قد تقدم لنا ما وقع من الصلح بين ناصرالدولة و بين معز الدولة بن بويه، و طالبهفي المال فانتقض. و سار إليه معز الدولةإلى الموصل منتصف السنة و ملكها، و فارقهاناصر الدولة إلى نصيبين و حمل نوابه و منيعرف وجوه المال و حمايته، و أنزلهم فيقلاعه مثل الزعفرانيّ و كواشي و دس إلىالعرب بقطع الميرة عن عسكر معز الدولةفضاقت عليهم الأقوات، فرحل معز الدولة إلىنصيبين لما بها من الغلات السلطانية، واستخلف سبكتكين الحاجب الكبير علىالموصل، و بلغه في طريقه أن أبا الرجاء وعبد الله ابني ناصر الدولة مقيمان بسنجارفقصدهما فهربا، و خلفا أثقالهما و انتهبالعسكر خيامهما. ثم عادا إلى معسكر معزالدولة و هم غازون فنالوا منهم، و رجعواإلى سنجار، و سار معز الدولة إلى نصيبينففارقها ناصر الدولة إلى ميافارقين، واستأمن كثير من أصحابه إلى معز الدولة،فسار ناصر الدولة إلى أخيه سيف الدولةبحلب، فقام بخدمته و باشرها بنفسه. و أرسلإلى معز الدولة في الصلح بينه و بين أخيه،فامتنع معز الدولة من قبول ناصر الدولةلانتقاضه و إخلافه، فضمن سيف الدولةالبلاد بألفي ألف و تسعمائة ألف درهم، وأطلق معز الدولة أسرى أصحابهم. و تم ذلك في محرم سنة ثمان و أربعين و رجعمعز الدولة إلى العراق و ناصر الدولة إلىالموصل.
استيلاء الروم على عين زربة ثم على مدينةحلب
و في المحرم من سنة إحدى و خمسين نزلالدمستق في جموع الروم على عين زربة و ملكالجبل المطل عليها، و ضيق عليها حصارها ونصب عليها المنجنيقات. و شرع في النقبفاستأمنوا و دخل المدينة. ثم ندم علىتأمينهم لما رأى من اختلال أحوالهم، فنادىفيهم أن يخرجوا بجميع أهاليهم إلى المسجدفمات منهم في الأبواب بكض الزحام خلق، ومات آخرون في الطرقات، و قتل من وجدوا آخرالنهار، و استولى الروم على أموالهم وأمتعتهم و هدموا سور المدينة، و فتحوا فينواحي عين زربة أربعة و خمسين