أرسل من طريقه الأستاذ أحمد بن محمد بنأيوب المعروف بابن فورك إلى قريش بن بدرانبالشكر على فعله في القائم و في خاتون بنتأخيه زوجة القائم، و أنّ أبا بكر بن فوركجاء بإحضارهما و القيام بخدمتهما، و قدكان قريش بعث إلى مهارش بأن يدخل معهم إلىالبريّة بالخليفة ليصدّ ذلك طغرلبك عنالعراق، و يتحكّم عليه بما يريد فأبىمهارش لنقض البساسيري عهوده، و اعتذر بأنهقد عاهد الخليفة القائم بما لا يمكن نقضه ورحل بالخليفة إلى العراق، و جعل طريقه علىبدران بن مهلهل. و جاء أبو فورك إلى بدرفحمله معه إلى الخليفة و أبلغه رسالةطغرلبك و هداياه، و بعث طغرلبك للقائهوزيره الكنديّ و الأمراء و الحجّاببالخيام و السرادقات و المقرّباتبالمراكب الذهبيّة فلقوه في بلد بدر. ثمخرج السلطان فلقيه بالنهروان و اعتذر عنتأخّره بوفاة أخيه داود بخراسان و عصيانإبراهيم بهمذان، و أنه قتله على عصيان. وأقام حتى رتّب أولاد داود في مملكته و قالإنه يسير إلى الشام في اتّباع البساسيري. وطلب صاحب مصر فقلّده القائم سيفه إذ لم يجدسواه، و أبدى وجهه للأمراء فحيّوه وانصرفوا. و تقدّم طغرلبك إلى بغداد فجلس فيالباب النوبي مكان الحاجب، و جاء القائمفأخذ طغرلبك بلجام بغلته إلى باب داره وذلك لخمس بقين من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين و سار السلطان إلى معسكره و أخذ فيتدبير أموره.
مقتل البساسيري
ثم أرسل السلطان طغرلبك خمارتكين فيألفين إلى الكوفة، و استقرّ معه سرايا بنمنيع في بني خفاجة، و سار السلطان طغرلبكفي أثرهم فلم يشعر دبيس و قريش والبساسيري- و قد كانوا نهبوا الكوفة- إلّاو العساكر قد طلعت عليهم من طريق الكوفة،فأجفلوا نحو البطيحة. و سار دبيس ليردّالعرب إلى القتال فلم يرجعوا، و مضى معهم،و وقف البساسيري و قريش فقتل من أصحابهماجماعة و أسر أبو الفتح ابن ورّام و منصوربن بدران و حمّاد بن دبيس، و أصابالبساسيري سهم فسقط عن فرسه، و أخذ رأسهلمتنكيرز (1) و أتى العميد الكندريّ و حملهإلى السلطان، و غنم العسكر جميع أموالهم وأهليهم، و حمل رأس البساسيري إلى دارالخلافة فعلّق قبالة
(1) كمشتكين: ابن الأثير ج 9 ص 649.