال: * (اطيعوا الله والرسول..) * (4) و * (أطيعوا الله ورسوله) * (5) و * (يطيعون الله ورسوله) * (6) و * (ومن يطع الله
(1) الوسائل 3: 30 و 35 و 38 وراجع جامع احاديث الشيعة 4: 84 و 85 عن عبد الله بن سليمان وسعيد بن المسيب والفضل بن شاذان وفضيل بن يسار. (2) نقل في كنز العمال 5: 10 هذا الحديث عن ابن عباس ومسلم 2: 975 عن أبي هريرة والدارمي 1: 29 والنسائي 5: 110 عن أبي هريرة وابن عباس وابن ماجة 2: 963 عن علي (عليه السلام) وانس بن مالك والدر المنثور 1: 55 عن احمد والترمذي وابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم عن علي (عليه السلام) وعن عبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن ابن عباس: هذا وراجع تفسير الرازي 8: 153 والقرطبي 4: 143 وتفسير ابن كثير 1: 385 والدر المنثور 2: 24 والمعجم الكبير للطبراني 8: 187. (3) مجمع الزوائد 4: 204 وراجع الترمذي 3: 178 وابن ماجة 2: 963 والدر المنثور 1: 55 (عن احمد والترمذي وابن ماجة وابن ابي حاتم والحاكم عن علي (عليه السلام)) وكنز العمال 5: 10 عن احمد في المسند والحاكم في المستدرك وابن جرير وابن مردويه والمعجم الكبير للطبراني 8: 187 عن ابي امامة وكنز العمال 5: 10 والدر المنثور 1: 55 عن عبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والبهيقي عن ابن عباس والدارمي 1: 29 ومسلم 2: 975 والنسائي 5: 110 عن أبي هريرة. وراجع تفسير الرازي 8: 153 والقرطبي 4: 143 وابن كثير 1: 385 (4) آل عمران: 32 و 132. (5) الأنفال: 20 و 46. (6) التوبة: 71.
[506]
ورسوله) * (1) و * (ومن يطع الله والرسول) * (2) و * (من يعص الله ورسوله) * (3) وتارة جاء بهما بفعلين فكرر (أطيعوا) مثلا كما مر في الآيات المتقدمة، ولعل ذلك لبيان نكتة اخرى وهي ما كرره الأستاذ العلامة الطباطبائي قدس الله سره الشريف في تفسير الآية، ولا بأس بنقل كلامه قال: " ولا ينبغي أن يرتاب في أن الله سبحانه لا يريد بإطاعته إلا إطاعته فيما يوجه إلينا من طريق رسوله من المعارف والشرائع، وأما رسوله فله حيثيتان: إحداهما حيثية التشريع بما يوحيه إليه ربه من غير كتاب، وهو ما يبينه للناس من تفاصيل ما يشتمل على إجماله الكتاب، وما يتعلق ويرتبط بها كما قال تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * النحل: 44 والثانية ما يراه من صواب الرأي وهو الذي يرتبط بولايته الحكومة والقضاء قال تعالى: * (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * النساء: 105 وهذا هو الرأي الذي كان يحكم به على ظواهر قوانين القضاء بين الناس وهو الذي كان (صلى الله عليه وآله) يحكم به في عزائم الأمور، وكان الله سبحانه أمره في اتخاذ الرأي بالمشاورة فقال: * (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) * آل عمران: 159. إذا عرفت هذا علمت أن لإطاعة الرسول معنى، ولإطاعة الله سبحانه معنى، آخر وإن كان إطاعة الرسول إطاعة لله بالحقيقة، لأن الله هو المشرع لوجوب إطاعته كما قال: * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) *، فعلى الناس أن يطيعوا الرسول، فيما يبينه بالوحي وفيما يراه من الرأي. وهذا المعنى (والله أعلم) هو الموجب لتكرار الأمر بالطاعة في قوله:
(1) النور: 52 والأحزاب: 71 والفتح: 17 والنساء: 12. (2) النساء: 69. (3) النساء: 14 والأحزاب: 36 والجن: 23.
[507]
* (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (1) ا ه‍ لا لاما ذكره المفسرون: أن التكرار للتأكيد " (2). أقول: سياق الآيات في موارد تكرار الفعل يفيد ما قاله الأستاذ في وجه التكرار كما لا يخفى على من تأمل في الآيات المذكورة الواردة في تثاقل المنافقين في إطاعة أوامره (صلى الله عليه وآله) في الجهاد وغيره، وعلى كل حال يجب إطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) في كل ما يأمر وينهى... حتى قال بعض العلماء: إنه إذا دعا شخصا وهو يصلي يجب عليه أن يترك الصلاة استجابة له، واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري عن سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم أجبه، أو قال: فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقلت: يارسول الله إني كنت أصلي فقال: ألم يقل الله: * (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) *، وروى الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة أنه (صلى الله عليه وآله) دعا أبي بن كعب وهو في الصلاة، وذكر نحوا مما رواه البخاري عن أبي سعيد وصححه. " وأما من يقول: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما كانت تجب طاعته في عهده ولا يجب العمل به إلا بالقرآن وحده، فهم زنادقة ضالون يريدون هدم الإسلام، بل يجب طاعة الرسول كما أطلقها الله تعالى ويجب التأسي به في كل زمان إلى يوم القيامة " (3). ولا يخفى على المتدبر أنه ليس المراد مما أوجب الرسول (صلى الله عليه وآله) أو حرمه هو اجتهاده (4) (صلى الله عليه وآله) بل المراد أن ما أوجب الله تعالى على عباده أو حرمه على أقسام:
(1) الميزان 4: 412 و 413 راجع 18: 269 و 19: 354 و 15: 162. (2) راجع المنار 9: 639 وتفسير الطبري 9: 141 وبهامشه تفسير النيسابوري: 139 و 142 و 140 والكشاف 2: 210 والتبيان 5: 119 والدر المنثور 3: 176 والميزان 9: 40 والقرطبي 7: 389. (3) المنار 9: 633. (4) كما زعمه علماء أهل السنة فجعلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المجتهدين وقالوا، إن عمر بن الخطاب اجتهد على خلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنزل القرآن في تصديق عمر.
[508]
قسم ذكره الله تعالى في كتابه الكريم كالصلاة والزكاة والحج والخمس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر و.... وقسم أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) الحكم وليس في القرآن كتفاصيل الصلاة والزكاة والحج و.... وقسم أوحى إليه وألهمه المصالح أو المفاسد الملزمة للوجوب أو الحرمة فشرع هو (صلى الله عليه وآله) بإذن الله تعالى اختبارا لعباده فيمن يطيع الرسول أو يعصيه، فكلها حكم الله سبحانه * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) *. حديث الأريكة: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرى - بما أراه الله تعالى - فتنة عظيمة سوف تقع في الإسلام والمسلمين، وتغشى عالم الإسلام ظلمة كقطع الليل المظلم، نبه عليها القرآن الكريم في قوله تعالى: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب) * فأخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونبه الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولفت أنظارهم إلى الحوادث المستقبلة التي تصيب خسائرها وعواقبها البائسة والمشومة جميع المسلمين إلى يوم القيامة وهاك ألفاظ النصوص: 1 - ما رواه عبيد الله بن أبي رافع رضي الله عنه قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لأعرفن رجلا أتاه الأمر من أمري، إما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: ما ينبئ ؟ ما هذا ؟ عندنا كتاب الله ليس هذا فيه ". لفظ أدب الإملاء. وعن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لألفين أحدكم متكئا على أريكة يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا
[509]
أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه " (1) لفظ ابن عبد البر. وفي لفظ آخر لابن عبد البر: " ألا لا أعرفن ما بلغ أحدا منكم حديث إن كان شيئا أمرت به أو نهيت عنه فيقول وهو متكئ على أريكته: هذا القرآن، ما وجدنا فيه اتبعناه وما لم نجد فيه فلا حاجة لنا به ". 2 - ما رواه المقدام بن معد يكرب يقول: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يوشك رجل منكم متكئا على أريكة يحدث بحديث عني فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل الذي حرم الله " (2). وفي لفظ الطبراني: " ألا لا يقول رجل متكئ على أريكة ما وجدنا في كتاب
(1) أدب الإملاء والاستملاء: 3 وجامع بيان العلم 2: 232 والكفاية للخطيب: 11 و 12 ومسند احمد 6: 8 وسنن أبي داود 4: 200 والترمذي 5: 37 وابن ماجة 1: 6 والمعجم الكبير 1: 295 بسندين و: 307 والشفاء للقاضي عياض 2: 38 وموارد الظمآن لزوائد ابن حبان: 55 والتمهيد لابن عبد البر 1: 151 وراجع لسان العرب والنهاية في " ارك " و " لفي " وكنز العمال 1: 155 (عن احمد وابى داود والترمذي وابن ماجه والمستدرك) وراجع المستدرك 1: 108 و 109 بأسانيد متعددة. لا يخفى أن ألفاظ الحديث حيث نقل بالمعنى مختلفة والمعنى واحد، وإنما أوردنا بعض الألفاظ رواه في الكفاية هكذا: " لا أعرفن الرجل يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: ما أدري ما هذا، عندنا كتاب الله ليس هذا فيه " - واللفظ لأبي الفضل - ورواه في معاني الأخبار: 390 عن أبي إبراهيم (عليه السلام). (2) جامع بيان العلم 2: 232 واللفظ له وراجع أدب الاملاء والاستملاء: 3 و 4 وابن ماجة 1: 6 و 7 ومسند احمد 4: 131 و 132 وسنن أبي داود 4: 200 وسنن الدرامي 1: 144 والترمذي 5: 38 وراجع الكفاية: 8 - 10 وكنز العمال 1: 155 (عن أحمد وأبي داود) و: 156 (عن أحمد وابن ماجة) والأضواء: 52 والمعجم الكبير 4: 130 (عن المقدام عن خالد بن الوليد) والسنن الكبرى للبيهقي 1: 109 وموارد الظمآن: 55 ودلائل النبوة للبيهقي 1: 24 والتمهيد لأبن عبد البر 1: 150 بسندين والدارمي 1: 144 وتدوين السنة: 352 (عن جمع ممن تقدم وعن دلائل النبوة 6: 549 والفقيه والمتفقه 1: 88 والاعتبار للحازمي: 7 والصحيح لابن حبان 1: 147 وراجع الحديث والمحدثون لأبي زهو: 11 و 24) وراجع تفسير القرطبي 1: 37 والسنة قبل التدوين: 78 و 79.
[510]
الله من حلال أحللناه، وما وجدنا في كتاب الله من حرام حرمناه، ألا وإني أحرم عليكم أموال المعاهدين ". وفي لفظ الخطيب (1): " ألا إني أوتيت (الكتاب ومثله معه ألا إني قد أوتيت) القرآن ومثله، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه الحديث ". 3 - ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال أصحاب الحشايا يكذبوني عسى أحدكم يتكئ على فراشه يأكل مما أفاء الله عليه فيؤتى يحدث عني الأحاديث يقول: لا أرب لي فيها، عندنا كتاب الله ما نهاكم عنه فانتهوا وما أمركم به فاتبعوه " (2). 4 - ما روي عن العرباض بن سارية قال: " إن النبي (صلى الله عليه وآله) نزل خيبر..... ثم قام فقال: بحسب امرئ قد شبع وبطن وهو متكئ على أريكته لا يظن أن لله حراما إلا ما في القرآن، إني والله قد حرمت ونهيت، ووعظت بأشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر الحديث " (3). وفي لفظ: " أيحسب أحدكم متكئا على أريكته أن الله تعالى لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن، ألا وإني والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها كمثل القرآن أو أكثر الحديث ". 5 - ما رواه محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(1) قريب منه في كنز العمال 1: 155 وسنن أبي داود 4: 200 ومسند أحمد 4: 131 وراجع تدوين السنة: 353 وتفسير القرطبي 1: 37 (2) الكفاية: 13 (3) الكفاية: 10 و 11 وكنز العمال 1: 155 (عن أبي داود) و: 74 (عن أبي داود والبيهقي) وراجع سنن أبي داود 3: 170 والسنة قبل التدوين: 78 (عن ابن ماجة والبيهقي والدارمي) وراجع السنن الكبرى للبيهقي 9: 204.
[511]
لعل أحدكم أن يأتيه حديث من حديثي وهو متكئ على أريكته فيقول دعونا من هذا، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه " (1). وفي لفظ: " ألاعسى رجل أن يبلغه عني حديث وهو متكئ على أريكته فيقول: لا أدري ما هذا، عليكم بالقرآن، فمن بلغه عني حديث فكذب به أو كذب علي فليتبوأ مقعده من النار ". 6 - ما رواه أبو هريرة: " لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث وهو متكئ على أريكته فيقول: أقرأ قرآنا، ما قيل من قول حسن فأنا قلته " (2). 7 - ما رواه أبو سعيد: " عسى أحدكم أن يكذبني على أريكته يبلغه الحديث عني فيقول: ما قال ذا رسول الله، دع هذا وهات ما في القرآن " هذه الأحاديث تفيد أن النبي (صلى الله عليه وآله) (3) كان يخبر أصحابه الكرام رضى الله عنهم عن هذا المقال (الناشئ عن عدم الاعتداد بالسنة وعدم الاعتناء بحرمة مقام النبوة) تحذيرا وتخويفا للمسلمين عن اتباع هذا المنهج الانحرافي وحثا على اتباع السنة وحثا على المقابلة مع هذا المنهج ورده ردا بتا، والمناظلة والمجاهدة في الدفاع عن السنة النبوية (4). وأنت بعد الوقوف على هذه الأحاديث وما تقدم وما يأتي من الآيات والأحاديث المتواترة، وبعد الإحاطة بما قدمنا من اهتمام الرسول (صلى الله عليه وآله) بكتابة السنة كاهتمامه (صلى الله عليه وآله) بكتابة القرآن الكريم تعرف بطلان هذه التعليلات الواهية، وما قيل أو يقال في هذا المجال دفاعا عن الخليفة.
(1) الكفاية: 12 وجامع بيان العلم 2: 231 و 232 وكنز العمال 1: 174 (عن الإبانة لأبي نصر التسخيري) وفي نفس الصفحة ايضا عن الإبانة بلفظ آخر والتمهيد لابن عبد البر 1: 152. (2) ابن ماجة 1: 9 و 10 وكنز العمال 1: 155 عنه و: 174 عن أحمد وراجع كشف الأستار 1: 80 وراجع مسند أحمد 2: 367 (3) كنز العمال 1: 174 عن الإبانة لأبي نصر. (4) إذا أردت التحقيق التام حول حديث الأريكة فعليك بمراجعة كتاب تدوين السنة: 352 وما بعدها، فإنه أفاد في تحقيق صدوره ومضمونه وفي المراد من هذا الرجل المتكئ على الأريكة فوائد شافية.
[512]
إشكال ودفع: قال أبو رية في الأضواء: " وإذا كان الأمر كذلك (يعني أنه (صلى الله عليه وآله) أوتي الكتاب ومثله) فلم لم يعن النبي (صلى الله عليه وآله) بكتابة هذا " المثل " في حياته عند ما تلقاه عن ربه كما عنى بكتابة القرآن ؟ ولم لم يجعل له كتابا يقيدونه عند نزوله كما جعل للقرآن كتابا ؟ ولم اقتصر في النهي عن كتابة غير القرآن، وأغفل عن هذا المثل فقال: " لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن " ولم يقل: وغير ما أوتيته معه وهو مثله ؟ وهنا يجوز لسائل أن يسأل: هل يصح أن يدع النبي نصف ما أوحاه الله إليه يغدو بين الأذهان بغير قيد يمسكه هذا وينساه ذاك ويتزيد فيه ذلك مما يصيب غير المدون في كتاب محفوظ ؟ وهل يكون الرسول بعمله هذا قد بلغ الرسالة على وجهها وأدى الأمانة كاملة إلى أهلها ؟ ! " (1). قال الأحمدي: هذا السؤال ساقط من أصله بعد ما أوضحناه من اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله) بكتابة الحديث، وأنه (صلى الله عليه وآله) أمر بذلك ورغب وحث الصحابة رضي الله عنهم بذلك ؟ وأنهم امتثلوا أمره وكانوا يكتبون حوله، وأنه (صلى الله عليه وآله) أمر عليا (عليه السلام) بذلك وجعل له مدخلين: مدخلا بالليل، ومدخلا بالنهار طيلة أيام حياته (صلى الله عليه وآله)، فأملى عليه القرآن وتفسيره وتأويله وجميع السنن والأحكام مما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة، وفي الحقيقة أملى معصوم وكتب معصوم وأودعوه عند المعصومين من عترته (صلى الله عليه وآله)، وأحاديث النهي عن الكتاب مفتعلة ومزورة لا أصل لها جعلوها بعد لأي من الدهر دفاعا عن عمل الخليفة، وسيأتي الكلام حول هذه الأحاديث. جاء أبو رية بهذا السؤال وغيره لبيان عدم صحة هذا الحديث " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه " لأنه لو صح هذا الحديث لزم أن يكون الرسول (صلى الله عليه وآله) يدع
(1) الأضواء: 52 وما بعدها.
[513]
مثل القرآن يتركه معرضا للضياع والنسيان والزيادة والنقصان (1). والعجب كيف خفي عليه الجواب كما خفي عليه أجوبة سائر الأسئلة مما أتى به لبيان عدم صحة هذا الحديث، ولكنه لو التفت إلى كون السنة مبينا للقرآن الكريم وأن الله تعالى جعل بيان القرآن موكولا إلى بيان النبي (صلى الله عليه وآله) كما تقدم سهل عليه جواب هذه الأسئلة وأمكنه أن يقول: اهتم النبي (صلى الله عليه وآله) بالسنة على تفصيل قدمناه، وأمر بكتابته وكتبها بخط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولم يضيعها، وأن الصحابة أيضا كتبوها ولكن.... وأن قول أبي بكر: " بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه " (على اختلاف ألفاضها). وأن قول عمر كما يأتي: " حسبنا كتاب الله " (2) كما سوف يأتي، وأن قول عائشة: " حسبكم كتاب الله " مصداق صريح وواضح للرجل الذي أخبر عنه (صلى الله عليه وآله) أنه يأكل من بيت المال فيصير شبعان يتكئ على أريكة ويقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه... وحسبنا كتاب الله... وحسبكم كتاب الله.... غاية المطاف: فقد تحصل مما ذكرنا أن السنة تفسير لكتاب الله وتبين لمجملاته وتوضيح لمشكلاته فكتابة السنة والانكباب عليها ليس تركا لكتاب الله، بل انكباب على فهم القرآن والتدبر فيه والوقوف على تفاصيله، فإن القرآن الكريم تبيان لكل شئ
(1) كيف يعقل أن ينهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن كتابة السنة، أو كيف يمكن أن يترك السنة معرضا للزوال والنقصان والسهو والنسيان، وملعب أيدي الدجالين والوضاعين المتزلفين إلى أمراء الجور، وهو سيد الحكماء وسيد البشر وسيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله). (2) راجع تدوين السنة: 361 عن البخاري 2: 77 ومنهج النقد: 54.
[514]
فيه أصول كل شئ من الأصول والمعارف والأحكام من الواجبات والمحرمات، فلابد في الوقوف على تفاصيلها وتأويلها من الرجوع إلى بيان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله تعالى. مثلا إن القرآن بين وجوب الصلاة والزكاة والخمس والحج والجهاد و... وحرمة اللهو واللعب واللغو و... وأحال تفاصيلها إلى بيان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما تقدم في الآيات المتقدمة. قال ناصر الدين الألباني في تحقيقه وتعليقه على كتاب العلم لأبي خثيمة: 11 " ومن المعلوم أن الحديث هو الذي تولى بيان ما أجمل من القرآن وتفصيل أحكامه، ولولاه لم نستطع أن نعرف الصلاة والصيام وغيرهما من الأركان والعبادات على الوجه الذي أراده الله تبارك وتعالى، وما لا يقوم الواجب إلا به واجب، ولقد ضل قوم في هذا الزمان زعموا استغناءهم عن الحديث بالقرآن وهو القائل: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * فأخبر أن ثمة مبينا وهو الرسول عليه الصلاة والسلام وحديثه. وبالجملة ترك القرآن والإعراض عنه وهجره حرام كما قال تعالى حاكيا عن الرسول (صلى الله عليه وآله): * (يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) * وليس هؤلاء إلا الكفار والمنافقين وأما الصحابة الكرم رضي الله عنهم الذين اشتغلوا بكتابة الحديث النبوي، فليسوا معرضين عن القرآن الكريم تاركين له، بل هم المشتغلون بفهم القرآن ودرسه، وليس ذلك شأن الصحابة وليسوا بمهتمين لذلك، فمن هؤلاء الذين خشى الخليفة عليهم أن يتركوا القرآن أويلتبس عليهم القرآن ؟ لست أدري ؟ ! ! ! المعاذير المنحوتة: أتعب علماء مدرسه الخلفاء بعد حقب من الدهر أنفسهم في توجيه عمل
[515]
الخلفاء، وتصحيح ما أبدعوه لصلاح حكومتهم، وما رأوه في طريق الوصول إلى أهدافهم السياسية، ونحن لا نطيل الكلام في نقلها وتزييفها، بل نشير إليها قالوا: منعوا من الكتابة لئلا يتكل الكاتب على ما كتبه فلا يحفظ ويقل الحفظ (1). إنهم منعوا من الكتابة لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم (2). إنهم منعوا لأن أكثرهم لا يعرفون الكتابة. إن الصحابة والتابعين لخلوص عقيدتهم ببركة صحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقرب العهد إليه، ونقلة الاختلاف والواقعات، وتمكنهم من المراجعات إلى الثقات كانوا مستغنين عن تدوين علم الشرائع والأحكام (3). وقال الرامهرمزي: وإنما كره الكتاب من كره من الصدر الأول لقرب العهد وتقارب الإسناد، ولئلا يعتمده الكتاب فيهمله ويرغب عن حفظه والعمل به (4). عن السيد رشيد رضا (في كلام طويل): " لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث (كلها) دينا عاما دائما كالقرآن ولو كانوا فهموا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه يريد ذلك لكتبوا ولأمروا بالكتابة، ولجمع الراشدون ما كتب وضبطوا ما وثقوا به، وأرسلو إلى عمالهم ليبلغوه وليعملوا به، ولم يكتفوا بالقرآن " (5). قال أبو عمر: " من ذكرنا قوله في هذا الباب فإنما ذهب في ذلك مذهب
(1) جامع بيان العلم 1: 82 وفتح الباري 1: 285 وتدوين السنة: 367 (عن الحديث والمحدثون: 123 وحجية السنة: 428) وأدب الإملاء والاستملاء: 146. (2) مقدمة تقييد العلم: 7 - 9 وراجع جامع بيان العلم 1: 83 وتدوين السنة: 367 (عن هدى الساري: 4 وتدريب الراوي 1: 40) وفتح الباري (في المقدمة): 4. (3) مقدمة تقييد العلم: 7 عن حسن صديق خان. (4) مقدمة تقييد العلم: 9 وفي العلل لأحمد 1: 395: ابن علية قال: " انما كرهوا الكتاب لأن من كان قبلكم اتخذوا الكتب فأعجبوا بها، فكانوا يكرهون أن يشتغلوا بها عن القرآن ". (5) الأضواء: 49. (*)
[516]
العرب، لأنهم كانوا مطبوعين على الحفظ مخصوصين بذلك، والذين كرهوا الكتاب كابن عباس والشعبي وابن شهاب والنخعي وقتادة ومن ذهب مذهبهم وجبل جبلتهم كانوا قد طبعوا على الحفظ، فكان أحدهم يجتزي بالسمعة، وليس أحد اليوم على هذا، ولولا الكتاب لضاع كثير العلم، وقد أرخص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتاب العلم ورخص فيه جماعة من العلماء... " (1). قيل: إن ذوي العلم يعرفون أن الكتابة كانت قليلة في عرب الجاهلية ونشأة الإسلام، وأن من كان يكتب لم يكن يحسن الكتابة، بل كان يبذل وقتا طويلا في عدد من الأسطر ينكب عليها، فلا يفرغ منها إلا وقد أفرغ جهده معها، وإذا كان الأمر كذلك أيؤثر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثه على القرآن فيدع الصحابة يضيعون فراغهم به فيهملون تدوين كتاب الله ؟ (2). وقيل: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نهى عن كتابة الحديث، ولأجل ذلك لم يكتب الحديث في عصر الصحابة كما صرح به ابن حجر في مقدمة فتح الباري: 4 قال: " إن آثار النبي (صلى الله عليه وسلم) لم تكن في عصر الصحابة وكبار تبعهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة لأمرين: أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك كما ثبت في صحيح مسلم خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم، وثانيهما لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم، ولأن أكثرهم لا يعرفون الكتابة " (3). أقول: هذه علل ومعاذير ذكروها بعد مضى زمن طويل تبين فيه خطأ هذه الفكرة، واتضحت عواقبها السيئة لتوجيه عمل الخليفة.
(1) جامع بيان العلم 1: 83. (2) مقدمة تقييد العلم: 18 وراجع مقدمة فتح الباري: 4 وتقييد العلم: 58 وراجع تدوين السنة: 390 وما بعدها والسنة قبل التدوين: 302 عن تأويل مختلف الحديث: 366 وراجع أيضا: 315 و 316. (3) وراجع الأضواء: 259 و 261 وتنوير الحوالك في المقدمة: 5 وقد تكلم حول هذا التعليل في تدوين السنة: 390 وما بعدها وراجع أيضا السنة قبل التدوين: 315 و 316.
[517]
هذه وجوه استحسانية لا توجب حرمة الكتاب ولا تثبت جواز إحراقها، مع أنها غير صحيحة في نفسها، لأن تدوين الحديث في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) بأمره وإشرافه واهتمامه كان أمرا مسلما مفروغا عنه، والدليل على ذلك ما تقدم من الأدلة، وأنه لولا التدوين في عصر الصحابة لما كان كتاب حتى يحرقه الخليفتان وأن الكتاب عندئذ كانوا كثيرين بتدبير النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وتحريضه وترغيبه كما تقدم، والاشتغال بكتابة الحديث لم يكن تضييعا لفراغهم ومانعا عن كتابة القرآن، كيف وكان له (صلى الله عليه وآله) كتاب الدواوين المختلفة أيضا، ولم يكن اشتغالهم مانعا عن كتابة القرآن، وأما خوف أن اتكال الكاتب بكتابه يمنعه عن الحفظ وكذا سيلان الأذهان... فمما لا ينبغي ذكره ولا الرد عليه. قال محمد عجاج الخطيب: " ونحن في بحثنا هذا لا يمكننا أن نستسلم لتلك الأسباب التقليدية التي اعتاد الكاتبون أن يعللوا بها عدم التدوين، ولا نستطيع أن نوافقهم فيما قالوه: من أن قلة التدوين في عهده (صلى الله عليه وآله) تعود قبل كل شئ إلى ندرة وسائل الكتابة، وقلة الكتاب، وسوء كتابتهم - لا يمكننا أن نسلم بهذا بعد أن رأينا نيفا وثلاثين كاتبا يتولون كتابة الوحي للرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وغيرهم يتولون أموره الكتابية الأخرى، ولا يمكننا أن نعتد بقلة الكتاب وعدم إتقانهم لها، وفيهم المحسنون المتقنون أمثال زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ولو قبلنا جدلا ما ادعوه من ندرة وسائل الكتابة وصعوبة تأمينها لكفى في الرد عليهم أن المسلمين دونوا القرآن الكريم ولم يجدوا في ذلك صعوبة، فلو أرادوا أن يدونوا الحديث ما شق عليهم تحقيق تلك الوسائل كما لم يشق هذا على من كتب الحديث بأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولابد من أسباب أخرى، وإنا لنرى تلك الأسباب من خلال الآثار الثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن الصحابة والتابعين وسنرى أن تدوين الحديث مر بمراحل منتظمة حققت حفظه وصيانته من العب وقد تضامنت الذاكرة
[518]
والأقلام، وكانا جنبا إلى جنب في خدمة الحديث... (1). ومن العجيب أن هؤلاء المعللون لم يتعرضوا أصلا لعمل الخليفتين وتعليمهما، فكأن عدم التدوين كان عمل الصحابة رضوان الله عليهم من عند أنفسهم فأتوا بعلل وتوجيهات واضحة الفساد. تذييل وتحقيق: قد يظهرمن كلمات بعضهم أن جمعا كرهوا الكتابة كراهة لا تبلغ حد المنع والحرمة مع أن كلمات المانعين وأفعالهم كانوا يرونها حراما، ويجتنبون ذلك، ويمنعونها منعا شديدا كالمحرمات الكبيرة: أبو بكر أحرق خمسمائة حديث. عمر أحرق كتب الصحابة، وكتب إلى الأمصار ليحرقوا كل ما كان عندهم من الكتب والصحائف قائلا: " لا كتاب مع كتاب الله " و " لا أشوب كتاب الله بشئ " و " مثناة كمثناة اهل الكتاب " و " من كان عنده شئ فليمحه " وأنشد الناس أن يأتوا إليه ما عندهم من الحديث وهم يظنون أنه يريد أن ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار " قال: أمنية كأمنية أهل الكتاب " (2). هذه الأقوال منه وإحراق أموال الناس وحرمة مال المسلم كحرمة دمه وإحراق الأحاديث النبوية فيها حكم الله وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسماء الله تعالى أو آيات القرآن الكريم لا يلائم مع الكراهة المصطلحة، بل الظاهر أنهم يرون الكتابة
(1) السنة قبل التدوين: 301 و 302. (2) جامع بيان العلم 1: 79 و 80 والسنة قبل التدوين: 312 وتقييد العلم: 53 و 54 والأضواء: 47 و 49 وبحوث في تأريخ السنة: 221 وسنن الدارمي 1: 122 - 124 والمصنف لابن أبي شيبة 9: 53.
[519]
من أعظم المنكرات التي يجوز في دفعها ارتكاب المحرمات، فهل يرخص أحد من المسلمين أن يحرق كتاب البخاري أو صحيح مسلم بما فيها من أسماء الله تعالى والأسماء المقدسة والأحكام والمعارف من أجل أن الكتابة مكروهة. هذا ابن مسعود الصحابي العظيم يؤتى بصحيفة فيها حديث حسن، والصحيفة من أموال المسلمين فيقول: " يا جارية هاتي بطست واسكبي فيها ماء فجعل يمحوها بيده ويقول: " نحن نقص عليك أحسن القصص " فقلنا: انظر فيها، فان فيها حديثا عجيبا، فجعل يمحوها ويقول: إن هذه القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره " (1). قال ابن مسعود: " جردوا القرآن لا تلبسوا منه ما ليس منه " (2). عن سليمان بن الأسود المحاربي قال: " كان عبد الله بن مسعود يكره كتابة العلم " (3). عن مرة قال: بينما نحن عند عبد الله إذ جاء ابن قرة بكتاب قال: وجدته بالشام فأعجبني فجئتك به قال: فنظر فيه عبد الله، ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم الكتب وتركهم كتابهم " (4). وعن بعض أصحاب ابن مسعود قال: " رأيت مع رجل صحيفة فيها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فقلت له: أنسخنيها، فكأنه بخل بها ثم وعدني أن يعطينيها، فإذا أتيت عبد الله فإذا هي بين يديه فقال: إن ما في هذا الكتاب بدعة
(1) جامع بيان العلم 1: 79 و 80 والسنة قبل التدوين: 312 وتقييد العلم: 53 و 54 والأضواء: 47 و 49 وبحوث في تأريخ السنة: 221 وسنن الدارمي 1: 122 - 124 والمصنف لابن أبي شيبة 9: 53. (2) المعجم الكبير للطبراني 9: 412 ومجمع الزوائد 7: 158. (3) جامع بيان العلم 1: 78 وراجع تقييد العلم: 39. (4) تقييد العلم: 53 وراجع سنن الدارمي 1: 123.
[520]
وضلالة، وإنما أهلك من كان قبلكم هذا وأشباهه فأعزم على كل امرئ يعلم بمكان كتاب إلا دل عليه " (1). وفي لفظ ابن عبد البر عن الأسود بن هلال قال: " أتي عبد الله بصحيفة فيها حديث، فدعا بماء فمحاها ثم غسلها ثم أمر بها، فأحرقت، ثم قال: (أ) ذكر الله رجالا يعلمها عند أحد إلا أعلمني به، والله لو أعلم أنها بدير هند لبلغتها بهذا، هلك أهل الكتاب قبلكم حين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون " (2). وعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: " جاء علقمة بكتاب من مكة أو اليمن صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت بيت النبي (صلى الله عليه وآله) فأستأذنا على عبد الله، فدخلنا عليه، قال: فدفعنا إليه الصحيفة قال: فدعا الجارية، ثم دعا بطست فيها ماء فقلنا له: يا أبا عبد الرحمن انظر فيها، فإن فيها أحاديث حسانا، قال فجعل يميتها فيها ويقول: " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن) القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها ما سواه " (3). هذا الحديث يعطي درسا شافيا ظريفا في علل المنع وهو أن فيها أحاديث في أهل البيت (عليهم السلام) وسوف نتكلم فيه وعن إبراهيم التيمي قال: " بلغ ابن مسعود أن عند ناس كتابا، فلم يزل بهم حتى أتوه به فلما أتوه به محاه، ثم قال: إنما هلك أهل الكتاب قبلكم إنهم أقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم وتركوا كتاب ربهم أو قال: تركوا التوراة والإنجيل حتى درسا وذهب ما فيهما من الفرائض والأحكام " (4). عن سليم بن أسود قال: كنت أنا وعبد الله بن مرداس فرأينا صحيفة فيها
(1) سنن الدارمي 1: 124. (2) راجع جامع بيان العلم 1: 78 والأضواء: 47 وروي نحوه في تقييد العلم: 55 و 56 عن أشعث بن سليم عن أبيه. (3) تقييد العلم: 54 والسنة قبل التدوين: 312. (4) تقييد العلم: 56 وسنن الدارمي 1: 122.
[521]
قصص وقرآن مع رجل من النخع قال: فواعدنا المسجد قال: فقال عبد الله بن مرداس: اشترى صحفا بدرهم إنا لقعود في المسجد ننتظر صاحبنا إذا رجل فقال اجيبوا عبد الله يدعوكم قال: فتقوضت الحلقة فانتهينا إلى عبد الله بن مسعود فإذا الصحيفة في يده فقال: إن أحسن الهدى هدى محمد... فعليكم بالهدى الأول فإنما أهلك أهل الكتابين قبلكم مثل هذه الصحيفة وأشباهها... فأنشد الله رجلا علم مكان صحيفة إلا أتانى فوالله لو علمتها بدير هند لانتقلت إليها (1). عن مسروق: " أن ابن مسعود كان يكره التفسير في القرآن " (2). عن عفان المحاربي عن أبيه قال: " سمعت ابن مسعود يقول: إن ناسا يسمعون كلامي ثم ينطلقون فيكتبونه، وإني لا أحل أن يكتب إلا كتاب الله " (3). عن مسروق قال: " حدث ابن مسعود بحديث فقال ابنه: ليس كما حدثت قال: وما علمك ؟ قال: كتبته قال: فهلم الصحيفة، فجاء بها فمحاها " (4). عن الشعبي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال: كنا نسمع الشئ فنكتبه، ففطن له عبد الله فدعا أم ولده ودعا بالكتاب وباجانة في ماء فغسله " (5). أطلنا الكلام في نقل ما روي عن ابن مسعود ليتضح للقارئ أن عمل ابن مسعود وقوله لا يتلائم مع الكراهة المصطلحة. (راجع فتح الباري 1: 182 و 185) كما أن ما نقل عن الخليفتين وما نقل عن ابن مسعود ليس فيه إشارة إلى منع النبي (صلى الله عليه وآله)، بل الظاهر أن الحرمة كانت من اجتهادهم مع ترخيص النبي (صلى الله عليه وآله) في
(1) تقييد العلم: 55. (2) مجمع الزوائد 7: 158. (3) سنن الدارمي 1: 125. (4) تقييد العلم: 39. (5) تقييد العلم: 39 وراجع تدوين السنة: 280.
[522]
الكتابة، وعلة التحريم أيضا في كلام عمر وابن مسعود يشبه أحدهما الآخر. وكذا ما نقل عن أبي سعيد في التحريم من قوله: " لا نكتبكم ولا نجعلها مصاحف " و " أتجعلونها مصاحف تقرأونها " و " تريدون أن تجعلوها مصاحف " و " أتتخذونه قرآنا " (1). ولا إشارة فيها إلى نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن الكتابة مع أن رواية المنع رويت عنه كما سيأتي ونظيره ما عن أبي موسى الأشعري لا تناسب الكراهة المصطلحة أيضا (2) لأنه كان يوكد على محو ما كتبه ابنه من دون إشارة إلى العلة. وكذا أبو هريرة الدوسي كان يأبى عن إملاء الأحاديث قائلا: " لا نكتم ولا نكتب " أو " لا يكتم ولا يكتب " أو " ارووا كما روينا " (3) ولم يتعرض للعلة. وكذا عبد الله بن عمر يتأبى عن الإملاء والكتابة شديدا قال سعيد بن جبير: " كتب إلي أهل الكوفة مسائل ألقى فيها ابن عمر فلقيته، وسألته عن الكتاب، ولو علم أن معي كتابا لكانت الفيصل فيما بيني وبينه " (4). وعن أيوب قال: " سمعت سعيد بن جبير قال: كنا نختلف في أشياء، فنكتبها في كتاب، ثم أتيت بها ابن عمر أسأله خفيا، فلو علم بها كانت الفيصل بيني وبينه ". (5) وعن أبي بردة قال: " كتبت عن أبي كتابا فقال أبي: لولا أن فيه آية من كتاب الله لأحرقته، ثم دعا بمركن أو
(1) راجع تقييد العلم: 37 و 38 وسنن الدارمي 1: 119 و 122 وتهذيب تأريخ ابن عساكر 6: 114 وفي المطالب العالية 3: 120 / 3043 عن أبي نضرة قال: قلت لأبي سعيد: أكتبنا فقال: إني لن أكتبكم خذوا عنا كما كنا نأخذ من نبي الله (صلى الله عليه وسلم)... وفي العلل 1: 397 لأحمد: " لن نكتبكم ولن نجعله قرآنا احفظوها عنا كما حفظنا ". (2) سنن الدارمي 1: 122 و 124 وجامع بيان العلم 1: 78 و 79 وتدوين السنة: 280 وتقييد العلم: 39 والطبقات الكبرى 4 / ق 1: 83 ط ليدن والسنة قبل التدوين: 314 مجمع الزوائد 1: 151. (3) تقييد العلم: 41 والدارمي 1: 122 وجامع بيان العلم 1: 79 والسنة قبل التدوين: 313. (4) تقييد العلم: 43 و 44 وفي مقدمته: 20 وجامع بيان العلم 1: 79 والسنة قبل التدوين: 314. (5) جامع بيان العلم 1: 79 والسنة قبل التدوين: 314 وتقييد العلم: 44.
[523]
أجانة فغسله ثم قال: ع عني ما سمعت مني، فإني لم أكتب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابا قال: كدت أن تهلك أباك " (1). هذا ولكن زيد بن ثابت يأبى عن الإملاء والكتابة مشيرا إلى نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما سيأتي نقل حديثه (2). وعلى أي حال هذا التوجيه من حمل كراهة هؤلاء المانعين على الكراهة المصطلحة غير وجيه، وسيأتي بعض الكلام حول الكراهة فانتظر. والذي يجب أن يتدبر فيه ويلاحظ في كلمات هؤلاء المانعين أمران: أحدهما: عدم الإشارة فيها إلى نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن كتابة الحديث - كما يزعمون - بل ظاهر أنها كانت جائزة، لأن أبا بكر كتب في حياة الرسول صلى الله عليه وأبقاه إلى أن جلس على أريكة الخلافة ثم أحرقها، وشاور عمر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (فهل يشاور عمر فيما نهى عنه النبي (صلى الله عليه وآله)) ثم أشار الصحابة الكرام إلى كتابته (ولا يشيرون إلى خلاف النبي (صلى الله عليه وآله)) ثم بقي عمر مترددا شهرا (وكيف يتردد فيما نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)) ثم عزم الله له فجمع صحائف الصحابة وأحرقها ونهى عنها، فالمنع والإحراق اجتهاد منهم لعلل ذكروها أو أخفوها. ثانيهما: أن هؤلاء شبهوا كتب الأحاديث النبوية بما كتبه علماء اليهود والنصارى وأساقفتهم من عند أنفسهم بآرائهم واجتهادهم، أو بما يحرفون من كلام الله ويكتبون الكتاب ويقولون هو من عند الله كما يقول الله سبحانه: * (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله) *. فهل يجوز أن يقاس ما كتبه صحابي ثقة أمين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما كتبه
(1) المطالب العالية 3: 108 / 3012. (2) تقييد العلم: 35 - 36 وما بعدها وسنن الدارمي 1: 122 وجامع بيان العلم 1: 76 - 78 والسنة قبل التدوين: 313.
[524]
علماء اليهود والنصارى من عند أنفسهم، لكونهم متهمين بالكذب على النبي (صلى الله عليه وآله) عند المانعين، أو لكون قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذلك (والعياذ بالله تعالى) ؟ (1). فلابد من التكلم في أمرين: الأول في الأدلة المذكورة في أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن كتابة الحديث، والثاني في تشبيههم الأحاديث النبوية بما كتبه علماء اليهود من عند أنفسهم: الأمر الأول في: الأحاديث الواردة في النهي عن كتابة الحديث: أما تعليلهم المنع عن كتابة الحديث فبأن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن كتابة الحديث، وقد روي ذلك عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم منهم: 1 - أبو سعيد الخدري قال: " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب - قال همام أحسبه قال: متعمدا - فليتبوأ مقعده من النار ". ألفاظ الحديث مختلفة ولكن لا تضر بالمعنى. رواه الخطيب بأسانيد كثيرة عن همام بن يحيى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد وكذلك أحمد في المسند والحاكم في المستدرك وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث، ونقله مسلم عن هداب بن خالد الأزدي عن همام عن زيد بن أسلم... وفي سنن الدارمي وجامع بيان العلم بإسنادهما عن هشام عن زيد بن أسلم. فالراوي لهذا الحديث هو زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد.
(1) كما قالت قريش إنه بشر يغضب أو كما قال رجل إن المرء ليهجر (والعياذ بالله) وإن كان يناسب ذلك القول باجتهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عند نفسه والمجتهد يخطئ ويصيب.
[525]
قال العجاج في تدوين السنة: 303: " وهذا الحديث أصح ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في هذا الباب ". أقول: زيد بن أسلم هو الذي يروي أحاديث المنع عن الكتابة (بألفاظها المختلفة عن أبي سعيد وأبي هريرة) كان أحد فقهاء المدينة (1)، مات سنة 136 (2) وكان يروى عن أبيه تأريخ حياة عمر وسيرته وشؤونه ومناقبه (3) وعده الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى في أصحاب علي بن الحسين (عليهما السلام) وقال: زيد بن أسلم العدوي مولاهم المدني مولى عمر بن الخطاب تابعي كان يجالسه كثيرا (4) وعده من أصحاب الصادق (عليه السلام) أيضا وقال: فيه نظر (5). وكان يروي عن علي بن الحسين (عليهما السلام). عن حماد بن زيد عن عبيدالله بن عمر: " قال: لا أعلم به بأسا إلا أنه يفسر برأيه القرآن ويكثر منه، وقال ابن عيينة: كان زيد بن أسلم رجلا صالحا وكان في حفظه شئ " (6). ذكر ابن عبد البر في مقدمة التهذيب أنه كان يدلس (7)، وذكره ابن عدي في
(1) شذرات الذهب 1: 194 والعقد الفريد 3: 415 و 416 ومعجم البلدان 2: 134. (2) شذرات الذهب 1: 194 والكامل لابن الأثير 5: 459 وقاموس الرجال 12: 481. (3) راجع حلية الأولياء 1: 53 والطبري 4: 197 - 244 والعقد الفريد 1: 48 وشرح ابن أبي الحديد 12: 41 و 102 والغدير 6: 262 و 308 وقاموس الرجال 12: 481. (4) رجال الشيخ: 114 / 1130 و: 207 / 2676 وراجع تنقيح المقال: 1: 461 ورجال البرقي: 9 في أصحاب علي بن الحسين (عليه السلام) وابن داود: 162 و 455 وقاموس الرجال 4: 238 وميزان الاعتدال 2: 98. (5) رجال الشيخ: 207 / 2676. (6) تهذيب التهذيب 3: 396 والكامل لابن عدي 3: 1543 والجرح والتعديل للرازي وفي الكامل نقله عن عبد الله بن عمرو، وراجع قاموس الرجال 12: 481. (7) تهذيب التهذيب 3: 396.
[526]
الكامل في الضعفاء (1). عن غرر لابن خزابة: قال زيد بن أسلم: " كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي وأصحابه من البيعة (2). ومن المحتمل جدا أن زيد بن أسلم جعل هذا الحديث - بألفاظه المختلفة - انتصارا لمولاه، أو جعل ذلك باسمه لهذا الغرض، والله العالم. همام بن يحيى: هو همام بن يحيى بن دينار الأزدي وثقه بعض، ولكن كان يحيى بن سعيد يعترض عليه في كثير من حديثه ولا يعبأ به، وقالوا: إنه كان في حفظه رداءة، وربما غلط في الحديث، وكان لا ينظر في كتابة، فلما نظر قال: كنا نخطئ كثيرا فنستغفر الله تعالى، وقال أبو بكر البرويجي همام صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به " وقال الساجي: " صدوق سيئ الحفظ، ما حدث من كتابه فهو صالح وما حدث من حفظه فليس بشئ " (3). وعن البخاري وغيره: أن حديث أبي سعيد - هذا - موقوف عليه، فلا يصح الاحتجاج به، ونسبه ابن حجر إلى بعض الأئمة (4). هذا، وأما ما رواه الثوري عن زيد " ففيه أن في سنده النضر بن طاهر، وقد ضعفوه جدا ونسبوه إلى السرقة وقالوا: ربما أخطأ ووهم (5) واتهم سفيان بالتدليس ثم بالتخليط، ومات سنة 197 " (6).
(1) الكامل 3: 1543. (2) بهج الصباغة 5: 16. (3) تهذيب التهذيب 11: 67 - 70 والعلل لأحمد 1: 48 وتدوين السنة: 290 والسنة قبل التدوين: 306 وميزان الاعتدال 4: 308. (4) تدوين السنة: 290. (5) ميزان الاعتدال 4: 258 وتدوين السنة 292. (6) ميزان الأعتدال 2: 17 وتهذيب التهذيب 4: 117 - 122 وتدوين السنة: 295 و 296 وراجع سفينة البحار في " سفن ".
[527]
وأما ما رواه هشام عن زيد: فهو هشام بن سعد المدني، عن أحمد: لم يكن هشام بالحافظ وكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه وأنه ليس محكم الحديث، وعن ابن معين والنسائي أنه ضعيف (1). عطاء بن يسار: هو عطاء بن يسار أبو محمد المدني الفقيه الواعظ القاص القاضي كان ثقة وذكره ابن حبان في الثقات (2) مات سنة 97 (3) أو 103 أو 104 (4). 2 - عن أبي سعيد الخدري قال: " استأذنت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أكتب الحديث فأبى أن يأذن لي ". وفي لفظ: " استأذنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يأذن لي أن أكتب الحديث فلم يأذن لي ". رواه سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد (5)، وفي سنن الدارمي والترمذي: سفيان عن زيد بن أسلم، والظاهر سقوط عبد الرحمن في السند عندهما. عبد الرحمن بن زيد ضعيف، وقال الهيثمي: فقد أجمع أهل العلم بالنقل على تضعيف أخباره، وليس هو حجة فيما ينفرد به، وفي العلل لأحمد أن أحمد كان يضعفه
(1) تهذيب التهذيب 11: 39 - 41 وميزان الاعتدال 4: 298. (2) راجع قاموس الرجال 6: 308 وتهذيب التهذيب 7: 217 وشذرات الذهب 1: 125 وتذكرة الحفاظ 1: 90. (3) الكامل لابن الأثير 5: 26 و 106. (4) مروج الذهب 3: 202 وشذرات الذهب 1: 125 والكامل لابن الأثير 5: 26 و 106 وتهذيب التهذيب 7: 217 وتذكره الحفاظ 1: 90. (5) تقييد العلم: 32 و 33 وسنن الدارمي 1: 119 والترمذي 5: 38 والسنة قبل التدوين: 303 (عن المحدث الفاصل نسخة دمشق 4: 5 والإلماع: 28 وتقييد العلم) والكامل لابن عدي 1: 35 و 4: 1583 والأضواء: 46 وبحوث في تأريخ السنة: 218 وتدوين السنة: 295 ومعالم المدرستين 2: 54.
[528]
راجع 1: 265. 3 - عن أبي سعيد الخدري: " قال كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) فخرج علينا فقال: ما هذا تكتبون ؟ فقلنا: ما نسمع منك، فقال: أكتاب مع كتاب الله ؟ ! إمحضوا كتاب الله وأخلصوه، قال: فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد ثم أحرقناه بالنار، فقلنا: يارسول الله نتحدث عنك ؟ قال: نعم تحدثوا عني ولاحرج، ومن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار " (1). رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ولم يذكر الإسناد وذكره أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن زيد، وقال الهيثمي: عبد الرحمن ضعيف. 4 - عن زيد بن ثابت: " روى كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: دخل زيد بن ثابت على معاوية، فسأله عن حديث فأمر إنسانا أن يكتبه، فقال له زيد: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه فمحاه " (2). قال في تهذيب التهذيب في ترجمة المطلب بن عبد الله بن حنطب: " قال ابن سعد: كان كثير الحديث وليس يحتج بحديثه، لأنه يوصل كثيرا، وليس لقي وعامة أصحابة يدلسون... وقال ابن أبي حاتم في المراسيل عن أبيه: لم يسمع من جابر ولا من زيد بن ثابت ولا من عمران بن الحصين ولم يدرك أحدا من الصحابة إلا سهل بن سعد ومن في طبقته... " (3). وفي السند: " كثير بن زيد: قالوا فيه: ليس بالقوي، ضعيف فيه لين فلا يحتج
(1) مجمع الزوائد 1: 150 و 151 ومسند أحمد: 3: 12 رواه عن أبي هريرة في مسند أبي سعيد، والظاهر أنه خطأ، والصحيح أبو سعيد بدل أبي هريرة وراجع معالم المدرستين 2: 54. (2) سنن أبي داود 3: 319 وجامع بيان العلم 1: 76 ومسند أحمد 5: 182 وتقييد العلم: 35 والفتح الرباني 1: 171 وتدوين السنة: 301 والكامل لابن عدي 6: 2088 كلهم يروونه عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، وراجع السنة قبل التدوين: 313 والأضواء: 47. (3) راجع تدوين السنة: 301 وتهذيب التهذيب 10: 178.
[529]
به إذا (1)، وقال النسائي: إنه ضعيف وعن أبن معين: ليس بذاك وكان أولا قال: ليس بشئ ". 5 - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: " خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونحن نكتب الأحاديث فقال: ما هذا الذي تكتبون ؟ قلنا: أحاديث نسمعها منك، قال: كتاب غير كتاب الله ؟ أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى، قلنا: أنحدث عنك يا رسول الله ؟ قال: حدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فيلتبوأ مقعده من النار... قال أبو هريرة: فجمعناها في صعيد واحد فألقيناه في النار " (2). ثم قال الخطيب: هذا " لفظ حديث القطيفي والآخر بمعناه إلا، أنه قال فيه: أكتاب مع كتاب الله ؟ امحضوا كتاب الله وأخلصوه ". ونقله أيضا بسند آخر عن عبد الرحمن بن زيد نحو ذلك، وليس فيه حديث الإحراق. ورواه أحمد في مسنده 3: 12 عن أبي هريرة في مسند أبي سعيد، ونقله مجمع الزوائد عن أبي سعيد، والظاهر أن، ما في السند سهو، والصحيح: أبو سعيد كما في المجمع. 6 - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: " بلغ رسول الله أن ناسا قد كتبوا حديثه، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما هذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم، إنما أنا بشر، من كان عنده
(1) راجع تدوين السنة: 301 كثير بن يزيد كما في جامع بيان العلم: سهو بل الصحيح كثير بن زيد في سنن أبي داود ومسند أحمد والفتح الرباني وبهامشه بلوغ الأمالي، وذكره تهذيب التهذيب 8: 413 ولم يذكر كثير بن يزيد اصلا. (2) تقييد العلم: 33 و 34 وتدوين السنة: 298 و 299. (*)
[530]
منها شئ فليأت به فجمعناها، فأحرقت، فقلنا: يارسول الله نتحدث عنك ؟ قال: تحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " (1). وفي لفظ الحديث تهافت، لأن التعليل " إنما أنا بشر " يأتي في الحديث أيضا. 7 - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لا تكتبوا عني إلا القرآن، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " (2). 8 - عن ابن عباس وابن عمر قالا: " خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معصوبا رأسه فقال: ما هذه الكتب التي يبلغني أنكم تكتبونها ؟ أكتاب مع كتاب الله ؟ يوشك أن يغضب الله لكتابه، فيسري عليه ليلا فلا يترك في ورقة، ولا في قلب منه حرفا إلا ذهب به فقال، بعض من حضر المجلس: فكيف يارسول الله بالمؤمنين والمؤمنات قال: من أراد الله به خيرا بقي في قلبه لا إله إلا الله " (3). 9 - عن جابر بن عبد الله بن يسار قال: " سمعت عليا يخطب يقول: أعزم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإنما هلك الناس حيث يتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم " (4).
(1) تقييد العلم: 34 و 35 وتدوين السنة: 299 عنه. (2) كشف الأستار 1: 108 وقال: فقد أجمع أهل العلم بالنقل على تضعيف أخباره، وراجع مجمع الزوائد 1: 151 وضعف عبد الرحمن وكنز العمال 1: 179 عن البزار. (3) مجمع الزوائد 1: 150 قال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه عيسى بن ميمون الواسطي وهو متروك، وقد وثقه حمادبن سلمة، وراجع كنز العمال 1: 178 عن الطبراني في الأوسط عن ابن عباس وابن عمر وعن ابن عساكر عن ابن عمر. (4) جامع بيان العلم 1: 76 والسنة قبل التدوين: 313 والاضواء: 47 وبحوث في تأريخ السنة: 221 وابن أبي شيبة 9: 152 / 649 وتدوين السنة: 192.
[531]
لم أجد إلى الآن جابر بن عبد الله بن يسار في الكتب الموجودة عندي وقال الجلالي: " وعن المعلمي في الأنوار الكاشفة (: 39): ولم أجد لجابر بن عبد الله بن يسار ذكرا، وقد استوعب صاحب التهذيب مشايخ شعبة في ترجمته، ولم يذكر فيهم من اسمه جابر إلا جابر بن يزيد الجعفي، فلعل الصواب: جابر عن عبد الله بن يسار.... وعبد الله بن يسار لايعرف فهو خطأ، إذ الرجل من التابعين، وقد ذكره ابن حجر وذكر أنه روى عن علي (عليه السلام)، وروى عنه جابر الجعفي، ونقل عن النسائي وابن حبان توثيقه " (1). أقول: عبد الله بن يسار الذي يروي عن علي (عليه السلام)، ويروي عنه جابر هو الجهني الكوفي، ولم يذكره الشيخ في أصحاب علي (عليه السلام) ولا الممقاني في التنقيح ولا التستري في القاموس، فإن صح هذا الاجتهاد في سند الحديث فلا يفيد أيضا، لأن عبد الله بن يسار غير معروف أيضا. 10 - عن إبراهيم النخعي قال: " قال معاذ بن جبل: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونحن نكتب شيئا من الحديث، فقال: ما هذا يا معاذ ؟ قلنا: ما سمعناه منك يا رسول الله، قال: يكفيكم هذا القرآن عما سواه " (2). 11 - عن الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أنه كان ينهى عن كتابة العلم وقال: إنما ضل من كان قبلكم بالكتب " (3). 12 - عن طاووس عن ابن عباس أنه قال: " إنا لا نكتب ولا نكتب " (4).
(1) تدوين السنة: 192. (2) المطالب العالية 3: 108 / 3011. (3) جامع بيان العلم 1: 78 وراجع تقييد العلم: 43 والسنة قبل التدوين: 313. (4) جامع بيان العلم 1: 77 وروى الخطيب في تقييد العلم: 42 و 43 (وفي هامشه عن جامع بيان العلم وكتاب العلم لأبي خثيمة) والسنة قبل التدوين: 313 و 319 عن طاووس عن ابن عباس ما يقرب منه وراجع العلل لأحمد 2: 387 / 2727.
[532]
هذا ما عثرنا عليه من الأحاديث التي استدل بها للمنع، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرم كتابة الحديث بل أمر بإحراق ما كتبوه، ولكن يرد على هذا التعليل والاستدلال أمور: الأول: ضعف هذه الأحاديث بما نقلناه من ضعف رواتها، مضافا إلى أن جلها ينتهي إلى رجل واحد - وهو زيد بن أسلم - وقد ذكرنا ما فيه من الضعف لا سيما أنه مولى من حرم الكتابة وحرق الأحاديث. الثاني: قوة الأحاديث المعارضة المتقدمة مع تأيده بالعقل والنقل والكتاب والإجماع، قال العلامة المجلسي رحمه الله تعالى بعد نقل حديث أبي سعيد عن مسلم: " ولا ريب أن تحريم الكتابة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) باطل بإتفاق أهل الاسلام " (1). الثالث: أنه لو كان النهي صادرا عن النبي (صلى الله عليه وآله) كما زعموا، فإذا لا معنى للمشاورة التي صدرت عن الخليفة، حيث شاور الصحابة الكرام في كتابة السنة فأشاروا عليه بكتابتها. وأي وجه لترخيص الصحابة مع نهي النبي (صلى الله عليه وآله) كما يزعمون، وما كان للخليفة ولا لهم الخيرة بعد أن قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحرمة. وأي تردد وشك حصل للخليفة بعد تحريم الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى ما زال يستخير شهرا على مخالفة النبي (صلى الله عليه وآله) حتى عزم الله له على طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ ثم كيف لم يتكلم أحد من هؤلاء الذين سمعوا نهي النبي (صلى الله عليه وآله) في المسجد وعلى المنبر، ولم يقل للخليفة ولا للصحابة الذين يتشاورون: إن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن ذلك وشدد وعلل ؟
(1) البحار 8: 241 ط حجري، و 30: ط 401 جديد.
[533]
كيف لم يسمع النهي إلا هؤلاء (مع أن النهي كان في المسجد وعلى المنبر) دون سائر الصحابة الذين أقدموا على كتابة الحديث واستمروا عليها كسلمان وأبي ذر وجابر وسعد بن عبادة وأبي رافع و... (1) ؟ بل كيف لم يستدل الخليفتان والذين اتبعوهما في المنع عن الكتابة بنهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2) كما هو واضح مشهود. وكيف كتب أبو بكر خمسمائة حديث بعد نهى النبي (صلى الله عليه وآله) حتى تردد في الإبقاء والإحراق ثم اختار الإحراق ؟ وكيف كتب الصحابة الكرام الحديث مع نهي النبي (صلى الله عليه وآله) حتى كثرت الكتب في أيدي الناس فاستنكرها عمر فجمعها وأحرقها وكتب إلى البلاد: من كان عنده منها شئ فليمحه ؟ وكيف خالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا النهي المزعوم وكتب إلى الناس وإلى عماله ما ستوافيك إلفاظها ومصادرها ؟ وكيف خالفه أهل بيته (صلى الله عليه وآله) وشيعتهم كسلمان وأبي ذر وأبي رافع وجابر بن عبد الله الأنصاري وسعد بن عباده وبلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عباس، وعلى رأسهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه كما تقدم ؟ وبعد ذلك كله كيف خالف الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز النهي أو نسخ الحكم النبوي، وأمر العلماء بكتابة الحديث، بل أكرههم عليها مع أن ظاهر هذه الأحاديث المزعومة الاستمرار لاسيما مع هذا التعليل والتأكيد: " من كتب عني شيئا سوى القرآن فليمحه " أو " كتاب غير كتاب الله، أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتاب مع كتاب الله " لأن ظاهر التعليل بل صريحه: أن وجود كتاب
(1) تقدم ذكر كتبهم مستوفى فراجع. (2) راجع تدوين السنة: 297 و 300.
[534]
دون كتاب الله ضلال ومضل كما أضل الأمم السابقة من دون أي خصوصية في زمان دون زمان كما فهم هؤلاء المانعون من الكتابة الاستمرار حتى استمروا على المنع بعد أمر الخليفة إلى منتصف القرن الثاني. ثم أي قيمة لهذا النهي المزعوم مع مخالفته لكتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثابتة ؟ بل أي قيمة لهذه الأحاديث التي خالفها رواتها وناقلوها كما تقدم ويأتي الإشارة إليه. ونعم ما قال العلامة المتتبع العسكري دام ظله: " إن صحت هذه الأحاديث فما على المسلمين إلا أن يجمعوا جميع مصادر الدراسات الاسلامية والتي حوت أحاديث الرسول أو كان فيها شئ من حديثه مثل الصحاح والسنن والمسانيد والسير والتفاسير ويحرقوها أو يلقوها في البحر، وبناء على ذلك لست أدري ماذا يبقى من شرائع الإسلام إذا ألقينا بجميع مصادر سنة الرسول في البحر ؟ ! لا لم يتفوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتلك الأحاديث، وإنما قال في خطبته بمنى في حجة الوداع: نضر الله وجه عبد... (1) ". غاية المطاف: إن الأحاديث الناهية - مع الغض عن ضعف إسنادها كما تقدم وعن الإشكالات التي ذكرنا - على فرض صحتها لا تقاوم الأحاديث المعارضة الآمرة بالكتابة أو الحاثة والمرغبة إليها مع صحتها وكثرتها وصراحتها لا سيما مع تأيدها بالكتاب والعقل والإجماع وعمل الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) وصحبه الكرام.
(1) راجع معالم المدرستين 2: 54 و 55.
[535]
والذي أظن أنه لما حرق الخليفة الأول والثاني الأحاديث، ومنعوا كتابة الحديث لعلة واقعية مكتومة - وسوف توافيك إن شاء الله تعالى - بل منعوا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبلغوا غايتهم وحصلوا من ذلك مقاصدهم رأى علماء مدرستهم أن ذلك كان قبيحا مفضوحا لا يخفى قبحه على أحد كما يعلم من ملاحظة كلامهم في فضل كتابة الحديث والعلوم، راموا توجيه هذا العمل بعلل ومعاذير كما تقدم ومنها أنهم افتعلوا أحاديث نسبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما هو دأبهم في توجيه بدع الخلفاء (1). والذي يشعر بذلك هو التشابه الموجود والمسانخة بين العلة المنقولة عن الخليفة الثاني والمنقول في هذه الأحاديث " كتاب مع كتاب الله " و " أتدرون ما ضل الأمم قبلكم " فإن هاتين الجملتين هي بعينها ما نسب إلى الخليفة في عزمه على المنع، وما قاله يوم رزية يوم الخميس: " حسبنا كتاب الله " فيوحى ذلك إلى أن الحديث أو الأحاديث صنع بعد نهي الخليفة وتعليله على وفق ما عمل وقال (2) ولكنه قال ذلك ردا على النبي (صلى الله عليه وآله) ومحوا ومحقا للسنة الشريفة، واجترأ أتباع المدرسة فنسبوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) دفاعا عن الخليفة وسترا على الحقيقة
(1) لا بأس بالإشارة إلى بعض هذه الموارد: أنكر الخليفة التيمم للجنب ورفض السنة وقول الرسول (صلى الله عليه وآله) والكتاب الكريم " أو لامستم النساء " فجاء جمع وأولوا " لامستم ". لم يفهم الخليفة " الأب " وقال ابن حجر " الأب " ليس بعربي. حرم الخليفة متعة النساء قائلا: " متعتان كانتا في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حلالا وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما " وبرروا عمله بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان حرمه في خيبر. حرم الخليفة متعة الحج مع تصريحه بحليتها في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فوجهوه بما يبرر عمل الخليفة. أمضى عمر الطلاق الثلاث في مجلس وجعله بعض ناسخا للقرآن. وإذا أردت الوقوف التام فعليك بقراءة الغدير 6: 83 وما بعدها. (2) كما أن المذكور في كلام أبي سعيد وغيره ممن منع عن الكتابة هو التعليل بما ذكره عمر بن الخطاب، فيفيد أن النهي والمنع فتوى ونصا وتعليلا صدر من مستقى واحد وكلهم اتبعوا الخليفة الثاني في الفتوى والتعليل وانتصروا له في افتعال الأحاديث.
[536]
كما أن في التعليل الواردة في حديث أبي هريرة إلى العلة التي ذكرتها قريش حينما نهوا عبد الله بن عمرو: " إنك تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا " فنسب أبو هريرة إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث أنه قال " إنما أنا بشر " أي نهى عن الكتابة، لأنه بشر يغضب ويرضى ويتكلم بالباطل، كما جعلوا في تأييد مسلك قريش أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " اللهم فإنما أنا بشر، فأيما مسلم لعنته أو آذيته فاجعلها له زكاة وقربة " (1). ومن العجيب أنهم نسبوا النهي عن كتابة الحديث إلى علي (عليه السلام) وابن عباس مع ما عرفت من كتبهم الكثيرة (2). وبعد ذلك كله لا يبقى مجال للتكلم في جمع الوجه بين الأحاديث، وإن أتعب أنصار الخليفة أنفسهم في الجمع بين الروايات، ولا بأس بنقل كلامهم على نحو الاختصار: فأقول: ذكروا في الجمع بين الأخبار الآمرة بالكتابة والناهية عنها بوجوه: الأول: أنه من منسوخ السنة بالسنة يعنى أنه (صلى الله عليه وآله) نهى في أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن، فلما كثر عدد المسلمين وعرفوا القرآن معرفة رافعة للجهالة وميزوه من الحديث زال خوفهم، فنسخ الحكم الذي كان مترتبا عليه وصار إلى الجواز (3).
(1) راجع مسند أحمد 2: 390 و 488 و 496 عن أبي هريرة و 3: 333 و 384 و 391 قريب منه عن جابر بن عبد الله الأنصاري و 5: 294 عن أبي السوار عن خاله و: 437 و 439 عن سلمان الفارسي و 6: 45 عن عائشة. (2) راجع الأضواء: 49 (3) راجع السنة قبل التدوين: 306 - 309 وفتح الباري 1: 185 وتأويل مختلف الحديث: 286 و 287 وتدوين السنة: 310 (عن ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ومعالم السنن للخطابي 4: 184 وتعليق الباعث الحثيث لأحمد شاكر وتيسير الوصول لابن البديع وأدب الاملاء والاستملاء: 146 و....
[537]
ويرد عليه أنه إذا كان رخص فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد النهي فأي تردد وقع فيه الخليفة أو أي عزم عزم الله له ولأبي بكر في إحراق الأحاديث وصحائف الصحابة رضي الله عنهم وتحريم الكتابة حتى منتصف القرن الثاني. الثاني: أنه من منسوخ السنة بالسنة يعني أنه (صلى الله عليه وآله) رخص في كتابة الحديث أولا ثم رأى بعد ذلك أن يمنع عنها، فنهى أن يكتب الحديث (1) ويدل على ذلك أمران: استدلال من روى عنهم من الصحابة الامتناع عن الكتابة ومنعها بالنهي عنها وعدم تدوين الصحابة الحديث ونشره، ولو دونوا ونشروا لتوافر ما دونوه. ويرده أنا لم نجد من الخليفة وأبي سعيد وابن مسعود استدلالا بحديث النهي، وأنه لو كان النهي متأخرا والرخصة منسوخة فلم تردد الخليفة بعد نهي النبي (صلى الله عليه وآله) وشاور الصحابة رضي الله عنهم وهم أشاروا بالكتابة مع نهي النبي (صلى الله عليه وآله) كما زعموا، ثم عزم الله للخليفة ؟ ولماذا كتب الصحابة حتى كثرت الكتب قبل نهي عمر ؟ الثالث: أن النهي عام لجميع المسلمين وخص بالسماح بالإذن من كان قارئا كاتبا مجيدا لا يخطئ في كتابته ولا يخشى عليه الغلط كعبد الله بن عمرو الذي أمن عليه كل هذا فأذن له (2). أو يقال: إن النهي عام - يعني لا تتخذوا الحديث دينا عاما كالقرآن - وما أمر بكتابته لأبي شاة هو خطبة خطبها (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة موضوعها تحريم مكة لقطة الحرم، وهذا من بيانه (صلى الله عليه وآله) للقرآن الذي صرح به في حجة الوداع وأمر بتبليغه، فهو خاص مستثنى من النهي العام (3).
(1) راجع الأضواء: 48. (2) راجع السنة قبل التدوين: 308 وتأويل مختلف الحديث: 287 وتدوين السنة: 305 و 306 وراجع الأضواء: 48 و 49. (3) الأضواء: 48 عن رشيد رضا.
[538]
ويرد هذا الوجه: أن أدلة الترخيص عامة كقوله (صلى الله عليه وآله) " قيدوا العلم " و " قيدوا العلم بالكتاب " و " اكتبوا ولا حرج " و " العلم صيد والكتابة قيد، قيدوا رحمكم الله علومكم بالكتابة " و " ضالة المسلم العلم، كلما قيد حديثا طلب إليه آخر " بل يحتمل أن يكون النهي خاصا لأشخاص يحرفون الكلم عن مواضعه. مع أن لازم هذا الوجه أن يكون الأصل الحرمة، ومن المعلوم أن الصحابة كانوا يكتبون إلى أن نهى عمر بن الخطاب، ولا يتحرجون من الكتابة، ولو كان الأصل الحرمة فبأي دليل حل بعد مضي قرن مع أن أحدا من المانعين لم يستند إلى ذلك. الرابع: أن المنهي هو كتابة الحديث مع القرآن حتى لا يختلط (1). وهذا الوجه أيضا كسابقه لا وجه له بعد عموم الإذن والنهي مع أن المانعين عمموا المنع لكل حديث، وحرقوا كل ما عثروا عليه من الحديث، وعللوا بأنه لاكتاب مع كتاب الله، وحسبنا كتاب الله. وتقدم الكلام في التباس القرآن بالحديث وأنه غير ممكن وإلا لم يكن معجزا. الخامس: أن يكون النهي في حق من وثق بحفظه، والإذن في حق من لا يثق بحفظه (2). هذا تقييد للطائفتين من دون أي شاهد، ويرد عليه ما ورد على الوجه الثاني مع أن منع الخليفة مطلق شمل الكل كما لا يخفى، وأن الوثوق بالحفظ لا يقتضي التحريم.
(1) راجع فتح الباري 1: 185 وتدريب الراوي 2: 67 ومقدمة ابن الصلاح: 88 والسنة قبل التدوين: 307 وتدوين السنة: 293. (2) راجع السنة قبل التدوين: 308 (عن فتح المغيث 3: 18 وتوضيح الأفكار 2: 354.
[539]
السادس: نهى عن كتابة الحديث لكي لا تكثر أوامر التشريع، ولا تتسع أدلة الأحكام، وهو ما كان يتحاشاه (صلى الله عليه وآله) حتى كان يكره كثرة السؤال (1). هذا بيان لحكمة النهي، وليس جمعا بين أدلة النهي والترخيص، مع أنه لا محصل له إلا أن يكون المراد أن الغرض من النهي هو عدم كثرة أدلة الانبساط المنقولة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) وبالنتيجة يرجع فيما لا نص فيه إلى مصادر الأمور، فيحكمون فيها بآرائهم وأهوائهم. ونظيره في الإجمال ما نقله أبو رية عن رشيد رضا: " لا يتخذ الحديث دينا عاما كالقرآن " (2). وهذا أيضا ليس حلا لمشكلة التعارض، بل هو تعليل للنهي مع إجماله وعدم وضوح المراد منه، ولعل مرادهم: نهى عن كتابة الحديث مخافة أن يتخذ الحديث في مقابل القرآن كما قيل، أو يتخذ الحديث من الأدلة الفقهية مستقلا من غير أن يكون تفسيرا للقرآن بأن لا يكون للنبي حق التشريع بل له التفسير والتفصيل فقط. وعلى كل حال تكلمنا حوله فيما قدمنا من أن السنة حجة قطعية وأن له التشريع بقوله تعالى: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * على ما فسرناه من أن المراد أنه تعالى كما أوحي إليه القرآن بلفظه فكذلك أوحى إليه تبينيه وتأويله ليبين للناس ما نزل إليهم، وكذلك يوحي إليه الحرام والحلال والواجب والمندوب و.. من الأحكام أو يوحي إليه ما هو ملاك الحكم من المصالح والمفاسد (وليس ذلك اجتهادا منه (صلى الله عليه وآله)) فهو (صلى الله عليه وآله) يأمر وينهى، وكلها حكم الله البات الواقعي، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. السابع: أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره والإذن في
(1) الأضواء: 51. (2) الأضواء: 48 عن رشيد رضا.
[540]
غير ذلك (1) يعني لو قيل: " ولعله لو صح الحديث - يعني حديث النهي - قد قال ذلك لخصوص من كانوا يكتبون الوحي بين يديه (صلى الله عليه وآله) حرصا منه (صلى الله عليه وآله) على أن لا يختلط القرآن بتفسيراته وتأويلاته التي يذكرها (صلى الله عليه وآله) من وقت لآخر، إذ قد يوجب ذلك أن يشتبه الأمر على البعض أو حتى يحاول البعض أن يدخل بعض ذلك من عند نفسه، فنهوا أن يكتبوا ذلك في الصحائف التي كانوا يكتبون عليها القرآن دون ما إذا كتبوها في صحائف غير الصحائف التي كتبوا فيها القرآن " (2) لأمكن الاستشهاد له بما في حديث أبي سعيد: " كتاب مع كتاب الله أمحضوا كتاب الله وأخلصوه " لظهور كلمتي " أمحضوا وأخلصوا " في عدم كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة. هذا ولكن يخالف هذا الإستشهاد ما في نفس الحديث " كتاب مع كتاب الله " - كما في حديث أبي سعيد وابن عباس وابن عمر - أو " كتاب غير كتاب الله " - كما في حديث أبي هريرة - لأن لها ظهورا في النهي عن كتاب سوى القرآن مع أن منع المانعين كان منعا عاما فلا يكون هذا التوجيه تبريرا لعملهم، ويخالف الاستشهاد أيضا ما في حديث أبي سعيد: " استأذنت النبي... أن أكتب الحديث " وليس هو من كتاب الوحي، وكذا ما في حديثه الآخر: " كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) الحديث " وكذا ما في حديث زيد بن ثابت: " أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه " وكذا ما في حديث أبي هريرة.
(1) راجع فتح الباري 1: 185 وتدريب الراوي 2: 67 ومقدمة ابن الصلاح: 88 وهامش صحيح مسلم 4: 2298. (2) حقائق هامة حول القرآن: 79 و 80 وهامش صحيح مسلم 4: 2298 وقال محمد العجاج الخطيب في السنة قبل التدوين: 311: " ونرى عمر نفسه حين يأمن حفظ القرآن يكتب بشئ من السنة الى بعض عماله وأصحابه " عن أبي عثمان النهدي قال: " كنا مع عتبة بن فرقد فكتب إليه عمر بأشياء يحدثه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فكان فيما كتب إليه... ".
[541]
الثامن: أن النهي خاص بمن خشى منه الأتكال على الكتابة دون الحفظ والإذن لمن أمن منه (1). والاتكال على الكتابة لا يصير سببا للمنع والتحريم، والحفظ عن ظهر القلب ليس واجبا عقلا وشرعا، وإنما الواجب هو حفظ الدين من الضياع بالكتابة أو بالحفظ عن ظهر القلب، وقدرتهم على الحفظ عن ظهر القلب لم يكن من المصالح الملزمة التي توجب حكما خاصا. وبعد ذلك كله كلمات أبي سعيد وغيره من المانعين لم يكن مستندا إلى النهي عن النبي (صلى الله عليه وآله)، بل ظاهر عملهم وكلامهم أن هذا كان عن اجتهاد منهم لعلل ذكروها - كما تقدم - أو لعلة واهية واقعية مكتومة وأسرار حقيقية مكنونة - سيأتي بيانها - فهذه التوجيهات الواهية من المانعين عن الكتابة أو أتباعهم لا تصلح تبريرا لعملهم، بل قول أبي سعيد راوي الحديث " ما كنا نكتب غير التشهد والقرآن " (2) يؤيد عدم وجود النهي عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، إذ لافرق بين التشهد وغيره من العلوم كما قال الخطيب (3). الأمر الثاني: التقليد في التعليل: نقل عن الخليفة عمر بن الخطاب في منعه الصحابة عن كتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإحراقه صحائف الصحابة وكتبهم بيان علل المنع تارة بما تقدم: " إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا، فاكبوا عليها وتركوا كتاب الله ". " إني والله لا أشوب كتاب الله بشئ ".
(1) راجع حقائق هامة حول القرآن: 79 و 80 وهامش صحيح مسلم 4: 2298 وفتح الباري 1: 185. (2) راجع سنن أبي داود 3: 319 وتقييد العلم: 93 وابن ابي شيبة 1: 293 وكنز العمال 8: 101. (3) تقييد العلم: 93.
[542]
" لا كتاب مع كتاب الله ". ونقل نحو ذلك عن ابن مسعود: " هلك أهل الكتاب قبلكم حين نبذوا كتاب الله ". وعن أبي سعيد: " لا نكتبكم ولا نجعلها مصاحف ". ونحوه ما عن أبي موسى الإشعري. وعن ابن عباس " إنما ضل من كان قبلكم بالكتب ". قال العلامة السيد جعفر مرتضى دامت إفاضاته: " لقد كان اليهود على فرقتين: فرقة تؤمن بوجوب الحفظ وعدم جواز كتابة شي غير التوراة ويقال لهم القراء - على ما نص عليه محمد بن حسن ظاظا في كتاب التفكير الديني عند اليهود - ويظهر أن كعب الأخبار كان من القراء الذين كثروا بعد ضعف أمر ؟ ؟ كما يظهر من جوابه لعمر حينما سأله عن الشعر، فكان مما قاله عن العرب: قوما من ولد إسماعيل أناجيلهم في صدورهم ينطقون بالحكمة. ووهب بن منبه أيضا كذلك، ففي رواية مطولة في البداية والنهاية 6: 62 ونزهة المجالس 2: 199 (عن وهب بن منبه) أن موسى قال: " يا رب إني أجد في التوراة أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونها، وكان من قبلهم يقرأون كتبهم نظرا ولا يحفظونها، فاجعلهم أمتي قال: تلك أمة محمد ". فلعل الخليفة قبل هذه النظرية من كعب الأحبار الذي كان مقربا لديه بسبب حسن ظنه به أو لأي سبب آخر (1). أقول: هذا التوجيه لا بأس به في نفسه بأن نقول: إن الخليفة قلد الطائفة
(1) الصحيح من السيرة 1: 27 (راجع الهامش) وفي النهاية لابن الأثير في " نجل ": " معه قوم صدورهم أناجيلهم " و " وأناجيلهم في صدورهم " أي: إن كتبهم محفوظة فيها.
[543]
الخاصة من اليهود، وبعبارة أخرى: قلد كعبا ووهب بن منبه في تحريم كتابة الحديث. والذي يقرب هذا الاحتمال هو أن الخليفة كان يعجبه أهل الكتاب وثقافتهم وكتبهم، ويراهم أرقي ثقافة وعلما، وأنه كان شديد العلاقة بكعب الأحبار وسماعا لأقواله وآرائه، يسأله عما مضى ويأتي، ويستفتيه ويشاوره حتى أنه أخذ كتابا منهم، وجاء به إلى الرسول الأقدس (صلى الله عليه وآله) وقرأه عليه، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: أمتهوكون أنتم ؟ (1). وهذه القضية رويت على انحاء وألفاظ مختلفة لابد من نقل بعض نصوصها (2): في معاني الأخبار: " وأتى عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إنا نسمع أحاديث من
(1) قال ابن الأثير: " فيه: أنه قال لعمر في كلام: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئت بها بيضاء نقيه: التهوك كالتهور وهو الوقوع في الأمر بغير روية، والمتهوك الذي يقع في كل أمر، وقيل: هو المتحير. (2) راجع البحار 8: 203 الطبعة الحجرية (وفي الطبعة الحديثه 30: 179) و: 234 (وفي الطبعة الحديثة 30: 361) 2: 99 ط إسلامية ومسند أحمد 3: 387 والنهاية لابن الأثير والفائق للزمخشري ولسان العرب وتاج العروس والعين والصحاح ومجمع البحرين في هوك والمصنف لابن شيبة 9: 47 ونثر الدرر للآبي 1: 207 وغريب الحديث لأبي عبيدة 4: 48 وجامع بيان العلم 2: 52 وتقييد العلم: 52 و 57 والأضواء: 163 والبداية والنهاية 2: 133 وكنز العمال 1: 179 و 180 ومجمع الزوائد 1: 173 والإيضاح للفضل بن شاذان: 310 و 311 والمراسيل لأبي داود: 321 وكتاب السنة لأبي عاصم: 27 والضعفاء الكبير للعقيلي 1: 21 والفتح الرباني 1: 175 وبهامشه بلوغ الأماني، والشفاء للقاضي عياض 1: 38 ونسيم الرياض (شرح الشفاء) 3: 342 وبهامشه شرح القاري 3: 342 وأسد الغابة 1: 235 و 3: 126 وتدوين السنة: 342 (عن بعض من ذكرنا وعن الأسماء المبهمة للخطيب: 188 و 189 وجمع الفوائد 1: 30 وسفينة البحار 8: 828 ومعاني الأخبار: 282 ومقاييس اللغة 6: 20 في " هوك " وحياة عمر بن الخطاب: 54 (عن الدارمي والطبقات والمصنف والدر المنثور 2: 48 ومسند أحمد 3: 387 وتحفة الاشراف 13: 254 ومجمع الزوائد والمصنف في الحديث والآثار 9: 47 والأسماء المبهمة: 188 ودلائل النبوة 1: 50) وراجع المطالب العالية: 109 / 3013 والجامع لأخلاق الراوي 2: 155 و 156 و 228 / 1375 و 1376 و 1531.
[544]
يهود تعجبنا، فترى أن نكتب بعضها ؟ فقال: أمتهوكون كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي ". قوله: " متهوكون " أي: متحيرون يقول: متحيرون أنتم في الإسلام لا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى، ومعناه أنه كره أخذ العلم من أهل الكتاب. وأما قوله لقد جئتكم بها بيضاء نقية فإنه أراد الملة الحنيفية، فلذلك جاء التأنيث كقوله عزوجل: * (وذلك دين القيمة) *. وفي رواية أخرى: " أنه مر برجل وهو يقرأ كتابا فقال للرجل: أتكتب لي من هذا الكتاب ؟ قال: نعم، فاشترى أديما فهناه ثم جاء إليه فنسخه له في ظهره وبطنه، ثم أتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأه عليه، وجعل وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتلون، فضرب رجل من الأنصار بيده الكتاب - قيل هو عبد الله بن ثابت - وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، ألا ترى وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب ؟ ! " (1). وفي نص تاج العروس: " قال له عمر: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها فقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي " (2).
(1) راجع عبد الرزاق 10: 313 و 11: 111 و 160 و 6: 112 والبحار 8: 201 الطبعة الحجرية ومسند احمد 4: 265 / 471 ومجمع الزوائد 1: 173 و 174 باسانيد متعددة وميزان الاعتدال 1: 666 والسيرة الحلبية 1: 230 وكنز العمال 1: 333 و 334 وكشف الأستار 2: 76 والدارمي 1: 124 والفتح الرباني 1: 178 والمطالب العالية 3: 109 / 3013، وفي المصنف لعبد الرزاق 11: 110 والمطالب العالية 3: 114 / 3024: عن الزهري: أن حفصة جاءت بكتاب إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرؤه والنبي (صلى الله عليه وسلم) يتلون وجهه وقال رسول الله (ص) والذي نفسي بيده لو اتاكم يوسف فاتبعتموه وتركتموني لضللتم ". (2) ومثله ما في البحار.
[545]
وفي نص الدارمي: " عن يحيى بن جعدة قال: أتي النبي (صلى الله عليه وسلم) بكتف فيه كتاب فقال: كفى بقوم ضلالا أن يرغبوا عما جاء نبيهم إلى ما جاء نبي غير نبيهم أو كتاب غيرهم ". وفي المطالب العالية عن عمر: " انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما هذا في يدك يا عمر ؟ قال: قلت: يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا، قال: فغضب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى احمرت عيناه، ثم نودي بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار: أغضبتم نبيكم ؟ ! السلاح السلاح، فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: لقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون ". اختلاف الحديث في معناه وألفاظه يفيد: أن القصة صدرت منه غير مرة كما لا يخفى على المتدبر. ولا غرو من الخليفة في إكباره أهل الكتاب وعلومهم وهو في محضر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد وقع منه نظائرها، وسيأتي ما صدر منه في الحديبية. وعلى كل حال يحتمل جدا أن يكون الخليفة أخذ منهج الحفظ وتحريم الكتاب من كعب الأحبار ووهب بن منبه وعلل عمله به. وبالجملة شبه ما كتبه الصحابة من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما كتبه علماء اليهود والنصارى من عند أنفسهم من الأباطيل والتحريفات، ولا أدري ماذا أراد من هذا التشبيه هل أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أباطيل (والعياذ بالله تعالى) أو أن الصحابة كتبوا أكاذيب ونسبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟. وتارة أخرى علله بقوله: " أمنية كأمنية أهل الكتاب ".
[546]
" مثناة كمثناة أهل الكتاب ". أصل الأمنية من المنى بمعنى التقدير، والجمع أمان، وأماني ومنه قوله تعالى: * (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) * البقرة: 78 قال مجاهد: معناه إلا كذبا، وقال غيره إلا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث إن التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى أمنية تمناها على التخمين (1). وعلى كل حال فسرت الأمنية بالكذب والاختلاق قال رجل لابن دأب وهو يحدث: " أهذا شئ رويته أم شئ تمنيته أي: اختلقته ولا أصل له، ويقال للأحاديث التي تتمنى: الأماني واحدتها أمنية (2). يصرح الخليفة بأن كتب الحديث أمنية يعنى كذب مفتعل مختلق أو محرف، ويتضح ذلك بالتدبر في معنى الآية الشريفة، وما قيل في تفسيرها، وما يدل عليه سياق الآية الشريفة، وكأن الخليفة يشير في كلامه هذا إلى ما في الآية الكريمة (3). والمثناة على ما في النهاية ولسان العرب في تفسير حديث عبد الله بن عمرو... من أشراط الساعة: أن توضع الأخيار وترفع الأشرار وأن يقرأ فيهم بالمثناة على رؤوس الناس ليس أحد يغيرها: قيل: وما المثناة ؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قال أبو عبيد: سألت رجلا من أهل العلم بالكتب الأول قد عرفها وقرأها عن المثناة فقال: إن الأحبار والرهبان من بعد موسى وضعوا كتابا فيما بينهم
(1) راجع ألمفردات للراغب. (2) راجع النهاية لابن الأثير وراجع أيضا القاموس وأقرب الموارد ولسان العرب، وراجع في تفسير الآية الميزان 1: 218 والطبري 1: 296 و 297 والكشاف 1: 157 وتفسير الرازي 2: 6 والمنار 1: 358 والقرطبي 2: 6 مجمع البيان 1: 144 والتبيان 1: 318. (3) قال عز شأنه: * (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) * البقرة: 78 و 79.
[547]
على ما أرادوا من غير كتاب الله فهو المثناة (1). وكأنه شبه الخليفة كتب الحديث التي كتبها الصحابة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمثناة أهل الكتابة تكذيبا وتحقيرا وتضليلا، وسوف نذكر بعض مراد الخليفة أو أن ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل بيته وفضائلهم ووجوب طاعتهم وولايتهم و... يشبه المثناة (والعياذ بالله). العلة الحقيقية للمنع عن كتابة الحديث: قد ذكرنا العلل المنقولة عن الخليفتين، وما ذكر علماء مدرستهما في المنع عن كتابة الحديث وتدوينه، وإحراق صحائف الصحابة رضي الله عنهم، وإصدار الأمر بإحراق ما في البلاد من كتب الحديث. وذكرنا ما خطر بالبال أو ما قيل ويقال في تزييف هذه العلل ونقدها وبيان فسادها وبطلانها، ونقلنا أيضا ما يقال في تحبيذ عملهما. ولكن الذي يقتضيه التحقيق والتدقيق أن هناك علة أخرى لم يذكروها بل أرادوا إخفاءها وهي: إخفاء ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضائل أهل بيته (عليهم السلام)، وولايتهم ووجوب مودتهم واتباعهم، وأن طاعتهم وحبهم حب الله تعالى، ومخالفتهم وبغضهم مخالفة
(1) وقد يروى " مشناة " بالشين بدل " مثناة " بالثاء وهي كلمة عبرية بمعنى المثناة كما في كتاب التفكير الديني الاسرائيلي تأليف الدكتور حسن ظاظا: تذكر أن المشنا والمشنة مجموعة من الشرائع اليهودية المروية، والتلمود شرح المشنا والتلمود تلمودان: الغربي وهو التلمود الأورشليمي، والشرقي وهو التلمود البابلي. أقول: هذه الجمل من المحقق العلامة الحاج السيد مهدي الروحاني ملخصا من الكتاب المذكور، وقريب منه ما كتبه لي الفاضل المحقق التوفيقي القاساني قال: إن معنى ميشنا أو مشنا المثنا وأصلها شانا بمعنى شنى وأكثر آثار اليهود تسمى " ميشنا " [مشنا] حتى سفر التثنية... وراجع الصحيح من السيرة 1: 59 طبعة دار الهادي ودار السيرة.
[548]
الله وبغضه، وما قاله (صلى الله عليه وآله) في مثالب أعدائهم. ويتضح ذلك بعد التدبر التام والدقة الكافية مع الإنصاف بعيدا عن التعصب الباطل، قال سبحانه وتعالى: * (فإن أسلموا فقد اهتدوا) * (1) في طوائف من الأحاديث الصحيحة أو المتظافرة أو المتواترة المروية في كتب الفريقين وأذعن لها علماء الإسلام. فإن الذي يلفت نظر القارئ هو وجود طوائف من الأحاديث طائفة تحكي قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعمله في أهل بيته (عليهم السلام)، وأخرى تحكي قول المعارضين المنابذين المخالفين قبال نصوص الله ورسوله (صلى الله عليه وآله). فعلى هذا لا مناص عن الإيعاز إلى الطوائف والله المستعان: الطائفة الأولى: وهي على أقسام: 1 - ما ورد في فضائل بني هاشم كقوله (صلى الله عليه وآله): " ما بال أقوام يقولون إن رحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا ينفع قومه يوم القيامة ؟ بلى والله رحمي موصولة في الدنيا والآخرة " (قال ابن حجر: إنه صحيح) أو قال: " ما بال أقوام يؤذونني في نسبي وذوي رحمي ؟ ألا ومن آذى نسبي وذوي رحمي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله " أو قال: " ما بال رجال يؤذونني في قرابتي ؟ ألا من آذى قرابتي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى " (2).
(1) آل عمران: 20. لا يخفى ما ذكرنا من المعارضة والمصادمة بين الطوائف على من كان له أدنى إلمام بالحديث والتاريخ، ولقد أفاد وأجاد في هذا المجال المحقق المتتبع العلامة العسكري دام ظله في كتابه القيم " معالم المدرستين " والعلامة المحقق المفضال السيد جعفر مرتضى في الصحيح من السيرة فجزاهما الله خيرا. (2) راجع الصواعق: 231 وينابيع المودة: 190 و 191.
[549]
وقوله (صلى الله عليه وآله): " من صنع صنيعة إلى أحد من خلف عبد المطلب فعلي مكافأته إذا لقاني " (1) وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) للعباس بن عبد المطلب حين شكى من عمل قريش: " والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله " (2) وقوله (صلى الله عليه وآله): " ثم اصطفى من قريش بني هاشم ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد المطلب ثم اصطفاني من بني عبد المطلب... " (3). وقوله (صلى الله عليه وآله): " ولا يقوم الرجل من مجلسه إلا لبني هاشم (4) ". وقوله (صلى الله عليه وآله): " يا بني عبد المطلب إني سألت الله ثلاثا: أن يثبت قائمكم، ويعلم جاهلكم، ويهدي ضالكم، فلو أن رجلا صفن بين الركن والمقام وصلى وصام ثم مات وهو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار " (5). قال الجاحظ في رسالته: " لو أراد الله أن يسوي بين بني هاشم وبين الناس لما
(1) راجع الصواعق: 187 و 239 وكنز العمال 13: 35 و 36 / 218 - 220 (عن أبي نعيم والطبراني في الأوسط والخطيب والضياء المختارة). (2) راجع الصواعق: 172 و 187 و 228 و 230 و 231 وكنز العمال 13: 34 و 35 و 89 و 86 و 83 و 88 و 90 ط الهند و 6: 128 و 135 و 254 و 4: 165 وتأريخ المدينة: لابن شبه 2: 640 وحياة الصحابة 2: 431 و 432 و 3: 333 والمعجم الكبير للطبراني 17: 185 ومجمع الزوائد 9: 170 و 269 و 8: 215 و 216 والاصابة 2: 271 والكامل لابن عدي 6: 1885 ومسند أحمد 4: 165 و 166 بسندين والمعرفة والتاريخ 1: 497 و 499 ومنحة المعبود 2: 147 والمصنف لابن أبي شيبة 12: 108 وأسد الغابة 3: 110 و 331 وينابيع المودة: 12 و 191 و 243 و 271 و 303 و 309 وروح المعاني 25: 32 وتفسير ابن كثير 6: 198 والدر المنثور 6: 7 والنهاية لابن الأثير 4: 146 والضعفاء للعقيلي 3: 148 ونثر الدرر للآبي 1: 340. (3) راجع السيرة الحلبية 1: 31 و 32 والسنن الكبرى للبيهقي 7: 6 بسندين وصحيح مسلم 4: 1782 وراجع ينابيع المودة: 11 وما بعدها و 190 و 243 والصواعق: 188 و 189 والكامل لابن عدي 5: 1885 ومجمع الزوائد 8: 215 و 216. (4) كنز العمال 13: 36 / 121 و 122 عن الخطيب والطبراني في الكبير، والمطالب العالية 4: 140 والجامع لأخلاق الرواي 1: 540. (5) كنز العمال 13: 34 و 35 عن الطبراني في الكبير والمستدرك للحاكم، وراجع ينابيع المودة: 192 و 277 و 308 ومجمع الزوائد 9: 170 و 171.
[550]
اختصهم بسهم ذوي القربى، ولما قال: وأنذر عشيرتك الأقربين (1) ". هذه الأحاديث قليل من كثير ما ورد في بني هاشم وسيأتي ما يدل عليه أيضا، وإذا أردت الوضوح التام فراجع ما قاله علي صلوات الله عليه في وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) مولدا ومنبتا. قال (عليه السلام): "... حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخرجه من أفضل المعادن منبتا وأعز الأرومات مغرسا من الشجرة التي صدع منها أنبياءه وانتخب منها أمناءه، عترته خير العتر وأسرته خير الأسر، وشجرته خير الشجر نبتت في حرم ؟ ؟ ؟ في كرم " (2). وقال (عليه السلام): " مستقره خير مستقر ومنبته أشرف منبت في معادن الكرامة ومماهد السلامة " (3). وقال: " أسرته خير أسرة وشجرته خير شجرة، أغصانها معتدله وثمارها متهدلة " (4). وقال (عليه السلام): " كلما نسخ الخلق فرقتين جعله في خيرهما لم يسهم فيه عاهر ولا ضرب فيه فاجر " (5). 2 - ما نزل في القرآن الكريم في وجوب مودة القربى ومحبتهم وصلة رحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصلة قرباه وذريته وقضاء حوائجهم وتكريمهم، والإحسان إليهم، ونطقت به ألسنة في أحاديث متواترة أو متظافرة:
(1) ينابيع المودة: 152 ط اسلامبول. (2) ينابيع المودة: 11 وراجع نهج البلاغة 2: 77 / الخطبة 159 ط عبده وراجع في شرحه بهج الصباغة 2: 183. (3) نهج البلاغة 1: 187 / الخطبة 94 وراجع شرحها في بهج الصباغة 2: 195. (4) بهج الصباغة 2: 214. (5) بهج الصباغة 2: 355 وراجع ينابيع المودة: 19 ومسند أحمد 1: 210.
[551]
قال سبحانه وتعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * (1). وقال سبحانه: * (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم (2) * وقال تعالى: * (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) * (3). فكانوا هم السبيل إلى الله تعالى والمسلك إلى رضوانه، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من مات على حب آل محمد مات شهيدا، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة. ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة " (4). والأحاديث في مودة أهل البيت ومحبتهم وقضاء حوائجهم كثيرة جدا
(1) الشورى: 23. (2) سبأ: 47. (3) الفرقان: 57 راجع التفاسير كمجمع البيان والدر المنثور والبرهان ونور الثقلين وكنز الدقائق والكشاف وتفسير الطبري وتفسير ابن كثير وروح المعاني وتفسير الرازي والقرطبي في تفسير الآيات الكريمة في " الأجر " و " المودة " و " القربى " كي تقف على المراد منها، وتطلع على ما ذكر في تفسيرها من الأحاديث الشريفة وراجع أيضا ما سيأتي من مصادر أحاديث الفضائل. (4) نقل هذا الحديث الزمخشري في الكشاف 4: 220 والرازي في تفسيره 27: 166 والقرطبي في تفسيره 16: 23 وراجع المراجعات: 59 / 10 قال: " أخرجها الإمام الثعلبي في تفسير آية المودة من تفسيره الكبير عن جرير بن عبد الله البجلي " وراجع الصواعق: 232 و 233 وينابيع المودة: 369.
[552]
لا يسعنا نقلها في هذه العجالة، فمن أراد الوقوف عليها فليراجع المصادر الآتية. 3 - وما ورد من الأحاديث الكثيرة جدا في أن ولد علي وفاطمة (عليهما السلام) هم أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن كل نبي ذريته من صلبه، وذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) من صلب علي وفاطمة (عليهما السلام) هو أبوهم وهو عصبتهم (1). 4 - وما ورد من الأحاديث المتواترة المتحدة المقصود من سوق المسلمين إلى أهل البيت (عليهم السلام) في تعلم الدين أصوله وفروعه وجميع شؤونه، وفي بيان القرآن الكريم: تأويله وتفسيره وأسراره ورموزه وحل مشاكله وغوامضه، كقوله (صلى الله عليه وآله): " إنما مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف غرق " (2) و " إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة بني إسرائيل من دخله غفر
(1) راجع الصواعق: 124 و 137 و 156 و 157 و 159 و 183 و 188 و 187 و 236 وينابيع المودة: 214 و 221 و 222 و 236 و 250 و 258 و 259 و 266 وكفاية الطالب: 235 و 237 وما بعدها و 284 و 285 و 309 والمطالب العالية 4: 72 ومجمع الزوائد 4: 224 والبحار 43: 228 و 230 وبحث حول ذلك و: 285 واسعاف الراغبين: 133 والفصول المهمة لابن الصباغ: 10 وراجع الحياة السياسية للامام الحسن (عليه السلام): 42 فإنه اخرج الأحاديث عن مصادر كثيرة، وراجع مسند فاطمة: 46 و 54 و 55 وفي ط: 53 و 59 و 60 و 68 والمنتقى: 90. ولا يخفى أن الأحاديث على ذلك صدرت في مواقف متعددة كثيرة بألفاظ متفاوته متحدة المرمى. (2) أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 150 و 151 والمراجعات: 52 والصواعق: 150 و 152 و 186 و 236 وراجع المصنف لابن أبي شيبة 12: 77 والمعجم الكبير للطبراني 12: 34 و 3 / 2638 و 2635 و 2636 وعيون الأخبار لابن قتيبة 1: 211 والكامل لابن عدي 4: 14 و 15 و 6: 2306 ومسند علي / 1384 والدر المنثور 1: 71 و 3: 334 وكنز العمال 2: 277 و 13: 81 و 82 و 85 ومجمع الزوائد 9: 168 وينابيع المودة: 27 و 308 ونفحات الأزهار (خلاصة عبقات الأنوار): 4 والمطالب العالية 4: 75 وأخبار القضاة لوكيع 3: 16 والسنة لابن أبي عاصم: 518 والبحار 23: 104 وما بعدها والفصول المهمة لابن الصباغ: 10 و 11 وينابيع المودة: 23 و 117 و 257 ونور الأبصار: 114 وإسعاف الراغبين: 111 وأسد الغابة 2: 11 ومجمع الزوائد 9: 168 و 169 والترمذي 5: 657 وراجع أحاديث العترة (المخطوط) عن جمع ممن تقدم وعن الجامع الصغير 2: 256 وصحيفة الرضا (عليه السلام) / 77 وكشف الاستار / 2613 - 2615. (*)
[553]
له " (1) و " في كل خلف عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " (2) و " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف " (3) وفي لفظ: " النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض " (4) وفي لفظ " النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي " (5). وقوله (صلى الله عليه وآله) في حديث متواتر بين الفريقين: " إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما " (6).
(1) المراجعات: 52 أخرجه عن الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد وقال: هو الحديث 18 و 25 من الاربعين للنبهاني: 216 والصواعق: 150 و 152 وراجع ينابيع المودة: 28. (2) الصواعق: 150 و 151 و 236 وينابيع المودة: 191. (3) الصواعق: 152 و 236 قال: صححها الحاكم على شرط الشيخين وراجع المطالب العالية 4: 72 و 74. (4) الصواعق: 152 و 136 وينابيع المودة: 19 عن احمد في المناقب وعن فرائد السمطين و: 188 و 191 و 192. (5) الصواعق: 187 و 235 وراجع ملحقات إحقاق الحق للعلامة المرعشي رحمه الله تعالى 7: 475 وغاية المرام: 274 الباب الخامس والستون والسادس والستون المقصد الاول وإثبات الهداة 1: 494 و 495 و 539 وكفاية الاثر: 29 و 171 وينابيع المودة: 19 و 20 و 191 و 371 ودلائل الصدق 2: 311 وراجع أحاديث العترة المخطوط عن صحيفة الرضا (عليه السلام) 67 وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 27 والمجروحين لأبن حبان 2: 236 والمستدرك للحاكم 3: 149 و 457 ومجمع الزوائد 9: 174 وكنز العمال 13: 83 و 88 و 227 و 462 و 495 - 497. (6) هذا الحديث ورد من طرق كثيرة بألفاظ مختلفة، وقد اتعب العلماء رضوان الله عليهم أنفسهم الشريفة في إثبات تواتره اللفظي أو المعنوي وفي بيان ما يستفاد منه. وفي بيان المراد من العترة صلوات الله عليهم، وأفرده جمع منهم بكتاب أو رسالة حققه سندا ودلالة في عقبات الأنوار، وذكره في نفحات =
[554]
5 - ما ورد في وجوب الصلاة عليهم قال سبحانه وتعالى: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * (1). هذه الآية الكريمة أوجبت الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، ولكن الأحاديث المروية
= الأزهار في المجلد الأول والثاني والثالث وما بعدها، وتكلم حوله في مقدمة جامع أحاديث الشيعة وأفرده العلامة المتتبع الشيخ قوام الدين القمي الوشنوي برسالة جمع فيها ألفاظ الحديث المختلفة وذكر أسانيده ومصادره وطبعت بالقاهرة. ونحن لا نطيل الكلام حوله وإنما نكتفي هنا بنقل ما قاله ابن حجر أحمد بن حجر المكي الهيتمي في صواعقه - الذي ألفه في الرد على الشيعة - قال: 150: " ثم اعلم أن الحديث التمسك (كذا) بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا، ومر له طرق في حادي عشر الشبة (: 42 قال هناك: انه حديث صحيح لا مرية فيه... ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وفي رواية أحمد: أنه سمعه من النبي (صلى الله عليه وسلم) ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع ايام خلافته كما مر، وسيأتي وكثير من إسنادها صحاح وحسان ولا التفات لمن قدح في صحته) وفي بعض تلك الطرق: انه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة وأخرى أنه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وفي أخرى أنه قال: لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر، ولا تنافي، إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة، ثم نقل قسما آخر من الأحاديث في التمسك بأهل البيت وقال: تنبيه: سمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) القرآن وعترته... ثقلين لأن الثقل كل نفيس خطير مصون، وهذان كذلك، إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية والأسرار والحكم العلية والاحكام الشرعية، ولذا حث (صلى الله عليه وسلم) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم... وقيل سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما... ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ". (1) وقال ابن حجر في: 230: " وذلك يدل أيضا على أن آله الذين أمرنا بالصلاة عليهم معه هم الذين حرم عليهم الصدقة ". راجع الصواعق: 146 - 148 و 230 و 233 والغدير 2: 302 - 304 وراجع المغني لابن قدامة 1: 579 - 581 والمحلى 3: 272 والمجموع شرح المهذب 2: 464 و 467 والمبسوط للسرخسي 1: 229 وراجع الخلاف للشيخ رحمه الله تعالى والتذكرة والمنتهى ومصباح الفقيه: 367 كتاب الصلاة. أقول: ولأجل هذه الأحاديث ولما روي عن أهل البيت (عليهم السلام) أوجب علماء الإمامية الصلاة على الآل في الصلاة، وأجمعوا على ذلك، وبه قال أحمد في إحدى الروايتين، وبعض الشافعية، وقال الشافعي بالاستحباب وقال البوسمي من أصحابه: هي واجبة، ولكن نقل عن الشافعي أيضا: يا آل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله كفاكم من عظيم القدر أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له وفي الغدير 2: 303 عن الشافعي: أن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة.
[555]
أوجبت الصلاة على الآل أيضا قال ابن حجر في صواعقه: 146: " صحح عن كعب بن عجرة قال: لما نزلت هذه الآية قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك ؟ فقال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلى آخره، فسؤالهم بعد نزول الآية وإجابتهم باللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلى آخره دليل على أن الصلاة على أهل بيته وبقية آله مراد من هذه الآية، وإلا لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقيب نزولها ولم يجابوا بما ذكر، فلما أجيبوا به دل على أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به وأنه (صلى الله عليه وسلم) أقامهم في ذلك مقام نفسه، لأن القصد من الصلاة عليه يزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم، ومن ثم لما أدخل من مر في الكساء قال: " اللهم إنهم مني وأنا منهم، فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم ". وقضية استجابة هذا الدعاء أن الله صلى عليهم معه، فحينئذ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم، ويروى: " لا تصلوا علي الصلاة البتراء فقالوا: وما الصلاة البتراء ؟ قال: تقولون: اللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " (1). أقول: لسنا هنا بصدد التحقيق حول الصلاة عليهم في الصلاة تكليفا ووضعا، وإنما المراد إلفات القارئ إلى الأحاديث الواردة في الصلاة عليهم فرضا أو نفلا، والذي يهمنا هو أن الحث على الصلاة عليهم لأجل تعظيم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحسب، أو لأجل أنهم أحد الثقلين، وولاة الأمر وأمناء الله على حلاله وحرامه وخلفائه في أرضه وبلاده. 6 - ما روي في حديث صحيح متواتر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " يكون بعدي اثنا عشر أميرا " أو " خليفة " أو " لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة " أو " إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش أو من
(1) راجع في الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) وكيفيتها: تاريخ اصبهان لابي نعيم 1: 131. (2) أخرجه علماء الاسلام على اختلاف ألفاظه في كتبهم: أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما والترمذي وأبو داود في سننهما وأحمد في مسنده بطريق كثيرة، ورواه في تيسير الوصول ومنتخب كنز
[556]
بني هاشم " أو " الخلفاء بعدي اثنا عشر " أو " الأئمة بعدي اثنا عشر " (1) وعلى أي
(1) أخرجه علماء الاسلام على اختلاف ألفاظه في كتبهم: أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما والترمذي وأبو داود في سننهما وأحمد في مسنده بطرق كثيرة، ورواه في تيسير الوصول ومنتخب كنز العمال وتأريخ بغداد للخطيب وتأريخ الخلفاء للسيوطي وينابيع المودة والمستدرك للحاكم نقلوه عن جابر بن سمرة وجحيفة وعبد الله بن عمر وابن مسعود وعائشة (كما نقله في منتخب الأثر: 10 وبعدها) وراجع أيضا أخبار القضاة للوكيع 3: 16 وكتاب السنة لابن ابي عاصم: 518 والصراط المستقيم 2: 98 وما بعدها والصواعق: 20 و 189 وراجع البحار 36: 226 وما بعدها وإثبات الهداة 1: 433 وما بعدها فإنهما جمعا الحديث بألفاظه المختلفة من طرق الفريقين بما ينيف على اربعمائة حديث، وراجع مسند أحمد 1: 398 و 406 و 5: 86 - 88 و 90 و 92 بأسانيد و: 93 و 94 و 97 و 98 بأسانيد و: 99 - و 101 بسندين و: 106 بسندين و: 107 و 108 بأسانيد. قال ابن حجر في الصواعق: 20 صدر هذا الحديث - أي ما رواه عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " يكون خلفي اثنا عشر خليفة " (وزاد: أبو بكر لا يلبث إلا قليلا) - مجمع على صحته وارد من طرق عدة أخرجه الشيخان وغيرهما، ثم نقل ألفاظ الحديث وشرع في تأويله كما هو دأبه. تكلم في تحقيقه وتطبيقه على مذهب الامامية في منتخب الأثر: 14 وما بعده، وقال القندوزي في ينابيع المودة بعد نقل الحديث (: 444 - 447): قال بعض المحققين: " إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (صلى الله عليه وسلم) اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أن مراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حديثه هذا الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: كلهم من بني هاشم في رواية عبد الملك عن جابر، وإخفاء صوته (صلى الله عليه وسلم) في هذا القول يرجح هذه الرواية، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم، ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية، لزيادتهم على العدد المذكورة، ولقلة رعايتهم الآية: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * وحديث الكساء، فلابد أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته (صلى الله عليه وسلم) لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلهم وأورعهم وأتقاهم وأعلاهم نسبا وأفضلهم حسبا وأكرمهم عند الله، وكان علومهم عن آبائهم متصلا بجدهم ". أقول: أخرج في إثبات الهداة 1: 433 وما بعدها قريبا من ثلاثمائة حديث في أنهم من ولد فاطمة وعلي (عليهما السلام) أولهم علي ثم الحسن ثم الحسين ثم تسعة من ولد الحسين (عليه السلام)، ونقل قريبا من مائة حديث في ذكر الأئمة (عليهم السلام) بأسمائهم. وراجع ملحقات إحقاق الحق 8: 216 و 13: 1 - 74 عن جمع كثير من أهل السنة وراجع غاية المرام: 191 فإنه نقل 58 حديثا من أهل السنة و 50 حديثا من طرق الخاصة وراجع دلائل الصدق 1: 485 فإنه استدل به من وجوه وراجع صحيح مسلم 3: 1452 و 1453 و 1476 وتاريخ إصبهان 2: 176.
[557]
حال يخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه بأن خلفاءه الذين يقومون مقامه ويخلفونه في جميع شؤونه اثنا عشر رجلا، وبذلك يشير إلى ما تقدم من قوله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي " ويفسره بأن عدة هؤلاء اثنا عشر رجلا من عترته الذين هم سفينة نوح، وهم باب حطة بني إسرائيل وهم الأمان من الاختلاف، وهم القربى الذين تجب مودتهم، وهم الذين أمر الله بصلتهم، وهم الذين ينفون عن الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين، وهم الذين أوجب الله الصلاة عليهم في صلاتنا، إلى غير ذلك من الأحاديث المصرحة أو المشيرة بما لهؤلاء الأنجم الزاهرة، والأعلام اللائحة من الفضائل والمقامات عند الله تعالى. هذا مضافا إلى ما في حديث أن الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثنا عشر من التصريح بهم إذ أنه (صلى الله عليه وآله) قال للحسين (عليه السلام): " أنت سيد ابن سيد أخو سيد، وأنت حجة ابن حجة وأخو حجة، وانت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم " (1). وقال: " يا فاطمة فإنه الإمام وأبو الأئمة، تسعة من صلبه أئمة أبرار، والتاسع قائمهم " (2). وعن الحسن (عليه السلام) في حديث قال: " لقد حدثني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من أهل بيته وصفوته " (3). إلى غير ذلك مما في إثبات الهداة أو البحار 36. وأضف إلى ذلك ما ورد فيهم من الآيات الكريمة عدا ما تقدم - من آيتي مودة القربى، وآية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) - فإن المفسرين والمحدثين ذكروا الآيات
(1) سيأتي ذكر مصادره قريبا. (2) إثبات الهداة 1: 596 عن الكفاية. (3) إثبات الهداة 1: 590 عن الكفاية.
[558]
النازلة فيهم، ونقلوا الأحاديث الكثيرة المروية في تفاسيرها (1): كقوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (2). وقوله تعالى: * (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * (3). وقوله سبحانه: * (... وكونوا مع الصادقين) * (4). وقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (5). وقوله تعالى: * (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) * (6).
(1) راجع الصواعق: 143 وما بعدها والمراجعات: 62 وما بعدها وملحقات إحقاق الحق 2 و 3 و 9 و 14 وغاية المرام المقصد الثاني، والصراط المستقيم 1: 180 و 182 و 184 و 188 و 249 ودلائل الصدق 1: 73 وما بعدها ونهج الحق: 272 وما بعدها وكفاية الطالب: 12 ونور الأبصار: 111 وينابيع المودة: 92 وما بعدها و 212 و 245 و 247 و 294 وما بعدها و 190 و 87 و 138 و 43 ومقاتل الطالبيين: 33 وأمالي الشيخ الطوسي (رحمهم الله) 169 وشواهد التنزيل للحسكاني والبحار 35: 206 وما بعدها والنور المشتعل لابي نعيم وخصائص الوحي المبين لابن بطريق والإصابة 4: 378 والمنتقى: 89. (2) الأحزاب: 35 وردت أحاديث متواترة بين علماء الإسلام في تفسير الآية، راجع الدر المنثور في تفسير الآية، وقد استقصى في ذكر المصادر العلامة المتتبع المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه القيم " أهل البيت في آية التطهير ": 36 وما بعدها وراجع التفاسير في تفسير الآية والكتب المتقدمة، وراجع أسد الغابة 2: 12 و 20 و 4: 29 و 5: 174 و 521 و 589 والسنة لابن أبي عاصم: 589 ومجمع الزوائد 9: 119 - 121 و 166 - 169 و 4: 91 و 7: 19 والمطالب العالية 3: 360 والترمذي 5: 699 و 351 و 352 و 663 ومسلم 4: 1883 ومسند فاطمة: 68 و 70 و 71 ومسند أحمد 6: 292 و 296 و 298 و 304 و 305 و 323 وتاريخ إصبهان 2: 153. (3) آل عمران: 61. (4) التوبة: 119. (5) النساء: 59. (6) الرعد: 7.
[559]
وقوله تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (1). وقوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) * (2). إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة (3).
(1) المائدة: 55. (2) المائدة: 67 نزلت في غدير خم في قصة مشهورة تقدم ذكرها آنفا وإن شئت التفصيل فعليك بكتاب " الغدير " للعلامة الأميني رحمه الله تعالى. (3) اعلم ان الأحاديث في فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومناقبهم وولايتهم وبيان شؤونهم وخلافتهم، وكونهم وراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علمه وولايته وسائر شؤونه الإلهية، وكذلك الآيات النازلة فيهم كثيرة لا يمكن نقلها هنا ولا الايعاز إليها، فمن أراد الوقوف فعليه بمراجعة الكتب المعدة لذلك: كالصواعق لابن حجر والخصائص للنسائي والفضائل لأحمد والنور المشتعل لأبي نعيم وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 166 وما بعدها وشواهد التنزيل للحسكاني والعمدة لابن بطريق والخصائص له أيضا وينابيع المودة للقندوزي وكفاية الطالب للگنجي الشافعي والاتحاف بحب الأشراف وأسنى المطالب للجزري الشافعي والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري و.... وراجع أيضا البخاري 5: 2 وما بعدها والتاج 3: 330 و 353 وعمدة القاري 16: 214 و 239 و 249 ومجمع الزوائد 9: 100 - 138 و 169 - 219 وكنز العمال 12: 200 وما بعدها و 13: 34 و 81 و 85 وما بعدها و 91 - 114 وصحيح مسلم 4: 1870 - 1902 وفتح الباري 7: 70 - 74 و 77 و 79 و 98 و 99 و 105 وراجع ابن ماجة 1: 42 و 50 و 51 والمستدرك للحاكم 3: 107 و 146 - 180 والمصنف لابن ابي شيبة 12: 77 والمعجم الكبير للطبراني 8: 37 و 12: 34 والدر المنثور 1: 71 و 3: 336 والكامل لابن عدي 4: 1514 و 2406 والمطالب العالية 4: 74 وراجع عبقات الأنوار ونفحات الأزهار والطرائف للسيد ابن طاووس والغدير والبحار 23 و 24 و 28 و 36 و 37 و 38 - 40 وملحقات إحقاق الحق إلى ذلك من كتب الفريقين. أقول: قال أحمد وإسماعيل القاضي والنسائي وابو علي النيسابوري: " لم يرد في حق احد من الصحابة بالأسانيد الحسان أكثر ما جاء في علي " راجع الصواعق: 120 وينابيع المودة: 121 و 275 و 279 والمراجعات: 198 والمستدرك للحاكم 3: 107 وبهامشه تلخيصه للذهبي وراجع كلاما آخر لأحمد راجع ينابيع المودة: 287 وراجع طبقات الحنابلة لابن ابي يعلى 2: 120 ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: 163.
[560]
7 - وما ورد في أن محاربتهم محاربة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومسالمتهم مسالمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال (صلى الله عليه وآله): " أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، وعدو لمن عاداهم " و " أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم ". وقال (صلى الله عليه وآله): " من أحب هؤلاء فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني " يعني الحسن والحسين وفاطمة وعلي (عليهم السلام) (1). عن أبي سعيد قال: " لما دخل علي بفاطمة جاء النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين صباحا على بابها فيقول: " أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم " (2). 8 - أضف إلى ما ذكر ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل واحد واحد منهم (عليهم السلام) سيما في أمير المؤمنين (عليه السلام) ونكتفي فيه أيضا بالإشارة، فإن ذكر جميعها في هذه العجالة غير ميسور: كقوله (صلى الله عليه وآله): " فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني " و " فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها ويبسطني ما يبسطها.. " و " فاطمة بضعة مني يسرني ما يسرها " (3).
(1) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم كما في مسند فاطمة للسيوطي: 44 / 74 و 169 (عن أحمد والطبراني والمستدرك للحاكم عن أبي هريرة) وراجع تأريخ بغداد للخطيب 7: 137 والمعجم الكبير للطبراني 3 / 2619 - 2621 و 5 / 503 و 531 والكامل لابن عدي 2: 516 ومسند احمد 2: 442 وكنز العمال 12: 84 و 16: 252 وتيسير المطالب: 110 ومجمع الزوائد 9: 169 والمستدرك للحاكم 3: 149 والترمذي 13: 248 (وفي ط 5: 699) وابن ماجة 1: 52 وأسد الغابة 5: 522 والإصابة 4: 378 وينابيع المودة: 35 و 108 و 173 و 194 والصواعق: 144 و 187 وابن أبي شيبة 12: 97 وراجع الغدير 4: 322 وملحقات احقاق الحق 9: 161 - 164 و 18: 411 والفصول المهمه لابن الصباغ: 11 وكفاية المطالب: 188 و 189 ومسند أحمد 2: 442 ومسند فاطمة: 44 (عن أحمد والطبراني والمستدرك) وفي ط: 52 و 70 (عن ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة والطبراني والمستدرك والضياء المختارة وابن حبان). (2) المنتقى: 19. (3) هذا الحديث متواتر بين الفريقين، وقد تعرض لنقله على اختلاف ألفاظه وتحقيقه العلامة الأميني = (*)
[561]
وقوله (صلى الله عليه وآله): " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " و " ابناي هذان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما " (1) و " من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني " (2) و " الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا " (3).
= رحمه الله تعالى في الغدير 7: 231 - 236 وراجع الصواعق: 188 و 190 و 232 وينابيع المودة: 171 - 174 و 198 وصحيح مسلم 4: 1903 و 1904 والبخاري 5: 36 و 7: 47 والذرية الطاهرة للدولابي: 168 والإصابة 4: 378 وأسد الغابة 5: 52 ونثر الدرر للآبي 1: 232 و 243 والمطالب العالية 4: 68 والترمذي 5: 698 و 699 وابن ماجه 1: 44 والتاج 3: 353 وراجع النهاية لابن الأثير في " بسط " و " بضع " و " ريب " و " سعف " و " قبض " و " نصب " وكفاية الطالب: 236 ومسند فاطمة: 50 و 53 وفي ط: 55 و 56 و 58 و 59 و 74 و 77 وراجع البحار 43: 19 و 23 عن مجالس المفيد وأمالي الشيخ و: 25 عن القمي و: 26 عن معاني الأخبار و: 39 عن المناقب وكذا: 42 و 44 و: 53 عن كشف الغمة وكذا: 54 و 76 و 171 عن دلائل الامامة و: 199 عن سليم و: 202 عن علل الشرائع و: 204 وراجع الغدير 3: 180 حول حديث " أن الله يغضب لغضبك " و 7: 174 و 231 ومسند أحمد 4: 5 و 323 و 326 و 328 و 332 ومسلم 4: 1903 والمنتقى 19: 84 و 85. (1) هذا الحديث على اختلاف ألفاظ روايته متواتر من طريقين لا مرية فيه ولا يحتاج إلى ذكر مصادره. راجع الصواعق: 137 و 188 و 192 و 232 وينابيع المودة: 136 و 137 و 138 و 148 و 151 و 177 و 184 و 185 وكفاية الطالب للگنجي الشافعي: 198 و 199 والفصول المهمة لابن الصباغ: 159 (عن أبي سعيد وحذيفة وابن عمر ومالك بن الحويرث وعمر وعلي وجابر وأبي هريرة وأسامة والبراء وابن مسعود) وراجع الحياة السياسية للامام الحسن (عليه السلام) للعلامة السيد جعفر مرتضى: 12 - 15 وراجع ابن ماجة 1: 44 والطبقات لابن سعد ترجمة الامام الحسن (عليه السلام) تحقيق العلامة الطباطبائي: 48 - 50 وأسد الغابة 2: 11 و 1: 311 ومجمع الزوائد 9: 178 و 182 - 184 و 201 و 203 والبحار 43: 21 عن أمالي الصدوق رحمه الله تعالى و: 265 و 292 و 300 والترمذي 5: 656 وابن ماجة 11: 44 والتاج 3: 359 وكفاية الطالب: 275 ومسند فاطمة: 54 ومسند أحمد 3: 30 و 62 و 64 و 82 و 5: 392. (2) الصواعق: 192 والحياة السياسية للامام الحسن (عليه السلام): 12. (3) الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام): 47. أقول: نقل في البحار 43: 291 عن المناقب لابن شهر اشوب: " اجتمع أهل القبلة على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا " ونقل هذا المعنى بألفاظ متفاوتة راجع البحار 43: 265 و 278 و 37: 7 و 216 و 36: 289 و 319 و 35: 266 و 21: 279 و 16: 307 وراجع حياة الحسن 1: 42 وصلح الحسن: 52 وإثبات الهداة 1: 654.
[562]
وقوله (صلى الله عليه وآله) في الإمام الحسين (عليه السلام): " وهو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الأمة، أمره أمري، وقوله قولي، من تبعه فإنه مني، ومن عصاه فإنه ليس مني " (1). وقوله (صلى الله عليه وآله) في الإمام الحسين (عليه السلام): " أنت سيد ابن سيد أخو سيد، وأنت حجة ابن حجة أخو حجة، وأنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم " (2)، و " إنه الإمام ابن الإمام، تسعة من صلبه أئمة أبرار أمناء معصومون، والتاسع قائمهم ". 9 - وأضف إلى ذلك ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) في ولاية علي (عليه السلام) طيلة حياته في المواقف الكثيرة: قال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) يوم الدار حين نزل قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * (3) فأمر (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) أن يصنع طعاما فقال: فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، فقال لهم..... بعد أن أكلوا وشربوا: أيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي، فأحجم القوم، فقال علي: أنا يا رسول الله.... إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك " (4).
(1) الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام): 12 عن فرائد السمطين 2: 35 وأمالي الصدوق: 101. (2) الحياة السياسية: 12 عن ابن تيمية في منهاجه 4: 209 وينابيع المودة: 168 وإثبات الهداة 1: 129. أقول: روي هذا الحديث عن سلمان وأبي سعيد وجابر بن عبد الله وزيد بن ثابت. راجع إثبات الهداة: 443 و 473 و 506 و 577 و 654 و 674 و 709 و 714 و 734 عن سلمان الفارسي و: 573 و 576 عن أبي سعيد و: 578 عن جابر و: 581 عن أبي هريرة و: 583 عن زيد بن ثابت و: 597 عن فاطمة (عليها السلام) و: 594 و 604 عن الحسين (عليه السلام) و: 648 و 654 و 673 و 698 و 709 و 714 و 734 و 799 عن سلمان أو رواه مرسلا. (3) الشعراء: 214. (4) نحن نقلناه هنا ملخصا بذكر مورد الحاجة، ونقله الطبري في تأريخه بطوله راجع 2: 320 ونقله في =
[563]
هذا هو مقام الولاية على الأمة الذي جعله لعلي (عليه السلام) من وجوب الطاعة من قبل الله تعالى، ونعم ما فهمه القوم من مقصوده (صلى الله عليه وآله) وإن كفروا ورفضوه بعد العلم. وقال (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير عند رجوعه من حجة الوداع (حين جمع الناس وخطبهم) فقال: " ألست أولى بكم من أنفسكم - وهم يجيبونه بالتصديق والاعتراف ثم رفع يد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار " (1).
= تفسيره 19: 74 و 75 ولكنه حرفه ونقله: " على أن يكون أخي وكذا وكذا... إن هذا أخي وكذا وكذا " ولكنه نقل بعد ذلك قوله (صلى الله عليه وآله): " فاسمعوا له وأطيعوا... " وتبعه في التحريف في البداية والنهاية 3: 39 ونقله الذهبي في تاريخه 1: 144 ولكنه نقله مبتورا وراجع حياة محمد لهيكل 104: ط 1 وإن أسقطوا عنه بعد، وسيرة ابي الفداء 1: 224 والسيرة الحلبية 1: 322 وسيرة دحلان 1: 196 هامش الحلبية ومراح لبيد للنووي 2: 118 وتفسير خازن 3: 127 وابن أبي الحديد 13: 211 ومعالم التنزيل للبغوي 2: 341 وتفسير ابن كثير 3: 351 وتاريخ دمشق لابن عساكر 1: 87 من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وكنز العمال 15: 115 والصراط المستقيم 1: 329 والغدير 2: 282 الى غير ذلك وكلهم رووه عن علي (عليه السلام)، ورواه أيضا أبو بكر وأبو رافع وقيس بن سعد بن عبادة وابن عباس والبراء بن عازب، وقد أفردناه برسالة، وذكر فيها ما حول الحديث من الكلام وراجع كتاب " يوم الدار للرفاعي: 80 ". (1) الصواعق: 42 و 43 قال: " إنه حديث صحيح لا مرية فيه " وقد أخرجه جماعة وراجع منه: 122 و 150 وأسد الغابة 3: 92 و 93 و 114 و 4: 27 و 28 و 5: 6 و 205 و 208 و 276 و 383 و 2: 233 و 1: 38 و 367 و 368 والمستدرك للحاكم 3: 109 و 110 والجمهرة للكلبي: 639 والسنة لابن أبي عاصم: 590 - 596 ومجمع الزوائد 9: 103 و 107 و 164 والمطالب العالية 4: 59 و 60 و 65 والذرية الطاهرة للدولابي: 168 وفتح الباري 7: 61 والترمذي 5: 632 وابن ماجة 1: 43 و 45 وراجع صحيفة الرضا (عليه السلام) / 109 ومشكل الآثار للطحاوي 2: 307 ومسند علي 605 و 608 و 809 والمصنف لابن ابي شيبة 12: 78 وتأريخ واسط لبحتال: 154 والمعجم الكبير 2: 409 و 4: 20 و 5: 185 و 186 و 191 و 192 و 199 و 217 و 220 و 221 و 229 و 231 و 241 والكامل لابن عدي 3: 948 و 1106 و 1327 و 1773 و 6: 1691 و 2349 و 2378 و 2408 و 3102 والصراط المستقيم للبياضي 1: 298 وما بعدها ومسند أحمد 1: 152 و 331 و 4: 281 و 367 و 368 و 370 و 372 بأسانيد وتاريخ اصبهان 1: 107 و 126 و 235 راجع المراجعات: 201 وما بعدها ودلائل الصدق 2: 50 وما بعدها وراجع عبقات الأنوار ونفحات الأزهار (في خلاصة العبقات) 6 - 9 وسفينة البحار في " غدير " قال: ذكر الشيخ ابن =
[564]
وقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) في مواقف مختلفة: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (1). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنت ولي كل مؤمن بعدي " (2). وقال (صلى الله عليه وآله) لبريدة: " لا تقع في علي، فانه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي " (3). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " الحق مع علي وعلي مع الحق لن يفترقا حتى يردا علي
= كثير الشامي الشافعي عند ذكر أحوال محمد بن جرير الطبري: " إني رأيت كتابا فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين، وكتابا جمع فيه طرق حديث الطير (راجع البداية والنهاية 5: 208 وفي ينابيع المودة: 36: " حكى العلامة علي بن موسى وعلي بن محمد الجويني الملقب بإمام الحرمين أستاذ أبي حامد الغزالي يتعجب ويقول: رأيت مجلدا في بغداد في يد صحاف فيه روايات خبر غدير خم مكتوبا عليه: المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، ويتلوه المجلدة التاسعة والعشرون " وراجع البحار 37: 108 - 253 وراجع الكتاب القيم الغدير 1 فإنه رضوان الله عليه أفاد وأجاد في جميع شؤون الحديث سندا ومتنا وذكر: 152 - 159 المؤلفين في الغدير وأنهاهم إلى ست وعشرين من العامة والخاصة. (1) راجع البحار 37: 254 - 289 والمراجعات: 153 ودلائل الصدق: 251 والصواعق: 49 و 120 و 121 والصراط المستقيم: 316 ومجمع الزوائد 9: 109 - 111 و 120 وابن ماجة 1: 43 و 45 والترمذي 5: 638 و 641 ومسند الحميري 1: 38 / 71 والتاج 3: 332 و 333 وصحيح مسلم 4: 1870 و 1871 والبخاري 6: 3 و 5: 24 وفتح الباري 7: 60 وعمدة القاري 16: 214 و 218 وراجع أسد الغابة 4: 26 و 27 و 5: 8 والسنة لابن ابي عاصم: 55 والمطالب العالية 4: 297 والغدير 3: 99 وما بعدها و: 22 و 7: 177 وراجع مسند أحمد 1: 170 و 173 و 175 بسندين و: 177 و 179 و 182 و 184 و 185 و 331 و 3: 32 و 338 و 6: 369 و 438 وينابيع المودة: 49 و 57 و 88 و 114 و 129 و 130 و 134 و 142 و 182 و 185 و 204 ومسند فاطمة: 43 وفي ط: 45 و 65 وتاريخ إصبهان 1: 80. (2) المراجعات: 171 وراجع الصواعق: 124 وأسد الغابة 4: 27 والتاج 3: 335 والغدير 3: 196 و 215 وما بعدها، فانه حقق حول الحديث ورد على ابن تيمية وراجع ينابيع المودة: 184. (3) المراجعات: 173 ودلائل الصدق 2: 271 ومجمع الزوائد 9: 128 والترمذي 5: 633 والتاج 3: 235 وينابيع المودة: 54 و 55 و 206 والمستدرك 3: 110 و 111 وقال: " هذا حديث صحيح " وراجع أسد الغابة 4: 27 والسنة لابن أبي عاصم: 550 وابن حبان 3: 2203 وراجع الغدير 3: 215 ومسند أحمد 4: 437 و 5: 356.
[565]
الحوض " (1) و " علي مع القرآن والقرآن مع علي " (2). وقال (صلى الله عليه وآله): " من أحب أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة الخلد الذي وعدني ربي عز وجل غرس قضبانها بيده فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة " (3). وأمر (صلى الله عليه وآله) أصحابه أن يسلموا على علي بإمرة المؤمنين " (4). وقال (صلى الله عليه وآله): " من أطاع عليا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني " (5). وقال (صلى الله عليه وآله): " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني " (6) قاله لعلي (عليه السلام). 10 - طوائف من الأحاديث التي جعلت حب علي (عليه السلام) إيمانا وبغضه كفرا ونفاقا أو جعلت حبه (عليه السلام) علامة إيمان وبغضه علامة كفر ونفاق، ومن أجل ذلك روي أن عمر بن الخطاب حكم بنفاق رجل يسب عليا (عليه السلام) (7). وهناك طوائف أخرى جعلت حبه (عليه السلام) علامة طيب الولادة وبغضه علامة
(1) راجع البحار 38: 26 - 40 رواه من طرق كثيرة من العامة والخاصة بألفاظ مختلفة، وراجع ينابيع المودة: 90 و 91 و 185 والمطالب العالية 4: 66 والغدير 3: 177 و 178 و 180 ودلائل الصدق 2: 302 والصراط المستقيم 1: 298 ومجمع الزوائد 9: 134 و 4: 235 والصواعق: 124 و 126 وفي المستدرك 3: 123 " رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار ". (2) المصدر السابق. (3) مجمع الزوائد 9: 108 وينابيع المودة: 126 عن الحلية و: 127 عن الحمويني وموفق بن أحمد والخوارزمي وأحمد والمراجعات: 55 و 192 عن مصادر كثيرة والمستدرك للحاكم 3: 128. وقال: " هذا حديث صحيح " وكنز العمال 13: 89 وراجع المعجم الكبير للطبراني 5: 220. (4) راجع البحار 7: 290 - 340 و 29: 550 وراجع الغدير 3: 176 - 180. (5) المستدرك للحاكم 3: 121 و 128 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد وقال الذهبي في تلخيصه: " صحيح ". (6) المستدرك للحاكم 3: 128 قال: " حديث صحيح الاسناد ". (7) الغدير 3: 186 عن تأريخ بغداد للخطيب 7: 453 والكامل لابن عدي 1: 301.
[566]
كونه ولد زنا أو حيض (1). لفظ الحديث مختلف ونكتفي هنا بنقل بعض الألفاظ: " لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق " و " بحبك يعرف المؤمنون، وببغضك يعرف المنافقون " و " لا يبغض عليا مؤمن، ولا يحبه منافق " و " يا علي لا يبغضك من الرجال إلا منافق، أو من حملته أمه وهي حائض " و " يا علي لا يحبك إلا من طابت ولادته، ولا يبغضك إلا من خبثت ولادته " و " حبك إيمان وبغضك كفر " وعن علي (عليه السلام): " أنه عهد النبي الأمي (صلى الله عليه وآله) أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق " وأخرج الحافظ الطبري في كتاب الولاية بإسناده عن علي (عليه السلام) أنه قال: " لا يحبني ثلاثة: ولد الزنا، ومنافق، ورجل حملت به أمه في بعض حيضها " و " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي الأمي، أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق ". هذه الأحاديث الشريفة بيان لأمر دقيق واقعي وأثرت أثرا عميقا في الصحابة الكرام حتى أنهم جعلوا حب علي (عليه السلام) وبغضه آية قاطعة في معرفة الرجال
(1) روي هذين المضمونين بألفاظ مختلفة راجع الغدير 1: 159 - 163 و 3: 182 - 186 و 4: 322 - 324 (نقله عن جمع كثير من العامة) وراجع الغارات للثقفي: 520 والسنة لابن أبي عاصم 2: 583 و 584 و 597 وابن ابي الحديد 4: 83 و 110 و 1: 10 و 364 وصحيح مسلم 1: 86 ومسند زيد: 405 والترمذي 5: 633 و 635 والنسائي 8: 115 - 117 وينابيع المودة 48: 181 و 213 و 246 وابن ماجة 1: 42 ومسند أبي يعلى 1: 445 ومسند الحميدي 1: 31 ومسند علي / 30 و 36 و 39 و 40 و 52 وربيع الأبرار 1: 488 ومصابيح السنة 2: 199 والمصنف لابن أبي شيبة 12: 56 و 77 ومسند أحمد 1: 84 و 95 و 128 و 6: 292 وطبقات الحنابلة 1: 330 وكنز العمال 15: 105 و 157 و 12: 200 و 219 و 267 والأمالي للمفيد (رحمهم الله): 307 والمحاسن والمساوئ للبيهقي 1: 63 ومجمع الزوائد 9: 133 والصواعق: 122 و 173 والفردوس للديلمي 5 / 8313 وأسد الغابة 4: 26 و 30 والتاج 3: 335 وفتح الباري 7: 58 وراجع النهاية لابن الأثير واللسان في " بور " و " نكس " و " نتش " و " الوجه " و " ذعذع " و " خيعامة " و " نبير " وراجع تيسير المطالب: 47 والبحار 39: 253 و 255 و 256 و 262 و 264 و 265 - 267 و 280 و 286 و 292 و 294 - و 296 و 300 و 301 و 310.
[567]
إيمانا ونفاقا بل جعلوه ميزانا دقيقا في معرفة الأطفال في طيب ولادتهم وشاع ذلك وذاع بينهم ونقل ذلك عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وأبي ذر الغفاري وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمر وعمر بن الخطاب، فجعلوه إطارا دقيقا في معرفة المؤمن والمنافق، ومعرفة من طابت ولادته أو خبثت حتى قالوا: " إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب " أو " والله ما كنا نعرف منافقينا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ببغضهم عليا " وقالوا " كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب " أو " فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير رشده " حتى قال جابر: " أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نعرض أولادنا على حب علي بن أبي طالب " وكان يدور في سكك الانصار في مجالسهم ويقول: " يا معشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي (عليه السلام) فمن أبى فانظروا في شأن أمه " وقال أبو أيوب الأنصاري: " اعرضوا حب علي على أولادكم فمن أحبه فهو منكم، ومن لم يحبه فاسألوا من أين جاءت به " (1).
(1) راجع ابن أبي الحديد 4: 83 ومسند زيد: 405 والترمذي 5: 635 وتيسير المطالب: 49 و 74 وأسد الغابة 40: 30 ومجمع الزوائد 9: 133 وراجع النهاية لابن الأثير وأقرب الموارد ولسان العرب وتاج العروس في: " بور " و " خيعم " و " ذعذع " و " قيل " و " نتش " و " يفع " و " حيس " و " حدب " و " وحبه " و " عور " و " نكس " وراجع كنز العمال 15: 92 و 93 والبحار 39: 263 و 270 و 293 و 295 و 296 و 300 - 304 و 38: 7 وراجع الغدير 3: 182: أخرج الحديث وبحث حوله بحثا ضافيا رواه عن الخطيب في المتفق والمحب الطبري في الرياض 2: 215 والجزري في أسنى المطالب: 8 عن أبي ذر الغفاري، وحكى عن الحاكم تصحيحه وروى عن الترمذي وحلية الأولياء 6: 295 والفصول المهمة: 126 ومطالب السؤول ص 17 والصواعق عن 73 عن ابي سعيد الخدري وروى عن أحمد في المناقب والاستيعاب 3: 46 هامش الإصابة ومحب الدين في الرياض 2: 214 ومجمع الزوائد 9: 132 عن جابر بن عبد الله الأنصاري وروي: 183 عن أسنى المطالب: 8 عن أبي سعيد محمد بن الهيثم وروي عن التذكرة للسبط ابن الجوزي عن أبي الدرداء، وقد بحث حوله في الغدير 4: 322 ورواه عن أسنى المطالب: 8 وابن أبي الحديد 1: 373 (ط مصر) عن أبي سعيد وعن الحافظ الحسن بن علي العدوي عن جابر وعن ابن مردويه عن أنس. أقول: هذا المطلب مما لا مرية فيه لأجل كثرة الأحاديث وصحتها عند أهله.
[568]
لا يخفى أن ما ذكرنا من الآيات والأحاديث في أهل البيت (عليهم السلام) قليل من كثير بل قطرة من بحار الآيات والأخبار الواردة فيهم (عليهم السلام) قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم، وأوصى بهم، وأمر الأمة بمراعاتهم ومودتهم وطاعتهم وأخذ العلوم منهم، وأنهم أولو الأمر الذين أوجب الله طاعتهم وولايتهم. 11 - وهنا طوائف كثيرة من الأحاديث الحاكية لعمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تكريمهم وتعظيمهم في مرءى من الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم، لكي يشاهدوا بأبصارهم ما سمعوه بآذانهم وللرؤية أثر ليس للسماع، وهم شاهدوا كل ذلك ونقلوه ونحن نشير إلى بعضها: أ: كان (صلى الله عليه وآله) إذا أراد سفرا يخرج من بيت فاطمة (عليها السلام). ب: كان (صلى الله عليه وآله) إذا رجع من سفره يدخل أولا بيت فاطمة (عليها السلام) ويقبله ثم يدخل على أزواجه. ج: كان (صلى الله عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة (عليها السلام)، يقبل نحرها ويدها ووجهها وصدرها حتى أنه (صلى الله عليه وآله) في كل ليلة قبل أن ينام يأتي لبيت فاطمة (عليها السلام) ويقبل عرض وجهها وبين ثدييها أو يضع وجهه الشريف بين ثدييها حتى اعترضت عائشة. د: وكان (صلى الله عليه وآله) إذا دخلت فاطمة قام لها وقبلها وقبل يدها (1). ه‍: كان (صلى الله عليه وآله) يقبل الحسن والحسين ويضمهما إليه. و: كان (صلى الله عليه وآله) يحملهما على عاتقه الشريف أو على وركه ويقول لهما: " نعم الجمل جملكما " (2).
(1) راجع البحار 43: 6 و 40 و 42 و 78 و 83 و 86 و 89 وينابيع المودة: 197 و 198 و 200 والاستيعاب هامش الاصابة 4: 376 و 377 وأسد الغابة 5: 523 ومجمع الزوائد 9: 202 ومسند فاطمة: 2 وفي ط: 41 و 43 و 75 وراجع المنتقى: 14 و 15 و 41 و 93 ومقتل الحسين للخوارزمي: 66. (2) راجع الفصول المهمة: 158 والاصابة 1: 329 و 330 وأسد الغابة 2: 12 ومجمع الزوائد 9: 179 =
[569]
ز: كان (صلى الله عليه وآله) يطيل سجوده لأجل أنهما يثبان على ظهره ويركبانه (1). ح: دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يخطب، فكانا يمشيان ويعثران، فقطع خطبته ونزل وأخذهما وحملهما معه على المنبر قائلا صدق الله رسوله: * (إنما أموالكم واولادكم فتنة) * نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما (2). ط: كان له (صلى الله عليه وآله) في زواج علي وفاطمة (عليهما السلام) أعمال وأقوال بمرءى أمهات المؤمنين وغيرهن من النساء والرجال (3). ي: وكان (صلى الله عليه وآله) يتيمن بولادة علي (4) (عليه السلام). ك: لما ولد علي (عليه السلام) جاء (صلى الله عليه وآله) وألقمه لسانه، فما زال يمصه حتى نام، فلما كان من الغد طلبوا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد من النساء، فدعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فألقمه لسانه فنام (5). وقد تقدم أنه (صلى الله عليه وآله) جعل لعلي (عليه السلام) مدخلين: مدخل بالليل ومدخل بالنهار
= و 181 و 182 و 186 و 187 والبحار 43: 205 و 266 و 268 و 283 و 285 و 294 - 296 و 300 و 304 والترمذي 5: 661 وابن ماجة 1: 51 ومسلم 4: 1883 و 1884 وكفاية الطالب: 196 و 212 ومسند أحمد 2: 440 و 462 وينابيع المودة: 165. (1) الاصابة 1: 330 ومجمع الزوائد 9: 175 و 179 و 181 و 182 و 184 و 186 و 188 و 190 والفصول المهمة: 151 و 158 وكفاية الطالب: 211 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 202 وينابيع المودة: 166 ومسند أحمد 2: 513 و 3: 494 و 512. (2) الاصابة 1: 329 وأسد الغابة 2: 12 والترمذي 5: 658 وكفاية الطالب: 202 والبحار 43: 284 و 285 و 300 ومسند أحمد 5: 354 وينابيع المودة: 166. (3) راجع كتب الفضائل والمصادر المتقدمة. (4) ابن أبي الحديد 4: 115. (5) راجع تبرك الصحابة: 21 عن السيرة الحلبية 1: 303 وسيرة دحلان هامش الحلبية 1: 176 وراجع البحار 35: 38 عن أمالي الشيخ بإسناده عن عائشة وعباس بن عبد المطلب وجعفر بن محمد (عليهما السلام) وينابيع المودة: 72.
[570]
يملي عليه القرآن وتأويله وتفسيره ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه، ويملي عليه السنة، وكل علومه، ويأمره أن يكتب - قائلا: اكتب لشركائك - ويدعو ويطلب من الله سبحانه أن يجعل أذنه أذنا واعية، وجعله باب علمه، وموضع سره (1)، وأمر الناس بالرجوع إليهم كما تقدم في حديث الثقلين وغيره. وأضف إلى ما ذكرنا كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) فيهم: " وقد علمتم موضعي من رسول الله - (صلى الله عليه وآله) - بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا ولد، ويضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه " (2). وقال (عليه السلام) في أهل البيت (عليهم السلام): " هم موضع سره، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه، بهم أقام انحناء ظهره، وأذهب ارتعاد فرائصه " (3). وقال (عليه السلام): " هم أساس الدين وعماد اليقين، إليهم يفئ الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ونقل إلى منتقله " (4). وقال (عليه السلام): " انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم عن هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا (5).
(1) مر هذا المطلب مع ذكر مصادره في أول البحث. (2) نهج البلاغة 1 / خ 190 ط عبده و 192 ط صبحي الصالح. (3) نهج البلاغة 1: 24 / خ 2 ط عبده وراجع شرح المعتزلي 1: 138. (4) نهج البلاغة 1: 25 / خ 2 ط عبده وراجع شرح المعتزلي 1: 138 و 139. (5) المراجعات: 45 ونهج البلاغة: 92 وفي ط عبده: 189 وشرح المعتزلي 7: 76. (*
[571]
وقال (عليه السلام): " ألا إن مثل آل محمد (صلى الله عليه وآله) كمثل نجوم السماء إذا خوى نجم طلع نجم، نحن شجرة النبوة، ومهبط الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ناصرنا ومحبنا ينتظر الرحمة، وعدونا ومبغضنا ينتظر السطوة " (1). وقال (عليه السلام): " اعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم وموت الجهل، هم الذين يخبركم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، وهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق " (2). إلى غير ذلك مما جمعه في ينابيع المودة: 520 وما بعدها والمراجعات: 44 وما بعدها وأحاديث العترة (المخطوط) عن البيان والتبيين وشرح الغرر (3) وغيرهما. غاية المطاف: هذا قليل من كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة المروية عن رسول (صلى الله عليه وآله) في أهل البيت (عليهم السلام) الموجودة في طيات كتب المحدثين والمفسرين والمؤرخين المشهود عليها بالصحة والثبوت.
(1) نهج البلاغة: 194 / آخر خ 98 ط عبده وفي شرح المعتزلي 7: 107 و: 214 آخر خ 107 ط عبده وفي شرح المعتزلي 7: 218. (2) المراجعات: 45 ونهج البلاغة 2: 43 / خ 145 ط عبده وشرح المعتزلي 9: 106 الخطبة 237 وشرح المعتزلي 13: 316. (3) راجع شرح الغرر / 3479 و 9969 و 10001 - 10006 و 10902 ونقل الجاحظ في البيان والتبين 2: 51 عن علي (عليه السلام): " ألا إن أبرار عترتي وأطائب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلم الناس كبارا، ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادق سمعنا، وإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، معنا راية الحق من تبعنا لحق ومن تأخر عنها غرق، ألا وإن بنا ترد دبرة كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقكم، وبنا غنم، وبنا فتح الله لا بكم، وبنا يختم لا بكم ".
[572]
فإذا تلوناها عليك فاستمع استماع متدبر منصف، واجعلها ما نصب عينيك وسائل ضميرك الحر وقل: ماذا كان (صلى الله عليه وآله) يريد من هذه الكلمات ؟ فهل تجد إلا أنه (صلى الله عليه وآله) يريد أن يبين فضائل بني هاشم ولزوم مودتهم، ويجعلها أجر رسالته، ويبين أن أهل بيته هم الصادقون الطاهرون، هم وراث الكتاب وسفن النجاة، وأحد الثقلين الذين تركهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهداية أمته وبقاء شريعته، وهم أولوا الأمر بعده وأوصياؤه، طاعتهم طاعة الله سبحانه، ومعصيتهم معصية الله تعالى، حتى جعل حبهم إيمانا وبغضهم كفرا ونفاقا، وأعلن أنه حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم. فهل تجد في ضميرك الحر إلا أنه يريد حفظ دينه وحفظ كتابه وسنته، ولأجل ذلك أوجب على المسلمين الرجوع إليهم في الدين أصولا وفروعا، وجعل الاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم صونا للدين عن التحريف والتبديل. وهل تجد إلا أن ولايتهم هي الصراط المستقيم والدين القويم، وأن من أخطأ هذا الطريق فقد ضل وأضل، قال في الصواعق: 121: " قال بعض المتأخرين من ذرية أهل البيت النبوي: وسبب ذلك - يعني كثرة الأحاديث في فضائل علي (عليه السلام) والله أعلم أن الله تعالى أطلع نبيه على ما يكون بعده مما ابتلي به علي، وما وقع من الاختلاف لما آل إليه أمر الخلافة، فاقتضى ذلك نصح الأمة بإشهاره بتلك الفضائل لتحصل النجاة لمن تمسك به ممن بلغته، ثم لما وقع ذلك الاختلاف والخروج عليه نشر من سمع من الصحابة تلك الفضائل وبثها نصحا للأمة أيضا، ثم لما اشتد الخطب واشتغلت طائفة من بني أمية بتنقيصه وسبه على المنابر، ووافقهم الخوارج لعنهم الله بل قالوا بكفره اشتغلت جهابذة الحفاظ من أهل السنة ببث فضائله حتى كثرت نصحا للأمة ونصرة للحق " وقال: 151 و 152: " أخرج الثعلبي في تفسيرها - يعني الآية * (واعتصوا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * (1): عن جعفر
(1) آل عمران: 103.
[573]
الصادق رضي الله عنه أنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله فيه: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * وكان جده زين العابدين إذا تلا قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) * يقول دعاء طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية، وعلى وصف المحن وما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمة الدين والشجرة النبوية، ثم يقول: وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا واحتجوا بمتشابه القرآن فتأولوا بآرائهم واتهموا مأثور الخبر - إلى أن قال - فإلى من يفزع خلف هذه الأمة وقد درست أعلام هذه الملة ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف يكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول: * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) *. فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة وتأويل الكتاب وأبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من الآفات وافترض مودتهم في الكتاب " (1). والذي يشعر به هذا التكرار والتأكيد من النبي (صلى الله عليه وآله) أن جمعا كانوا معارضين ومخالفين لعمل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كانوا ينكرون فضل أهل البيت عليهم وولايتهم، وتشهد بذلك النصوص الكثيرة، وسوف تتلى عليك فانتظر. الطائفة الثانية: الأحاديث والآثار الحاكية عن أن جمعا من الصحابة لم يرضوا بما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل بيته الكرام وأخبر عن الله تعالى في شأنهم من الفضائل ومن وجوب طاعتهم وولايتهم، لم يرضوا بذلك بغيا وحسدا * (فما اختلفوا إلا من بعد ما
(1) وراجع ينابيع المودة: 273 و 274 وزاد " هم العروة الوثقى ومعدن التقى وخير حبال العالمين ووثيقها ".
[574]
جاءهم العلم بغيا بينهم) *. وهذه الأحاديث والأثار على أقسام: 1 - الأحاديث الدالة على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبر أهل بيته (عليهم السلام) بأن جمعا من المسلمين في قلوبهم ضغائن وأحقاد وقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " إن الأمة ستغدر بك " (1) وقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي " (2) وقال (صلى الله عليه وآله): " إذا مت ظهرت لك ضغاين في صدور قوم يتمالؤن عليك ويمنعونك حقك " (3) و: " يا علي إنك ستبتلي بعدي فلا تقاتلن " (4). وقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) " يا أخي إنك ستبقى بعدي وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك " (5). روى أنس بن مالك قال: " كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلي بن أبي طالب معنا فمررنا بحديقة - إلى أن قال - ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقف فوقفنا فوضع رأسه على رأس علي وبكى فقال علي: ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك حتى يفقدوني " (6).
(1) راجع المطالب العالية 4: 56 وابن ابي الحديد 4: 107 وكنز العمال 15: 156 والبحار 28: 45 عن أمالي الشيخ و: 50 عن العيون و: 65 عن الإرشاد للمفيد وفي هامشه عن الإيضاح لابن شاذان ثم روى الحديث عن ابن أبي الحديد وعن البخاري في تأريخه الكبير و: 76 عن الطرائف وراجع نثر الدر للآبي 1: 340 والملاحم والفتن لابن طاووس: 107 و 112. (2) راجع البحار 28: 45 عن أمالي الشيخ و 44: 75 عن الاحتجاج وراجع 36: 218 عن الأمالي ونثر الدر للآبي 1: 241 ونفحات اللاهوت: 113 والمسترشد: 340 و 341 وينابيع المودة: 135. (3) البحار 28: 50 عن العيون وراجع 37: 192 عن الطرائف و 22: 536 عن الكفاية و 26: 350 عن كتاب المحتضر للحسن سليمان و 51: 108 عن الكفاية و 36: 337 و 328 وراجع كفاية الأثر: 102 و 124. (4) ينابيع المودة: 182. (5) راجع البحار 28: 54 عن الإكمال وكتاب سليم و: 55 عن سليم و: 71 عن غيبة النعماني. (6) راجع ابن ابي الحديد 4: 107 وكنز العمال 15: 156 وراجع البحار 28: 54 عن سليم و: 66 عن =
[575]
وقال (صلى الله عليه وآله): " يا علي إنك مبتلى ومبتلى بك " (1). ووردت أحاديث كثيره في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبر بني هاشم وغيرهم بما سيلقون من الإثرة والقتل والطرد والسجون والشدائد (2) كقوله (صلى الله عليه وآله): " إنا اهل بيت اختار الله تعالى لنا الآخرة على الدنيا، وأهل بيتي سيلقون بعدي أثره وشدة وتطريدا في البلاد... " (3). 2 - أحاديث كثيرة وردت في تحذير الصحابة عن الوقوع في المهلكة الكاشفة عن أن المعارضين المنابذين كانوا من الصحابة. قال (صلى الله عليه وآله) لأصحابه تبيينا وإيضاحا ونصيحة لهم فيما يأتي من الفتن المضلة، وأن اصحابه سيبتلون ويفتنون (4): " أنا فرطكم على الحوض يرفعن إلي رجال
= تفسير الإمام و: 75 عن كشف الغمة والطرائف (وفي هامشه عن الخوارزمي في مناقبه: 37 ومقتل الحسين: 36 وكفاية الطالب: 273 وميزان الاعتدال 2: 331) و: 78 عن الكافي و: 129 عن ابن مردويه والمغازلي في المناقب و 26: 54 و 55 و 66. وراجع نثر الدر للآبي 1: 241 ومسيرتنا وسنتنا: 26 وينابيع المودة: 134 ونقله العلامة المرعشي في ملحقات إحقاق الحق 6: 181 عن مصادر جمة (منها المستدرك للحاكم 3: 139 وتاريخ بغداد 12: 398 ومجمع الزوائد 9: 118 وراجع دراسات وبحوث 2: 261 ومقتل الحسين للخوارزمي: 36 وتاريخ دمشق 2 من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): 322 و 323 و 325 والملاحم والفتن لابن طاووس: 112 والمناقب للخوارزمي: 26 والغدير والمعارضون: 36 (عن تذكرة الخواص: 45 و 46 وفرائد السمطين 1: 152 وغيرهما من المصادر الكثيرة). (1) البحار 28: 69 عن المناقب لابن شهر اشوب. (2) البحار 28: 37 و 40 و 41 و 45 و 47 و 48 و 50 و 51 و 54 و 55 و 58 و 65 و 67 و 69 و 71 و 73 و 77 و 78 و 81 و 82 و 85 - 87 وراجع الغدير 1 في المقدمة و: 200 و 261 و 7: 134 و 173 و 10: 33 و 54 و 280 وراجع البحار أيضا 22: 587 و 26: 350 و 51: 108 وإثبات الهداة 1: 439 و 483 و 488 و 561 وراجع كفاية الأثر: 102 و 124 والمناقب للخوارزمي: 36 وينابيع المودة: 134 و 135. (3) ينابيع المودة: 193 وتاريخ إصبهان 2: 12. (4) نقل الأحاديث الدالة على انه (صلى الله عليه وآله) أخبر عن ارتداد أصحابه المحدثون والمؤرخون وغيرهم راجع =
[576]
منكم حتى إذا أهويت لاناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي ربي أصحابي، يقول: لا تدري ما أحدثوا بك " أو " إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقا لمن بدل بعدي " (1) أو يقال: " إنه لم يزالوا مرتدين على أدبارهم منذ فارقتهم " أو " أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ". وفي بعض الأحاديث. 3 - وقال (صلى الله عليه وآله) " يهلك أمتي هذا الحي من قريش قالوا: فما تأمرنا ؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم " (2) وقال (صلى الله عليه وآله) " لا يزال هذا الحي من قريش بأمتي حتى يردوهم عن دينهم كفارا " (3) وقال (صلى الله عليه وآله): " هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش " (4) كما
= صحيح مسلم 1: 218 و 300 و 4: 1792 - 1797 كلها بأسانيد متعددة والبخاري 3: 147 و 4: 196 و 8: 136 / 146 - 151 و 9: 58 و 59 والمصنف لعبد الرزاق 11: 406 و 407 ومسند أحمد 1: و 235 و 253 و 257 و 402 و 406 و 407 و 425 و 439 و: 453 و 455 و 2: 298 و 300 و 408 و 454 و 467 و 3: 18 و 28 و 39 و 102 و 281 و 333 و 345 و 354 و 384 و 388 و 6: 121 و 291 و 297 و 298 و 307 و 311 و 317 و 5: 48 و 50 و 333 و 339 و 388 و 392 و 4: 83 والاستيعاب هامش الإصابة 1: 159 وكنز العمال 3: 347 و 11: 157 / 745 - 747 و: 155 / 774 و 776 و 7: 231 / 2411 - 2418 و 2424 و 2427 و 2472 و 2481 والمغازي للواقدي 1: 310 وتنوير الحوالك هامش الموطأ 1: 51 والمستدرك للحاكم 1: 76 - 79 والمعجم الكبير 24: 94 و 17: 201 و 12: 9 و 6: 192 و 210 والضعفاء للعقيلي 2: 95 ومنتخب مسند عبد بن حميد: 365 والسنة لابن ابي عاصم: 340 - 346 والطرائف: 111 والإيضاح لفضل بن شاذان: 232 و 233 والمطالب العالية 2: 191 والسير في الصحيحين 2: 333 والمسترشد للطبري: 229 والصواعق: 174 وكفاية الأثر: 102 و 103 و 129 ونفحات اللاهوت: 52 ودراسات وبحوث 2: 253 وملحقات إحقاق الحق 2: 295 - 296 والبحار 28: 26 - 36 وكتاب السبعة من السلف: 24 وما بعدها وابن أبي الحديد 9: 287. (1) البحار 28: 26 عن جامع الأصول 11: 119 و 120. (2) صحيح مسلم 4: 2236 والبخاري 4: 242 و 9: 60 ومسند أحمد 2: 301 وفتح الباري 6: 453 وعمدة القاري 16: 126 والفتح الرباني 1: 9 وقال: رجاله ثقة. (3) المطالب العالية 3: 78 عن ابن عمر. (4) راجع المصادر المتقدمة وراجع عمدة القاري 16: 139 وفتح الباري 6: 453 و 9: 7 ومسند أحمد 2: 288.
[577]
قال عمر لابن عباس: " كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة، فتحججوا على الناس بحجج فنظرت قريش لأنفسها فاختارت ووفقت وأصابت " (1) و " قام (صلى الله عليه وآله) خطيبا فأشار إلى مسكن عائشة فقال: ههنا الفتنة ثلاثا من حيث يطلع قرن الشيطان " (2). وقال (صلى الله عليه وآله): " أول الناس هلاكا قريش " (3). هذه الأحاديث والآثار تفيد تحذير رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصحابة الكرام عن عمل يوجب الارتداد والرجوع إلى القهقرى والرجوع إلى الجاهلية والخروج عن الدين كما قال سبحانه وتعالى تخويفا وتحذيرا للمسلمين والصحابة الكرام في غزوة بدر: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب) * (4) وقال تعالى: * (وما محمد الأرسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * (5). ويعين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآله بهذه الأحاديث رؤوس الفتنة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويخالفون أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويعارضونه وينابذونه. ويؤيد ذلك ما نقلناه عن عمر بن الخطاب، وما ورد أن قريشا كانت تبغض بني هاشم، وشكى ذلك العباس بن عبد المطلب رحمه الله تعالى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحاديث كثيرة بألفاظ متفاوتة ومتقاربة: قال المطلب بن ربيعة: " كنت جالسا
(1) المسترشد: 684 وراجع مواقف الشيعة 1: 147 عن ابن أبي الحديد 1: 189 والبحار 8 الطبعة الحجرية: 292 و 148 عن ابن أبي الحديد 2: 58 و 152 عن ابن ابي الحديد 12: 52 - 54 والايضاح للفضل: 154 و 155 و 169 عن ابن ابي الحديد 12: 80 والبحار 8: 209. (2) البخاري 4: 100 وكتاب السبعة من السلف عن البخاري ومسند احمد 2: 23 و 26. (3) الصواعق: 181 و 239. (4) الأنفال: 25. (5) آل عمران: 144.
[578]
عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدخل عليه العباس وهو مغضب فقال: يا نبي الله ما بال قريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك ؟ قال: فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) واحمر وجهه وقال: " لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله ". صورة أخرى من الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " جاء العباس رضي الله عنه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: تركت فينا ضغائن منذ صنعت ما صنعت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: لن يبلغوا - الإيمان - حتى يحبوكم لله ولقرابتي الحديث ". أقول: حديث عباس بن عبد المطلب وشكايته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قريشا وبغضهم لبني هاشم وحقدهم وضغنهم وملاقاتهم لهم بوجوه مكفهرة عابسة غاضبة مشهور والمضمون واحد وإن كان في لفظ الأحاديث خلاف (1) ونقل كلام قريش في صفية عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي درة بنت أبي لهب وأم هانئ أخت أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضا (2) ونقل في الصواعق: 160 و 234 شكاية علي (عليه السلام) حسد الناس، وفي المسترشد: 615: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال أقوام إذا ذكر آل إبراهيم
(1) راجع المعجم الكبير للطبراني 17: 185 والضعفاء الكبير للعقيلي 4: 148 والكامل لابن عدي 5: 1885 و 2: 665 وتأريخ المدينة لابن شبه 2: 639 و 640 والنهاية لابن الأثير 3: 91 في " ضغن " و 4: 75 في " قطب " وراجع لسان العرب وأسد الغابة 3: 110 و 331 والاصابة 2: 271 وكنز العمال 13: 83 و 88 و 89 و 4: 165 و 16: 128 و 135 و 254 ومسند أحمد 4: 165 بسندين والمعرفة والتأريخ 1: 295 و 297 و 499 ومنحة المعبود 4: 147 والمصنف لابن ابي شيبة 12: 108 (وفي هامشه عن الترمذي 2: 217 والمستدرك للحاكم 3: 333) وحياة الصحابة 2: 431 و 432 و 3: 333 والعمدة لابن بطريق: 54 ومجمع الزوائد 1: 88 و 9: 269 والفردوس للديلمي 4: 113 ومسند علي 1005 والمعجم الصغير للطبراني 1: 239 ومشكل الآثار للطحاوي 2: 26 وينابيع المودة: 12 و 135 و 190 و 191 و 271 و 272 و 303 و 309 والصواعق: 172 و 187 و 230 و 231 والمعجم الاوسط للطبراني 3: 460. (2) راجع الصواعق: 231 ومجمع الزوائد 8: 216.
[579]
وآل موسى وآل عيسى استبشروا، وإذا ذكر آل محمد اشمأزت قلوبهم ؟ ". وبالجملة كانت قريش تبغض بني هاشم وتبغض عليا وولايته وإمارته، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعلم ما في صدورهم من الأحقاد والضغائن، وكان علي (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) يشكون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحقاد قريش وأعمالهم. ومما يؤيد كون قريش مخالفة ومنابذة ما روي من كلمات علي (عليه السلام) من قوله (عليه السلام): "... فدع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق وجماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبلي " (1) و " ما رأيت رخاء منذ بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) لقد أخافتني قريش صغيرا وأنصبتني كبيرا حتى قبض الله رسوله، فكانت الطامة الكبرى " (2) وقال: " اللهم إني استعديك على قريش فإنهم أضمروا لرسولك (صلى الله عليه وآله) ضروبا من الشر والغدر، ففجروا عنها وحلت بينهم وبينها فكانت الوجبة بي والدائرة علي " (3) و " اللهم إني استعديك على قريش، فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي وصغروا عظيم منزلتي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه " (4) وقال لبني أبيه: " يا بني عبد المطلب إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي كعداوتهم النبي في حياته " (5) وقال: " مالي ولقريش ولقد قاتلتهم كافرين ولأقاتلنهم مفتونين " (6) وقال: " اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفأوا إنائي وأجمعوا على منازعتي.. " (7) وقال في إنكار اثني عشر رجلا على أبي بكر: " ولقد شاورت
(1) راجع ابن أبي الحديد 16: 151 والغارات: 431 وراجع البحار 29: 479 - 649. (2) ابن أبي الحديد 4: 108. (3) المسترشد للطبري: 416 وابن أبي الحديد 20: 298 الوجبة: صوت السقوط. السقوط مع الهدة. (4) ابن ابي الحديد 6: 96. (5) ابن أبي الحديد 9: 54. (6) البحار 32: 76 و 113. (7) ابن أبي الحديد 4: 104 والبحار 8: 672 و 730 الطبعة الحجرية والطبعة الحديثة 29: 497 وما =
[580]
في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لما يعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله عزوجل ولأهل بيت نبيه " (1) وقال: " دع عنك قريشا وخلهم وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق ألا إن العرب قد أجمعت على حرب أخيك اليوم إجماعهم على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله)... اللهم فأجز قريشا عني الجوازي، فقد قطعت رحمي وتظاهرت علي ودفعتني عن حقي وسلبتني سلطان ابن أمي " (2). وبالجملة نستفيد من هذه الطائفة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عالما بأن في الذين آمنوا ظاهرا واستسلموا قوما مخالفين ومنابذين ومعارضين لفضائل أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم فحذر أصحابه من الفتنة، وأخبر أهل بيته (عليهم السلام) بما سيبتلون من ناحية هؤلاء المعارضين، وأخبر عليا (عليه السلام) بما سيناله من الشدائد من أجل ضغائن هؤلاء وأحقادهم، وأن الولاية سوف تغصب والدين سوف يحرف، وأخبر المسلمين بأن المعارضين هم قريش وهم الذين يهلكون أنفسهم ويهلكون الآخرين وهم الضالون المضلون، وأخبر بأن العلامة في الإيمان والكفر هي حب علي (عليه السلام) وبغض علي وأهل بيته (عليهم السلام) وأن العلاج هو انعزال الناس عن قريش وعدم أتباعهم. وقد مر عن عمر بن الخطاب: أن المعارضين المخالفين في ولاية علي (عليه السلام) هم قريش فقط (3).
= بعدها والغارات: 308 و 570 ونهج البلاغة / خ 217 ط عبده وراجع بهجة المجالس 1: 406 وراجع الصراط المستقيم 2: 41 - 43. (1) البحار 28: 210. (2) راجع ابن ابي الحديد 2: 119 والبحار 29: 479 - 629. (3) راجع مواقف الشيعة 1: 147 " إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم النبوة والخلافة " و: 148: " إنا خفناه على اثنتين " و " إن أول من ؟ عن هذا الأمر أبو بكر، إن قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة " و: 150 " لقد كان من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أمره ذرو من القول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا ولقد كان يربع في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت ذلك اشفاقا وحيطة على الإسلام لا ورب البينة لا تجتمع عليه قريش أبدا " و: 151 " ما أظنهم منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه " و: 151 " كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فيجحفوا جحفا فنظرت قريش لنفسها فاختارت ووفقت فأصابت " و 2: 237: " إن قومكم كرهوا أن يجتمع لكم النبوة والخلافة فتذهبوا في السماء شمخا وبذخا " و: 364 " فما منع قومكم منكم قلت: لا أدري قال: لكني أدري يكرهون ولايتكم لهم... " و 305 " أظن القوم استصغروا صاحبكم " وراجع 4: 4 و 396: " ولولا ثلاث هن فيه ما كان لهذا الأمر من أحد سواه قلت: ما هن يا أمير المؤمنين ؟ قال: كثرة دعابته وبغض قريش له وصغر سنه ".
[581]
الطائفة الثالثة: هنا طائفة أخرى من الأحاديث والآثار تدل على أن هؤلاء المنابذين الحاقدين لم يسكتوا ولم يستسلموا في مقابل الآيات القرآنية (من آيات تطهير أهل البيت (عليهم السلام) ووجوب مودتهم وولايتهم ووجوب طاعتهم....) ونصوص رسول الله (صلى الله عليه وآله) (في أهل البيت (عليهم السلام) من أول البعثه ليلا ونهارا وسرا وجهرا قولا وفعلا) بل أجمعوا أمرهم وعزموا على المعارضة والمنابذة قولا وعملا، وأظ هروا ما عندهم في فلتات لسانهم ومعاريض كلامهم وإن لم يقدروا على القيام والإقدام ما دام رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيا ونحن نشير إلى ما عثرنا عليه من هذه الموارد: 1 - منها أنهم في مقابل أحاديث فضائل بني هاشم وأهل البيت (عليهم السلام) قالوا: " إن مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كمثل نخلة في كباة " (والعياذ بالله تعالى) عن ابن عباس قال: " دخل ناس من قريش على صفية بنت عبد المطلب فجعلوا يتفاخرون ويذكرون أمورهم في الجاهلية فقالت صفية: منا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: تنبت النخلة في الأرض الكبا، فذكرت للنبي (صلى الله عليه وآله) فغضب وقال: يا بلال هجر بالصلاة، فقام على المنبر فقال: أيها الناس من أنا ؟ قالوا: أنت رسول الله قال انسبوني قالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال: ما بال أقوام يؤذونني في أهلي ؟ فوالله إن أهلي لأفضلكم أصلا فقامت الأنصار فأخذوا السلاح لغضبه (صلى الله عليه وآله)، فقال للأنصار:
[582]
الناس دثار وأنتم شعاري وأثنى عليهم " (1). أتى ناس من الأنصار النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالوا: إنا لنسمع من قومك حتى يقول القائل منهم: إنما مثل محمد مثل نخلة نبتت في " كبا " - قال حسين: الكبا الكناسة - فقال رسول الله: أيها الناس من أنا قالوا: أنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - قال: فما سمعناه قط ينتمي قبلها - ألا إن الله عز وجل خلق خلقه فجعلني من خير خلقه ثم فرقهم فرقتين " الحديث (2). عن العباس بن عبد المطلب قال: " قلت: يا رسول الله إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم من خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا " (3). " إنا لقعود بفناء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ مرت امرأة فقال رجل من القوم هذه: ابنة محمد فقال رجل من القوم: إن مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن فانطلقت المرأة فأخبرت النبي (صلى الله عليه وسلم) فجاء النبي يعرف في وجهه الغضب ثم قام على القوم فقال: ما بال أقوام تبلغني عن أقوام أن الله عز وجل خلق السموات " الحديث (4).
(1) ينابيع المودة: 189 قال: أخرجه أبو علي بن شاذان وذخائر العقبى: 14 والنهاية لابن الأثير في " كبا " ان ناسا من الأنصار قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا نسمع من قومك: إنما مثل محمد كمثل نخلة نبتت في " كبا " هي بالكسر والقصر الكناسة (وراجع الفائق للزمخشري في " كبا "). (2) مسند أحمد 4: 166 وراجع مجمع الزوائد 8: 215 وراجع النهاية والفائق في كبا. (3) الترمذي 5: 584 ولسان العرب في " كبا " وراجع مجمع الزوائد 8: 216 وراجع النهاية لابن الأثير والفائق للزمخشري في " كبا " وراجع الكامل لابن عدي 2: 665 و 6: 2207 ودلائل النبوة 1: 131 و 133 وفي الكامل أن القائل هو أبو سفيان. (4) مجمع الزوائد 8: 215 عن ابن عمر وراجع دلائل النبوة 1: 131 و 133 وتاريخ إصبهان 2: 133 وفيه أن القائل هو أبو سفيان.
[583]
عن ابن عباس في حديث طويل - يذكر أمر صفية بنت عبد المطلب وما قال له عمر - قال: " ثم خرجت من عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمررت على نفر من قريش فإذا هم يتفاخرون ويذكرون أمر الجاهلية فقلت: منا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا: إن الشجرة لتنبت في الكبا قال: فمررت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبرته فقال: يا بلال هجر بالصلاة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس من أنا ؟ قالوا: أنت رسول الله قال: انسبوني قالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قال: أجل أنا محمد بن عبد الله وأنا رسول الله، فما بال أقوام يبتذلون أصلي ؟ فوالله لأنا أفضلهم أصلا وخيرهم موضعا فلما سمعت الأنصار بذلك قالت: قوموا فخذوا السلاح، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد أغضب، قال: فأخذوا السلاح، ثم أتوا النبي (صلى الله عليه وسلم) لا ترى منهم إلا الحدق حتى أحاطوا بالناس، فجعلوهم في مثل الحرة حتى تضايقت بهم أبواب المساجد والسكك ثم قاموا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا: يا رسول الله لا تأمرنا بأحد إلا أبرنا عترته، فلما رأى النفر من قريش ذلك قاموا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاعتذروا وتنصلوا " الحديث (1). نقل ابن عدي في الكامل أن القائل هو أبو سفيان وقال بعض: إن القائل هو عمر بن الخطاب (2). وظاهر الأحاديث أن قريشا قالوا ذلك، ومعناه أن جمعهم قالوا ذلك، وعلى كل حال هم قريش انكروا كل ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بني هاشم من الفضائل والمناقب.
(1) مجمع الزوائد 8: 217. (2) رواه في البحار 36: 294 عن " يل " و " فض " عن أبي ذر والمقداد وسلمان عن علي (عليه السلام) ورواه: 278 عن الغيبة للنعماني عن عبد الرزاق عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن علي (عليه السلام) قال: قال علي بن أبي طالب مررت برجل سماه لي فقال: ما مثل محمد إلا كمثل نخلة نبتت في " كبا " الحديث. راجع البحار 30: 310 - 314.
[584]
يريدون بذلك إنكار فضل بني هاشم جميعا إلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل أرادوا إثبات كل رذيلة فيهم كما هو واضح. واشتد الأمر في زمن حكومة بني أمية كما سيأتي وبقي ذلك عند علماء السنة، وعد نقل فضائلهم قدحا في الرواة كما ذكره ابن حجر في مقدمة الفتح قالوا: من أحب عليا (عليه السلام) أو رجحه وفضله على عثمان فهو شيعي، ومن فضله على الشيخين فهو غال في التشيع، ومن ترك الشيخين فهو رافضي، فمن كان يروي حديثا في فضائلهم عد شيعيا، وصار مجروحا. قال يحيي بن معين لوكيع بن جراح: لا تحدث بفضائل علي قال: إن الناس يحملون علينا (1). ولازم حبيب بن وهيب عدة مجالس وهو يملي فضائل الشيخين ولم يذكر من فضائل علي (عليه السلام) شيئا (2). وقال وهيب بن الورد: إذا أردت أن تذكر فضائل علي بن أبي طالب فابدأ بفضائل أبي بكر (3). لم يحفظ عن مالك والزهري فضائل علي (عليه السلام) (4). خفيت فضائل علي (عليه السلام) حتى سأل رجل عن البراء وقال: أشهد علي بدرا ؟ (5). أخرج عبد الرزاق عن سماك الحنفي أنه سمع ابن عباس يقول: كاتب
(1) تاريخ يحيى بن معين 3: 437. (2) الأغاني 9: 146. (3) تاريخ بغداد 1: 260. (4) المجروحين 1: 258. (5) صحيح البخاري 5: 96.
[585]
" الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب - ثم نقل عن معمر - قال سألت عنه الزهري فضحك وقال: هو علي بن ابي طالب، ولو سألت عنه هؤلاء قالوا: عثمان يعني بني أمية " (1). قال ابن عباس: " اللهم العنهم قد تركوا السنة من بغض علي " (2). وقد تقدم أن عليا (عليه السلام) كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة، فتركوها بغضا له (3). ونقل المسعودي أن الحجاج سأل الشعبي فتاوى الصحابة في الإرث، فلما نقل قول علي (عليه السلام) قال: " إنه المرء يرغب عن قوله " (4). قال ابن أبي الحديد 1: 17: " وقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريض عليه ووضع المعايب والمثالب له. ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكرا حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه فما زاده إلا رفعة وسموا... " (5). " واستمروا على لعنه فوق منابرهم في شرق الأرض وغربها خاصة في خطبة الجمعة زهاء ألف شهر مدة حكم آل أمية " (6).
(1) المصنف 5: 342 و 343 / 9721 و 9722 وفي هامشه: أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده كما في الفتح 5: 217. (2) الصحيح من السيرة 1: 177 عن النسائي 5: 253 وسنن البيهقي 5: 113 والغدير 10: 205. (3) تقدم في أول الكتاب، وراجع الصحيح من السيرة 1: 178. (4) مروج الذهب 3: 164 والصحيح من السيرة 1: 178 عنه وعن الكامل في الأدب 1: 207. (5) شرح نهج البلاغة 1: 17. (6) معالم المدرستين 3: 15.
[586]
2 - منها أنهم فكروا ودبروا في إبطال كل ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فضائل أهل بيته ومثالب أعدائهم، وقالوا لعبد الله بن عمرو بن العاص: لا تكتب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنه بشر يغضب ويتكلم في إثر الغضب أو يرضى عن شخص فيتكلم على وفق رضاه يعني: أقواله تابعة لهواه (والعياذ بالله) دون الحق والواقع، وهذا نص الحديث: قال عبد الله: " كنت اكتب كل شئ اسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأريد حفظه، فنهتني قريش عن ذلك وقالوا: تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتكلم في الرضا والغضب ؟ قال: فأمسكت وذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فأشار بيده إلى فيه فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج إلا حق ". هذا كلام قريش المهاجرين أي: الرؤساء والملأ منهم أو عامتهم يمنعون عن كتابة الحديث معللين بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر يتكلم في الرضا والغضب يعنون أنه (صلى الله عليه وآله) يتكلم في حالتي الرضا والغضب بما تقتضيه هاتان الحالتان في الإنسان العادي إذا رضي أخرجه رضاه عن الحق وكذا إذا غضب فما تكلم به في الحالتين ينشأ عنهما بعيدا عن الحق، وبعبارة أخرى أنه غير معصوم وأنه ينطق عن الهوى. واستنتجوا من ذلك: أولا: التحطيم لمقام النبوة السامي والحط عن شخصية النبي (صلى الله عليه وآله) وجعله في عداد الناس. ثانيا: نفي الحجية عن كلامه (كما قالوا: حسبنا كتاب الله) في بيان فضل إنسان ومدحه، وبيان ولايته ووجوب طاعته أو بيان مثالبه وعيوبه. ثالثا: لا يعتنى بما عاهد أو كتب، فلا أثر عندئذ فيما قاله في فضائل عترته وولايتهم، ولا في ما قال في ذم أشخاص ومثالبهم من المنافقين والفاسقين.
[587]
والذي حصل لهم بعد هذا المقال هو إيجاد هذه الفكرة في المجتمع الاسلامي لكي يحتلبوا منه لأغراضهم بعد ممات رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إنكار ولاية علي وأهل بيته (عليهم السلام) وإيجاد الوساوس في صدور الناس. وأول ما أثمر هو إيجاد هذه الفكرة عند بعض الصحابة حتى أمسكوا عن الكتابة واستأذنوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستفهموه. ولعمري أن هذا القول في الحقيقة نفي للنبوة، لا يبقى بعده أي اعتبار واطمئنان ووثوق، وأن هذا القول منهم والرسول (صلى الله عليه وآله) حي يسمع ما يقولون ويعرف تخطيطهم ويعلم ما عزموا عليه وأرادوه من المصائب الجليلة على الرسول (صلى الله عليه وآله) وعلى الأمة الاسلامية، يرى أن الذين حاربوا الله ورسوله مدة بكل حول وطول عندهم إذا عجزوا عن المحاربة والقتال واستسلموا شرعوا في المحاربة العميقة الحاسمة تحت ستار الإسلام يقرون ظاهرا وينكرون النبوة بلسان النفاق ويحتالون في التغلب على الولاية والحكومة على الإسلام والمسلمين. ومنها: أنهم بعد هذه الفكرة اختلقوا حديثا - في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو بعد مماته لتحكيم مقاصدهم - ونسبوه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أنه (صلى الله عليه وآله) قال: " اللهم إني اتخذ عندك عهدا لا تخلفنيه، فإنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته أو سببته أو قال: لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة وصلاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة " أو " اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر وأرضى كما يرضى البشر فمن لعنته من أحد من أمتي فاجعلها له زكاة ورحمة " إلى غير ذلك من الألفاظ (1).
(1) راجع مجمع الزوائد 8: 266 و 267 وراجع مسند أحمد 2: 317 و 390 و 446 و 448 و 449 و 493 و 3: 33 و 391 و 400 و 5: 437 و 439 و 454 و 494 و 6: 45 و 52 و 133 و 180 و 259 وراجع معالم المدرستين 1: 14 عن صحيح مسلم 4: 2007 - 2010 باب من لعنه النبي (صلى الله عليه وسلم) أو سبه من كتاب البر / 88 - 97 وأبي داود السنة 4: 215 والدارمي: 52.
[588]
واختلقوا أيضا أنه قال (صلى الله عليه وآله): " أنتم أعلم بأمر دنياكم " أو قال: " إذا أمرتكم بشئ من رأيي فإنما أنا بشر " (1). هذه كلها تخالف قوله تعالى: * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * (2)، وقوله سبحانه * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع) * (3) وقوله عزوجل: * (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) * (4) وقوله (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمرو: " اكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج منهما إلا حق " (5). بل لو احتملنا كون أقواله وأفعاله ناشئة عن الرضا والغضب لسقطت عن الحجية قال تعالى: * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) * (6). وقال سبحانه: * (فلله الحجة البالغة) * (7) وقال سبحانه: * (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) * (8). افتعلوا هذه كلها للقضاء على أحاديث فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومثالب أعدائهم واستنتجوا من عملهم هذا، ويشهد لذلك ما قاله ابن حجر في صواعقه: 181 في الرد على الأحاديث الواردة في ذم مرون وأبيه من قوله (صلى الله عليه وآله): " الوزغ ابن الوزغ والملعون ابن الملعون " و " إن الحكم استأذن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعرف صوته
(1) راجع مسند أحمد 1: 162 و 3: 152 وصحيح مسلم 4: وابن ماجة ح وراجع معالم المدرستين 1: 14 وابن أبي الحديد 12: 56. (2) النجم: 3. (3) النساء: 64. (4) الممتحنة: 6. (5) مرت المصادر. (6) العنكبوت: 48. (7) الانعام: 149. (8) النساء: 165.
[589]
فقال: ائذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم وقليل ما هم، يترفهون في الدنيا ويضعون في الآخرة، ذووا مكر وخديعة يعطون في الدنيا، وماله في الآخرة من خلاق " قال: " ولعنته في الحكم وابنه لا تضرهما لأنه (صلى الله عليه وسلم) تدارك ذلك بقوله (صلى الله عليه وسلم) مما يبينه في الحديث الآخر: " إنه بشر يغضب كما يغضب البشر، وإنه سأل ربه أن من سبه أو لعنه أو دعا عليه أن يكون ذلك رحمة وزكاة وكفارة وطهارة ". ولأجل ذلك نرى ان المجرمين والآثمين ومرتكبي المعاصي عندهم عدول يروون عنهم الأحاديث ويثقون بهم. قال العلامة العسكري دام ظله في كتابه القيم معالم المدرستين 1: 14 في بيان تدبر معاوية على إطفاء نور النبوة والولاية: " لهذا كله جد معاوية في إطفاء نورهم - يعني أهل البيت (عليهم السلام) - عامة وخاصة ذكر الرسول وابن عمه فقدر لهذا ودبر ما يلي: أ - رفع ذكر الخليفتين: أبي بكر وعمر وألحق أخيرا ابن عمه عثمان ثالث الخلفاء. ب - العمل سرا لتحطيم شخصية الرسول في نفوس المسلمين، وجهارا لتحطيم شخصية ابن عمه، وللوصول إلى هذين الهدفين دفع قوما من الصحابة والتابعين ليضعوا أحاديث فيما يرفع ذكر الخلفاء، ويضع من كرامة الرسول وابن عمه، وصرف حوله وطوله في إنجاح هذا التدبير، وكتم أنفاس من خالفه في ذلك من أولياء علي وأهل بيته، وقتلهم شر قتلة صلبا على جذوع النخل وتمثيلا بهم ودفنهم، فنجح فيما دبر نجاحا منقطع النظير حين انتشر بين الأمة على إثر ذلك أحاديث تروى عن رسول الله أنه قال في مناجاته لربه: إني بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مؤمن لعنته أو سببته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم
[590]
القيامة - وفي رواية طهورا وأجرا - وأنه قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم " أو قال: " وإذا أمرتكم بشئ من رأيي فإنما أنا بشر " وأنه قال: لك عندما نهاهم عن تأبير النخل وفسد تمرهم، أو أنه " رفع زوجته عائشة لتنظر إلى رقص الحبشة بمسجده " أو أنه " أقيم مجلس الغناء في داره ". أقول: ما ذكره هذا المتتبع المفضال المحقق حق، وقد حقق ذلك العالم المحقق العلامة السيد جعفر مرتضى في كتابه القيم " الصحيح من السيرة 1 " ولكن ليس ذلك من تدبير معاوية فحسب، بل هو خطة قريش فيما عزم وصمم على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حياته وبعد مماته حاربوه في ميادين القتال، ثم لما أيسوا من الغلبة وعجزوا عن القتال والمحاربة واستسلموا أخذوا في محاربة عميقة حاسمة خفية تحت ستار الإسلام: منها استخفافهم ببني هاشم كما مر، واستخفافهم وحطهم من مقام النبوة السامي كقولهم: " إنه بشر يغضب " (1) و " غصبوا نحلته " (2) و " إرثه " (3) وكان عمر يذكر رسول الله كثيرا باسمه الشريف " محمد " من دون أي تجليل وتكريم، وذلك واضح لا يحتاج إلى تطويل الكلام (4) وقال في جواب من قال: إن أمتك يعيبون عليك ثلاثا ثم ذكر تحريم المتعتين " أنا زميل محمد، فوالله إني لأرتع فأشبع وأسقى فأروى وأنهز اللفوت، وأزجر العروض، واذب القدري وأسوق
(1) مر الكلام حول ذلك. (2) سيأتي الكلام حوله في آخر الكتاب. (3) سيأتي الكلام حول إرثه (صلى الله عليه وآله). (4) قال ياقوت في معجم البلدان 3: 429 والذهبي في ميزان الاعتدال 2: 611: " كان زيد بن المبارك لزم عبد الرزاق فأكثر عنه ثم حرق كتبه ولزم محمد بن ثور فقيل له في ذلك فقال: كنا عند عبد الرزاق فحدثنا بحديث معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان الطويل فلما قرأ قول عمر لعلي وعباس فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن اخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها قال: ألا يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال زيد بن المبارك فقمت فلم أعد أقول ألا ترى زيدا ينزعج من كلام عبد الرزاق، ولا ينزعج من كلام عمر ". وفي البحار 29: 510 كلام يتعلق بذلك فراجع، وقد مر أن عليا (عليه السلام) يكتب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقدم اسمه الشريف، وكان خالد يكتب إليه (صلى الله عليه وآله) ويقدم نفسه.
[591]
خطوي وأضم العنود وألحق القطوف وأكثر الزجر وأقل الضرب وأدفع باليد، ولولا ذلك لأغدرت " (1). ألا ترى كيف جعل نفسه زميلا لمحمد (صلى الله عليه وآله) في ذكره من التصرفات والتحليل والتحريم ولا يصغى إلى ما أولوا به كلامه من أنه كان زميله (صلى الله عليه وآله) في غزوة، فإنه لا يناسب ما ذكره من تصرفاته وتحليله وتحريمه. ويذكر ابن شبة: " أن شريح بن الحارث النميري الذي كان عامل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قومه، ثم عامل أبي بكر، فلما قام عمر (رض) أتاه بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذه ووضعه تحت قدميه وقال: لا، ما هو إلا ملك انصرف " (2). وهم أحرقوا أحاديثه ومنعوا نشرها وكتابتها، وقالوا: حسبنا كتاب الله، وهم حرموا حلاله وحللوا حرامه وغيروا أحكامه وأمرهما بالخروج في جيش أسامة فلم يخرجوا. ذكر ابن أبي الحديد علل جرأة عمر في مسألة الخلافة، وذكر أمورا ثم قال: " ولو لم يكن إلا إنكاره قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه: " إيتوني بدواة... وقوله ما قال وسكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأعجب الأشياء أنه قال ذلك اليوم: حسبنا كتاب الله، فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار فبعضهم يقول: القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعضهم يقول: القول ما قال عمر... " (3).
(1) تاريخ الطبري 4: 225. (2) تاريخ المدينة لأبن شبه 1: 596 وراجع الصحيح من السيرة 1: 41. (3) شرح ابن أبي الحديد 12: 87. وإذا أردت الوقوف على مقدار احترام عمر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فلاحظ ألفاظه حينما يذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها: ما يروي هو: " كنا عند النبي (صلى الله عليه وسلم) وبيننا وبين النساء حجاب فقال رسول الله (ص) اغسلوني بسبع قرب وأتوني بصحيفة ودواة اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده فقالت النسوة ائتوا رسول الله بحاجته فقال =
[592]
وأضف إلى ما مر نزاعهما عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت: * (يا ايها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) * (1). هذا كله في استخفاف قريش برسول الله (صلى الله عليه وآله). وأما استخفاف قريش بعلي (عليه السلام) وإنكار فضله فمما لا يخفى، قال (عليه السلام) لابن عمر: " فوالله لولا أبوك وما ركب مني قديما وحديثا ما نازعني ابن عفان " (2). وقال ابن أبي الحديد ناقلا عن جعفر بن مكي عن محمد بن سليمان حاجب الحجاب في أمر طلحة والزبير: " لأن عليا دحضه الأولان وأسقطاه وكسرا ناموسه بين الناس فصار نسيا منسيا، ومات الأكثر ممن يعرف خصائصه التي كانت في أيام النبوة وفضله، ونشأ قوم لا يعرفونه ولا يرونه إلا رجلا من عرض المسلمين (3). وقال في إقدام طلحة والزبير على خلاف علي (عليه السلام): " وتنكرا له ووقعا فيه وعاباه وغمصاه وتطلبا له العلل والتأويلات " (4). قال علي: (عليه السلام) " فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي وصغروا عظيم منزلتي " (5). وحسبك في ذلك ما كتبه معاوية إلى محمد بن أبي بكر في جواب كتاب محمد إليه:
= عمر: فقلت اسكتن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن وإن صح اخذتن بعنقه... " ألا ترى إلى قوله: " أخذتن بعنقه " كيف أساء الأدب وحط عن مقام النبوة. (1) راجع البحار 30: 278 - 286. (2) ابن أبي الحديد 9: 54 وراجع 29: 479 - 649. (3) ابن أبي الحديد 9: 28. (4) ابن أبي الحديد 11: 11. (5) مر كلامه (عليه السلام) في الشكاية من قريش.
[593]
"... ولقد كنا وأبوك معنا وفي حياة نبينا (صلى الله عليه وسلم) نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه (صلى الله عليه وسلم) ما عنده وأتم له ما وعده وأظهر له دعوته وأبلج حجته قبضه إليه، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه وخالفه على ذلك اتفقا واتسقا ثم دعوا إلى أنفسهم... فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يك جورا فأبوك أسسه، ونحن شركاؤه، وبهديه أخذنا، وبفعله اقتدينا، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب واسلمنا له، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك فاحتذينا بمثاله، واقتدينا بفعاله " (1). هذا كله في زمن الخليفتين أبي بكر وعمر، وأما في زمان عثمان بن عفان فصار استخفافه بوصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد وآكد حتى أن عثمان جاهر بأن عليا (عليه السلام) ليس بأفضل من مروان بن الحكم (2) وأحضره في يوم شديد الحر، وضربه ضربا شديدا بعصا (3) ونقل في المطالب العالية 2: 226 / 2085: أن عثمان نهى عن العمرة في أشهر الحج أو عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فأهل بها علي مكانه يقول عن السنة، فنزل عثمان عن المنبر فأخذ شيئا يمشي به إلى علي، فقام طلحة والزبير فانتزعاه منه فمشى إلى علي يكاد أن ينخس عينه بإصبعه يقول له: إنك لضال مضل ولا يرد علي عليه شيئا ". وقال عثمان لعلي (عليه السلام): أنت احق بالنفي من عمار (4).
(1) راجع مروج الذهب 3: 12 وصفين نصر: 119 وشرح ابن ابي الحديد 1: 283 ط مصر و 3: 190 ط بيروت وجمهرة رسائل العرب 1: 549 والبحار 8: 603 و 604 الطبعة الحجرية (عن الاحتجاج للطبرسي رحمه الله تعالى والاختصاص للمفيد رحمه الله تعالى وصفين نصر) وراجع المسترشد للطبري: 509. (2) البحار 31: 183 و 450 وراجع الغدير 8: 294 و 297 - 299 و 302 و 306 و 323. (3) وراجع الموفقيات: 612 وابن أبي الحديد 9: 16 والبحار 31: 452. (4) راجع الغدير 9: 61.
[594]
نعم كانت سنة معاوية وبني أمية وبني مروان اتباع خطة قريش وسنة الخلفاء الثلاثة في تحطيم شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله) وإمحاء فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وولايته، ولا يخفى ذلك على من سبر التاريخ والحديث (راجع معالم المدرستين والصحيح من السيرة) وزاد معاوية وبنو أمية وبنو مروان الإجهار بذلك بوضع أحاديث في وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأعماله وأقواله بما لا يصدر عن حكيم، بل ولا عاقل، راجع صحيح البخاري ومسلم وسائر كتب الحديث، كالحديث في أنه (صلى الله عليه وآله) كان يحمل زوجته على عاتقه لينظر إلى لعب السودان وخده على خدها، ويسابق زوجته في قلب الصحراء، ويعزم على قتله نفسه لتأخر نزول الوحي، ويبول قائما، ولا يحفظ سورة الروم والشورى، وأنه شرب النبيذ والفضيخ، وأنه كان يهوى زوجة ابنه بالتبني، وأنه ينسى ليلة القدر، وأنه له شيطانا يعتريه وو و. (1) وجعلوا نقل فضائل علي (عليه السلام) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) من الموبقات الموجبة لأخذ الناقل وطرده وإبعاده بل قتله، وجعلوا نقل العيوب والمثالب الموضوعة فيه (عليه السلام) وفي أهل بيته (عليهم السلام) من الأعمال الصالحة الموجبة لقربة وتشريفه، وجعلوا لعن علي (عليه السلام) وسبه على المنابر سنة إلى زمن عمر بن عبد العزيز. 3 - منها: أن قريشا كانت ترجف في المدينة وتضع الأخبار الموحشة المزعجة يرهبون المسلمين، وتقول: * (إن الناس قد جمعوا لكم) * (2) و * (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) * (3) وفيهم نزلت: * (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون) * (4). ويشهد لذلك أن السور المدنية كلها مشحونة بآيات تدل على أعمال
(1) راجع الصحيح من السيرة 1. (2) آل عمران: 173. (3) آل عمران: 156. (4) التوبة: 64.
[595]
المنافقين وتكشف عن أفكارهم وعما ضمت جوانحهم، ولكن كل أعمالهم وأرجافهم وإيذائهم تمت بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبيعة أبي بكر حتى كأنهم لم يكونوا من ذي قبل وكأنهم صاروا كلهم أتقياء بررة وناصحين للإسلام والمسلمين. ويشهد له أيضا ما روي عن علي (عليه السلام) " أن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد غزوا، فدعا جعفر فأمره أن يتخلف على المدينة فقال: لاأتخلف بعدك أبدأ، فارسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعاني، فعزم علي لما تخلفت قبل أن أتكتم، فبكيت، فقال: ما يبكيك ؟ قلت: يبكيني خصال غير واحدة، تقول قريش غدا: ما أسرع ما تخلف عن ابن عمه وخذله... فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما قولك تقول قريش ما أسرع ما تخلف عن ابن عمه وخذله فإن لك بي أسوة قد قالوا ساحر وكاهن وكذاب.. الحديث " (1). 4 - ومنها ما ورد في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أجمع على نصب علي (عليه السلام) إماما ووليا وخطب الناس في حجة الوداع (في عرفة أو منى) وأراد أن يتكلم في أمر الإمامة، وذكر حديث الثقلين، ثم ذكر أن الأئمة بعده اثنا عشر واجهته فئات من الناس بالضجيج والفوضى إلى حد أنه لم يتمكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من إيصال كلامه إلى الناس. وقد صرح بعدم التمكن من سماع كلامه كل من أنس وعبد الملك بن عمير وعمر بن الخطاب وأبو جحيفة وجابر بن سمرة (2). وفي بعض النصوص " لغط القوم وتكلموا " (3).
(1) راجع مجمع الزوائد 9: 110 وكنز العمال 12: 1173 ومسند علي / 377 وراجع البحار 21: 245 عن أعلام الورى والدر المنثور 3: 293 ومسند فاطمة: 51 و 71 ومستدرك الحاكم 2: 337 وكشف الأستار / 2527 ومسند زيد: 407 و 408 وفي مسند أبي يعلى 2: 82 والكامل لابن عدي 2: 822 وسيرة ابن هشام 4: 174 والسنة لابن أبي عاصم: 588 وتيسير المطالب: 67 وتاريخ دمشق 1: 108 قال الناس أو قال المنافقون: مله رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكره صحبته واستثقله، والظاهر اتحاد القائلين فتدبر. (2) راجع الغدير والمعارضون: 61. (3) مسند أحمد 5: 99 والغدير والمعارضون: 63 عن أحمد والغيبة للنعماني: 122 (فيه: فتكلم الناس فلم أفهم) والمعجم الكبير للطبراني 2: 214.
[596]
أو " وضج الناس " (1). أو " فقال كلمة أصمنيها الناس " (2). أو " فصرخ الناس فلم أسمع ما قال " (3). أو " فكبر الناس وضجوا " (4). أو " ضجوا وكبروا " (5). أو " فجعل الناس يقومون ويقعدون " (6). " لقد رأينا أن هؤلاء بمجرد إحساسهم بأنه (صلى الله عليه وآله) يريد الحديث عن الأئمة الاثني عشر وبيان مواصفاتهم وتحديدهم بصورة أدق وأوفى وأتم، الأمر الذي جعلهم يخشون معه أن يعلن إمامة من لا يرضون إمامته، وخلافة من يرون أنه قد وترهم وأباد خضراءهم في مواقفه المشهورة دفاعا عن الحق والدين ألا وهو أمير المؤمنين (عليه السلام)... علا ضجيجهم وزاد صخبهم " (7) كما تقدم.
(1) مسند أحمد 5: 93 والغدير والمعارضون: 66 (عن مسند أبي عوانة 4: 394) وراجع: 65 عن أحمد. (2) صحيح مسلم 3: 1453 والخصال 2: 73 (كما في إثبات الهداة: 535) والبحار 36: 235 والغدير والمعارضون: 65 وملحقات إحقاق الحق 13: 1 ومسند أحمد 5: 101 و 986. (3) اثبات الهداة 1: 494 و 507 عن الإكمال والبحار 36: 239 والغدير والمعارضون عن الخصال أبواب الإثنى عشر وإكمال الدين 1: 272. (4) مسند أحمد 5: 98 وسنن أبي داود 4: 106 والغدير والمعارضون: 66 (عن سنن أبي داود وفتح الباري 13: 181 وإرشاد الساري 10: 273). (5) الكفاية للخطيب: 73. (6) مسند أحمد 5: 99 وإثبات الهداة 1: 546 والغدير والمعارضون: 63 (عن مسند أحمد والغيبة للطوسي رحمه الله تعالى: 88 و 89 وأعلام الورى: 384 والبحار 63: 236 ومنتخب الأثر: 20) والبحار 39: 237 عن الغيبة للشيخ والخصال 2: 75. (7) راجع الغدير والمعارضون: 62 و 63 عن مصادر كثيرة وإثبات الهداة للعلامة الحر العاملي 1: 494 و 507 و 535 و 536 ومنتخب الأثر: 11 وما بعدها وسنن ابي داود 4: 106 ومسند أحمد 5: 93 و 98 و 99 بسندين و: 101 وصحيح مسلم 3: 1453.
[597]
وتدل الأحاديث والآثار على أنه (صلى الله عليه وآله) لما نزل الأمر بإبلاغ الولاية كان يخاف جانب هؤلاء الصارخين الضاجين (أعني قريشا) ويقول: " إن قومي قريبوا عهد بالجاهلية، وفيهم تنافس وفخر، وما منهم رجل إلا وقد وتره وليهم، وإني أخاف أن يقولوا حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك " (1). وتدل النصوص على أن خوف رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان من قريش ومن يدور في فلكها في صرف الأمر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حرصا على الوصول إلى السلطة أو حقدا عليه لما قد وترهم بأمر الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله)، أو لما يرون من أن في ولاية علي (عليه السلام) بقاء الدين والنبوة الذي حاربوه سنين متطاولة وفي حطمه وصرف الولاية عنه وصول إلى ما يرومون من انهدام الدين ومحوه ومحقه، هذا مما تصرح به النصوص الحاكية لأقوال المعارضين المنابذين، ولكنه (صلى الله عليه وآله) أقدم وعزم على طاعة الله مع خوفه ووجله من قومه، فلم يقدر كما تقدم حتى أنزل الله تعالى عليه العصمة من الناس، فقام بهذه المهمة في غدير خم، ولكن المعارضين أظهروا خلافهم ومنابذتهم بما يستطيعون، قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بخم، فتنحى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب، فشق على النبي (صلى الله عليه وآله) تأخر الناس عنه فأمر عليا (عليه السلام) فجمعهم، فلما اجتمعوا قام فيهم متوسدا يد علي بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنه قد كرهت تخلفكم عني حتى خيل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني " (2).
(1) راجع الغدير والمعارضون: 50 وما بعدها (نقله عن مصادر كثيرة) وراجع البرهان 2: 146 وكنز الدقائق 3: 137 و 140 و 158 ومجمع البيان 3: 223 والدر المنثور 2: 298 و 3: 259 و 260 ونور الثقلين 2 وراجع اثبات الهداة 1. (2) راجع العمدة لابن بطريق: 107 والطرائف: 145 وفي ط: 34 والبحار 37: 133 عن الثعلبي والعمدة والطرائف - وفيها أن الناس كانوا ينحتون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وراجع الغدير والمعارضون: 52 (عن مناقب علي بن ابي طالب للمغازلي: 25 والعمدة والغدير 1: 22 عنه عن الثعلبي) (
[598]
وفي نقل ابن حبان بسند صحيح على شرط البخاري: " أنه حين رجوع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من مكة - حتى إذا بلغ الكديد (أو قدير) جعل ناس من أصحابه يستأذنون، فجعل (صلى الله عليه وسلم) يأذن لهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله أبغض إليكم من الشق الآخر " (1) ترى أنهم في مقابل نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا إماما كيف ناصبوه ونابذوه حتى يخاف منهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يرجعوا إلى الجاهلية (2) ؟ وكيف صارحوه في عرفة أو منى بالمخالفة ؟ وكيف تخلفوا عنه واستأذنوه قبل أن يصل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى خم ؟ !. 5 - منها: الأحاديث الواردة في أنه (صلى الله عليه وآله) بعد نصبه عليا (عليه السلام) للخلافة في غدير خم، وأخذه البيعة له من المسلمين الحاضرين، وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب وهو يقول: بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، تآمروا في قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة في مرجعه من تبوك، وهذه الواقعة البائسة متفق عليها بين المسلمين (3). وكان المتآمرون المقدمون على هذا العمل اثنا عشر
(1) مجمع الزوائد 1: 20. (2) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته " إن الله أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني حتى عاتبني ربي " وفي لفظ: " إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا وعرفت أن الناس مكذبي " وفي لفظ: " أنه لما أمر (صلى الله عليه وآله) بنصب علي (عليه السلام) خشي رسول الله من قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي أنفسهم لعلي من العداوة والبغضاء، وسأل جبرئيل أن يسأل ربه العصمة ". (3) راجع البحار 21: 193 و 229 - 233 و 236 و 17: 184 و 22: 96 و 28: 100 و 37: 116 و 125 والبرهان 2: 540 و 245 وتفسير القرطبي 8: 157 و 207 والبداية والنهاية 5: 19 والمغازي للواقدي 3: 1042 - 1044 والدر المنثور 3: 259 و 260 وتفسير ابن كثير 2: 372 و 373 وتفسير الرازي 16: 136 وروح المعاني 10: 139 وجوامع الجامع 2: 70 ومجمع البيان 5: 51 والتبيان 5: 303 والميزان 10: 343 والسراج المنير 1: 623 وتأريخ الخميس 2: 130 ونور الثقلين 1: 545 وزاد المعاد لابن القيم 3: 8 و 9 والسيرة الحلبية 3: 162 وسيرة دحلان بهامش الحلبية 2: 375 ومسند أحمد 5: 453 =
[599]
رجلا (1) أو ثلاثة عشر رجلا (2) أو أربعة عشر رجلا (3) أو خمسة عشر رجلا (4). قيل: ليس فيهم قرشي، وكلهم من الأنصار (5). وعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): " أن ثمانية منهم من قريش، وأربعة من العرب " (6). وقيل: ستة أو سبعة من قريش، والباقي من أفناء الناس (7). وقيل: اثنا عشر من بني أمية وخمسة من سائر الناس (8). ذكر المحدثون والمؤرخون أن القصة وقعت بالليل، وأن حذيفة وعمارا كانا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحدهما يقود مركب رسول الله (صلى الله عليه وآله) والآخر يسوقه، وأن حذيفة عرف مراكبهم ورواحلهم وأخبره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأسمائهم، وأن هذا كان من الأسرار عند حذيفة، ولأجل ذلك كان عمر بن الخطاب لا يصلي على أحد حتى يشهد جنازته حذيفة. ومع هذا - أي: كونه من الأسرار - حاول جمع الوقوف على أسمائهم واختلفوا في أسمائهم.
= واليعقوبي 2: 57 والتنبيه والاشراف: 236 والصراط المستقيم 1: 316 والمنار 10: 553 والطبري 3: 104 والكامل لابن الأثير ج 2 / 1278. (1) كما في مجمع البيان وابن كثير والدر المنثور واكثر المصادر. (2) المغازي للواقدي. (3) الحلبية ودحلان وكثير من المصادر. (4) راجع المغازي للواقدي والبداية والنهاية والحلبية ودحلان ومجمع البيان والكشاف و.... (5) راجع الدر المنثور والمنار. (6) راجع جمع الجوامع ومجمع البيان والبرهان والتبيان وكنز الدقائق والصراط المستقيم وروح المعاني. (7) راجع البحار 21: 233 و 248. (8) البحار 21 / ؟
[600]
قال ابن القيم في زاد المعاد والسيوطي في الدر المنثور: " إنهم عبد الله بن أبي، وسعد بن أبي سرح، وأبو خاطر الأعرابي، وعامر، وأبو عامر، والجلاس بن سويد بن الصامت، ومجمع بن حارثة، ومليحا التيمي، وطعمة بن أبيرق، وعبد الله بن عيينة، ومرة بن الربيع، وحصين بن نمير، وأو رد عليه ابن القيم بما حاصله: أولا: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أسر أسماءهم إلى حذيفة ولم يطلع عليه أحدا غيره، وكانوا لا يعرفون، ولأجل ذلك كان عمر لا يصلي على أحد إلا أن يصلي عليه حذيفة. وثانيا: أن عبد الله بن أبي كان من المتخلفين في غزوة تبوك. وثالثا: أن سعد بن أبي سرح لم يعرف له إسلام. ورابعا: أبو عامر خرج إلى مكة ثم إلى الطائف ثم إلى الشام، فمات طريدا، ولم يكن في غزوة تبوك. أقول: وخامسا: أن الجلاس كان من المتخلفين كما في أسد الغابة 1: 292. وسادسا: أن إخفاء أسمائهم كان من أجل أنهم كانوا من المعروفين، وكان ذلك لأجل أن اشتهارهم بذلك يضر الاسلام، ويفت في أعضاد المسلمين، ويؤول إلى مفاسد في المجتمع الإسلامي دون هؤلاء المجهولين، أو الذين عرفوا بالنفاق. ونقل في المنار 10: 555 أسماءهم عن الطبراني هكذا: " معتب بن بشير، ووديعة بن ثابت، وجد بن عبد الله بن نبتل بن الحارث، والحارث بن يزيد الطائي، وأوس بن قيظي، والحارث بن سويد، وسعد بن زرارة، وقيس بن قهد، وسويد وداحس من بني الحبلى، وقيس بن عمرو بن سهل، وزيد بن اللصيت، وسلالة بن الحمام وهما من بني قينقاع " (وراجع ابن كثير 2: 373).
[601]
أقول: أولا: ما تقدم من أنه كان سرا عند حذيفة لا يعلمه أحد. وثانيا: أن أوس بن قيظي كان من المتخلفين كما في الدر المنثور 3: 247. وثالثا: أن الذين كانوا اقدموا على الفتك برسول الله (صلى الله عليه وآله) يرون عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مضرا لهم، وكانت لهم مطامع دنيوية فوتها الرسول (صلى الله عليه وآله)، أو كانوا ذوي أحقاد وضغائن ناشئة من عداوة قديمة وترة سالفة، فهؤلاء المذكورون لم يكن لهم شئ من ذلك ولا ينالوا بقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا. ورابعا: كان إخفاء أسمائهم لأجل أنهم كانوا معروفين، وذكر أسمائهم كان يورث مفاسد اجتماعية من تفريق وحدة المسلمين أو الفت في عضدهم أو جرأة الأعداء عليهم، وليس ذلك في هؤلاء المذكورين أبدا. والذي أظن أن الذين عزموا على هذا العمل الخطير السئ كانوا من الذين كان لهم عداوة قديمة بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان لهم في ذلك مطامع دنيوية من خلافة أو ولاية، أو منافع مادية، أو كان في ذلك لهم شفاء غيظ وأخذ ثار و.... قال أبو الصلاح في تقريب المعارف: تناصر الخبر من طرق الشيعة وأصحاب الحديث بأن عثمان وطلحة والزبير وسعدا وعبد الرحمن بن عوف من جملة أصحاب العقبة الذي نفر برسول الله (صلى الله عليه وسلم) (1). وقال العلامة المجلسي في البحار 85: 267 في شرح دعاء صنمي قريش: أشار إلى أصحاب العقبة وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وأبو سفيان ومعاوية أبنه، وعتبة بن أبي سفيان، وأبو الأعور السلمي، والمغيرة بن شعبة، وسعد أبن أبي وقاص، وأبو قتادة، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، اجتمعوا في غزوة تبوك على كئود لا يجتاز عليها إلا فرد رجل أو فرد
(1) البحار 32: 218.
[602]
جمل، وكان تحته هوة مقدار ألف رمح، فمن تعدى عن المجرى هلك من وقوعها فيه، وتلك الغزوة كانت أيام الصيف والعسكر تقطع المسافة ليلا فرارا من الحر، فلما وصلوا إلى تلك العقبة أخذوا دبابا كانوا هيئوها من جلد حمار وضعوا فيها حصى، وطرحوها بين يدي الناقة.... وسبب فعلهم هذا مع النبي (صلى الله عليه وآله) كثرة نصه على علي بالولاية والإمامة والخلافة. وفي الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي البياضي (المتوفى 877) 3: 44: ففي مسند الأنصار هم أربعة عشر رجلا، ورواه جابر عن الباقر (عليه السلام) وعد منهم: أبا السرور، وأبا الدواهي وأبا المعازف، وابن عوف، وسعدا، وأبا سفيان وأبنه، وفعل، وفعيل، والمغيرة بن شعبة، وأبا الأعور السلمي، وأبا قتادة الأنصاري. وعن إرشاد القلوب: " قال حذيفة: هم والله أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، هؤلاء من قريش، وأما الخمسة الأخرى: فأبوموسى الأشعري، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وأوس بن الحدثان البصري، وأبو هريرة، وأبو طلحة الأنصاري. ونقل الشيخ محمد بن علي بن بابويه في الخصال 2: 499 باب الأربعة عشر. قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبيه عن زياد بن المنذر قال: حدثني جماعة من المشيخة عن حذيفة بن اليمان أنه قال: الذين نفروا برسول الله ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، وأبو الدواهي، وأبو المعازف، وأبوه، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة،
[603]
وأبو الأعور، والمغيرة وسالم مولى أبي حذيفة، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، وعبد الرحمن بن عوف. هذه خلاصة الأقوال من السنة والشيعة، والذي يؤيد قول الشيعة أن هؤلاء مذكورة أسماؤهم في المعارضين، وفي مبغضي علي وشانئيه، وهم الذين تسنموا عرش الخلافة، وأخذوا الولايات، وأحرزوا المناصب، وتمتعوا في حياتهم الدنيا بعد عزل علي عن الخلافة. ويؤيد أيضا القول الأخير في الجملة أمور: ذكر في الاستيعاب هامش الإصابة 4: 175 في ترجمة أبي موسى الأشعري قال: " أو كان منحرفا عن علي (رضي الله عنه)، لأنه عزله ولم يستعمله، وغلبه أهل اليمن في إرساله في التحكيم فلم يجزه، وكان لحذيفة قبل ذلك فيه كلام " (1). إن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد (2). وفي مجمع الزوائد 6: 195 قال: " فساب (3) عمار (رضي الله عنه) رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: نشدتك بالله ما كان أصحاب العقبة ؟ قال: أربعة عشر، فقال: إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر، فقال عمار: أشهد أن الاثني عشر الباقين منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " (4).
(1) نقل ابن أبي الحديد كلام الاستيعاب هكذا: " فلما قتل عثمان عزله علي (عليه السلام) عنها، فلم يزل واجدا لذلك على علي (عليه السلام) حتى جاء منه ما قال حذيفة فيه، فقد روى حذيفة فيه ما كرهت ذكره والله يعفو له ". (راجع الشرح 13: 314). (2) صحيح مسلم 4: 244 وراجع تفسير ابن كثير 2: 372. (3) في تفسير ابن كثير 2: 372 مكان " فساب " سأل عمار رجلا. (4) وراجع مسند أحمد 5: 453 وتفسير ابن كثير 2: 372 ورواه الطبري في المسترشد تحقيق =
[604]
من هذا الرجل الذي تنازع حذيفة، ومن هذا الذي تساب عمار بن ياسر، ولا يذكر الناقلون اسمه إجلالا له أو خوفا أهو أبو موسى أو من هو أعظم منه قدرا ؟ وعلى كل حال ليس هو من أفناء الناس، إذ لا يجسر أحد من الأشخاص العاديين أن يساب عمارا أو ينازع حذيفة. نقل ابن عدي في الكامل 2: 772 عن أبي يحيى حكيم قال: " كنت جالسا مع عمار فجاء أبو موسى فقال: مالي ولك ؟ قال: ألست أخاك قال: ما أدري إلا أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يلعنك ليلة الحملق قال: إنه استغفر لي قال: عمار قد شهدت اللعن ولم أشهد الاستغفار ". لم أجد لكلمة " الحملق " معنى مناسبا في شئ من كتب اللغة (1). ولكن الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى نقل هذا الحديث أطول وأبسط، هذا. روي في أماليه: 148 بإسناده عن عمران بن الطفيل عن أبي تحية قال:
= المحمودي: 595 أطول من ذلك: قال الواقدي: " تنازع عمار بن ياسر ورجل من المسلمين في شئ فتسابا، فلما كاد الرجل يعلو عمارا في السباب قال عمار: كم كان أصحاب العقبة ؟ قال: الله أعلم قال: أخبرني عن علمك بهم، فسكت الرجل فقال بعض الحاضرين: بين لمصاحبك ما سألك عنه، وإنما يريد عمار أشياء قد خفيت عليهم، فكره الرجل أن يحدثه، فأقبل القوم على الرجل يسألونه، فقال الرجل: كنا نتحدث أنهم كانوا أربعة عشر رجلا، قال عمار: فانك كنت فيهم، فهم خمسة عشر رجلا فقال الرجل: مهلا أذكرك الله أن تفضحني فقال عمار: والله ما سميت أحدا منهم ولكني أشهد أن الخمسة عشر رجلا فاثنا عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. وروي: 506 قال: " وروى يزيد بن هارون قال: أخبرنا الوليد بن جميع عن ابي الطفيل قال: ساب رجل عمارا فقال حذيفة أو قال عمار: كان الذين تجسسوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة أربعة عشر رجلا، فان كنت فيهم خمسة عشر. (1) في أقرب الموارد: حملق الرجل انقلب حملاق عينيه من الفزع كقوله: رأت رجلا أهوى إليها فحملقت * إليه بما في عينها المتقلب فلعل عمارا كنى عن ليلة العقبة بحملق إشارة الى حال أصحاب العقبة بما عندهم من الخوف والفزع، أو أن الكلمة مصحفة والصحيح العقبة، وراجع لسان العرب أيضا.
[605]
سمعت عمار بن ياسر (رضي الله عنه) يعاتب أبا موسى الأشعري ويوبخه على تأخره عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وقعوده عن الدخول في بيعته ويقول له: يا [أبا] موسى ما الذي أخرك عن أمير المؤمنين، فوالله لئن شككت فيه لتخرجن عن الإسلام وأبو موسى يقول له: لا تفعل ودع عتابك لي، فإنما أنا أخوك، فقال له عمار: ما أنا لك بأخ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلعنك ليلة العقبة، لقد هممت مع القوم بما هممت، فقال له أبو موسى: أفليس قد استغفر لي قال: عمار قد سمعت اللعن ولم أسمع الاستغفار (1). وعلى كل حال إخفاء أسماء هؤلاء من حذيفة وعمار إما لمفسدة اجتماعية إسلامية في ذكر أسمائهم أو خوفا من أن يقتلهم الجن كما قتلت سعد بن عبادة، أو من جهة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمصلحة في الإخفاء أو لمفسدة في الإجهار. وبالجملة كان أصحاب العقبة من المعروفين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يكونوا من الذين ذكرهم ابن القيم أو ابن كثير ورشيد رضا من المجهولين الذين لايعبأبهم، ولم يكن لذكر أسمائهم أي أثر إجتماعي. وهنا نص آخر لعله يفيد أكثر مما مر: روى عبيدالله بن موسى عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة أو عمار قال: " تجسسوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليلة العقبة: الثلاثة وصاحبا البصرة وعمرو ابن العاص وأبو مسعود وأبو موسى وقد ذكر جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (2). وروي قيس قال: " قلت لعمار أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي،
(1) وراجع البحار 33: 304 وفي قاموس الرجال / 6: 107 - 110 والطبري 4: 487 أن عليا (عليه السلام) أرسل الأشتر الإصلاح ما أفسده أبو موسى في الكوفة، فقال له الاشتر: " أخرج من قصرنا لا أم لك، أخرج الله نفسك، فوالله إنك لمن المنافقين قديما " وكان علي (عليه السلام) يلعن أبا موسى، راجع قاموس الرجال 6 وتنقيح المقال 2: 203. (2) المسترشد: 596.
[606]
أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): في أصحابي اثنا عشر منافقا، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيه الدبيلة، وثمانية لم أحفظ ما قال شعبة فيهم " (1). سأل السائل عن صنع عمار في أمر علي (عليه السلام) - في قصة السقيفة أو في الجمل أو في صفين أو في الجميع - وأجاب عنه عمار بهذه الجملة، وليس ذلك جوابا للسائل إلا أن يكون المراد بيان حال رؤساء هذه المواقف وأنهم كانوا من المنافقين. قال الطبري في المسترشد: 186: " وروت علماؤكم وفقهاؤكم ضد ذلك - يعني ضد حديث أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ما أبطأ عني جبرئيل قط إلا ظننته بدأ بعمر - إن عمر ومن هو أجل من عمر عندكم ليلة العقبة تجسسوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وروى عبيدالله بن موسى عن الوليد بن جبير عن أبي الطفيل عن حذيفة: أن عمر تجسس على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ". وقال: 591: " وقد دل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حذيفة بن اليمان على قوم منهم، وأمره بستر ذلك إبقاء عليهم وكراهة لهتك ستورهم، وأصحاب العقبة قد كان منهم مالا خفاء به، وهم جبلة (2) أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) وتقدم (صلى الله عليه وسلم) إلى حذيفة في شأن الرجلين الجليلين عند الأمة أن لا يخبرنا باسميهما ".
(1) صحيح مسلم 4: 2143 ولم يتعرض النووي في الشرح لبيان إجمال هذا الحديث، وروى مسلم بعد هذا الحديث حديثا آخر عن قيس بن عباد قال قلنا لعمار: أرأيت قتالكم أرأيا رأيتموه فإن الرأي يخطي ويصيب أو عهد عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شيئا لم يعهده إلى الناس كافة. وقال: إن رسول الله قال: " إن في أمتي - قال غندر: وأحسبه قال: حدثني حذيفة وقال غندر: أراه قال: في أمتي اثنا عشر منافقا لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم في صدورهم ". (2) الجلة: العظيم الكبير وكل شئ بالضم معظمة.
[607]
أورد أحمد في مسندة حديثا يشتمل على أن حذيفة كان ينقل أحاديث في ذم أشخاص، فمنعه سلمان الفارسي راجع 5: 439. تنبيه: ورد في بعض المصادر الحديثية أن قصة العقبة والتدبر في الفتك برسول الله (صلى الله عليه وآله) وقعت في الرجوع من حجة الوداع بعد غدير خم في عقبة " دقيق " أو " عقبة أوس " (1) أو " عقبة حرشي ". روى في إرشاد القلوب للديلمي: 331 حديثا طويلا في مسألة الولاية وذكر قصة الغدير وقال: " وكانا أبو بكر وعمر تقدما إلى الجحفة فبعث وردهما ثم قال لهما النبي (صلى الله عليه وآله) متهجما: يا ابن أبي قحافة ويا عمر بايعا عليا بالولاية من بعدي، فقالا: أمر من الله ورسوله ؟ فقال: وهل يكون مثل هذا عن غير الله ؟ نعم أمر من الله ورسوله فقال: وبايعا ثم انصرفا وسار رسول الله (صلى الله عليه وآله) باقي يومه وليلته حتى إذا دنوا من عقبة " حرشي " تقدمه القوم وتواروا في ثنية العقبة، وقد حملوا معهم دبابا وطرحوا فيها الحصا، فقال حذيفة فدعاني رسول الله صلى الله ودعا عمار بن ياسر " الحديث (2). أقول: مفاد الحديث وإن ساعده الاعتبار ولكنه خلاف المشهود بين المؤرخين والمحدثين، لأن المعروف عندهم وقوعها عند مرجعه من تبوك. 6 - ومنها: الأحاديث الدالة على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما ورد المدينة جهز جيش أسامة وأكد وأصر في بعثه وفيه المهاجرون والأنصار، ولعن من تخلف عنها،
(1) الصراط المستقيم 3: 44: وهي عقبة أوس ويقال: اسمها عقبة دقيق، وفي خرائج الراوندي أنها في طريقه إلى تبوك، وفي نور الثقلين " عقبة حرشى " بين الجحفة والأبواء ولم أجدها في معجم البلدان. (2) وراجع البحار 28: 99 عن الإرشاد.
[608]
فمرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرضه الذي توفاه الله تعالى فيه، وتخلف الجيش ورجع المهاجرون وتعللوا (1). 7 - ومنها: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد أن يكتب في مرضه لأمته ما يحفظهم من الضلال ويمنعهم من الزلل ويعصمهم عصمة قطعية ويهديهم إلى الرشاد، فمنعته قريش عن الكتابة وقال عمر: إن المرء ليهجر، أوقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله. نقل هذه المصيبة العظمى والداهية الكبرى علماء الاسلام في كتبهم بأسانيدهم عن جمع من الصحابة الكرام رضي الله عنهم كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعبد الله بن العباس وجابر بن عبد الله الأنصاري وعمر بن الخطاب. كان ابن عباس يذكر هذه الرزية ويبكي بكاء الثكلى حتى يخضب دمعه الحصباء قائلا: " يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ ! ! الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين كتابه " (2). ولا بأس بنقل نص الحديث: روى عبيدالله بن عبد الله عن ابن عباس قال: " لما اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعه قال: أيتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده (3) قال عمر: إن النبي غلبه الوجع (4) وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط، قال: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين
(1) راجع نفحات اللاهوت: 113 وتشييد المطاعن 1: 47 ط هند والمسترشد للطبري: 112 وما بعدها وراجع معالم المدرستين 2: 77. (2) روى هذه القصة أعلام الفريقين وقد استوفينا البحث حولها في هذا الكتاب في الفصل الخامس عشر وراجع معالم المدرستين 2: 41 ونفحات اللاهوت: 117 وتشييد المطاعن 1: 355 - 431 والمسترشد: 681. (3) في البخاري 9: 137 والطبقات 2 / 2: 37 ومسند أحمد 1: 324 و 326 " لن تضلوا ". (4) في شرح الشفاء للخفاجي 4: 278: " فقال عمر: " إن النبي (صلى الله عليه وسلم) يهجر " وفي البحار 22: 468 " ارجع فإنه يهجر ".
[609]
رسول الله وبين كتابه ". وقد تكلمنا فيما يأتي حول هذا الحديث، ماذا أراد أن يكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ ومن الذي منعه ؟ ولأي علة منعه... ونقل عن الدهلوي والخفاجي والكرماني (1) أنه (صلى الله عليه وآله) أراد أن يكتب ولاية علي (عليه السلام) وقد صرح بذلك عمر بن الخطاب في كلام جرى بينه وبين ابن عباس (2) ولا بأس بنقل بعض ألفاظه: " روى ابن عباس قال: دخلت على عمر في أول خلافته... قال: من أين جئت يا عبد الله ؟ قلت: من المسجد قال: كيف خلفت ابن عمك ؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر قلت: خلفته يلعب مع أترابه قال: لم أعني ذلك إنما عنيت عظيمكم أهل البيت، قلت: خلفته يمسح بالغرب على نخيلات من فلان، ويقرأ القرآن، قال: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة ؟ قلت: نعم، قال: أيزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نص عليه ؟ قلت: نعم وأزيدك: سألت أبي عما يدعيه فقال: صدق، فقال عمر: لقد كان من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أمره وذرو (3) من القول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا، ولقد كان يزيغ في أمره وقتا ما (4) ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه، فمنعت ذلك إشفاقا وحيطة على الإسلام، لاورب هذه البينة لا تجتمع عليه قريش أبدا " (5).
(1) راجع تشييد المطاعن 1: 426 ط هند وشرح الشفاء للخفاجي 4: 325 وفتح الباري 1: 186 و 8: 101 و 102 وعمدة القاري 2: 171 وهامش صحيح مسلم 3: 1257. (2) راجع ابن أبي الحديد 12: 79 ط بيروت وراجع غاية المرام المقصد الثاني: 596 / الباب 73. (3) ذروا من القول أي: ما ارتفع إليك وترامى من حواشيه وارتفاعه. (4) يزيغ في أمره من زاغ عن الطريق يزيغ إذا عدل عنه، وفي بعض النسخ " يربع ". (5) راجع البحار 8: 266 و 292 الطبعة الحجرية وابن أبي الحديد 12: 21 عن تأريخ بغداد لأحمد بن أبي طاهر وغاية المرام المقصد الثاني: 595 وهامش نهج الحق: 273 والصراط المستقيم 3: 5 وقاموس الرجال 6: 398 و 7: 188 وبهج الصباغة 4: 381 و 6: 244 ونفحات اللاهوت: 81 و 118 - 121.
[610]
وروى زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: " كنا عند النبي (صلى الله عليه وسلم) وبيننا وبين النساء حجاب فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): اغسلوني بسبع قرب وائتوني بصحيفة ودواة، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فقال النسوة: ائتوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحاجته قال عمر: فقلت اسكتن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح أخذتن بعنقه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): هن خير منكم " (1). وفي كلام آخر له: " يا ابن عباس وأراد رسول الله الأمر له فكان ماذا ؟ إذا لم يرد الله تعالى ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أراد أمرا وأراد الله غيره، فنفذ مراد الله، ولم ينفذ مراد رسوله، أو كلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان... " (2). يعترف عمر بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد الأمر لعلي (عليه السلام) (واعترف بذلك جمع من علماء أهل السنة) (3). ومنعه عمر (بإجماع من قريش) أن يكتب ذلك وقال ما قال وصدقه جمع (من قريش ومن والاهم) ولغطوا وتكلموا وأزعجوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآذوه حتى أمرهم بالقيام والتفرق، وعللوا عملهم ذلك بكونه إشفاقا للأمة
(1) الطبقات 2 / ق 2: 37 وابن سبأ للعلامة العسكري: 79 (عن الطبقات وإمتاع الاسماع: 566) وغاية المرام: 598 وكنز العمال 7: 170 عن ابن سعد و 5: 377 عن الطبراني وتشييد المطاعن 1: 384 ط هند والنص والاجتهاد: 169 ومعالم المدرستين 2: 42 وفي مجمع الزوائد 9: 34 بعد قوله " بسبع قرب " ادعو لي (ائتوني بصحيفة ودواة اكتب لكم لا تضلون بعدي أبدا فكرهنا ذلك أشد الكراهة أشد الكراهة ادعوا لى بصحيفة أكتب لكم ثم قال: كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة...). (2) شرح ابن أبي الحديد 12: 78 و 79 وراجع البحار 8: 266 الطبعة الحجرية وغاية المرام المقصد الثاني: 598. (3) كما تقدم وهو الحق وتشهد عليه القرائن كاهتمام ابن عباس به وتسميته رزية قائلا: " الرزية كل الرزية " وقوله (صلى الله عليه وآله): " لن تضلوا بعده " لأنه يفيد أن المكتوب كان حافظا لهم أن يضلوا في جميع شؤون الدين وليس ذلك إلا الولاية والإمامة وقال الطبري في المسترشد: 583 و 681: " فزعم عمر أنه لا حاجة لهم فيما دعاهم إليه الرسول (صلى الله عليه وآله) لعلمه أن الرسول يريد تأكيد الأمر لعلي (عليه السلام)، ولو علم أن الأمر له أو لصاحبه لبادر بالدواة والصحيفة.
[611]
الإسلامية، وحياطة للإسلام تارة، ونسبوه إلى إرادة الله تعالى تارة أخرى، فكأنهم أشفقوا ولم يشفق رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمدا أو خطأ والعياذ بالله، وكأن رسول الله خالف إرادة الله تعالى ووافقتها قريش. ونعم ما قال ابن أبي الحديد بعد نقل الحديث: " فهل تعي للنبوة مزية أو فضل إذا كان الاختلاف قد وقع بين القولين، وميل المسلون بينهما، فرجح قوم هذا وقوم هذا، أفليس ذلك دالا على أنهم سووا بينه وبين عمر، وجعلوا القولين مسألة خلاف، ذهب كل فريق منهم إلى نصرة واحد منهما، كما يختلف من عرض المسلمين في بعض الأحكام فينصر هذا قوم وينصر ذلك آخرون، فمن بلغت قوته وهمته إلى هذا كيف ينكر أن يبايع أبا بكر لمصلحة يراها ويعدل عن النص " (1). وقال أيضا في مخالفة الصحابة لأوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونواهيه... حتى أفضى الأمر إلى أن قال لهم في مرض موته: " ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما لا تضلوا بعده " فعصوه ولم يأتوا بذلك، وليتهم اقتصروا على عصيانه ولم يقولوا له ما قالوا وهو يسمع (2). وقال بعض المستبصرين: " إن هذه المقولة جاءت ردا مطابقا لمقصوده (يعني حديث الثقلين) فمقولة: عندكم القرآن حسبنا كتاب الله مخالفة لمحتوى الحديث الذي يأمرهم بالتمسك بكتاب الله والعترة معا، فكان المقصود هو حسبنا كتاب الله فهو يكفينا، ولا حاجة لنا بالعترة، وليس هناك تفسير معقول غير هذا بالنسبة لهذه الحادثة، اللهم إلا إذا كان المراد هو القول بإطاعة الله دون إطاعة رسوله، وهذا أيضا
(1) ابن ابي الحديد 12: 87 وراجع غاية ا 4 لمرام: 566 ناقلا ذلك عن أبي جعفر النقيب يحيى بن محمد بن أبي زيد ثم قال " وقد ذكر في هذا الفصل خلاصة ما حفظت عن النقيب أبي جعفر ولم يكن إمامي المذهب ولا كان يبرأ من السلف الصالح ولا يرتضى قول المسرفين من الشيعة ولكنه أجراه على لسانه البحث والجدل بيني وبينه ". (2) راجع 10: 219.
[612]
باطل وغير معقول، وأنت إذا طرحت التعصب الأعمى والعاطفة الجامحة وحكمت العقل السليم والفكر الحر، لملت إلى هذا التحليل وذلك أهون من اتهامه بأنه أول من رفض السنة النبوية بقوله: حسبنا كتاب الله... وإني لأعجب ممن يقرأ هذه الحادثة ويمر بها وكأن شيئا لم يكن مع أنها من أكبر الرزايا كما سماها ابن عباس، وعجبي من الذين يحاولون جهدهم الحفاظ على كرامة الصحابي وتصحيح خطأه " (1). " والله لو لبس المسلمون السواد وأقاموا المآتم وبلغوا غاية الأحزان كان ذلك يسيرا لما أدخل عليهم عمر من الخطاب المصيبات وأوقهم في الهلاك والضلال والشبهات " (2) " بمنعه الرسول عن الكتاب ومنعه المسلمين من كتابة الأحاديث، إذ كان هذا وذاك سبب من ضل من أمته وسبب اختلافهم وسفك الدماء بينهم وتلف الأموال واختلال الشريعة وهو هلاك اثنتين وسبعين فرقة من أصل فرق الإسلام، وسبب خلود من يخلد في النار " (3). 8 - ومنها: أن قريشا بعد ارتحال رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى الملأ الأعلى تشاوروا وتآمروا فيما بينهم وحضروا في سقيفة بني ساعدة وتشاجروا مع الأنصار وتكلموا واحتجوا في قضية بائسة مؤلمة مفجعة، فبايعوا أبا بكر وهجموا على بيت الوحي والرسالة وفعلوا ما فعلوا، وقد كتب حول هذه المصيبة العظمى علماء الاسلام من السنة والشيعة، راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة، وراجع الغدير 7 وراجع البحار 29 و 30 و 31. 9 - ومنها: أنهم أبعدوا عليا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأهل بيته
(1) راجع كتاب ثم اهتديت: 83 - 87. (2) الطرائف 2: 433. (3) الطرائف 2: 431.
[613]
المعصومين (عليهم السلام) عن تفسير القرآن وبيان الأحكام خلافا لقوله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي فإنهما لن يفترقا " ولقوله (صلى الله عليه وآله) " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وغيرهما من أقواله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) وأهل بيته علمهم (عليهم السلام) ونصبوا عدة للتفسير والإفتاء وبيان أحكام الاسلام ممن يوافقهم في حكومتهم وخلافتهم كزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وكعب الأحبار وعبد الله بن سلام وتميم الداري و... فآل أمر الإسلام إلى ما سنذكره فيما بعد (1). ولا بأس بنقل كلام بعض المحققين: " إنهم عدا عن أنهم قد أبعدوا كل من له هوى في علي (عليه السلام) من مراكز النفوذ كما جرى لخالد بن سعيد وكحرمانهم الأنصار. وعدا أنهم استخدموا المال في محاولة منهم لإسكات المعترضين كما هو الحال في قصتهم مع أبي سفيان... وأعطوا الولايات كذلك كما أسكتوا أبا سفيان بتولية ابنه. وعدا أنهم يحكمون أمورهم، فنجد أبا بكر يوحي إلى عمر بل يكتبه عثمان وأبو بكر في الإغماء لعلمه بذلك لأمر دبر بليل (2)، وهو يوصي بالشورى على نحو لا يصل الي علي كما سجله التأريخ ويمهدون لبني أمية ولو بصوره الشورى في تدبير دقيق... ويؤهلون معاوية للخلافة. وعلى خلاف ما قال الله تعالى: * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * وقال (صلى الله عليه وآله): " لا فضل لعربي على عجمي، وكل من آدم وآدم من تراب " أحيوا سياسة التمييز العنصري بما رووا من تفضيل قريش ثم بالتمييز في العطاء، وتفضيل العرب على
(1) وراجع الصحيح من السيرة 1 ومعالم المدرستين. (2) الطبري 1:
[614]
غيرهم في الإرث والزواج والعتق والصلاة. وزادوا في ترفيع شأن بعض وخمول آخرين. وأن العرب استفادوا من تلك الفتوح التي جرت في عهد الخلفاء على صعيد التوسعة والرفاهية مع سياسة تهتم بترسيخ الإعتقاد بأن الولاة والأمراء كانوا هم السبب في ذلك. وأضف إلى ذلك أن الخليفتين أظهرا الزهد في الدنيا.... وقد نتج من ذلك أن علا شأن قوم وخمل ذكر آخرين، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) " إن أول ما انتقصنا بعده إبطال حقنا من الخمس، فلما رق أمرنا طمعت رعيان البهم من قريش فينا ". وقال (عليه السلام): " إن العرب كرهت أمر محمد (صلى الله عليه وآله) وحسدته على ما آتاه الله من فضله واستطالت أيامه حتى قذفت زوجته ونفرت به ناقته مع عظيم إحسانه إليها وجسيم مننه عندها، وأجمعت مذ كان حيا على صرف الأمر عن بيته بعد موته، ولولا أن قريشا جعلت اسمه ذريعة إلى الرياسة وسلما إلى العز والإمرة لما عبدت الله بعد موته يوما واحدا ". هذا كله بالإضافة إلى السياسة التي كانت تهدف إلى القضاء على أهل البيت وإخماد ذكرهم وإبطال أمرهم، ففي صفين نجد أمير المؤمنين يشير إلى الأمويين: " لو استطاعوا لم يتركوا من بني هاشم نافخ نار " وقال عمرو بن عثمان: " ما سمعت كاليوم أن بقى من بني عبد المطلب على وجه الأرض من أحد بعد قتل الخليفة عثمان... ". ثم يأتي دور الاستفادة من بعض عقائد الجاهلية أو الموجود لدى أهل الكتاب: كتركيز الاعتقاد وابلزوم الخضوع للحاكم مهما كان ظالما ومتجبرا
[615]
وعاتيا، وهي عقيدة مأخوذة من النصارى حسب نص الإنجيل، وقد وضعوا فيها الأحاديث الكثيرة، وكالاصرار على عقيدة الجبر التي هي من بقايا عقائد المشركين وأهل الكتاب، وكالاعتقاد بأنه لا يضر مع الإيمان معصية، وهذه وإن كانت عقيدة المرجئة إلا أنها عامة في الناس آنئذ ومعنى هذا هو أن الحكام مؤمنون مهما ارتكبوا من الجرائم العظام، بل إنهم ليقولون: إن يزيد بن عبد الملك أراد أن يسير بسيرة عمر بن عبد العزيز فشهد له أربعون شيخا أن ليس على الخليفة حساب ولا عقاب بل قال الحجاج للوليد: الحلال ما حللت، بل الحجاج يدعى نزول الوحي عليه وعلى الخليفة. أضف إلى ذلك أنهم أرادوا القضاء على تقديس النبي (صلى الله عليه وآله) تارة بسلب العصمة عنه كما قالت قريش لعبدالله بن عمر إنه بشر يغضب، ووضعوا فيها أحاديث. اتخذوا لهم سياسة تجهيل الناس حتى لا يعرف شامي من هو أبو تراب ويقول آخر في صفين: إن عليا لا يصلي (1) ! ! ولأجل ذلك عزموا على إبعاد أهل البيت (عليهم السلام) عن الاجتماع، وإبعاد الناس عنهم حتى طمست معظم معالم الدين ومحقت أحكام الشريعة. روى عن أبي الحسن (موسى بن جعفر) (عليه السلام) وأبي الحسن الرضا (عليه السلام): " ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن والحسين (عليهما السلام) إلا الصلاة بعد العصر وبعد الغداة في طواف الفريضة " (2).
(1) راجع الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام) والصحيح من السيرة 1 وحقائق هامة حول القرآن ومقالا حول " الإسرائيليات " في تاريخ الطبري ومروج الذهب 3: 42 و 43. (2) راجع الكافي 4: 424 / 5 والتهذيب 5: 142 / 144 و 142 والاستبصار 2: 236 و 237 والوسائل 5: 487.
[616]
حتى أخذ معاوية سياسة إبعاد أهل البيت (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: إنهم أبناء علي (عليه السلام) لا أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمر كاتبه أن يكتب في كتابه إلى الحسنين (عليهما السلام) " الحسن بن علي " " الحسين بن علي " (1) ولذلك نرى الحسن والحسين وعلي بن الحسين (عليهما السلام) يكررون في خطبهم أنا ابن وأنا ابن ردا لقول معاوية. كل ذلك لأنهم كانوا يخالفون سياسة التجهيل، ويرون تعليم الناس ونشر أحكام الدين واجبا، وكانوا ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، كما قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك في حديث مشهور ومعروف. ولأنهم (عليهم السلام) كانوا متعبدين بما جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يرون خلافه ولا يقولون من عند أنفسهم وباجتهادهم شيئا في دين الله تعالى، وقالوا: إنا نقول بما هو عندنا من كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإملائه وخط علي (عليه السلام). وإذا أردت الوقوف التام على ما نوت قريش وعزمت وصممت وفعلت ما فعلت فعليك بما كتبه المحققون من علماء الإسلام، فراجع معالم المدرستين والغدير والصحيح من السيرة 1 ودراسات وبحوث 1: 77 مقال " الإمام السجاد (عليه السلام) باعث الاسلام من جديد " و 3: 193 و 211 و 213 و 223 مقال الاسرائيليات في الطبري والبحار 30 و 31. غاية المطاف: فعلم مما ذكرنا أمور: 1 - أن النبي (صلى الله عليه وآله) من بدء البعثة من يوم الإنذار وما بعده لا يزال يذكر فضل
(1) ولأجل رد ذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (في أحاديث متواترة) لولد فاطمة (عليها السلام): " أنا أبوهم وأنا عصبتهم " وقد أشرنا الى هذه الأحاديث فراجع.
[617]
بني هاشم وفضائل أهل بيته (عليهم السلام)، ويذكر ولايتهم ويؤكد على ذلك، ويذكر مثالب مخالفيهم وفسقهم ونفاقهم، ولا يفتأ يصر مع ذلك طيلة أيام حياته ليلا ونهارا وسرا وجهرا بلاغا من الله تعالى وأداء للواجب، ويظهر إكرامهم وإعظامهم عملا في الخلوة والملأ. 2 - أن قريشا كانت مبغضة وحاقدة تبغض بني هاشم ولا سيما أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت تظهر ذلك في لحظات أبصارهم وفلتات لسانهم، ولقائهم إياهم بوجوه عابسة مكفهرة. 3 - أن قريشا عزمت وصممت على الإعراض عنهم وحجود ولايتهم، وإنكار نصوص الولاية. 4 - كانت قريش تفكر في مجابهة نصوص الرسول (صلى الله عليه وآله) في فضائل أهل البيت وولايتهم وذم أعدائهم إلى أن وجدت سبيلا إلى إلغاء النصوص بنهيهم عبد الله بن عمرو عن الكتابة بقولهم: إنما هو بشر يغضب كما يغضب البشر أي يتكلم عن رضا وغضب باطلا (والعياذ بالله) (1). 5 - كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعلم ويخبر أهل بيته (عليهم السلام) بما ينالهم من أعدائهم ويبكي على المصائب التي سيبتلى بها أهل بيته (عليهم السلام). 6 - كان (صلى الله عليه وآله) يحذر أصحابه من الفتنة بعده، ويحذرهم من قريش ويبين أن هلاك أمته إنما هو بيد قريش. 7 - كان (صلى الله عليه وآله) يخبر أصحابه عن الذين يملكون عرش الخلافة وينكرون سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقولون حسبنا كتاب الله. 8 - وقد وقع ذلك ورآه الصحابة بأعينهم وسمعوه بآذانهم وشاهدوا أن
(1) راجع الأضواء: 42 وما بعدها.
[618]
قريشا لما تملكوا عرش الخلافة وأتكئوا على أريكة الرئاسة عزموا على محق السنة ومحوها، ورأوا أن أحاديث الفضائل قد كتبها الصحابة الكرام وأثبتوها في صحائفهم، وهم يدارسونها ويقرأونها جمعوا الأحاديث وأحرقوها وكتبوا إلى الأمصار أن يحرق كل كتاب، ومنعوا كتابة سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل منعوا نقلها ونشرها. ولم يمكنهم التصريح بالمنع عن أحاديث فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم، ولأجل ذلك منعوا كتابة جميع الأحاديث ونشرها، نعم نقل عن عمر: " اقلوا الرواية عن رسول الله إلا فيما يعمل به " (1). وقال الدارمي في شرح منع عمر عن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما نصه: " معناه عندي الحديث عن أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس السنن والفرائض " (2). وقال ابن عبد البر: " إن عمر نهى عن الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة ". وقال المعلمي - أحد كبار علماء أهل السنة المعاصرين تعليقا له على مرسل ابن أبي مليكة - المحتوي على منع أبي بكر للناس عن الحديث بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: " إن كان لمرسل ابن أبي مليكة أصل فكونه عقب الوفاة النبوية يشعر بأنه يتعلق بأمر الخلافة، كان الناسع عقب البيعة بقوا يختلفون يقول: أحدهم أبو بكر أهلها لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال كيت وكيت فيقول آخر وفلان قد قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) كيت وكيت، فأحب أبو بكر صرفهم عن الخوض في ذلك وتوجيههم إلى القرآن " (3).
(1) عبد الرزاق 11: 262 والبداية والنهاية 8: 107 وجامع بيان العلم 2: 148 والغدير 6: 295 وراجع تدوين السنة: 476. (2) سنن الدرامي 1: 85 وراجع تدوين السنة: 414 و 477. (3) تدوين السنة: 418 عن الأنوار الكاشفة: 54.
[619]
وهذا هو العلة الحقيقة لما عمله الخليفتان من إحراق الأحاديث لا ماعللوه به إرضاء للجهلة والمغفلين، وليكن هذا في ذكرك حتى يأتي بيان أوفى وأدق من ذلك. هناك علة أخرى: قدمنا الإشارة إلى أن قريشا حاربت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعارضته وقاتلته بكل ما عندها، من حول وطول إلى أن عجزت واستسلمت وأظهرت الإسلام ولم تؤمن قلوبهم إلا القليل منهم، ثم شرعت في المعارضة والمنابذة والمجابهة مع النبي (صلى الله عليه وآله) بنحو دقيق تحت ستر الإسلام من قولهم: " إنه بشر يغضب " و " إن المرء ليهجر حسبنا كتاب الله " وتركهم عملا ما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير، وتغييرهم الأحكام التي بينها النبي (صلى الله عليه وآله) من حكم المتعتين والأذان والتيمم واحدا بعد واحد، واخذوا في العمل بالرأي والقياس وسموا ذلك اجتهادا، وقد استوفى البحث عن ذلك العلامة الأميني رضوان الله عليه في كتابه القيم الغدير والعلامة العسكري في معالم المدرستين والعلامة السيد جعفر في الصحيح من السيرة (1). فهذا القصد يقتضي إمحاء السنن النبوية ولو بالتدريج أو نقول: " إن هذا المنع عن الحديث ينسجم مع سياسة وتدبير الحاكم الذي لا يريد أن تكثر الأعتراضات عليه بمخالفة أقواله وأفعاله لأقوال وأفعال الرسول (صلى الله عليه وآله) أو القرآن الكريم... ولأجل ذلك أيضا فقد منعوا عن السؤال عن القرآن وتفسيره حيث لم يكن مجال للمنع عن كتابته وتلاوته و... فإن ذلك يطمئن السلطة إلى أن الأمور التي تهتم بطمسها وإخفائها سواء مما يرتبط ببعض شخصياتها أو يقوي موقف خصومها - هذه الأمور - لن تظهر وستبقى رهن الخفاء والكتمان، ولن يكون
(1) استمر هذا التغيير والتبديل إلى موت عثمان، وأما ما جرى بعده فمن المصائب الجليلة إذ لم يبق من الاسلام أصولا وفروعا إلا اسمه.
[620]
لها أثريهم السلطة في أن تتجنبه " (1). و " هناك التدبير الذكي والدقيق الذي كان من شأنه أن يحرم الأمة من الاطلاع على كثير من توجيهات وأقوال وقرارات ومواقف الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والمتمثل في المنع عن رواية الحديث النبوي مطلعا أو ببينة والضرب ثم الحبس بل التهديد بالقتل - كما سيأتي الكلام حوله - على ذلك ثم المنع عن كتابته ثم إحراق ما كتبه الصحابة عند (صلى الله عليه وآله) ثم تشجيعهم القصاصين والرواية الاسرائيليات ثم وضعها الأحاديث المؤيدة لذلك ثم السماح بالرواية لأشخاص معينين دون من عداهم حتى أن أبا موسى ليمسك عن الحديث حتى يعلم ما أحدثه عمر " (2). فعلى هذا إذا لم يكتب ولم يضبط الحديث ومنع عن الحديث أيضا بل وعن تفسير القرآن صار الحاكم وعماله مبسوطي اليد فيما يريدون من الأعمال والأفعال حتى يرى الناس ما يحكم به الحاكم ويريد حكما شرعيا إلهيا، ولايجوز لأحد الاعتراض عليه والحكم بخلافه (3). ولا بأس بالإشارة إلى بعض الشواهد: " روي عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري قال: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أرض قومي... فما زلت أفتى الناس بالذي أمرني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى توفى ثم زمن أبي بكر (رضي الله عنه) ثم زمن عمر (رضي الله عنه) أنا قائم عند الحجر الأسود أو المقام أفتي الناس بالذي أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ أتاني رجل فسارني فقال: لا تعجل بفتياك، فإن أمير المؤمنين قد أحدث في المناسك شيئا فقلت: أيها الناس من كنا أفتيناه في
(1) الصحيح من السيرة 1: 27 ط 1. (2) راجع الحياة السياسية للأمام الحسن (عليه السلام): 78 و 79. (3) حتى صار فتيا الخلافة مقدما على الكتاب والسنة حيث إن ابن عباس حينما يفتني بحلية المتعة استنارا إلى قول النبي (صلى الله عليه وآله) يقع موردا للاعتراض بأن عمر حرمها وكذا ابن عمر (راجع تدوين السنة: 282 و 283).
[621]
المناسك فليتئد فإن أمير المؤمنين قادم فبه فائتموا... " (1). ويشهد لذلك ما غير من أحكام الله تعالى زمن الخلفاء كالمتعتين والأذان وصلاة الميت حتى قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): " فإن هذا الدين كان أسيرا في أيدي الأشرار يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا " (2) حتى صار تعبد علي (عليه السلام) بالدين وتقيده بالشرع المبين نقصا عندهم قال ابن أبي الحديد: " وإنما قال اعداؤه - أي: أعداء علي (عليه السلام) - لا رأي له لأنه كان متقيدا بالشريعة لا يرى خلافها، ولا يعمل بما يقتضي الدين تحريمه، وقد قال (عليه السلام): " لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب " وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه ويستوقفه سواء كان مطابقا للشرع أم لم يكن " (3) وسأل عمر بن الخطاب كعب الأحبار عن خلافة علي (عليه السلام) وقال " فما تقول في علي أشر علي في رأيك... فقال: أما من طريق الرأي فإنه لا يصلح، إنه رجل متين الدين لا يغض على عورة ولا يحكم عن زلة ولا يعمل باجتهاد رأيه " (4). وبالجملة هذه سيرة علي (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام) في التعبد والتقيد بسنة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهذه سيرة الخلفاء في رفض السنة والعمل باجتهادهم خالف السنة أم وافقتها حتى عبر علي (عليه السلام) عن سيرتهم بالطخية العمياء في قوله: " وطفقت أرتإي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه " (5). هذا علي (عليه السلام) يقول: " إنه ليس على الإمام الا ما حمل من أمر ربه: الإبلاغ في
(1) مسند أحمد 4: 393 و 395 و 396 وراجع في المنع عن التفسير تقييد العلم: 51. (2) نهج البلاغة / الكتاب 53. (3) شرح ابن أبي الحديد 1: 28. (4) ابن أبي الحديد 12: 81. (5) نهج البلاغة / خ 3.
[622]
الموعظة والاجتهاد في النصيحة والإحياة للسنة... فبادروا العلم من قبل تصويح نبته ومن قبل أن تشغلوا بأنفسكم عن مستنار العلم " (1) وقال (عليه السلام): " إن لي عليكم حقا ولكم علي حق، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم، وتعليمكم كي لا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا " (2). فجعل (عليه السلام) تعليم الناس الأمور الدينية من الواجبات والمحرمات والحقوق والحدود وسائر الأحكام في وظائف الخليفة كما أنه جعل من واجبه إحياء السنة وإماتة البدعة، وهؤلاء قريش (الخلفاء) يحتاجون في سيرتهم إلى طمس آثار النبوة ومحو السنة بإحراق الأحاديث والمنع عن كتابتها والمنع عن نشر الحديث كما سيأتي، وبعبارة أخرى يحتاجون في حكومتهم إلى ابتعاد الناس عن الكتاب والسنة المبينة له كي يكون الدين طوع أيديهم وأهوائهم، فيأولون الكتاب على آرائهم وميولهم فيكون ذلك وسيلة إلى نيل إلى أهوائهم الدنيوية في قالب ديني. وعلى كل حال هنا منهجان وسيرتان: أحدهما ضبط آثار النبي (صلى الله عليه وآله) وسننه من أقواله وأفعاله وكتابتها والتقييد بالعمل بها (3) وثانيهما: المنع من كتابتها ونشرها وعدم التقييد بالعمل بها، واتباع المصالح التي يراها الحاكم من تنفيذ منافعه وتشييد قواعد حكومته ومن بنود هذا المنهج تجهيل الناس بالنسبة إلى الواقع حتى يستفيدوا من جهلهم ويستريحوا من الاعتراض والاختلاف. وقد اشار علي (عليه السلام) إليهم بقوله: " لقد عملت الولاة قبلي بأمور عظيمة خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين لذلك ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى
(1) نهج البلاغة / خ 103 ط عبده وراجع شرح الخوئي 7: 250. (2) نهج البلاغة / خ 34 ط عبده. (3) لاعتقادهم بأن الكتاب تبيان لكل شئ وأنه ما فرط الكتاب من شئ وأن بيانه على الله تعالى بلسان نبيه (صلى الله عليه وآله) وانه ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وفيهم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " في كل خلف عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين " الصواعق: 150 و 151.
[623]
مواضعها التي كانت عليها على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتفرق جندي حتى أبقى وحدي إلا قليلا من شيعتي... " (1) وقال: " لو استوت قد ماي من هذه المداحض لغيرت أشياء " (2) وقال (عليه السلام) في البيع والأحكام التي نشأت من الرأي والقياس دون السنة والكتاب: "... ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم، فيصوب آراهم جميعا وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد، أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه، أم نهاهم عنه فعصوه، أم أنزل دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاءه فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى، أم أنزل الله دينا تاما فقصر الرسول عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه يقول: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * وقال " فيه تبيان كل شئ " ؟ (3). أين المتعبد لله ولرسوله في جميع شؤونه، ومن يرى الدين ما وافق عقله أو هواه، ويرى المنع عن كتابة الحديث ونشره بل يضرب من يسأل عن تفسير القرآن: روى سليمان بن يسار: " أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال: من من ؟ قال: أنا عبد الله صبيغ فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه وقال: أنا عبد الله عمر فجعل له ضربا حتى دمي رأسه فقال: يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت
(1) البحار 8: 651 الطبعة الحجرية و 34: 167 الطبعة الحديثة باب علة عدم تغيير أمير المؤمنين (عليه السلام) البدع عن الاحتجاج و 652 عن الكافي و 34: 172 الطبعة الحديثة. (2) نهج البلاغة 272 والبحار 8: 654 الطبعة الحجرية باب علة عدم تغيير أمير المؤمنين (عليه السلام) البدع وراجع ابن أبي الحديد 20: 161 ط بيروت وشرح ابن ميثم 5: 382. (3) نهج البلاغة / خ 18 ط عبده وراجع بهج الصباغة 13: 159 وما بعدها.
[624]
أجد في رأسي " (1). كما أنه طعن بمخصرة في عمامة رجل سأله عن الجوار الكنس وضرب بالدرة من سأله عن فاكهة وأبا (2). نجاح قريش في المنع عن الكتابة: نجحت قريش في نهيهم عن كتابة الحديث وإحراق ما كتب في المدينة والأمصار، لأن الصحابة والتابعين تأثروا من هذا النهي شديدا وحرموا كتابة الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كالمحرمات التي نزل بها القرآن وحرمها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامتنعوا عن الكتاب إلى أن أدرك الخليفة الأموي أن الخطر الذي أوجب التحريم قد ارتفع (يعني أن فضائل علي وأهل بيته قد ذهبت، أخفاها أحباؤه خوفا وأعداؤه حسدا وبغيا، وأن الفضائل المفتعلة قد ملأت الجوامع الإسلامية) أمر بكتابة الحديث. قال أبو طالب المكي المتوفى سنة 381: أنه كره كتابة الحديث الطبقة الأولى من التابعين فكانوا يقولون: احفظوا كما كنا نحفظ، وأجاز ذلك من بعدهم، وما حدث التصنيف إلا بعد موت الحسن (ت 110) وابن المسيب (ت 105) (3). قال ابن حجر (ت 852): " اعلم أن آثار النبي (صلى الله عليه وسلم) لم تكن في عصر أصحابه وكبار تابعيهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة " (4).
(1) عبد الرزاق 11: 426 والتراتيب الإدارية 2: 259 وحياة الصحابة 3: 233 والغدير 6: 290 و 291 فإنه ذكر القصة ومصادرها. (2) راجع الغدير 6: 292 (عن كنز العمال والدر المنثور). (3) مقدمة تقييد العلم: 6 وتدوين السنة: 19 (عن قوت القلوب): 159 والرسالة المستطرفة: 8 و 9 ودلائل التوفيق: 235) وراجع مقدمة جامع أحاديث الشيعة 1: 6. (4) مقدمة تقييد العلم: 7 عن مقدمة فتح الباري: 4 وراجع مقدمة جامع أحاديث الشيعة 1: 5 وتنوير الحوالك 1: 5.
[625]
قال الكتاني محمد بن جعفر (ت 1345): " وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين لا يكتبون الحديث ولكنهم يؤدونه حفظا ويأخذونه حفظا " (1). عن مالك بن أنس قال: " أول من دون العلم ابن شهاب المتوفى 124 " (2). وقال ابن شهاب: " كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء " (3) وفي لفظ: " كنا نكره كتابة العلم حتى أكرهنا عليه السلطان ". قال الغزالي المتوفى 505: " الكتب والتصانيف محدثة لم يكن شئ زمن الصحابة وصدر التابعين، وإنما حدث بعد سنة 120 وبعد وفاة جميع الصحابة وجلة التابعين، وبعد وفاة سعيد بن المسيب المتوفى سنة 105 والحسن البصري المتوفى 110 وخيار التابعين، بل كان الأولون يكرهون كتب الحديث وتصنيف الكتب (4). ويرى الذهبي أن أول زمن التصنيف وتدوين السنن وتأليف الفروع بعد انقراض دولة بني أمية (سنة 132) وقال في حوادث سنة 143: " وفي هذا العصر شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير " (5). عن يحيى بن سعيد: " أدركت الناس يهابون الكتب حتى كان الآن حديثا قال: ولو كنا نكتب لكتبت من علم سعيد وروايته كثيرا " (6).
(1) مقدمة تقييد العلم: 7. (2) جامع بيان العلم 1: 88 و 91. (3) جامع بيان العلم 1: 92 وتقييد العلم: 107 والأضواء: 262 وعبد الرزاق 11: 258 والطبقات لابن سعد 2 / ق 2: 135 وتدوين السنة: 17 (عن الدارمي 1: 92 وحلية الأولياء لأبي نعيم 3: 363. (4) تدوين السنة: 19 عن إحياة العلوم 79 1 ط بولاق. (5) تدوين السنة: 20. (6) جامع بيان العلم 1: 81 وراجع الطبقات الكبرى 5: 104 وفيه " من علم سعيد ورأيه شيئا كثيرا ". نقل أحمد في علله 2: 388 عن أبن علية قال: إنما كرهوا الكتاب: لأن من كان قبلكم اتخذوا الكتب فأعجبوا بها، فكانوا يكرهون أن يشتغلوا بها عن القرآن. (*)
[626]
قال العجاج الخطيب في السنة قبل التدوين: 323 " وقد ازدادت كراهة التابعين للكتابة عندما اشتهرت آراؤهم الشخصية، فخافوا أن يدونها طلابهم مع الحديث وتحمل عنهم، فيدخلها الالتباس ". وعلى أي حال جرى تحريم كتابة السنة في علماء مدرسة الخلفاء إلى أن أمر عمر بن عبد العزيز وأكد على كتابة السنة. قال الخطيب: " ولم يكن العلم مدونا أصنافا ولا مؤلفا كتبا وأبوابا في زمن المتقدمين من الصحابة والتابعين وإنما فعل ذلك من بعدهم " (1). قال السيوطي: " وأخرج الهروي في ذم الكلام من طريق يحيى بن سعد عن عبد الله بن دينار قال لم يكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الحديث، إنما كانوا يؤدونها لفظا ويأخذونها حفظا إلا كتاب الصدقات والشئ اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء حتى خيف عليه الدروس (2). قال أبو طالب المكي في قوت القلوب: " هذه المصنفات حادثه بعد سنة عشرين أو ثلاثين ومائة ". الذين حرموا الكتابة من التابعين أو نسب إليهم: 1 - إبراهيم بن يزيد التيمي المتوفى سنة 92 كان يكره الكتاب (3). 2 - إبراهيم بن يزيد النخعي المتوفى سنة 96 يقول لمغيرة: " لا تخلدن عني
(1) الجامع لأخلاق الرواة 2: 423 / 1917. (2) تنوير الحوالك 1: 4. (3) بحوث في تاريخ السنة: 224 ومقدمة تقييد العلم: 20 و 22 والسنة قبل التدوين: 323.
[627]
كتابا " وكان يكره أن يكتب الحديث كراريس وقال: " ما كتبت شيئا قط " (1). 3 - أيوب بن كيسان السختياني المتوفى 131 كان يكره كتابة الحديث (2). 4 - إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية) المتوفى سنة 193 من المحدثين الذين كرهوا الكتابة (3). 5 - جابر بن زيد المتوفى 93 أو 103 عد ممن يكره الكتابة (4). 6 - الحسن بن أبي الحسن المتوفى 110 أحرق كتبه إلا صحيفة واحدة (5). 7 - حماد بن زيد بن درهم المتوفى 179 كان يكره الكتاب (6). 8 - حماد بن سلمة بن دينار المتوفى 167 كان ممن يكره الكتابة، وقد كان يكتب ويعتمد عليها في الحفظ، ثم يمحو ما كتبه بعد أن يحفظه (7). 9 - خالد الحذاء المتوفى 141 قال: " ما كتبت شيئا قط إلا حديثا طويلا، فإذا حفظته محوته " (8).
(1) سنن الدارمي 1: 120 و 121 و 123 وتقييد العلم: 4847 و 60 و 108 و 109 ومقدمة تقييد العلم: 19 و 20 وبحوث في تاريخ السنة: 224 والسنة قبل التدوين: 322 و 323 والطبقات الكبرى 6: 189 و 303 وجامع بيان العلم 1: 80 و 82 و 84 والآثار للشيباني: 159 والعلم لأبي خثيمة: 10 و 11. (2) الكفاية للخطيب: 240 وهامش تقييد العلم: 79 والطبقات 7 / ق 1: 135 وق 2: 17. (3) السنة قبل التدوين: 379 وتقييد العلم: 21 و 22 من المقدمة. (4) بحوث في تاريخ السنة: 224 والسنة قبل التدوين: 322 و 324 ومقدمة تقييد العلم: 20 والطبقات الكبرى 7 / ق 1: 131. (5) الطبقات الكبرى 7 / ق 1: 127 وقد تقدم أنه كان عن أمير المؤمنين (عليه السلام). (6) تقييد العلم في المقدمة: 21 و 48 والسنة قبل التدوين 379 وفي هامش التقييد: 48 (عن تذكرة الحفاظ 1: 131 و 212) وجامع بيان العلم 1: 81. (7) السنة قبل التدوين: 335 و 379 ومقدمة التقييد: 21. (8) السنة قبل التدوين 335 وتقييد العلم: 59. (*)
[628]
10 - سعيد بن عبد العزيز المتوفى 167 يقول: ما كتبت حديثا قط (1). 11 - سعيد بن المسيب المتوفى 105 أو 94 ورخص لعبد الرحمن بن حرملة بالكتابة حينما شكى إليه سوء حفظه (2). 12 - سليمان بن مهران الأعمش المتوفى 148 كان يكره الكتاب (3). 13 - سعيد بن جبير المتوفى 95 قال عبد الله بن مسلم بن هرمز: " كان سعيد بن جبير يكره كتاب الحديث " (4). 14 - شعبة بن الحجاج المتوفى 160 قال سعد بن شعبة: " قال لي والدي: يا بني إذا أنا مت فاغسل كتبي وادفنها، فلما مات غسلت كتبه ودفنتها - وقال سعد هذا في رواية أخرى -: " وكان أبي إن اجتمعت عنده كتب من الناس أرسلني إلى الباذ جاه فأدفنها في الطين " (5). 15 - رفيع بن مهران أبو العالية المتوفى 93 بعث بكر بن عبد الله إلى أبي العالية رفيع بن مهران أن يكتب له حديثا، فقال: لو كنت كتبت لأحد لكتبت لك (6). 16 - طاووس بن كيسان اليماني المتوفى 106 كان يأمر بإحراق الكتب (7).
(1) سنن الدارمي: 1: 121 وبحوث في تأريخ السنة: 224 والسنة قبل التدوين: 334 ومقدمة تقييد العلم: 21 وجامع بيان العلم 1: 81 وبهامش تقييد العلم: 48. (2) تقييد العلم: 99 والسنة قبل التدوين: 324 و 325 (عن المحدث الفاصل: 4 نسخة دمشق) وجامع بيان العلم 1: 88. (3) تقييد العلم: 48 وجامع بيان العلم 1: 81. (4) الطبقات الكبرى 6: 179. (5) تقييد العلم: 62 والسنة قبل التدوين: 335 وفي الجامع لأخلاق الراوي 1: 352 أنه يابى عن الإملاء. (6) تقييد العلم: 47. (7) تقييد العلم: 61 (وفي مقدمته: 20) والسنة قبل التدوين: 324 والجامع لأخلاق الراوي 1: 349.
[629]
17 - سفيان بن سعيد الثوري المتوفى 161 كان يقول: " بئس مستودع العلم القراطيس " (1). 18 - الضحاك بن مزاحم المتوفى 105 قال: " لا تتخذوا للحديث كراريس ككراريس المصاحف " (2). 19 - عامر الشعبي المتوفى سنة 104 كان يقول: " ما كتبت سوداء في بيضاء " (3). 20 - عبيدة بن عمر السلماني المتوفى سنة 72 يقول لإبراهيم: " لا تجلدن عني كتابا " ودعا بكتبه فمحاها عند الموت وينهى محمدا عن قراءة الكتب (4). 20 - عبد الله بن عون بن أرطبان المتوفى سنة 151 قال: " والله ما كتبت حديثا قط " وقال لحماد بن زيد: إني أرى هذه الكتب ستضل الناس وقال: أحسب أو أرى يكون لهذه الكتب غب سوء " (5). 21 - عائذ الله بن عبد الله أبو إدريس المتوفى سنة: 80 خرق ما كتب ابنه
(1) تقييد العلم: 58 (ومقدمته: 21) والسنة قبل التدوين: 335 و 379 وسنن الدارمي 1: 129 وراجع الجامع لأخلاق الراوي 1: 353. (2) تقييد العلم: 47 (وفي المقدمة: 19) وراجع السنة قبل التدوين: 333 و 334 وجامع بيان العلم: 78 وتدوين السنة: 322. (3) سنن الدارمي 1: 125 وبحوث في تأريخ السنة: 224 والطبقات الكبرى 6: 174 والسنة قبل التدوين: 323 و 522 وتدوين السنة: 251 وجامع بيان العلم 1: 81 وتذكرة الحفاظ 1: 84 وهامش تقييد العلم: 48 والجامع لأخلاق الراوي 2: 380 / 1831 و 1832. (4) سنن الدارمي 1: 120 - 122 وتقييد العلم: 45 - 47 و 61 و 62 (وفي مقدمته: 20) والسنة قبل التدوين: 322 و 491 وبحوث في تاريخ السنة: 224 وتدوين السنة: 242 وجامع بيان العلم 1: 80 والعلل لاحمد 1: 213 / 233 والطبقات 6: 63 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 27 و 35 والتراتيب 2: 258 و 260 وإخبار القضاة لوكيع 2: 401. (5) سنن الدارمي 1: 122 وتقييد العلم: 57 وبحوث في تاريخ السنة: 224 ومقدمة تقييد العلم: 21.
[630]
عنه (1). 22 - عمرو بن دينار المتوفى سنة 126 قيل له: إن سفيان يكتب، فاضطجع وبكى وقال: أحرم على من يكتب عني، قال سفيان: " ما كتبت عنه شيئا " (2). 23 - عبيدالله المتوفى سنة 98 دخل علي عمر بن العزيز، فأجلس قوما يكتبون ما يقول، فلما أراد أن يقوم قال له عمر: صنعنا شيئا قال: وما هو يابن عبد العزيز قال: كتبنا ما قلت، قال: وأين هو ؟ قال: فجئني به، فخرق (3). 24 - عاصم بن ضمرة المتوفى سنة 174 كان من المحدثين الذين يكرهون الكتابة، وعن عقبة بن أبي حفصة عن أخيه عن عاصم بن ضمرة أنه كان يسمع الحديث ويكتب، فإذا حفظه دعا بمقراض فقرضة (4). 25 - عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي أبو زرعة الأوزاعي المتوفى 157 قال أبو المغيرة: " كان الأوزاعي يكرهه أي: الكتاب " (5). 26 - عبد الله بن إدريس المتوفى 192 قال: ما كتبت عن ليث والأشعث ولا الأعمش قط وقال له أبوه: " إذا جئت (إلى البيت) فاكتب فإن احتجت يوما أو شغل قلبك وجدت كتابك " (6). 27 - عيسى بن يونس المتوفى 187 وكان يقول: " إني بها أن أحرقها يعني
(1) تقييد العلم: 46 وراجع السنة قبل التدوين: 169 و 430 و 490. (2) تقييد العلم: 47 والطبقات الكبرى 5: 353 وتذكرة الحفاظ 1: 113. (3) تقييد العلم: 45. (4) السنة قبل التدوين: 379 وتقييد العلم: 59 ومقدمته: 21 / 22. (5) سنن الدارمي 1: 120 وبحوث في تأريخ السنة: 224 وتقييد العلم: 64 ومقدمته: 20 وجامع بيان العلم: 81 وراجع السنة قبل التدوين: 324 - 335. (6) تقييد العلم: 112 والسنة قبل التدوين: 379 ومقدمة التقييد: 21.
[631]
كتبه (1). 28 - علقمة بن قيس النخعي قال مسروق لعلقمة: " اكتب لي النظائر قال: أما علمت أن الكتاب يكره قال: إنما أنظر فيه ثم أمحوه " (2). 29 - عروة بن الزبير المتوفى سنة 94 قال هشام بن عروة: " أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، قال: فكان يقول: ذلك لئن تكون عندي أحب إلي من أن يكون مثل أهلي ومالي، قال عروة: كتبت الحديث ثم محوته فوددت أني فديته بما لي وولدي وأني لم أمحه " (3). قال ابن سعد في الطبقات 5: 362: " إنه كان لهشام بن عروة كتاب يروى عنه ". 30 - فطر بن خليفة المتوفى 155 كان لا يدع أحدا يكتب عنده (4). 31 - القاسم بن محمد أبي بكر المتوفى سنة 107 قال ابن عون: فكان محمد والقاسم وأصحابنا لا يكتبون (5). 32 - قتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة 118 قال الأوزاعي: كان قتادة يكره الكتابة، فإذا سمع وقع الكتاب أنكره والتمسه بيده (6).
(1) السنة قبل التدوين: 379 وتقييد العلم: 62 ومقدمته: 21. (2) جامع بيان العلم 1: 80 وتقييد العلم: 58 و 59. (3) راجع عبد الرزاق 11: 425 والطبقات الكبرى 5: 133 وفي ط: 179 وجامع بيان العلم 1: 90 والتراتيب الادارية 2: 261 وتقييد العلم: 60 وتهذيب التهذيب 11: 183 عن ابى الزناد وهشام بن عروة وتدوين السنة: 244 (عن الطبقات وتاريخ مختصر دمشق 17: 10) والسنة قبل التدوين: 354) وفي أدب الإملاء والاستملاء: 78 عن هشام عن أبيه أنه كان يكتب العلم للناس ويعارضه لهم. (4) الطبقات الكبرى 6: 253 وهامش تقييد العلم: 148. (5) تقييد العلم: 46 ومقدمته: 20 وجامع بيان العلم 1: 81 والسنة قبل التدوين: 324 و 331 والطبقات 5: 140. (6) سنن الدارمي 1: 120 وبحوث في تأريخ السنة: 224 والسنة قبل التدوين: 328. (
[632]
33 - ليث بن سعد المتوفى 175 من التابعين الأولين يكرهون ماكره، إذ يصبح العلم مضاهيا للقرآن، وحدثنا حسن عن ليث أنه كره الكراريس (1). 34 - محمد بن مسلم الزهري ابن شهاب المتوفى 124 يقول لمالك بن أنس مجيبا عن قوله: قلت: لا تكتب ؟ قال: لا وقال: كنا نكره كتاب العلم حتى اكرهنا عليه هؤلاء الأمراء (2). 35 - مجاهد بن جبر المتوفى سنة 103 كره أن يكتب العلم في الكراريس (3). 36 - مغيرة بن مقسم الضبي: لا يرى كتابة الحديث (4). 37 - معمر بن راشد المتوفى 153 قال ليحيى بن أبي كثير حين طلب منه أن يكتب له: إنا نكره أن نكتب العلم يا أبا نصر " (5). 38 - منصور بن المعتمر المتوفى 132 قال إسحاق بن إسماعيل الطالقاني لجرير بن عبد الحميد: " كان منصور يكره كتاب الحديث ؟ قال: نعم منصور والمغيرة والأعمش كانوا يكرهون كتاب الحديث، ثم جاء أنه ندم وقال: وددت أني كتبت وإن علي كذا وكذا قد ذهب عني مثل علمي " (6). 39 - محمد بن سيرين المتوفى سنة 110 لا يرى بأسا إذا سمع الرجل الحديث أن يكتبه، فإذا حفظه محاه، قال: وكانوا يرون أن بني إسرائيل إنما ضلوا بكتب
(1) تقييد العلم: 47 وفي مقدمته: 19 وفي السنة قبل التدوين: 379 عد ليثا ممن أقر الكتابة، ولعل ذلك بعد أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز كما سيأتي. (2) سنن الدارمي 1: 120 وتقييد العلم: 59 و 107 و 108 وبحوث في تاريخ السنة: 224 وتدوين السنة: 17 والسنة قبل التدوين: 260 و 328 و 324. (3) بحوث في تأريخ السنة: 224 وسنن الدارمي 1: 121 ومقدمته تقييد العلم: 19. (4) تقييد العلم: 48 وجامع بيان العلم 1: 81. (5) تقييد العلم: 110 رواه بسندين. (6) تقييد العلم: 48 و 60 وجامع بيان العلم 1: 81.
[633]
ورثوها. وقال ابن عون: فكان محمد والقاسم وأصحابنا لا يكتبون، وكان يكره الكتاب وقال: " لو كنت متخذا كتابا لاتخذت رسائل النبي (صلى الله عليه وسلم) " وقال: " لا والله ما كتبت حديثا قط " (1). 40 - هشام بن حسان الأزدي المتوفى سنة 148 قال: " ما كتبت عن محمد بن سيرين الا حديث الأعماق، فلما حفظته محوته " (2). 41 - هشيم بن بشير المتوفى 183 من المحدثين الذين كانوا يكرهون الكتابة (3). فاجعة مؤلمة أخرى: لما اتكأ الخليفة (أبو بكر) على أريكة الخلافة، ورأى المسلمين يتذاكرون ويتدارسون الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع الناس فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحاديث تختلفون فيها، والناس بعد كم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، واستحلوا حلاله وحرموا حرامه (4).
(1) تقييد العلم: 46 و 48 و 60 و 61 وسنن الدارمي 1: 120 - 122 والمعرفة والتأريخ 2: 59 وجامع بيان العلم 1: 78 والسنة قبل التدوين: 129 وبحوث في تاريخ السنة: 224 والطبقات الكبرى لابن سعد 1 / ق 1: 141 و 142 و 7 / ق 1: 41 و 42 وراجع العلل لأحمد 2: 392 / 2752 و 1: 214 و 235 والكفاية: 353. (2) سنن الدارمي 1: 120. (3) مقدمة تقييد العلم: 22 والسنة قبل التدوين: 379. (4) تذكره الحفاظ للذهبي 1: 2 و 3 وراجع تدوين السنة: 265 و 357 و 423 (عن التذكرة والأنوار الكاشفة: 53) وراجع السنة قبل التدوين: 113 والشيعة هم أهل السنة للتيجاني: 85 والأضواء على السنة: 46 و 53 ومعالم المدرستين 2: 44.
[634]
كان حسب طبع الحال بعد قصة السقيفة اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في مسألة الخلافة، واحتجاج عدة منهم على أبي بكر بما سمعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو سمعه عن آخرين، إذ الاختلاف وقتئذ لم يكن إلا في حادثة الخلافة لا سيما بعد يوم الغدير، ولم يكن التشاجر والتقاول إلا في ذلك (1)، ولكن الخليفة نهى عن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مطلقا قائلا: " فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله " وبعبارة أخرى: قولوا حسبنا كتاب الله كما أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك العمل في حديث الأريكة (2)، وذلك مع أنه أحرق خمسمائة حديث (3). واقتفى أثره الخليفة الثاني، فأحرق الأحاديث أجمع حتى كتب إلى الأمصار يأمر بالإحراق ومنع عن نقل الحديث ونشره، ولابد من ذكر النصوص: 1 - روى قرظة بن كعب قال: " خرجنا نريد العراق، فمشى معنا عمر بن الخطاب إلى صرار (4) فتوضأ، ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم ؟ قالوا: نعم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مشيت معنا، قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تبدأوهم بالأحاديث فتشغلوهم، جردوا القرآن (5) وأقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وامضوا وأنا شريككم، فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا قال: نهانا ابن الخطاب " (6).
[635]
وفي نقل الدارمي قال قرظة: " وكنت لأجلس في القوم فيذكرون الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإني لمن أحفظهم له، فإذا ذكرت وصية عمر سكت ". وفي نقل ابن ماجة: " قلنا - يعني لعمر في جوابه - لحق صحبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولحق الأنصار قال: مشيت معكم لحديث أردت أن أحدثكم به، فأردت أن تحفظوه لممشاي معكم، إنكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المرجل، فإذا رأوكم مدوا إليكم أعناقهم وقالوا: أصحاب محمد، فأقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم أنا شريككم ". والروايات متحدة مضمونا وإن كان فيها اختلاف لفظا. 2 - أخرج ابن عبد البر بعد نقل الحديث بسنده عن الشعبي عن قرظة: " أن عمر قال له: أقل الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا شريككم ". 3 - خطب عمر وقال: " ألا لا أعلمن ما قال أحدكم إن عمر بن الخطاب منعنا أن نقرأ كتاب الله، إني ليس لذلك منعكم، ولكن أحدكم يقوم لكتاب الله
= وحياة الصحابة 3: 232 و 233 وجامع بيان العلم 2: 147 وشرف أصحاب الحديث: 88 والطبقات الكبرى 6: ط بيروت وابن أبي الحديد 12: 92 وكنز العمال 2: 183 و 9: 266 و 10: 18 (عن جمع) والسنة قبل التدوين 92: 96 و 97 والأضواء: 55 وحياة الحسن 87 والغدير 6: 294 (عن جمع ممن تقدم) والكامل لابن عدي 1: 18 والضعفاء الكبير للعقيلي 1: 9 في المقدمة، وراجع الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام) (عن جمع ممن تقدم وعن تذكرة الحفاظ 1: 5 و 3: 630 ولمسند أحمد 1: 157 و 4: 370 وحلية الأولياء 1: 160 وقبول الأخبار للبلخي 29 والمحدث الفاصل: 134 والبخاري بحاشية السندي 4: 88 وصحيح المسلم 3: 1311 و 1694 والموطأ 2: 964 ورسالة الشافعي: 435 ومختصر جامع العلم و: 32 و 33 وشرح الصحيح للنوي 7: 127 والتاج المكلل: 265) وراجع تدوين السنة: 431 و 430 ومعالم المدرستين 2: 45. وراجع الصحيح من السيرة 1: 58 (عن البرهان في علوم القرآن للزركشي 1: 48 وغريب الحديث لابن سلام 4: 49 وحياة الشعر في الكوفة: 253 والغدير 6: 294 و 263 والأم 7: 380 وفيه: قال قرظة: " لاحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبدا ". وراجع معالم المدرستين 2: 45 وراجع العلل لأحمد 1: 258 / 373 و 374.
[636]
والناس يستمعون إليه، ثم يأتي بالحديث من قبل نفسه، إن حديثكم هو شر الحديث، وإن كلامكم هو شر الكلام، من قام منكم فليقم بكتاب الله، وإلا فليجلس، فإنكم قد حدثتم الناس حتى قيل: قال فلان قال فلان وترك كتاب الله " (1). 3 - قال أبو هريرة: " لما ولى عمر قال: أقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا فيما يعمل به (2) قال: ثم يقول أبو هريرة: أفإن كنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي أما والله إذا لألفيت المخفقة ستباشر ظهري " (3). 4 - قال عمر لأبي هريرة: " لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض الطفيح - يعني أرض قومه أو قال: قال: أو لألحقنك بأرض دوس " (4). 5 - وفي رواية: " ما نستطيع أن نقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى قبض عمر " (5). 6 - وفي لفظ: " إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر - أو عند عمر - لشج رأسي " (6). 7 - عن أبي سلمة قال: " قلت لأبي هريرة: أكنت تحدث في زمان عمر هكذا ؟ فقال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني عمر
(1) تاريخ المدينة لابن شبه 3: 800 وراجع تدوين السنة: 433. (2) عبد الرزاق 11: 262 والبداية والنهاية 8: 107 وجامع بيان العلم 2: 148 والغدير 6: 295 وقد مر تفسير كلام عمر قبيل هذا وراجع معالم المدرستين 1: 46 والاضواء: 55. (3) راجع البداية والنهاية 8: 107 وراجع تدوين السنة: 414 والغدير 6: 295 ومعالم المدرستين 2: 46. (4) تاريخ المدينة لابن شبه 3: 800 وكنز العمال 10: 179 والغدير 6: 295 والبداية والنهاية 8: 106 وراجع حياة الصحابة 3: 2 والأضواء: 54 وتدوين السنة: 431 (عن المحدث الفاصل: 554) و: 430 (عن الاعتصام بحبل الله المتين) وراجع السنة قبل التدوين: 457 والأضواء: 54. (5) البداية والنهاية 8: 107 والغدير 6: 295. (6) البداية والنهاية 8: 107 ونحوه في 6: 295.
[637]
بمخفقته " (1). 8 - ضربه - يعني أبا هريرة - في خلافته بالدرة وقال له: لقد أكثرت الرواية بك وأحر أن تكون كاذبا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (2). 9 - لما بعث - عمر - أبا موسى إلى العراق قال له: " إنك تأتي قوما لهم في مساجدهم دوي بالقرآن كدوي النحل فدعهم على ما هم عليه، ولا تشغلهم بالأحاديث، وأنا شريكك في ذلك " (3). 10 - عن عاصم بن أبي النجود: " أن عمر بن الخطاب كان إذا بعث عماله شرط عليهم ألا تركبوا برذونا... قال: جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) انطلقوا وأنا شريككم " (4). 11 - عن أبي حصين قال: " كان عمر إذا استعمل العمال خرج معهم يشيعهم فيقول:... إنما استعملتكم عليهم لتقيموا بهم الصلاة... جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن محمد (صلى الله عليه وسلم) وأنا شريككم " (5). 12 - عن إسحاق بن موسى الأنصاري وسعد بن إبراهيم عن أبيه قال: " بعث عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن مسعود وإلى أبي الدرداء وإلى أبي مسعود الأنصاري فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فحبسهم
(1) الغدير 6: 295 عن تذكرة الحفاظ 1: 7 وقريب عن جامع بيان العلم 2: 121 والبداية والنهاية 8: 107 وراجع عبد الرزاق 11: 262 والسنة قبل التدوين: 96. (2) ابن أبي الحديد 4: 68 وراجع تدوين السنة: 432 عنه وعن الاعتصام 2: 29. (3) البداية والنهاية 8: 107 قال: هذا معروف عن عمر وراجع الغدير 6: 294 وتدوين السنة: 433 (عن المستدرك للحاكم 1: 125). (4) عبد الرزاق 11: 325 وحياة الصحابة 2: 70 وكنز العمال 5: 406 و 2: 183. (5) الطبري 4: 204 ط بيروت اسويدان وفي ط استقامت 3: 273 وراجع الغدير 6: 294.
[638]
بالمدينة حتى استشهد " (1). وفي لفظ الهيثمي: عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: " بعث عمر بن الخطاب إلى ابن مسعود وأبي مسعود الأنصاري وأبي الدرداء فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فحبسهم في المدينة حتى استشهد ". وفي لفظ الحاكم أن عمر بن الخطاب قال لابن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذر: ما هذا الحديث عن رسول الله ؟ وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب " (وقريب منه لفظ ابن سعد في الطبقات). وفي لفظ جمال الدين الحنفي: أن عمر حبس أبا مسعود وأبا الدرداء وأبا ذر حتى أصيب وقال: ما هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - ثم قال - ومما روي عنه أيضا: أن عمر قال لابن مسعود وأبي ذر: ما هذا الحديث ؟ قال: أحسبه حبسهم حتى أصيب، فقال: وكذلك فعل بأبي موسى الأشعري مع عدله عنده " (2). وفي لفظ: " أن عمر بن الخطاب حبس بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وفيهم ابن مسعود وأبو الدرداء فقال: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ".
(1) شرف أصحاب الحديث: 87 بأسانيد كثيرة والغدير 6: 294 ومجمع الزوائد 1: 149 والمستدرك للحاكم 1: 110 بإسناده عن سعد بن إبراهيم عن أبيه وبإسناده عن شعبة وقال: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ورواه الذهبي في تلخيصه بهامش المستدرك، والطبقات الكبرى 2 / ق 2: 100 عن سعد بن إبراهيم عن أبيه وراجع كنز العمال 10: 180 وتأويل مختلف الحديث: 39 وتدوين السنة: 432 (عن تاريخ دمشق: 39: 180 والكامل لابن عدي 1: 18) و: 436 (عن المحدث الفاصل: 553 والالماع للقاضي عياض: 217 وغيرهما ممن تقدم) والأضواء: 54 وتذكرة الحفاظ 1: 7 والسنة قبل التدوين: 106 و 109 و 110. (2) تذكرة الحفاظ 1: 7 وراجع الغدير 6: 295 ومعالم المدرستين 2: 45 وتدوين السنة: 436 (عن المحدث الفاصل: 553 والالماع للقاضي عياض: 217 وفي العلل لأحمد: 257 / 372 عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: حدثني أبي عن أبيه قال: قال عمر لأبي ذر ولعبد الله وأبي الدرداء: ماهذا الحديث تحدثون عن عمر وأحسبه قال: وحبسهم عنده ".
[639]
وفي لفظ الذهبي: " أن عمر حبس ثلاثة: ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الحديث ". وفي لفظ: " ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق: عبد الله بن حذافة وأبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر فقال: ما هذه الأحاديث التي أفشيتم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الآفاق ؟ قالوا: أتنهانا ؟ قال: لا أقيموا عندي، لا والله لا تفارقوني ما عشت، فنحن نأخذ ونرد عليكم، فما فارقوه حتى مات " (1). قال أبو بكر بن العربي في العواصم من القواصم وهو يدافع عن عثمان فيما نسبوه إليه من المظالم والمناكر مانصه: " ومن العجيب أن يؤخذ عليه في أمر فعله عمر، فقد روي أن عمر بن الخطاب سجن ابن مسعود في نفر من الصحابة سنة بالمدينة حتى استشهد فأطلقهم عثمان، وكان سجنهم، لأن القوم أكثروا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (2). لما طلب عمر من أبي بن كعب شهودا على صحة حديثة فشهد له أبو ذر ورجل آخر أقبل أبي (بن كعب) على عمر فقال: أتتهموني على حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فقال عمر: يا أبا المنذر لا والله ما اتهمتك عليه، ولكني كرهت أن يكون حديث رسول الله ظاهرا (3). هذا كله ما عملته قريش (الخليفة الأول والثاني) مع رسول الله وآثاره
(1) كنز العمال 10: 180 عن ابن عساكر والنص والاجتهاد: 163 والأضواء: 54 عن ابن عساكر وتدوين السنة: 437 عن الكنز ومعالم المدرستين 3: 45 وقال الجلالي في تدوين السنة: ورواه ابن عساكر وأضاف: " وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ببيعة عثمان إلا من حبس عمر " (مختصر تأريخ مدينة دمشق 17: 101). (2) راجع هامش الأضواء: 54 (عن العواصم: 75 و 76) وتدوين السنة: 438. (3) الطبقات الكبرى 4 / ق 1: 14 وراجع السنة قبل التدوين: 115.
[640]
وأقواله وأفعاله ودينه، وما جاء به من الله تعالى، وفصلنا القول في علة هذا العمل وبواعثه، ولكن اتباع مدرسته عللوا عمل المنع عن نشر الحديث ونقله بوجوه: منها: أن وجه قول عمر إنما كان لقوم لم يكونوا أحصوا القرآن، فخشى عليهم الاشتغال بغيره، إذ هو الأصل لكل علم. منها: أن عمر إنما نهى الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة. منها: أن نهيه عن الإكثار وأمره بالإقلال من الرواية عن رسول الله " إنما كان خوف الكذب على رسول الله " وخوفا من أن يكون مع الاكثار يحدثون بما لا يتيقنوا حفظه (1). ومنها: أنه فعل ذلك احتياطا للدين وحسن نظر للمسلمين، لأنه خاف أن يتكلوا عن الأعمال ويتكلموا على ظاهر الأخبار. ولا يخفى بطلان هذه التوجيهات بعد الإحاطة بما قدمناه مضافا إلى أن هذه الوجوه لا توجب المنع مطلقا، ولا توجب أن يكون حديث الصحابة شر حديث، ولم يقل لهم: لا تكذبوا بل قال: جردوا القرآن وأقلوا ولا تشغلوهم عن القرآن، لأن هذه المذكورات لا تناسب هذه الوجوه. ولأجل بطلان هذه الوجوه اضطر العجاج إلى تكذيب حديث قرظة بن كعب، ولا باس ينقل كلامه بلفظه، قال بعد نقل كلام هؤلاء بطوله: " ان المرء ليقف متسائلا أمام هذا الخبر ويقر به الشك فيه ويتبادر إلى نفسه أن يتساءل عن الحد الذي يمكن أن يعرف به الإقلال والإكثار، وقد ناقش الإمام ابن حزم هذا ورده وقال: هذا مرسل ومشكوك فيه من (شعبة) فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به، ثم
(1) السنة قبل التدوين باختصار منا.
[641]
هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد، لأنه لا يخلو عمر من أن يكون اتهم الصحابة وفي هذا ما فيه، أو يكون نهى عن الحديث وهو مبلغ سنن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المسلمين وألزمهم كتمانها وجحدها وأن لا يذكروها لأحد وهذا خروج عن الإسلام، وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك لئن كان سائر الصحابة متهمين بالكذب على النبي (صلى الله عليه وسلم) فما عمر إلا واحد منهم وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا، ولئن حبسهم وهم غير متهمين لقد ظلمهم فليختر المحتج لمذهبه الفاسد بمثل هذه الروايات الملعونة أي الطريقتين الخبيثتين شاء ولابد أحدهما " (1). أقول: صحح الحاكم والذهبي هذا الحديث ونقله الدارمي وابن ماجة ومسلم وغيرهم من الأعلام وتلقوه بالقبول من دون أي غمض، فإذا أي قيمة لهذا التضعيف وإنما ألجأه إلى هذا القول التعصب للباطل وعدم الشجاعة على الإجهار بالحق، وهنا كلام للعلامة المجاهد الأميني (قدس سره) في الغدير 6: 296 ننقله بتمامه وإن طال، فإنه رضوان الله عليه أجاد فيما أفاد وجاء بما فوق المراد. قال الأميني: " هل خفي على الخليفة: أن ظاهر الكتاب لا يغني الأمة عن السنة وهي لا تفارقه حتى يردا على النبي الحوض، وحاجة الأمة إلى السنة لا تقصر عن حاجتها إلى ظاهر الكتاب، والكتاب كما قال الأوزاعي ومكحول أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب (جامع بيان العلم 2: 191). أو رأى هناك أناسا لعبوا بها بوضع أحاديث على النبي الأقدس - وحقا رأى - فهم قطع جراثيم التقول عليه (صلى الله عليه وآله)، وتقصير تلكم الأيدي الأثيمة عن السنة الشريفة، فإن كان هذا أو ذلك فما ذنب مثل أبي ذر المنوه بصدقه وبقول النبي الأعظم: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على رجل أصدق لهجة من أبي
(1) السنة قبل التدوين: 107 ناقلا عن الأحكام لابن حزم 2: 139 وما بعدها.
[642]
ذر " (1). أو مثل عبد الله بن مسعود صاحب سر رسول الله وأفضل من قرأ القرآن وأحل حلاله وحرم حرامه، الفقيه في الدين، العالم بالسنة (2) أو مثل أبي الدرداء عويمر كبير الصحابة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3)، فلماذا احبسهم حتى أصيب ؟ ولماذا هتك أولئك العظماء في الملأ الديني، وصغرهم في أعين الناس ؟ وهل كان أبو هريرة وأبو موسى الأشعري من أولئك الوضاعين حتى استحقا بذلك التعزير والنهر والحبس والوعيد ؟ أنا لا أدري ! ! نعم هذه الآراء كلها أحداث السياسة الوقتية سدت على الأمة أبواب العلم، وأوقعتها في هوة الجهل ومعترك الأهواء، وإن لم يقصدها الخليفة لكنه تترس بها يوم ذاك، وكافح عن نفسه قحم المعضلات ونجا بها عن عويصات المسائل. وبعد نهي الأمة المسلمة عن علم القرآن، وإبعادها عما في كتابها من المعاني الفخمة والدروس العالية من ناحية العلم والأدب والدين والاجتماع والسياسة والأخلاق والتأريخ وسد باب التعلم والأخذ بالأحكام والطقوس ما لم يتحقق ويقع موضوعها والتجافي عن التهيؤ للعمل بدين الله قبل وقوع الواقعة، ومنعها عن معالم السنة الشريفة، والحجر عن نشرها في الملأ، فبأي علم ناجع، وبأي حكم وحكم تترفع وتتقدم الأمة المسكينة على الأمم، وبأي كتاب وبأية سنة تتأدى لها سيادة العالم التي اسسها لها صاحب الرسالة الخاتمة ؟ فسيرة الخليفة هذه ضربة قاضية على الإسلام وعلى أمته وتعاليمها وشرفها وتقدمها وتعاليها علم بها هو أو لم يعلم، ومن ولائد تلك السيرة الممقوتة حديث كتابة السنة.... فحقيق بنا أن نسائل الخليفة ونقول:
(1) مستدرك الحالكم: 3: 342 و 344 ويأتي تفصيله أي: في الغدير 8: 312. (2) مستدرك الحاكم 3: 312. (3) مستدرك الحاكم 3: 337.
[643]
هل الصحابة الكرام - العدول عند اتباع الخليفة - كانوا يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ هل كذب بعض - كأبي هريرة وكعب من علماء مكتب الخلفاء - يوجب منع جميع الصحابة الكبار الكرام ؟ أهذا عدل في الحكم أو عمل حكيم في أمته ؟ هل لأبي ذر الصدوق - بنص الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) - ذنب عند الخليفة سوى حبه عليا (عليه السلام)، وموالاته إياه، ونقله فضائله وفضائل أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام)، وإن كان له ذنب آخر عند عثمان حيث نفاه إلى الشام ثم إلى الربذة، وقطع عطاءه، ومنع مصاحبته ومكالمته حتى مات وحيدا غريبا. وهل لعقبة بن عمرو وفرضة بن كعب ذنب سوى أنهم من الأنصار الموالين لعلي (عليه السلام)، وكان بينهم وبين قريش ماكان بعد بيعة أبي بكر وإظهار علي (عليه السلام) ميله إلى الأنصار، وكانوا عند الخليفة مهتمين في نقل فضائل علي (عليه السلام). كما أن أبا الدرداء عويمر الصحابي الكبير الذي آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين سلمان أنصارى ليس له ذنب إلا أنه أنصاري ؟ وعمم الخليفة المنع حياطة لحكومة قريش وأغراضهم وأهدافهم، ولعل إحضاره هؤلاء من أجل أنهم كانوا يروون فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، ويومئ إلى ذلك قوله: " ما هذه الأحاديث التي أفشيتهم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (1). وإحضار الصحابة كلهم لأجل النهي عن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحسم مادة الاعتراض من أحد في مقابل حكم الخليفة. وعلى كل حال منع الخليفة نشر أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) مطلقا أوقع الأمة
(1) أي: هذه الأحاديث لابد وأن تستر ولا تشهر، وتكتم ولا تفشى، ويناسب ذلك فيما كان الحديث من أسرار الحكومة التي لابد من كتمانها وليس ذلك إلا فيما يزعزع أركان حكومته، وهو ذكر مخاليفها وذكر فضائلهم وتأهلاتهم وذكر عيوب أصحابها ومثالبهم. (*)
[644]
الأسلامية في أمر عظيم. ماذا أراد الخليفة من قوله: " أقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا فيما يعمل به " ؟ فهل أراد أن نقل الحديث في الأحكام من الحلال والحرام مما يتعلق بالعمل لا بأس به، وأما ما لا يتعلق بالعمل كسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) وغزواته وتأريخ الإسلام فلا يجوز نقله كما اختاره الدارمي بقوله: " قال أبو محمد: معناه عندي الحديث عن أيام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليس السنن والفرائض " (1) فعلى هذا كان ينهى الخليفة عن الحديث عن أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الولادة إلى الشهادة من الكرامات الباهرة في ولادته وبعثته، وما عاناه في تبليغ الدين، وفيمن وارزه وأعانه، وما جرى في الغزوات والسرايا من إمداده تعالى وآياته وبيناته، وفيمن حارب وقاتل ومن فر ونافق وهكذا... (2). أو المراد مما لا يتعلق بالعمل أعم من ذلك حتى يشمل المعارف وفضائل أشخاص ومثالب آخرين، والأحاديث في ولاية علي (عليه السلام) وعترته (عليهم السلام) وتفسير القرآن الكريم و... وهل المراد من قوله: " جردوا القرآن " هو التجريد في تفسيره كما قال
(1) روى في كنز العمال 10: 185 / 1423 عن عطاء بن عجلان قال: قال عمر بن الخطاب: " أوشك أن يقبض هذا العلم سريعا فمن كان منكم عنده شئ فلينشره غير الغالي فيه " (عن ابن مندة في مسند إبراهيم بن منده وعبد الرزاق) لا ندري ماذا أراد من العلم الذي أوشك أن يقبض هل هو الأحاديث التي نهى عن نشرها أو الأشعار الجاهلية التي كان يحض الناس عليها، أو الأحاديث التي تتعلق بالعمل دون السيرة والمعارف والفضائل والعقائد ؟ لا أدري ! ! وماذا أراد من الغلو فيه ؟ ! (2) هذا مع أن أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يهتمون بذلك قال علي بن الحسين (عليهما السلام): " كنا نعلم مغازي النبي (صلى الله عليه وآله) وسراياه كما نعلم السورة من القرآن " راجع الجامع لأخلاق الراوي للخطيب 2: 288 / 1649 والبداية والنهاية 3: 242 عن محمد بن عمر الواقدي وسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجعفريان 1 في المقدمة عن سبل الهدى والرشاد 4: 20 لما في ذلك من معرفة الله ورسوله وآياته ومعرفة أوليائه وأعدائه وأعداء أهل البيت (عليهم السلام) الذين حاربوا رسول الله وقاتلوه، والذين لا يريدون ذلك، ولما يرون فيه من فضيحة قريش وسوء حالهم ومعرفة من جاهد وقاتل ممن تجنب القتال وفر.
[645]
" حسبنا كتاب الله " بمعنى لا تفسروا القرآن بالسنة ولا تفهموا معانيه بها حتى يأولوه على آرائهم كيفما شاءوا، أو المراد التجريد في الكتابة أي: لا تكتبوه مع الحديث حتى يلتبس الأمر ؟ والظاهر هو الأول (1). وعلى كل حال اشترط شرطا لعماله، واهتم بذلك اهتماما عظيما لكي يكون الدين طوع أيدي الأمراء بعد الابتعاد عن السنة وعن تفسير القرآن بها. استمرار خط قريش في المنع عن نشر الحديث: استمر خط قريش باتباع الخليفة الثالث وبعده معاوية و... هذا المنهج: قال محمود بن لبيد: " سمعت عثمان على المنبر يقول: لا يحل لأحد أن يروى حديثا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم أسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر " (2). روى مرثد أبو كثير عن أبيه عن أبي ذر: " أن رجلا أتاه فقال: إن مصدق عثمان (رضي الله عنه) ازداد علينا، أنغيب عليهم بقدر ما ازدادوا علينا، فقال: لا... قال وعلى رأسه فتى من قريش فقال: أما نهاك أمير المؤمنين عن الفتيا ؟ فقال: أرقيب أنت علي ؟ فوالذي نفسي بيده لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن تجيزوا علي
(1) كما قال معاوية لابن عباس حينما دخل المدينة فقال: "... فإنا قد كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته (عليهم السلام)، فكف لسانك فقال: يا معاوية أتنهاها عن قراءة القرآن ؟ قال: لا قال: افتنهانا عن تأويله ؟ قال: نعم قال: فنقرأه ولا نسأل عما عنى الله به ؟ قال: فأيهما أوجب علينا قراءته أو العمل به ؟ قال: العمل به قال: كيف نعمل ولا نعلم ما عنى الله ؟ قال: سل عن ذلك من يتأوله غلى غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك، قال: إنما انزل القرآن على أهل بيتي، أنسال عنه آل أبي سفيان ؟ ! يا معاوية أتنهانا أن نعبد الله بالقرآن الحديث " راجع مواقف الشيعة 1: 83 و 84 عن الاحتجاج والبحار. (2) الطبقات الكبرى 2 / ق 2: 100 والأضواء: 54 و 61 والسنة قبل التدوين: 97 و 101 وتدوين السنة: 472 (عن الطبقات ومسند أحمد 1: 362 و 363) ومعالم المدرستين 2: 46 عن منتخب كنز العمال 8: 107.
[646]
لأنفذتها " (1). واشتد الأمر في زمن معاوية: روى عبد الله بن عمرو اليحصبي قال: " سمعت معاوية على المنبر بدمشق يقول: أيها الناس إياكم وأحاديث الرسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا حديثا كان يذكر على عهد عمر، فإن عمر كان يخيف الناس في الله عزوجل " (2). وفي لفظ كنز العمال: عن ابن أبي سفيان " أنه خطب فقال: يا ناس أقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإن كنتم تتحدثون فتحدثوا بما كان يتحدث به في عهد عمر كان يخيف الناس في الله ". قال رجاء بن حيوة: " كان معاوية ينهى عن الحديث يقول: لا تحدثوا عن رسول الله " (3). عن إسماعيل بن عبيدالله: " أن معاوية نهى أن يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحديث إلا حديث ذكر على عهد عمر، فأقره عمر إن عمر كان أخاف الناس في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) " (4).
(1) تذكرة الحفاظ 1: 18 والمطالب العالية 3: 123 / 3051 ومعالم المدرستين: 2 / 47 (عن الدارمي 1: 132). (2) شرف أصحاب الحديث: 91 وكنز العمال 10: 179 ومسند أحمد 4: 99 والكامل لابن عدي 1: 18 والغدير 10: 351 (عن أحمد) وصحيح مسلم 2: 718 والمعجم الكبير للطبراني 19: 370 وتدوين السنة: 474 ونحوه في تاريخ دمشق لابن عساكر 3: 160 وتذكرة الحفاظ 1: 7 والسنة قبل التدوين: 98 (عن التذكرة وعن رد الدارمي على بشر المريسي: 135). (3) تدوين السنة عن الفقيه والمتفقه للخطيب 1: 7. (4) تدوين السنة: 473 و 474 (عن الكامل لابن عدي 1: 33 وانظر 1: 18 ومسند احمد 4: 99 وتذكر الحفاظ 1: 7). وفي العلل لاحمد 3: 183 / 4789 باسناده عن رجاء بن ابي سلمة قال: ان معاوية كان يقول عليكم =
[647]
ورواه ابن علية عن رجاء بن أبي سلمة أنه قال: بلغني أن معاوية كان يقول... " (1). (نقل عبادة بن الصامت حديثا في الربا فقال معاوية:) ألا ما بال رجال يحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كره - أو قال وإن رغم - معاوية (2). روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي السيف المدائني في كتاب الأحداث قال: " كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة (3) وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرأون ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد كل الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة... وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان محبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم ابيه وعشيرته، ففعلوا ذلك حتى اكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع....... ثم كتب إلى عماله: أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل عصر وفي كل
= من الحديث بما كان في عهد عمر قد كان اخاف الناس في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفي: 207 / 4893 باسناده عن رجاء بن ابي سلمة عن اسماعيل بن عبيدالله قال: قال معاوية: عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر. (1) تدوين السنة: 474 عن حجية السنة: 467. (2) صحيح مسلم 3: 1210 وراجع تدوين السنة: 474. (3) المكورة.
[648]
وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين. ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب إلي وأقر لعيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله. فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجري حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، وألقى إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله. ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه. وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره، فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة، حتى أن الرجل من شيعة علي (عليه السلام) ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة، وكان أعظم الناس في ذلك القراء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك، فيفتعلون الأحاديث ليخظوا بذلك عند ولاتهم، ويقربوا مجالسهم ويصيبوا بها الأموال والضياع والمنازل حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يتسحلون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها، فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي (عليه السلام) فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو
[649]
خائف على دمه أو طريد في الأرض، ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين (عليه السلام) وولى عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف.... وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم - في تأريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: " إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم " (1). وقد روي أن أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال لبعض أصحابه: " يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا وما لقى شيعتنا ومحبونا من الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر من معدنه... ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد... ثم لم نزل - أهل البيت - نستذل ونستظام ونقصي ونمتهن ونحرم ونقتل ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وحجودهم موضعا يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء في كل بلدة، فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة، ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله ليبغضونا إلى الناس، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية " (2). ويؤيد ذلك ما رواه الطبري: " أن معاوية لما استعمل المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة إحدى وأربعين وأمره عليها دعاه وقال له: قد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتمادا على بصرك، ولست تارك إيصاءك بخصلة: لا تترك شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب لأصحاب علي، والاقصاء
(1) راجع ابن ابي الحديد 11: 44 - 46 والنصائح الكافية لمن يتولى معاوية: 97 - 99 والبحار 44: 123 وما بعدها عن الاحتجاج للطبرسي رحمه الله تعالى ومعالم المدرستين 2: 47 و 48 و 52 و 53 والأضواء: 127 - 135 والسنة قبل التدوين: 191 والنص والاجتهاد: 368. (2) راجع ابن أبي الحديد 11: 43.
[650]
لهم، والإطراء لشيعة عثمان، والإدناء لهم " (1). وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: " إن هؤلاء منعونا عن الحديث " (2). أرسل يزيد إلى عبد الله بن عمرو ونهاه عن الحديث فقال عبد الله: " هذا ينهاني عن الحديث كما كان أبوه ينهاني " (3). قال معاوية لعبدالله بن عمر: " لئن بلغني أنك تحدث لأضربن عنقك " (4). عن القاسم بن أبي عبد الرحمن: " كنت قاعدا عند معاوية، فبعث إلى عبد الله بن عمرو فقال: ما أحاديث بلغني عنك تحدث بها ؟ لقد هممت أن أنفيك من الشام، فقال: أما والله لولا إناث ما أحببت أن أكون بها ساعة فقال معاوية: ما حديث تحدث في الطلا ؟ فقال: أما إنه لا يحل لي أن أقول على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما لم يقل، سمعته يقول: " من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار، وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول في الخمر: من وضعه على كفه لم تقبل له دعوة، ومن أدمن على شربه سقي من خبال " (5). قال العلامة المحقق جعفر مرتضى العاملي: " أما عن أسباب منعهما من الرواية فإننا نقول: أما عبد الله بن عمر بن الخطاب فإنه كان يروي أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في معاوية كقوله (صلى الله عليه وآله) عنه: " لا أشبع الله بطنه " وقوله (صلى الله عليه وآله) عنه وعن أبيه وأخيه: " اللهم العن القائد والسائق والراكب " وقوله (صلى الله عليه وآله): " يطلع عليكم من هذا
(1) الطبري 5: 253 وراجع الكامل لابن الأثير 3: 472 في حوادث السنة احدى وخمسين وراجع معالم المدرستين 2: 47. (2) راجع عبد الرزاق 11: 377 والمستدرك للحاكم 4: 486 والغدير 10: 352 (عن المستدرك). (3) مسند أحمد 2: 198 والمطالب العالية 3: 124 / 353. (4) الغدير 10: 352 عن صفين لنصر: 248 وفي نسخة من صفين عندي: 220 ولكن عبد الله بن عمرو بدل عبد الله بن عمر والصحيح من السيرة 1: 87. (5) المعجم الكبير للطبراني 19: 374 ومجمع الزوائد 5: 71 وراجع الصحيح من السيرة 1: 87.
[651]
الفج رجل يموت حين يموت وهو على غير سنتي فطلع معاوية " و " إن تابوت معاوية في النار فوق تابوت فرعون " وقوله (صلى الله عليه وآله): " يموت معاوية على غير الإسلام ". وأما عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه قد أحرج معاوية في صفين بحديث قتل الفئة الباغية لعمار، فقال معاوية لأبيه عمرو ألا تغني عنا مجنونك " (1). نجاح قريش: لقد نجحت قريش في منع نشر أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث اتبعهم صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) في هذا المنهج، وتركوا الحديث عنه بمنع الخليفة عن ذلك وتأكيده وتهديده ولا سيما مع تزيينهم المنع بصبغة دينية، كعدهم الترك تثبتا وحزما واحتياطا في الدين واحترازا عن الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واستدلوا على ذلك بالحديث المعروف: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " (2) وأنكر بعضهم كون كلمة " متعمدا " جزء من الحديث، حتى أن بعضهم قال " أراهم
(1) الصحيح من السيرة 1: 88 عن انساب الأشراف بتحقيق المحمودي 2: 312 و 313 وراجع: 317 والجزء الأول (قسم اسرة النبي (صلى الله عليه وآله)) وراجع: 169 والطبقات الكبرى 3: 253 ط صادر وراجع تذكرة الخواص: 93 والفتوح لابن اعتم 3: 268 وراجع تاريخ الأمم والملوك 5: 41 ط دار المعارف. (2) راجع الجامع لاخلاق الراوي 2: 278 / 1629 وراجع البخاري 2: 120 و 8: 54 وصحيح مسلم 4: 2299 وسنن أبي داود 3: 320 والترمذي 4: 524 وابن ماجة 1: 13 بأسانيد و: 14 هذا الحديث متواتر من طرق الفريقين راجع السنة قبل التدوين أيضا: 191 (عن الشيخين والترمذي والنسائي والدارقطني وتميز المرفوع عن الموضوع لأحمد: 2) و: 214. أقول: الذي عثرت عليه من مصادر هذا الحديث من كتب السنة والشيعة كانت كلمة " متعمدا " فيه موجودة وهو الموافق للعقل، لأن نقل الحديث كثيرا ما يقع فيه الخطأ والنسيان، فإذا أراد الراوى الصدق الواقعي في الخبر والمخبر يلزم تعطيل الدين ودروس الحديث والسنة، وانما فسره بذلك خداعا للرواة المتدينين حتى يموهوا نهي الخليفة وأتباعه احتياطا في الدين مع تجويزهم النقل بالمعنى، فمن نقل حديثا متحريا، للصدق فأخطأ أو سها أو نسي فلا شئ عليه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " رفع عن أمتي تسعة أو ستة: الخطأ والنسيان... ".
[652]
يزيدون فيها متعمدا " وليس في الحديث هذه الكلمة، وفسروا الكذب بأنه الإخبار بالشئ على خلاف ما هو عليه وإن كان عن غير عمد، نعم هو كذب الخبر وليس مورد للتكليف، بل الحرام هو كذب المخبر ولا يتحقق إلا بالتعمد، والممنوع هو الكذب عن عمد بافتعال الحديث ووضع الأكاذيب، لا نقل الحديث باللفظ أو المعنى تحريا الصدق والواقع، نعم لو نقل شيئا لا يعلمه وجاء به على نحو القطع يكون كذبا أيضا، وعن ابن حجر " والمخطئ وإن كان غير مأثوم بالإجماع، ولكن الزبير - ومن ترك الحديث احترازا عن الكذب - خشي من الإكثار أن يقع في الخطأ وهو لا يشعر، لأنه وإن لم يأثم بالخطأ لكن قد يأثم بالإكثار، مظنة الخطأ " (1). وأنت تعلم أن هذا الاحتياط المفضي إلى انعدام السنة وانهدام الدين غير جائز، بل الواجب عليهم في حفظه كتابة الحديث وضبطه بالدقة الكاملة حتى لا يقعوا في خلاف الواقع، ويأتمروا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تبليغ الدين في قوله (صلى الله عليه وآله) " نضر الله وجع عبد سمع مقالتي فوعاها، وبلغها إلى من لم يبلغها... " (2). ولعمري هذا واضح لامرية فيه، ولكن قريشا منعت الكتابة وأحرقت الكتب والصحائف حتى بلغ الأمر إلى هذا الحد، وعلى كل نجحت قريش في منعهم كتابة الأحاديث ثم في منعهم نشر الحديث ثم في تلبيسهم هذه الجناية العظيمة لباس التقوى. ولا بأس بالإشارة إلى نماذج من عمل الصحابة رضي الله عنهم. قال عمرو بن ميمون: " جلست إلى عبد الله [بن مسعود] أظنه قال: سنة فما سمعناه يحدث فيها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا أنه تحدث يوما، فجرى على لسانه قال
(1) راجع الأضواء: 62 وما قبلها وما بعدها. (2) تقدم ذكر الحديث وبيان نبذ من مصادره.
[653]
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فعلته كربة " (1). وعن السائب بن يزيد: " أنه صحب سعد بن أبي وقاص من المدينة إلى مكة، فما سمعته يحدث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى يرجع " (2). قال الشعبي: " قعدت مع ابن عمر سنتين أو سنة، فما سمعته يحدث بحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا حديثا " (3). قال سفيان بن عيينة: " دخلت على العمري - يعني الرجل العابد من آل عمر فقال: ما أحد من الناس يدخل علي - أحب إلي منك إلا أن فيك عيبا فقلت: وما هو ؟ قال: تحب الحديث " (4). قال مجاهد: " صحبت ابن عمر من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا هذا الحديث " مثل المؤمن مثل النخلة " (5). عن عبد الله بن الزبير قال: " قلت للزبير: مالي لا أسمعك تحدث عن رسول
(1) المعجم الكبير للطبراني 9: 129 والأضواء: 55 وراجع: 61 وما بعدها. (2) الطبقات الكبرى 3 / ق 1: 102 والأضواء: 55 وراجع الغدير 6: 295 عن سنن ابن ماجة 1: 16 والسنة قبل التدوين: 94 (عن الطبقات وابن ماجة والسنن الكبرى للبيهقي 1: 12 وقال: انظر المحدث الفاصل 134. وراجع الصحيح من السيرة 1: 71 عن صفة الصفوة 1: 405 والطبقات الكبرى 3: 156 ط صادر والمستدرك للحاكم 3: 314 وتلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بهامش نفس الصفحة وحياة الصحابة 3: 271 وحياة الشعر في الكوفة: 253 وأصول السرخسي 1: 342. (3) راجع الغدير 6: 295 عن سنن الدارمي 1: 84 وسنن ابن ماجة 1: 15 وراجع تدوين السنة: 471 عن الحديث والمحدثون: 68 وراجع العلل لأحمد: 294 والسنة قبل التدوين: 93 عن الدارمي وابن ماجة والبيهقي والصحيح من السيرة 1: 71 عن جمع من هؤلاء وعن حياة الصحابة 3: 271 والغدير 10: 65 ومسند أحمد 2: 157. (4) تدوين السنة: 471. (5) السنة قبل التدوين: 94 وراجع الدارمي 1: 86 قال العجاج: انظر صحيح مسلم 4: 2165 وقبول الاخبار: 25.
[654]
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أسمع ابن مسعود وفلانا وفلانا ؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ولكني سمعت منه كلمة يقول: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " (1). قال: وفي رواية: " سمعته يقول من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار " (2). وقال أنس بن مالك (رضي الله عنه): " لولا أني أخشى أن أخطئ لحدثتكم بأشياء سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (3) وكان إذا حدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثا ففزع منه قال: " أو كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " وكذلك كان يفعل أبو الدرداء وغيره (4). قال عمرو بن ميمون: " ما أخطأني ابن مسعود عشية خميس إلا أتيته فيه قال: فما سمعته يقول بشئ قط: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما كان ذات عشية قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فنكس قال: فنظرت إليه فهو قائم محللة أزرار قميصه قد اغرورقت عيناه وانتفخت أوداجه قال: أو دون ذلك أو فوق ذلك أو قريبا من ذلك أو شبيها بذلك " (5). كان زيد بن أرقم إذا طلبوا منه أن يحدثهم يزعم أنه كبر ونسي (6). عن رجل عن الشعبي قال: " لو لقيت هذا الكبش - يعني الحسن - لنهيته عن
(1) السنة قبل التدوين: 94 و 95 عن ابن ماجة 1: 14 والأضواء: 61. (2) السنة قبل التدوين: 95 (عن الكفاية: 102 وقال: وأخرجه البخاري كذلك " انظر فتح الباري 1: 210 وانظر المصباح المضئ: 20 / ب وتمييز المرفوع عن الموضوع: 2 / ب وفي رواية الكفاية: قال: قلت لأبي الزبير... " وانظر طبقات ابن سعد 3 / ق 1: 75 وقال بعد رواية: " والله ما قال متعمدا ": وأنتم تقولون متعمدا). (3) السنة قبل التدوين: 93 عن سنن الدارمي 1: 77. (4) السنة قبل التدوين: 93 عن ابن ماجة 1: 8 وسنن الدارمي 1: 84 والسنن الكبرى للبيهقي 1: 11. (5) السنة قبل التدوين: 93 عن سنن ابن ماجة 1: 8 وفي نسخة عندي: 11 قال: " وانظر نحوه في مسند أحمد 6: 46 وفي الجامع لاخلاق الراوي وآداب السامع 2: 659 والأضواء: 56 والطبقات 3 / ق 1: 111. (6) الصحيح من السيرة 1: 71 عن مسند أحمد 4: 370 - 372 والأضواء: 56 عن ابن ماجة والجامع لأخلاق الراوي 1: 472 / 1994 وابن ماجة 1: 11.
[655]
قوله: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: صحبت ابن عمر ستة أشهر فلم أسمعه يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا في حديث واحد " (1). أخرج البخاري عن السائب بن يزيد قال: " صحبت طلحة بن عبيدالله وسعد بن أبي وقاص والمقداد بن الأسود وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فما سمعت أحدا منهم يحدث عن رسول الله إلا أني سمعت طلحة يحدث عن يوم أحد ". وقال ابن حجر في شرح هذا الحديث: " قال ابن بطال وغيره: كان كثير من الصحابة لا يحدثون عن رسول الله خشية المزيد والنقصان " (2). قال ابن قتيبة: " وكان كثير من جلة الصحابة وأهل الخاصة برسول الله (صلى الله عليه وسلم) كأبي بكر والزبير وأبي عبيدة والعباس بن عبد المطلب يقلون الرواية عنه، بل كان بعضهم لا يكاد يروي شيئا كسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل " (3). إن بني أنس بن مالك قالوا لأبيهم: " يا أبانا ألا تحدثنا كما تحدث الغرباء ؟ قال: إي إنه من يكثر يهجر " (4). عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: " أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) مامنهم أحد يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه، ولا يستفتي عن شئ إلا ود أن أخاه كفاه " (5). عن عبد الله بن أبي بكر (محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري) قال: " ما مات أبي حتى ترك الحديث " (6).
(1) العلل لأحمد 2: 198 / 1999. (2) الاضواء: 56 عن فتح الباري 6: 28 وهامش السنة قبل التدوين: 94 عن قبول الأخبار: 25. (3) الأضواء: 56. (4) السنة قبل التدوين: 94 عن الطبقات 7: 14 وراجع ق 1: 14 ط ليدن. (5) السنة قبل التدوين: 94 عن مختصر كتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول: 13. (6) الجامع لاخلاق الراوي 2: 473 / 1998.
[656]
آثار ونتائج وثمرات: لما حرمت كتابة الحديث النبوي وأحرقوا ما كتبوه صار الدين معرضا للزوال والفناء، وتحصل منها ثمرات مرة ولا محيص عن الإيعاز إليها: الأول: لما منعت الكتابة وأحرقت الصحف والكتب ولم تضبط الأحاديث بألفاظها كما أمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كلامه الخالد " نضر الله وجه عبد سمع مقالتي فوعاها، وبلغها إلى من لم يبلغها، قرب حامل فقه إلى من هو أفقه، ورب حامل وهو غير فقيه " (1) فتحت أبواب التحريف والتصحيف والزيادة والنقصان والتبديل والتغيير، وذلك لما جبل عليه الإنسان من السهو والنسيان والخطأ والغفلة في التحديث واستماع الحديث. فاضطروا بعد ذلك إلى تجويز النقل بالمعنى وإن خالف فيه جمع (2)، والمعنى الذي ينقله هو ما اجتهد فيه الراوي الأول ثم الثاني ثم ثم.... وقد أطال أبو رية فيه الكلام في الأضواء، ونقل عن البلطلميوسي: " اعلم أن الحديث المأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعن أصحابه والتابعين لهم تعرض له ثمان علل: أولاها: فساد الإسناد. الثانية: من جهة نقل الحديث على معناه دون لفظه. والثالثة: من جهة الجهل بالإعراب. والرابعة: من جهة التصحيف (3). والخامسة: من جهة إسقاط شئ في الحديث لايتم المعنى إلا به (4). والسادسة: أن ينقل المحدث الحديث ويغفل عن نقل السبب الموجب له، أو
(1) راجع خطبته (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع في مسجد الخيف، وقد أسلفنا ذكرها. (2) راجع الجامع لأخلاق الراوي للخطيب 2: 21 و 22 والأضواء: 77 وما بعدها والسنة قبل التدوين: 126 وما بعدها والكفاية للخطيب: 205 وما بعدها. (3) ولا سيما فيمن دخل في الإسلام من الامم المستعربة الذين لا يعرفون طرائف اللغة ونكاتها. (4) أو زيادة شئ من حفظه يضر بالمقصود.
[657]
بسط الأمر الذي جر ذكره. السابعة: أن يسمع المحدث بعض الحديث ويفوته سماع بعضه الآخر. الثامنة: نقل الحديث من الصحف دون المشايخ " (ثم بسط القول في هذه العلل) (1). ولما حرم نشر الحديث ودرسه وذكره ازداد الطين بلة لأنه إذا ترك الحديث ولم يذكر وتركت مدارسته ومذاكرته ازداد السهو والنسيان والغفلة والخطأ وهذا أمر طبيعي واضح لامرية فيه لاسيما إذا طالت المدة عشرات السنين. الله يعلم ماذا حل بأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هذه الناحية ولذا قال أبو رية ولنعم ما قال (2): " ولما وصلت دراستي إلى كتب الحديث المعتمدة لدى الجمهور ألفيت فيها من الأحاديث ما يبعد أن يكون - في الفاظه أو معانيه أو أسلوبه - من محكم قوله وبارع منطقه صلوات الله عليه، ومما راعني أني أجد في معاني كثير من الأحاديث: ما لا يقبله عقل صريح ولا يثبته علم صحيح ولا يؤيده حس ظاهر أو كتاب متواتر، ووجدت مثل ذلك في كثير من الأحاديث التي شحنت بها كتب التفسير والتأريخ وغيرها، ومما كان يثير عجبي أني إذا قرأت كلمة لأجلاف العرب أهتز لبلاغتها وتعروني أريحية من جزالتها، وإذا قرأت أكثر ما ينسب إلى النبي من قول لا أجد له هذه الأريحية ولاذلك الاعتزاز، وكنت أعجب كيف يصدر عنه (صلى الله عليه وسلم) مثل هذا الكلام المغسول عن البلاغة والعاري من الفصاحة وهو أبلغ من نطق بالضاد، أو تأتي منه مثل هذه المعاني السقيمة وهو أحكم من دعا إلى رشاد، وما كان هذا العجب إلا لأني كنت أسمع من شيوخ الدين عفى الله عنهم أن الأحاديث التي تحملها كتب السنة قد جاءت كلها على حقيقتها بألفاظها ومعانيها وأن على المسلمين أن يسلموا بكل ما حملت ولو كان فيها ما فيها....
(1) الأضواء: 97 ثم ذكر العلل مفصلا. (2) راجع الأضواء: 19 و 20 وراجع ايضا: 107 وما بعدها.
[658]
حتى انتهيت إلى حقائق عجيبة ونتائج خطيرة، ذلك أني وجدت أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث كلها مما سموه صحيحا أو ما جعلوه حسنا حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه كما نطق الرسول به، ووجدت أن الصحيح منه على اصطلاحهم إن هو إلا معان مما فهمه بعض الرواة.... الثاني: كثرت الأحاديث الموضوعة قال أبو رية: " كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتابة إلى ما بعد المائة الأولى من الهجرة، وصدر كبير من المائة الثانية أن اتسعت الرواية وفاضت أنهار الوضع بغير ما ضابط ولاقيد، لقد بلغ ماروي من الأحاديث الموضوعة عشرات الألوف لا يزال أكثرها منبثا بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها " (1). ومناشئ الوضع مختلفة متكاثرة: أحدهما: ما وضعها أهل الكتاب اللابسون لباس الإسلام " والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة، والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شئ... فإنما يسألون أهل الكتاب قبلهم ويستفيدون منهم " (2). " اتصل بعض الصحابة بوهب بن منبه وكعب الأحبار وعبد الله بن سلام، واتصل التابعون بابن جريج، وهؤلاء كانت لهم معلومات يروونها عن التوراة والإنجيل وشروحها وحواشيها، فلم ير المسلمون بأسا من أن يقصوها بجانب آيات القرآن، فكانت مبنعا من منابع التضخم " (3). " من أجل ذلك كله أخذ أولئك الأحبار يبثون في الدين الاسلامي أكاذيب وترهات يزعمون مرة أنها في كتابهم أو من مكنون علمهم، ويدعون أخرى أنها
(1) الأضواء: 118 وراجع الجامع لأخلاق الراوي 2. (2) ابن خلدون في المقدمة: 9 كما في الأضواء 146. (3) ضحى الاسلام لأحمد امين 2: 139 كما في الأضواء: 146 و 147.
[659]
مما سمعوه من النبي (صلى الله عليه وسلم) وهي في الحقيقة من مفترياتهم ". وان شئت فقل: " لما قويت شوكة الدعوة المحمدية واشتد ساعدها وتحطمت أمامها كل قوة تنازعها... ولما كان أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، لأنهم يزعمهم شعب الله المختار، فلا يعترفون لغيرهم بفضل ولا يقرون لنبي بعد موسى برسالة، فإن أحبارهم ورهبانهم لم يجدوا بدا وبخاصة أن غلبوا على أمرهم وأحرجوا من ديارهم من أن يتوسلوا بالمكر ويتوسلوا بالدهاء لكي يصلوا إلى ما يبتغون، فهداهم المكر اليهودي إلى أن يتظاهروا بالإسلام ويطووا نفوسهم على دينهم حتى يخفى كيدهم ويجوز على المسلمين مكرهم، وقد كان أقوى هؤلاء الكهان دهاء وأشدهم مكرا كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام (وتميم الداري) ولما وجدوا أن حيلهم قد راجت لما أظهروه من أكاذب الورع والتقوى وأن المسلمين قد سكنوا إليهم واغتروا بهم جعلوا همهم أن يضربوا المسلمين في صميم دينهم... " (1). لما صد الخلفاء باب التحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتحوا باب الأحاديث الإسرائيلية على مصراعيه بوضع حديث " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " (2) وصار كعب الأحبار المنحرف عن علي (عليه السلام) مرجعا لعمر وعثمان ومعاوية يسألونه ويشاورونه، يسألونه عن مبدأ الخلق وقضايا المعاد وتفسير القرآن إلى غير ذلك، وقال فيه علي (عليه السلام) " إنه لكذاب " وكان يقص بإذن الخليفة وأفتى عند عثمان بما أنكره أبو ذر حتى ضربه أبو ذر وقال: يا بن اليهودية أتعلمنا ديننا (3)، وكان عمر يعتمد
(1) راجع الاضواء: 145 وما بعدها. (2) راجع الصحيح من السيرة 6: 101 و 102. (3) وفي المسترشد: " يا ابن اليهودية متى كان مثلك تكلم بالدين، فوالله ما خرجت اليهودية من قبلك، وراجع الغدير 9: 293 و 296 و 303.
[660]
عليه ويأمره بالتحديث عما في التوارة ويسأله عما يأتي (1). وصار عبد الله بن سلام المنحرف عن علي (عليه السلام) والمتأبي عن بيعته وهو من أحبار اليهود قاصا وناقلا للترهات والسفاسف، ومحدثا وشيخا لأبي هريرة وأنس بن مالك وجماعة حتى قيل: إنه أعلم زمانه، وكان يثني على عمر في صلاته له بعد موته (2). وكذلك وهب بن منبه صار قاصا يأتي بقصص وأحاديث منكرات وينقل كثيرا من الكتب القديمة وضعفه الفلاس، وأخذ عنه أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عباس، وأنكر القميون أحاديثه واستثنوه من رجال نوادر الحكمة، وقال الخطيب: " كان وهب بن منبه يرسل أخاه إلى الشام يشتري له الكتب ويجئ بها إليه فيفسرها بالعربية " (3). ولا تنس تميم الدارمي راهب عصره، وكان قاصا في زمن عمر، وكان ينقل قصصا عجيبة، وسوف يأتي كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) له في الأقطاعات (4). وقد بحث أبو رية حول هؤلاء وأنهم كيف استحوذوا على عقول المسلمين
(1) راجع قاموس الرجال 7: 420 وتهذيب التهذيب 8: 438 وابن أبي الحديد 3: 54 و 4: 77 و 8: 356 وتنقيح المقال 2: 39 والإصابة 3: 315 / 7496 والسنة قبل التدوين في ترجمة أبي هريرة والأضواء: 145 - 176 ومعالم المدرستين 2: 48 و 49 والبحار 34: 289 والمسترشد: 177 والطبقات الكبرى لابن سعد 1 / ق 2: 87 و 88 و 2 / ق 2: 51 و 3 / ق: 240 و 242 و 247 و 257 و 262 وراجع الصحيح من السيرة 1: 104. (2) راجع الأضواء: 150 وتنقيح المقال 2: 185 / 6883 والإصابة 2: 220 / 4725 والاستيعاب 2: 382 هامش الإصابة وابن أبي الحديد 4: 9 و 12: 107. (3) راجع تنقيح المقال 3: 281 / 12709 وقاموس الرجال 9: 266 وتهذيب التهذيب 11: 167 وسفينة البحار في " وهب " والجامع لأخلاق الراوي 2: 157 وميزان الاعتدال 4: 352 والمفصل في تاريخ العرب 6: 611. (4) تنقيح المقال 1: 186 / 1442 والإصابة 1: 183 / 837 والاستيعاب بهامش الإصابة 1: 182 وقاموس الرجال 2: 257.
[661]
بدهائهم العجيب قال: " اتبع هؤلاء الأحبار بدهائهم العجيب طرقا غريبة لكي يستحوذوا بها على عقول المسلمين ويكونا محل ثقتهم وموضع احترامهم، ثم ذكر نبذا من هذه الطرق (1). ولا يخفى نفوذ هؤلاء في الصحابة والتابعين وثقتهم بهم وأخذهم عنهم على من له أدنى إلماء بكتب الحديث والتأريخ والتفسير. ومن اليهود المستسلمين الخائنين محمد بن كعب القرظي القاص الوضاع (2). ثانيها: ما وضع في في فضائل الأشخاص والقبائل والبلاد، وقد تكلم عليه العلامة الفذ الأميني قدس سره في الغدير ج. ثالثها: ما وضع لنصرة المذاهب في أصول الدين وفروعه كما مر من عمل معاوية في الامر والتحريض على جعل الأحاديث في فضائل الشيخين وفضائل عثمان في مقابل أحاديث فضائل علي (عليه السلام) وأهل بيته وولايتهم. رابعها: في الترغيب والترهيب حتى قال يحيى بن سعيد القطان: " لم نر الصالحين في شئ اكذب منهم في الحديث - وفي رواية - لم نر أهل الخير في شئ أكذب منهم في الحديث " (3). وقال الحافظ ابن حجر: " قد اغتر قوم من الجهلة فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب، وقالوا نحن لم نكذب عليه، بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته " (4).
(1) راجع الأضواء 145 وما بعدها ومعالم المدرستين 48 وما بعدها والجامع لاخلاق الراوي 1: 229 - 232 و 670 وتكلم حوله السيوطي في اللئالي المصنوعة 2: 467 في أقسام الموضوعات وعللها وراجع الغدير 2: 102 و 10: 63 وما بعدها في سلسلة الكذابين وقائمة الموضوعات والسنة قبل التدوين: 206. (2) راجع المفصل في تأريخ العرب 6: 611. (3) الأضواء: 138. (4) الأضواء: 138 عن الفتح 1: 161.
[662]
قال العلامة الأميني قدس سره: " وضع الحديث والكذب على النبي الأعظم وعلى الثقات من الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان لا ينافي عند كثير من القوم الزهد والورع واتصاف الرجل بالتقوى، بل هو شعار الصالحين، ويتقربون به إلى المولى سبحانه ومن هنا قال يحيى بن سعيد القطان: " ما رأيت الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث " (1) وعنه: " لم نر أهل الخير في شئ أكذب منهم في الحديث " (2) وعنه: " ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير " (3). خامسها: ما وضعوها لنصرة الخلفاء والأمراء في آرائهم وأحكامهم ولنذكر منه موارد للمثال: ألف: حكم عمر بتحريم المتعتين مصرحا بأنهما كانت حلالا في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما، ووضع المنتصرين له أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرم المتعة في خيبر (4). ب: حرم عمر كتابة السنة بعد إحراقها، ووضعوا لذلك أحاديث بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرم كتابة السنة (5). ج: حذف معاوية بسم الله الرحمن الرحيم في صلاته لجهر علي (عليه السلام) بها، ثم وضع أحاديث في أن رسول الله كان يبدأ بالحمد ولا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (6).
(1) الغدير 5: 275 عن مقدمة صحيح مسلم وتاريخ بغداد 2: 98 والأضواء: 138. (2) الغدير 5: 275 عن مقدمة صحيح مسلم وراجع الأضواء: 138. (3) الغدير 5: 275 عن اللئالي المصنوعة 2 في خاتمة الكتاب وراجع القرطبي في التذكار: 155 وراجع السنة قبل التدوين: 213 و 215 والصحيح من السيرة 1: 157. (4) الغدير 6: 209 وما بعدها والنص والاجتهاد: 201 وما بعدها والبحار 30: 594. (5) راجع ما أسلفناه في هذا الكتاب. (6) تفسير النيسابوري هامش الطبري 1: 79.
[663]
د: نهى عمر في الأذان عن ذكر " حي على خير العمل " وجعل مكانه " الصلاة خير النوم " مصرحا بأنه كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا وأنا أجعله كذا، ولكن أتباع الخليفة وضعوا بعد ذلك أحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآذان (1). ه‍: ذكر رزية يوم الخميس وأن عمر قال فيه ما قال، ثم وضعوا حديثا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد أن يكتب لأبي بكر ولم يكتب وقال (2): الثالث: قلة الأحاديث المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي يوثق بها ويطمأن إليها ويحتج بها في الدين أصولا وفروعا. لقد جمع ابن حجر - أحمد بن علي - العسقلاني في بلوغ المرام الأحاديث المنقولة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الأحكام، فبلغ جميعها ألفا وأربعمائة وستة وستين حديثا. وعن أبي حنيفة أن الأحاديث الثابتة عنده ليست إلا سبعة عشر حديثا (3). وفي كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف المتوفى سنة 182 من الهجرة مجموع رواياته عن أبي حنيفة 176 حديثا (4).
(1) النص والاجتهاد: 210 وما بعدها. (2) سوف نذكر مصادر الحديث في الفصل الخامس عشر في الكتب التي لم تكتب. (3) راجع مقدمة ابن خلدون: 442 وراجع الأضواء: 388 والصحيح من السيرة 1: 153. (4) هذا على ما عدده العلامة المحقق السيد مهدي الروحاني دامت بركاته وكتبه على ظهر كتاب الآثار، ولا بأس بنقل كلامه لتتميم الفائدة قال: " أحاديث الكتاب - يعني كتاب الآثار - 1067 حديثا ولكن متن الحديث أقل من ذلك العدد، فإن في عدة منها تكرار للحديث بطريق آخر والذي فيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو ذكر فعل له في هذا الكتاب هو مائة وستة وسبعون حديثا على ما عددته وعملت في الهامش على ما فيه أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعلامة (ب) وبقيتها من الصحابة والتابعين وأحاديث الكتاب عن ابن المؤلف عن أبيه مؤلف الكتاب القاضي أبي يوسف عن أبي حنيفة الإمام عمن رواه واختصاص المؤلف شيخه أبا حنيفة بالحديث عنه = (*)
[664]
وجميع أحاديث البخاري في صحيحه أربعة آلاف حديثا (1) مع ما نقله عن الصحابة ومالك إنما صح عنده ما في كتاب الموطأ وغايتها 300 حديث أو نحوها (2) وعن أحمد بن حنبل: الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) ينبغي أن تكون ألفا ومأتين (3)، وقال آخر: أنه لم يصل إلى الأمة سوى خمسمائة حديث في أصول الأحكام ومثلها في أصول السنة (4)، وعن آخر أن حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعة آلاف حديث (5) ولعله يشير إلى ما نقلناه عن البخاري وعن شعبة: " ما أعلم أحدا فتش الحديث
= فقط هل يعني به أنه أراد تعظيم شيخه وجعله إماما في الحديث أيضا أو أن يوسف بن أبي يوسف هو الذي فعل ذلك وجمع روايات أبي حنيفة عن طريق أبيه، ونتيجة ذلك أن كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف أكبر من ذلك الموجود بمرات، وبالجملة ذكر الخطيب في تاريخ بغداد 13: 416 قال أبو بكر بن داود جميع ما روى أبو حنيفة في الحديث مائة وخمسون حديثا أخطأ أو قال غلط في نصفها أقول: ولعله أراد حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا العدد 150 يقرب مما عددناه في الكتاب، وأن أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) 175 حديثا ينقص منه ما تعدد طرقها وإرجاعها إلى حديث واحد فيقرب من مائة وخمسين وهذه التخطئة من أبي بكر بن داود هي ألتي يعترف بها أبو حنيفة لنفسه أيضا، فروى الخطيب في ج 13 في ترجمة الإمام ابي حنيفة أنه روى ابن المقري عن أبي حنيفة أنه قال: " ما رأيت أفضل من عطاء وعامة ما أحدثكم به خطأ " وعلى أي حال يظهر قلة اعتماد ابي حنيفة على الأحاديث المنقولة، وعذره في ذلك واضح، فإنه يرى الكذب الكثير فيما ينقلونه عن رسول الله بعد نهى الخلفاء الأولين عن التحديث عنه (صلى الله عليه وآله) ثم نقلهم النهي عن كتابة الأحاديث عنه (صلى الله عليه وآله) وإحراق الخليفتين أبي بكر وعمر أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ". (1) راجع مقدمة التاج 1 والجامع لأخلاق الراوي 2: 271 / 1613 وفيض الباري: 39 من المقدمة وعمدة القاري في المقدمة ومقدمة فتح الباري: 465. (2) الأضواء: 388 وراجع مقدمة ابن خلدون: 444 وفي تنوير الحوالك: 6 عن ابن الهباب خمسمائة حديث وعن الكيا الهراسي 700 وعن سليمان بن بلال ألف حديث وعن ابن حزم: نيف وسبعون حديثا. (3) الصحيح من السيرة 1: 152 عن إرشاد الفحول: 251. (4) الصحيح من السيرة 1: 153 عن مناقب الشافعي 1: 419 وعن الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا: 243. (5) الصحيح من السيرة 1: 152 عن علوم الحديث لابن الصلاح: 367 والباعث الحثيث: 85 والسنة قبل التدوين عن فتح المغيث 4: 39 وعن تلقيح فهوم الآثار.
[665]
كتفتيشي - وقفت على أن ثلاثة أرباعه كذب (1)، وقد جمع البغوي الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبلغ 4931 حديثا (2)، وعن الحافظ الدار قطني: " أن الحديث الصحيح في الحديث الكذب كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود " (3). وعن أحمد بن حنبل يقول: " ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير " (4). قال الشافعي: " كتب الواقدي كذب " (5). الرابع: أنهم بعد إمحاء السنة بالمنع عن الكتابة والنشر فتحوا باب الاجتهاد والتأويل في حل المشاكل " إن مصطلح الاجتهاد والمجتهد متأخر عن عصر الصحابة والتابعين بدهر، فإن الصحابة والتابعين كانوا يسمون تغيير الأحكام من قبلهم بالتأويل مثل ما ورد في خبر قتل خالد بن الوليد عامل رسول الله مالك بن نويرة، فإن خالدا اعتذر عن فعله وقال للخليفة أبا بكر: يا خليفة رسول الله إني تأولت وأصبت وأخطأت، وقال أبو بكر في جواب عمر حين قال إن خالدا زنى فارجمه: ما كنت أرجمه فإنه تأول فأخطأ... " (6). وعلى كل حال اجتهدوا أو تأولوا تارة في الموضوعات الحادثة التي لا يعلمون حكمها من الكتاب، فيتشاورون ويحكمون فيها بآرائهم قياسا أو استحسانا أو... وتارة يجتهدون في الأحكام القطعية الثابتة في الكتاب والسنة سمعوها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعملوا بها في حياته (صلى الله عليه وآله) فيخالفونها ويجعلون أحكاما
(1) الجامع لأخلاق الراوي 2: 451 / 1970. (2) راجع مصابيح السنة للبغوي. (3) الاضواء: 193 عن كتاب الإسلام الصحيح: 215. (4) الجامع لاخلاق الراوي 2: 231. (5) الجامع لأخلاق الراوي 2: 234. (6) النص والاجتهاد: 154 والبحار: 30 وما بعدها والغدير 7: 158 - 196 والصراط المستقيم: 279.
[666]
ضدها، وهذا خاص للخليفة كما تقدم في المتعتين والأذان وخمس ذوي القربى والإتمام في صلاة في السفر والخلافة الإلهية وإحراق الأحاديث، وتورث الانبياء. ولسنا في مقام تحقيق اجتهادهم، وإن أردت تحقيق ذلك فعليك بما كتبه وحققه العلامة المحقق العسكري دام ظله في معالم المدرستين 2، فإنه أفاد وأجاد بما لا مزيد عليه جزاه الله عن الإسلام وأهله خيرا، والغدير 6 والنص والاجتهاد والبحار: 30. ومن المؤسف أنهم جعلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المجتهدين الذين يخطئون ويصيبون بل جعلوا بابا فيه تناقض اجتهاد عمر مع اجتهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزول القرآن موافقا لعمر ومخطئا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن عمر محدث، وأن الحق نطق على لسان عمر. إلى مآل امر الدين ؟ قال العلامة المرتضى: " قد استمر المنع من كتابة الحديث وروايته عشرات السنين، وأصبح التحاشي عنه هو الصفة لعلماء الأمة وطليعتها المثقفة، بل لقد صارت كتابة الحديث عيبا أيضا حتى في أوائل عهد بني مروان " (1). ومضت السنون والأحقاب ومات الصحابة الأخيار بل أوشك التابعون على الانقراض أيضا. ونشأت أجيال وأجيال لم تسمع أحدا يذكر عن نبيها ولا عن مواقفة وتعاليمه وسيرته ومفاهيمه، وتربت هذه الأجيال على النهج الفكري الذي أراده لها الحكام والمتسلطون والموتورون والحاقدون وتلامذة أهل الكتاب المعجبون بهم.
(1) راجع تقييد العلم: 110 وراجع سنن الدرامي 1: 126 وعن المحدث الفاصل 4: 23 وجامع بيان العلم 1: 73: كان.
[667]
وذهب الدين وتلاشي حتى لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن الدين إلا رسمه حسبما روي عن أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام (1) الذي لم يعش إلا إلى سنة أربعين من الهجرة، ثم ازداد البلاء بعد ذلك وبرح الخفاء إلى حد الفضيحة، فاضطر عمر بن عبد العزيز إلى القيام بعمل رمزي ضعيف وضئيل لم يكن له أي أثر يذكر على الصعيد العملي على مستوى الأجيال والأمة، ثم بدأت الحركة الحقيقية باتجاه التدوين في أواسط القرن الثاني للهجرة حسبما تقدم توضيحه، وخلاصة الأمر أن الحال قد تردت خلال أقل من ثلاثين سنة من وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك الحد الذي أشار إليه سيد الوصيين (عليه السلام)، وطمست معظم معالم الدين، ومحقت أحكام الشريعة كما أكدته نصوص كثيرة (2). وكان ذلك في حين أن الصحابة وعلماءهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وكان الناس ينقادون إلى الدين وأحكامه ويطيعون رموزه وأعلامه. أصبحت الحال بعد أن فتحت الفتوح ومصرت الأمصار، ودخلت أقطار كثيرة، أو أظهرت الدخول في الإسلام تحت وطأة الفتوحات التي قامت بها السلطة الحاكمة آنذاك، وكان أن تضخمت الحالة السكانية، واتسعت رقعة العالم الإسلامي في فترة قصيرة جدا وبسرعة هائلة. لقد كان من الطبيعي أن يأخذ هؤلاء الوافدون الجدد على الإسلام ثقافتهم الدينية من الناس الذين التقوا بهم وعاشوا معهم (3). ولا بأس بذكر شواهد ونصوص:
(1) راجع نهج البلاغة / الحكمة 190 و 369. (2) راجع المصنف للصنعاني 2: 63 ومسند أبي عوانة 2: 105 والبحر الزخار 2: 254 وكشف الأستار عن مسند البزار 1: 260 ومسند أحمد 4: 428 و 432 و 441 ومروج الذهب 3: 85 والغدير 8: 166 ومكاتيب الرسول 1: 62. (3) الصحيح من السيرة 1: 141 - 143 متنا وهامشا.
[668]
1 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: " لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن الدين إلا رسمه " (1). 2 - قال (عليه السلام): " فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا " (2). 3 - وقال (عليه السلام) في خطبته: " صرتم بعد الهجرة أعرابا، وبعد الموالاة أحزابا، ما تتعلقون من الاسلام إلا باسمه، ولا تعرفون من الإيمان إلا رسمه " (3). 4 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " سيأتي على أمتي زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه، ومن الإسلام إلا اسمه " (4). 5 - قال علي (عليه السلام): " إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كيف أنتم إذا ألبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة، فإذا غير من شئ قيل: قد غيرت السنة... قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتفرق عني جندي... " (5).
(1) تقدم آنفا عن الصحيح من السيرة. (2) نهج البلاغة / الكتاب 53 عهده لمالك الاشتر وراجع شرح ابن ابي الحديد 17: 59 وبهج الصباغة 14: 354 و 355. (3) نهج البلاغة / خ 192 وفي شرح ابن ابي حديد 13 / خ 238. (4) نهج البلاغة / الحكمة 369 والبحار 2: 109 و 52: 190 و 18: 146 عن ثواب الأعمال و 22: 45 عن جامع الأخبار و 36: 284 عن الكفاية. (5) البحار 14: 168 عن الأحتجاج و: 173 عن الكافي وكتاب سليم وراجع نهج البلاغة / الخطبة 103 ط عبده وراجع شرح ابن ابي الحديد 11: 38 - 50 ومنهاج البراعة 14: 24 - 65 والمسترشد للبصري تحقيق المحمودي: 23. ويذكر فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) قسما غيروه وبدلوه.
[669]
6 - قال الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): " وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن، فتأولوا بآرائهم واتهموا مأثور الخبر... فإلى من يفزع خلف هذه الأمة وقد درست أعلام هذه الملة... " (1). 7 - وقد روى الإمام مالك عن عمه أبي سهل بن مالك عن أبيه أنه قال: " ما أعرف شيئا مما أدركت الناس عليه إلا النداء بالصلاة " (2). قال الزرقاني والباجي: " يريد الصحابة، وأن الأذان باق على ماكان عليه ولم يدخله تغيير، ولا تبديل بخلاف الصلاة فقد أخرت عن أوقاتها وسائر الأفعال دخلتها التغيير " (3). 8 - أخرج الشافعي من طريق وهب بن كيسان قال: " ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: " كل سنن رسول الله قد غيرت حتى الصلاة " (4). 9 - يقول الزهري: " دخلنا على أنس بن مالك بدمشق وهو وحدة يبكي قلت: ما يبكيك ؟ قال: لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة وقد ضيعت " (5). 10 - وقال الحسن البصري: " لو خرج عليكم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما عرفوا منكم إلا قبلتكم " (6). قال العلامة جعفر مرتضى العاملي بعد نقله: " ونقول حتى القبلة قد غيرت
(1) الصواعق: 152. (2) جامع بيان العلم 2: 244 والصحيح من السيرة 1: 143 عن الموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك 1: 93 وجامع بيان العلم 2: 244 ودراسات وبحوث 1: 81. (3) الصحيح من السيرة 1: 143 ودراسات وبحوث 1: 81. (4) الصحيح من السيرة 1: 144. (5) جامع بيان العلم 2: 244 وراجع الصحيح من السيرة 1: 244 عنه عن ضحى الإسلام 1: 365 والجامع الصحيح 4: 632 وفي هامشه عن طبقات ابن سعد ترجمة أنس وعن الترمذي وعن البخاري 1: 141 ودراسات وبحوث 1: 80. (6) جامع بيان العلم 2: 244 وراجع الصحيح من السيرة 1: 144 ودراسات وبحوث 1: 81.
[670]
وجعلوها إلى بيت المقدس حيث الصخرة قبلة اليهود " (1). 11 - قال أبو الدرداء " والله لا أعرف فيهم من أمر محمد " شيئا إلا أنهم يصلون جميعا " (2). 12 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: " لو أن رجلين من أوائل هذه الأمة خلوا بمصحفيهما في بعض هذه الأودية لأتيا الناس اليوم ولا يعرفان شيئا مما كانا عليه " (3). 13 - عن الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد ذكرت هذه الأهواء عنده فقال: " لا والله ماهم على شئ مما جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا استقبال الكعبة فقط " (4). 14 - وحينما صلى عمران بن حصين خلف علي (عليه السلام) أخذ بيد مطرف بن عبد الله وقال: " لقد صلى صلاة محمد، ولقد ذكرني صلاة محمد (صلى الله عليه وآله) ". وكذلك قال أبو موسى حينما صلى خلف علي (عليه السلام) (5). 15 - أن الناس والهاشميين في زمن السجاد (عليه السلام) إلى أن مضت سبع من إمامة الباقر (عليه السلام) كانوا لا يعرفون كيف يصلون ولا كيف يحجون (6).
(1) الصحيح من السيرة 1: 144 وراجع: 36 من نفس المصدر. (2) الصحيح من السيرة 1: 144 عن مسند أحمد 6: 244. (3) الصحيح من السيرة 1: 144 عن الزهد والرقائق: 61 ودراسات وبحوث 1: 81 عنه. (4) الصحيح من السيرة 1: 145 عن البحار 68: 91 وقصار الجمل 1: 366. (5) الصحيح من السيرة 1: 145 عن أنساب الأشراف 2:. 18 ط الأعلمي وسنن البيهقي 2: 68 وكنز العمال 8: 143 عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد الرزاق 2: 63 ومسند أبي عوانة 2: 105 ومسند أحمد 4: 392 في موضعين و: 415 و 428 و 429 و 441 و 444 والغدير 10: 202 و 203 وكشف الاستار عن مسند البزار 1: 260 والبحر الزخار 2: 254 وعن المصادر التالية صحيح البخاري 2: 209 وصحيح مسلم 1: 295 وسنن النسائي 1: 164 وسنن أبي داود 5: 84 وسنن ابن ماجة 1: 296 وفتح الباري 2: 209 والمصنف لابن ابي شيبة 1: 241. (6) كشف القناع عن حجية الإجماع: 67 كما في الصحيح من السيرة 1: 145.
[671]
قال أنس بن مالك: " ما أعرف شيئا مما كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قيل: الصلاة ؟ قال أليس صنعتم ما صنعتم فيها " (1). الموقف الخامس: تدوين الحديث: استمر المنع عن كتابة الحديث بين الصحابة والتابعين إلى أول القرن الثاني حتى خاف الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز ذهاب السنة وأهلها (وأمنت قريش مما كانت تخاف منه) فأمر بتدوين الحديث: أخرج الهروي في ذم الكلام من طريق يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار قال: " لم يكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الحديث، إنما كانوا يؤدونها لفظا، ويأخذونها حفظا إلا كتاب الصدقات والشئ اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء حتى خيف عليه الدروس وأسرع في العلماء الموت، فأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمي فيما كتب إليه: أن انظر ماكان من سنة أو حديث عمر فأكتبه، وقال مالك في الموطا برواية محمد الحسن: إلى يحيى بن سعد: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمر وبن حزم: أنا يحيى بن سعيد: إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن انظر ما كان من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو سنة أو حديث عمر أو نحو هذا فاكتبه لي، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء " (2). أخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: " كان عمر بن عبد العزيز كتب إلى الأمصار يعلمهم السنن والفقه، ويكتب إلى المدينة يسألهم عما مضى وأن يعملوا بما عندهم، ويكتب إلى أبي بكر بن عمرو بن
(1) دراسات وبحوث 1: 80 عن ضحى الاسلام 1: 386. (2) تنوير الحوالك: 4 و 5 وراجع مقدمة جامع أحاديث الشيعة 1: 3 و 4 والأضواء: 259 و 260.
[672]
حزم أن يجمع السنن ويكتب إليه بها، فتوفى عمر وقد كتب ابن حزم كتبا قبل أن يبعث بها إليه " (1). وفي البخاري باب كيف يقبض العلم: " وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولاتقبل إلا حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا " (2). اخرج الخطيب بإسناده عن عبد الله بن دينار أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يأمره: انظر ما كان من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو سنة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه، فإني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله (3). وأخرج أبو نعيم عن عبد الله بن دينار قال: " كتب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق وانظروا حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاجمعوه واحفظوه، فإني أخاف دروس العلم وذهاب العلماء " (4). كتب عمر بن عبد العزيز إلى المدينة: انظروا [وفي حديث عفان: إلى أهل
(1) تنوير الحوالك: 5 وراجع مقدمة جامع أحاديث الشيعة 1: 4 وراجع سنن الدارمي 1: 126 والسنة قبل التدوين: 329 وصحائف الصحابة: 221 (عن جمع) و: 222 (عن شرح الزرقاني على الموطأ 1: 9 وقواعد التحديث للقاسمي: 71 و 72). (2) البخاري 1: 36 وفتح الباري 1: 174 وعمدة القاري 2: 129 والدارمي 1: 126 وتقييد العلم: 105 - 106 (وفي هامشه عن الدارمي وذم الكلام للهروي: 70 وقال بشكل آخر في موطأ الإمام محمد المقدمة لعبد الحي اللكنوي: 13 والتأريخ الصغير للبخاري: 105) وراجع تدريب الراوي 1: 90 وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 278 وتدوين السنة: 16 والسنة قبل التدوين: 329. (3) تقييد العلم: 105 و 106 والطبقات 2 / ق 2: 134 و 8: 353 وصحائف الصحابة: 221 وبحوث في تاريخ السنة: 227 (عن الدارمي 1: 126 والطبقات والرسالة المستطرفة للكتاني: 3. (4) تاريخ إصبهان 1: 312 وراجع تدوين السنة: 15 و 16 وراجع تأسيس الشيعة: 278 والأموال لأبي عبيد: 764.
[673]
المدينة أن انظروا] ما كان من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاكتبوه، فإن خفت [قد خفت] دروس العلم وذهاب العلماء (1). وفي لفظ: " اكتب إلي بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبحديث عمرة، فإني خشيت دروس العلم وذهابه " وفي رواية: " أمره أن يكتب له العلم من عند عمرة بنت عبد الرحمن والقاسم بن محمد فكتبه له " (2). عن عكرمة بن عمار قال: " سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقول: أما بعد فأمروا أهل العلم أن ينتشروا في مساجدهم، فإن السنة كانت قد أميتت " (3). إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أمراء الأخبار أن يكتبوا بعلم علمائهم (4). عن محمد بن عبد الرحمن قال: " قال لي عمر بن عبد العزيز: اكتب لي حديث عمرة، وكان عمر بن عبد العزيز يسألها " (5). قال أبو قلابة: " خرج علينا عمر بن عبد العزيز لصلاة الظهر ومعه قرطاس، ثم خرج علينا لصلاة العصر وهو معه فقلت له: يا أمير المؤمنين ما هذا الكتاب ؟ قال: حديث حدثني به عون بن عبد الله، فأعجبني، فكتبته، فإذا فيه هذا الحديث " (6). (إشارة إلى الحديث الذي نقله الدرامي قبل ذلك).
(1) تقييد العلم: 106 (وفي الهامش عن الدارمي 1: 126 والمحدث الفاصل 4: 4 وتأريخ دمشق 3: 175) وتدوين السنة: 16 (وفي هامشه عن التنبئة للسيوطي: 15 والرسالة المستطرفة للكتاني: 4) وراجع السنة قبل التدوين: 329. (2) السنة قبل التدوين: 329 وسنن الدارمي 1: 126 وصحائف الصحابة: 221 عن العلل لأحمد 1: 12 و 222 عن المعرفة والتاريخ 1: 645 وتهذيب التهذيب 12: 39. (3) السنة قبل التدوين: 330 عن المحدث الفاصل: 153 وتدوين السنة: 16 (عن أدب الاملاء والاستملاء: 44). (4) المصنف لعبد الرزاق 9: 337. (5) المعرفة والتأريخ 2: 108. (6) سنن الدارمي 1: 130.
[674]
قال سعيد بن زياد مولى الزبير: " سمعت ابن شهاب يحدث سعد بن إبراهيم: أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها ذقرا ذقرا، فبعث إلى كل أرض عليها سلطان ذقرا " (1). كتب إلى الناس: " أنه لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (2). روى عبد الله بن ذكوان القرشي أبو الزناد قال: " رأيت عمر بن عبد العزيز جمع الفقهاء، فجمعوا له أشياء من السنن، فإذا جاء الشئ الذي ليس العمل عليه قال: هذه زيادة ليس العمل عليها " (3). كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم أن افحص لي عن أسماء خدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " (4). كان عمر بن عبد العزيز يقول: ماكان بالمدينة عالم إلا يأتيني بعلمه وأوتى بما عند سعيد بن المسيب (5)، ولا يقضي بقضاء حتى يراجع سعيد بن المسيب (6). ملاحظات: يبدو من بعض المصادر أن عبد العزيز بن مروان هو الذي شرع بتدوين الحديث: روي أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى كثير بن مرة الحضرمي وكان قد أدرك بحمص سبعين بدريا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... " قال كتب إليه أن يكتب
(1) جامع بيان العلم 1: 91 و 92 وراجع السنة قبل التدوين: 330 و 332 وبحوث في تأريخ السنة: 227 وتدوين السنة: 17. (2) جامع بيان العلم 2: 42 وفي ط 34. (3) السنة قبل التدوين: 330 عن قبول الأخبار: 30. (4) الطبقات 1 / ق 2: 179. (5) الطبقات 2 / ق 2: 130. (6) المصدر السابق.
[675]
إليه بما سمع من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أحاديثهم إلا حديث أبي هريرة، فإنه عندنا " (1). " وقد سعى عبد العزيز بن مروان وإلي مصر (وليها من سنة 65 - 85 ه‍) إلى جمع الحديث وتدوينه، فكتب إلى كثير بن مرة الحضرمي الذي أدرك سبعين بدريا أن يكتب له ما سمعه من أحاديث الصحابة سوى أبي هريرة، لأن حديثه كان مجموعا عنده... لكنا لا نعلم شيئا من نتيجة هذه المحاولة " (2). ولكن الآثار المتقدمة تنفي أثر عمل عبد العزيز بن مروان لتصريح عمر " فإن السنة قد أميتت " و " خفت دروس العلم " وإن أطنب العجاج في إثبات تأثير لأمره كثير بن مرة أن يكتب ما سمع، ولكن الباقين صرحوا بعدم الوقوف على أثر عمل عبد العزيز، كما أنهم صرحوا بعدم وقوفهم على حديث أبي هريرة الذي ذكره عبد العزيز (3). 2 - الذي يظهر من الآثار كما تقدمت الإشار إليه أن عمر بن عبد العزيز وإن قام بتدوين الحديث، وأمر ابن حزم وغيره بذلك ولكنه تأخر إلى زمن خلافة هشام أو إلى خلافة بني العباس، قال أبو رية " ويبدو أنه لما عاجلت المنية عمر بن عبد العزيز انصرف ابن حزم عن كتابة الحديث، وبخاصة لما عزله يزيد بن عبد الملك عندما تولى بعد عمر بن عبد العزيز سنة 101 ه‍ وكذلك انصرف كل من كانوا يكتبون مع أبي بكر وقرت حركة التدوين إلى أن تولى هشام بن عبد الملك سنة 105، فجد في هذا الأمر ابن شهاب الزهري، بل قالوا: إنه أكرهه على تدوين
(1) الطبقات 7: 447 وفي ط ليدن 7: 157 وراجع بحوث في تأريخ السنة: 226 والسنة قبل التدوين: 337 و 373 وصحائف الصحابة: 219 (عن الطبقات وقال: انظرا النبلاء 4: 46) و: 186 و 187. (2) راجع بحوث في تأريخ السنة: 226 والسنة قبل التدوين 373 و 374 وصحائف الصحابة: 220. (3) راجع صحائف الصحابة: 186 و 187.
[676]
الحديث، لأنهم كانوا يكرهون كتابته.... " (1). وعن الذهبي: " أن أول زمن التصنيف وتدوين السنة وتأليف الفروع بعد انقراض دولة بني أمية وتحول الدولة إلى بني العباس " (2). على أن بعض المصادر تشير إلى أن عمر بن عبد العزيز وإن أصدر أمرا بالتدوين إلا أن أمره لم ينفذ في حياته (3). وقد تقدم عن أبي طالب المكي أنه ما حدث التصنيف إلا بعد الحسن وابن المسيب سنة 105 أو 110. وقالوا: إن أول من دون محمد بن مسلم الزهري المتوفى 124 وقالوا: إن أول من صنف ابن جريج المتوفى سنة 150. وقال الذهبي في حوادث سنة 143: " وفي هذا العصر شرع علماء الاسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير " (4). وقال ابن حجر: " لما انتشر العلماء في الأمصار وكثرت الابتداع... دونت الآثار ممزوجة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين وغيرهم، فأول من جمع ذلك ابن جريج (المتوفى 150) بمكة وابن إسحاق (المتوفى 151) أو مالك (المتوفى 179) بالمدينة، والربيع بن الصبيح (المتوفى 160) أو سعيد بن عروبة المتوفي 156 أو حماد
(1) الاضواء 260: " تولى عمر بن عبد العزيز سنة 99 ومات سنة 101 بالسم لعدله " وعن الجاحظ: " أنه قام بعقب قوم قد بدلوا عامة شرائع الدين وسنن النبي (صلى الله عليه وسلم) " وراجع السنة قبل التدوين: 332 (عن قواعد التحديث: 47) وبحوث في تأريخ السنة: 227 (عن الرسالة المستطرفة: 4) وعتدوين السنة: 18 والأعلام للزركلي 5: 50. (2) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 279 كما في تدوين السنة: 20. (3) تدوين السنة: 18 عن تأريخ التراث العربي 1: 228. (4) تدوين السنة 200 (عن النجوم الزاهرة للتغردي البروي 1: 351 ودراسات في الحديث والمحدثين للحسني: 24) وراجع الأضواء: 264 و 265.
[677]
ابن سلمة (المتوفى 167) بالبصرة، وسفيان الثوري (المتوفى 161) بالكوفة (والأوزاعي المتوفى 157) بالشام وهشيم (المتوفى 183) بواسط ومعمر (المتوفى 153) باليمن، وجرير بن عبد الحميد (المتوفى 188) بالري وابن المبارك (المتوفى 181) بخراسان (1). ويعتقد الكثيرون أن أول من صنف ابن جريج (2). ويعتقد البعض أن أول مصنف وضع في علم الحديث عامة هو كتاب همام ابن منبه المتوفى سنة 131 فقد جمع روايات عن أبي هريرة باسم " الصحيفة الصحيحة " (3). قال ابن حجر: " فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح وأبو عروبة وغيرهما " (4). قال العجاج: " وقد يظن الباحث أن كراهة الكتابة قد ولت وانهزمت أمام إباحتها، ولم تعد هذه الإباحة مجرد رأى، بل انتقل الرأي إلى التطبيق فعلا، وتبنت الدولة الإشراف على الكتابة، ولكنا لا نلبث أن نسمع أصوات من تكره تعلو من جديد، وكان بعض هؤلاء من نفس جيل التابعين الثاني (أوسطهم) ومن صغارهم، فقد راعهم الحديث في كراريس ودفاتر، وأن يعتمد طلاب الحديث والعلماء على الكتب ويهملوا الحفظ، ويتمسكوا بالآثار التي لا تبيح الكتابة، وأبوا أن يكتب الخلاف أهل الحديث على دفاترهم ويجعلوها خزائن علمهم، ولم يعجبهم أن
(1) راجع إرشاد الساري 1: 6 وتدوين السنة: 20 و 21 والسنة قبل التدوين: 337 وراجع الجامع لأخلاق الراوي 2: 425 - 427. (2) راجع تدوين السنة: 20 عن الجرح والتعديل للرازي 1: 184 وتأريخ بغداد 10: 400 ودائرة المعارف لوجدي مادة حدث وجامع الأصول 1: 41. (3) تدوين السنة: 19. (4) راجع فتح الباري في المقدمة: 4 وتنوير الحوالك: 5 في المقدمة أيضا.
[678]
يخالف سبيل الصحابة في الحفظ والإعتماد على الذاكرة... وها هو ذا الضحاك بن مزاحم أباح الكتابة سابقا... وها هو ذا يقول: " يأتي على الناس زمان تكثر فيه الأحاديث حتى يبقى المصحف بغباره لا ينظر فيه... " (1) يقول ابن الصلاح: " ثم إنه زال ذلك الخلاف وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الحاضرة " (2). ولعله إلى ذلك يشير ما تقدم عن أبي رية وعن الذهبي أنهم شرعوا في الكتابة سنة 105 أو 110 أو أول الدولة العباسية أو سنة 143 أو غير ذلك. 3 - الذي يظهر من تصفح الآثار وسبر الأخبار أنهم جمعوا الأحاديث النبوية وما جاء عن الصحابة أيضا، قال صالح بن كيسان: " اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه، فإنه سنة وقلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت ". وفي رواية: " عن صالح: كنت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم، فاجتمعنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شئ سمعنا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: اكتب بنا ما جاء عن أصحابه فقلت: لا ليس بسنة، وقال هو بل هو سنة، فكتب ولم أكتب فانجح وضيعت (3). بل اشتغلوا بكتابة فتيا التابعين أيضا حتى قال مجاهد لأصحابه: " لا تكتبوا
(1) راجع السنة قبل التدوين: 333 ثم ذكر أسماء الذين رجعوا عن الكتابة، أو محوا كتبهم عند موتهم كسعيد بن عبد العزيز وسفيان وحماد بن سلمة وخالد الحذاء وأبي قلابة. (2) السنة قبل التدوين: 336. (3) راجع جامع بيان العلم 1: 92 بسندين وتقييد العلم: 106 و 107 والمصنف لعبد الرزاق 11: 258 وكنز العمال 10: 178 وتهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 381 والطبقات 2 / ق 2: 135 والمعرفة والتأريخ 1: 641.
[679]
عني كلما أفتيت وإنما يكتب الحديث " (1). قال العجاج: " وكان معظم هذه المصنفات والمجاميع يضم الحديث الشريف وفتاوى الصحابة والتابعين كما يتجلى لنا هذا في موطأ الإمام مالك وأنس، ثم رأى بعضهم أن تفرد أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) في مؤلفات خاصة فألفت المسانيد، وهي كتب تضم أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأسانيدها خالية عن فتاوى الصحابة والتابعين (2). هذا ولكن الذي نشاهده هو اشتمال المسانيد والصحاح أيضا على أقوال الصحابة وأعمالهم وفتاواهم، وقد تقدم الإشارة إلى ذلك ولم تجرد أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا القليل، وسيأتي أن عمر بن عبد العزيز أيضا قد رام كتابة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأحاديث عمر وعمرة وعائشة والسنة الماضية أجمع. قال الأبهري أبو بكر: " جملة ما في موطأ مالك من الآثار عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وعن الصحابة والتابعين 1720 حديثا " (3). قال ابن معين: " إن مالكا لم يكن صاحب حديث، بل كان صاحب رأي، وقال الليث بن سعد أحصيت على مالك سبعين مسألة وكلها مخالفة لسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) " (4). 4 - أمر الخليفة الأموي بكتابة الأحاديث والآثار النبوية قائلا " فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء " وأمر بكتابة أحاديث عمر كما نقله السيوطي وغيره، وأمر بكتابة أحاديث عمرة بنت عبد الرحمن الأنصاري تلميذة عائشة، وهي خالته نشأت في حجرها، وكانت من أثبت التابعين في حديث عائشة (5) وفي
(1) تدوين السنة: 248 عن قواعد التحديث للقاسمي: 52. (2) السنة قبل التدوين: 338. (3) الأضواء: 297. (4) الأضواء: 299. (5) السنة قبل التدوين: 331.
[680]
الحقيقة غرضه كتابة أحاديث عائشة، وأمر أيضا بكتابة أحاديث القاسم بن محمد بن أبي بكر، فإنه كان يتلقى علمه عن عائشة، لأنها عمته وقد تربي في حجرها. وبعد ذلك كله صرح بلزوم كتابة السنة الماضية، وليس المراد منها بعد الأمر بكتابة ما تقدم إلا سنن الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية و... حتى زمن حكومة عمر بن عبد العزيز. والذي يتراءى أن قيامه بهذا العمل الثقافي العظيم مع تصريحه بأن العلة هي خوف دروس العلم، وجده في ذلك حتى كتب إلى أبي بكر بن حزم وإلي المدينة، وإلى أمراء الأجناد، وإلى الآفاق، وأمر الزهري ابن شهاب بكتابه السنة وكتب هو بنفسه و... وإن كان في الظاهر عملا ناشئا عن النصيحة لله ولرسوله وسنته ودينه كما لا يخفى، ولكنه في الحقيقة احتفاظ لأهداف قريش وماصمموا وعزموا من محاربة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والصد عن سبيل الله في إمحاء الدين بجميع شؤونه في أصوله وفروعه، ولاسيما في ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام) - كما تقدم بما لا مزيد عليه، ورد نصوص الرسول (صلى الله عليه وآله) فيهم كحديث المنزلة وحديث السفينة وحديث الثقلين وحديث الغدير و... وذلك لأنه حفظ لما صنعه الخلفاء من جعل الأحكام وتغيير سنن الرسول (صلى الله عليه وآله) و.... ويؤيد ما ذكرنا أمره بكتابة أحاديث عمر وعمرة والسنة الماضية، وكتابة الأحاديث النبوية التي كانت في زمن عمر، ويؤيده أيضا أن الذي بدأ بهذا هو مروان اللعين ابن اللعين، حيث أمر أن تكتب أحاديث زيد وأبي هريرة، ثم ابنه عبد العزيز وإلي مصر. ويؤيد ذلك أن عمر بن عبد العزيز كان معاصرا لأبي الحسن علي بن الحسين وأبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، ولم يراجعها في ذلك، ولم يطلب منها وهما الإمامان المعصومان من العترة الطاهرة المفروض الرجوع إليهما، وراجع غيرهما من علماء مدرسة الخلفاء.
[681]
كما أن إظهاره العدل والزهد في حكومته لعله كان لتثبيت الحكومة الأموية المروانية، لما أحس من نفرة المسلمين عنهم، لظلمهم وفسقهم وميلهم إلى ما يروى من عدل علي (عليه السلام)، فأظهر الزهد والعدل لجلب قلوب الناس وتأليفهم، ومنع عن سب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لإرضاء شيعته وأهل بيته. ويشهد لذلك ما رواه في بصائر الدرجات بإسناده عن عبد الله بن عطاء التميمي قال: " كنت مع علي بن الحسين (عليهما السلام) في المسجد، إذ مر عمر بن عبد العزيز عليه من فضة، وكان من أحسن الناس وهو شاب، فنظر إليه علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: يا عبد الله أترى هذا الشاب المترف ؟ إنه لن يموت حتى يلي أمر الناس، قال: قلت: هذا الفاسق ؟ قال: نعم فلم يلبث إلا يسيرا حتى يموت، فإذا مات لعنه أهل السماء واستغفر له أهل الأرض " (1). وإن شئت الوقوف على أزيد مما ذكرنا، فراجع ابن ابي الحديد 15: 254 - 256 حتى تعرف حرصه على الرئاسة وقسوته وفسقه. نعم كان يتظاهر بالصلاح والفلاح ويتحبب إلى الناس، ويتحبب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم بل كان قد يتشيع كما نقله الأغاني (راجع قاموس الرجال 7: 213) ومن هذا القبيل رده فدك إلى ولد فاطمة (عليها السلام). وبالجملة رأى أن حكومة بني أمية وبني مروان اللتين بنيتا على بناء قريش في الخلافة وأهدافها صارت منفورا عنها مطرودة، وأن المسلمين سوف يرجعون إلى أهل البيت (عليهم السلام)، والحكومة الموجودة الأموية والمروانية سوف تذهب، فقام بحفظها بإظهار العدل، ورد المظالم، وإظهار الزهد والتقشف في الحياة، وتحبب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم برد فدك والمنع عن سب أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم بعد أن مهد
(1) راجع قاموس الرجال 7: 213 وتنقيح المقال 2: 345.
[682]
هذه الأمور شرع في كتابة الأحاديث التي كانت نافعة وناجحة لخط قريش من حديث عمر وعمرة والقاسم (تلميذي عائشة) وبذلك قام بحفظ مدرسة الخلفاء وسيرتهم وسنتهم وحكومتهم. ولا بأس أن نشير إلى العلماء الذين اشتغلوا بكتابة الحديث بعد أمر عمر بن عبد العزيز كي يتضح مدى تأثير أمره وإقدامه في ذلك: 1 - عامر بن شراحيل الهمداني الكوفي المتوفى سنة 103: كان يقول: " الكتاب قيد العلم " ويقول: " إذا سمعتم مني شيئا فاكتبوه ولو في حائط، ولا تدعن شيئا من العلم إلا كتبته، فكان له كتاب الفرائض والجراحات (1). 2 - الضحاك بن مزاحم المتوفى سنة 105: يقول: " إذا سمعت شيئا فاكتبه ولو في حائط " وأملى مناسك الحج لحسين بن عقيل، ولكنه كان يقول: " يأتي على الناس زمان تكثر فيه الأحاديث حتى يبقى المصحف بغباره لا ينظر فيه " (2) كأنه كره الكتابة وندم على ماكان (3). 3 - مجاهد بن جبر المكي المتوفى سنة 103: يروي عن ابن عباس: " قيدوا العلم بالكتاب " ويروي عن عبد الله بن عمرو أحاديث كتابة الحديث، وكان يملي التفسير ويكتبون وكان يصعد بأبي يحيى الكناسي إلى غرفته ويخرج إليه كتبه، فينسخ منها، كما أن ابن عباس كان يملي عليه التفسير ويكتب هو، وهو كان يروي
(1) راجع جامع بيان: 90 وتقييد العلم: 99 و 100 والطبقات لابن سعد 6: 174 والسنة قبل التدوين: 325 و 326 وبحوث في تأريخ السنة: 224 وتدوين السنة: 251 (عن جمع منهم تأريخ بغداد 12: 232) و: 249 و 256. (2) راجع بحوث في تأريخ السنة: 224 وتدوين السنة: 252 و 253 وجامع بيان العلم 1: 87 والسنة قبل التدوين: 326 و 333 وتقييد العلم: 47 و 100 (في هامشه). (3 و 4) بحوث في تأريخ السنة: 224 وتدوين السنة: 248 وتقييد العلم: 7: 92 و 105 والسنة قبل التدوين: 319 و 326 و 352.
[683]
كتاب جابر (1). 4 - أبو قلابة عبيدالله بن زيد المتوفى سنة 107: أوصى قال: " ادفعوا بكتبي إلى أيوب إن كان حيا وإلا فأحرقوه " وقال: " الكتاب أحب إلي من الشيان قال أيوب: " أوصى أبو قلابة بكتبه فأتيت بها من الشام " (2). 5 - سالم بن أبي الجعد المتوفى سنة 100: نقل عن منصور قال: " قلت لإبراهيم: إن سالما إذا حدث أتم وإذا حدثت، قال: إن سالما يكتب وأنا لا اكتب " (3). 6 - جابر بن زيد (المتوفى سنة 103 - أو - 93): عن الربيع بن سعد قال: " رأيت جابرا يكتب عند عبد الرحمن بن سابط الألواح " (4). 7 - القاسم بن محمد بن أبي بكر المتوفى سنة 107: روي الرامهرمزي بسنده عن طلحة بن عبد الملك قال: " أتيت القاسم وسألته عن أشياء، فقلت: أكتبها ؟ قال: نعم " (5). 8 - خالد بن معدان الكلاعي المتوفى سنة 104: كان له مصحف له أزرار وعرى أودع فيه علمه، وكان عند بحير بن سعد نسخة عن خالد بن معدان (6).
(2) راجع تقييد العلم: 62 و 103 والطبقات الكبرى 7 / ق 1: 35 وق 2: 17 وجامع بيان العلم 1: 87 والسنة قبل التدوين: 335 و 354. (3) تقييد العلم: 108 و 109 وجامع بيان العلم 1: 84 وسنن الدارمي 1: 123 وتدوين السنة: 248 و 249 (عن سنن الدارمي والكامل لابن عدي) 1: 37 والطبقات 6: 203. (4) جامع بيان العلم 1: 86 وتقييد العلم: 109 والطبقات 1 / ق 1: 131. (5) السنة قبل الدوين: 129 عن المحدث الفاصل. (6) السنة قبل التدوين: 354 عن تذكرة الحفاظ 1: 166 (وفي نسخة عندي: 93 و: 362 وراجع تدوين السنة: 18 عن التذكرة وعن الحديث والمحدثون جاء في التذكرة: ان خالد بن معدان لقي 70 صحابيا وكان يكتب الحديث وله مصنفات ولكن لم يأت لهذه المصنفات ذكر في كتب الحديث.
[684]
9 - سعيد بن المسيب المتوفى سنة 105 أو 94 أو 91 أو 92: رخص لعبد الرحمن بن حرملة في الكتاب لسوء حفظه (1). 10 - الحسن بن أبي الحسن يسار البصري المتوفى سنة 110: قال " إن لنا كتبا نتعاهدها، وقيد العلم بمثل الكتاب " وكان يكتب العلم للناس ويعرضه لهم، وأملى التفسير فكتب (2). 11 - قتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة 118: " قالوا لقتادة: نكتب ما نسمع منك ؟ قال: وما يمنعك أن تكتب وقد أخبرك اللطيف الخبير أنه يكتب * (علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربى ولا ينسى) * وهو يروي صحيفة جابر (3). 12 - رجاء بن حياة المتوفى سنة 112: قال: " كتب هشام بن عبد الملك يسألني عن حديث وكنت قد نسيته لولا أنه كان مكتوبا عندي " (4). 13 - عطاء بن أبي رباح المتوفى سنة 114: أنه كان يسأل ويجيب ويكتب ما يجيب فيه بين يديه، وقال أبو حكيم الهمداني: " كنت عند عطاء بن أبي رباح ونحن غلمان فقال: يا غلمان اكتبوا، فمن كان منكم لا يحسن كتبنا له، ومن لم يكن عنده قرطاس أعطيناه من عندنا، فكان تلامذته يكتبون بين يديه " (5).
(1) راجع تقييد العلم: 99 وبحوث في تاريخ السنة: 224 وجامع بيان العلم: 88 والسنة قبل التدوين: 325. (2) تقييد العلم: 101 و 102 وبحوث في تأريخ السنة: 224 وجامع بيان العلم 1: 81 وسنن الدارمي 1: 121 والسنة قبل التدوين: 326 و 354 والطبقات 7 / ق 1: 116 وراجع الكفاية: 318 وكتاب العلم لأبي خثيمة: 18. (3) تقييد العلم: 103 وبحوث في تاريخ السنة: 224 والسنة قبل التدوين: 327 - 328 و 353 و 360 والطبقات الكبرى 7 / ق 1: 2. (4) بحوث في تاريخ السنة: 224 وتقييد العلم: 108 والسنة قبل التدوين: 327 وسنن الدارمي 1: 129. (5) سنن الدارمي 1: 129 وتدوين السنة: 249 (عن المحدث الفاصل: 373 / 244) والسنة قبل التدوين: 327 وبحوث في تأريخ السنة: 324.
[685]
14 - معاوية بن قرة المزني المتوفى سنة 113: كان يقول: " من لم يكتب العلم فلا تعد علمه علما " وقال: " كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علما " (1). 15 - نافع مولى ابن عمر المتوفى سنة 117: كان يملي علمه ويكتب بين يديه (2). 16 - مكحول المتوفى 113: عن الوليد بن أبي السائب قال: " رأيت مكحولا ونافعا وعطاء تقرأ عليهم الأحاديث " وكان عنده كتب (3). 17 - عبد الرحمن بن هرمز المتوفى 117: عن عبيدالله بن أبي رافع قال: " رأيت من يقرأ على الأعرج - عبد الرحمن بن هزمر - حديثه عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيقول: هذا حديثك يا أبا داود قال: نعم " (4). 18 - كان عند قيس بن سعد المكي المتوفى 117 كتاب انتقل إلى حماد بن سلمة (5). 19 - بكر بن عبد الله: كان عند بكر بن عبد الله الأشج المتوفى 117 عالم المدينة كتب انتقلت إلى ابنه مخرمة بن بكير (6). 20 - محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المتوفى سنة 124: شرع في تدوين الحديث، قال معمر: " إن الزهري ربما كتب الحديث في ظهر نعله مخافة أن يفوته
(1) راجع تقييد العلم 109 وسنن الدارمي 1: 126 وجامع بيان العلم 1: 88. (2) بحوث في تأريخ السنة: 224 وسنن الدارمي 1: 129 والسنة قبل التدوين: 327 و 358 والجامع لأخلاق الراوي 2: 191. (3) السنة قبل التدوين: 327 عن الكفاية للخطيب: 264 و: 355 عن الفهرست لابن النديم. (4) السنة قبل التدوين: 327 عن الطبقات 5: 209. (5) السنة قبل التدوين: 355 عن تذكرة الحفاظ 1: 190 (وفي ط عندي: 203) في ترجمة حماد بن سلمة. (6) السنة قبل التدوين: 355.
[686]
ويقول: كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء، ورأينا أن لا نمنعه أحدا من المسلمين حتى بلغت كتب الإمام الزهري حدا كبيرا " (1). 21 - محمد بن مسلم بن تدرس المتوفى 126 المكي الحافظ الذي كتب بعض أحاديث الصحابي جابر بن عبد الله وحديث غيره (2). 22 - يحيى بن أبي كثير المتوفى سنة 129: شارك في التصنيف، وقال لمعمر: " اكتب لي، فان لم تكن كتبت فقد ضيعت أو قال - عجزت " (3). 23 - منصور بن زاذان المتوفى سنة 128 أو 129 أو 131.. قال: " وذلك أنه يخرج فيصلى الغداة... ثم ينصرف إلى بيته فيكتب عنه " (4). 24 - أبو عدي الزبير بن عدي المتوفى سنة 131 (5). 25 - أيوب بن كيسان السختياني المتوفى 131. أوصى أبو قلابة قال: " ادفعوا كتبي إلى أيوب وإلا فاحرقوها، وقال الحسن وإلا فخرقوها " وقال: يعيبون الكتاب ثم تلا: * (علمها عند ربي في كتاب) * (6). 26 - منصور بن المعتمر المتوفى 132: له كتاب (7).
(1) راجع تقييد العلم: 106 و 107 (وفي المقدمة: 20 و 140 والسنة قبل التدوين: 330 - 334 و 341 و و 355 و 363 وتدوين السنة: 17 و 18 وبحوث في السنة: 227 وجامع بيان العلم: 91 - 92 والأضواء: 261 و 282 والمصنف لعبد الرزاق 11: 258 والطبقات 2 / ق 2: 135 وتنوير الحوالك: 5 في المقدمة وسنن الدارمي 1: 110 وتدريب الراوي 1: 90 وراجع المعرفة والتاريخ 1: 632 و 640. (2) بحوث في تاريخ السنة: 225 عن الرسالة المستطرفة: 4. (3) تقييد العلم: 110 والسنة قبل التدوين: 357 و 358. (4) الجامع لأخلاق الراوي 2: 68. (5) بحوث في تأريخ السنة: 225. (6) تقييد العلم: 62 و 110 و 114 والطبقات الكبرى 7: 135 وسنن الدارمي 1: 126 وجامع بيان العلم 1: 87. (7) السنة قبل التدوين: 358.
[687]
27 - زيد بن أسلم: كان عنده كتاب في التفسير ومات 136 (1). 28 - محمد بن عمرو الليثي المتوفى سنة 144: كان ممن يؤكد على التدوين والكتابة (2). يحيى بن سعيد القطان المتوفى 143: قال مالك بن أنس: سمعت يحيى بن سعيد يقول: " وددت أني كتبت كلما أسمع، وكان ذلك أحب إلي من أن يكون لي مثل مالي " - رواه عنه ابن وهب أيضا، ونقل سليمان بن حرب قال: " قدم يحيى بن سعيد عندنا، وكان يحدثهم، وكان أصحابنا لا يكتبون، فلما كان بعد كتبوا... " (3). 29 - يحيى بن سعيد الأنصاري المتوفى سنة 143: له كتاب انتقل إلى حماد (4). 30 - ابن بشرمة عبد الله المتوفى سنة 144: قال سفيان: " قال بعض الأمراء لابن بشرمة: ما هذه الأحاديث التي تحدثنا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: كتاب عندنا " (5). 31 - سليمان بن مهران الأعمش المتوفى 148: عن أبي جعفر الفراء قال كان الأعمش يسمع من أبي إسحاق، ثم يجئ فيكتبه في منزله " (6). 32 - حميد بن أبي حميد: أخذ كتب الحسن، فنسخها ورواها عليه، ومات حميد سنة 142 (7).
(1) تذكرة الحفاظ 1: 133 وفي ط: 124 وراجع السنة قبل التدوين: 358. (2) تدوين السنة: 249 عن الكامل لابن عدي 1: 37 والجامع لأخلاق الراوي وراجع تهذيب التهذيب في ترجمته. (3) تقييد العلم: 111 وراجع السنة قبل التدوين: 358 وجامع بيان العلم 1: 89. (4) السنة قبل التدوين: 358. (5) جامع بيان العلم 1: 91. (6) تقييد العلم: 112. (7) الطبقات الكبرى 7: ق 2: 17.
[688]
33 - موسى بن عقبة المتوفى سنة 141: كان عنده أحاديث لنافع مولى ابن عمر مكتوبة في صحيفة ولسامع (1). 34 - الأشعث بن عبد الملك الحمراني المتوفى 142: كان له كتاب انتقل إلى سليمان صاحب البصري (2). 35 - عقيل بن خالد المتوفى سنة 142: كتب حديثا كثيرا عن الزهري (3). 36 - عوف بن أبي جميلة المتوفى 146: كتب أطراف الحديث عن الحسن البصري، وكانت هذه الأطراف بعد ذلك عند يحيى بن سعيد القطان (4). 37 - أبان بن أبي عياش المتوفى حوالي 140: عن سلم العلوي قال: " رأيت أبان بن أبي عياش يكتب عند أنس بن مالك في سبورجء يعني ألواحا " (5). 38 - عبد الله بن محمد بن عقيل المتوفى سنة 142.
(1) السنة قبل التدوين: 358 عن الكفاية: 266. (2) السنة قبل التدوين: 358 عن المحدث الفاضل. في ترجمته. (3) تقييد العلم: 111 وراجع السنة قبل التدوين: 358 وجامع بيان العلم 1: 89. (4) السنة قبل التدوين: 358. (5) جامع بيان العلم 1: 91. (6) تقييد العلم: 112. (7) الطبقات الكبرى 7: ق 2: 17.
[688]
33 - موسى بن عقبة المتوفى سنة 141: كان عنده أحاديث لنافع مولى ابن عمر مكتوبة في صحيفة ولسامع (1). 34 - الأشعث بن عبد الملك الحمراني المتوفى 142: كان له كتاب انتقل إلى سليمان صاحب البصري (2). 35 - عقيل بن خالد المتوفى سنة 142: كتب حديثا كثيرا عن الزهري (3). 36 - عوف بن أبي جميلة المتوفى 146: كتب أطراف الحديث عن الحسن البصري، وكانت هذه الأطراف بعد ذلك عند يحيى بن سعيد القطان (4). 37 - أبان بن أبي عياش المتوفى حوالي 140: عن سلم العلوي قال: " رأيت أبان بن أبي عياش يكتب عند أنس بن مالك في سبورجء يعني ألواحا " (5). 38 - عبد الله بن محمد بن عقيل المتوفى سنة 142.
(1) السنة قبل التدوين: 358 عن الكفاية: 266. (2) السنة قبل التدوين: 358 عن المحدث الفاضل. (3) تذكرة الحفاظ !: 152 وفي ط عندي: 161 وراجع السنة قبل التدوين: 358. (4) السنة قبل التدوين: 358 عن تهذيب التهذيب 8: 167. (5) تقييد العلم 109 وراجع ما تقدم في كتاب أنس. (*)

مكتبة يعسوب الدين عليه السلام الإلكترونية

/ 1