خطبه
181-توحيد الهى (الفصل الاول- فى التوحيد) قول المصنف: (روى عن نوف البكالى) قال ابن ابى الحديد: قال (الفصل الاول- فى التوحيد) صاحب (الصحاح): نوف البكالى بفتح الباء كان حاجب على (ع).قلت: لم يقل صاحب (الصحاح): ان بكال بفتح الباء فهذا نصه: نوف البكالى: قال الثعلب: هو منسوب الى بكاله قبيله و بنو بكال من حمير منهم نوف البكالى صاحب على (ع).و لو كان (الصحاح) قال: انه بالفتح لغلطه (القاموس) حيث انه قال: انه ككتاب.و انما قال ابن برى محشى (الصحاح)- كما نقل عنه فى (اللسان)- قال المهلبى: بكاله بكسر الباء قبيله من اليمن و المحدثون يقولون: نوف البكالى بفتح الباء و التشديد.و كيف كان فقال الجوهرى و الفيروزآبادى: ان (بكيلا) من همدان، و (بكالا) من حمير.لكن الصواب: كون بكال ايضا من همدان، فروى الطبرى فى ذكر خبر الخوارج خبرا فى سنده جبر بن نوف ابوالوداك الهمدانى، و قد صرح (المغرب) ان جبرا بن نوف البكالى، و الراوى عن جبر هذا كان اعرف به فوصفه بالهمدانى.و اختار ما قلنا ابن دريد فى جمهرته مع تردد.فقال: بنو بكيل، و بنو بكال بطنان من العرب احسبهما من همدان او يكون بكال من حمير و بكيل من همدان، منهم نوف البكالى صاحب على (ع)، بل قال به الفيروزآبادى ايضا فى ماده (خير) بالخاء والياء المثناه.فقال ثمه: خير بن نوف من همدان.لكن الظاهر و همه فى جعل الابن خيرا بل هو جبر بالجيم (الفصل الاول- فى التوحيد) و الموحده، كما عرفته من (المغرب).هذا، و المفهوم من خليفه كونه من كهلان، فعنون (الاستيعاب) عمرو البكالى، و نقل عن خليفه فى الصحابه و هو من بنى بكال بن دعمى بن سعد بن عوف بن عدى بن مالك بن زيد بن كهلان.(قال خطبنا هذه) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (بهذه) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(الخطبه) الظاهر ان هذه الخطبه كانت آخر خطباته (ع)، فقال نوف فى آخرها: فما دارت الجمعه حتى ضربه الملعون.(بالكوفه اميرالمومنين (ع) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (امير المومنين (ع) بالكوفه) كما فى (ابن ابى الحديد و الخطيه) لكن ليس فى نسخه (ابن ميثم) لفظ (بالكوفه) راسا.(و هو قائم على حجاره نصبها له جعده بن هبيره المخزومى) و هو ابن اخته (ع) ام هانى، و روى الكشى عن الصادق (ع): (كان مع امير المومنين (ع) من قريش خمسه نفر، و كانت ثلاث عشره قبيله مع معاويه، فاما الخمسه محمد بن ابى بكر اتته النحابه من قبل امه اسماء بنت عميس، و كان معه هاشم بن عتبه ب
ن ابى وقاص المرقال، و كان معه جعده بن هبيره المخزومى، و كان اميرالمومنين (ع) خاله، و هو الذى قال له عتبه بن ابى (الفصل الاول- فى التوحيد) سفيان: انما لك هذه الشده فى الحرب من قبل خالك.فقال له جعده: لو كان لك خال مثل خالى لنسيت اباك.و روى (صفين نصر بن مزاحم): انه (ع) لما ورد الكوفه من البصره نزل على جعده.و روى الطبرى انه (ع) لما ضرب تقدم جعده فصلى بالناس الغداه.(الحمد لله الذى اليه مصائر الخلق) ( و صوركم فاحسن صوركم و اليه المصير).(و عواقب الامر) ( الا الى الله تصير الامور) ( و لله عاقبه الامور)، (فسبحان الذى بيده ملكوت كل شى ء و اليه ترجعون)، (له ملك السماوات و الارض و الى الله ترجع الامور).(نحمده على عظيم احسانه) قال عز و جل: (خلق الانسان علمه البيان)، (خلق الانسان من علق علم الانسان ما لم يعلم) (الم نجعل له عينين و لسانا و شفتين و هديناه النجدين).(و نير برهانه) (و من آياته ان خلقكم من تراب ثم اذا انتم بشر (الفصل الاول- فى التوحيد) تنتشرون)، ( افى الله شك فاطر السماوات و الارض)، (و من آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم موده و رحمه ان فى ذلك لايات لقوم
