نامه 008-به جرير بن عبدالله البجلى
اقول:روى ان جريرا اقام عند معاويه حين ارسله عليه السلام حتى اتهمه الناس. و قال:قد وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده الا مخدوعا او عاصيا. و ابطى ء حتى ايس منه. فكتب اليه بعد ذلك هذا الكتاب. فلما انتهى اليه اتى معاويه فاقرءه اياه و قال:يا معاويه انه لا يطبع على قلب الا بذنب و لا يشرح الا بتوبه، و لا اظن قلبك الا مطبوعا، اراك قد وقفت بين الحق الباطل كانك تنظر شيئا فى يد غيرك. فقال معاويه:القاك بالفصل فى اول مجلس انشاء الله. ثم اخذ فى بيعه اهل الشام فلما انتظم امره لقى جريرا و قال له:الحق بصاحبك و اعلمه بالحرب. فقدم جرير الى على عليه السلام. البجلى:منسوب الى بجيله قبيله. و المجليه من الاجلاء و هو الاخراج عن الوطن قهرا. و المخزيه:المهينه و المذله. و روى مجزيه- بالجيم-:اى كافيه. و الحرب و السلم مونثان لكونهما فى معنى المحاربه و المسالمه. و النبذ:الالقاء و الرمى. و حاصل امر جرير حمل معاويه على فصل الامر و قطعه و جزم الحال معه بتخييره فى احد امرين اما حرب يكون معها اجلاوه، و اما سلم يكون فيها ذليلا مهانا مقهورا، و فى ذكر الاجلاء و الاهانه على التقديرين تخويف و تهديد و اشعار بانه عليه السلام فى الامرين ظاهر ظافر، و انه غالب قاهر لعله يتذكر او يخشى. ثم امره على تقدير اختياره للحرب ان يرميه بالاعلام بها و يلقى الوعيد بايقاعها من قبله عليه السلام و يجهر له بذلك من غير مداهنه و مداراه كقوله تعالى (و اما تخافن من قوم خيانه فانبذ اليهم على سواء) و على تقدير اختياره للسلم ياخذ بيعته.