خطبه 011-خطاب به محمد حنفيه
اللغه:(عض) امر من عضضت اللقمه و بها و عليها من باب تعب لكن بسكون المصدر و من باب منع امسكتها (الناجذ) السن بين الضرس و الناب و ضحك حتى بدت نواجذه، قال تغلب:المراد الانياب، و قيل الناجذ آخر الاضراس و هو ضراس الحلم لانه ينبت بعد البلوغ و كمال العقل و قيل:الاضراس كلها نواجذ (و الجمجمه) عظم الراس المشتمل على الدماغ و ربما يعبر بها عن الانسان كما يعبر عنه بالراس و (تد) امر من و تد قدمه فى الارض اى اثبتها فيها كالوتد. الاعراب:متعلق تزول و تزل مخذوف اى تزل الجبال عن مكانها و لا تزل عن مقامك و موضعك، و الباء فى قوله:ارم ببصرك زايده، يقال:رميته و رميت به القيته، و سبحانه، و نقل عن سيبويه ان سبحان ليس بمصدر بل هو واقع موقع المصدر الذى هو التسبيح، و الاضافه الى المفعول لانه هو المسبح بالفتح، و نقل عن ابى البقاء انه جوز ان يكون الاضافه الى الفاعل و قال:المعروف هو الاول و المعنى على ذلك اسبح مثل ما سبح الله به نفسه المعنى:اعلم انه عليه السلام اشار فى كلامه هذا الى انواع آداب الحرب و كيفيه القتال و علم محمدا سته امور منها. الاول ما عليه مدار الظفر و الغلبه و هو الثبات و الملازمات و اليه اشار بقوله:(تزول الجبال و لا تزل) و هو خبر فى معنى الشرط اريد به المبالغه اى لو زالت الجبال عن مواضعها لا تزل و هو نهى عن الزوال مطلقا لان النهى عنه على تقدير زوال الجبال الذى هو محال عاده مستلزم للنهى عنه على تقدير العدم بالطريق الاولى. الثانى ما اشار اليه بقوله:(عض على ناجذك) فان عض النواجذ ينبو السيف عن الدماغ من حيث ان عظام الراس تشتد و تصلب عند ذلك كما قال عليه السلام فى موضع آخر:و عضوا على النواجذ، فانه انبا للصوارم عن الهام مضافا الى ما فى عضها من ربط الجاش )1( عن الفشل و الخوف كما يشاهد فى حال البرد و الخوف الموجب للرعده فانه اذا عض على اضراسه تسكن رعدته و يتماسك الانسان بدنه. الثالث ما اشار اليه بقوله:(اعرالله جمجمتك) و المراد به بذلها فى طاعه الله لينتفع بها فى دين الله كما ينتفع المستعير بالعاريه، قال الشارح المعتزلى:و يمكن ان يقال ان ذلك اشعار بانه لا يقتل فى تلك الحرب لان العاريه مردوده و لو قال له:بع الله جمجمتك لكان ذلك اشعارا له بالشهاده فيها. اقول:و ذلك لقوله سبحانه:(ان الله اشترى من المومنين اموالهم و انفسهم بان لهم الجنه فيقتلون و يقتلون) الايه. الرابع ما اشار اليه بقوله:(تد فى الارض قدمك) و هو
امر بالزام قدمه فى الارض كالوتد لا ستلزامه ربط الجاش و استصحاب العزم و كونه مظنه الشجاعه. الخامس ما اشار اليه بقوله:(ارم ببصرك اقصى القوم) و هو الامر بفتح عينيه و رفع طرفه و مد نظره الى اقاصى القوم ليعلم على ما ذا يقدم فعل الشجاع المقدم غير المبالى لان الجبان تضعف نفسه و يضطرب قلبه فيكون غضيض الطرف ناكس الراس لا يرتفع طرفه و لا يمتد عنقه. السادس ما اشار اليه بقوله:(و غض بصرك) و هو امر بغض بصره بعد مده عن بريق سيوفهم و لمعان دروعهم، لان مد النظر الى بريق السيوف مظنه الرهبه و الدهشه، ثم انه عليه السلام بعد تعليمه آداب المحاربه و المقاتله قال له:(و اعلم ان النصر من عند الله سبحانه) ليتاكد ثباته بوثوقه بالله سبحانه مع ملاحظه قوله تعالى:(ان ينصركم الله فلا غالب لكم) هذا و ينبغى لنا ان نذكر هنا طرفا من وقايع الجمل مما يناسب المقام بما فيه من الاشاره الى مورد ذلك الكلام منه عليه السلام. فاقول:فى البحار من كتاب المناقب من كتاب جمل انساب الاشراف انه زحف على عليه السلام بالناس غداه يوم الجعه لعشر ليال خلون من جمادى الاخره سنه ست و ثلاثين و على ميمنه الاشتر و سعيد بن قيس و على ميسرته عمار و شريح بن هانى و على القل
