حکمت 034
لما كان من شان الطبع النفره عن الاذى و بغض الموذى و عداوته كان من شانه فى غالب الخلق تقبيح ذكره بما يمكن من قول صادق او كاذب او محتمل لغرض ان يوافقهم السامعون على دفعه و اذاه.حکمت 035
لما كان طول الامل فى الدنيا مستلزما للاقبال عليها و الانهماك فى العمل لها و الغفله عن الاخره كان ذلك عملا سيئا بالنسبه الى الاخره.حکمت 036
اشتدوا:عدوا بين يديده و الشقاء فى الاخره بذلك لانه تعظيم لغير الله. و حاصله تنفيرهم عما اعتمدوه معه بضمير صغراه قوله:و الله. الى قوله:آخرتكم. و نبه على الكبرى بقوله:و ما اخسر المشقه و رائها العقاب و تقديرها:و كلما كان مشقه على النفس و يتبعها العقاب فى الاخره فهو اشد الخساره. و جذبهم الى ترك ذلك بما يلزمه من الدعه و الراحه فى الدنيا مع الامان من النار. فكانه قال:فينبغى ان يتركوا ذلك التكلف فانه دعه و راحه مع الامان من النار و كلما كان كذلك فهو اعظم الارباح. و انما يلزمهم الشقاء بذلك فى الاخره لكونه تعظميا لغير الله بما لا ينبغى الا لله.حکمت 037
انما قال:اربعا و اربعا لان الاربع الاول من باب واحد و هو اكتساب الفضائل الخلقيه النفسانيه، و الاربع الثانيه من باب المعامله مع الخلق. و قيل:لان الاولى من باب الاثبات و الثانيه من باب النفى. اما الاربع الاولى:فالاولى:العقل، و اراد المرتبه الثانيه من مراتب العقل النظرى المسمى عقلا بالملكه و هو ان يحصل لنفسه من العلوم البديهيه و الحسيه و التجربيه قوه ان يتوصل بها الى المعلوم النظريه، و غايه ذلك ان يحصل على ما بعد هذه المرتبه من مراتب العقل. و رغب فيه بكونه اغنى الغنى و ذلك ان به يحصل الدنيا و الاخره فهو اعظم اسباب الغنى و فيه الغنى. الثانيه:الحمق و هو رذيله الغباوه و طرف التفريط من العقل المذكور و نفر عنه بكونه اكبر الفقر لانه سبب للفقر من الكمالات خصوصا النفسانيه التى بها الغنى التام فكان اكبر فقر. الثالث:العجب و هو رذيله الكبر، و تضاد التواضع. و نفر عنها بكونها اوحش الوحشه. و ظاهر كونها اقوى اسباب الوحشه و نفره الانيس لان تواضع المتواضع لما استلزم انس الخلق به و شده ميلهم اليه كان ضده مستلزما لنفرتهم و توحشهم التام منه. الرابعه:حسن الخلق و رغب فيه بكونه اكرم الحسب لكونه اشرف الكمالات الباقيه. هذه المنفرات و المرغبات صغريات ضماير. و اما الاربع الثانيه:الاولى:الحذر من مصادقه الاحمق. و نفر عنه بما يلزم حمقه من وضع المضره موضع المنفعه عند ارادتها لعدم الفرق بيهنما. الثانيه:الحذر من مصادقه البخيل. و نفر عنه بما يستلزم يخله من قعوده عن صاحبه عند الحاجه. و- احوج- حال من الضمير فى عنك. الثالثه:الحذر من مصادقه الفاجر. و الفجور رذيله الافراط من فضيله العفه و نفر عنه بما يلزم فجوره من قله وفائه و بيعه بالتافه و هو القليل من المال. الرابعه:الحذر من مصادقه الكذاب. و نفر عنه بتشبيه بالسراب، و اشار الى وجه الشبه بقوله:يقرب. الى آخره. و بيانه ان الكذاب يوهم حقيقه ما يقول فيسهل الامور العسره البعيده و يجعلها قريبه المتناول و يبعد الامور السهله القريبه و يجعلها بعيده المتناول بحسب اغراضه و كذبه مع انه ليس كذلك فى نفس الامر كالسراب الذى يظن ماء و ليس به. التنفيرات الاربع المقرونه بقوله:فانه. صغريات ضماير تقدير كبرياتها:و كلما كان كذلك فيجب ان يحذر صحبته و يجتنب مصادقته. و بالله التوفيق.