قد كنا قدّمنا أن مازيار الخادم ثاربطرسوس سنة سبعين و مائتين و حاصره أحمد بنطولون فامتنع عليه، فلمّا ولي خمارويه وفرغ من شواغله، أنفذ إلى مازيار سنة سبع وسبعين و مائتين ثلاثين ألف دينار وخمسمائة ثوب و خمسمائة مطرف، و اصطنعهفرجع إلى طاعته و خطب له بالثغور. ثم دخلبالصائفة سنة ثمان و سبعين و مائتين وحاصروا أسكند فأصابه منها حجر منجنيق رثه،و رجع إلى طرسوس فمات بها. و قام بأمر طرسوسابن عجيف، و كتب إلى خمارويه فأقرّه علىولايتها، ثم عزله و استعمل مكانه محمد ابنعمه موسى بن طولون، و كان من خبره أنّ أباهموسى لما ملك أحمد أخوه مصر تبسّط عليهبدلالة القرابة و ذوي الأرحام، فلم يحتملهله أحمد و ردّه عليه، و كسر جاهه فانحرفموسى و سخط دولته. ثم خاطبه في بعض مجالسهبمال لا يحتمله السلطان فضربه و نفاه إلىطرسوس، و بعث إليه بمال يتزوّده فأبى منقبوله، و سار إلى العراق. و رجع إلى طرسوسفأقام بها إلى أن مات و ترك ابنه محمدا. وولّاه خمارويه و بعث إلى أميرهم راغبفأكرمه خمارويه و أنس به، و طالت مقامتهعنده و شاع بطرسوس أن خمارويه حبسهفاستعظم الناس ذلك، و ثاروا بأميرهم محمدبن موسى و سجنوه رهينة في راغب. و بلغ الخبرإلى خمارويه فسرّحه إلى طرسوس، فلمّاوصلها أطلقوا أميرهم محمد بن موسى، و قدسخطهم، فسار عنهم إلى بيت المقدس. و عادابن عجيف إلى ولايته بدعوة خمارويه. و غزاسنة ثمانين و مائتين بالصائفة و دخل معهبدر الحمامي فظفروا و غنموا و رجعوا. ثمدخل بالصائفة سنة احدى و ثمانين و مائتينمن طرسوس طغج بن جف الفرغاني من قبلخمارويه في عساكره طرابزون و فتح مكودية.
صهر المعتضد مع خمارويه
و لما ولي المعتضد الخلافة بعث إلىخمارويه خاطبا قطر الندى ابنته، و كانتأكمل نساء عصرها في الجمال و الآداب. و كانمتولّي خطبتها أمينه الخصيّ ابن عبد اللهابن الجصّاص، فزوّجه خمارويه بها، و بعثهامع ابن الجصّاص، و بعث معها من الهدايا