نامه 053-به مالك اشتر نخعى
اقول:هو مالك بن الحرث الاشتر النخعى من اليمن، و كان من اكابر اصحابه عليه السلام ذوى النجده و الشجاعه الذين عليهم عمدته فى الحروب، و روى ان الطرماح لما دخل على معاويه قال له:قل لابن ابى طالب:انى جمعت من العساكر بعدد حب جاروس الكوفه و ها انا قاصده. فقال له الطرماح:ان لعلى عليه السلام ديكا اشتر يلتقط جميع ذلك. فانكسر معاويه من قوله. و فى العهد فصول:اقول:يزعها:يكفها. و صدر عليه السلام هذا العهد بذكر امور هى غرض الولايه، و بها يكون نظام الامر فمنها ما يعود الى منفعه الوالى و هو جبوه الخراج، و منها ما يعود الى الرعيه و هى جهاد عدوهم و استطلاحهم بالسياسه و حسن الرعى، و منها ما يعود اليهما و هو عماره البلاد و لو احقها. ثم امره باوامر خمسه يعود الى اصلاح نفسه اولا:احدها:تقوى الله و خشيته، و قد سبق بيان كونها اصلا لكل فضيله. الثانى:اتباع اوامره فى كتابه من فرائضه و سننه. و رغب فى ذلك بقوله:لا يسعد. الى قوله:اضاعتها. و تكرر بيان ذلك. الثالث:اى ينصر الله سبحانه بيده و قلبه و لسانه فى جهاد العدو. و انكار المنكرات. و رغب فى ذلك بقوله:قد تكفل. الى قوله:اعزه. كقوله تعالى ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. الرابع:ان يكسر من نفسه عند الشهوات. و هو امر بفضيله العفه. الخامس:ان يكفها و يقاومها عند الجمحات. و هو امر بفضيله الصبر عن اتباع الهوى و هو فضيله تحت العفه، و حذر من النفس بقوله:فان النفس. الى آخره، و هو من قوله تعالى ان النفس الاماره بالسوء الايه. و- ما- بمعنى- من- و هى نصب على الاستثناء:اى الا نفسا رحمها الله.اقول:الضارى:المعتاد للصيد، الجرى ء عليه. و الصفح:الاعراض عن الذنب. و البجح- بسكون الجيم-:الفرح و السرور. و البادره:الحده. و المندوحه:السعه. و الادغال:ادخال الفساد فى الامر. و النهك:الضعف. و الابهه، و المخيله:الكبر و يطا من. يسكن:و طماح النفس:جماحها. و طمح البصر:ارتفع. و غرب الفرس:حدته، و اول جريه، و المساماه:مفاعله من السمو. و الجبروت:الكبر العظيم. و اعلم ان مدار هذا الفصل لما كان على امره بالعمل الصالح فى البلاد و العباد نبهه اولا على بعض العلل الغائيه من ذلك، و هو الذكر الجميل فى العقبى و الكون من الصالحين ليعمل له، و ذلك بقوله:انى قد وجهتك. الى قوله:تقول فيهم. و هو فى قوه صغرى ضمير تقديرها:انك موجه الى بلده حالها كذا و كذا و حال الناس فى فعلك بها كذا، و تقدير الكبرى:و كل من كان وجه الى بلده كذلك و كان الناس ينظرن من امره مثل ما كان ينظر قبله من امر الولاه و يقولون فيه مثل ما كان يقول فيهم فيجب عليه ان يكون احب الامور اليه العمل الصالح ليحصل منه الذكر الجميل بين الناس الدال على كون المذكور عندالله من الصالحين، و نبه على تلك الدلاله بقوله:و انما يستدل على الصالحين بما يجرى
الله لهم على السن عباده. و فى نسبه اجراء القول الى الله ترغيب عظيم فى تحصيل الذكر الجميل. ثم اعقب ذلك بامره ان يجعل العمل الصالح احب الذخائر اليه، و استعار له لفظ الذخيره باعتبار ان يحصله فى الدنيا لغايه الانتفاع به فى العقبى كالذخيره. و لما امره بالعمل الصالح اجمالا شرع فى تفصيله و ذكر انواعا:احدها:ان يملك هواه فى شهوته و غضبه فلا يتبعهما، و يشح بنفسه عما لا يحل لها من المحرمات. و قوله:فان الشح. الى قوله:كرهت. تفسير لذلك الشح بما يلازمه و هو الانصاف و الوقف على حد العدل فى المحبوب فلا يقوده شهوته الى حد الافراط فيقع فى رذيله الفجور، و فى دفع المكروه فلا يقوده غضبه الى طرف الافراط من فضيله العدل فيقع فى رذيله الظلم و التهور. و ظاهر ان ذلك شح بالنفس و بخل بها عن القائها فى مهاوى الهلاك. الثانى:ان يشعر قلبه الرحمه للرعيه و المحبه و اللطف بهم و هى فضائل تحت ملكه العفه:اى اجعل هذه الفضائل شعارا لقلبك. و لفظا الشعار و السبع مستعاران. و اشار الى وجه استعاره السبع بقوله:تغتنم اكلهم. الثالث:ان يعفو و يصفح عنهم، و هو فضيله تحت الشجاعه. و قوله:فانهم. الى قوله:فى الخلق. بيان لسببين من اسباب الرحمه لهم و اللط
ف بهم. و قوله يفرط منهم الزلل. الى قوله:و الخطاء. تفسير للمثليه و هى السبب الثانى، و الكلام فى قوه صغرى ضمير فى حسن العفو و الصفح، و اراد بالعلل التى تعرض لهم الامور المشغله الصارفه لهم عما ينبغى من اجراء اوامر الوالى على وجوهها. و قوله:و يوتى على ايديهم. كنايه عن كونهم غير معصومين بل هم ممن يوتون من قبل العمد و الخطاء، و تاتى على ايديهم اوامر الولاه و المواخذات فيما يقع منهم من عمد او خطاء، و تقدير الكبرى: