أيام المأمون، و امتنعوا على بني زياد،قنعوا منهم بالخطبة و السكة. و لما استولىالداعي علي بن محمد الصليحي رعى لهم ذمامالعروبية، و قرر عليهم ضريبة يعطونها. ثمأخرجهم منها ابنه أحمد المكرم. و ولّىعليها بني المكرم من عشيرة جسم ابن يام منهمذان، و كانوا أقرب عشائره إليه، فأقامتفي ولايتهم زمنا. ثم حدثت بينهم الفتنة وانقسموا إلى فئتين بني مسعود بن المكرم وبني الزريع بن العباس بن المكرم. و غلب بنوالزريع بعد حروب عظيمة. قال ابن سعيد: و أولمذكور منهم الداعي بن أبي السعود بنالزريع، أول من اجتمع له الملك بعد بنيالصليحي، و ورثه عنه بنوه، و حاربه ابن عمهعلي بن أبي الغارات بن مسعود بن المكرمصاحب الزعازع، فاستولى على عدن من يده بعدمقاساة و نفقات في الأعراب.
و مات بعد فتحها بسبعة أشهر سنة ثلاث وثلاثين و خمسمائة. و ولي ابنه الأغر و كانمقيما بحصن الدملوة المعقل الّذي لا يرام.و امتنع عليه بعده ابن بلال بن الزريع منمواليه، و خشي محمد بن سبا على نفسه ففرّإلى منصور بن المفضل من ملوك الجبالالصليحيين بذي جبلة. ثم مات الأغر قريبافبعث بلال عن محمد بن سبا فوصل إلى عدن، وكان التقليد جاء من مصر باسم الأغر، فكتبمكانه محمد بن سبا و كان نعوته الداعيالمعظم المتوج المكنى بسيف أمير المؤمنينفوقعت كلها عليها.
و زوجه بلال بنته و مكنه من الأموال التيكانت في خزائنه. ثم مات بلال عن مال عظيم، وورثه محمد بن سبا و أنفقه في سبيل الكرمالمروءات. و اشترى حصن ذي جبلة من منصور بنالمفضل بن أبي البركات كما ذكرناه. واستولى عليه و هو دار ملك الصليحيين، وتزوج سيدة بنت عبد الله الصليحي، و توفيسنة ثمان و أربعين. و ولي ابنه عمران بنمحمد بن سبا. و كان ياسر بن بلال يدبردولته، و توفي سنة ستين و خمسمائة، و ترك ولدين صغيرين، و هما محمد و أبو السعودفحبسهما ياسر بن بلال في القصر، و استبدبالأمر. و كان ياسر محمد كثير العطيةللشعراء و من وفد عليه و مدحه ابن قلاقسشاعر الإسكندرية و من قصائده في مدحه:
سافر إذا حاولت قدرا
سار الهلال فصاربدرا
سار الهلال فصاربدرا
سار الهلال فصاربدرا