وقعة الحفرة بطليطلة
كان أهل طليطلة يكثرون الخلاف و نفوسهمقويّة لحصانة بلدهم، فكانت طاعتهم ملتانة(1) فأعيا الحكم أمرهم و استقدم عمروس بنيوسف من الثغر، و كان أصله من أهل مدينة وشقة من المولّدين، و كان عاملا عليهافداخله في التدبير على أهل طليطلة، و كتبله بولايتها فأنسوا به و اطمأنوا إليه. ثمداخلهم في الخلع و أشار عليهم ببناء مدينةيعتزل فيها مع أصحاب السلطان فوافقوه، وأمضى رأيه في ذلك. ثم بعث صاحب الأعلى (2)إلى الحكم يستنجده على العدوّ فبعثالعساكر مع ابنه عبد الرحمن و الوزراء، ومرّوا بطليطلة و لم يعرض عبد الرحمنلدخولها. ثم رجع العدوّ و كفى الله شره،فاعتزم عبد الرحمن على العود إلى قرطبةفأشار عمروس عند ذلك على أهل طليطلةبالخروج إلى عبد الرحمن فخرج إليه الوجوهو أكرمهم، و دسّ خادم الحكم كتابه إلىعمروس بالحيلة على أهل طليطلة، فأشارعليهم عمروس بأن يدخلوا عبد الرحمن البلد،و أنزله بداره و اتخذ صنيعا للناس و استعدله (3) على موعد لذلك فكان يدخلهم من باب ويخرجهم من آخر خشية الزحام فيدخلون إلىحفرة في القصر و تضرب رقابهم عليها إلى أنقتل معظمهم و فطن الباقون فنفروا و حسنتطاعتهم من بعد ذلك، إلى أيام الفتنة كمانذكر، ثم عصى أصبغ بن عبد الله(1) لعله يعني ملتوية أي غير مرضية. (2) هو الثغر الأعلى كما في الكامل. (3) بياض بالأصل و في الكامل ج 6 ص 200: «و أشاععمروس ان عبد الرحمن يريد ان يتخذ لهموليمة عظيمة و شرع في الاستعداد لذلك، وواعدهم يوما ذكره».