حکمت 075
اقول:روى ان السائل لما قال له عليه السلام:اخبرنا عن سيرنا الى الشام اكان بقضاء الله و قدره؟ قال:و الذى فلق الحبه و برى ء النسمه ما وطئنا موطئا و لا هبطنا واديا الا بقضاء و قدر. فقال السائل:عند الله احتسب:اى ما ارى لى من الاجر شيئا. فقال:مه ايها الشيخ لقد اعظم الله اجركم فى مسيركم و انتم سائرون و فى منصرفكم و انتم منصرفون و لم تكونوا فى شى ء من حالاتكم مكرهين و اليها مضطرين. فقال الشيخ:و كيف و القضاء و القدر ساقانا؟ فقال:ويحك. الفصل. الا ان بعد قوله:و الوعيد قوله:و الامر و النهى و لم تات لائمه من الله لمذنب و لا محمده لمحسن تلك مقاله عبده الاوثان و جنود الشياطين و شهود الزور و اهل العمى عن الصواب و هم قدريه هذه الامه و مجوسها لان الله تعالى امر عباده تخييرا الى آخره. فقال الشيخ:فما القضاء و القدراللذين ما سرنا الا بهما؟ فقال:هو الامر من الله تعالى و الحكم. ثم قرء (و قضى ربك الا تعبدوا الا اياه) فنهض الشيخ مسرورا و هو يقول:انت الامام الذى نرجو بطاعته يوم النشور من الرحمن رضوانا اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربك عنا فيه احسانا و الويح:كلمه ترحم. و الحاتم:الواجب و تقرير سوال السائل:ان كان مسيرنا بقضاء من الله و بقدر لم يكن لنا فى تعبنا ثواب و ذلك ان القضاء قد يراد به فى اللغه الخلق و ما خلقه الله تعالى فى العبد فلا اختيار له فيه و ما اختيار له فلا ثواب له فيما فعله. و قوله:ويحك. الى قوله:الوعيد. بيان لمنشاء و همه و هو ما لعله يظنه من تفسير القضاء و القدر بمعنى العلم الملزم و الايجاد الواجب على وفقه. و قوله:ان الله سبحانه امر عباده تخييرا. اشاره الى تفسير القضاء بالامر كما صرح به فى جواب السائل عن معناه مستشهدا فى تفسيره بالامر و الحكم بقوله تعالى (و قضى ربك) الايه و معلوم ان امر الله و نهيه لا ينافى اختيار العبد فى فعله. و هذا الجواب اقناعى بحسب فهم السائل. و ربما فسر القضاء بانه عباره عن ابداع الاول تعالى لجميع صور الموجودات الكليه و الجزئيه التى لا نهايه لها من حيث هى معقوله فى العالم العقلى ثم لما كان ايجاد ما يتعلق منها بالماده فى مادته و اخراج ما فيها من قبول تلك الصور من القوه الى الفعل واحدا بعد واحد كان القدر عباره عن الايجاد لتلك الامور و تفصيلها واحدا بعد واحد كما قال تعالى (و ان من شى ء الا عندنا خزائته و ما ننزله الا بقدر معلوم). و اعلم انه على هذا التفسير يمك
ن تقرير الجواب عن السوال المذكور ايضا و ذلك ان القضاء بالمعنى المذكور لا ينافى اختيار العبد و حسن تكليفه و ثوابه و عقابه لان معنى الاختيار هو علم العبد بان له قوه صالحه للفعل و الترك الممكنين مهيئه لهما اذا انضم اليها الميل الى الفعل المسمى اراده فعل او النفره المسمى كراهه ترك و ذلك امر لا ينا فى علم الله تعالى بما يقع اولا يقع من الطرفين و ان حصل عنه وجوب فهو خارج عرضى. ثم ان التكليف لم يرد على حسب ما فى علم الله تعالى بل له مبدعان:احدهما:فاعلى و هو حكمته تعالى اعنى ايجاده الموجودات على احكم وجه و اتقنه، و سوق ما هو ناقص منها من مبدءها الى كمالها سوقا ملايما لها. و الثانى:قابلى و هو كون العبد بالصفه المذكوره من الاختيار، و لذلك ذكر من لوازم الاختيار و التكليف المقصود من الحكمه لغايته امورا عشره:احدها:امره لعباده تخييرا. و تخييرا مصدر سد مسد الحال. الثانى:نهيهم تحذيرا. و تحذيرا مفعول له. الثالث:تكليفهم اليسير ليسهل عليهم العمل فيرغبوا فيه. الرابع:عدم تكليفهم العسير لغرض ان يكونوا بحال الاختيار فلا يخرجون بالعسير الى التكليف بما لا يطاق كما اشار اليه تعالى (يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر). ا
لخامس:من اعطاءه على القليل كثيرا فى العمل. و ذلك من لوازم اختيارهم ايضا. السادس:انه تعالى لم يعص حال كونه مغلوبا عنهم. اذ هو القاهر فوق عباده بل لانه خلى بينهم و بين افعالهم و هياهم لها و ذلك من لوازم اختيارهم. السابع:انه لم يطع مكرها اى لم يكن طاعه مطيعهم له عن اكراه منه تعالى له عليها و ذلك من لوازم اختيارهم. الثامن:و لم يرسل الانبياء لعبا بل ليكونوا مبشرين و منذرين لمن اطاع بالجنه و لمن عصى بالنار و ذلك من لوازم الاختيار. التاسع:و لم ينزل الكتب للعباد عبثا بل ليعرفوا منه وجوه تكليفهم و احكام افعالهم التى امروا ان يكونوا عليها و بيان حدود الله التى امرهم بالوقوف عندها و كل ذلك من لوازم اختيارهم. العاشر:و لا خلق السماوات و الارض و ما بينهما باطلا بل على وجوه من الحكمه. منها:ان يحصل لعباده بما وهب لهم من الكفر فى آياتها اعتبار فيتنبهوا من ذلك للطيف حكمته و يستدلوا على كمال عظمته كما قال تعالى (ان فى خلق السماوات و الارض و اختلاف الليل و النهار لايات لاولى الالباب) الايات، و نفر عن اعتقاد غير ذلك (بانه ظن الذين كفروا) و الايه اقتباس.