و ثانيها :
أن يقاللك إذا ثبت الخبر فما الحجة على أن المراد بمنزلة هارون من موسى (ع) المذكورة فيه عموم ما يستحقه منه سوى ما ذكرتموه و ما أنكرتم أن يكونمنزلة واحدة و هي التفضيل المزيل لإرجاف المنافقين في قولهم إن رسول الله (ص) قلاهلما خلفه في غزاة تبوك.
و ثالثها :
أن يقال لك إذا ثبت العموم فمن أي وجه استنبطت منذلك النص بالإمامة و وجوب الخلافة لأمير المؤمنين (ع) .
و رابعها :
أن يقال لك إذا ثبتله به الخلافة فما الحجة على أنه أراد استحقاقه لها بعده و ما أنكرتم أن يكون قصدأنه خليفته في حياته فقط كما أن هارون إنما خلف موسى في حياته فقط .
و خامسها :
أنيقال لك إذا ثبت له بذلك الخلافة بعده فما الحجة على أنه أراد بذلك الفور فيكونخليفة الذي يليه دون التراخي فيكون خليفة بعد عثمان.
الجواب :
عن السؤال الأول أماالحجة على صحة هذا الخبر في نفسه فهي الحجة على صحة خبر الغدير بعينه لمماثلته لهفي الظهور و الانتشار و تواتر الشيعة به تواترا يقطع الأعذار و رواية أكثر أصحابحديث العامة له في الصحيح عندهم من مسند الأخبار و تلقي الكافة له مع ذلك بالتسليمو الإقرار فمن شيعي يحتج به و ناصبي يتأوله و ليس بينهما دافع له. و من قبل ذلكفاحتجاج أمير المؤمنين (ع) في يوم الشورى و غيره لم ينكره أحد ممن سمعه و كل هذا قدسلف ذكره في خبر الغدير فلا حاجة إلى إعادته و هو أوضح حجة على ثبوت الخبر و صحتهالجواب عن السؤال الثاني و أما الحجة على أنه أراد بقوله أنت مني بمنزله هارون منموسى جميع منازله منه على العموم و إن عبر عن ذلك بلفظ التوحيد إلا ما استثناهالعرف و القول فهو أنا وجدنا الناس في هذا الخبر على فرقتين لا ثالث لهما .
أحدهما يذهب إلى أن المراد به منزلة واحدة علىالتحقيق و تدعي أن السبب في ذلك ما روي في غزاة تبوك و هي نفر يسير و الفرقةالأخرى تذهب إلى عموم القول لجميع المنازل إلا ما خصصه الدليل و هو قول الشيعة وأكثر الخصوم و إنما أنكر هؤلاء المخالفون المعترفون بأن الخبر يقتضي العموم أنيكون موجبا لخلافة أمير المؤمنين بعد الرسول (ع) من حيث لم يثبت عندهم أن هارون لوبقي بعد موسى (ع) كان خليفة له و لم يهتدوا في الخبر إلى دليل على أنه أرادالاستخلاف من بعده و إن كان منهم من قد علم ذلك و لكن جذبه الهوى فأصر على الإنكارو عاند. و إذا لم يكن في الخبر غير هذين القولين فلا شك في أنه متى فسد قول منادعى فيه الخصوص علم صحة قول من ذهب إلى العموم و الذي يدل على فساد قول من قصرهعلى منزلة واحدة وجود الاستثناء الظاهر فيه الذي لا يصح إيراده إلا و المستثنى منهأكثر من واحد لأن الاستثناء هو إخراج بعض من جملة لو لم يستثن لدخل فيها و الخصلةالواحدة لا يصح هذا فيها. أ لا ترى أنه لا يحسن أن يقال رأيت زيدا إلا عمرا و يحسنأن يقال رأيت القوم إلا عمرا فعلم بهذا فساد مقال من قصر الخبر على منزلة واحدةفأما ما تعلقوا به من أن السبب في ذلك ما جرى في غزاة تبوك فغير صحيح لأنا عالمونبصحة الخبر و لسنا نعلم صحة ما ذكروه كعلمنا بالخبر فلا طريق لنا إلى تخصيصالمعلوم بما ليس بمعلوم. على أن الروايات قد اتصلت و اشتهرت عن رسول الله (ص) بأنهقال لأمير المؤمنين (ع) أنت مني بمنزلة هارون من موسى في مواقف عدة و أماكن كثيرة