يتفكرون و من آياته خلق السماوات و الارض و اختلاف السنتكم و الوانكم ان فى ذلك لايات للعالمين و من آياته منامكم بالليل و النهار و ابتغاوكم من فضله ان فى ذلك لايات لقوم يسمعون و من آياته يريكم البرق خوفا و طمعا و ينزل من السماء ماء فيحيى به الارض بعد موتها ان فى ذلك لايات لقوم يعقلون و من آياته ان تقوم السماء و الارض بامره ثم اذا دعاكم دعوه من الارض اذا انتم تخرجون).(و نوامى) من اضافه الصفه.(فضله و امتنانه) على كل شخص و كل نوع، قال تعالى: (الم نجعل الارض مهادا و الجبال اوتادا و خلقناكم ازواجا و جعلنا نومكم سباتا و جعلنا الليل لباسا و جعلنا النهار معاشا و بنينا فوقكم سبعا شدادا و جعلنا سراجا وهاجا و انزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا و نباتا و جنات الفافا).(حمدا يكون لحقه قضاء و لشكره اداء) اى: بالاجمال كقولنا: الحمد لله كما هو اهله، و كما ينبغى لكرم وجهه و عز جلاله.و كقولنا: لا احصى ثناء عليك، (الفصل الاول- فى التوحيد) انت كما اثنيت على نفسك.و اما حمده التفصيلى فخارج عن طوق البشر لعدم احصاء نعمه و مننه.(و الى ثوابه مقربا) ( كذلك نجزى من شكر)، ( و من يرد ثواب الاخره نوته منها و سنجزى الشاك
رين).(و لحسن مزيده موجبا) ( لئن شكرتم لازيدنكم).(و نستعين به استعانه راج لفضله، مومل لنفعه، واثق بدفعه، معترف له بالطول) بفتح الطاء، اى: المن، يقال: (تطول عليه) اى: من.(مذعن) اى: مقر.(له بالعمل و القول) جعل (ع) فى قوله (و نستعين به) استعانته به تعالى استعانه متصف بالصفات الخمس، ليعلم انه لا ينبغى الاستعانه الا به تعالى، كما قال عز و جل مودبا لهم (و اياك نستعين).(و نومن به ايمان من رجاه موقنا) بانه هو محل الرجاء لا غيره.(و اناب) اى: اقبل و تاب.(اليه) تعالى.(مومنا) اى: معتقدا بانه تعالى اهل ذلك.(وخنع) اى: خضع.(له مذعنا)، اى: مقرا.(الفصل الاول- فى التوحيد) (و اخلص له موحدا) ( و ادعوه مخلصين له الدين كما بداكم تعودون).(و عظمه ممجدا) ( و من يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب)، ( و من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه).(و لاذ) اى: لجا.(به راغبا مجتهدا) اى: ساعيا، جعل (ع) ايمانه فى قوله (و نومن به) ايمان متصف بالصفات الست، ليفهم انه الايمان المطلوب، قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا آمنوا بالله و رسوله و الكتاب الذى نزل على رسوله و الكتاب الذى انزل من قبل.).(لم يولد سبحانه فيكون فى العز مشاركا) لان والد العزيز عزيز ولو بسببه، قال الشاعر: كما علا برسول الله عدنان (و لم يلد فيكون مورثا)، هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (موروثا) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(هالكا) فليس الموروث الا هالكا.(و لم يتقدمه وقت و لا زمان) الظاهر كون الوقت خاصا و الزمان عاما، فان الوقت ياتى للزمان المعين كثيرا، قال تعالى: ( ان الصلاه كانت على (الفصل الاول- فى التوحيد) المومنين كتابا موقوتا) و لا يصح كتابا مزمنا.و من ذلك يظهر لك ما فى قول ابن ابى الحديد من كونهما مترادفين، و قول (ابن ميثم) بكون الاول جزء الثانى.(و لم يتعاوره) اى: لم يعترضه.(زياده و لا نقصان) فانهما من عوارض الجسمانيات.(بل ظهر للعقول بما ارانا من علامات التدبير المتقن و القضاء المبرم) (الذى جعل لكم الارض مهدا و سلك لكم فيها سبلا و انزل من السماء ماء فاخرجنا به ازواجا من نبات شتى كلوا و ارعوا انعامكم ان فى ذلك لايات لاولى النهى)، (الم تر ان الله انزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الارض ثم يخرج به زرعا مختلفا الوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ان فى ذلك لذكرى لاولى الالباب).(و من) هك
ذا فى (المصريه)، و الصواب: (فمن) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(شواهد خلقه) اى: من شواهد ظهوره لعقول خلقه.(خلق السماوات موطدات) اى: مثبتات.(بلا عمد) قال تعالى: (الله الذى رفع السماوات بغير عمد ترونها).(الفصل الاول- فى التوحيد) دعاهن فاجبن طائعات مذعنات اى: معترفات.غير متلكئات اى: معتلات و لا مبطئات اى: و لا غير مسرعات قال تعالى: فقال لها و الارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين، و المراد من اجابتها: اجابتها بلسان الحال لا المقال.و نظيره فى كلام العرب كثير، قال الشماخ: كانى كسرت الرجل اخفت سوقها اطاع له مرزا متين حديق فجعل الحديث مطيعا للعيير لما تمكن من رعيه.و لو لا اقرار هن له بالربوبيه و اذعانهن له هكذا فى (المصريه و ابن ميثم) و ليست كلمه (له) فى (ابن ابى الحديد و الخطيه) بالطواعيه اى: الطاعه.لما جعلهن موضعا لعرشه و لا ينافى ذلك قوله تعالى: و كان عرشه على الماء فقبله و هو الذى خلق السماوات و الارض فى سته ايام فالمراد: ان العرش كان على الماء قبل خلق السماوات، و ياتى تصريح الخبر بذلك.و لا مسكنا لملائكته روى عن الرضا (ع) ان الله تعالى خلق العرش و ال
ماء و الملائكه قبل خلق السماوات و الارض، و كانت الملائكه تستدل بانفسها و بالعرش و الماء على الله تعالى، ثم جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكه فيعلم انه على كل شى ء قدير، ثم رفع العرش بقدرته، (الفصل الاول- فى التوحيد) و نقله فجعله فوق السماوات السبع.و قال شيخنا المفيد: فاما العرش الذى تحمله الملائكه فهو بعض الملك، و هو عرش خلقه الله تعالى فى السماء السابعه، و تعبد الملائكه بحمله و تعظيمه، كما خلق سبحانه بيتا فى الارض، و امر البشر بقصده و زيارته، و الحج اليه و تعظيمه، و قد جاء الحديث: ان الله تعالى خلق بيتا تحت العرش سماه البيت المعمور تحجه الملائكه فى كل عام، و خلق فى السماء الرابعه بيتا سماه الضراح، و تعبد الملائكه بحجه و التعظيم له و الطواف حوله، و خلق البيت الحرام فى الارض فجعله تحت الضراح.و روى عن الصادق (ع) انه قال: لو القى حجر من العرش لوقع على ظهر البيت المعمور، و لو القى حجر من البيت المعمور لسقط على ظهر البيت الحرام.و لم يخلق الله عرشا لنفسه ليستوطنه- تعالى الله عن ذلك- لكنه خلق عرشا اضافه الى نفسه تكرمه له و اعظاما، و تعبد الملائكه بحمله كما خلق بيتا فى الارض، و لم يخلقه لنفسه و لا لي
سكنه.(و لا مصعدا للكلم الطيب و العمل الصالح من خلقه) و الاصل فى كلامه (ع) قوله تعالى: ( اليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه) و الصعود و الرفع الى السماوات: صعود و رفع الى الله تعالى فلا تنافى.(الفصل الاول- فى التوحيد) جعل نجومها اعلاما يمتدل بها الحيران فى مختلف فجاج بالضم، قال الفيروزآبادى: هو الطريق الواسع بين جبلين.الاقطار قال تعالى: و هو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر و البحر.و قال الصادق (ع) فكر فى هذه النجوم التى تظهر فى بعض السنه و تحتجب فى بعضها، كمثل الثريا و الجوزاء و الشعريين و سهيل، فانها لو كانت باسرها تظهر فى وقت و احد لم يكن لواحد فيها على حياله دلالات يعرفها الناس، و يهتدون بها لبعض امورهم كمعرفتهم الان بما يكون من طلوع الثرياو الجوزاء اذا طلعت، و احتجابها اذا احتجبت، فصار ظهور كل واحد و احتجابه فى وقت غير وقت الاخر، لينتفع الناس بما يدل كل منها عليه على حدته، و ما جعلت الثريا و اشباهها تظهر حينا و تحتجب حينا الا لضرب من المصلحه، و كذلك جعلت بنات النعش ظاهره لا تغيب لضرب آخر من المصلحه، فانها بمنزله الاعلام التى يهتدى بها الناس فى البر و البحر للطريق المجهوله
، و كذلك انها لا تغيب و لاتتوارى فهم ينظرون اليها متى ارادوا ان يهتدوا بها الى حيث شاووا، و صار الامر ان جميعا على اختلافهما موجهين نحو الارب و المصلحه، و فيهما مارب اخرى علامات و دلالات على اوقات كثيره من الاعمال، كالزراعه و الغراس و السفر فى البر و البحر، و اشياء مما يحدث فى الازمنه من الامطار و الرياح، و الحر و البرد، و بها يهتدى السائرون فى ظلمه الليل لقطع القفار الموحشه و اللجج الهائله، مع ما فى ترددها فى (الفصل الاول- فى التوحيد) كبد السماء.(لم يمنع ضوء) مفعول مقدم.(نورها) اى: نور النجوم.(ادلهمام) اى: ظلمه.(سجف) اى: ستور.(الليل المظلم) قال الصادق (ع) فى ادامه قوله: و جعل فيها (اى فى النجوم) جزءا يسيرا من الضوء ليسد مسد الاضواء اذا لم يكن قمر، و يمكن فيه الحركه اذا حدثت ضروره، كما قد يحدث الحادث على المرء، فيحتاج الى التجافى فى جوف الليل، فان لم يكن شى ء من الضوء يهتدى به لم يستطع ان يبرح مكانه، فتامل اللطف و الحكمه فى هذا التقدير حين جعل للظلمه دوله و مده لحاجه اليها، و جعل خلالها شى ء من الضوء للمارب التى وصفنا.(و لا استطاعت جلابيب) اى: ملاحف، قالت امراه من هذيل ترثى قتيلا: تمشى النسو
ر اليه و هى لا هيه مشى العذارى عليهن الجلابيب (سواد الحنادس) اى: الظلم الشديده.(ان ترد ما شاع فى السماوات من تلالو نور القمر) فيوجد مع الظلام نور، قال الصادق (ع) للمفضل: فكر فى اناره القمر فى ظلمه الليل و الارب فى ذلك، فانه مع الحاجه الى الظلمه لهدوء الحيوان، و برد الهواء على النبات لم يكن صلاح فى ان يكون الليل ظلمه داجيه لا ضياء فيها، فلا يمكن فيه شى ء من العمل لانه ربما احتاج الناس الى العمل بالليل لضيق الوقت عليهم فى بعض (الفصل الاول- فى التوحيد) الاعمال فى النهار، و لشده الحر و افراطه، فيعمل فى ضوء القمر اعمالا شتى، كحرث الارض و ضرب اللبن و قطع الخشب و ما اشبه ذلك، فجعل ضوء القمر معونه للناس على معائشهم اذا احتاجوا الى ذلك، و انسا للسائرين، و جعل طلوعه فى بعض الليل دون بعض، و نقص مع ذلك عن نور الشمس و ضيائها، لكيلا ينبسط الناس فى العمل انبساطهم بالنهار، و يمتنعوا من الهدوء و القرار فيهلكهم ذلك، و فى تصرف القمر خاصه فى مهله و محاقه، و زيادته و نقصانه، و كسوفه من التنبيه على قدره الله تعالى خالقه، المصرف له هذا التصريف لصلاح العالم ما يعتبر به المعتبرون.(فسبحان من لا يخفى عليه سواد غسق) فى (الصحاح
