نامه 063-به ابوموسى اشعرى
اقول:روى عن ابى موسى انه كان حين مسير على عليه السلام الى البصره. استنفاره لاهل الكوفه الى نصرته يثبط الناس عنه و يقول:انها فتنه فلا يجوز القيام فيها، و يروى عن النبى صلى الله و عليه و آله اخبارا يتضمن وجوب القعود عن الفتنه و الاعتزال فيها. فكتب اليه مع ابنه الحسن عليه السلام هذا الكتاب. و القول الذى بلغه عنه هو نهى الناس و تثبيطهم عن النهوض اليه، و ذلك قول هو له باعتبار ظاهر الدين و نهيه عن الخوض فى الفتن، و هو عليه من وجوه:الاول:كان معلوما من همه انه لم يقصد بذلك الا قعود الناس عنه، و فهم منه ذلك. و هو خذلان للدين فى الحقيقه و هو عائد عليه بمضره العقوبه منه عليه السلام و من الله تعالى فى الاخره. الثانى:انه لما كان عليه السلام على الحق فى حربه كان تثبيط ابى موسى عنه جهلا بحاله و ما يحب من نصرته و القول بالجهل عائد على القائل بالمضره. الثالث:انه فى ذلك القول مناقض لغرضه لانه نهى عن الدخول مع الناس و مشاركتهم فى زمن الفتنه و روى خبرا يقتضى انه يجب القعود عنهم حينئذ مع انه كان اميرا يتهافت على الولايه و ذلك متناقض فكان عليه لاله. ثم امره عند قدوم رسوله عليه باوامر على سبيل الوعيد و التهديد:احدها:ان يرفع ذيله و شيده مئزره. و هما كنايتان عن الاستعداد للقيام بواجب امره و المسارعه الى ذلك. الثانى:ان يخرج من جحره. و اراد خروجه من الكوفه. و استعار له لفظ الجحر ملاحظه لشبهه بالثعلب و نحوه. الثالث:ان يندب:اى يبعث من معه من العسكر و يدعوهم الى الخروج. و قوله:فان حققت. اى عرفت حقيقه امرى و انى على الحق فانفذ. اى فامض فيما آمرك به، و ان تفشلت:اى جبنت و ضعفت عن هذا الامر و معرفته فاقعد عنه. ثم توعده على تقدير قعوده و اقسم لياتينه بالمكان الذى هو به من لا يتركه حتى يخلط زبده بخاثره و ذائبه بجامده، و هما مثلان كنى بهما عن خلط احواله الصافيه بالتكدير كعزته بذلته و سروره بغمه و سهوله امره بصعوبته، و حتى بعجله عن قعدته و هى هيئه قعوده و اراد غايه الاعجال، و حتى يكون حذره من امامه كحذره من خلفه. و هو كنايه عن غايه الخوف. و انما جعل الحذر من الخلف اصلا فى التشبيه لكون الانسان من ورائه اشد خوفا. و قيل:اراد حتى يخاف من الدنيا كما يخاف من الاخره. و قوله:و ما هى بالهوينا. اى و ما القصه المعهوده لك بالهينه السهله التى ترجو ان تكون فيها على اختيارك ولكنها الداهيه الكبرى من دواهى الدهر و مصائبه. و قوله:يركب جملها. اى يركب فيها، و يذل عبها:اى يسهل الامور الصعاب فيها. و هو كنايه عن شدتها و صعوبتها. ثم اردف وعيده و تحذيره بنصيحته و امره باوامر:احدها:ان يعقل عقله. و عقله يحتمل النصب على المصدر و هو امر له ان يراجع عقله و يعتبر هذا الحال العظميه دون هواه. و قيل هو مفعول به:اى اضبط عقلك و احبسه على معرفه الحق من الباطل و لا تفبقه فيما لا ينبغى. الثانى:ان يملك امره:اى شانه و طريقته، و يصرفها على قانون العدل و الحق دون الباطل. الثالث:ان ياخذ نصيبه و حظه من طاعته و القيام بامره فى نصرته و الذب عن دين الله. و قيل:اراد خذ ما قسم لك من الحظ و لا تتجاوز الى ما ليس لك. ثم اردف ذلك بامره بالتنحى عن الولايه على تقدير كراهته لما ذكر و عدم امتثاله لما امر. و قوله:فبالحرى لتكفين. اى فما احذر ان يكفى هذه الموونه و انت نائم عن طاعه الله حتى لا يفتقد و لا يسال عنك لعدم المبالاه بك. قم اقسم انه لحق:اى الامر المعهود الذى فعله من حربه بالبصره، مع محق:اى صاحب محق لما يدعيه، عالم به، لا يكترث بما صنع الملحدون فى دين الله من مخالفته لمعرفته انه على الحق دونهم.