حرب ابن جهير مع مسلم بن قريش و استيلاؤهعلى الموصل ثم عودها إليه
كان فخر الدولة أبو نصر محمد بن أحمد بنجهير من أهل الموصل، و اتصل بخدمة بنيالمقلّد ثم استوحش من قريش بن بدران واستجار ببعض رؤساء بني عقيل فأجاروه منه. ومضى إلى حلب فاستوزره معزّ الدولة أبوثمال بن صالح. ثم فارقه إلى نصير الدولة بنمروان بديار بكر فاستوزره. و لما عزلالقائم وزيره أبا الفتح محمد بن منصور بندارس استدعاه للوزارة، فتحيّل في المسيرإلى بغداد، و اتبعه ابن مروان فلم يدركه. ولما وصل إلى بغداد استوزره القائم سنةأربع و خمسين و أربعمائة و طغرلبك يومئذ هوالسلطان المستبد على الخلفاء. و استمرّتوزارته و تخلّلها العزل في بعض المرّاتإلى أن مات القائم، و ولي المقتدي، و صارتالسلطنة إلى ملك شاه فعزله المقتدي سنةإحدى و سبعين و أربعمائة بشكوى نظام الملكإلى الخليفة به، و سؤاله عزله فعزله، و سارابنه عميد الدولة إلى نظام الملك بأصفهانو استصلحه و شفع فيه إلى المقتدي، فأعادابنه عميد الدولة. ثم عزله سنة ست و سبعين وأربعمائة فبعث السلطان ملك شاه و نظامالملك الى المقتدي بتخلية سبيل بني جهيرإليه فوفدوا عليه بأصفهان، و لقوا منهمبرّة و تكرمة. و عقد السلطان ملك شاه لفخرالدولة على ديار بكر، و بعث معه العساكر وأمره أن يأخذ البلاد من ابن مروان، و أنيخطب لنفسه بعد السلطان و ينقش اسمه علىالسكة كذلك فسار لذلك، و توسّط ديار بكر. ثم أردفه السلطان سنة سبع و سبعين وأربعمائة بالعساكر مع الأمير أرتق جدالملوك بماردين لهذا العهد، و كان ابنمروان عند ما أحسّ بمسير العساكر إليه،بعث إلى شرف الدولة مسلم بن قريش يستنجدهعلى أن يعطيه آمد من أعماله. فجاء إلى آمد وفخر الدولة بنواحيها، و قد ارتاب مناجتماع العرب على نصرة ابن مروان ففترعزمه عن لقائهم، و سارت عساكر الترك الذينمعه فصبّحوا العرب في أحيائهم فانهزموا، وغنموا أموالهم و مواشيهم، و نجا شرفالدولة إلى آمد، و حاصره فخر الدولة فيمنمعه من العساكر. و بعث مسلم بن قريش إلىالأمير أرتق يقضي عنه في الخروج من آمد علىمال بذله له فأغضى له و خرج إلى الرقّة. وسار أحمد بن جهير الى ميّافارقين