): الغسق اول ظلمه الليل، و الغاسق الليل اذا غاب الشفق، و قوله تعالى: (و من شر غاسق اذا وقب) قال الحسن: الليل اذا دخل، و يقال: انه القمر.(داج) قال الاصمعى: دجا الليل انما هو البس كل شى ء، و ليس هو من الظلمه، و منه قولهم: دجى الاسلام، اى: قوى.قلت: و يمكن ان يكون منه قولهم: و انه لفى عيش داج.قالوا: اى عيش خفض.(و لا ليل ساج) اى: سكن و دام من قوله تعالى: (و الليل اذا سجى) و منه البحر الساجى.قال الاعشى: (الفصل الاول- فى التوحيد) فما ذنبنا ان جاش بحر ابن عمكم و بحرك ساج لا يوارى الدعا مصا (فى بقاع الارضين المتطاطئات) اى: المنهبطات.(و لا فى يقاع) اى: ارتفاع، من ايفع الغلام فهو يافع، على خلاف الاصل.(السفع) بالضم سواد شرب حمره، و منه قيل للاثافى السفع.(المتجاورات) و المراد بالسفع المتجاورات هنا الجبال او الاكم و الاطلال.(و ما يتجلجل) قال الجوهرى: الجلجله: صوت الرعد ايضا، و المجلجل السحاب الذى فيه صوت الرعد.(به الرعد فى افق السماه) قيده بالافق غالبى.(و ما تلاشت) قال ابن ابى الحديد: اهمل بناء تلاشت كثير من ائمه اللغه و هى صحيحه و قد جاءت و وردت، قال ابن الاعرابى: لشا الرجل اذا اتضع و خس بعد رفعه
، و اذا صح اصلها صح استعمال الناس تلاشى الشى ء بمعنى اضمحل.و قال القطب الراوندى: تلاشى مركب من لا شى ء، و لم يقف على اصل الكلمه.قلت: لم يتفطن ابن ابى الحديد ان (لشا الرجل) الذى ذكره ابن الاعرابى ايضا اصله من لا شى ء، و المراد انه كان شيئا ثم صار لا شيئا.و مثل تلاشى قولهم: ايش، و قولهم: بلاش، فان الاصل فى الاول اى شى ء، و فى الثانى بلا شى ء، و كذلك قولهم: لوحش فانه مخفف لا اوحش، و ليس لنا فى اللغه ايش، و بلش، و لحش، كما ليس لشى، و نظيرها فى الفارسيه قولهم: (الفصل الاول- فى التوحيد) (نفرين) فى مقابل (آفرين)، فانه مخفف (نه آفرين) و معنى (آفرين) حييت، و معنى (نفرين): لا حييت.(عنه بروق الغمام) اى: السحاب.(و ما تسقط) عطف على سواد.مثل (و ما يتجلجل) و (و ما تلاشت) اى: لا يخفى عليه ما تسقط.(من ورقه) قال تعالى: ( و ما تسقط من ورقه الا يعلمها و لا حبه فى ظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الا فى كتاب مبين).(تزيلها عن مسقطها) اى: مكان سقوطها.(عواصف) صفه لرياح مقدره، اى: شدائد، و الاضافه فيه بمعنى اللام.(الانواء) جمع النوء بالفتح، و فى (الصحاح) النوء: سقوط نجم من المنازل فى المغرب مع الفجر، و طلوع رقيبه
من المشرق يقابله من ساعته فى كل ساعته الى ثلاثه عشر يوما، و هكذا كل نجم منها الى انقضاء السنه ما خلا الجبهه فان لها اربعه عشر يوما.قال ابوعبيد: و لم نسمع فى النوء انه السقوط الا فى هذا الموضع، و كانت العرب تضيف الامطار و الرياح و الحر و البرد الى الساقط منها.و قال الاصمعى: الى الطالع منها فى سلطانه فتقول مطر بالنوء كذا.(و انهطال السماء) اى: تتابع المطر.(و يعلم مسقط القطره) اى: قطره المطر.(و مقرها) فى سيلانها.(و مسحب الذره) اى: دبيبها، و الذره اصغر النمل.(الفصل الاول- فى التوحيد) (و مجرها) اى: مكان تجر قوتها اليه.(و ما يكفى البعوضه) اى: البق.(من قوتها) قال تعالى: (و ما من دابه فى الارض الا على الله رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل فى كتاب مبين).(و ما تحمل الانثى فى بطنها) ( و ما تحمل من انثى و لا تضع الا بعلمه و ما يعمر من معمر و لا ينقص من عمره الا فى كتاب ان ذلك على الله يسير)، ( و يعلم ما فى الارحام)، (الله يعلم ما تحمل كل انثى و ما تغيض الارحام و ما تزداد و كل شى ء عنده بمقدار).(الحمد لله الكائن قبل ان يكون كرسى) الذى قال فيه: ( وسع كرسيه السماوات و الارض).(او عرش) الذى قال فيه: ( و هو رب العرش العظيم).و فى (اعتقادات الصدوق): اعتقادنا فى الكرسى انه وعاء جميع الخلق و العرش و السماوات و الارض، و كل شى ء خلق الله فى الكرسى فى وجه آخر هو العلم.و قد سئل الصادق (ع) عن قول الله عز و جل: (و سع كرسيه السماوات و الارض) قال: هو علمه.(الفصل الاول- فى التوحيد) و فيه: اعتقادنا فى العرش انه جمله جميع الخلق، و العرش فى وجه آخر هو العلم.و سئل الصادق (ع) عن قول الله عز و جل (الرحمن على العرش استوى) فقال: استوى من كل شى ء، فليس شى ء اقرب اليه من شى ء.فاما العرش الذى هو حمل جميع الخلق فحملته ثمانيه من الملائكه، لكل واحد منهم ثمانى اعين، كل عين طباق الدنيا، واحد منهم على صوره بنى آدم فهو يسترزق الله لولد آدم، و واحد منهم على صوره الثور يسترزق الله تعالى للبهائم كلها، و واحد منهم على صوره الاسد يسترزق الله تعالى للسباع، و واحد منهم على صوره الديك يسترزق الله للطيور، فهم اليوم اربعه، فاذا كان يوم القيامه صاروا ثمانيه.و اما العرش الذى هو العلم فحملته اربعه من الاولين و اربعه
من الاخرين، فاما الاربعه من الاولين، فنوح و ابراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام، و اما الاربعه من الاخرين فمحمد و على و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم.(الفصل الاول- فى التوحيد) قال الصدوق: هكذا روى بالاسانيد الصحيحه عن الائمه فى العرش و حملته.(او سماء) (قل من رب السماوات السبع).(او ارض) (و هو الذى فى السماء اله و فى الارض اله).(او جان او انس) (خلق الانسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من مارج من نار) و معلوم تقدم الخالق على المخلوق، و الرب على المربوب، و المالك على المملوك.(لا يدرك بوهم) لعجز الوهم عن ادراكه.(و لا يقدر بفهم) لاجليته تعالى عن ذلك.(سبحان ربك رب العزه عما يصفون).(و لا يشغله سائل) عن سائل آخر كباقى المسوولين.(و لا ينقصه نائل) اى: عطاء كباقى المعطين.(و لا ينظر بعين) كذوى الارواح.(و لا يحد باين) كالجسمانيات، فلا تطلق لفظه (اين) عليه تعالى، قال ابن ابى الحديد بعد قوله (ع) (و لا يحد باين): و لفظه (اين) فى الاصل مبنيه على الفتح، فاذا نكرتها صارت اسما متمكنا، كما قال الشاعر: ليت شعرى و اين منى ليت ان ليتا و ان لوا عناء (الفصل الاول- فى التوحيد) قلت: فى ما قال اولا:ان (اين) فى قوله (ع): (و لا يحد باين) اريد به لفظه، فهو اسم متمكن لا انه نكر، و انما يقال فى مثل (صه) انه قد ينكر فيدخله تنوين التنكير لا هنا، و ثانيا: ان البيت الذى استشهد به، (اين) فيه على اصله مبنى على الفتح، و انما (ليت) و (لو) اريد بهما فيه اللفظ فصارا اسمين و اعربا، لا (اين) كما هو مدعاه.(و لا يوصف بالازواج) و قال الله: ( لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد فاياى فارهبون).(و لا يخلق بعلاج) كالبشر (انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون).(و لا يدرك بالحواس) ( قال رب ارنى انظر اليك قال لن ترانى).(و لا يقاس بالناس) ( ليس كمثله شى ء و هو السميع البصير).(الذى كلم موسى تكليما، و اراه من آياته عظيما) من جعل عصاه حيه تسعى، و جعل يده بيضاء من غير سوء و غيرهما.قال تعالى: (و هل اتاك حديث موسى اذ راى نارا فقال لاهله امكثوا انى آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس او اجد على النار هدى فلما اتاها نودى يا موسى انى انا ربك فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى و انا اخترتك فاستمع لما يوحى و ما تلك بيمينك يا موسى قال هى عصاى اتوكا عليها و اهش بها على غنمى ولى فيها مارب اخرى قال القها يا موسى فالقا
ها فاذا هى حيه تسعى قال خذها و لا تخف سنعيدها سيرتها الاولى و اضمم (الفصل الاول- فى التوحيد) يدك الى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آيه اخرى لنريك من آياتنا الكبرى).(بلا جوارح) اى: بلا اعضاء يفعل شيئا بها.(و لا ادوات) اى: اسباب و آلات، فان الناس قد يفعلون افعالا بايديهم و جوارحهم بلا توسط اسباب و آلات، و قد يفعلون بتوسطها، و هو تعالى منزه عن جميع ذلك.(و لا نطق و لا لهوات) لهوات جمع لهاه: الهنه المطبقه فى اقصى سقف الفم، و قوله (ع): (بلا جوارح و لا ادوات) متعلق بقوله: (و اراه من آياته عظيما)، و قوله: (و لا نطق و لا لهوات) متعلق بقوله: (الذى كلم موسى تكليما) على خلاف اللف، و كان تكليمه تعالى مع موسى بلا نطق و لا لهوات، و انما اوجد الصوت فى الجهال الست، فكان يسمعه من كل جهه.(بل ان كنت صادقا ايها المتكلف لوصف ربك فصف جبرائيل و ميكائيل، و جنود الملائكه المقربين) يشرح ما هيتهم و تركيبهم و قواهم، و سياتى كلامه (ع) فى العجز عن وصف عزرائيل فى كيفيه قبضه للارواح، فاذا لم يستطع وصف خلقه فعدم امكان وصفه تعالى اولى.و فى خبر قدوم الجاثليق مع مائه من النصارى بعد وفاه النبى (ص) و ارشاده الى اميرالمومنين (ع) قال الجاثلي
ق له (ع): اخبرنى عن وجه الرب تعالى؟ فدعا على (ع) بنار و حطب فاضرمه، فلما اشتعلت، قال على (ع): اين وجه هذه النار؟ قال النصرانى: هى وجه من جميع حدودها.قال على (ع): هذه (الفصل الاول- فى التوحيد) النار مدبره مصنوعه لا يعرف وجهها، و خالقها لا يشبهها (و لله المشرق و المغرب فاينما تولوا فثم وجه الله).(فى حجرات القدس مرجحنين) كمقشعرين، اى: خاضعين، و فى المثل: (اذا ارجحن شاصيا فارفع يدا)، يعنى: اذا خضع لك فاكفف عنه.(متولهه) اى: متحيره.(عقولهم ان يحدوا احسن الخالقين) لعدم امكان ذلك لهم.(فانما يدرك بالصفات ذوو الهيئات و الادوات) و هو تعالى منزه عن ان يكون له هيئه او اداه.(و من) بمعنى: الذى، عطف على (ذوو).(ينقضى اذا بلغ امد حده) اى: غايه اجله.(بالفناء) متعلق بقوله: (ينقضى)، و هو تعالى باق ابد الاباد، فكيف يمكن ادراكه بالصفات؟! (فلا اله الا هو) بلا شريك.(اضاء بنوره) اى: بنهاره.(كل ظلام) من البر و البحر و المنكشف و المسقف، و الارض و السماء.(و اظلم بظلمته) اى: بليله.(كل نور) من كوكب و قمر و سراج و نار لعدم اغنائها اغناء كاملا، قال تعالى: (و الليل اذا يغشى و النهار اذا تجلى) اى يغشى اللي
ل كل شى ء، و يتجلى بالنهار كل شى ء، و لا يقدر احد ان يظلم نوره او يضى ء ظلامه.و فسر (الفصل الاول- فى التوحيد) الشراح قوله (ع): (بنوره) و (بظلمته) بمعان مختلفه، و الاظهر ما عرفت.