وأوقات متفرقة فيجوز أن يكون غزاة تبوك أحدها و لكنه لا سبيل لنا إلى قصره عليها وإن كنا متى خصصناه بها لم يكن منا ما ظنه المخالف من أن الخبر دال على فضيلةالمحبة فقط لا يستحيل أن تكون هي السبب فيقول رسول الله صقولا يقتضيه و يتضمن عديدة و يزيد عليه فيكون بما قاله قد أعلم المرجفين أنه ماقلاه و أن منزلته عنده في المحبة و الفضل و علو القدر و الخلافة له في حياته و بعدوفاته نظير هارون من موسى (ع) و هذا مستمر غير مستحيل. و أما ما ورد الخبر به بلفظالتوحيد في قوله منزلة هارون من موسى و لم يقل منازل هارون فقد جرت العادة بمثلذلك من إيراد القول مضمنا ذكر منزلة و المراد عدة منازل فيقولون منزلة فلان منالأمير كمنزلة فلان و هم يشيرون إلى عدة أحوال من منازل مختلفة و أسباب و لا يكاديقولون منازل فلان من الأمير كمنازل فلان. و إنما استعملوا لفظ التوحيد في هذاالمكان من حيث اعتقدوا أن المنازل الكثيرة و الرتب المختلفة قد حصل جميع ذلك لهكالمنزلة الواحدة التي هي جملة و إن تفرعت إلى أشياء عدة فعبروا عنها بلفظ التوحيداتساعا لهذه العلة.
الجواب عن السؤال الثالث :
و أما الوجه الذي علم منه دلالة الخبرعلى الخلافة و الحجة في أنه نص على أمير المؤمنين (ع) بالإمامة فهو أن منازل هارونمن موسى (ع) معروفة و قد حصل عليها الإجماع و نطق بها القرآن فمنها أنه كان أخابالولادة و كان أحب الخلق إليه و أفضلهم لديه و كان شريكه في النبوة و الرسالة وكان عضده الذي شد الله تعالى به أزره قال الله جل اسمه وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي
و كانخليفته على قومه عند غيبته قال الله تعالى وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ . فلما قال النبي (ص) لأمير المؤمنين (ع) إنه منيبمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي علمنا أنه أراد جميع ما كان لهارون منموسى (ع) من المنازل إلا ما أخرجه الاستثناء و أخرجه أيضا العرف من أخوة الولادة واتضحت الحجة في أن أمير المؤمنين (ع) أحب الخلق إلى رسول الله (ص) و أفضلهم عنده و أنهعضده الذي شد الله به أزره و وزيره في أمره و خليفته في أمته و هذا بين لمن تدبره.الجواب عن السؤال الرابع اعلم أن الكلام في هذا السؤال هو معظم ما يدور بينك و بينالمخالفين إذا استدللت بهذا الخبر و في إحكام هذا الجواب عنه حسم مادة ما يوردونهعليك من العتب و الشغب لأنهم أبدا يقولون إذا ثبت لكم بهذا الخبر الاستخلاف فماالدليل على أن رسول الله (ص) أراد به استخلاف أمير المؤمنين (ع) في حياته و بعد مماتهدون أن يكون مراده قصر هذا الأمر على أيام حياته فقط و يقولون هذا أشبه لأن خلافةهارون لموسى (ع) لم تكن إلا في حياة موسى. و لو أراد بذلك النص على خلافته له منبعده لقال أنت مني بمنزلة يوشع من موسى لأن خلافة موسى (ع) من بعده كانت ليوشع دونغيره فعن هذا جوابان أحدهما في قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى فوائد لا يحصلمثلها لو قال أنت مني بمنزلة يوشع من موسى فإنه يدل على أن أمير المؤمنين (ع) أعلىالناس قدرا عند رسول الله (ص) و أنه تاليه في الفضل و العلم كما كان هارون من موسى عو كان خليفته في حياته إذا غاب و لو بقي بعد موسى لكان أحق بخلافته من يوشع فجمعرسول الله (ص) لأمير المؤمنين (ع) بقوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى هذه الخصال فهو أعلى الناس قدرا و محلا و هو تاليه في العلم و الفضل وخليفته في حياته. و لما بقي بعده كان أحق الناس بخلافته و لو قال له أنت بمنزلةيوشع من موسى لم يعطه من جميع ما ذكرناه إلا الخلافة من بعده فقط و لم يبق بعد هذاأكثر من أن نبين أن هارون لو بقي بعد موسى كان أحق بالخلافة من يوشع و الذي يدلعلى ذلك أنه قد ثبت خلافته له في حال حياته بقوله تعالى وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ
و في ثبوتها له في حال حياته وجوبحصولها له لو بقي بعد وفاته لأن خروجها عنه في حال من الأحوال مع بقائه حط له عنرتبة عالية كان عليها و صرف له عن ولاية عظيمة فوض إليه الأمر فيها و ذلك يقتضيالضعة منه و غاية التنفير عنه لأنه خلافة النبوة ليست كالخلافة على قرية و مدينة وإنما هي النيابة عن النبي (ع) في جميع ما كان يتولاه من أمر الأمة و القيام مقامه فيإصلاح أمور الكافة من تعليمهم و تهذيبهم و وعظهم و تأديبهم و زجرهم و تخويفهم وتوقيفهم و تعريفهم. و هذا يقتضي التدين بفرض طاعته و غاية التبجيل و التعظيم لهفمتى حط عن هذه المرتبة بعد كونه عليها و أنزل عن درجة الخلافة التي رقى إليها زالما كان له في النفوس من التبجيل و التعظيم و في ذلك ما ذكرناه من غاية التنفير ومن ذا الذي تكون نفسه ساكنة إلى قبول وعظ خليفة يعلم أو يجوز أنه سينحط عن رتبةالخلافة إلى أن يصير رعية و يهبط عن درجة الإمامة إلى أن يحصل من أحد الأمةكسكونها إلى من لا يجوز ذلك عليه. بل كيف يصح من التابعين غاية التبجيل و التعظيملمن يعلمون من حاله أو يجوزون ذلك من أمره أنه سيتأخر بعد مقامه و يصير لمن كان منأتباعه و متعلما ممن كان يعلمه و مقتديا بمن كان يقتدى به حتى يسقط ما كان يلزمالناس من فرض طاعته و يصير هو و هم طائعين لمن كان من جملة المطيعين له .
و من دفع أن يكون الخروج من هذه المنزلة منفراكمن دفع أن تكون القباحة في الخلق و الدمامة المفرطة في الصور منفرا و قد أجمعمعنا خصومنا من المعتزلة على أن الله تعالى يجنب أولياءه و أنبياءه (ع) جميع هذافبان بما ذكرنا أن منزلة هارون من موسى (ع) منزلة لا يجوز خروجه عنها ما دام حيا وأنه لو بقي بعد موسى لكان أحق بها من يوشع و أولى و في ذلك دليل على أن أميرالمؤمنين (ع) يستحقها من رسول الله (ص) في حياته و بعد وفاته لبقائه بعده و ليس موتهارون في حياة موسى (ع) بمانع لأمير المؤمنين (ع) مما هو مستحقه ببقائه. أ لا ترى أنرجلا لو قال لوكيل له أجر على عبدي الرومي في كل يوم جرابة و في كل شهر صلة ثم قالبعد ذلك أن منزلة عبدي الحبشي عندي كمنزلة ذلك الرومي فأجره مجراه و اجعل له منالجاري و الصلة نظير ما جعلت له ثم مات الرومي فمعلوم أن موته لا يقطع جرابةالباقي و لا يحرمه صلته. هذا ما لا يدفعه أحد و لا ينكره. فإن قال الخصم فيلزمكعلى هذه الطريقة أن نقول إن طاعة أمير المؤمنين (ع) كانت مفترضة على الأمة في حياةرسول الله (ص) قيل له كذلك نقول و لكن بشرط غيبته و أما عند حضور النبي (ص) فإنه لايجوز أن تكون الطاعة واجبة إلا له و هذا حكم الخليفة في المتعارف و العادة.
الجواب الثاني :
عن هذا السؤال أن النبي (ص) قد أوضح مراده في كلامه لمن فهم و أبان عن قصدهمن قوله لمن علم و ذلك أنه أتى بجملة أوجب منها لأمير المؤمنين (ع) ما أراده و استثنى منها ما لم يرده و علق ذلك بوقت نفى عنه فيه مانفى فوجب أن يكون هذا له فيه ما أوجب. و لا يجوز أن يتضمن الكلام استثناء و يكونمقيدا بوقت إلا و هو وقت المنفي منه و الموجب مثال ذلك قول القائل قام القوم إلازيدا اليوم فلا يجوز أن يكون اليوم إلا وقتا للحالين ففيه قام القوم و فيه بعينهلم يقم زيد و لو لا أن الأمر كما ذكرناه لم يحسن الاستثناء و ذكر الوقت و قد قالالنبي (ص) بعد ما أوجبه لأمير المؤمنين (ع) من منازل هارون من موسى (ع) إلا أنه لا نبيبعدي فعلمنا أن جميع ما أثبته له مما استحقه هارون من موسى في حياته و هو مثبت لهمن بعده لأنه الوقت الذي قرنه بالاستثناء. و لو كان الأمر على ما ذكره الخصم منأنه أراد بذلك أيام حياته لقال أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي معيأو لا نبي في حياتي و في نفيه لما لم يرده بعده دليل على أنه قد أثبت له ما أرادهبعده و الحمد لله. فإن قال الخصم ما تنكرون من أن يكون مراده (ص) بقوله إلا أنه لانبي بعدي إنما هو بعد كوني نبيا و ذلك يقتضي حال الحياة قلنا أنكرنا ذلك من قبل أنلفظة بعد إذا خرجت مخرج قول النبي (ص) أوجبت بالعرف و العادة حال الوفاة التي هي بعدالحياة دون أن يوجب حالا في الحياة أ لا ترى إلى قوله (ص) لأمير المؤمنين :
تقاتل بعدي الناكثين و القاسطين و المارقين .
و قوله ستغدر بك الأمة من بعدي .
و قوله ستفرق كلمتكم من بعدي .
و قوله ألا لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض .
كل ذلك يفيد بعد وفاتي و كذلك قول القائلفلان وصيي من بعدي و القائم مقامي من بعدي فإن المعنى فيه بعد موتي و هذا يبطل ماظنه الخصم على أنه لو سلم له ما ادعاه و بلغ منه مناه لم يخرج عن الحق الذي قصدناهلأن نفي النبوة بعده ينتظم بعد كونه نبيا في حياته و بعد وفاته و إلى آخر الأبد وما ثبت لأمير المؤمنين (ع) في متضمن اللفظ من المنازل التي لم تنتف بنفي النبوة يجبأن يثبت له في سائر أحوال النفي حتى يكون خليفته في حياته في كل حال غاب فيها عنأمته و خليفته من بعده ما دامت حياته (ص) و هذا واضح لمن تأمله.
الجواب عن السؤالالخامس :
و أما الحجة على أن الخلافة الواجبة لأمير المؤمنين (ع) بنص رسول الله (ص) فيهذا الخبر تجب له بعده بغير فصل دون أن يكون المراد بذلك وجوبها له بعد عثمان فهيواضحة من وجوه. أحدها أنا قد بينا استحقاقه للخلافة بعد رسول الله (ص) بهذا الخبر وأنه القائم بعده مقام هارون بعد موسى (ع) و أقمنا الدليل على أن هارون لو بقي لكانخليفة لموسى من بعده يليه بغير فصل. و الوجه الثاني أن قول النبي (ص) في الخبر إلاأنه لا نبي بعدي قد أفاد أنه الخليفة بعده بما قدمنا بيانه و قد علمنا أن نفيهللنبوة بعده لا يتخصص بزمان دون زمان بل يعم جميع الأوقات و الأحوال فيجب أن يكون الثابتلأمير المؤمنين (ع) في الخبر عاما بعده في جميع الأوقات غير مخصص بحال دون حال فهوالخليفة بعده على الفور و ما اتصل ببقائه الزمان و قد تقدم هذا القول على البيان وإنما أعدناه لأنه جواب عن هذا السؤال. الوجه الثالث أن الناس في إمامة أميرالمؤمنين (ع) طائفتان فإحداهما تقول إن الخلافة إنما وجبت له بعد عثمان باختيارالأمة له و لم تجب له بهذا الخبر و لا بغيره من الأخبار وإن النص عليه المتضمن كونه خليفة بعد رسول الله (ص) لم يكن في حال من الأحوال والطائفة الأخرى تقول إن الإمامة لا تجب لأحد إلا بالنص دون الاختيار و إن هذاالخبر من جملة النصوص على أمير المؤمنين بالخلافة بعد رسول الله (ص) و إنه أولخلفائه و متقدم أوصيائه و تدبيره يلي تدبيره و إمامته بعد وفاته بغير فصل بينه وبينه و ليس في الأمة من يذهب إلى غير هذين القولين و في ثبوت الخبر وضوح ما تضمنهمن النص على أمير المؤمنين (ع) بالإمامة و استحقاقه لذلك بعد رسول الله (ص) دلالة علىبطلان مقال من ذهب إلى الاختيار فلم يبق إذن إلا قول أصحاب النص الذين يعتقدون أنهالخليفة بعد رسول الله (ص) بغير فصل و هذا مغن لمن كان له عقل و الحمد لله .
فصل :
من الحديث المسند في نقل العامة الشاهد بأن رسول الله (ص) قال لأمير المؤمنين (ع) أنت منيبمنزلة هارون من موسى في أوقات عدة و أحوال مختلفة غير المذكور في غزاة تبوك .
حدثني القاضي أبو الحسن أسد بن إبراهيم بن كليب السلمي الحراني بمدينة الرملة في سنة عشر وأربعمائة قال أخبرني الخطيب أبو حفص عمر بن علي بن الحسن العتكي قال قرأت على محمدبن إبراهيم السمرقندي حدثنا محمد بن عبد الله بن حكيم قال حدثنا سفيان بن بشرالأسدي قال حدثنا علي بن هاشم عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جدهأبي رافع أن النبي (ص) جمع بني عبد المطلب في الشعب و هم يومئذ أربعون رجلا قال فجعللهم علي (ع) فخذا من شاة ثم ثرد لهم ثريدة و صب عليها المرق و ترك عليها اللحم و قدمها فأكلوا منها حتى شبعوا ثم سقى عسا واحدا فشربوا كلهممنه حتى رووا فقال أبو لهب و الله إن منا لنفرا يأكل الرجل منهم الجفنة و يشربالفرق و ما يرويه و إن هذا الرجل دعانا على رجل شاة و عس من لبن فشبعنا و روينامنها إن هذا هو السحر المبين ثم دعاهم فقال إن الله عز و جل أمرني أن أنذر عشيرتيالأقربين و رهطي المخلصين و إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا ووارثا و وزيرا و وصيا و خليفة في أهله فأيكم يبايعني على أنه أخي و وزيري و وارثيدون أهلي و يكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فسكت القوم فأعادالكلام عليهم ثلاث مرات و قال و الله ليقومن قائمكم أو يكون في غيركم ثم لتذمن قالفقام علي (ع) و هم ينظرون كلهم إليه فبايعه و أجابه إلى ما دعاه فقال له أدن منيفدنا منه فقال افتح فاك ففتح فاه فمج فيه من ريقه و تفل بين كتفيه و تفل بين قدميهفقال أبو لهب بئس ما حبوت به ابن عمك إذ جاءك فملأت فاه بزاقا فقال رسول الله صملي ء حكمة و علما و فهما فقال لأبي طالب ليهنئك أن تدخل اليوم في دين ابن أخيك وقد جعل ابنك مقدما عليك .
و حدثني القاضي السلمي رحمه الله قال أخبرني أبو حفص العتكي قال حدثنيسعيد بن محمد الحافظ قال أخبرني أبو حصين محمد بن الحسين الكوفي قراءة قال حدثنا عبادة بن زياد الأزدي قال حدثنا كادح بن جعفر العابد عنعبد الله لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن مسلم بن يسار عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال لما قدم علي (ع) على رسول الله (ص) بفتح خيبر قال له رسول الله (ص) لولا أن تقول فيك طائفة من أمتي ما قالت النصارى في المسيح ابن مريم لقلت فيك اليوممقالا لا تمر بملإ إلا أخذوا التراب من تحت قدميك و من فضل طهورك فاستشفوا به ولكن حسبك أن تكون مني و أنا منك و ترثني و أرثك و أنت مني بمنزلة هارون من موسىإلا أنه لا نبي بعدي و أنك تبرئ ذمتي و تقاتل على سنتي و أنت غدا في الآخرة أقربالناس مني و أنك أول من يرد علي الحوض و أنك على الحوض خليفتي و أنك أول من يكسىمعي و أنك أول داخل الجنة من أمتي و أن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حوليأشفع لهم و يكونون غدا في الجنة جيراني و أن حربك حربي و سلمك سلمي و أن سريتكسريرتي و علانيتك علانيتي و أن ولدك ولدي و أنك منجز عداتي و أنك على الحوض و ليسأحد من الأمة يعدلك عندي و أن الحق على لسانك و في قلبك و بين عينيك و أن الإيمانخالط لحمك و دمك كما خالط لحمي و دمي و أنه لا يرد على الحوض مبغض لك و لن يغيبعنه محب لك حتى يرد علي الحوض معك يا علي فخر علي (ع) ساجدا ثم قال الحمد لله الذيمن علي بالإسلام و علمني القرآن و حببني إلى خير البرية خاتم النبيين و سيدالمرسلين إحسانا منه إلي و فضلا منه علي فقال رسول الله (ص) يا علي لو لا أنت لميعرف المؤمنون من بعدي .
و حدثني القاضي السلمي قال أخبرني العتكي قال أخبرني محمد بن أحمد بن صفوةالمصيصي قال حدثنا الحسن بن علي العلوي قال حدثنا الحسن بن حمزة النوفلي قال حدثنا سليمان بن جعفر الهاشمي قال حدثنا جعفر بن محمد بن عليعن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (ع) قال آخى رسول الله (ص) بين أصحابه فقلت يا رسولالله آخيت بين أصحابك و تركتني فردا لا أخ لي فقال إنما أخرتك لنفسي أنت أخي فيالدنيا و الآخرة و أنت مني بمنزلة هارون من موسى فقمت و أنا أبكي من الجذل والسرور فأنشأت أقول :
أقيك بنفسي أيها المصطفى الذي
و أفديك حوبائي و ما قدر مهجتي
و من جده جدي و من عمه أبي
و من ضمني إذ كنت طفلا و يافعا
و من حين آخى بين من كان حاضرا
لك الخير إني ما حييت لشاكر
لإحسان ما أوليت يا خاتم الرسل
هدانا به الرحمن من عمه الجهل
لمن أنتمي معه إلى الفرع و الأصل
و من أهله ابني و من بنته أهلي
و أنعشني بالبر و العل و النهل
دعاني فآخاني و بين من فضلي
لإحسان ما أوليت يا خاتم الرسل
لإحسان ما أوليت يا خاتم الرسل
و حدثني الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان القمي رضي الله عنهبمكة في المسجد الحرام سنة اثنتي عشرة و أربعمائة قال حدثنا القاضي المعافى بنزكريا الجريري إملاء من حفظه قال حدثنا محمد بن مزيد قال حدثنا أبو كريب محمد بنالعلا قال حدثنا إسماعيل بن صبيح قال حدثنا أبو إدريس قال حدثنا محمد بن المنكدرعن جابر قال قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارونمن موسى إلا أنه لا نبي بعدي و لو كان لكنته .
و مما رواه السلمي أيضا و كتبه لي عن الحنظلي البابسيري قال حدثنا محمد بنخلف قال حدثنا محمد بن سليمان البافيدي قال حدثنا جعفر بن عمر الإيلي قال حدثناأربعة ابن أبي ذويب و إبراهيم بن سعد و يزيد بن عياض الليثي و مالك بن أنس قالواحدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب أنه قال لسعد هل سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي بنأبي طالب حين خرج إلى غزاة تبوك إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك و أنت مني بمنزلةهارون من موسىإلا أنه لا نبي بعدي قال نعم و قد سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي هذه المقالة في غزاته هذه غير مرة .
و الأخبار المروية في هذا المعنى كثيرة في نقل الخاصة و العامة و فيماأوردته كفاية و الله أعلم و الحمد لله .
فصل في آداب أمير المؤمنين (ع) و حكمه :
من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن .
من المرء حيث يجعل نفسه .
من دخل مداخل السوء اتهم أكثر من شي ء عرف به .
من مزح استخف به من اقتحم البحر غرق .
المزاح يورث العداوة من عمل في السر عملا يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده من قدر ما ضاع امرؤ عرف قدره .
اعرف الحق لمن عرفه لك رفيعا كان أم وضيعا .
من تعدى الحق ضاق مذهبه .
من جهل شيئا عاداه أسوأ الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنه و لم يثق به أحد لسوء فعله .
لا دليل أنصح من استماع الحق .
من نظف ثوبه قل همه .
الكريم يلين إذا استعطف و اللئيم يقسو إذا لوطف .
حسن الاعتراف يهدم الاقتراف.
أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته .
أحسن إذا أحببت أن يحسن إليك .
إذا جحد الإحسان حسن الامتنان .
العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم .
من بالغ في الخصومة أثم و من قصر عنها خصم .
لا تظهر العداوة لمن لا سلطان لك عليه
فصل :
قال شيخنا المفيد رحمه الله أحد عشر شيئا من الميتة التي تقع عليهاالذكاة حلال و هي الشعر و الوبر و الصوف و الريش و السن و العظم و الظلف و القرن والبيض و اللبن و الإنفحة و عشرة أشياء من الحي الذي تقع عليه الذكاة حرام و هيالفرث و الدم و القضيب و الأنثيين و الحيا و الرحم و الطحال و الأشاجع و ذاتالعروق قال و يكره أكل الكليتين لقربهما من مجرى البول و ليس أكلها حراما .