خطبه 115-در اندرز به ياران
اقول:الواهن:الضعيف. و المعذر بالتشديد:المقصر. و اعلم ان الاوصاف التى ذكرها للنبى صلى الله عليه و آله و سلم ظاهره، و قد سبقت الاشاره اليها غير مره فاما كونه امام من اتقى فلاستناد اهل التقوى اليه فى كيفيه سلوك سبيل الله التى هى التقوى، و قد استعار لفظ البصر له. و وجه المشابهه كونه سببا لاهتداء الخلق الى سبيل الرشاد كما يهتدى صاحب البصيره فى طريقه المحسوس. و بالله التوفيق.قال الشريف:اقول:الوذحه:الخنفساء، و هذا القول يومى ء به الى الحجاج، و له مع الوذحه حديث ليس هذا موضوع ذكره. اقول:الصعدات:جمع الصعد، و هو جمع صعيد و هو وجه الارض. و اللدم و الالتدام:ضرب الوجه و نحوه. و راى ميمون:مبارك. و قدما بضم القاف و الدال:اى تقدموا و لم ينثنوا. و الوجيف:ضرب من السير فيه قوه. و الوذحه:كما قيل- كنيه للخنفساء. و لم ينقل ذلك فى المشهور من كتب اللغه و انما المشهور انها القطعه من بعر الشاه تنعقد على اصواف اذنابها و تتعلق بها. و هذا الفصل من خطبه له بالكوفه يستنهض فيها اصحابه الى حرب الشام، و يتبرم من تقاعدهم عن صوته. فنبههم اولا على جهلهم بما سيقع من الفتن فى الاسلام مما غاب عنهم علمه- و علمه هو من الله و رسوله- بحيث لو تصوروا ما علمه منها لاحتال كل منهم فى الخلاص لنفسه، و لها مواعلى وجه الارض من تقصيرهم فى اعمالهم على وفق اوامره التى بها يكون نظام العالم الى الابد، و الامن من تلك الفتن لو فعلوها. و لكنهم نسوا ما ذكروا به من آيات و امنوا التحذير فضلت عنهم آراوهم الصالحه الى يكون بها نظام امورهم فاستعقب ذلك تشتت امورهم و غلبه العدو على بلادهم، و قيل:اراد بما طوى عنهم غيبه و علمه هو ما يلقى المقصرون من اهوال الاخره. و الاول انسب لسياق الكلام. ثم عقب ذلك بالتبرم منهم و طلب فراقهم و اللحاق باخوانه من اولياء الله مباركى الاراء، ثقال الحلوم لايستخفنهم جهل الجهال، ملازمى الصدق و نصيحه الدين من شانهم ترك البغى على انفسهم و غيرهم، مضوا على الطريقه الحميده، سالكين لمحجه الله غير ملتفتين عنها فوصلوا الى الثواب الدائم و النعيم المقيم. و قرينه الظفر تخصص العقبى بالثواب. و العرب تصف النعمه و الكرامه بالبرد. ثم بين لهم بعض ما سيلحقهم من الفتن العظيمه مما طوى عنهم غيبه و هى فتنه الحجاج بن يوسف بن الحكم بن ابى عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن ملك بن كعب بن الاخلاف- قوم من ثقيف- و كان ضعيف العين، دقيق الصوت، ذيالا:اى طويل الذيل يصحبه تبخترا، ميالا:اى يكثر التمايل كبرا، و اخبر انه ياكل خضرتهم، و كنى بها عما هم عليه من الابهه و سلامه النفوس و الاموال و حسن الاحوال و باكله لها عن ازاله تلك و تغييرها الى اضدادها، و لفظ الاكل مستعار لذلك، و وجه الاستعاره ظاهر، و كذلك استعار الشحمه لثرائهم و قوتهم و وصف الاذابه لافناء ذلك بالقتل و الاهانه، و مصداق ذلك المشهور من فعله باهل العراق كما سبق بيانه
فى ذكر الكوفه. ثم قال:ايه اباوذحه. و كلمه ايه اسم من اسماء فعل الامر يستدعى بها الحديث المعهود من الغير- ان سكنت- و ان نونت كانت لاستدعاء قول او فعل ما، و قيل:التسكين للوقف و التنوين للدرج فاما تلقيبه عليه السلام له بابى و ذحه فروى فى سبب ذلك انه كان يوما يصلى على سجاده له فدبت اليه خنفساء. فقال:نحوها عنى فانها و ذحه من و ذح الشيطان. و روى انه قال:قاتل الله قوما يزعمون ان هذه من خلق الله. فقيل له:مما هى؟ فقال:من وذح ابليس، و كانه شبهها بالوذحه المتعلقه بذنب الشاه فى حجمها او شكلها فاستعار لها لفظها و نسبته لها الى ابليس لاستقذاره اياه و استكراهه لصورتها او لانها تشوشه فى الصلاه، و روى ابوعلى بن مسكويه:انه نحاها بقصبته و قال:لعنك الله و ذحه من و ذح. الشيطان، و نقل بعض الشارحين ودجه بالدال و الجيم، و كنى بذلك عن كونه سفاكا للدماء قطاعا للاوداج، و فيه بعد.