حکمت 028
و هو جذب با قبال الموت و لقائه الى الاستعداد له و لما بعده بالاعمال الصالحه، و الادبار و الاقبال امران اعتباريان لان الانسان باعتبار اجزاء مدته وقتا فوقتا فى ادبار، و بحسب ذلك يكون اعتبار فنائه فى اقباله اليه، و بحسبهما يكون سرعه التقائهما. و الملتقى مصدر.حکمت 029
حذر من سحظ الله بسبب معصيته لطول امهاله و ستره الى الغايه المذكوره. و قوله:فو الله. الى آخره صغرى ضمير تقدير كبراه:و كل من ستر على عبده الى الغايه المذكوره فواجب ان يحذر غضبه و يجتنب معصيته و يرجع الى طاعته التى هى الغايه من عنايته بستره.حکمت 030
قال الرضى:و بعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الاطاله و الخروج عن الغرض المقصود فى هذا الكتاب. اقول:الدعائم:اعمده البيت. و الشبعه:الصن. و التبصر:التعرف. و التاويل:و التفسير. و الزهره:النور. و الشئنان:البغض. و اعلم ان هذا الفصل من لطائف الحكمه. و مداره على شرح قواعد الايمان و الاشاره الى فروع تلك اقواعد ثم الى ثمرات تلك الفروع. و لما كان الكفر مضادا للايمان، و الشك مقابلا له مقابله العدم للملكه اشار الى دعايم الكفر و شعب الشك لتبين بهما الايمان. اذ بضدها يتبين الاشياء:اما الايمان فاعلم انه عليه السلام اراد الايمان الكامل و ذلك له اصل و له كمالات بها يتم اصله فاصله لهو التصديق بوجود الصانع تعالى و ما له من صفت الكمال و نعوت الجلال و بما تنزلت به كتبه و بلغته، و كمالاته المتممه هى الاقوال المطابقه و مكارم الاخلاق و العبادات. ثم ان هذا الاصل و تمماته هو كما النفس الانسانيه لانها ذات قوتين علميه و عمليه و كمالها بكمال هاتين القوتين. فاصل الايمان هو كمال القوه العلميه منها و متمماته و هى مكارم الاخلاق و العبادات هى كمال القوه العلميه. اذا عرفت هذا فنقول:لما كانت اصول الفضائل الخلقيه التى هى كمالالايمان اربعا هى الحكمه و العفه و الشجاعه و العدل اشار اليها، و استعار لها لفظ الدعائم باعتبار ان الايمان الكامل لا يقوم فى الوجود الا بها كدعائم البيت فعبر عن الحكمه بالقين. و الحكمه منها علميه و هى استكمال القوه النظريه بتصور الامور و التصديق بالحقايق النظريه و العمليه بقدر الطاقه البشريه. و لا تسمى حكمه حتى يصير هذا الكمال حاصلا لها باليقين البرهانى. و منها عمليه و هى استكمال النفس بملكه العلم بوجوه الفضائل النفسانيه الخلقيه و كيفيه اكتسابها، و وجوه الرذايل النفسانيه و كيفيه الاحتراز عنها و اجتنابها، و ظاهر ان العلم الذى صار ملكه هو اليقين. و عبر عن العفه بالصبر. و العفه هى الامساك عن الشره فى فنون الشهوات المحسوسه و عدم الانقياد للشهوه و قهرها و تصريفها بحسب الراى الصحيح و مقتضى الحكمه المذكوره، و انما عبر عنها بالصبر لانها لازم من لوازمه. اذ رسمه انه ضبط النفس و قهرها عن الانقياد لقبايح اللذات. و قيل:هو ضبط النفس عن ان يقهرها الم مكروه ينزل بها و يلزم فى العقل احتماله او يغلبها حب مشتهى يتوق الانسان اليه و يلزم فى حكم العقل اجتنابه حتى لا يتناوله على غير وجهه. و ظاهر ان ذلك يلازم العفه، و كذلك عبر عن ا
