حکمت 085
قال الرضى:و هذا من محاسن الاستخراج و لطائف الاستنباط كون وجود الرسول صلى الله و عليه و آله بين الامه و رجوعه الى الله فى رحمه امته و كون الاستفعار باخلاص معدين لنزول رحمه الله و رفع غدابه مما يشهد به البحث العقلى. و قد اكد ذلك بصادق الشاهد السمعى كما استخرجه عليه السلام.حکمت 086
فاصلاح ما بينه و بين الله بتقواه المستلزم لرضاه، و لما كان من تقواه اصلاح قوتى الشهوه و الغضب اللذين هما مبدءا الفساد بين الناس، و لزوم العدل فيهما كان من لوازم ذلك الا صلاح اصلاح ما بينه و بين الناس. و كذلك من لوازم اصلاح امر الاخره عدم مجاذبه الناس دنياهم و الكف عن الشره فيما بايديهم منها و ذلك مع مسالمتهم و معاملتهم بمكارم الاخلاق التى هى من اصلاح امر الاخره مستلزم انفعالهم و ميلهم الى من كان كذلك و اقبالهم عليه بالنفع و المعونه و كف الاذى و بحسب ذلك يكون صلاح ديناه، و لان الدنيا المطلوبه لمن اصلح امر آخرته سهله و هى مقدار حاجته على الاقتصاد و ذلك امر قد تكفلت العنايه الا لهيه بتهيئه و اصلاحه مده الحياه الدنيا. و اما الثالثه فلان واعظ النفس باعث على تقوى الله و لزوم العدل فى قوتى الشهوه و الغضب اللذين هما مبدءا الشر المستلزم للهلاك فى الدارين و ذلك متسلزم لحفظ الله فيهما.حکمت 087
كنى بقوله:كل الفقيه عن تمامه:اى الفقيه الكامل فى فقهه. و ذلك ان من فقه وضع الكتاب العزيز علم ان غرضه الاول جذب الناس الى الله فى سبل مخصوصه بوجوه من الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد و البشاره و النذاره و غيرها فمن ضرورته اذن ان لا يقنط الناس من رحمه الله بايات و عيده و نذارته و لا يويسهم بذلك من روحه لما يلزم الياس من اغراء العصاه بالمعصيه و اتباع الهوى الحاضر الذى لا يرجى من نهى النفس عنه ثمره فى الاخره و لذلك قال تعالى يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمه الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم و قال (انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون)، و ان لا يومنهم من مكر الله بالجزم بايات وعده و بشارته لما يستلزم السكون الى ذلك و الاعتماد عليه من الانهماك فى المعاصى و ابتاع الهوى و لذلك قال تعالى (افامنوا مكر الله فلا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون) بل يكون تابعا فى وعظه و جذبه الى الله مقاصد سنته و وضع شريعته.حکمت 088
كنى بالاول عن العلم الذى لا عمل معه و ظهوره و وقوفه على اللسان فقط و هو انقص درجات العلم و اراد بالثانى العلم المقرون بالعمل فان الاعمال الصالحه لما كانت من ثمرات العلم بالله و ما هو اهله كان العلم فيها ظاهرا على جوارح العبد و اركانه ظهور العله فى معلولها و ذلك هو العلم المنتفع به فى الاخره.حکمت 089
النفوس قد يقع لها انصراف عن العلم الواحد و ملال للنظر فيه بسبب مشابهه بعض اجزائه لبعض فاذا اطلعت النفس على بعضه قاست ما لم تعلم منه على ما علمت و لم يكن الباقى عندها من الغريب لتلتذ به و تدوم على النظر فيه، و لما كان ذلك الملال و الانصراف غير محمود لها امر بطلب طرائف الحكمه لها. و اراد لطايفها و غرايبها المعجبه للنفس اللذيذه لها لتكون ابدا فى اكتساب الحكمه و التذاذ فى انتقالها من بعض غرائبها الى بعض و اراد بالحكمه الحكمه العمليه و اقسامها او اعم منها.حکمت 090
حاصل الكلام ان الفتنه المستعاذ منها لصدقها على المال و البنين باعتبار ابتلاء الله تعالى عباده و اختباره لهم بهما و هما غير مستعاذ منها اذا راعى العبد فيهما امر الله و لزم طاعته و اما الفتنه المستعاذ منها فهى التى يستلزم الوقوع فيها الضلال عن سبيل الله كالخروج فى المال عن واجب العدل و صرفه فى امداد الشهوات و اتباع الهوى.حکمت 091
اقول:الخير فى العرف العامى هو كثره المال و القينات الدنيويه، و فى عرف السالكين الى الله هو السعاده الاخرويه و ما يكون وسيله اليها من الكمالات النفسانيه. و ربما فسره قوم بما هو اعم من ذلك. و قد نفى عليه السلام ان يكون الاول خيرا و ذلك لفناءه و مفارقته و لما عساه ان يلحق بسببه من الشر فى الاخره و فسره بالثانى وعد فيه كمال القوى الانسانيه فكثره العلم كمال القوى النظريه للنفس العاقله، و عظم الحلم من كمال القوه العمليه و هو فضيله القوه الغضبيه، و مباهاه الناس بعباده ربه:اى المفاخره بها بالكثره و الاخلاص و حمد الله على توفيقه للحسنه و استغفاره للسيئه و ذلك من فضائل القوه الشهويه و كمال القوه العمليه. ثم حصر خير الدنيا فى امرين، و ذلك ان الانسان اما ان يشتغل بمحو السيئات و اعدامها و يتدارك فارط ذنوبه فيعد نفسه بذلك لاكتساب الحسنات او يشتغل بايجاد الحسنات فيها. و لا وساطه من الخير المكتسب بين هذين الامرين. ثم حكم بعدم قله العمل المقرون بتقوى الله منبها بذلك على ان تدارك الذنوب بمحوها و المسارعه فى الخيرات مستلزم للتقوى، و انما كان غير قليل لانه مقبول عند الله و المقبول عنده مستلزم لثوابه العظيم. و ذلكترغيب فى الامرين المذكورين.