الفتنه قد تكون فى الدين و قد تكون فى الدنيا و قد تكون فيهما، و على التقديرات فقد تلحق الانسان بسبب منه من جهل بسيط او مركب و قد تلحقه باسباب قدريه خارجيه معلومه و غير معلومه. و الذى يعاتب على فتنته من هولاء من كانت اسباب فتنته منه او بعضها كوقوع الفتنه لمصاحبه الفساق و نحوه. هذا اذا حملنا اللفظ على ظاهره، و يحتمل ان يريد ليس كل مفتون ينفع معه العتاب.
حکمت 016
استعار ذل الامور لمطاوعتها للقدر و جريانها على وفق القضاء. و لما كان الانسان جاهلا باسرارا لقدر جاز ان يكون من غايات مطاوعه الامور للقدر كون ما يعتقده الانسان الجاهل مصلحه و يفعله تدبرا لمنفعه سببا لحتفه و هلاكه.و فيه ايماء الى وجوب اسناد الامور الى الله و عدم التوكل على التدبير، و الانقطاع اليه.
حکمت 017
النطاق:شقه طويله عريضه تنجر على الارض اذا لبست. و جران البعير:صدره. و كان رسول الله صلى الله و عليه و آله فى اول الاسلام يامر اهل الشيب من المسلمين بتغيير شيبهم و يبدئهم اليه، و كان ينفرهم عن تركه بكونه تشبها باليهود لان اليهود لم يكونوا يفعلون ذلك. فكانوا يخضبون بالسواد. و قيل:بالحناء. و الغرض ان ينظر اليهم الكفار بعين القوه و الشبيبه فينفعلون عنهم و لا يطمعون فيهم. فسئل عليه السلام عن ذلك فى زمن خلافته فجعله من المباح دون المندوب، و اشار الى ان تلك السنه انما كانت حيث كان المسلمون قليلين فاما الان و قد كثروا و ضعف الكفار فهو مباح، و كنى عن ذلكم بقوله:فامرء و ما اختار. و استعار لفظ النطاق لمعظمه و ما انتشر منه. و لفظ الضرب بالجران لثباته و استقراره و ملاحظه لشبههه بالبعير البارك. و قوله:فامرء مبتدء و ما اختار عطف عليه، و ما مصدريه و خبر المبتدء محذوف تقديره مقرونان كقولهم كل امرء وضيعته. بالله التوفيق.
حکمت 018
و هو تنفير عن تطويل الامل بذكر قطعه بالاجل، و استعار لفظ العنان له ملاحظه لشبهه بالفرس، و لفظ الجرى للاندفاع فى الامل بحسب تطويله و لفظ العثار للامتناع عن ذلك الجرى بعارض الاجل و قواطعه كعثار العادى بما يعرض له من حجر و نحوه.
حکمت 019
رغب فى اقاله ذوى المروات عثراتهم التى يتفق و قوعها نادرا كبيعهم لما يلحقهم الندم عليه و نحوه بذكر كون يدالله بايديهم يرفعهم، و استعار لفظ العثرات لما يقع منهم خطا و من غير تثبت، و لفظ اليد لعنايه الله و قدرته. و كنى عن تعلقاته و تدارك حاله يكون يده بيده يرفعه و ذلك ان الموره فضيله عظيمه يستجلب همم الخلق و قلوبهم و مساعداتهم، بحسب ذلك يكون استعداد العاثر من ذوى المروات لعنايه الله و قايمه من عثرته.
حکمت 020
اراد بالهيبه الخوف من المقابل. و ظاهر ان ذلك يستلزم عدم قضاء الحاجه منه و الظف بالمطلوب لعدم الانبساط فى القول معه و هو معنى اقترانها بالخيبه، و كذلك الحياء بالحرمان لاستلزام الحياء ترك الطلب و التعرض له. و هو تنفير عن الهيبه و الحياء المذمومين. ثم امر بانتهاز فرص الخير:اى المبادره الى فعله عند حضور وقت امكانه، و رغب فى ذلك بضمير صغراه قوله:الفرصه تمر مر السحاب:اى انها سريعه الزوال، و تقدير الكبرى:و كلما كان كذلك فواجب ان يبادر اليه و يغتنم وقت امكانه.
حکمت 021
قال الرضى:و هذا من لطيف الكلام و فصيحه، و معناه انا ان لم نعط حقنا كنا الا، و ذلك ان الرديف يركب عجز البعير كالعبد و الاسير و من يجرى مجراهما و قال الازهرى فى تهذيب اللغه:قال القتيبى:اعجاز الابل:ماخيرها- جمع عجز- و هو مركب شاق. قال:و معناه ان منعنا حقنا ركبنا مركب المشقه و صبرنا عليه و ان طال، و لم نجز منه محلين بحقنا. ثم قال الازهرى:لم يرد على عليه السلام ركوب المشقه ولكنه ضرب اعجاز الابل مثلا لتاخره عن غيره فى حقه من الامامه و تقدم غيره عليه فاراد ان منعنا حقنا منها و اخرنا عن ذلك صبرنا على الاثره فيها و ان طالت الايام. و السرى:سير الليل. و اقول:الذى ذكره الثلاثه احتمالات حسنه و هى متقاربه لان ركوب الاعجاز مظنه الذله و المشقه و تاخر المنزله. و يحتمل ان يكون كلها مراه له. و لم يفرق الازهرى بين المثل و الكنايه فان ركوب الاعجاز كنايه عن الامور المذكوره، و كذلك طول السرى كنايه عن طول المشقه لانه مظنتها و ملزومها، و يحتمل ان يكون كنايه بالمثل.
حکمت 022
اى من لم يكن له عمل صالح حسن فتاخر بسبب ذلك عن معالى الرتب الدنيويه و الاخرويه لم يسرع به حسبه و شرف بيته اليها ان كان ذا حسب. و كنى ببطو عمله عن عدم وصوله الى الخير لعدم ما يوصله اليه من زكى العمل و جعل الاسراع فى مقابله البطو.
حکمت 023
المهوف:المظلوم يستغيث:و التنقيس. التفريج من الغم الذى ياخذ بنفسه. و جعلها من كفارات الذنوب العظام لكونا فضيله عظيمه تستلزم فضايل كالرحمه و العدل و السخاء و المروه و غيرها. و ظاهر ان حصول هذه الملكات فى النفس مما يستلزم ستر الذنوب و محوها و منافات ملكات السوء التى يعبر عنها بالسيئات و الذنوب كما سبقت الاشاره اليه.
حکمت 024
نفر الانسان عن معصيه الله حال متابعه نعمه عليه بتحذيره منه، و ذلك انه لما كان دوام شكرها يعد للمزيد منها كان كفرانها و مقابلتها بالمعصيه المستلزم لعدم الشكر مستلزما لعدم الاستعداد للمزيد و معدا للنقصان و نزول النقمه كما قال تعالى (و لئن كفرتم ان عذابى لشديد) و هو محل الحذر منه. و الواو فى قوله:و انت. للحال.