بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) (اوصيكم عباد الله بتقوى الله الذى البسكم الرياش) اى: ثياب التجمل، قال تعالى: (يا بنى آدم قد انزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم و ريشا و لباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون).(و اسبغ) اى: اكمل.(عليكم المعاش) قال تعالى: (و لقد مكناكم فى الارض و جعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون)، (و الارض مددناها و القينا فيها رواسى و انبتنا فيها من كل شى ء موزون و جعلنا لكم فيها معايش و من لستم له برازقين).(و لو ان احدا يجد الى البقاء) فى الدنيا.(سلما) كنايه عن الوسيله.(او الى دفع) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (او لدفع) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(الموت سبيلا) حتى ينجو منه، فى (تفسير القمى) عن الصادق (ع): ان (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) الله تعالى غضب على ملك من الملائكه، فقطع جناحه و القاه فى جزيره من جزائر البحر، فبقى ما شاء الله فى ذلك البحر، فلما بعث الله ادريس (ع) جاز ذلك الملك اليه، فقال: يا نبى الله ادع الله تعالى ان يرضى عنى، و يرد على جناحى.قال: نعم.فدعا ادريس، فرد الله عليه جناحه، و رضى عنه.قال الملك لادريس: الك الى حا جه؟ قال: نعم، احب ان ترفعنى الى السماء حتى انظر الى ملك الموت، فانه لا عيش لى مع ذكره.فاخذه الملك على جناحه حتى انتهى به الى السماء الرابعه، فاذا ملك الموت يحرك راسه تعجبا، قسلم ادريس على ملك الموت، و قال له: ما لك تحرك راسك؟ قال: ان رب العزه امرنى ان اقبض ررحك بين السما الرابعه و الخامسه ثم قبض روحه بين السما الرابعه و الخامسه، و هو قوله تعالى: (و رفعناه مكانا عليا).(لكان ذلك سليمان بن داود) قال شاعر: يا هاربا من جنود الموت منهزما عنها توقف اين المفر لكا هب عشت اكثر من نوح فحين نجا بقدره الله من طوفانه ملكا و قال آخر: لو ان حيا مدرك الفلاح ادركه ملاعب الرماح (الذى سخر له ملك الجن و الانس) قال تعالى: (و لسليمان الريح عاصفه تجرى بامره الى الارض التى باركنا فيها و كنا بكل شى ء عالمين و من الشياطين من يغوصون له و يعملون عملا دون ذلك و كنا لهم حافظين) (و لسليمان الريح غدوما شهر و رواحها شهر و اسلنا له عين القطر و من الجن من يعمل بين يديه باذن ربه و من يزع منهم عن امرنا نذقه من عذاب (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) السعير يعملون له ما يشاء من محاريب و تماثيل و جفان كالجواب و قدور راسيات اعملو ا آل داود شكرا و قليل من عبادى الشكور)، (و حشر لسليمان جنوده من الجن و الانس و الطير فهم يوزعون حتى اذا اتوا على واد النمل قالت نمله يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده و هم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها و قال رب اوزعنى ان اشكر نعمتك التى انعمت على و على والدى و ان اعمل صالحا ترضاه و ادخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين)، (و لقد فتنا سليمان و القينا على كرسيه جسدا ثم اناب قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى انك انت الوهاب فسخرنا له الريح تجرى بامره رخاء حيث اصاب و الشياطين كل بناء و غواص و آخرين مقرنين فى الاصفاد هذا عطاونا فامنن او امسك بغير حساب و ان له عندنا لزلفى و حسن ماب).و فى (تفسير القمى) فى قوله تعالى: (و لقد فتنا سليمان و القينا على كرسيه جسدا): ان سليمان لما تزوج باليمانيه ولد منها ابن و كان يحبه، فنزل ملك الموت على سليمان، و كان كثيرا ما ينزل عليه، فنظر الى ابنه نظرا حديدا، ففزع سليمان من ذلك، فقال لامه: ان ملك الموت نظر الى ابنى نظره اظنه قد امر بقبض روحه.فقال للجن و الشياطين: هل لكم حيله فى ان تفروه من الموت.فقال واحد منهم: انا اضعه تحت عين الشمس فى المشرق.فقال سل يمان: ان ملك الموت يخرج ما بين المشرق و المغرب.فقال واحد منهم: انا اضعه فى السحاب و الهواء فرفعه و وضعه فى السحاب، فجاء ملك الموت (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) فقبض روحه فى السحاب، فوقع جسده ميتا على كرسى سليمان، فعلم انه قد اخطا.و روى عن الصادق (ع) انه قال: ملك الارض كلها مومنان: سليمان و ذو القرنين، و كافران: نمرود و بخت النصر، و لو ان احدا كان ناجيا من الموت لكان ابوه داود (ع) الذى قال تعالى فيه: (و اذكر عبدنا داود ذا الايد انه اواب انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى و الاشراق و الطير محشوره كل له اواب و شددنا ملكه و آتيناه الحكمه و فصل الخطاب).و روى (الكافى) عن النبى (ص) قال: مات داود النبى (ع) يوم السبت مفجوءا، فاظلته الطير باجنحتها، و كذالو كان نجا احد لكان موسى كليم الله.و فى الخبر: و مات موسى كليم الله (ع) فى التيه، فصاح صائح من السماء: مات موسى، و اى نفس لا تموت.(مع النبوه و عظيم الذلفه) اى: التقرب اليه تعالى، قال تعالى: (و ورث سليمان داود و قال يا ايها الناس علمنا منطق الطير و اوتينا من كل شى ء ان هذا لهو الفضل المبين)، (و تفقد الطير فقال ما لى لا ارى الهدهد ام كان من الغائبين لاعذبصنه عذا با شديدا او لاذبحنه اولياتينى بسلطان مبين فمكث غير بعيد فقال احطت بما لم تحط به و جئتك من سبا بنبا يقبن انى وجدت (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) امراه تملكهم و اوتيت من كل شى ء و لها عرش عظيم وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله و زين لهم الشيظان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم.لا يهتدون الا يسجدوا لله الذى يخرج الخب ء فى السماوات و الارض و يعلم ما تخفون و ما تعلنون الله لا اله الا هو رب العرش العظيم قال سننطر اصدقت ام كنت من الكاذبين اذهب بكتابى هذا فالقه اليهم ثم تول.عنهم فانظر ماذا يرجعون قالت يا ايها الملا انى القى الى كتاب كريم انه من سليمان و انه بسم الله الرحمن الرحيم الا تعلوا على و اتونى مسلمين قالت يا ايها الملا افتونى فى امرى ما كنت قاطعه امرا حتى تشهدون قالوا نحن اولو قوه و اولو باس شديد و الامر اليك فانظرى ماذا تامرين قالت ان الملوك اذا دخلوا قريه افسدوها و جعلوا اعزه اهلها اذله و كذلك يفعلون و انى مرسله اليهم بهديه فناظره بم يرجع المرسلون فلما جاء سليمان قال اتمدونن بمال فما آتانى الله خير مما آتاكم بل انتم بهديتكم تفرحون ارجع اليهم فلناتينهم بجنود لا قبل لهم بها و لنخرجنهم منها اذله و هم ص اغرون قال يا ايها الملا ايكم ياتينى بعرشها قبل ان ياتونى مسلمين قال عفريت من الجن انا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك و انى عليه لقوى امين قال الذى عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى ليبلونى ااشكر ام اكفر و من شكر فانما يشكر لنفسه و من كفر فان ربى غنى كريم قال نكروا لها عرشها ننظراتهتدى ام تكون من الذين لايهتدون فلما جاءت قيل اهكذا عرشك قالت كانه هو و اوتينا العلم من قبلها و كنا مسلمين و صدما ما كانت تعبد من دون الله انها كانت من قوم كافرين قيل لها ادخلى الصرح فلما راته حسبته لجه و كشفت عن ساقيها قال انه صرح ممرد من قوارير قالت رب انى ظلمت نفسى (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) و اسلمت مع سليمان لله رب العالمين).(فلما استوفى طعمته) فما دام لم ياكل الانسان اللقمه الاخيره، و لم يشرب الجرعه الاخيره من رزقه من الدنيا لا يموت.(و استكمل مدته) و اجله المسمى عند ربه، روى (الاكمال): انه عاش (712)سنه.و روى عن الصادق (ع) ان ملك الموت قال للنبى (ص): انى اقبض روح ابن آدم فيجزع اهله.فاقوم فى ناحيه من دارهم، فاقول: ما هذا الجزع فوالله ما تعجلناه قبل اجله، و ما كان لنا فى قبضه من ذنب، فان تحتسبوا و تصبروا توجروا، و ان تجزعوا تاثموا و توزروا، و اعلموا ان لنا فيكم عوده ثم عوده، فالحذر الحذر انه ليس فى شرقها و لا فى غربها اهل بيت مدر و لا و بر الا و انا اتصفحهم فى كل يوم خمس مرات، و لانا اعلم بصغيرهم و كبيرهم منهم بانفسهم، و لو اردت قبض روح بعوضه ما قدرت عليها حتى يامرنى ربى.(رمته قسى) قال الجوهرى: قسى و اقواس: جمع القوس يذكر و يونث، و اصل قسى قووس لانه فعول، الا انهم قدموا اللام، و صيروه (قسو) على (فللوع) ثم قلبوا الواو ياء و كسروا القاف، كما كسروا عين (عصى) فصارت (قسى) على (فليع).(الفناء) و الارتحال من الدنيا.(بنبال) قال الجوهرى: النبل: السهام العربيه، و هى مونثه لا واحد لها (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) من لفظها، و قد جمعوها على نبال، و انبال.(الموت) (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته الا دابه الارض تاكل منساته فلما خر تبينت الجن ان لو كانوايعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين).و اخذ معنى كلامه (ع): (رمته قسى الفناء بنبال الموت) فى سليمان (ع) ضيائى الدزفولى فى الناس عموما، فقال بالفارسيه، مزيدا حال كونهم فى القبور: چه شد كز يك كماندار فنا اين لشكر ب ى حد بسر دارند از لوح مزار خود سپرها را (و اصبحت الديار منه خاليه و المساكن معطله، و ورثها قوم آخرون) شان باقى الناس من الملوك الى السوقه، روى (روضه الكافى) عن الصادق ان الله تعالى اوحى الى سليمان بن داود (ع): ان آيه موتك ان شجره تخرج من بيت المقدس يقال لها: الخرنوبه.قال: فنطر سليمان يوما فاذا الشجره الخرنوبه قد طلعت من بيت المقدس، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبه.قال: فولى سليمان مدبرا الى محرابه.فقام فيه متكئا على عصاه، فقبض روحه من ساعته.قال: فجعلت الجن و الانس يخدمونه، و يسعون فى امره كما كانوا، و هم يظنون انه حى لم يمت، يغدون و يروحون و هو قائم ثابت حتى دبت الارضه من عصاه، فاكلت منساته فانكسرت، و خر سليمان الى الارض و روى (العيون) عن الرضا (ع): ان سليمان (ع) قال ذات يوم (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) لاصحابه: ان الله تعالى قد وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى: سخرلى الريح و الانس و الجن و الطير و الوحوش، و علمنى منطق الطير، و آتانى من كل شى ء، و مع جميع ما اوتيت من الملك ما تم لى سرور يوم الى الليل، و قد احببت ان ادخل الى قصرى فى غد فاصعد اعلاه، و انظر الى ممالكى، فلا تاذنوا لاحد على بالدخو ل، لئلا اجد على ما ينغص على يومى.فقالوا: نعم.فلما كان من الغد اخذ عصاه بيده و صعد الى اعلى موضع من قصره و وقف متكئا على عصاه ينظر الى ممالكه سرورا بما اوتى فرحا بما اعطى، اذ نظر الى شاب حسن الوجه و اللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره، فلما ابصر به سليمان قال له: من ادخلك الى هذا القصر و قد اردت ان اخلو فيه اليوم، فباذن من دخلت؟ فقال الشاب: ادخلنى هذا القصر ربه، و باذنه دخلت.فقال: ربه احق به منى، فمن انت؟ قال: انا ملك الموت.قال: فيم جئت؟ قال: لاقبض روحك.فقال: امض بما امرت به، فى هذا اليوم سرورى و ابى الله ان يكون لى سرور دون لقائك.و فى (تفسير القمى): لما اوحى الله الى سليمان انك ميت امر الشياطين ان يتخذوا له بيتا من قوارير، و وضعوه فى لجه البحر، و دخله سليمان (ع) فاتكا على عصاه و كان يقرا الزبور، و الشياطين حوله ينظرون اليه لا يجسرون ان يبرحوا، فبينا هو كذلك اذ حان منه التفاته، فاذا هو برجل معه فى القبه ففزع منه.فقال له: من انت؟ فقال له: انا الذى لا اقبل الرشى، و لا اهاب الملوك.فقبضه و هو متكى على عصاه سنه، و الجن يعملون له و لا يعلمون بموته، حتى بعث الله الارضه، فاكلت منساته (فلما خر (على وجهه) تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين) فكذا نزلت هذه (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) الايه، و ذلك لان الانس كانوا يقولون: ان الجن يعلمون الغيب.فلما سقط سليمان على وجهه، علم الانس ان لو علم الجن الغيب لم يعملوا سنه لسليمان و هو ميت و يتوهمونه حيا.قال: فالجن تشكر الارضه بما عملت بعصا سليمان.قال: فلما هلك سليمان وضع ابليس السحر، و كتبه فى كتاب ثم طواه، و كتب على ظهره: (هذا ما وضعه آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز الملك و العلم، من اراد كذا و كذا فليفعل كذا و كذا) ثم دفنه تحت السرير ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان الا بهذا.و قال المومنون: ما هو الا عبدالله و نبيه.فقال جل ذكره: (و اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان و ما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر).هذا، و قال البحترى فى سليمان بن وهب: هذا سليمان بن وهب بعد ما طالت مساعيه النجوم سموكا و تنصف الدنيا يدبر اهلها سبعين حولا قد تممن دكيكا اغرت به الاقدار بغت ملمه ما كان رسم حديثها مافوكا فكانما خضد الحمام بيومه غصنا بمنخرق الرياح نهيكا (و ان لكم فى القرون السالف ه لعبره) قال تعالى فى فرعون: (فاخذه الله نكال الاخره و الاولى ان فى ذلك لعبره لمن يخشى).و روى (امالى الصدوق) عن الصادق (ع) قال: ان داود (ع) خرج ذات يوم يقرا الزبور، و كان اذا قرا الزبور لا يبقى جبل و لا حجر و لا طائر و لا سبع (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) الا جاوبه، فما زال يمر حتى انتهى الى جبل، فاذا على ذلك الجبل نبى عابد يقال له حزقيل، فلما سمع دوى الجبال و اصوات السباع و الطير علم انه داود (ع) فقال داود: يا حزقيل! اتاذن لى فاصعد اليك؟ قال: لا.فبكى داود (ع).فاوحى الله اليه: يا حزقيل! لا تعير داود، وسلنى العافيه.فقام حزقيل فاخذ بيد داود (ع) فرفعه اليه، فقال داود: يا حزقيل! هل هممت بخطيئه قط؟ قال: لا.فقال: فهل دخلك العجب مما انت فيه من عباده الله تعالى؟ قال: لا.قال: فهل ركنت الى الدنيا فاحببت ان تاخذ من شهوتها و لذتها؟ قال: بلى، ربما عرض بقلبى.قال: فماذا تصنع اذا كان ذلك؟ قال: ادخل هذا الشعب فاعتبر بما فيه.قال: فدخل داود النبى (ع) الشعب، فاذا سرير من حديد عليه جمجمه باليه و عظام فانيه، و اذا لوح من حديد فيه كتابه، فقراها داود (ع) فاذا هى: انا اروى بن اسلم ملكت الف سنه، و بنيت الف مدينه، و افتضض ت الف بكر، فاذا كان آخر عمرى ان صار التراب فراشى، و الحجاره و سادتى، و الديدان و الحيات جيرانى، فمن رآنى فلا يغتر بالدنيا.(اين العمالقه و ابناء العمالقه) قال الجوهرى: العمالقه قوم من ولد عمليق بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح (ع)، و هم امم تفرقوا فى البلاد.و فى (الاغانى): ان عمليقا ملك طسم و جديس ابنى لاوذ بن ارم بن سام بن لوح، و كان فى اول ملكه قد تمادى فى الظلم و الغشم و ان امراه من جديس طلقها زوجها، و اراد اخذ ولدها منها، فخاصمته الى عمليق فامر عمليق بان تباع هى و زوجها، و امر بالغلام بان ينزع منهما، و يجعل فى غلمانه، فقالت: اتينا اخا طسم ليحكم بيننا فانفذ حكما فى هزيله ظالما (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) لعمرى لقد حكمت لا متورعا و لا كنت فى ما يبرم الحكم عالما فلما سمع عمليق قولها، امر ان لا تزوج بكر من جديس، فتهدى الى زوجها، حتى يفترعها هو قبل زوجها، فلقوا من ذلك بلاء و جهدا و ذلا، فلم يزل يفعل ذلك حتى زوجت الشموس- و هى عفيره اخت الاسود الذى وقع الى جبل طى، فقتله طى و سكنوا الجبل من بعده- فانطلقوا بها اليه فافترعها، فخرجت الى قومها فى دمائها شاقه درعها من قبل و من دبر و الدم يسيل، و هى فى اقبح منظر و هى تقول: لا احد اذل من جديس اهكذا يفعل بالعروس و قالت تحرض قومها: ايجمل ما يوتى الى فتياتكم و انتم رجال فيكم عدد النمل و لو اننا كنا رجالا و كنتم نساء لكنا لا نقر بذا الفعل و ان انتم لم تغضبوابعد هذه فكونوا نساء لا تعاب من الكحل و دونكم طيب العروس فانما خلقتم لاثواب العروس و للغسل فلما سمع اخوها ذلك، و كان سيدا مطاعا- قال لقومه: يا معشر جديس ان هولاء ليسوا باعز منكم فى داركم الا بما كان من ملك صاحبهم علينا، و لو لا ادهاننا ما كان له فضل علينا.قالوا: نطيعك، و لكن القوم اكثر.قال: فانى اصنع للملك طعاما ثم ادعوهم جميعا، فاذا جاووا يرفلون فى الحلل ثرنا الى سيوفهم، و هم غارون فاهمدناهم بها.قالوا: نفعل.ففعل ذلك فلما مدوا ايديهم الى الطعام اخذوا سيوفهم من تحت اقدامهم، فشد الاسود على عمليق فقتله، و شد كل رجل منهم على جليسه فما توهم، فلما فرغوا من الاشراف شدوا على السفله، فلم يدعوا احدا منهم.ثم ان بقيه طسم لجووا الى حسان بن تبع، فغزا جديسا فقتلها و اخرب بلادها، فهرب الاسود قاتل عمليق، فاقام بجبل (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) طى قبل نزول طى اياه.(اين الفراعنه و ابناء الفراعن ه) قال الجوهرى: فرعون لقب الوليد بن مصعب ملك مصر، و كل عات متمرد فرعون، و العتاه الفراعنه.و قال عدى بن زيد العبادى: اين كسرى خير الملوك انوشر و ان ام اين قبله سابور لم يهبه ريب المنون فولى الملك عنه فبابه مهجور حين و لوا كانهم ورق جف تذرى به الصبا و الدبور و بنو الاصفر الكرام ملوك ال روم، لم يبق منهم مذكور و فى (المروج)- بعد ذكر ملوك مصر الاولين-: و كثر ولد بيصر بن حام بارض مصر، فتشعبوا و ملكوا النساء، فطمعت فيهم ملوك الارض، فسار اليهم من الشام ملك من ملوك العماليق يقال له: الوليد بن دومع، فكانت له حروب بها و غلب على الملك، فانقادوا اليه و استقام له الامر الى ان هلك، ثم ملك بعده الريان بن الوليد العملاقى، و هو فرعون يوسف، و قد ذكر الله تعالى خبره مع يوسف و ما كان من امرهما فى كتابه العزيز، ثم قال: ثم ملك بعده دارم بن الريان العملاقى، ثم ملك بعده كامس بن معدان العملاقى، ثم ملك بعده الوليد بن مصعب، و هو فرعون موسى و قد تنوزع فيه: فمن الناس من راى انه من العماليق، و منهم من راى انه من لخم من بلاد الشام، و منهم من راى انه من الاقباط من ولد مصر بن بيصر و لما غرق فرعون و من كان معه من الجنود، و خشى من بقى بارض مصر من الذرارى و النساء و العبيد ان يغزوهم ملوك الشام و المغرب، فملكوا عليهم امراه ذات راى و حزم يقال لها: دلوكه.(الفصل الخامس- فى النبوه العامه) و الذى اتفقت عليه التواريخ- مع تباين ما فيها- ان عده ملوك مصر من الفراعنه و غيرها اثنان و ثلاثون فرعونا، و من ملوك بابل ممن تملك على مصر خمسه، و من ملوك بابل و هم العماليق الذين طرووا اليها من بلاد الشام اربعه، و من الروم سبعه، و من اليونانبين عشره، و ذلك قبل ظهور السيد المسيح (ع)، و ملكها اناس من الفرس من قبل الاكاسره، و كان مده من ملك مصر من الفراعنه و الفرس و الروم و العماليق و اليونانيين الف سنه و ثلاثمائه سنه.قال تعالى: (و فرعون ذى الاوتاد الذين طغوا فى البلاد فاكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ان ربك لبالمرصاد)، و قال تعالى لبنى اسرائيل: (و اذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون ابناءكم و يستحيون نساءكم و فى ذلكم بلاء من ربكم عظيم).(اين اصحاب مدائن الرس) فى (الصحاح): الرس: اسم بئر كانت لبقيه من ثمود.و ياتى وجه آخر فى الخبر، قال تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح و اصحاب الرس و ثمود و عاد و فرعون و اخوان لوط و اصحاب الايكه و قوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد)، (و عادا و ثمود و اصحاب الرس و قرونا بين ذلك كثيرا و كلا ضربنا له الامثال و كلا تبرنا تتبيرا).(الفصل الخامس- فى النبوه العامه) و روى (العيون و العلل): ان اصحاب الرس كانوا قوما يعبدون شجره صنوبر يقال لها (شاه درخت) كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها (روشاب) كانت استنبطت لنوح بعد الطوفان- و انما سموا اصحاب الرس لانهم رسوا نبيهم فى الارض- و ذلك بعد سليمان، و كانت لهم اثنتا عشره قريه على شاطى نهر يقال له (الرس) من بلاد المشرق، و بهم سمى ذلك النهر، و لم يكن يومئذ فى الارض نهر اغزر منه و لا اعذب منه، و لا قرى اكثر و لا اعمر منها، تسمى احدا هن (ابان) و الثانيه (آذر) و الثالثه (دى) و الرابعه (بهمن) و الخامسه (اسفندار) و السادسه (فروردين) و السابعه (ارديبهشت) و الثامنه (خرداد) و التاسعه (مرداد) و العاشره (تير) و الحاديه عشره (مهر) و الثانيه عشره (شهريور)، و كانت اعظم مدنهم (اسفندار)، و هى التى كان ينزلها ملكهم، و كان يسمى تركوذ بن عابور بن يارش بن ساذن بن نمرود بن كنعان - و نمرود فرعون ابراهيم- و بها العين و الصنوبره، و قد غرسوا فى كل قريه منها حبه من طلع تلك الصنوبره، و اجر وا اليها نهرا من العين التى عنده الصنوبره، فنبتت الحبه و صارت شجره عظيمه، و حرموا ماء العين و الانهار، فلا يشربون منها و لا انعامهم، و من فعل ذلك قتلوه، و يقولون: هو حياه آلهتنا، فلا ينبغى لاحد ان ينقص من حياتها.و يشربون هم و انعامهم من نهر الرس الذى عليه قراهم.و قد جعلوا فى كل شهر من السنه فى كل قريه عيدا يجتمع اليه اهلها، فيضربون على الشجره التى بها كله من حرير فيها من انواع الصور، ثم ياتون بشاه و بقر، فيذبحونها قربانا للشجره، و يشعلون فيها النيران بالحطب، فاذا سطع دخان تلك الذبائح و قتارها فى الهواء، و حال بينهم و بين النظر الى السماء خروا للشجره سجدا يبكون و يتضرعون اليها ان ترضى (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) عنهم، فكان الشيطان يجى ء فيحرك اغصانها، و يصيح من ساقها صياح الصبى: ان قد رضيت عنكم عبادى، فطيبوا نفسا، و قروا عينا.فيرفعون عند ذلك رووسهم و يشربون الخمر، و يضربون بالمعازف، و ياخذون الدستنبد، فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون.و انما سمت العجم شهورهم (آبانماه) و (آذر ماه) و غيرهما اشتقاقا من اسماء تلك القرى، لقول بعضهم لبعض: هذا عيد شهر كذا، و عيد شهر كذا.حتى اذا كان عيد قريتهم اجت مع اليها صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند الصنوبره و العين سرادقا من ديباج عليه من انواع الصور، و جعلوا له اثنتى عشره بابا كل باب لاهل قريه منهم، و يسجدون للصنوبره خارجا من السرادق، و يقربون لها الذبائح اضعاف ما قربوا للشجره التى فى قراهم، فيجى ء ابليس عند ذلك، فيحرك الصنوبره تحريكا شديدا، و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا، و يعدهم و يمنيهم باكثر مما و عدتهم و منتهم الشياطين كلها، فيرفعون رووسهم من السجود، و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف، فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما و لياليهم بعدد اعيادهم سائر السنه، ثم ينصرفون.فلما طال كفرهم بالله تعالى بعث الله تعالى اليهم نبيا من بنى اسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب، فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم الى عباده الله تعالى فلا يتبعونه، فلما راى شده تماديهم فى الغى و الضلال، و تركهم قبول ما دعاهم اليه من الرشد، و حضر عيد قريتهم العظمى، قال: يا رب ان عبادك ابوا الا تكذيبى و الكفر بك، و غدوا يعبدون شجره لا تنفع و لا تضر، فايبس شجرهم اجمع، و ارهم قدرتك و سلطانك.فاصبح القوم و قد يبس شجرهم، فهالهم ذلك و صاروا فرقتين: فرقه قالت سحر آلهتكم هذا الذى زعم انه (ال فصل الخامس- فى النبوه العامه) رسول رب السماء و الارض اليكم، ليصرف وجوهكم عن آلهتكم الى الهه.و فرقه قالت: بل غضبت آلهتكم حين رات هذا الرجل يعيبها، و يدعوكم الى عباده غيرها، فحجبت حسنها و بهاءها لكى تغضبوا لها فتنتصروا منه.فاجمع رايهم على قتله، فاتخذوا انابيب طوالا من رصاص واسعه الافواه، ثم ارسلوها فى قرار العين الى اعلى الماء واحده فوق الاخرى مثل البرانج، و نزحوا ما فيها من الماء، ثم حفروا فى قرارها بئرا ضيقه المدخل عميقه، و ارسوا فيها نبيهم، و القموا فاهها صخره عظيمه، ثم اخرجوا الانابيب من الماء، و قالوا: الان نرجو ان ترضى عنا آلهتنا اذا رات انا قتلنا من كان يقع فيها و يصد عن عبادتها، و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه، فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان.فبقوا عامه يومهم يسمعون انين نبيهم و هو يقول: يا سيدى قد ترى ضيق مكانى، و شده كربى، فارحم ضعف ركنى، و قله حيلتى، و عجل قبض روحى، و لا توخر اجابه دعوتى.حتى مات.فقال جل جلاله لجبريل: ايظن عبادى هولاء الذين غرهم حلمى، و آمنوا مكرى و عبدوا غيرى، و قتلوا رسولى ان يقوموا لغضبى او يخرجوا من سلطانى؟ كيف و انا المنتقم ممن عصانى و لم يخش عقابى، و انى حلفت بعزتى و جلالى ل اجعلنهم عبره للعالمين.فلم يرعهم و هم فى عيدهم ذلك الا بريح عاصف شديده الحمره، فتحيروا و ذعروا منها و تصام بعضهم الى بعض، ثم صارت الارض من تحتهم حجر كبريت يتوقد، و اظلتهم سحابه سوداء، فالقت عليهم كالقبه جمرا يلتهب، فذابت ابدانهم كما يذوب الرصاص فى النار.و فى (معانى الاخبار): معنى اصحاب الرس انهم نسبوا الى نهر يقال له (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) الرس من بلاد المشرق، و قد قيل: ان الرس هو البئر، و ان اصحابه رسوا نبيهم بعد سليمان بن داود (ع) و كانوا قوما يعبدون شجره صنوبر يقال لها شاه درخت، كان غرسها يافث بن نوح فانبتت لنوح بعد الطوفان، و كان نساوهم يشتغلن بالنساء عن الرجال، فعذبهم الله عز و جل بريح عاصف شديده الحمره، و جعل الارض من تحتهم حجر كبريت يتوقد، و اظلتهم سحابه سوداء مظلمه، فانكفت عليهم كالقبه جمره تلتهب، فذابت ابدانهم كما يذوب الرصاص فى النار.و فى (عقاب الاعمال) عن الصادق (ع): سالته امراه عن السحق، فقال: حدها حد الزانى.فقيل: ما ذكر الله عز و جل ذلك فى القرآن.قال: بلى.قالت: و اين هو؟ قال: هو اصحاب الرس.و عن (تفسير الثعلبى): اختلف فى اصحاب الرس، فقال سعيد بن جبير و الكلبى و الخليل بن احمد: د خل كلام بعضهم فى بعض، و كل اخبر بطائفه من حديث اصحاب الرس ان اصحاب الرس بقيه ثمود قوم صالح، و هم اصحاب البئر التى ذكرها الله تعالى فى كتابه فى قوله تعالى: ( و بئر معطله و قصر مشيد)، و كانوا بفلج اليمامه نزولا على تلك البئر، و كل ركيه لم تطو بالحجاره و الاجر فهى رس، و كان لهم نبى يقال له: حنظله بن صفوان، و كان بارضهم جبل يقال له: فتج مصعدا فى السماء ميلا، و كانت العنقاء تبيت به، و هى كاعظم ما يكون من الطير و فيها من كل لون، و سموها العنقاء لطول عنقها، و كانت فى ذلك الجبل تنقض على الطير فتاكلها، فجاعت ذات يوم (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) و اعوزها الطير فانقضت على صبى فذهبت به، فسميت عنقاء مغرب لانها تغرب بما تاخذه، ثم انقضت على جاريه حين ترعرعت، فاخذتها فضمتها الى جناحين صغيرين لها سوى الجناحين الكبيرين، فشكوا ذلك الى نبيهم فاهلكهم الله تعالى.و قال بعض العلماء: بلغنى انه كان رسان، اما احدهما فكان اهله اهل بدو و عمود و اصحاب غنم و مواش، فبعث الله تعالى اليهم نبيا فقتلوه، ثم بعث اليهم رسولا آخر، و عضده بولى فقتلوا الرسول، و جاهدهم الولى حتى افحمهم، و كانوا يقولون: الهنا فى البحر.و كانوا على شفيره، و كان يخرج اليهم من البحر شيطان فى كل شهر خرجه، فيذبحون عنده و يتخذونه عيدا، فقال لهم الولى: ارايتم ان خرج الهكم الذى تدعونه و تعبدونه الى و اطاعنى اتجيبوننى الى ما دعوتكم اليه؟ قالوا: بلى.فاعطوه على ذلك العهود و المواثيق، فانتظر حتى خرج ذلك الشيطان على صوره حوت راكبا اربعه احوات، و له عنق مستعليه على راسه مثل التاج، فلما نظروا اليه خروا له سجدا، فخرج الولى اليه و قال له: ائتنى طوعا او كرها باسم الله الكريم.فنزل عند ذلك من على اخوته.فقال له الولى: ائتنى راكبا عليهن لئلا يكون القوم من امرهم على شك.فاتى الحوت و اتت به الحيتان حتى افضوا به الى البريه يجرونه و يجرهن.فلما راوا ذلك سخروا به و كذبوه و نقضوا العهود، فبعث الله اليهم ريحا فالقتهم فى البحر و مواشيهم جميعا، و ما كانوا يملكون من ذهب و فضه و آنيه.فاتى الولى الصالح الى البحر و اخذ الذهب و الفضه و الاوانى، فقسمها على اصحابه بالسويه الصغير و الكبير، و انقطع ذلك النسل.و اما الاخر فانهم قوم كان لهم نهر يدعى الرس ينسبون اليه، و كان (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) فيهم انبياء كثيره لا يقوم فيهم نبى الا قتلوه، و ذلك النهر بمنقطع آذربيجان، فاذا قطعته مدب را دخلت فى حد ارمينيه، و اذا قطعته مقبلا دخلت فى حد آذربيجان، و كان من حولهم من اهل ارمينيه يعبدون الاوثان، و من قدامهم من آذربيجان يعبدون النيران، و هم كانوا يعبدون الجوارى العذارى، فاذا تمت لاحدا هن ثلاثون سنه قتلوها و استبدلوا غيرها، و كان عرض نهرهم ثلاثه فراسخ، و كان يرتفع فى كل يوم و ليله حتى يبلغ انصاف الجبال التى حوله، و كان لا ينصب فى بحر و لا بر، فاذا خرج من حدهم يقف و يدور ثم يرجع اليهم، فبعث الله تعالى اليهم ثلاثين نبيا فى شهر واحد فقتلوهم جميعا.فبعث الله تعالى اليهم نبيا و ايده بنصره، و بعث معه وليا فجاهدهم (الذين قتلوا النبيين) قال تعالى حكايه عن اليهود: ( قالوا نومن بما انزل علينا و يكفرون بما وراءه و هو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون انبياء الله من قبل ان كنتم مومنين)، ( افكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم و فريقا تقتلون).و فى (لهوف على بن طاووس): انه لما اراد الحسين (ع) الشخوص من مكه الى العراق جاء ابن عمر، فاشار عليه بصلح اهل الضلال و حذره من القتل و القتال، فقال (ع) له: يا ابا عبدالرحمن! اما علمت ان من هو ان الدنيا على الله ان راس يحيى بن زكريا اهدى الى ب غى من بغايا بنى اسرائيل؟ اما تعلم ان بنى اسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس سبعين نبيا، ثم يجلسون فى اسواقهم يبيعون و يشترون كان لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) الله عليهم، بل امهلهم و اخذهم بعد ذلك اخذ عزيز ذى انتقام، اتق الله يا ابا عبدالرحمن و لا تدعن نصرتى.(و اطقووا) من قولهم: اطفى المصباح.(سنن المرسلين) التى كانت فى اراءه الناس لسبل الله كالسراج.(و احيوا سنن الجبارين) الذين لا يراعون شريعه، و ياتون بكل فجيعه.هذا، و فى (المروج): انه كان المعتضد اذا غضب على القائد النبيل و الذى يختصه من غلمانه، امر ان تحفر له حفيره بحضرته، ثم يدلى راسه فيها و يطرح التراب عليه، و نصفه الاسفل ظاهر على التراب، و يداس التراب فلا يزال كذلك حتى تخرج روحه من دبره.و ذكر من عذابه انه كان ياخذ الرجل فيكتف و يقيد، فيوخذ القطن فيحشى فى اذنه و خيشومه و فمه، و توضع المنافخ فى دبره حتى ينتفخ و يعظم جسمه، ثم يسد الدبر بشى ء من القطن، ثم يفصد- و قد صار كالجمل العطيم- من العرقين اللذين فوق الحاجبين، فتخرج النفس من ذلك الموضع.و ربما كان يقام الرجل فى اعلى القصر مجردا موثقا، و يرمى ب النشاب حتى يموت.و اتخذ المطامير و جعل فيها صنوف العذاب، و جعل عليها نجاح الحرمى المتولى لعذاب الناس.(و اين الذين ساروا بالجيوش و هزموا الالوف و عسكروا العساكر) من الملوك و الامراء، فى (كامل الجزرى): توفى السلطان محمد بن محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقى فى سنه (554) و هو الذى حاصر بغداد طالبا السلطنه، و عاد عنها فاصابه سل و طال به، فمات بباب همذان، و كان مولده فى ربيع الاخر سنه (522) فلما حضره الموت امر العساكر، فركبت و احضر (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) امواله و جواهره و حظاياه و مماليكه، فنظر الى الجميع من طياره تشرف على ما تحتها، فلما رآه بكى و قال: هذه العساكر و الاموال و المماليك و السرارى ما ارى يدفعون عنى مقدار ذره، و لا يزيدون فى اجلى لحظه.و امر بالجميع، فرفع بعد ان فرق منه شيئا كثيرا.و فى (المروج): كانت سياسه يعقوب بن الليث لمن معه من الجيوش سياسه لم يسمع بمثلها فى من سلف من الملوك فى الامم، و من ذلك انه كان بارض فارس و قد اباح الناس ان يرتعوا ثم حدث امر اراد النقله، فنادى مناديه بقطع الدواب عن الرتع، فرئى رجل من اصحابه اخرج الحشيش من فم دابته مخافه ان تلوكه بعد سماع النداء، و اقبل على الداب ه مخاطبا: (دواب را از تر بريدند) يعنى: اقطعوا الدواب عن الرطبه، و رئى رجل من قواده ذو مرتبه، و الدرع الحديد على بدنه لا ثوب بينه و بين بشرته، فقيل له فى ذلك، فقال: نادى منادى الامير: البسوا السلاح.و كنت اغتسل من جنابه، فلم يسعنى التشاغل بلبس الثياب عن السلاح.توفى بجند يسابور و خلف فى بيت ماله خمسين الف الف درهم و ثمانمائه الف دينار.و فيه: سعى بابى الحسن على بن محمد الهادى (ع) الى المتوكل، و قيل له: ان فى منزله سلاحا و كتبا و غيرها من شيعته.فوجه اليه ليلا من الاتراك و غيرهم من هجم عليه فى منزله غفله ممن فى داره، فوجده فى بيت وحده مغلق عليه، و عليه مدرعه من شعر، و لا بساط فى البيت الا الرمل و الحصى، و على راسه ملحفه من الصوف متوجها الى ربه يترنم بايات من القرآن فى الوعد و الوعيد، فاخذ على ما وجد عليه، و حمل الى المتوكل فى جوف الليل، (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) فمثل بين يديه و المتوكل يشرب و فى يده كاس، فلما رآه اعظمه و اجلسه الى جنبه، و لم يكن فى منزله شى ء مما قيل فيه، و لا حاله يتعلل عليه بها، فناوله المتوكل الكاس الذى فى يده، فقال (ع): يا اميرالمومنين ما خامر لحمى و دمى قط، فاعفنى منه.فاعفاه و ق ال: انشدنى شعرا استحسنه.فقال: انى لقليل الروايه للاشعار.قال: لابد ان تنشدنى.فانشده: باتوا على قلل الاجبال تحرسهم غلب الرجال فما اغنتهم القلل و استنزلوا بعد عز عن معاقلهم فاودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما قبروا اين الاسره و التيجان و الحلل اين الوجوه التى كانت منعمه من دونها تضرب الاستار و الكلل فافصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طالما اكلوا دهرا و ما شربوا فاصبحوا بعد طول الاكل قد اكلوا و طالما عمروا دورا لتحصنهم ففارقوا الدور و الاهلين و انتقلوا و طالما كنزوا الاموال و ادخروا فخلفوها على الاعداء و ارتحلوا اضحت منازلهم قفرا معطله و ساكنوها الى الاجداث قد رحلوا قال: فاشفق كل من حضر على على (ع)، و ظن ان بادره تبدر منه اليه.قال: و الله لقد بكى المتوكل بكاء طويلا حتى بلت دموعه لحيته، و بكى من حضره.ثم امر برفع الشراب و رده الى منزله من ساعته مكرما.(و مدنوا المدائن) و منها المدائن التى مدنها كسرى.هذا، و فى (القاموس): المنصوره بلد بالسند اسلاميه، و بلد بنواحى واسط، و اسم خوارزم القديمه التى كانت شرقى جيجون، و بلد قرب القيروان و ي قال لها: المنصوريه ايضا، و بلد ببلاد الديلم، و بلد بين القاهره و دمياط.(الفصل الخامس- فى النبوه العامه) و من العجب ان كلا منها بناها ملك عظيم فى جلال سلطانه و علو شانه، و سماها المنصوره تفاولا بالنصر، و لا دوام، فخربت جميعها و اندرست و تعفت رسومها و اندحضت.و فى (المعجم): قال علقمه بن مرثد فى قصر شرحبيل ملك اليمن العجيب فى جميع اموره المسمى بالقشيب: اقفر من اهله القشيب و بان عن اهله الحبيب و قال شاعر فى قصر ابى الخصيب- مولى المنصور- احد المنتزهات المشرف على النجف، ذى خمسين درجه، عجيب الصفه: يا دار غير رسمها مر الشمال مع الجنوب بين الخورنق و السدي ر فبطن قصر ابى الخصيب فالدير فالنجف الاشم جبال ارباب الصليب و فيه: و من القصور قصر بهر المجور قرب همدان كله حجر واحد، منقوره بيوته و خزائنه و مجالسه و غرفه و شرفه و سائر حيطانه، فان كان مبنيا بحجاره مهندمه قد لوحك بينها حتى صارت كانها حجر واحد لا يبين منها مجمع حجرين، فانه لعجب، و ان كان حجرا واحدا فكيف نقرت بيوته، و خزائنه و حجراته و دهاليزه و شرفاته؟ فهذا اعجب، لانه عظيم جدا كثير المجالس و الخزائن و الغرف، و فى مواضع منه كتابه بالفارسيه تتضمن شي ئا من اخبار ملوكهم، و فى كل ركن من اركانه صوره جاريه عليها كتابه.و فيه: و منها قصر شيرين قصر كسرى ابرويز الذى قالوا: كان له (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) اشياء لم تكن لملك قبله و لا بعده، فرسه شبديز، و مغنيه و عواده و جاريته شيرين، و قصر شيرين الذى احد عجائب الدنيا، و كان سبب بنائه انه امر ان يبنى له (باغ) يكون فرسخين فى فرسخين، و ان يحصل فيه من كل صيد حتى يتناسل جميعه، و وكل بذلك الف رجل، فاقاموا فى عمله و تحصيل صيوده سبع سنين حتى فرغوا، فلما تم صاروا الى البلهبد المغنى، و سالوه ان يخبر الملك بذلك، فعمل صوتا و غناه به و سماه (باغ نخجيران) اى: بستان الصيد.فطرب الملك عليه وامر للصناع بمال.فلما سكر قال لشيرين: سلينى حاجه.فقالت: صير هذا البستان نهرين من حجاره تجرى فيهما الخمور، و تبنى لى بينهما قصرا لم يبن فى مملكتك مثله.فاجابها الى ذلك.و فى (المروج): كتب ملك الصين الى انوشيروان: من فغفور ملك الصين صاحب قصر الدر و الجوهر الذى يجرى فى قصره نهران يسقيان العود، و الكافور الذى توجد رائحته على فرسخين، و الذى تخدمه بنات الف ملك، و الذى فى مربطه الف فيل ابيض، الى اخيه كسرى انوشيروان، و اهدى اليه فرسا من در منضدا، عينا الفارس و الفرس من ياقوت احمر، و قائم سيفه من زمرد منضد بالجوهر، و ثوب حرير صينى عسجدى فيه صوره الملك جالسا فى ايوانه، و عليه حليته و تاجه، و على راسه الخدم و بابديهم المذاب، و الصوره منسوجه بالذهب، و ارض الثوب لا زورد فى سفط من ذهب، تحمله جاريه تغيب فى شعرها، تتلالا جمالا.و فيه: و كتب اليه ملك الهند: من ملك الهند و عظيم اراكنه المشرق و صاحب قصر الذهب و ابواب الياقوت و الدر، الى اخيه ملك فارس صاحب (الفصل الخامس- فى النبوه العامه) التاج و الرايه كسرى انوشروان.و اهدى اليه الف من من عود هندى يذوب فى النار كالشمع، و يختم عليه كما على الشمع فتبين فيه الكتابه، و جامامن الياقوت الاحمر فتحته شبر مملوءا درا، و عشره امنان كافور كالفستق و اكبر من ذلك، و جاريه طولها سبعه اذرع تضرب اشفار عينيها خدها، و كان بين اجفانها لمعان البرق من بياض مقلتيها مع صفاء لونها، و دقه تخطيطها و اتقان تشكيلها، مقرونه الحاجبين، لها ضفائر تجرها، و فرش من جلود الحيات الين من الحرير و احسن من الوشى، و كان كتابه فى لحاء الشجر المعروف بالكاذى مكتوب بالذهب الاحمر.و كان لانوشروان مائده من الذهب عظيمه عليها انواع من الجواهر.و عن على بن يقطين: كنا مع المهدى بما سبذان فقال لى يوما: اصبحت جائعا فاتنى بارغفه و لحم بارد.ففعلت، فاكل ثم دخل البهو و نام، و كنا نحن فى الرواق فانتبهنا لبكائه، فبادرنا اليه مسرعين فقال: اما رايتم ما رايت؟ قلنا: ما راينا شيئا.قال: وقف على رجل، لو كان فى الف رجل ما خفى على صوته و لا صورته فقال: كانى بهذا القصر قد باد اهله و اوحش منه ربعه و منازله و صارعميد القوم من بعد بهجه و ملك الى قبر عليه جنادله فلم يبق الا ذكره و حديثه تنادى عليه معولات حلائله قال على: فما اتت على المهدى بعد روياه الا عشره ايام حتى توفى.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) اقول: قال ابن ابى الحديد: هذا الكلام فسره كل طائفه على حسب اعتقادها، فالاماميه تزعم ان المراد به المهدى المنتظر عندهم، و الصوفيه يزعمون انه يعنى به ولى الله فى الارض، و عندهم ان الدنيا لا تخلو عن الابدال و هم اربعون، و عن الاوتاد و هم سبعه، و عن القطب و هو واحد، فاذا مات القطب صار احد السبعه قطبا عوضه، و صار احد الاربعين وتدا عوض ذاك الوتد، و صار بعض الاولياء الذين يصطفيهم الله تعالى بدلا بدل ذلك البدل.و اصحابنا يزعمون ان الله تعالى لا يخلى الامه من جماعه المومنين العلماء بالعدل و التوحيد، و ان الاجماع انما يكون حجه باعتبار اقوال اولئك العلماء، لكن لما تعذرت معرفتهم باعيانهم اعتبر اجماع سائر العلماء، و انما الاصل قول اولئك، قالوا: و كلام اميرالمومنين (ع) ليس يشير فيه الى جماعه اولئك العلماء من حيث هم جماعه، ولكنه يصف حال كل واحد منهم، فيقول: من صفته كذا و من صفته كذا، و الفلاسفه يزعمون ان مراده (ع) بهذا الكلام العارف، و لهم فى العرفان، و فى صفات اربابه كلام يعرفه من له انس باقوالهم، و ليس يبعد عندى ان يريد (ع) به القائم من آل محمد (ص) فى آخر الوقت اذا خلقه ال له تعالى، و ان لم يكن الان موجودا فليس فى الكلام ما يدل على وجوده الان، و قد وقع اتفاق الفرق من المسلمين اجمعين على ان الدنيا و التكليف لا ينقضى الا عليه.قلت: ان كل طائفه و ان فسرت كلامه (ع) على حسب اعتقادها الا ان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) المتبع ما شفع بالبرهان، و هو قول الاماميه: اما اصله فقد اقر باتفاق فرق المسلمين عليه، و اما فرعه و هو كونه موجودا الان؟ فيدل عليه كلامه (ع) المتواتر عنه لكميل المذكور فى النهج: (اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم لله بحجه، اما ظاهرا مشهورا او خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله و بيناته) كما اعترف به ثمه، و اما قول الصوفيه و المعتزله و الفلاسفه فسبحانه، و لهم ما يشتهون.(قد لبس للحكمه جنتها) فى (الصحاح): الجنه بالضم: ما استترت به من سلاح، و يكفى فى شرافه الحكمه قوله تعالى: ( و من يوت الحكمه فقد اوتى خيرا كثيرا).(و اخذها بجميع ادبها) اى: شرائطها و آدابها.(من الاقبال عليها، و المعرفه بها و التفرغ) عن الشواغل.(لها) لاهميتها، و روى القمى فى تفسير قوله تعالى: (و لقد آتينا لقمان الحكمه ان اشكر لله) عن ابى عبدالله (ع)، قال: اما و الله ما اوتى لقمان الحكمه بح سب و لا مال و لا اهل و لا بسط فى جسم و لا جمال، ولكنه كان رجلا قويا فى امر الله، متورعا فى الله ساكتا سكيتا عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستعبرا بالعبر، لم ينم نهارا قط، و لم يره احد من الناس على بول و لا غائط، و لا اغتسال لشده تستره و تحفظه فى امره، و لم يضحك من شى ء قط مخافه الاثم، و لم يغضب قط، و لم يمازح انسانا قط، و لم يفرح بشى ء من امر (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الدنيا اتاه، و لا حزن منها على شى ء قط، و قد نكح من النساء، و ولد له من الاولاد الكثير، و قدم اكثرهم افراطا، فما بكى على احد منهم، و لم يمر برجلين يختصمان او يقتتلان الا اصلح بينهما، و لم يمض عنهما حتى يتحاجزا، و لم يسمع قولا قط من احد استحسنه الا سال عن تفسيره، و عمن اخذه، و كان يكثر مجالسه الفقهاء و الحكماء، و كان يغشى القضاه و الملوك و السلاطين.فيرثى للقضاه بما ابتلوا به، و يرحم الملوك و السلاطين لغرتهم بالله، و اطمينانهم فى ذلك، و يعتبر ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان.فكان يداوى قلبه بالفكر، و يداوى نفسه بالعبر، و كان لا يظعن الا فى ما يعنيه فبذلك اوتى الحكمه، و منح العصمه.فان الله تعالى امر طوائف من الملائكه حين انتصف النهار، و هدات العيون بالقابله ان ينادوا لقمان حيث يسمع و لا يراهم: هل لك ان يجعلك الله خليفه فى الارض تحكم بين الناس؟ فقال: ان امرنى الله بذلك فالسمع و الطاعه، الا و ان فعل بى ذلك اعاننى عليه، و علمنى و عصمنى، و ان هو خيرنى قبلت العافيه.فقالت الملائكه: لم؟ قال: لان الحكم بين الناس باشد المنازل من الدين، و اكثر فتنا و بلاء، يخذل صاحبه، و لا يعذر، و يغشاه الظلمه من كل مكان، و صاحبه فيه بين امرين: ان اصاب فيه الحق فبالحرى ان يسلم، و ان اخطا اخطا طريق الجنه الى ان قال- فلما امسى و اخذ مضجعه من الليل انزل الله عليه الحكمه، فغشاه بها من قرنه الى قدمه و هو نائم فاستيقط و هو احكم الناس فى زمانه، فخرج على الناس ينطق بالحكمه و يبثها فيهم الى ان قال- و كان داود (ع) يقول له: طوبى لك يا لقمان اوتيت الحكمه، و صرف عنك البليه.قال: و اعطى داود الخلافه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و ابتلى بالحكم و الفتنه.(و هى) اى: الحكمه.(عند نفسه ضالته التى يطلبها) كما قالوا: الحكمه ضاله المومن.(و حاجته التى يسال عنها) و يكفى فى فضلها ان الله تعالى نقل حكم لقمان للناس فى كتابه.(فهو مغترب اذا اغترب الا سلام) لعل وجه ربطه بسابقه- ان لم يكن فى الكلام سقط- ان مقتضى لبسه للحكمه جنتها التى تحفظها من سلاح العدو، و اخذها بادابها ان (يغترب)، و يعتزل حيث اغترب الاسلام، و اعتزله الناس، لكن روى النعمانى فى (غيبته) عن ابى بصير قال: قلت لابى عبدالله (ع): اخبرنى عن قول اميرالمومنين (ع): ان الاسلام بدا غريبا و سيعود كما بدا فطوبى للغرباء فقال: يا ابامحمد اذا قام القائم (ع) استانف دعاء جديدا كما دعا رسول الله (ص).(و ضرب بعسيب ذنبه) و فى (الصحاح): عسيب الذنب: منبته من الجلد و العظم.ولكن فى (النهايه) للجزرى فى حديث على (ع) ذكر فتنه فقال: (اذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه).و اليعسوب السيد و الرئيس و المقدم، و اصله فحل النحل.اى: فارق اهل الفتنه، و ضرب فى الارض ذاهبا فى اهل دينه و اتباعه الذين يتبعونه على رايه و هم الاذناب.و قال الزمخشرى: الضرب (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بالذنب هاهنا مثل للاقامه و الثبات، يعنى: انه يثبت هو و من تبعه على الدين.قلت: الظاهر انه اشار الى كلامه فى (فائقه).و قال فى (اساسه) ايضا: و قال على (ع) فى فساد الزمان: (فاذا كان كذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه) و هو مستعار من يعسوب النحل و هو فحلها .قلت: و (تفسير الزمخشرى) يويده الجمله الاتيه بعده على ما ترى.(و الصق الارض بجرانه) و فى (الصحاح): جران البعير: مقدم عنقه من مذبحه الى منحره، و الجمع جرن، و كذلك من الفرس.و ضرب الارض بالجران كنايه عن التمكين.فمر فى فصل النبوه قوله (ع)- و كان سئل عن قول النبى (ص): (غيروا الشيب)-: انما قال (ص) ذلك و الدين قل، فاما الان و قد اتسع نطاقه، و ضرب بجرانه فامرو و ما اختار.و مر ايضا ما فى (الصحيفه الثالثه): اللهم و قد استحصد زرع الباطل، و بلغ نهيته، و استحكم عموده، و خذرف وليده، و وسق طريده، و ضرب بجرانه.و قال ابن ابى الحديد: معنى الكلام انه اذا صار الاسلام غريبا مقهورا، و صار الاسلام كالبعير البارك يضرب الارض بعسيبه- و هو اصل الذنب- و يلصق جرانه- و هو صدره- فى الارض فلا يكون له تصرف و لا نهوض.و هو كما ترى.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و كيف كان، فيمكن ان يكون الكلام اشاره الى غيبه المهدى.روى (الاكمال) عن عبدالله بن الفضل الهاشمى عن الصادق (ع) قال: ان لصاحب هذا الامر غيبه لابد منها يرتاب فيها كل مبطل.فقلت: و لم جعلت فداك؟ قال: لامر لم يوذن لنا فى كشفه لكم.قلت: فما وجه الحكمه فى غيبته؟ قال: وجه الحكمه ف ى غيبته: وجه الحكمه فى غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، ان وجه الحكمه فى ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمه فيما اتاه الخضر (ع) من خرق السفينه، و قتل الغلام، و اقامه الجدار لموسى (ع) الى وقت افتراقهما.(بقيه من بقايا حججه، و خليفه من خلائف انبيائه) روى ابن بابويه فى (اكماله) عن الوراق عن سعد بن عبدالله، عن احمد بن اسحاق الاشعرى، قال: دخلت على ابى محمد الحسن بن على (ع) و انا اريد ان اساله عن الخلف من بعده، فقال لى مبتدئا: يا احمد بن اسحاق ان الله تعالى لم يخل الارض منذ خلق آدم، و لا يخليها الى ان تقوم الساعه من حجه الله على خلقه، به يدفع الله البلاء عن اهل الارض، و به ينزل الغيث، و به تخرج بركات الارض.فقلت له: يابن رسول الله فمن الامام و الخلف بعدك؟ فنهض مسرعا فدخل البيت، ثم خرج و على عاتقه غلام كان وجهه القمر من ابناء ثلاث سنين.فقال: يا احمد لو لا كرامتك على الله عز و جل و على حججه ما عرضت عليك ابنى هذا، انه سمى رسول الله (ص)، و كنيه الذى يملا الارض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، يا احمد مثله فى هذه الامه مثل الخضر، و مثل ذى القرنين، و الله ليغيبن غيبه لا ينجو من الهلكه فيها الا من ثبعه الله عز و جل على القول بامامته، و وفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه.قال احمد: فقلت: يا مولاى فهل من علامه يطمئن اليها (الفصل السابع- فى الامامه العامه) قلبى؟ فنطق الغلام بلسان فصيح فقال: انا بقيه الله فى ارضه، و المنتقم من اعدائه، و لا تطلب يا احمد اثرا بعد عين.فخرجت فرحا، فلما كان من الغد عدت اليه، فقلت: يابن رسول الله لقد عظم سرورى بما مننت به على، فما السنه الجاريه فيه من الخضر و ذى القرنين؟ قال: طول الغيبه.قلت: و ان غيبته لتطول؟ قال: اى و ربى حتى يرجع عن هذا الامر اكثر القائلين به.هذا، و قال ابن ابى الحديد بعد نقل الفقره: (بقيه من بقايا حججه، و خليفه من خلائف انبيائه): فان قلت: اليس لفظ الحجه و لفظ الخليفه مشعرا بما تقوله الاماميه؟ قلت: لا، فان اهل التصوف يسمون صاحبهم حجه و خليفه، و كذلك الفلاسفه، و اصحابنا لا يمتنعون من اطلاق هذه الالفاظ على العلماء المومنين فى كل عصر، لانهم حجج الله، اى: اجماعهم حجه، و قد استخلفهم الله فى ارضه ليحكموا بحكمه، و على ما اخترناه نحن فالجواب ظاهر.قلت: اما المتصوفه و الفلاسفه و اصحابه المعتزله، فقد عرفت انهم و ان ادعوا ما ادعوا الا انهم لا بينه لهم، ان ما قالوا الا اسماء سموها.و اما الاماميه فانما استندوا الى المتواتر من قول النبى (ص) و اميرالمومنين (ع) و المعصومين من عترته عليهم السلام.و اما قوله: (ان المراد به القائم (ع) فى آخر الوقت اذا خلقه الله) فقد عرفت ايضاكونه خلاف المتواتر من قول اميرالمومنين من عدم خلو الارض من الحجه.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) هذا، و قوله (ع): (بقيه) و قوله: (خليفه) بدون تعريف نكته ان القائم (ع) كان امره مستورا حتى ادعت العامه- كما رايت من (ابن ابى الحديد)- عدم وجوده بعد، روى محمد بن بابويه عن ابن الوليد عن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن ايوب بن نوح- و كلهم اجله ثقات- قال: قلت للرضا (ع): انا لنرجو ان تكون صاحب هذا الامر، و ان يرده الله اليك من غير سيف، فقد بويع لك، و ضربت الدراهم باسمك.فقال: ما منا احد اختلفت اليه الكتب، و سئل عن المسائل و اشارت اليه الاصابع، و حملت اليه الاموال الا اغتيل او مات على فراشه، حتى يبعث الله عز و جل لهذا الامر رجلا خفى المولد و المنشا غير خفى فى نسبه.و روى مسندا عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنى قال: قلت لمحمد بن على بن موسى (ع): انى لارجو ان تكون القائم من اهل بيت محمد (ص)، الذى يملا الارض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فقال (ع): يا اباالقاسم ما منا الا و هو قائم بامر الله عز و جل و هاد الى دين الله، ولكن القائم الذى يطهر الله عز و جل به الارض من اهل الكفر و الجحود، و يملوها عدلا و قسطا هو الذى تخفى على الناس ولادته، و يغيب عنهم شخصه، و يحرم عليهم تسميته، و هو سمى رسول الله (ص) و كنيه، و هو الذى تطوى له الارض، و يذل له كل صعب، و يجتمع اليه اصحابه عده اهل بدر: ثلاثمائه و ثلاثه عشر رجلا من اقاصى الارض، و ذلك قول الله عز و جل: ( اينما تكونوا يات بكم الله جميعا ان الله على كل شى ء قدير)، فاذا اجتمعت له هذه العده من اهل الاخلاص اظهر الله امره، فاذا كمل له العقد- و هو عشره آلاف- رجل خرج باذن الله عز و جل، فلا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) يزال يقتل اعداء الله حتى يرضى الله عز و جل.قال عبدالعظيم: فقلت له: يا سيدى و كيف يعلم ان العه تعالى قد رضى؟ قال: يلقى فى قلبه الرحمه فاذا دخل المدينه اخرج اللات و العزى فاحرقهما.هذا، و فى باب (ما يهدى الى الكعبه من الكافى) عن ابى الحر عن الصادق (ع) فى من اوصى بجاريه هديا للبيت: ان الكعبه لا تاكل و لا تشرب ما اهدى لها فهو لزوارها بع الجاريه، و قم على الحجر، و ناد هل م نقطع به، و هل من محتاج من زوارها؟ فاذا اتوك فسل عنهم و اعطهم و اقسم فيهم عنها قال: فقلت له: ان بعض من سالته امرنى بدفعها الى بنى شيبه.فقال: اما ان قائمنا (ع) لو قد قام اخذهم قطع ايديهم، و طاف بهم، و قال: هولاء سراق الله.و فى (نوادر حجه): عن ابى بصير عنه (ع): ان القائم اذا قام رد البيت الحرام الى اساسه، و مسجد الرسول الى اساسه، و مسجد الكوفه الى اساسه.و فى آخر (هدايه الصدوق) باب نادر: قال الصادق (ع): ان الله عز و جل آخى بين الارواح فى الاظله قبل ان يخلق الاجساد بالفى عام، فاذا قام قائمنا - قائم اهل البيت- ورث الاخ الذى اخى بينهما فى الاظله، و لم يورث الاخ من الولاده.و فى (نوادر حج الفقيه) قال الصادق (ع): اول ما يظهر القائم (ع) من العدل ان ينادى مناديه ان يسلم اصحاب النافله لاصحاب الفريضه الحجر (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الاسود، و الطواف بالبيت.و روى (الكافى و الفقيه) عن ابان بن تغلب عن الصادق (ع)- و اللفظ للثانى- قال: دمان فى الاسلام حلال من الله تعالى، لا يقتضى فيهما احد حتى يبعث الله قائمنا اهل البيت (ع)، فاذا بعث الله عز و جل قائمنا حكم فيهما بحكم الله تعالى، الزانى المحصن يرجمه، و مانع الزكا ه يضرب عنقه).و فى الاول: حكم فيهما بحكم الله لا يريد عليهما بينه.و فى (فضل مساجد الفقيه): و قال ابوجعفر (ع): اول ما يبدا قائما (ع) سقوف المساجد، فيكسرها، و يامر بها فتجعل عريشا كعريش موسى (ع).(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ايها الناس! انى قد بثثت لكم المواعظ التى وعظ الانيياء بها اممهم) و ممن كان من الانبياء او مثل الانبياء لقمان الحكيم الذى ينقل الله تعالى مواعظه فى القرآن فى قوله جل و علا: (و اذ قال لقمان لابنه و هو يعظه يا بنى لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم و وصينا الانسان بوالديه حملته امه و منا على و هن و فصاله فى عامين ان اشكر لى و لوالديك الى المصير و ان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما فى الدنيا معروفا و تتبع سبيل من اناب الى ثم الى مرجعكم فاتبلكم بما كنتم تعملون يا بنى انها ان تك مثقال حبه من خردل فتكن فى صخره او فى السماوات او فى الارض يات بها الله ان ذلك من عزم الامور و لا تصعر خدك للناس و لا تمش (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فى الارض مرحا ان الله لا يحب كل مختال فخور و اقصد فى مشيك و اغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير).و ممن كان فى درجه الانبياء مومن آل فرعون و قد نقل الله مواعظه فى قوله جل ثناوه: (و قال رجل مومن من آل فرعون يكتم ايمانه اتقتل ون رجلا ان يقول ربى الله و قد جاءكم بالبينات من ربكم و ان يك كاذبا فعليه كذبه و ان ي ك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم ان الله لا يهدى من هو مسرف كذاب يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين فى الارض فمن ينصرنا من باس الله ان جاءنا قال فرعون ما اريكم الا ما ارى و ما اهديكم الا سبيل الرشاد و قال الذى آمن يا قوم انى اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب مثل داب قوم نوح و عاد و ثمود و الذين من بعدهم و ما الله يريد ظلما للعباد و يا قوم انى اخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم و من يضلل الله فماله من هاد و لقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فمازلتم فى شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان اتاهم كبر مقتا عند الله و عند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار- الى ان قال- و قال الذى آمن يا قوم اتبعون اهدكم سبيل الرشاد يا قوم انما هذه الحياه الدنيا متاع و ان الاخره هى دار القرار من عمل سيئه فلا يجزى الا مثلها و من عمل صالحا من ذكر او انثى و هو مومن فاولئك يدخلون الجنه يرزقون فيها بغير حساب و يا قوم ما لى ادعوكم الى النجاه و تدعوننى الى النار تدعوننى لاكفر بالله و اشرك به ما ليس لى به علم و انا ادعوكم الى ال عزيز الغفار لا جرم ان ما تدعوننى اليه ليس له دعوه فى الدنيا و لا فى آلاخره و ان مردنا الى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الله و ان المسرفين هم اصحاب النار فستذكرون ما اقول لكم و افوض امرى الى الله ان الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا و حاق بال فرعون سوء العذاب).(و اديت اليكم ما ادت الاوصياه الى من بعدهم) قال الرضا (ع): قال النبى (ص): خلق الله عز و جل مئه الف نبى و اربعه و عشرين الف نبى انا اكرمهم على الله و لا فخر، و خلق الله عز و جل مئه الف وصى، و اربعه و عشرين الف وصى فعلى اكرمهم على الله و افضلهم.و روى ابن المغازلى عن ابن بريده قال: قال النبى (ص): لكل نبى وصى و وارث و ان وصيى و وارثى على بن ابى طالب.و لكونه (ع) فعل فعل جميع الانبياء و الاوصياء فى وعظ الناس و دعوتهم الى الله تعالى، و ترغيبهم فى دارهم الاخره، قال النبى (ص) كما روى احمد ابن حنبل (من اراد ان ينظر الى آدم فى حلمه، و الى ابراهيم فى خلته، و الى يحيى فى زهده، و الى موسى فى بطشه- و فى خبر فى مناجاته- و الى ادريس فى تمامه و كماله و جماله.فلينظر الى هذا الرجل المقبل) فتطاول الناس.فاذا هم بعلى (ع) كانما ينقلب فى صبب، و ينحط من جبل .قال ابن ابى الحديد: الاوصياء الذين ياتمنهم الانبياء على الاسرار الالهيه و قد يمكن ان لا يكونوا خلفاء بمعنى الامره و الولايه.فان مرتبتهم (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) اعلى من مراتب الخلفاء.قلت: يمكن ان لا يكون للانبياء انفسهم امره و ولايه.فنوح و ابراهيم و موسى و عيسى، و هم من اولى العزم من الرسل لم يكن لهم امره و ولايه، و الامره و ان كانت حقهم الا ان جبابره عصرهم لم يدعوها، و نبينا (ص) و هو سيد الرسل لم تكن له قبل هجرته امره، و الملك امروراء النبوه و وراء و صايه النبوه، يوتيه الله من يشاء و ينزعه ممن يشاء، و اما النبوه و الوصايه، فامران من الله لا يجعلهما الا فى نفس كامله ملكوتيه، و لا يمكن انتزاعهما منهما، و المتقدمون على اميرالمومنين (ع) انما اخذوا منه سلطان النبى (ص) و حكومته دون و صايته و خلافته.فتعبير ابن ابى الحديد من مراتب الخلفاء غلط.(و ادبتكم بسوطى فلم تستقيموا و حدوتكم بالزواجر) من حدوت الابل اذا (فلم تستوسقوا) من استوسقت الابل اذا اجتمعت.روى (روضه الكافى) عن الاصبغ خطبه له (ع) لما طلب منه (ع) ولد ابى بكر و ابن عمر، و سعد بن ابى وقاص تفضيلهم فى العطاء على غيرهم و فى الخطبه: (و قد عاتبت كم بدرتى التى اعاتب بها اهلى.فلم تبالوا، و ضربتكم بسوطى الذى اقيم به حدود ربى، فلم ترعووا، و تريدون ان اضربكم بسيفى اما انى اعلم الذى تريدون، و يقيم اودكم، ولكن لا اشترى صلاحكم بفساد نفسى بل يسلط الله عليكم قوما، فينتقم لى منكم.فلا دنيا استمتعتم بها، و لا آخره صرتم اليها، فبعدا و سحقا لاصحاب السعير.(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و الشى ء بالشى ء يذكر، و قد رايت ان انقل بمناسبه كلامه (ع) هذا قصه المغيره بن شعبه مع حجر بن عدى.فانها شبيهه بالصوره مع كلامه (ع)، هذا و ان كانت فى المعنى بالعكس.ففى (الطبرى): ان معاويه لما ولى المغيره الكوفه فى سنه (41) قال له: قد اردت ايصاءك باشياء كثيره.فانا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضينى، و يسعد سلطانى، و لست تاركا ايصاءك بخصله و هى ان لا تتحم عن شتم على و ذمه، و الترحم على عثمان و الاستغفار له، و العيب على اصحاب على و الاقصاء لهم، و ترك الاستماع منهم، و باطراء شيعه عثمان، و الادناء لهم و الاستماع منهم.فقال له المغيره: قد جربت و جربت، و عملت قبلك لغيرك.فلم يذمم بى دفع، و لا رفع و لا وضع فستبلو.فاقام عاملا سبع سنين و اشهرا، و هو من احسن شى ء سيره، غير انه لا يدع ذم على (ع) و الوقوع فيه و العيب لقتل ه عثمان، و اللعن لهم، و الدعاء لعثمان بالرحمه و الاستغفار له، و التزكيه لاصحابه.فكان حجر بن عدى اذا سمع ذلك يقول: (بل اياكم ذمم الله و لعن) ثم يقوم فيقول: (ان الله عز و جل يقول: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله)) و انا اشهد ان من تذمون لاحق بالفضل، و ان من تزكون لاولى بالذم) فيقول له المغيره: (لقد رمى بسهمك يا حجر اذ كنت انا الوالى عليك اتق يا حجر ويحك غضب السلطان.فان غضبه احيانا مما يهلك امثالك) ثم يكف عنه.فلم يزل كذلك حتى كان فى آخر امارته قام المغيره فقال فى على و عثمان كما كان يقول، و كانت مقالته: (اللهم ارحم عثمان، و اجزه باحسن عمله.فانه عمل بكتابك، و سنه نبيك، و قتل مظلوما، و ارحم انصاره و الطالبين بدمه)- و يدعو على قتل ته، فقام حجر فنعر بالمغيره نعره سمعها من كان خارجا من المسجد.و قال: (انك لا تدرى بمن تولع من هرمك.اصبحت مولعا بذم اميرالمومنين، و تقريظ المجرمين) فنزل المغيره (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فقالوا له: (علام تترك هذا الرجل يقول هذه المقاله، و ان ذلك ان بلغ معاويه كان اسخط) فقال لهم المغيره: (انى قد قتل ته.انه سياتى امير بعدى فيحسبه مثلى فيصن ع به شبيها بما ترونه يصنع بى.قياخذه عند اول وهله فيقتل ه شر قتل ه انه قد اقترب اجلى، و لا احب ان ابتدى اهل هذا المصر بقتل خيارهم فيسعدوا بذلك و اشقى، و يعز فى الذنيا معاويه، و يذل يوم القيامه المغيره) ثم ذكر الطبرى موت المغيره سنه (51) و ولايه زياد و عمله مع حجر بما هو مذكور فى التاريخ.(لله انتم اتتوقعون اماما غيرى يطا بكم الطريق، و يرشدكم السبيل) و قد قال النبى (ص) فيه: (الحق يدور مع على حيثما دار).و فى (بلاغات نساء البغدادى)- فى وفود ام الخير البارقيه على معاويه- فقال معاويه لاصحابه: ايكم يحفظ كلامها فى صفين؟ فقال احدهم: انا احفظه مثل سوره الحمد.كانى بها و هى كالفحل يهدر فى شقشقته تقول: (ايها الناس! ان الله قد اوضح الحق، و نور السبيل.فلم يدعكم فى عمياء مبهمه، و لا سوداء مدلهمه.الى اين تريدون.افرارا عن اميرالمومنين؟ ام رغبه عن الاسلام؟ ام ارتدادا عن الحق.هلموا الى الامام العادل.و الوصى الوفى، و الصديق الاكبر، فالى اين تريدون عن ابن عم رسول الله، و زوج ابنته، و ابى ابنيه.الذى خلق من طينته، و تفرع من نبعته.الذى خصه بسره، و جعله باب مدينته، و ابان ببغضه المنافقين، صلى و الناس مشركون، و اطاع و الناس م رتابون.حتى قتل مبارزى بدر، و افنى اهل احد، و فرق جمع هوازن.فيالها من وقائع زرعت فى قلوب قوم نفاقا ورده و شقاقا.اقول: قال ابن ابى الحديد: هذه الخطبه آخر خطبه خطب (ع) بها قائما.قلت: ان وجد فى ذلك خبرا، و الا فالمحقق كونه قرب شهادته (ع) باسبوع.ففى ذيلها (قال نوف: و عقد للحسين (ع) فى عشره آلاف- الى ان قال- و هو يريد الرجعه الى صفين، فما دارت الجمعه حتى ضربه الملعون) (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) و اما كونها اخيرها فغير معلوم.(الا انه قد ادبر من الدنيا) بغلبه اهل الجور.(ما كان مقبلا) بكون الامر فى يدى اهل الحق، زمن النبى (ص).(و اقبل منها ما كان مدبرا) بتصدى اهل الباطل للامر بعد النبى (ص) لا سيما فى زمن عثمان، لخلوص الامر لبنى اميه، كما صرح به ابوسفيان.(و ازمع) اى: عزم.و الاصح قول الكسائى من عدم تعديه بعلى، دون قول الفراء بجوازه، فلم نقف الا على تعديته بنفسه، ككلامه (ع) هنا، و قول عنتره: ان كنت ازمعت الفراق فانما و قول الاعشى: ازمعت من آل ليلى ابتكارا و من الغريب ان ابن دريد اتى بالتناقض هنا، فقال اولا: ازمع فلان كذا و كذا: اذا عزم عليه، و لا يكادون يقولون: ازمع على كذا و كذا.و قال ثانيا: و لا تكاد العرب تقول: الا ازمعت على ذلك.(الترحال) اى: الارتحال.(عباد الله الاخيار، و باعوا قليلا من الدنيا) فكل شريف او وضيع لا يمتع من الدنيا الا قليلا.(لا يبقى، بكثير من الاخره) فمن كان ادنى اهل الاخره ثوابا، كان له من النعمه سبعين ضعفا من نعيم الدنيا، من اولها الى آخرها.(لا فقنى) اخذ كلامه (ع) من اوله الى هنا سليمان بن صرد الخزاعى، لما اراد الطلب بدم الحسين (ع)، فكتب الى سعد بن حذيفه اليمانى بالمدائن: ان الدنيا دار قد ادبر منها ما كان معروفا، و اقبل منها ما كان منكرا، و اصبحت (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) قد تشنات الى ذوى الالباب، و ازمع الترحال منها عباد الله الاخيار و باعوا قليلا من الدنيا لا يبقى بجزيل مثوبه عند الله لا يفنى.و نظير كلامه (ع) كلام ابنه الحسين (ع) فى خطبته اصحابه بذى حسم، حين وصل الحر مع الف فارس من قبل ابن زياد اليه، ففى (الطبرى): قام (ع) فحمد الله و اثنى عليه، ثم قال لاصحابه: انه قد نزل من الامر ما قد ترون، و ان الدنيا قد تغيرت و تنكرت، و ادبر معروفها و استمرت حذاء فلم يبق منها الا صبابه كصبابه الاناء، و خسيس عيش كالمرعى الوبيل، الا ترون ان الحق لا يعمل به، و ان الباطل لا يتناهى عنه؟ ليرغب المومن فى لقاء الله محقا، فانى لا ارى الموت الا شهاده، و لا الحياه مع الظالمين الا برما.فقام زهير بن القين البجلى فقال لاصحابه: تكلمون ام اتكلم؟ قالوا: بل تتكلم.فقال له: قد سمعنا يابن رسول الله مقالتك، و الله لو كانت الدنيا لنا باقيه، و كنا فيها مخلدين الا ان فراقها فى نصرك و مواساتك، لاثرنا الخروج معك على الاقامه فيها.فدعا له الحسين (ع)، و اقبل الحر يسايره و هو يقول له: يا حسين انى اذكرك الله فى نفسك، فانى اشهد لئن قاتلت لتقتلن.فقال (ع) له: افباالموت تخوفنى؟ و هل يعدو بكم الخطب الا ان تقتلونى؟ اقول لك ما قال اخو الاوس لابن عمه- لما لقيه و هو يريد نصره النبى (ص)، و قال له اين تذهب؟ فانك مقتول-: سامضى و ما بالموت عار على الفتى اذا ما نوى حقا و جاهد مسلما و آسى الرجال الصالحين بنفسه و فارق مثبورا يغش و يرغما (ما ضر اخواننا الذين سفكت دماوهم و هم) هكذا فى (المصريه) و الكلمه (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) زائده، لعدم وجودها فى (ابن ميثم) و (ابن ابى الحديد)، و لان المعنى معها غير مستقيم.(بصفين) فى (صفين نصر): اصيب بصفين من اهل الشام خمسه و اربعون الفا، و من اهل العراق خمسه و عشرون الفا.و فى (مروج المسعودى): كانت عده ا لوقائع بين اهل العراق و الشام سبعين وقعه، و قد تنوع فى مقدار من قتل بها من الفريقين، فعن يحيى بن معين: قتل منهما مائه الف و عشره آلاف، فى مائه يوم و عشره ايام، تسعون الفا من اهل الشام، و عشرون الفا من اهل العراق.و اما الهيثم بن عدى الطائى و الشرقى بن القطامى و ابومخنف لوط بن يحيى فذكروا: ان جمله من قتل منهما سبعون الفا خمسه و اربعون من اهل الشام، و خمسه و عشرون الفا من اهل العراق، فيهم خمسه و عشرون بدريا.و العد كان يقع بالقضيب، و الاحصاء للقتلى فى كل وقعه.و تحصيل هذا يتقاوت، لان فيهم من لا يعرف، و من غرق، و من قتل فاكله السباع.(الا يكونوا اليوم احياء يسيغون) من: ساغ الشراب، اى: سهل مدخله فى الحلق.قال الجوهرى: يتعدى و لا يتعدى، و الاجود فى المتعدى اساغ، قال تعالى: (يتجرعه و لا يكاد يسيغه).(الغصص)- بالفتح- مصدر غص بالطعام، او- بالضم- جمع الغصه.(و يشربون الرنق) اى: المكدر، قال ابن الرومى.(الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) قد قلت اذ مدحوا الحياه فاكثروا للموت الف فضيله لاتعرف فيها امان لقائه بلقائه و فراق كل معاشر لاينصف (قد و الله لقوا الله فوفاهم اجورهم، و احلهم دار ا لامن من بعد خوفهم) فى (صفين نصر): قال عتبه بن جويريه يوم صفين: الا ان مرعى الدنيا قد اصبح شجرها هشيما، و اصبح زرعها حصيدا، و جديدها سملا، و حلوها مرا.الا و انى انبئكم نبا امرى صادق: انى سئمت الدنيا، و عزفت نفسى عنها، و قد كنت اتمنى الشهاده و اتعرض لها فى كل حين، فابى الله الا ان يبلغنى هذا اليوم، الا و انى متعرض ساعتى هذه لها، و قد طمعت الا احرمها.فما تنظرون عباد الله جهاد الله، اتستبدلون الدنيا بالنظر الى وجه الله عزوجل، و مرافقه النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين فى دار القرار؟ ما هذا بالراى السديد.ثم قال لاخوته: انى قد بعت هذه الدار بالتى امامها، و هذا وجهى اليها.فتبعه اخواه عبيدالله و عوف ابنا مالك، و قالا: لا نطلب رزق الدنيا بعدك، قبح الله العيش بعدك، اللهم انا نحتسب انفسنا عندك.ثم استقدموا فقاتلوا، حتى قتلوا.و فيه: قال ابوعرفاء جبله بن عطيه الذهلى فى صفين للحضين بن المنذر: هل لك ان تعطينى رايتك احملها، فيكون لك ذكرها و يكون لى اجرها، اعيرها عنك ساعه فما اسرع ما ترجع اليك؟ فعلم انه يريد ان يستقتل، فقال: فما شئت.فاخذ ابوعرفاء الرايه، فقال: يا اهل هذه الرايه، ان عمل الجنه كره كله، و ان عمل النا ر خف كله، و ان الجنه لا يدخلها الا الصابرون الذين صبروا انفسهم على فرائض الله و امره، و ليس شى ء مما افترض الله على العباد اشد من الجهاد، و هو افضل الاعمال ثوابا، فاذا رايتمونى قد شددت فشدوا، (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) ويحكم! اما تشتاقون الى الجنه؟ اما تحبون ان يغفر الله لكم؟ فشد و شدوا معه، حتى قتل.و فى (الطبرى): قاتلت النخع فى صفين قتالا شديدا فاصيب منهم يومئذ بكر بن هوذه، و حيان بن هوذه، و شعيابن نعيم من بنى بكر النخع، و ربيعه بن مالك، و ابى بن قيس اخو علقمه الفقيه، و قطعت رجل علقمه يومئذ، فكان يقول: ما احب ان رجلى اصح ما كانت، و انها لمما ارجو به حسن الثواب من ربى عزوجل، و لقد كنت احب ان ارى فى نومى اخى او بعض اخوانى، فرايت اخى فقلت: ماذا قدمتم عليه؟ فقال: التقينا نحن و القوم فاحتججنا عند الله عزوجل، فحججناهم.فما سررت منذ عقلت مثل سرورى بتلك الرويا.هذا، و اخذ كلامه (ع) من قوله: (ما ضر اخواننا الذين سفكت دماوهم بصفين) الى هنا سليمان بن صرد الخزاعى ايضا، فكتب الى سعد بن حذيفه ايضا: ما ضر اهل عذراء- يعنى حجرا و اصحابه- الذين قتلوا الا يكونوا اليوم احياء، و هم عند ربهم يرزقو ن، شهداء قد لقوا الله صابرين محتسبين، فاثابهم ثواب الصابرين؟ و ما ضر اخوانكم المقتلين صبرا، المصلبين ظلما، و الممثول بهم، المعتدى عليهم الا يكونوا احياء مبتلين بخطاياكم، قد خير لهم فلقوا ربهم و وفاهم اجرهم؟ (اين اخوانى الذين ركبوا الطريق) اى: طريق الله عزوجل.(و مضوا على الحق) كما امرهم سبحانه (و ان هذا صراطى مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله..).(الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) فى (الطبرى): قال ابو عبدالرحمن السلمى: رايت عمارا لا ياخذ واديا من اوديه صفين الا تبعه من كان هناك من اصحاب محمد(ص)، و رايته جاء الى هاشم بن عتبه المرقال صاحب رايه على (ع)، فقال: يا هاشم اعورا وجبنا؟ لا خير فى اعور لا يغشى الباس، اركب يا هاشم.فركب هاشم و مضى و هو يقول: اعور يبغى اهله محلا قد عالج الحياه حتى ملا لابد ان يفل او يفلا و فى (الاستيعاب): قال عبدالرحمن بن ابزى: شهدنا مع على (ع) صفين ممن بايع بيعه الرضوان، فقتل منا ثلاثه و ستون، منهم عمار.(ابن عمار) فى (ذيل الطبرى): عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانه بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبه بن عوف بن حارثه بن عامر الاكبر بن يام ابن عنس.قدم ابوه من اليمن الى مكه فى طلب اخ له، فاقام و حالف اباحذيفه بن المغيره المخزومى، فزوجه ابوحذيفه امه له يقال لها: سميه بنت خباط، فولدت له عمارا، فاعتقه ابوحذيفه و لم يزل هو و ابوه مع ابى حذيفه الى ان جاء الله بالاسلام، فاسلم هو و ابوه و امه.هذا، و فى (الاستيعاب): قال ابن قتيبه: خلف على ام عمار بعد ياسر، الازرق و كان غلاما روميا للحارث بن كلده، فولدت له سلمه بن الازرق، فهو اخو عمار لامه.و هذا غلط فاحش من ابن قتيبه، و انما خلف الازرق على سميه ام زياد، زوجه مولاه الحارث بن كلده منها، لانه كان مولى لهما، فسلمه (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) الازرق اخو زياد لامه لا اخو عمار، و ليس بين سميه ام عمار و سميه ام زياد نسب و لا سبب.قلت: لم يتفرد بما قال من تزوج الازرق بسميه ام عمار، و كون سلمه بن الازرق اخا عمار لامه ابن قتيبه فقط، بل قال به قبله البلادرى فى (نسبه) ، و بعده الطبرى فى (ذيله).و التحقيق: ان الازرق تزوج بام عمار قبل ياسر ابيه، كما صرح به البلاذرى، و توهم ابن قتيبه و الطبرى فى العكس، فام عمار لم تفارق اباه حتى قتلت معه، ففى (البلاذرى): (كان عمار و ابوه و امه و اخو ه عبدالله يعذبون فى الله، فمر بهم النبى (ص) فقال: صبرا آل ياسر فان موعدكم الجنه.فمات ياسر فى العذاب، و اغلظت سميه لابى جهل، فطعنها فى قلبها فماتت..) كتوهم صاحب (الاستيعاب) فى كون سلمه بن الازرق اخا زياد لامه، فلم يقل ذلك احد، و انما كان لزياد اخوان من امه: نافع و ابوبكره.و فى (الطبرى): هاجر- فى قول جميع اهل السير- الى ارض الحبشه الهجره الثانيه، و قالوا جميعا: شهد بدرا و احدا و الخندق و المشاهد، و آخى النبى (ص) بينه و بين حذيفه.و فى (الحليه): لقى على (ع) رجلين خرجا من الحمام متدهنين، فقال: من انتما؟ قالا: من المهاجرين.قال: كذبتما، انما المهاجر عمار.و فى (موفقيات الزبير بن بكار): عن ابن عباس قال عثمان لعمار: اما و الله انك ما علمت من اعوان الشر الحاضين عليه، الخذله عند الخير و المثبطين.فقال عمار: مهلا يا عثمان فقد سمعت النبى (ص) يصفنى بغير ذلك.قال عثمان: و متى؟ قال: يوم دخلت عليه منصرفه من الجمعه و ليس عنده غيرك، و قد القى ثيابه و قعد فى فضله، فقبلت صدره و نحره و جبهته، فقال: يا (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) عمار انك لتحبنا و انا لنحبك، و انك من الاعوان على الخير المثبطين ع ن الشر.فقال عثمان: اجل، ولكنك غيرت و بدلت.فرفع عمار يده يدعو، و قال: امن يابن عباس.فقال: اللهم من غير فغير به.قاله ثلاث مرات.و فى (الاستيعاب): و نقله ابن ابى الحديد ايضا: و للحلف و الولاء الذى بين مخزوم و بين عمار و ابيه كان اجتماع مخزوم الى عثمان، حين نال غلمان عثمان من عمار ما نالوا من الضر، حتى انفتق له فتق فى بطنه، و زعموا انهم كسروا ضلعا من اضلاعه، فقالوا: و الله لئن مات عمار، لا قتلنا به احدا غير عثمان.و فيه: عن ابن عباس: نزل قوله تعالى (او من كان ميتا فاحييناه و جعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها.)فى عمار و ابى جهل.و اجمع اهل التفسير انه نزل فى عمار قوله تعالى (الا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان) لما عذب فى الله فاعطاهم ما ارادوا بلسانه.و هاجر الى الحبشه و صلى القبلتين.قلت: و ربط جعل ابى جهل فى قباله، لكون ابى جهل، من مخزوم و عمار كان حليف مخزوم.و فى (كامل الجزرى): قال عمار لعايشه بعد الجمل: ما ابعد هذا المسير من العهد الذى عهد اليك.فقالت عايشه: و الله انك ما علمت لقوال بالحق.قال: الحمد لله الذى قضى لى على لسانك.(الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاس طين و ما يتعلق بصفين) و فى (الاستيعاب): فى اسنادين عن عايشه: ما من احد من اصحاب النبى (ص) ان اشا ان اقول فيه قلت الا عمارا، فانى سمعت النبى (ص) يقول: عمار حشى ما بين اخمص قدميه الى شحمه اذنيه ايمانا.و فيه: و من حديث خالد بن الوليد: قال النبى (ص): من ابغض عمارا ابغضه الله.قال خالد: فما زلت احبه من يومئذ.و عن انس قال النبى (ص): اشتاقت الجنه الى على و عمار و سلمان و بلال.و من حديث على (ع): جاء عمار يستاذن على النبى (ص) فعرف صوته، فقال: مرحبا بالطيب المطيب ايذنوا له.و رواه نصر: (مرحبا بالطيب ابن الطيب).و فى (الاستيعاب): كان يوم صفين، اصحاب محمد (ص) يتبعونه كانه علم لهم، و يقول: نحن ضربناكم على تنزيله فاليوم نضربكم على تاويله ضربا يزيل الهام عن مقيله و يذهل الخليل عن خليله و فى (كامل الجزرى): قيل: ان اباالغاديه عاش الى زمن الحجاح، فدخل عليه فاكرمه و قال له: انت قتلت ابن سميه؟ قال: نعم.قال: من سره ان ينظر الى عظيم الباع يوم القيامه فلينظر الى هذا الذى قتل ابن سميه.ثم ساله حاجته، فلم يجبه اليها، فقال: نوطى لهم الدنيا، و لا يعطوننا منها، و يزعم انى (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) عظيم الباع يوم القيامه.فقال الحجاج: اجل و الله، من كان ضرسه مثل احد، و فخذه مثل جبل و رقان، و مجلسه مثل المدينه و الربذه، انه لعظيم الباع يوم القيامه، و الله لو ان عمارا قتله اهل الارض لدخلوا كلهم النار.و فى (الاستيعاب): كان ابوالغاديه اذا استاذن على معاويه و غيره، قال: قاتل عمار بالباب.و كان يصف قتله اذا سئل عنه لا يباليه، و فى قصته عجب عند اهل العلم: روى عن النبى (ص) قوله فى عمار، ثم قتله.و فى (معارف ابن قتيبه): عن الزيادى عن عبد الوارث عن زمعه بن كلثوم عن ابيه عن ابى الغاديه قال سمعت النبى (ص) يقول: الا لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، فان الحق يومئذ لمع عمار.قال ابوالغاديه: و سمعت عمارا يذكر عثمان فى المسجد، قال يدعى فينا جبانا، و يقول: ان نعثلا هذا يفعل و يفعل.يعيبه فلو وجدت يومئذ ثلاثه اعوان، لو طئته حتى اقتله، فبينما انا بصفين اذا انا به فى اول الكتيبه، فطعنه رجل فى كتفه، فانكشف المغفر عن راسه، فضربت راسه، فاذا راس عمار قد ندر.قال زمعه: قال ابى: فما رايت شيخا اضل منه، يروى انه سمع النبى (ص) يقول ما قال، ثم ضرب عنق عمار.قلت: بل العجب من جميع اخواننا، كيف يقولون بامامه عثمان مع ا ن عمارا كان يكفره و يجعله مباح الدم؟ فلما قال له عمرو بن العاص: اعلى قتل عثمان؟ قال: بل الله رب على قتله.قال: اكنت ممن قتله؟ قال: كنت معهم، و انا اليوم اقاتل معهم.قال: لم قتلتموه؟ قال: اراد ان يغير ديننا فقتلناه.و فى (الطبرى): قال عمار يوم صفين: اقصدوا بنا نحو هولاء الذين يبغون دم ابن عفان، و يزعمون انه قتل مظلوما.(الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) و فى (الطبرى): قال حبه العرنى: انطلقت انا و ابومسعود الى حذيفه بالمدائن، و قلنا: حدثنا فانا نخاف الفتن.فقال: عليكما بالفئه التى فيها ابن سميه، انى سمعت النبى (ص) يقول: تقتله الفئه الباغيه الناكبه عن الطريق، و ان آخر رزقه ضياح من لبن.قال حبه: فشهدته يوم صفين و هو يقول: ايتونى باخر رزق من الدنيا.فاتى بضياح من لبن فى قدح اروح، له حلقه حمراء، فما اخطا حذيفه مقياس شعره.فقال عمار: اليوم القى الاحبه محمدا و حزبه و الله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر، لعلمنا انا على الحق و انهم على الباطل.و جعل يقول: الموت تحت الاسل، و الجنه تحت البارقه.و فى (ذيل الطبرى): روى الواقدى عن لولوه مولاه ام الحكم بنت عمار، قالت: لما كان اليوم الذى قتل فيه عمار، و الرايه يحملها هاشم بن عتبه، و قد قتل اصحاب على (ع) ذلك اليوم حتى كانت العصر، ثم تقرب عمار من وراء هاشم يقدمه، و قد جنحت الشمس للغروب، و مع عمار ضياح من لبن ينتطر وجوب الشمس ان يفطر، فقال حين وجبت الشمس و شرب الضيح: سمعت النبى (ص) يقول: (آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن) ثم اقترب فقاتل حتى قتل، و هو ابن اربع و تسعين سنه.و روى عن عماره بن خزيمه بن ثابت قال: طعن ابوغاديه المزنى عمارا برمح فسقط، فلما وقع اكب عليه رجل آخر فاحتز راسه، فاقبلا يختصمان فيه، كلاهما يقول: انا قتلته.فقال عمرو بن العاص: و الله، ان يختصمان الا فى النار.فسمعها منه معاويه، فلما انصرف الرجلان قال (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) معاويه لعمرو: ما رايت مثل ما صنعت، قوم بذلوا انفسهم دوننا، تقول لهما: انكما تختصمان فى النار! فقال عمرو: هو و الله ذاك، و الله انك لتعلمه، و لوددت انى مت قبل هذا بعشرين سنه.و عن ابى مخنف قال: ان عمارا لم يزل بهاشم بن عتبه- و معه اللواء- حتى حمل، فنهض عمار فى كتيبه، و نهض اليه ذو الكلاع فى كتيبه، فاقتتلوا فقتلا جميعا، و استوصلت الكتيبتان، و حمل على عمار حوى السكسكى و ابوغاديه المز نى فقتلاه، فقيل لابى الغاديه: كيف قتلته؟ قال: لما دلف الينا فى كتيبه، و دلفنا اليه نادى: هل من مبارز؟ فبرز اليه رجل من السكاسك، فاضطربا بسيفيهما فقتل عمار السكسكى، ثم نادى: هل من مبارز؟ فبرز اليه رجل من حمير، فاضطربا بسيفيهما فقتل عمار الحميرى، و اثخنه الحميرى و نادى: من يبارز؟ فبرزت فاختلفنا ضربتين- و كانت يده ضعفت- فانتجيت عليه بضربه اخرى، فسقط فضربته بسيفى حتى برد، و نادى الناس: قتلت ابااليقظان قتلك الله.فقلت: اذهب اليك، فو الله ما ابالى من كنت.و ما اعرفه يومئذ، فقال له محمد بن المنتشر: يا اباالغاديه خصمك يوم القيمه مازندر- يعنى: ضخم- فضحك.و فى (الطبرى): قال ابو عبدالرحمن السلمى: لما قتل عمار و كان الليل قلت: لادخلن اليهم حتى اعلم هل بلغ منهم قتل عمار ما بلغ منا؟ و كنا اذا توادعنا من القتال تحدثوا الينا و تحدثنا اليهم، فركبت فرسى و قد هدا الليل، ثم دخلت فاذا انا باربعه يتسايرون: معاويه و ابوالاعور و عمرو بن العاص و ابنه عبدالله، فادخلت فرسى بينهم مخافه ان يفوتنى ما يقول احد الشقين، (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) فقال عبدالله لابيه: يا ابه قتلتم هذا الرجل فى يومكم هذا، و قد قا ل فيه النبى (ص) ما قال؟ قال: و ما قال؟ قال: الم تكن معنا و نحن نبنى المسجد، و الناس ينقلون حجرا حجرا، و لبنه لبنه، و عمار ينقل حجرين حجرين و لبنتين لبنتين، فغشى عليه فاتاه النبى (ص)، فجعل يمسح التراب عن وجهه، و يقول: (ويحك يابن سميه! الناس ينقلون لبنه لبنه و انت تنقل لبنتين لبنتين رغبه منك فى الاجر، و انت ويحك مع ذلك تقتلك الفئه الباغيه) فدفع عمرو صدر فرسه، ثم جذب معاويه اليه، فقال: يا معاويه الم تسمع ما يقول عبدالله؟ قال: و ما يقول؟ فاخبره، فقال معاويه: انك شيخ اخرق، و لا تزال تحدث بالحديث و انت تدحض فى بولك، او نحن قتلنا عمارا؟!انما قتل عمارا من جاء به.فخرج الناس من فساطيطهم و اخبيتهم يقولون: انما قتل عمارا من جاء به.فلا ادرى من كان اعجب، هو او هم؟! و فى (صفين نصر): كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول: قال النبى (ص) لعمار: تقتلك الفئه الباغيه، و آخر شربه تشربها ضياح من لبن.فكان ذو الكلاع يقول لعمرو: ما هذا ويحك؟ فيقول عمرو: انه سيرجع الينا.فقتل ذو الكلاع قبل عمار، فقال عمرو بعد قتل عمار لمعاويه: ما ادرى بقتل ايهما اشد فرحابقتل عمار، او بقتل ذى الكلاع، و الله لو بقى ذو الكلاع بعد قتل عمار، لمال بعامه اه ل الشام الى على.و فيه.عن السدى عن يعقوب بن الاوسط قال: احتج رجلان بصفين فى سلب عمار و فى قتله، فاتيا عبدالله بن عمرو بن العاص، فقال لهما: ويحكما! اخرجا عنى، فان النبى (ص) قال: (ولعت قريش بعمار، مالهم و لعمار؟ (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) يدعوهم الى الجنه و يدعونه الى النار، قاتله و سالبه فى النار) قال السدى: فبلغنى ان معاويه قال: انما قتله من اخرجه.يخدع بذلك طغام امل الشام.(و اين ابن التيهان) قال ابن ابى الحديد: هو مالك بن عتيك الانصارى.قلت: بل مالك بن التيهان بن مالك، كما فى اسماء (الاستيعاب): و قال البلاذرى فى (انسابه) ولده يقولون: ابن التيهان بن مالك بن عتيك.و اما قول (الاستيعاب) فى كناه: (و التيهان اسمه مالك بن عمرو) فغلط لكونه خلاف قوله فى اسمائه، و لانه روى فى كناه بعد عن ابى نعيم) ، قال: (و التيهان اسمه عمرو بن الحارث).و ان كان خلاف قوله فى اسمائه ايضا.و كيف كان، فروى (الاستيعاب) عن صالح بن الوجيه، و عن ابى نعيم قتله بصفين، و يشهد له كلامه (ع)، فالاقوال الاخر فى موته فى زمان النبى (ص)، و فى سنه (20) و فى سنه (21) لا عبره بها.هذا و فى (اشتقاق ابن دريد): شهد ابن الت يهان العقبه و بدرا و كان نقيبا.و التيهان فيعلان من تاه يتيه.و فى (كامل المبرد): يقال لابى الهيثم الانصارى: ذو السيفين، لانه كان يتقلد سيفين فى الحرب.و روى (عيون ابن بابويه): ان فى جمله ما كتب الرضا (ع) للمامون (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) من شرايع الاسلام: الولايه لاميرالمومنين (ع) و الذين مضوا على منهاج نبيهم، و لم يغيروا و لم يبدلوا، مثل سلمان الفارسى، و ابى ذر الغفارى، و المقداد، و عمار، و حذيفه، وابى الهيثم بن التيهان.و مما يحقق قتله فى صفين ما رواه نصر بن مزاحم فى (صفينه) ان امينه الانصاريه راته و قالت: منع اليوم ان اذوق رقادا مالك اذ مضى و كان عمادا يا اباالهيثم بن تيهان انى صرت للهم معدنا و وسادا اذ غدا الفاسق الكفور عليهم انه كان مثلها معتادا اصبحوا مثل من ثوى يوم احد يرحم الله تلكم الاجسادا (و اين ذو الشهادتين) و اسمه خزيمه بن ثابت.و سمى ذو الشهادتين لما رواه البلاذرى عن الواقدى قال: قال محمد بن يحيى بن سهل: ابتاع النبى (ص) فرسه المرتجز من اعرابى من بنى مره، فراى الاعرابى فيه رغبه، فجحد ان يكون باعه اياه، فشهد له على ابتياعه هذا الفرس خزيمه بن ثابت الانصارى- و لم يكن شاهدا شراءه- فقال له النبى (ص): كيف شهدت و لم تحضر؟ قال: بتصديقى اياك، و ان قولك كالمعاينه.قال: انت ذو الشهادتين.فسمى ذا الشهادتين.و وقع فى خبر (عيون) المتقدم كابن التيهان.قال ابن ابى الحديد: روى حديث مقتله بصفين من وجوه كثيره عن ولد ولده محمد بن عماره بن خزيمه، و من غريب ما وقفت عليه من العصبيه القبيحه ان اباحيان التوحيدى قال فى (بصائره): ان خزيمه بن ثابت المقتول بصفين ليس ذا الشهادتين، بل آخر صحابى من الانصار، فان كتب الحديث (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) و النسب تنطق انه: لم يكن فى الصحابه خزيمه بن ثابت غيره، و انما الهواء لا دواء له.على ان الطبرى سبق اباحيان، و من كتابه نقل ابوحيان، ثم اى حاجه لناصرى اميرالمومنين (ع) ان يتكثروا بخزيمه، و ابن الهيثم، و غيرهم لو انصفوه؟.قلت: الطبرى قال ذلك فى (الجمل) فى رواياته عن سيف التى كلها مفتعله، الا انه فى (ذيله) قال بعد رفع نسبه الى اوس: و هو ذو الشهادتين يكنى اباعماره، شهد صفين و قتل يومئذ سنه (37).(و اين نظراوم من اخوانهم الذين تعاقدوا) اى: تعاهدوا.(على المنيه) اى: الموت.منهم هاشم المرقال، و اصحابه.و ف ى (صفين نصر): لما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعا شديدا، و اصيب معه عصابه من القراء من اسلم، فمر عليهم على (ع) و هم قتلى حوله، فقال: جزى الله خيرا عصبه اسلميه صباح الوجوه صرعوا حول هاشم يزيد و عبدالله بشر و معبد و سفيان و ابنا هاشم ذى المكارم و عروه لا يبعد ثناه و ذكره اذا اخترطلت يوما خفاف الصوارم و روى، عن عبد خير الهمدانى قال: قال هاشم: ايها الناس الى رجل ضخم فلا يهولنكم مسقطى ان انا سقطت، فانه لا يفرغ منى اقل من نحر جزور.ثم حمل فصرع، فمر عليه رجل و هو صريع بين القتلى، فقال له: اقرى اميرالمومنين السلام و رحمه الله، و قل له: انشدك بالله الا اصبحت و قد ربطت مقاود خيلك بارجل القتلى، فان الدبره تصبح عندك لمن غلب على القتلى.(الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) فاخبر الرجل عليا (ع) بذلك، فسار على (ع) فى بعض الليل، حتى جعل القتلى خلف ظهره، و كانت الدبره له عليهم.و روى، عن ابى سلمه:ان هاشم بن عتبه دعا الناس، فقال: الا من كان يريد الله و الدار الاخره فليقبل.فاقبل اليه ناس، فشد فى عصابه من اصحابه على اهل الشام مرارا، فليس يحمل من وجه عليهم الا صبروا له، و قوتل فيه قتالا شديدا، فقال لاصحابه: لا يهولنكم ما ترون، فو الله ما ترون الا حميه العرب و صبرها تحت راياتها و عند مراكزها، و انهم لعلى الضلال و انكم لعلى الحق، يا قوم اصبروا و صابروا، و اجتمعوا و امشوا بنا على توده رويدا، ثم تاسوا و تصابروا، و اذكروا الله، و لا يسلم رجل اخاه، و لا تكثروا الالتفات، و جالدوهم محتسبين (حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين) اذ خر عليهم فتى شاب الى ان قال فقال له هاشم: و ما انت و ابن عفان؟ انما قتله اصحاب محمد (ص) و قراء الناس، حين احدث احداثا و خالف حكم الكتاب، و اصحاب محمد هم اصحاب الدين و اولى بالنظر فى امور المسلمين الى ان قال و قاتل هاشم و اصحابه قتالا شديدا حتى اتت كتيبه لتنوخ، فشدوا فقاتلهم حتى قتل تسعه او عشره، و حمل عليه الحرث بن المنذر التنوخى فطعنه فسقط، و بعث اليه على (ع): ان قدم لواءك.فقال للرسول: انظر الى بطنى.فاذا هو قد انشق، و اخذ اللواء بعد قتله ابنه عبدالله و قال: اهاشم بن عتبه بن مالك اعزز بشيخ من قريش هالك تخبطه الخيول بالسنابك فى اسود من نقعهن حالك ابشر بحور العين فى الارائك و الروح و الريحان عند ذلك (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) و فى (المروح):حمل هاشم و معه جماعه من اسلم قد آلوا الا يرجعوا، او يفتحوا، او يقتلوا.و شرطه الخميس الذين بايعوه على الموت كانوا خمسين.و منهم ابوعمره عمرو بن محصن النجارى فى (صفين نصر): كان من اعلام اصحاب على (ع)، فلما قتل جزع على (ع) لقتله، و قال النجاشى يرثيه: لنعم فتى الحيين عمرو بن محصن اذا صائح الحى المصبح ثوبا لقد فجع الانصار طرا بسيد اخى ثقه فى الصالحات مجربا فان تقتلوا الحر الكريم ابن محصن فنحن قتلنا ذا الكلاع و حوشبا و قالت شاميه: و لا تعدموا قوما اذاقوا ابن ياسر شعوبا و لم يعطوكم بالخزائم فنحن قتلنا اليثربى ابن محصن خطيبكم و ابنى بديل و هاشم و منهم عبدالله بن بديل الخزاعى، و فى (صفين نصر): كان عليه يومئذ سيفان و درعان، فجعل يضرب الناس بسيفه قدما، و هو يقول: لم يبق الا الصبر و التوكل و اخذك الترس و سيفا مصقل ثم التمشى فى الرعيل الاول مشى الجمال فى الحياض المنهل فلم يزل يضرب بسيفه حتى انتهى الى معاويه، فازاله عن موقفه، فاقبل اصحاب معاويه يرضخونه بالصخر، حتى اثخنوه و قتل.فقال معاويه: هذا كبش القوم و رب الكعبه.(الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) (و ابرد برووسهم ا لى الفجره) قال ابن ابى الحديد اى: حملت رووسهم مع البريد الى الفجره اى: امراء عسكر الشام.قلت: لم ينقل فى السير قطع الرووس فى صفين بعد القتل و ارسالها الى الامراء، ثم امراء الشام كانوا شاهدين صفين، فلم تحمل الرووس اليهم مع البريد؟ ثم لم يكن احد يرسل اليه راس غير امير الفجره معاويه.و يمكن ان يكون المراد بقوله (ع): (و اين نظراوهم الى و ابرد برووسهم الى الفجره) فى غير صفين، و انه (ع) اشار الى حمل راس محمد بن ابى بكر، فالخطبه -كما عرفت كانت بعد قتل محمد قرب قتله (ع)، و فى (العقد): ضرب معاويه بن حدي عنق محمد، و بعث براسه الى معاويه، فكان اول راس طيف به فى الاسلام.و كلامه (ع) بلفظ الماضى، و الا فحمل راس عمرو بن الحمق الذى كان احد اجلاء شيعته كحجر بن عدى الى معاويه بعشر سنين بعده (ع)، هرب زمان اماره زياد على الكوفه الى الموصل، و دخل غارا فنهشته حيه فقتلته، فبعث عامل الموصل من اخذ راسه و بعثه الى زياد، فبعثه زياد الى معاويه و قالوا: ان راسه اول راس حمل فى الاسلام من بلد الى بلد.و اللعين اول من اسس هذه الشناعه فى الاسلام، و تبعه من بعده من الجبابره، و فى (صله تاريخ الطبرى): ورد فى سنه (304) الكتاب من خراسان: انه وجد بالقندهار فى ابرا سورها بر متصل بها، فيه خمسه آلاف راس فى سلال من حشيش، و من هذه الرووس: تسعه و عشرون راسا، (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) فى اذن كل راس منها رقعه مشدوده بخيط ابريسم، باسم كل رجل منهم، و الاسماء: شريح بن حيان، خباب بن الزبير، الخليل بن موسى التميمى، الحارث بن عبدالله، طلق بن معاذ السلمى، حاتم بن حسنه، هانى بن عره، عمر بن علان، جرير بن عباد المدنى، جابر بن خبيابن الزبير، فرقد بن الزبير السعدى، عبدالله بن سليمان بن عماره، سليمان بن عماره، مالك بن طرخان صاحب لواء عقيل بن سهيل بن عمرو، عمرو بن حيان، سعيد بن عتاب الكندى، حبيابن انس، هارون بن عروه، غيلان بن العلا، جبرئيل بن عباده، عبدالله البجلى، مطرف بن صبح ختن عثمان بن عفان، وجدوا على حالهم، الا انه قد جفت جلودهم و الشعر عليها بحالته.و فى الرقاع من سنه (70) من الهجره.هذا، و فى الخبر: ان الحسين (ع) كان فى شخوصه من مكه الى العراق لا ينزل منزلا و لا يرحل، الا كان يذكر امر راسه (ع)، و بعثه الى عبيدالله و يزيد، و كان (ع) يقول: من هوان الدنيا ان راس يحيى بن زكريا اهدى الى ملك بغى.(قال) ليس فى (ابن ميثم)، و انما هو فى (ابن ابى الحديد) (كالمصريه).(ثم ضرب بيده) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (يده) كما فى (ابن ميثم) و (ابن ابى الحديد) و (الخطيه).(على لحيته الشريفه الكريمه) هكذا فى (المصريه) و الصواب: (على (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) لحيته) بدون زياده لعدم وجود الوصفين فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم).(فاطال البكاء ثم قال (ع) هكذا فى (المصريه)، و ليس فى (ابن ميثم و ابن ابى الحديد): (ع).(اوه) بسكون الواو قال الجوهرى: توجع، قال الشاعر: فاوه لذكراها اذا ما ذكرتها و من بعد ارض بيننا و سماء (على اخوانى الذين قرووا) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (تلوا) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم).(القرآن فاحكموه، و تدبروا الفرض فاقاموه، احيوا السنه و اماتوا البدعه) فى (صفين نصر): قتل عبدالله بن كعب يوم صفين، فمر عليه الاسود بن قيس و هو باخر رمق، فقال له الاسود: عز على و الله مصرعك، اما و الله لو شهدتك، لاسيتك و لدافعت عنك، و لو اعرف الذى اشعرك لا حببت الا يزايلنى حتى يلحقنى بك.ثم نزل اليه، و قال له: و الله ان كان جارك ليامن بوائقك، و ان كنت من الذاكرين الله كثيرا، اوصنى رحمك الله.قال: اوصيك بتقوى الله، و ان تنا صح اميرالمومنين، و ان تقاتل معه المحلين حتى يظهر الحق، او تلحق بالله، و ابلغه عنى السلام، و قل له: قاتل على المعركه حتى تجعلها خلف ظهرك، فمن اصبح و المعركه خلف ظهره كان الغالب.ثم لم يلبث ان مات، فاقبل الاسود الى على (ع) فاخبره، فقال رحمه الله جاهد معنا عدونا فى الحياه، و نصح لنا فى الوفاه.(دعوا للجهاد فاجابوا، و وثقوا بالقائد) يعنى (ع) نفسه.(الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) (فاتبعوه) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (فاتبعوا) كما فى (ابن ابى الحديد) و (ابن ميثم).فى (صفين نصر): لما خر على (ع) الى صفين قال له عمرو بن الحمق: انى و الله ما بايعتك على قرابه بينى و بينك، و لا اراده مال توتينيه، و لا التماس سلطان ترفع ذكرى، ولكن اجبتك لخصال خمس: انك ابن عم النبى (ص)، و اول من آمن به، و زو سيده نساء الامه، و ابوالذريه التى بقيت فينا من النبى (ص)، و اعظم رجل من المهاجرين فى الجهاد.فلو انى كلفت نقل الجبال الرواسى، و نزح البحور الطوامى، حتى ياتى على يومى فى امر اقوى به وليك و اوهن به عدوك، ما رايت انى قد اديت فيه كل الذى يحق على من حقك.فقال (ع): اللهم نور قلبه بالتقى، و اهده الى صراط مستقيم، ليت فى جندى مائه مثلك.ثم قام حجر بن عدى، فقال له (ع): نحن بنوالحرب و اهلها، نلهبها و ننتجها، قد ضارستنا و ضارسناها، و لنا اعوان ذو و صلاح و عشيره ذات عدد، و راى مجرب و باس محمود، و ازمتنا منقاده لك بالسمع و الطاعه، فان شرقت شرقنا، و ان غربت غربنا، و ما امرتنا به من امر فعلناه.و فى (رجال الكشى): قال ابوالجارود: قلت للاصبغ: ما كان منزله هذا الرجل فيكم؟ قال: ما ادرى ما تقول، الا ان سيوفنا كانت على عواتقنا، فمن اومى اليه ضربناه بها، و كان يقول لنا: تشرطوا، فو الله ما اشتراطكم لذهب و لا فضه، و ما اشتراطكم الا للموت، ان قوما قبلكم من بنى اسرائيل تشرطوا بينهم، فما مات احد منهم حتى كان نبى قومه، او نبى قريته، او نبى نفسه، (الفصل الثانى و الثلاثون- فى القاسطين و ما يتعلق بصفين) و انكم بمنزلتهم غير انكم لستم بانبياء.و فى (المرو): كان حذيفه اليمانى فى سنه (36) عليلا بالكوفه، فبلغه قتل عثمان و بيعه الناس لعلى (ع)، فقال: اخرجونى و ادعوا: الصلاه جامعه.فوضع على المنبر، فحمد الله و اثنى عليه، و صلى على النبى و آله، ثم قال: ايها الناس، ان الناس قد بايعوا عليا (ع)، فعليكم بتقوى الله، و انصروا عليا، و وازروه، فو الله انه لعلى الحق آخرا و اولا، و انه لخير من مضى بعد نبيكم، و من بقى الى يوم القيامه.ثم اطبق يمينه على يساره، ثم قال: اللهم اشهد انى قد بايعت عليا.و قال: الحمد لله الذى ابقانى الى هذا اليوم.و قال لابنيه صفوان و سعيد: احملانى و كونا معه، فسيكون له حروب كثيره، فيهلك فيها خلق من الناس، فاجتهدا ان تستشهدا معه، فانه و الله على الحق، و من خالفه على الباطل.و مات حذيفه بعد ذلك بسبعه ايام، و استشهد ابناه فى صفين، و استشهد عبدالله بن الحرث النخعى اخو الاشتر.((مجلد 11، صفحه 16، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) (ثم نادى باعلى صوته: الجهاد الجهاد عباد الله) فى (الكافى) عن الصادق (ع) سئل: هل الجهاد سنه او فريضه؟ فقال (ع): الجهاد على اربعه اوجه: فجهادان فرض، و جهاد سنه لا يقام الا مع الفرض، و جهاد سنه، فاما ((مجلد 11، صفحه 17، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) احد الفرضين فمجاهده الرجل نفسه عن المعاصى و هو من اعظم الجهاد، و مجاهده الذين يلونكم من الكفار، و اما الجهاد الذى هو سنه لا يقام الا مع فرض فان مجاهده العدو فرض على جميع الامه، و لو تركوا الجهاد لاتاهم العذاب و هذا هو من عذاب الامه، و هو سنه على الامام و حده ان ياتى العدو مع الامه فيجاهدهم، و جهاد السنه: كل سنه اقامها الرجل و جاهد فى اقامتها.(الا و انى معسكر) بكسر الكاف.(فى يومى هذا، فمن اراد الرواح) اى: الذهاب.(الى الله) بالجهاد فى سبيله.(فليخرج) الى المعسكر.(قال نوف) هو راوى الخطبه الذى قال فى اولها: خطبنا على (ع) بهذه الخطبه و هو قائم على حجاره نصبها له جعده بن هبيره المخزومى، و عليه مدرعه من صوف، و حمائل سيفه ليف، و قى رجليه نعلان من ليف، و كان جبينه ثفنه بعير.(و عقد للحسين (ع) فى عشره آلاف) فى (نسب قريش مصعب الزبيرى): و لد الحسين لخمس ليال خلون من شعبان سنه اربع، و قتل يوم عاشوراء سنه (61) قتله سنان بن انس النخعى، و اجهز عليه خولى بن يزيد الاصبحى من حمير و حز راسه و اتى به عبيدالله- سال عراقى ابن عمر عن دم البعوض، فقال: انظروا هذا يسالنى عن دم البعوض و قد قتلوا ابن رسول الله (ص) و قد سمعته (ص) يقول: الحسن و الحسين هما ريحانتى من الدنيا؟!- و حج ا (ع) خمسا و عشرين حجه ماشيا.(و لقيس بن سعد رحمه الله فى عشره آلاف) فى (المروج): كان قيس من ((مجلد 11، صفحه 18، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) الزهد و الدي انه و الميل الى على (ع) بالموضع العظيم، و بلغ من خوفه لله و طاعته انه كان يصلى فلما اهوى للسجود اذا فى موضع سجوده ثعبان عظيم مطوق، فمال عن الثعبان براسه و سجد الى جانبه، فتطوق الثعبان برقبته، فلم يقصر من صلاته و لانقص منها شيئا حتى فرمى به.و فى (الطبرى) لما عزله على (ع) عن مصر جاءه حسان- و كان عثمانيا- شامتا به فقال له: نزعك على و قد قتلت عثمان، فبقى عليك الاثم و لم يحسن لك الشكر.فقال له قيس: يا اعمى القلب و البصر! لولا ا! القى بين رهطى و رهطك حربا لضربت عنقك.و فى (الاستيعاب): كان له ديون كثيره على الناس فمرض و استبطا عواده، فقيل له: انهم يستحيون من اجل دينك.فاقام مناديا ينادى: من كان لقيس عليه دين فهو له.فاتاه الناس حتى هدموا درجه كانوا يصعدون عليها اليه.و فيه: لما بويع ابوبكر خرج ابوه الى الشام و لم يبايع، و قسم ماله بين اولاده ثم توفى عن حمل لم يعلم به، فكلم ابوبكر و عمر قيسا حتى ينقض قسمه ابيه، فقال: نصيبى للمولود و لا اغير قسمه ابى.و فى (المقاتل): لما تم الصلح بين الحسن (ع) و معاويه ارسل الى قيس يدعوه الى البيعه، فاتى به- و كان رجلا طويلا يركب الفرس المشرف و رجلاه تخطان فى الارض، و ما فى و جهه طاق ه شعر، و كان يسمى خصى الانصار- فلما ارادوا ان يدخلوه اليه قال: انى قد حلفت الا القاه الا بينى و بينه الرمح او ((مجلد 11، صفحه 19، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) السيف.فامر معاويه برمح او سيف فوضع بينه و بينه ليبر يمينه.و فى خبر: ان معاويه اكب على قيس حتى مسح يده على يد قيس، و ما رفع قيس يده اليه.و فى (الاستيعاب): كان احد دهاه العرب و اهل الراى و المكيده فى الحروب، مع النجده و البساله و الشجاعه و الكرم، و كان شريف قوم غير مدافع- هو و ابوه و جده- و لم يفارق عليا (ع) حتى قتل.(و لابى ايوب الانصارى) و اسمه خالد بن زيد، فى (الطبرى) قال ربيعه بن عثمان: جاء سعد القرط الموذن الى على (ع) اول يوم حصر فيه عثمان، فقال: من يصلى بالناس؟ فقال: ناد خالد بن زيد.فنادى فصلى بالناس، فانه اول يوم عرف ان اباايوب خالد بن زيد، فكان يصلى بهم اياما ثم صلى على (ع) بعد ذلك.و فى (صفين ابن ديزيل) عن ابى صادق قال: قدم علينا ابوايوب فنزل ضيعتنا يعلف خيلا له، فقلنا: يا اباايوب قاتلت المشركين مع سيفك هذا مع النبى (ص) ثم جئت تقاتل المسلمين؟ فقال: ان النبى (ص) امرنى بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين، فقد قاتلت الناك ثين والقاسطين، و انا مقاتل ان شاء الله بالسعفات بالطرقات بالنهروانات، و ما ادرى اين هى؟ و فى (الاستيعاب): و عليه نزل النبى (ص) حين قدم المدينه حتى بنى مسجده و بنى مساكنه.آخى (ص) بينه و بين مصعب بن عمير.قال: نزل النبى (ص) فى بيتنا الاسفل، و كنت فى الغرفه فاهريق ماء فى الغرفه، فقمت انا ((مجلد 11، صفحه 20، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) و ام ايوب بقطيفه نتتبع الماء شفقه ان يخلص الى النبى (ص) منه شى ء، و نزلت اليه (ص) و انا مشفق و قلت: ليس ينبغى ان نكون فوقك، انتقل الى الغرفه.مات بالقسطنطينيه زمن معاويه سنه (50) او (51) او (52) و هو الاكثر.(فى عشره آلاف) هكذا فى (المصريه و ابن ابى الحديد) و ليس كله فى (ابن ميثم).(و لغير هم على اعداد اخر، و هو يريد الرجعه الى صفين) لقتال معاويه.(فما دارت الجمعه) بعد خطبته تلك و جعله معسكرا.(حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه الله) قالوا: كان فى الاسلام ضربتان، لم تكن ضربه ايمن من او لا هما، و هى ضربته (ع) عمرا يوم الخندق- التى قال فيها النبى (ص): افضل من عباده الثقلين- و اشام من اخراهما، و هى ضربه ابن ملجم له (ع).فما راى الناس من بعده (ع) عدلا و لا يرو نه حتى يظهر القائم (ع).و فى (تاريخ اليعقوبى): قدم ابن ملجم الكوفه لعشر بقين من شعبان سنه اربعين، فلما بلغ عليا (ع) قدومه قال: (او قد و افى؟ اما انه ما بقى على غيره، هذا اوانه) فنزل على الاشعث فاقام عنده شهرا يستحد سيفه.و فى (المناقب) قال ابن عباس: كان ابن ملجم من و لد قيدار- عاقر ناقه صالح- و قصتهما و احده، لان قيدار عشق امراه يقال لها: رباب، كما عشق ابن ملجم لقطام، و سمع منه يقول لاخر: لاضربن عليا بسيفى هذا.فذهب به اليه (ع)، فقال له: ما اسمك؟ قال: عبدالرحمن بن ملجم.قال: نشدتك بالله عن ((مجلد 11، صفحه 21، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) شى ء تخبرنى؟ قال: نعم.قال: هل مر عليك شيخ يتوكا على عصاه و انت فى الباب، فمشقك بعصاه ثم قال: بوسا لك اشقى من عاقر ناقه ثمود؟ قال: نعم.قال: هل كان الصبيان يسمونك ابن راعيه الكلاب و انت تلعب معهم؟ قال: نعم.قال: هل اخبرتك امك انها حملت بك و هى طامث؟ قال: نعم.قال: فبايع.فبايع، ثم قال: خلوه.و فى (الارشاد): روى ابوزيد الاحول عن الاجلح قال: سمعت اشياخ كنده اكثر من عشرين مره يقولون: سمعنا عليا (ع) على المنبر يقول: ما منع اشقاها ان يخضبها بدم؟ و يضع يده عل ى لحيته.و فيه: ذكر عبدالله بن محمد الازدى قال: انى لاصلى تلك الليله فى المسجد الاعظم مع رجال من اهل المصر، كانوا يصلون فى ذلك الشهر من اوله الى آخره، اذ نظرت الى رجال قريبا من السده، و خرج (ع) لصلاه الفجر فاخذ ينادى الصلاه الصلاه: فما ادرى انادى، ام رايت بريق السيوف؟ و سمعته (ع) يقول: لا يفوتنكم الرجل.فاذا هو مضروب.و رواه ابوالفرج، و فى خبره: ام رايت بريق سيف ثم رايت بريق سيف آخر.و فى (الارشاد): كان (ع) خرج يوقظ الناس لصلاه الصبح ليله تسع عشره، و قد كان قصده ابن ملجم فى اول الليل، فلما مر به و هو متماكر باظهار النوم فى جمله النيام ثار اليه فضربه على ام راسه بالسيف، فمكث (ع) الى نحو الثلث الاول ليله احدى و عشرين، و قد كان (ع) يعلم ذلك قبل اوانه ((مجلد 11، صفحه 22، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) و يخبر به الناس قبل زمانه، و تولى غسله و تكفينه ودفنه الحسنان عليهماالسلام بامره، و حملاه الى الغرى من نجف الكوفه و عفيا موضع قبره بوصيته، لما كان (ع) يعلمه من دوله بنى اميه بعده، ثم دل عليه الصادق (ع) فى الدوله العباسيه، و زاره عند و روده الى ابى جعفر و هو بالحيره، فعرفته الشيعه و استانفوا اذ ذ اك زيارته، و كان سنه (ع) ثلاثا و ستين سنه.و روى عباد بن يعقوب الرواجنى عن حيان الغزى عن مولى لعلى (ع)، قال: لما حضرته الوفاه قال للحسنين: اذا انا مت فاحملانى على سريرى ثم اخرجانى، و احملا موخر السرير فانكما تكفيان مقدمه، ثم ائتيابى الغريين فالكما ستريان صخره بيضاء تلمع نورا، فاحتفرا فيها فانكما تجدان فيها ساجه فادفنانى فيها- الى ان قال- فاحتفرنا فاذا ساجه مكتوب عليها هذا مما ادخرها نوح لعلى بن ابى طالب (ع).و روى محمد بن زكريا عن عبدالله بن محمد عن ابى عايشه عن عبدالله بن حازم، قال: خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفه نتصيد، فصرنا الى ناحيه الغريين و الثويه، فراينا ظباء فارسلنا عليها الصقور و الكلاب، فجاولتها ساعه ثم لجات الطباء الى اكمه فوقف عليها فسقطت الصقور ناحيه و رجعت الكلاب، فعجب الرشيد من ذلك، ثم ان الظباء هبطت من الاكمه فهبطت الصقور و الكلاب عليها، فرجعت الظباء الى الاكمه فتراجعت عنها الصقور و الكلاب - فعلت ذلك ثلاثا- فقال الرشيد: اركضوا فمن لقيتموه فاتونى به.فاتيناه بشيخ من بنى اسد، فقال له: اخبرنى ما هذه الاكمه؟ قال: ان جعلت لى الامان.قال: لك عهد الله و ميثاقه.قال: حدثنى ابى عن آبائه انهم كانوا يقول ون: ان فى هذه الاكمه قبر على (ع) جعله الله حرما، لاياوى اليه شى ء الا امن.(فكنا كاغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان) فى (مقاتل ((مجلد 11، صفحه 23، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) ابى الفرج): كتب معاويه بعد مقتله (ع) الى عماله نسخه و احده: ان الله بلطفه و حسن صنيعه اتاح لعلى رجلا فاغتاله، فترك اصحابه متفرقين مختلفين، و قد جاء نا كتب اشرافهم و قادتهم، يلتمسون الامان لانفسهم و عشائر هم.و فى (الطبرى): قال ابوالاسود الدولى فى رثائه (ع): الا ابلغ معاويه بن حرب فلا قرت عيون الشامتينا افى شهرالصيام فجعتمونا بخيرالناس طرا اجمعينا قتلتم خير من ركب المطايا و رحلها و من ركب السفينا و من لبس النعال و من حذاها و من قرا المثانى و المئينا اذا استقبلت وجه ابى حسين رايت البدر راع الناطرينا لقد علمت قريش حيث كانت بانك خيرها حسبا و دينا و فى (المقاتل): قالت ام الهيثم النخعيه فى رثائه (ع): الا يا عين و يحك فاسعدينا الا تبكى امير المومنينا و كنا قبل مقتله بخير نرى مولى رسول الله فينا يقيم الدين لا يرتاب فيه و يقضى بالفرائض مستبينا و يدعو للجماعه من عصاه و ي نهك قطع ايدى السارقينا و ليس بكاتم علما لديه و لم يخلق من المتجبرينا لعمرابى لقد اصحاب مصر على طول الصحابه او جعونا و غرونا بانهم عكوف و ليس كذاك فعل العاكفينا ((مجلد 11، صفحه 24، الفصل الخامس و الثلاثون- فى مقتله (ع) و وصاياه)) كان الناس اذ فقدوا عليا نعام جال فى بلد سنينا و لو انا سئلنا المال فيه بذلنا المال فيه و البنينا اشاب ذوابتى و اطال حزنى امامه حين فارقت القرينا هذا و لابن بقيله: فصرنا بعد هلاك ابى قبيس كجرب المعز فى اليوم المطير