العلويّ صاحب مصر و البساسيري كاتبوه واستمالوه و أطمعوه في السلطنة، فسارالسلطان في اتباعه من نصيبين، و ردّ وزيرهعميد الملك الكندي و زوجته خاتون إلىبغداد، و وصل إلى همذان و لحق به من كانببغداد من الأتراك فحاصر همذان في قلعة منالعسكر، و اجتمع لأخيه خلق كثير من الترك وحلف لهم أن لا يصالح طغرلبك و لا يدخل بهمالعراق لكثرة نفقاته. و جاءه محمد و أحمدابنا أخيه أرباش بأمداد من الغزّ فقويبهم، و وهن طغرلبك فأفرج عنه إلى الريّ، وكاتب إلى أرسلان ابن أخيه داود، و قد كانملك خراسان بعد أبيه سنة إحدى و خمسين كمايذكر في أخبارهم، فزحف إليه في العساكر ومعه أخواه ياقوت و قاروت بك، و لقيهمإبراهيم فيمن معه فانهزم، و جيء به وبابني أخيه محمد و أحمد أسرى إلى طغرلبكفقتلهم جميعا و رجع إلى بغداد لاسترجاعالقائم.
دخول البساسيري بغداد و خلع القائم ثمعوده
قد ذكرنا أنّ طغرلبك سار إلى همذان لقتالأخيه و ترك وزيره عميد الملك الكنديببغداد مع الخليفة، و كان البساسيري وقريش بن بدران فارقا الموصل عند زحفالسلطان طغرلبك إليهما، فلما سار عن بغدادلقتال أخيه بهمذان خالفه البساسيري و قريشإلى بغداد فكثر الإرجاف بذلك، و بعث عندبيس بن مزيد حاجبه ببغداد و نزلوابالجانب الشرقي، و طلب من القائم الخروجمعه إلى إحيائه، و استدعى هزارشب من واسطللمدافعة، و استمهل في ذلك فقال العرب: لانشير فأشيروا بنظركم، و جاء البساسيريثامن ذي القعدة سنة خمسين في أربعمائةغلام على غاية من سوء الحال و معه أبوالحسين بن عبد الرحيم، و جاء حسين بن بدرانفي مائة فارس و خيّموا مفترقين عن البلد، واجتمع العسكر و القوم إلى عميد العراق، وأقاموا إزاء البساسيري و خطب البساسيريببغداد للمستنصر العلويّ صاحب مصر بجامعالمنصور، ثم بالرصافة، و أمر بالأذان بحيّعلى خير العمل، و خيّم بالزاهر، و كان هوىالبساسيري لمذاهب الشيعة، و ترك أهلالسنّة للانحراف عن الأتراك فرأى الكنديالمطاولة لانتظار السلطان، و رأى رئيسالرؤساء المناجزة و كان غير بصير بالحرب،فخرج لقتالهم في غفلة من الكنديّ، فانهزمو قتل من أصحابه خلق، و نهب باب الأزج و هوباب الخلافة.