خطبه 235-سخنى با عبدالله بن عباس
اقول:ينبع:قريه صغيره من اعمال المدينه. و هتف الناس:صياحهم و دعاوهم باسمه. و الناضح:الجمل استقى عليه. و الغرب:الدلو العظيمه. و سبب الرساله ان القوم الذين حصروه كانوا يكثرون نداه و الصياح به توبيخه من احداثه من تفريق بيت المال على غيره متسحقيه و وضعه فى غير مواضعه، و ساير الاحداث التى ذكرنا انها نسبت اليه، و استعار لفظ الجمل الناضح، و رشح بذكر الغرب، و اشار الى وجه المشابهه بقوله اقبل و ادبر. و قوله:بعث الى. الى قوله:اخرج. شرح لكيفيه تصريفه فى حال حصره و مضايقه الناس له و بعثه الى الناس فى امره كما اشرنا اليه من قبل. و قد كان قصده بتلك الرساله من بين سائر الصحابه لاحد امرين:احدهما:اعتقاده انه اشرف الجماعه و الناس له اطوع، و ان قلوب الجماعه معه حينئذ. و الثانى:انه كان يعتقد ان له شركه مع الناس فى فعلهم به و كانت بينهما هناه فكان بعثه له من بين الجماعه متعينا لانهم ان رجعوا بواسطته فهو الغرض و ان لم يرجعوا حصلت بعض المقاصد ايضا و هو تاكد ما نسبه اليه من المشاركه فى امره، و بقاء ذلك حجه عليه لمن بعده ممن يطلب بدمه حتى كان لسبب هذا الغرض الثانى ما كان من الوقايع بالبصره و صفين و غيرهما. و قول و الله. الى آخره يحتمل وجوها:احدها:قال بعض الشارحين:انى بالغت فى الذب عنه حتى خشيت لكثره احداثه ان اكون آثما فى الذب عنه و الاجتهاد فى ذلك. و الثانى:يحتمل ان يريد انى خشيت الاثم فى تغريرى بنفسى لان دفع الجمع العظيم فى هذا الامر العظيم مظنه الخوف على النفس فيكون الاقدام عليه مظنه اثم. الثالث:يحتمل انه يريد انه خشى الاثم من الافراط فى حقهم كان يضرب احدهم بسوطه و يغلظ له فى القول و الشتم. و بالله التوفيق.