اقول:النكوص:الرجوع على الاعقاب. و هذا الفصل من خطبه كان يستنهض بها اصحابه الى جهاد اهل الشام قال بعد تقاعد اكثرهم عن نصرته. استشهد فيه الله تعالى و ملائكته و عباده على من سمع مقالته العادله المستقيمه التى هى طريق الله القايده للناس الى الرشاد فى دينهم و دنياهم المصلحه غير المفسده لهم و هى دعوته اياهم الى جهاد اعداء الدين و البغاه عليه. ثم اعرض عنها و قعد عن نصرته و تباطى ء عن اعزاز دينه و ابى الا التاخر عن طاعته، و فى ذلك الاستشهاد ترغيب الى الجهاد و تنفير عن التاخير عنه. اذ كان كانه اعلام لله بحان المتخاذلين عن نصره دينه و قعودهم عما امرهم به من الذب عنه فتتحرك اوهامهم لذلك بالفزع الى طاعته، و كذلك فى وصفه لمقالته بالعدل و الاصلاح ترغيب فى سماعها و جذب اليها. و فى قوله:ثم انت بعد:اى بعد تلك الشهاده عليه المغنى لنا عن نصرته تنبيه على عظمه ملك الله، و تحقير للنفوس المتخاذله عن نصره الدين، و فى ذلك الاخذ بالذنب تذكير بوعيد الله و ان فى ذلك التخاذل ذنب عظيم يوخذ به العبد. و بالله التوفيق.