وفاة المنذر و ولاية أخيه عبد الله ابنالأمير محمد
ثم توفي المنذر محاصرا لابن حفصون بجبليشتر سنة خمس و سبعين و مائتين لسنتين منإمارته (1) فولي مكانه أخوه عبد الله ابنالأمير محمد، و قفل بالعساكر إلى قرطبة وقد اضطربت نواحي الأندلس بالثّوار، و لماكثر الثّوار قلّ الخراج لامتناع أهلالنواحي من الأداء و كان خراج الأندلسقبله ثلاثمائة ألف دينار، مائة ألف منهاللجيوش، و مائة ألف للنفقة في النوائب و مايعرض، و مائة ألف ذخيرة و وفرا فأنفقواالوفر في تلك السنين و قل الخراج.
أخبار الثوار و أوّلهم ابن مروان ببطليوسو اشبونة
قد تقدّم لنا أن عبد الرحمن بن مروانانتقض على الأمير محمد بن عبد الرحمن سنةخمس و خمسين في غزاته إلى بلاد الجلالقة، واجتمع إليه المولّدون و صار إلى تخم، و وصليده بأذفونش ملك الجلالقة فعرف لذلكبالجلّيقي. و ذكرنا كيف سار إليه هاشم بنعبد العزيز سنة ثلاث و ستين في عساكرالأندلس فهزمه ابن مروان و أسره.
ثم وقع الصلح على إطلاق هاشم و أن ينزل ابنمروان بطليوس، فتمّ ذلك سنة خمس وثلاثمائة و نزل عبد الرحمن بطليوس فشيّدهاو ترّس بالدولتين. ثم تغيّر به أذفونش وقاتله ففارق دار الحرب، و نزل مدينةأنطانية بجهات ماردة فحصّنها و هي خراب، وملك ما إليها من بلد أليون و غيرها من بلادالجلالقة، و استضافها إلى بطليوس، واستعجل له الأمير عبد الله على بطليوس، وكان معه بدار الحرب سعدون السرساقي، و كانمن الأبطال الشجعان، و كان دليلا للغزو وهو من الخارجين معه.
فلما نزل عبد الرحمن بطليوس انتزى سعدونببعض الحصون ما بين قلنيرة (2)
(1) استمر المنذر بالحكم حوالي سنة واحدة وأحد عشر شهرا و عشرة أيام و كان عمره نحوامن ستّ و أربعين سنة (ابن الأثير ج 7 ص 435)
(2) لعلها قلنّة: بلد في الأندلس (معجمالبلدان)