نامه 069-به حارث همدانى
اقول:هذا الفصل من كتاب طويل اليه. و قد امره فيه باوامره و زجره بزواجره مدارها على تعليم مكارم الاخلاق و محاسن الاداب. احدها:ان يتمسك بحبل القرآن. و لفظ الحبل مستعار كما سبق. و اراد لزوم العمل به. الثانى:ان ينتصحه:اى يتخذه ناصحا له بحيث يقبل امره و شوره لانه يهدى الى الحق و الى صراط مستقيم. الثالث:ان يحل حلاله حرامه. و ذلك ان يعتقد ما فيه من الحلال و الحرام حلالا و حرام و يقف عند اعتقاده و يعمل بمقتضاه. الرابع:ان يصدق بما سلف من الحق مما حكاه القرآن الكريم من احوال القرون الماضيه و احوال الانبياء مع اممهم ليصح منه الاعتبار. الخامس:ان يعتبر ماضى الدنيا بباقيها و يقيسه به فيجعل ما مضى اصلا و ما يبقى فرعا و يحذو القدر المشترك بينهما من العله و هو كونها مظنه التغير و الزوال فيحكم فى الفرع بحكم الاصل من وجوب الزوال، و قد نبه على المشترك بقوله:فان بعضها بشبه بعضا. و على ما يلزم ذلك فى الفرع بقوله:و آخرها لاحق باولها و كلها حائل:اى زائل مفارق. السادس:ان يعظم اسم الله و يكبره ان يذكره حالفا الا على حق. السابع:ان يكثر ذكر الموت و ما بعده فان فى ذكرهما اعظم واعظ و اشد زاجر عن الدنيا. الثامن:نهاه ان يتمنى الموت الا بشرط وثيق من نفسه يطمئن اليه فى طاعه الله و ولايته فان تمينه بدون ذلك سفه و حمق. التاسع:امره ان يحذر كل عمل يرضاه لنفسه و يكره للمسلمين و هو فى المعنى نهى عن الاستيثار عليهم بالمكاره و لنفسه بالخيرات و هو كقوله:رد للناس ما تريد لنفسك و اكراه لهم ما تكرهه لها. العاشر:ان يحذر ما يعمله فى السر و يستحيى منه فى العلانيه. و الاشاره الى معاصى الله و مفارقه الدنايا من المباحات، و كذلك كل عمل من شانه ان ينكره اذا سئل عنه و يعتذر منه. الحادى عشر:ان يحفظ عرضه و نهاه ان يجعله غرضا. و استعار لفظ الغرض و النبال لما يرمى به من القول:و قد سبق وجه الاستعاره. الثانى عشر:ان يحدث الناس بكل ما سمع على وجه ان يقول:كان كذا و كذا دون ان يقول:سمعت فلانا يقول:كذا. فان بينهما فرقا. و لذلك قال:و كفى بذلك كذبا. لانه جاز ان يكون ما سمع فى نفس الامر كذبا فيكون قد كذب فى قوله:كان كذا. و قوله:سمعت كذا. لا يكون كذبا الا على وجه الاخر. الثالث عشر:ان لا يرد كل ما يحدث به الناس و يقابله بالتكذيب و الانكار لانه جاز ان يكون حقا فيحصل من انكاره جهل بحق، و قوله:فكفى. فى الموضعين صغرى ضمير تقدير كبرى الاول:و كلما كفى به كذبا فينبغى ان لا يتحدث به. و تقدير كبرى الثانى:و كلما برده جهلا وجب ان لا يرد. الرابع عشر:امره بكظم الغيظ. و الحلم و التجاوز و الصفح هى فضائل تحت ملكه الشجاعه و شرطها بوجود الغضب و القدره و الدوله فيسمى حلما و تجاوزا و صفحا و الا لم يصدق عليها الاسم. و قوله:تكن لك العاقبه. اى العاقبه الحسنه من ذلك، و هى صغرى ضمير تقديرها:فان فاعل هذه الخصال يكون له العاقبه منها، و تقدير الكبرى:و كلما كانت له العاقبه الحسنه منها فيجب ان يفعلها. الخامس عشر:ان يستصلح كل نعمه لله تعالى عليه بمداومه الشكر. السادس عشر:ان لا يضيع من نعمه الله تعالى نعمه:اى بالقصور عن الشكر و الغفله عنه. السابع عشر:ان يظهر اثر نعمه الله تعالى عليه بحيث يراها الناس. فظهور اثرها عليه باظهارها على نفسه و ذويه و صرف فاضلها الى اهل الاستحقاق.و اعلمه بدليل وجوب ذلك من وجهين:احدها:قوله:ان افضل المومنين افضلهم تقدمه:اى صدقه تقدمها من نفسه باقوال و افعاله و امواله، و من اهله كذلك. و هو جذب له ان يجعل نفسه من افضل المومنين بالصدقه. الثانى:قوله:و انك. الى قوله:خيره:اى ما تقدمه و توخره من المال و تخلفه، و هو صغرى ضمير تقدير كبراه:و كلما اذا قدمته كان لك ذخرا و اذا اخرته كان لغيرك خيره فواجب عليك تقديمه. الثامن عشر:ان يحذر صحابه من يفيل رايه:اى يضعف، و ينكر عمله لسوئه. و علل ذلك الحذر بقوله:فان. الى قوله:بصاحبه:اى فانك تقاس به لتنسب فعلك الى فعله، و لان الطبع مع الصحبه اطوع لفعل منه للقول فلو صحبه لشابه فعله فعله. التاسع عشر:ان يسكن الامصار العظام. و الغرض الجمعيه على دين الله كقوله صلى الله و عليه و آله:عليكم بالسواد الاعظم و لذلك بكونها جماع المسلمين:اى مجمعهم. و اطلق اسم المصدر على المكان مجازا، و هو صغرى ضمير تقدير كبراه:و كلما كان كذلك فينبغى ان يخص بالسكنى. العشرون:ان يحذر منازل الغفله و الجفاء لاهل طاعه الله. الحادى و العشرون:ان يقصر رايه على ما يعنيه فان فيه شغلا عما لا يعنيه فتجاوزه اليه سفه. الثانى و العشرون:ان يحذر مقاعد الاسواق. و اشار الى وجه المفسده بقوله:فانها. الى قوله:الفتن. و معنى كونه محاضر الشيطان كونها مجمع الشهوات و محل الخصومات التى مبدئها الشيطان. و معاريض:جمع معرض و هو محل عروض الفتن. و الكلام صغرى ضمير تقدير كبراه:و كلما كان كذلك فلا يجوز القعود فيه. الثالث و العشرون:ان يكثر نظره الى من هو دون ممن فضل عليه فى النعمه. و علل ذلك بقوله:فان. الى قوله:الشكر. و وجه كونه بابا للشكر انه يكون سببا للدخول اليه منه. و هو صغرى ضمير تقدير كبراه:و كلما كان من ابواب الشكر فواجب ملازمته. الرابع:و العشرون:ان لا يسافر فى يوم الجمعه الا ان يكون فى جهاد او عذر واضح. و سره ان صلاه الجمعه عظميه فى الدين و هو محل التاهب لها و العباده. فوضعه للسفر وضع للشى ء فى غير موضعه. الخامس و العشرون:ان يطيع الله فى جميع اموره. و رغب فيها بضمير صغراه قوله:فان. الى قوله:سواها. تقدير كبراه:و كلما فضل ما سواه فالاولى لزومه و ايثاره على ما سواه. اسادس والعشرون:ان يخادع نفسه فى العباده. فانه لما كان شان النفس اتباع الهوى و موافقه الطبيعه فبالحرى ان تخادع عن مالوفها الى غيره تاره بان يذكر الوعد، و تاره الوعيد، و تاره بالاست
شهاد بمن هو دونها ممن شمر فى عباده الله، و تاره باللوم لها على التفريط فى جنب الله. فاذا سلك بها فينبغى ان يكون بالرفق من غير قهرها على العباده لكون ذلك داعيه الملال و الانقطاع كما اشار اليه سيد المرسلين صلى الله و عليه و آله:ان هذا الدين متين فاوغل فيه برفق و لا بغض فيه الى نفسك عباده الله فان المنبت لا ارضا قطع و لا ظهرا ابقى بل تاخذ منها عفوها و نشاطها فى العباده الا الفريضه فانه لا يجوز المساهله فيها. السابع و العشرون:حذره ان ينزل به الموت حال ما هو آبق من ربه. و استعار له الابق باعتبار خروجه عن امره و نهيه فى طلب الدنيا. الثامن و العشرون:ان يحذر صبحه الفساق و نفر عن ذلك بضمير صغراه قوله:فان الشر بالشر ملحق:ان فانه يصير لك شرا كشرهم لان القرين بالمقارن يقتدى. و تقدير كبراه:و كل ما صير لك كذلك فلا يجوز فعله. التاسع و العشرون:ان يحمع بين توقير الله و تعظيمه و بين حبه احبائه و اوليائه، و هما اصلان متلازمان. الثلاثون:ان يحذر الغضب. نفر عنه بقوله:فانه. الى آخره، و معنى كونه جندا له لانه من اعظم ما يدخل به على الانسان فيملكه و يصير فى تصريفه كالملك الداخل بالجند العظيم على المدينه، و هو صغرى ضمير تقدي
ر كبراه:و كلما كان كذلك فواجب ان يحذر منه. و بالله التوفيق.