خطبه 142-درباره نيكى به نااهل
اقول:لما كان لواضع المعروف سواء كان فى اهله او غير اهله ثناء من الناس و مدح له بالكرم و البذل كان مما يتميز به وضعه فى غير اهله عن وضعه فى اهله ان الاول انما يحصل به لواضعه الحمد من لئام الناس:اى ساقطى الاصول و السفهاء و الاشرار و الجهال لعدم معرفتهم بوضع الاشياء فى مواضعها التى هى مقتضى العقل الذى به نظام امور الدنيا و قوام نوع الانسان فى الوجود مع انه فى الحقيقه و عند اولى الالباب العارفين بمواقع المعروف بخيل فى جنب الله تعالى، و اما الثانى:فتحصل له المحمده من الكل. فى الدنيا محمده مطابقه للحق مع الثواب الجزيل فى الاخرى فلاجرم اشار الى الاول بقوله:فليس لواضع المعروف. الى قوله:و هو عن ذات الله بخيل. و قوله:ما اجوديده. متعلق بمقاله:اى ذلك هو الامر الذى يقولونه مادام منعما عليهم، و انما قيد بهذا القيد لان الجاهل قد يعتقد ان ما يسدى اليه حق له فربما دام حمده بدوام ذلك الانعام لكن ينقطع بانقطاعه، و اما الجاهل الشرير فكثيرا ما يعتقد انه انما يسدى اليه لشره و خوف اذاه فربما يشكر المنعم مادام منعما حتى اذا انقطع انعامه جعل شره عوض شكره استجلابا لذلك الانعام المنقطع و استعاده له، و اما الثانى:فنبه او لاعلى مواضع المعروف و امر بوضعه فيها، و ذكر منها خمسه:الاول:صله الرحم. الثانى:حسن الضيافه. الثالث:فك الاسير و العانى. و انما اختلف اللفظ. و الرابع:اعطاء الفقير و الغارم و هو من عليه دين. الخامس:الحقوق الواجبه على اهلها كالزكاه، و المستحبه كالصدقات. و اشار بالنوائب الى ما يلحق الانسان من المصادرات و الغرامات التى يفك بها الانسان من ايدى الظالمين و السنتهم، و الانفاق فى ذلك من الحقوق الواجبه على الانسان. و الفضايل الخمس داخله تحت فضيله الكرم، و الاشاره الى ذلك بقوله:فمن آتاه الله. الى قوله:ابتغاء الثواب. و نبه بهذه الغايه اعنى المفعول له على ان الانفاق فى هذه الوجوه انما يكون وضعا للمعروف فى موضعه اذا قصد به وجه الله تعالى فاما اذا قصد به الرياء و السمعه فهو و ان عد فى ظاهر الشريعه مجزيا الا انه غير مجز و لا مقبول فى باطنها. ثم اشار بقوله:فان فوزا بهذه الخصال. الى آخره الى ما يتميز به وضع المعروف فى اهله و هو شرف مكارم الدنيا من الذكر الجميل بين الناس، و الجاه العريض، و درك فضايل الاخره و هى درجات الثواب الجزيل الموعود لاولى الفضايل النفسانيه. و انما نكر الفوز لان تنكيره يفيد نوع ا
لفوز فقط الذى يحصل باى شخص كان من اشخاصه، و هذا و ان كان حاصلا مع الالف و اللام لتعريف تلك الطبيعه الا ان ذلك التعريف مشترك بين تعريف الطبيعه و المعهود الشخصى فكان موهما لفوز شخصى و لذلك كان الاتيان به منكرا افصح و ابلغ. و بالله التوفيق.