أو نهى عنه، و تعلق به عند فساد الأمور وتنكرها، و تشوش الزمان، فهو ممن قد قامللَّه في زمانه بالأمر بالمعروف و النهيعن المنكر، معناه أنه إذا لم يقدر إلا علىنفسه فقام بها و أنكر أحوال الغير بقلبه،فقد جاء بما هو الغاية في حقه، و قيلللفضيل ألا تأمر و تنهى فقال إن قوما أمرواو نهوا، فكفروا، و ذلك أنهم لم يصبروا علىما أصيبوا، و قيل للثوري ألا تأمربالمعروف و تنهي عن المنكر، فقال إذاانبثق البحر فمن يقدر أن يسكره فقد ظهربهذه الأدلة أن الأمر بالمعروف و النهى عنالمنكر واجب، و أن فرضه لا يسقط مع القدرةإلا بقيام قائم به فلنذكر الآن شروطه وشروط وجوبه
الباب الثاني في أركان الأمر بالمعروف وشروطه
اعلم أن الأركان في الحسبة التي هي عبارةشاملة للأمر بالمعروف و النهى عن المنكرأربعة، المحتسب، و المحتسب عليه، والمحتسب فيه، و نفس الاحتساب، فهذه أربعةأركان و لكل واحد منها شروط
الركن الأول المحتسب
و له شروط،
و هو أن يكون مكلفا، مسلما، قادرا، فيخرجمنه المجنون، و الصبي و الكافر، و العاجز،و يدخل فيه آحاد الرعايا، و إن لم يكونوامأذونين، و يدخل فيه الفاسق، و الرقيق، والمرأة.
فلنذكر وجه اشتراط ما اشترطناه، و وجهإطراح ما أطرحناه
أما الشرط الأول:
و هو التكليف، فلا يخفى وجه اشتراطه، فإنغير المكلف لا يلزمه أمر، و ما ذكرناهأردنا به شرط الوجوب، فأما إمكان الفعل وجوازه فلا يستدعى إلا العقل حتى أن الصبيالمراهق للبلوغ المميز، و إن لم يكن مكلفافله إنكار المنكر، و له أن يريق الخمر، ويكسر الملاهي، و إذا فعل ذلك نال به ثوابا،و لم يكن لأحد منعه من حيث إنه ليس بمكلف،فإن هذه قربة و هو من أهلها كالصلاة، والإمامة، و سائر القربات