نامه 028-در پاسخ معاويه
(الفصل السابع- فى الامامه العامه) اقول: قول المصنف: (و من كتاب له (ع) الى معاويه جوابا) قال ابن ابى الحديد: قلت للنقيب يحيى بن ابى زيد: ارى هذا الجواب منطبقا على كتاب معاويه الذى بعثه مع ابى مسلم الخولانى الى على (ع)، فالجواب الذى ذكره نصربن مزاحم فى (صفينه) غير صحيح، و ان كان ذلك الجواب، فهذا الجواب غير صحيح.فقال لى: بل كلاهما ثابت مروى، و كلاهما كلامه و الفاظه (ع)، ثم امرنى ان اكتب ما املاه فكتبته.قال: كان معاويه يتسقط عليا (ع) و يبغى عليه ما عساه يذكر من حال ابى بكر و عمر، و انهما غصباه حقه، و لا يزال يكيده بالكتاب يكتبه و الرساله يبعثها يطلب غرته، لينفث بما فى (الفصل السابع- فى الامامه العامه) صدره من حال ابى بكر و عمر، اما مكاتبه او مراسله، فيجعل ذلك عليه حجه عند اهل الشام، و يضيفه الى ما قرره فى انفسهم من ذنوبه، فقد كان غمصه عندهم بانه قتل عثمان او مالا على قتله و انه قتل طلحه و الزبير، و اسر عايشه و اراق دماء اهل البصره، و بقيت خصله و احده و هو ان يثبت عندهم انه يتبرا من ابى بكر و عمر، و ينسبهما الى الظلم و مخالفه الرسول (ص) فى امر الخلافه، و انهما وثبا عليها غلبه و غصباه، فكانت هذهالطامه الكبرى ليست مقتصره على فساد اهل الشام عليه، بل و اهل العراق الذين هم جنده و بطانته و انصاره، لانهم كانوا يعتقدون امامه الشيخين، الا القليل الشاذ من خواص الشيعه.فلما كتب ذلك الكتاب مع ابى مسلم الخولانى قصد ان يغضب عليا (ع) و يحرجه و يحوجه اذا قرا ذكر ابى بكر، و انه افضل المسلمين الى ان يرهن خطه فى الجواب بكلمه تقتضى طعنا فى ابى بكر.فكان الجواب مجمجما غير بين، ليس فيه تصريح بالتظليم لهما و لا التصريح ببراءتهما، و تاره يترحم عليهما، و تاره يقول: قد اخذا حقى و قد تركته لهما.فاشار عمرو بن العاص: ان يكتب كتابا ثانيا مناسبا للكتاب الاول، ليستفزا فيه عليا (ع) و يستخفاه، و يحمله الغضب منه ان يكتب كلاما، يتعلقان به فى تقبيح حاله، و تهجين مذهبه، و قال له عمرو: ان عليا رجل نزق تياه، و ما استطعمت منه الكلام بمثل تقريظ ابى بكر و عمر، فاكتب.فكتب اليه كتابا انفذه مع ابى امامه الباهلى الصحابى، بعد ان عزم على بعثه مع ابى الدرداء، و نسخه الكتاب: (من عبدالله معاويه بن ابى سفيان الى على بن ابى طالب.اما بعد، فان الله تعالى جده اصطفى محمدا لرسالته، و اختصه بوحيه و تاديه شريعته.فانقذ به من العمايه، و هدى به من الغوايه،
ثم قبضه اليه رشيدا حميدا قد بلغ الشرع، و محق الشرك، و اخمد نار الافك، فاحسن الله جزاءه، و ضاعف عليه نعماءه و آلاءه.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) ثم ان الله سبحانه اختص محمدا باصحاب ايدوه، و آزروه و نصروه، و كانوا كما قال سبحانه: ( اشداء على الكفار رحماء بينهم) فكان افضلهم مرتبه، و اعلاهم عند الله و المسلمين منزله: الخليفه الاول الذى جمع الكلمه، و لم الدعوه، و قاتل اهل الرده، ثم الخليفه الثانى الذى فتح الفتوح، و مصر الامصار، و اذل رقاب المشركين، ثم الخليفه الثالث المظلوم الذى نشر المله، و طبق الافاق بالكلمه الحنيفيه.فلما استوسق الاسلام و ضرب بجرانه، عدوت عليه، فبغيته الغوائل و نصبت له المكائد و ضربت له بطن الامر و ظهره، و دلسست عليه، و اغريت به، و قعدت حيث استنصرك عن نصرته، و سالك ان تدركه قبل ان يمزق فما ادركته.و ما يوم المسلمين منك بواحد، لقد حسدت ابابكر و التويت عليه، و رميت افساد امره، و قعدت فى بيتك، و استغويت عصابه من الناس حتى ناخروا عن بيعته.ثم كرهت خلافه عمر، و حسدته و استطلت مدته و سررت بقتله، و اظهرت الشماته بمصابه، حتى انك حاولت قتل ولده، لانه قتل قاتل ابيه.ثم لم يكن اشد حسدا منك
لابن عمك عثمان، نشرت مقابحه، و طويت محاسنه، و طعنت فى فقهه، ثم فى دينه، ثم فى سيرته، ثم فى عقله، و اغريت به السفهاء من اصحابك و شيعتك، حتى قتلوه بمحضر منك لا تدفع عنه بلسان و لا يد، و ما من هولاء الا من بغيت عليه، و تلكات فى بيعته، حتى حملت اليه قهرا تساق بخزائم الاقتسار كما يساق الفحل المخشوش.ثم نهضت الان تطلب الخلافه، و قتله عثمان خلصاوك و شجراوك و المحدقون بك، و تلك من امانى النفوس، و ضلالات الاهواء.فدع اللجاج (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و العبث جانبا، و ادفع الينا قتله عثمان، و اعد الامر شورى بين المسلمين ليتفقوا على من هو لله رضا، فلا بيعه لك فى اعناقنا، و لا طاعه لك علينا، و لا عتبى لك عندنا، و ليس لك و لا لاصحابك عندى الا السيف، و الذى لا اله الا هو لاطلبن قتله عثمان اينما كانوا و حيثما كانوا، حتى اقتلهم او تلتحق روحى بالله.فاما ما تزال تمن به من سابقتك و جهادك فانى وجدت الله سبحانه يقول: (يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا على اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين).و لو نظرت فى حال نفسك لوجدتها اشد الانفس امتنانا على الله بعملها، و اذا كان الامتنان على السائل يبطل اجر ال
صدقه، فالامتنان على الله يبطل اجر الجهاد و يجعله كصفوان (عليه تراب فاصابه و ابل فتركه صلدا لا يقدرون على شى ء مما كسبوا و الله لا يهدى القوم الكافرين).قال النقيب: فلما وصل هذا الكتاب الى على (ع) مع ابى امامه الباهلى كلم اباامامه بنحو مما كلم به ابامسلم الخولانى، و كتب معه هذا الجواب.و فى كتاب معاويه هذا ذكر لفظ (الجمل المخشوش) او (الفحل المخشوش) لا فى الكتاب الواصل مع ابى مسلم، و ليس فى ذلك هذه اللفظه، و انما فيه: (حسدت الخلفاء و بغيت عليهم، عرفنا ذلك من نظرك الشزر، و قولك الهجر، و تنفسك الصعداء، و ابطائك عن الخلفاء).قال: و كثير لا يعرفون الكتابين، و المشهور عندهم كتاب ابى مسلم، فيجعلون هذه اللفظه فيه، و الصحيح انها فى كتاب ابى امامه، الا تراها عادت (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فى جوابه؟ و لو كانت فى كتاب ابى مسلم لعادت فى جوابه.قلت: و روى كتابه هذا (صبح الاعشى) و (نهايه الارب).و اما ما نقله ابن ابى الحديد عن النقيب، من ان معاويه كان قصده من مدح ابى بكر و عمر موجده اميرالمومنين (ع)، حتى يذكر طعنا فيهما، فيجعل معاويه ذلك وسيله لتبرو الناس منه (ع)، فصحيح صحيح.و يوضح ذلك فضل ايضاح ما رواه ابوالف
رج فى (مقاتله): ان الحسن (ع) كتب الى معاويه، و فيه ذكر تنازع العرب الامر بعد النبى (ص) الى ان قال: فلما صرنا اهل بيت محمد (ص) و اولياوه الى محاجتهم و طلب النصف منهم، باعدونا و استولوا بالاجتماع على ظلمنا، و مراغمتنا و العنت منهم لنا، فالموعد الله و هو الولى النصير، و قد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا فى حقنا و سلطان نبينا (ص)، و ان كانوا ذوى فضيله و سابقه فى الاسلام، فامسكنا عن منازعتهم مخافه على الدين، ان يجد المنافقون و الاحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، او يكون لهم بذلك سبب لما ارادوابه من فساده، فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك- يا معاويه- على امر لست من اهله- لا بفضل فى الدين معروف، و لا اثر فى الاسلام محمود- الى ان قال- فكتب معاويه جوابه: و ذكرت وفاه النبى (ص) و تنازع المسلمين من بعده، فرايتك صرحت بتهمه ابى بكر الصديق، و عمر الفاروق، و ابى عبيده الامين و حوارى رسول الله، و صلحاء المهاجرين و الانصار، فكرهت ذلك لك، فانك امرو عندنا و عند الناس غير ظنين و لا المسى ء و لا اللئيم، و انا احب لك القول السديد و الذكر الجميل (الفصل السابع- فى الامامه العامه) (اما بعد فقد اتانى كتابك تذكر فيه) هكذا فى (المصريه)، و ك
لمه (فيه) زائده لعدم وجودها فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(اصطفاء الله) زاد ابن ميثم و الخظيه: (تعالى).(محمدا (ص) لدينه و تاييده اياه بمن ايده من اصحابه فلقد خبا) اى: اخفى.(لنا الدهر منك عجبا) قال ابن ابى الحديد: موضع التعجب ان معاويه يخبر عليا (ع) باصطفاء الله تعالى محمدا و تشريفه له و تاييده له، و هذا ظريف، لانه يجرى كاخبار زيد عمرا عن حال عمرو، اذ كان النبى (ص) و على (ع) كالشى ء الواحد.قلت: و اعجب منه ان معاويه و اباه و امه و اخاه كانوا يعادون النبى (ص) مره بعد مره و محلا بعد محل، بكل ما قدروا، الى ان خذلهم الله تعالى بفتح مكه، ثم يذكر معاويه ما ذكر.و العجب العجاب ان اميرالمومنين (ع) قاسى مع النبى (ص) شدائد شديده فى سبيل الاسلام، و حصل بعده سلطانه لمعاويه و امثاله من اعدائه، فصانعوا اصحابه الذين يعرفونهم باتحاد طينتهم، و ساعدوهم على نقل الامر الى اولئك، حتى ينتهى اليهم و يخلص لهم، فمنعوا النبى (ص) عن الوصيه فى مرضه، و تركوا جنازته بلا تجهيز، و غلبوا على الامر.و مما يفصح عن ذلك و يكشف الحقيقه ما رواه ابو الفرج فى (اغانيه): ان مروان لما ضرب عبدالرحمن بن حسان الحد، و لم يضرب اخاه حين تهاجيا و
تقاذفا، فكتب عبدالرحمن الى النعمان بن بشير يشكو اليه ذلك، دخل النعمان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) على معاويه، و انشا يقول: يابن ابى سفيان ما مثلنا جار عليه ملك او امير اذكر بنا مقدم افراسنا بالحنو اذ انت الينا فقير و اذكر غداه الساعدى الذى اثاركم بالامر فيها بشير يشير الى مساعده ابيه بشيربن سعد الخزرجى لابى بكر فى سقيفه بنى ساعده، و بيعته معه اول الناس حتى قبل عمر، فصارت بيعته سببا لتذكر الاوس حقدهم مع الخزرج و متابعتهم له فى ذلك.فلو لم يكن معاويه صانع ابابكر و عمر كيف يقول النعمان لمعاويه: (اثاركم بالامر فيها بشير)، و لم يقل عمر كرارا لابن عباس: (ابى قومكم لكم الامر)؟ فهل قومهم الا قريش الطلقاء: بنو اميه، و بنو مخزوم، و بنو سهم، و غيرهم؟ و حينئذ فلا غرو ان يذكر معاويه اصطفاء الله محمدا (ص) مع ضميمه اصحابه اولئك اليه.و لقد افصح عن ذلك ابوه ابوسفيان ايام ثالث اولئك الاصحاب، حيث ضرب قبر حمزه برجله، و قال: يا اباعماره قم عن قبرك و شاهد، ان الذى ضربتمونا بالسيف عليه صار ملعبه فى ايدى شباننا.و مما يوضح كون ابى بكر و عمر مع معاويه، و بنى اميه على شاكله واحده قول معاويه للحسن (ع): (و الحال
فى ما بينى و بينك اليوم مثل الحال التى كنتم عليها و ابوبكر بعد النبى، و لو علمت انك اضبط منى للرعيه، و احوط على هذه الامه، و اقوى على جمع الاموال، و اكيد للعدو لاجبتك).و صدق معاويه فى كلامه هذا، فلم يكن اميرالمومنين (ع) و عترته (ع) يستعملون سياسه الاكاسره و القياصره كما كان ابوبكر (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و عمر يستعملانها، و كان عمر من عجبه بمعاويه كرارا يقول: تذكرون دهاء كسرى و قيصر و عندكم معاويه.الا انه لو كان غرض الله تعالى من الاسلام الذى رضيه دينا لعباده نصب ابى بكر مكان على (ع)، و نصب معاويه مكان الحسن (ع)، للعله التى ذكرها معاويه، كان نصب ابى جهل او ابى سفيان للنبوه مكان محمد (ع) اولى، فانه لو كان احدهما مكانه، لما قدر الفاروق ان يمنعه من الوصيه و يقول: (انه ليهجر)، و لما قدر هو و صاحبه على التخلف عن الشخوص فى جيش لعن المتخلف عنه، و لما قدر اعداوه دفع اهل بيته عن مقامه، و يجعلوه متداولا بينهم تداول الكره، كما قال ابوه ذلك، حين وصل الامر الى صاحبهم الخليفه الثالث، و قال: اجعلوه بينكم كذلك، فما من جنه و لا نالا، و قرره الامام الثالث و رضى بوصيته و ارتضى عقيدته.فان قيل: كيف يجوز ان يرتضى ع
قيده ابى سفيان بعدم جنه و لا نار؟ قلت: اصدق شاهد عليه عمله ايام خلافته و تسليطه بنى اميه- الشجره الملعونه فى القرآن- على نفوس الناس و اعراضهم، و توليته مثل الوليد بن عقبه اخيه لامه، حتى يصلى الصبح اربعا بالناس فى حال السكر، و ينشد فى الصلاه لهم الاشعار، و يقول لهم: لو شئتم ازيدكم على الاربع فى صلاه صبحكم، و مثل عبدالله بن سعد بن ابى سرح الذى نزل القرآن بكفره، و النبى (ص) امر بقتله عام الفتح، و لو كان متعلقا باستار الكعبه.(اذ طفقت) اى: شرعت.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) (تخبرنا ببلاء الله) و حسن اختياره.(عندنا و نعمته علينا فى نبينا) و هو امر يضحك الثكلى.(فكنت فى ذلك كناقل التمر الى هجر) قال ابن ابى الحديد: هجر: اسم مدينه لا ينصرف، للتعريف و التانيث، و قيل: هو اسم مذكر مصروف، و اصل المثل كمستبضع تمر الى هجر، و النسبه اليه: هاجرى، على غير قياس، و هى بلده كثيره النخل يحمل منها التمر الى غيرها.قال الشاعر فى هذا المعنى: اهدى له طرف الكلام كما يهدى لو الى البصره التمر قلت: ابن ابى الحديد يتبع غالبا فى الله صاحب (الصحاح)، و هو لم يذكر غير صرف هجر، و انما قال ابن الانبارى- كما فى (بلدان الحموى)- ا
لغالب عليه التذكير و الصرف، و ربما انثوها و لم يصرفوها، فمن اين جعل الاصل فيه التانيث؟ و اما قوله: ان النسبه الى هجر هاجرى، فتبع فيه الجواهرى، لكن لم يعلم صحته.فقال السمعانى فى (انسابه): النسبه اليه هجرى، بفتحتين على القياس، وعد فى المنسوبين اليه رشيد الهجرى المعروف.و الهاجرى- على ما قال (بلدان الحموى)- نسبه الى عين هجر، لا بلده هجر، فقال: قال ابن الكلبى عن الشرقى: انما سميت (عين هجر) بهجر بنت المكفف، و كانت من العرب المتعربه، و كان زوجها محلم بن عبدالله صاحب النهر الذى بالبحرين يقال له: (نهر محلم) و (عين محلم).و ينسب اليها هاجرى، على غير قياس، كما قيل: حارى بالنسبه الى الحيره.قال (الفصل السابع- فى الامامه العامه) عوف بن الجزع: تشق الاحزه سلافنا كما شقق الهاجرى الدبارا و كيف كان، فمما قيل فى كثره تمر هجر: قول العجيف فى امه، بعدم ريها كعدم شبعها: يا ليتنا امنا شالت نعامتها ايما الى جنه ايما الى النار ليست بشبعى و ان اسكنتها هجرا و لا بريا و لو حلت بذى قار و مثل هجر خيبر، و به يضرب ايضا المثل فى نقل التمر اليه.قال النابغه الجعدى: و ان امرا اهدى اليك قصيده كمستبضع تمرا الى اهل خيبر (
او داعى) و فى (ابن ابى الحديد و الخطيه): (و داعى).(مسدده) اى: معلمه.(الى النضال) اى: المراماه.مثل آخر، اى: كنت يا معاويه فى ما فعلت كداعى معلم رميه الى مراماته و لما هجا العباس الرياشى ابا العباس الاعرج، اجابه ابوالعباس: ان الرياشى عباسا تعلم بى حوك القصيد و هذا اعجب العجب يهدى لى الشعر حينا من سفاهته كالتمر يهدى لذات الليف و الكرب (و زعمت ان افضل الناس فى الاسلام فلان و فلان) اى: ابوبكر و عمر.(فذكرت امرا ان تمم) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (ان تم) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(الفصل السابع- فى الامامه العامه) (اعتز لك كله) لانه لم يكن من عشيرتهما.(و ان نقص لم يلحقك ثلمته) اى: خلله.قال ابن ابى الحديد: كان جرير يفخر على الفرزدق بقيس عيلان خوولته- و يعيره بايامهم على بنى تميم، فقال له الفرزدق: و ما انت من قيس فتنبح دونها قلت: انه (ع) و ان اجمل جواب معاويه، و تنكب عن التصريح حكمه - كما عرفت من النقيب- فكان غرض معاويه من مدحه لابى بكر و عمر حمله (ع) على الغضب، حتى يطعن فيهما، فينفض اهل العراق من حوله و يدعوه، الا انه (ع) كان يتم الحجه كرارا، و لا سيما فى ايام امارته من اول
ها الى آخرها.و منها ما رواه المدائنى عن عبدالله بن جناده قال: قدمت من الحجاز اريد العراق فى اول اماره على (ع)، فمررت بمكه فاعتمرت، ثم قدمت المدينه فدخلت مسجد رسول الله (ع)، اذ نودى للصلاه جامعه، فاجتمع الناس و خرج على (ع) متقلدا سيفه، فشخصت الابصار نحوه، فحمد الله و صلى على رسوله، ثم قال: اما بعد فانه لما قبض الله نبيه (ص) قلنا: نحن اهله و ورثته و عترته و اولياوه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه احد، و لا يطمع فى حقنا طامع.اذ انبرى لنا قومنا، فغصبونا سلطان نبينا، فصارت الامره لغيرنا، و صرنا سوقه يطمع فينا الضعيف، و يتعزز علينا الذليل، فبكت الاعين منا لذلك، و خشنت الصدور، و جزعت النفوس، و ايم الله لو لا مخافه الفرقه بين المسلمين، و ان يعود الكفر، و يبور الدين لكنا على غير ما كنا لهم.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و كذلك فى الخطبه الشقشقيه التى رواها العامه و الخاصه، و كذلك فى الخطبه التى كتبها لجعده بن هبيره حتى يقراها، لما سالوه بعد فتح مصر عن الثلاثه المتقدمين عليه.و التنكب عن الجواب بمثل ما فعل (ع) ابلغ جواب، و تبعه ابن عباس فى مجاوبه معاويه و ابن الزبير، (ففى عيون ابن قتيبه) روى الهيثم عن ابن عياش
عن الشعبى قال: اقبل معاويه ذات يوم على بنى هاشم، فقال يا بنى هاشم الا تحدثونى عن ادعائكم الخلافه دون قريش بم تكون لكم؟- الى ان قال-: قال معاويه: ان امركم لامر تضيق به الصدور، اذا سئلتم عمن اجتمع عليه من غيركم قلتم: حق.فان كانوا اجتمعوا على حق، فقد اخرجكم الحق من دعواكم، انظروا فان كان القوم اخذوا حقكم فاطلبوهم، و ان كانوا اخذوا حقهم فسلموا اليهم، فانه لا ينفعكم ان تروا لانفسكم ما لا يراه الناس لكم.فقال ابن عباس: ندعى هذا الامر بحق من لو لا حقه لم تقعد مقعدك هذا، و نقول: كان ترك الناس ان يرضوا بنا و يجتمعوا علينا حقا ضيعوه، و حظا حرموه، و قد اجتمعوا على ذى فضل لم يخطى الورد و الصدر، و لا ينقص فضل ذى فضل غيره عليه، قال الله عز و جل (و يوت كل ذى فضل فضله).فاما الذى منعنا من طلب هذا الامر بعد رسول (ص) فعهد منه الينا، قبلنا فيه قوله و دنا بتاويله، و لو امرنا ان ناخذه على الوجه الذى نهانا عنه لاخذناه او اعذرنا فيه، و لا يعاب احد على ترك حقه، انما المعيب من يطلب ما ليس له.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و فى (السير): ان مروان لما كان اميرا على المدينه يوضع لابن عباس سرير الى جنب سريره.فجاء يوما ابن عباس، و
حضر ابن الزبير، فنطق و قال: ان ناسا يزعمون ان بيعه ابى بكر كانت غلطا، و فلته، و مغالبه، الا ان شان ابى بكر اعظم من ان يقال فيه هذا، و يزعمون انه لو لا ما وقع لكان الامر لهم و فيهم، و الله ما كان من اصحاب محمد احد اثبت ايمانا، و لا اعظم سابقه من ابى بكر، فمن قال غير ذلك فعليه لعنه الله، فاين هم حين عقد ابوبكر لعمر، فلم يكن الاما قال؟ ثم القى عمر حظهم فى حظوط، وجدهم فى جدود، فاخر الله سهمهم، و ادحض جدهم، و ولى الامر عليهم من كان احق به منهم، فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القريه، فاصابوا منه غره، فقتلوه فقتلهم الله به كل قتله، و صاروا مطرودين تحت بطون الكواكب.فقال ابن عباس: ايها القائل فى ابى بكر و عمر و الخلافه و الله ما نالا و لا نال احد منهما شيئا الا و لصاحبنا خير مما نالا- الى ان قال- و لو لا انك انما تذكر حظ غيرك و شرف امرى سواك لكلمتك، ولكن ما انت و ما لا حظ لك فيه؟ اقتصر على حظك، ودع تيما لتيم، و عديا لعدى، و اميه لاميه، و لو كلمنى تيمى او عدى، لكلمته و اخبرته خبر حاضر عن حاضر لاخبر غائب عن غائب، ولكن ما انت و ما ليس لك؟ فان يكن فى اسد بن عبدالعزى شى فهو لك.اما و الله انا لنحن اقرب بك عهد
ا، و ابيض لديك يدا، و اوفر عندك نعمه ممن رميت، تظن انك تصول به علينا، و ما اخلق ثوب صفيه بعد! (و ما انت و الفاضل و المفضول) و حيث ان معاويه كان مكابرا فى قوله: (فكان افضلهم مرتبه الخليفه الاول، ثم الثانى، ثم الثالث) كان احسن جواب له ما فعله (ع) من كون ذلك غير مربوط به، حيث ان افضليته من جميع الامه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بعد النبى (ص) من البديهيات التى يكون الاستدلال لها لغوا، و ركيكا، و كيف لا، و بنص القرآن هو (ع) بمنزله نفس النبى (ص)؟ و فى (صفين نصر بن مزاحم): انه (ع) خطب فى صفين، فقال: الحمد لله الذى لا يبرم ما نقض، و لا ينقض ما ابرم، و لو شاء ما اختلف اثنان من هذه الامه، و لا من خلقه، و لا تنازعت الامه فى شى من امره، و لا جحد المفضول ذا الفضل فضله، و قد ساقتنا و هولاء القوم الاقدار، حتى لفت بيننا فى هذا المكان، فنحن من ربنا بمراى و مسمع، فلو شاء لعجل النقمه، و كان منه التغيير حتى يكذب الله الظالم، و يعلم الحق اين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الاعمال.(و السائس و المسوس) قال الجوهرى: سست الرعيه سياسه، و سوس الرجل امور الناس- على ما لم يسم فاعله- اذا ملك امرهم، و فلان مجرب قد ساس و سيس عليه،
اى: امر و امر عليه.(و ما للطلقاء و ابناء الطلقاء، و التمييز بين المهاجرين الاولين، و ترتيب درجاتهم و تعريف طبقاتهم) قال ابن ابى الحديد: هذا الكلام ينقض قول من يطعن فى السلف، فان اميرالمومنين (ع) انكر على معاويه تعرضه بالمفاضله بين اعلام المهاجرين، و لم يذكر معاويه الا المفاضله بينه (ع) و بين ابى بكر و عمر، فشهاده اميرالمومنين (ع) بانهما من المهاجرين الاولين و من ذوى الدرجات و الطبقات التى اشتبه الحال بينها و بينه (ع) فى اى الرجال منهم افضل، و ان قدر معاويه يصغر ان يدخل نفسه، و فى مثل ذلك شهاده قاطعه على علو شانهما.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) قلت: العجب منه انه نسى ما نقله عن شيخه، من كون جوابه (ع) فى الكتاب مجمجما ليس فيه تصريح بالتظليم لهما، و لا التصريح ببراءتهما، و اى شى يفيده كلامه (ع) هذا بعد اجماله الجواب، من ذكر كبرى كليه من وجود مهاجرين اولين، و اختلاف درجاتهم و طبقاتهم، بدون ذكر صغرى فى تعيين اشخاص المهاجرين؟ و من اين انه (ع) لم يرد بالمهاجرين الاولين عمه حمزه و اخاه جعفرا، و شيعته سلمان و اباذر و المقداد، و عمارا، و حذيفه، و نظراءهم المتفق على جلالهم؟ و يشهد لما قلنا ما رواه ابونعيم فى (ح
ليته) فى عنوان عمار عن عبدالله بن سلمه.قال: لقى على (ع) رجلين قد خرجا من الحمام متدهنين، فقال على (ع): من انتما؟ قالا: من المهاجرين.قال: كذبتما انما المهاجر عمار بن ياسر.و روى فى عنوان سلمان مسندا عن زاذان، و ابى الاسود قالا: كنا عند على (ع) ذات يوم، فوافق الناس منه طيب نفس و مزاح، فقالوا: يا اميرالمومنين (ع) حدثنا عن اصحابك.قال: عن اى اصحابى؟ قالوا: عن اصحاب محمد (ص).قال: كل اصحاب محمد (ص) اصحابى، فعن ايهم؟ قالوا: عن الذين رايناك تلطفهم بذكرك، و الصلاه عليهم دون القوم، حدثنا عن سلمان.قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم، ذاك امرو منا و الينا اهل البيت.و مغزى كلامه (ع): (كل اصحاب محمد اصحابى) ان الثلاثه، و من كان على رايهم من باقى عشرتهم و اتباعهم لا يحسبون من اصحاب النبى (ص).(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و روى فى عنوان اهل الصفه مسندا عن ثابت البنانى، قال: كان سلمان فى عصابه يذكرون الله تعالى، فمر النبى (ص) فكفوا، فقال: ما كنتم تقولون؟ فقلنا: نذكر الله يا رسول الله.قال: قولوا، فانى رايت الرحمه تنزل عليكم فاحببت ان اشارككم فيها.و عن مسلمه بن عبدالله عن عمه قال: عن سلمان: جاءت المولفه قلوبهم الى
رسول الله (ص): عيينه بن حصين و الاقرع بن حابس، و ذووهم، فقالوا: انك لو جلست فى صدر المجلس و نحيت عنا هولاء، و ارواح جبابهم- يعنون اباذر، و سلمان، و فقراء المسلمين، و كان عليهم جباب الصوف لم يكن عندهم غيرها- جلسنا اليك و خالصناك، و اخذنا عنك.فانزل الله تعالى: (و اتل ما اوحى اليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته و لن تجد من دونه ملتحدا و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداه و العشى يريدون و جهه- حتى بلغ- نارا احاط بهم سرادقها) يتهددهم بالنار.فقام نبى الله (ص) يلتمسهم، حتى اصابهم فى موخر المسجد يذكرون الله تعالى، فقال النبى الله (ص): الحمد لله الذى لم يمتنى حتى امرنى ان اصبر نفسى مع قوم من امتى معكم المحيى و معكم الممات.بل كان صديقهم و فاروقهم عونا لاولئك المولفه الجبابره على هولاء المومنين المهاجرين الاولين، فروى ابونعيم ايضا ثمه مسندا عن عائذ بن عمرو: ان اباسفيان مر بسلمان و صهيب و بلال، فقالوا: ما اخذت السيوف من عنق عدو الله ماخذها.فقال لهم ابوبكر: تقولون هذا لشيخ قريش و سيدها؟ ثم (الفصل السابع- فى الامامه العامه) اتى النبى (ص) فاخبره بالذى قالوا، فقال: يا ابابكر لعلك اغضبتهم، و الذى نفسى بيده لئن كنت ا
غضبتهم لقد اغضبت ربك.و كانا يقران بان اولئك المهاجرين احق بمقامهما، لصبرهم فى ذات الله، و لكونهم مهاجرين حقيقين، روى ابونعيم ايضا مسندا عن ابى ليلى الكندى، قال: جاء خباب الى عمر، فقال له: ادن فما ارى احدا احق بهذا المجلس منك.فجعل خباب يريه آثارا فى ظهره مما عذبه المشركون.و اى فضل فى هجرتهما؟ و قد روى امامهم مسلم فى (صحيحه) كما فى (الطرائف) باسناده عن ابى موسى الاشعرى، قال: دخل عمر على حفصه و اسماء عندها، فقال عمر حين راى اسماء: من هذه؟ قالت: اسماء بنت عميس.قال عمر: الحبشيه هذه، البحريه هذه.فقالت اسماء: نعم.فقال عمر: سبقناكم بالهجره، فنحن احق برسول الله منكم.فغضبت، و قالت كلمه: كذبت يا عمر كلا و الله كنتم مع رسول الله (ص) يطعم جائعكم و يعظ جاهلكم، و كنا فى دار او ارض البعداء البغضاء فى الحبشه، و ذلك فى الله و فى رسوله، و ايم الله، لا اطعم طعاما، و لا اشرب شرابا حتى اذكر ما قلت للنبى (ص)- الى ان قال- فلما جاء النبى (ص) قالت: يا نبى الله ان عمر قال: كذا و كذا.فقال النبى (ص): ليس باحق بى منكم، له و لاصحابه هجره واحده، و لكم انتم اهل السفينه هجرتان.و ما يفيدهما و يفيدهم هجرتهما؟ و قدرووا فى متواتر اخبارهم
ان النبى (ص) قال: ليردن على الحوض رجال ممن صاحبنى، حتى رايتهم (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و رفعوا الى اختلجوا دونى، فلاقولن: اى رب اصحابى.فيقال لى: انك لا تدرى ما احدثوا بعدك.و اى حدث اشنع مما فعلا من احضارهما النار لاحراق اهل بيته، الذين شهد القرآن بعصمتهم و طهارتم لو تخلفوا عن بيعتهم؟ و هل كونهما من اعلام المهاجرين- كما هو زعمهم- هل كان لفرارهما فى خيبر، الذى عرض النبى (ص) بهما انهما لا يحبان الله و رسوله، و لا يحبهما الله و رسوله، و انهما فراران غير كرراين؟ او لتخلفهما عن جيش اسامه الذى لعن النبى (ص) المتخلف عنه؟ او لمنعهما النبى (ص) عن الوصيه حال احتضاره و نسبتهما الهجر اليه (ص)؟ و لا تتوحش من الاشراك بينهما فى ما فعله احدهما، حيث انهما كانا كنفس واحده، كما ان اميرالمومنين (ع) مع النبى (ص) كانا كنفس واحده، و لان ما فعله احدهما كان عن مواطاه مع الاخر حتى فى شى انكره الاخر عليه، كما فى ادعاء الفاروق عدم امكان موت النبى (ص)، و انه غاب و لم يمت، و انكار الصديق عليه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) ذلك بعد حضوره، فان ذلك كان منه لعدم حضور صاحبه، فالقى هذه الشبهه حتى يحضر و يفعلا ما اراداه، و الا
فكيف يعقل اشتباه الامر فى موت النبى (ص) على ذلك الداهيه الذى كان فوق المغيره و عمرو بن العاص و معاويه مع عدم اشتباه امر الموت على السفهاء، بل المجانين؟ و اى علو لهما فى هجرتهما مع كونهما ممن لا يحض على طعام المسكين؟ روى ابونعيم فى (حليته) عن ابى هريره انه كان يقول: و الله الذى لا اله الا هو ان كنت لاعتمد على كبدى من الجوع، و ان كنت لاشد الحجر على بطنى من الجوع، و لقد قعدت يوما على طريقهم الذى يخرجون منه فمر بى ابوبكر فسالته عن آيه من كتاب الله- ما سالته الا ليستتبعنى- فمر و لم يفعل، ثم مر بى عمر، فسالته عن آيه من كتاب الله- ما سالته الا ليستتبعنى- فمر و لم يفعل، ثم مر بى ابوالقاسم (ص) و تبسم و عرف ما فى نفسى، و ما فى وجهى ثم قال: يا اباهر.قلت: لبيك يا رسول الله.قال: الحق.و روى عنه ايضا قال: كنت من اصحاب الصفه، فظللت صائما فامسيت و انا اشتكى بطنى- الى ان قال-: فقلت (لعمر): اقرئنى- و ما اريد الا الطعام- الى ان قال-: و تركنى على الباب فابطا، فقلت: ينزع ثبابه ثم (يامر لى بطعام.فلم ار شيئا، فلما طال على قمت فمشيت، فاستقبلنى النبى (ص) فقال: يا اباهريره ان خلوف فمك الليله لشديد؟ فقلت: اجل لقد ظللت صائما و ما
افطرت بعد، و ما اجد ما افطر عليه.قال: فانطلق فانطلقت معه.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) هذا، و اما المراد من المهاجرين الاولين، فروى ابن قتيبه فى (معارفه) عن سعيد بن المسيب: انهم من صلى الى القبلتين، و روى عن الشعبى ان المراد بهم من ادرك بيعه الرضوان.(هيهات لقد حن قدح ليس منها) اى: من القداح، و الكلام مثل، قال الميدانى فى (امثاله): يضرب للرجل يفتخر بقبيله ليس هو منها، او يتمدح بما لا يوجد فيه، و قال: القدح احد قداح الميسر، و اذا كان احد القداح من غير جوهر اخوته.ثم اجاله المفيض خرج له صوت يخالف اصواتها، يعرف به انه ليس من جمله القداح.قال: و تمثل عمر به حين قال الوليد بن عقبه بن ابى معيط: اقتل من بين قريش.قلت: بل القائل: ااقتل من بين قريش صبرا؟ ابوه عقبه بن ابى معيط لا الوليد ابنه، و فى (تفسير القمى)- لما امر النبى (ص) اميرالمومنين (ع) بضرب عنق عقبه لما اسر فى بدر- قال عقبه: يا محمد الم تقل لا تصبر قريش؟ - اى لا يقتلون صبرا- قال: افانت من قريش؟ انما انت علج من اهل صفوريه، لانت فى الميلاد اكبر من ابيك الذى تدعى له، لست منها، قدمه يا على فاضرب عنقه.هذا، ورد الاخطل على جرير فى افتخاره برجال من ت
ميم كانوا آباء الفرزدق فقال: اجريرانك و الذى تسمو له كاسيفه فخرت بحدج حصان عملت لربتها فلما عوليت نسلت تعارضها مع الركبان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) اتعد ماثره لغيرك فخرها و ثناوهما فى سالف الازمان تاج الملوك و فخرهم فى دارم ايام يربوع مع الرعيان (و طفق) بالكسر اى: شرع.(يحكم فيها من عليه الحكم لها) اى: انت مثل محكوم عليه صار حاكما.(الا تربع) بالفتح من باب منع، اى: تقف.(ايها الانسان) المتخلف.(على ظلعك) اى: عرجك، يقال: ظلع البعير اذا غمز فى مشيه.(و تعرف فصور ذرعك) اى: ذراع يدك عن المقابله مع طوال الايدى.(و تتاخر حيث اخرك القدر) بعدم اسلامك الا بعد الفتح كرها، قال ابن عبدالبر: كان معاويه و ابوه و اخوه من مسلمه الفتح، و هو و ابوه من المولفه قلوبهم، و لما قدم معاويه بعد خلافته المدينه، قال لابى قتاده الانصارى: تلقانى الناس كلهم غيركم يا معشر الانصار، ما منعكم؟ قال: لم يكن معنا دواب.قال معاويه: فاين النواضح؟ قال ابوقتاده: عقرناها فى طلبك و طلب ابيك يوم بدر.و فى (الطبرى): ان النبى (ص) امر يوم فتح مكه بقتل اربع نسوه، و ذكر فيهن هندا ام معاويه، قال: فاسلمت و بايعت.و ذكر ان النب
ى (ص) تلا عليها شرايط بيعه النساء التى ذكرها الله، الى ان قال لها: و لا تقتلن اولادكن.فقالت هند: قد ربيناهم صغارا، و قتلتهم يوم بدر كبارا فانت و هم اعلم.فضحك عمر من قولها حتى استغرب.و مثل معاويه باقى عشيرته، و فى (العقد) قال مروان لحويطب بن عبد (الفصل السابع- فى الامامه العامه) العزى- و كان كبيرا مسنا-: ايها الشيخ تاخر اسلامك حتى سبقك الاحداث.فقال: الله المستعان، و الله لقد هممت بالاسلام غير مره، و كل ذلك يعوقنى عنه ابوك، و ينهانى و يقول: يضع من قدرك ان تترك دين آبائك لدين محدث و تصير تابعا.فسكت مروان.(فما عليك غلبه المغلوب) اى: مغلوبيه المغلوب.(و لا ظفر) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (و لا لك ظفر) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(الظافر) روى الزبير بن بكار فى (مفاخراته) فى اجتماع الوليد بن عقبه، و عتبه بن ابى سفيان، و عمروبن العاص، و المغيره بن شعبه فى مجلس معاويه، و دعوته للحسن (ع) لينالوا من ابيه (ع): ان الحسن (ع) قال لهم فى جمله ما قال: انشدكم الله ايها الرهط اتعلمون ان الذى شتمتموه منذ اليوم صلى القبلتين كلتيهما، و انت يا معاويه بهما كافر تراهما ضلاله، و تعبد اللات و العزى غوايه؟ و
انشدكم الله هل تعلمون انه اول الناس ايمانا، و انك يا معاويه و اباك من المولفه قلوبهم تسرون الكفر، و تظهرون الاسلام و تستمالون بالاسلام؟ و انشدكم الله الستم تعلمون انه كان صاحب رايه رسول الله يوم بدر، و ان رايه المشركين كانت مع معاويه و ابيه، ثم لقيكم يوم احد و يوم الاحزاب، و معه رايه رسول الله و معك و مع ابيك رايه الشرك، و فى كل ذلك يفتح الله له و يفلج حجته، و ينصر دعوته، و يصدق حديثه، و رسول الله (ص) فى تلك المواطن كلها عنه راض، و عليك، و على ابيك ساخط؟ و انشدك الله يا معاويه اتذكر يوما جاء ابوك على جمل احمر، و انت تسوقه، و اخوك (الفصل السابع- فى الامامه العامه) عتبه هذا يقوده فرآكم رسول الله، فقال: (اللهم العن الراكب و القائد و السائق)؟ اتنسى يا معاويه الشعر الذى كتبته الى ابيك لما هم ان يسلم، تنهاه عن ذلك؟ يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا بعد الذين ببدر اصبحوا فرقا خالى و جدى و عم الام ثالثهم و حنظل الخير قد اهدى لنا ارقا لا تركنن الى امر تكلفنا و الراقصات به فى مكه الخرقا فالموت اهون من قول العداه لقد حار ابن حرب عن العزى فرقا و و الله لما اخفيت اكثر مما ابديت الى ان قال- و انتم ايها الرهط
نشدتكم الله الا تعلمون ان رسول الله (ص) لعن اباسفيان فى سبعه مواطن لا تستطيعون ردها.اولها: يوم لقيه (ص) خارجا من مكه الى الطائف يدعو ثقيفا الى الدين، فوقع فيه و سبه و سفهه، و شتمه و كذبه، و توعده و هم ان يبطش به، فلعنه النبى (ص) و صرف عنه و جهه، و الثانيه: يوم العير، اذ عرض لها النبى (ص) و هى جائيه من الشام، فطردها ابوسفيان، و ساحل بها فلم يظفر بها المسلمون، و لعنه النبى (ص) و دعا عليه، فكانت وقعه بدر لاجلها، و الثالثه: يوم احد، حيث وقف تحت الجبل- و رسول الله (ص) فى اعلاه- و هو ينادى: (اعل هبل) مرارا، فلعنه النبى (ص) عشر مرات، و لعنه المسلمون، و الرابعه: يوم جاء بالاحزاب و غطفان و اليهود، فلعنه النبى (ص) و ابتهل، و الخامسه: يوم جاء فى قريش، فصدوا النبى (ص) عن المسجد الحرام (و الهدى معكوفا ان يبلغ محله) ذلك يوم الحديبيه، فلعن النبى (ص) اباسفيان، و لعن القاده و الاتباع، و قال: ملعونون كلهم، و ليس فيهم من يومن.فقيل: يا رسول الله افما ترجو الاسلام لاحد منهم، فكيف باللعنه؟ فقال: لا تصيب اللعنه احدا من (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الاتباع، و اما القاده فلا يفلح منهم احد.و السادسه: يوم الجمل الاحمر، و الس
ابعه: يوم وقفوا للنبى (ص) فى العقبه ليستنفروا ناقته، و كانوا اثنى عشر رجلا، فهذا لك يا معاويه.(و انك لذهاب فى التيه) قال الجوهرى: التيه: المفازه يتاه فيها.(رواغ) من: راغ الثعلب يروغ، و فى المثل: و غى جعار و انظرى اين المفر (عن القصد) اى: عن مستقيم الطريق، روى احمد بن ابى طاهر فى (بلاغاته) فى وفود اروى بنت الحرث بن عبدالمطلب على معاويه: انها قالت له فى جمله ما قالت: لقد كفرت بعدى بالنعمه، و اسات لابن عمك الصحبه، و تسميت بغير اسمك، و اخذت غير حقك بغير بلاء كان منك، و لامن آبائك فى الاسلام، و لقد كفرتم بما جاء به محمد (ص)، فاتعس الله منكم الجدود، و اصعر منكم الخدود.(الا ترى غير مخبر لك) اى: انك ادنى من ان اجعلك طرف اخبارى، و هذا اشد تبكيت للخصم، و فى (الاغانى) سب رجل من قريش فى ايام بنى اميه بعض ولد الحسن (ع)، فاغلط له و هو ساكت، و الناس يعجبون من صبره عليه، فلما اطال اقبل الحسنى عليه متمثلا بقول ابن مياده: اظنت سفاها من سفاهه رايها ان اهجوها لما هجتنى محارب فلا و ابيها اننى بعشيرتى و نفسى عن ذاك المقام لراغب (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فقام القرشى خجلا و ما رد عليه جوابا.(ولكن بنعم
ه الله احدث) ماخوذ من قوله تعالى: (و اما بنعمه ربك فحدث) و التحديث بنعمته عز و جل نوع من شكره تعالى، فان من يذكر فضائل نفسه، لو اعتقدها من نعمه تعالى يخرج عن القخر المذموم، و يدخل فى الشكر الممدوح، و قد قال النبى (ص): انا سيد ولد آدم و لا فخر.(ان قوما استشهدوا فى سبيل الله من المهاجرين و الانصار) فى (الطبرى): استشهد فى بدر سته من المهاجرين، و ثمانيه من الانصار.(و لكل فضل) و من فضلاء شهداء الانصار حنطله غسيل الملائكه الذى قتل باحد، و قال فيه ابوسفيان- و كان ابنه حنظله قتل فى بدر-: حنظله بحنظله.و منهم عاصم بن ثابت حمى الدبر، ابوجد الاحوص الشاعر، بعثه النبى (ص) فى بعث فقتله المشركون، و ارادوا ان يصلبوه، و ان يقطعوا راسه لامراه منهم لتشرب فى قحفه، كانت نذرت ذلك لكونه قتل ابنيها، فحمته الدبر - و هى: النحل- حتى بعث الله الوادى فى الليل فاحتمله فذهب به.(حتى اذا استشهد شهيدنا) يعنى (ع) عمه حمزه الذى قتله وحشى غلام جبيربن معطم النوفلى فى احد، قال الطبرى: كان وحشى حبشيا يقذف بحربه له قذف الحبشه قلما يخطى بها، فقال له جبير: اخرج مع الناس، فان انت قتلت عم محمد بعمى طعيمه بن عدى، فانت عتيق.و كانت هند بنت عتبه كلما
(الفصل السابع- فى الامامه العامه) مرت بوحشى او مر بها، قالت: ايه ابادسمه اشف و اشتف- الى ان قال-: قال وحشى: و الله انى لانظر الى حمزه يهد الناس بسيفه ما يليق شيئا يمر به، مثل الجمل الاورق، اذ تقدمنى اليه سباع بن عبد العزى، فقال له حمزه: هلم الى يابن مقطعه البظور، فضربه فكانما اخطا راسه.قال: و هززت حربتى حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت فى لبته حتى خرجت من بين رجليه، و اقبل نحوى، فغلب فوقع، فامهلته حتى اذا مات، جئت فاخذت حربتى.(قيل سيد الشهداء) روى الطبرى فى خطبه الحسين (ع) يوم الطف انه قال: (اوليس حمزه سيد الشهداء عم ابى).و روى الكلينى عن الاصبغ قال: رايت اميرالمومنين (ع) يوم افتتح البصره، و ركب بغله النبى (ص) ثم قال: ايها الناس الا اخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله؟ فقام اليه ابوايوب الانصارى، فقال: بلى يا اميرالمومنين حدثنا، فانك كنت تشهد و نغيب- الى ان قال- فقال (ع): ان خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل، و ان افضل الرسل محمد (ص)، و ان افضل كل امه بعد نبيها وصى نبيها حتى يدركه نبى، الا و ان افضل الاوصياء وصى محمد (ص)، الا و ان افضل الخلق بعد الاوصياء الشهداء، الا و ان افضل الشهداء حمزه بن عبدالمطلب، و
جعفربن ابى طالب له جناحان خضيبان يطير بهما فى الجنه، لم ينحل لاحد من هذه الامه جناحان غيره، شى كرم الله به محمد (ص) و شرفه.و السبطان الحسن و الحسين، و المهدى يجعله الله منا اهل البيت- ثم تلا هذه الايه-: (و من يطع الله و الرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك (الفصل السابع- فى الامامه العامه) رفيقا ذلك الفضل من الله و كفى بالله عليما).و روى عن الصادق (ع) قال: بينا النبى (ص) فى المسجد الحرام، و عليه ثياب له جدد، فالقى المشركون عليه سلى ناقه، فملووا و اثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء الله، فذهب الى ابى طالب، فقال له: يا عم كيف ترى حسبى فيكم؟ فقال له: و ما ذاك يابن اخى؟ فاخبره الخبر، فدعا ابوطالب حمزه، و اخذ السيف و قال لحمزه: خذ السلى.ثم توجه الى القوم، و النبى (ص) معه، فاتى قريشا و هم حول الكعبه، فلما راوه عرفوا الشرفى وجهه، ثم قال لحمزه: امر السلى على سبالهم.ففعل ذلك حتى اتى على آخرهم، ثم التفت ابوطالب الى النبى (ص) فقال: يابن اخى هكذا حسبك فينا.و روى الطبرى: ان النبى (ص) وجد حمزه ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده، و مثل به، فجدع انفه و اذناه، فقال:لئن انا اظهرنى الله على قريش فى موطن من المواطن لامثلن بثلاثين رجلا منهم.فلما راى المسلمون حزن النبى (ص) و غيظه على ما فعل بعمه، قالوا: و الله لئن ظهرنا عليهم يوما من الدهر، لنمثلن بهم مثله لم يمثلها احد من العرب باحد قط، و ان الله تعالى انزل فى ذلك، من قول النبى (ص) و قول اصحابه: (و ان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خير للصابرين) الى آخر السوره، فعفا النبى (ص) و صبر و نهى عن المثله.و فى (تفسير القمى): فلما راى النبى ما فعل بعمه بكى، ثم قال: و الله ما وقفت موقفا قط اغيظ على من هذا المكان، لئن امكننى الله من قريش لامثلن (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بسبعين رجلا منهم.فنزل عليه جبرئيل (ع) فقال: (و ان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خير للصابرين).فقال النبى (ص): بل اصبر.قال القمى: هذه الايه فى سوره النحل كان يجب ان يكون فى سوره آل عمران التى فيها اخبار احد.(و خصه رسول الله بسبعين تكبيره عند صلاته عليه) و كانت صلاته (ص) على باقى المومنين خمسا.و اما الصلاه بالاربع كما عليه العامه فمن احداث عمر، و روى الخطيب فى (عيسى البزاز المدائنى مولى حذيفه): ان عيسى صلى بالمدائن ع
لى جنازه فكبر خمسا.ثم التفت الى الناس، و قال: ما و همت و لا نسيت، ولكن كبرت كما كبر مولاى و ولى نعمتى حذيفه، صلى على جنازه فكبر خمسا، ثم التفت الينا فقال: ما نسيت و لا وهمت، ولكنى كبرت كما كبر النبى (ص)، صلى على جنازه فكبر خمسا.و عن (الجمع بين الصحيحين): ان زيد بن ارقم كان يكبر على جنائزنا اربعا، و انه كبر على جنازه خمسا، فسئل، فقال: كان النبى (ص) يكبر خمسا خمسا.و روى ابوالفرج فى (مقاتله) فى عيسى بن زيد: ان ابراهيم بن عبدالله بن الحسن صلى على جنازه بالبصره، فكبر عليها اربعا، فقال له عيسى بن زيد: لم نقصت واحده و قد عرفت تكبير اهلك؟ فقال: ان هذا اجمع للناس، و نحن الى (الفصل السابع- فى الامامه العامه) اجتماعهم محتاجون، و ليس فى تكبير تركتها ضرر ان شاء الله.ففارقه عيسى و اعتزله.و يفهم من الخبر ان جميع العلويين حتى الزيديه منهم كانوا يكبرون خمسا، بل جميع الهاشميين، حتى العباسيين كانوا كذلك، فرووا ان عيسى بن موسى صلى على السفاح فكبر خمسا، و ان القادر صلى على الطائع فكبر خمسا.و انما كان النبى (ص) يكبر اربعا على المنافقين، روى (الكافى) عن الصادق (ص): ان النبى (ص) كان يكبر على قوم خمسا، و على قوم اربعا، فاذا
كبر على رجل اربعا اتهم بالنفاق.هذا، و فى (قصص انبياء الثعلبى) المترجم ب (العرائس) قال ابن عباس: فلما مات آدم قال شيث لجبرئيل (ع): صل على آدم.فقال له جبرئيل: تقدم انت فصل على ابيك.فصلى عليه و كبر ثلاثين تكبيره.فاما خمس فهى الصلاه، و اما خمس و عشرون فهى تفضيل لادم (ع).يفهم منه ان الصلاه على المومنين كانت من اول يوم خمسا.ثم الظاهر ان تكبير النبى (ص) على حمزه سبعين تكبيرا كان بتعدد الصلاه عليه، بان يكون صلى عليه اربع عشره صلاه، كل صلاه خمسا، فروى (الكافى) عن الباقر (ع) قال: كبر النبى (ص) على حمزه سبعين تكبيره، و كبر على (ع) عندكم على سهل بن حنيف خمسا و عشرين تكبيره، كبر خمسا خمسا، كلما ادركه الناس قالوا: يا اميرالمومنين (ع) لم ندرك الصلاه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) على سهل، فيضعه فيكبر عليه خمسا، حتى انتهى الى قبره خمس مرات.هذا، و فى (تاريخ الخطيب) فى (عبدالله بن سليمان السجستانى): انه صلى عليه ثمانين مره حتى انفذ المقتدر بنازوك، فخلصوا جنازته و دفنوه.و فى (عيون ابن قتيبه) كانت صلاه العرب على موتاهم فى الجاهليه: ما كنت و كواكا و لا بزونك رويدك حتى يبعث الحق باعثه و قال: معنى (و كواك) غليظ،
و معنى (زونك) قصير.ثم كما خص النبى (ص) حمزه بسبعين تكبيره بكى لعدم الباكى عليه، قال الطبرى: مر النبى (ص) بدار من دور الانصار، من بنى عبدالاشهل و بنى ظفر، فسمع البكاء و النوائح على قتلاهم، فذرفت عينا النبى (ص) فبكى، ثم قال: لكن حمزه لا بواكى له.فلما رجع سعد بن معاذ و اسيد بن حضير الى دار بنى عبدالاشهل، امرا نساءهم ان يتحزمن ثم يذهبن، فيبكين على عم النبى (ص).(او لا ترى ان قوما قطعت ايديهم فى سبيل الله و لكل فضل) فممن قطعت يده فى بدر معاذبن عمرو بن الجموح، ففى (الطبرى) قال: ضربت اباجهل ضربه اطنت قدمه بنصف ساقه، و ضربنى ابنه عكرمه على عاتقى، فطرح يدى فتعلقت بجلده من جنبى، و اجهضنى القتال عنه، فلقد قاتلت عامه يومى و انى لاسحبها خلفى، فلما آذتنى جعلت عليها رجلى، ثم تمطيت بها حتى طرحتها.قال: ثم عاش معاذ الى زمن عثمان.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) (حتى اذا فعل بواحدنا) اى: جعفر اخوه (ع).(ما) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (كما) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(فعل بواحدهم) من قطع اليد.(قيل الطيار فى الجنه و ذوالجناحين) روى الواقدى عن عبدالله بن جعفر: ان النبى (ص) دخل على اسماء امه، فنع
ى اباه- الى ان قال-: يا اسماء الا ابشرك؟ قالت: بلى بابى انت و امى.قال: فان الله عز و جل جعل لجعفر جناحين يطير بهما فى الجنه.قالت: بابى انت و امى يا رسول الله، فاعلم الناس ذلك.فقام رسول الله (ص)، و اخذ بيدى يمسح بيده على راسى، حتى رقى على المنبر، و اجلسنى امامه على الدرجه السفلى، و الحزن يعرف عليه، فتكلم فقال: ان المرء كثير باخيه و ابن عمه، الا ان جعفر اقد استشهد، و قد جعل الله له جناحين يطير بهما فى الجنه.و مر خبر (الكافى) عن اميرالمومنين (ع) قال: و ان افضل الشهداء حمزه بن عبدالمطلب، و جعفر بن ابى طالب له جناحان خضيبان يطير بهما فى الجنه، لم ينحل لاحد من هذه الامه جناحان غيره، شى ء كرم الله به محمدا و شرفه.و فى (الطبرى) فى خطبه الحسين (ع) يوم الطف: اوليس جعفر الشهيد الطيار ذوالجناحين عمى؟ و روى (مقاتل ابى الفرج) عن ابى هريره، عن النبى (ص) قال: رايت (الفصل السابع- فى الامامه العامه) جعفرا ملكا، يطير فى الجنه مع الملائكه بجناحين.و روى عن ابى جعفر (ع) قال: قال النبى (ص) لجعفر: اشبهت خلقى و خلقى.و روى ابوالفرج ايضا: ان النبى (ص) لما فتح خيبر قدم عليه جعفر بن ابى طالب من الحبشه، فالتزمه النبى (ص) و جعل ي
قبل بين عينيه، و يقول: ما ادرى بايهما انا اشد فرحا: بقدوم جعفر ام بفتح خيبر؟ و روى (الاستيعاب) عن عبدالله بن جعفر قال: كنت اذا سالت عليا (ع) شيئا فمنعنى و قلت له: بحق جعفر اعطانى.و روى (روضه الكافى) عن سدير قال: كنا عند ابى جعفر (ع)، فذكرنا ما احدث الناس بعد نبيهم (ص)، و استذلالهم اميرالمومنين (ع)، فقال رجل من القوم: اصلحك الله فاين كان عز بنى هاشم، و ما كانوا فيه من العدد؟ فقال ابوجعفر (ع): و من كان بقى من بنى هاشم؟ الما كان جعفر و حمزه، فمضيا و بقى معه (ع) رجلان ضعيفان ذليلان، حديثا عهد بالاسلام: عباس و عقيل، و كانا من الطلقاء، اما و الله لو ان حمزه و جعفرا كانا بحضرتهما- اى الاول و الثانى-، ما وصلا الى ما وصلا اليه، و لو كانا شاهديهما لاتلفا نفسيهما.و روى (الفقيه) عن جابر الجعفى عن ابى جعفر (ع) قال: اوحى الله تعالى الى رسوله: انى شكرت لجعفر بن ابى طالب اربع خصال.فدعاه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) النبى (ص) فاخبره، فقال له: لو لا ان الله تعالى اخبرك ما اخبرتك، ما شربت خمرا قط، لانى علمت انى ان شربتها زال عقلى، و ما كذبت قط، لان الكذب ينقص المروه، و ما زنيت قط، لانى خفت انى اذا عملت عمل بى، و ما ع
بدت صنما قط، لانى علمت انه لا يضر و لا ينفع.قال: فضرب النبى (ص) يده على عاتقه، و قال: حق على (ع) عز و جل ان يجعل لك جناحين، تطير بهما مع الملائكه فى الجنه.و روى ابونعيم فى (حليته) عن ام سلمه قالت: لما نزلنا ارض الحبشه جاورنا خير جار- الى ان قالت-: فقال النجاشى لهم: ما هذا الدين الذى فارقتم فيه قومكم، و لم تدخلوا به فى دينى و لا فى دين احد من هذه الامم؟ فكان الذى كلمه جعفر بن ابى طالب فقال له: ايها الملك كنا قوما اهل جاهليه نعبد الاصنام و ناكل الميته، و ناتى الفواحش، و نقطع الارحام، و نسى ء الجوار، و ياكل القوى منا الضعيف، و كنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا، نعرف نسبه و صدقه و امانته و عفافه، فدعانا الى الله تعالى، لنوحده و نعبده، و نخلع ما كنا- نعبد نحن و آباونا- من دونه من الحجاره و الاوثان، و امرنا بصدق الحديث، و اداء الامانه و صله الرحم، و حسن الجوار، و الكف عن المحارم، و الدماء، و نهانا عن الفحش، و قول الزور، و اكل مال اليتيم، و قذف المحصنه، و امرنا ان نعبد الله وحده و لا نشرك به شيئا، و امرنا بالصلاه و الزكاه و الصيام- فعدد عليه امور الاسلام- فصدقناه و آمنا به و اتبعناه على ما جاء به من الله عز
و جل، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، و حرمنا ما حرم علينا، و احللنا ما احل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا و فتنونا عن ديننا، ليردونا الى عباده الاوثان من عباده الله، و ان نستحل ما كنا نستحل من (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الخبائث، فلما قهرونا و ظلمونا و ضيقوا علينا، و حالوا بيننا و بين ديننا، خرجنا الى بلادك فاخترناك على من سواك، و رغبنا فى جوارك، و رجونا ان لا نظلم عندك ايها الملك.فقال له النجاشى: فهل معك مما جاء به عن الله من شى ء؟ فقال له جعفر: نعم.فقال له: اقرا على.فقرا عليه صدرا من (كهيعص).فبكى النجاشى- و الله- حتى اخضل لحيته، و بكت اساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم، حين سمعوا ما تلا عليهم.ثم قال النجاشى: ان هذا و الذى جاء به موسى ليخرج من مشكاه واحده.و روى ايضا: ان النجاشى دعا جعفرا و جمع له النصارى، و قال له: اقرا عليهم ما معك من القرآن.فقرا عليهم (كهيعص)، ففاضت اعينهم.فنزلت: ( ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق).و روى ايضا: ان جعفرا كان يحب المساكين، و يجلس اليهم، و يحدثهم و يحدثونه، و كان النبى (ص) سميه: الا المساكين.و روى عن ابن عمر قال: فقدنا جعفرا يوم موته فطلبناه فى
القتلى، فوجدنا به بين طعنه و رميه بضعا و تسعين، و وجدنا ذلك فى ما اقبل من جسده.هذا، و قال ابن ابى الحديد فى موضع آخر: اتفق المحدثون على ان زيد بن حارثه كان هو الامير الاول (فى موته)، و انكرت الشيعه ذلك و قالوا: كان جعفر هو الامير الاول، فان قتل فزيد، فان قتل فعبدالله بن رواحه، و رووا فى ذلك روايات، و قد وجدت فى الاشعار التى ذكرها محمد بن اسحاق فى كتاب (الفصل السابع- فى الامامه العامه) (المغازى) ما يشهد لقولهم، فمن ذلك ما رواه عن حسان بن ثابت و هو: تاوبنى ليل بيثرب اعسر و هم اذا ما نوم الناس مسهر لذكرى حبيب هيجت لى عبره سفوحا و اسباب البكاء التذكر بلى ان فقدان الحبيب بليه و كم من كريم يبتلى ثم يصبر و لا يبعدن الله قتلى تتابعوا بموته منهم ذوالجناحين جعفر و زيد و عبدالله حين تتابعوا جميعا و اسياف المنيه تخطر رايت خيار المومنين تواردوا شعوب و خلق بعدهم يتاخر غداه غدوا بالمومنين يقودهم الى الموت ميمون النقيبه ازهر اغر كضوء البدر من آل هاشم ابى اذا سيم الظلامه اصعر فطاعن حتى مال غير موسد بمعترك فيه القتال منكر فصار مع المستشهدين ثوابه جنان و ملتف الحديقه اخضر و كنا نرى ف
ى جعفر من محمد و قارا و امرا حازما حين يامر و ما زال فى الاسلام من آل هاشم دعائم صدق لا ترام و مفخر هم جبل الاسلام و الناس حولهم رضام الى طود يطول و يقهر بهاليل منهم جعفر و ابن امه على و منهم احمد المتخير و منها قول كعب بن مالك الانصارى: نام العيون و دمع عينك يهمل سحا كما و كف الرباب المسبل وجدا على النفر الذين تتابعوا قتلى بموته اسندوا لم ينقلوا ساروا امام المسلمين كانهم طود يقودهم الهزبر المشبل اذ يهتدون بجعفر و لوائه قدام اولهم و نعم الاول قلت: و زاد طبريهم فى طنبور محدثيهم فى كون (زيد الامير الاول (الفصل السابع- فى الامامه العامه) نغمه)، فروى مما افتعلوا خبرا فى اعتراض جعفر على النبى (ص)، و انه وثب و قال: ما كنت اذهب ان تستعمل زيدا على.فانهم افتعلوا اصل تامير زيد على جعفر عداوه لاميرالمومنين (ع)، حيث كان جعفر اخاه، كما انهم وضعوا اعتراض جعفر دفعا للشنع عن صديقهم و فاروقهم، حيث امر النبى (ص) اولا عليهما زيدا ذاك، ثم بعده ابنه اسامه، فاعترض الرجلان- هما و اتباعهما- على النبى (ص) فى ذلك، حتى خطب النبى (ص) بذلك.و وضعوا ايضا اعتراض جعفر على النبى (ص) مقابل اعتراض فاروقهم ع
لى النبى (ص) فى الحديبيه، بانا لم نقر بالدنيه.و وضعوا جوابا للنبى (ص) على اعتراض جعفر: فانك لا تدرى اى ذلك خير.فى قبال جوابه (ص) لعمر: انى رسول الله، و ان الله لا يامرنى الا بالصلاح).فان ذاك الصلح كان صلاحا للمسلمين فراى المسلمون خيريته، و دخول جمع كثير من المشركين فى الاسلام بواسطه لقاء المسلمين معهم آمنين، و احتجاجهم لحقيه الاسلام، و اما تامير زيد على جعفر فاى حكمه كانت فيه؟ هل كان زيد اشجع من جعفر و اقدم على العدو؟ (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و قد رووا و منهم ابوعمر فى (استيعابه): ان النبى (ص) قال: مثل لى جعفر و زيد و ابن رواحه فى خيمه من در، كل واحد منهم على سرير، فرايت زيدا و ابن رواحه فى اعناقهما صدود، و رايت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود، فسالت، فقيل لى: انهما حين غشيا الموت اعرضا، او كانهما صدا بوجوههما، و اما جعفر فانه لم يفعل.و ياتى خبر كاتب الواقدى، و فى (ذيله): و رايت فى بعضهم اعراضا كانه كره السيف، و رايت جعفرا ملكا ذا جناحين مضرجا بالدماء.ثم انهم ما يفعلون بقول النبى (ص) فى المتفق عليه، و المتواتر فى جعفر: انه كالملائكه ذو جناحين طيار فى الجنه، دون زيد الامير عليه بزعمهم، و دون عبدالل
ه الذى قتل معه؟ فهل كان النبى (ص) افعاله خلاف الحكمه؟ (يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم و يابى الله الا ان يتم نوره و لو كره الكافرون).و ما يفعلون بلعن النبى (ص)- فى المستفيض و المتفق عليه- المتخلف عن جيش اسامه، و قد تخلفا عنه.و هل يصلح العطار ما افسد الدهر ثم ما ادعاه ابن ابى الحديد، من اتفاق محدثيهم على ان زيدا الامير (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الاول، باطل، كيف و قد روى كاتب الواقدى فى (طبقاته) عن بكر بن عبدالرحمن قاضى الكوفه عن عيسى بن المختار عن محمد بن عبدالرحمن بن ابى ليلى عن سالم بن ابى الجعد عن ابى اليسر عن ابى عامر، قال: بعثنى النبى (ص) الى الشام، فلما رجعت مررت على اصحابى و هم يقاتلون المشركين بموته، قلت: و الله لا ابرح اليوم حتى انظر الى ما يصير امرهم.فاخذ اللواء جعفر بن ابى طالب و لبس السلاح- و كان راس القوم- ثم حمل جعفر، حتى اذا هم ان يخالط العدو رجع، فوحش بالسلاح، ثم حمل على العدو فطاعن حتى قتل- الى ان قال- فاتيت النبى (ص) فاخبرته، فشق ذلك عليه، فصلى الظهر ثم دخل- الى ان قال- حتى اذا كان صلاه الصبح دخل المسجد ثم تبسم- و كان تلك الساعه لا يقوم اليه انسان من ناحيه المسجد حتى يصلى ال
غداه- فقال له القوم حين تبسم: يا نبى الله بانفسنا انت ما يعلم الا الله ما كان بنا من الوجد، منذ راينا منك الذى راينا.قال رسول الله (ص): كان الذى رايتم منى انه احزننى قتل اصحابى، حتى رايتهم فى الجنه (اخوانا على سرر متقابلين)، و رايت فى بعضهم اعراضا، كانه كره السيف، و رايت جعفرا ملكا ذا جناحين مضرجا بالدماء مصبوغ القوادم.هذا، و لم يلقب احد سيد الشهداء بعد حمزه، الا ابو عبدالله الحسين بن على (ع)، كان (ع) سيدالشهداء: الاولين و الاخرين، و لم يلقب احد الطيار بعد جعفر، الا ابوالفضل العباس بن على رضوان الله عليه.روى جعفر بن قولويه فى (كامله) عن ام سعيد الا حمسيه، قالت: دخلت المدينه فاكتريت حمارا، على ان اطوف على قبور الشهداء، فقلت: ابدا بابن رسول الله (ص) فادخل عليه.فابطات على المكارى قليلا فهتف بى، فقال لى (الفصل السابع- فى الامامه العامه) ابو عبدالله (ع): ما هذا يا ام سعيد؟ قلت له: جعلت فداك تكاريت حمارا ادور على قبور الشهداء.قال: افلا اخبرك بسيد الشهداء؟ قلت: بلى.قال: الحسين بن على (ع).قلت: و انه لسيدلشهداء؟ قال: نعم.قلت: فما لمن زاره؟ قال: حجه و عمره، و من الخير هكذا و هكذا.و عن ابى بصيرعنه (ع) قال: م
ا من شهيد الا و هو يحب لو ان الحسين بن على (ع) حى، يستشهدون معه، و يدخلون الجنه معه.و روى ابن بابويه عن على بن الحسين (ع) قال: رحم الله العباس- يعنى ابن على- فلقد آثر و ابلى، و فدى اخاه بنفسه حتى قطعت يداه، فابدله الله بهما جناحين، يطير بهما مع الملائكه فى الجنه، كما جعل لجعفر بن ابى طالب، و ان للعباس عند الله تبارك و تعالى لمنزله، يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامه.(و لو لا ما نهى الله عنه من تزكيه المرء نفسه) فى قوله جل و علا: ( هو اعلم بكم اذ انشاكم من الارض و اذ انتم اجنه فى بطون امهاتكم فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى).(لذكر ذاكر) يريد (ع) نفسه.(فضائل جمه) اى: كثيره، فى (تذكره سبط ابن الجوزى): فضائل على (ع) اشهر من الشمس و القمر، و اكثر من الحصى و المدر، و قد روى مجاهد: ان رجلا قال لابن عباس: ما اكثر فضائل على بن ابى طالب، و انى لاظنها ثلاثه آلاف.فقال له ابن عباس: هى الى الثلاثين الفا اقرب من ثلاثه آلاف، ثم قال: لو ان الشجر اقلام، و البحور مداد، و الانس و الجن كتاب (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و حساب، ما احصوا فضائل اميرالمومنين على (ع).قلت: و لنعم ما قال شباب التسترى بالفارسيه فى