ب محمد بن ابى بكر وعدى بن حاتم و على الجناح زياد بن كعب و حجر ابن عدى و على الكمين عمرو بن الحمق و جندب بن زهير و على الرجاله ابوقتاده الانصارى و اعطى رايته محمد بن الحنيفه ثم اوقفهم من صلاه الغداه الى صلاه الظهر يدعوهم و يناشدهم يقول لعايشه ان الله امرك ان تقرى فى بيتك اتقى الله و ارجعى، و يقول لطلحه و الزبير، خباتما نسائكما و ابرزتما زوجه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و استفززتماها فيقولان:انما جئنا للطلب بدم عثمان و ان يرد الامر شورى و البست عايشه درعا و ضربت على هودجها صفايح الحديد و البس الهودج درعا و كان الهودج لواء اهل البصره و هو على جمل يدعى عسكرا. ابن مردويه فى كتاب الفضائل من ثمانيه طرق ان اميرالمومنين عليه السلام قال للزبير:اما تذكر بوما كنت مقبلا بالمدينه تحدثنى اذ خرج رسول الله صلى الله عليه و آله فرآك معى و انت تبسم الى فقال لك:يا زبير اتحب عليا؟ فقلت:و كيف لا احبه و بينى و بينه من النسب و الموده فى الله ما ليس لغيره، فقال:انك ستقاله و انت ظالم له فقلت:اعوذ بالله من ذلك، و قد تظاهرت الروايات انه عليه السلام قال:قال:ان النبى صلى الله عليه و آله و سلم قال لك:يا زبير تقاله ظلما و ضر
ب كتفك قال:اللهم نعم، قال:افجئت تقاتلنى؟ فقال:اعوذ بالله من ذلك، ثم قال اميرالمومنين عليه السلام:دع هذا بايعتنى طائعا ثم جئت محاربا فما عدا مما بدا، فقال:لا جرم و الله قاتلتك. حليه الاولياء قال عبدالرحمن بن ابى يلى فلقاه عبدالله ابنه فقال:جبنا جبنا فقال يا بنى:قد علم الناس انى لست بجبان و لكن ذكرنى على شيئا سمعته رسول الله صلى الله و عليه و آله و سلم فحلفت ان لا اقاتل، فقال:دونك غلامك فلان اعتقه كفاره يمينك نزهه الابصار عن ابن مهدى انه قال همام الثقفى:ايعتق مكحولا )1( و يعصى نبيه لقد تاه عن قصد الهدى ثم عوق لشتان ما بين الضلاليه و الهدى و شتان من يعصى الا له و يعتق و فى روايه قالت عايشه لا و الله بل خفت سيوف ابن ابيطالب اما انها طوال حداد تحملها سواعد انجاد و لئن خفتها فلقد خافها الرجال من قبلك، فرجع الى القتال فقيل:لاميرالمومنين عليه السلام انه قدر جع، فقال دعوه ان الشيخ محمول عليه، ثم قال عليه السلام:ايها الناس غضوا ابصارهم و عضوا على نواجذكم و اكثروا من ذكر ربكم و اياكم و كثره الكلام فانه فشل، و نظرت عايشه اليه و هو يجول بين الصفين فقالت:انظروا اليه كان فعله فعل رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم يوم بدر، اما و الله ما ينتظر بك الا زوال الشمس فقال على عليه السلام يا عايشه:(عما قليل لتصبحن نادمين) فجد الناس فى القتال فنهاهم اميرالمومنين، و قال اللهم انى اعذرت و انظرت فكن لى عليهم من الشاهدين، ثم اخذ المصحف و طلب من يقره عليهم:(و ان طائفتان من المومنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما) الايه فقال مسلم المجاشعى:ها اناذا فخوفه عليه السلام بقطع يمينه و شماله و قتله فقال:لا عليك يا اميرالمومنين فهذا بيده اليسرى فقطعت فاخذه باسنانه فقتل فقالت امه شعرا:يا رب ان مسلما اتاهم بمحكم التنزيل اذ دعاهم يتلو كتاب الله يخشاهم فرملوه )1( رملت لحاهم )2( فقال على عليه السلام:الان طاب الضراب، و قال لمحمد بن الحنيفه و الرايه فى يده:يا بنى تزول الجبال و لا تزل الى آخر مامر ثم صبر سويعه فصاح الناس عن كل جانب من وقع النبال، فقال عليه السلام:تقدم يا بنى فنقدم و طعن طعنا منكرا و قال عليه السلام:اطعن بها طعن ابيك تحمد لا خير فى الحرب اذا لم توقد بالمشر فى )3( و القنا المسدد و الضرب بالخطى )4( و المهند فامر الاشتران يحمل فحمل و قتل هلال بن وكيع صاحب ميمنه الجمل و كان زيد يرتجز و يقول: