فقال أصليها لإله السماء .فقلت و للسماء إله غير اللات و العزى ?فامتعط و امتقع لونه و قال : إليكعني يا أخا أياد إن للسماء إلها هو الذي خلقها و بالكواكب زينها و بالقمر المنير أشرقها أظلم ليلها و أضحى نهارها و سوف تعمهم من هذه الرحمة و أوصى بيده نحو مكة برجل أبلج من ولد لؤي بن غالب يقال له محمد يدعو إلى كلمة الإخلاص ما أظن أني أدركه و لو أدركت أيامه لصفقت بكفي على كفه و سعيت معه حيث يسعى .فقال رسول الله (ص) رحم الله أخي قسا يحشر يوم القيامة أمة وحده .
خبر آخر عن قس يذكر فيه رسول الله (ص) و الأئمة (ع) من بعده :
أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد السباط البغدادي قال حدثني أبو عبد الله أحمد بنمحمد بن أيوب البغدادي الجوهري الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن لاحق بن سابققال حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال حدثني أبي عن الشرقي بن القطامي عنتميم بن وهلة المري قال حدثني الجارود بن المنذر العبدي و كان نصرانيا فأسلم عامالحديبية و حسن إسلامه و كان قارئا للكتب عالما بتأويلها على وجه الدهر و سالفالعصر بصيرا بالفلسفة و الطب ذا رأى أصيل و وجه جميل أنشأ يحدثنا في أيام عمر بنالخطاب قال :وفدت على رسول الله (ص) في رجال من عبد القيسذوي أحلام و أسنان و فصاحة و بيان و حجة و برهان فلما بصروا به (ص) راعهم منظره ومحضره عن بيانهم و اعتراهم الرعداء في أبدانهم فقال زعيم القوم لي دونك من أممتبنا أممه فما نستطيع أن نكلمه فاستقدمت دونهم إليه فوقفت بين يديه فقلت سلام عليكيا رسول الله بأبي أنت و أمي ثم أنشأت أقول :يا نبي الهدى أتتك رجال ** قطعت قرددا و آلا فآلا جابت البيد و المهامة حتى ** غالها من طوي السرى ما غالا قطعت دونك الصحاصح تهوي ** لا تعد الكلال فيك كلالا كل دهناء يقصر الطرف عنها ** أرقلتها قلاصنا إرقالا و طوتها العتاق تجمح فيها ** بكماة مثل النجوم تلالا ثم لما رأتك أحسن مرأى ** أفحمت عنك هيبة و جلالا تتقي شر بأس يوم عصيب ** هائل أوجل القلوب و هالا و نداء لمحشر الناس طرا ** و حسابا لمن تمادى ضلالا نحو نور من الإله و برهان ** و بر و نعمة لن تنالا و أمان منه لدى الحشر و النشر** إذ الخلق لا يطيق سؤالا فلك الحوض و الشفاعة و الكوثر و الفضل إذ ينص السؤالا خصك الله يا ابن آمنة الخير** إذا ما بكت سجال سجالا أنبأ الأولون باسمك فينا ** و بأسماء بعده تتلألأ قال فأقبل علي رسول الله (ص) بصفحة وجهه المبارك شمت منه ضياء لامعاساطعا كوميض البرق فقال يا جارود لقد تأخر بك و بقومك الموعد .و قد كنت وعدته قبلعامي ذلك أن أفد إليه بقومي فلم آته و أتيته في عام الحديبية ، فقلت ما كان إبطائيعنك إلا أن جلة قومي أبطئوا عن إجابتي حتى ساقها الله إليك لما أراد لها به منالخير لديك. و أما من تأخر عنه فحظه فات منك فتلك أعظم حوبة و أكبر عقوبة و لو كانوا ممن رآك لما تخلفوا عنك و كان عنده رجل لاأعرفه قلت و من هو قالوا هو سلمان الفارسي ذو البرهان العظيم و الشأن القديم.فقالسلمان و كيف عرفته أخا عبد القيس من قبل إتيانه فأقبلت على رسول الله (ص) و هويتلألأ و يشرق وجهه نورا و سرورا .فقلت يا رسول الله إن قسا كان ينتظر زمانك و يتوكفإبانك و يهتف باسمك و أبيك و أمك و بأسماء لست أصيبها معك و لا أراها فيمن اتبعك .قال سلمان فأخبرنا فأنشأت أحدثهم و رسول الله (ص) يسمع و القوم سامعون واعون قلت :يا رسول الله ، لقد شهدت قسا و قد خرج من ناد من أندية أياد إلى صحصح ذي قتاد و سمر و عتاد و هو مشتمل بنجاد فوقف في إضحيان ليل كالشمس رافعا إلى السماء وجهه و إصبعهفدنوت منه فسمعته يقول :
اللهم رب هذه السبعة الأرقعة و الأرضين الممرعة و بمحمد والثلاثة المحامدة معه و العليين الأربعة و سبطيه التبعة الأرفعة و السري الألمعة و سمي الكليم الضرعة و الحسن ذي الرفعة أولئك النقباء الشفعة و الطريق المهيعة درسة الإنجيل و حفظة التنزيل على عدد النقباء من بني إسرائيل محاة الأضاليل نفاة الأباطيل الصادقو القيل عليهم تقوم الساعة و بهم تنال الشفاعة و لهم من الله فرضالطاعة .
ثم قال اللهم ليتني مدركهم و لو بعد لأي من عمري و محياي ثم أنشأ يقول :متى أنا قبل الموت للحق مدرك ** و إن كان لي من بعد هاتيك مهلك و إن غالني الدهر الحرون بقوله ** فقد غال من قبلي و من بعد يوشك فلا غرو أني سالك مسلك الأولى ** وشيكا و من ذا للردى ليس يسلك ثم آب يكفكف دمعه و يرن رنين البكرة قد بريت ببراة و هو يقول :أقسم قس قسما ** ليس به مكتتما لو عاش ألفي عمر** لم يلق منها سأما حتى يلاقي أحمدا** و النقباء الحكما هم أوصياء أحمد ** أكرم من تحت السما يعمى العباد عنهم ** و هم جلاء للعمى لست بناس ذكرهم ** حتى أحل الرجما ثم قلت يا رسول الله أنبئني أنبأك الله بخبر عن هذه الأسماء التي لمنشهدها و أشهدنا قس ذكرها .فقال رسول الله (ص) يا جارود ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله عز و جل إليأن سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا فقلت لهم على ما بعثتم فقالوا علىنبوتك و ولاية علي بن أبي طالب و الأئمة منكما ثم أوحى إلي أن التفت عن يمين العرشفالتفت فإذا علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد وموسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و المهديع في ضحضاح من نور يصلون فقال لي الرب تعالى هؤلاء الحجج لأوليائي و هذا المنتقممن أعدائي .قال الجارود فقال سلمان يا جارود هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل و الزبور فانصرفت بقومي و أنا أقول :أتيتك يا ابن آمنة الرسولا** لكي بك أهتدي النهج السبيلا فقلت فكان قولك قول حق ** و صدق ما بدا لك أن تقول او بصرت العمى من عبد شمس ** و كل كان من عمه ضليلا و أنبأناك عن قس الأيادي ** مقالا فيك ظلت به جديلا و أسماء عمت عنا فآلت ** إلى علم و كنت به جهولا فصل من الكلام في هذا الخبر :
اعلم أيدك الله تعالى أنك تسأل في هذا الخبر عن ثلاثة مواضع أحدها أنيقال لك كان الأنبياء المرسلون (ع) قبل رسول الله (ص) قد ماتوا فكيف يصح سؤالهم فيالسماء.و ثانيها أن يقال لك ما معنى قولهم إنهم بعثوا على نبوته و ولاية علي والأئمة من ولده ع.و ثالثها أن يقال لك كيف يصح أن يكون الأئمة الاثنا عشر (ع) فيتلك الحال في السماء و نحن نعلم ضرورة خلاف هذا لأن أمير المؤمنين (ع) كان في ذلكالوقت بمكة في الأرض و لم يدع قط و لا ادعى له أحد أنه صعد إلى السماء فأما الأئمةمن ولده فلم يكن وجد أحد منهم بعد و لا ولد فما معنى ذلك إن كان الخبر حقا فهذهمسائل صحيحة و يجب أن يكون معك لها أجوبة متعددة.أما الجواب عن السؤال الأول فهوأنا لا نشك في موت الأنبياء (ع) غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم بعدمماتهم إلى سمائه و أنهم يكونون فيها أحياء متنعمين إلى يوم القيامة. و ليس ذلكبمستحيل في قدرة الله تعالى .و قد ورد عن النبي (ص) أنه قال أنا أكرم عند الله من أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث .و هكذا عندنا حكم الأئمة (ع) :قال النبي (ص) لو مات نبي بالمشرق و مات وصيه بالمغرب لجمع الله بينهما .و ليس زيارتنا لمشاهدهم على أنهم بها و لكن لشرف المواضع فكانت غيبةالأجساد فيها و لعباده أيضا ندبنا إليها فيصح على هذا أن يكون النبي (ص) رأىالأنبياء (ع) في السماء فسألهم كما أمره الله.و بعد فقدقال الله تعالى
وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِأَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
فإذا كان المؤمنون الذين قتلوا في سبيلالله تعالى بهذا الوصف فكيف ينكر أن الأنبياء بعد موتهم أحياء منعمون في السماء. وقد اتصلت الأخبار من طريق الخاص و العام بتصحيح هذا و أجمع الرواة على أن النبي صلما خوطب بفرض الصلاة ليلة المعراج و هو في السماء قال له موسى (ع) إن أمتك لا تطيقو إنه راجع الله تعالى دفعة بعد أخرى و ما حصل عليه الاتفاق فلم يبق فيه كذب.و أما الجواب عن السؤال الثاني فهو أن يكون الأنبياء قد أعلموا بأنه سيبعث نبيا يكونخاتمهم و ناسخا بشرعه لشرائعهم و اعلموا أنه أجلهم و أفضلهم و أنه سيكون له أوصياءمن بعده حفظة لشرعه و حملة لدينه و حجج على أمته فوجب على الأنبياء (ع) التصديق بماأخبروا به و الإقرار بجميعه .أخبرني الشريف يحيى بن أحمد بن إبراهيم بن طباطبا الحسيني قال حدثني أبوالقاسم عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي عن أبي علي بن همام عن عبد الله بنجعفر الحميري عن عبد الله بن محمد عن محمد بن أحمد عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلىبن أعين قال سمعت أبا عبد الله الصادق (ع) يقول ما تنبأ نبي قط إلا بمعرفة حقنا و تفضيلنا على من سوانا .و إن الأمة مجمعة على أن الأنبياء قد بشروا بنبينا و نبهوا على أمرهو لا يصح منهم ذاك إلا و قد أعلمهم الله تعالى به فصدقواو آمنوا بالمخبر به و كذلك قد روت الشيعة بأنهم قد بشروا بالأئمة أوصياء رسول الله ص.و أما الجواب عن السؤال الثالث فهو أنه يجوز أن يكون الله تعالى أحدث لرسوله ص في الحال صورا كصور الأئمة (ع) ليراهم أجمعين على كمالهم فيكون كمن شاهد أشخاصهمبرؤيته مثالهم و يشكر الله تعالى على ما منحه من تفضيلهم و إجلالهم و هذا في العقول من الممكن المقدور. و يجوز أيضا أن يكون الله تعالى خلق على صورهم ملائكةفي سمائه يسبحونه و يقدسونه لتراهم ملائكته الذين قد أعلمهم بأنه يكون في أرضه حججا له على خلقه فتتأكد عندهم منازلهم و تكون رؤيتهم تذكارا لهم بهم و بما سيكونمن أمرهم. و قد جاء في الحديث أن رسول الله (ص) رأى في السماء لما خرج به ملكا علىصورة أمير المؤمنين (ص) و هذا خبر قد اتفق أصحاب الحديث على نقله .حدثني به من طريق العامة الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بنشاذان القمي و نقلته من كتابه المعروف بإيضاح دقائق النواصب و قرأته عليه بمكة فيالمسجد الحرام سنة اثنتي عشرة و أربعمائة قال حدثنا أبو القاسم جعفر بن مسروراللجام قال حدثنا الحسين بن محمد قال حدثنا أحمد بن علوية المعروف بابن الأسودالكاتب الأصبهاني قال حدثني إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن صالح قال حدثنيجرير بن عبد الحميد عن مجاهد عن ابن عباس قال سمعت رسول الله (ص) يقول لما أسري بيإلى السماء ما مررت بملإ من الملائكة إلا سألوني عن علي بن أبي طالب حتى ظننت أن اسم علي أشهر في السماء من اسمي فلما بلغت السماء الرابعة نظرت إلى ملك الموت فقال يا محمد ما خلق الله خلقا إلا أقبض روحه بيدي ما خلا أنتو علي فإن الله جل جلاله يقبض أرواحكما بقدرته فلما صرت تحت العرش نظرت فإذا أنا بعلي بن أبي طالب قال لي يا محمد ليس هذا عليا و لكنه ملك من ملائكة الرحمن خلقهالله تعالى على صورة علي بن أبي طالب فنحن الملائكة المقربون كلما اشتقنا إلى وجه علي بن أبي طالب زرنا هذا الملك لكرامة علي بن أبي طالب على الله سبحانه .فيصح على هذا الوجه أن يكون الذين رآهم رسول الله (ص) ملائكة على صورالأئمة (ع) و جميع ذلك داخل في باب التجويز و الإمكان و الحمد لله .
نرجع إلى ذكر المعمرين :
و قد روي أن منهم سلمان الفارسي رحمة الله عليه و أنه عاش مائتين منالسنين و روي أن منهم عمرو بن العاص و أنه عاش في الجاهلية و الإسلام مائتي سنة وأنه قال حين أحس الموت :مضت مائتا حول لعمرو و بعدها ** رمته المنايا بالسهام القواصد فمات و ما حي و إن طال عمره ** على مر أيام السنين بخالد و منهم أمد بن لبد عاش ثلاثمائة و ستين سنة و روي أن معاوية بن أبيسفيان قال أنا أحب أن ألقى رجلا قد أتت عليه سن و قد رأى الناس يخبرنا عما رأىفقيل له هذا رجل بحضرموت فأرسل إليه فأتاه فقال ما اسمك فقال أمد قال ابن من قالابن لبد قال ما أتى عليك من السنين قال ستون و ثلاثمائة سنة قال كذبت ثم تشاغل عنهمعاوية ثم قال أخبرنا عما رأيت من الأزمان الماضية إلى زماننا هذا من ذاك.قال يا أمير المؤمنين و كيف تسأل من يكذب قال ما كذبتك ولكن أحببت أعلم كيف عقلك قال يوم شبيه يوم و ليلة شبيهة بليلة يموت ميت و يولدمولود و لو لا من يموت لم تسعهم الأرض و لو لا من يولد لم يبق أحد على وجه الأرضقال فأخبرني هل رأيت هاشما قال نعم رأيت رجلا طوالا حسن الوجه يقال بين عينيه بركةأو غرة بركة قال فهل رأيت أمية قال نعم رأيت رجلا قصيرا أعمى يقال إن في وجهه أشراو شؤما. قال فهل رأيت محمدا قال من محمد قال رسول الله قال ويحك أ فلا فخمته كمافخمه الله فقلت رسول الله (ص) قال فأخبرني ما كانت صناعتك قال كنت تاجرا قال فمابلغت في تجارتك قال كنت لا أستر عيبا و لا أرد ربحا قال معاوية سلني قال أسألك أنتدخلني الجنة قال ليس ذلك بيدي و لا أقدر عليه. قال فأسألك أن ترد علي شبابي قالليس ذلك بيدي و لا أقدر عليه قال فلا أرى عندك شيئا من أمر الدنيا و لا من أمرالآخرة فردني من حيث جئت بي قال أما هذا فنعم ثم أقبل معاوية على جلسائه فقال لقدأصبح هذا زاهدا فيما أنتم فيه ترغبون . و من المعمرين عبيدبن شريد الجرهمي عاش ثلاثمائة سنة و لحق أيضا أيام معاوية بن أبي سفيان فروي أنهقدم عليه يوما إلى الشام فقال معاوية أخبرني من أعجب ما رأيت قال نعم انتهيت إلىقوم يدفنون ميتا لهم فلما فرغوا منه اغرورقت عيناي و تمثلت بهذه الأبيات :يا قلب إنك في أسماء مغرور ** فاذكر و هل ينفعنك اليوم تذكير قد بحت بالحب ما تخفيه من أحد ** حتى جرت بك إطلاقا محاضير ما بت فاصبر فما تدري أ عاجلها ** خير لنفسك أم ما فيه تأخير فاستقدر الله خيرا و ارضين به ** فبينما العسر إذ دارت مياسير و بينما المرء في الأحياء مغتبط ** إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير حتى كأن لم يكن إلا تذكره ** و الدهر أيتما حال دهارير يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ** و ذو قرابته في الحي مسرور و ذاك آخر عهد من أخيك إذا ** ما الميت ضمنه اللحد الخناسير يعني بالخناسير الحفارين . فقال لي رجل منهمهل تدري من قال هذه الأبيات قلت لا قال هو الذي دفناه .و من المعمرين العوام بنالمنذر الطائي عاش دهرا طويلا في الجاهلية و بقي إلى أن أدرك خلافة عمر بن عبدالعزيز فأدخل عليه و قد اختلفت ترقوتاه و سقط حاجباه فقيل ما أدركت فقال .و الله ما أدري أ أدركت أمة ** على عهد ذي القرنين أم كنت أقدما متى تنزعوا عني اللباس تبينوا ** أجاجي لم يكسين لحما و لا دما و من المعمرين أيضا تميم بن ثعلبة بن عطاية الربعي عاش مائتي سنة ومعديكرب الحميري من آل ذي رعين عاش مائتين و خمسين سنة و جعفر بن قرط الجهني عاشثلاثمائة سنة و أدرك الإسلام و أسلم و عوف بن كنانة الكلبي عاش ثلاثمائة سنة و هبلبن عبد الله بن كنانة الكلبي عاش ستمائة و سبعين سنة و حصين بن عتبان الزبيدي عاشمائتين و خمسين سنة و شربة بن عبد الله الجعفي من سعد العشيرة عاش ثلاثمائة سنة. وربيعة بن كعب بن زيد مناة بن تميم عاش ثلاثمائة سنة و ثلاثين سنة و أدرك الإسلامفأسلم و كان شاعرا و سيف بن وهب الطائي عاش مائتي سنة و عدوان بن عمرو بن قيس عاشمائتين و خمسين سنة و كف بصره و عاش ابن يزيد الجعفي خمس و مائة سنة و أدركالإسلام و عاش مرداس بن ضييم بن زيد العشيرة مائتين و ستا و ثلاثين سنة و عاش عمرو بن ربيعة اللخمي ثلاثمائة و أربعين سنة.فهذا طرف من ذكرالمعمرين و مختصر مما رواه أصحاب الأثر و علماء المصنفين قد أوردته لك زيادة علىما تقدم و إثباتا للحجة على من يفهم. و إذا جاز أن يعمر الله تعالى جماعة من خلقهمن أنبيائه (ع) و أوليائه و المشركين له و يمدهم بصحة الأجساد و ثبوت العقل و الرأيفما الذي ينكر من طول عمر صاحب الزمان (ع) و هو حجة الله تعالى على العباد و خاتمالأوصياء من ذرية رسوله (ص) و الموعود بالبقاء حتى يكون على يده هلاك جميع الأعداء ويصير الدين كله لله لو لا أن خصومنا معاندون للحق و مكابرون.و قد ذاع بين كثير منالخصوم ما يروى و يقال اليوم من حال المعمر أبي الدنيا المغربي المعروف بالأشبح وأنه باق من عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) إلى الآن و أنه مقيم من ديار المغربفي أرض طنجة و رؤية الناس له في هذه الديار و قد عبر متوجها إلى الحج و الزيارة وروايتهم عنه حديثه و قصته و أحاديث سمعها من أمير المؤمنين (ص) و قوله إنه كانركابيا بين يديه و رواية الشيعة أنه يبقى إلى أن يظهر صاحب الزمان ص. و كذلك حالالمعمر المشرقي و وجوده بمدينة من أرض المشرق يقال لها سهردود إلى الآن و رأيناجماعة رأوه و حدثوا حديثه و أنه أيضا كان خادما لأمير المؤمنين (ص) و الشيعة تقولإنهما يجتمعان عند ظهور الإمام المهدي عليه و على آبائه أفضل السلام .