فضائله (ع): كتاب فضل ترا آب بحر كافى نيست كه تر كنند سر انگشت و صفحه بشمارند و قال الجاحظ مع نصبه، فى رساله له فى فضل اهل البيت (ع)- و قد نقل الرساله سليمان الحنفى فى كتابه (ينابيع الموده)-: فاما على بن ابى طالب فلو افردنا لفضائله الشريفه، و مقاماته الكريمه، و درجاته الرفيعه، و مناقبه السنيه لافنينا فى ذلك الطوامير الطوال، و الدفاتر العراض، فالعرق صحيح من آدم (ع)، و النسب صريح، و المولد مكان معظم، و المنشا مبارك مكرم، و الشان عظيم، و العمل جسيم، و العلم كثير، و ليس له نظير، و الهمه عاليه، و القوه كامله، و البيان عجيب، و اللسان خطيب، و الصدر رحيب.فاخلاقه وفق اعراقه، و حديثه يشهد على تقديمه، و لا يسعنى استقصاء جميع فضله، و يتعذر لنا تبيان كل حقه و قال ايضا: انه اطاع الله و رسوله قبل الاصحاب، و معهم و بعدهم، و امتحن بما لم يمتحن به ذو عزم، و ابتلى بما لم يبتل به ذو صبر، و بلغ به اشرف المنازل، و ارفع الدرجات فى جوار رب العزه.و روى الخطيب مع نصبه فى (لولو بن عبدالله القيصرى)- الذى قال فيه: لم اسمع احدا من شيوخنا يذكره الا بالجميل- باسناده عن النبى (ص) قال: لمبارزه على يوم الخندق افضل من عمل امتى الى يو
م القيامه.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و قال سبط ابن الجوزى: ان فضائله (ع) قسمان: قسم مستنبط من الكتاب، و الثانى من السنه الظاهره التى لا شك فيها و لا ارتياب.فاما نصوص الكتاب فايات، منها قوله تعالى فى البقره: (و اقيموا الصلاه و آتوا الزكاه و اركعوا مع الراكعين).روى مجاهد عن ابن عباس انه قال: اول من ركع مع النبى (ص) على (ع)، فنزلت فيه هذه الايه.قال: و منها قوله تعالى فى البقره ايضا: (الذين ينفقون اموالهم بالليل و النهار سرا و علانيه).روى عكرمه عن ابن عباس قال: كان مع على (ع) اربعه دراهم، فتصدق بدرهم ليلا، و بدرهم نهارا، و بدرهم سرا، و بدرهم علانيه، فنزلت فيه هذه الايه.قال: و منها قوله تعالى فى آل عمران: ( فقل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم ونساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم).قال جابر بن عبدالله الانصارى فى ما رواه عنه اهل السير: قدم وفد نجران على النبى (ص) و فيهم السيد و العاقب و جماعه من الاساقفه، فقالوا: من ابوموسى؟ فقال: عمران.قالوا: فابوك؟ قال: ابى عبدالله بن عبدالمطلب.قالوا: فعيسى من ابوه؟ فسكت ينتظر الوحى.فنزل قوله تعالى: (ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب).قالوا: لا
نجدها فى ما اوحى الى انبيائنا.فقال: كذبتم.فنزل قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و انفسناو انفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنه الله على (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الكاذبين).قالوا: انصفت فمتى نباهلك؟ قال: غدا ان شاء الله.فانصرفوا، و قال بعضهم لبعض: ان خرج فى عده من اصحابه فباهلوه، لانه غير نبى، و ان خرج فى اهل بيته فلا تباهلوه، فانه نبى صادق، و لئن باهلتموه لتهلكن.ثم بعث النبى (ص) الى اهل المدينه و من حولها، فلم تبق بكر و لا آنس الا و خرجت، و خرج النبى (ص) و على (ع) بين يديه، و الحسن (ع) عن يمينه، و الحسين (ع) عن شماله، و فاطمه (ع) خلفه.ثم قال: هلموا فهولاء ابناونا و اشار الى الحسن و الحسين (ع) و هذه نساونا يعنى فاطمه (ع) و هذه انفسنا يعنى نفسى- و اشار الى على (ع)- فلما راى القوم ذلك خافوا و جاووا الى بين يديه، فقالوا: اقلنا اقالك الله.فقال النبى (ص) و الذى نفسى بيده، لو خرجوا لامتلا الوادى عليهم نارا.ثم قال: و ذكر الثعلبى فى (تفسيره): ان النبى (ص) غدا محتضنا الحسين (ع)، آخذابيد الحسن (ع) و فاطمه (ع) تمشى خلفه و على (ع) خلفهم، و قال رس
ول الله (ص): اذا دعوت فامنوا.فقال اسقف نجران: يا معاشر النصارى انى لارى وجوها لو سالوا الله ان يزيل جبلا من مكانه لازاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا، و لا يبقى على وجه الارض الا مسلم.فرجعوا الى بلادهم، و صالحوا النبى (ص) على الفى حله.قال: و منها فى المائده قوله تعالى: (انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاه و يوتون الزكاه و هم راكعون).ذكر الثعلبى فى (تفسيره) عن السدى و عتبه بن ابى حكيم، و غالب بن عبدالله قالوا: نزلت هذه الايه فى على (ع)، مر به سائل و هو فى المسجد راكع فاعطاه خاتمه.قال: (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و ذكر الثعلبى القصه مسنده الى ابى ذر الغفارى، فقال: صليت يوما صلاه الظهر فى المسجد و النبى (ص) حاضر.فقام سائل فسال فلم يعطه احد شيئا.قال: و كان على (ص) قد ركع فاوما الى السائل بخنصره، فاخذ الخاتم من خنصره، و النبى (ص) يعاين ذلك، فرفع راسه الى السماء و قال: اللهم ان اخى موسى سالك فقال: ( رب اشرح لى صدرى و يسر لى امرى و اشركه فى امرى)، فانزلت عليه قرآنا ناطقا: ( سنشد عضدك باخيك و نجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما)، اللهم و انا محمد صفيك و نبيك فاشرح لى صدرى و يسر
لى امرى و اجعل لى وزيرا من اهلى (عليا) اشدد به ازرى- او قال-: ظهرى.قال ابوذر: فو الله ما استتم النبى (ص) الكلمه حتى نزل جبرئيل من عند الله تعالى، فقال: يا محمد اقرا: (انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاه و يوتون الزكاه و هم راكعون) و فى روايه اخرى-: خرج النبى (ص) و على (ع) قائم يصلى، و فى المسجد سائل معه خاتم، فقال له النبى (ص): هل اعطاك احد شيئا؟ فقال: نعم، ذلك المصلى، هذا الخاتم و هو راكع.فكبر النبى (ص)، و نزل جبرئيل (ع) يتلو هذه الايه.فقال حسان بن ثابت: اباحسن تفديك روحى و مهجتى و كل بطى ء فى الهدى و مسارع فانت الذى اعطيت اذ كنت راكعا فدتك نفوس الخلق يا خير راكع بخاتمك الميمون يا خير سيد و يا خير شار ثم يا خير بائع فانزل فيك الله خير ولايه و بينها فى محكمات الشرائع (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و قال ايضا: من ذا بخاتمه تصدق راكعا و اسرها فى نفسه اسرارا من كان بات على فراش محمد و محمد سرى يوم الغارا من كان فى القرآن سمى مومنا فى تسع آيات تلين غزارا قال: و منها ما فى البراءه قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين).قال علما
ء السير: معناه كونوا مع على (ع) و اهل بيته.قال ابن عباس: على (ع) سيد الصادقين.قال: و منها فى هود قوله تعالى: (افمن كان على بينه من ربه و يتلوه شاهد منه).ذكر الثعلبى فى (تفسيره) عن ابن عباس: انه على (ع)، و معنى: (و يتلوه شاهد منه): انه اقرب الناس الى رسول الله (ص) و ذكر الثعلبى ايضا باسناده عن على (ع) من روايه زاذان قال: سمعته يقول: و الذى فلق الحبه، و برا النسمه، لو ثنيت لى و ساده لحكمت بين اهل التوراه بتوراتهم و بين اهل الانجيل بانجيلهم، و بين اهل الزبور بزبورهم، و بين اهل الفرقان بفرقانهم، و الذى نفسى بيده ما من رجل من قريش جرت عليه المواسى الا و انا اعرف له آيه تسوقه الى الجنه او تقوده الى النار.فقال له رجل: يا اميرالمومنين فما آيتك التى انزلت فيك؟ فقال: (افمن كان على بينه من ربه و يتلوه شاهد منه) فرسول الله (ص) على بينه و انا شاهد منه.قال: و منها فى آخر مريم قوله تعالى: (ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا).قال ابن عباس: هذا الود جعله الله (الفصل السابع- فى الامامه العامه) لعلى فى قلوب المومنين، و قد روى الثعلبى هذا المعنى مسندا فى تفسير الى البراء بن عازب قال: قال النبى (ص
) لعلى (ع): قل: (اللهم اجعل لى عندك عهدا و اجعل لى فى صدور المومنين موده) فانزل الله تعالى هذه الايه.قال: و منها فى الاحزاب قوله تعالى: ( فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر).قال عكرمه: الذى ينتظر اميرالمومنين (ع).و اما قوله تعالى فى هذه السوره: ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا) فسنذكره فى ما بعد ان شاء الله تعالى.قال: و منها فى الصافات قوله تعالى: (وقفوهم انهم مسوولون).قال مجاهد: عن حب على (ع).قال: و منها فى الجاثيه قوله تعالى: (ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا و عملوا الصالحات سواء).عن ابن عباس: نزلت فى على (ع) يوم بدر ( الذين اجترحوا السيئات): عتبه و شيبه.(كالذين آمنوا و عملوا الصالحات): على (ع).قال: و منها قوله تعالى فى الواقعه قوله تعالى: (و السابقون السابقون).روى سعيد بن جبير عن ابن عباس: اول من صلى مع النبى (ص) على (ع) و فيه نزلت هذه الايه.قال: و منها فى المجادله قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا اذا ناجيتم (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقه).قال علماء التاويل: نزلت فى على (ع)، تصدق بدينار
ثم ناجى النبى (ص)، فاقتدى به المسلمون، ثم نزلت الرخصه.و قد اشار الى القصه الثعلبى فى (تفسيره) فقال: عن ابن عباس: سال الناس النبى (ص) و احفوه فى المساله، فادبهم الله بهذه الايه.حكى الثعلبى عن مجاهد قال: نهوا عن مناجاه النبى (ص) حتى يتصدقوا، فلم يناجه الا على (ع)، قدم دينارا فتصدق به، و قال على (ع): ان فى كتاب الله لايه ما عمل بها احد قبلى، و لا يعمل بها احد بعدى- و تلا هذه الايه- و كان ابن عمر يقول: كانت لعلى (ع) ثلاث، لو كان لى واحده منهن كانت احب الى من حمر النعم: تزويجه فاطمه (ع)، و اعطاوه الرايه يوم خيبر، و آيه النجوى.قال: و منها فى سوره (لم يكن) قوله تعالى: ( اولئك هم خير البريه).قال مجاهد: هم على (ع) و اهل بيته، و محبوهم.قال السبط: و فى القرآن آيات كثيره اقتصرنا على هذه الجمله، لانها غزيره، و سنذكر بعضها فى غضون الابواب، مما لا يخرج عن مقصود الكتاب كقوله تعالى فى السجده: (افمن كان مومنا كمن كان فاسقا لا يستوون اما الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم جنات الماوى نزلا بما كانوا يعملون قلت: الايه الاخيره، اجمع اهل العلم- كما صرح به ابن عبدالبر- على نزولها فى اميرالمومنين (ع) مع الوليد بن عقبه.و قد رو
ى احمد بن حنبل و غيره نزول قوله تعالى: (و من الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الله) فيه، لما بات على فراش النبى (ص)، كما ياتى فى كلام السبط ايضا.و منها آيات (هل اتى) من قوله تعالى: (ان الابرار يشربون من كاس كان مزاجها كافورا ان هذا كان لكم جزاء و كان سعيكم مشكورا).فنقل ابن طلحه الشافعى فى كتابه عن (تفسير الواحدى) و غيره: ان عليا (ع) آجر نفسه ليله الى الصبح، يسقى نخلا بشى ء من شعير، فلما اصبح و قبض الشعير طحن ثلثه، و جعلوا منه شيئا ياكلونه، يسمى الحريره، فلما تم انضاجه اتى مسكين، فاخرجوا اليه الطعام، ثم عمل الثلث الثانى، فلما تم انضاجه اتى يتيم، فسال فاطعموه، ثم عمل الثلث الباقى، فلما تم انضاجه اتى اسير من المشركين، فسال فاطعموه، و طووا- على و فاطمه و الحسن و الحسين (ع)- فاطلع الله تعالى على نبيهم، و ان القصد فى ذلك الفعل وجه الله تعالى، طلبا لنيل ثوابه و نجاه من عقابه، فانزل الله تعالى: (و يطعمون الطعام) الى آخر الايات.و قال السبط ايضا بعد ما مر: و اما السنه فباخبار نبدا منها بما ثبت فى الصحيح و المشاهير من الاثار، حديث فى اخبار النبى (ص) لعلى (ع).قال احمد فى ا
لمسند- و قد تقدم اسناده-: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبه عن الحكم عن مصعب بعد سعد عن ابيه سعد بن ابى وقاص، قال: خلف النبى (ص) عليا (ع) فى غزاه تبوك فى اهله، فقال: يا رسول الله تخلفنى فى (الفصل السابع- فى الامامه العامه) النساء و الصبيان؟ فقال: الا ترضى ان تكون منى بمنزله هارون من موسى غير انه لا نبى بعدى؟ اخرجاه فى (الصحيحين) و اتفقا عليه.و قد اخرج مسلم عن عامر بن سعد بن ابى وقاص، قال: امر معاويه بن ابى سفيان سعدا و قال له: ما منعك ان تسب اباتراب؟ فقال سعد: اما ما ذكرت فثلاث سمعت النبى (ص) قالهن له، فلن اسبه ابدا، لان يكون لى واحده منهن احب الى من حمر النعم- و ذكر منها حديث الرايه و سنذكره فيما بعد ان شاء الله تعالى- و الثانيه: لما نزل قوله تعالى: ( ندع ابناءنا و ابناءكم) الى ان قال- دعا النبى (ص) عليا و فاطمه و الحسن و الحسين (ع)، و قال: اللهم هولاء اهلى.و الثالثه: سمعت النبى (ص) و قد خلفه فى بعض مغازيه، فقال: يا رسول الله تركتنى مع النساء و الصبيان؟ فقال: الا ترضى؟ و قد ذكر المسعودى فى (المروج): ان سعدا لما قال لمعاويه هذه المقاله، قال له معاويه: ما كنت عندى الام منك الان فالا نصرته، و لم قعدت عن
بيعته؟- و كان سعد قد تخلف عن بيعته- ثم قال معاويه: اما انى لو سمعت من النبى (ص) ما سمعت فى على، لكنت له خادما ما عشت.قال: و قد اخرج احمد بن حنبل هذا الحديث فى كتاب (الفضائل) الذى صنفه لاميرالمومنين (ع)، و ذكر اسناده عن مجدوح بن زيد الباهلى، قال: آخى النبى (ص) ين المهاجرين و الانصار فبكى على (ع)، فقال النبى (ص) ما يبكيك؟ فقال: لم تواخ بينى و بين احد.فقال: انما ادخرتك لنفسى.ثم قال (الفصل السابع- فى الامامه العامه) لعلى (ع): انت منى بمنزله هارون من موسى ثم قال: يا على اما علمت ان اول من يدعى به يوم القيامه انا فاقوم عن يمين العرش فى ظله، فاكسى حله خضراء من حلل الجنه، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على اثر بعض، فيقومون سماطين على يمين العرش و يساره الى ان قال-: ثم انت اول من يدعى به لقرابتك منى و منزلتك عندى، و يدفع اليك لوائى- و هو لواء الحمد- فتسير به بين السماطين آدم و من دونه و جميع خلق الله يستظلون بظل لوائى يوم القيامه و طوله مسيره الف سنه الى ان قال- فتسير باللواء و الحسن عن يمينك و الحسين عن يسارك حتى تقف بينى و بين ابراهيم (ع) فى ظل العرش، و تكسى حله خضراء من حلل الجنه، و ينادى مناد من تحت العرش: نعم ال
اب ابوك ابراهيم، و نعم الاخ اخوك على، ابشر يا على فانك ستكسى اذا كسيت، و تدعى اذا دعيت، و تحيا اذا حييت، و تقف على عقر حوضى تسقى من عرفت.فكان على (ع) يقول: و الذى نفسى بيده لاذودن عن حوض النبى (ص) اقواما من المنافقين كما تذاد غريبه الابل عن الحوض ترده.و قال السبط ايضا: و قد اخرج احمد فى (الفضائل) عن جابر قال: قال النبى (ص): يا على و الذى نفسى بيده ان على باب الجنه مكتوبا: (لا اله الا الله محمد رسول الله على بن ابى طالب اخو رسول الله) قبل ان يخلق الله السماوات و الارض بالفى سنه.قال السبط: رواه احمد من غير طريق زكريا بن يحيى الذى ضعفه ابن معين.و روى ايضا عن احمد فى (الفضائل): عن اسماء بنت عميس عن النبى (ص) قال: اللهم انى اقول كما قال اخى موسى: (و اجعل لى وزيرا من (الفصل السابع- فى الامامه العامه) اهلى (عليا) اشدد به ازرى و اشركه فى امرى كى نسبحك كثيرا و نذكرك كثيرا).و نقل ايضا روايه احمد عن سعيد بن المسيب: ان النبى (ص) قال و قد آخى بين اصحابه: اين على؟ فجاء، فقال: يا على انت اخى و انا اخوك، فان ناكرك احد فقل: انا عبدالله و اخو رسوله، و الله لا يدعيها بعدك الا كذاب- الى ان قال- عن عبدالله بن ابى اوفى، قا
ل: دخلت على النبى (ص) فى مسجده.فقال لى: اين فلان، و اين فلان؟ فجعل ينظر فى وجوه اصحابه و يتفقدهم، و يبعث اليهم حتى توافوا عنده، فحمد الله و اثنى عليه و آخى بينهم، فقال له على (ع): لقد اذهبت روحى يا رسول الله حين رايتك فعلت باصحابك ما فعلت غيرى، فان كان هذا من الله فلك العتبى و الكرامه.فقال النبى (ص): و الذى بعثنى بالحق ما اخرتك الا لنفسى، و انت منى بمنزله هارون من موسى، و انت اخى و وارثى.فقال: يا رسول الله و ما ارث منك؟ قال: ما ورث الانبياء قبلى.قال: و ما ورثوا؟ قال: كتاب الله و سنن انبيائه، و انت معى فى قصرى فى الجنه، مع فاطمه ابنتى و الحسن و الحسين ابنى، و انت رفيقى.ثم تلا النبى (ص): ( اخوانا على سرر متقابلين).و قال: خرجه احمد فى (الفضائل) من غير روايه عبد المومن الضعيف و رجاله ثقات.قال: حديث الرايه: و روى عن (مسند احمد) و (صحيحى مسلم و البخارى) عن سهل بن (الفصل السابع- فى الامامه العامه) سعد، قال: قال النبى (ص) يوم خيبر: لاعطين الرايه- او هذه الرايه- غدا رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، يفتح الله على يديه، فبات الناس يدوكون ايهم يعطاها؟ فلما اصبحوا غدوا على النبى (ص) يرجو كل ان
يعطاها، فقال: اين على؟ فقيل: يا رسول الله هو ارمد- او يشتكى عينيه- قال: فارسلوا اليه، فجاء فبصق فى عينه و دعا له، فبرا كان لم يكن به وجع، فاعطاه الرايه- الى ان قال-: ان عمر قال فى ذلك اليوم: ما احببت الاماره الا يومئذ، فتساورت لها رجاء ان ادعى لها، فدعا النبى (ص) عليا فدفعها اليه، و قال له: امش حتى يفتح الله عليك و لا تلتفت.و نقل ايضا روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن احمد بن حنبل عن بريده قال: حاصرنا خيبر فاخذ اللواء ابوبكر، فلم يفتح له، ثم اخذه عمر من الغد، فرجع و لم يفتح له، و اصاب الناس شده و جهد، فقال النبى (ص): انى دافع اللواء غدا الى رجل يحبه الله و رسوله، لا يرجع حتى يفتح- او يفتح الله- على يديه.فبتنا طيبه انفسنا ان الفتح غدا، فلما صلى النبى (ص) الفجر قام فدعا باللواء و الناس على مصافهم، ثم دعا عليا (ع)- الى ان قال- فبرز اليه من خيبر مرحب و هو يرتجز- الى ان قال-: ثم ضرب راس مرحب بالسيف ففلقه.قال على (ع): و جئت براس مرحب بين يدى النبى (ص)، فسر بذلك، و دعا لى.و ذكر احمد فى (الفضائل) ايضا: انهم سمعوا تكبيرا من السماء فى ذلك اليوم، و قائل يقول: لا سيف الا ذوالفقار و لا فتى الا على فاستاذن حسان بن
ثابت النبى (ص) ان ينشد شعرا، فاذن له، فقال: (الفصل السابع- فى الامامه العامه) جبريل نادى معلنا و النقع ليس بمنجلى و المسلمون قد احدقوا حول النبى المرسل لا سيف الا ذوالفقار و لا فتى الا على - الى ان قال-: و قال جابر: حمل على (ع) باب خيبر وحده، فدحاه ناحيه، ثم جاء بعده اناس يحملونه، فلم يحمله الا اربعون رجلا.و ذكر الطبرى فى (تاريخه) عن ابى رافع مولى النبى (ص): ان عليا (ع) لما دنا من الحصن (احد حصون خيبر) خرج اليه اهله فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود، فطرح ترسه من يده، فتناول على (ع) بابا كان عند الحصن، فتترس به عن نفسه، فلم يزل فى يده و هو يقاتل حتى فتح الله على يده، ثم القاه من يده حين فرع.قال ابورافع: فلقد رايتنى فى نفر سبعه انا ثامنهم، نجهد ان نقلب ذلك الباب، فما نقلبه.و قيل: هذا الحصن اسمه قموص، و هو الذى اخذ على (ع) منه صفيه، و جاء بها الى النبى (ص).قال: حديث فى ارتقائه على كتفى النبى (ص)؟ و نقل روايه مسند احمد بن حنبل عن ابى مريم عن على (ع)، قال: انطلقت انا و رسول الله (ص) حتى اتينا الكعبه، فقال لى رسول الله: اجلس.فجلست، فصعد على كتفى فذهبت لانهض به، فلم اطق و راى منى ضعفا، فنزل و جلس ل
ى رسول الله، ثم قال: اصعد على منكبى، فصعدت على منكبه فنهض بى، و انه ليخيل لى انى لو شئت ان انال افق السماء لنلته، حتى صعدت على البيت، و عليه تمثال صفر او نحاس، فجعلت ازاوله عن يمينه و شماله، و بين يديه و من خلفه، حتى اذا استمكنت منه قال لى النبى (ص): اقذف به.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) فقذفته فتكسر كما تكسر القوارير، ثم نزلت، فانطلقنا نستبق حتى توارينا بالبيوت، خشيه ان يلقانا احد من الناس.قال سعيد بن المسيب: فلهذا كان على (ع) يقول: سلونى عن طرق السماوات، فانى اعرف بها من طرق الارضين، و لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.قال سعيد بن المسيب لم يكن احد من اصحاب النبى (ص) يقولها الا على (ع).قال: حديث فى محبته (ع).و نقل روايه احمد بن حنبل ايضا فى (مسنده) عن زر بن حبيش عن على (ع)، قال: و الله عهد الى رسول الله (ص) انه لا يحبنى الا مومن و لا يبغضنى الا منافق.و اخرج الترمذى عن ام سلمه، قالت: سمعت النبى (ص) يقول: لا يحب عليا الا مومن و لا يبغضه الا منافق.قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح.قال: و قال الترمذى ايضا: كان ابوالدرداء يقول: ما كنا نعرف المنافقين - معشر الانصار- الا ببغضهم على بن ابى طالب (ع).و روى
احمد فى (الفضائل) عن المطلب بن عبدالله بن حنظله عن ابيه قال: قال النبى (ص) فى خطبته: اوصيكم بحب ذى قرنيها- اخى و ابن عمى على- فانه لا يحبه الا مومن، و لا يبغضه الا منافق.و فى روايه: فمن احبه فقد احبنى، و من ابغضه فقد ابغضنى، و من احبنى ادخله الله الجنه، و من ابغضنى ادخله الله النار.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) قال: حديث فى قول النبى (ص): (من كنت مولاه فعلى مولاه): و نقل روايه احمد بن حنبل فى (مسنده) عن زاذان، قال: سمعت عليا (ع) فى الرحبه و هو ينشد الناس، يقول: انشد الله رجلا سمع رسول الله (ص) يقول فى يوم غدير خم: (من كنت مولاه فعلى مولاه)، فقام ثلاثه عشر رجلا من الصحابه، فشهدوا انهم سمعوا رسول الله يقول ذلك.و قال: اخرجه الترمذى فى (سننه)، و قال: حسن- و زاد- اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و ادر الحق معه كيفما دار، و حيث دار.و نقل ايضا روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن بريده قال: قال النبى (ص): (من كنت مولاه- او وليه- فعلى وليه).و فى روايه لما انشد على (ع) الناس فى الرحبه قام خلق كثير، فشهدوا له بذلك- و فى لفظ- فقام ثلاثون رجلا فشهدوا.و نقل ايضا روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن رياح بن الحرث
قال: جاء رهط الى اميرالمومنين على (ع) فقالوا: (السلام عليك يا مولانا)- و كان بالرحبه- فقال: كيف اكون مولاكم، و انتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله (ص) يقول يوم غدير خم: (من كنت مولاه فعلى مولاه).قال رياح: فقلت: من هولاء؟ فقيل: نفر من الانصار، فيهم ابوايوب الانصارى صاحب النبى (ص).و عن عبدالملك بن عطيه العوفى قال: اتيت زيد بن ارقم، فقلت له: ان ختنا لى حدثنى عنك بحديث فى شان على (ع) يوم الغدير، و انا احب ان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) اسمعه منك، فقال: انكم معشر اهل العراق فيكم ما فيكم.فقلت: ليس عليك منى باس.فقال: نعم، كنا بالجحفه فخرج النبى (ص) علينا ظهرا، و هو آخذ بعضد على (ع)، فقال: ايها الناس الستم تعلمون انى اولى بالمومنين من انفسهم؟ فقالوا: بلى.فقال: (من كنت مولاه فعلى مولاه).قالها اربع مرات.و عن البراء بن عازب قال: كنا مع النبى (ص) فنزلنا بغدير خم، فنودى فينا الصلاه جامعه، و كسح للنبى (ص) بين شجرتين، فصلى الظهر و اخذ بيد على (ع) و قال: (اللهم من كنت مولاه فهذا مولاه)، فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: هنيئا لك يابن ابى طالب، اصبحت و امسيت مولاى و مولى كل مومن و مومنه.و فى روايه: اللهم فانصر من نصر
ه، و اخذل من خذله، و احب من احبه، و ابغض من ابغضه.قال السبط: و ذكر الثعلبى فى (تفسيره) ان النبى (ص) لما قال ذلك طار فى الاقطار، و شاع فى البلاد و الامصار، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهرى، فاتاه على ناقه له فاناخها على باب المسجد، ثم عقلها و جاء فدخل فى المسجد، فجثا بين يدى النبى (ص) فقال: يا محمد انك امرتنا ان نشهد الا اله الا الله و انك رسول الله، فقبلنا منك ذلك، و انك امرتنا ان نصلى خمس صلوات فى اليوم و الليله، و نصوم رمضان، و نحج البيت، و نزكى اموالنا، فقبلنا منك ذلك، ثم لم ترض بهذا، حتى رفعت بضبعى ابن عمك، و فضلته على الناس و قلت: (من كنت مولاه فعلى مولاه)، فهذا شى ء منك او من الله؟ فقال النبى (ص)- و قد احمرت عيناه-: (و الله الذى لا اله الا هو، انه من الله و ليس منى).- قالها ثلاثا-، فقام الحرث و هو يقول: (اللهم ان كان ما يقول محمد حقا فارسل من السماء علينا حجاره او ائتنا بعذاب اليم).قال: فو الله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من (الفصل السابع- فى الامامه العامه) السماء بحجر، فوقع على هامته فخرج من دبره، و مات فانزل الله تعالى (سال سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع.قال السبط: و قد اكثرت الشعراء فى يو
م غدير خم، فقال حسان بن ثابت: يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم فاسمع بالرسول مناديا و قال فمن مولاكم و وليكم فقالوا و لم يبدوا هناك التعاميا الهك مولانا و انت ولينا و ما لك منا فى الولايه عاصيا فقال له قم يا على فاننى رضيتك من بعدى اماما و هاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له انصار صدق مواليا هناك دعا اللهم وال وليه و كن للذى عادى عليا معاديا و يروى: ان النبى (ص) لما سمعه ينشد هذه الابيات قال له: يا حسان لا تزال مويدا بروح القدس ما نصرتنا و نافحت عنا بلسانك.و قال قيس بن سعد بن عباده الانصارى- و انشدها بين يدى على (ع) بصفين-: قلت لما بغى العد و علينا حسبنا ربنا و نعم الوكيل و على امامنا و امام لسوانا به اتى التنزيل يوم قال النبى من كنت مولا ه فهذا مولاه خطب جليل ان ما قاله النبى على الا مه حتم ما فيه قال و قيل و قال الكميت: نفى عن عينك الارق الهجوعا و هما تمترى عنه الدموعا لدى الرحمن يشفع بالمثانى فكان له ابوحسن شفيعا و يوم الدوح دوح غدير خم اباله الولايه لو اطيعا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و لكن الرجال تبايعوها فلم ار مثلها خطرا منيعا قال الس
بط: و لهذا الابيات قصه عجيبه حدثنا بها شيخنا عمرو بن صافى الموصلى، قال: انشد بعضهم هذه الابيات وبات مفكرا، فراى عليا (ع) فى المنام، فقال له: اعد على ابيات الكميت.فانشده اياه حتى بلغ الى قوله: (خطرا منيعا)، فانشده على (ع) بيتا آخر من قوله زياده فيها: فلم ار مثل ذاك اليوم يوما و لم ار مثله حقا اضيعا فانتبه الرجل مذعورا.و قال السيد الحميرى: يا بائع الدين بالدنيا ليس بهذا امر الله من اين ابغضت على الرضا و احمد قد كان يرضاه من الذى احمد من بينهم يوم غدير الخم ناداه اقامه من بين اصحابه و هم حواليه فسماه هذا على بن ابى طالب مولى لمن قد كنت مولاه فوال من والاه يا ذا العلى و عاد من قد كان عاداه و روى صاحب (ينابيع الموده)- و هو من الشافعيه- باسناده عن عمر قال: نصب النبى (ص) عليا علما، فقال: (من كنت مولاه، فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و اخذل من خذله، و انصر من نصره، اللهم انت شهيدى عليهم).قال عمر: يا رسول الله كان فى جنبى شاب حسن الوجه طيب الريح قال لى: يا عمر لقد عقد النبى (ص) عقدا لا يحله الا منافق.فاخذ النبى (ص) بيدى فقال: يا عمر انه ليس من ولد آدم، لكنه جبرئيل، اراد
ان يوكد عليكم ما قلته فى على.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و قال السبط ايضا: حديث ليله الهجره: و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن عمرو بن ميمون قال: انى لجالس الى ابن عباس اذ اتاه رهط يقعون فى على، فرد عليهم ابن عباس، قال: لما هاجر النبى (ص) لبس على (ع) ثوبه، و نام على فراشه، و كان المشركون يوذون النبى (ص)، فجاء ابوبكر و هو نائم، فحسبه النبى (ص) فصاح: يا نبى الله.فقال له على (ع): ان النبى (ص) قد انطلق نحو بئر ميمون فادركه.فانطلق ابوبكر حتى لحق رسول الله (ص)، وبات الكفار يرمون عليا (ع) بالحجاره، و هو يتضور قد لف راسه فى الثوب الى الصباح.و ذكر الثعلبى فى (تفسيره) عن ابن عباس قال: لما اراد النبى (ص) ان يهاجر الى المدينه، خلف عليا (ع) بمكه لقضاء ديونه، ورد الودائع التى كانت عنده، و امره تلك الليله ان ينام على فراشه، و قال له: اتشح ببردى الحضرمى الاخضر فانه لا يخلص اليك منهم احد، و لا يصيبونك بمكروه.و القوم قد احاطوا بالدار، فاوحى الله الى جبرئيل و ميكائيل، انى قد آخيت بينكما، و جعلت عمر احدكما اطول من عمر الاخر، فايكما يوثر صاحبه بالحياه؟ فاختار كلاهما الحياه، فاوحى الله اليهما: افلا كنتما مثل
على بن ابى طالب آخيت بينه و بين محمد، فبات على فراشه يفديه بنفسه، و يوثره بالحياه؟ اهبطا الى الارض فاحفظاه من عدوه.فنزلا جبرئيل عند راسه و ميكائيل عند رجليه، و الملائكه تنادى: بخ بخ، من مثلك يابن ابى طالب، و الله يباهى بك ملائكته.ثم توجه النبى (ص) الى المدينه فانزل الله تعالى فى شان على (ع): (و من الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاه الله و الله رووف بالعباد).قال (الفصل السابع- فى الامامه العامه) ابن عباس: اول من شرى نفسه ابتغاء مرضاه الله على بن ابى طالب (ع).و قال السبط ايضا: حديث فى التضحيه: و نقل روايه احمد بن حنبل فى (مسنده) و (فضائله) عن حبيش عن على (ع)، قال: امرنى النبى (ص) ان اضحى عنه ابدا.فكان يضحى عنه، الى ان استشهد، بكبشين املحين، قال الزهرى: انما خص عليا (ع) بذلك دون اقاربه و اهله لقربه منه، فكانما فعل ذلك بنفسه.و قال السبط ايضا: حديث فى قراءه براءه و قوله) (ص): على منى: و نقل روايه الترمذى عن عمران بن الحصين، قال: بعث النبى (ص) جيشا، و استعمل عليهم عليا (ع)، فمضى فى السريه، فاصاب جاريه من السبى، فتعاقد اربعه منهم اذا قدموا على النبى (ص) اخبروه، فلما قدموا عليه قام الاول فقال: يا رسول الله الا
ترى الى على فعل كذا و كذا؟ فاعرض عنه.ثم قام الثانى فقال كذلك، فاعرض عنه، و قام الثالث و الرابع، فقالا كذلك، فاعرض عنهما.ثم اقبل عليهم- و الغضب يعرف فى وجهه- و قال: (ما تريدون من على - قالها ثلاثا- على منى و انا منه، و لا يودى عنى الا على.قلت: و نقله ابن طلحه الشافعى عن الترمذى ايضا فى (صحيحه)، و فيه بدل قوله (و لا يودى عنى الا على): (و هو ولى كل مومن بعدى)، و هو الانسب بالمقام.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و قال السبط: ايضا ذكر اهل السير ان النبى (ص) بعث ابابكر يحج بالناس سنه تسع من الهجره، و قال له: ان المشركين يحضرون الموسم، و يطوفون بالبيت عراه، و لا احب احج حتى لا يكون ذلك، و اعطاه اربعين آيه من صدر سوره (براءه)، ليقراها على اهل الموسم، فلما سار دعا النبى (ص) عليا (ع) فقال له: اخرج بهذه الايات من صدر سوره البراءه فاذا اجتمع الناس الى الموسم فاذن بها، و دفع اليه ناقته العضباء، فادرك ابابكر بذى الحليفه، فاخذ منه الايات، فرجع ابوبكر الى النبى (ص) فقال: بابى انت و امى هل نزل فى شانى شى ء؟ فقال: لا، ولكن لا يبلغ عنى غيرى او رجل منى.قال: و ذكر احمد بن حنبل فى (فضائله): ان النبى (ص) قال له: ان جبرئيل
جاءنى فقال: ابعث عليا.فلما كان يوم النحر قام على (ع) فى الناس، فاذن بصدر البراءه كما امره النبى (ص).و ذكر ايضا باسناده الى ابى سعيد الخدرى: ان عليا (ع) لما قرا صدر البراءه- الايات التى اخذها من ابى بكر فى الطريق- نادى: (الا لا يدخل الجنه الا نفس مسلمه، و لا يقرب المسجد بعد هذا العام مشرك، و لا يطوف بالبيت عريان، و من كان بينه و بين رسول الله عهد فاجله مدته).فقال بعض الكفار: نحن نبرا من عهد و عهد ابن عمك.فقال على (ع): لو لا ان النبى (ص) امرنى ان لا احدث شيئا حتى آتيه لقتلتك.و قال: و قيل: انما قال النبى (ص): (على منى و انا منه) فى يوم احد، فذكر احمد فى (الفضائل): لما قصد صاحب لواء المشركين يوم احد النبى (ص) فداه على (ع) بنفسه، و حمل على صاحب اللواء فقتله، فنزل جبرئيل فقال: يا محمد ان هذه لهى المواساه.فقال النبى (ص): (على منى (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و انا منه) فقال جبرئبل (ع): (و انا منكما).و ذكره محمد بن اسحاق فى (المغازى) ايضا.قال الزهرى: انما قال جبرئيل: ان هذه لهى المواساه، لان الناس فروا عن النبى (ص) يوم احد حتى عثمان، فانه اول من فر و دخل المدينه.قال: و روى ان النبى (ص) قال ذلك فى حجه
الوداع.و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) ايضا عن السلمى- و كان قد شهد حجه الوداع- قال: سمعت النبى (ص) يقول فى ذلك اليوم: (على منى و انا منه، و لا يقضى دينى سواه).قال: و قيل: قاله يوم نزل عليه: (و انذر عشيرتك الاقربين).قلت: تردده فى ان النبى (ص) قال قوله: (على منى و انا منه) يوم بعثه لبراءه، او يوم احد، او فى حجه الوداع، او يوم نزل عليه آيه انذار عشيرته، بلا وجه بعد ورود الخبر بكل منها، و عدم تعارض بينها، فلابد انه (ص) قاله فى كل منها، فكان (ص) يقول فى كل موضع يقتضى ذكره غير تلك المواضع الاربعه، و قد نقل ابن طلحه الشافعى فى (مطالب سووله) عن ابى ذر: ان النبى (ص) قال: على منى و انا من على.و لا يودى الا انا او على، و نقل اخبارا اخر فيه.و كيف لا، و قد جعله الله تعالى نفس النبى (ص) فى قوله- عز و جل-: ( و انفسنا و انفسكم).ثم ان السبط لم ينقل روايه الموضع الاخير مما ذكر، و الذى وقفت عليه فى (الطبرى) ان النبى (ص) جعله فى نزول انذار عشيرته وصيه و خليفته (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بعده، و فى وجوب اطاعته مثل النبى (ص)، فروى عن ابن عباس قال: قال على (ع): ان النبى (ص) امره بصنع صاع من طعام، و عس
من لبن لبنى عبدالمطلب ليدعوهم الى الاسلام، و كانوا اربعين ياكل كل منهم ذاك الصاع، و يشرب ذاك العس فعل ذلك فى يومين، و فى اليوم الاول لم يدع ابولهب النبى (ص) تكلم، و قال: سحركم صاحبكم فتفرقوا.فقال النبى (ص) فى اليوم الثانى: يا بنى عبدالمطلب انى- و الله- ما اعلم شابا فى العرب جاء قومه بافضل مما قد جئتكم به، انى قد جئتكم بخير الدنيا و الاخره، و قد امرنى الله تعالى ان ادعوكم اليه، فايكم يوازرنى على هذا الامر، على ان يكون اخى و وصيى و خليفتى فيكم؟ فاحجم القوم عنه جميعا، و قلت- و انى لاحدثهم سنا، و ارمصهم عينا، و اعظمهم بطنا، و احمشهم ساقا-: انا يا نبى الله اكون وزيرك عليه.فاخذ برقبتى.ثم قال: ان هذا اخى و وصيى و خليفتى فيكم، فاسمعوا له و اطيعوا.فقام القوم يضحكون و يقولون لابى طالب: قد امرك ان تسمع لابنك و تطيع.و روى خبرا آخر عن ربيعه بن ناجد بمعناه.و قال السبط ايضا: حديث الطائر: رواه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن سفينه مولى النبى (ص) و اسمه مهران، قال: اهدت امراه من الانصار الى النبى (ص) طيرا بين رغيفين، فقدمته الى النبى (ص) و فى روايه طيرين بين رغيفين- فقال رسول الله (ص): اللهم ايتنى باحب خلقك اليك.فاذا الباب
يفتح، فدخل على، فاكل معه.و رواه الترمذى عن انس قال: كان عند النبى (ص) طير، فقال: اللهم ايتنى باحب خلقك اليك ياكل معى هذا الطائر.فجاء على (ع) فاكل معه، و قال: قال (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الحاكم: حديث الطائر صحيح يلزم البخارى و مسلم اخراجه فى صحيحيهما، لان رجاله ثقات، و هو من شرطهما.و قال السبط ايضا: حديث فى خصف النعل: و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن انس قال: قال النبى (ص): لينتهين بنو وليعه او لابعثن اليهم رجلا كنفسى، يمضى فيهم امرى و يقتل المقاتله، و يسبى الذريه.قال ابوذر: فما راعنى الا برد كف عمر من خلفى، فقال: من تراه يعنى؟ فقلت: ما يعنيك، و انما يعنى خاصف النعل: على بن ابى طالب- و بنو وليعه: قوم من العرب- و فى روايه: فقال عمر: و الله ما اشتهيت الاماره الا يومئذ، جعلت انصب له صدرى، رجاء ان يقول: هذا.فالتفت الى على فاخذ بيده، و قال: هذا هو هذا هو.و نقل ايضا روايه الترمذى عن ربعى بن حراش قال: قال على (ع): لما كان يوم الحديبيه خرج الينا سهيل بن عمرو فى جماعه من روساء الكفار، فقال: يا محمد خرج اليك ناس من ابنائنا، و اخواننا، و ارقائنا، و ليس لهم فقه فى الدين، و انما خرجوا فرارا من ا
موالنا و ضياعنا، فارددهم علينا.فقال النبى (ص): سنفقههم فى الدين ان لم يكن لهم فقه.ثم قال: يا معاشر قريش لتنتهن، او ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين.فقالوا: و من ذلك؟ فقال: من امتحن الله قلبه للايمان، و هو خاصف النعل.قال على (ع): و كنت جالسا اخصف نعل النبى (ص).و قال السبط ايضا: حديث فى سد الابواب: (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و نقل روايه زيد بن ارقم قال: كان لنفر من الصحابه ابواب شارعه فى المسجد، فقال النبى (ص): سدوا هذه الابواب الا باب على بن ابى طالب.فتكلم الناس فى ذلك، فقام النبى (ص) فحمد الله و اثنى عليه، ثم قال: ما سددت شيئا و لا فتحته، ولكنى امرت بشى ء فاتبعته.قال ابن عباس: معناه ان الله امرنى بشى ء فاتبعت امره.و نقل روايه الترمذى عن ابن عباس قال: امر النبى (ص) بسد الابواب الا باب على (ع).قال الترمذى: يعنى الابواب الشارعه فى المسجد، و قال: و قد رواه جماعه من الصحابه: سعد بن ابى وقاص، و ابن عمر، و جابر.و نقل روايه الترمذى عن ابى سعيد الخدرى قال: قال النبى (ص): يا على لا يحل لاحد ان يجنب فى هذا المسجد غيرى و غيرك.و قال السبط ايضا: حديث فى النجوى و الوصيه: و نقل روايه ا
لترمذى عن جابر الانصارى قال: دعا النبى (ص) عليا يوم الطائف فانتجاه طويلا، فقال الناس: لقد طالت نجواه مع ابن عمه.فبلغ ذلك النبى (ص) فقال: ما انتجيته، ولكن الله انتجاه.و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن ام سلمه قالت: و الذى نحلف به ان كان على (ع) لاقرب الناس عهدا بالنبى (ص)، مرض النبى (ص) مرض موته، فلما كان اليوم الذى قبض فيه دعا عليا (ع) فناجاه طويلا، (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و ساره كثيرا ثم قبض فى يومه ذلك، فكان اقرب الناس عهدا بالنبى (ص).و روايته ايضا عن انس قال: قلنا لسلمان: سل النبى (ص) من وصيه؟ فسال سلمان النبى (ص) فقال: من كان وصى موسى؟ فقال: يوشع بن نون.قال: ان وصيى و وارثى، و منجز و عدى على.و قال السبط ايضا: حديث فى قول النبى (ص): (من آذى عليا فقد آذانى): و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله): عن عمرو بن شاس قال: خرجت مع على (ع) الى اليمن فجفانى جفوه، فلما قدمت المدينه اظهرت شكايه فى المسجد، فبلغ ذلك النبى (ص)، فدخلت يوما الى المسجد، و هو جالس فى جماعه من اصحابه، فجعل يحد بى النظر ثم قال: اما و الله لقد آذيتنى.فقلت: اعوذ بالله ان اوذيك يا رسول الله! فقال: اما علمت ان من آذى عليا ف
قد آذانى.و قال: و روى سعيد بن المسيب عن عمر انه سمع رجلا يذكر عليا (ع) بشر.فقال: ويلك تعرف من فى هذا القبر؟- و اشار الى قبر النبى (ص) فسكت الرجل، فقال عمر: فيه محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، اذا آذيت عليا، فقد آذيته.و قال السبط ايضا: حديث فى تسليم الملائكه عليه، و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن الحرث الاعور عن على (ع) قال: لما كانت ليله بدر قال النبى (ص): من يستقى لنا من الماء؟ فاحجم الناس.فقمت فاحتضنت (الفصل السابع- فى الامامه العامه) قربه، ثم اتيت قليبا بعيد القعر مظلما، فانحدرت فيه، فاوحى الله الى جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل: تاهبوا لنصره محمد و حزبه.فهبطوا من السماء لهم دوى يذهل من يسمعه، فلما حاذوا القليب وقفوا و سلموا على من عند آخرهم اكراما و تبجيلا و تعظيما.قال: و ذكره ارباب المغازى.و قال السبط ايضا: حديث فى ما خلق منه على (ع): و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن سلمان قال: قال النبى (ص): كنت انا و على نورا بين يدى الله قبل ان يخلق آدم باربعه آلاف عام، فلما خلق آدم قسم ذلك النور جزاين: فجزء انا و جزء على.و قال ايضا: حديث مدينه العلم: و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عنه (ع) ق
ال : قال النبى (ص): انا مدينه العلم و على بابها- و فى روايه- انا دار الحكمه و على بابها- و فى روايه- انا مدينه الفقه و على بابها، فمن اراد العلم فليات الباب.و قال ايضا: حديث فى قول النبى (ص): (انت سيد فى الدنيا و الاخره): و نقل روايه احمد بن حنبل فى (فضائله) عن ابن عباس قال: بعثنى النبى (ص) الى على (ع)، فقال: قل له: انت سيد فى الدنيا و سيد فى الاخره، من احبك فقد احبنى، و من ابغضك فقد ابغضنى.و قال ايضا: حديث فى قتل العمالقه: و نقل روايه ابن الغطريف عن ابن عباس، قال: قال النبى (ص) فى خطبه خطبها فى حجه الوداع: لاقتلن العمالقه فى كتيبه.فقال له جبرئيل: او على بن (الفصل السابع- فى الامامه العامه) ابى طالب.فقال: او على بن ابى طالب.و قال ايضا: حديث فى رد الشمس له: و روى عن اسماء بنت عميس فى الصحيح بتصريحه، قالت: كان راس النبى (ص) فى حجر على (ع) و هو يوحى اليه، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال النبى (ص): اللهم انه كان فى طاعتك و طاعه نبيك فاردد عليه الشمس.قالت: فردها الله له.و روى نصر بن مزاحم- و هو من رجالهم- فى (صفينه) عن عمرو بن سعد عن عمر بن عبدالله بن يعلى بن مره الثقفى عن ابيه عن عبد خير، قال: كنت
مع على (ص) اسير فى ارض بابل و حضرت الصلاه صلاه العصر، فجعلنا لا ناتى مكانا الا رايناه افيح من الاخر، حتى اتينا على مكان احسن ما راينا، و قد كادت الشمس ان تغيب، فنزل على (ع) و نزلت، فدعا الله فرجعت الشمس كمقدارها من صلاه العصر، فصلينا العصر ثم غابت الشمس، ثم خرج.و قال السبط: يقول الصاحب كافى الكفاه: من كمولاى على و الوغى تحمى لظاها من يصيد الصيد فيها بالظبا حين انتضاها من له فى كل يوم وقعات لا تضاهى كم و كم حرب ضروس سد بالمرهف فاها اذكروا افعال بدر لست ابغى ما سواها اذكروا غزوه احد انه شمس ضحاها (الفصل السابع- فى الامامه العامه) اذكروا حرب حنين انه بدر دجاها اذكروا الاحزاب قدما انه ليث شراها اذكروا مهجه عمرو كيف افناها شجاها اذكروا امر براءه و اصدقونى من تلاها اذكروا من زوجه زهرا ء، قد طابت ثراها حاله حاله هارو ن لموسى فافهماها اعلى حب على لا منى القوم سفاها اول الناس صلاه جعل التقوى حلاها ردت الشمس عليه بعد ما غاب سناها قال السبط: و حدثنى جماعه من مشايخنا بالعراق قالوا: شاهدنا ابامنصور المظفر بن اردشير العبادى الواعظ و قد جلس بالتاجيه- مدرسه بب
اب ابرز محله ببغداد- و كان بعد العصر، و ذكر حديث رد الشمس لعلى (ع) و طرزه بعبارته و نمقه بالفاظه، ثم ذكر فضائل اهل البيت (ع)، فنشات سحابه غطت الشمس حتى ظن الناس انها قد غابت، فقام ابومنصور على المنبر قائما و اوما الى الشمس و انشد: لا تغربى يا شمس حتى ينتهى مدحى لال المصطفى و لنجله و اثنى عنانك ان اردت ثناءهم انسيت ان كان الوقوف لاجله ان كان للمولى وقوفك فليكن هذا الوقوف لخيله و لرجله قالوا: فانجاب السحاب عن الشمس و طلعت.و قال ايضا: فى حديث فى شيعته (ع): (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و نقل روايه ابن الغطريف عن ابى سعيد الخدرى قال: نظر النبى (ص) الى على (ع) فقال: هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامه.و نقل روايات اخرى فى فضائل اخرى، و قال: اقتصرنا على هذه الاخبار، لئلا يخرج كتابنا عما شرطنا، و هو الاختصار.و روى ابوالفرج فى (مقاتله): ان قريشا اصابها قحط، فقال النبى (ص) لعميه حمزه و العباس: الا نحمل ثقل ابى طالب فى هذا المحل؟ فجاووا اليه و سالوه ان يدفع اليهم ولده ليكفوه امرهم، فقال: دعوا لى عقيلا، و خذوا من شئتم.و كان شديد الحب لعقيل، فاخذ العباس طالبا، و حمزه جعفرا، و اخذ النبى (ص) عليا
(ص)، و قال لهم: قد اخترت من اختاره الله لى عليكم عليا.قالوا: فكان على (ع) فى حجرالنبى (ص) منذ كان عمره ست سنين.قال ابن ابى الحديد فى اول كتابه- بعد نقل روايه ابى الفرج تلك-: و هذا يطابق قوله (ع): (لقد عبدت الله قبل ان يعبده احد من هذه الامه سبع سنين.و قوله (ع): (كنت اسمع الصوت و ابصر الضوء سنين سبعا، و النبى (ص) حينئذ صامت ما اذن له فى الانذار و التبليغ)، و ذلك لانه اذا كان عمره يوم اظهار الدعوه ثلاث عشره سنه، و تسليمه الى النبى (ص) من ابيه و هو ابن ست، فقد صح انه كان يعبد الله قبل الناس باجمعهم سبع سنين، و ابن ست تصح منه العباده اذا كان ذا تمييز، على ان عباده مثله هى التعظيم و الاجلال و خشوع القلب، و استخذاء الجوارح اذا شاهد شيئا من جلال الله سبحانه.و قال ثمه ايضا: فاما فضائله فانها قد بلغت من العظم و الجلال (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و الانتشار و الاشتهار مبلغا يسمح معه التعرض لذكرها، و التصدى لتفصيلها، و ما اقول فى رجل اقر له اعداوه و خصومه بالفضل، و لم يمكنهم جحد مناقبه و لا كتمان فضائله؟ فقد علمت انه استولى بنو اميه على سلطان الاسلام فى شرق الارض و غربها، و اجتهدوا بكل حيله فى اطفاء نوره، و
التحريف عليه، و وضع المعائب و المثالب له، و لعنوه على جميع المنابر، و توعدوا مادحيه بل حبسوهم و قتلوهم، و منعوا من روايه حديث يتضمن له فضيله او يرفع له ذكرا، حتى حظروا ان يسمى احد باسمه، فما زاده ذلك الا رفعه و سموا، و كان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، و كلما كتم تضوع نشره، و كالشمس لا تستر بالراح، و كضوء النهار ان حجبت عنه عين واحده ادركته عيون كثيره.و ما اقول فى رجل تعزى اليه كل فضيله، و تنتهى اليه كل فرقه، و تتجاذبه كل طائفه؟ فهو رئيس الفضائل و ينبوعها، و ابو عذرها، و سابق مضمارها، و مجلى حلبتها، و كل من بزغ فيها بعده فمنه اخذ، و له اقتفى، و على مثاله احتذى.ثم ذكر ابن ابى الحديد العلوم و قرر انتهاءها اليه (ع)، و ذكر الكمالات و العبادات و الصفات الحميده و ذكر تفرده فيها، و قال: ما اقول فى رجل تحبه اهل الذمه على تكذيبهم بالنبوه، و تعظمه الفلاسفه على معاندتهم لاهل المله، و تصور ملوك الفرنج و الروم صورته فى بيعها و بيوت عباداتها، حاملا سيفه مشمرا لحربه، و تصور ملوك الترك و الديلم صورته على اسيافها، كان على سيف عضدالدوله بن بويه و سيف ابيه ركن الدوله صورته، و كان على سيف الب ارسلان و ابنه ملكشاه (الفصل السابع
- فى الامامه العامه) صورته، كانهم يتفالون به النصر و الظفر.و ما اقول فى رجل احب كل احد ان يتكثر به، و ود كل احد ان يتجمل و يتحسن بالانتساب اليه؟ حتى الفتوه التى احسن ما قيل فى حدها: ان لا تستحسن من نفسك ما تستقبحه من غيرك، فان اربابها نسبوا انفسهم اليه، و صنفوا فى ذلك كتبا، و جعلوا لذلك اسنادا انهوه اليه، و قصروه عليه، و سموه سيد الفتيان، و عضدوا مذهبهم بالبيت المشهور المروى انه سمع من السماء يوم احد: لا سيف الا ذوالفقا ر و لا فتى الا على و فى (اسباب نزول الواحدى) فى نزول آيه التطهير بسنده الى ام سلمه: ان النبى (ص) كان فى بيتها، فاتته فاطمه (ع) ببرمه فيها حريره، فدخلت بها عليه فقال لها: ادعى لى زوجك و ابنيك.قالت: فجاء على و الحسن و الحسين (ع)، فدخلوا فجلسوا ياكلون من تلك الحريره، و هو على منامه له، و كان تحته كساء حبرى.قالت: و انا فى الحجره اصلى، فانزل الله تعالى هذه الايه: ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا)، فاخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم اخرج يديه فالوى بهما الى السماء ثم قال: اللهم هولاء اهل بيتى و خاصتى فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.قالت: فادخلت راسى البيت و قلت: انا
معكم يا رسول الله؟ قال: انك الى خير، انك الى خير.و روى الترمذى فى (صحيحه): ان النبى (ص) كان من وقت نزول هذه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الايه الى قريب من سته اشهر، اذا خرج الى الصلاه يمر بباب فاطمه يقول: الصلاه اهل البيت ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا).قلت: الخبر يشهد ان قوله تعالى: ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا) كان بعد قوله عز و جل: (و امر اهلك بالصلاه و اصطبر عليها)، و هو فى غايه المناسبه، لا بعد قوله تعالى: (و قرن فى بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهليه الاولى و اقمن الصلاه و آتين الزكاه و اطعن الله و رسوله)، فانه فى غايه المنافره، فلابد من تبديل موضعه.و روى الترمذى ايضا عن ابن عباس قال: لما نزل قوله تعالى: ( قل لا اسالكم عليه اجرا الا الموده فى القربى) قالوا: يا رسول الله من هولاء القربى الذين امر الله بمودتهم؟ قال: على و فاطمه و ابناهما.و عن (تفسير الثعلبى) ان النبى (ص) نظر الى على و فاطمه و الحسن و الحسين فقال: انا حرب لمن حاربتم، و سلم لمن سالمتم.و باسناده عن اسماء بنت عميس قالت: لما نزل قوله تعالى: ( و ان تظاهرا
عليه فان الله هو مولاه و جبرئيل و صالح المومنين) سمعت (الفصل السابع- فى الامامه العامه) النبى (ص) يقول: صالح المومنين على بن ابى طالب.و روى ابونعيم فى (الحليه) مسندا عن الحسن (ع) قال: قال النبى (ص): ادعوا لى سيد العرب- يعنى عليا (ص)- فقالت عائشه: الست سيد العرب؟ فقال (ص): انا سيد ولد آدم، و على سيد العرب.فلما جاء ارسل الى الانصار فاتوه، فقال لهم: يا معشر الانصار الا ادلكم على ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى ابدا؟ قالوا: بلى يا رسول الله.قال: هذا على فاحبوه بحبى، و اكرموه بكرامتى، فان جبرئيل امرنى بالذى قلت لكم من الله عز و جل.و عن حذيفه قال: قال النبى (ص): ان تستخلفوا عليا- و ما اراكم فاعلين- تجدوه هاديا مهديا، يحملكم على المحجه البيضاء.و عن انس قال: قال النبى (ص): يا انس اسكب لى و ضوءا، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: يا انس اول من يدخل عليك من هذا الباب اميرالمومنين، و سيد المسلمين، و قائد الغر المحجلين، و خاتم الوصيين.قال انس: قلت: اللهم اجعله رجلا من الانصار و كتمته، اذ جاء على (ع).فقال: من هذا يا انس؟ فقلت: على.فقام مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، و يمسح عرق.على بوجهه، قال على: يا ر
سول الله لقد رايتك صنعت شيئا ما صنعت بى من قبل؟ قال: و ما يمنعنى و انت تودى عنى، و تسمعهم صوتى، و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدى.و عن معاذ بن جبل قال: قال النبى (ص): يا على اخصمك بالنبوه و لا نبوه بعدى، و تخصم الناس بسبع، و لا يحاجك فيها احد من قريش: انت اولهم (الفصل السابع- فى الامامه العامه) ايمانا بالله، و اوفاهم بعهد الله، و اقومهم بامر الله، و اقسمهم بالسويه، و اعدلهم فى الرعيه، و ابصرهم بالقضيه، و اعظمهم عند الله مزيه.و عن ابن عباس قال: كنا نتحدث ان النبى (ص) عهد الى على (ع) سبعين عهدا لم يعهد الى غيره.و عن عمار قال: قال النبى (ص) لعلى (ع): ان الله تعالى قد زينك بزينه لم تزين العباد بزينه احب الى الله تعالى منها، هى زينه الابرار عند الله عز و جل: الزهد فى الدنيا، فجعلك لا تزرا من الدنيا شيئا و لا تزرا الدنيا منك شيئا، و وهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم اتباعا، و يرضون بك اماما.و عن ابن عباس قال: قال النبى (ص): من سره ان يحيا حياتى، و يموت مماتى، و يسكن جنه عدن غرسها ربى، فليوال عليا بعدى، و ليوال وليه، و ليقتد بالائمه من بعدى، فانهم عترتى، خلقوا من طينتى رزقوا فهما و علما، و ويل للمكذبين بفضلهم م
ن امتى، القاطعين فيهم صلتى، لا انا لهم الله شفاعتى.و عن ابى برزه قال: قال النبى (ص): ان الله تعالى عهد الى عهدا فى على، فقلت: يا رب بينه لى.فقال: اسمع.فقلت: سمعت.فقال: ان عليا رايه الهدى، و امام اوليائى، و نور من اطاعنى، و هو الكلمه التى الزمتها المتقين، من احبه احبنى، و من ابغضه ابغضنى، فبشره بذلك.فجاء على فبشرته، فقال: يا رسول الله انا عبدالله، و فى قبضته، فان يعذبنى فبذنبى، و ان يتم الذى بشرتنى به فالله اولى بى.قال (ص): قلت: اللهم اجل قلبه، و اجعل ربيعه الايمان.فقال الله تعالى: قد فعلت ذلك به.ثم انه رفع تعالى الى انه سيخصه من البلاء بشى ء (الفصل السابع- فى الامامه العامه) لم يخص به احدا من اصحابى.فقلت: يا رب اخى و صاحبى.فقال: ان هذا شى ء قد سبق، انه مبتلى و مبلى به.و قال: ان رب العالمين عهد الى عهدا فى على، فقال: انه رايه الهدى، و منار الايمان، و امام اوليائى، و نور جميع من اطاعنى، يا ابابرزه على امينى غدا فى القيامه، و صاحب رايتى فى القيامه.على مفاتيح خزائن رحمه ربى.و عن ابى سعيد الخدرى قال: كنا نمشى مع النبى (ص)، فانقطع شسع نعله، فتناولها على (ع) يصلحها، ثم مشى (ص)، فقال: يا ايها الناس ان
منكم من يقاتل على تاويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله (و هو خاصف نعلى).قال ابوسعيد: فخرجت فبشرته بما قال النبى (ص)، فلم يكترث به فرحا كانه قد سمعه.و عنه (ع) قال: قال النبى (ص): يا على ان الله تعالى امرنى ان ادنيك، و اعلمك لتعى، و انزلت هذه الايه: ( و تعيها اذن واعيه) فانت اذن واعيه لعلمى.و عن ابن مسعود قال: ان القرآن انزل على سبعه احرف، ما منها حرف الا له ظهر و بطن، و ان على بن ابى طالب (ع) عنده علم الظاهر و الباطن.و عن هبيره بن يريم: ان الحسن (ع) قام- اى بعد وفاه ابيه- و خطب الناس و قال: لقد فارقكم رجل بالامس لم يسبقه الاولون، و لا يدركه الاخرون (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بعمل، كان النبى (ص) يبعثه فيعطيه الرايه، فلا يرتد حتى يفتح الله عز و جل عليه، جبرئيل عن يمينه، ميكائيل عن يساره، ما ترك صفراء و لا بيضاء الا سبعمائه فضلت من عطائه، اراد ان يشترى بها خادما.و روى نصر بن مزاحم فى (صفينه) عن ابى سعيد المعروف بعقيصا، قال: كنا مع على (ع) فى مسيره الى الشام، حتى اذا كنا بظهر الكوفه من جانب هذا السواد عطش الناس و احتاجوا الى الماء، فانطلق بنا على (ع) حتى اتانا على صخره ضرس من الارض كانها ربضه عنز ف
امرنا فاقتلعناها، فخرج لا ماء، فشرب الناس منه و ارتووا، ثم امرنا فاكفاناها عليه، و سار الناس حتى اذا مضينا قليلا قال على (ع): منكم احد يعلم مكان هذا الماء الذى شربتم منه؟ قالوا: نعم يا اميرالمومنين.قال: فانطلقوا اليه.فانطلق منا رجال ركبانا و مشاه، فاقتصصنا الطريق حتى انتهينا الى المكان الذى نرى انه فيه، فطلبناها فلم نقدر على شى ء، حتى اذا عيل علينا انطلقنا الى دير قريب منا، فسالناهم اين الماء الذى هو عندكم؟ قالوا: ما قربنا ماء.قلنا: بلى انا شربنا منه.قالوا: انتم شربتم منه؟ قلنا: نعم.قالوا: ما بنى هذا الدير الا بذلك الماء، و ما استخرجه الا نبى او وصى نبى.و روى عن حبه العرنى، قال: لما نزل على (ع) الرقه بمكان يقال له: بليخ، على جانب الفرات، فنزل راهب من صومعته، فقال لعلى (ع): ان عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا، كتبه عيسى بن مريم، اعرضه عليك؟ قال على (ع): نعم فما هو؟ قال الراهب: بسم الله الرحمن الرحيم، الذى قضى فى ما قضى و سطر فى ما سطر: انه باعث فى الاميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و الحكمه، و يدلهم على سبيل الله لا فظ، و لا غليط، و لا صخاب فى الاسواق، و لا يجزى بالسيئه ا
لسيئه، ولكن يعفو و يصفح، امته الحمادون الذين يحمدن الله على كل نشز، و فى كل صعود و هبوط، تذل السنتهم بالتهليل و التكبير، و ينصره الله على كل من ناواه، فاذا توفاه الله اختلفت امته، ثم اجتمعت، فلبثت بذلك ما شاء الله، ثم اختلفت، فيمر رجل من امته بشاطى هذا الفرات يامر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و يقضى بالحق، و لا يرتشى فى الحكم، و الدنيا اهون عليه من الرماد فى يوم عصفت فيه الريح، و الموت اهون عليه من شرب الماء على الظما، يخاف الله فى السر و ينصح له فى العلانيه، و لا يخاف فى الله لومه لائم.من ادرك ذلك النبى من اهل هذه البلاد فامن به، كان ثوابه رضوانى و الجنه، و من ادرك ذلك العبد الصالح فلينصره، فان القتل معه شهاده.و قال الراهب: فانا مصاحبك غير مفارقك، حتى يصيبنى ما اصابك، قال: فبكى على (ع) ثم قال: الحمد لله الذى لم يجعلنى عنده منسيا، الحمد لله الذى ذكرنى فى كتب الابرار.و مضى الراهب معه، و كان- فى ما ذكروا- يتغدى مع على (ع) و يتعشى، حتى اصيب يوم صفين، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم قال على (ع): اطلبوه.فلما وجدوه صلى عليه و دفنه، و قال: هذا منا اهل البيت، و استغفر له مرارا.و فى (فواتح الميبدى): روى الثعلبى فى (تف
سيره) عن ابن عباس و ابن سيرين: ان (طوبى) فى قوله تعالى: (الذين آمنوا و عملوا الصالحات طوبى لهم و حسن ماب) شجره اصلها فى دار على بن ابى طالب (ع)، و فى دار كل مومن منها غصن.ثم نقل الميبدى هذين البيتين بالفارسيه بالمناسبه: (الفصل السابع- فى الامامه العامه) اى ز مشكين طره ات بر هر دلى بندى دگر رشته جان را به هر سوى تو پيوندى دگر گر پدر خورشيد و مادر ماه باشد فى المثل بر زمين نايد بخوبى چون تو فرزندى دگر و روى (روضه الكافى) ان النبى (ص) بينا كان جالسا اذ اقبل على (ع)، فقال النبى (ص): ان فيك شبها من عيسى بن مريم، و لو لا ان تقول فيك طوائف من امتى ما قالت النصارى فى عيسى (ع) لقلت فيك قولا: لا تمر بملا من الناس الا اخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركه.فغضب الاعرابيان، و المغيره و عده من قريش معهم، فقالوا: ما رضى ان يضرب لابن عمه مثلا الا عيسى.فانزل الله عز و جل على نبيه (ص) فقال: (و لما ضرب ابن مريم مثلا اذا قومك منه يصدون).هذا، و قد نقلنا ما نقلنا من فضائله انموذجا شاهدا لقوله (ع): (و فضائل جمه).و اما نقلها بالاستقصاء فغير ممكن، لانها لا تحصى، كيف لا و قد مر قول النبى (ص) فيه: لو كانت البحار
مدادا، و الاشجار اقلاما، و الانس و الجن كتابا لما احصوا فضائله؟ (تعرفها قلوب المومنين) روى (احتجاج الطبرسى) عن سليم بن قيس الهلالى قال: قدم معاويه حاجا فى خلافته، فاستقبله اهل المدينه، فنظر فاذا الذين استقبلوه ما فيهم احد من غير قريش، فقال: ما بال الانصار لم تستقبلنى؟ فقيل له: ليس لهم دواب.فقال: اين نواضحهم؟ فقال قيس بن سعد (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بن عباده- و كان سيد الانصار و ابن سيدها- افنوها يوم بدر و احد و ما بعدهما من مشاهد النبى (ص)، حين ضربوك و اباك على الاسلام حتى ظهر امر الله، و انتم له كارهون.فسكت معاويه، فقال قيس: اما ان النبى (ص) عهد الينا: انا سنلقى بعده اثره.قال: فبما امركم؟ قال: ان نصبر حتى نلقاه.قال: فاصبروا حتى تلقوه.ثم مر معاويه بحلقه من قريش، فلما راوه قاموا غير عبدالله بن عباس، فقال له: ما منعك من القيام الا لموجده انى قاتلتكم بصفين؟ فلا تجد من ذلك فان ابن عمى عثمان قتل مظلوما.قال ابن عباس: فعمر ايضا قتل.قال: ان عمر قتله كافر.قال ابن عباس: فمن قتل عثمان؟ قال: المسلمون.قال: فذاك ادحض لحجتك.قال معاويه: فانا كتبنا فى الافاق ننهى عن ذكر مناقب على و اهل بيته، فكف لسانك.ف
قال ابن عباس: يا معاويه اتنهانا عن قراءه القرآن؟ قال: لا.قال: افتنهانا عن تاويله؟ قال: نعم.قال: فنقرا و لا نسال عما عنى الله به؟ ايهما اوجب علينا قراءته او العمل به؟ قال: العمل به.قال: فكيف نعمل به، و لا نعلم ما عنى الله؟ قال: سل عن ذلك من يتاوله، على غير ما تتاوله انت و اهل بيتك.قال: انما انزل القرآن على اهل بيتى، فاسال عنه آل ابى سفيان؟ اتنهانا يا معاويه ان نعبد الله بالقرآن بما فيه من حلال و حرام، و ان تسال الامه عن ذلك فتعلم فتهلك؟ قال: اقرووا القرآن، و تاولوه، و لا ترووا شيئا مما انزل الله فيكم، و ارووا ما سوى ذلك.قال ابن عباس: فان الله تعالى يقول فى القرآن: (يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم و يابى الله الا ان يتم نوره و لو كره الكافرون) قال: يابن عباس، اربع على نفسك، و كف لسانك، و ان كنت لابد فاعلا فليكن ذلك سرا لا تسمعه احدا علانيه.ثم رجع الى بيته، و كان اشد الناس بليه فى ذلك اهل الكوفه، لكثره من بها من الشيعه، فاستعمل (الفصل السابع- فى الامامه العامه) زياد بن ابيه، و ضم اليه العراقين: الكوفه و البصره، فجعل يتتبع الشيعه، و هو بهم عارف، يقتلهم تحت كل حجر و مدر، و اخافهم، و قطع الا يدى و الارج
ل، و صلبهم فى جذوع النخل، و سمل اعينهم، و طردهم و شردهم، حتى نفوا عن العراق، فلم يبق بها احد معروف، فهم بين مقتول و مصلوب، و محبوس، و طريد.و كتب معاويه الى جميع عماله فى جميع الامصار: الا تجيزوا لاحد من شيعه على و اهل بيته شهاده، و انظروا من قبلكم من شيعه عثمان و محبيه، و محبى اهل بيته و اهل ولايته، و الذين يروون فضله و مناقبه فادنوا مجالسهم، و قربوهم و اكرموهم، و اكتبوا الى بكل من يروى من مناقبه، باسمه و اسم ابيه و قبيلته.ففعلوا حتى كثرت الروايات فى عثمان، و افتعلوها لما كان يبعث اليهم من الصلات و الخلع و القطائع من العرب و الموالى، فكثر ذلك فى كل مصر، و تنافسوا فى الاموال و الدنيا، فليس يجى ء احد من مصر من الامصار، فيروى فى عثمان منقبه و فضيله الاكتب اسمه، و قرب و اجيز، فلبثوا بذلك ما شاء الله.ثم كتب الى عماله: ان الحديث فى عثمان قد كثر و فشا فى كل مصر، فادعوا الناس الى الروايه فى معاويه و فضله و سابقته، فان ذلك احب الينا و اقر لاعيننا، و ادحض لحجه اهل هذا البيت، و اشد عليهم.فقرا كل امير و قاض كتابه على الناس، فاخذ الناس فى الروايات فى فضائل معاويه، على المنبر فى كل كوره، و كل مسجد زورا، و القوا ذلك الى
معلمى الكتاب فعلموا ذلك صبيانهم، كما يعلمونهم القرآن، حتى علموه بناتهم و نساءهم و حشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.و كتب زياد الى معاويه فى حق الحضرميين: (انهم على دين على و رايه).فكتب اليه معاويه: (اقتل كل من كان على دين على و رايه) فقتلهم (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و مثل بهم.و كتب معاويه الى جميع البلدان: (انظروا من قامت عليه البينه انه يحب عليا و اهل بيته فامحوه من الديوان).و كتب كتابا آخر: (انظروا من قبلكم من شيعه على و من اتهموه بحبه فاقتلوه و ان لم تقم البينه عليه).فقتلوهم على الظنه و التهمه تحت كل حجر، حتى لو كان الرجل تسقط منه كلمه يضرب عنقه، حتى كان الرجل يرمى بالزندقه و الكفر كان يعظم و لا يتعرض له بمكروه، و الرجل من الشيعه لا يا من على نفسه فى بلد من البلدان، لا سيما الكوفه و البصره، حتى لو ان احدا منهم اراد ان يلقى سرا الى من يثق به، لاتاه فى بيته و يخاف خادمه و مملوكه، و لا يحدثه الا بعد ان ياخذ عليه الايمان المغلظه، ليكتمن عليه.ثم لا يزداد الامر الا شده حتى ظهرت احاديثهم الكاذبه، و نشا عليها الصبيان يعلمون ذلك، و كان اشد الناس فى ذلك القراء المراوون المتصنعون الذين يظهرون الخشوع و
الورع، فانتحلوا الاحاديث يتحظون بذلك عند الولاه و القضاه، و يدنون مجالسهم و يصيبون بذلك القطائع و الاموال و المنازل، حتى صارت احاديثهم و رواياتهم عندهم حقا و صدقا، فرووها و قبلوها و تعلموها و علموها و احبوا عليها، و ابغضوا من ردها او شك فيها.فاجتمعت على ذلك جماعتهم، و صارت فى يد المتنسكين و المتدينين منهم الذين لا يستحلون الافتعال لمثلها، فقبلوها و هم يرون انها حق، و لو علموا بطلانها و تيقنوا انها مفتعله لاعرضوا عن روايتها، فصار الحق فى ذلك الزمان عندهم باطلا، و الباطل حقا، و الكذب صدقا، و الصدق كذبا.فلما مات الحسن (ع) ازداد الداء، فلم يبق لله ولى الا خائف على نفسه، او مقتول او طريد، فلما كان قبل موت معاويه بسنتين حج الحسين (ع) و حج عبدالله بن جعفر، و عبدالله بن عباس معه، و قد جمع الحسين (ع) بنى هاشم: رجالهم و نساءهم و مواليهم و شيعتهم، ثم لم يدع احدا من اصحاب النبى (ص) (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و من ابنائهم و التابعين، و من الانصار المعروفين بالصلاح و النسك الا جمعهم، فاجتمع اليه بمنى اكثر من الف رجل و الحسين (ع) فى سرادقه: عامتهم التابعون و ابناء الصحابه، فقام (ع) فيهم خطيبا، فحمدا لله و اثنى ع
ليه، ثم قال: اما بعد، فان هذا الطاغيه قد صنع بنا و بشيعتنا ما قد علمتم، و رايتم و سهدتم و بلغكم، و انى اريد ان اسالكم عن اشياء فان صدقت فصدقونى، و ان كذبت فكذبونى، و اسمعوا مقالتى، و اكتموا قولى، ثم ارجعوا الى امصاركم و قبائلكم، من ائتمنتموه و وثقتم به فادعوهم الى ما تعلمون، فانى اخاف ان يندرس هذا الحق و يذهب، ولكن الله (متم نوره و لو كره الكافرون).فما ترك الحسين (ع) شيئا انزل تعالى فيهم من القرآن الا قاله و فسره، و لا شيئا قاله النبى (ص) فى ابيه و امه و اهل بيته الا رواه، فى كل ذلك تقول الصحابه: اللهم نعم قد سمعناه و شهدناه.و يقول التابعون: اللهم قد حدثناه من نصدقه و ناتمنه.حتى لم يترك شيئا الا قاله، ثم قال: انشدكم بالله الا رجعتم و حدثتم به من تثقون به.ثم نزل و تفرق الناس على ذلك.و رواه المدائنى مع زياده و نقصان، و فى روايته- بدل قوله فى هذه الروايه: (فادعوا الناس الى الروايه فى معاويه)-: (فادعوا الناس الى الروايه فى فضائل الصحابه و الخلفاء الاولين، و لا تتركوا خبرا يرويه احد من المسلمين فى ابى تراب، الا و آتونى بمناقض له فى الصحابه مفتعله، فان هذا احب الى و اقر لعينى، و ادحض لحجه ابى تراب و شيعته، و ا
شد عليهم من مناقب عثمان).(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و هو (ع) و ان قال: (تعرفها قلوب المومنين) ليس مفهومه ان المنافقين لا يعرفونها، لكن كانوا فى فضائله (ع) كما فى آياته تعالى: (و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلما و علوا)، فمر ان المغيره و هو الذى وضع سبه (ع) اولا حتى يتقرب بذلك الى معاويه، قال لصعصعه: انك لست بذاكر من فضل على شيئا اجهله بل انا اعلم بذلك.(و لا تمجها آذان السامعين) حتى مثل معاويه و الحجاح، و باقى معانديه (ع)، روى ابونعيم فى (حليته) عن ابى صالح قال: دخل ضرار بن ضمره الكنانى على معاويه، فقال: صف لى عليا.فقال: او تعفينى؟ قال: لا اعفيك.قال: اما اذ لابد فانه كان و الله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا و يحكم عدلا، ينفجر العلم من جوانبه، و تنطق الحكمه من نواحيه، يستوحش من الدنيا و زهرتها، و يستانس بالليل و ظلمته، كان و الله غزير العبره، طويل الفكره، يقلب كفه، و يخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، و من الطعام ما جشب، كان و الله كاحدنا، يدنينا اذا اتيناه، و يجيبنا اذا سالناه، و كان مع تقربه الينا و قربه منا و تقريبه لنا لا نكلمه هيبه له، فان تبسم فعن مثل اللولو المنظوم، يعظم اهل الدين
و يحب المساكين، لا يطمع القوى فى باطله، و لا يباس الضعيف من عدله، فاشهد بالله لقد رايته فى بعض مواقفه، و قد ارخى الليل سدوله و غارت نجومه، يميل فى محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم، و يبكى بكاء الحزين، فكانى اسمعه الان و هو يقول: ربنا ربنا- يتضرع اليه- ثم يقول للدنيا: الى تغررت؟ ام الى تشوقت؟ هيهات هيهات غرى غيرى، قد بتتك ثلاثا، فعمرك قصير، و مجلسك حقير، و خطرك يسير، آه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) آه من قله الزاد و بعد السفر و وحشه الطريق.قال: فوكفت دموع معاويه على لحيته ما يملكها، و جعل ينشفها بكمه، و قد اختنق القوم بالبكاء، فقال: كذا كان ابوالحسن (ع) كيف و جدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها فى حجرها، لا ترقا دمعتها و لا يسكن حزنها.و روى الاسكافى فى (نقضه) مسندا عن الشعبى قال: قال الحجاج للحسن (البصرى)- و عنده جماعه من التابعين، و ذكر على بن ابى طالب-: ما تقول انت يا حسن؟ فقال: ما اقول هو اول من صلى الى القبله، و اجاب دعوه رسول الله (ص)، و انه لعلى منزله من ربه، و قرابه من رسوله، و قد سبقت له سوابق لا يستطيع ردها احد.فغضب الحجاج غضبا شديدا و قام عن سريره فدخل بعض البيوت و امر بصرفن
ا.و روى الكنجى الشافعى فى مناقبه مسندا عن زيد بن على، قال: كانت قريش فى حلقه فتفاخروا و ذكروا شيئا من الشعر، فقالوا له: قل يا اباالحسن قل.فقال: لقد قلتم.فقالوا: نعم و انت ايضا فقل.فقال: الله اكرمنا بنص نبيه و بنا اقام دعائم الاسلام و بنا اعز نبيه و كتابه و اعزنا بالنصر و الاقدام فى كل معركه تطير سيوفنا فيها الجماجم عن فراخ الهام ينتابنا جبريل فى ابياتنا بفرائض الاسلام و الاحكام فنكون اول مستحل حله و محرم لله كل حرام نحن الخيار من البريه كلها و نظامها و زمام كل زمام (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الخائضو غمرات كل كريهه الضامنون حوادث الايام و المبرمو و هى الامور بعزمهم و الناقضون صرائم الابرام انا لنمنع من اردنا منعه و نجود بالمعروف و الانعام و ترد غائله الخميس سيوفنا و نقيم راس الاصيد القمقام هذا، و قوله (ع): (و لا تمجها) استعاره فالاصل فى المج رمى الرجل الشراب من فيه اذا لا يناسب الذوق، فاستعاره لرمى الاذان ما تسمعه من المنكرات، و مرمى كلامه ان ما و ضعوه لاعدائه تمجها الاذان، يوضح ذلك من راجع كتبهم الصحابيه فى ما وضعوه لباقى عشرتهم، فلعمر الله يتاذى السمع و ا
لبصر من سماعها، و رويتها، و العجب من الناقلين مع ادعائهم الفضل، كيف ينقلون ما خلاف الدرايه؟ (فدع عنك من مالت به الرميه) قال الجوهرى: الرميه: الصيد.يقال: بئس الرميه الارنب.قال ابن ابى الحديد: معنى قوله: (فدع عنك من مالت به الرميه) دع ذكر من مال الى الدنيا و مالت به، اى: امالته اليها.فان قلت: فهل هذا اشاره الى ابى بكر و عمر؟ قلت: ينبغى ان ينزه كلام اميرالمومنين (ع) عن ذلك، و ان يصرف هذه الكلمه الى عثمان، لان معاويه ذكره فى كتابه، و قد اوردناه و اذا انصف انسان من نفسه علم انه (ع) لم يكن يذكرهما بما يذكر به عثمان، فان الحال بينه و بين عثمان كانت مضطربه جدا.قلت: ان اراد تنزيه اميرالمومنين (ع) عن ذكره لهما تنزيهه استصغارا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) لقدرهما عنده فله وجه، و الا فكما ذكر معاويه عثمان فى كتابه ذكرهما فيه، و كان اشار بذكرهما اغضابا له (ع) بما يكون عليه اشد من ذكر عثمان، فمر ان معاويه كتب اليه (ع): (فكان افضلهم مرتبه، و اعلاهم عند الله و المسلمين منزله الخليفه الاول الذى جمع الكلمه، و لم الدعوه، و قاتل اهل الرده، ثم الخليفه الثانى الذى فتح الفتوح، و مصر الامصار، و اذل رقاب المشركين الى ان ق
ال فى كتابه اليه (ع)- و ما يوم المسلمين منك بواحد، لقد حسدت ابابكر و التويت عليه، و رمت افساد امره، و قعدت فى ميتك، و استغويت عصابه من الناس حتى تاخروا عن بيعته، ثم كرهت خلافه عمر و حسدته، و استطلت مدته، و سررت بقتله، و اظهرت الشماته بمصابه، حتى انك حاولت قتل ولده لانه قتل قاتل ابيه) و فى جوابه (ع) لمعاويه (و زعمت ان افضل الناس فى الاسلام فلان و فلان.و قول ابن ابى الحديد: (و اذا انصف الانسان) مغالطه، فانهما لم يهتكا الستر، كما هتك عثمان، حتى يذكرهما بما كان يذكره، و هو غير مناف لان يذكرهما بمثل الفقره، مع ان الاصل فى امر عثمان هما.و يشهد لارادته الثلاثه حسبما يقتضيه السياق- غير خطبه الاخرى من الشقشقيه و غيرها- كلامه (ع) هنا بعد: (فانا صنائع ربنا، و الناس بعد صنائع لنا).و لم يفر من كونهما ممن مالت به الرميه، و قد فرا برايه النبى (ص) فى خيبر حتى قال (ص): (لاعطين الرايه رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و رسوله.فافصح (ع) عن كونهما غير محبى الله و رسوله، و كون الله و رسوله غير محبين لها، و قد نزل جبرئيل بعزل الاول من الله تعالى فى بعثه بايات براءه، و لما قال عمر لابن ع
باس: (ما ارى صاحبك الا مظلوما) فقال له ابن عباس: (فاردد عليه ظلامته).فقال له عمر: (استصغره قومه).فقال له ابن عباس: (و الله ما استصغره الله و رسوله حين امراه ان ياخذ (براءه) من صاحبك).و قد نسب الثانى الى النبى (ص) الذى قال تعالى فيه: (و ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى) انه يهجر، لما اراد الوصيه و تعيين اميرالمومنين (ع) بالكتابه باقرار عمر نفسه، و لا يقتصر على مشافهاته و منعه عن الوصيه و لا مصيبه فوقه، كما كان ابن عباس يقولها كرارا، و يبكى من ذلك بكاء الثكلى، و تركا جنازته و تكالبا على الرياسه حتى ارادا احراق اهل بيت نبيهما، و بعثهما النبى (ص) فى جيش اسامه، و لعن المتخلف عنه، و تخلفا عنه، و آذيا بضعته سيده النساء حتى مرضت و توفيت و اوصت ان تدفن سرا، حتى لا يحضراها مع قول النبى (ص) بكون ايذائها ايذائه، و ايذائه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) ايذاء الله الذى لم يكن جزاوه غير النار.الى غير ذلك مما يجعل امرهما كالنار على المنار.(فانا صنائع رينا، و الناس بعد صنائع لنا اسوه) قال ابن ابى الحديد: هذا كلام عظيم عال على الكلام، و معناه عال على المعانى، و صنيعه الملك من يصطنعه الملك و يرفع قدره.يقول: ليس ل
احد من البشر علينا نعمه بل الله هو الذى انعم علينا فليس بيننا و بينه واسطه، و الناس باسرهم صنائعنا فنحن الواسطه بينهم بين الله تعالى، و هذا مقام جليل، ظاهره ما سمعت و باطنه انهم عبيدالله، و ان الناس عبيدهم.و قال شيخنا الصدوق فى (اعتقاداته): يجب ان يعتقد ان الله عز و جل لم يخلق خلقا افضل من محمد (ص) و الائمه (ص)، و انهم احب الخلق الى الله و اكرمهم و اولهم اقرارا به لما اخذ الله ميثاق النبيين، (و اشهدهم على انفسهم الست بربكم.قالوا: بلى) ثم قال: و نعتقد ان الله تبارك و تعالى خلق جميع الخلق له و لاهل بيته (ع) و انه لو لا هم ما خلق الله سبحانه السماء و الارض و لا الجنه و لا النار، و لا آدم و لا حوا، و لا الملائكه و لا شيئا مما خلق.و قال شيخنا المفيد: قد قطع قوم من اهل الامامه بفضل الائمه من آل محمد عليه و عليهم السلام على سائر من تقدم من الرسل و الانبياء، سوى نبينا محمد (ص)، و اوجب فريق منهم لهم الفضل على جميع الانبياء، سوى اولى العزم منهم، و ابى القولين فريق منهم آخر، و قطعوا بفضل الانبياء كلهم (الفصل السابع- فى الامامه العامه) على سائر الائمه (ع)، و هذا باب ليس للعقول فى ايجابه و المنع منه مجال، و لا على ا
حد الاقوال فيه اجماع.ثم قال: و فى القرآن مواضع تقوى العزم على ما قال الفريق الاول.و يشهد لكونه (ع) من صنائع الله ما رواه الكنجى الشافعى فى مناقبه مسندا عن زيد بن ارقم قال: كان لنفر من اصحاب النبى (ص) ابواب شارعه فى المسجد، فقال رسول الله (ع): سدوا هذه الابواب الا باب على.فتكلم فى ذلك الناس، فقام النبى (ص) فقال: انى امرت بسد هذه الابواب غير باب على، فقال قائلكم.و الله ما سددته و لا فتحته، ولكنى امرت بشى ء فاتبعته.و ما رواه عن جابر قال: دعا النبى (ص) عليا (ع) يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه.فقال النبى (ص): ما انتجيته ولكن الله انتجاه.و رواه جامع الترمذى.و ما رواه (خصائص الرضى) رضوان الله عليه مرفوعا: ان النبى (ص) لما اجمع على المضى الى تبوك ناجى عليا (ع) فاطال، فقال ابوبكر لعمر: لقد اطال مناجاته لابن عمه.فقال النبى (ص): ما انا ناجيته، ولكن الله ناجاه.و فى ذلك يقول حسان: و يوم الثنيه عند الوداع و اجمع نحو تبوك المضيا تنحى يودعه خاليا و قد اوقف المسلمون المطيا فقالوا يناجيه دون الانا م و الله ادناه منه نجيا على فم احمد يوحى اليه كلاما بليغا و وحيا خفيا (الفصل ا
لسابع- فى الامامه العامه) قلت: و من خبره يفهم ان القائل فى سد الابواب، و فى نجوى الطائف ايضا الرجلان.و فى (تاريخ اليعقوبى): زوج النبى (ص) فاطمه (ع) من على (ع) بعد قدومه بشهرين، و قد كان جماعه من المهاجرين خطبوها، فلما زوجها منه (ع) قالوا فى ذلك، فقال النبى (ص): ما انا زوجته، ولكن الله زوجه.و روى الخطيب فى (تاريخ بغداده) فى (محمد بن سليمان المعروف بلوين) مسندا عن سفيان قال: حدثنا عمرو بن دينار قال: كنت انا وابوجعفر فمررنا بابراهيم بن سعد بن ابى وقاص فقال لى: انظرنى حتى اساله عن حديث يحدثه.فذهب اليه ثم جاءنى فاخبرنى انه حدثه ان عليا (ع) اتى النبى (ص) و عنده ناس فدخل، فلما دخل خرجوا، ثم انهم قالوا: و الله ما اخرجنا النبى (ص) فلم خرجنا.فرجعوا فدخلوا على النبى (ص) فقال النبى (ص): انى و الله ما اخرجتكم و ادخلته، ولكن الله هو ادخله و اخرجكم.هذا، و نظير كلامه (ع) كلام المهدى (ع) فى ما روى الشيخ فى (غيبته) فى توقيعاته: انه تشاجر ابن ابى غانم القزوينى و جماعه من الشيعه فى الخلف، فذكر ابن ابى غانم ان ابامحمد (ع) مضى و لا خلف له.ثم انهم كتبوا فى ذلك كتابا، و انفذوه الى الناحيه، و اعلموه بما تشاجروا فيه، فورد جواب
كتابهم بخطه (ع): انهى الى ارتياب جماعه منكم فى الدين، و ما دخلهم من الشك و الحيره فى ولاه امورهم فغمنا ذلك لكم لا لنا، و ساءنا فيكم لا فينا، لان الله معنا، و لا فاقه بنا الى غيره، و الحق معنا، فلن يوحشنا من قعد عنا، و نحن صنائع ربنا، و الخلق بعد صنائعنا.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) هذا، و قد قال التميمى فى الفضل بن سهل ذى الرياستين: لعمرك ما الاشراف فى كل بلده و ان عظموا للفضل الا صنائع ترى عظماء الناس للفضل خشعا اذا ما بدوا و الفضل لله خاشع (لم يمنعنا قديم عزنا و لا عادى) و فى (ابن ميثم و الخطيه): (و عادى).(طولنا على قومك ان خلطناكم بانفسنا فنكحنا و انكحنا فعل الاكفاء و لستم هناك) اى: اكفاء لنا، كيف و هاشم منبع كل فضيله، و اميه مجمع كل رذيله؟ قال ابن ابى الحديد: ينبغى ان نذكر هاهنا مناكحات بنى هاشم و بنى عبد شمس: زوج النبى (ص) ابنتيه رقيه و ام كلثوم من عثمان بن عفان بن ابى العاص، و زوج ابنته زينب من ابى العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس فى الجاهليه، و تزوج ابولهب بن عبدالمطلب ام جميل بنت حرب بن اميه فى الجاهليه، و تزوج النبى (ص) نفسه ام حبيبه بنت ابى سفيان بن حرب، و تزوج عبدالله بن ع
مرو بن عثمان فاطمه بنت الحسين (ع).قلت: ذكر الاخير خارج عن موضوع كلام اميرالمومنين (ع) لانه كان بعده (ع)، و لو اراد ابن ابى الحديد مناكحهم بعد لبلغت الى مائه بل مئات، كما انه فاته كثير من مناكحهم قبل، فتزوج الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب هندا بنت ابى سفيان، فولدت له على عهد النبى (ص) عبدالله المعروف بببه، و تزوج اميرالمومنين (ع) امامه بنت ابى العاص بن ربيعه بن عبد شمس من زينب بنت النبى (ص)، و تزوج كريز بن ربيعه بن حبيب بن عبد شمس ام حكيم بنت عبدالمطلب، فولدت له اروى ام عثمان، و تزوج- كما فى (ذيل الطبرى)- حارث بن حرب بن اميه صفيه بنت عبدالمطلب فولدت له (الفصل السابع- فى الامامه العامه) صفيا، ثم خلف عليها العوام، و تزوج عقيل بنتا لعنبه بن ربيعه، كانت تقول لعقيل: (يا بنى هاشم لا يحبلم قلبى ابدا، اين ابى، اين عمى، اين اخى و- كان اميرالمومنين (ع) قتلهم هم فى بدر- اين قلان بن فلان؟ كان اعناقهم اباريق فضه، ترد انوفهم قبل شفامهم) و كان عقيل يجييها: اذا دخلت النار فخذى على يسارك ترينهم.قال ابن ابى الحديد: روى شيخنا ابوعثمان عن اسحاق بن عيسى بن على بن عبدالله بن العباس، قال: قلت للمنصور ابى جعفر: من اكفاونا؟
فقال: اعداونا.فقلت: من هم؟ قال: بنو اميه.قلت: مراد اميرالمومنين (ع) ببنى هاشم المفهوم من قوله (ع): (لم يمنعنا) اهل بيت النبى (ص).و العباسيون و ان كانوا من الهاشميين نسبا الا انهم صاروا بمخالفتهم لهم (ع) كالامويين، فلا اثر لاقرار المنصور لان يعارض انكاره (ع).قال ابن ابى الحديد: قال الجاحط: لما ماتت الابنتان تحت عثمان قال النبى (ص) لاصحابه: (ما تنتظرون بعثمان الا ابو ايم الا اخو ايم، زوجته ابنتين و لو ان عندى ثالثه لفعلت) و لذلك سمى ذا النورين.قلت: هو من الاخبار التى امر معاويه بوضعها لعثمان، و كيف لا، و قد روى ابراهيم الثقفى فى (تاريخه) عن رجالهم عن القاسم بن مصعب العبدى، قال: قام عثمان ذات يوم خطيبا، فحمد الله و اثنى عليه، ثم قال: نسوه يكتبن فى الافاق لتنكث بيعتى و يهراق دمى، و الله لو شئت ان املا عليهن حجراتهن رجالا سودا و بيضا لفعلت.الست ختن رسول الله على ابنتبه؟ الى ان قال- اذ تكلمت امراه من وراء الحجاب، فجعل تبدو لنا خمارها احيانا، فقالت: (الفصل السابع- فى الامامه العامه) صدقت لقد كنت ختن رسول الله (ص) على ابنتيه فكان منك فيهما ما قد علمت.و قد روى (انساب البلاذرى): ان عثمان اخفى عمه المغيره ا
لذى جدع انف حمزه- فى موضع من بيته، و بعث النبى (ص) لطلبه من بيته، فاشارت ام كلثوم الى موضعه.و كان عثمان يقدم قتل نفسه على قتل اقربائه بنى اميه، فلما حضروه رضوا منه بان يطرد مروان من عنده، فاختار قتل نفسه على طرد مروان، فما ظنك بمعامله عثمان معها و قد صارت سببا لقتل عمه؟ فقتله النبى (ص) اخيرا، فكيف يعقل ان بحث النبى (ص) على تزويجه و يتاسف على عدم بنت اخرى له يزوجها به؟ و لو كان لخبره حقيقه اما كان معاويه يجيب اميرالمومنين (ع) عن قوله: (و لستم هناك) بذلك.هذا، و فى (مناقب السروى) قالوا: خطب الحسن (ع) عائشه بنت عثمان، فقال مروان: ازوجها عبدالله بن الزبير.ثم ان معاويه كتب الى مروان- و كان عامله على الحجاز- بعد ان يخظب ام كلثوم بنت عبدالله بن جعفر لابنه يزيد.فقال عبدالله بن جعفر: انما امرها الى سيدنا الحسين (ع)، و هو خالها فاخبر (ع) بذلك، فقال: اللهم وفق لهذه الجاريه رضاك.فلما اجتمع الناس اقبل مروان حتى جلس اليه (ع) و عنده من الجله فقال: ان معاويه امرنى ان اجعل مهرها حكم ابيها بالغا ما بلغ، مع قضاء دينه، مع صلح ما بين هذين الحيين، و اعلم ان من يغبطكم بيزيد اكثر ممن يغبطه بكم، و العجب كيف يستمهر يزيد، و هو كفو
من لا كفو له، و بوجهه يستسقى الغمام؟ فرد خيرا يا ابا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) عبدالله.فقال (ع): الحمد لله الذى اختارنا لنفسه، و ارتضانا لدينه، و اصطفانا على خلقه.ثم قال لمروان: اما قولك: (مهرها حكم ابيها) فلعمرى لو اردنا ذلك ما عدونا سنه النبى (ص) فى بناته و نسائه و اهل بيته، و اما قولك: (مع قضاء دين ابيها) فمنى كانت نساونا يقضين عنا ديوننا؟ و اما (صلح ما بين هذين الحيين) فانا قوم عاديناكم فى الله، و لم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمرى لقد اعيا النسب، فكيف السبب؟ و اما قولك: العجب ليزيد كيف يستمهر فقد استمهر من هو خير من يزيد و ابيه وجده، و اما قولك: (يزيد كفو من لا كفو له) فمن كان كفوه قبل اليوم، فهو كفوه اليوم، ما زادته امارته فى الكفاه شيئا، و اما قولك: (بوجهه يستسقى الغمام) فانما كان ذلك بوجه النبى (ص)، و اما قولك: (من يغبطنا به اكثر ممن يغبطه بنا) قانما يغبطنا به اهل الجهل، و يغبطه بنا اهل العقل.ثم قال بعد كلام: اشهدوا انى قد زوجت ام كلثوم بنت عبدالله بن جعفر من ابن عمها قاسم بن محمد بن جعفر، و قد نحلتها ضيعتى بالمدينه- او قال: ارضى بالعقيق- و غلتها فى السنه ثمانيه آلاف دينار، ففيها لهما غنى ان
شاء الله.فتغير وجه مروان، و قال: اغدرا يا بنى هاشم؟ فذكره الحسين خطبه الحسن (ع) و فعله.ثم قال: فاين موضع الغدر يا مروان؟ فقال مروان: اردنا صهركم لنجد ودا قد اخلفه به حدث الزمان فلما جئتكم فجبهتمونى و بحتم بالضمير من الشنان فاجابه ذكوان مولى بنى هاشم، و قال: اماط الله عنهم كل رجس و طهرهم بذلك فى المثانى فمالهم سواهم من نظير و لا كفو هناك و لا مدان ايجعل كل جبار عنيد الى الاخيار من اهل الجنان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) (و منا النبى) فى (العقد) قيل لمعاويه: اخبرنا عنكم و عن بنى هاشم.قال: بنو هاشم اشرف و احدا، و نحن اشرف عددا، فما كان الا كلا و بلى حتى جاووا بواحده بذت الاولين و الاخرين.قال صاحب (العقد): اراد بقوله (اشرف واحدا) عبدالمطلب، و بقوله (حتى جاووا) النبى (ص).قلت: اقرار معاويه مقبول و ادعاوه غير مقبول، فبنو هاشم ايضا كانوا اشرف عددا، و لم ينحصر الشريف فيهم بعبدالمطلب، و انى كان فى بنى اميه مثل هاشم و الزبير بن عبدالمطلب، و ابى طالب بن عبدالمطلب، و حمزه بن عبدالمطلب، و جعفر بن ابى طالب، و اشراف بنى اميه اشراف جبابره؟ فاشرف اشرافهم عثمان- الذى احدث منكرات، الى ان اضطر ا
لناس الى قتله- كجبار العمالقه فى طسم و جديس، و اشراف هاشم اشراف مثل الانبياء و الاولياء حتى فى الجاهليه.فكان عبدالمطلب ذا كرامات، فمثل اشرافهم و اشراف هاشم قول النابغه: انا اقتسمنا خطتينا بيننا فحملت بره و احتملت فجار و لم ينحصر اتيان بنى هاشم بمن بذ الاولين و الاخرين بالنبى (ص)، فاتوا باخر مثله: اميرالمومنين (ع) بنصه تعالى: ( و انفسنا) و بالعيان و الوجدان، الا ان معاويه كمن اسس له الامر كانوا يذعنون للنبى (ص)، لانهم ارادوا اكل الدنيا باسمه، وجحدوه (ع)، لانه كان مانعا لهم من ذلك.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) هذا، و فى معنى قوله (ع) (و منا النبى) قول دعبل فى قصيدته المعروفه التى اولها (مدارس آيات): وان فخروا يوما اتوا بمحمد و جبريل و الفرقان ذى السورات (و منكم المكذب) قال تعالى: (و انا لنعلم ان منكم مكذبين).و عن (صحيحى مسلم و البخارى) فى تفسير قوله تعالى: (هذا خصمان اختصموا فى ربهم) نزلت فى على و حمزه و عبيده الذين بارزوا المشركين- يوم بدر- عتبه و شيبه ابنا ربيعه، و الوليد بن عنبه.و روى ابن بابويه عن النضر بن مالك قال: قلت للحسين (ع): حدثنى عن قوله تعالى: (هذان خصمان اختصموا فى ربهم.قال: نحن و بنو اميه اختصمنا فى الله عز و جل، قلنا: صدق الله.و قالوا: كذب الله.فنحن و اياهم الخصمان يوم القيامه.قلت: و لا تنافى بين هذا الخبر و الخبر السابق، فان الظاهر ان اصل النزول فى اميرالمومنين (ع) و صاحبيه، و جرى فى باقى اهل بيته، فالمراد ب (خصمان) قى الايه الجنس، و لذا ارجع ضمير الجمع اليه بعد.و قال ابن ابى الحديد: يعنى (ع) بالمكذب اباسفيان، فكان المكذب له و المجلب عليه.و قال الراوندى: المكذب من كان يكذب النبى (ص) عنادا من قريش.و هذا طريف، لانه لم يلحظ ان يجعل بازاء النبى (ص) مكذب من بنى (الفصل السابع- فى الامامه العامه) عبد شمس، و ليس كل من كذبه من قريش يوجب ان يعير به معاويه.قلت: و اطرف منه قول ابن ميثم: ذكر النبى (ص) و قابله بالمكذب له من بنى اميه و هو ابوجهل بن هشام.فان اباجهل انما كان من بنى مخزوم لا بنى اميه، لكن ما قاله ابن ابى الحديد ايضا من كون المكذب اباسفيان بالخصوص غير صواب ايضا، بل مراده (ع) جمهور بنى عبد شمس: عتبه جد معاويه لامه، و الشيبه عم امه، و الوليد خاله، و حنظله اخوه الذى قتل يوم بدر مع جده عتبه، كذبوه (ص) و لم يسلم احد منهم بل قتلوا كافرين، و هو و ابوه و اخوه يزيد ا
للذان لعنهم النبى (ص) فى غير موطن، و هم و ان اسلموا يوم الفتح لكن اسلموا كرها، لحقن دمائهم و ابطنوا كفرهم.و اما ابوه فيشهد لبقائه على كفره ما رواه ابن عبدالبر فى (استيعابه) عن عبدالله بن الزبير: انه راى اباسفيان يوم اليرموك فكانت الروم اذا ظهرت قال: ايه بنى الاصفر.و اذا كشفهم المسلمون قال: و بنو الاصفر الملوك ملوك ال روم لم يبق منهم مذكور فحدث اباه الزبير بذلك، فقال: قاتله الله يابى الا نفاقا.و ما رواه عن الحسن البصرى: ان اباسفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافه اليه، فقال لعثمان: قد صارت اليك بعد تيم و عدى فادرها كالكره، و اجعل اوتادها بنى اميه فانما هو الملك، و لا ادرى ما جنه و لا نار.و اما معاويه نفسه فيشهد لبقائه على كفره ما نقله المسعودى عن (موفقيات ابن بكار) عن مطرف بن المغيره قال: و فدت مع ابى المغيره الى (الفصل السابع- فى الامامه العامه) معاويه، فكان ابى ياتيه يتحدث عنده ثم ينصرف الى فيذكر معاويه الى ان قال- قال ابى: قلت لمعاويه: انك بلغت منا قلو اظهرت عدلا، و لو نظرت الى اخوانك من بنى هاشم فوصلت ارحامهم.فقال: هيهات ملك اخو تيم فعدل ما فعل، فماعدا ان هلك فهلك ذكره- الى ان قال- قال معاويه: و
ان اخا هاشم يصرخ به فى كل يوم خمس مرات: (اشهد ان محمدا رسول الله)، فاى امل يبقى مع هذا، لا ام لك، و الله الا دفنا دفنا.قال المسعودى: و المامون لما سمع هذا نادى مناديه فى سنه (212): (برئت الذمه ممن ذكر معاويه بخير).بل يمكن ان يقال: ان بنى اميه كل منهم مكذب، من مضى منهم، و من غبر، حيث انهم الشجره الملعونه فى القرآن، و ياتى قول يزيد: لعبت هاشم بالمك فلا خبر جاء و لا وحى نزل و قال المسعودى ايضا فى (مروجه): ان الوليد بن يزيد قرا ذات يوم (و استفتحوا و خاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم و يسقى من ماء صديد) فدعا بالمصحف فنصبه غرضا للنشاب و اقبل يرميه و هو يقول: اتوعد كل جبار عنيد فها انا ذاك جبار عنيد اذا ما جئت ربك يوم حشر فقل يا رب خرقنى الوليد و ذكر المبرد ان الوليد الحد فى شعر له ذكر فيه النبى (ص) و ان الوحى لم ياته عن ربه- كذب اخزاه الله- و من ذلك قوله: تلعب بالخلافه هاشمى بلا وحى اتاه و لا كتاب (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فقل لله يمنعنى طعامى و قل لله يمنعنى شرابى فلم يمهل بعد قوله الا اياما حتى قتل.و فى (الطبرى): ذكر الوليد عند المنصور، فقال ابوبكر الهذلى: حدثنى ابن عم للفرزدق عن
الفرزدق قال: حضرت الوليد بن يزيد و عنده ندماوه، و قد اصطبح فقال لابن عايشه: تغن بشعر ابن الزبعرى: ليت اشياخى ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل و قتلنا الضعف من ساداتهم و عدلنا ميل بدر فاعتدل فقال ابن عايشه: لا اغنى هذا.فقال: غنه و الا جدعت لهواتك.فغناه، فقال له: احسنت، و الله انه لعلى دين ابن الزبعرى يوم قال هذا الشعر و فى (الطبرى) ايضا: و عزم المعتضد فى سنه (284) على لعن معاويه على المنابر، و امر بانشاء كتاب بذلك يقرا على الناس الى ان قال- و تقدم الى الشراب و الذين يسقون الماء الا يترحموا على معاويه، و لا يذكروه بخير، فذكر ان المعتضد امر باخراج الكتاب الذى كان المامون امر بانشائه بلعن معاويه فاخرج له من الديوان- الى ان قال- فى الكتاب: (ان الله عز و جل لما ابتعث محمدا بدينه و امره ان يصدع بامره بدا باهله و عشيرته- الى ان قال- و اول معاندى النبى (ص) و مكذبيه فى كل حرب و مناصبه، لا يرفع على الاسلام رايه، الا كان صاحبها و قائدها و رئيسها فى كل مواطن الحرب، من بدر و احد و الخندق و الفتح: ابوسفيان بن حرب و اشياعه من بنى اميه، الملعونين فى كتاب الله، ثم الملعونين على لسان النبى (ص) فى عده مواطن و عده موا
ضع، لماضى علم الله فيهم و فى امرهم و نفاقهم، و كفر اعلامهم، (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فحارب مجاهدا و دافع مكابدا و اقام منابذا، حتى قهره الصيف و علا امرالله و هم كارهون، فتقول بالاسلام غير منطو عليه، و اسر الكفر غير مقلع عنه، فعرفه بذلك النبى (ص) و المسلمون، و ميز له (المولفه قلوبهم) فقبله و ولده على علم منه.فمما لعنهم الله على لسان نبيه، و انزل به كتابا قوله تعالى: ( و الشجره الملعونه فى القرآن و نخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا)، و لا اختلاف بين احد انه اراد به بنى اميه.و منه: قول النبى (ص) و قد رآه مقبلا على حمار، و معاويه يقود به، و يزيد ابنه يسوق به: (لعن الله القائد و الراكب و السائق).و منه: ما يرويه الرواه من قوله: (يا بنى عبدمناف تلقفوها تلقف الكره فما من جنه و لا نار) و هذا كفر صراح يلحقه به اللعنه من الله كما لحقت الذين كفروا من بنى اسرائيل على لسان داود، و عيسى بن مريم، (ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون).و منه: ما يروون من و قوفه على ثنيه احد بعد ذهاب بصره، و قوله لقائده: هاهنا ذببنا محمدا و اصحابه.و منه: الرويا التى رآها النبى (ص) فوجم لها، فما روى ضاحكا بعدها، فانزل الله ( و ما
جعلنا الرويا التى اريناك الا فتنه للناس)، فذكروا انه راى نفرا من بنى اميه ينزون على منبره.و منه: طرد النبى (ص) الحكم بن ابى العاص لحكايته اياه، و الحقه الله (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بدعوه رسوله آيه باقيه حين رآه يتخلج، فقال له: (كن كما انت)، فبقى على ذلك سائر عمره، الى ما كان من مروان فى افتتاحه اول فتنه كانت قى الاسلام، و احتقابه لكل دم حرام سفك فيها او اريق بعدها.و منه: ما انزل الله تعالى على نبيه (ص): (ليله القدر خير من الف شهر) اى: ملك بنى اميه.و منه: ان النبى (ص) دعا بمعاويه ليكتب بامره بين يديه، فدافع بامره و اعتل بطعامه، فقال النبى (ص): (لا اشبع الله بطنه)، فبقى لا يشبع و يقول: (و الله ما اترك الطعام شبعا ولكن اعيا).و منه: ان النبى (ص) قال: (يطلع من هذا الفج رجل من امتى، يحشر على غير ملتى) فطلع معاويه.و منه: ان النبى (ص) قال: (اذا رايتم معاويه على منبرى فاقتلوه).و منه: الحديث المرفوع المشهور: (ان معاويه فى تابوت من النار فى اسفل درك منها ينادى: يا حنان يا منان.و يجاب: (آلان و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين).و منه انبراوه بالمحاربه لافضل المسلمين فى الاسلام مكانا و اقدمهم اليه سبقا
، و احسنهم فيه ذكرا و اثرا على بن ابى طالب (ع)، ينازعه حقه بباطله- الى ان قال- حتى احتمل اوزار تلك الحروب، و ما اتبعها، و تطوق تلك الدماء، و ما سفك بعدها، و سن سنن الفساد التى عليه اثمها، و اثم من عمل بها، و اباح المحارم لمن ارتكبها، و منع الحقوق اهلها، و اغتره الاملاء، و استدرجه الامهال، و الله له بالمرصاد.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) ثم مما اوجب الله له به اللعنه قتله من قتل صبرا من خيار الصحابه و التابعين، و اهل الفضل و الديانه، مثل عمرو بن الحمق، و حجر بن عدى، و من قتل من امثالهم فى ان يكون له العزه، و الملك و الغلبه، و لله العزه و الملك و القدره، و الله يقول: (و من يقتل مومنا متعمدا فجزاوه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و اعد له عذابا عظيما).و مما استحق به اللعنه ادعاوه زياد بن سميه جراه على الله، و الله يقول: (ادعوهم لابائهم)، و النبى (ص) يقول: (ملعون من ادعى الى غير ابيه، و انتمى الى غير مواليه) و يقول: (الولد للفراش و للعاهر الحجر).و منه ايثاره بدين الله، و دعاوه عباد الله الى ابنه يزيد المتكبر الخمير صاحب الديوك و الفهود و القرود، و اخذه البيعه له على خيار المسلمين بالقهر و السط
وه، و التوعيد و الاخافه، و التهديد و الرهبه، و هو يعلم سفهه، و يطلع على خبثه و رهقه، و يعاين سكرانه و فجوره و كفره، فلما تمكن مما مكنه منه، و وطاه له، و عصى الله و رسوله فيه، طلب بثارات المشركين و طوائلهم عند المسلمين، فاوقع باهل الحره الوقيعه التى لم تكن فى الاسلام اشنع منها، و لا افحش فى ما ارتكب من الصالحين فيها، و شفى بذلك غليله عند نفسه، و ظن ان قد انتقم من اولياء الله، و بلغ النوى لاعداء الله، فقال مجاهرا بكفره، و مظهرا لشركه: ليت اشياخى ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل قد قتلنا القرم من ساداتكم و عدلنا ميل بدر فاعتدل فاهلوا و استهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل (الفصل السابع- فى الامامه العامه) لست من خندف ان لم انتقم من بنى احمد ما كان فعل لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحى نزل هذا هو المروق من الدين، و قول من لا يرجع الى الله، و لا الى دينه و لا الى كتابه و لا الى رسوله، و لا يومن بالله، و لا بما جاء من عند الله.ثم من اغلظ ما انتهك و اعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن على و ابن فاطمه بنت النبى (ص)، مع موقعه من النبى (ص) و مكانه منه، و منزلته من الدين و الفضل، و شهاده النبى
(ص) له و لاخيه بسياده شباب اهل الجنه، اجتراء على الله، و كفرا بدينه، و عداوه لرسوله، و مجاهده لعترته، و استهانه بحرمته، فكانما يقتل به و باهل بيته قوما من كفار اهل الترك و الديلم، لا يخاف من الله نقمه، و لا يرقب منه سطوه، فبتر الله عمره، و اجتث اصله و فرعه، و سلبه ما تحت يده، و اعد له من عذابه و عقوبته ما استحقه بمعصيته.هذا الى ما كان من بنى مروان من تبديل كتاب الله، و تعطيل احكامه، و اتخاذ مال الله دولا بينهم، و هدم بيته و استحلال حرم الله، و نصبهم المجانيق عليه، و رميهم اياه بالنيران، لا يالون له احراقا و اخرابا، و لما حرم الله منه استباحه و انتهاكا، و لمن لجا اليه قتلا و تنكيلا.(و منا اسدالله) يعنى (ع) به حمزه، قال الواقدى فى (تاريخه)، و كاتبه فى (طبقاته)، و القمى فى (تفسيره)، و المفيد فى (ارشاده): ان عتبه و شيبه و الوليد يوم بدر نادوا: يا محمد اخرج الينا اكفاءنا من قومنا.فاخرج لهم حمزه و عليا (ع) و عبيده.فقال حمزه- لما قالوا: عرف نفسك-: انا حمزه بن عبدالمطلب اسدالله و اسد رسوله.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و فى (سيره ابن هشام): لما وقف النبى (ص) على حمزه- بعد قتله يوم احد- قال: لن اصاب بمثلك
ابدا، ما وقفت موقفا قط اغيظ الى من هذا.ثم قال: جاءنى جبرئيل فاخبرنى ان حمزه بن عبدالمطلب مكتوب فى اهل السماوات السبع: (حمزه بن عبدالمطلب اسدالله و اسد رسوله).و كان اخا للنبى (ص) من الرضاعه، ارضعتهما مولاه لابى لهب.و فى (الطبرى) فى سبب اسلامه: ان اباجهل مر بالنبى (ص) و هو جالس عند الصفا، فاذاه و شتمه، و نال منه بعض ما يكره من العيب لدينه و التضعيف له، فلم يكلمه النبى (ص)، و كانت مولاه لعبدالله بن جدعان التيمى فى مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف ابوجهل عنه، فعمد الى نادى قريش عند الكعبه فجلس معهم، فلم يلبث حمزه ان اقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له، و كان اذا رجع من قنصه لم يصل الى اهله حتى يطوف بالبيت، و كان اذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش الا وقف و سلم و تحدث معهم، و كان اعز قريش و اشدها شكيمه، فلما مر بالمولاه و قد قام النبى و رجع الى بيته قالت: يا اباعماره لو رايت ما لقى ابن اخيك قبل ان تاتى من ابى الحكم، وجده هاهنا جالسا فسبه و آذاه، و بلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه و لم يكلمه.فامتلا حمزه بالغضب لما اراد الله به من كرامته، فخرج سريعا لا يقف على احد- كما كان يصنع- يريد الطواف، معدا لابى جهل اذا لقي
ه ان يقع به، فلما دخل المسجد نظر اليه جالسا فى القوم، فاقبل نحوه، حتى اذا قام على راسه رفع القوس فضربه بها ضربه، فشجه بها شجه منكره و قال: اتشتمه و انا على دينه، اقول ما يقول، فرد ذلك على ان استطعت- الى ان قال- و تم حمزه على اسلامه، فلما اسلم حمزه عرفت قريش ان النبى (ص) قد عز، و ان حمزه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) سيمنعه، فكفوا عنه بعض ما كانوا ينالون منه.(و منكم اسد الاحلاف) قال ابن ابى الحديد: يعنى عتبه بن ربيعه، كما مر فى شرح قصه بدر.قلت: قال ثمه: قال الواقدى: قال حمزه: انا حمزه بن عبدالمطلب اسدالله و اسد رسوله.فقال عتبه: كفو كريم و انا اسدالحلفاء.قال ابن ابى الحديد الزناد: قال ابى: لم اسمع لعتبه كلمه قط اوهن من قوله: (انا اسدالحلفاء)، يعنى بالحلفاء الاجمه.قال ابن ابى الحديد: و روى انه قال: و انا اسد الاحلاف.و قالوا فى تفسيرهما: اراد انا سيد اهل حلف المطيبين، و كان الذين حضروه بنى عبدمناف، و بنى اسد بن عبدالعزى، و بنى تميم، و بنى زهره، و بنى الحارث بن فهر.و رده قوم بان المطيبين لم يكن يقال لهم: الحلفاء، و لا الاحلاف و انما ذلك لقب خصومهم: بنو عبدالدار، و بنو مخزوم، و بنو سهم، و بنو جمح، و ب
نو عدى.و قال قوم فى تفسيرهما: عنى حلف الفضول.و هو غير صحيح، لان بنى عبد شمس لم يكونوا فى حلف الفضول، فبان ان ما ذكره الواقدى اصح.قلت: و على ما ذكره ثمه لم يصح قوله هنا: (يعنى (ع) باسدالاحلاف عتبه) بل لا يصح و لو كان المراد شيبه، فانهما لم يكونا من الاحلاف حتى يكونا اسدهم او ثعلبهم و الصواب ان يقال: ان الاحلاف فى روايه الرضى محرف (الحلفاء) فاتفق الواقدى و ابن سعد كاتب الواقدى، و على بن ابراهيم القمى على التعبير (الفصل السابع- فى الامامه العامه) باسد الحلفاء و ان جعله الاخير شيبه، و مر نص الاول، و قال الثانى: فقال عتبه تكلموا نعرفكم- و كان عليهم البيض- فقال حمزه: انا حمزه بن عبدالمطلب اسدالله و اسد رسوله.فقال عتبه: كفو كريم و انا اسدالحلفاء.و قال الثالث: فقال له شيبه: لقد لقيت اسدالحلفاء فانظر كيف تكون صولتك يا اسدالله.و لم اقف على من رواه (اسد الاحلاف) كما فى المتن معينا، و انما قال ابن ابى الحديد ثمه (وروى)، و لعله اراد به ما فى المتن، و مر قول ابى الزناد: لم اسمع لعتبه كلمه قط اوهن من قوله: و انا اسد الحلفاء.فى روايه الواقدى و فى (الصحاح): الحلفاء نبت فى الماء، قال ابوزيد: و احدتها حلفه، مثل قصب
ه و طرفه، و قال الاصمعى: حلفه بكسر اللام.و مر قول ابى الزناد يعنى بالحلفاء الاجمه.قال ابن ابى الحديد: قال الراوندى: اسد الاحلاف اسد بن عبدالعزى، لان بنى اسد بن عبدالعزى كانوا احد البطون الذين اجتمعوا فى حلف المطيبين، و هم.بنو اسد، و بنو عبدمناف، و بنو تيم بن مره، و بنو زهره، و بنو الحرث بن فهر.قال ابن ابى الحديد: و اى عار يلزم معاويه من ذلك؟ ثم ان بنى عبدمناف كانوا فى هذا الحلف، و على و معاويه من بنى عبدمناف، و لكن الراوندى يظلم نفسه بتعرضه لما لا يعلمه.قلت: و يرد عليه مضافا الى ما ذكر ما اوردناه على ابن ابى الحديد نفسه، من عدم كون اسد بن عبدالعزى كعتبه و باقى بنى عبدالشمس من الاحلاف.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) فالاحلاف- كما فى (النهايه)- اسم لبنى عبدالدار، و جمح و مخزوم و سهم و عدى و كعب، كما ان الانصار اسم للاوس و الخزرج.و يرد عليه ان (اسد) الاسمى لا مدح فيه و لا ذم، فلا معنى لاستعماله فى مقام تفاخر او تغيير.ثم قول ابن ابى الحديد: (كان بنو عبدمناف فى هذا الحلف و على و معاويه منهم) ساقط، فان الراوندى نفسه عد بنى عبدمناف فى هذا الحلف، و لم يجعل مرمى الكلام مجرد الدخول فى ذاك الحلف، بل اسدهم ا
سد بن عبدالعزى، و انما يرد عليه عدم كون معاويه من اسد بن عبدالعزى، و عدم اثر للاسد الاسمى.هذا، و تبع ابن ميثم الراوندى، و زاد على خبطاته فقال: اسد الاحلاف و هو اسد بن عبدالعزى، و الاحلاف هم عبدمناف و زهره و اسد و تيم و الحرث بن فهر، و سموا الاحلاف لان بنى قصى ارادوا ان ينتزعوا بعض ما كان بايدى بنى عبدالدار، من اللواء و النداوه و الحجابه و الرفاده- و هى كل شى ء كان فرضه قصى على قريش لطعام الحاج فى كل سنه- و لم يكن لهم الا السقايه، فتحالفوا على حربهم و اعدوا للقتال، ثم رجعوا عن ذلك ناكثين.فيرد عليه- مضافا الى عدم معنى لكون المراد من اسد الاحلاف: اسد بن عبدالعزى- ان جعله بنى عبدالدار مقابل بنى قصى غلط، فبنو عبدالدار احد بطون بنى قصى، كما ان قوله: (و الاحلاف هم عبدمناف و زهره و اسد و تيم و الحرث بن فهر) غلط، و انما المطيبون من قال، و الاحلاف غيرهم، كما مركما ان قوله: (و لم يكن لهم- اى: الخصوم بنى عبدالدار- الا السقايه) ايضا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) غلط، فالسقايه ايضا كانت بيد بنى عبدالدار، كما ان قوله: (ثم رجعوا عن ذلك ناكثين) ايضا غلط فانما اصطلحوا على ان يكون اللواء و الحجابه فى بنى عبدالدار، و ال
سقايه و الرفاده لبنى عبدمناف.قال ابن الاثير فى (كامله): لما كبر قصى، و كان عبدالدار- و هو اكبر ولده- ضعيفا، و كان عبدمناف قد ساد فى حياه ابيه و كذلك اخوته، فقال قصى لعبدالدار: و الله لالحقنك بهم.فاعطاه دار الندوه و الحجابه- حجابه الكعبه- و اللواء، فكان يعقد لقريش الويتهم، و السقايه، و كان يسقى الحاج، و الرفاده، و هى: خرجه تخرجه قريش فى كل موسم الى قصى، فيصنع منه طعاما للحاج.فاما الحجابه فهى فى ولده الى الان، و هم بنو شيبه بن عثمان بن ابى طلحه بن عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار، و اما اللواء فلم يزل فى ولده الى ان جاء الاسلام، فقالوا للنبى (ص): اجعل اللواء فينا.فقال (ص): (الاسلام اوسع من ذلك) فبطل، و اما الرفاده و السقايه فان بنى عبدمناف بن قصى - عبد شمس و هاشم و المطلب و نوفل- اجمعوا ان ياخذوها من بنى عبدالدار لشرفهم عليهم، فتفرقت قريش عند ذلك، فكانت طائفه مع بنى عبدمناف، و طائفه مع بنى عبدالدار، لا يرون تغيير ما فعله قصى، فكان بنو اسد بن عبدالعزى، و بنو زهره بن كلاب، و بنو تيم بن مره، و بنو الحرث بن فهر مع بنى عبدمناف، و كان بنو مخزوم، و بنو سهم، و بنو جمح و بنو عدى مع بنى عبدالدار، فتحالف كل قوم حلفا موكد
ا، و اخرج بنو عبدمناف جفنه مملوه طيبا فوضعوها عند الكعبه، و تحالفوا، و جعلوا ايديهم فى الطيب فسموا المطيبين، و تعاقد بنو عبدالدار و من معهم و تحالفوا، فسموا الاحلاف، و تهيووا للقتال، ثم تداعوا الى الصلح على ان يعطوا بنى عبدمناف السقايه و الرفاده، فرضوا بذلك، و تحاجز الناس عن الحرب، فاقترعوا- اى: بنو عبدمناف- عليها فصارت لهاشم ثم بعده للمطلب ثم بعده لابى طالب، و لم يكن له مال، فادان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) من اخيه العباس ما لا فانفقه، ثم عجز عن الاداء فاعطى العباس السقايه و الرفاده عوضا عن دينه، فوليها، ثم ابنه عبدالله، ثم على بن عبدالله، ثم محمد بن على، ثم داود بن على بن سليمان بن على، ثم المنصور، فالخلفاء، و اما دار الندوه فلم تزل لعبدالدار، حتى باعها عكرمه بن عامر بن هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار من معاويه، فجعلها دار الاماره بمكه، و هى الان فى الحرم مشهوره.فى (تفسير القمى): فاخر العباس بسقايه البيت، و شيبه بحجابه البيت مع اميرالمومنين (ع)، و قالاله: نحن افضل.فقال (ع): انا افضل منكما، آمنت قبلكما، ثم هاجرت و جاهدت.فرضوا بالنبى (ص)، فانزل الله تصديق اميرالمومنين (ع) بقوله: (اجعلتم سقايه الحاج و
عماره المسجدالحرام كمن آمن بالله و اليوم الاخر و جامد فى سبيل الله لا يستوون عند الله و الله لا يهدى القوم الظالمين الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا فى سبيل الله باموالهم و انفسهم اعظم درجه عند الله و اولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمه منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها ابدا ان الله عنده اجر عظيم).ثم انه كما منهم اسد الحلفاء كما عرفت- منهم جرو البطحاء، ففى (معارف ابن قتيبه) و (الصحاح): ربيعه بن عبدالعزى بن عبد شمس بن عبدمناف يقال له: جرو البطحاء.هذا، و قالوا: معاويه بن الصموت الكلابى- الذى قتل يوم جبله- كان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) يسمى الاسد المجدع.و المجدع: المقطوع الاذن او الانف او الشفه.(و منا سيدا شباب اهل الجنه) اى: الحسن و الحسين (ع)، فى (الطبرى): قال الحسين (ع) يوم الطف لاهل الكوفه: اولم يبلغكم قول مستفيض فيكم ان النبى (ص) قال لى و لاخى: هذان سيدا شباب اهل الجنه، فان صدقتمونى بما اقول و هو الحق، و الله ما تعمدت كذبا مذ علمت ان الله يمقت عليه اهله، و يضر به من اختلقه، و ان كذبتمونى فان فيكم من ان سالتموه عن ذلك اخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الانصارى، او اباسعيد الخدرى، او سه
ل بن سعد الساعدى، او زيد بن ارقم، او انس بن مالك يخبروكم انهم سمعوا هذه المقاله من رسول الله (ص)، لى و لاخى.و روى (الاسد) عن حذيفه: ان امه قالت له: متى عهدك بالنبى (ص)؟ فقال لها: ما لى به عهد منذ كذا و كذا، فاتيته (ص) و هو يصلى المغرب فقال: يا حذيفه اما رايت العارض الذى عرض؟ قلت: بلى.قال: ذاك ملك اتانى و بشرنى بان الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنه، و ان فاطمه سيده نساء اهل الجنه.و روى المدائنى- و قد نقله ابن ابى الحديد فى موضع آخر- عن يحيى بن زكريا عن هشام بن عروه قال: قال الحسن (ع) عند و فاته: ادفنونى عند قبر النبى (ص) الا ان تخافوا ان يكون فى ذلك شر.فلما ارادوا دفنه قال مروان بن الحكم: لا يدفن عثمان فى حش كوكب، و يدفن الحسن هاهنا.فاجتمع بنو هاشم و بنو اميه، و اعان هولاء قوم و هولاء قوم و جاووا بالسلاح.فقال ابو (الفصل السابع- فى الامامه العامه) هريره لمروان: اتمنع ان يدفن الحسن فى هذا الموضع و قد سمعت النبى (ص) يقول: الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنه؟ قال مروان: دعنا منك، لقد ضاع حديث النبى اذا كان لا يحفظه غيرك، و غير ابى سعيد الخدرى، و انما اسلمت ايام خيبر.قال ابوهريره: صدقت اسلمت ايام خيير ولك
نى لزمت النبى (ص) و لم اكن افارقه، و كنت اساله، و عنيت بذلك، علمت من احب و من ابغض، و من قرب و من ابعد، و من اقر و من نفى، و من لعن و من دعا له.عرض بمروان فى قوله: (و من ابعد) و (و من نفى) الى اخراج النبى (ص) لابيه الحكم و هو معه الى الطائف، و فى قوله: (و من لعن) الى لعن النبى (ص) لبنى اميه عامه، و لمروان و ابيه خاصه.و يقال لهما (ع): ريحانتا النبى (ص) ايضا، و فى (لسان العرب) فى الحديث: قال النبى (ص) لعلى (ع): اوصيك بريحانتى خيرا قبل ان ينهد ركناك.فلما مات النبى (ص) قال: هذا احد الركنين.فلما ماتت فاطمه قال: هذا الركن الاخر.و اراد بريحانتيه الحسن و الحصين- رضى الله عنهما-.و فسر قول النبى (ص) لاميرالمومنين (ع) (ان لك بيتا فى الجنه و انك لذو قرنيها) فى احد تفاسيره بهما (ع)، ففى (لسان العرب): قيل فى تفسيره: ذو قرنى الجنه، اى: طرفيها، و قال ابوعبيد: اى: ذو قرنى الامه، و ان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) لم يتقدم ذكر الامه فانه نظير ( حتى توارت بالحجاب)، و نظير ( ما ترك على ظهرها من دابه) و نظير قول حاتم: اذا حشرجت يوما و ضاق بها الصدر و لم يتقدم ذكر الشمس و الارض و النفس.قال ابوعبيد: اختار
هذا التفسير الاخير لما روى عن على (ع) انه ذكر ذا القرنين، فقال: دعا قومه الى عباده الله، فضربوه على قرنيه ضربتين، و فيكم مثله.اراد نفسه، ضرب على راسه ضربتين: احداهما يوم الخندق، و الاخرى ضربه ابن ملجم.قال: و روى عن احمد بن يحيى (اى: ثعلب): انه قال فى قوله (ص): انك لذو قرنيها: اى جبليها و هما الحسن و الحسين.هذا، و فى (القاموس): و القبول- و قد يضم-: الحسن و الشاره، و منه قول نديم المامون فى الحسنين (ع): امهما البتول و ابوهما القبول.(و منكم صبيه النار) قال ابن ابى الحديد: هى الكلمه التى قالها النبى (ص) لعقبه بن ابى معيط حين قتله صبرا يوم بدر، و قد قال- كالمستعطف له-: من للصبيه يا محمد؟ قال: النار.قال ابن ابى الحديد: و لم يعلم الراوندى ما المراد بهذه الكلمه، فقال: صبيه النار: اولاد مروان الذين صاروا من اهل النار عند البلوغ.و لما اخبر النبى (ص) عنهم بهذه الكلمه كانوا صبيه، ثم ترعرعوا و اختاروا الكفر.و لا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) شبهه ان الراوندى كان يفسر من خاطره.قلت: و قال ابن ميثم: قيل: المراد ولد عقبه.و قيل: مروان.و لا ريب ان المراد ما قاله ابن ابى الحديد، و يدل عليه- مضافا الى تصريح السير
بذلك فى قصه قتل عقبه- ما رواه (الطبرى) فى قضيه هانى اولا، عن غير ابى مخنف: ان عمرو بن الحجاج قال لعماره بن عقبه فى مجلس ابن زياد: طردت اليوم حمرا، فاصبت منها حمارا، فعقرته.فقال له عماره: ان حمارا تعقره انت لحمار حائن.فقال له عمرو: الا اخبرك باحين من هذا كله؟ رجل جى ء بابيه كافرا الى النبى (ص) فامر به ان يضرب عنقه، فقال: يا محمد فمن للصبيه؟ قال: النار.فانت من الصبيه، و انت فى النار.فضحك ابن زياد.و كيف يحتمل اراده ولد مروان، و مروان نفسه كان يوم وفاه النبى (ص) صبيا، فكيف كان له صبيه؟ و انما قال النبى (ص) لمروان حين ولادته: الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون، فروى الحاكم فى (فتن مستدركه) عن عبدالرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لاحد مولود الا اتى به النبى (ص) فدعا له، فادخل عليه مروان بن الحكم، فقال: هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون.قال الحاكم: صحيح الاسناد.و روى عن عايشه: ان النبى (ص) لعن الحكم ابامروان، و مروان فى صلبه.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و روى: ان الحكم استاذن على النبى (ص) فعرف صوته، فقال: ايذنوا له لعنه الله عليه، و على من يخرج من صلبه، الا المومن منهم، و قليل ما هم.ثم لو اريد ا
ستقصاء مثالبهم فليزد على كلامه (ع) فى خطاب معاويه: و منكم الملعون الصلب و النفس.اى: الحكم، و منكم الوزغ ابن الوزغ.اى: مروان بن الحكم.بل يزاد له: (و منكم المتخذون مال الله دولا، و عباده خولا، و دينه دغلا) و هم ولد ابى العاص جد عثمان و مروان، فلما فعل عثمان ما فعل من المنكرات، قال له ابوذر: ان النبى (ص) قال فى ولد جدك: اذا بلغوا ثلاثين، يتخذون مال الله دولا و عباده خولا و دينه دغلا.فكذبه عثمان، حتى صدقه اميرالمومنين (ع)، ثم كثير من الصحابه بقول النبى (ص) فى ابى ذر: ما اظلت الخضراء على اصدق لهجه من ابى ذر.و يزاد لمعاويه: (و منكم خيط باطل و مضروب القفا) اى: مروان، ففى (الاستيعاب): سمى مروان (خيط باطل) لسفهه، و (مضروب القفا) للضرب على قفاه يوم عثمان.و لما بويع له بالاماره هجاه اخوه عبدالرحمن فقال: فو الله ما ادرى و انى لسائل حليله مضروب القفا كيف يصنع لحى الله قوما امروا خيط باطل على الناس يعطى ما يشاء و يمنع (و منا خير نساء العالمين) روى (طبقات كاتب الواقدى) عن عايشه قالت: كنت جالسه عند النبى (ص) فجاءت فاطمه تمشى، كان مشيتها مشيه رسول الله (ص)، فقال: مرحبا بابنتى.فاجلسها عن يمينه او عن شماله، ثم
(الفصل السابع- فى الامامه العامه) اسر اليها شيئا فبكت، ثم اسر اليها فضحكت، قلت: ما رايت ضحكا اقرب من بكاء من ضحكك و بكائك، استخصك النبى (ص) بحديثه ثم تبكين، اى شى ء اسر اليك رسول الله (ص)؟ قالت: ما كنت لافشى سره.فلما قبض (ص) سالتها، فقالت: قال: ان جبرئيل (ع) كان ياتينى كل عام فيعارضنى بالقرآن مره، و انه اتانى العام فعارضنى مرتين، و لا اظن الا اجلى قد حضر، و نعم السلف انا لك.و قال: انت اول اهل بيتى لحاقا بى.فبكيت لذلك، ثم قال: اما ترضين ان تكونى سيده نساء هذه الامه- او نساء العالمين-؟ فضحكت.و عن ام سلمه قالت: لما حضر النبى (ص) دعا فاطمه فناجاها، فبكت، ثم ناجاها فضحكت، فلم اسالها حتى توفى النبى (ص)، فسالت عن بكائها و ضحكها، فقالت: اخبرنى انه يموت، ثم اخبرنى انى سيده نساء اهل الجنه.و روى الكنجى الشافعى فى (مناقبه) عن عبدالله بن عباس قال: اصاب فاطمه صبيحه العرس رعده، فقال لها النبى (ص): يا فاطمه انما زوجتك سيدا فى الدنيا، (و انه فى الاخره لمن الصالحين).يا فاطمه لما اردت ان املكك بعلى (ع) امر الله تعالى جبرئيل، فقام فى السماء الرابعه، فصف الملائكه صفوفا، ثم خطب عليهم جبرئيل، فزوجك من على، ثم امر شجر الجن
ان فحملت الحلى و الحلل، ثم امرها فنثرته على الملائكه، فمن اخذ منهم يومئذ اكثر مما اخذ صاحبه او احسن، افتخر به على صاحبه الى يوم القيامه.قالت ام سلمه: فلقد كانت فاطمه تفتخر على (الفصل السابع- فى الامامه العامه) النساء، لان اول من خطب عليها جبرئيل (ع).ثم انه كما يكون خبر كونها سيده النساء من الاخبار المتواتره، كذلك خبر كون رضاها رضا النبى (ص)، و سخطها سخط النبى (ص).قال ابن قتيبه فى (خلفائه) فى عنوان (بيعه على (ع)): قال عمر لابى بكر: انطلق بنا الى فاطمه، فانا قد اغضبناها.فانطلقا جميعا، فاستاذنا على فاطمه، فلم تاذن لهما، فاتيا عليا فكلماه، فادخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت وجهها الى الحائط، فسلما عليها فلم ترد (ع)، فتكلم ابوبكر فقال: يا حبيبه رسول الله، و الله ان قرابه رسول الله (ص) احب الى من قرابتى- الى ان قال- فقالت: ارايتكما ان حدثتكما حديثا عن رسول الله (ص)، تعرفانه و تفعلان به؟ قالا: نعم.فقالت: نشدتكما الله الم تسمعا رسول الله (ص) يقول: رضا فاطمه من رضاى، و سخط فاطمه من سخطى، فمن احب فاطمه ابنتى، فقد احبنى، و من ارضى فاطمه فقد ارضانى، و من اسخط فاطمه فقد اسخطنى؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله (ص).قالت: فانى اشهد الله و ملائكته انكما اسخطتمانى و ما ارضيتمانى، و لئن لقيت النبى (ص) لاشكونكما اليه.فقال ابوبكر: انا عائذ بالله من سخطه و سخطك يا فاطمه.ثم انتحب ابوبكر يبكى حتى كادت نفسه ان تزهق، و هى تقول: و الله لادعون الله عليك فى كل صلاه اصليها.ثم خرج.هذا، و لها خصوصيه من جميع الائمه (ع) حتى اميرالمومنين (ع) (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فى ما روى من صلاه الاهداء فى كونها كابيها، ففى (المصباحين): روى عنهم (ع): انه يصلى يوم الجمعه ثمان ركعات: اربعا يهدى الى النبى (ص) و اربعا يهدى الى فاطمه (ع)، و يوم السبت اربع ركعات يهدى الى اميرالمومنين (ع)، ثم كذلك كل يوم الى واحد من الائمه (ع)، الى يوم الخميس اربع ركعات يهدى الى الصادق (ع)، ثم فى يوم الجمعه ايضا ثمان ركعات، اربعا يهدى الى النبى (ص) و اربعا يهدى الى فاطمه (ع)، ثم يوم السبت اربعا يهدى الى موسى بن جعفر (ع)، ثم كذلك الى يوم الخميس يهدى اربعا الى الحجه (ع).(و منكم حماله الحطب) و هى عمه معاويه، و فى (العقد الفريد): دخل عقيل على معاويه، فقال لاصحابه: هذا عقيل عمه ابولهب.قال له عقيل: و هذا معاويه عمته حماله الحطب.ثم قال: يا معاويه اذا دخلت النا
ر، فاعدل ذات اليسار، فانك ستجد عمى ابالهب مفترشا عمتك حماله الحطب، فانظر ايهما خير: الفاعل او المفعول به؟ هذا،و قيل فى هجو بنى تيم الله بن ثعلبه: اناس ربه النحيين منهم فعدوها اذا عد الصميم (فى كبير مما لنا و عليكم) قال ابن ابى الحديد: روى كاتب الواقدى: ان يزيد بن معاويه فاخر عبدالله بن جعفر بين يدى معاويه، فقال عبدالله: باى آبائك تفاخرنى؟ ابحرب الذى اجرناه؟ ام باميه الذى ملكناه؟ ام بعبد شمس الذى كفلناه؟ فقال معاويه: الحرب بن اميه يقال هذا؟ ما كنت احسب ان احدا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فى عصر حرب يزعم انه اشرف من حرب؟ فقال عبدالله: بلى اشرف منه من كفا عليه اناءه و جلله بردائه.فلما قام عبدالله قال معاويه ليزيد: يا بنى اياك و منازعه بنى هاشم، فانهم لا يجهلون ما علموا، و لا يجد مبغضهم لهم سبا.قال: اما قوله: (ابحرب الذى اجرناه) فان قريشا كانت اذا سافرت فصارت على العقبه لم يتجاوزها احد حتى تجوز قريش، فخرج حرب ليله، فلما صار على العقبه، لقيه رجل تميمى من بنى حاجب بن زراره، فتنحنح حرب فتنحنح التميمى، و قال: انا ابن حاجب بن زراره، ثم بدر فجاز العقبه، فقال حرب: لاها الله لا تدخل بعدها مكه، و انا حى
.فمكث التميمى حينا لا يدخل مكه، و كان متجره بمكه، فاستشار ممن بها عمن يجير من حرب، فاشير عليه بعبدالمطلب، او بابنه الزبير، فركب ناقته و صار الى مكه ليلا، فدخلها و اناخ ناقته بباب الزبير بن عبدالمطلب، فرغت الناقه، فخرج اليه الزبير، فقال: امستجير فتجار؟ ام طالب قرى فتقرى؟ فقال: لا قيت حربا بالثنيه مقبلا و الليل ابلج نوره للسارى فعلا بصوت و اكتنى ليروعنى و دعا بدعوه معلن و شعار فتركته خلفى و جزت امامه و كذاك كنت اكون فى الاسفار فمضى يهددنى و يمنع مكه ان لا احل بها بدار قرار فتركته كالكلب ينبح وحده و اتيت قرم مكارم و فخار ليثا هزبرا يستجار بقربه رحب المباءه مكرما للجار و حلفت بالبيت العتيق و حجبه و بزمزم و الحجر و الاستار ان الزبير لمانعى بمهند صافى الحديده صارم بتار فقال الزبير: اذهب فقد اجرتك.فلما اصبح نادى الزبير اخاه الغيداق فخرجا مقلدين سيفيهما، و خرج التميمى معهما، فقال له: انا اذا اجرنا رجلا لم نمش امامه، فامش امامنا ترمقك ابصارنا، كيلا تختلس من خلفنا.فجعل (الفصل السابع- فى الامامه العامه) التميمى يشق مكه حتى دخل المسجد، فلما بصر به حرب، قال: و انك لهاهنا؟ و سبق اليه ف
لطمه، فصاح به الزبير: ثكلتك امك اتلطمه، و قد اجرته؟ فثنى عليه حرب فلطمه ثانيه، فانتضى الزبير سيفه، و حمل على حرب ففر حرب من بين يديه، و سعى الزبير خلفه، فلم يرجع عنه حتى هجم حرب على عبدالمطلب داره، فقال: ما شانك؟ قال: الزبير.قال: اجلس، و كفا عليه اناء كان هاشم يهشم الثريد فيه، و اجتمع الناس و انضم بنو عبدالمطلب الى الزبير، و وقفوا على باب ابيهم بايديهم سيوفهم، فازر عبدالمطلب حربا بازار كان له، و رداه برداء له، و اخرجه اليهم فعلموا ان اباهم قد اجاره.قال: و اما معنى قوله: (ام باميه الذى ملكناه) فان عبدالمطلب راهن اميه على فرسخين، و جعل الخطر ممن سبقت فرسه مائه من الابل، و عشره اعبد، و عشر اماء، و استعباد سنه، و جز الناصيه، فسبق فرس عبدالمطلب، فاخذ الخطر فقسمه فى قريش و اراد جز ناصيته، فقال: و افتدى منك باستعباد عشر سنين.ففعل، فكان اميه بعد فى حشم عبدالمطلب و عضاريطه عشر سنين.قال: و اما معنى (ام بعبد شمس الذى كفلناه) فان عبد شمس كان مملقا لا مال له، فكان اخوه هاشم يكفله و يمونه الى ان مات هاشم.قال ابن ابى الحديد: قال ابن ابى روبه فى كتاب (هاشم، و عبد شمس): مما يصدق قول من روى: ان اميه استعبده عبدالمطلب سعر
ابى طالب حين تظاهرت عبد شمس و نوفل عليه، و على النبى (ص) و حصروهما فى الشعب: توالى علينا موليانا كلاهما اذا سئلا قالا الى غيرنا الامر بلى لهما امر ولكن تراجما كما ارتجمت من راس ذى القلع الصخر الى ان قال: (الفصل السابع- فى الامامه العامه) قديما ابوهم كان عبدا لجدنا بنى امه شهلاء جاش بها البحر قلت: و قال سبط ابن الجوزى: قال الكلبى فى (مثالبه): جرى بين يزيد و بين اسحاق بن طابه بن عبيده كلام بين يدى معاويه و هو خليفه، فقال يزيد لاسحاق: ان خيرا لك ان يدخل بنو حرب كلهم الجنه- اشار يزيد الى ان ام اسحاق كانت تتهم ببعض بنى حرب-، فقال له اسحاق: ان خيرا لك ان يدخل بنو العباس كلهم الجنه.قال: فلم يفهم يزيد قوله و فهم معاويه.فلما قام اسحاق قال معاويه ليزيد: كيف تشاتم الرجال قبل ان تعلم ما يقال فيك؟ قال: قصدت شين اسحاق.قال: و هو كذلك ايضا.قال: و كيف؟ قال: اما علمت ان بعض قريش فى الجاهليه يزعمون انى للعباس؟ فسقط فى يدى يزيد.قال ابن ابى الحديد: قال ابوالفرج فى (اغانيه): ان معاويه قال لدغفل النسابه: ارايت عبدالمطلب؟ قال: نعم.قال: كيف رايته؟ قال: رايته رجلا نبيلا جميلا و ضيئا، كان على وجهه نور النبوه (ص)
قال: افرايت اميه بن عبد شمس؟ قال: نعم.قال: كيف رايته؟ قال: رايته رجلا ضئيلا منحنيا اعمى، يقوده عبده ذكوان.فقال معاويه: ذاك ابنه ابوعمرو.قال: انتم تقولون ذلك، فاما قريش فلم تكن تعرف الا انه عبده.قلت: و فى (طبقات كاتب الواقدى): كان عبدالمطلب احسن قريش وجها، و امدها جسما، و احلمها حلما، و اجودها كفا، و ابعد الناس من كل موبقه تفسد الرجال، و لم يره ملك قط الا اكرمه و شفعه، و كان سيد قريش حتى ملك.قال ابن ابى الحديد- بعد ان نقل كلام الجاحظ فى كون عبدالمطلب ذا (الفصل السابع- فى الامامه العامه) كرامات كالانبياء و المرسلين، من تفجر العيون و ينابيع الماء من تحت كلكل بعيره و اخفافه- فاما تفجر العيون من تحت اخفاف بعير عبدالمطلب فى الارض الجرز، فقد ذكره محمد بن اسحاق بن يسار فى (كتاب السيره) قال: لما انبط عبدالمطلب الماء فى زمزم حسدته قريش، فقالت له: يا عبدالمطلب انها بئر ابينا اسماعيل، و ان لنا فيها حقا.قلت: و فى (طبقات ابن سعد): كان لعبدالمطلب ماء بالطائف يقال له: ذو الهرم، و كان فى يدى ثقيف دهرا، ثم طلبه عبدالمطلب منهم فابوا عليه، و كان صاحب امر ثقيف جندب بن الحارث الثقفى، فتنافرا الى الكاهن العذرى بالشام عل
ى ابل، فخرجا، فنفد ماء عبدالمطلب و اصحابه، فاستسقوا من الثقفيين، فابوا، ففجر الله لهم عينا من تحت جران بعير عبدالمطلب، فحمد الله عز و جل و علم ان ذلك منه، فشربوا ريهم و حملوا حاجتهم، و نفد ماء الثقفيين، فاستسقوا عبدالمطلب، فسقاهم، و اتوا الكاهن فنفر عبدالمطلب عليهم، فاخذ عبدالمطلب الابل فنحرها، و اخذ ذا الهرم و رجع و قد فضله عليه، و فضل قومه على قومه.و مما لهم (ع): ان منهم ساقى كوثر و هو هو (ع)، روى المدائنى منهم عن ابى الطفيل قال: قال الحسن (ع) لمولى له: اتعرف معاويه بن خديج؟ قال: نعم.قال: اذا رايته فاعلمنى.فرآه خارجا من دار عمرو بن حريث، فقال: هو هذا.فدعاه، فقال له: انت الشاتم عليا (ع) عند ابن آكله الاكباد؟ اما و الله لئن وردت الحوض- و لن ترده- لترينه مشمرا عن ساقيه حاسرا عن ذراعيه يذود عنه المنافقين.قال: و رواه ايضا قيس بن الربيع عن (الفصل السابع- فى الامامه العامه) بدر بن الخليل عن مولى الحسن (ع).و مما على اميه! ان منهم واسع السرم ضخم البلعوم و هو معاويه، روى ابوالفرج فى (مقاتله): ان الحسن (ع) قال لسفيان بن ابى ليلى فى وجه تركه الامر لمعاويه: سمعت عليا (ع) يقول: سمعت النبى (ص) يقول: لا تذهب الليا
لى و الايام حتى يجتمع امر هذه الامه على رجل، واسع السرم ضخم البلعوم ياكل و لا يشبع، و لا ينظر الله اليه، و لا يموت حتى لا يكون له فى السماء عاذر، و لا فى الارض ناصر، و انه لمعاويه.و مما لهم (ع) ان فيهم نزل ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا)، و ( قل لا اسالكم عليه اجرا الا الموده فى القربى و من يقترف حسنه نزد له فيها حسنا).و فى (طبقات ابن سعد): قال مروان يوما للحسن و الحسين (ع): انكم اهل بيت ملعونين.فقال له الحسين (ع): يا ملعون يا بن الملعون، لقد لعن النبى (ص) اباك و انت فى صلبه، و نحن اهل بيت اذهب الله عنا الرجس و طهرنا تطهيرا.و فى (مقاتل ابى الفرج): ان الحسن (ع) خطب بعد ابيه، فقال: و انا من اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و الذين افترض الله مودتهم فى كتابه و يقول: (و من يقترف حسنه نزد له فيها حسنا).فاقتراف (الفصل السابع- فى الامامه العامه) الحسنه مودتنا اهل البيت.و مما على اولئك: ان منهم آكله الاكباد، و هى ام معاويه، قال الطبرى: و قد وقفت هند بنت عتبه و النسوه اللاتى معها يمثلن بالقتلى من اصحاب النبى (ص)، يجد عن الاذان و الانوف، حتى اتخذت هن
د من آذان الرجال و انوفهم خدما و قلائد، و اعطت خدمها و قلائدها و قرطتها و حشيا غلام جبير بن مطعم، و بقرت عن كبد حمزه فلاكتها، فلم تستطع ان تسيغها فلفظتها، ثم علت على صخره مشرفه، فصرخت باعلى صوتها بما قالت من الشعر، حين ظفروا بما اصابوا.و انهم الشجره الملعونه فى القرآن، و مر كتاب المعتضد الذى رواه الطبرى: (فما لعنهم الله على لسان نبيه، و انزل به كتابا) قوله تعالى: ( و الشجره الملعونه فى القرآن و نخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا)، قال: و لا اختلاف بين احد انه اراد بها بنى اميه.و نقل الميبدى فى (فواتحه): ان يزيد قال فى الخمر: فان حرمت يوما على دين احمد فخذها على دين المسيح بن مريم و مما لهم (ع): انهم الشجره الطيبه، و على اولئك انهم الشجره الخبيثه، روى الصفار فى (بصائره)، و العياشى و القمى فى (تفسيريهما)، و الكلينى فى (كافيه)، و الصدوق فى (معانيه) نزول قوله تعالى: (الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمه طيبه كشجره ظيبه اصلها ثابت و فرعها فى السماء (الفصل السابع- فى الامامه العامه) توتى اكلها كل حين باذن ربها و يضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون) فيهم (ع).و روى القمى و الطبرسى فى (تفسيريهما) نزول قوله تعا
لى: (و مثل كلمه خبيثه كشجره خبيثه اجتثت من فوق الارض مالها من قرار) فى بنى اميه.و مما لهم (ع): ان منهم اصحاب الكساء الذين قال فيهم النبى (ص) ما قال، و فى (خلفاء ابن قتيبه): ان معاويه لما تكلم فى الدعوه الى يزيد و اجابه الحسين (ع)، قال معاويه لابن عباس: ما هذا يابن عباس، و لما عندك ادهى و امر؟ قال: لعمر الله انه لذريه رسول الله، و احد اصحاب الكساء، و فى البيت المطهر.و يكفيهم مباهله النبى (ص) بهم.و مما على اولئك: ان منهم القائد و السائق و الراكب الذين لعنهم النبى (ص)، كما مر فى خبر كتاب المعتضد.و من اولئك لطيم الشيطان، و هو عمرو بن سعيد الاشدق، كما ان منهم خيط باطل، هو مروان كما مر، ففى (انساب البلاذرى): كان (الفصل السابع- فى الامامه العامه) عمرو بن سعيد فى عسكر عبدالملك، و قد فصل من دمشق و هو يريد العراق.فقال له: ان اباك وعدنى ان يجعل لى الامر بعده، فبايع لك و لعبدالعزيز ان كان بعدك، فاجعل لى العهد بعدك.فقال له: يا لطيم الشيطان او انت تصلح للخلافه؟ انت ذو كبر و جبن و سرف و عجب.قال: و لما قتل عبدالملك غدرا عمرو بن سعيد، قال يحيى بن سعيد اخو الاشدق: غدرتم بعمر يا بنى خيط باطل و مثلكم يبنى البيوت
على الغدر ثم لو اردنا استقصاء مما لهم، و على اولئك- عليهم اللعنه- لاحتيح الى مجلدات ضخام.هذا، و فى (فواتح الميبدى) و فى كتاب كتبه على (ع) الى معاويه: منا المشكاه و الزيتونه، و منكم الشجره الملعونه.هذا، و فى السير: ان عبدالملك اخذ خارجيا و اراد قتله، فقال له: لست بخارجى.فقال له: اولست القائل: و منا سويد و البطين و قعنب و منا اميرالمومنين شبيب فقال: انما قلت (اميرالمومنين) بالنصب.فخلى سبيله.(فاسلامنا ما قد سمع) فكان (ع)- كما فى كلامه (ع)- لفى ساقتها حتى تولت بحذافيرها- و كان (ع) كما فى كلام سيده النساء صلوات الله عليها: (كلما نجم قرن الضلاله او فغرت فاغره للمشركين، قذف اخاه فى لهواتها فلا ينكفى حتى يطا صماخها باخمصه، و يخمد لهبها بحده، مكدودا فى ذات الله، قريبا من رسول الله، سيدا فى اولياء الله، و الناس (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فى بلهنيه آمنون و ادعون فرحون و مقامات حمزه فى الاسلام و عزه الاسلام به معلومه، و كذا جعفر و هجرتاه، و جهاده بلسانه فى الحبشه و بسيفه و مهجته فى (موته) واضحه، و حمايه ابيه ابى طالب عن النبى (ص)، و تحمله فى ذلك مشاقا لا يتحملها احد لاحد مشهوره.(و جاهليتنا لا تدفع) قد عرفت مقامات هاشم و عبدالمطلب و ابى طالب و الزبير بن عبدالمطلب، و روى (الخصال) عن النبى (ص): ان عبدالمطلب سن فى الجاهليه خمس سنن اجراها الله له فى الاسلام: حرم نساء الاباء على الابناء، فانزل عز و جل: (و لا تنكحوا ما نكح آباوكم من النساء)، و وجد كنزا فاخرج منه الخمس و تصدق به، فانزل عز و جل: (و اعلموا ان ما غنمتم من شى ء فان لله خمسه)، و لما حفر زمزم سماها سقايه الحاج، فانزل : (اج
علتم سقايه الحاج و عماره المسجد الحرام كمن آمن بالله و اليوم الاخر)، و سن فى القتل مائه من الابل، فاجرى الله عز و جل ذلك فى الاسلام، و لم يكن للطواف عدد عند قريش، فسن فيهم عبدالمطلب سبعه اشواط، فاجرى الله عز و جل ذلك فى الاسلام.ان عبدالمطلب كان لا يستقسم بالازلام، و لا يعبد الاصنام، و لا ياكل ما ذبح على النصب، و يقول: انا على دين ابى ابراهيم.(الفصل السابع- فى الامامه العامه) و من الغريب ان عبدالمطلب يحكم فى الجاهليه بحكم الاسلام من حرمه نكاح نساء الاباء، و اميه احل ما لم يحله احد من الجاهليه، فانهم يستحلون نكاح نساء الاباء بعدهم، و هو انكح امراته فى حياته من ابنه ابى عمرو.و قال الزبير بن بكار: اول من سن القسامه فى الجاهليه ابوطالب، فى دم عمرو بن علقمه، ثم اثبتها الاسلام.و قال ايضا: كان الزبير بن عبدالمطلب ذا نظر و فكر، فقيل له: مات فلان، لرجل من قريش كان ظلوما.فقال: باى عقوبه مات؟ قالوا: مات حتف انفه.فقال: لئن كان ما قلتموه حقا ان للناس معادا يوخذ فيه للمظلوم من الظالم.و فى الخبر: ان جبرئيل نزل على النبى (ص) فقال: كان لجعفر فى الجاهليه خصال شكرها الله تعالى له.فساله النبى (ص) عنها، فقال: ما كنت.اكذب حفظا لشرفى، و لا ازنى غيره على نسائى، و لا اشرب حفظا لعقلى.و ياتى فى فصل صفين قوله (ع) فى كتابه الى معاويه: ولكن ليس اميه كهاشم، و لا حرب كعبدالمطلب، و لا ابوسفيان كابى طالب.هذا، و قال الجوهرى فى قول الفرزدق لجرير: غلبتك بالمفقى و المعنى و بيت المحتبى و الخافقات يعنى غلبتك باربع قصائد: قصيده (المفقى) التى يقول فيها: فانك لو فقات عينك لم تجد لنفسك جدا مثل سعد و دارم و قصيده (المعنى) التى يقول فيها: (الفصل السابع- فى الامامه العامه) فانك اذ تسعى لتدرك دارما لانت المعنى يا جرير المكلف و قصيده (بيت المحتبى) التى يقول فيها: بيت زراره محتب بفنائه و مجاشع و ابوالفوارس نهشل و قصيده (الخافقات) التى يقول فيها: و اين يقضى المالكان امورها بحق و اين الخافقات اللوامع (و كتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا) قال الجوهرى: شذ عنه: انفرد عنه، و ندر.و هو قوله تعالى: ( و اولو الارحام بعضهم اولى ببعض فى كتاب الله) وردت الايه فى موضعين، الاول: فى آخر سوره الانفال، و الثانى: فى اوائل الاحزاب.و قوله تعالى: (ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه و هذا النبى و الذين آمنوا و الله ولى المومنين).(فنحن
مره اولى) بالنبى (ص) من كل احد.(بالقرابه) بدليل الايه الاولى ( و اولو الارحام بعضهم اولى ببعض).(و تاره) اخرى.(اولى) به (ص).(بالطاعه) بمقتضى الايه الثانيه: (ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه (الفصل السابع- فى الامامه العامه) و هذا النبى و الذين آمنوا).و كونهم (ع) اقرب الناس الى النبى (ص) امر واضح لا يحتاج الى بيان، ككونهم اطوع الناس لربهم و اتقاهم.(و زعمت انى لكل الخلفاء حسدت، و على كلهم بغيت، فان يكن ذلك كذلك فليس الجنايه عليك فيكون العذر اليك) و نظيره وقع بين ابن عباس و ابن الزبير، فروى انه كان يوضع الى جانب سرير مروان ايام امارته على المدينه سرير اصغر لابن عباس، فاذن مروان يوما للناس و اذا سرير آخر قد احدث تجاه سرير مروان، فاقبل ابن عباس فجلس على سريره، و جاء ابن الزبير فجلس على السرير المحدث، و سكت مروان و القوم، فاذا يد ابن الزبير تتحرك، فعلم انه يريد ان ينطق فقال: ان ناسا يزعمون ان يعه ابى بكر كانت غلطا و فلته و مغالبه، الا ان شان ابى بكر اعظم من ان يقال فيه هذا، و يزعمون انه لو لا ما وقع لكان الامر لهم و فيهم، و الله ما كان من اصحاب محمد احد اثبت ايمانا و لا اعظم سابقه من ابى بكر، فم
ن قال غيرذلك فعليه لعنه الله، فاين هم حين عقد ابوبكر لعمر، فلم يكن الا ما قال، ثم القى عمر حظهم فى الحظوظ فادحض الله جدهم، و ولى الامر عليهم من كان احق به منهم، فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القريه، فاصابوا منه غره، ثم قتلهم الله به كل قتله.فقال ابن عباس: على رسلك ايها القائل فى ابى بكر و عمر و الخلافه، اما و الله ما نالا و لا نال احد منهما شيئا الا و صاحبنا خير ممن نال- الى ان قال- و لو لا انت تذكر حظ غيرك، و شرف امرى سواك لكلمتك، ولكن ما انت و ما لا حظ لك فيه؟ اقتصر على حظك، ودع تيما لتيم و عديا لعدى، و اميه لاميه.و لو كلمنى تيمى او عدوى او اموى لكلمته و اخبرته خبر حاضر عن حاضر، لا خبر غائب عن غائب، ولكن ما انت و ما ليس لك؟ فان يكن فى اسد بن عبد (الفصل السابع- فى الامامه العامه) العزى شى ء فهو لك.(و تلك شكاه ظاهر عنك عارها) الشعر لابى ذويب، و صدره: و عيرها الواشون انى احبها و بعده: فان اعتذر منها فانى مكذب و ان تعتذر يردد على اعتذارها و معنى (ظاهر) هنا: زائل، من قولهم: ظهر فلان بحاجتى، اذا استخف بها و جعلها خلف ظهره.و عير سبره بن ريطه الفقعسى رجلا.بكثره ابله و شحه فيها، فقال ال
رجل: اعيرتنا البانها و لحومها و ذلك عار يابن ربطه ظاهر ((مجلد 4، صفحه 358، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) قوله (ع) فى الثانى: (و لما احتج المهاجرون على الانصار يوم السقيفه برسول الله (ص) فلجوا): اى: ظفروا.(عليهم فان يكن الفلج به) و الظفر به.(فالحق لنا دونكم) لانه واضح انهم اقرباء النبى (ص) و ابوبكر و عمر بالنسبه اليهم عليهم السلام غرباء من النبى (ص).و هو دليل قطعى على بطلان خلافه صديقهم و فاروقهم، و صرح به معاويه ففى (مقاتل ابى الفرج) و غيره: ان الحسن (ع) كتب الى معاويه بعد ابيه (ع) ان النبى (ص) لما توفى تنازعت سلطانه العرب.فقالت قريش: نحن قبيلته و اسرته و اولياوه، و لا يحل ان تنازعونا سلطان محمد (ص) فى الناس و حقه، فرات العرب ان القول كما قالت قريش، و ان الحجه لهم فى ذلك على من نازعهم امر محمد (ص).فانعمت لهم العرب، و سلمت ذلك، ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب، فلم تصنفنا قريش انصاف العرب لها.انهم اخذوا هذا الامر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج، فلما صرنا اهل بيت محمد (ص) و اولياوه الى محاجتهم و طلب النصف منهم باعدونا و استولوا بالاجتماع على ظلمنا و مراغمتنا و العنت منهم لنا.فالموعد
الله و هو الولى النصير.و قد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا فى حقنا و سلطان نبينا (ص) -الى ان قال-: فامسكنا عن منازعتهم مخافه على الدين ان يجد المنافقون و الاحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، او يكون لهم بذلك سبب لما ارادوا به من فساده- الى ان قال-: ((مجلد 4، صفحه 359، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) فكتب اليه معاويه، و ذكرت وفاه النبى، و تنازع المسلمين من بعده.فرايتك صرحت بتهمه ابى بكر الصديق و عمر الفاروق، و ابى عبيده الامين، و حوارى النبى (ص)، و صلحاء المهاجرين و الانصار فكرمت ذلك لك.فانك امرو عندنا و عند الناس غير ظنين فلم يجبه معاويه عن قوله بغاصبيه الرجلين على البرهان ولكن خوفه باثاره العامه العمياء عليه بانه (ع) ممن يتهم صديقهم و فاروقهم و امينهم.بل اعترف به عمر نفسه عند وضعه الدواوين للارزاق.ففى (انساب البلاذرى) قال ابن عجلان: لما دون عمر الدواوين قال للناس: بمن نبدا؟ قالوا: بنفسك.قال: لا.ان رسول الله امامنا فبرهطه نبدا.ثم بالاقرب فالاقرب.فكيف علم هنا ان رهط البنى (ص) اولى منه، و نسى ذلك فى ما هو الاصل من سلطانه؟ فهل كان قوله الا تلبيسا و تدليسا.ثم هب ليس الامر كما تقول الاماميه، و بعض المعتزله
من كون كلامه (ع) حجه ككلام الرسول.فما يقولون فى ما استند (ع) اليه من ادله العقول من انه ان كان الفلج بالرسول (ص) فالحق له (ع) دون اولئك البعداء.و قال الصادق (ص): لقى المنهال بن عمرو على بن الحسين (ع) فقال له: كيف اصبحت يا ابن رسول الله؟ قال: ويحك! اما آن لك ان تعلم كيف اصبحنا؟ اصبحنا فى قومنا مثل بنى اسرائيل فى آل فرعون يذبحون ابناءنا، و يستحيون نساءنا، و اصبح خير البريه بعد محمد (ص) يلعن على المنابر، و اصبح عدونا يعطى المال و الشرف، و اصبح من يحبنا محقورا منقوصا ((مجلد 4، صفحه 360، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) حقه، و كذلك لم يزل المومنون، و اصبحت العرب تعرف لقريش حقها بان محمدا (ص) كان منها، و اصبحت العرب تفتخر على العجم بان محمدا (ص) كان منها، و اصبحنا اهل البيت لا يعرف لنا حق.فهكذا اصبحنا يا منهال.و قالت اروى بنت الحارث بن عبدالمطلب- كما فى (بلاغات نساء البغدادى)- لما وفدت على معاويه فى جمله كلامها لمعاويه (و نبينا (ص) هو المنصور فوليتم علينا من بعده، و تحتجون بقرابتكم من النبى (ص)، و نحن اقرب اليه منكم، و اولى بهذا الامر.فكنا فيكم بمنزله بنى اسرائيل فى آل فرعون، و كان على بن ابى طالب (ع) بعد
نبينا بمنزله هرون من موسى.فغايتنا الجنه، و غايتكم النار).(و ان يكن بغيره فالانصار على دعواهم) و قد مات ابوبكر شاكا فى امره، و امر الانصار.روى المبرد فى (كامله)، و ابن قتيبه فى (خلفائه)، و ابن عبد ربه فى (عقده): ان ابابكر تمنى حين وفاته ثلاثا فعلهن ليته تركهن، و ثلاثا تركهن ليته فعلهن، و ثلاثا لم يسال النبى (ص) عنهن ليته ساله عنهن الى ان قال- و ليتنى كنت سالته هل للانصار فيها من حق- الخبر.و يقال له: ان النبى (ص) اراد ان يكتب وصيه لئلا يضل الناس بعده فيعرفوا وظيفتهم فمنعه صاحبك، و قال: ان الرجل ليهجر، ليصل الامر اليك و اليه، و الان تتمنى سواله.((مجلد 4، صفحه 388، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) اقول: قال ابن ابى الحديد: ان النقيب قال: انه جواب كتاب كتبه معاويه اليه (ع) مع ابى امامه الباهلى.قلت: بل مع ابى مسلم الخولانى.فروى نصر بن مزاحم فى (صفينه): ان معاويه كتب مع ابى مسلم الخولانى اليه (ع) -مشيرا الى ابى بكر و عمر و عثمان- (فكلهم حسدت، و على كلهم بغيت، عرفنا ذلك فى نظرك الشزر، و فى قولك الهجر، و فى تنفسك الصعداء، و فى ابطائك عن الخلفاء.تقاد الى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش حتى تبايع و انت كاره)
- الخ-.(و قلت: انى كنت اقاد كما يقاد الجمل المخشوش) اى: جمل ادخل فى عظم انفه خشب، و قد عرفت ان نصر بن مزاحم رواه (الفحل المخشوش).و فى (فقه لغه الثعالبى): (فصل فى الهنه تجعل فى انف البعير اذا كانت من خشب فهى خشاش، فاذا كانت من صفر فهى بره، فاذا كانت من شعر فهى خزامه، فاذا كانت من بقيه حبل فهى عران).((مجلد 4، صفحه 389، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) (حتى ابايع) اى: ابايع ابابكر.روى الكشى عن الباقر (ع) قال: لما مروا باميرالمومنين (ع)- و فى رقبته حبل آل زريق- ضرب ابوذر بيده على الاخرى ثم قال: (ليت السيوف قد عادت بايدينا ثانيه) و قال المقداد: (لو شاء لدعا عليه ربه- عز و جل-) و قال سلمان: (مولانا اعلم بما هو فيه).و فى (خلفاء ابن قتييه)- فى عنوان بيعه على- تفقد ابوبكر قوما تخلفوا عن بيعته عند على.فبعث اليهم عمر.فجاء فناداهم، و هم فى دار على.فابوا ان يخرجوا.فدعا بالحطب، و قال: و الذى نفس عمر بيده لتخرجن او لاحرقنها على من فيها.فقيل له: ان فيها فاطمه.فقال: و ان، فخرجوا.فبايعوا الا عليا.فانه زعم انه قال: حلفت ان لا اخرج، و لا اضع ثوبى على عاتقى حتى اجمع القرآن فوقفت فاطمه على بابها فقالت: لا عهد لى
بقوم حضروا اسوا محضر منكم تركتم النبى (ص) جنازه بين ايدينا، و قطعتم امركم بينكم لم تستامرونا، و لم تردوا لنا حقا.فاتى عمر ابابكر.فقال له: الا تاخذ هذا المتخلف عنك بالبيعه.فقال ابوبكر لقنفذ- مولى له- قم فادع لى عليا.فذهب اليه و قال: يدعوك خليفه رسول الله.فقال على: لسريع ما كذبتم على رسوله.فرجع فابلغ الرساله.فبكى ابوبكر طويلا.فقال له عمر: الثانيه.لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعه.فقال ابوبكر لقنفذ: عد اليه و قل: اميرالمومنين يدعوك لتبايع.فجاء قادى.فرفع على صوته و قال: سبحان الله- ادعى ما ليس له.فرجع قنفذ.فابلغ الرساله.فبكى ابوبكر طويلا، ثم قام عمر و مشى معه جماعه حتى اتوا بيت فاطمه، فدقوا الباب فلما سمعت اصواتهم نادت باعلى صوتها: يا ابه يا رسول الله- ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، و ابن ابى قحافه.فلما سمع القوم صوتها و بكاءها انصرفوا باكين و كادت قلوبهم تتصدع، و بقى عمر و معه قوم فاخرجوا عليا ((مجلد 4، صفحه 390، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) فمضوا به الى ابى بكر، و قالوا له بايع.فقال: ان انا لم افعل فمه؟ قالوا: اذن و الله الذى لا اله الا هو نضرب عنقك.قال: اذن تقتلون عبد الله و اخا رسوله.قال عمر: اما عبد الله فنعم، اما اخو رسوله فلا.و ابوبكر ساكت لا يتكلم.فقال له عمر: الا تامر فيه بامرك.فقال: لا اكرهه على شى ء ما كانت فاطمه الى جنبه.فلحق على بقبر النبى (ص) يصيح و ينادى: (يا ابن ام ان القوم استضعفونى و كادوا يقتلوننى).فهل امر ابين من كون بيعته (ع) كرها و انهم ارادوا احراق بيته عليه و على امراته سيده نساء العالمين، و على ابنيه سيدى شباب اهل الجنه لو لم يكن خرج، و ارادوا ضرب عنقه مع كونه كنفس النبى (ص) لو لم يبايع، و انه (ع) جعلهم فى اتباعهم لابى بكر، و تركهم له بمنزله عابدى العجل.و نفسه بمنزله هارون.فكيف يصحح اخواننا خلافه الرجل بامضائه (ع) لها، و كيف يدعون فيها الاجماع، و لو صدق فى هذا اجماع.فليقل لم يكن فى العالم يوما نزاع.ثم لو كان كل اجماع حجه لكان اجماع امه موسى على كون العجل الههم حجه.مع ان فى اجماع امه موسى انما تخلف هارون اخو موسى، و بيعه ابى بكر لم تكن ابتداء الا من عمر و ابى عبيده لمواطاتهما معه، و من بشير بن سعد لحسده ابن عمه سعد بن عباده ان ينال اماره، ثم من الاوس باشاره رئيسهم اسيد بن حضير ضغنا و رقابه للخزرج، ثم باقى المولفه و الطلقاء طمعا فى ان ينالوا اماره، ثم من باقى
الناس بضرب العصا و خبطا.مع ان امه موسى الذين اجمعوا على عباده العجل كانوا من اولاد الانبياء يعقوب بن اسحق بن ابراهيم الذين قال تعالى فيهم انهم فضلهم على العالمين، و قال لهم ((مجلد 4، صفحه 391، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) جدهم يعقوب لما حضره الموت: (ما تعبدون من بعدى قالوا: نعبد الهك و اله آباءك ابراهيم و اسماعيل و اسحاق) و المبايعين لابى بكر كانوا اعرابا جلفا شابوا لحاهم فى عباده الاوثان.و انى لاعجب من ابن قتيبه و استحى له ان يقول- بعد ما نقلناه عنه و بعد ذكره اتيان ابى بكر و عمر الى العباس بجعله شريكا لوهى اميرالمومنين (ع) باشاره المغيره، ورد العباس على ابى بكر بانه ان كان الامر حقا لك.فلا حاجه لى فيه، و ان كان حق المومنين.فليس لك ان تحكم عليهم، و ان كان حقنا لم نرض منك ببعض دون بعض- (فلما تمت البيعه لابى بكر اقام ثلاثه ايام يقيل الناس، و يستقيلهم يقول قد اقلتكم فى بيعتى هل من كاره؟ هل من مبغض؟ فيقوم على فى اول الناس فيقول: و الله لا نقيلك و لا نستقيلك ابدا قد قدمك النبى لتوحيد ديننا من ذا الذى يوخرك لتوجيه دنيانا).فهل هو الا كلام مضحك للثكلى، و مسخره للعقلاء.كيف يصدق ابوبكر فى استقالته مع اخ
ذه البيعه باحراق اهل بيت نبيه، و قتل وصيه، و كيف يقول اميرالمومنين (ع) فى ابى بكر ما مر و يجعله عجل السامرى.ثم يقول له ما قاله هنا؟ هل يكون كذلك الا من كان رذلا نذلا، و انما لسب اليه (ع) كلام عمر فى السقيفه فانه لما كان هو و ابوبكر يتقارضان الخلافه و يقول ابوبكر: هذا عمر بايعوه او بايعوا اباعبيده.قال له عمر: انت الذى قدمك النبى لديننا فكيف لا نقبلك لدنيانا.مع انه كلام مغالطه: فانه جعل خلافه النبى (ص) عباره عن سلطنه ((مجلد 4، صفحه 392، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) دنيويه و ادون من امامه جماعه.فلم يكفر اتباعهم الشيعه لانكارهم ائمتهم مع اعتراف فاروقهم بان الخلافه مجرد رياسه دنيويه.و لازمه كون النبوه ايضا رياسه دنيويه كما افصح عنه من اسسوا له الامر فى قوله: لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحى نزل و اما الاماميه فانما يكفرون من انكر اميرالمومنين (ع) لانهم يجعلون ولايته من اصول الدين كنبوه النبى (ص) لانهم يعتقدون كون الامام كالنبى (ص) فى كونه من قبل الله تعالى لا مجرد اماره، و نحن لاننكر تصدى خلفائهم للاماره ان كان الامر كما قال عمر.و روى الثقفى مسندا عن عدى بن حاتم قال: ما رحمت احدا رحمتى عليا
حين اتى به ملببا، فقيل له بايع، قال: فان لم افعل.قالوا: اذن نقتلك، قال: (اذن تقتلون عبدالله و اخا رسوله) ثم بايع كذا- و ضم يده اليمنى-.و عنه ايضا قال: انى جالس عند ابى بكر اذ جى ء بعلى (ع) فقال له ابوبكر: بايع.فقال له على (ع): فان لم ابايع.قال: اضرب الذى فيه عيناك.فرفع راسه الى السماء فقال: (اللهم اشهد) ثم مد يده فبايعه.و يكفى فى عدم صحه خلافه صديقهم اعتراف معاويه الذى هو اصل مذهبهم و فرعه و اوله و آخره لا سيما فى ثالثهم الذى حملهم على القول به، و الا فالناس كانوا فيه بعد قتله بين مكفر و مفجر بانه (ع) قيد للبيعه كما يقاد الجمل المخشوش.و نظير قوله هذا فى كشف حقيقه الامر منه، قوله الاخر فى ما كتب اليه (ع) ايضا: و اعهدك امس تحمل قعيده بيتك ليلاعلى حمار، و يداك فى يد ((مجلد 4، صفحه 393، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) ابنيك الحسن و الحسين يوم بويع ابوبكر الصديق.فلم تدع احدا من اهل بدر و السوابق الا دعوتهم الى نفسك، و مشيت اليهم بامراتك، و ادليت اليهم بابنيك، و استنصرتهم على صاحب رسول الله (ص).فلم يجبك الا اربعه او خمسه.و صرح بذلك ايضا الجبار الدوانيقى فى ما كتب الى محمد بن عبدالله الحسنى، و رواه ا
لقتيبى.(و لعمر الله لقد اردت ان تذم فمدحت) بكونى مظلوما.(و ان تفضح فافتضحت) بكون من جعلته حجتك ظالما.و نظير ما قاله (ع) من كون معاويه اراد ذمه (ع) بقيادته كالجمل المخشوش لبيعه ابى بكر فمدحه، ان حجل بن نضله ذكر عند النعمان بن المنذر معاويه بن شكل.فقال: انه لقعو الاليتين مقبل النعلين، فحج الفخذين، مشاء باقراء، تباع اماء، قتال ظباء.فقال له النعمان: اردت ان تذمه فمدحته.و فى (الاغانى): خاصم رجل ابادلامه فى داره.فارتفعا الى عافيه القاضى.فانشا ابودلامه يقول: لقد خاصمتنى دهاه الرجال و خاصمتها سنه وافيه فما ادحض الله لى حجه و لا خيب الله لى قافيه و من خفت من جوره فى القضاء فلست اخافك يا عافيه فقال له عافيه القاضى: لاشكونك الى الخليفه، و لاعلمنه انك هجوتنى.قال: اذن يعز لك.قال: و لم؟ قال: لانك لا تعرف المديح من الهجاء.فبلغ ذلك ((مجلد 4، صفحه 394، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) المنصور.فضحك و امر لابى دلامه بجائزه و لما قال الاخطل لسويد بن منجوف: و ما جذع سوء خرق السوء وسطه لما حملته وائل بمطيق قال له سويد: هجوتنى بزعمك.فمدحتنى لانك جعلت وائلا حملتنى امرها، و ما طمعت فى بنى تغلب من
ها.و انبرى فتى للاخطل.فقال له: اردت ان تهجو حاتم بن النعمان الباهلى، و ان تصغر من شانه، و تضع من شانه، و تضع منه.فقلت: و سود حاتما ان ليس فيها اذا ما اوقد النيران نار فاعطيته السودد فى الجزيره و اهلها و منعته ما لا يضره.و لما بسط يوسف بن عمر الثقفى العذاب على خالد بن عبدالله القسرى لم يكلمه خالد حتى قال له يوسف: يا ابن الكاهن- يعنى بالكاهن شق بن صعب فقال له خالد: انك لاحمق.تعيرنى بشرفى، ولكنك يا ابن السباء- انما كان ابوك سباء الخمر: اى بياعه.و عن على بن المنذر قال: قال لى الحسن البصرى: ما قول الشاعر: لو لا جرير هلكت بجيله نعم الفتى و بئست القبيله اهجاه ام مدحه؟ قلت: مدحه، و هجا قومه.قال: ما مدح من هجا قومه.و فى (المعجم) كان الخليل النحوى العروضى يقطع بيتا من الشعر فدخل عليه ابنه فى تلك الحاله.فخرج الى الناس، و قال لهم: ان ابى قد جن.فدخلوا عليه و هو يقطع البيت فاخبروه بما قال ابنه.فقال لابنه: لو كنت تعلم ما اقول عذرتنى او كنت تعلم ما تقول عذلتكا ((مجلد 4، صفحه 395، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) لكن جهلت مقالتى فعذلتنى و علمت انك جاهل فعذرتكا ايضا: عذلت على ما لو علمت ببعضه
فسحت مكان اللوم و العذل من عذر و عكسه ان الاخطل اراد ان يمدح سماك بن مخرمه الاسدى.فقال فيه: ان سماكا بنى مجدا لاسرته و فعل الخير يبتدر قد كنت احسبه قينا و اخبره فاليوم طير عن اثوابه الشرر فقال سماك: ويحك ما اعياك- اردت ان تمدحنى فهجوتنى.قال ذلك لانه كان من بنى الهالك، و كان الهالك اول من عمل الحديد، و كان ولده يعيرون بذلك.و فى (الاذكياء) مدح الخالديان سيف الدوله بن حمدان بقصيده قالا فيها: فوجه كله قمر و سائر جسمه اسد فاستحسنه سيف الدوله، و جعل يردد انشاده.فدخل عليه الشيطمى الشاعر.فقال له: اسمع هذا البيت، و انشده اياه.فقال له الشيطمى: احمد ربك فقد جعلك من عجائب البحر.(و ما على المسلم من غضاضه فى ان يكون مظلوما) اى: ذله و منقصه.(ما لم يكن شاكا فى دينه و لامرتابا بيقينه) و اما لو ظلمه الناس فليس فيه غضاضه بل رفع درجه و علو منزله.و قال (ع) فى مثل ذلك فى موضع آخر(فان المرء المسلم البرى ء من الخيانه ما لم يخش دناءه تظهر فيخشع لها اذا ذكرت و تغرى بها لئام الناس، ((مجلد 4، صفحه 396، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) كان كالفالح الياسر الذى ينتظر اول فوره من قداحه توجب له المغنم، و يرفع بها
عنه المغرم) و لبعضهم فى نظيره: لعمرى ما بالموت عار على امرى اذا لم تصبه فى الحياه المعائر و للنابغه: و عيرتنى بنوذئبان رهبته و هل على بان اخشاك من عار و لاخر: قالوا حبست فقلت ليس بضائرى حبسى و اى مهند لم يغمد و الحبس ما لم تغشه لدنيه شنعاء نعم المنزل المستورد و لقد اجاد من قال بالفارسيه: ما نداريم از قضاى حق گله عار نايد شير را از سلسله و روى (الكافى): ان رجلا كان يدخل على الصادق (ع) فى حجه.فغبر زمانا لا يحج.فدخل عليه (ع) بعض معارفه.فساله عنه.فجعل يضجع الكلام يظن انه (ع) يعنى الميسره و الدنيا فقال (ع) له: كيف دينه.فقال: كما تحب.فقال: هو و الله الغنى.و عنه (ع) فى قوله تعالى فى مومن آل فرعون: (فوقاه الله سيئات ما مكروا) اما لقد بسطوا عليه و قتلوه، ولكن اتدرون ما وقاه؟ وقاه ان يفتنوه فى دينه.(و هذه حجتى الى غيرك قصدها) قال (ع) لمعاويه ذلك لان معاويه كان مصداق قوله تعالى: (و لو اننا نزلنا اليهم الملائكه و كلمهم الموتى و حشرنا ((مجلد 4، صفحه 397، الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه)) عليهم كل شى ء قبلا ما كانوا ليومنوا) و انما قصده (ع) بحجته من كان لقبولها اهلا.(و لكنى اطلقت لك م
نها بقدر ما سنح) اى: عرض و لزمه المقام اتماما للحجه.(من ذكرها) فانه (ع) لو لم يجبه بان قودى للبيعه لم يكن ذما لى بل لخصمى، و من عاملنى بذلك يمكن ان توثر شبهته فى القاصرين بان المغلوبيه فى الدنيا تنافى كمال الدين او لم يقل اهل الدنيا الذين لم تكن لهم بصيره فى النبى (ص) (لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) و لم انزل على يتيم ابى طالب.(الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) اقول: نقل ابن ابى الحديد عن شيخه النقيب: انه جواب كتاب كتبه معاويه اليه (ع) مع ابى امامه الباهلى، و فى كتاب معاويه: ثم الخليفه الثالث المظلوم الذى نشر المله و طبق الافاق بالكلمه الحنيفيه، فلما استوسق الاسلام و ضرب بجرانه، عدوت عليه فبغيته الغوائل، و نصبت له المكائد و ضربت له بطن الارض و ظهره، و دسست عليه و اغريت به وقعدت حيث استنصرك عن نصرته، و سالك ان تدركه قبل ان يمزق فما ادركته.و ما يوم المسلمين منك بواحد، لقد حسدت ابابكر و التويت عليه، و رمت افساد امره، و قعدت فى بيتك، و استغويت عصابه من الناس حتى تاخروا عن بيعته، ثم كرهت خلافه عمر و حسدته و استطلت مدته، و سررت بقتله و اظهرت الشماته بمصابه، حتى انك حاولت قتل ولده، لانه قتل قاتل ابيه، ثم لم تكن اشد منك حسدا لابن عمه عثمان، نشرت مقابحه و طويت محاسنه و طعنت فى فقهه، ثم فى دينه، ثم فى سيرته، ثم فى عقله، و اغريت به السفهاء من اصحابك و شيعتك حتى قتلوه بمحضر منك، لا تدفع عنه بلسان و لايد، و ما من هولاء الا من بغيت عليه و تلكات عليه، حتى حملت اليه قهرا، تساق بخزائم الاقتار كما يساق الفحل المخشوش،
ثم نهضت الان تطلب الخلافه و قتله عثمان خلصاوك و شجراوك و المحدقون بك، و تلك من امانى النفوس و ضلالات الاهواء، فدع اللجاج و العبث جانبا، و ادفع الينا قتله عثمان، و اعد الامر شورى بين المسلمين، ليتفقوا على من هو لله رضى، فلا بيعه لك فى اعناقنا، و لا طاعه لك علينا، و لا عتبى لك عندنا، و ليس لك و لاصحابك عندى الا السيف، و الذى لا اله الا هو لاطلبن قتله عثمان اين كانوا و حيث كانوا، حتى اقتلهم او تلحق روحى بالله.(الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) فاما ما لا تزال تمن به من سابقتك و جهادك، فانى وجدت الله سبحانه يقول: (يمنون عليك ان اسلموا)، و لو نظرت فى حال نفسك لوجدتها اشد الانفس امتنانا على الله بعملها، و اذا كان الامتنان على السائل يبطل اجر الصدقه، فالا متنان على الله يبطل امر الجهاد و يجعله ك (صفوان على تراب).(ثم ذكرت) يعنى بعد ذكرابى بكر و عمر، بانه (ع) حسدهما و بغى عليهما.(ما كان من امرى و امر عثمان فلك ان تجاب عن هذه) المقاله فيه دون ذينك لعدم ربطهما بك.(لرحمك منه) يجمعهما اميه بن عبد شمس، فعثمان هو ابن عفان بن ابى العاص بن اميه ، و معاويه هو ابن ابى سفيان بن حرب بن اميه.(فاينا ك
ان اعدى له) اى: اكثر تجاوزا عليه.(و اهدى الى مقاتله) مقاتل الانسان المواضع التى اذا اصيبت قتلته.(امن بذل له نصرته فاستقعده و استكفه) لان عثمان كان لا يحب ان يحضره (ع)، لانه كان اذا حضره ينهاه عن شنائع اعماله، حتى احب الا يشهد معه المدينه، فكان يامره بالخروج عن البلد، و انما يستغيث به اذا خاف القتل، و بعد نقض عهده مرات تركه اخيرا حتى قتلوه.(ام من استنصره فتراخى منه و بث اليه المنون) اى: المنيه، قال الجوهرى: لان المنيه تقطع المدد و تنقص العدد.سبحان من اولئك طلحه و الزبير و عايشه سعوا غايه السعى فى قتل عثمان، حتى قتل ثم طلبوا دمه من اميرالمومنين (ع)- و عمرو بن العاص (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) اغرى الناس به حتى الرعاه على رووس الجبال، حتى قتل فافتخر بذلك، و قال: انا ابوعبدالله، ما نكات قرحه الا ادميتها- و معاويه منع جنده من نصره بعد طلب عثمان منه ذلك، ليقتل و يطلب بدمه الملك ثم يطلبان دمه منه (ع).ففى (خلفاء ابن قتيبه): قال عمرو بن العاص لمعاويه: ان لعلى فى الحرب لحظا ما هو لاحد من الناس، و انه لصاحب الامر.فقال معاويه: صدقت، ولكن نلزمه دم عثمان.فقال عمرو: و اسواتاه ان احق الناس
الا يذكر عثمان لانا و انت، اما انت فخذلته و معك اهل الشام، و استغاثك فابطات عليه.و اما انا فتركته عيانا و هربت الى فلسطين.قال معاويه: دعنى من هذا هلم فبايعنى.قال: لا اعطيك دينى حتى آخذ من دنياك.قال: سل تعط.و فيه ذكروا: انه لم يكن احد احب الى معاويه ان يلقاه من ابى الطفيل الكنانى فارس اهل صفين و شاعرهم- و كان من اخص الناس بعلى (ع) فقدم ابوالطفيل الشام يزور ابن اخ له من رجال معاويه، فاخبر بقدومه، فارسل اليه فاتاه وهو شيخ كبير، فلما دخل عليه قال له: انت ابو الطفيل؟ قال نعم.قال: اكنت ممن قتل عثمان؟ قال: لا، ولكن ممن شهده فلم ينصره.قال: و لم؟ قال: لانه لم ينصره المهاجرون و الانصار.قال: اما و الله ان نصرته كانت عليهم و عليك حقا واجبا، و فرضا لازما، فاذ ضيعتموه فقد فعل الله بكم ما انتم اهله، و اصاركم الى ما رايتم.فقال له ابوالطفيل: فما منعك اذ تربصت به ريب المنون الا تنصره و معك اهل الشام؟ فقال معاويه: او ما ترى طلبى لدمه؟ فضحك ابوالطفيل، فقال: بلى و لكنه و اياك، كما قال عبيد بن الابرص: لا الفينك بعد الموت تندبنى و فى حياتى ما زود تنى زادى فدخل مروان بن الحكم و عبدالرحمن بن الحكم و سعيد بن العاص، فلم
ا (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) جلسوا نظر اليهم معاويه و قال: اتعرفون هذا الشيخ؟ قالوا: لا.قال: هذا خليل على و فارس صفين و شاعر العراق، هذا ابوالطفيل.قال سعيد: فما يمنعك منه؟- و شتمه القوم- فزجرهم معاويه و قال: مهلا، قرب يوم ارتفع عن الاسباب قد ضقتم به ذرعا.ثم قال له: اتعرف مولاء القوم يا اباالطفيل؟ قال: ما انكرهم من سوء و لا اعرفهم بخير، و انشد: فان تكن العداوه قد اكنت فشر عداوه المرء السباب فقال معاويه: ما ابقى لك الدمر من حب على؟ قال: حب ام موسى، و اشكو الى الله التقصير.فضحك معاويه و قال: ولكن و الله هولاء الذين حولك لو سئلوا عنى ما قالوا هذا.ققال مروان: اجل و النه لا نقول الباطل.و فى (صفين نصر): كتب معاويه الى ابى ايوب كتابا سطرا و احدا، و هو: (حاجيتك لاتنسى الشيباء ابا عذرها و لا قاتل بكرها).فلم يدر ابوايوب ما هو، فاتى به عليا (ع) فقال له (ع): ان معاويه كهف المنافقين كتب الى كتابا لا ادرى ما هو.فقال (ع) له: هذا مثل ضربه لك، الشيباء: المراه البكر ليله افتضاضها، يعنى لا تنسى بعلها الذى افترعها، و بكرها: اول ولدها، يعنى كما لا تنسى تلك، لا انسى انا قاتل عثمان.فكتب اليه ا
بوايوب كتبت (لا تنسى الشيباء ابا عذرها و لا قاتل بكرها) فضربتها مثلا لقتل عثمان، و ما نحن و قتل عثمان، ان الذى تربص بعثمان و ثبط يزيد بن انس و اهل الشام عن نصرته لانت.و فى (تاريخ اليعقوبى): دخل ابن عباس يوما على معاويه، فقال له: كيف رايت فعل الله بنا و بابى الحسن؟ فقال: فعل فعلا و الله غير مختل عجله الى جنه (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) لن تنالها، و احرك الى دنيا قد كان اميرالمومنين نالها.قال: و انك لتحكم على الله؟ قال: احكم على الله بما حكم به على نفسه ( و من لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون).قال معاويه: و الله لو عاش ابوعمرو- يعنى عثمان- حتى يرانى، لراى انى نعم ابن العم له.فقال له ابن عباس: اما و الله لو رآك ايقن انك خذلته حيث كانت النصره له، و نصرته حيث كانت النصره لك.قال: و ما دخولك بين العصا و لحائها؟ قال: ما دخلت عليهما الا لهما.(كلا و الله لقد علم الله المعوقين منكم و القائلين لاخوانهم هلم الينا و لا ياتون الباس الا قليلا) الايه فى الاحزاب، و فيها (قد يعلم الله المعوقين منكم)، لكن جعلها (ع) جزء كلامه و غير بما ناسب، و لعله ايضا كانت قراءته (ع).ثم فى (ابن ميث
م): (لقد علم المعوقين).(و ما كنت لاعتذر من انى انقم مليه) اى: اعتب عليه.(احداثا) اى: امورا منكره، كعمله مع ابى ذر و عمار و غيرهما، و فى اعمال عماله كالوليد و ابن عامر و معاويه و غيرهم.(فان كان الذنب اليه ارشادى و هدايتى له) الى الحق و الى صراط مستقيم: قال الشاعر: و كم من موقف حسن احيلت محاسنه فعدمن الذنوب (فرب ملوم لا ذنب له) هو كالمثل، قال الشاعر: (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) لعل له عذرا و انت تلوم بل فى (امثال الكرمانى): هو مثل من اكثم بن صيفى.(و قد يستفيد الظنه) اى: التهمه.(المتنصج) اى: الناصح، و عن اكثم: يابنى اياكم و كثره التنصح قانه يورث التهمه).و من البيت و قول اكثم يظهر لك ما فى اقتصارالجوهرى على قوله: تنصح: اى تشبه بالنصحاء.و قلنا (البيت) لانه عجز بيت تمثل (ع) به، وصدره: و كم سقت فى آثاركم من نصيحه.قال المبرد: انشدنيه الرياشى.(و ما اردت الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقى الا بالله مليه توكلت و اليه انيب) الاصل فيه قول شعيب (ع) لقومه: ( ان اريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقى الا بالله عليه توكلت و اليه انيب)
(و ذكرت انه ليس لى و لا لاصحابى الا السيف، فلقد اضحكت بعد الستعبار) اى: بعد جريان الدمع، يقال: استعبرت اى: دمعت.و الباكى لا يضحك من كل شى ء يتعجب منه كغير الباكى، بل من عجيب فى غايه الغرابه، و المراد: اتيت بعجب يضحك الباكى، و من شواهده- و ان كان من باب الهزل- ان ابا دلامه الشاعر (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) دخل على ام سلمه زوجه السفاح بعد و فاته، فعزاها به و بكى و بكت، و قالت له: يا ابا دلامه لم ار احدا اصيب به غيرى و غيرك- و كان السفاح يعطى ابادلامه جزيلا- فقال لها ابودلامه: ولا سواء، لك منه ولد و ما ولدت انا منه فضحكت ام سلمه- ولم تكن منذ مات السفاح ضحكت- و قالت له: لو حدثت الشيطان لا ضحكته.(متى الفيت) اى: وجدت.(بنى) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (بنو) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطعه)، و حينئذ (فالفيت) بسكون التاء مجهولا.(عبدالمطلب من الاعداء ناكلين) اى: جبانين ضعيفين.(و بالسيف مخوفين) فكانوا عموما شجعان فضلا عنه (ع).و فى (خلفاء ابن قتيبه): لما اراد الزبير الاعتزال من الجمل، قالت له عايشه: خفت سيوف بنى عبدالمطلب طوال حداد يحملها فتيه انجاد.و فى (نسب م
صعب الزبيرى): قال على (ع): رايت يوم بدر طعيمه بن عدى بن نوفل بن عبدمناف قد علا راس كثيب، و قد ساواه سعد بن خيثمه، فصمدت له و لم آته حتى قتل سعدا، فلما رآنى اصعد الكثيب اليه انحط على و كان رجلا جسيما- فخشيت ان يعلو على، فانحططت فى السهل، فظن انى فررت منه فصاح باعلى صوته: فر ابن ابى طالب.قلت له: قريبا مفر ابن الشتراء و هذا مثل تضربه العرب- فلما استوت قدماى بالارض وقفت له فانحدر الى و اهويلت اليه، فسمعت قائلا من خلفى: طاطى راسك.فجعلت (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) راسى فى صدر طعيمه، و اذا برقه من السيف فاخذت قحف طعيمه فسقط ميتا، و اذا هو حمزه بن عبدالمطلب.(لبث قليلا يلحق الهيجا) اى: الحرب، قال الجوهرى: يمد و يقصر.(حمل) قال ابن ميثم: اصل البيت ان حمل بن بدر- رجل من قشيز- اغير على ابل له فى الجاهليه فى حرب داحس و الغبراء، و قال: لبث قليلا يلحق الهيجا حمل ما احسن الموت اذا الموت نزل و قيل: اصله ان مالك بن زهير توعد حمل بن بدر فقال حمل: (لبث قليلا يلحق الهيجا حمل)، ثم اتى و قتل مالكا، فظفر اخوه قيس بن زهير به و باخيه حذيفه فقتلهما، و قال: شفيت النفس من حمل بن بدر و سيفى من حذيفه قد
شفانى قلت: و فى (الاستيعاب): حمل بن سعدانه الكلبى و قد على النبى (ص) و عقد له لواء، و هو القائل: لبث قليلا يدرك الهيجا حمل.و شهد مع خالد مشاهده كلها و قد تمثل بقوله سعد بن معاذ يوم الخندق حيث قال: البث قليلا يدرك الهيجا حمل ما احسن الموت اذا حان الاجل و قد عنونه الجزرى عن ابى موسى ايضا، و لكنه قال: حمل بن سعد.و زاد: شهد بلوائه صفين مع معاويه.و الاظهر كون البيت لحمل بن بدر الجاهلى دون ما قالاه، و قررهما الجزرى من حمل بن سعدانه او سعد الصحابى، و يويده تمثل سعد به يوم الخندق، و كيف كان، فنظيره قول آخر: (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) لبث قليلا يلحق الداريون اهل الحباب البدن المكفيون سوف ترى ان لحقوا ما يبلون (فسيطلبك من تطلب و يقرب منك ما تستبعد) فى (العقد): خرج على (ع) الى معاويه فى خمسه و تسعين الفا، و كان معاويه فى بضع و ثمانين الفا، و كان عسكر على (ع) يسمى الزحزحه لشده حركته، و عسكر معاويه الخضريه لاسوداده بالسلاح و الدروع.و انقضت صفين عن خمسين الف قتيل من اهل الشام و عشرين اللا من اهل العراق.(و انا مرقل) فى (الصحاح): الارقال: ضرب من الخبب، اى: العدو، و لقب هاشم بن عتبه
الزهرى المرقال، لان عليا (ع) دفع اليه الرايه يوم صفين فكان يرقل بها ارقالا.(نحوك) اى: جانبك.(فى جحفل) اى: جيش.(من المهاجرين و الانصار و التابعين لهم) كذ ا فى (المصريه)، و كلمه (لهم) زائده لعدم وجودها فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).(باحسان) فى (صفين نصر): خرج النعمان بن بشير يوما فدعا قيس بن سعد، فقال له: الستم معشر الانصار تعلمون انكم اخطاتم فى خذل عثمان يوم الدار، و قتلتم انصاره يوم الجمل، و اقحمتم خيولكم على اهل الشام (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) بصفين؟ فلو كنتم اذ خذلتم عثمان خذلتم عليا، لكانت واحده بواحده و لكنكم خذلتم حقا و نصرتم باطلا- الى ان قال-: فقال له قيس: اما ذكرك عثمان فان كانت الاخبار تكفيك فخذها منى واحده، قتل عثمان من لست خيرا منه، و خذله من هو خير منك.و اما اصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث.انظر يانعمان، هل ترى مع معاويه الا طليقا او اعرابيا او يمانيا مستدرجا بغرور؟ انظر اين المهاجرون و الانصار و التابعون باحسان الذين رضى الله عنهم؟ ثم انظر هل ترى مع معاويه غيرك و صويحبك- و لم يكن مع معاويه من الانصار غيره و غير مسلمه بن مخلد- و لستما و الله ببدريين و
لا احديين، و لا لكما سابقه فى الاسلام و لا آيه فى القرآن، و لعمرى لو شغبت علينا لقد شغب علينا ابوك من قبل.(شديدزحامهم) اى: اجتماعهم فى الحرب، قال الشاعر: ان تلق عمرا فقد لاقيت مدرعا و ليس من همه ابل و لا شاء فى جحفل لجم جم صواهله بالليل يسمع فى حافاته آء (ساطع قتامهم) اى: غبارهم فى الحرب، قال الشاعر: فى فتيه صدا الحديد عبيرهم و خلوقهم علق النجيع الاحمر لا ياكل السرحان شلو عفيرهم مما عليه من القنا المتكسر (متسربلين سربال الموت) هكذا فى (المصريه)، و الصواب: (سرابيل الموت) كما فى (ابن ابى الحديد و ابن ميثم و الخطيه).و فى (صفين نصر): ان اباعرفاء الذهلى اخذ الرايه يوم صفين و قال: يا اهل (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) هذه الرايه ان عمل الجنه كره كله، و ان عمل النار خف كله، و ان الجنه لا يدخلها الا الصابرون الذين صبروا انفسهم على فرائض الله و امره، و ليس شى ء مما افترض الله على العباد اشد من الجهاد، فاذا رايتمونى قد شددت قشدوا، و يحكم! اما تشتاقون الى الجنه؟ فشد وشدوا معه، و قاتل حتى قتل- الى ان قال-: فلما اصبحوا فى اليوم العاشر، اصبحوا و ربيعه محدقه بعلى (ع) احداق بياض الع
ين بسوادها، و قام خالد بن المعمر فنادى: من يبايع على الموت و يشرى نفسه لله؟ فبايعه سبعه الاف على الا ينظر رجل خلفه حتى يرد سرادق معاويه، فاقتتلوا قتالا شديدا، و كسروا جفون سيوفهم.(احب اللقاءاليهم لقاء ربهم، قد صحبتهم ذريه بدريه) فى (صفين نصر): قام سعد بن قيس فى صفين يخطب اصحابه فقال: ان اصحاب محمد المصطفين الاخيار معنا و فى حيزنا، فو الله الذى هو بالعباد بصير، لو كان قائدنا حبشيا مجدعا، و معنا من البدريين سبعين رجلا، لكان ينبغى لنا ان تحسن بصائرنا، و تطيب انفسنا، و كيف و انما رئيسنا ابن عم نبينا؟ بدرى صدق صلى مع النبى (ص) صغيرا، و جاهد معه كبيرا، و معاويه طليق، من و ثاق الاسار و ابن طليق، الا انه اغوى جفاه، فاوردهم النار، و اورثهم العار، و الله محل بهم الذل و الصغار.(و سيوف هاشميه) فى (صفين نصر)- بعد ذكر خطبته (ع) اصحابه بصفين-: فقالوا له: انهض بنا يا امير المومنين الى عدونا و عدوك اذا شئت، فو الله ما نريد بك بدلا، نموت معك و نحيا معك.فقال (ع) لهم: و الذى نفسى (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) بيده، لنظر الى رسول الله (ص) اضرب قدامه بسيفى، ققال: لا سيف الا ذوالفقار، و لا فتى الا على- ال
ى ان قال- ثم نهض الى القوم فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق، و ما كانت صلاه القوم الا تكبيرا.هذا و لما امر سليمان الفرزدق بضرب عنق اسير من الكفار فنبا سيفه، و قال جرير له يعيره: بسيف ابى رغوان سيف مجاشع ضربت و لم تضرب بسيف ابن ظالم قيل: اراد بسيف ابن ظالم، سيف الحارث بن ظالم الغسانى، الذى ضرب به ابن السموال فقطعه نصفين.(قد مرفت مواقع نصالها) اى: حديدها.(فى اخيك) حنظله.(و خالك) الوليد بن عتبه.(وجدك) عتبه بن ربيعه ابى امه.(و اهلك) شيبه عم امها، و العاص بن سعيد بن ابى العاص، و معاويه بن المغيره بن ابى العاص من بنى عمه، و عنه (ع): تعجبت من جراه القوم يوم بدر، قد قتلت الوليد بن عتبه، و قتل حمزه عتبه و شركته فى قتل شيبه، اذ اقبل الى حنظله بن ابى سفيان، فلما دنا ضربته ضربه بالسيف، فسالت عيناه و لزم الارض قتيلا.و من رثاء هند ام معاويه لابيها: تداعى له رهطه غدوه بنوهاشم و بنوالمطلب يذيقونه حد اسيافهم يعرونه بعد ما قد شجب (الفصل التاسع و العشرون- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) و عن سعيد بن العاص: انه ذهب الى مجلس عمر، فجلس ناحيه، فقال له عمر: كان فى نفسك على شيئا، اتظن انى قتلت اباك؟ و الله
لوددت انى كنت قاتله، مررت به يوم بدر فرايته يبحث للقتال، كما يبحث الثور بقرنيه، و اذن شدقاه، قد ازبد كالوزغ، فلما رايت ذلك مبته و زغت عنه، فقال لى: الى يا بن الخطاب.و صمد له على فو الله ما رمت مكانى حتى قتله.و كان على (ع) حاضرا، فقال لعمر: مالك تهيح الناس على؟ فكف عمر، فقال سعيد بن العاص: اما انه ما كان يسرنى ان يكون قاتل ابى غير ابن عمه على.هذا، و مما قيل فى اثرات السيف، قول الواسطى و الهذلى و ثعلبه الفاتك: ما انكر الهام من اسيافه ظبه و انما انكرت اسيافه القرب به يدع الكمى على يديه يخر تخاله نسرا قشيبا نحن الاولى اردت ظبات سيوفنا داود بين القرنتين يحارب و كذاك انا لا تزال سيوفنا تنفى العدى و تفيد رعب الراعب (و ما هى من الظالمين ببعيد) الاصل فيه قوله تعالى فى قريه قوم لوط: ( و امطرنا عليها حجاره من سجيل منضود مسومه عند ربك و ما هى من الظالمين ببعيد).و المراد ان تلك الحجاره التى امطرت على قوم لوط ليست من الظالمين من امتك العاملين عملهم ببعيد.و فى الخبر: لا يموت اللاطى حتى يضرب بحجر من تلك على قلبه.كما ان المراد من كلامه (ع): ان مواقع نصال تلك السيوف الهاشميه، (الفصل التاسع و العشرو
ن- فى ما يتعلق بعثمان و عمر) و المراد سيفه (ع) لست ببعيد من معاويه السالك مسالك اسلافه فى البغى و العتو، اولئك فى قبال النبى (ع) و هو فى قبال الوصى (ع)، و كان عمار يقول فى صفين: قاتلت مع هذه الرايه- اى رايه معاويه- مرات قى غزوات النبى (ع) فى بدر و غيرها، و ما هى اليوم بابر منها امس.هذا و له (ع) كتاب آخر الى معاويه- و قد نقله ابن ابى الحديد فى موضع آخر- و فيه: و قد اسهبت فى ذكر عثمان، و لعمرى ما قتله غيرك، و لا خذله سواك، و لقد تربصت به الدوائر، و تمنيت به الامانى، طمعا فى ما ظهر منك و دل عليه فعلك، و انى لارجو ان الحقك به على اعظم من ذنبه، و اكبر من خطئيته، فانا ابن عبدالمطلب صاحب السيف، و ان قائمته لغى يدى، و قد علمت من قتلت به من صناديد بنى عبدشمس، و فراعنه بنى سهم و جمح و مخزوم، و ايتمت ابناءهم و ايمت نساءهم.و فى قوله (ع): (الحقك به على اعظم من ذنبه) مالايخفى.