لشجاعه بالجهاد لاستلزامه اياها اطلاقا لاسم الملزوم على لازمه. و الشجاعه هى ملكه الاقدام الواجب على الامور التى يحتاج الانسان ان يعرض نفسه لاحتمال المكروه و الالام الواصله اليه منها، و اما العدل فهو ملكه فاضله تنشا عن الفضائل الثلاث المشهور و تلزمها. و قد علمت فيما سلف ان كل واحده من هذه الفضائل محتوشه برذيلتين هما طرفا الافراط و التفريط منها و مقابله برذيله هى ضدها. و اما شعب هذه الدعائم:فاعلم انه جعل لكل دعامه منها اربع شعب من الفضائل يتشعب منها و يتفرع عليها فهى كالفروع لها و الاغصان:اما شعب الصبر الذى هو عباره عن ملكه العفه:فاحدها:اشوق الى جنه و محبه الخيرات الباقيه. الثانى:الشفق و هو الخوف من النار و ما يودى اليها. الثالث:الزهد فى الدنيا و هو الاعراض بالقلب عن متاعها و طيباتها. الرابع:ترقب الموت. و هذه الاربع فضايل منبعثه عن ملكه العفه لان كلا منها يتلزمها. و اما شعب اليقين:فاحدها:تبصره الفطنه و اعمالها. و الفطنه هى سرعه هجوم النفس على حقايق ما تورده الحواس عليها. الثانى:تاول الحكمه و هو تفسيرها و اكتساب الحقائق ببراهينها و استخراج وجوه الفضائل و مكارم الاخلاق من ظانها ككلام يوثر او عبره يعتبر
. الثالث:موعظه العبره و هو ان يحصل من اعتبار العبر على اتعاظ و انزجار الرابع:ان يلحظ سنه الاولين حتى يصير كانه فيهم. و هذه الاربع هى فضائل تحت الحكمه كالفروع لها، و بعضها للبعض. و اما شعب العدل:فاحدها:غوص الفهم:اى الفهم الغائص فاضاف الصفه الى الموصوف و قدمها للاهتمام بها. و رسم هذه الفضيله انا قوه ادراك المعنى المشار اليه بلفظ او كتابه او اشاره و نحوها. الثانى:غور العلم و اقصاه و هو العلم بالشى ء كما هو بحقيقته و كنهه. الثالث:نور الحكلم:اى يكون الاحكام الصادره عنه نيره واضحه لا لبس و لا شبهه. الرابع:ملكه الحلم. و عبر عنها بالرسوخ لان شان الملكه ذلك. و الحلم هو الامساك عن المبادره الى قضاء و طر الغضب فيمن يجنى عليه جنايه يصل مكروهها اليه. و اعلم ان فضيلتى جوده الفهم و غور العلم و ان كانتا داخلتين تحت الحكمه و كذلك فضيله الحلم داخله تحت ملكه الشجاعه الا ان العدل لما كان فضيله موجوده فى الاصول الثلاثه كانت فى الحقيقه هى و فروعها شعبا للعدل. بيانه:ان الفضائل كلها ملكات متوسطه بين طرفى افراط و تفريط و توسطها ذلك هو معنى كونها عدلا. فهى باسرها شعب له و جزئيات تحته. و اما شعب الشجاعه المعبر عنها بالجهاد:ف
حدها:الامر بالمعروف. و الثانى:النهى عن المنكر. و الثالث:الصدق فى المواطن المكروهه. و وجود الشجاعه فى هذه الشعب. الثلاث ظاهر. و الرابع:شنئان الفاسقين، و ظاهر ان بعضهم مستلزم لعداوتهم فى الله و ثوران القوه الغضبيه فى سبيله لجهادهم و هو مستلزم للشجاعه. و اما ثمرات هذه الفضائل فاشار اليها للترغيب فى مثمراتها:فثمرات شعب العفه اربع:احدها:ثمره الشوق الى الجنه و هو السلو عن الشهوات و ظاهر كونه ثمره له. اذا لسالك الى الله ما لم يشتق الى ما وعد المتقون لم يكن له صارف عن الشهوات الحاضره مع توفر الدواعى اليها فلم يسل عنها. الثانيه:ثمره الخوف من النار و هو اجتناب المحرمات. الثالثه:ثمره الزهد و هى الاستهانه بالمصيبات لان غالبها و عامها انما يلحق بسبب فقد محبوب من الامور الدنيوه فمن اعرض عنها بقلبه كانت المصيبه بها هينه عنده. الرابعه:ثمره ترقب الموت و هى المسارعه فى الخيرات و العمل له و لما بعده. و اما ثرمات اليقين فان بعض شعبه ثمره لبض فان تبين الحكمه و تعلمها ثمرات الاعمال الفطنه و الكفره و معرفه العبر و مواقع الاعتبار بالماضيين، و الاستدلال بذلك على صانع حكيم ثمره لتبين وجوه الحكمه و كيفيه الاعتبار. و اما ثمرا
ت العدل فبعضها كذلك ايضا. و ذلك ان جوده الفهم و غوصه مستلزم للوقف على غور العلم و غامضه، و الوقوف على غامض العلم مستلزم للوقوف على شرائع الحكم العادل و الصدور عنها بين الخلق من القضاء الحق. و اما ثمره الحلم فعدم وقوع الحليم فى طرف التفريط و التقصير عن هذه الفضيله و هو رذيله الجبن، و ان يعيش فى الناس محمودا بفضيلته. و اما ثمرات الجهاد:فاحدها:ثمره الامر بالمعروف و هو شد ظهور المومنين و معاونتهم على اقامه الفضيله. الثانيه:ثمره النهى عن المنكر. و هى ارغام انوف المنافقين و اذ لا لهم بالقهر عن ارتكاب المنكرات و اظهار الرذيله. الثالثه:ثمره الصدق فى المواطن المكورهه و هى قضاء الواجب من امر الله تعالى فى دفع اعدائه و الذب عن الحريم. و الرابعه:ثمره بغض الفاسقين و الغضب لله و هى غضب الله لمن ابغضهم و ارضاه يوم القيامه فى دار كرامته.و التعمق:التعسف فى معنى الكلام. و اعضل:اشتد. و التمارى:المماراه. و الهول:الفزع. و الديدن:العاده. و السنابك:جمع سنبك و هو طرف حافر الفرس. و اما الكفر فرسمه انه جحد الصانع او انكار احد رسله عليهم، او ما علم مجيئهم به بالضروره. و له اصل هو ما ذكرناه، و كمالات و متممات هى الرذائل الاربع التى جعلها دعائم له و هى الرذائل من الاصول الاربعه للفضائل الخلقيه:فاحدها:التعمق و هو الغلو فى طلب الحق و التعسف فيه بالجهل و الخروج الى حد الافراط و هو رذيله الجور من فضيله العدل و يعتمد الجهل بمظان طلب الحق. و نفر عن هذه الرذيله بذكر ثمرتها و هى عدم الابابه الى الحق و الرجوع اليه لكون تلك الرذيله صارت ملكه. و الثانيه:التنازع و هو رذيله الافراط من فضيله العلم و يسمى جربزه و يعتمد الجهل المركب و لذلك نفر عنه بما يلزمه عند كثرته و صيرورته ملكه من دوام العمى عن الحق. و الثالثه:الزيغ و يشبه ان يكون رذيله الافراط من فضيله العفه و هو الميل عن حاق الوسط منها الى رذيله الفحور و يعتمد الجهل، و لذلك يلزمه قبح الحسنه و حسن السيئه و سكر الضلاله، و استعار لفظ السكر لغفله الجهل باعتبار ما يلزمهما من سوء التصرف و عدم و
ضع الاشياء مواضعها، و يحتمل ان يكون اشاره الى رذيله التفريط من فضيله الحكمه المسماه غباوه. و الرابعه:الشقاق و هو رذيله الافراط من فضيله الشجاعه المسماه تهورا او مستلزما له. و يلزمها توعر المسالك على صاحبها و ضيق مخرجه من الامور لان مبدء سهوله المسالك واتساع المداخل و الخارج فى الامور هو مسالمه الناس و التجاوز عما يقع منهم و الحلم عنهم و احتمال مكروههم. و اما الشك فعباره عن التردد فى اعتقاد احد طرفى النقيض، و يقابل اليقين كما سبق. و ذكر له اربع شعب:احدها:التمارى و ظاهر ان مبدء المراء الشك و نفر من اتخذه ملكه و عاده بكونه لا يصبح ليله، و ذلك كنايه عن عدم وضوح الحق له من ظلمه ليل الشك و الجهل. الثانى:الهول لان الشك فى الامور يستلزم عدم العلم بما فيها من صلاح او فساد، و ذلك يستلزم الفزع و الخوف من الاقدام عليها. و ثمرتها النكوص و الرجوع على الاعقاب. الثالث:التردد فى الشك:اى الانتقال من حاله الى حاله و من شك فى امر الى شك فى آخر من غير ثقه بشى ء. و ذلك داب من تعود التشكك فى الامور. و نفر عن ذلك بما يلزمه مما كنى عنه بوطى ء سنابك الشياطين و هو ملك الوهم و الخيال الارض قبله حتى يكون سلطان العقل بمعزل عن الجزم
بما من شانه الجزم به. الرابعه:الاستسلام لهلكه الدنيا و الاخره. و لزومه عن الشك لان الشاك فى الامور الدنيويه و الاخرويه المتعود لذلك غير عامل لشى ء منها و لا مهتم باسبابها و بحسب ذلك يكون استسلامه لما يرد منها عليه. و لزوم هلاكه فيهما لاستسلامه ظاهر. و بالله التوفيق.