خطبه 007-نكوهش دشمنان
اقول:ملاك الامر ما يقوم به و منه القلب ملاك الجسد، و الاشراك يجوز ان يكون جمع شريك كشريف و اشراف و يجوز ان يكون جمع شرك و هو حبائل الصيد كحبل و احبال، و الدبيب المشى الضعيف و المدرج اقوى منه، و الخطل من الفاسد من القول، و شركه فتح الشين و كسر الراء شاركه، و هذا الفصل من باب المنافره و هو ذم للمنابذين له و المخالفين له و المخالفين عليه فاشار اولا الى انقياد نفوسهم لشياطينهم الى حد جعلوها مدبره لامور فيها قوام احوالهم و عزلوا عقولهم عن تلك المرتبه فهم اولياوهم كما قال تعالى انا جعلنا الشياطين اولياء للذين لا يومنون ثم ردف ذلك بالاشاره الى بعض لوازم تمليك الشيطان لامورهم بقوله و اتخذهم له اشراكا، و ذلك انه اذا ملك امورهم و كان قيامه بتدبيرها صرفهم كيف شاء، و استعمال الاشراك هيهنا على تقدير كونها جمع شرك استعاره حسنه، فانه لما كانت فائده الشرك اصطياد ما يراد صيده و كان هولاء القوم بحسب ملك الشيطان لارائهم و تصرفه فيهم على حسب حكمه اسبابا لدعوه الخلق الى مخالفه الحق و منابذه امام الوقت و خليفه الله فى ارضه اشبهوا الاشراك لاصطيادهم الخلق بالسنتهم و اموالهم و جذبهم الى الباطل بالاسباب الباطله التى القاها اليهم الشيطان و نطق بها على السنتهم فاستعار لهم لفظ الاشراك، و اما على التقدير الثانى فظاهر، ثم اردف ذلك ببيان ملازمته لهم فشبهه بالطائر الذى بنى عشه فى قلوبهم و صدورهم، و استعار لفظ البيض و الافراخ، و وجه المشابهه ان الطائر لما كان يلازم عشه فيبيض و يفرخ فيه اشبهه الشيطان فى اقامته فى صدورهم و ملازمته لهم، و كذلك قوله و دب و درج فى حجورهم استعاره كنى بها ايضا عن تربيتهم للباطل و ملازمه ابليس و عدم مفارقته لهم و نشوه معهم كما يتربى الولد فى حجر والديه، وراعى فى هذه القرائن الاربع السجع ففى الاوليين السجع المسمى مطرفا و فى الاخيرين المسمى متوازيا، قوله فنظر باعينهم و نطق بالسنتهم اشاره الى وجود تصرفه فى اجزاء ابدانهم بعد القائهم مقاليد امورهم اليه و عزل عقولهم عن التصرف فيها بدون مشاركته و متابعته. قوله فركب بهم الزلل و زين لهم الخطل. اشاره الى ثمره متابعته و هى اصابه مقاصده منهم من الخروج عن اوامر الله فى الافعال و هو المراد بارتكابه بهم الزلل، و فى الاقوال و هو المشار اليه بتزيينه لهم الخطل. قوله فعل من قد شركه الشيطان فى سلطانه و نطق بالباطل على لسانه. اشاره الى ان الافعال و الاقوال الصادره عنهم على خل
اف او امر الله انما تصدر عن مشاركه الشيطان و متابعته، و الضمير فى سلطانه يعود الى من قد شاركه الشيطان فى سلطانه الذى جعله الله له على الاعمال و الاقوال، و انتصاب فعل على المصدر اما عن فعل محذوف تقديره فعلوا ذلك فعل، او عن قوله اتخذوا لانه فى معنى فعلوا فهو مصدر له من غير لفظه، و راعى فى هاتين القرينتين ايضا السجع المطر، و الله اعلم بالصواب،