خبر المعمر المغربي :
و هو علي بن عثمان بن الخطاب البلوي حدثني الشريف طاهر بن موسى بن جعفر الحسيني بمصر سنة سبع و أربعمائة قال أخبرنا الشريفأبو القاسم ميمون بن حمزة الحسيني قال رأيت المعمر المغربي و قد أتي به إلى الشريفأبي عبد الله محمد بن إسماعيل سنة عشر و ثلاثمائة و أدخل داره و من معه و هم خمسةرجال و أغلقت الدار و ازدحم الناس و حرصت في الوصول إلى الباب فما قدرت لكثرةالزحام فرأيت بعض غلمان الشريف أبي عبد الله محمد بن إسماعيل و هما قنبر و فرحفعرفتهما أني أشتهي أنظره فقالا لي در إلى باب الحمام بحيث لا يدري بك فصرت إليهففتحا لي سرا و دخلت و أغلق الباب . و حصلت في مسلخ الحمام و إذا قد فرش له ليدخلالحمام ، فجلست يسيرا فإذا به قد دخل رجل نحيف الجسم ربع من الرجال خفيف العارضينآدم اللون إلى القصر أقرب ما هو أسود الشعر يقدر الإنسان أنه له نحوا من أربعينسنة و في صدغه أثر كأنه ضربة . فلما تمكن من الجلوس و النفر معه ، و أراد خلع ثيابهقلت ما هذه الضربة ؟ قال أردت أناول مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) السوطيوم النهروان فنفض الفرس رأسه فضربني اللجام و كان مخا كذا فشجني .فقلت له أ دخلت هذه البلدة قديما ?قال نعم ، و كان موضع جامعكم الفلاني مقبلة و فيها قبر .فقلت هؤلاء أصحابك ؟ فقال ولدي و ولد ولدي .ثم دخل الحمام فجلست حتى خرج و لبس ثيابه فرأيت عنفقته قد ابيضت .فقلت له كان بها صباغ ?قال لا ، و لكن إذا جعت ابيضت و إذا شبعت اسودت .فقلت قم أدخل الدار حتى تأكل ، فدخل الباب.و روى الحسن بن محمد بن يحيى بنالحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) أنه حجفي تلك السنة و فيها حج نصر القشوري صاحب المقتدر قالفدخلت مدينة الرسول (ص) فأصبت بها قافلة البصريين و فيها أبو بكر محمد بن عليالمادراني و معه رجل من أهل المغرب يذكر أنه رأى أصحاب رسول الله (ص) فازدحم عليهالناس و جعلوا يتمسحون به فكادوا يقتلونه قال فأمر عمي أبو القاسم طاهر بن يحيىفتيانه و غلمانه أن يفرجوا عنه ففعلوا و دخلوا به إلى دار ابن أبي سهل اللطفي وكان طاهر يسكنها و أذن للناس فدخلوا و كان معه خمسة رجال ذكر أنهم أولاده و أولادأولاده فيهم شيخ له نيف و ثمانون سنة فسألناه عنه فقال هذا ابني و اثنان لكل واحدمنهما ستون أو خمسون سنة و آخر ست عشرة سنة فقال هذا ابني و لم يكن معه أصغر منه وكان إذا رأيته قلت ابن ثلاثين أو أربعين سنة أسود الرأس و اللحية شاب نحيف الجسمآدم ربع القامة خفيف العارضين هو إلى القصر أقرب و اسمه علي بن عثمان بن الخطاب بنمزيد فمما سمعت من حديثه الذي حدث الناس به أنه قال :خرجت من بلدي أنا و أبي و عمينريد الوفود على رسول الله (ص) و كنا مشاة في قافلة فانقطعنا عن الناس و اشتد بناالعطش و عدمنا الماء و زاد بأبي و عمي الضعف فأقعدتهما إلى جانب شجرة و مضيت ألتمسلهما ماء فوجدت عينا حسنة و فيها ماء صاف في غاية البرد و الطيبة فشربت حتى ارتويتثم نهضت لآتي بأبي و عمي إلى العين فوجدت أحدهما قد مات و تركته بحاله و أخذتالآخر و مضيت به في طلب العين فاجتهدت أن أراها فلم أرها و لا عرفت موضعها و زادالعطش به فمات فحرصت في أمره حتى واريته و عدت إلى الآخر فواريته أيضا و سرت وحديإلى أن انتهيت إلى الطريق و لحقت بالناس و دخلنا المدينة و كان دخولي إليها في اليوم الذي قبض فيه رسول الله (ص) فرأيت الناس منصرفين من دفنهفكانت أعظم الحسرات دخلت قلبي و رآني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فحدثتهحديثي فأخذني فكنت يتيمة فأقمت معه مدة خلافة أبي بكر و عمر و عثمان و أيام خلافتهحتى قتله عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة .قال و لما حوصر عثمان بن عفان في داره دعاني و دفع إلي كتاباو نجيبا و أمرني بالخروج إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) و كان علي غائبا بينبع في ضياعه و أمواله فأخذت الكتاب و ركبت النجيب و سرت حتى إذا كنت بموضع يقال له جنان بن أبي عيابة سمعت قرآنا فإذا هو أمير المؤمنين (ع) يقرأ أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ قال فلما نظر إلي قال يا أبا الدنيا ما وراءك قلت هذا كتاب عثمان فقرأه فإذا فيه :فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي ** و إلا فأدركني و لما أمزق فلما قرأه قال سر سر فدخلنا المدينة ساعة قتل عثمان فمال أميرالمؤمنين إلى حديقة بني النجار و علم الناسمكانه فجاءوا إليه ركضا و قد كانوا عازمين على أن يبايعوا طلحة فلما نظروا إليهارفضوا عن طلحة ارفضاض الغنم يشد عليها السبع فبايعه طلحة و الزبير ثم تتابع المهاجرون و الأنصار يبايعونه فأقمت معه أخدمه و حضرت معه صفين أو قال النهروانفكنت عن يمينه إذ سقط السوط من يده فانكببت لآخذه و أرفعه إليه و كان لجام دابتهلمخا فشجني هذه الشجة فدعاني أمير المؤمنين (ع) فتفل فيها و أخذ حفنة من تراب فتركهاعليها فو الله ما وجدت ألما و لا وجعا ثم أقمت معه (ص) و صحبت الحسن (ع) حتى بالساباط و حمل إلى المدائن و لم أزل معه بالمدينة حتى مات (ع) مسموما سمته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ثم خرجت مع الحسين (ع) بكربلاء و قتل (ع) فهربت بدينيو أنا مقيم بالمغرب أنتظر خروج المهدي و عيسى ابن مريم (ص) .قال الشريف أبو محمدالحسن بن محمد الحسيني و مما رأيت من هذا الشيخ علي بن عثمان و هو إذ ذاك في دارعمي طاهر بن يحيى و هو يحدث بأحاديثه و بدأ خروجه إذ نظرت إلى عنفقته فرأيتها قداحمرت ثم ابيضت فجعلت أنظر إلى ذلك لأنه لم يكن في لحيته و لا رأسه و لا عنفقتهبياض فنظر إلي أنظر إليه فقال ما ترون إن هذا يصيبني إذا جعت فإذا شبعت رجعت إلىسوادها فدعا عمي بطعام فأخرج من داره ثلاث موائد فوضعت بين يديه و كنت أنا ممن جلسمعه عليها و جلس عمي معه و كان يأكل و يلقمه فأكل أكل شاب و عمي يحلف عليه و أناأنظر إلى عنفقته تسود حتى عادت إلى سوادها و شبع .حدثني القاضي أبو الحسن أسد بن إبراهيم السلمي الحراني و أبو عبد اللهالحسين بن محمد الصيرفي البغدادي قالا جميعا أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد المعروفبالمفيد لقراءتي عليه بجرجرايا و قال الصيرفي سمعت منه إملاء سنة خمس و ستين وثلاثمائة قال حدثنا علي بن عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن عوام البلدي من مدينةبالمغرب يقال لها مزيدة يعرف بأبي الدنيا الأشبح المعمر قال سمعت علي بن أبي طالبع يقول سمعت رسول الله (ص) يقول كلمة الحق ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها .