حکمت 459
قول المصنف: (و قال (ع) فى كلام له (ع)) قال ابن ابى الحديد: هذا الكلام من خطبه له (ع) طويله، يذكر فيها قربه من النبى (ص) و اختصاصه (ع) به (ص)، و افضائه (ص) باسراره اليه (ع)، حتى قال (ع) فيها: (فاختار المسلمون بارائهم رجلا منهم، فقارب وسدد حسب استطاعته على ضعف وجد كانا فيه، ثم و ليهم بعده وال فاقام و استقام، حتى ضرب الدين بجرانه على عسف و عجرفيه كانا فيه، ثم استخفلوا ثالثا لم يكن يملك فى امر نفسه شيئا غلب عليه اهله، فقادوه الى اهوائهم كما تقود الوليده البعير المخطوم، قلم يزل الامر بينه و بين الناس يبعد تاره و يقرب اخرى، حتى نزوا عليه فقتلوه ثم جاوونى (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) مدب الدبا يريدون بيعتى) و تمام الخطبه معروف.(فاقام و استقام) اى: لم يكن عمر مثل عثمان لم يكن يملك امر نفسه، و كان عمر بالضد، كان مستبدا.(على عسف و عجر فيه كانا فيه) كقوله (ع) فى الشقشقيه: (حوزه خشناء يغلظ كلمها و يخشن مسها و يكثر العثار فيها، فصاحبها كراكب الصعبه، ان اشفق لها خرم و ان اسلس لها تقحم.و العسف: الاخذ على غير طريق و العجرفيه الخرق، (حتى ضرب الدين بجرانه) اى: الفتوحات الواقعه فى ايامه، فى فارس و الروم فان السلطه سبب لاستحكام الامر.و جران البعير و الفرس مقدم عنقهما.
حکمت 460
(الفصل التاسع- فى اخباره (ع) بالملاحم) اقول: الاصل فيه روايه عيون ابن بابويه عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن الحسين (ع) قال: خطبنا اميرالمومنين (ع) فقال: سياتى على الناس زمان عضوض يعض المومن على ما فى يده و لم يومر بذلك، قال الله تعالى: (و لا تنسوا الفضل بينكم ان الله بما تعملون بصير).و سياتى زمان يقدم فيه الاشرار، و ينسى فيه الاخيار، و يبايع المضطر، و قد نهى رسول الله (ص) عن بيع المضطر، و عن بيع الغرر، فاتقوا الله يا ايها الناس، و اصلحوا ذات بينكم و احفظونى فى اهلى.و رواه (سنن ابى داود) عن شيخ من بنى تميم قال: خطبنا على (ع) فقال: سياتى على الناس زمان عضوض (ع) الموسر على ما فى يديه و يومر بذلك.قال الله تعالى: (و لا تنسوا الفضل بينكم) و يبايع المضطرون و قد نهى النبى (ص) عن بيع المضطر، و بيع الغرر، و بيع الثمره قبل ان تدرك.(الفصل التاسع- فى اخباره (ع) بالملاحم) (ياتى على الناس زمان عضوض) اى: زمان (ع) الناس ككلب كلب.قال ابن احمر: نات عن سبيل الخير الا اقله و عضت من الشر القراح بمعظم (يعض الموسر على ما فى يديه) فلا يدع ان يخرج منه خير الى غيره.(و لم يومر بذلك) (بل بضده) قالالله سبحانه: (و لا تنسوا الفضل بينكم).و فى (الكافى) عن الباقر (ع): ان الشمس لتطلع، و معها اربعه املاك.ملك ينادى: يا صاحب الخير اتم و ابشر، و ملك ينادى: يا صاحب الشر انزع و اقصر، و ملك ينادى: اعط منفقا خلفا، و آت ممسكا تلفا، و ملك ينضحها بالماء، و لو لا ذلك اشتعلت الارض.و عن الصادق (ع): من يضمن اربعه باربعه ابيات فى الجنه؟ انفق و لا تتخف فقرا، و انصف الناس من نفسك، و افش السلام فى العالم، و اترك المراء و ان كنت محقا.و عن الرضا (ع) قال لمولى له: هل انفقت اليوم شيئا؟ فقال لا فقال فمن اين يخلف الله علينا.انفق و لو درهما و احدا.و عنه (ع) كتب الى ابنه الجواد (ع) بلغنى ان الموالى اذا ركبت اخرجوك من الباب الصغير.فانما ذلك من بخل منهم لئلا ينال منك احد خيرا، و اسالك بحقى عليك لا يكن مدخلك و مخرجك الا من الباب الكبير.فاذا ركبت فليكن معك ذهب و فضه ثم لا يسالك احد شيئا الا اعطيته، و من سالك من عمومتك ان تبره فلا تعطه اقل من خمسين دنيارا، والكثير اليك، ومن سالك (الفصل التاسع- فى اخباره (ع) بالملاحم) من عماتك فلا تعطها اقل من خمسه و عشرين دينارا، و الكثير اليك.انى انما اريد بذلك ان يرفعك الله فانفق، و لا تخش
من ذى العرش اقتارا.و عن النبى (ص): ما محق الاسلام محق الشح شى ء.ان لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، و شعبا كشعب الشرك- و فى نسخه- (الشوك).و عن الصادق (ع): جاء رجل الى النبى (ص) فقال: انى شيخ كثير العيال قليل المال فنظر (ص) الى اصحابه و قال: قد اسمعنا.فقام رجل و قال: كنت بالامس مثلك.فذهب به الى منزله فاعطاه مرودا من تبر، و كانوا يتبايعون بالذهب و الفضه.فقال: هذا كله؟ قال: نعم.قال: خذ تبرك.انى لست بانسى و لا جنى ولكنى رسول من الله لابلوك.فوجدتك شاكرا جزاك الله خيرا.(تنهد) اى: تنهض و تقوم.(فيه الاشرار و تستذل الاخيار) فى (العقد الفريد): دفع الحجاج الى محمد بن المنتشر الهمدانى رجلا ذميا، و امره بالتشديد عليه، و الاستخراج منه.قال: فقال لى: ان لك لشرفا و دينا و انى لا اعطى على القسر شيئا فارفق بى.ففعلت.فادى الى فى اسبوع خمسمئه الف.فبلغ ذلك الحجاج.فاغضبه فانتزعه من يدى، و دفعه الى الذى كان يتولى له العذاب.فدق يديه و رجليه.فلم يعطه شيئا، و انى لسائر يوما فى السوق اذ صاح بى صائح.فالتفت فاذا انابه معترضا على حمار مدقوق اليدين و الرجلين.فقال لى: انك وليت منى ما ولى هولاء.فرفقت بى، و انهم صنعوا بى ما
(الفصل التاسع- فى اخباره (ع) بالملاحم) ترى ولى خمسمئه الف عند فلان فخذها مكافاه لما احسنت الى.فقلت: ما كنت لاخذ منك شيئا.قال: فاما اذ ابيت فاسمع منى حديثا احدثك به حدثنيه بعض اهل دينك عن نبيك انه قال: اذا رضى الله عن قوم انزل عليهم المطر فى وقته، و جعل المال فى سمحائهم، و استعمل عليهم خيارهم، و اذا سخط على قوم انزل عليهم المطر فى غير وقته، و جعل المال فى بخلائهم، و استعمل عليهم شرارهم.فانصرفت فما وضعت ثوبى حتى اتانى رسول الحجاج فاتيته فالفيته جالسا على فراشه، و السيف مصلت بيده.فقال لى: ادن.فدنوت شيئا ثم قال لى الثانيه: ادن لا ابا لك.فقلت: ما بى الى الدنو من حاجه، و فى يد الامير ما ارى.فضحك و اغمد سيفه.و قال: اجلس! ما كان من حديث الخبيث.فقلت له: ايها الامير! و الله ما خنتك منذ ائتمنتنى.ثم حدثته فلما صرت الى ذكر الرجل الذى عنده المال اعرض عنى بوجهه، و اوما الى ان لا تسمه: ثم قال: ان للخبيث نفسا و قد سمع الاحاديث.(و يبايع المضطرون و قد نهى رسول الله (ص) عن بيع المضطرين) عقد الشيخ فى (الاستبصار) بابا لكراهيه مبايعه المضطر، ثم روى خبرا عن الصادق (ع) قال: (ياتى على الناس زمان عضوض يعض كل امرى على ما
فى يديه، و ينسى الفضل، و قد قال تعالى (و لا تنسوا الفضل بينكم) ثم ينبرى فى ذلك الزمان اقوام يبايعون المضطرين اولئك هم شرار الناس).و روى خبرا آخر انه قيل للصادق: ان الناس يزعمون ان الربح على المضطر حرام، و هو من الربا.فقال: و هل رايت احدا اشترى غنيا او فقيرا الا (الفصل التاسع- فى اخباره (ع) بالملاحم) من ضروره قد احل الله البيع، و حرم الربا بع و اربح و لا ترب.ثم قال: لا تنافى بينهما.فالمضطر الذى فى الخبر الاول محمول على المضطر الذى يضطره غيره الى البيع بالجبر و الاكراه، و فى الخبر الثانى محمول على الذى تضطره حاجته لا غيره.قلت: بل المضطر فى الخبر الاول محمول بقرينه صدره على عدم تفضل الموسرين على المعسرين حتى يضطر المعسرون الى بيع نفائسهم باقل ثمن، و مثله كلامه (ع) فان الاصل فيهما واحد.و كلام آخرهم ككلام اولهم لا ما قاله من انه فى ما اجبره جبار، و الخبر الثانى مورده ان كل من يشترى شيئا لابد انه كان محتاجا الى ذاك الشى ء.فلا باس ان ياخذ البائع ربحا بدون ربا لا كما يتوهمه بعض القاصرين من المتصوفين من حرمه اخذ الربح من كل مشتر.و يوضح كون المراد من الخبر الاول ما قلناه.ما رواه (الكافى): ان رجلا قال
لابى عبدالله (ع): انى رايت فى منامى كانى خارج من الكوفه فى موضع اعرفه، و كان شبحا من خشب- او رجلا منحوتا من خشب- على فرس من خشب يلوح بسيفه، و انا اشاهده فزعا مرعوبا.فقال له (ع): انت رجل تريد اغتيال رجل فى معيشته.فاتق الله الذى خلقك ثم يميتك.فقال الرجل: اشهد انك اوتيت علما.ان رجلا من جيرانى جاءنى و عرض على ضيعته فهممت ان املكها بوكس كثير لما عرفت انه ليس لها طالب غيرى.فقال له (ع): و صاحبك يتولانا و يتبرا من اعدائنا؟ فقال: نعم.رجل جيد البصيره، مستحكم الدين، و انا تائب الى الله تعالى (الفصل التاسع- فى اخباره (ع) بالملاحم) و اليك مما هممت به.فاخبرنى لو كان ناصبا ايحل لى اغتيا له.فقال: اد الامانه الى من ائتمنك و اراد منك النصيحه، و لو الى قاتل الحسين (ع).هذا، و روى زيادات (حج التهذيب) عن محمد بن جعفر، عن ابيه (ع) قال: قال النبى (ص): ياتى على الناس زمان يكون فيه حج الملوك نزهه، و حج الاغنياء تجاره، و حج المساكين مساله.