خطبه 204-آفريدگار بى همتا
اقول:حمد الله تعالى باعتبارات اضافيه و سلبيه:اولها:العلى عن شبهه المخلوقين:اى فى ذاته و صفاته و افعاله و اقواله، و قد علمت كيفيته ذلك من غير مره. الثانى:الغالب لمقال الواصفين، و ذلك الغلب اشاره الى تعاليه عن احاطه الاوصاف به و فوته لها و عدم القدره على ذلك منه، و قد اشرنا الى ذلك مرارا. الثالث:الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين باعين بصايرهم و ابصارهم. الرابع:الباطل بجلال عزته عن فكر المتوهمين. و قد مر بيان هذين الوصفين و فايده قوله:بجلال عزته تنزيه بطونه عن الفكر باعتبار جلالته و عزته عن ان تناله لا باعتبار حقاره و صغر، و انما قال:فكر المتوهمين لان النفس الانسانيه حال التفاتها الى استلاحه الامور العلويه المجرده لابد ان يستعين بالقوه المتخيله يباعث الوهم فى ان تصور تلك الامور بصور خياليه مناسبه لتشبيهها بها و تحطها الى الخيال، و قد علمت ان الوهم انما يدرك ما كان متعلقا بمحسوس او متخيل من المحسوسات فكل امر يتصوره الانسان و هو فى هذا العالم سواء كان ذات الله سبحانه او صفاته او غير ذلك فلابد ان يكون مشوبا بصوره خياليه او معلقا بها و هو تعالى منزه بجلال عزته عن تكيف تلك الفكر له و باطن عنها. الخامس:العالم المنزه فى كيفيه علمه عن اكتساب له بعد جهل او ازدياد منه بعد نقصان او استفاده له عن غير كما عليه علم المخلوقين. السادس:المقدر لجميع الامور:اى الموجد لجميع الامور على وفق قضائه كلا بمقدار معلوم تنزه فيه عن التفكر و الضمير، و اراد بالضمير ما اضمر من الرويه. السابع:الذى لا تغشاه الظلم، و لا يستضى ء بالانوار لتنزهه عن الجسميه و لواحقها. الثامن:و لا يرهقه:اى لا يدركه ليل. و لا يجرى عليه نهار، و ذلك لتنزهه عن احاطه الزمان. التاسع:ليس ادراكه بالابصار لتقدس ذاته عن الحاجه الى الاله فى الادراك و غيره. العاشر:و لا علمه بالاخبار:اى كما عليه كثير من علومنا لتقدسه عن حاسه السمع. و بالله التوفيق.اقول:المساوره:المواثبه. و سرح:فرق. و قد اشار الى بعض فضائل النبى صلى الله عليه و آله و سلم و بعض فوايده فمن فضائله ارساله بالضياء، و لفظ الضياء مستعار لانوار الاسلام الهاديه فى سبيل الله اليه، و منها تقديمه على سائر الانبياء فى الفضيله و ان كان الكل منهم مصطفى، و ذكر من فوايده كونه رتق به المفاتق، و كنى بها عن امور العالم المتفرقه و تشتت مصالحه زمان الفتره، و رتقها به كنايه عن نظمها به بعد تفرقها كنايه بالمستعار، و منها كونه ساور به المغالب، و اسند المساوره الى الله مجازا باعتبار بعثه للنبى بالدين عن امره لمواثبه مغالبه من المشركين و غيرهم، و منها كونه ذلل به الصعوبه:اى صعوبه اهل الجاهليه و اعداء دين الله، و منها كونه سهل به الحزونه:اى حزونه طريق الله بهدايته فيها الى غايه ان سرح الضلال و الجهل عن يمين النفوس و شمالها، و هو اشاره الى القائه رذيلتى التفريط و الافراط عن ظهور النفوس كسريح جنبتى الحمل عن ظهر الدابه، و هو من الطف الاستعارات و ابلغها، و بالله التوفيق.