خطبه 202-در قدرت خداوند
اقول:تعاصفه. تراد امواجه و تلاطمها و كسر بعضا بعضا. و المثعنجر:السيال الكثير الماء. و القمقام:البحر. قيل:سمى بذلك لاجتماعه. و جبل:خلق. و جلاميدها:صخورها. و انهد:رفع. و اساخ:ادخل. و انصابها:جمع نصب و هو ما انتصب فيها. و الانشاز:جمع نشز و هو العوالى منها. و ارزها فيها:اى وكرها و غرزها، و روى ارزها مخففه، اى اثبتها، و عليه نسخه الرضى و الاولى اصح و اظهر. و اكنافها:اقطارها. و تكر كره:تردده و تصرفه. و قد اشار فى هذا الفصل الى ان اصل الاجرام الارضيه و السماويه و مادتها هو الماء، و وصف كيفيه خلقتها عنه و كيفيه خلقه الارض و السماوات و الجبال، و قد مر بيان كل ذلك مستقصى فى الخطبه الاولى، و فى هذا الفصل فوايد:الاولى:انه لما كانت هذه الاجرام فى غايه القوه و العظمه و مع ذلك ففيها من عجائب الصنع و بدايعه ما يبهر العقول و يعجزها عن كيفيه شرحه لا جرم نسبها الى اقتدار جبروته و عظمته و بديع لطائف صنعته تنبيها بالاعتبار الاولى على انه الاعظم المطلق، و بالثانى على لطفه و حكمته التامه، و كنى باليبس الجامد عن الارض. الثانيه:الضمير فى منه للبحر و فى حده اما لله او لامره و قيامها على حده كنايه عن وقوفها على ما حده من المقدار و الشكل و الهيئه و النهايات و نحوها و عدم خروجها عن ذلك و تجاوزها له، و الضمير المنصوب فى يحملها لمعنى اليبس الجامد و هو الارض، و كذلك فى جلاميدها و ما بعده فى ارساها و ما بعده للجبال، و فى جبالها و سهولها و اقطارها للارض، و فى قواعدها و قلالها و انشازها للجبال، و قد عرفت كيفيه ذلك الخلق فيما حكاه عليه السلام فى الخطبه الاولى من ثوران الزبد بالريح و ارتفاعه الى الجو الواسع و تكوين السماوات عنه. الثالثه:ذله البحر لامره و اذعانه لهيبته دخوله تحت الامكان و الحاجه الى قدرته و تصريفها له، و هو من باب الاستعاره. الرابعه:قوله:على ما حركتها:اى حال حركتها لان على تفيد الحال، و قوله:تسيخ بحملها يفهم منه انه لو لا الجبال كونها اوتادا للارض لمادت و ساخت باهلها. فاما كونها مانعه لها من الميدان فقد عرفت وجهه فى الخطبه الاولى، و اما كونها تسيخ لو لاها فلانها اذا مادت انقلبت باهلها فغاص الوجه الذى هم عليه و ذلك مراده بسيخها فالمانع بها من الميدان هو المانع بها ان تسيخ او تزول عن موضعها. الخامسه:اشار باجمادها بعد رطوبه اكنافها الى ان اصلها من زبد الماء كما اشير اليه من قبل، و يحتمل ان يشير بذلك ا
لى ما كان مغمورا بالماء منها. ثم سال الماء عنه الى مواضع اسفل منه فخلا و جف و هى مواضع كثيره مسكونه و غير مسكونه. السادسه:قوله:تمخضه الغمام الذوارف اشاره الى ان البحر اذا وقع فيه المطر يريح و يتمخض و يضطرب كثيرا و ذلك لتحريك اوقع المطر له بكثرته و قوته او لكثره اقتران المطر بالرياح فتموجه، و اغلبها تحريكا له الرياح الجنوبيه لانكشافه لها، و قد شاهدنا ذلك كثيرا. السابعه:لما عدد المخلوقات المذكوره و تصريف القدره الربانيه لها قال:ان فى ذلك لعبره لمن يخشى تنبيها على وجوه الاعتبار بها لمن يخشى الله، و اراد العلماء لانحصار الخشيه فيهم بقوله تعالى (انما يخشى الله من عباده العلماء) و بالله التوفيق.