خطبه 175-پند گرفتن از سخن خدا
اقول:الظنون:المتهمه. و الزارى:العايب. و تقويض البناء:نقضه. و اللاواء:الشده. و محل به السلطان:كاده و قال فيه ما يضره. و قد امر السامعين ان ينتفعوا ببيان الله فى كتابه و على لسان رسوله، و يتعظوا بمواعظه و يقبلوا نصيحته فيما لاجله خلقوا، و انما عدد اسم الله صريحا دون الضمير للتعظيم. ثم اشار الى وجه وجوب الامتثال عليهم و هو اعذاره اليهم بالجليه:اى اظهار ما هو صوره العذر من الايات و النذر الجليه الواضحه، و اتخاذ الحجه ببعث الرسل، و بيان محابه من الاعمال الصالحات و مكارهه من المحرمات فى كتابه العزيز لغايه اتباع محابه و اجتناب مكارهه. ثم نبه على ما فى الطاعه و امتثال التكليف من الشده و المكروه فذكر الخبر، و نعم ما تضمنه الخبر و انه لم ينبه على الشده مجرده بل قرنها بذكر الجنه و جعلها محجوبه بها لتحصل الرغبه فى الجنه فيتم السعى فى قطع تلك الحجب المكروهه، و كذلك قرن ذكر الشهوات بذكر كونها محفوفه بها بالنار تنفيرا عنها. ثم بعد تسهيل المكاره التى يشتمل عليها الطاعات بذكر الجنه و تحقير الشهوات التى يريد الجذب عنها بذكر النار صرح بانه لاتاتى طاعه الا فى كره و لا معصيه الا فى شهوه، و قد عرفت سر ذلك، وان النفس للقوه الشهويه اطوع منها للعقل خصوصا فيما هو اقرب اليها من اللذات المحسوسه التى يلحقها العقاب عليها. ثم عقب ذلك بدعاء الله ان يرحم امرءا نزع عن شهوته:اى امتنع من الانهماك فيها و قمع نفسه الاماره بالسوء فانها ابعد شى ء منزعا عن الله. ثم فسر منزعها الذى ينزع اليه و هى المعصيه فى هواها، و ما تميل اليه. ثم نبه على حال المومن الحق و تهمته نفسه فى جميع اوقاته من صباح و مساء، و انه لايزال عائبا عليها و مراقبا لاحوالها، و مواخذا لها بالزياده فى الاعمال الصالحه، و قد سبقت الاشاره الى ذلك. ثم امرهم ان يكونوا كالسابقين من اكابر الصحابه و الماضين امامهم الى الجنه فى الاعراض عن الدنيا، و استعار لفظ التقويض و الطى لقطعهم علائق الدنيا و رحيلهم الى الاخره كما يقوض الراحل متاعه للسفر، و يطوى خيامه للرحيل. ثم عقب بذكر القرآن و ممادحه ترغيبا فى الاقتداء به، و استعار وصف الناصح له، و وجه الاستعاره ان القرآن يرشده الى وجوه المصالح كما ان الناصح كذلك، و رشح بكونه لا غش معه و كذلك كونه هاديا لايضل:اى طريق الله، و روى لايضل:اى لايضل غيره، و كذلك استعار وصف المحدث له، و رشح بكونه لايكذب، و وجه الاستعاره اشتماله على الاخبار
و القصص الصحيح، و فهمه و استفادته عنه كالمحدث الصادق، و كنى بمجالسه القرآن عن مجالسه حملته و قرائه لاستماعه منهم، و تدبره عنهم فان فيه من الايات الباهره و النواهى الزاجره ما يزيد بصيره المستبصر من الهدى، و ينقص من عمى الجهل. ثم نبههم على انه ليس بعده على احد فقر:اى ليس بعد نزوله للناس و بيانه الواضح حاجه بالناس الى بيان حكم فى اصلاح معاشهم و معادهم، و لا لاحد قبله من غنى:اى قبل نزوله لا غنى عنه للنفوس الجاهله، و اذا كان بهذه الصفه امرهم باخذ الشفاء عنه لادوائهم:اى ادواء الجهل، و ان يستعينوا به على شدتهم و فقرهم الى ان يستليحوا منه وجوه المصالح الدنيويه و الاخرويه. ثم عد اكبر ادواء الجهل و اعاد ذكر كونه شفاء منها:اولها:الكفر بالله و هو عمى القوه النظريه من قوى النفس عن معرفه صانعها و مبدعها الى غايه انكاره او اتخاذثان له او الحكم عليه بصفات المخلوقين المحدثين، و الثانى:النفاق و هو مستلزم لرذيله الكذب المقابله لفضيله الصدق. ثم لرذيله الغدر المقابله لفضيله الوفاء، و قد سبق بيان حال النفس فى هاتين الرذيلتين. الثالث:الغى و هو رذيله التفريط من فضيله الحكمه. الرابع:الضلال و هو الانحراف عن فضيله العدل، و الى
كونه شفاءا الاشاره بقوله صلى الله عليه و آله و سلم:ان القلوب تصدء كما يصدء الحديد. قيل:يا رسول الله ما جلاوها؟ قال:قرائه القرآن و ذكر الموت، و قد علم اشتماله على ذكر الموت فى مواضع كثيره. ثم امرهم ان يسئلو الله به، و المراد انكم اعدوا انفسكم و كملوها لاستنزال المطالب من الله بما اشتمل عليه القرآن من الكمالات النفسانيه، و توجهوا اليه بحبه لان من احبه استكمل بما فيه فحسن توجهه الى الله. و قوله:و لاتسئلوا به خلقه. اى لاتجعلوا تعلمكم له لطلب الرزق به من خلق مثلكم فانه لم ينزل لذلك. و قوله:انه (فانه خ) ما توجه العباد الى الله بمثله. و ذلك لاشتماله على جميع الكمالات النفسانيه من العلوم، و مكارم الاخلاق و النهى عن جميع الرذائل الموبقه. ثم استعار لفظى الشافع و المشفع. و وجه الاستعاره كون تدبره و العمل بما فيه ما حيا لما يعرض للنفس من الهيئات الرديئه من المعاصى، و ذلك مستلزم لمحو غضب الله كما يمحو الشفيع المشفع اثر الذنب عن قلب المشفوع اليه، و ذلك سر الخبر المرفوع ما من شفيع من ملك و لا نبى و لا غيرهما افضل من القرآن، و كذلك لفظ القائل المصدق، و وجه الاستعاره كونه ذا الفاظ اذا نطق بها لايمكن تكذيبها كالقائل الصا
دق. ثم اعاد معنى كونه شافعا مشفعا يوم القيامه. ثم استعار لفظ المحل للقرآن، و وجه الاستعاره ان لسان حال القرآن شاهد فى علم الله و حضره ربوبيته على من اعرض عنه بعدم اتباعه و مخالفته لما اشتمل عليه، و تلك شهاده لايجوز عليها الكذب فبالواجب ان يصدق فاشبه الساعى الى السلطان فى حق غيره بما يضره. و قوله:فانه لاينادى مناد يوم القيامه. الى آخره. فالمنادى هو لسان حال الاعمال، و الحرث كل عمل تطلب به غايه و تستخرج منه ثمره، و الابتلاء هيهنا ما يلحق النفس على الاعمال و عواقبها من العذاب بقدر الخروج فيها عن طاعه الله، و ظاهر ان حرث القرآن و البحث عن مقاصده لغايه الاستكمال به برى ء من لواحق العقوبات. ثم حثهم على ان يكونوا من حرثته و اتباعه، و ان يستدلوه:اى يتخذوه دليلا قاعدا الى ربهم، و ان يستنصحوه على انفسهم:اى يتخذوه ناصحا على نفوسهم الاماره بالسوء لكونها هى الغاشيه لهم يقودها الى معصيه الله، و كون القرآن زاجرا لهم عما تامرهم به تلك النفوس فيجب ان تقبل نصيحته عليها، و كذلك اتهموا عليه آرائكم:اى اذا رايتم رايا يخالف القرآن فاتهموا ذلك الراى فانه صادر عن النفس الاماره بالسوء، و كذلك قوله:و استغشوا فيه اهوائكم، و انما
قال هنا:استغشوا، و قال فى الاراء:اتهموا لان الهوى هو ميل النفس الاماره من غير مراجعه العقل فاذا حكمت النفس عن متابعتها بحكم فهو عش صراح، و اما الراى فقد يكون بمراجعه العقل و حكمه، و قد يكون بدونه فجاز ان يكون حقا، و جاز ان يكون باطلا فكان بالتهمه اولى.ثم امر بلزوم. العمل الصالح. ثم بحفظ النهايه المطلوبه منهم بالعمل و الوصول اليها منه:اى راعوا عاقبتكم و نهايه اعمالكم و غايتها فان الامور بخواتيمها. ثم امر بالاستقامه:اى على العمل. ثم بالصبر عليه، و حقيقته مقاومه الهوى لئلا ينقاد الى قبائح اللذات فيخرج عن الصراط. ثم بالورع، و هو لزوم الاعمال الجميله، و انما عطف النهايه و الصبر بثم لتاخر نهايه العمل عنه، و كون الصبر امرا عدميا فهو فى معنى المتراخى و المنفك عن العمل الذى هو معنى وجودى بخلاف الاستقامه على العمل فانها كيفيه له، و الورع فانه جزء منه، و كرر تلك الالفاظ للتاكيد، و النصب فى جميعها على الاغراء. ثم اشار الى ان تلك النهايه هى النهايه التى لهم و امرهم بالانتهاء اليها، و هى الامر الذى خلقوا لاجله اعنى الوصول الى الله طاهرين عن رجس الشيطان، و هو لفظ الخبر النبوى ايها الناس ان لكم معالم فانتهوا الى معالمكم، و ان لكم غايه فانتهوا الى غايتكم فان المراد بالغايه و النهايه واحد، و المراد بالمعالم حظائر القدس و منازل الملائكه، و كذلك ان لكم علما فاهتدوا بعلمكم:اى الى تلك النهايه. و استعار لفظ العلم لنفسه. ثم اخبر ان للاسلام غايه و امرهم بالانتهاء
اليها، و تلك الغايه هى النهايه المشار اليها. و قوله:و اخرجوا الى الله. الى قوله:وظائفه. فالتقدير اخرجوا من حقه فيما افترض عليكم، و حقه فى فرائضه و وظائفه الاخلاص بها لوجهه. ثم رغبهم فى طاعته و اتباع اوامره بكونه شاهدا لهم يوم القيامه و محتجا. قال بعض الشارحين: