حکمت 109
احدها:لا مال اهود من العقل. اى اعود بالنفع على صاحبه و استعار لفظ المال للعقل باعتبار ان به غنى النفس و هو راس مالها الذى به يكتسب الارباح الباقيه و الكمالات المستعده كالمال الذى به الكمال الظاهر، و لما كان بين المالين من التفاوت فى الشرف ما علمت لا جرم لم يكن مال اعود منه بالنفع. الثانيه:و لا وحده اوحش من العجب و جعل الوحده من جنس العجب باعتبار ما يستلزمانه من الوحشه الموحشه و قد سبق بيان استلزام العجب لها. الثالثه:و لا عقل كالتدبير اراد بالعقل تصرف العقل العملى فاطلق عليه اسمه مجازا اطلاقا لاسم السبب على المسبب. و ظاهر ان جمله تصرفاته التدبير و استخراج الاراء المصلحيه فى الامور، و لما كان المقصود منه التدبير لا جرم لم يكن له تصرف يشبهه فلا عقل مثله. الرابعه:و لا كرم كالتقوى. و المفهوم من الكرم بذل ما ينبغى بذله، و لما كان تقوى الله عباره عن خشيته و كان من لوازمها الزهد فى الدنيا و الاعراض عن متاعها كان ذلك فى الحقيقه بذلا لجميعها، و اذا كان بذل بعض قيناتها يسمى كرما فبذلها باسرها ممن ينبغى له ذلك اولى ان يكون كرما لا يشبهه كرم كما قال عليه السلام فيما سبق فى وصفها:و رايتها محتاجه فوهبت جملتها لها. الخامسه:و لا قرين كحسن الخلق. قد عرفت الاخلاق الحسنه، و ظاهر انه ليس فيما يعد قرينا اشرف منها لان غايه ساير القرناء ان يستفاد من صحبتهم و محبتهم حسن الخلق، و كون حسن الخلق بنفسه الذى هو الغايه قرينا اشرف من ذى الغايه الذى عساه لا يحصل منه. فلا قرين اذن يشبهه. السادسه:و لا ميراث كالادب. و قد مر بيانه عن قرب. السابعه:و لا قائد كالتوفيق:اى الى المطالب. و لما كان التوفيق عباره عن توافق الاسباب للشى ء و شرايط حتى يكون بمجموعها مستلزمه لحصوله لا جرم لم يكن للمرء قائد الى مطالبه كالتوفيق فى سرعه وصوله اليه. الثامنه:و لا تجاره كالعمل الصالح. استعار لفظ التجاره له باعتبار كونه مستلزما للخير كالتجاره المستلزمه للربح. و لما كان شرف التجاره بشرف ثمرتها و ربحها فكلما كان الربح اشرف كانت التجاره اشرف. و لما كان ربح هذه التجاره الثواب الدايم الاخروى الذى لا ربح اعظم منه لم يكن لتجاره العمل الصالح ما يشبهها من التجارات. التاسعه:و لا ربح كالثواب. و هو ظاهر. العاشره:و لا ورع كالوقوف عند الشبهه. قد يفسر الورع بانه الوقوف عن المناهى و المحرمات. و لما كان الوقوف عما اشتبه من الامور فى حله و حرمته ابلغ اصناف ال
ورع و اكثرها تحرزا به لم يكن فيها ما يشبهه. الحادى عشر:و لا زهد كالزهد فى الحرام. و لما كان الزهد فى الحرام هو المامور به و الواجب دون غيره من اصناف الزهد كان افضل افضليه الواجب على المندوب. الثانيه عشر:و لا علم كالتفكر:اى كالعلم الحاصل عن التفكر و ذلك بالقياس الى ما يدعى علما من حفظ المنقولات كالاحاديث و السير و نحوها و الى العلوم الحاصله عن الحواس لان العلم الفكرى كلى و هو اشرف و حكم الشارع و الخطيب اكثرى. و اراد التفكر فيما ينبغى من خلق السماوات و الارض و ما خلق الله من شى ء، و تحصيل العبره منه. و اطلق اسم التفكر على العلم الحاصل عنه اطلاقا لاسم السبب على المسبب. و يحتمل ان يريد العلم بكيفيه التفكر و القوانين التى تعصم مراعاتها الفكر من الضلال. الثالثه عشر:و لا عباده كاداء الفرائض. لكونها واجبه و الواجب اشرف من غيره. الرابعه عشر:و لا ايمان كالحياء و الصبر. اى لا ايمان كايمان كمل بالحياء و الصبر، و ذلك اشرف هاتين الفضيلتين كما سبق و اطلقهما على الايمان مجازا اطلاقا الاسم اللازم على ملزومه. الخاسمه عشر:و لا حسب كالتواضع. لما كان الحسب ما يعد من الماثر و الفضائل كان التواضع اشرف ما يعد بالقياس الى كثير
منها لما يستلزم من الخيرات كما سبق بيانه. السادس عشر:و لا شرف كالعلم:اى كشرف العلم فاطلق اسم الملزوم على لازمه مجازا، و ظاهر ان العلم اشرف الكمالات و لا شرف كشرفه. السابعه عشر:و لا مظاهره اوثق من مشاوره. اى اقوى. و قد مر بيانه فى قوله:و لا ظهير كالمشوره. و اعلم ان الحكم فى كثير من هذه الكمالات اكثرى و غرضه الترغيب فى العقل و التدبير و التقوى و حسن الخلق و الادب و التوفيق بالرغبه الى الله فيه و العمل الصالح و الثواب و الوقوف عند الشبهه و الزهد فى الحرام و الفكر و المحافظه على الفرائض و اقتناء الحياء و الصبر و التواضع و العلم و المشوره فى الامور.